موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٢

موسوعة الأسئلة العقائديّة0%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-02-7
الصفحات: 518

موسوعة الأسئلة العقائديّة

مؤلف: مركز الأبحاث العقائديّة
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف:

ISBN: 978-600-5213-02-7
الصفحات: 518
المشاهدات: 226066
تحميل: 5360


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 518 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 226066 / تحميل: 5360
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء 2

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: 978-600-5213-02-7
العربية

أهل البيت عليهم‌السلام :

( كميل ـ عمان ـ ٢٢ سنة ـ طالب جامعة )

ليس منهم آل عقيل وآل جعفر :

س : أسألكم عن معنى أهل البيت في آية التطهير : هناك من يقول بأنّ المقصود هم : آل علي عليه‌السلام ، وآل عقيل ، وآل جعفر ، فما هي حجّتهم؟ وكيف يتمّ الردّ عليهم؟

ج : قد يعتمد البعض على رواية وردت بهذا المعنى(١) توهم بأنّ أهل البيت هم هؤلاء كلّهم ، ولكن يلاحظ في المقام ـ مع غضّ النظر عن البحث السندي ـ أنّ تطبيق مصداق أهل البيتعليهم‌السلام في هذا الحديث لم يرد من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى يكون حجّة ، بل هذا الكلام والقول جاء توضيحاً على لسان زيد بن أرقم ، وكما هو معلوم : فإنّ اجتهاد زيد لا يكون حجّة علينا.

هذا ، وقد تضافرت الأحاديث على مصداقية أهل الكساء في معنى أهل البيت عند الفريقين ، ممّا لا يبقى أيّ شكّ وريب في المقام ، بأنّ المراد من أهل البيتعليهم‌السلام هم الأنوار الخمسة الطيّبة الذين نزلت فيهم آية التطهير.

( كميل ـ عمان ـ ٢٢ سنة ـ طالب جامعة )

آية التطهير شاملة لبقية الأئمّة :

س : المعروف أنّ آية التطهير نزلت في أصحاب الكساء ، فهل يمكن القول

__________________

١ ـ صحيح مسلم ٧ / ١٢٣.

٤٠١

بأنّ الآية لا تشمل الأئمّة من ولد الإمام الحسين عليه‌السلام ، والسيّدة زينب عليها‌السلام ؟ ولماذا؟

ج : إنّ آية التطهير تشمل كلّ الأئمّة الاثني عشرعليهم‌السلام ؛ وذلك لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث الثقلين أخبر أنّ ( القرآن ) و ( أهل البيت ) لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض. فإذا قلنا بأنّ أهل البيت هم الخمسة أصحاب الكساء فقط فهذا يعني افتراق أهل البيت عن القرآن ؛ لأنّ لازمه أنّه بعد شهادة الحسينعليه‌السلام لا يكون هناك مصداق لعنوان أهل البيتعليهم‌السلام وهذا هو الافتراق لأنّ القرآن يكون موجوداً وأهل البيت غير موجودين ، وهو خلاف صريح لكلام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلابدّ من القول بشمول آية التطهير لكلّ الأئمّةعليهم‌السلام . وعلى ذلك دلّت النصوص الواردة عن أهل البيتعليهم‌السلام .

أمّا في حديث الكساء فإنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله جمع الموجودين من أهل البيت المطهرّين في زمانه ، وكانوا الأربعة فقط صلوات الله عليهم أجمعين.

أمّا السيدة زينبعليها‌السلام فهي على الرغم من عظم شأنها وجلالة قدرها وعلوّ منزلتها ورفيع درجتها إلا أنّها غير داخلة في آية التطهير ، لأنّ الآية مخصوصة بالمعصومين الأربعة عشر فقط.

( سامي ـ السعودية ـ ٣٨ سنة )

الدليل على إتمام الصلاة على محمّد بآله :

س : ما هو الدليل على الصلاة على محمّد وآل محمّد كاملة بدون بتر؟ كما يفعله الآخرون.

وكيف يمكن الجمع بين الآية الكريمة :( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) (١) ، وبين الرواية الواردة من النهي عن الصلاة على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله الصلاة المبتورة أو البتراء؟

__________________

١ ـ الأحزاب : ٥٦.

٤٠٢

ج : لا تنافي بين الآية القرآنية والأحاديث الواردة في الباب ؛ فإنّ الآية تأمر بالصلاة على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والأحاديث بيّنت كيفية هذه الصلاة حيث ذكرت قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «قولوا اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد » ، فالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله علمنا كيف نصلّي عليه. فمن حذف آل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من الصلاة عليه كان مخالفاً للكيفيّة التي ذكرهاصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فتكون صلاته على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ناقصة.

ففي تفسير الدرّ المنثور أخرج السيوطي عن سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن كعب بن عجرة قال : لمّا نزلت( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) قلنا : يا رسول الله قد علمنا السلام عليك ، فكيف الصلاة عليك؟

قال : «قولوا : اللّهم صلّ على محمّد وعلى آل محمّد ، كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنّك حميد مجيد ، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد ، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم ، إنّك حميد مجيد »(١) .

وأخرج نفس الحديث ابن جرير الطبري عن يونس بن خباب ، وعن إبراهيم ، وعن قتادة ، وعن كعب بن عجرة(٢) ، كما أخرج ذلك غيرهما(٣) .

على أنّ الله تعالى صلّى على قوم سلّموا له ، وأذعنوا وصبروا حينما أصابتهم مصيبة ، قالوا : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، فقال تعالى :( الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم

__________________

١ ـ الدرّ المنثور ٥ / ٢١٥.

٢ ـ جامع البيان ٢٢ / ٥٣.

٣ ـ مسند أحمد ٣ / ٤٧ و ٤ / ٢٤١ ، سنن ابن ماجة ١ / ٢٩٣ ، الجامع الكبير ١ / ٣٠١ ، سنن النسائيّ ٣ / ٤٧ ، المصنّف للصنعانيّ ٢ / ٢١٢ ، مسند ابن الجعد : ٤٠ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٢ / ٣٩٠ ، السنن الكبرى للنسائيّ ١ / ٣٨٢ ، و ٦ / ١٨ ، صحيح ابن حبّان ٥ / ٢٨٧ و ٢٩٥ ، المعجم الصغير ١ / ٨٥ ، المعجم الأوسط ٣ / ٩١ و ٤ / ٣٧٨ و ٧ / ٥٧ ، المعجم الكبير ١٧ / ٢٥٠ و ١٩ / ١٢٤ و ١٥٥ ، كنز العمّال ٢ / ٢٧٥ ، جامع البيان ٢٢ / ٥٣ ، زاد المسير ٦ / ٢١٤ ، الدرّ المنثور ٥ / ٢١٥ ، فتح القدير ٤ / ٣٠٣ ، تاريخ بغداد ٨ / ١٣٧ ، البداية والنهاية ١ / ١٩٨ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ١٠ ، و ١٢ / ٤٣٤ ، ينابيع المودّة ١ / ١٤١.

٤٠٣

مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا للهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ ) (١) .

فإذا كانت الصلوات على من صبر ورضي وسلّم لأمر الله تعالى ، فهل يوجد أعظم من أهل البيتعليهم‌السلام صبراً وتسليماً؟

على أنّه لا يخفى عليك ، أنّ الصلاة المشار إليها هي التزكية من الله تعالى والرحمة ، ومن المؤمنين الدعاء ، فما المانع من أن يزكّي الله تعالى أهل بيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأن تدعوا لهم بالرحمة ، والدرجة الرفيعة.

ثمّ أنّ هناك أحاديث تنهى عن الصلاة البتراء بصورة : «لا تصلّوا عليّ الصلاة البتراء »(٢) ، أي بدون ذكر الآلعليهم‌السلام ، وهذه الأحاديث بنفسها تؤكّد وتؤيّد الروايات السابقة في وجوب إدخال الآلعليهم‌السلام .

هذا ما أمكن ذكره في هذا المقام من أدلّة قرآنية ، وأحاديث صحيحة في كيفية الصلاة على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .

( إحسان ـ ألمانيا ـ ٣٣ سنة ـ طالب علم )

السرّ في تفضيل ذرّيتهم على غيرهم :

س : سُئلت عن السؤال التالي ، وأُريد الإجابة منكم ، ولكم الفضل في ذلك :

لماذا أنتم الشيعة تميّزون بين السيّد وغير السيّد؟ أليس ذلك من التفرقة الاجتماعيّة؟ كما أنّكم ترتّبون أحكام شرعية وفق هذا التمييز ، فما هو ذنب من لم يكن سيّداً ـ أي نسبه يرجع لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ تحترمون السيّد ، وتخصّوه بكلمة السيّد بخلاف غيره ـ من لا يرجع نسبه لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أليس هذا من التفرقة ، والدين الإسلامي دين المساواة؟

أرجو الإجابة ، ولكم الأجر والثواب في ذلك.

__________________

١ ـ البقرة : ١٥٦ ـ ١٥٧.

٢ ـ ينابيع المودّة ١ / ٣٧ ، الصواعق المحرقة ٢ / ٤٣٠.

٤٠٤

ج : إنّ الملاك في الإسلام التقوى ، وذلك لصريح القرآن الكريم :( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ ) (١) ، وإنّما يوجّه المسلمون محبّة خاصّة للسادة من ذرّية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تكريماً لجدّهم ، ويعظمون السادة تعظيماً لجدّهم.

وهذا التعظيم والتبجيل يظهر جلياً بتحريم الصدقة عليهم ، وتعويضهم بالخمس :( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) (٢) .

والخلاصة : إنّ تكريم السادة الأشراف من نسل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في هذه الدنيا ، يكون في واقع الأمر تكريماً لجدّهم واحتراماً خاصّاً له.

ولعلّ السرّ في ذلك : أن يكون هذا العمل باعثاً حثيثاً للتمسّك بتعاليم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله واستمرار شريعته ، حيث الأُمّة تمسي وتصبح وتشاهد ذرّية رسولها بين ظهرانيها ، تحترمهم وتجلّهم لأجل جدّهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبذلك يتذكّرون الرسول طيلة حياتهم ، فيكون سبباً للاستمرار بالتمسّك بتعاليمه.

( محمّد ـ السعودية ـ ١٦ سنة ـ طالب ثانوية )

الصلاة على محمّد وآل محمّد :

س : سؤالي حول فلسفة ذكر الصلاة على محمّد وآل محمّد في عدّة مواضع ، منها : عندما يقوم شخص بحسد إنسان آخر ، يقولون له : صلّ على محمّد وآل محمّد ، وكذلك عند دخول إمام الجماعة ، أو القارئ ، يبدأ الناس بالصلاة على محمّد وآل محمّد ، ودمتم موفّقين لكلّ خير.

ج : إنّ كثرة الصلوات على النبيّ وآله في مختلف الحالات يمثل حالة ارتباط المسلم مع نبيّه ، ومثال للأدب معهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الذي أمرنا به الله تعالى ، مضافاً إلى

__________________

١ ـ الحجرات : ١٣.

٢ ـ الأنفال : ٤١.

٤٠٥

البركة في ذكر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بعد أن صلّى عليه الله والملائكة ، فقال تعالى :( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) (١) .

فلا ضير في ذكر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله والصلاة عليه والتقرّب إلى الله تعالى بذلك في كلّ حال وفي كلّ زمان ، فتأمّل.

( محمّد ـ السعودية ـ ١٦ سنة ـ طالب ثانوية )

تعقيب حول الجواب السابق :

مقدّمة : في الأعمّ الأغلب من الآيات تكون الأعمال منسوبة مباشرة إلى العباد.

ولكن هنا قدّم مقدّمة حيث أخبر أنّه هو سبحانه يقوم بالعمل ، ثمّ أمرهم الإتيان به ، وعند تتبع الآيات القرآنية نجد أنّه لا توجد آية في القرآن كهذه الآية إلاّ واحدة ، نسب الله تعالى فيها العمل إلى نفسه أوّلاً ، ثمّ أمر به عباده ثانياً ، وهذه الآية الثانية خاصّة بالتوحيد ، وهي في سورة آل عمران( شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) (٢) فهو أوّلاً شهد بالوحدانية ، ثمّ أشار إلى شهادة الملائكة بها ، ثمّ شهادة المؤمنين.

وهنا كذلك في الآية التي نحن بصدد البحث فيها ، نرى أنّه سبحانه يصلّي ، وملائكته ، ثمّ يأمر المؤمنين بالصلاة ، وهذا كلّه دليل على أنّ لهذه الآية خصوصية.

لماذا يجب علينا الصلاة على محمّد وآل محمّد؟ يجب أن نوضّح عدّة أُمور :

__________________

١ ـ الأحزاب : ٥٦.

٢ ـ آل عمران : ١٨.

٤٠٦

قال تعالى :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ ) (١) ، كلمة صلّوا هنا هي صيغة أمر ، تدلّ على الوجوب ، يعني لست مخيّراً ، بل يجب عليك أن تفعل ، فهي دالّة على الوجوب لا الاستحباب ، كما في قوله تعالى :( وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ ) (٢) فهو أمر دالّ على الوجوب كذلك.

ما معنى أن يصلّي الله تعالى على أحد؟

إنّ الصلاة هنا ليست بالمعنى الاصطلاحي ، والتي يقصد بها صلاتنا التي نصلّيها ، بل هي بمعناه اللغوي وهو الدعاء ، وهنا الروايات من الفريقين توضّح : أنّ معنى الصلاة من الله تعالى هو تقريب نبيّه وإنزال الرحمة عليه ، إلاّ أنّها تعنون بعنوان الصلاة ، تماماً كما في اللعن ، فحينما يقول تعالى :( يَلعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ ) (٣) ، فليس معناه اللعن اللفظي ، بل المقصود به هو إبعاد العبد من رحمة الله تعالى ، عند ذلك نفهم قول أمير المؤمنين عليه‌السلام في الله تعالى : « إنّما قوله فعله » فليس الله سبحانه يتلفّظ بألفاظ كما نتلفّظ بها نحن ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) (٤) .

ما معنى صلاة الملائكة؟

معناها التزكية ، يعني يصلّون عليه لبيان أنّ هذا المورد هو مستحقّ للرحمة ، يعني محلّ قابل لإنزال الرحمة ، وهذا ما دلّت عليه الروايات.

ما معنى صلاة المؤمنين؟

إنّ صلاتهم تعني الدعاء للنبيّ الأكرم ، وهي أيضاً طلبة من الحقّ في رفع مقامنا ، لأن نرقى إلى مقامهم ، ‏ونتعرّف على أسرارهم.

نأتي للمقطع التالي للآية ، قال تعالى :( وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) .

إنّ المتعارف من التسليم هو السلام ، لذلك عند ذكر النبيّ ترى الأعمّ

__________________

١ ـ الأحزاب : ٥٦.

٢ ـ النور : ٥٦.

٣ ـ البقرة : ١٥٩.

٤ ـ يس : ٨٢.

٤٠٧

الأغلب من الناس يصلّي عليه هكذا : « صلّى الله عليه وسلم ».

فنأخذ معنى التسليم في الآية بمعنى السلام ، أي : السلام عليك يا رسول الله ، ولكن حينما نراجع الروايات الواردة في ذيل هذه الآية نرى أنّ المعنى يختلف عن ذلك.

عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عزّ وجلّ : ( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ ) ، فقال : « الصلاة عليه ، والتسليم له في كلّ شيء جاء به » (١) .

إذاً ، فالآية تريد معنى الانقياد لا معنى السلام ، وبتعبير القرآن : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) (٢) .

إذاً ، فالآية ليست بصدد بيان أنّ الله تعالى يريد أن يأمر المؤمنين أن يسلّموا عليه بعد الصلاة عليه ، بل يريد منهم أن ينقادوا للنبيّ ويسلّموا الأمر بيده.

وكما جاء عن الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام في قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ ) قال : « لهذه الآية ظاهر وباطن ، فالظاهر قوله : ( صَلُّوا عَلَيْهِ ) ، والباطن : قوله تعالى : ( وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) : أي سلّموا لمن وصّاه واستخلفه ، وفضّله عليكم »(٣) .

على هذا الأساس لا ينبغي أن نقول : صلّى الله عليه وسلم ، فهذه « وسلّم » جاءتنا من الطرف الآخر ـ أي أهل السنّة ـ أمّا في القرآن فالله سبحانه صلّى عليه ولم يسلّم ، لذلك نجد أنّ العلماء الملتفتين للمسألة يقولون : صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا يضيفون وسلّم .

وأخيراً : لا ريب أنّ الصلاة على النبيّ والآل عليهم‌السلام هي من ‏الواجبات في حياة الإنسان المسلم ، وذلك لأنّها مفتاح الأسرار ، وباب ‏المقاصد ، ومن أهمّ الوسائل في صعود الأعمال ، واستجابة الدعاء ، هذا فضلاً عن‏ الثواب الجزيل ، والفضل العظيم ، الذي يحرزه المصلّي على النبيّ وآله عليهم‌السلام .

__________________

١ ـ المحاسن ١ / ٢٧١.

٢ ـ الحشر : ٧.

٣ ـ الاحتجاج ١ / ٣٧٧.

٤٠٨

( فاضل ـ البحرين ـ ٢٦ سنة ـ دبلوم هندسة ميكانيكية )

الكتب السنّية المؤلّفة حولهم :

س : لا أُريد أن أطيل عليكم ، ولكن لابدّ من هذه الكلمة : فأنا اعتبر هذا الموقع من أهمّ المواقع الشيعيّة ، وأكثرها خدمة لمذهب أهل البيتعليهم‌السلام ، فجزى الله القائمين عليه أفضل الجزاء.

سؤالي هو عن الروايات التي تتحدّث عن أئمّتنا المتأخّرين ، من الإمام السجّاد حتّى الإمام القائمعليهم‌السلام في كتب إخواننا أهل السنّة .

ج : ما أكثر الكتب السنّية التي أُلّفت في أهل البيتعليهم‌السلام منها مثلاً :

١ ـ ينابيع المودّة لذوي القربى ، للشيخ سليمان القندوزيّ الحنفيّ ، المتوفّى ١٢٩٤ هـ.

٢ ـ مطالب السؤول في مناقب آل الرسول ، للشيخ محمّد بن طلحة الشافعيّ ، المتوفّى ٦٥٢ هـ.

٣ ـ الفصول المهمّة في معرفة أحوال الأئمّة ، لابن الصبّاغ المالكيّ ، المتوفّى ٨٥٥ هـ.

٤ ـ نور الأبصار في مناقب آل بيت النبيّ المختار ، للشيخ مؤمن بن حسن بن مؤمن الشبلنجي.

٥ ـ شواهد التنزيل لقواعد التفضيل ، للحاكم الحسكاني ، المتوفّى ٥٤٤ هـ.

هذا ، وهناك كتب شيعية ذكرت ما كتب في أهل البيتعليهم‌السلام في الصحاح الستة ، وغيرها من الكتب المعتبرة عند أهل السنّة ، منها مثلاً :

١ ـ منتخب فضائل النبيّ وأهل بيتهعليهم‌السلام ، لمركز الغدير للدراسات الإسلامية.

٢ ـ ما روته العامّة من مناقب أهل البيتعليهم‌السلام ، للمولى حيدر علي الشروانيّ.

٣ ـ عمدة عيون صحاح الأخبار ، للحافظ ابن البطريق ، المتوفّى ٦٠٠ هـ.

٤ ـ أئمة أهل البيت في كتب أهل السنّة ، للشيخ حكمت الرحمة.

٤٠٩

( عقيل ـ السعودية ـ )

تفضيل السادة على غيرهم :

س : لماذا تفضّل الشيعة السادة على غيرهم؟ والله تعالى يقول : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ ) (١) ؟

ج : إنّ الناس في الشريعة الإسلامية لا يتفاضلون إلاّ بالتقوى ،( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ ) ، فمن أخلّ بالتقوى وتعدّى حدود الله لم يفلت من طائلة القانون ، مهما كانت مكانته ، أو منزلته ، أو حسبه ، أو نسبه ، أليس أبو لهب عمّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومع ذلك جاء( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ) (٢) .

فليس في الإسلام عنصرية يختلّ بها ميزان العدالة ، ولا محسوبية يتذبذب بها القانون ، فالنسب الحقيقيّ عند الله تعالى إنّما هو التقوى ، ويؤيّده الوحي المحفوظ :( يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ) (٣) ، فأرجع الباري تعالى البنوّة الحقيقيّة إلى العمل الصالح.

ولكن مع ذلك ، فهناك وجهة نظر أُخرى ، لا تغيّر من هذا المبدأ العام أي شيء ، ولكنّها تدخل الفضل في حسابها ، والفضل لا يمنع الحقّ لمن طلب العدل.

بل إنّ الله تعالى ضرب لنا أمثلة لنسلك سبيل الفضل فيما لا يعطّل حداً من حدود الله ، ولا يؤدّي إلى الإضرار بأحد من خلقه.

قال تعالى :( وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا ) (٤) ، أراد الله ذلك لا لشيء إلاّ لأنّ أباهما كان صالحاً.

__________________

١ ـ الحجرات : ١٣.

٢ ـ المسد : ١.

٣ ـ هود : ٤٦.

٤ ـ الكهف : ٨٢.

٤١٠

بل إنّ الله تعالى رغّبنا في سلوك طريق الفضل ، قال تعالى :( وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) (١) ، قال أهل البيان : في الآية إطناب ، لأنّ تعفوا وحدها ، أو تصفحوا وحدها ، أو تغفروا وحدها كانت تكفي ، ولكن الله تعالى كرّر هذه الأفعال ترغيبا لنا في الفضل ، وحثا لنا عليه.

وعليه ، فلا غرابة أن تحترم الشيعة الإمامية السادة من ذرّية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على غيرهم ، إكراماً لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ولأجل عين ألف عين تُكرم ـ وإطاعة لما جاء في القرآن الكريم من قوله تعالى :( قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) (٢) .

وهذه الآية وإن نزلت في حقّ أهل البيتعليهم‌السلام إلاّ أنّها بعموم اللفظ دلّت على مودّة ذرّية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاحترامهم وتفضيلهم وتقديمهم كما في إمامة صلاة الجماعة مصداق من مصاديق المودّة.

هذا من جهة ، ومن جهة أُخرى وردت روايات عن النبيّ وأهل بيتهعليهم‌السلام تحثّنا على احترام ذرّية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإكرامهم ، وقضاء حوائجهم ، و ، منها مثلاً :

١ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّي شافع يوم القيامة لأربعة أصناف ، ولو جاءوا بذنوب أهل الدنيا : رجل نصر ذرّيتي ، ورجل بذل ماله لذرّيتي عند المضيق ، ورجل أحبّ ذرّيتي بالقلب واللسان ، ورجل سعى في حوائج ذرّيتي إذا طردوا أو شرّدوا »(٣) .

٢ ـ قال الإمام الصادقعليه‌السلام : «إذا كان يوم القيامة نادى مناد : أيّها الخلائق أنصتوا فإنّ محمّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله يكلّمكم .

فتنصت الخلائق ، فيقوم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ويقول : يا معشر الخلائق ، من كان له

____________

١ ـ التغابن : ١٤.

٢ ـ الشورى : ٢٣.

٣ ـ الكافي ٤ / ٦٠ ، من لا يحضره الفقيه ٢ / ٦٥.

٤١١

عندي يد ، أو منّة ، أو معروف ، فليقم حتّى أكافيه .

فيقولون : فأيّ يد وأيّ منّة؟ وأيّ معروف لنا؟ بل اليد والمنّة والمعروف لله ولرسوله على جميع الخلائق.

فيقول : من آوى أحداً من أهل بيتي ، أو برّهم ، أو كساهم من عرى ، أو أشبعهم ، فليقم حتّى أكافيه.

ويقوم أناس قد فعلوا ذلك ، فيأتي النداء من عند الله عزّ وجلّ : يا حبيبي يا محمّد ، قد جعلت مكافاتهم إليك ، فأسكنهم حيث شئت من الجنّة ، فيسكنهم في الوسيلة ، حيث لا يحجبون عن محمّد »(١) .

فعلى هذا ، نحن نحترم ونقدّر أولاد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله » والمرء يحفظ في ولده » مادام سائراً على سيرة النبيّ وأهل بيته الطاهرين وإلاّ فلا.

( ـ سنّي ـ )

تفويضهم من قبل الله تعالى :

س : يذكر إمامكم ـ محمّد بن يعقوب الكلينيّ ـ في كتابه « أُصول الكافي / باب : أنّ الأرض كلّها للإمام » ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « إنّ الدنيا والآخرة للإمام ، يضعها حيث يشاء ، ويدفعها إلى من يشاء ، جائز له من الله ».

فماذا يستنبط المسلم المنصف من هذه العبارة ، مع أنّ الله تعالى يقول في محكم آياته :( للهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) (٢) ،ويقول : ( فَلِلَّهِ الآخِرَةُ وَالأُولَى ) (٣) .

ويذكر نفس الإمام الشيعيّ الكلينيّ تحت باب : أنّ الأئمّة يعلمون علم ما

__________________

١ ـ شجرة طوبى ١ / ١٠.

٢ ـ المائدة : ١٢٠.

٣ ـ النجم : ٢٥.

٤١٢

كان ، وما يكون ، وأنّه لا يخفى عليهم شيء ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : « إنّي لأعلم ما في السماوات ، وما في الأرض ، وأعلم ما في الجنّة ، وما في النار ، وأعلم ما كان وما يكون » ، مع أنّ الله تعالى يقول : ( قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ ) (١) ، ويقول :( وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ ) (٢) .

أرجو أن لا يكون الردّ بحذف الموضوع ، وشكراً .

ج : أمّا قولك : إنّ إمامكم محمّد بن يعقوب الكليني فغير واضح ، إذ لم نعهد عندنا غير أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام المعروفين لديك ، وهم اثنا عشر إماماً ، ولعلّك لم تطّلع على أُصول الإمامية التي تعتقد باثني عشر إماماً وخليفة ، فاطلاعك أكثر سوف يغنيك عن أيّ إشكالٍ آخر إن شاء الله.

واعلم : أنّ ما ذكرت من رواية في الكافي فهي ضعيفة السند بعلي بن أبي حمزة البطائنيّ ، فالشيعة متّفقة على عدم الأخذ برواياته ، وتضعيفه عندهم مشهور ، ولك أن تراجع كتبهم الرجالية في ذلك.

ولو أخذنا بالرواية ، فلا تعدو أن تكون الرواية مبيّنة لرتبة الإمام ومنزلته ، فكون الإمام خليفة الله في أرضه فله الولاية من قبل الله تعالى على أرضه ، ولا ضير في ذلك.

فإنّ الخليفة لو ولّى شخصاً عنه في ما فوّض له الولاية في ذلك ، فلا يعني أنّ الخليفة قد انقبضت يده عن سلطانه ، فولاية الوالي غير مطلقة ، وهو غير خارجٍ عن طاعة الخليفة وسلطانه ، وهكذا الإمام ، فإنّ له الولاية بما هو إمام ، وخليفة الله في أرضه ، ولا يتنافى مع سلطان الله وملكه( فَلِلَّهِ الآخِرَةُ وَالأُولَى ) ، وولاية الإمام والخليفة متفرّعة من ولاية الله تعالى ، فولاية الله هي الأصل ، وولاية النبيّ أو الخليفة بالتبع.

__________________

١ ـ النمل : ٦٥.

٢ ـ الأنعام : ٥٩.

٤١٣

ثمّ ما تقول في قوله تعالى :( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ للهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللهَ وَأَصْلِحُواْ ) (١) .

فعن ابن عباس : المراد من الأنفال ما شذّ عن المشركين إلى المسلمين من غير قتال ـ من دابةٍ أو عبد أو متاع ـ فهو إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يضعه حيث يشاء ، راجع تفسير الفخر الرازي في تفسير الآية.

أي إنّ الله تعالى قد فوّض له أمر الأنفال يضعها حيث شاء ، وبما تقتضيه حكمتهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهل ترى في ذلك سلب لملكِ الله تعالى ، أو تعطيل لسلطانه؟

وهكذا قول الإمامعليه‌السلام : «إنّ الدنيا والآخرة للإمام » لا تعني سلب إرادة الله تعالى ، بل هو تفويض الإمام بما تقتضي حكمة الإمام وولايته.

ثمّ إنّك تتساءل عن قول الإمام : «إنّي لأعلم ما في السماوات وما في الأرض » ، فما الضير في ذلك ، إذا قلنا : إنّ الله تعالى يحبي من يشاء بلطفه ، ولا يخفى عليك قوله تعالى :( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ ) (٢) ، فهل يمكنك أن تفسّر لي هذه الآية بأنّها تنافي علم الله تعالى وقدرته؟ بل إنّ العبد إذا أخلص طاعته لله تعالى وتمحّض في عبوديته له حباه الله ببديع لطائفه ، وأعظم ما يحبيه علمه ، فهل ترى أعظم طاعة لله من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته وهم ورثة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وعترته؟

ثمّ بلحاظ كونه خليفة ، فإنّ مقتضى الخلافة أن يطلع الله خليفته على كافّة شؤون الخلافة ، أما ترى قوله تعالى في خليفته آدم إذ قال تعالى :( وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ) (٣) ، إشارة إلى خصوصية آدم بلحاظ خلافته وولايته.

وهكذا هو الإمام كونه خليفة الله تعالى فإنّ مقتضى خلافته أن يعلمه ما يحتاجه العباد ، وما تقتضيه شؤون خلافته وولايته.

__________________

١ ـ الأنفال : ١.

٢ ـ الجنّ : ٢٦ ـ ٢٧.

٣ ـ البقرة : ٣١.

٤١٤

( حامد ـ السعودية ـ )

حبّهم شيء وإعطاء حقّهم شيء آخر :

س : شكراً على هذا الجهد الطيّب ، لو تكرّمتم ، هل بإمكانكم أن تردّوا على هذا الكلام ، أرجو الشرح :

وصف الشيعة الإمامية بأنّهم ينتمون إلى مدرسة أهل البيت ، إنّ حبّ أهل البيت وتعظيمهم محلّ اتفاق بين طوائف المسلمين ، وكتب أهل السنّة مليئة بالأحاديث التي تثني على علي وآله ، ومنها ما رواه مسلم عن عليعليه‌السلام قال : « والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، إنّه لعهد النبيّ الأُمّيصلى‌الله‌عليه‌وآله إليّ ، أن لا يحبّني إلاّ مؤمن ، ولا يبغضني إلاّ منافق »(١) .

فكيف يزايد أحد على حبّ آل البيت وتبجيلهم ، إلاّ إذا كان المراد : الغلوّ بهم فوق مرتبة البشرية ، ومنحهم خصائص إلهية ، فهذا من جنس دعوى حبّ المسيح باعتباره ابناً لله ، أو شريكاً له ، وهذا ما يرفضه المسلمون ، ويعتبرون دعوى النصارى في محبّته مناقضة للواقع.

إنّ الذي حملني على هذا التعليق ، شريط رأيته وسمعته ينقل صوراً من حسينيات الشيعة ، فيها الشرك الذي لا يحتمل تأويلاً بحال ، ومن ذلك السجود للقبور.

وهنا سألت نفسي : إذاً ما العمل الذي لا يجوز صرفه إلاّ لله؟ ولكن ـ للأسف ـ لم أسمع إلاّ رجع الصدى! لقد سمعت أحد المتحدّثين في هذا الشريط يقول : إنّ النبيّ ليلة الإسراء سمع صوتاً من فوق العرش ، فلمّا دنا منه ، إذا الصوت صوت علي ، تعالى الله عمّا يقول الظالمون علوّاً كبيراً! أفكان علي هو الله؟ أم كان الله يقلّد صوت علي؟ تباركت يا ذا الجلال والإكرام ، فإلى متى يظلّ العقلاء في عزلتهم ، ويتركون العامّة لهذه الأباطيل ، ولهذا السخف؟

__________________

١ ـ صحيح مسلم ١ / ٦١.

٤١٥

ومتى نتحرّر من المجاملة ، ونعلن رفض هذه الأفكار التي لا يقبلها عقل ، ولا يقتضيها نقل ، والتي جعلت منّا مسخرة للأُمم والشعوب؟ إنّها مجرد خاطرة نفثتها بهذه المناسبة ، وفي انتظار صداها.

كاتب هذا الكلام الشيخ سلمان بن فهد العودة.

ج : إنّ من الدعاوي الباطلة أن تدّعي حبّ شخص وأنت توالي أعداءه ، ومن لطيف القول أنّ المتكلّم نقل قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي إنّه لا يحبّه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق ، فمتى ما أعلن هذا المتكلّم براءته من معاوية بن أبي سفيان ـ المحارب لعليعليه‌السلام والآمر بسبّه كما في صحيح مسلم وغيره : « أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال : ما منعك أن تسبّ أبا تراب » ـ نصدّقه في دعوى حبّه لأهل البيت ، وأمّا مجرّد الدعوة فهو كلام فارغ لا روح له.

ولو تنزّلنا وقلنا أن المتكلم محبّ لأهل البيت واقعاً نقول : إنّ حبّ أهل البيت شيء وإعطاء حقّهم شيء آخر ، فلابدّ أن يقرن الحبّ بالإيمان بأنّهم الثقل الثاني بعد كتاب الله ؛ فيجب التمسّك بهم وطاعتهم وإتباعهم لأجل الحصول على الهداية من الضلال ؛ وذلك لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلوا : كتاب الله وأهل بيتي ». فنحن لا ندعو لعبادة غير الله عزّ وجلّ ، ومن عبادة الله طاعة نبيّه الآمر بإتّباع أئمّة هداة من أهل البيت ، إنّما الكلام فيمن يدعى عبادة الله ويعرض عن إتباع أوامر نبيّه عليه الصلاة والسلام ، فتأمّل. هذا أولاً.

وثانياً : ما نسبه المتكلّم لبعض عوام الشيعة من أفعال وقمّة تلك الأفعال هو السجود للقبر ، وادّعى أن ذلك شركاً ، فنقول : لو تنزّلنا وفرضنا أنّ بعض الشيعة يسجد للقبر واقعاً ، فما أبعد هذا المتهم لهم بالشرك عن كتاب الله القائل :( اسْجُدُوا لآدَم ) ، والقائل :( وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً ) ، فهل كان الله يأمر بالشرك حينما أمر ملائكته بالسجود لآدم؟ أم كان أنبياء الله يُقرّون الشرك كما ي قصة يوسف؟ إذاً السجود إذا لم

٤١٦

يكن بقصد العبادة لا يكون شركاً. نعم يجب أن يبحث في أنه هل يجوز السجود لغير الله أم لا ، وهذا بحث فقهيّ يراجع به الفقهاء ، وهذا بخلاف لو كان الساجد إنما سجد إقراراً منه بألوهية المسجود له ، حينها لا خلاف بين المسلمين في أن هذا الساجد مشرك ، إنما الكلام فيمن يسجد على نحو المبالغة في الاحترام والتقدير ـ كما يفعل ذلك بعض الشعوب الآسيوية ـ حينها لا يصحّ أن يقال بأنّ الساجد مشركاً ، نعم كما قلنا يجب أن يبحث في جواز ذلك وعدمه. كلّ هذا لو تنزلنا وقلنا بأنّ من ذكرهم الشخص كانوا يقصدون السجود للقبر. ولكن لو لاحظنا الواقع بعين الإنصاف لوجدنا أنّ من ظنّهم المتكلّم يسجدون للقبر ليسوا كما تصوّر ، فإنهم لم يقصدوا السجود أصلاً ، إنّما قصدوا تقبيل أعتاب تلك البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، وقد أخذهم وَلَه العشق لمحمّد وآل محمّد ، وهذا المعنى لا يفهمه المتكلّم قطعاً.

أما ما ذكره المتكلّم من رواية أن الله في المعراج خاطب رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله بصوت عليعليه‌السلام وقال : « أفكان علي هو الله؟ أم كان الله يقلّد صوت علي؟ ». فنقول :

أوّلاً : لم تقتصر الشيعة على رواية هذا الخبر بل رواه بعض أعلام العامّة مثل أخطب خوازم في كتاب المناقب.

ثانياً : إنّ الله خاطب نبيّه موسى من الشجرة أو من جهة الشجرة ، فلو أردنا أن نفكر بمستوى تفكير المتكلّم لقلنا : هل كانت الشجرة هي الله؟ أم أن الله تجسّد في الشجرة أو حلّ في جهة الشجرة؟ هذا إذا تنزّلنا في التفكير لمستوى المتكلّم ، أمّا إذا أردنا أن نتكلّم بشكل علميّ فنقول : إنّ منشأ الإشكال عند المتكلّم هو أنّه يعتقد بأنّ الله يتكلّم حقيقة ـ والعياذ بالله ـ وهذا باطل لما يستلزم من أمور لا يصحّ أن تنسب لله كاللسان والحنجرة

أمّا ما نعتقده نحن فإنّنا نقول : بأنّ الله متكلّم بمعنى أنه يخلق الصوت الذي يخاطب به غيره ، فكلامه مع موسى إنّما كان بخلقه الصوت من الشجرة أو

٤١٧

من جهة الشجرة ، وكذلك خلق الصوت بنبرة عليعليه‌السلام ـ وهو الخالق لعلي وكل شؤونه ـ وخاطب به نبيّه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ولو كان المتكلّم منصفاً لفهم السبب من ذلك من خلال نفس الرواية : «خلقتك من نوري ، وخلقت عليّاً من نورك ، فاطلعت على سرّك فلم أجد إلى قلبك أحبّ منه في قلبك ، فخاطبتك بلسانه كي يطمئن قلبك ».

( محمّد ـ ـ )

المقصود بالآل وحديث الكساء :

س : عند الصلاة على النبيّ وآله ، نقصد بالآل السيّدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام ، والأئمّة الاثني عشرعليهم‌السلام ، ولكن عند نزول آية التطهير ، وفي حديث الكساء يقول النبيّ عن الخمسةعليهم‌السلام : « اللهم هؤلاء أهل بيتي و ».

فكيف نوفّق بين الأمرين ، ولكم جزيل الشكر.

ج : إن أهل البيت المعصومين المطهّرين هم علي وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة من ولد الحسينعليهم‌السلام . وقد علمنا ذلك من حديث الكساء وحديث الثقلين وحديث الاثني عشر وغيرهما. وجمع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الخمسةعليهم‌السلام تحت الكساء لا ينفي كون بقيّة الأئمّة من ولد الحسين هم من أهل البيت ؛ وذلك لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله جمع الموجودين من أهل بيت زمانه تحت الكساء ، ولا يعقل أن يجمع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كل الأئمّة حتى غير الموجودين في زمانه تحت الكساء ، فتأمّل.

( حيدر الصائغ ـ البحرين ـ )

عدم الاعتقاد ببعض سيرتهم :

س : هل يؤثّر عدم الاعتقاد ببعض ما ترويه سيرة أهل البيت عليهم‌السلام في عقيدة الإمامة؟ نرجو إجابتنا شاكرين لكم.

٤١٨

ج : إن كان عدم الاعتقاد ناشئاً من فحص ودليل ، ورجوع إلى أهل الخبرة والاختصاص المشهود لهم من قبل العلماء على حرصهم ، وتفحّصهم ودقّتهم في التعامل العلمي ، والتحقيق التاريخي فلابأس بذلك.

أمّا إن كان عدم الاعتقاد ناشئاً من الذوق ، وعدم التفاعل والتشهّي ، ومخالفة المزاج ، وما إلى ذلك من الأُمور التي لا تكشف عن مستوى علميّ ، ولا تنضبط ضمن الموازين العلمية التحقيقية ، فعدم الاعتقاد هذا يؤثّر في عقيدة الإنسان الشيعيّ ، ويزعزع من إيمانه بهمعليهم‌السلام .

( جمال أحمد ـ البحرين ـ )

التفاضل فيما بينهم :

س : هل في الأئمّة تفاضل بين بعضهم البعض؟ أم أنّهم سواء؟ الرجاء التفصيل مع ذكر الأمثلة إن وجدت.

ج : ورد في بعض الآثار ما يشير إلى تمايز أمير المؤمنينعليه‌السلام وحده ، أو بإضافة الحسن والحسينعليهما‌السلام ، أو مع المهديّعليه‌السلام أيضاً عن باقي الأئمّةعليهم‌السلام (١) .

وجاءت أيضاً طائفة أُخرى من الروايات تصرّح أو تلوّح بعدم التمايز والتفضيل بين الأئمّةعليهم‌السلام ، أو باستثناء أمير المؤمنينعليه‌السلام (٢) .

ثمّ بما أنّ الموضوع لم يكن له أثر عملي بالنسبة إلينا ، فالبحث في هذا المجال ـ مع ما في أغلب هذه الروايات من ضعف السند ـ ليس له ثمرة ، فالصفح عنه أحرى وأجدر ، خصوصاً مع ورود أحاديث في المقام تؤكّد على أنّهمعليهم‌السلام بالنسبة للناس سواء في الحجّة والطاعة ، والحلال والحرام(٣) .

__________________

١ ـ مائة منقبة : ١٩ ، بحار الأنوار ٢٥ / ٣٦١.

٢ ـ الاختصاص : ٢٦٨ ، بحار الأنوار ٢٥ / ٣٦٠.

٣ ـ الاختصاص : ٢٢ ، بحار الأنوار ٢٥ / ٣٥٣.

٤١٩

( ـ البحرين ـ )

غير أزواج النبيّ :

س : هل يعتقد أهل السنّة بأنّ القرآن الكريم ليس مرتّب؟ مثلاً في آية التطهير أنّها في غير مكانها ، مع ذكر المصدر يرحمكم الله؟

ج : ليس المهمّ في مفروض السؤال الاعتقاد أو عدم الاعتقاد بالترتيب في آية التطهير ، بل البحث في المراد من أهل البيت ؛ فنقول : بأنّ العدول عن السياق المتناول في الآية ، وهو خطاب التأنيث إلى خطاب التذكير ، بل والرجوع منه ثانياً في الفقرات التالية بعده إلى خطاب التأنيث ، يدلّ بكلّ وضوح على تمييز المخاطبين بهذه الفقرة بالذات عن باقي المخاطبين في الآية ، حتّى أذعن الفخر الرازي في تفسيره للآية بهذه النقطة الحسّاسة(١) .

فالحكم بالتطهير المطلق عن كافّة الأرجاس إنّما يخصّ هذه المجموعة التي تسمّى « أهل البيت » ، وهذا ما يسمّى بالعصمة.

ثمّ على فرض قبول وحدة السياق ـ مع ما يأباه الظهور الخطابي ـ نقول بالتخصيص في هذا المجال ، استناداً إلى مصادر أهل السنّة ، فورد في الكثير منها أنّ المراد من أهل البيت هم : علي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام .

وقد صرّح فيها بأنّ أُمّ سلمة لم تكن من هؤلاء ، مع أنّها على خير ؛ والمصادر الروائية في هذا المعنى أكثر من أن تحصى(٢) .

ولا يخفى أنّ في الآيات السابقة على هذه الآية إشارة لطيفة إلى عدم إعطاء هذه الرتبة السامية بنحو الإطلاق وفي كافّة الأحوال للأزواج ، إذ يقول :( فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا ) (٣) ، فيقيّد الأجر بالمحسنات منهنّ ،

__________________

١ ـ التفسير الكبير ٩ / ١٦٨.

٢ ـ شواهد التنزيل ٢ / ٦٣ و ١١٥ ، المستدرك ٢ / ٤١٦ ، مسند أبي يعلى ١٢ / ٤٥٦ ، المعجم الكبير ٣ / ٥٣ ، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ١٤٢ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ١٣.

٣ ـ الأحزاب : ٢٩.

٤٢٠