موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٢

موسوعة الأسئلة العقائديّة0%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-02-7
الصفحات: 518

موسوعة الأسئلة العقائديّة

مؤلف: مركز الأبحاث العقائديّة
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف:

ISBN: 978-600-5213-02-7
الصفحات: 518
المشاهدات: 226389
تحميل: 5370


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 518 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 226389 / تحميل: 5370
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء 2

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: 978-600-5213-02-7
العربية

يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (١) ، فكان علي والحسن والحسين وفاطمةعليهم‌السلام ، فأدخلهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تحت الكساء في بيت أُمّ سلمة ، ثمّ قال : اللهمّ إنّ لكلّ نبيّ أهلاً وثقلاً ، وهؤلاء أهل بيتي وثقلي ، فقالت أُمّ سلمة : ألست من أهلك؟ فقال : إنّك إلى خير ، ولكن هؤلاء أهلي وثقلي »(٢) .

« بابان ـ عمان ـ سنّي »

فرية خان الأمين :

س : ما رأيكم في الخليفة علي عليه‌السلام ؟ هل صحيح أنّكم تعتقدون بأنّ جبرائيل عليه‌السلام كان عليه أن ينزّل مقام النبوّة لعلي ولكنّه خان وأعطاها إلى محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

ج : نحن نعتقد بأنّ الإمام عليعليه‌السلام عبد الله ، وابن عبده ، وابن أمته ، وهو وصيّ المصطفى ، والإمام بعده ، أوّل مَن آمن بنبوّة النبيّ الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهو الخليفة الأوّل لا الرابع ، والأدلّة على ذلك كثيرة من الكتاب والسنّة.

وأمّا ما ذكرته في المسألة الثانية ، فهو محض افتراء ، افتراه على الشيعة من لا دين له ولا إنسانية ، ونتحدّى كلّ من افترى هذه الفرية أن يذكر لنا ولو شيعياً واحداً يقول بهذه المقولة.

( مايه ـ السعودية ـ ٢٣ سنة ـ طالبة جامعة )

علّة انتخابه خليفة من قبل أهل السنّة :

س : لماذا تمّ اختيار الإمام علي ابن أبي طالب عليه‌السلام الخليفة الرابع من قبل

__________________

١ ـ الأحزاب : ٣٣.

٢ ـ الكافي ١ / ٢٨٦.

٢١

أهل السنّة؟ علماً بأنّهم كانوا من أشدّ المعاديين له ، وهل كان قبولهم له جعلهم يتّبعون أوامره وينهجون نهجه؟ وفّقكم الله لكلّ خير.

ج : إنّ اختيارهم علياًعليه‌السلام رابع الخلفاء لعلّه كان من باب الاضطرار ، فإنّهم لمّا رأوا الشغب والفوضى عمّا البلاد في زمن عثمان ، حتّى قتل نتيجة سوء أعماله ، وسيرة اللذين من قبله ، لم يروا بدّاً من الرجوع في هذا الأمر إلى أهله ، فاستسلموا للحقّ لفترة قصيرة ، ولكن دون التزام قلبي بسيرته وفكرهعليه‌السلام ، وفي الحقيقة كان هذا عمل قهري رغم أنف البعض منهم.

ويدلّ على ما ذكرنا : إنّ الإمامعليه‌السلام كان يتحمّل الكثير من العناء والتعب في سبيل تصحيح خطاياهم الماضية ، ولكن دون جدوى في أكثر المواطن ، حتّى أنّ بعضهم أصبح يكيد ويترّبص الدوائر على حكومتهعليه‌السلام ، حتّى أدّى بالنتيجة إلى استشهادهعليه‌السلام .

( أُسامة ـ المغرب )

أوّل من أسلم :

س : لماذا علي عليه‌السلام دخل الإسلام قبل أبي بكر ، مع أنّ أبا بكر كان أكبر سنّاً منه؟

ج : إنّ الأدلّة المستقاة من كتب الحديث والتاريخ والسير صريحة في أنّ أوّل من أسلم هو الإمام عليعليه‌السلام ، وهذه فضيلة عظمى لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، اعترف بها حتّى المخالفين لهعليه‌السلام ، فهو لم يعبد غير الله تعالى ، ولم يشرك به ، بخلاف غيره الذي قضى وقتاً كثيراً من عمره في عبادة الأصنام.

( أُمّ بدر ـ الكويت ـ )

تحمّل الأذى لحفظ الإسلام :

س : لماذا لم يشهر الأمام علي عليه‌السلام سيفه في مواجهة من اغتصب الخلافة وآذى الزهراء عليها‌السلام ؟

٢٢

ج : إنّ الحكومة في نظر أهل البيتعليهم‌السلام ليست هدفاً ، بل هي وسيلة لإحقاق الحقّ وإبطال الباطل

أهل البيت لم يريدوا الدنيا للدنيا ، وإنّما أرادوا الدنيا لتكون وسيلة إلى الآخرة ، ليس لأهل البيتعليهم‌السلام همّ سوى رضى الله تعالى ، فتحمّلوا ـ كجدّهم المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنواع الأذى لأجل بقاء الدين ، واستمرار شريعة الحبيب المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فكان الناس في بداية إسلامهم ، فتحمّل الإمام عليعليه‌السلام كلّ الأذى لأجل الحفاظ على أصل الإسلام ، وذلك بوصية النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله له بالصبر.

قال الإمام عليعليه‌السلام : «فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نهبا »(١) .

ومع أنّه لم يشهر سيفاً ، ولم يتّخذ الحرب للمعارضة ، فإنّهعليه‌السلام اتخذ طريقة إيصال المفاهيم الحقّة وبيان أحقّيته بالخلافة ، اتخذ هذا طريقاً للمعارضة ، لئلا يلتبس الحقّ ، فقالعليه‌السلام : «أما والله ، لقد تقمّصها ابن أبي قحافة ، وإنّه ليعلم أنّ محلّي منها محلّ القطب من الرحى »(٢) .

وقالعليه‌السلام : « بايع الناس لأبي بكر وأنا والله أولى بالأمر منه ، وأحقّ به منه ، فسمعتُ وأطعتُ مخافة أن يرجع الناس كفّاراً ، يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف ، ثمّ بايع الناس عمر ، وأنا والله أولى بالأمر منه ، وأحقّ به منه ، فسمعتُ وأطعتُ مخافة أن يرجع الناس كفّاراً ، يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف »(٣) .

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١ / ١٥١.

٢ ـ نفس المصدر السابق.

٣ ـ كنز العمّال ٥ / ٧٢٤ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٤٣٤.

٢٣

( أبو ميثم ـ الكويت ـ ٢٤ سنة ـ طالب جامعة )

روايات يشمّ منها رائحة الغلوّ :

س : قال الإمام علي أمير المؤمنين : « أنا الذي لا يقع عليه اسم ولا صفة ».

وقالعليه‌السلام مخاطباً كميل عندما سأله : يا أمير المؤمنين ما الحقيقة؟

فقالعليه‌السلام : « ما لك والحقيقة »؟ فقال : أولست صاحب سرّك يا أمير المؤمنين؟ فقال : « بلى ، ولكن أخاف أن يطفح عليك ما يرشح منّي » ، فقال : أومثلك يخيب سائلاً؟

فقالعليه‌السلام : « الحقيقة كشف سبحات الجلال من غير إشارة » (١) .

أرجو توضيح معنى الحديثين ، ثبّتنا الله جميعاً على التسليم في مقاماتهم عليهم‌السلام .

ج : إنّ البحث حول الأحاديث التي ذكرتموها يكون من وجوه :

أوّلاً : إنّ إسناد بعض هذه الروايات ليس بذلك الحدّ من الصحّة والتوثيق حتّى يرسل إرسال المسلّمات ، فللبحث عن أسانيدها مجال للمتتّبع.

ولكن هذا لا يعني إلغاء المتن بالمرّة ، بل بمعنى عدم حجيّتها ، أي لا نتيّقن بأنّها بأكملها صدرت عن الإمامعليه‌السلام ، فيحتمل أن يكون قد تغيّر بعض ألفاظها أو عباراتها.

ثانياً : بناءً على ما ذكرنا ، فإنّنا نأخذ بالقدر المتيقّن من المعاني والمفاهيم التي اشتملت عليها هذه الروايات ، والتي تؤيّدها سائر النصوص الدينية من الكتاب والسنّة ، ثمّ نطرح ما لا يستقيم ويتوافق مع هذه المسلّمات القطعية الصدور.

ثالثاً : إنّ أمثال هذه الروايات ـ مثل خطبة البيان والطتنجية ـ وإن كان ظهورهما ربما يشمّ منه رائحة الغلوّ ، ولكن يمكن تفسيرها على ضوء القواعد

__________________

١ ـ نور البراهين ١ / ٢٢١ ، شرح الأسماء الحسنى ١ / ١٣١.

٢٤

العقليّة والكلامية ، والنصوص القرآنية والروائية الصحيحة ، والمعتبرة سنداً ومتناً.

وعلى سبيل المثال ، فرواية كميل يمكن تفسيرها : بأنّ الإمامعليه‌السلام يريد أن يوضّح ويبيّن منازل التوحيد ، فيمثّل وينظر ريثما يكون في مستوى السائل ، كما يقال : « المعقول ينظّر بالمحسوس » ، وللبحث فيها مجال واسع.

أو إنّ الرواية الأُولى ، يمكن أن تكون بمعنى أنّ الإمامعليه‌السلام لا بديل ولا نظير له في الوجود ، وهذا مطلب صحيح وواضح ، وموافق لكافّة أدلّة إمامتهعليه‌السلام العقليّة والنقليّة.

والمهمّ في هذا المقام أن لا نقع في أخطاء الصوفية والغلاة في تفسير هكذا روايات بمجرّد نظرة ساذجة لظاهرها.

رابعاً : إنّ منازل الأئمّة المعصومينعليهم‌السلام ، لا ينحصر ثبوتها أو إثباتها بروايات وأحاديث معيّنة ، بل إنّ مراتبهم السامية هي أجلّ وأعظم من أن ينالها حتّى المستوى البشري بحسب الأدلّة العقليّة والنقليّة.

فما ذكرناه في هذا المجال ليس إلاّ بحثاً علمياً ، فلا يستنتج منه ـ والعياذ بالله ـ إنكار مقاماتهم المعنوية ، بل صفوة القول : إنّ الاعتدال في تفسير النصوص هو الطريق المستقيم الذي تدعو إليه الأئمّة الهداةعليهم‌السلام .

( ـ السعودية ـ )

سكوته عن مطالبة حقّه بالخلافة :

س : لماذا هذا السكوت من الإمام علي عليه‌السلام على المطالبة في حقّه بالخلافة طول هذه المدّة ، أي من خلافة أبي بكر إلى خلافة عثمان؟

ج : أوّلاً : امتناعه عن البيعة لأبي بكر هو مطالبة بالحقّ وإعلان عن عدم أحقّية خلافة أبي ‎ بكر.

ثانياً : الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام كان خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ووصيّه في كلّ مقاماته ومنازله إلاّ النبوّة ، والحكومة إنّما هي شأن من شؤون الإمام ، فإن

٢٥

انقاد الناس وانصاعوا وطلبوا منه القيام بالأمر فحينئذ يجب على الإمام ذلك ، وإلاّ فالناس هم المقصّرون ، ولذا يقول علماؤنا : بأنّ الإمامة وجودها لطف ، وتصرّفه لطف آخر ، وعدمه منّا.

ثالثاً : قضية أمير المؤمنينعليه‌السلام تشبه تماماً قضية هارونعليه‌السلام ، ولذا قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأمير المؤمنين : «ألا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي »(١) ، وقد حكى الله تعالى في قصّة هارون أنّه

__________________

١ ـ فضائل الصحابة : ١٣ ، شرح صحيح مسلم ١٥ / ١٧٤ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٠٩ ، تحفة الأحوذيّ ١٠ / ١٦١ ، مسند أبي داود : ٢٩ ، المصنّف للصنعانيّ ٥ / ٤٠٦ و ١١ / ٢٢٦ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٤٩٦ و ٨ / ٥٦٢ ، مسند ابن راهويه ٥ / ٣٧ ، مسند سعد بن أبي وقّاص : ٥١ و ١٠٣ و ١٣٩ ، الآحاد والمثاني ٥ / ١٧٢ ، كتاب السنّة : ٥٥١ و ٥٨٦ و ٥٩٥ و ٦١٠ ، السنن الكبرى للنسائيّ ٥ / ٤٤ و ١٠٨ و ١١٣ و ١٢٠ و ١٢٥ و ١٤٤ ، خصائص أمير المؤمنين : ٤٨ و ٦٤ و ٧٦ و ٨٠ و ٨٥ و ١١٦ ، مسند أبي يعلى ١ / ٢٨٦ و ٢ / ٦٦ و ٨٦ و ٩٩ و ١٣٢ و ١٢ / ٣١٠ ، أمالي المحامليّ : ٢٠٩ و ٢٥١ ، صحيح ابن حبّان ١٥ / ١٦ و ٣٧١ , المعجم الصغير ٢ / ٢٢ و ٥٤ ، المعجم الأوسط ٢ / ١٢٦ و ٣ / ١٣٩ و ٤ / ٢٩٦ و ٥ / ٢٨٧ و ٦ / ٧٧ و ٨٣ و ٧ / ٣١١ و ٨ / ٤٠ ، المعجم الكبير ١ / ١٤٨ و ٢ / ٢٤٧ و ٤ / ١٨٤ و ٥ / ٢٠٣ و ١١ / ٦٣ و ١٢ / ١٥ و ٧٨ و ٢٤ / ١٤٦ ، نظم درر السمطين : ١٠٧ ، موارد الظمآن : ٥٤٣ ، كنز العمّال ٥ / ٧٢٤ و ٩ / ١٦٧ و ١١ / ٥٩٩ و ٦٠٣ و ١٣ / ١٠٦ و ١٥٨ و ١٦٣ و ١٩٢ و ١٦ / ١٨٦ ، فيض القدير ٤ / ٤٧١ ، كشف الخفاء ٢ / ٣٨٢ ، شواهد التنزيل ١ / ١٩٢ و ٢ / ٣٥ ، الجامع لأحكام القرآن ١ / ٢٦٦ و ٧ / ٢٧٧ ، الطبقات الكبرى ٣ / ٢٣ ، تاريخ بغداد ٧ / ٤٦٣ و ٨ / ٥٢ و ١١ / ٤٣٠ و ١٢ / ٣٢٠ ، تاريخ مدينة دمشق ٢ / ٣١ و ١٣ / ١٥١ و ٢٠ / ٣٦٠ و ٢١ / ٤١٥ و ٣٠ / ٣٥٩ و ٣٨ / ٧ و ٣٩ / ٢٠١ و ٤١ / ١٨ و ٤٢ / ٤٢ و ٥٣ و ١٠٠ و ١١١ و ١١٥ و ١٣٩ و ١٤٥ و ١٥٢ و ١٥٩ و ١٦٥ و ١٧١ و ١٧٧ و ١٨٢ و ٥٤ / ٢٢٦ و ٥٩ / ٧٤ و ٧٠ / ٣٥ ، أُسد الغابة ٤ / ٢٧ ، تهذيب الكمال ٢٠ / ٤٨٣ و ٢٥ / ٤٢٣ و ٣٢ / ٤٨٢ و ٣٥ / ٢٦٣ ، تذكرة الحفّاظ ١ / ١٠ ، سير أعلام النبلاء ١ / ٣٦١ و ٧ / ٣٦٢ و ١٢ / ٢١٤ و ١٤ / ٢١٠ و ١٥ / ٤٢ ، تهذيب التهذيب ٧ / ٢٩٦ ، الإصابة ٤ / ٤٦٧ ، أنساب الأشراف : ٩٤ ، و ١٠٦ ، البداية والنهاية ٥ / ١١ و ٧ / ٢٥١ و ٣٧٠ و ٣٧٤ و ٨ / ٨٤ ، جواهر المطالب ١ / ٥٨ و ١٧١ و ١٩٧ و ٢١٢ و ٢٩٦ ، سبل الهدى والرشاد ٥ / ٤٤١ و ١١ / ٢٩١ و ٢٩٦ ، ينابيع المودّة ١ / ١١٢ و ١٥٦ و ١٦٠ و ٣٠٩ و ٤٠٤ و ٢ / ٩٧ و ١١٩ و ١٥٣ و ٢٣٧ و ٣٠٢ و ٣٨٩ و ٣ / ٢١١ و ٣٦٩ و ٤٠٣.

٢٦

خاطب أخاه موسى قائلاً :( إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي ) (١) ، وقضية علي كقضية هارون تماماً.

رابعاً : قد ورد عن الإمام عليعليه‌السلام : « الإمام كالكعبة ، يُؤتى ولا يأتي »(٢) ، وهذا إشارة إلى أنّ الإمامعليه‌السلام في عصره يجب أن يقصده الناس ، ويأتوه ويطلبوا منه القيام بالحكومة والتصدّي لتطبيق الأحكام والشريعة الإسلامية ، أمّا أن يقصد هو ـ أي الإمام ـ الناس ليحملهم على الانصياع له والإطاعة فهذا ليس وظيفة الإمامعليه‌السلام .

خامساً : نجد في نهج البلاغة وغيره عن أمير المؤمنينعليه‌السلام التصريحات الكثيرة ، الدالّة على أنّهعليه‌السلام إنّما لم يقم بالأمر لأنّه بقي وحده ، ولم يكن معه إلاّ القلائل الذين بحسب تصريح الإمامعليه‌السلام ضنّ ـ أي بخل ـ بهم على الموت.

وأيضاًعليه‌السلام يقول في الخطبة الشقشقية المعروفة : «وطفقت أرتئي بين أن أُصول بيد جذّاء ، أو أصبر على طخية عمياء ، يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتّى يلقى ربّه ، فرأيت الصبر على هاتا أحجى ، فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نهبا »(٣) .

وأيضاً عنهعليه‌السلام : أنّه رأى أنّ العرب سترجع عن الإسلام وترتدُّ عن الدين ولذلك سكت ، وإلى غير ذلك من التصريحات الموجودة عن الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام .

« أياد ـ أمريكا ـ »

سيفه ذو الفقار :

س : هل صحيح أنّ سيف ذو الفقار للإمام علي عليه‌السلام قد أنزله الله من

__________________

١ ـ الأعراف : ١٥٠.

٢ ـ أوائل المقالات : ٢٧٦.

٣ ـ شرح نهج البلاغة ١ / ١٥١ ، علل الشرائع ١ / ١٥٠ ، الاحتجاج ١ / ٢٨٣ ، مناقب آل أبي طالب ٢ / ٤٨ ، الطرائف : ٤١٨.

٢٧

السماء؟ وشكراً جزيلاً.

ج : إنّ نزول سيف ذو الفقار من السماء نقله العلاّمة ابن شهر آشوب عن تفسير السدي عن ابن عباس في قوله تعالى :( وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ ) (١) ، قال : أنزل الله آدم من الجنّة معه ذو الفقار ، خلق من ورق آس الجنّة ، ثمّ قال :( فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ ) .

وكان به يحارب آدم أعداءه من الجنّ والشياطين ، وكان عليه مكتوب : «لا يزال أنبيائي يحاربون به نبيّ بعد نبيّ ، وصدّيق بعد صدّيق ، حتّى يرثه أمير المؤمنين ، فيحارب به عن النبيّ الأُمي ».

ثمّ قال : وقد روى كافّة أصحابنا أنّ المراد بهذه الآية ذو الفقار ، أنزل به من السماء على النبيّ فأعطاه علياً.

وسئل الإمام الرضاعليه‌السلام من أين هو؟ فقال : «هبط به جبرائيل من السماء ، وكان حلية [ حليته ] من فضة ، وهو عندي »(٢) .

وهذا أحد الأقوال ، إذ ذهب بعضهم إلى أنّ جبرائيل أمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يتّخذ سيف ذو الفقار من صنم حديد في اليمن ، فذهب علي وكسّره ، وعمل منه ذو الفقار.

وقيل : إنّه كان من هدايا بلقيس إلى سليمانعليه‌السلام .

نعم ، ورد عن طرق أهل السنّة ، فضلاً عن الشيعة : إنّ جبرائيل قد سمع يقول : «لا سيف إلاّ ذوالفقار ، ولا فتى إلاّ علي »(٣) .

__________________

١ ـ الحديد : ٢٥.

٢ ـ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٨١.

٣ ـ الكافي ٨ / ١١٠ ، الإرشاد ١ / ٨٤ ، ذخائر العقبى : ٧٤ ، شرح نهج البلاغة ١١ / ٢١٧ و ١٣ / ٢٩٣ ، نظم درر السمطين : ١٢٠ ، تاج العروس ٣ / ٤٧٤ ، كشف الخفاء ٢ / ٣٦٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٣٩ / ٢٠١ و ٤٢ / ٧١ ، تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ١٩٧ ، البداية والنهاية ٤ / ٥٤ و ٦ / ٦ و ٧ / ٢٥٠ و ٢٩٣ و ٣٧٢ ، السيرة النبوية لابن هشام ٣ / ٦١٥ ، السيرة النبوية لابن كثير ٣ / ٩٤ و ٤ / ٧٠٧ ، جواهر المطالب : ١٨٩ ، ينابيع المودّة ١ / ٤٣٤ ، و ٢ / ١٢.

٢٨

قال الطبري : « حدّثنا أبو كريب قال : حدّثنا عثمان بن سعيد قال : حدّثنا حبّان بن علي ، عن محمّد بن عبد الله بن أبي رافع ، عن أبيه عن جدّه قال : لمّا قتل علي بن أبي طالب أصحاب الألوية ، أبصر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جماعة من مشركي قريش ، فقال لعلي : «احمل عليهم » ، فحمل عليهم ، ففرّق جماعتهم ، وقتل شيبة بن مالك أحد بني عامر بن لؤي.

فقال جبرائيل : « يا رسول الله إن هذه للمواساة » ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّه منّي وأنا منه » ، فقال جبرائيل : «وأنا منكما ».

قال : فسمعوا صوتاً :لا سيف إلاّ ذو الفقار ، ولا فتى إلاّ علي »(١) .

ولا مانع أن يكون سيف ذو الفقار قد نزل من السماء ، فإنّ به ثبت الدين ، وانهزم المشركون ، وعلت كلمة الحقّ ، فإذا أقررنا شهادة جبرائيل بأن لا سيف إلاّ ذو الفقار ، فتعظيماً لمقام هذا السيف ، وإمعاناً في بيان فضله ومنزلته عند الله لم يكن نزوله من السماء شيئاً مستبعداً.

وقال جميع المفسّرين من الفريقين في تفسير قوله تعالى :( وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ ) وأنّ الحديد أنزله الله مع آدم ، وهي السندان والإبرة والحبل ، وكان كلّها من حديد ، فهذا إقرار منهم بأنّ الله قد أنزل مع آدم هذه الآلات من الحديد ، فإنزال السيف هو الأوفق بسياق الآية ، فإنّ البأس الشديد مع منافع الناس إشارة إلى أنّ البأس الشديد هو محاربة الكفّار ، وتثبيت كلمة الله.

ثمّ أردف قوله تعالى بعد ذلك :( وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَن يَنصُرُهُ ) إشارة إلى أنّ النصر لا يتأتى إلاّ بآلات الحرب ، ومنها السيف ، فمناسبة النصر والبأس الشديد لا تكون إلاّ ما يناسبها وهو السيف ، ولا معنى للاقتصار على الإبرة والسندان وغيرها ، فإنّ الآية في مقام البأس الشديد ، والانتصار لله ولدينه ، فلا يناسبها

__________________

١ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ١٩٧.

٢٩

إلاّ السيف ، وذكر الإبرة والسندان يناسب قوله :( وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ) .

فبمقتضى المقابلة بأس شديد يقابلها السيف ، ومنافع للناس يقابلها الإبرة والسندان ، فلا منافاة إذاً من الجمع بين السيف وبين ما ذكره عامّة المفسّرين من الشيعة والسنّة.

( منى ـ الكويت ـ )

قتاله لعمرو بن عبد ودّ في الخندق :

س : لقد سمعت عن قصّة الإمام عليعليه‌السلام في معركة الخندق أنّه خرج إلى المسلمين أحد كبار أبطال الكفّار ، وخاف أن يبارزه أحد ، فخرج إليه الإمام عليعليه‌السلام ، فألقى إليه بأبيات شعرية ، وقتله.

الرجاء أُريد معرفة هذه القصّة بالتفصيل ، وما هي الأبيات الشعرية التي قالها الإمام؟

ج : لقد خرج عمرو بن عبد ودّ العامريّ في معركة الخندق ( الأحزاب ) ، ونادى هل من مبارز؟ فلم يجبه أحد من المسلمين ، فقال الإمام عليعليه‌السلام : « أنا له يا رسول الله » ، فقال له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّه عمرو » ، فسكت ، فكرّر عمرو النداء ثانية ، وثالثة ، والإمام عليعليه‌السلام يقول : «أنا له يا رسول الله » ، والرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله يجيبه : «إنّه عمرو » ، فيسكت ، وفي كلّ ذلك يقوم عليعليه‌السلام فيأمره النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بالثبات ، انتظاراً لحركة غيره من المسلمين ، وكأن على رؤوسهم الطير لخوفهم من عمرو.

وطال نداء عمرو بطلب المبارزة ، وتتابع قيام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فلمّا لم يقدم أحد من الصحابة ، قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «يا علي امض لشأنك » ، ودعا له ، ثمّ قال : «برز الإيمان كلّه إلى الشرك كلّه »(١) .

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١٣ / ٢٦١ و ٢٨٥ و ١٩ / ٦١ ، شواهد التنزيل ٢ / ١٦ ، ينابيع المودّة ١ / ٢٨١.

٣٠

فسعى الإمام عليعليه‌السلام نحو عمرو حتّى انتهى إليه ، فقال له : «يا عمرو ، إنّك كنت تقول : لا يدعوني أحد إلى ثلاث إلاّ قبلتها ، أو واحدة منها » ، قال : أجل ، قالعليه‌السلام : «إنّي أدعوك إلى شهادة أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً رسول الله ، وأن تسلم لربّ العالمين ».

قال : يا بن أخي أخّر هذا عنّي ، فقالعليه‌السلام : «أما أنّها خير لك لو أخذتها » ، ثمّ قالعليه‌السلام : «ها هنا أُخرى » ، قال : وما هي؟ قالعليه‌السلام : «ترجع من حيث أتيت » ، قال : لا ، تتحدّث نساء قريش عنّي بذلك أبداً ، فقالعليه‌السلام : «فها هنا أُخرى » ، قال : وما هي؟ قالعليه‌السلام : «أُبارزك وتبارزني ».

فضحك عمرو وقال : إنّ هذه الخصلة ما كنت أظنّ أحداً من العرب يطلبها منّي ، وأنا أكره أن أقتل الرجل الكريم مثلك ، وقد كان أبوك نديماً لي ، فقالعليه‌السلام : «وأنا كذلك ، ولكنّي أحبّ أن أقتلك ما دمت أبيّاً للحقّ ».

فحمى عمرو ، ونزل عن فرسه ، وضرب وجهه حتّى نفر ، وأقبل على أمير المؤمنينعليه‌السلام مصلتاً سيفه ، وبدره بضربة ، فنشب السيف في ترس الإمامعليه‌السلام ، فضربه أمير المؤمنينعليه‌السلام .

قال جابر الأنصاريّعليه‌السلام : وتجاولا ، وثارت بينهما فترة ، وبقيا ساعة طويلة لم أرهما ، ولا سمعت لهما صوتاً ، ثمّ سمعنا التكبير ، فعلمنا أنّ علياًعليه‌السلام قد قتله ، وسرّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله سروراً عظيماً ، لمّا سمع صوت أمير المؤمنينعليه‌السلام بالتكبير ، وكبّر وسجد لله تعالى شكراً ، وانكشف الغبار ، وعبر أصحاب عمرو الخندق ، وانهزم عكرمة بن أبي جهل ، وباقي المشركين ، فكانوا كما قال الله تعالى :( وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً ) (١) .

ولمّا قتله الإمام عليعليه‌السلام احتزّ رأسه ، وأقبل نحو النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ووجهه يتهلّل ، فألقى الرأس بين يدي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقبّل النبيّ رأس علي ووجهه ، وقال له

__________________

١ ـ الأحزاب : ٢٥.

٣١

عمر بن الخطّاب : هلاّ سلبته درعه ، فما لأحد درع مثلها؟

فقال : «إنّي استحييت أن أكشف سوأة ابن عمّي » ، وكان ابن مسعود يقرأ من ذلك اليوم كذا :( وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ـ بعليّ ـ وَكَانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزًا ) .

وذكر أنّ عمرواً قال في المعركة أبياتاً ، هي :

ولقد بححت من النداء لجمعكم هل من مبارز

ووقفت إذ وقف الشجاع مواقف القرن المناجز

وكذاك إنّي لم أزل متترعاً قبل الهزاهز

إنّ الشجاعة في الفتى والجود من خير الغرائز

فأجابه عليعليه‌السلام :

لا تعجلنّ فقد أتاك مجيب صوتك غير عاجز

ذو نبهة وبصيرة والصدق منجي كلّ فائز

إنّي لأرجو أن أُقيم عليك نائحة الجنائز

من ضربة نجلاء يبقى ذكرها عند الهزاهز(١)

وقال صاحب مستدرك الصحيحين : لما قتل علي بن أبي طالبعليه‌السلام عمرو بن عبد ودّ أنشأت أُخته عمرة بنت عبد ودّ ترثيه ، فقالت :

لو كان قاتل عمرو غير قاتله

بكيته ما أقام الروح في جسدي

لكن قاتله من لا يعاب به

وكان يدعى قديماً بيضة البلد(٢)

__________________

١ ـ تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٧٩ ، البداية والنهاية ٤ / ١٢١ ، المستدرك ٣ / ٣٣ ، السيرة النبوية لابن كثير ٣ / ٢٠٤ ، سبل الهدى والرشاد ٤ / ٣٧٨.

٢ ـ لمستدرك ٣ / ٣٣.

٣٢

( علي المنير ـ الأردن ـ )

قتاله للناكثين والقاسطين والمارقين :

س : أُريد تزويدي بالأحاديث التي قالها الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله بأنّ علياً عليه‌السلام يقاتل القاسطين والمارقين والخارجين.

ج : روى هذا الحديث عدّة من الصحابة والتابعين عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد ذكرت هذا الحديث عدّة من مصادر الفريقين ، نذكر لك بعض الروايات من كتب أهل السنّة :

١ ـ روى الحاكم بإسناده عن عقاب بن ثعلبة : « حدّثني أبو أيوب الأنصاريّ في خلافة عمر بن الخطّاب قال : أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله علي بن أبي طالب بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين »(١) .

٢ ـ وروى بإسناده عن أبي أيوب الأنصاريّ قال : سمعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعلي ابن أبي طالب : «تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بالطرقات ، والنهروانات ، وبالسعفات » ، قال أبو أيوب : قلت : يا رسول الله مع من نقاتل هؤلاء الأقوام؟ قال : «مع علي بن أبي طالب »(٢) .

٣ ـ روى الحموينيّ بإسناده عن أبي سعيد الخدريّ قال : أمرنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ، فقلنا : يا رسول الله ، أمرتنا بقتال هؤلاء ، فمع من نقاتلهم؟ قال : « مع علي بن أبي طالب ، معه يقتل عمّار بن ياسر »(٣) .

٤ ـ وروى بإسناده عن عتاب بن ثعلبة قال : « حدّثني أبو أيوب الأنصاري في خلافة عمر بن الخطّاب قال : أمرني النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بقتال الناكثين والقاسطين

__________________

١ ـ المستدرك ٣ / ١٣٩.

٢ ـ نفس المصدر السابق.

٣ ـ فرائد السمطين ١ / ٢٨١.

٣٣

والمارقين مع علي بن أبي طالب »(١) .

٥ ـ وروى بإسناده عن عبد الله قال : خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من بيت زينب ، فأتى منزل أُمّ سلمة ، فجاء علي ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا أُمّ سلمة ، هذا والله قاتل القاسطين والناكثين والمارقين »(٢) .

٦ ـ وروى بإسناده عن عمرو بن مرّة قال : « سمعت عمرو بن سلمة يقول : سمعت عمّار بن ياسر يوم صفّين ـ شيخاً آدم طويلاً أخذ الحربة بيده ويده ترعد ـ قال : والذي نفسي بيده ، لو ضربونا حتّى بلغوا بنا سعفات هجر لعرفنا أنّنا على الحقّ وهم على الضلال »(٣) .

٧ ـ وروى بإسناده عن سعد بن عبادة عن عليعليه‌السلام قال : « أُمرت بقتال ثلاثة : القاسطين والناكثين والمارقين ، فأمّا القاسطون فأهل الشام ، وأمّا الناكثون فذكرهم ، وأمّا المارقون فأهل النهروان »(٤) .

٨ ـ روى الخوارزمي بإسناده عن سعد بن عبادة عن عليعليه‌السلام قال : « أُمرت بقتال ثلاثة : الناكثين والقاسطين والمارقين ، فأمّا القاسطون فأهل الشام ، وأمّا الناكثون فذكرناهم ، وأمّا المارقون فأهل النهروان »(٥) .

٩ ـ روى ابن المغازليّ بإسناده عن عليعليه‌السلام قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن ، كما قاتلت على تنزيله ، فقال أبو بكر : أنا؟ قال : لا ، قال عمر : فأنا؟ قال : لا ، ولكن خاصف النعل » ـ يعني عليّا ـ(٦) .

__________________

١ ـ المصدر السابق ١ / ٢٨٢.

٢ ـ المصدر السابق ١ / ٢٨٣.

٣ ـ المصدر السابق ١ / ٢٨٥.

٤ ـ المصدر السابق ١ / ٢٨٥.

٥ ـ المناقب : ١٩٤.

٦ ـ مناقب الإمام علي : ٩٩.

٣٤

١٠ ـ روى البلاذريّ بإسناده عن حكيم بن جبير قال : « سمعت إبراهيم يقول : سمعت علقمة قال : سمعت علياً يقول : « أُمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين » ، وحدّثت أنّ أبا نعيم قال لنا : الناكثون أهل الجمل ، والقاسطون أصحاب صفّين ، والمارقون أصحاب النهر »(١) .

١١ ـ روى الكنجيّ بإسناده عن ابن عباس قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأُمّ سلمة : «هذا علي بن أبي طالب لحمه من لحمي ، ودمه من دمي ، وهو منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي ، يا أُمّ سلمة ، هذا علي أمير المؤمنين وسيّد المسلمين ، ووعاء علمي ، ووصييّ ، وبابي الذي أوتى منه ، أخي في الدنيا والآخرة ، ومعي في المقام الأعلى ، يقتل القاسطين والناكثين والمارقين ».

وفي هذا الحديث دلالة على أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وعد علياً بقتل هؤلاء الطوائف الثلاث ، وقول الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله حقّ ، ووعده صدق ، وقد أمرصلى‌الله‌عليه‌وآله علياً بقتالهم.

روى ذلك أبو أيوب عنه ، وأخبر أنّه قاتل المشركين والناكثين والقاسطين ، وأنّه سيقاتل المارقين »(٢) .

١٢ ـ وروى بإسناده عن مخنف بن سليم قال : « أتينا أبا أيوب الأنصاريّ وهو يعلف خيلاً له ، قال : فقلنا عنده فقلت له : يا أبا أيوب ، قاتلت المشركين مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ جئت تقاتل المسلمين؟

قال : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمرني بقتال ثلاثة ، الناكثين والقاسطين والمارقين ، فقد قاتلت الناكثين والقاسطين ، وأنا مقاتل إن شاء الله المارقين بالسعفات بالطرقات بالنهروانات ، وما أدري أين هو »؟(٣) .

١٣ ـ قال محمّد بن طلحة الشافعي : » عن ابن مسعود قال : خرج رسول الله

__________________

١ ـ أنساب الأشراف ٢ / ١٣٨ ح ١٢٩.

٢ ـ كفاية الطالب : ١٦٨.

٣ ـ المصدر السابق : ١٦٩.

٣٥

صلى‌الله‌عليه‌وآله فأتى منزل أُمّ سلمة ، فجاء علي ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «يا أُمّ سلمة ، هذا والله قاتل القاسطين والناكثين والمارقين من بعدي ».

فالنبيّ ذكر في هذا الحديث فرقاً ثلاثة ، صرّح بأنّ علياً يقاتلهم بعده ، وهم الناكثون والقاسطون والمارقون ، وهذه الصفات التي ذكرهاصلى‌الله‌عليه‌وآله قد سمّاهم بها ، مشيراً إلى أنّ وجود كلّ صفة منها في الفرق المختصّة بها علّة لقتالهم مسلّطة عليه.

وهؤلاء الناكثون : هم الناقضون عقد بيعتهم الموجبة عليهم الطاعة والمتابعة لإمامهم الذي بايعوه محقّاً ، فإذا نقضوا ذلك ، وصدفوا عن طاعة إمامهم ، وخرجوا عن حكمه ، وأخذوا قتاله بغياً وعناداً كانوا ناكثين باغين ، فيتعيّن قتالهم ، كما اعتمده جمع ممّن تابع علياً وبايعه ، ثمّ نقض عهده وخرج عليه ، وهم أصحاب واقعة الجمل ، فقاتلهم عليعليه‌السلام فهم الناكثون.

وأمّا القاسطون : فهم الجائرون عن سنن الحقّ ، الجانحون إلى الباطل ، المعرضون عن اتباع الهدى ، الخارجون عن طاعة الإمام الواجبة طاعته ، فإذا فعلوا ذلك واتصفوا به تعيّن قتالهم ، كما اعتمده طائفة تجمّعوا واتبعوا معاوية ، وخرجوا لمقاتلة عليعليه‌السلام على حقّه ، ومنعوه إيّاه فقاتلهم ، وهي وقائع صفّين ، وليلة الهرير ، فهؤلاء هم القاسطون

وأمّا المارقون : فهم الخارجون عن متابعة الحقّ ، المصرّون على مخالفة الإمام المفروض طاعته ومتابعته ، المصرّحون بخلعه ، وإذا فعلوا ذلك واتصفوا به تعيّن قتالهم ، كما اعتمده أهل حروراء والنهروان ، فقاتلهم عليعليه‌السلام ، وهم الخوارج.

فبدأ عليعليه‌السلام بقتال الناكثين ، وهم أصحاب الجمل ، وثنّى بقتال القاسطين ، وهم أصحاب معاوية وأهل الشام بصفّين ، وثلّث بقتال المارقين ، وهم الخوارج أهل حروراء والنهروان »(١) .

__________________

١ ـ مطالب السؤول في مناقب آل الرسول ١ / ١١٧.

٣٦

( أبو الزين ـ الأردن ـ )

رسول الله نام بينه وبين عائشة :

س : أسيادنا الأعزّة ، الرواية في بحار الأنوار : إنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : « سافرت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ليس له خادم غيري ، وكان لحاف ليس له غيره ، ومعه عائشة ، وكان رسول الله ينام بيني وبين عائشة ، ليس علينا ثلاثتنا لحاف غيره ، فإذا قام إلى صلاة الليل ، يحطّ بيده اللحاف من وسطه بيني وبين عائشة ، حتّى يمسّ اللحاف الفراش الذي تحتنا » (١) .

تعليقكم على الرواية المستغلّة للإساءة إلى مصادرنا الحديثية.

ج : نلفت نظركم للنقاط التالية :

أ ـ إنّ نظرة الشيعة للمصادر الحديثية تختلف عن نظرة أهل السنّة إليها ، فحيث تعتقد أنّ الكتب الستة صحيحة ، أو يعتقدون بصحّة البخاريّ ومسلم فقط ، فإنّ الشيعة لا تنظر إلى مجاميعها الروائية هذه النظرة ، بل تعتقد بإخضاع كافّة الروايات والأحاديث للبحث السندي والدلالي ، وهذه من مميّزات الفكر الشيعيّ في كافّة الجهات.

وعلى هذا ، فإنّ ورود حديث ما في مجموعة لا تدلّ بالملازمة على قبوله ، بل يجب البحث عن سنده أوّلاً ، ودلالته ثانياً.

ب ـ إنّ العلاّمة المجلسيّ ( قدس سره ) ـ صاحب بحار الأنوار ـ بنفسه كان لا يلتزم بصحّة كلّ ما ورد في كتابه ـ فضلاً عن الآخرين ـ ويستفاد هذا الموضوع من مقدّمته على بحار الأنوار ، إذ يصرّح أنّه جمع كل ما في وسعه من الأحاديث من دون إبداء رأيه ، لكي تكون هناك موسوعة كبيرة يتمكّن الباحث من المراجعة إليها.

ويشهد لهذا أيضاً ، أنّه وفي مقام البحث السندي لا يرى صحّة مجموعة من

__________________

١ ـ بحار الأنوار ٤٠ / ٢.

٣٧

أحاديث الكافي ـ الذي هو أمتن الكتب الحديثية عند الشيعة ـ في كتابه مرآة العقول.

ج ـ إنّ الرواية المنقولة عن بحار الأنوار هي في الحقيقة وردت في احتجاج الشيخ الطبرسيّ(١) ، نقلاً عن كتاب سليم بن قيس الهلالي(٢) ، وأيضاً نقلها ابن شهر آشوب ـ بصورة مرسلة ـ في مناقبه(٣) ، وجاءت عنه في بحار الأنوار(٤) .

فسند الحديث ليس مقطوعاً به ، حتّى يصبح حجّة لنا أو علينا.

د ـ توجد هناك أحاديث كثيرة منقولة في الجوامع الروائية لأهل السنّة مخالفة للعقل والنقل القطعي ، وتمسّ الجوانب الأساسية للعقيدة ، ومع هذا يرتضون بها ، ويؤوّلونها بتأويلات سخيفة ، حفظاً منهم لهذه الكتب ، ولو كان المجال واسعاً لأوردنا بعض الأمثلة لذلك ، ولكن حرصاً على الإجمال في الجواب ، نوكل هذا الموضوع إلى البحوث المستقلّة في هذا المضمار ، والتي تتولّى دراسة أحاديث الصحاح الستّة وغيرها ، حتّى يتبيّن للمنصف المتوخّي للحقيقة مدى قباحة بعض منقولات أهل السنّة وركاكتها.

هـ ـ وأخيراً : كيف يخاف من عليعليه‌السلام وهو مع القرآن؟! وكيف يخاف منه وهو مع الحقّ ، بل هو راعي الدين والإسلام؟!

وعلى فرض صحّة الرواية ، فإنّها تدلّ على ثقة الرسول التامّة في عليعليه‌السلام .

ولم ينقل عن الإمام عليعليه‌السلام أنّه نظر إلى امرأة من نساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما نقل عن عمر أنّه كان يتعرّض لنساء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهن خارجات للتبرّز قبل الحجاب.

فكان عمر يغار على زوجاته ، ويأمر الرسول بأن يحجّبهن ، والرسول لا

__________________

١ ـ الاحتجاج ١ / ٢٣١.

٢ ـ كتاب سليم بن قيس : ٤٢٢.

٣ ـ مناقب آل أبي طالب ٢ / ٥٩.

٤ ـ بحار الأنوار ٣٨ / ٢٩٧.

٣٨

يهتمّ بذلك ، ولا يفعل ما يأمره به عمر!! إلى أن وافق الله عمر ، وأمر الرسول بما أمره به عمر!!

ففي صحيح البخاريّ : « حدّثنا يحيى بن بكير قال : حدّثنا الليث قال : حدّثني عقيل ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة : إنّ أزواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كن يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع ـ وهو صعيد افيح ـ ، فكان عمر يقول للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : احجب نساءك ، فلم يكن رسول الله يفعل ، فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبيّ ليلة من الليالي عشاء ، وكانت امرأة طويلة ، فناداها عمر : ألا قد عرفناك يا سودة ، حرصاً على أن ينزل الحجاب ، فأنزل الله الحجاب »(١) .

وعليعليه‌السلام أطهر من أن يشكّ فيه أحد ، وهل من أحد أعرف بعلي من رسول الله؟! ولكن الإشكال في قول عمر لرسول الله : من أنّ نساءه يدخل عليهنّ في بيته البرّ والفاجر ، وهنّ فيه.

ففي صحيح البخاريّ : حدّثنا مسدّد ، عن يحيى بن سعيد ، عن حميد ، عن أنس قال : قال عمر : وافقت الله في ثلاث ، أو وافقني ربّي في ثلاث ، قلت : يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلّى ، وقلت : يا رسول لله يدخل عليك البرّ والفاجر ، فلو أمرت أُمّهات المؤمنين بالحجاب ، فأنزل الله آية الحجاب ، قال : وبلغني معاتبة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بعض نسائه ، فدخلت عليهن ، قلت : إن انتهيتنّ أو ليبدلنّ الله رسوله خيراً منكن ، حتّى أتيت إحدى نسائه ، قالت : يا عمر أما في رسول الله ما يعظ نساءه حتّى تعظهن أنت ، فأنزل الله :( عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ ) (٢) .

فليس يحتمل في عليعليه‌السلام الرجس ليخاف منه رسول الله.

مع أنّ الرواية في بحار الأنوار وجدت في كتاب سليم ، فقد ذكر أنّ النسخة التي عنده بالوجادة ، ولابدّ من وجودها في نفس كتاب سليم المسند لا المرسل.

__________________

١ ـ صحيح البخاريّ ١ / ٤٥.

٢ ـ التحريم : ٥.

٣٩

وهنا لابأس أن نشير إلى أنّه لا يوجد أمر مريب في مدلول الرواية يبعث القلق ، إذ جاء التصريح فيها بوجود المانع الذي هو اللحاف المنحطّ بين الإمام وعائشة.

( ـ سنّي ـ )

صلّى في بداية البعثة والصلاة لم تفرض بعد :

س : لي سؤال بسيط ، أرجو منك التوضيح ، جزاك الله خيراً ، وذلك في هذا الحديث : عن جابر‏ ‏ ، قال : ‏‏بُعِث النبيّ ‏صلى‌الله‌عليه‌وآله ‏يوم ‏ ‏الاثنين ، وصلّى ‏علي ‏يوم الثلاثاء.

السؤال هو : كيف صلّى عليعليه‌السلام في اليوم التالي من البعثة؟ والصلاة لم تفرض إلاّ بعد فترة من البعثة النبوية الشريفة ، وذلك في قصّة الإسراء والمعراج.

ج : إنّ مسألة صلاة أمير المؤمنينعليه‌السلام مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في بدء البعثة أمر مسلّم ، ولا مجال للشكّ أو الترديد فيها ، بعد ما أطبقت عليها الروايات والسير من الفريقين(١) .

وإمّا كيفية صلاتهعليه‌السلام ، فهي تتبع موضوع تعبّده في المقام ، وبما أنّ عبادته وصلاته كانت بدعوة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لهعليه‌السلام ، فالظاهر أنّهما كانا يعبدان الله تعالى ، إمّا مطابقاً لشريعة إبراهيمعليه‌السلام ، أو غيره ممّن تقدّمه من الأنبياءعليهم‌السلام ، وإمّا موافقاً لما قرّر لعامّة الناس فيما بعد.

__________________

١ ـ مناقب آل أبي طالب ١ / ٢٩٧ ، المستدرك ٣ / ١١٢ ، تحفة الأحوذيّ ١٠ / ١٦٠ ، المعجم الكبير ١ / ٣٢٠ ، نظم درر السمطين : ٨٢ ، شواهد التنزيل ٢ / ١٨٥ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢٧ ، تهذيب الكمال ٢٠ / ٤٨٢ ، تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ٥٥ ، البداية والنهاية ٣ / ٣٦ و ٧ / ٣٦٩ ، جواهر المطالب ١ / ٤٣ و ٥٠ ، سبل الهدى والرشاد ٢ / ٣٠٢ ، ينابيع المودّة ٢ / ١٤٧.

٤٠