موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٢

موسوعة الأسئلة العقائديّة0%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-02-7
الصفحات: 518

موسوعة الأسئلة العقائديّة

مؤلف: مركز الأبحاث العقائديّة
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف:

ISBN: 978-600-5213-02-7
الصفحات: 518
المشاهدات: 226021
تحميل: 5360


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 518 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 226021 / تحميل: 5360
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء 2

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: 978-600-5213-02-7
العربية

الإمام الباقر عليه‌السلام :

( ـ البحرين ـ )

بعض المصادر في تسميته :

س : قال ابن تيمية : « ونقل تسميته بالباقر عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لا أصل له عند أهل العلم ، بل هو من الأحاديث الموضوعة »(١) .

الرجاء إعطاء بعض المصادر عند أهل السنّة حول هذا الموضوع؟

ج : ذكرت بعض مصادر أهل السنّة تسمية الإمام محمّد بن عليعليهما‌السلام بالباقر ، لتسمية النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله له بها ، ومن تلك المصادر : شرح نهج البلاغة(٢) ، الفصول المهمّة(٣) ، وغيرها(٤) .

( ـ السعودية ـ )

بعض النصوص الواردة في إمامته :

س : ترد أحياناً بعض الشبهات حول النصوص الواردة بحقّ الأئمّة المعصومين عليهم‌السلام ، فمنها ما قد يثار من قبل البعض بشأن التنصيص على إمامة كلّ واحد منهم عليهم‌السلام ، وفي هذا المجال حبّذا لو تذكرون بعض الأحاديث المعتبرة على إمامة

__________________

١ ـ منهاج السنّة النبوية ٤ / ٥١.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ١٥ / ٢٧٧.

٣ ـ الفصول المهمّة : ٢١١.

٤ ـ أُنظر : تذكرة الخواص : ٣٠٢.

٢٤١

الإمام محمّد الباقر عليه‌السلام .

ج : نعم ، هناك نصوص عامّة تذكر الأئمّةعليهم‌السلام بأسمائهم ، ورغبة منّا للاختصار ، نذكر بعضها التي لا خدشة في إسنادها ، ولا مناقشة في دلالتها :

١ ـ صحيحة أبي بصير عن الإمام الصادقعليه‌السلام ، التي جاء فيها ذكر الأئمّة بدءاً من أمير المؤمنينعليه‌السلام حتّى الإمام الباقرعليه‌السلام (١) .

٢ ـ صحيحة عبد الله بن جندب عن الإمام الكاظمعليه‌السلام ، التي صرّحت بأسماء جميع الأئمّةعليهم‌السلام بالترتيب ، وعلى التوالي(٢) .

٣ ـ صحيحة أبي هاشم الجعفريّ عن الإمام الجوادعليه‌السلام ، التي جاء فيها إقرار الخضرعليه‌السلام بجميع الأئمّةعليهم‌السلام عند أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والإمام الحسنعليه‌السلام ، وارتضاء الإمامعليه‌السلام ذلك منه(٣) .

هذا ، وقد وردت نصوص كثيرة في المقام تؤيّد ما ذكرناه ، فضلاً عن الصحاح المتقدّمة ، فيمكننا الاستدلال على المطلوب بالتواتر ، والاستفاضة في هذه الأحاديث.

( عبد الله )

حضوره واقعة الطفّ :

س : هل إنّ الإمام الباقر عليه‌السلام شهد واقعة الطفّ وحضرها؟

ج : نعم ، بما أنّ ولادة الإمام الباقرعليه‌السلام كانت سنة ٥٦ هـ(٤) ، أو سنة ٥٧ هـ(٥) ، أي قبل واقعة كربلاء بثلاث سنين ، أو أربع سنين ، كما أدلىعليه‌السلام هو بذلك ،

__________________

١ ـ الكافي ١ / ٢٨٦.

٢ ـ من لا يحضره الفقيه ١ / ٣٢٩.

٣ ـ المحاسن ١ / ١٩.

٤ ـ تذكرة الحفّاظ ١ / ١٢٤.

٥ ـ مسار الشيعة : ٥٦.

٢٤٢

فقد حضر أحداث الطفّ ، وشاهد مأساة جدّه الإمام الحسينعليه‌السلام وأولاده وأصحابه ، وتحمّل الأسر في ضمن الأطفال والنساء ، كما ورد ذلك في بعض الروايات عن لسانهعليه‌السلام (١) .

( ـ السعودية ـ )

ضرب النقود الإسلامية بأمره :

س : سمعت أنّ العملة الإسلامية هي من مقترحات الإمام الباقر عليه‌السلام ؟ فكيف ذلك؟

ج : نعم ، بحسب النصوص التاريخية أنّ هذا العمل الجبّار الذي منح العالم الإسلامي استقلاليّته في مجال الاقتصاد ، قد نفّذ بإشارة الإمام الباقرعليه‌السلام ، ومجمل الموضوع كالآتي :

أنّ عبد الملك بن مروان قد أمر بتبديل الطراز المنقوش عليه شعار المسيحية إلى طراز منقّش بشعار التوحيد ، فغضب ملك الروم من عمله هذا ، وهدّده بضرب نقود من الدراهم والدنانير تحمل شعارات ضدّ الإسلام ونبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا يخفى بأنّ التعامل الدارج بين المسلمين آنذاك كان كلّه على أساس العملة الأجنبية ، أي الرومية.

فتوسّل عبد الملك إلى الإمام الباقرعليه‌السلام ، وبما أنّ المسألة كانت ترتبط بأصل الدين والعقيدة ، تدخّل الإمامعليه‌السلام وأبدى رأيه الشريف ، وأخذ عبد الملك برأيه ، وأمر بضرب النقود وفقاً لما خطّطه الإمامعليه‌السلام ، ومن ثمّ تولّدت العملة الإسلامية ، وجرى التعامل بها ، وتحرّر النقد من التبعية للأمبراطورية الرومية(٢) .

__________________

١ ـ نفس المهموم : ٣٨٦.

٢ ـ أُنظر : حياة الحيوان للدميريّ ١ / ٩١ ، المحاسن والأضداد للبيهقيّ ٢ / ١٢٩.

٢٤٣

نعم ، قد ورد في بعض المصادر : بأنّ الذي قام بهذا العمل هو الإمام زين العابدينعليه‌السلام (١) .

وجاء في بعض الموسوعات الأجنبية : « إنّ أوّل من أمر بضرب السكّة الإسلامية هو الخليفة عليعليه‌السلام بالبصرة ، سنة أربعين من الهجرة »(٢) .

ويمكن الجمع : بأنّ الإمام عليعليه‌السلام أمر بضرب السكّة في البصرة في إطار محدود ، بدون إلغاء التعامل بالنقود الأُخرى ، حتّى إذا جاء دور الإمام الباقرعليه‌السلام فضربت العملات الجديدة بأمرهعليه‌السلام ، وأُلغيت التعامل بغيرها نهائيّاً.

( عبد الرحمن ـ ـ )

هو حسينيّ وحسنيّ :

س : نسمع كثيراً بأنّ الأئمّة عليهم‌السلام من الإمام الباقر عليه‌السلام فما بعد مضافاً إلى أنّهم حسينيّون يعتبرون حسنيّين أيضاً ، هل هذا صحيح؟ وكيف؟

ج : إنّ الإمام الباقرعليه‌السلام كما نعلم هو ابن الإمام زين العابدين بن الإمام الحسينعليهما‌السلام ، وبهذا الاعتبار فهو حسينيّ ، ومن جانب آخر فأُمّه فاطمة بنت الإمام الحسنعليه‌السلام ، ولذا يعتبرعليه‌السلام حسنيّ أيضاً.

فالإمام الباقرعليه‌السلام أوّل من اجتمعت له ولادة الحسن والحسينعليهما‌السلام ، ومن هنا يمكن أن نعرّف الأئمّة من ولد الباقرعليه‌السلام بأنّهم حسنيّون وحسينيّون معاً.

__________________

١ ـ البداية والنهاية ٩ / ١٢٢.

٢ ـ أعيان الشيعة ١ / ٥٣٩ نقلاً عن دائرة المعارف البريطانية.

٢٤٤

الإمام الصادق عليه‌السلام :

( ـ ـ )

وأئمّة المذاهب الأربعة :

س : ما هي صلة أئمّة المذاهب الأربعة السنّية بالإمام الصادق عليه‌السلام ؟ فهل هم أخذوا العلم منه مباشرةً ، أو بالواسطة؟ وهل تعتبر مذاهبهم مختلفة مع مذهب أهل البيت عليهم‌السلام ، أو امتداداً لها؟

ج : إنّ أئمّة المذاهب المذكورة وإن كانوا عيالاً في علومهم على الإمام الصادقعليه‌السلام ـ باعتبارهم من تلامذة الإمام مباشرةً ، أو بالواسطة(١) ـ ولكنّهم اختلفوا معهعليه‌السلام في المباني ؛ ويشهد بذلك اختلاقهم آراءً ، وفتاوى غير معترف بها عند أهل البيتعليهم‌السلام ، فمنهم من أخذ بالقياس ، ومنهم من عمل بالاستحسان والمصالح وسدّ الذرائع وغيرها ، ممّا لم ينزل الله بها من سلطان.

وهذه التصرّفات هي خير شاهد على عدم خضوعهم للحقّ ، وتباين وجهات نظرهم مع مذهب أهل البيتعليهم‌السلام ، وعدولهم عن نهج الإمام الصادقعليه‌السلام .

نعم ، قد يكون هناك بعض أوجه التشابه بين آرائهم وبين ما صدر عن الإمام الصادقعليه‌السلام في مختلف المجالات ، وهذا بحدّ نفسه لا يشير إلى تبعيّتهم لهعليه‌السلام ، بل إنّهم أخذوا بعض رؤوس النقاط ، واستبدّوا بآرائهم في باقي الموارد لتشويه الحقّ.

__________________

١ ـ أُنظر : شرح نهج البلاغة ١ / ١٨.

٢٤٥

والحال كان ينبغي عليهم أن يأخذوا بمذهب الإمامعليه‌السلام في جميع الحالات ، فلا يصدر منهم ما يتناقض مع أقواله وأفعاله وسيرتهعليه‌السلام .

( ـ ـ )

كثرة الأحاديث عنه :

س : ما هو السرّ في كثرة الروايات عن الصادقين عليهما‌السلام بالنسبة إلى الأحاديث التي وردت عن باقي الأئمّة عليهم‌السلام ؟

ج : إنّ الفترة التي عاشها الإمامان الباقر والصادقعليهما‌السلام هي فترة انهيار وضعف قوّة الأمويّين ، وعدم تثبيت الحكم العباسيّ ، فاغتنما هذه الفرصة الثمينة لبثّ الفكر والثقافة الشيعيّة ، فربّيا جيلاً واعياً ، تلقّى المعارف والعلوم الإسلامية ، وسعى في نشرها ، بحيث عرف المذهب الإماميّ الاثنا عشريّ بالمذهب الجعفريّ ، إشارةً إلى ذلك.

وأمّا الأئمّة السابقون عليهما والمتأخّرون عنهماعليهم‌السلام فبما أنّ الأجواء التي كانوا يعيشونها كانت ظروف صعبة ، إذ كانوا إمّا تحت الإقامة الجبرية أو في السجن ، أو تحت مراقبة الحكّام الظالمين ، فلم يستطيعوا أن يلقوا المعارف والحقائق ، ولم يكن بإمكانهم الاتصال بالناس عامّة ، وبالمؤمنين خاصّة بصورة عادية.

أضف إلى ذلك نشوب الحروب والصراعات في زمن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والتي كانت مانعاً قويّاً في هذا المجال ، بسبب انشغال عامّة الناس بها ، وانصراف هممهم نحوها.

وهذه كلّها وغيرها أدّت إلى عرقلة الحركة العلمية في فترات إمامتهمعليهم‌السلام ، في حين أنّ الصراع القائم بين الباطلين الأمويّ والعباسيّ في عهد الصادقينعليهما‌السلام صرف أنظار الظلمة عنهما إلى حدّ كبير ، فأُتيحت لهما الفرصة الذهبيّة لإيصال الفكر الدينيّ وعلوم أهل البيتعليهم‌السلام إلى الناس.

٢٤٦

( ـ ـ )

وجه تلقيبه بالصادق :

س : ما هي حكمة تلقيب الإمام الصادقعليه‌السلام بهذا اللقب؟ والحال نعلم أنّ الأئمّةعليهم‌السلام كلّهم صادقون؟

ج : ذكر بعض أصحاب السير والتاريخ وجوهاً لذلك :

منها : إنّهعليه‌السلام لقّب بالصادق لصدقه في مقاله(١) .

منها : إنّ المنصور الدوانيقيّ هو الذي أضفى عليهعليه‌السلام هذا اللقب في قضية معيّنة يطول ذكرها.

منها : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قد كرّمه بهذا اللقب من قبل ، تمييزاً له عن جعفر الكذّاب ، الذي ظهر في الخامس من ولدهعليه‌السلام .

وهذا القول الأخير هو الصواب ، لما ورد الحديث بمضمونه(٢) ، وارتكز عند الشيعة.

( ـ ـ )

ردّ حديث منسوب إليه :

س : هناك من ينقل في كتبه مكرمة لأبي بكر عن لسان الإمام الصادق عليه‌السلام أنّه قال : « ولدني أبو بكر مرّتين » ، فما صحّة هذا القول؟

ج : لا يخفى أنّ الأصل في كلّ إنسان العقيدة والالتزام بها ، ثمّ الحسب والنسب ؛ فترى أنّ الإمام الصادقعليه‌السلام هو بنفسه يقول : «ولايتي لأمير المؤمنين عليه‌السلام أحبّ إليّ من ولادتي منه ، لأن ولايته له فرض ، وولادتي منه فضل »(٣) .

__________________

١ ـ الأنساب ٣ / ٥٠٧ ، وفيات الأعيان ١ / ٣٠٧.

٢ ـ علل الشرائع : ٢٣٤.

٣ ـ الاعتقادات : ١١٢ ، الفضائل : ١٢٥.

٢٤٧

وعليه فيستبعد صدور مثل هذا الحديث المزعوم منهعليه‌السلام ، لأنّ الفخر ـ أوّلاً وبالذات ـ هو للدين والولاء ، لا للحسب والانتماء العائلي ، خصوصاً لو كان هذا الأخير مناقضاً للأوّل.

ثمّ على صعيد البحث السندي لم نعثر على سند شيعي ـ حتّى لو كان ضعيفاً ـ لهذا القول ، بل هو خبر نقلته مصادر أبناء العامّة ، وحتّى إنّ بعض الكتب الشيعيّة التي ذكرت هذا الخبر أخرجته بإسنادهم(١) ، أو مرسلاً وبدون سند(٢) ، وعلى هذا لا يمكن الاحتجاج أو الاعتماد على هذا الكلام المنسوب.

ويحتمل قويّاً : أن يكون الداعي لوضع هذا الكلام هو ما سمعوه من الإمام الصادقعليه‌السلام بصورة متواترة ، قوله : «قد ولدني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا أعلم كتاب الله »(٣) ، فحوّروه وبدّلوه بذلك الكلام.

نعم ، لا ينكر أنّ نسب الإمامعليه‌السلام يتصلّ عن طريق محمّد ، وعبد الرحمن ابني أبي بكر بأبيهما ، ولكن لا يعقل أن يفتخر الإمامعليه‌السلام بأبي بكر في عمود النسب ، ويدع محمّداً ابنه الذي كان مثالاً في الولاء والتبرّي من أبيه وغيره ممّن ظلموا أهل البيتعليهم‌السلام وغصبوا حقّهم.

( ـ ـ )

توحيد المفضّل والأهليلجة :

س : نسمع أحياناً بتوحيد المفضّل ، وحديث الإهليلجة عن الإمام الصادق عليه‌السلام ، فما هو مضمونها ، وما يقصد الإمام عليه‌السلام فيهما؟

ج : إنّ المفضّل بن عمر الجعفي هو أحد أصحاب الإمامعليه‌السلام الذين جمعوا بين العلم والعمل ، وقد ألقى الإمامعليه‌السلام عليه دروساً في التوحيد ، وهذه هي التي

__________________

١ ـ كشف الغمّة ٢ / ٣٧٤.

٢ ـ عمدة الطالب : ١٩٥.

٣ ـ الكافي ١ / ٦١ و ٢ / ٢٢٣ ، ينابيع المودّة ١ / ٨٠ و ٣ / ٣٦٢.

٢٤٨

تسمّى بتوحيد المفضّل ، وقد أخذ منهعليه‌السلام مشافهةً.

وأمّا الإهليلجة ، فهي أيضاً رسالة في التوحيد ، قد بعثها الإمام الصادقعليه‌السلام للمفضّل ، ليحتجّ بها على منكري المبدأ والتوحيد.

ووجه تسميتها : إنّ الإمامعليه‌السلام قد ردّ فيما قبل على مزاعم بعض الدهريّين ـ وهو طبيب هنديّ ـ وأفحمه بالأدلّة القاطعة على وجود الله تعالى ، وكان هذا الطبيب آنذاك يصنع دواءً للإمامعليه‌السلام من أهليلجة ـ وهو نبت خاصّ ـ فاغتنم الإمامعليه‌السلام هذه الفرصة ، فاستدلّ بهذا المخلوق الصغير وظرائف صنعه على وجود وحكمة الخالق ، ومازال الإمام يساير هذا الطبيب في الكلام ـ ومحور الكلام الإهليلجة ـ إلى أن أرغمه الدليل على الاعتراف بالصانع الواحد.

٢٤٩
٢٥٠

الإمام الكاظم عليه‌السلام :

( حسن الحسيني ـ السويد ـ )

مدّة بقائه في السجن :

س : كم المدّة التي سجن فيها الإمام الكاظم عليه‌السلام ؟ أرجو أن تكون الإجابة دقيقة وصحيحة.

ج : لا يخفى عليكم أنّ مدّة إمامة الإمام الكاظمعليه‌السلام كانت( ٣٥ ) سنة ، عاصر فيها مجموعة من حكّام الجور من بني العباس ، آخرهم هارون الرشيد ، الذي نقله في عدّة سجون ، حتّى أمر بدسّ السمّ إليه فقتله.

ومدّة سجنهعليه‌السلام غير معلومة بالدقّة ، فبعض المؤرّخين من يقول : أربع سنوات(١) ، والآخر يقول : سبع سنوات ، وثالث يقول : أربعة عشر سنة.

وعلى كلّ حال نحن نعلم أنّ الإمامعليه‌السلام قد قضى فترة ليست بقليلة في السجن ، حتّى قتل مظلوماً محتسباً.

( أحمد ـ العراق ـ ٢١ سنة )

غسّله الإمام الرضا :

س : ورد في كتاب الشيعة والتشيّع لاحسان إلهي ظهير : ٢٨٨ ، ما نصّه : « في أنّ الكاظم لم يغسّله إمام كما هو مشروط فيمن يتولّى الإمامة ، لأنّ الرضا كان غائباً عندئذ ».

__________________

١ ـ فهرست أسماء مصنّفي الشيعة : ٢٧٣.

٢٥١

لذا أرجو الردّ على هذه الشبهة ، وشكراً جزيلاً ، ودمتم في رعاية الله .

ج : يتضمّن الردّ عدّة أُمور ، منها :

١ ـ دلّت الروايات المتضافرة ومنها الصحيحة : أنّ الإمامعليه‌السلام لا يغسّله إلاّ إمام مثله ، والصدّيق لا يغسّله إلاّ صدّيق مثله.

٢ ـ وردت أخبار كثيرة أنّ الإمام الرضاعليه‌السلام هو الذي غسّل والده الإمام الكاظمعليه‌السلام ، كما ذكر الشيخ الصدوق ( قدس سره ) في ضمن الروايات الصحيحة الدالّة على كيفية وفاته(١) .

وقد روى الشيخ الكلينيّ ( قدس سره ) بسنده عن أحمد الحلاّل أو غيره عن الإمام الرضاعليه‌السلام قال : قلت له : إنّهم يحاجّونا يقولون : إنّ الإمام لا يغسّله إلاّ الإمام؟ قال : فقالعليه‌السلام : «ما يدريهم من غسّله؟ فما قلت لهم »؟

قال : فقلت : جعلت فداك قلت لهم : إن قال مولاي إنّه غسّله تحت عرش ربّي فقد صدق ، وإن قال : غسّله في تخوم الأرض فقد صدق ، قال : « لا هكذا ».

فقلت : فما أقول لهم؟ قال : « قل لهم : إنّي غسّلته » ، فقلت : أقول لهم إنّك غسّلته؟ فقالعليه‌السلام : « نعم »(٢) .

( عيسى ـ البحرين ـ ٢٧ سنة )

تنوّع علومه :

س : هناك من يقول أنّ موسى الكاظم لم يكن أعلم الناس كما هو مشروط فيمن يتولّى الإمامة ، فكيف يكون الردّ على هكذا قول؟ وجزاكم الله ألف خير وشكراً.

ج : لقد اشتهر كالشمس في رائعة النهار بين الخاصّة والعامّة سعة أُفق علم الأئمّةعليهم‌السلام أجمع ، فضلاً عن الإمام الكاظمعليه‌السلام بذاته.

__________________

١ ـ معجم رجال الحديث ١٨ / ١٦٢ نقلاً عن الصدوق.

٢ ـ الكافي ١ / ٣٨٤.

٢٥٢

أمّا بالنسبة إلى الخاصّة فلا مجال للنقاش أو الشكّ بعد الإقرار بكونهم أئمّة معصومين ، وإنّ علمهم وراثي وإلهامي وتنبّؤي.

وأمّا العامّة بجميع مذاهبها فإنّها أقرّت بسعة علوم أهل البيتعليهم‌السلام ، بما يميّزها عن غيرها.

هذا وقد أشاد الإمام الصادقعليه‌السلام بعلم ولده الكاظمعليه‌السلام ، فقال : « يا عيسى : إنّ ابني هذا الذي رأيت ، لو سألته عمّا بين دفّتي المصحف لأجابك فيه بعلم »(١) ، وقال أيضاً : « وعنده علم الحكمة والفهم ، والسخاء والمعرفة بما يحتاج إليه الناس فيما اختلفوا فيه من أمر دينهم ».

ويكفي لمعرفة وفور علمه رواية العلماء عنه جميع الفنون من علوم الدين وغيرها ، ممّا ملأوا به الكتب ، وألّفوا المؤلّفات الكثيرة ، حتّى عرف بين الرواة بالعالم.

وقال الشيخ المفيد ( قدس سره ) : « وقد روى الناس عن أبي الحسن موسى فأكثروا ، وكان أفقه أهل زمانه »(٢) .

وقد حوىعليه‌السلام علوم جمّة فمنها : علمه باللغات ، وعلمه بالنجوم ، وعلمه بالتاريخ ، وعلمه بالحساب ، وعلمه بالفقه والتفسير ، وعلمه بالطبّ ، وعلمه بالمغيّبات ، وغير ذلك.

__________________

١ ـ قرب الإسناد : ٣٣٥.

٢ ـ الإرشاد ٢ / ٢٣٥.

٢٥٣
٢٥٤

الإمام الرضا عليه‌السلام :

( إيمان ـ البحرين ـ )

تزويجه بنت المأمون :

س : هل صحيح أنّ الإمام الرضا عليه‌السلام تزوّج بنت المأمون؟ وكيف ذلك ، والمأمون يعتبر مغتصب لحقّ الإمام عليه‌السلام في الخلافة؟ ودمتم سالمين.

ج : لا ملازمة بين أن يكون المأمون مغتصباً لحقّ الإمام الرضاعليه‌السلام وبين أن يتزوّج الإمامعليه‌السلام ابنته ، إذ لا يشترط في البنت التي يريد أن يتزوّجها أحد أن يكون أبوها عادلاً غير غاصب للإمامة ، هذا أوّلاً.

وثانياً : فإنّ المعصوم مكلّف بالعمل بالظاهر ، وخير شاهد على ذلك أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يعلم بمن يرتكب المعاصي من الصحابة ، فهل كان يجري عليهم الحدود والتعزيرات من دون أن تقوم عليهم بيّنة؟

ج : لا ، لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله والمعصومعليه‌السلام مكلّف بالعمل بالظاهر ، وما هو عليه الإنسان فعلاً ، مع غضّ النظر عن علمه بما ستكون عاقبته ، لذلك نشاهد أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله تزوّج بعائشة وحفصة ، وكذلك قال تعالى :( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ) (١) .

وثالثاً : كما أنّ ولاية العهد كانت مؤامرة أجبر المأمونُ الإمامَ الرضاعليه‌السلام على قبولها ، كذلك تزويج المأمون ابنته أُمّ حبيب لهعليه‌السلام ، وضرب اسم الإمامعليه‌السلام

__________________

١ ـ التحريم : ١٠.

٢٥٥

على الدنانير والدراهم ، كلّ ذلك كان من المخطط الذي رسمه المأمون ، وأُجبر عليه الإمامعليه‌السلام .

هذا ، ونعلمكم بأنّ كلّ مخطّطات المأمون باءت بالفشل ، وذلك بتدبير من الإمام الرضاعليه‌السلام ، حيث كشف المأمون على حقيقته للناس.

( ـ ـ )

إصرار المأمون عليه بقبول ولاية العهد :

س : لماذا كان المأمون يصرّ على الإمام الرضا عليه‌السلام قبوله ولاية العهد؟ فهل كان يعتقد بإمامته؟

ج : لا يعقل التزام المأمون بمبدأ الإمامة ، وإلاّ كان يجب عليه أن لا يتولّى الحكم بنفسه ابتداء ، أو تنحّيه ثانيةً ، وشيء من هذا لم يحصل ، بل كلّ ما في الأمر أنّه اقترح التنازل عن السلطة لصالح الإمامعليه‌السلام ، وعندما رأى مخالفة الإمامعليه‌السلام أجبره في قبول ولاية العهد ، وذلك لأسباب معيّنة ودواعي غير خفية :

منها : ـ وهو الأهمّ ـ إنّه أراد أن يحتوي الحركات الشيعيّة والموالية لأهل البيتعليهم‌السلام ، فدخول الإمامعليه‌السلام في السلطة يعني إعطاء الصفة الشرعية لها ـ على حدّ زعمه ـ وقد استطاع بهذا الاحتيال امتصاص نقمة الشيعة على العباسيّين إلى حدّ كبير ، فلا ترى لتلك الحركات شيء يذكر بعد هذا الحدث التاريخيّ.

ومنها : إنّ الخطّ العباسيّ ـ على نحو العموم ـ كان يميل مع محمّد الأمين ، أخ المأمون ، وبعد هزيمته وقتله بقي الحقد الدفين في نفوس بني العباس ، فأراد المأمون بتنفيذه خطّة ولاية العهد أن يكسر شوكة مناوئيه في العائلة المالكة ، ويفرض سلطته عليهم ، ويبعد العباسيّين عن دفّة الحكم بقدر الإمكان.

وقد نجح في هذا المجال ، بحيث أحدثت العملية ضجّة علنية في أوساطهم ، تنكّروا لها بين آونة وأُخرى ، وعندئذ اشترط المأمون عليهم الولاء لنفسه إزاء إرجاع الخلافة إلى مجاريها المتعارفة عندهم ، فسلّموا له الأمر ، وكان هذا أيضاً فوزاً عظيماً له في داخل الخطّ العباسيّ.

٢٥٦

ومنها : إنّ المأمون كان يعتبر نفسه أعلم من أمثال أبي بكر وعمر وغيرهما ، فكان لا يرى لمعظم تصرّفاتهما ـ ومنها غصب الخلافة ـ وجهاً صحيحاً طالما كان المنازع لهما أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، ومن هذا المنطلق كان ينتقدهما بصراحة ، ولكن بما أنّه كان يواجه الصعوبات في هذه المواجهة اضطرّ إلى الاستمداد من الإمامعليه‌السلام في المقام ، فكفاه الإمامعليه‌السلام ـ وهو جدير بذلك ـ فترى أنّه كان يعقد مجالس المناظرة والبحث في سبيل إثبات أولوية أهل البيتعليهم‌السلام ، والحطّ من كرامة علماء العامّة ، والنيل من التراث المصطنع عندهم.

وهذا لا يعني بالملازمة اعتقاد المأمون بإمامة أهل البيتعليهم‌السلام ، بل كان يريد إثبات عدم شرعية سبق الأوّل والثاني وأتباعهما على الآخرين ، ثمّ يبرهن على أفضليّته عليهم لمعرفة هذه الحقائق وتسليمه للحقّ.

( ـ البحرين ـ )

نسب السادة الرضوية :

س : إلى من ينتسبون السادات الرضوية؟

ج : الظاهر أنّهم من أعقاب الإمام الجوادعليه‌السلام ، إذ لم يكن للإمام الرضاعليه‌السلام ولد غيره على المشهور.

وأمّا حكمة تسميتهم بالسادات الرضوية بدلاً من السادات الجوادية أو التقوية ، فيحتمل أن يكون بسبب شهرة الإمام الرضاعليه‌السلام عند العامّة والخاصّة ، حتّى أنّ عدداً من الأئمّةعليهم‌السلام من ولده كانوا يعرفون بـ « ابن الرضا » عند الناس.

( ـ السعودية ـ )

علّة استشهاده :

س : هناك من يقول بأنّ الإمام الرضاعليه‌السلام مات حتف أنفه ، أو سمّه غير المأمون العباسيّ ، أو غير ذلك من العلل التي تدفع عن المأمون تهمة القتل.

٢٥٧

وقد يؤيّد هذا البعض رأي بعض علماء الشيعة كالأربليّ صاحب كشف الغمّة ، والسيّد ابن طاووس ، والشيخ المفيد ، فما مدى صحّة هذا القول؟ وهل يوجد من أهل السنّة من يسند القتل المذكور إلى المأمون؟

ج : ممّا تسالم عليه الشيعة هو : أنّ الإمام الرضاعليه‌السلام قد استشهد مسموماً على يد المأمون ، وإن نسب إلى الشيخ المفيد والسيّد ابن طاووس ما يوهم توقّفهما في ذلك ، أو أنّ الأربليّ قد مال إلى خلاف ذلك في كتابه « كشف الغمّة ».

وممّا يوهن الرأي المخالف هو : أنّ النسبة المذكورة غير ثابتة ، وأنّ الأربليّ قد أبدى استنتاجه الحدسي في الموضوع ، وهذا لا يقابل الإخبارات الحسّية عن الواقع المذكور.

( ـ ـ )

ولاية عهده كانت خطّة مدروسة من قبل المأمون :

س : ما هو الدليل على أنّ المأمون لم يكن صادقاً مع الإمام الرضا عليه‌السلام في ترشيحه لولاية العهد؟

ج : لا مجال لأن نتوهّم صدق المأمون مع الإمام الرضاعليه‌السلام في الموضوع ، وذلك لعدّة أُمور :

منها : إنّ المأمون حاول إقناع الإمامعليه‌السلام لقبول الخلافة ، وأصرّ على ذلك بشدّة ، ثمّ لمّا رأى رفض الإمامعليه‌السلام عدل عن ذلك ، وطلب منهعليه‌السلام قبول ولاية العهد.

فنرى أنّه يحاول بشتّى الوسائل ربط الإمامعليه‌السلام بدائرة الحكم ليس إلاّ ، فإن لم يستطع ذلك بالخلافة استبدله بولاية العهد ، وهذا صريح في سوء سريرته.

منها : تهديده الإمامعليه‌السلام في المسألة(١) ، فإن كان الإمامعليه‌السلام هو الأولى في

__________________

١ ـ علل الشرائع ١ / ٢٣٨ ، عيون أخبار الرضا ١ / ١٥٢ ، الأمالي للشيخ الصدوق : ١٢٦ ، روضة الواعظين : ٢٢٤ ، مقاتل الطالبيين : ٣٠١ ، مناقب آل أبي طالب ٣ / ٤٧٢.

٢٥٨

الموضوع فما معنى اجباره على ذلك ، إذ هوعليه‌السلام يعرف المصلحة ويتصرّف على وفقها.

منها : ارتباكه في توضيح الهدف من عمله هذا ، فتراه تارةً يريد به مكافأة علي ابن أبي طالبعليه‌السلام في ولده(١) ، وأُخرى حرصه على طاعة الله تعالى وخير الأُمّة(٢) ، وأحياناً وفاؤه بنذره في ظفره بأخيه(٣) ، بل ورابعة بأنّه أراد بذلك التشويه بسمعة الإمامعليه‌السلام عند الشيعة وتمويه الأمر عندهم.

منها : إنّ خطّ السير من المدينة إلى مرو كان عن طريق المدن السنّية ، مثل البصرة ونيشابور ، ولم يتح الوفد للإمامعليه‌السلام أن يمرّ بالمناطق الشيعيّة مثل قم وكاشان ، وهذا أيضاً دليل واضح على عدم حسن نوايا المأمون ، إذ كان لا يريد أن يظهر الإمامعليه‌السلام لمواليه ويتّصل بهم.

ومنها : غير ذلك ممّا يجعلنا على يقين من خبث سريرة المأمون في معاملته مع الإمامعليه‌السلام ، وأنّ ما تظاهر به آنذاك كان لأسباب خاصّة تصبّ جميعها في مصلحته.

( علي. البحرين ـ ٢٢ سنة ـ طالب جامعة )

كان أسمر شديد السمرة :

س : هل صحيح بأنّ الإمام الرضا عليه‌السلام كان أسمر اللون؟ إن كان كذلك أو لم يكن ما هو الدليل؟ ولكم جزيل الشكر.

ج : قد ذكر المؤرّخون أنّ الإمام كان أسمر شديد السمرة.

وكان أعداء أهل البيتعليهم‌السلام يشنعون على الإمام بسمرته ويصفونه بالسواد ، وقد قال ابن المعتّز مشنّعاً على الإمامعليه‌السلام :

__________________

١ ـ تاريخ الخلفاء : ٣٠٨ ، تذكرة الخواص : ٣١٩.

٢ ـ البداية والنهاية ١٠ / ٢٦٩.

٣ ـ إعلام الورى ٢ / ٧٣ ، مقاتل الطالبيّين : ٣٧٥ ، الإرشاد ٢ / ٢٦١ ، كشف الغمّة ٣ / ٧٠.

٢٥٩

وقالوا إنّه ربّ قدير

فكم لصق السواد به لصوقا

وهناك قول آخر يصف الإمامعليه‌السلام بأنّه أبيض معتدل القامة ، ولا يمكن وفقاً لما موجود من الأخبار البتّ في صفة الإمامعليه‌السلام الحقيقية ، ولكن أكثر المؤرّخين رجّحوا سمرة الإمام لكثرة الأخبار في ذلك دون الأخبار الأُخرى.

ولعلّ للمحيط الذي عاش به الإمامعليه‌السلام في كون غالبية أهله من البيض أثر في إظهار سمرته ، ممّا أدّى بأعدائه أن لا يجدوا شيئاً يعيبون به الإمام غير ذلك ، وإلاّ فهو كأجداده ، بل وصفه بعضهم بأنّه شديد الشبه بجدّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٢٦٠