موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٢

موسوعة الأسئلة العقائديّة11%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-02-7
الصفحات: 518

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 518 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 254053 / تحميل: 6689
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٢-٧
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

معبدا لنبيّك . . . » ١ .

« في معادن الكرامة » الظاهر رجوعه إلى ( مستقرّه ) على اللفّ و النشر المرتّب ، قال الحميري :

فاحتلّ دار كرامة في معشر

آووه في سعة المحلّ الأرحب

« و مماهد » جمع ممهد : اسم مكان .

« السلامة » الظاهر رجوع ( مماهد السلامة ) إلى ( منبته ) ، قال تعالى :

و من دخله كان آمنا . . . ٢ .

و قال ابن أبي الحديد : مماهد : جمع مهاد ، و هو ازدواج بقرينة ( معادن ) كقولهم : الغدايا و العشايا . و يعني ب ( السلامة ) : البراءة من العيوب ، أي : في نسب طاهر ٣ .

و هو كما ترى ، و وجه ما قاله أنّه لم ير ( ممهد ) في ( الصحاح ) . فقال :

مماهد : جمع مهاد ، مع أنّه لا يلزم أن يذكر ( الصحاح ) جميع الاستقاقات ، مع أنّه لا معنى للازدواج بما قاله ، كما أنّ وجه قوله : « يعني بالسلامة البراءة من العيوب » أنّه حمل المستقرّ ، و المنبت في كلامه عليه السّلام على الأرحام و الأصلاب ،

و هو أيضا كما ترى .

« قد صرفت نحوه أفئدة الأبرار » فصاروا مصدّقيه و ملازميه ، و في ( الطبري ) : و قد الأسود بن ربيعة على النبيّ صلى اللّه عليه و آله و قال : جئت لأقترب إلى اللّه تعالى بصحبتك . فسمّاه صلى اللّه عليه و آله المقترب ٤ .

و قال : أبو طالب فيه :

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الإثبات للمسعودي : ١٠٨ .

( ٢ ) آل عمران : ٩٧ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٢ : ١٨٢ ، و النقل بالمعنى .

( ٤ ) تاريخ الطبري ٣ : ١٨٢ سنة ١٧ .

٢٠١

و إنّ عليه في العباد محبّة

و لا حيف في من خصّه اللّه بالحبّ

و قال أيضا :

لعمري لقد كلّفت وجدا بأحمد

و أحببته حبّ الحبيب المواصل

وجدت بنفسي دونه فحميته

و دافعت عنه بالذرى و الكواهل

قال بعضهم : إذا تفكّرت في أشعار أبي طالب في مدائح النبيّ صلى اللّه عليه و آله و أنّها أشعار ذاك الشيخ المبجّل في ابن أخيه ، و هو شابّ مستجير به معتصم بظلّه من قريش ، قد ربّاه في حجره غلاما ، و على عاتقه طفلا ، و بين يديه شابّا ،

يأكل من زاده ، و يأوي إلى داره علمت موضع خاصّية النبوّة و سرّها ، و أنّ أمره كان عظيما ، و أنّ اللّه تعالى أوقع له في القلوب و الأنفس منزلة رفيعة ،

و مكانا جليلا .

« و ثنيت » أي : رفعت ، من ثاني عطفه . . . ١ .

« إليه أزمّة الأبصار » فلا تخفض إلى غيره ، كان الجلف البدوي يرى وجهه ، فيقول : و اللّه ما هذا وجه كذّاب ٢ . و كان عظيما مهيبا في النفوس حتّى ارتاعت منه رسل كسرى ، مع أنّه كان بالتواضع موصوفا ٣ .

و قال عروة بن مسعود الثقفي لقريش : و اللّه لقد وفدت على كسرى و قيصر و النجاشي ، و اللّه ما رأيت ملكا قطّ يعظّمه أصحابه ما يعظّم أصحاب محمّد محمّدا : يقتتلون على وضوئه ، و يتبادرون لأمره ، و يخفضون أصواتهم عنده ، و ما يحدّدون النظر إليه تعظيما . و لمّا دخل أبو سفيان عام الفتح عليه ،

و رأى أيدي المسلمين تحت شعره يستشفون بالقطرات من وضوئه ، قال : تاللّه

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الحج : ٩ .

( ٢ ) المناقب لابن شهر آشوب ١ : ١٢٣ .

( ٣ ) المناقب لابن شهر آشوب ١ : ١٢٦ .

٢٠٢

إن رأيت كاليوم كسرى و قيصر ١ .

و في ( الاستيعاب ) : دخل النبيّ صلى اللّه عليه و آله على كبشة الأنصارية ، فشرب من فم قربة معلّقة ، فقطعت فمها فرفعته . ( أي : تبرّكا به ) ٢ .

و في ( الأغاني ) : أنّ زيد بن الدثنة لمّا أسره المشركون ، فاجتمع رهط من قريش ليقتلوه و فيهم أبو سفيان ، قال له : أتحبّ أن تكون في أهلك ، و يكون محمّد عندنا مكانك ، فنضرب عنقه ؟ فقال : و اللّه ما أحبّ أنّ محمّدا تصيبه شوكة في مكانه الّذي فيه ، و أنا في أهلي . فتعجّب أبو سفيان ٣ .

« دفن به الضغائن » كان بين الأوس و الخزرج ضغائن من حروب كانت بينهما ، و قتلى كثيرة منهما ، فأماتها اللّه به صلى اللّه عليه و آله .

« و أطفأ به الثوائر » هكذا في ( المصرية ) ، و الصواب : ( النوائر ) جمع النار ،

كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطّية ) ٤ ، و لأنّ الإطفاء إنّما ينسب إلى النار لا إلى الثار ، قال تعالى : . . . و لا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدّنيا فعند اللّه مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمنّ اللّه عليكم . . . ٥ .

« ألّف به إخوانا » قال تعالى : . . . لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألّفت بين قلوبهم و لكنّ اللّه ألّف بينهم إنّه عزيز حكيم ٦ ، . . . و اذكروا نعمة اللّه

ـــــــــــــــــ

( ١ ) المغازي للواقدي ٢ : ٨١٦ ، و فتوح البلدان للبلاذري : ٥١ .

( ٢ ) الاستيعاب لابن عبد البر ٤ : ٣٩٥ .

( ٣ ) لم أجده في الأغاني ، لكن رواه أسد الغابة لابن الأثير ٢ : ٢٣٠ .

( ٤ ) أورد ابن أبي الحديد في شرحه ٢ : ١٨٢ ، و ابن ميثم في شرحه ٢ : ٤٠١ في متن الخطبة « الثوائر » ، لكن أورده ابن ميثم عند شرح اللغات بلفظ « النوائر » .

( ٥ ) النساء : ٩٤ .

( ٦ ) الأنفال : ٦٣ .

٢٠٣

عليكم إذ كنتم أعداء فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا و كنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها . . . ١ ، إنّما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم . . . ٢ .

و قال النبيّ صلى اللّه عليه و آله : المؤمنون إخوة تتكافأ دماؤهم ، يسعى بذمّتهم أدناهم ، و هم يد على من سواهم ٣ .

« و فرّق به أقرانا » بواسطة مخالفتهم في الدين ، فكم ابن و أخ ترك أباه و أخاه به ، و كم امرأة تركت زوجها به .

و قالوا : أتى الوليد بن المغيرة قريشا ، فقال لهم : إنّ الناس غدا يجتمعون بالموسم ، و قد فشا أمر هذا الرجل ، فيسألونكم فما تقولون لهم ؟ فقال أبو جهل : أنا أقول : إنّه مجنون . و قال أبو لهب : أنا أقول : إنّه شاعر . و قال عقبة بن أبي معيط : أنا أقول : إنّه كاهن . فقال الوليد : و أنا أقول : إنّه ساحر يفرّق بين الرجل و المرأة و بين الرجل و أخيه و أبيه ٤ .

« أعزّ به الذلّة » فكم من أذلاّء صاروا أعزّاء بالايمان به .

« و أذلّ به العزّة » و كم من جبابرة أعزّاء صاروا أذلاّء بالكفر به .

« كلامه بيان » قال تعالى فيه : و ما ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى ٥ ، و لكنّ الثاني قال لمّا قال صلى اللّه عليه و آله في مرض وفاته : « ايتوني بدواة و صحيفة أكتب لكم ما لا تضلّون بعدي » : إنّ الرجل ليهجر ،

ـــــــــــــــــ

( ١ ) آل عمران : ١٠٣ .

( ٢ ) الحجرات : ١٠ .

( ٣ ) سنن ابن ماجه ٢ : ٨٩٥ ح ٢٦٨٣ ، ٢٦٨٥ بثلاث طرق ، و المعجم الأوسط للطبراني ، و عنه مجمع الزوائد ٦ : ٢٨٣ ، و بين الألفاظ فرق يسير .

( ٤ ) الكامل لابن الأثير ٢ : ٧١ ، و غيره .

( ٥ ) النجم : ٣ ٤ .

٢٠٤

حسبنا كتاب اللّه ١ .

و روى ( أسد الغابة ) عن ابن أبي حدرد الأسلمي ، قال : كان ليهودي عليه أربعة دراهم ، فاستعدى عليه فقال : يا محمّد إنّ لي على هذا أربعة دراهم ، و قد غلبني عليها . فقال : أعطه حقّه . قال : و الّذي بعثك بالحقّ ما أقدر عليها . قال :

أعطه حقّه . قال : و الّذي نفسي بيده ما أقدر عليها ، قد أخبرته إنّك تبعثنا إلى خيبر ، فأرجو أن تغنمنا شيئا ، فأرجع فأقضيه . قال : فاعطه حقّه . قال : و كان النبيّ صلى اللّه عليه و آله إذا قال ثلاثا لا يراجع ، فخرج بابن أبي حدرد إلى السوق ، و على رأسه عصابة ، و هو متّزر ببردة ، فنزع العمامة من رأسه ، فاتّزر بها ، و نزع البردة ، فقال : اشتر منّي هذه البردة . فباعها منه بأربعة دراهم . . ٢ .

و في ( الطبقات ) جاء مجوسي إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله قد أعفى شاربه ،

و أحفى لحيته ، فقال : من أمرك بهذا ؟ قال ربّي . قال : لكن ربّي أمرني أن أخفي شاربي ، و أعفي لحيتي ٣ .

« و صمته لسان » حيث إنّ تقريره صلى اللّه عليه و آله أيضا حجّة كقوله و فعله ، و في ( الطبري ) أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله عهد إلى أمرائه في فتح مكّة أن لا يقتلوا أحدا إلاّ من قاتلهم ، إلاّ أنّه قد عهد في نفر سمّاهم أمر بقتلهم ، منهم عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح ، لأنّه أسلم فارتدّ ، ففرّ إلى عثمان ، و كان أخاه من الرضاعة ، فغيّبه حتّى أتى به النبيّ صلى اللّه عليه و آله فاستأمنه له ، فذكر أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله صمت طويلا ، ثمّ قال : نعم .

فلمّا انصرف به عثمان ، قال النبيّ صلى اللّه عليه و آله لمن حوله من أصحابه : أما و اللّه لقد صمتّ ليقوم إليه بعضكم ، فيضرب عنقه . فقال رجل من الأنصار : فهلاّ أو مأت .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) هذا الحديث كثير الطرق مختلف اللفظ ، أقرب الألفاظ ما في صحيح مسلم ٣ : ١٢٥٩ ح ٢١ ، و مسند أحمد ١ : ٣٥٥ ، و طبقات ابن سعد ٢ ق ٢ : ٣٧ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس .

( ٢ ) أسد الغابة لابن الأثير ٣ : ١٤٢ .

( ٣ ) الطبقات لابن سعد ١ ق ٢ : ١٤٧ .

٢٠٥

قال : إنّ النبيّ لا يقتل بالإشارة ١ .

هذا ، و يناسب كلامه عليه السّلام في وصفه صلى اللّه عليه و آله كلام أبي الفضل الهمداني في بعض ( أعيان دهره ) : له من الصدور ما ليس للفؤاد ، و من القلوب ما ليس للأولاد ، فكأنّما اشتق من جميع الأكباد ، و ولد بجميع البلاد ، سواء الحاضر فيه و الباد ، و كلّ أفعاله غرّة في ناصية الأيّام ، و زهرة في جنح الظلام .

و ذكر أعرابي رجلا ، فقال : و اللّه لكأنّ القلوب و الألسن ريّضت له ، فما تعقد إلاّ على ودّه ، و لا تنطق إلاّ بحمده .

٨

من الخطبة ( ١٠٣ ) و من خطبة له عليه السّلام :

حَتَّى بَعَثَ اَللَّهُ ؟ مُحَمَّداً ص ؟ شَهِيداً وَ بَشِيراً وَ نَذِيراً خَيْرَ اَلْبَرِيَّةِ طِفْلاً وَ أَنْجَبَهَا كَهْلاً أَطْهَرَ اَلْمُطَهَّرِينَ شِيمَةً وَ أَمْطَرُ اَلْمُسْتَمْطَرِينَ دِيمَةً « حتّى بعث اللّه محمّدا شهيدا و بشيرا و نذيرا » عن ( تفسير الواحدي ) عن الحسن عليه السّلام في قوله تعالى : و شاهد و مشهود ٢ الشاهد : النبيّ صلى اللّه عليه و آله ،

و المشهود يوم القيامة . قال تعالى : يا أيّها النبيّ إنّا أرسلناك شاهدا و مبشّرا و نذيرا ٣ ، و قال تعالى : . . . ذلك يوم مجموع له الناس و ذلك يوم مشهود ٤ .

« خير البريّة طفلا » في ( المناقب ) عن ابن عبّاس : أنّه كان النبيّ صلى اللّه عليه و آله يقرب إلى الصبيان يصحبهم ، فيختلسون و يكفّ ، و يصبح الصبيان غمصا و رمصا ،

ـــــــــــــــــ

( ١ ) تاريخ الطبري ٢ : ٣٣٥ سنة ٨ ، و النقل بتلخيص .

( ٢ ) البروج : ٣ .

( ٣ ) الأحزاب : ٤٥ .

( ٤ ) الوسيط للواحدي ، و هو كتاب تفسير القرآن ، و عنه كشف الغمة ٢ : ١٦٩ ، و الآية ١٠٣ من سورة هود .

٢٠٦

و يصبح صقيلا دهنيا ١ .

و عن عكرمة : كان يوضع فراش لعبد المطّلب في ظلّ الكعبة ، و لا يجلس عليه أحد إلاّ هو إجلالا له ، و كان بنوه يجلسون حوله حتّى يخرج ، فكان النبيّ صلى اللّه عليه و آله يجلس عليه ، فيأخذه أعمامه ليؤخّروه ، فقال لهم عبد المطلب : دعوا ابني ، فو اللّه إنّ له لشأنا عظيما ٢ .

و فيه : قال أبو طالب لأخيه : يا عبّاس أخبرك عن محمّد ، إنّي ضممته فلم أفارقه ساعة من ليل أو نهار ، فلم أأتمن أحدا حتّى نؤمته في فراشي ، فأمرته أن يخلع ثيابه و ينام معي ، فرأيت في وجهه الكراهية ، فقال : يا عمّاه اصرف بوجهك عنّي حتّى أخلع ثيابي ، و أدخل فراشي . فقلت له : و لم ذاك ؟ فقال : لا ينبغي لأحد أن ينظر إلى جسدي . فتعجبت من قوله و صرفت بصري عنه حتّى دخل فراشه ، فإذا دخلت أنا الفراش إذا بينه و بيني ثوب ، و اللّه ما أدخلته في فراشي فأمسه فاذا هو ألين ثوب ، ثمّ شممته كأنّه غمس في مسك ٣ .

و فيه أيضا عن أبي طالب : لم أرمنه كذبة قط ، و لا جاهلية قطّ ، و لا رأيته يضحك في غير موضع الضحك ، و لا يدخل مع الصبيان في لعب ، و لا التفت إليهم ، و كان الوحدة أحبّ إليه و التواضع ٤ .

و قال المسعودي : قال عبد اللّه أبوه فيه :

الحمد للّه الّذي أعطاني

هذا الغلام الطيّب الأردان

قد ساد في المهد على الغلمان

أعيذه بالبيت ذي الأركان

٥

ـــــــــــــــــ

( ١ ) المناقب لابن شهر آشوب ١ : ٣٤ .

( ٢ ) المناقب لابن شهر آشوب ١ : ٣٥ .

( ٣ ) المناقب لابن شهر آشوب ١ : ٣٦ .

( ٤ ) المناقب لابن شهر آشوب ١ : ٣٧ .

( ٥ ) مروج الذهب للمسعودي ٢ : ٢٧٤ ، لكن نسب البيتين إلى أبي عبد اللّه .

٢٠٧

و قال أبو طالب عمّه فيه :

و لقد عهدتك صادقا

في القول لا تتزيّد

ما زلت تنطق بالصواب

و أنت طفل أمرد

« و أنجبها كهلا » قال الجوهري : الكهل من الرجال الذي جاوز الثلاثين ١ ،

و لمّا بنت قريش الكعبة ، و تنازعوا في رفع الحجر و وضعه في محلّه ، و حكّموا النبيّ صلى اللّه عليه و آله فحكم بينهم بما ارتضوه ، قال قائل متعجّبا من انقياد شيوخ قريش لشابّ و كان يومئذ ابن خمس و ثلاثين : أما و اللات و العزّى ليفوقنّهم سبقا ،

و ليقسمنّ بينهم حظوظا و جدودا ، و ليكوننّ له بعد هذا اليوم شأن و نبأ عظيم ٢ .

و قال بعضهم : و لو لا خاصّيّة النبوّة و سرّها لما كان مثل أبي طالب و هو شيخ قريش و ذو سنّها و ذو شرفها يمدحه و هو شابّ قد ربّي في حجره ، و هو يتيمه و مكفوله و جار مجرى أولاده بمثل قوله :

و تلقوا ربيع الأبطحين محمّدا

و مثل قوله :

و أبيض يستسقى الغمام بوجهه

فإنّ مثل هذا الأسلوب من الشعر لا يمدح به التابع و الذنابي من الناس ،

و إنّما هو من مديح الملوك و العظماء .

« أطهر المطهّرين شيمة » أي : خلقا و طبيعة ، قالوا : كان صلى اللّه عليه و آله يكرم أهل الفضل في أخلاقهم ، و يتألّف أهل الشرف بالبرّ لهم ، يصل ذوي رحمه من غير أن يؤثرهم على غيرهم إلاّ بما أمر اللّه ، و لا يجفو على أحد . يقبل معذرة المعتذر

ـــــــــــــــــ

( ١ ) صحاح اللغة للجوهري ٥ : ١٨١٣ مادة ( كهل ) .

( ٢ ) مروج الذهب للمسعودي ٢ : ٢٧٣ ، و الطبقات لابن سعد ١ ق ١ : ٩٤ .

٢٠٨

إليه ، و كان أكثر الناس تبسّما ما لم ينزّل عليه قرآن ، و لا يرتفع على عبيده و إمائه في مأكل و لا في ملبس ، و ما شتم أحدا بشتمه ، و لا لعن امرأة و لا خادما بلعنة ، و لا يأتيه حرّ و لا عبد أو أمة إلاّ قام معه في حاجته ١ .

« و أمطر » هكذا في ( المصرية ) ، و الصواب : ( و أجود ) كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطّية ) ٢ .

« المستمطرين » بلفظ اسم المفعول .

« ديمة » في ( الصحاح ) الديمة : المطهر الّذي ليس فيه رعد و لا برق ، و أقلّه ثلث النهار أو ثلث الليل ، و أكثر ما بلغ من العدة . و الجمع : ديم . قال لبيد :

باتت و أسبل و اكف من ديمة

يروي الخمائل دائما تساجمها

ثمّ يشبّه به غيره . و في الحديث : « كان عمله ديمة » ٣ .

قالوا : كان صلى اللّه عليه و آله أسخى الناس لا يثبت عنده دينار و لا درهم ، فإن فضل و لم يجد من يعطيه و يجنّه الليل لم يأو إلى منزله حتّى يتبرّأ منه إلى من يحتاج إليه ، و لا يسئل شيئا إلاّ أعطاه ، ثمّ يعود إلى قوت عامه فيؤثر منه حتّى ربّما احتاج قبل انقضاء العام إن لم يأته شي‏ء ، و كان لا يجلس إليه أحد و هو يصلّي إلاّ خفّف صلاته ، و أقبل عليه ، و قال : ألك حاجة ؟ و كان يكرم من يدخل عليه حتّى ربما بسط ثوبه ، و يؤثر الداخل بالوسادة الّتي تحته ٤ .

و قال أبو طالب فيه :

و أبيض يستسقى الغمام بوجهه

ثمال اليتامي عصمة للأرامل

ـــــــــــــــــ

( ١ ) مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٤٦ ، و النقل بتقطيع .

( ٢ ) كذا في شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٢٠٠ ، لكن في شرح ابن ميثم ٣ : ٢٣ « أمطر » أيضا .

( ٣ ) صحاح اللغة للجوهري ٥ : ١٩٢٤ مادة ( ديم ) ، و الحديث أخرجه مسلم في صحيحه ١ : ٥٤١ ح ٢١٧ ، و غيره عن عائشة .

( ٤ ) المناقب لابن شهر آشوب ١ : ١٤٥ ، و النقل بتقطيع .

٢٠٩

يطيف به الهلاّك من آل هاشم

فهم عنده في نعمة و فواضل

٩

من الخطبة ( ٣٣ ) إِنَّ اَللَّهَ بَعَثَ ؟ مُحَمَّداً ص ؟ وَ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ اَلْعَرَبِ يَقْرَأُ كِتَاباً وَ لاَ يَدَّعِي نُبُوَّةً فَسَاقَ اَلنَّاسَ حَتَّى بَوَّأَهُمْ مَحَلَّتَهُمْ وَ بَلَّغَهُمْ مَنْجَاتَهُمْ فَاسْتَقَامَتْ قَنَاتُهُمْ وَ اِطْمَأَنَّتْ صَفَاتُهُمْ من الخطبة ( ١٠٢ ) و من خطبة له عليه السّلام ( و قد تقدم مختارها بخلاف هذه الرواية ) :

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى بَعَثَ ؟ مُحَمَّداً ص ؟ وَ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ اَلْعَرَبِ يَقْرَأُ كِتَاباً وَ لاَ يَدَّعِي نُبُوَّةً وَ لاَ وَحْياً فَقَاتَلَ بِمَنْ أَطَاعَهُ مَنْ عَصَاهُ يَسُوقُهُمْ إِلَى مَنْجَاتِهِمْ وَ يُبَادِرُ بِهِمُ اَلسَّاعَةَ أَنْ تَنْزِلَ بِهِمْ .

يَحْسِرُ اَلْحَسِيرُ وَ يَقِفُ اَلْكَسِيرُ فَيُقِيمُ عَلَيْهِ حَتَّى يُلْحِقَهُ غَايَتَهُ إِلاَّ هَالِكاً لاَ خَيْرَ فِيهِ حَتَّى أَرَاهُمْ مَنْجَاتَهُمْ وَ بَوَّأَهُمْ مَحَلَّتَهُمْ فَاسْتَدَارَتْ رَحَاهُمْ وَ اِسْتَقَامَتْ قَنَاتُهُمْ قوله عليه السّلام في الأوّل : « إنّ اللّه » هكذا في ( المصرية ) و زاد ( ابن أبي الحديد و الخطية ) ١ « سبحانه » كما في الثاني بالاتّفاق .

« فإنّ اللّه سبحانه » قوله عليه السّلام فيهما .

« بعث محمّدا صلى اللّه عليه و آله و ليس أحد من العرب يقرأ كتابا » قال تعالى : هو الّذي بعث في الأمّيين رسولا منهم . . . ٢ .

و في ( معارف ابن قتيبة ) قال الأصمعي : ذكروا أنّ قريشا سئلوا من

ـــــــــــــــــ

( ١ ) كذا في شرح ابن أبي الحديد ١ : ١٧٦ ، و لكن لفظ ابن ميثم ٢ : ٧٢ مثل المصرية .

( ٢ ) الجمعة : ٢ .

٢١٠

أين لكم الكتاب ؟

قالوا : من أهل الحيرة . و قيل لأهل الحيرة : من أين لكم الكتاب ؟ قالوا : من الأنبار .

و روي : أنّ بشر بن عبد اللّه العبادي علّم أبا سفيان بن أمية ، و أبا قيس بن عبد مناف بن زهرة الكتاب ، فعلّما أهل مكّة .

و روى عن سهل : أنّ أوّل من كتب بالعربيّة مرامر بن مرة من أهل الأنبار ، و من الأنبار انتشرت في الناس .

و قال وهب : أوّل من خطّ بالقلم إدريس عليه السّلام ١ .

« و لا يدّعي نبوّة » و زاد في الثاني « و لا وحيا » .

و إنّما كان أمية بن أبي الصلت لرغبته عن عبادة الأوثان و قراءته كتب السلف ، يخبر أنّ نبيّا يبعث قد أظلّ زمانه ، فلمّا سمع بخروج النبيّ صلى اللّه عليه و آله كفر حسدا له ، و كان يطمع أن يكونه ٢ .

و لشياع خبر بعثته و قرب ظهوره ، سمّى قوم أبناءهم محمّدا رجاء أن يكونوه لما سمعوا أنّ اسم النبيّ الاتي محمّد ، و المسمّون هم : محمّد بن مسلمة ، و محمّد بن احيحة ، و محمّد بن برء البكري ، و محمّد بن سفيان بن مجاشع ، و محمّد بن حمران الجعفي ، و محمّد بن خزاعة السلمي ٣ . و قد وقع نظير ذلك قبله صلى اللّه عليه و آله لموسى عليه السّلام و بعده صلى اللّه عليه و آله للمهدي عليه السّلام .

و روى الطبري عن الزهري : أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم لمّا كان يعرض نفسه على القبائل في المواسم ، عرض نفسه على بني عامر ، فاشترطوا أن يكون الأمر

ـــــــــــــــــ

( ١ ) المعارف لابن قتيبة : ٥٥٢ ٥٥٣ ، و النقل بتقديم و تأخير .

( ٢ ) التهذيب للنووي ١ ق ١ ١٢٦ ، و غيره .

( ٣ ) فتح ابن سعد في الطبقات ١ ق ١ : ١١١ بابا بهذا العنوان ، و ذكر فيه من سمّي في الجاهلية بمحمّد.

٢١١

لهم بعده ، فقال النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم : الأمر إلى اللّه . فأعرضوا عنه ، و رجعوا إلى شيخ كبير لهم ، فأخبروه خبره و نسبه ، فوضع يده على رأسه ، ثمّ قال : يا بني عامر هل من تلاف : و الّذي نفسي بيده ، و ما تقوّلها إسماعيليّ قطّ ، و إنّها لحقّ ، و أين كان رأيكم عنه ؟ ١ .

و ادّعي النبوّة كذبا بعد بعثته صلى اللّه عليه و آله و سلم جمع : مسيلمة من حنيفة ، و سجاح الّتي تزوّجها مسيلمة من بني يربوع ، و أسود بن كعب من عنس ، و طلحة بن خويلد من أسد بن خزيمة لكنّه رجع إلى الاسلام بعد ، و أمّا خالد بن سنان العبسي الّذي قالوا : أتت ابنته إلى النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم فسمعته يقرأ قل هو اللّه أحد ٢ فقالت : كان أبي يقول هذا . فغير محقّق ، و إنّ قالوا : إنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله قال :

« ذلك نبيّ أضاعه قومه » ٣ .

هذا ، و في الخبر : أنّ خمسة من الأنبياء كانوا سريانيين و هم : آدم و شيث و إدريس و نوح و إبراهيم ، و خمسة منهم عبرانيين : إسحاق و يعقوب و موسى و داود و عيسى ، و خمسة منهم من العرب : هود و صالح و إسماعيل و شعيب و محمّد عليه و على آله و عليهم السلام ٤ .

قوله عليه السّلام في الأوّل : « فسّاق الناس حتّى بوّأهم » أي : مكّنهم .

« محلّتهم » التي ينبغي لهم أن يحلّوها ، و هي الإسلام ، ذاك الدين الحنيف .

قوله عليه السّلام في الثاني : « فقاتل بمن أطاعه » و هم أهل المدينة .

« من عصاه » و هم أهل مكّة و اليهود و غيرهم ، و في ( المناقب ) : لما كان بعد

ـــــــــــــــــ

( ١ ) تاريخ الطبري ٢ : ٨٤ ، و النقل بالمعنى .

( ٢ ) الاخلاص : ١ .

( ٣ ) مروج الذهب للمسعودي ١ : ٨١ ، ٨٢ ، و أمّا حديث : « ذلك نبي أضاعه قومه » فرواه ابن سعد في الطبقات ١ ق ٢ : ٤٢ ، و المسعودي في مروج الذهب ٢ : ٢١٤ ، و الصدوق في كمال الدين : ٦٥٩ ، و غيرهم .

( ٤ ) الاختصاص للمفيد : ٢٦٤ .

٢١٢

سبعة أشهر من الهجرة نزل جبرئيل عليه السّلام بقوله : أذن للذين يقاتلون . . . ١ ،

و قلّد في عنقه سيفا ، و في رواية : لم يكن له غمد ، فقال له : حارب بهذا قومك حتّى يقولوا : لا إله إلاّ اللّه .

و عن أهل السير : أنّ جميع ما غزا النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم بنفسه ستّ و عشرون غزوة على هذا النسق : البواط ، العشيرة ، بدر الأولى ، بدر الكبرى ، السويق ، ذو امرة ، أحد ، نجران ، بنو سليم ، الأسد ، بنو النضير ، ذات الرقاع ، بدر الآخرة ،

دومة الجندل ، الخندق ، بنو قريظة ، بنو لحيان ، ذو قرد ، بنو المصطلق ،

الحديبية ، خيبر ، الفتح ، حنين ، الطائف ، تبوك ، و يلحق بها بنو قينقاع . قاتل في تسع و هي : بدر الكبرى و أحد و الخندق و بني قريظة و بني المصطلق و بني لحيان و خيبر و الفتح و حنين و الطائف .

و أمّا سراياه صلى اللّه عليه و آله فستّ و ثلاثون : أوّلها سريّة حمزة لقي أبا جهل بسيف البحر في ثلاثين من المهاجرين ، و في ذي القعدة بعث سعد بن أبي و قّاص في طلب عير ، ثمّ عبيدة بن الحارث بعد سبعة أشهر في ستين من المهاجرين نحو الجحفة إلى أبي سفيان . . . ٢ .

قوله عليه السّلام في الأوّل : « و بلّغهم منجاتهم » و في الثاني : « يسوقهم إلى منجاتهم » أي : محلّ نجاتهم ، قال تعالى : . . . عزيز عليه ما عنتّم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ٣ .

« و يبادر بهم الساعة » أي : القيامة .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الحج : ٣٩ .

( ٢ ) المناقب لابن شهر آشوب ١ : ١٨٦ ، و نقل عدد غزواته و سراياه صلى اللّه عليه و آله الواقدي في المغازي ١ : ٧ ، و ابن هشام في السيرة ٤ : ١٨٩ ، و ابن سعد في الطبقات ٢ ق ١ : ١ ، و الطبري في تاريخه ٢ : ٤٠٤ ، ٤٠٥ سنة ١٠ ، و المسعودي في مروج الذهب ٢ : ٢٨٠ ، ٢٨٢ و غيرهم ، و اختلف في تعدادها و ترتيبها اختلافا يسيرا .

( ٣ ) التوبة : ١٢٨ .

٢١٣
شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة المجلد الثاني الشيخ محمد تقي التّستري شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

« أن تنزل بهم » و لم يستعدّوا لها ، و في ( ارشاد المفيد ) لمّا عاد النبيّ صلى اللّه عليه و آله من تبوك إلى المدينة قدم إليه عمرو بن معديكرب ، فقال له النبيّ صلى اللّه عليه و آله : أسلم يا عمرو يؤمنك اللّه من الفزع الأكبر . قال : يا محمّد و ما الفزع الأكبر فإنّي لا أفزع ؟

فقال : يا عمرو إنّه ليس كما تظنّ و تحسب ، إنّ الناس يصاح بهم صيحة واحدة ،

فلا يبقى ميّت إلاّ نشر ، و لا حيّ إلاّ ما شاء اللّه ، ثمّ يصاح بهم صيحة أخرى ، فينشر من مات ، و يصفّون جميعا ، و ينشقّ السماء ، و تهدّ الأرض ،

و تخرّ الجبال هدّا ، و ترمي النار بمثل الجبال شررا ، فلا يبقى ذو روح إلاّ انخلع قلبه و ذكر ذنبه و شغل بنفسه ، إلاّ ما شاء اللّه . فأين أنت يا عمرو من هذا ؟ قال :

إلا إنّي أسمع أمرا عظيما . فآمن باللّه و رسوله ، و من آمن معه من قومه ناس و رجعوا إلى قومهم ١ .

« يحسر الحسير » أي : يعجز العاجز ، قال الجوهري : حسر البعير : أعيا ،

فهو حسير ٢ .

« و يقف الكسير » أي : من كسر رجله .

« فيقيم عليه » أي : على كلّ من الحسير و الكسير ، و يحسن في مثله توحيد الضمير لرجوع الحسير و الكسير إلى معنى واحد ، و هو من لم يقدر على السير المتعارف .

« حتّى يلحقه غايته » و مقصده ، و الضميران أيضا كالضمير في ( عليه ) ،

و المراد أنّه لمّا لم يكن كلّ الناس صاحب معرفة قويّة يسلم حين يدعوه ، بل كثير منهم كانوا آبين أوّلا ، يداريهم و يدعوهم مرّة بعد مرّة ، حتّى يعرفوا الحقّ بالتأمّل و يهتدوا .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الإرشاد للمفيد : ٨٤ .

( ٢ ) صحاح اللغة للجوهري ٢ : ٦٢٩ مادة ( حسر ) .

٢١٤

« إلاّ هالكا لا خير فيه . . . » و لا تفيده الدّعوة ، كالّذين قال تعالى فيهم : ولو أنّنا نزّلنا إليهم الملائكة و كلّمهم الموتى و حشرنا عليهم كلّ شي‏ء قبلا ما كانوا ليؤمنوا . . . ١ .

و منهم المستهزئون به صلى اللّه عليه و آله الّذين قال تعالى فيهم : إنّا كفيناك المستهزئين ٢ . و هم الوليد بن المغيرة ، و الأسود بن عبد يغوث ، و أبو زمعة ،

و العاص بن وائل ، و الحرث بن قيس ، و عقبة بن أبي معيط ، و الأسود بن الحرث ، و أبو أحيحة ، و النضر بن الحرث ، و الحكم بن العاص ، و عتبة ، و شيبة ،

و طعيمة بن عدي ، و الحرث بن عامر ، و أبو البحتري ، و أبو جهل ، و أبو لهب ،

و نظراؤهم ، فدلّهم النبيّ صلى اللّه عليه و آله على سبيل نجاتهم ، فأبوا إلاّ سلوك طريق الهلكة ،

و كانوا قد هدّدوه بالقتل ، فأهلكهم اللّه ، بعضهم بالقتل في غزوة بدر ، و بعضهم بأسقام و أوجاع .

قالوا : مرّ الأسود بن عبد يغوث على النبيّ صلى اللّه عليه و آله فأومأ صلى اللّه عليه و آله إلى بطنه ،

فاستسقى و مات حبنا .

و مرّ عليه أبو زمعة ، فأشار صلى اللّه عليه و آله إلى عينه ، فعمي ، و كان يضرب رأسه على الجدار حتّى هلك .

و مرّ عليه الوليد بن المغيرة ، فأومأ صلى اللّه عليه و آله إلى جرح اندمل في بطن رجله من نبل ، فتعلّقت به شوكة فنن فخدشت ساقه ، و لم يزل مريضا حتّى مات .

و خرج العاص بن وائل من بيته ، فلحقته السموم ، فلما انصرف إلى داره لم يعرفوه ، فباعدوه فمات غمّا ، و في خبر فقتلوه ، و في آخر وطأ على شبرقة فدخلت في أخمص رجله ، فقال : لدغت ، فلم يزل يحكّها حتّى مات .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الأنعام : ١١١ .

( ٢ ) الحجر : ٩٥ .

٢١٥

و مرّ عليه صلى اللّه عليه و آله الحرث فأومأ صلى اللّه عليه و آله إلى رأسه فتقيّأ قيحا ، و في خبر لدغته حيّة ، و في آخر تدهده عليه حجر من جبل فتقطّع .

و أكل الأسود بن الحارث حوتا فأصابه عطش ، فلم يزل يشرب الماء حتّي إنشقّ بطنه .

و رمى اللّه أبا لهب بالعدسة ، فتركه ابناه ثلاثا لا يدفنانه ، و كانوا يتّقون العدسة ، فقذفوا عليه الحجارة حتّى و اروه ١ .

و عن النبيّ صلى اللّه عليه و آله مثل ما بعثني اللّه به من الهدى و العلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا ، فكان منها نقيّة فثبت الماء ، فأنبتت الكلأ و العشب الكثير ،

و كان منها أجادب أمسكت الماء ، فنفع اللّه بها الناس فشربوا و سقوا و زرعوا ،

و كان منها قيعان لا تمسك ماء ، و لا تنبت كلا ٢ .

و في ( الأغاني ) : نظر النبيّ صلى اللّه عليه و آله إلى زهير بن أبي سلمى ، و له مائة سنة ،

فقال : اللّهم أعذني من شيطانه . فما لاك بيتا حتّى مات ٣ .

قوله عليه السّلام في الأول و كذا الثاني : « فاستقامت قناتهم » أي : رمحهم ،

و استقامة القناة كناية عن تمكّنهم ، كقوله عليه السّلام في الثاني .

« فاستدارت رحاهم » فإنّه كناية عن نفوذ أمرهم .

١٠

من الخطبة ( ١٠٦ ) منها في ذكر النبيّ صلى اللّه عليه و آله :

اِخْتَارَهُ مِنْ شَجَرَةِ اَلْأَنْبِيَاءِ وَ مِشْكَاةِ اَلضِّيَاءِ وَ ذُؤَابَةِ اَلْعَلْيَاءِ وَ سُرَّةِ ؟

ـــــــــــــــــ

( ١ ) هذا تلخيص كلام ابن شهر آشوب في مناقبه ١ : ٧٣ ٧٥ ، و أخرجه أيضا أبو نعيم بطرق في الدلائل عنه الدر المنثور ٤ : ١٠٧ ، و ابن هشام في السيرة ٢ : ٤٠ ، و رواه ابن الأثير في الكامل ٢ : ٧٠ .

( ٢ ) صحيح مسلم ٤ : ١٧٨٧ ح ١٥ ، و غيره ، و بين الألفاظ اختلاف يسير .

( ٣ ) الأغاني لأبي الفرج ١٠ : ٢٩١ .

٢١٦

اَلْبَطْحَاءِ ؟ وَ مَصَابِيحِ اَلظُّلْمَةِ وَ يَنَابِيعِ اَلْحِكْمَةِ « إختاره من شجرة الأنبياء » روى ( طبقات كاتب الواقدي ) عن ابن عباس في قوله تعالى : و تقلّبك في الساجدين ١ قال : من نبيّ إلى نبيّ و من نبيّ إلى نبيّ حتّى أخرجك نبيّا ٢ .

« و مشكاة الضياء » عن الفرّاء المشكاة : الكوّة التي ليست بنافذة .

« و ذؤابة العلياء » تستعار الذؤابة كالمشكاة للنقاوة ، قال حسّان في بئر معونة :

بني أمّ البنين ألم يرعكم

و أنتم من ذوائب أهل نجد

٣ قال الشاعر في كونه صلى اللّه عليه و آله و سلم من شجرة الأنبياء ، و مشكاة الضياء :

ورث الشرف جامعا عن جامع

و شهد له نداء نداء الصوامع

هو من مضر في سويداء قلبها

و من هاشم في سواد طرفها

و عن ابن عبّاس عن النبيّ صلى اللّه عليه و آله : أنّ اللّه تعالى قسّم الخلق قسمين ،

فجعلني في خيرهما قسما ، فذلك قوله و أصحاب اليمين و أصحاب الشمال ٤ .

فأنا من أصحاب اليمين ، و أنا خير أصحاب اليمين ، ثمّ جعل القسمين أثلاثا فجعلني في خيرها ثلثا ، فذلك قوله : و أصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة و أصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة و السابقون السابقون ٥ ، فأنا من السابقين ، و أنا خير السابقين ، ثمّ جعل الأثلاث قبائل ، فجعلني في خيرها قبيلة ، و ذلك قوله : و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند اللّه

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الشعراء : ٢١٩ .

( ٢ ) الطبقات لابن سعد ١ ق ١ : ٥ .

( ٣ ) السيرة لابن هشام ٣ : ١٠٦ .

( ٤ ) جاء ذكر أصحاب اليمين في الواقعة : ٢٧ ، ٣٨ ، ٩٠ ، ٩١ ، و المدثّر : ٣٩ ، و ذكر أصحاب الشمال في الواقعة : ٤١ .

( ٥ ) الواقعة : ٨ ١٠ .

٢١٧

أتقاكم ١ ، و أنا أتقى ولد آدم و أكرمهم على اللّه تعالى و لا فخر ، ثمّ جعل القبائل بيوتا ، فجعلني في خيرها بيتا ، فذلك قوله : إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهّركم تطهيرا ٢ ، فأنا و أهل بيتي مطهرون من الذنوب ٣ .

« و سرّة البطحاء » قال المسعودي : إنّ قريشا : قريش الظواهر ، و قريش الأباطح ، و الظواهر : بنو محارب ، و الحارث بن فهر ، و بنو الادرم بن غالب بن فهر ، و بنو هصيص بن عامر بن لؤي . و البطائح : بنو عبد مناف ، و بنو عبد الدار ، و بنو عبد العزّى ، و زهرة ، و مخزوم ، و تيم ، و جمح ، و سهم ، و عدي ،

و قصي ، و الفخر للبطاح .

قال ذكوان مولى عبد الدار للضحاك الفهري :

تطاولت للضحاك حتّى رددته

إلى نسب في قومه متقاصر

فلو شاهدتني من قريش عصابة

قريش البطاح لا قريش الظواهر

و قال أبو طالب في النبيّ صلى اللّه عليه و آله :

من القوم مفضال أبيّ على العدى

تمكّن في الفرعين من آل هاشم

و كان قصيّ أبو عبد مناف هو الأصل في قريش البطاح ، و سمّي مجمّعا ،

لأنّه جمع قومه من الشعاب و الأودية و الجبال إلى مكّة ، فلمّا تركهم بمكّة ملّكوه عليهم ، فكان أوّل ولد كعب بن لؤيّ أصاب ملكا أطاعه به قومه ، و كان إليه الحجابة و السقاية و الرفادة و الندوة و اللواء ، فحاز شرف قريش كلّه ،

و قسّم مكّة أرباعا بين قومه فبنوا المساكن ، و تيمّنت قريش بأمره ، فما ينكح

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الحجرات : ١٣ .

( ٢ ) الأحزاب : ٣٣ .

( ٣ ) أخرجه الحكيم الترمذي و الطبراني و ابن مردويه و أبو نعيم و البيهقي في الدلائل عنهم الدر المنثور ٥ : ١٩٩ ، و الحسكاني في شواهد التنزيل ٢ : ٢٩ ح ٦٦٩ عن ابن عباس .

٢١٨

رجل و لا امرأة إلاّ في داره ، و كان أمره في قومه كالدين المتّبع في حياته و بعد موته .

و أمّا قول قريش للنبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم : ابن أبي كبشة . ففي ( أنساب قريش مصعب الزبيري ) : أنّ قريشا كانت تنسب النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم إلى أبي كبشة ، و حر بن غالب الخزاعي جدّ وهب أبي آمنة أمّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم لأمّه و لم يعيّروا النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم في نسبته إليه من تقصير كان فيه ، فكان سيّد قومه ، و إنّما كان أبو كبشة أوّل من عبد الشعرى لأنّها تقطع السماء عرضا بخلاف الشمس و القمر و باقي الكواكب ، و العرب تظنّ أنّ أحدا لا يعمل شيئا إلاّ بعرق ينزعه ،

فلمّا خالف النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم دين قريش قالت قريش : نزعه أبو كبشة ١ .

هذا ، و قالوا : يكون موضعا آخران مسمّيان بالبطحاء غير بطحاء مكّة :

أحدهما : بطحاء الجزيرة ، و ثانيهما : بطحاء ذي قار .

و قالوا : رأى قرشي رجلا له هيئة رثّة فسأل عنه ، فقالوا : من تغلب .

فوقف عليه و هو يطوف بالبيت ، فقال له : أرى رجلين قلّما وطئتا البطحاء . فقال الرجل : البطحاوات ثلاث : بطحاء الجزيرة و هي لي دونك ، و بطحاء ذي قار ،

و أنا أحقّ بها منك ، و هذه البطحاء ، و سواء العاكف فيه و الباد ٢ .

هذا ، و في ( سيرة ابن هشام ) عن الزهري : لمّا وفد الأشعث بن قيس على النبيّ صلى اللّه عليه و آله قال : يا رسول اللّه نحن بنو آكل المرار كان من ولده من قبل النساء و أنت ابن آكل المرار . قال : فتبسّم النبيّ صلى اللّه عليه و آله و قال : ناسبوا بهذا النسب العبّاس بن عبد المطلب و ربيعة بن الحارث و كان العبّاس و ربيعة رجلين تاجرين ، و كانا إذا شاعا في بعض العرب فسئلا ممّن هما قالا : نحن بنو

ـــــــــــــــــ

( ١ ) نسب قريش للزبيري : ٢٦١ و النقل بالمعنى .

( ٢ ) معجم البلدان للحموي ١ : ٤٤٦ ، و المشترك و المفترق : ٥٩ ، و الآية ٢٥ من سورة الحجّ .

٢١٩

آكل المرار يتعزّزان بذلك ، و ذلك أنّ كندة كانوا ملوكا ثمّ قال لهم : لا ، بل نحن النضر بن كنانة ، لا نقفو أمّنا ، و لا ننتفي من أبينا ١ .

« و مصابيح الظلمة » أي : اختاره منها .

« و ينابيع الحكمة » أي : الأنبياء و الحكماء الّذين كانوا آباءه صلى اللّه عليه و آله و سلم .

١١

من الخطبة ( ١٤٩ ) و من خطبة له عليه السّلام :

وَ أَسْتَعِينُهُ عَلَى مَدَاحِرِ اَلشَّيْطَانِ وَ مَزَاجِرِهِ وَ اَلاِعْتِصَامِ مِنْ حَبَائِلِهِ وَ مَخَاتِلِهِ وَ أَشْهَدُ أَنَّ ؟ مُحَمَّداً ؟ عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ نَجِيبُهُ وَ صَفْوَتُهُ لاَ يُؤَازَى فَضْلُهُ وَ لاَ يُجْبَرُ فَقْدُهُ أَضَاءَتْ بِهِ اَلْبِلاَدُ بَعْدَ اَلضَّلاَلَةِ اَلْمُظْلِمَةِ وَ اَلْجَهَالَةِ اَلْغَالِبَةِ وَ اَلْجَفْوَةِ اَلْجَافِيَةِ وَ اَلنَّاسُ يَسْتَحِلُّونَ اَلْحَرِيمَ وَ يَسْتَذِلُّونَ اَلْحَكِيمَ يَحْيَوْنَ عَلَى فَتْرَةٍ وَ يَمُوتُونَ عَلَى كَفْرَةٍ « و استعينه على مداحر » أي : ما يوجب الطرد و الإبعاد ، قال تعالى :

اخرج منها مذؤوما مدحورا . . . ٢ .

« الشيطان و مزاجره » أي : ما يوجب منعه ، و مداحر الشيطان و مزاجره :

العبادات و الطاعات ، من الصلاة و الصيام و باقي القربات .

قال الصادق عليه السّلام : إنّ العبد إذا سجد فأطال السجود نادى إبليس يا ويلاه أطاع و عصيت ، و سجد و أبيت ٣ .

و قال النبيّ لأصحابه : ألا أخبركم بشي‏ء إن أنتم فعلتموه تباعد

ـــــــــــــــــ

( ١ ) سيرة ابن هشام ٤ : ١٧٢ و غيره .

( ٢ ) الأعراف : ١٨ .

( ٣ ) الكافي للكليني ٣ : ٢٦٤ ح ٢ ، و المحاسن للبرقي ١٨ ح ٥٠ ، و الفقيه للصدوق ١ : ١٣٦ ح ١٧ ، و ثواب الأعمال : ٥٦ ح ١ عن الصادق عليه السّلام ، و دعائم الإسلام للقاضي النعمان ١ : ١٣٦ عن علي عليه السّلام ، و المقنع للصدوق : ٤٥ بلا عزو .

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

وهذه الرواية تبيّن الدور الهام الذي تتمتّع به المرأة عند قيام الإمامعليه‌السلام ، كما يتّضح من هذه الرواية أهمّية الدعاء للمرأة في أن تكون من أصحابهعليه‌السلام .

وأخيراً : نسأل المولى عزّ وجلّ أن يجعلنا وإيّاكم من أنصار وليّه الحجّة ابن الحسنعليهما‌السلام .

( رؤوف ـ السعودية ـ ٢٧ سنة ـ طالب )

ظهوره نعمة ونقمة :

س : هل خروج الإمام المهديّ عليه‌السلام نعمة أم نقمة؟ هل سيقتل ويسفك الدماء؟ أم هو كجدّه نبيّ الرحمة صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

ج : إنّ ظهورهعليه‌السلام رحمة ونقمة ، كما كان جدّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين دعوته المباركة ، فهي رحمة للمؤمنين إذ عرّفهم الإسلام ، ودخلوا به ، وأنقذهم من الشرك والضلال.

وهو في نفس الوقت نقمة على الكافرين والمشركين من قريش ، الذين قتلهم الله ، وانتقم منهم على يدهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أمثال أبي جهل وعتبة ، وعمرو بن عبد ودّ من طواغيت الجاهلية ، فانتقم الله منهم بنبيّه ، فهل هذا إلاّ نصر إلهيّ ، وفتح مبين؟

كذلك هو قيام القائم وظهوره الشريف ، فهو نقمة على الكافرين والمنافقين ، إذ سينتقم الله به من عتاة الجبّارين بسيف الحقّ القويم ، وهو مصداق قوله تعالى :( فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ) (١) .

وفي نفس الوقت فهو رحمة للمؤمنين.

وقولك : سيسفك الدماء! فإنّهعليه‌السلام لا يسفك إلاّ دماء الظالمين الجبّارين ،

__________________

١ ـ الروم : ٤٧.

٣٠١

فهل لدماء هؤلاء حرمة؟ هل الذين قتلوا الأبرياء ، وأذاقوا الناس وبال الظلم ، وهتكوا الأعراض ، هل لدمائهم حرمة؟ فلا تقل : إنّه سيسفك الدماء ، بل قل : إنّه سيثأر لله وللمظلومين ، والمحرومين والمستضعفين.

علماً إنّهعليه‌السلام ـ في بعض الموارد ـ قد يعفو لمصلحة هو يراهاعليه‌السلام إلاّ أنّه لا يفرّط في حقوق الله تعالى ، وفي مظلومية المظلومين.

( أحمد جعفر ـ البحرين ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة )

عبد الله ليس اسم أبيه :

س : الأساتذة والعلماء الكرام والأفاضل : أُودّ أن أسألكم عن الحديث الذي يدّعيه أهل السنّة حول الإمام المهديّعليه‌السلام : « اسمه اسمي ، واسم أبيه اسم أبي » ، فمن ناحية السند ، هل كلّ هذه الأحاديث صحيحة؟

هل هي متواترة عندهم أم من الآحاد؟ وإذا كانت من الآحاد فإلى من تنتهي؟ وماذا يقول فيه أئمّة الحديث من السنّة والشيعة؟ الرجاء إعطاء بعض الأمثلة والنصوص ، ولكم جزيل الشكر.

ج : اختصاراً للوقت فإننا في مقام الإجابة ننقل لكم بحثاً كتب في هذا الموضوع في مجلة التراث العدد ٤٣ :

« هناك عدّة أحاديث مختلفة الألفاظ متّحدة المعنى في تحديد اسم أبِ المهدي ، ألا وهو ( عبد الله ) كاسم أبِ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله . نودّ الإشارة قبل بيان تلك الأحاديث إلى جملة من الأمور وهي :

١ ـ إنّ بعضاً من تلك الأحاديث أخرجها الفريقان ( الشيعة وأهل السنّة ) في كتبهم.

هذا ، مع اعتقاد الشيعة الإمامية بخلاف ذلك ، لأنّ تلك الأحاديث مخالفة لأُصول مذهبهم ، فكانت روايتها من أعظم الأدلّة على أمانتهم في النقل من دون تحريف أو زيادة أو نقصان ، وهذا من فضل الإسلام الذي أدّب أتباعه على الصدق والأمانة.

٣٠٢

٢ ـ أخرج الشيعة تلك الأحاديث من كتب السُنّة مصرّحين بالنقل عنها ، ولم يخرجوا حديثاً واحداً من طرقهم.

٣ ـ في تاريخنا الإسلامي شخصيّتان بارزتان ادُّعي لكلٍّ منهما المهدويّة ، وهما :

أ ـ محمّد بن عبد الله بن الحسن المثنّى ، الذي ثار في زمن المنصور العبّاسي ( ١٣٦ ـ ١٥٨هـ ) وانتهت ثورته بقتله سنة ( ١٤٥هـ ).

ب ـ محمّد بن عبد الله المنصور ، الخليفة العبّاسي الملقّب بـ : المهديّ ( ١٥٨ ـ ١٦٩ هـ ).

والأوّل حسنيّ ، والثاني عبّاسي!

٤ ـ أشرنا إلى محاولة التفاف العبّاسيين حول أحاديث كون المهديّ من وُلْد العبّاس عند مناقشة حديث الرايات ، وستأتي أيضاً محاولة التفاف الحسنيّين على أنّ المهديّ الموعود هو من وُلْد الإمام الحسنعليه‌السلام .

٥ ـ لا ينبغي الشكّ في كون ادّعاء كلّ فريق من العبّاسيّين والحسنيّين انطباق أحاديث المهديّ على صاحبه ، وحرصهم على خلقها وإشاعتها فيه ، وبثّها بين الناس لِما في ذلك من أهداف ومصالح كبيرة لا تخفى على أحد ، وربّما لا يمكن الوصول إليها بغير هذا الطريق الذي هو الأمل المنشود لكلّ المؤمنين ، خصوصاً وأنّ كلاًّ من هاتين الشخصيّتين من ذوي النفوذ والمكانة الاجتماعيّة والسياسية ، فالأوّل قائد ثورة والثاني خليفة ، ومن يكون هكذا فهو بحاجة إلى مدد وعون يؤمن بمكانته الروحية في المجتمع.

٦ ـ سيأتي ـ وعلى طبق ما بأيدينا من أدلّة ( مشتركة ) ـ أنّ الأحاديث التي شخّصت اسم والد المهديّ بعبد الله موضوعة على الأقوى ، وأمّا مع افتراض صحّتها ، فلابدّ من تأويلها بما يتّفق مع الاسم الآخر كما صرّح به أهل هذا الفنّ من الفريقين.

وبعد بيان هذه الأُمور نستعرض ما وقفنا عليه من تلك الأحاديث وهي :

٣٠٣

الحديث الأول :

«لا تذهب الدنيا حتّى يبعث الله رجلاً من أهل بيتي ، يواطئ اسمه اسمي ، واسم أبيه اسم أبي ».

وأهمّ من أخرج الحديث هو ابن أبي شبية ، والطبراني ، والحاكم ، كلّهم ؛ من طريق عاصم ابن أبي النجود ، عن زرّ بن حبيش ، عن عبد الله بن مسعود ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) .

كما أخرجه من الشيعة المجلسيّ الثاني في « بحار الأنوار » عن الإربلّي ، ونقله الأخير عن كتاب « الأربعين » لأبي نعيم الأصبهاني(٢) .

الحديث الثاني :

« لا تقوم الساعة حتّى يملك الناس رجل من أهل بيتي ، يواطيء اسمه اسمي ، واسم أبيه اسم أبي ، فيملؤها قسطاً وعدلاً ».

والذي أخرج هذا الحديث هو أبو عمرو الداني ، وكذلك الخطيب البغدادي ، أخرجاه من طريق عاصم بن أبي النجود عن ابن مسعود أيضاً ، ولم يخرجه الشيعة(٣) .

الحديث الثالث :

« المهديّ يواطيء اسمه اسمي ، واسمُ أبيه اسم أبي ».

وأهمّ مَن أخرجه من أهل السنّة : والخطيب البغدادي ، وابن حجر ، وقد

__________________

١ ـ المصنّف ١٥ / ١٩٨ رقم ١٩٤٩٣ ، المعجم الكبير ١٠ / ١٦٣ رقم ١٠٢١٣ و ١٠ / ١٦٦ رقم ١٠٢٢٢ ، المستدرك على الصحيحين ٤ / ٤٤٢.

٢ ـ بحار الأنوار٥١ / ٨٢ رقم ٢١ ، نقله عن كشف الغمّة ٣ / ٢٦١ ، والأخير عن « الأربعين » لأبي نعيم الأصبهاني.

٣ ـ سنن أبي عمرو الداني : ٩٤ ـ ٩٥ نقلنا عنه بتوسّط معجم أحاديث الإمام المهديّعليه‌السلام ، تاريخ بغداد ١ / ٣٧٠.

٣٠٤

أخرجاه من طريق عاصم أيضاً بسنده عن ابن مسعود(١) .

وأخرجه من الشيعة ابن طاووس ، نقلاً عن ابن حمّاد(٢) .

هذا ، وقد وقع في سند الخطيب لهذا الحديث : أبو نعيم ، والطبراني ، وابن أبي حاتم ، وابن حمّاد ، فهؤلاء كلّهم من رواته.

وهذه الأحاديث الثلاثة هي أهمّ ما روي في هذا الشأن ، ومن أخرجها من العلماء ـ كما تقدّم ـ أصبحوا الأساس لجميع من تأخّر من العلماء الذين أوردوها عنهم ، وقلّما انفرد بعضهم بطريق آخر لم يتّصل بعاصم بن أبي النجود ، فهو العمدة في المقام كما صرّح به الأعلام.

مناقشة أحاديث « واسم أبيه اسم أبي » :

إنّ مما يُلحظ على الأحاديث الثلاثة المتقدّمة أنّها غير معروفة عند غالبية الحفّاظ والمحدّثين ، مع تصريحهم بأنّ الأكثر والأغلب على رواية :

( واسمه اسمي ) فقط. من غير زيادة ( واسم أبيه اسم أبي ).

فالحديث الأول مثلاً ، رواه الإمام أحمد في مسنده في عدّة مواضع من غير تلك الزيادة(٣) .

كما رواه الترمذي من غير هذه الزيادة أيضاً ، وقال : « وفي الباب : عن عليٍّ ، وأبي سـعيد ، وأُمّ سلمة ، وأبي هريرة ، وهذا حديث حسن صحيح »(٤) .

أمّا الطبراني ، فقد أخرج الحديث الأوّل بأكثر من عشرة طرق من غير هذه الزيادة ، وذلك في الأحاديث التي تحمل الأرقام التالية : ١٠٢١٤ و ١٠٢١٥ و ١٠٢١٧ و ١٠٢١٨ و ١٠٢١٩ و ١٠٢٢٠ و ١٠٢٢١ و ١٠٢٢٣ و ١٠٢٢٥ و ١٠٢٢٦ و

__________________

١ ـ تاريخ بغداد ٥ / ٣٩١ ، والقول المختصر ٤ / ٤ وقد رواه مرسَلاً.

٢ ـ الملاحم : ٧٤ باب ١٦٢ ، نقله عن ابن حمّاد.

٣ ـ مسند أحمد ١ / ٣٧٦ و ٣٧٧ و ٤٣٠ و ٤٤٨.

٤ ـ سنن الترمذي ٤ / ٥٠٥ رقم ٢٢٣٠.

٣٠٥

١٠٢٢٧ و ١٠٢٢٩ و ١٠٢٣٠ ، وهكذا فعل غيره مثل ابن أبي شيبة والحاكم وغيرهما من أقطاب المحدِّثين.

وممّا يزيد الأمر وضوحاً هو تصريح من أورد الحديث الأوّل بعدم وجود ( واسم أبيه اسم أبي ) في أكثر كتب الحفّاظ ، قال المقدسي الشافعي بعد أنْ أورد الحديث عن أبي داود : « أخرجه جماعة من أئمّة الحديث في كتبهم ، منهم الإمام أبو عيسى الترمذي في جامعه ، والإمام أبي داود في سننه ، والحافظ أبو بكر البيهقيّ ، والشيخ أبو عمرو الداني ، كلّهم هكذا »(١) ، يريد : ( اسمه اسمي ) فقط بدون زيادة ( واسم أبيه اسم أبي ).

ولا يمكن أْن يكون هؤلاء الأئمّة الحفّاظ لا علم لهم بهذه الزيادة المرويّة من طريق عاصم بن أبي النجود ، مع أنّهم أخرجوا تلك الأحاديث من طريق عاصم نفسه ، وهذا يدلّ على عدم اعتقادهم بصحّة هذه الزيادة ، وإلاّ لَما أعرضوا عن روايتها ، ولا يتّهم أحدهم بأنّه قد أسقطها عمداً ، خصوصاً وأنّ لهذه الزيادة أهمّيّتها في النقض على ما يدعيه الطرف الآخر من اسم والد المهديّعليه‌السلام .

ومن هنا يتبيّن أّن عبارة ( واسم أبيه اسم أبي ) هي من زيادة أحد الرواة ، عن عاصم ؛ ترويجاً لفكرة كون المهديّ هو محمّد بن عبدالله بن الحسن ، أو ابن المنصور الخليفة العبّاسي.

وممّا يؤكّد هذا أنّ في لسان الأوّل رتّةً ، وإذا بنا نجد من يضع على الصحابي أبي هريرة حديثاً يشهد على نفسه بافتقاره لمخائل الصدق وهو حديث : « إنّ المهديّ اسمه محمّد بن عبد الله ، في لسانه رتّةٌ »(٢) .

هذا ، وقد ردّ زيادة ( واسم أبيه اسم أبي ) زيادةً على من أعرض عن روايتها بعض أعلام هذا الفنّ من أهل السُنّة ، منهم الآبري ( ت ٣٦٣ هـ ) على ما في « البيان » للكنجي الشافعي ، إذ روى الكنجي عن كتاب أبي الحسن الآبري

__________________

١ ـ عقد الدرر : ٢٧ باب ٢.

٢ ـ نقله في معجم أحاديث الإمام المهديّعليه‌السلام عن مقاتل الطالبيّين : ١٦٣ ـ ١٦٤.

٣٠٦

المسمّى بـ « مناقب الشافعي » ، فقال : « ذَكَر هذا الحديث ، وقال فيه : وزاد زائدة في روايته : لو لم يبق من الدنيا إلاّ يومٌ لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يبعث الله رجلاً منّي ، أو من أهل بيتي ، يواطئ اسمه اسمي ، واسم أبيه اسم أبي ، يملأ الأرض قِسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً »(١) .

ولمّا كانت الأحاديث الثلاثة المتقدّمة كلّها من رواية عاصم بن أبي النجود ، عن زرّ بن حبيش ، عن عبدالله بن مسعود ، فلا بأس ببيان ما جمعه الحافظ أبو نعيم من طرق هذا الحديث المنتهية إلى عاصم ، والّتي اتّفقت جميعها على روايته بلفظ : « واسمه اسمي » فقط ، ولم يرد في طريق واحد منها لفظ : « واسم أبيه اسم أبي » ، فيما صرّح به الكنجيّ الشافعي في كتابه « البيان ».

ونودّ قبل نقل كلامه الاِشارة السريعة إلى أنّ تلك الزيادة قد رواها أيضاً البزّار في مسنده ، والطبراني في المعجم الكبير والأوسط من طريق داود بن المحبّر بن قحذم ، عن أبيه ، كما في « مجمع الزوائد » للهيثمي ، وهذا الطريق وإن اختلف عن طريق عاصم إلاّ أنّه ضعيف بداود وأبيه كلاهما كما نصَّ على ذلك الهيثمي(٢) .

إذن العمدة في المقام هو حديث عاصم ، وفيه قال الكنجي الشافعي :

« وجمع الحافظ أبو نعيم طرق هذا الحديث عن الجمّ الغفير في مناقب المهديّ ، كلّهم عن عاصم بن أبي النجود ، عن زرّ ، عن عبدالله [ بن مسعود ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

ثمّ أخذ في بيان من روى الحديث عن عاصم بلفظ : « واسمه اسمي » فقط بلا زيادة : « واسم أبيه اسم أبي » حتّى أوصلهم إلى أكثر من ثلاثين راوياً وهم :

١ ـ سفيان بن عيينة ، وطرقه عنه بطرق شتّى.

٢ ـ فطر بن خليفة ، وطرقه عنه بطرق شتّى.

__________________

١ ـ البيان في أخبار صاحب الزمان : ٤٨٢.

٢ ـ مجمع الزوائد ٧ / ٣١٤ باب ما جاء في المهديّ.

٣٠٧

٣ ـ الأعمش ، وطرقه عنه بطرق شتّى.

٤ ـ أبو إسحاق سليمان بن فيروز الشيباني ، وطرقه عنه بطرق شتّى.

٥ ـ حفص بن عمر.

٦ ـ سفيان الثوري ، وطرقه عنه بطرق شتّى.

٧ ـ شعبة ، وطرقه عنه بطرق شتّى.

٨ ـ واسط بن الحارث.

٩ ـ يزيد بن معاوية أبو شيبة ، له فيه طريقان.

١٠ ـ سليمان بن حزم ، وطرقه عنه بطرق شتّى.

١١ ـ جعفر الأحمر ، وقيس بن الربيع ، وسليمان بن حزم ؛ جميعهم في سند واحد.

١٢ ـ سلام بن المنذر.

١٣ ـ أبو شهاب محمّد بن إبراهيم الكتّاني ، وطرقه عنه بطرق شتّى.

١٤ ـ عمر بن عبيد الطنافسي ، وطرقه عنه بطرق شتّى.

١٥ ـ أبو بكر بن عيّاش ، وطرقه عنه بطرق شتّى.

١٦ ـ أبو الجحّاف داود بن أبي العوف ، وطرقه عنه بطرق شتّى.

١٧ ـ عثمان بن شبرمة ، وطرقه عنه بطرق شتّى.

١٨ ـ عبد الملك بن أبي عتبة.

١٩ ـ محمّد بن عيّاش ، عن عمرو العامري وطرقه عنه بطرق شتّى. وذكر مسنداً وقال فيه : حدّثنا أبو غسّان ، حدّثنا قيس ، ولم ينسبه.

٢٠ ـ عمرو بن قيس الملاّئي.

٢١ ـ عمّار بن زريق.

٢٢ ـ عبدالله بن حكيم بن جبير الأسدي.

٢٣ ـ عمر بن عبدالله بن بشر.

٢٤ ـ أبو الأحوص.

٢٥ ـ سعد بن الحسن ابن أُخت ثعلبة.

٣٠٨

٢٦ ـ معاذ بن هشام ، قال : حدّثني ابن أبي عاصم.

٢٧ ـ يوسف بن يونس.

٢٨ ـ غالب بن عثمان.

٢٩ ـ حمزة الزيّات.

٣٠ ـ شيبان.

٣١ ـ الحكم بن هشام.

ثمّ قال : « ورواه غير عاصم ، عن زرّ ، وهو عمرو بن حرّة ، عن زرّ ؛ كلّ هؤلاء رووا ( اسمه اسمي ) ؛ إلاّ ما كان من عبيدالله بن موسى ، عن زائدة ، عن عاصم ، فإنّه قال فيه : ( واسم أبيه اسم أبي ).

ولا يرتاب اللبيب أنّ هذه الزيادة لا اعتبار بها ، مع اجتماع هؤلاء الأئمّة على خلافها ، والله العالم »(١) .

وقد حاول بعض علماء الفنّ من الفريقين تأويل هذه الزيادة على فرض صحّة صدورها ، وقد تعرّض الكنجي الشافعي إلى بعض تأويلاتهم في المقام ؛ إلاّ أنّه استنكرها بقوله : « وهذا تكلُّفٌ في تأويل هذه الرواية ، والقول الفصل في ذلك : إنّ الاِمام أحمد مع ضبطه وإتقانه ، روى هذا الحديث في مسنده في عدّة مواضع : واسمه اسمي »(٢) .

ومن هنا يتّضح : أنّ حديث : « واسم أبيه اسم أبي » لا يصحّ في حسابات فنّ الدراية أْن يكون متعارضاً مع أحاديث كون اسم والد المهديّ هو الحسنعليهما‌السلام ، المرويّة بعشرات الطرق من الفريقين ، مع موافقته لحديث : « واسمه اسمي » المرويّ عن عليٍّعليه‌السلام ، وابن مسعود ، وأبي سعيد ، وحذيفة ، وسلمان ، وأبي هريرة ، وابن عمر ، وأُمّ سلمة ، وغيرهم(٣) .

__________________

١ ـ البيان في أخبار صاحب الزمان : ٤٨٣ / ٤٨٥.

٢ ـ البيان في أخبار صاحب الزمان : ٤٨٣ ، مطالب السؤول : ٢٩٣.

٣ ـ مسند أحمد ١ / ٣٧٦ و ٣٧٧ ، سنن الترمذي ٤ / ٥٠٥ رقم ٢٢٣٠ و ٢٢٣١ ، سنن أبي داود ٤ / ١٠٧ رقم ٤٢٨٢ ، المعجم الكبير ١٠ / ١٦٤ رقم ١٠٢١٨ و ١٠٢١٩ و ص ١٦٥ رقم ١٠٢٢٠ و

٣٠٩

هذا ، زيادة على إطباق كلمة أهل البيتعليهم‌السلام من لدن الاِمام أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب إلى الاِمام الحسن العسكريعليهم‌السلام على ذلك ، مضافاً إلى تأييد مائة وثمانية وعشرين عالماً ومحدِّثاً ومؤرّخاً من أهل السُنّة إلى أحاديث كون المهديّ من وُلْد الاِمام الحسن العسكري ، وقد فصّلنا الكلام عنهم وعن أسمائهم وأقوالهم ، ورتّبناهم بحسب القرون ابتداءً من القرن الرابع الهجري وانتهاءً بالقرن الرابع عشر الهجري(١) .

وهذا ما يجعل حديث : « واسم أبيه اسم أبي » على فرض صحّته ليس بقوّة ثبوت الحديث الآخر ، ممّا يجب طرحه أو تأويله ، وسيأتي عند الحديث عن كون المهديّ من أولاد الحسن أو الحسينعليهما‌السلام ما له علاقة وطيدة ببيان الاسم الصحيح لوالد الإمام المهديّعليه‌السلام .

( عادل علي ـ اليمن ـ )

من علامات ظهوره :

س : متى يظهر الإمام المهديّ عليه‌السلام ؟ وما هي علامات الظهور؟

ج : ليس هناك توقيت لظهور الإمام المهديّعليه‌السلام أبداً ، بل الأئمّة الأطهارعليهم‌السلام كذّبوا كلّ من يقول بذلك.

فعن الفضل بن يسار ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : قلت : هل لهذا الأمر وقت؟ فقال : «كذب الوقّاتون ، كذب الوقّاتون ، كذب الوقّاتون »(٢) .

__________________

ص ١٦٨ رقم ١٠٢٢٩ و ١٠٢٣٠ ، ذِكر أخبار أصبهان ١ / ١٢٩ ، مسند أبي يعلى الموصلي ٢ / ٣٦٧ رقم ١١٢٨ ، صحيح ابن حبّان ٨ / ٢٩١ رقم ٦٧٨٦ و ٦٧٨٧ ، البدء والتاريخ ٢ / ٨٠ ، تذكرة الخواصّ : ٣٦٣ ، المنار المنيف : ١٤٨ رقم ٣٢٩ فصل ٥٠٠ ، القول المختصر ٧ / ٣٧ باب ١ ، فرائد السمطين ٢ / ٣٢٥ رقم ٥٧٥ ، منهاج السُنّة ٤ / ٢١١ ، ينابيع المودّة : ٤٩٢.

١ ـ دفاع عن الكافي ١ / ٥٦٥ ـ ٥٩٢.

٢ ـ الكافي ١ / ٣٦٨.

٣١٠

نعم ، ورد أنّه يظهر يوم عاشوراء الذي يصادف يوم السبت أو الجمعة ، أمّا في أيّ سنة فغير معلوم.

ولكن هناك قرائن وعلائم للظهور ذكرت في رواياتنا ، بأنّها متى ما تحقّقت يتحقّق الظهور ، ومن تلك العلائم الحتمية الوقوع ، التي اتّفقت رواياتنا على ذكرها هي : خروج اليماني ، والسفياني ، والصيحة ، والخسف بالبيداء ، وقتل النفس الزكية.

عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : « خمس قبل قيام القائم : اليمانيّ ، والسفيانيّ ، والمنادي ينادي من السماء ، وخسف بالبيداء ، وقتل النفس الزكية »(١) .

( ـ ـ )

فضل النصف من شعبان في كتب السنّة :

س : يرجى التكرّم ببيان فضل النصف من شعبان ، وذلك من كتب إخواننا أهل السنّة ، شاكرين لكم ذلك.

ج : وردت أعمال كثيرة في مصادر أهل السنّة ، في تعظيم ليلة النصف من شعبان ويومه ، وكلّ ما ورد من أعمال لم يرتضه الوهّابيون ، كعادتهم في رفض أكثر ما ورد أو كلّ ما ورد في تعظيم بعض المناسبات.

وقد اعتقد بعض علماء أهل السنّة أنّ ليلة النصف من شهر شعبان هي ليلة القدر.

وقد ذكروا لهذه الليلة ويومها أعمالاً كثيرة ، من صلاة ودعاء وصيام و

فعن الإمام عليعليه‌السلام قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إذا كانت ليلة النصف من شعبان ، فقوموا ليلها وصوموا نهارها »(٢) .

__________________

١ ـ الإمامة والتبصرة : ١٢٨ ، الخصال : ٣٠٣ ، كمال الدين وتمام النعمة : ٦٤٩ ، إعلام الورى ٢ / ٢٧٩.

٢ ـ سنن ابن ماجة ١ / ٤٤٤.

٣١١

وعن أبي موسى الأشعريّ ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «إنّ الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان ، فيغفر لجميع خلقه ، إلاّ لمشرك أو مشاحن »(١) .

وعن عائشة قالت : فقدت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات ليلة فقال : «إنّ الله تعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا ، فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب »(٢) .

وعن عبد الله بن عمر : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « يطّلع الله عزّ وجلّ إلى خلقه ليلة النصف من شعبان ، فيغفر لعباده إلاّ لاثنين ، مشاحن وقاتل نفس »(٣) .

وأمّا ما في روايات أهل البيتعليهم‌السلام فجاء الكثير مسنداً عنهمعليهم‌السلام في تعظيم ليلة النصف ويومها ، وذكروا أعمالاً كثيرة.

( أبو أيمن ـ المغرب ـ سنّي )

فلسفة الدعاء بتعجيل فرجه :

س : لماذا يدعو الشيعة بتعجيل فرج المهديّ المنتظر؟ وهل هو في كربة حتّى يفرّج الله عنه؟ وهل صحيح أنّه توجد في إيران خيل مسرّجة دوماً في انتظار المهديّ عند أحد المغارات؟ أو ما يسمّى بالسرادق!

ج : إمّا أن يكون المراد من الفرج المذكور في الدعاء هو فرج المؤمنين والمظلومين في العالم ، وإنما نسب وأضيف إلى الإمام المهديّعليه‌السلام باعتباره الفاعل لهذا الفرج بإذن الله تعالى كما تواتر هذا المعنى في روايات الشيعة والسنّة حيث ذكرت إنه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملأت ظلماً وجوراً.

__________________

١ ـ المصدر السابق ١ / ٤٤٥.

٢ ـ المصدر السابق ١ / ٤٤٤ ، الجامع الكبير ٢ / ١٢١ ، الجامع الصغير ١ / ٢٩٧ ، كنز العمّال ١٢ / ٣١٤.

٣ ـ مسند أحمد ٢ / ١٧٦ ، كنز العمّال ٣ / ٤٦٧.

٣١٢

إن الدعاء بتعجيل الفرج في الواقع هو دعاء لنا ، لأنّ فرجهعليه‌السلام هو فرج لكل المظلومين والمضطهدين في العالم ، لأنّ الإمام المهديّعليه‌السلام سيعيد كلّ حقّ إلى أهله ، وسينتقم من الظالمين.

وإمّا أن يراد منه بأنّه دعاء بالفرج للإمام المهديّعليه‌السلام ، لأنّه ـ على مبنى الشيعة ـ حيّ يرزق وغائب عن الأنظار ، ويرى ما يجري لأُمّة جدّه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله من ظلم وقتل ، وتشريد واضطهاد ، وهو ابن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والإمام الثاني عشر عند أكثر المسلمين ، حيث ذهب كثير من العلماء من شتّى الفرق الإسلامية ، إلى أنّ الثاني عشر في حديث « الخلفاء بعدي اثنا عشر » هو الإمام المهديّعليه‌السلام .

فالإمام المهديّ يتألّم أشدّ ألم ، وهو في كربة عظمى ، وهو يشاهد ما يجري على المسلمين من أنواع الكربات.

وأمّا ما سألت عنه من وجود خيل في إيران مسرّجة ، فهذا ما نسمعه لأوّل مرّة منك ، فهلاّ عرّفتنا على هذا المكان لنذهب ونفحص عن حقيقة الأمر.

( عمر بن عبد الرحمن المدفع ـ الإمارات ـ سنّي )

في أحاديث الرسول من كتب السنّة :

س : كثيراً ما أدخل في جدال مع أصدقائي بخصوص أصحاب المذهب الجعفريّ ، وأنا بكلّ صراحة أحترم أخواني الشيعة ، وأقسم بالله بأنّي ليس في قلبي أي بغضاء ضدّهم ، والحمد لله بأنّي لدي كثير من الكتب التي تخصّ المذهب الشيعيّ ، ومن خلال هذه الرسالة أحببت أن أوجّه تحية إلى فضيلتكم ، ولدي سؤال عن الإمام المهديّ عليه‌السلام ، هل ذكر في أحاديث الرسول محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

ج : قد تواتر الحديث عن الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله في الإمام المهديّعليه‌السلام ، وأنّ اسمه اسم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكنيته كنيته ، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما ملئت ظلماً وجوراً.

وهذه الأحاديث بكثرة لا يمكن حصرها ، فلا يكاد يخلو منها كتاب في

٣١٣

الحديث ، أو معجم في التراجم والسير ، ولو تصدّينا لجمع ما أمكن منها ، لكانت موسوعة كبرى في الحديث.

وهذا إن دلّ على شيء ، فإنّما يدلّ على تواتر حديث المهديّعليه‌السلام ، وأنّ الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يبشّر الأُمّة الإسلامية بظهوره في كلّ ناد ومحفل ، ومنتدى ومجمع.

وإليك بعض هذه الأحاديث التي انتقيناها من بعض كتب السنّة :

١ ـ أخذصلى‌الله‌عليه‌وآله بيد علي فقال : «يخرج من صلب هذا حيّ يملأ الأرض عدلاً وقسطاً »(١) .

٢ ـ عن أنس بن مالك قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «نحن بنو عبد المطّلب سادات أهل الجنّة ، أنا وحمزة وعلي ، وجعفر بن أبي طالب ، والحسن والحسين ، والمهديّ »(٢) .

٣ ـ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «من أنكر خروج المهديّ فقد كفر بما أنزل على محمّد »(٣) .

٤ ـ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «يلتفت المهديّ ، وقد نزل عيسى بن مريم ، كأنّما يقطر من شعره الماء ، فيقول المهديّ : تقدّم فصلّ بالناس ، فيقول عيسى : إنّما أقيمت الصلاة لك ، فيصلّي خلف رجل من ولدي »(٤) .

٥ ـ عن أبي سعيد الخدريّ قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «المهديّ منّي أجلى الجبهة ، أقنى الأنف ، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما ملئت جوراً وظلماً ، ويملك سبع سنين »(٥) .

__________________

١ ـ المعجم الأوسط ٤ / ٢٥٦.

٢ ـ سنن ابن ماجة ٢ / ١٣٦٨ ، ذخائر العقبى : ١٥ و ٨٩ ، جواهر المطالب ١ / ٢٢٨ ، ينابيع المودّة ٢ / ٦٨ ، كنز العمّال ١٢ / ٩٧.

٣ ـ فرائد السمطين ٢ / ٣٣٤.

٤ ـ الصواعق المحرقة ٢ / ٤٧٥ ، ينابيع المودّة ٣ / ٢٦٤.

٥ ـ كشف الغمّة ٣ / ٢٣٤ ، مسند أبي داود ٢ / ٣١٠ ، العجم الأوسط ٩ / ١٧٦ ، الجامع الصغير ٢ / ٦٧٢ ، كنز العمّال ١٤ / ٢٦٤.

٣١٤

٦ ـ عن أبي سعيد الخدريّ ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «يخرج في آخر أُمّتي المهديّ ، يسقيه الله الغيث ، وتخرج الأرض نباتها ، ويعطى المال صحاحاً ، وتكثر الماشية ، وتعظم الأُمّة ، ويعيش سبعاً أو ثمانياً ، يعني حججاً »(١) .

٧ ـ عن أبي سعيد الخدريّ قال : خشينا أن يكون بعد نبيّنا حدث ، فسألنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : « يخرج المهديّ في أُمّتي ، خمساً أو سبعاً أو تسعاً » زيد الشكّ ، قال : قلت : أيّ شيء؟ قال : « سنين » ، ثمّ قال : » يجيء الرجل إليه فيقول : يا مهدي اعطني اعطني » ، قال : « فيحثى له في ثوبه ما استطاع أن يحمل »(٢) .

٨ ـ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله لفاطمةعليها‌السلام : «المهديّ من ولدك »(٣) .

٩ ـ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا نادى مناد من السماء : أنّ الحقّ في آل محمّد ، فعند ذلك يظهر المهديّ »(٤) .

فأصل فكرة المهديّعليه‌السلام من المسائل المتّفق عليها بين المسلمين ، إلاّ من شذّ وندر ، وكذلك أصل فكرة المنقذ مسألة متّفق عليها بين الأديان.

( حسن محمّد يوسف ـ البحرين )

كاذب من يدّعي السفارة عنه :

س : ما هو السبب في عدم صدق الأشخاص الذين يدّعون السفارة في زمن الغيبة الكبرى؟ وشكرا لكم.

ج : تارة تسأل عن الدليل ، فهو روايات صحيحة صريحة في تكذيب كلّ من يدّعي النيابة والسفارة في زمن الغيبة الكبرى ، وتارة تسأل عن السبب ، فيمكن

__________________

١ ـ المستدرك ٤ / ٥٥٨.

٢ ـ مسند أحمد ٣ / ٢١ ، الجامع الكبير ٣ / ٣٤٣ ، كنز العمّال ١٤ / ٢٧٣.

٣ ـ ذخائر العقبى : ١٣٦ ، كشف الغمّة ٣ / ٢٦٧.

٤ ـ كنز العمّال ١٤ / ٥٨٨.

٣١٥

أن يكون للوقوف أمام أصحاب الهوى والزعامات الدنيوية ، الذين يستغلّون هذا الباب لمصالحهم الدنيوية الشخصية من جمع المال ، والحصول على الرئاسة ، كلّ ذلك باسم المهديّ المنتظر ، وبذلك سيكون خراباً للدنيا والدين.

هذا ، ونعلمك بأنّ الرؤية غير السفارة والباب ، فالروايات المروية في تكذيب من رأى المهديّ المنتظر محمولة على اصطحاب السفارة مع ادعاء الرؤية.

( زهرة لطف الله ـ البحرين ـ )

كيفية موته ونهاية العالم :

س : قد فهمنا أنّه لا تنتهي الدنيا بوفاة الحجّةعليه‌السلام ، ولكن السؤال هو كيف ستكون نهاية العالم؟ مع أنّه بعد خروج الإمام سيعمّ العدل والسلام؟

أمّا السؤال الثاني فهو : كيف سيموت الحجّةعليه‌السلام ؟ فقد جاء في حديث شريف : « ما منّا من مات ميتة عين ».

ج : نحاول هنا الإجابة على السؤالين معاً ، حيث ثبت أنّ الإمام المهديّعليه‌السلام إذا ظهر فسوف يعمّ العدل والقسط ، ولا يعني هذا أنّ الخلق سوف يكونون معصومين ، أو أنّهم بأجمعهم عدول ، بل المقصود أنّ الإمام يحكم بين الناس بالعدل ، ويأخذ للمظلوم من الظالم حقّه ، وهكذا.

وقد ورد في الروايات : أنّ الأئمّة لا يموتون حتف أنفهم ، فهم أما مقتول أو مسموم ، ثمّ تكون الرجعة ، التي هي على إجمالها من عقائد الشيعة ، دون النظر إلى التفاصيل.

أمّا كيفية نهاية العالم فقد قال تعالى :( يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ) (١) ، وهنالك آيات كثيرة توضّح النفخ في الصور ، وانتهاء العالم.

____________

١ ـ الأنبياء : ١٠٤.

٣١٦

( محمّد الإبراهيمي ـ كندا ـ )

معنى كونه شريكاً للقرآن :

س : نقرأ في زيارة صاحب الأمر والزمان المروية عن الشيخ المفيد ، والسيّد ابن طاووس عبارة : « السلام عليك يا شريك القرآن » ، ما هو المقصود من هذه العبارة؟

ج : إنّ الأئمّة الإثنى عشرعليهم‌السلام كما هو معلوم ، هم عدل القرآن وشركاؤه ، باعتبار قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما فلن تضلّوا بعدي أبداً ».

( أيوب محمود دكسن ـ الكويت ـ )

إمكان حضوره في أكثر من مجلس :

س : كيف يمكن لمولانا الحجّة عليه‌السلام أن يحضر أكثر من مجلس في نفس الوقت؟

ج : هناك عدّة احتمالات في المقام ، ينبغي أن نأخذ كلّها أو بعضها بعين الاعتبار :

منها : إنّ المراد من حضوره هو النظر والعناية من قبلهعليه‌السلام لكلّ مجلس ، وهذا نظير حضور المعصومينعليهم‌السلام في مجالس ذكرهم ، إذ إنّ الحضور في مكان هو لأجل الوقوف على كلمات وأقوال الحاضرين ، وهذا ما يتحصّل في حالة إفاضة عناية الإمامعليه‌السلام للمجلس ، وكأنّه هو حاضر فيه يسمع ويرى من يخاطبه ، ويرد عليه بالرأفة والرحمة الخاصّة بهعليه‌السلام .

ومنها : إنّ المقصود من حضوره في أكثر من مجلسٍ في وقتٍ واحد قد يكون بصورة حضور وكيله أو نائبه ، أو من يتولّى الأمر من قبلهعليه‌السلام في تلك المجالس ، وهذا يعتبر حضورهعليه‌السلام بالعناية والمجاز ، ويكون من قبيل القول : بأنّ فلاناً قد شارك في اجتماع أو مؤتمر ، وفي الواقع قد أرسل مندوبه ليمثّله هناك.

٣١٧

والله العالم بحقائق الأُمور.

( ـ ـ )

كيفية الاستعداد للقائه :

س : كيف يمكنني الاستعداد لأكون من أنصار الإمام المهديّ عليه‌السلام ؟ وأن لا أكون مثل أهل الكوفة ، الذين دعوا الإمام أن يأتي ، ولكن فيما بعد يخافون من الموت ويتخاذلون ، إنّي أخشى دائماً أن أكون هكذا؟! فماذا أفعل؟

ج : الاستعداد يكون بإطاعة أوامر الله ، والتجنّب عن نواهيه ، وبعبارة أُخرى : أن نسعى لتحقيق ما لأجله بعثت الرسل ، وأمرت به الأئمّةعليهم‌السلام ، لنسعى ما لأجله يظهر الإمامعليه‌السلام ، يظهر ليطبّق سنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ليحقّ الحقّ ، وليبطل الباطل ، ليكون الناس جميعاً مطيعين لله ، منتهين عن نواهيه.

فلنكن نحن ممّن أطاع الله ، وتجنّب عن معاصيه ، وبهذا سنكون من الممهّدين لظهورهعليه‌السلام ، وسنكون معه إن شاء الله تعالى.

( أحمد جاسم أبو حسن ـ البحرين ـ )

من وصيّه بعد غيبته :

س : نحن الشيعة نعتقد أنّ النبيّ محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يغادر الدنيا إلاّ بعد أن أوصى بالإمام عليعليه‌السلام خليفة بعده ، ونحتجّ بالدليل العقليّ ، أنّه لا يعقل أن يترك النبيّ الأُمّة بدون خليفة ، لكي تنقسم وتتناحر في تحديد من هو الخليفة.

وفي نفس الوقت نقول : إنّ الإمام المهديّعليه‌السلام غاب عن الأُمّة بدون أن يوصي لمن هو خليفة بعده ، وترك الأُمّة هي التي تحدّد وتختار خليفة لها ، ممّا أدّى إلى انقسامات في المذهب حول المرجعية ، كما هو ملاحظ.

فسؤالي هو : لماذا لم ينتهج الإمام المنتظرعليه‌السلام سياسة النبيّ في ذلك؟ وكيف نوفّق بين الاعتقادين؟

ج : إنّ الشيعة تعتقد ـ بالأدلّة العقليّة والنقليّة ـ بوجوب وصاية النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ،

٣١٨

ووقوعها لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، ولكن في غيبة الإمام المنتظرعليه‌السلام لم تعتقد الشيعة بانتهاء إمامته أو خلافته ، حتّى تجب الوصاية لغيره ، بل إنّ إمامته مستمرة ، فلا تحتاج إلى خليفة ينوب عنه ، وأنّهعليه‌السلام يرعى الأُمّة والطائفة ، ولو من وراء ستار الغيبة.

فالغيبة لا تلغي مهمّات الإمامة مطلقاً ، بل تصدّ عن الدور الحضوري للإمامعليه‌السلام ، وهذا بعكس ارتحال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الرفيق الأعلى ، إذ يجب فيه من يتولّى مسؤولية قيادة الأُمّة وإمامتها.

ثمّ حتّى في عصر الغيبة ، وإن لم يصرّح بمنصب خلافة الإمامعليه‌السلام ونيابته ، ولكن قد جاءت نصوص وأحاديث شريفة تؤكّد وجوب ملازمة الناس علماء الطائفة واتباعهم على نحو العموم ، وفيها مواصفات هؤلاء من العلم والتقوى والعدالة وغيرها ، حتّى لا يقع الناس في انحراف وضلالة.

فالانقسامات التي ذكرتموها لا تؤثّر في أصل العقيدة ومجراها ، إن اتبعنا من له أهلية ومصداقية تلك الروايات ، فتصبح تلك الخلافات هامشية ، ونتيجة طبيعية لعدم عصمة الجميع.

( شاهر ـ ـ )

الجديد الذي يأتي به :

س : وفّقكم الله لنصرة هذا المذهب الجعفريّ الحقّ ، ولي سؤال حرت فيه ، واطلب المساعدّة منكم على فهمه ، لو تكرّمتم عليّ بذلك ، ولله الشكر إن فعلتم.

جاء في كتاب الغيبة للنعماني حديثاً يقول : قال أبو جعفرعليه‌السلام : « يقوم القائم بأمر جديد ، وكتاب جديد ، وبقضاء جديد ، على العرب شديد ، ليس شأنه إلاّ السيف ، لا يستتيب أحداً ، ولا يأخذه في الله لومة لائم »(١) .

__________________

١ ـ الغيبة للنعماني : ٢٣٣.

٣١٩

وسؤالي هو : هل هذا الحديث صحيح؟ وما معناه؟ وأيّ كتاب؟ وأيّ قضاء عنى هنا؟ هل هو غير الأمر الذي نحن عليه؟ أو غير القضاء الذي نقضي به نحن هنا؟ وفي هذا الزمان ، أو غير الكتاب الذي بين أيدينا؟

أفيدونا ، وفّقكم الله في هذا الأمر ، وجزيتم خيراً.

ج : أوّلاً : ليس لهذا الحديث سند معتبر ، بل فيه ضعف.

ثانياً : إنّنا إذا لاحظنا الأحكام الإسلامية في عصر الغيبة ، وهو عصر يبعد عن مصدر التشريع الإسلامي ، وأخذنا بنظر الاعتبار من حيث وجودها النظري والتطبيقي ، نجد فيها أربعة موارد من النقص والقصور :

١ ـ الأحكام الإسلامية التي لم تعلن للناس أصلاً ، بل بقيت معرفتها خاصّة بالله ورسوله ، والقادة الإسلاميّين ، وبقيت مستورة عن الناس ، ومؤجّل إعلانها إلى زمن ظهور الإمام المهديّعليه‌السلام ، وتطبيق العدل الكامل.

٢ ـ الأحكام التالفة على مرّ الزمن ، والسنّة المندرسة خلال الأجيال ، ممّا يتضمّن أحكام الإسلام ومفاهيمه ، أو يدلّ عليها.

فإنّ ما تلف من الكتب التي كانت تحمل الثقافة الإسلامية ، بما فيها أعداد كبيرة من السنّة الشريفة ، والفقه الإسلامي ، نتيجة للحروب المدمّرة ـ كالحروب الصليبية ، وغزوات التتار والمغول ، وغير ذلك ـ عدد ضخم يعدّ بمئات الآلاف ، ممّا أوجب انقطاع الأُمّة الإسلامية عن كمّية كبيرة من تاريخها ، وتراثها الإسلامي ، واحتجاب عدد من الأحكام الإسلامية عنها.

٣ ـ إنّ الفقهاء حين وجدوا أنفسهم محجوبين عن الأحكام الإسلامية الواقعية في كثير من الموضوعات المستجدّة ، والوقائع الطارئة على مرّ الزمن ، اضطرّوا إلى التمسّك بقواعد عامّة معيّنة ، تشمل بعمومها مثل هذه الوقائع ، إلاّ أنّ نتيجتها في كلّ واقعة ليست هي الحكم الإسلامي الواقعي في تلك الواقعة ، وإنّما هو ما يسمّى بالحكم الظاهريّ ، وهو ـ كما قيل ـ تحديد الوظيفة الشرعية للمكلّف عند جهله بالحكم الواقعي الأصلي.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518