موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٢

موسوعة الأسئلة العقائديّة7%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-02-7
الصفحات: 518

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 518 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 254097 / تحميل: 6690
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٢-٧
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

الإمام الباقر عليه‌السلام :

( ـ البحرين ـ )

بعض المصادر في تسميته :

س : قال ابن تيمية : « ونقل تسميته بالباقر عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لا أصل له عند أهل العلم ، بل هو من الأحاديث الموضوعة »(١) .

الرجاء إعطاء بعض المصادر عند أهل السنّة حول هذا الموضوع؟

ج : ذكرت بعض مصادر أهل السنّة تسمية الإمام محمّد بن عليعليهما‌السلام بالباقر ، لتسمية النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله له بها ، ومن تلك المصادر : شرح نهج البلاغة(٢) ، الفصول المهمّة(٣) ، وغيرها(٤) .

( ـ السعودية ـ )

بعض النصوص الواردة في إمامته :

س : ترد أحياناً بعض الشبهات حول النصوص الواردة بحقّ الأئمّة المعصومين عليهم‌السلام ، فمنها ما قد يثار من قبل البعض بشأن التنصيص على إمامة كلّ واحد منهم عليهم‌السلام ، وفي هذا المجال حبّذا لو تذكرون بعض الأحاديث المعتبرة على إمامة

__________________

١ ـ منهاج السنّة النبوية ٤ / ٥١.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ١٥ / ٢٧٧.

٣ ـ الفصول المهمّة : ٢١١.

٤ ـ أُنظر : تذكرة الخواص : ٣٠٢.

٢٤١

الإمام محمّد الباقر عليه‌السلام .

ج : نعم ، هناك نصوص عامّة تذكر الأئمّةعليهم‌السلام بأسمائهم ، ورغبة منّا للاختصار ، نذكر بعضها التي لا خدشة في إسنادها ، ولا مناقشة في دلالتها :

١ ـ صحيحة أبي بصير عن الإمام الصادقعليه‌السلام ، التي جاء فيها ذكر الأئمّة بدءاً من أمير المؤمنينعليه‌السلام حتّى الإمام الباقرعليه‌السلام (١) .

٢ ـ صحيحة عبد الله بن جندب عن الإمام الكاظمعليه‌السلام ، التي صرّحت بأسماء جميع الأئمّةعليهم‌السلام بالترتيب ، وعلى التوالي(٢) .

٣ ـ صحيحة أبي هاشم الجعفريّ عن الإمام الجوادعليه‌السلام ، التي جاء فيها إقرار الخضرعليه‌السلام بجميع الأئمّةعليهم‌السلام عند أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والإمام الحسنعليه‌السلام ، وارتضاء الإمامعليه‌السلام ذلك منه(٣) .

هذا ، وقد وردت نصوص كثيرة في المقام تؤيّد ما ذكرناه ، فضلاً عن الصحاح المتقدّمة ، فيمكننا الاستدلال على المطلوب بالتواتر ، والاستفاضة في هذه الأحاديث.

( عبد الله )

حضوره واقعة الطفّ :

س : هل إنّ الإمام الباقر عليه‌السلام شهد واقعة الطفّ وحضرها؟

ج : نعم ، بما أنّ ولادة الإمام الباقرعليه‌السلام كانت سنة ٥٦ هـ(٤) ، أو سنة ٥٧ هـ(٥) ، أي قبل واقعة كربلاء بثلاث سنين ، أو أربع سنين ، كما أدلىعليه‌السلام هو بذلك ،

__________________

١ ـ الكافي ١ / ٢٨٦.

٢ ـ من لا يحضره الفقيه ١ / ٣٢٩.

٣ ـ المحاسن ١ / ١٩.

٤ ـ تذكرة الحفّاظ ١ / ١٢٤.

٥ ـ مسار الشيعة : ٥٦.

٢٤٢

فقد حضر أحداث الطفّ ، وشاهد مأساة جدّه الإمام الحسينعليه‌السلام وأولاده وأصحابه ، وتحمّل الأسر في ضمن الأطفال والنساء ، كما ورد ذلك في بعض الروايات عن لسانهعليه‌السلام (١) .

( ـ السعودية ـ )

ضرب النقود الإسلامية بأمره :

س : سمعت أنّ العملة الإسلامية هي من مقترحات الإمام الباقر عليه‌السلام ؟ فكيف ذلك؟

ج : نعم ، بحسب النصوص التاريخية أنّ هذا العمل الجبّار الذي منح العالم الإسلامي استقلاليّته في مجال الاقتصاد ، قد نفّذ بإشارة الإمام الباقرعليه‌السلام ، ومجمل الموضوع كالآتي :

أنّ عبد الملك بن مروان قد أمر بتبديل الطراز المنقوش عليه شعار المسيحية إلى طراز منقّش بشعار التوحيد ، فغضب ملك الروم من عمله هذا ، وهدّده بضرب نقود من الدراهم والدنانير تحمل شعارات ضدّ الإسلام ونبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا يخفى بأنّ التعامل الدارج بين المسلمين آنذاك كان كلّه على أساس العملة الأجنبية ، أي الرومية.

فتوسّل عبد الملك إلى الإمام الباقرعليه‌السلام ، وبما أنّ المسألة كانت ترتبط بأصل الدين والعقيدة ، تدخّل الإمامعليه‌السلام وأبدى رأيه الشريف ، وأخذ عبد الملك برأيه ، وأمر بضرب النقود وفقاً لما خطّطه الإمامعليه‌السلام ، ومن ثمّ تولّدت العملة الإسلامية ، وجرى التعامل بها ، وتحرّر النقد من التبعية للأمبراطورية الرومية(٢) .

__________________

١ ـ نفس المهموم : ٣٨٦.

٢ ـ أُنظر : حياة الحيوان للدميريّ ١ / ٩١ ، المحاسن والأضداد للبيهقيّ ٢ / ١٢٩.

٢٤٣

نعم ، قد ورد في بعض المصادر : بأنّ الذي قام بهذا العمل هو الإمام زين العابدينعليه‌السلام (١) .

وجاء في بعض الموسوعات الأجنبية : « إنّ أوّل من أمر بضرب السكّة الإسلامية هو الخليفة عليعليه‌السلام بالبصرة ، سنة أربعين من الهجرة »(٢) .

ويمكن الجمع : بأنّ الإمام عليعليه‌السلام أمر بضرب السكّة في البصرة في إطار محدود ، بدون إلغاء التعامل بالنقود الأُخرى ، حتّى إذا جاء دور الإمام الباقرعليه‌السلام فضربت العملات الجديدة بأمرهعليه‌السلام ، وأُلغيت التعامل بغيرها نهائيّاً.

( عبد الرحمن ـ ـ )

هو حسينيّ وحسنيّ :

س : نسمع كثيراً بأنّ الأئمّة عليهم‌السلام من الإمام الباقر عليه‌السلام فما بعد مضافاً إلى أنّهم حسينيّون يعتبرون حسنيّين أيضاً ، هل هذا صحيح؟ وكيف؟

ج : إنّ الإمام الباقرعليه‌السلام كما نعلم هو ابن الإمام زين العابدين بن الإمام الحسينعليهما‌السلام ، وبهذا الاعتبار فهو حسينيّ ، ومن جانب آخر فأُمّه فاطمة بنت الإمام الحسنعليه‌السلام ، ولذا يعتبرعليه‌السلام حسنيّ أيضاً.

فالإمام الباقرعليه‌السلام أوّل من اجتمعت له ولادة الحسن والحسينعليهما‌السلام ، ومن هنا يمكن أن نعرّف الأئمّة من ولد الباقرعليه‌السلام بأنّهم حسنيّون وحسينيّون معاً.

__________________

١ ـ البداية والنهاية ٩ / ١٢٢.

٢ ـ أعيان الشيعة ١ / ٥٣٩ نقلاً عن دائرة المعارف البريطانية.

٢٤٤

الإمام الصادق عليه‌السلام :

( ـ ـ )

وأئمّة المذاهب الأربعة :

س : ما هي صلة أئمّة المذاهب الأربعة السنّية بالإمام الصادق عليه‌السلام ؟ فهل هم أخذوا العلم منه مباشرةً ، أو بالواسطة؟ وهل تعتبر مذاهبهم مختلفة مع مذهب أهل البيت عليهم‌السلام ، أو امتداداً لها؟

ج : إنّ أئمّة المذاهب المذكورة وإن كانوا عيالاً في علومهم على الإمام الصادقعليه‌السلام ـ باعتبارهم من تلامذة الإمام مباشرةً ، أو بالواسطة(١) ـ ولكنّهم اختلفوا معهعليه‌السلام في المباني ؛ ويشهد بذلك اختلاقهم آراءً ، وفتاوى غير معترف بها عند أهل البيتعليهم‌السلام ، فمنهم من أخذ بالقياس ، ومنهم من عمل بالاستحسان والمصالح وسدّ الذرائع وغيرها ، ممّا لم ينزل الله بها من سلطان.

وهذه التصرّفات هي خير شاهد على عدم خضوعهم للحقّ ، وتباين وجهات نظرهم مع مذهب أهل البيتعليهم‌السلام ، وعدولهم عن نهج الإمام الصادقعليه‌السلام .

نعم ، قد يكون هناك بعض أوجه التشابه بين آرائهم وبين ما صدر عن الإمام الصادقعليه‌السلام في مختلف المجالات ، وهذا بحدّ نفسه لا يشير إلى تبعيّتهم لهعليه‌السلام ، بل إنّهم أخذوا بعض رؤوس النقاط ، واستبدّوا بآرائهم في باقي الموارد لتشويه الحقّ.

__________________

١ ـ أُنظر : شرح نهج البلاغة ١ / ١٨.

٢٤٥

والحال كان ينبغي عليهم أن يأخذوا بمذهب الإمامعليه‌السلام في جميع الحالات ، فلا يصدر منهم ما يتناقض مع أقواله وأفعاله وسيرتهعليه‌السلام .

( ـ ـ )

كثرة الأحاديث عنه :

س : ما هو السرّ في كثرة الروايات عن الصادقين عليهما‌السلام بالنسبة إلى الأحاديث التي وردت عن باقي الأئمّة عليهم‌السلام ؟

ج : إنّ الفترة التي عاشها الإمامان الباقر والصادقعليهما‌السلام هي فترة انهيار وضعف قوّة الأمويّين ، وعدم تثبيت الحكم العباسيّ ، فاغتنما هذه الفرصة الثمينة لبثّ الفكر والثقافة الشيعيّة ، فربّيا جيلاً واعياً ، تلقّى المعارف والعلوم الإسلامية ، وسعى في نشرها ، بحيث عرف المذهب الإماميّ الاثنا عشريّ بالمذهب الجعفريّ ، إشارةً إلى ذلك.

وأمّا الأئمّة السابقون عليهما والمتأخّرون عنهماعليهم‌السلام فبما أنّ الأجواء التي كانوا يعيشونها كانت ظروف صعبة ، إذ كانوا إمّا تحت الإقامة الجبرية أو في السجن ، أو تحت مراقبة الحكّام الظالمين ، فلم يستطيعوا أن يلقوا المعارف والحقائق ، ولم يكن بإمكانهم الاتصال بالناس عامّة ، وبالمؤمنين خاصّة بصورة عادية.

أضف إلى ذلك نشوب الحروب والصراعات في زمن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والتي كانت مانعاً قويّاً في هذا المجال ، بسبب انشغال عامّة الناس بها ، وانصراف هممهم نحوها.

وهذه كلّها وغيرها أدّت إلى عرقلة الحركة العلمية في فترات إمامتهمعليهم‌السلام ، في حين أنّ الصراع القائم بين الباطلين الأمويّ والعباسيّ في عهد الصادقينعليهما‌السلام صرف أنظار الظلمة عنهما إلى حدّ كبير ، فأُتيحت لهما الفرصة الذهبيّة لإيصال الفكر الدينيّ وعلوم أهل البيتعليهم‌السلام إلى الناس.

٢٤٦

( ـ ـ )

وجه تلقيبه بالصادق :

س : ما هي حكمة تلقيب الإمام الصادقعليه‌السلام بهذا اللقب؟ والحال نعلم أنّ الأئمّةعليهم‌السلام كلّهم صادقون؟

ج : ذكر بعض أصحاب السير والتاريخ وجوهاً لذلك :

منها : إنّهعليه‌السلام لقّب بالصادق لصدقه في مقاله(١) .

منها : إنّ المنصور الدوانيقيّ هو الذي أضفى عليهعليه‌السلام هذا اللقب في قضية معيّنة يطول ذكرها.

منها : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قد كرّمه بهذا اللقب من قبل ، تمييزاً له عن جعفر الكذّاب ، الذي ظهر في الخامس من ولدهعليه‌السلام .

وهذا القول الأخير هو الصواب ، لما ورد الحديث بمضمونه(٢) ، وارتكز عند الشيعة.

( ـ ـ )

ردّ حديث منسوب إليه :

س : هناك من ينقل في كتبه مكرمة لأبي بكر عن لسان الإمام الصادق عليه‌السلام أنّه قال : « ولدني أبو بكر مرّتين » ، فما صحّة هذا القول؟

ج : لا يخفى أنّ الأصل في كلّ إنسان العقيدة والالتزام بها ، ثمّ الحسب والنسب ؛ فترى أنّ الإمام الصادقعليه‌السلام هو بنفسه يقول : «ولايتي لأمير المؤمنين عليه‌السلام أحبّ إليّ من ولادتي منه ، لأن ولايته له فرض ، وولادتي منه فضل »(٣) .

__________________

١ ـ الأنساب ٣ / ٥٠٧ ، وفيات الأعيان ١ / ٣٠٧.

٢ ـ علل الشرائع : ٢٣٤.

٣ ـ الاعتقادات : ١١٢ ، الفضائل : ١٢٥.

٢٤٧

وعليه فيستبعد صدور مثل هذا الحديث المزعوم منهعليه‌السلام ، لأنّ الفخر ـ أوّلاً وبالذات ـ هو للدين والولاء ، لا للحسب والانتماء العائلي ، خصوصاً لو كان هذا الأخير مناقضاً للأوّل.

ثمّ على صعيد البحث السندي لم نعثر على سند شيعي ـ حتّى لو كان ضعيفاً ـ لهذا القول ، بل هو خبر نقلته مصادر أبناء العامّة ، وحتّى إنّ بعض الكتب الشيعيّة التي ذكرت هذا الخبر أخرجته بإسنادهم(١) ، أو مرسلاً وبدون سند(٢) ، وعلى هذا لا يمكن الاحتجاج أو الاعتماد على هذا الكلام المنسوب.

ويحتمل قويّاً : أن يكون الداعي لوضع هذا الكلام هو ما سمعوه من الإمام الصادقعليه‌السلام بصورة متواترة ، قوله : «قد ولدني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا أعلم كتاب الله »(٣) ، فحوّروه وبدّلوه بذلك الكلام.

نعم ، لا ينكر أنّ نسب الإمامعليه‌السلام يتصلّ عن طريق محمّد ، وعبد الرحمن ابني أبي بكر بأبيهما ، ولكن لا يعقل أن يفتخر الإمامعليه‌السلام بأبي بكر في عمود النسب ، ويدع محمّداً ابنه الذي كان مثالاً في الولاء والتبرّي من أبيه وغيره ممّن ظلموا أهل البيتعليهم‌السلام وغصبوا حقّهم.

( ـ ـ )

توحيد المفضّل والأهليلجة :

س : نسمع أحياناً بتوحيد المفضّل ، وحديث الإهليلجة عن الإمام الصادق عليه‌السلام ، فما هو مضمونها ، وما يقصد الإمام عليه‌السلام فيهما؟

ج : إنّ المفضّل بن عمر الجعفي هو أحد أصحاب الإمامعليه‌السلام الذين جمعوا بين العلم والعمل ، وقد ألقى الإمامعليه‌السلام عليه دروساً في التوحيد ، وهذه هي التي

__________________

١ ـ كشف الغمّة ٢ / ٣٧٤.

٢ ـ عمدة الطالب : ١٩٥.

٣ ـ الكافي ١ / ٦١ و ٢ / ٢٢٣ ، ينابيع المودّة ١ / ٨٠ و ٣ / ٣٦٢.

٢٤٨

تسمّى بتوحيد المفضّل ، وقد أخذ منهعليه‌السلام مشافهةً.

وأمّا الإهليلجة ، فهي أيضاً رسالة في التوحيد ، قد بعثها الإمام الصادقعليه‌السلام للمفضّل ، ليحتجّ بها على منكري المبدأ والتوحيد.

ووجه تسميتها : إنّ الإمامعليه‌السلام قد ردّ فيما قبل على مزاعم بعض الدهريّين ـ وهو طبيب هنديّ ـ وأفحمه بالأدلّة القاطعة على وجود الله تعالى ، وكان هذا الطبيب آنذاك يصنع دواءً للإمامعليه‌السلام من أهليلجة ـ وهو نبت خاصّ ـ فاغتنم الإمامعليه‌السلام هذه الفرصة ، فاستدلّ بهذا المخلوق الصغير وظرائف صنعه على وجود وحكمة الخالق ، ومازال الإمام يساير هذا الطبيب في الكلام ـ ومحور الكلام الإهليلجة ـ إلى أن أرغمه الدليل على الاعتراف بالصانع الواحد.

٢٤٩
٢٥٠

الإمام الكاظم عليه‌السلام :

( حسن الحسيني ـ السويد ـ )

مدّة بقائه في السجن :

س : كم المدّة التي سجن فيها الإمام الكاظم عليه‌السلام ؟ أرجو أن تكون الإجابة دقيقة وصحيحة.

ج : لا يخفى عليكم أنّ مدّة إمامة الإمام الكاظمعليه‌السلام كانت( ٣٥ ) سنة ، عاصر فيها مجموعة من حكّام الجور من بني العباس ، آخرهم هارون الرشيد ، الذي نقله في عدّة سجون ، حتّى أمر بدسّ السمّ إليه فقتله.

ومدّة سجنهعليه‌السلام غير معلومة بالدقّة ، فبعض المؤرّخين من يقول : أربع سنوات(١) ، والآخر يقول : سبع سنوات ، وثالث يقول : أربعة عشر سنة.

وعلى كلّ حال نحن نعلم أنّ الإمامعليه‌السلام قد قضى فترة ليست بقليلة في السجن ، حتّى قتل مظلوماً محتسباً.

( أحمد ـ العراق ـ ٢١ سنة )

غسّله الإمام الرضا :

س : ورد في كتاب الشيعة والتشيّع لاحسان إلهي ظهير : ٢٨٨ ، ما نصّه : « في أنّ الكاظم لم يغسّله إمام كما هو مشروط فيمن يتولّى الإمامة ، لأنّ الرضا كان غائباً عندئذ ».

__________________

١ ـ فهرست أسماء مصنّفي الشيعة : ٢٧٣.

٢٥١

لذا أرجو الردّ على هذه الشبهة ، وشكراً جزيلاً ، ودمتم في رعاية الله .

ج : يتضمّن الردّ عدّة أُمور ، منها :

١ ـ دلّت الروايات المتضافرة ومنها الصحيحة : أنّ الإمامعليه‌السلام لا يغسّله إلاّ إمام مثله ، والصدّيق لا يغسّله إلاّ صدّيق مثله.

٢ ـ وردت أخبار كثيرة أنّ الإمام الرضاعليه‌السلام هو الذي غسّل والده الإمام الكاظمعليه‌السلام ، كما ذكر الشيخ الصدوق ( قدس سره ) في ضمن الروايات الصحيحة الدالّة على كيفية وفاته(١) .

وقد روى الشيخ الكلينيّ ( قدس سره ) بسنده عن أحمد الحلاّل أو غيره عن الإمام الرضاعليه‌السلام قال : قلت له : إنّهم يحاجّونا يقولون : إنّ الإمام لا يغسّله إلاّ الإمام؟ قال : فقالعليه‌السلام : «ما يدريهم من غسّله؟ فما قلت لهم »؟

قال : فقلت : جعلت فداك قلت لهم : إن قال مولاي إنّه غسّله تحت عرش ربّي فقد صدق ، وإن قال : غسّله في تخوم الأرض فقد صدق ، قال : « لا هكذا ».

فقلت : فما أقول لهم؟ قال : « قل لهم : إنّي غسّلته » ، فقلت : أقول لهم إنّك غسّلته؟ فقالعليه‌السلام : « نعم »(٢) .

( عيسى ـ البحرين ـ ٢٧ سنة )

تنوّع علومه :

س : هناك من يقول أنّ موسى الكاظم لم يكن أعلم الناس كما هو مشروط فيمن يتولّى الإمامة ، فكيف يكون الردّ على هكذا قول؟ وجزاكم الله ألف خير وشكراً.

ج : لقد اشتهر كالشمس في رائعة النهار بين الخاصّة والعامّة سعة أُفق علم الأئمّةعليهم‌السلام أجمع ، فضلاً عن الإمام الكاظمعليه‌السلام بذاته.

__________________

١ ـ معجم رجال الحديث ١٨ / ١٦٢ نقلاً عن الصدوق.

٢ ـ الكافي ١ / ٣٨٤.

٢٥٢

أمّا بالنسبة إلى الخاصّة فلا مجال للنقاش أو الشكّ بعد الإقرار بكونهم أئمّة معصومين ، وإنّ علمهم وراثي وإلهامي وتنبّؤي.

وأمّا العامّة بجميع مذاهبها فإنّها أقرّت بسعة علوم أهل البيتعليهم‌السلام ، بما يميّزها عن غيرها.

هذا وقد أشاد الإمام الصادقعليه‌السلام بعلم ولده الكاظمعليه‌السلام ، فقال : « يا عيسى : إنّ ابني هذا الذي رأيت ، لو سألته عمّا بين دفّتي المصحف لأجابك فيه بعلم »(١) ، وقال أيضاً : « وعنده علم الحكمة والفهم ، والسخاء والمعرفة بما يحتاج إليه الناس فيما اختلفوا فيه من أمر دينهم ».

ويكفي لمعرفة وفور علمه رواية العلماء عنه جميع الفنون من علوم الدين وغيرها ، ممّا ملأوا به الكتب ، وألّفوا المؤلّفات الكثيرة ، حتّى عرف بين الرواة بالعالم.

وقال الشيخ المفيد ( قدس سره ) : « وقد روى الناس عن أبي الحسن موسى فأكثروا ، وكان أفقه أهل زمانه »(٢) .

وقد حوىعليه‌السلام علوم جمّة فمنها : علمه باللغات ، وعلمه بالنجوم ، وعلمه بالتاريخ ، وعلمه بالحساب ، وعلمه بالفقه والتفسير ، وعلمه بالطبّ ، وعلمه بالمغيّبات ، وغير ذلك.

__________________

١ ـ قرب الإسناد : ٣٣٥.

٢ ـ الإرشاد ٢ / ٢٣٥.

٢٥٣
٢٥٤

الإمام الرضا عليه‌السلام :

( إيمان ـ البحرين ـ )

تزويجه بنت المأمون :

س : هل صحيح أنّ الإمام الرضا عليه‌السلام تزوّج بنت المأمون؟ وكيف ذلك ، والمأمون يعتبر مغتصب لحقّ الإمام عليه‌السلام في الخلافة؟ ودمتم سالمين.

ج : لا ملازمة بين أن يكون المأمون مغتصباً لحقّ الإمام الرضاعليه‌السلام وبين أن يتزوّج الإمامعليه‌السلام ابنته ، إذ لا يشترط في البنت التي يريد أن يتزوّجها أحد أن يكون أبوها عادلاً غير غاصب للإمامة ، هذا أوّلاً.

وثانياً : فإنّ المعصوم مكلّف بالعمل بالظاهر ، وخير شاهد على ذلك أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يعلم بمن يرتكب المعاصي من الصحابة ، فهل كان يجري عليهم الحدود والتعزيرات من دون أن تقوم عليهم بيّنة؟

ج : لا ، لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله والمعصومعليه‌السلام مكلّف بالعمل بالظاهر ، وما هو عليه الإنسان فعلاً ، مع غضّ النظر عن علمه بما ستكون عاقبته ، لذلك نشاهد أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله تزوّج بعائشة وحفصة ، وكذلك قال تعالى :( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ) (١) .

وثالثاً : كما أنّ ولاية العهد كانت مؤامرة أجبر المأمونُ الإمامَ الرضاعليه‌السلام على قبولها ، كذلك تزويج المأمون ابنته أُمّ حبيب لهعليه‌السلام ، وضرب اسم الإمامعليه‌السلام

__________________

١ ـ التحريم : ١٠.

٢٥٥

على الدنانير والدراهم ، كلّ ذلك كان من المخطط الذي رسمه المأمون ، وأُجبر عليه الإمامعليه‌السلام .

هذا ، ونعلمكم بأنّ كلّ مخطّطات المأمون باءت بالفشل ، وذلك بتدبير من الإمام الرضاعليه‌السلام ، حيث كشف المأمون على حقيقته للناس.

( ـ ـ )

إصرار المأمون عليه بقبول ولاية العهد :

س : لماذا كان المأمون يصرّ على الإمام الرضا عليه‌السلام قبوله ولاية العهد؟ فهل كان يعتقد بإمامته؟

ج : لا يعقل التزام المأمون بمبدأ الإمامة ، وإلاّ كان يجب عليه أن لا يتولّى الحكم بنفسه ابتداء ، أو تنحّيه ثانيةً ، وشيء من هذا لم يحصل ، بل كلّ ما في الأمر أنّه اقترح التنازل عن السلطة لصالح الإمامعليه‌السلام ، وعندما رأى مخالفة الإمامعليه‌السلام أجبره في قبول ولاية العهد ، وذلك لأسباب معيّنة ودواعي غير خفية :

منها : ـ وهو الأهمّ ـ إنّه أراد أن يحتوي الحركات الشيعيّة والموالية لأهل البيتعليهم‌السلام ، فدخول الإمامعليه‌السلام في السلطة يعني إعطاء الصفة الشرعية لها ـ على حدّ زعمه ـ وقد استطاع بهذا الاحتيال امتصاص نقمة الشيعة على العباسيّين إلى حدّ كبير ، فلا ترى لتلك الحركات شيء يذكر بعد هذا الحدث التاريخيّ.

ومنها : إنّ الخطّ العباسيّ ـ على نحو العموم ـ كان يميل مع محمّد الأمين ، أخ المأمون ، وبعد هزيمته وقتله بقي الحقد الدفين في نفوس بني العباس ، فأراد المأمون بتنفيذه خطّة ولاية العهد أن يكسر شوكة مناوئيه في العائلة المالكة ، ويفرض سلطته عليهم ، ويبعد العباسيّين عن دفّة الحكم بقدر الإمكان.

وقد نجح في هذا المجال ، بحيث أحدثت العملية ضجّة علنية في أوساطهم ، تنكّروا لها بين آونة وأُخرى ، وعندئذ اشترط المأمون عليهم الولاء لنفسه إزاء إرجاع الخلافة إلى مجاريها المتعارفة عندهم ، فسلّموا له الأمر ، وكان هذا أيضاً فوزاً عظيماً له في داخل الخطّ العباسيّ.

٢٥٦

ومنها : إنّ المأمون كان يعتبر نفسه أعلم من أمثال أبي بكر وعمر وغيرهما ، فكان لا يرى لمعظم تصرّفاتهما ـ ومنها غصب الخلافة ـ وجهاً صحيحاً طالما كان المنازع لهما أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، ومن هذا المنطلق كان ينتقدهما بصراحة ، ولكن بما أنّه كان يواجه الصعوبات في هذه المواجهة اضطرّ إلى الاستمداد من الإمامعليه‌السلام في المقام ، فكفاه الإمامعليه‌السلام ـ وهو جدير بذلك ـ فترى أنّه كان يعقد مجالس المناظرة والبحث في سبيل إثبات أولوية أهل البيتعليهم‌السلام ، والحطّ من كرامة علماء العامّة ، والنيل من التراث المصطنع عندهم.

وهذا لا يعني بالملازمة اعتقاد المأمون بإمامة أهل البيتعليهم‌السلام ، بل كان يريد إثبات عدم شرعية سبق الأوّل والثاني وأتباعهما على الآخرين ، ثمّ يبرهن على أفضليّته عليهم لمعرفة هذه الحقائق وتسليمه للحقّ.

( ـ البحرين ـ )

نسب السادة الرضوية :

س : إلى من ينتسبون السادات الرضوية؟

ج : الظاهر أنّهم من أعقاب الإمام الجوادعليه‌السلام ، إذ لم يكن للإمام الرضاعليه‌السلام ولد غيره على المشهور.

وأمّا حكمة تسميتهم بالسادات الرضوية بدلاً من السادات الجوادية أو التقوية ، فيحتمل أن يكون بسبب شهرة الإمام الرضاعليه‌السلام عند العامّة والخاصّة ، حتّى أنّ عدداً من الأئمّةعليهم‌السلام من ولده كانوا يعرفون بـ « ابن الرضا » عند الناس.

( ـ السعودية ـ )

علّة استشهاده :

س : هناك من يقول بأنّ الإمام الرضاعليه‌السلام مات حتف أنفه ، أو سمّه غير المأمون العباسيّ ، أو غير ذلك من العلل التي تدفع عن المأمون تهمة القتل.

٢٥٧

وقد يؤيّد هذا البعض رأي بعض علماء الشيعة كالأربليّ صاحب كشف الغمّة ، والسيّد ابن طاووس ، والشيخ المفيد ، فما مدى صحّة هذا القول؟ وهل يوجد من أهل السنّة من يسند القتل المذكور إلى المأمون؟

ج : ممّا تسالم عليه الشيعة هو : أنّ الإمام الرضاعليه‌السلام قد استشهد مسموماً على يد المأمون ، وإن نسب إلى الشيخ المفيد والسيّد ابن طاووس ما يوهم توقّفهما في ذلك ، أو أنّ الأربليّ قد مال إلى خلاف ذلك في كتابه « كشف الغمّة ».

وممّا يوهن الرأي المخالف هو : أنّ النسبة المذكورة غير ثابتة ، وأنّ الأربليّ قد أبدى استنتاجه الحدسي في الموضوع ، وهذا لا يقابل الإخبارات الحسّية عن الواقع المذكور.

( ـ ـ )

ولاية عهده كانت خطّة مدروسة من قبل المأمون :

س : ما هو الدليل على أنّ المأمون لم يكن صادقاً مع الإمام الرضا عليه‌السلام في ترشيحه لولاية العهد؟

ج : لا مجال لأن نتوهّم صدق المأمون مع الإمام الرضاعليه‌السلام في الموضوع ، وذلك لعدّة أُمور :

منها : إنّ المأمون حاول إقناع الإمامعليه‌السلام لقبول الخلافة ، وأصرّ على ذلك بشدّة ، ثمّ لمّا رأى رفض الإمامعليه‌السلام عدل عن ذلك ، وطلب منهعليه‌السلام قبول ولاية العهد.

فنرى أنّه يحاول بشتّى الوسائل ربط الإمامعليه‌السلام بدائرة الحكم ليس إلاّ ، فإن لم يستطع ذلك بالخلافة استبدله بولاية العهد ، وهذا صريح في سوء سريرته.

منها : تهديده الإمامعليه‌السلام في المسألة(١) ، فإن كان الإمامعليه‌السلام هو الأولى في

__________________

١ ـ علل الشرائع ١ / ٢٣٨ ، عيون أخبار الرضا ١ / ١٥٢ ، الأمالي للشيخ الصدوق : ١٢٦ ، روضة الواعظين : ٢٢٤ ، مقاتل الطالبيين : ٣٠١ ، مناقب آل أبي طالب ٣ / ٤٧٢.

٢٥٨

الموضوع فما معنى اجباره على ذلك ، إذ هوعليه‌السلام يعرف المصلحة ويتصرّف على وفقها.

منها : ارتباكه في توضيح الهدف من عمله هذا ، فتراه تارةً يريد به مكافأة علي ابن أبي طالبعليه‌السلام في ولده(١) ، وأُخرى حرصه على طاعة الله تعالى وخير الأُمّة(٢) ، وأحياناً وفاؤه بنذره في ظفره بأخيه(٣) ، بل ورابعة بأنّه أراد بذلك التشويه بسمعة الإمامعليه‌السلام عند الشيعة وتمويه الأمر عندهم.

منها : إنّ خطّ السير من المدينة إلى مرو كان عن طريق المدن السنّية ، مثل البصرة ونيشابور ، ولم يتح الوفد للإمامعليه‌السلام أن يمرّ بالمناطق الشيعيّة مثل قم وكاشان ، وهذا أيضاً دليل واضح على عدم حسن نوايا المأمون ، إذ كان لا يريد أن يظهر الإمامعليه‌السلام لمواليه ويتّصل بهم.

ومنها : غير ذلك ممّا يجعلنا على يقين من خبث سريرة المأمون في معاملته مع الإمامعليه‌السلام ، وأنّ ما تظاهر به آنذاك كان لأسباب خاصّة تصبّ جميعها في مصلحته.

( علي. البحرين ـ ٢٢ سنة ـ طالب جامعة )

كان أسمر شديد السمرة :

س : هل صحيح بأنّ الإمام الرضا عليه‌السلام كان أسمر اللون؟ إن كان كذلك أو لم يكن ما هو الدليل؟ ولكم جزيل الشكر.

ج : قد ذكر المؤرّخون أنّ الإمام كان أسمر شديد السمرة.

وكان أعداء أهل البيتعليهم‌السلام يشنعون على الإمام بسمرته ويصفونه بالسواد ، وقد قال ابن المعتّز مشنّعاً على الإمامعليه‌السلام :

__________________

١ ـ تاريخ الخلفاء : ٣٠٨ ، تذكرة الخواص : ٣١٩.

٢ ـ البداية والنهاية ١٠ / ٢٦٩.

٣ ـ إعلام الورى ٢ / ٧٣ ، مقاتل الطالبيّين : ٣٧٥ ، الإرشاد ٢ / ٢٦١ ، كشف الغمّة ٣ / ٧٠.

٢٥٩

وقالوا إنّه ربّ قدير

فكم لصق السواد به لصوقا

وهناك قول آخر يصف الإمامعليه‌السلام بأنّه أبيض معتدل القامة ، ولا يمكن وفقاً لما موجود من الأخبار البتّ في صفة الإمامعليه‌السلام الحقيقية ، ولكن أكثر المؤرّخين رجّحوا سمرة الإمام لكثرة الأخبار في ذلك دون الأخبار الأُخرى.

ولعلّ للمحيط الذي عاش به الإمامعليه‌السلام في كون غالبية أهله من البيض أثر في إظهار سمرته ، ممّا أدّى بأعدائه أن لا يجدوا شيئاً يعيبون به الإمام غير ذلك ، وإلاّ فهو كأجداده ، بل وصفه بعضهم بأنّه شديد الشبه بجدّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٢٦٠

الإمام الجواد عليه‌السلام :

( صادق اللواتي ـ عمان ـ )

صغر السن :

س : ما هو الدليل على إمامة الإمام الجواد عليه‌السلام ؟ مع أنّه كان صغير السن؟

ج : إن كان الإشكال في السنّ فقد ثبت عدم دخل العمر في شرط الإمامة والقيادة عقلاً ونقلاً.

أمّا عقلاً ، فلا دليل على استحالة ذلك ، فيكون من الممكنات.

وأمّا نقلاً ، فهنالك آيات وروايات كثيرة ، ثبت من خلالها إمكان بل وقوع الإمامة والقيادة للأُمّة بسنّ صغير ، وهذا عيسىعليه‌السلام يشهد له القرآن بذلك ، إذ يقول :( قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ) (١) ، وكذلك تحدّث عن يحيىعليه‌السلام فقال :( يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) (٢) .

وإن كان الإشكال في شيء آخر فأخبرنا ونحن لك من الشاكرين.

( ـ البحرين ـ )

مشابهته لبعض الأنبياء :

س : لمّا ولد الإمام الجواد عليه‌السلام قال الإمام الرضا عليه‌السلام لأصحابه : « قد ولد لي

__________________

١ ـ مريم : ٢٩ ـ ٣٠.

٢ ـ مريم : ١٢.

٢٦١

شبيه موسى بن عمران فالق البحار ، وشبيه عيسى بن مريم »(١) .

فما هو وجه الشبه بين الإمام الجوادعليه‌السلام وبين هذين النبيّين عليهما‌السلام ؟

ج : الظاهر أنّ الإمام الرضاعليه‌السلام يقصد بكلامه هذا ـ على فرض صحّة الرواية سنداً ـ بأنّ ولده الإمام الجوادعليه‌السلام قد شاءت المصلحة الإلهيّة أن لا يولد في أيّام شباب الوالدعليه‌السلام ، بل ولد يوم كان عمر الإمام الرضاعليه‌السلام خمسة وأربعين سنة تقريباً ، وهذا التأخير كان تمحيصاً شديداً وابتلاءً عظيماً للمؤمنين( حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ) (٢) ، بحيث إنّ البعض قد بدأ يشكّك في مصداقية إمامة الإمام الرضاعليه‌السلام لعدم وجود عقب له ، فمن هذه الجهة تشابهت قصّة ولادتهعليه‌السلام بموسىعليه‌السلام ، حيث إنّ بني إسرائيل يئسوا من ظهور المنقذ لهم من ظلم فرعون بسبب تأخيره ، حتّى أتاهم بعد فترة من الامتحان والاختبار.

وأمّا وجه الشبه بينهعليه‌السلام وعيسىعليه‌السلام فهو أنّ عيسىعليه‌السلام آتاه الله تعالى الكتاب والنبوّة وهو طفل رضيع ، وتكلّم في المهد وهو صبيّ ، كذلك الإمام الجوادعليه‌السلام آتاه الله الإمامة وهو طفل ، وكان يكلّم الناس بكلام الحكماء والعرفاء ، وهو في مرحلة الطفولة.

( ـ محمّد ـ )

إجابته على مسائل كثيرة في مجلس واحد :

س : ما تقولون في حديث ورد في بعض الكتب عن الإمام الجواد عليه‌السلام ، أنّه أجاب على ثلاثين ألف مسألة في مجلس واحد؟ فهل هذا ممكن عقلاً؟ وهل يمكن إسناده إلى المعصوم عليه‌السلام ؟

ج : نعم ، جاء هذا الخبر في بعض مصادر الحديث بدون الإسناد إلى كلام

__________________

١ ـ بحار الأنوار ٥٠ / ١٥ عن عيون المعجزات.

٢ ـ آل عمران : ١٧٩.

٢٦٢

الإمامعليه‌السلام ، بل إنّه من كلام إبراهيم بن هاشم راوي الواقعة(٢) .

ومن هنا يجب أن نلاحظ نقطتين :

١ ـ إنّ مراجعة الأئمّةعليهم‌السلام من قبل الشيعة وغيرهم أمر طبيعي ، خصوصاً عند وفاة الإمام السابق ، وابتداء إمامة اللاحق ، فكانوا يأتونه لمعرفة إمامهم والتيقّن من شخصه ، وتمييزه عن غيره في تلك الظروف الصعبة ، وعليه فالظاهر أنّ هذا الخبر ثابت من حيث المضمون.

٢ ـ ومع التسليم لأصل القضية ، يمكن توجيه مواصفاتها المذكورة بعدّة صور ، ذكر بعضها العلاّمة المجلسيّ في « بحار الأنوار » في ذيل الحديث(١) .

والذي يبدو منها قريباً إلى الواقع هو : إنّ الإمامعليه‌السلام قد تكلّم بقواعد عامّة تتفرّع منها مسائل كثيرة ، فيصحّ أن يعبّر في المقام : إنّهعليه‌السلام أجاب على كلّ هذه الأسئلة ، والعلم عند الله تعالى.

( ـ السعودية ـ )

تولّى بنفسه تجهيز والده :

س : هل أنّ الإمام الجواد عليه‌السلام قد أتى إلى طوس من المدينة بصورة غير عادية لتجهيز أبيه الإمام الرضا عليه‌السلام والصلاة عليه ، كما تتحدّث بعض الأخبار بهذا؟ وهل هذا ممكن عقلاً؟ ثمّ كيف ينكره السيّد المرتضى (٢) ولا يلتزم بهذا الأمر؟

ج : أطبقت الشيعة بعلمائها وغيرهم على أنّ المتولّي لتجهيز الإمام السابق والصلاة عليه لا يكون إلاّ الإمام اللاحق ، وهذا رأيهم يعتمد على أحاديث كثيرة وردت في هذا المجال.

__________________

١ ـ الكافي ١ / ٤٩٦ ، كشف الغمّة ٣ / ١٥٦ ، مناقب آل أبي طالب ٣ / ٢٩٠.

٢ ـ بحار الأنوار ٥٠ / ٩٣.

٣ ـ رسائل المرتضى ٣ / ١٥٦.

٢٦٣

ثمّ لا يخفى أنّ موضوع طيّ الأرض ليس فيه أيّ حظر عقليّ من جهة الإمكان ، فهو ممكن وواقع عقلاً ونقلاً ، كما ورد في القرآن الكريم في قصّة إحضار عرش بلقيس عند سليمانعليه‌السلام .

وأمّا المحاذير التي ذكروها في المقام فليست هي إلاّ وجوه استبعادية لا تفيد الجزم بالمنع.

وأمّا إنكار السيّد المرتضى للموضوع وملازماته فهو بسبب التزامه بمبنى عدم قبول خبر الواحد في باب الأخبار ، أي أنّه لا يرى أخبار المقام في حدّ التواتر أو الاستفاضة حتّى تفيد علماً له ، وهذا المبنى مردود عند المحققّين كما قرّر في علم الأُصول.

فالنتيجة : إنّ إنكاره لا يدلّ على نفي الواقع ، بل هو رأي خاصّ به ، قد ثبت بطلانه بأدلّة وافية وشافية.

وعليه ، فالإمام الجوادعليه‌السلام ـ وكذا باقي الأئمّةعليهم‌السلام ـ قد حضروا وتولّوا تجهيز آبائهم والصلاة عليهم.

وأمّا ما روي من تولّي هذه المراسيم بيد الآخرين فهي ـ مع فرض صحّة أسانيدها ـ لا تنفي ما ذكرناه ، فقد يجوز أن يكون ذلك على مستوى الظاهر ولحفظ حالة التقية والكتمان.

( عبد الله )

إمامته في صغر سنّه :

س : هناك من يعترض على إمامة الإمام الجواد عليه‌السلام لصغر سنّه (١) ، ويؤيّد كلامه بوجود اختلاف بين الشيعة نفسهم في ذلك ، نقلاً عن كتاب فرق الشيعة (٢) .

__________________

١ ـ بين الشيعة وأهل السنّة : ٥٥.

٢ ـ فرق الشيعة : ٨٨.

٢٦٤

فإنّه يذكر : إنّ بعض الشيعة أنكروا إمامته مستدلّين بأنّ الإمام لا يجوز أن يكون إلاّ بالغاً ، ولو جاز أن يأمر الله تعالى بطاعة غير البالغ لجاز أن يكلّف الله غير البالغ ، والتالي باطل فالمقدّم مثله .

كيف نردّ عليهم هذه الدعوى والاستدلال الباطل ؟

ج : نختصر الجواب في عدّة نقاط :

١ ـ صغر السنّ بما هو لا يكون مانعاً عقلاً في المقام ، فلا نرى فيه أيّ محذور كما هو واضح.

وأمّا نقلاً ، فمضافاً إلى عدم ورود منع شرعي لذلك جاء في القرآن الكريم( وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) (١) ، فالاستبعاد في الموضوع لا يرجع إلى شيء.

٢ ـ إنّ كتاب « فرق الشيعة » للنوبختي لم يصل إلينا بطريق وسند صحيح يمكن الاعتماد عليه ، كما هو رأي المحقّقين.

نعم ثبت في محلّه بأنّ النوبختي كان له كتاب بهذا الاسم ، ولكن لا يمكننا الجزم بأنّ هذه النسخة المتداولة هي الأصل ، بل من المحتمل والمظنون قويّاً تلاعب بعض الأيدي في متنها.

٣ ـ لا ملازمة بين عدم تكليف غير البالغ وموضوع الإمامة والنبوّة ، فإنّهما رتبتان يهبهما الله تعالى حيث يشاء من عباده وفقاً للمصلحة التي يراها.

وأمّا عدم تكليف الصبي فهو امتنان وشفقة عليه ، أي إنّه من باب رفع المشقّة ، لا أنّه لا يصحّ تكليفه عقلاً ، ألا ترى صحّة عباداته ومشروعيّتها على المشهور.

وبعبارة واضحة : إنّ الصبي ـ وعلى الأخصّ المميّز منه ـ قد رفع عنه التكليف لصالحه ، ولكن النبوّة والإمامة أمران إلهيان يضعهما الله تعالى في مواضع قد قدّر استيعابهما فيها مسبقاً ، فلا امتنان في رفعهما عن تلك المواضع.

٤ ـ ولو سلّمنا أنّ بعض الشيعة أنكر إمامته لصغر سنّه فهؤلاء حينئذ لا يطلق

__________________

١ ـ مريم : ١٢.

٢٦٥

عليهم شيعة اثنى عشرية ، فحالهم حال الشيعة الإسماعيلية حين أنكروا إمامة الإمام الكاظمعليه‌السلام ، وحالهم حال الشيعة الزيدية حين أنكروا إمامة الإمام الباقرعليهم‌السلام .

( حسين جبّاري ـ البحرين ـ ٢٣ سنة ـ طالب )

ردّه على ثلاثين ألف مسألة في مجلس واحد :

س : لقد قرأت كتيّب بعنوان « المسلم » للسيّد الشيرازي ، وقد لفتت انتباهي رواية عن أحد الأئمّة عليهم‌السلام ، بأنّه قد ردّ على ثلاثين ألف مسألة في جلسة واحدة ، وهذا الكلام غير منطقيّ ، لأنّنا لو قلنا : إنّ الجلسة كانت مدّتها ٢٤ ساعة ، وقد تمّ طرح مسألة والإجابة عليها في كلّ دقيقة ، فأنّنا نرى أن ربع هذا الرقم لم نصل إليه ، فما هو ردّكم؟ ولكم جزيل الشكر.

ج : الظاهر أنّك تقصد الرواية التي رواها ابن شهر آشوب في « مناقب آل أبي طالب » ، عن إبراهيم بن هاشم عن مجلس اجتمع فيه الناس للاستفادة من الإمام الجوادعليه‌السلام ، وهو ابن عشر سنين ، هذه الروايات إن صحّ سندها ـ كما هو غير بعيد ، يمكن توجيها بعدّة وجوه أهمّها :

١ ـ إنّ المقصود بالجلسة مجلس الاستفادة ، ولعلّه امتدّ أيّاماً وأسابيع ، وعبّر عنها بمجلس واحد ، لأجل أنّها عقدت لإثبات عظمة الإمام رغم صغر سنّه ، وعجز غيره عن مجاراته ومناظرته ، رغم كثرتهم وكبر سنّهم ، فهو مجلس واحد لأجل وحدة الغرض.

٢ ـ إنّ المقصود بالتعبير الوارد في الرواية والعدد المذكور الجزئيات والفروع التي استفيدت من القواعد التي أُسّست من قبل الإمامعليه‌السلام ، وهذا مثل ما يظهر من قوله سبحانه :( وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) (١) ، وقوله :

__________________

١ ـ الأنعام : ٥٩.

٢٦٦

( وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) (١) بناء على أنّ المقصود بالكتاب هو القرآن.

فكما يمكن أن يحتوي القرآن على كلّ ما أُشير إليه رغم محدوديّته من حيث الألفاظ ، كذلك يمكن أن يحتوي كلام الإمام على أُسس وقواعد ليستخرج منها حكم فروع كثيرة.

وأيضاً قال الله سبحانه :( ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِيَ أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ ) (٢) ، ومعلوم أنّ توراة موسى كان كتاباً محدود الكلمات ، ومع ذلك احتوى تفصيلاً لكلّ شيء.

وقال في موضع آخر :( وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ ) (٣) ، وأشار سبحانه إلى احتواء القرآن بقوله :( وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً ) (٤) ، وإلى هذا المعنى يشير أمير المؤمنينعليه‌السلام في قوله : « علّمني رسول الله ألف باب من العلم ، فتح لي كلّ باب ألف باب »(٥) .

وقد قال بعض : إنّه استنبط من قول الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا ضرر ولا ضرار » أكثر من ألف حكم.

__________________

١ ـ يونس : ٦١.

٢ ـ الأنعام : ١٥٤.

٣ ـ الأعراف : ١٤٤.

٤ ـ الإسراء : ١٢.

٥ ـ الفصول المختارة : ١٠٧ ، إعلام الورى ١ / ٢٦٧.

٢٦٧
٢٦٨

الإمام الهادي عليه‌السلام :

( عيسى ـ الكويت ـ ٣١ سنة )

علمه وإخباره بموت الواثق :

س : هناك من يقول أنّ علي الهادي لم يكن أعلم الناس حسبما هو مشروط فيمن يتولّى الإمامة ، فكيف يكون الردّ على هذا القول؟ وجزاكم الله خيراً.

ج : لقد اشتهر كالشمس في رائعة النهار بين الخاصّة والعامّة سعة أُفق علم الأئمّةعليهم‌السلام أجمع ، فضلاً عن الإمام الهاديعليه‌السلام بذاته.

أمّا بالنسبة إلى الخاصّة فلا مجال للنقاش أو الشكّ بعد الإقرار بكونهم أئمّة معصومين ، وأنّ علمهم وراثي وإلهامي.

وأمّا العامّة بجميع مذاهبها فإنّها أقرّت بسعة علوم أهل البيتعليهم‌السلام ، بما يميّزها عن غيرها.

ومن الأخبار التي تدلّ على سعة الإمام الهاديعليه‌السلام إخباره بموت الواثق ، فعن خيران الأسباطيّ قال : « قدمت على أبي الحسنعليه‌السلام المدينة فقال لي : «ما خبر الواثق عندك »؟ قلت : جعلت فداك خلّفته في عافية ، أنا من أقرب الناس عهداً به ، عهدي به منذ عشرة أيّام ، قال : فقال لي : «إنّ أهل المدينة يقولون إنّه مات » ، فلمّا أن قال لي : الناس ، علمت أنّه هو.

ثمّ قال لي : «ما فعل جعفر »؟ قلت : تركته أسوأ الناس حالاً في السجن ، فقال : «أمّا إنّه صاحب الأمر ، ما فعل ابن الزيات »؟ قلت : جعلت فداك الناس معه والأمر أمره.

٢٦٩

فقال : «أمّا إنّه شؤم عليه » ، ثمّ سكت وقال لي : «لابدّ أن تجري مقادير الله تعالى وأحكامه ، يا خيران مات الواثق ، وقد قعد المتوكّل جعفر ، وقد قتل ابن الزيات » ، فقلت : متى جعلت فداك؟ قال : «بعد خروجك بستّة أيّام »(١) .

( إبراهيم ـ كندا ـ ٢٣ سنة )

دفن في بيته :

س : لماذا دفن الإمام علي الهادي عليه‌السلام في بيته؟ وشكراً لكم.

ج : السبب في دفنهعليه‌السلام في بيته يعود إلى حصول ردود الفعل من الشيعة يوم استشهادهعليه‌السلام ، وذلك عندما اجتمعوا لتشييعه مظهرين البكاء والسخط على السلطة ، والذي كان بمثابة توجيه أصابع الاتهام إلى الخليفة لتضلّعه في قتله.

وللشارع الذي أخرجت جنازة الإمامعليه‌السلام إليه الأثر الكبير ، حيث كان محلاً لتواجد معظم الموالين لآل البيتعليهم‌السلام ، أو من يحمل بين حنايا ضلوعه ولاء أهل البيتعليهم‌السلام ، من الجند والقوّاد والكتّاب.

كلّ هذا أدّى إلى اتخاذ السلطة القرار بدفنهعليه‌السلام في بيته ، وإن لم تظهر تلك الصورة في التاريخ بوضوح ، إلاّ أنّه يفهم ممّا تطرّق إليه اليعقوبيّ في تاريخه عند ذكر حوادث عام ( ٢٥٤ هـ ) ، ووفاة الإمام الهاديعليه‌السلام حيث يقول : « وبعث المعتزّ بأخيه أحمد بن المتوكّل ، فصلّى عليه في الشارع المعروف بشارع أبي أحمد ، فلمّا كثر الناس واجتمعوا كثر بكاؤهم وضجّتهم ، فردّ النعش إلى داره ، فدفن فيها »(٢) .

وتمكّنوا بذلك من إخماد لهيب الانتفاضة والقضاء على نقمة الجماهير الغاضبة.

__________________

١ ـ الكافي ١ / ٤٩٨.

٢ ـ تاريخ اليعقوبيّ ٢ / ٥٠٣.

٢٧٠

( علي ـ العراق ـ ١٩ سنة )

حذّر من ابنه جعفر :

س : هل حذّر الإمام الهادي من ابنه جعفر الكذّاب؟ ودمتم سالمين.

ج : لقد حذّر الإمام الهاديعليه‌السلام شيعته ومواليه من ابنه جعفر واتباعه ، فإنّه كان يقول لهم : تجنّبوا جعفراً فإنّه منّي بمنزلة نمرود من نوح الذي قال الله عزّ وجلّ فيه :( فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ ) (١) .

قال الله :( قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ) (٢) .

وقد حذّر منه أيضاً الإمام العسكريّعليه‌السلام بقوله : « الله الله أن يظهر لكم أخي جعفر على سرّ ، ما مثلي ومثله إلاّ مثل هابيل وقابيل ابني آدم ، حيث حسد قابيل هابيل على ما أعطاه من الحاشية ، ولو تهيّأ لجعفر قتلي لفعل ، ولكن الله غالب على أمره »(٣) .

__________________

١ ـ هود : ٤٥.

٢ ـ هود : ٤٦.

٣ ـ مدينة المعاجز ٧ / ٦٦٤.

٢٧١
٢٧٢

الإمام العسكريّ عليه‌السلام :

( ـ مسلم ـ )

روي عنه أحاديث قليلة :

س : لماذا معلوماتنا قليلة وشحيحة عن الإمام الحسن العسكريّ؟ على الرغم أنّه آخر الأئمّة ، وقبل الإمام المهديّعليه‌السلام ، ومن المفروض أن نكون أكثر علماً عنه ، ونقل عنه.

إلاّ أنّنا نجد النقل أكثر عن الإمام جعفر الصادق ، ونرى نهج البلاغة ، ونرى القليل عن رسول الله ، أوّل من جاء بخبر السماء ، كما أنّنا لا نرى روايات عن الإمام العسكريّ.

ج : إنّ قلّة أحاديثنا عن الإمام العسكريّعليه‌السلام ترجع إلى أمرين : قصر عمره الشريف ، وإبقائه تحت الرقابة الشديدة.

فالحقيقة إنّ الإمامعليه‌السلام قد ولد في سنة ٢٣٢ هـ ، واستشهد مسموماً في سنة ٢٦٠ هـ ، فعمره الشريف يكون ٢٨ سنة.

مضافاً إلى أنّهعليه‌السلام قد شخص إلى العراق مع والدهعليه‌السلام ، منذ سنة ٢٣٦ هـ ، وأُجبر على الإقامة في مدينة سامراء ـ عاصمة العباسيّين آنذاك ـ حتّى تكون عيون الحكومة على معرفة قريبة من شؤونه ، واتصال الشيعة به ، وفي هذه الظروف كان من الصعب الوصول إليه ، وتلقّي الأحاديث والعلوم والمعارف منهعليه‌السلام .

وهذا بخلاف المقطع الذي عاشه الإمام الصادقعليه‌السلام ، إذ صادف زمان انهيار

٢٧٣

الحكم الأمويّ وظهور العباسيّين ، فاشتغال الظالمين بالظالمين قد أنتج فرصة ذهبية للإمامعليه‌السلام في سبيل بثّ علوم أهل البيتعليهم‌السلام وأحاديثهم ، وهذا سرّ كثرة الروايات عنهعليه‌السلام .

وأمّا الرواية عن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله فهي أحاديث أهل البيتعليهم‌السلام ، أي إنّ أحاديثهم ـ بعقيدتنا ـ هي أحاديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا غير ، وهي ليست بالقليل كما هو واضح ، لمن راجع المجامع الحديثية للشيعة.

( محامي الشيعة ـ السعودية ـ )

المعتمد دسّ إليه السمّ :

س : على يد مَن قتل الإمام الحسن العسكريّ عليه‌السلام ؟

ج : قال ابن الصبّاغ المالكيّ في « الفصول المهمّة » ما نصّه : « ذهب كثير من الشيعة إلى أنّ أبا محمّد الحسن مات مسموماً ، وكذلك أبوه وجدّه ، وجميع الأئمّة الذين من قبلهم ، خرجوا كلّهم تغمّدهم الله برحمته من الدنيا على الشهادة ، واستدلّوا على ذلك ، بما روي عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال : «ما منّا إلاّ مقتول أو شهيد »(١) .

ونقل العلاّمة المجلسيّ في « بحار الأنوار » عن كتاب « المصباح » للشيخ الكفعميّ ( قدس سره ) ، أنه قال : « توفّيعليه‌السلام في أوّل يوم من ربيع الأوّل » ، وقال في موضع آخر : « في يوم الجمعة ثامنه ، سمّه المعتمد »(٢) .

نعم المعتمد العباسيّ ـ الحاكم آنذاك ـ دسّ السمّ إلى إمامنا العسكريّعليه‌السلام ، ومات مسموماً مظلوماً.

__________________

١ ـ الفصول المهمّة : ٢٩٠.

٢ ـ بحار الأنوار ٥٠ / ٣٣٥.

٢٧٤

( ـ ـ )

مدّة إمامته :

س : إمامة أيّ من الأئمّة عليهم‌السلام كانت أقصر من الآخرين؟ رجاءً مع ذكر سنين إمامته.

ج : هو الإمام الحادي عشر من أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام ، أبو محمّد الحسن بن علي العسكريّعليهما‌السلام ، فقد ولدعليه‌السلام في سنة ٢٣٢ هـ ، وتولّى منصب الإمامة في سنة ٢٥٤ هـ ، واستشهد في سنة ٢٦٠ هـ ، وعليه ففترة إمامته كانت ستّ سنوات ، وبهذا تكون مدّة إمامته أقلّ فترةً من جميع آبائه المعصومينعليهم‌السلام .

منع من الحج :

س : نسمع أحياناً أنّ الإمام العسكريّ عليه‌السلام لم يحجّ ، فهل هذا صحيح؟ وإن كان صحيحاً فما وجهه؟

ج : نعم ، بحسب النصوص الروائية والتاريخية فإنّ الإمام العسكريّعليه‌السلام لم تتح له فرصة الذهاب إلى الحجّ ، وبهذا هو الإمام الوحيد الذي منع من أداء مناسك الحجّ والعمرة ، ولتوضيح المسألة يلاحظ :

أوّلاً : إنّ الإمام العسكريّعليه‌السلام خرج من المدينة نحو العراق في سنة ٢٣٦ هـ ، مع والده الإمام الهاديعليه‌السلام ؛ وبما أنّ ولادتهعليه‌السلام كانت في سنة ٢٣٢ هـ ، فهذا يعني أنّهعليه‌السلام كان له من العمر أربع سنوات حينما اصطحبه والده في سفره إلى سامراء.

ثانياً : كما نعرف أنّ المجيء إلى سامراء كان بصورة جبرية من قبل الخليفة العباسيّ ـ المتوكّل ـ ، فمن الطبيعي أن تكون الإقامة أيضاً جبرية ، وهذا يعني عدم الخيار في الخروج منها حتّى لسفر الحجّ.

فبقي هو مع أبيهعليهما‌السلام تحت الرقابة الشديدة إلى زمان استشهادهماعليهما‌السلام .

ثالثاً : كلّ ما ذكرناه هنا فهو على ضوء الأدلّة الظاهرية ، وعليه فلا ننفي إمكانية خروج الإمامعليه‌السلام عن البلد ، ومحلّ الإقامة الجبرية بصور الإعجاز

٢٧٥

وخرق العادة ، إذ هذا أمر طبيعيّ بالنسبة لأئمّة أهل البيتعليهم‌السلام .

ولكن على مستوى الوضع الظاهريّ كانعليه‌السلام قد فرض عليه الإقامة الجبرية في سامراء من أيّام الطفولة حتّى يوم استشهاده ، فلم يمكن التخلّص من الوضع الراهن والذهاب إلى الحجّ.

( ـ ـ )

إمامته منصوصة :

س : ما هي الحكمة من وراء إمامة الإمام العسكريّ عليه‌السلام ؟ وعدم حصولها لبقية أخوته مثل سيّد محمّد ، أو جعفر أو غيرهما ، مع أنّهما كانا أكبر من الإمام العسكريّ عليه‌السلام من ناحية العمر؟

ج : نلفت انتباهكم في الجواب إلى نقطتين :

الأُولى : إنّ الإمامة بحسب اعتقادنا ـ نحن الشيعة ـ أمر إلهي ، ولا تخضع لقوانين الوراثة ، أو أيّ موضوع آخر ، فيجب فيها اتّباع النصّ ، وعدم الاعتماد على الظنون والتخرّصات ، وقد وردت عدّة نصوص عامّة وخاصّة دالّة على إمامة الإمام العسكريّعليه‌السلام .

الثانية : وعلى فرض التنزّل والتسليم يمكننا البحث في الموردين المذكورين في السؤال.

ومجمل القول هو : إنّ السيّد محمّد قد توفّي في حياة والده الإمام الهاديعليه‌السلام ، وبهذا قد انتفى افتراضه كإمام ، أي إنّ إمامته انتفت بانتفاء موضوعه.

ولا يخفى أنّ لهذا السيّد شأناً كبيراً ، ومقاماً عالياً عند أهل البيتعليهم‌السلام ، وعند الشيعة ، ولكنّ الله تعالى شاء وقدّر ما كان وما يكون.

وأمّا جعفر ، وهو الملقّب بالكذّاب عند الشيعة ، فقد اشتهر عند الناس بالفسق والفجور ، فلم يكن فيه احتمال تصدّي مقام الإمامة حتّى على مستوى الفرض ؛ وهو أيضاً لم يدّع هذا المنصب في حياة أخيه الإمام العسكريّعليه‌السلام ،

٢٧٦

بل مال إليه بعد استشهادهعليه‌السلام ، ولكن لم يقبل منه القريب والبعيد هذا الادّعاء؛ وأمره إلى الله تعالى.

( أحمد ـ الكويت ـ ٢٠ سنة ـ طالب )

قول أبيه له أحدث لله شكراً فقد أحدث فيك أمراً :

س : بعد السؤال عن صحّتكم ، في الحقيقة لقد أرسلت رسالة بموضوع قدرة الله تعالى ، ونرجو منكم الردّ ، وهذا عهدنا بكم ، عندي موضوع آخر يتعلّق حول الإمام الحسن العسكريّعليه‌السلام ، وبالأخص قضية أنّ أخيه محمّد ، وأنّه هو الوصيّ بعد أبيه الهاديعليه‌السلام .

وقد قرأت حول هذا الموضوع بعض الردود ، مثل ردّ السيّد سامي البدريّ في كتاب شبهات وردود وغيرها ، وفي قسم الإجابات والأسئلة في هذا المركز ، في موضوع البداء ، إلاّ أنّه يتبادر عدّة نقاط يجب طرحها وملاحظاتها :

١ ـ ما المقصود من قول الإمام الهادي لولده الإمام العسكريّعليهما‌السلام : « يا بني ، أحدث لله شكراً فقد أحدث فيك أمراً »؟

وما المقصود من عبارة : وعلمنا أنّه أشار بالإمامة ، وأقامه مقامه؟ كما ورد في هذه الرواية : « عن جماعة من بني هاشم ، منهم الحسن بن الحسن الأفطس ، أنّهم حضروا ـ يوم توفّي محمّد بن علي بن محمّد ـ باب أبي الحسن يعزّونه ، وقد بسط له في صحن داره ، والنساء جلوس حوله ، فقالوا : قدّرنا أن يكون حوله من آل أبي طالب وبني هاشم وقريش مائة وخمسون رجلاً ، سوى مواليه وسائر الناس ، إذ نظر إلى الحسن بن علي قد جاء مشقوق الجيب ، حتّى قام عن يمينه ونحن لا نعرفه ، فنظر إليه أبو الحسنعليه‌السلام بعد ساعة ، فقال : « يا بني أحدث لله عزّ وجلّ شكراً ، فقد أحدث فيك أمراً » ، فبكى الفتى وحمد الله واسترجع ، وقال : « الحمد لله ربّ العالمين ، وأنا أسأل الله تمام نعمه لنا فيك ، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون ».

فسألنا عنه ، فقيل : هذا الحسن ابنه ، وقدّرنا له في ذلك الوقت عشرين سنة

٢٧٧

أو أرجح ، فيومئذ عرفناه وعلمنا أنّه قد أشار إليه بالإمامة ، وأقامه مقامه »(١) .

٢ ـ ما معنى قول الإمام الهادي لابنه العسكريّعليهما‌السلام : « إنّ الله تبارك وتعالى قد جعل فيك خلفاً منه فأحمد الله »؟

كما ورد في هذه الرواية : عن محمّد بن يحيى بن درياب قال : دخلت على أبي الحسنعليه‌السلام بعد مضي أبي جعفر فعزّيته عنه ، وأبو محمّدعليه‌السلام جالس ، فبكى أبو محمّدعليه‌السلام ، فأقبل عليه أبو الحسنعليه‌السلام فقال له : « إنّ الله تبارك وتعالى قد جعل فيك خلفاً منه فأحمد الله »(٢) .

٣ ـ هل يوجد نصّ من الإمام الهاديعليه‌السلام على ولده محمّد على أنّه هو الإمام؟ وهل حصل تواتر في الروايات على ذلك؟ ولماذا لم يتداول نصّ الإمام الجواد على العسكريّ عليهما‌السلام بين الشيعة؟

ج : بالنسبة إلى السؤال الأوّل نقول : المعنى أنّ الله تعالى حين قبض محمّداً إليه ، وقد كان بعض الشيعة يظنّون أنّه الإمام بعد أبيه ، فلمّا أماته الله أظهر للناس إمامة العسكريّ ، ورفع الوهم عند ذوي الفهم منهم ، وهذه نعمة بالغة تستوجب مزيد الشكر على هدايتهم إلى الحقّ.

والمقصود بالعبارة : إنّ الإمام الهاديعليه‌السلام أشار إلى ابنه الحسن العسكريّعليه‌السلام بالإمامة ، وأقامه مقامه ، أي مقام نفسه من بعده ، فالضمير عائد إلى الإمام الهادي في مقامه ، لا إلى ابنه محمّد.

وبالنسبة إلى السؤال الثاني نقول : معنى قول الإمام الهاديعليه‌السلام لابنه العسكريّ ـ إن صحّت الرواية ، ولا تصحّ لجهالة محمّد بن يحيى بن درياب الراوي ـ فإن المعنى هو المعنى في الجواب الأوّل.

وبالنسبة إلى السؤال الثالث نقول : لم يوجد أيّ نصّ من الإمام الهاديعليه‌السلام على ولده محمّد.

__________________

١ ـ الكافي ١ / ٣٢٦.

٢ ـ المصدر السابق ١ / ٣٢٧.

٢٧٨

ولم يصحّ خبر واحد ـ فضلاً عن التواتر ـ في ذلك. وتوجد نصوص على إمامة العسكريّ ولو لم يكن تداول بين أهل المعرفة لما وصل إلينا الخبر بذلك.

وفّقنا الله وإيّاكم إلى بلوغ الحقّ ، والصراط المستقيم.

( تسنيم الحبيب ـ الكويت ـ ١٩ سنة ـ طالبة جامعة )

رؤية نرجس له بالحلم :

س : لدي سؤال يتعلّق بالسيّدة المبجّلة والدة الإمام الحجّةعليه‌السلام ـ جعلنا وإيّاكم من أنصاره ـ : قرأت في بحار الأنوار عن غيبة الشيخ الطوسيّ : « أنّهاعليها‌السلام كانت تحلم بالإمام العسكريّعليه‌السلام ، ويأتي بالحلم لها ليحدّثها ويجالسها »(١) .

فهل هذا ممكن وجائز؟ وهل كانت هي حليلة له؟ أم أنّ هناك مسوّغاً شرعياً آخر؟ وجزاكم الله خير الجزاء ، ودمتم موفّقين.

ج : رؤية نرجسعليها‌السلام ، أو أي امرأة أُخرى إلى رجل غريب في الحلم لا يحتاج إلى مسوّغ شرعي ، وهكذا رؤية الإمام العسكريّعليه‌السلام ، أو أي رجل آخر إلى امرأة غريبة في الحلم.

ثمّ بعد التسليم بصحّة سند الرواية ، ففي بدايتها تصريح بحصول عقد النكاح من خلال النبيّ محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وشمعون وصيّ عيسىعليهما‌السلام .

__________________

١ ـ بحار الأنوار ٥١ / ٦.

٢٧٩
٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518