موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٢

موسوعة الأسئلة العقائديّة7%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-02-7
الصفحات: 518

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 518 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 253788 / تحميل: 6683
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٢-٧
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

أهل البيت عليهم‌السلام :

( كميل ـ عمان ـ ٢٢ سنة ـ طالب جامعة )

ليس منهم آل عقيل وآل جعفر :

س : أسألكم عن معنى أهل البيت في آية التطهير : هناك من يقول بأنّ المقصود هم : آل علي عليه‌السلام ، وآل عقيل ، وآل جعفر ، فما هي حجّتهم؟ وكيف يتمّ الردّ عليهم؟

ج : قد يعتمد البعض على رواية وردت بهذا المعنى(١) توهم بأنّ أهل البيت هم هؤلاء كلّهم ، ولكن يلاحظ في المقام ـ مع غضّ النظر عن البحث السندي ـ أنّ تطبيق مصداق أهل البيتعليهم‌السلام في هذا الحديث لم يرد من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى يكون حجّة ، بل هذا الكلام والقول جاء توضيحاً على لسان زيد بن أرقم ، وكما هو معلوم : فإنّ اجتهاد زيد لا يكون حجّة علينا.

هذا ، وقد تضافرت الأحاديث على مصداقية أهل الكساء في معنى أهل البيت عند الفريقين ، ممّا لا يبقى أيّ شكّ وريب في المقام ، بأنّ المراد من أهل البيتعليهم‌السلام هم الأنوار الخمسة الطيّبة الذين نزلت فيهم آية التطهير.

( كميل ـ عمان ـ ٢٢ سنة ـ طالب جامعة )

آية التطهير شاملة لبقية الأئمّة :

س : المعروف أنّ آية التطهير نزلت في أصحاب الكساء ، فهل يمكن القول

__________________

١ ـ صحيح مسلم ٧ / ١٢٣.

٤٠١

بأنّ الآية لا تشمل الأئمّة من ولد الإمام الحسين عليه‌السلام ، والسيّدة زينب عليها‌السلام ؟ ولماذا؟

ج : إنّ آية التطهير تشمل كلّ الأئمّة الاثني عشرعليهم‌السلام ؛ وذلك لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث الثقلين أخبر أنّ ( القرآن ) و ( أهل البيت ) لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض. فإذا قلنا بأنّ أهل البيت هم الخمسة أصحاب الكساء فقط فهذا يعني افتراق أهل البيت عن القرآن ؛ لأنّ لازمه أنّه بعد شهادة الحسينعليه‌السلام لا يكون هناك مصداق لعنوان أهل البيتعليهم‌السلام وهذا هو الافتراق لأنّ القرآن يكون موجوداً وأهل البيت غير موجودين ، وهو خلاف صريح لكلام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلابدّ من القول بشمول آية التطهير لكلّ الأئمّةعليهم‌السلام . وعلى ذلك دلّت النصوص الواردة عن أهل البيتعليهم‌السلام .

أمّا في حديث الكساء فإنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله جمع الموجودين من أهل البيت المطهرّين في زمانه ، وكانوا الأربعة فقط صلوات الله عليهم أجمعين.

أمّا السيدة زينبعليها‌السلام فهي على الرغم من عظم شأنها وجلالة قدرها وعلوّ منزلتها ورفيع درجتها إلا أنّها غير داخلة في آية التطهير ، لأنّ الآية مخصوصة بالمعصومين الأربعة عشر فقط.

( سامي ـ السعودية ـ ٣٨ سنة )

الدليل على إتمام الصلاة على محمّد بآله :

س : ما هو الدليل على الصلاة على محمّد وآل محمّد كاملة بدون بتر؟ كما يفعله الآخرون.

وكيف يمكن الجمع بين الآية الكريمة :( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) (١) ، وبين الرواية الواردة من النهي عن الصلاة على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله الصلاة المبتورة أو البتراء؟

__________________

١ ـ الأحزاب : ٥٦.

٤٠٢

ج : لا تنافي بين الآية القرآنية والأحاديث الواردة في الباب ؛ فإنّ الآية تأمر بالصلاة على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والأحاديث بيّنت كيفية هذه الصلاة حيث ذكرت قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «قولوا اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد » ، فالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله علمنا كيف نصلّي عليه. فمن حذف آل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من الصلاة عليه كان مخالفاً للكيفيّة التي ذكرهاصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فتكون صلاته على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ناقصة.

ففي تفسير الدرّ المنثور أخرج السيوطي عن سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن كعب بن عجرة قال : لمّا نزلت( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) قلنا : يا رسول الله قد علمنا السلام عليك ، فكيف الصلاة عليك؟

قال : «قولوا : اللّهم صلّ على محمّد وعلى آل محمّد ، كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنّك حميد مجيد ، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد ، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم ، إنّك حميد مجيد »(١) .

وأخرج نفس الحديث ابن جرير الطبري عن يونس بن خباب ، وعن إبراهيم ، وعن قتادة ، وعن كعب بن عجرة(٢) ، كما أخرج ذلك غيرهما(٣) .

على أنّ الله تعالى صلّى على قوم سلّموا له ، وأذعنوا وصبروا حينما أصابتهم مصيبة ، قالوا : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، فقال تعالى :( الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم

__________________

١ ـ الدرّ المنثور ٥ / ٢١٥.

٢ ـ جامع البيان ٢٢ / ٥٣.

٣ ـ مسند أحمد ٣ / ٤٧ و ٤ / ٢٤١ ، سنن ابن ماجة ١ / ٢٩٣ ، الجامع الكبير ١ / ٣٠١ ، سنن النسائيّ ٣ / ٤٧ ، المصنّف للصنعانيّ ٢ / ٢١٢ ، مسند ابن الجعد : ٤٠ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٢ / ٣٩٠ ، السنن الكبرى للنسائيّ ١ / ٣٨٢ ، و ٦ / ١٨ ، صحيح ابن حبّان ٥ / ٢٨٧ و ٢٩٥ ، المعجم الصغير ١ / ٨٥ ، المعجم الأوسط ٣ / ٩١ و ٤ / ٣٧٨ و ٧ / ٥٧ ، المعجم الكبير ١٧ / ٢٥٠ و ١٩ / ١٢٤ و ١٥٥ ، كنز العمّال ٢ / ٢٧٥ ، جامع البيان ٢٢ / ٥٣ ، زاد المسير ٦ / ٢١٤ ، الدرّ المنثور ٥ / ٢١٥ ، فتح القدير ٤ / ٣٠٣ ، تاريخ بغداد ٨ / ١٣٧ ، البداية والنهاية ١ / ١٩٨ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ١٠ ، و ١٢ / ٤٣٤ ، ينابيع المودّة ١ / ١٤١.

٤٠٣

مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا للهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ ) (١) .

فإذا كانت الصلوات على من صبر ورضي وسلّم لأمر الله تعالى ، فهل يوجد أعظم من أهل البيتعليهم‌السلام صبراً وتسليماً؟

على أنّه لا يخفى عليك ، أنّ الصلاة المشار إليها هي التزكية من الله تعالى والرحمة ، ومن المؤمنين الدعاء ، فما المانع من أن يزكّي الله تعالى أهل بيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأن تدعوا لهم بالرحمة ، والدرجة الرفيعة.

ثمّ أنّ هناك أحاديث تنهى عن الصلاة البتراء بصورة : «لا تصلّوا عليّ الصلاة البتراء »(٢) ، أي بدون ذكر الآلعليهم‌السلام ، وهذه الأحاديث بنفسها تؤكّد وتؤيّد الروايات السابقة في وجوب إدخال الآلعليهم‌السلام .

هذا ما أمكن ذكره في هذا المقام من أدلّة قرآنية ، وأحاديث صحيحة في كيفية الصلاة على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .

( إحسان ـ ألمانيا ـ ٣٣ سنة ـ طالب علم )

السرّ في تفضيل ذرّيتهم على غيرهم :

س : سُئلت عن السؤال التالي ، وأُريد الإجابة منكم ، ولكم الفضل في ذلك :

لماذا أنتم الشيعة تميّزون بين السيّد وغير السيّد؟ أليس ذلك من التفرقة الاجتماعيّة؟ كما أنّكم ترتّبون أحكام شرعية وفق هذا التمييز ، فما هو ذنب من لم يكن سيّداً ـ أي نسبه يرجع لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ تحترمون السيّد ، وتخصّوه بكلمة السيّد بخلاف غيره ـ من لا يرجع نسبه لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أليس هذا من التفرقة ، والدين الإسلامي دين المساواة؟

أرجو الإجابة ، ولكم الأجر والثواب في ذلك.

__________________

١ ـ البقرة : ١٥٦ ـ ١٥٧.

٢ ـ ينابيع المودّة ١ / ٣٧ ، الصواعق المحرقة ٢ / ٤٣٠.

٤٠٤

ج : إنّ الملاك في الإسلام التقوى ، وذلك لصريح القرآن الكريم :( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ ) (١) ، وإنّما يوجّه المسلمون محبّة خاصّة للسادة من ذرّية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تكريماً لجدّهم ، ويعظمون السادة تعظيماً لجدّهم.

وهذا التعظيم والتبجيل يظهر جلياً بتحريم الصدقة عليهم ، وتعويضهم بالخمس :( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) (٢) .

والخلاصة : إنّ تكريم السادة الأشراف من نسل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في هذه الدنيا ، يكون في واقع الأمر تكريماً لجدّهم واحتراماً خاصّاً له.

ولعلّ السرّ في ذلك : أن يكون هذا العمل باعثاً حثيثاً للتمسّك بتعاليم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله واستمرار شريعته ، حيث الأُمّة تمسي وتصبح وتشاهد ذرّية رسولها بين ظهرانيها ، تحترمهم وتجلّهم لأجل جدّهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبذلك يتذكّرون الرسول طيلة حياتهم ، فيكون سبباً للاستمرار بالتمسّك بتعاليمه.

( محمّد ـ السعودية ـ ١٦ سنة ـ طالب ثانوية )

الصلاة على محمّد وآل محمّد :

س : سؤالي حول فلسفة ذكر الصلاة على محمّد وآل محمّد في عدّة مواضع ، منها : عندما يقوم شخص بحسد إنسان آخر ، يقولون له : صلّ على محمّد وآل محمّد ، وكذلك عند دخول إمام الجماعة ، أو القارئ ، يبدأ الناس بالصلاة على محمّد وآل محمّد ، ودمتم موفّقين لكلّ خير.

ج : إنّ كثرة الصلوات على النبيّ وآله في مختلف الحالات يمثل حالة ارتباط المسلم مع نبيّه ، ومثال للأدب معهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الذي أمرنا به الله تعالى ، مضافاً إلى

__________________

١ ـ الحجرات : ١٣.

٢ ـ الأنفال : ٤١.

٤٠٥

البركة في ذكر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بعد أن صلّى عليه الله والملائكة ، فقال تعالى :( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) (١) .

فلا ضير في ذكر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله والصلاة عليه والتقرّب إلى الله تعالى بذلك في كلّ حال وفي كلّ زمان ، فتأمّل.

( محمّد ـ السعودية ـ ١٦ سنة ـ طالب ثانوية )

تعقيب حول الجواب السابق :

مقدّمة : في الأعمّ الأغلب من الآيات تكون الأعمال منسوبة مباشرة إلى العباد.

ولكن هنا قدّم مقدّمة حيث أخبر أنّه هو سبحانه يقوم بالعمل ، ثمّ أمرهم الإتيان به ، وعند تتبع الآيات القرآنية نجد أنّه لا توجد آية في القرآن كهذه الآية إلاّ واحدة ، نسب الله تعالى فيها العمل إلى نفسه أوّلاً ، ثمّ أمر به عباده ثانياً ، وهذه الآية الثانية خاصّة بالتوحيد ، وهي في سورة آل عمران( شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) (٢) فهو أوّلاً شهد بالوحدانية ، ثمّ أشار إلى شهادة الملائكة بها ، ثمّ شهادة المؤمنين.

وهنا كذلك في الآية التي نحن بصدد البحث فيها ، نرى أنّه سبحانه يصلّي ، وملائكته ، ثمّ يأمر المؤمنين بالصلاة ، وهذا كلّه دليل على أنّ لهذه الآية خصوصية.

لماذا يجب علينا الصلاة على محمّد وآل محمّد؟ يجب أن نوضّح عدّة أُمور :

__________________

١ ـ الأحزاب : ٥٦.

٢ ـ آل عمران : ١٨.

٤٠٦

قال تعالى :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ ) (١) ، كلمة صلّوا هنا هي صيغة أمر ، تدلّ على الوجوب ، يعني لست مخيّراً ، بل يجب عليك أن تفعل ، فهي دالّة على الوجوب لا الاستحباب ، كما في قوله تعالى :( وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ ) (٢) فهو أمر دالّ على الوجوب كذلك.

ما معنى أن يصلّي الله تعالى على أحد؟

إنّ الصلاة هنا ليست بالمعنى الاصطلاحي ، والتي يقصد بها صلاتنا التي نصلّيها ، بل هي بمعناه اللغوي وهو الدعاء ، وهنا الروايات من الفريقين توضّح : أنّ معنى الصلاة من الله تعالى هو تقريب نبيّه وإنزال الرحمة عليه ، إلاّ أنّها تعنون بعنوان الصلاة ، تماماً كما في اللعن ، فحينما يقول تعالى :( يَلعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ ) (٣) ، فليس معناه اللعن اللفظي ، بل المقصود به هو إبعاد العبد من رحمة الله تعالى ، عند ذلك نفهم قول أمير المؤمنين عليه‌السلام في الله تعالى : « إنّما قوله فعله » فليس الله سبحانه يتلفّظ بألفاظ كما نتلفّظ بها نحن ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) (٤) .

ما معنى صلاة الملائكة؟

معناها التزكية ، يعني يصلّون عليه لبيان أنّ هذا المورد هو مستحقّ للرحمة ، يعني محلّ قابل لإنزال الرحمة ، وهذا ما دلّت عليه الروايات.

ما معنى صلاة المؤمنين؟

إنّ صلاتهم تعني الدعاء للنبيّ الأكرم ، وهي أيضاً طلبة من الحقّ في رفع مقامنا ، لأن نرقى إلى مقامهم ، ‏ونتعرّف على أسرارهم.

نأتي للمقطع التالي للآية ، قال تعالى :( وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) .

إنّ المتعارف من التسليم هو السلام ، لذلك عند ذكر النبيّ ترى الأعمّ

__________________

١ ـ الأحزاب : ٥٦.

٢ ـ النور : ٥٦.

٣ ـ البقرة : ١٥٩.

٤ ـ يس : ٨٢.

٤٠٧

الأغلب من الناس يصلّي عليه هكذا : « صلّى الله عليه وسلم ».

فنأخذ معنى التسليم في الآية بمعنى السلام ، أي : السلام عليك يا رسول الله ، ولكن حينما نراجع الروايات الواردة في ذيل هذه الآية نرى أنّ المعنى يختلف عن ذلك.

عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عزّ وجلّ : ( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ ) ، فقال : « الصلاة عليه ، والتسليم له في كلّ شيء جاء به » (١) .

إذاً ، فالآية تريد معنى الانقياد لا معنى السلام ، وبتعبير القرآن : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) (٢) .

إذاً ، فالآية ليست بصدد بيان أنّ الله تعالى يريد أن يأمر المؤمنين أن يسلّموا عليه بعد الصلاة عليه ، بل يريد منهم أن ينقادوا للنبيّ ويسلّموا الأمر بيده.

وكما جاء عن الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام في قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ ) قال : « لهذه الآية ظاهر وباطن ، فالظاهر قوله : ( صَلُّوا عَلَيْهِ ) ، والباطن : قوله تعالى : ( وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) : أي سلّموا لمن وصّاه واستخلفه ، وفضّله عليكم »(٣) .

على هذا الأساس لا ينبغي أن نقول : صلّى الله عليه وسلم ، فهذه « وسلّم » جاءتنا من الطرف الآخر ـ أي أهل السنّة ـ أمّا في القرآن فالله سبحانه صلّى عليه ولم يسلّم ، لذلك نجد أنّ العلماء الملتفتين للمسألة يقولون : صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا يضيفون وسلّم .

وأخيراً : لا ريب أنّ الصلاة على النبيّ والآل عليهم‌السلام هي من ‏الواجبات في حياة الإنسان المسلم ، وذلك لأنّها مفتاح الأسرار ، وباب ‏المقاصد ، ومن أهمّ الوسائل في صعود الأعمال ، واستجابة الدعاء ، هذا فضلاً عن‏ الثواب الجزيل ، والفضل العظيم ، الذي يحرزه المصلّي على النبيّ وآله عليهم‌السلام .

__________________

١ ـ المحاسن ١ / ٢٧١.

٢ ـ الحشر : ٧.

٣ ـ الاحتجاج ١ / ٣٧٧.

٤٠٨

( فاضل ـ البحرين ـ ٢٦ سنة ـ دبلوم هندسة ميكانيكية )

الكتب السنّية المؤلّفة حولهم :

س : لا أُريد أن أطيل عليكم ، ولكن لابدّ من هذه الكلمة : فأنا اعتبر هذا الموقع من أهمّ المواقع الشيعيّة ، وأكثرها خدمة لمذهب أهل البيتعليهم‌السلام ، فجزى الله القائمين عليه أفضل الجزاء.

سؤالي هو عن الروايات التي تتحدّث عن أئمّتنا المتأخّرين ، من الإمام السجّاد حتّى الإمام القائمعليهم‌السلام في كتب إخواننا أهل السنّة .

ج : ما أكثر الكتب السنّية التي أُلّفت في أهل البيتعليهم‌السلام منها مثلاً :

١ ـ ينابيع المودّة لذوي القربى ، للشيخ سليمان القندوزيّ الحنفيّ ، المتوفّى ١٢٩٤ هـ.

٢ ـ مطالب السؤول في مناقب آل الرسول ، للشيخ محمّد بن طلحة الشافعيّ ، المتوفّى ٦٥٢ هـ.

٣ ـ الفصول المهمّة في معرفة أحوال الأئمّة ، لابن الصبّاغ المالكيّ ، المتوفّى ٨٥٥ هـ.

٤ ـ نور الأبصار في مناقب آل بيت النبيّ المختار ، للشيخ مؤمن بن حسن بن مؤمن الشبلنجي.

٥ ـ شواهد التنزيل لقواعد التفضيل ، للحاكم الحسكاني ، المتوفّى ٥٤٤ هـ.

هذا ، وهناك كتب شيعية ذكرت ما كتب في أهل البيتعليهم‌السلام في الصحاح الستة ، وغيرها من الكتب المعتبرة عند أهل السنّة ، منها مثلاً :

١ ـ منتخب فضائل النبيّ وأهل بيتهعليهم‌السلام ، لمركز الغدير للدراسات الإسلامية.

٢ ـ ما روته العامّة من مناقب أهل البيتعليهم‌السلام ، للمولى حيدر علي الشروانيّ.

٣ ـ عمدة عيون صحاح الأخبار ، للحافظ ابن البطريق ، المتوفّى ٦٠٠ هـ.

٤ ـ أئمة أهل البيت في كتب أهل السنّة ، للشيخ حكمت الرحمة.

٤٠٩

( عقيل ـ السعودية ـ )

تفضيل السادة على غيرهم :

س : لماذا تفضّل الشيعة السادة على غيرهم؟ والله تعالى يقول : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ ) (١) ؟

ج : إنّ الناس في الشريعة الإسلامية لا يتفاضلون إلاّ بالتقوى ،( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ ) ، فمن أخلّ بالتقوى وتعدّى حدود الله لم يفلت من طائلة القانون ، مهما كانت مكانته ، أو منزلته ، أو حسبه ، أو نسبه ، أليس أبو لهب عمّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومع ذلك جاء( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ) (٢) .

فليس في الإسلام عنصرية يختلّ بها ميزان العدالة ، ولا محسوبية يتذبذب بها القانون ، فالنسب الحقيقيّ عند الله تعالى إنّما هو التقوى ، ويؤيّده الوحي المحفوظ :( يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ) (٣) ، فأرجع الباري تعالى البنوّة الحقيقيّة إلى العمل الصالح.

ولكن مع ذلك ، فهناك وجهة نظر أُخرى ، لا تغيّر من هذا المبدأ العام أي شيء ، ولكنّها تدخل الفضل في حسابها ، والفضل لا يمنع الحقّ لمن طلب العدل.

بل إنّ الله تعالى ضرب لنا أمثلة لنسلك سبيل الفضل فيما لا يعطّل حداً من حدود الله ، ولا يؤدّي إلى الإضرار بأحد من خلقه.

قال تعالى :( وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا ) (٤) ، أراد الله ذلك لا لشيء إلاّ لأنّ أباهما كان صالحاً.

__________________

١ ـ الحجرات : ١٣.

٢ ـ المسد : ١.

٣ ـ هود : ٤٦.

٤ ـ الكهف : ٨٢.

٤١٠

بل إنّ الله تعالى رغّبنا في سلوك طريق الفضل ، قال تعالى :( وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) (١) ، قال أهل البيان : في الآية إطناب ، لأنّ تعفوا وحدها ، أو تصفحوا وحدها ، أو تغفروا وحدها كانت تكفي ، ولكن الله تعالى كرّر هذه الأفعال ترغيبا لنا في الفضل ، وحثا لنا عليه.

وعليه ، فلا غرابة أن تحترم الشيعة الإمامية السادة من ذرّية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على غيرهم ، إكراماً لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ولأجل عين ألف عين تُكرم ـ وإطاعة لما جاء في القرآن الكريم من قوله تعالى :( قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) (٢) .

وهذه الآية وإن نزلت في حقّ أهل البيتعليهم‌السلام إلاّ أنّها بعموم اللفظ دلّت على مودّة ذرّية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاحترامهم وتفضيلهم وتقديمهم كما في إمامة صلاة الجماعة مصداق من مصاديق المودّة.

هذا من جهة ، ومن جهة أُخرى وردت روايات عن النبيّ وأهل بيتهعليهم‌السلام تحثّنا على احترام ذرّية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإكرامهم ، وقضاء حوائجهم ، و ، منها مثلاً :

١ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّي شافع يوم القيامة لأربعة أصناف ، ولو جاءوا بذنوب أهل الدنيا : رجل نصر ذرّيتي ، ورجل بذل ماله لذرّيتي عند المضيق ، ورجل أحبّ ذرّيتي بالقلب واللسان ، ورجل سعى في حوائج ذرّيتي إذا طردوا أو شرّدوا »(٣) .

٢ ـ قال الإمام الصادقعليه‌السلام : «إذا كان يوم القيامة نادى مناد : أيّها الخلائق أنصتوا فإنّ محمّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله يكلّمكم .

فتنصت الخلائق ، فيقوم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ويقول : يا معشر الخلائق ، من كان له

____________

١ ـ التغابن : ١٤.

٢ ـ الشورى : ٢٣.

٣ ـ الكافي ٤ / ٦٠ ، من لا يحضره الفقيه ٢ / ٦٥.

٤١١

عندي يد ، أو منّة ، أو معروف ، فليقم حتّى أكافيه .

فيقولون : فأيّ يد وأيّ منّة؟ وأيّ معروف لنا؟ بل اليد والمنّة والمعروف لله ولرسوله على جميع الخلائق.

فيقول : من آوى أحداً من أهل بيتي ، أو برّهم ، أو كساهم من عرى ، أو أشبعهم ، فليقم حتّى أكافيه.

ويقوم أناس قد فعلوا ذلك ، فيأتي النداء من عند الله عزّ وجلّ : يا حبيبي يا محمّد ، قد جعلت مكافاتهم إليك ، فأسكنهم حيث شئت من الجنّة ، فيسكنهم في الوسيلة ، حيث لا يحجبون عن محمّد »(١) .

فعلى هذا ، نحن نحترم ونقدّر أولاد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله » والمرء يحفظ في ولده » مادام سائراً على سيرة النبيّ وأهل بيته الطاهرين وإلاّ فلا.

( ـ سنّي ـ )

تفويضهم من قبل الله تعالى :

س : يذكر إمامكم ـ محمّد بن يعقوب الكلينيّ ـ في كتابه « أُصول الكافي / باب : أنّ الأرض كلّها للإمام » ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « إنّ الدنيا والآخرة للإمام ، يضعها حيث يشاء ، ويدفعها إلى من يشاء ، جائز له من الله ».

فماذا يستنبط المسلم المنصف من هذه العبارة ، مع أنّ الله تعالى يقول في محكم آياته :( للهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) (٢) ،ويقول : ( فَلِلَّهِ الآخِرَةُ وَالأُولَى ) (٣) .

ويذكر نفس الإمام الشيعيّ الكلينيّ تحت باب : أنّ الأئمّة يعلمون علم ما

__________________

١ ـ شجرة طوبى ١ / ١٠.

٢ ـ المائدة : ١٢٠.

٣ ـ النجم : ٢٥.

٤١٢

كان ، وما يكون ، وأنّه لا يخفى عليهم شيء ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : « إنّي لأعلم ما في السماوات ، وما في الأرض ، وأعلم ما في الجنّة ، وما في النار ، وأعلم ما كان وما يكون » ، مع أنّ الله تعالى يقول : ( قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ ) (١) ، ويقول :( وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ ) (٢) .

أرجو أن لا يكون الردّ بحذف الموضوع ، وشكراً .

ج : أمّا قولك : إنّ إمامكم محمّد بن يعقوب الكليني فغير واضح ، إذ لم نعهد عندنا غير أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام المعروفين لديك ، وهم اثنا عشر إماماً ، ولعلّك لم تطّلع على أُصول الإمامية التي تعتقد باثني عشر إماماً وخليفة ، فاطلاعك أكثر سوف يغنيك عن أيّ إشكالٍ آخر إن شاء الله.

واعلم : أنّ ما ذكرت من رواية في الكافي فهي ضعيفة السند بعلي بن أبي حمزة البطائنيّ ، فالشيعة متّفقة على عدم الأخذ برواياته ، وتضعيفه عندهم مشهور ، ولك أن تراجع كتبهم الرجالية في ذلك.

ولو أخذنا بالرواية ، فلا تعدو أن تكون الرواية مبيّنة لرتبة الإمام ومنزلته ، فكون الإمام خليفة الله في أرضه فله الولاية من قبل الله تعالى على أرضه ، ولا ضير في ذلك.

فإنّ الخليفة لو ولّى شخصاً عنه في ما فوّض له الولاية في ذلك ، فلا يعني أنّ الخليفة قد انقبضت يده عن سلطانه ، فولاية الوالي غير مطلقة ، وهو غير خارجٍ عن طاعة الخليفة وسلطانه ، وهكذا الإمام ، فإنّ له الولاية بما هو إمام ، وخليفة الله في أرضه ، ولا يتنافى مع سلطان الله وملكه( فَلِلَّهِ الآخِرَةُ وَالأُولَى ) ، وولاية الإمام والخليفة متفرّعة من ولاية الله تعالى ، فولاية الله هي الأصل ، وولاية النبيّ أو الخليفة بالتبع.

__________________

١ ـ النمل : ٦٥.

٢ ـ الأنعام : ٥٩.

٤١٣

ثمّ ما تقول في قوله تعالى :( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ للهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللهَ وَأَصْلِحُواْ ) (١) .

فعن ابن عباس : المراد من الأنفال ما شذّ عن المشركين إلى المسلمين من غير قتال ـ من دابةٍ أو عبد أو متاع ـ فهو إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يضعه حيث يشاء ، راجع تفسير الفخر الرازي في تفسير الآية.

أي إنّ الله تعالى قد فوّض له أمر الأنفال يضعها حيث شاء ، وبما تقتضيه حكمتهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهل ترى في ذلك سلب لملكِ الله تعالى ، أو تعطيل لسلطانه؟

وهكذا قول الإمامعليه‌السلام : «إنّ الدنيا والآخرة للإمام » لا تعني سلب إرادة الله تعالى ، بل هو تفويض الإمام بما تقتضي حكمة الإمام وولايته.

ثمّ إنّك تتساءل عن قول الإمام : «إنّي لأعلم ما في السماوات وما في الأرض » ، فما الضير في ذلك ، إذا قلنا : إنّ الله تعالى يحبي من يشاء بلطفه ، ولا يخفى عليك قوله تعالى :( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ ) (٢) ، فهل يمكنك أن تفسّر لي هذه الآية بأنّها تنافي علم الله تعالى وقدرته؟ بل إنّ العبد إذا أخلص طاعته لله تعالى وتمحّض في عبوديته له حباه الله ببديع لطائفه ، وأعظم ما يحبيه علمه ، فهل ترى أعظم طاعة لله من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته وهم ورثة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وعترته؟

ثمّ بلحاظ كونه خليفة ، فإنّ مقتضى الخلافة أن يطلع الله خليفته على كافّة شؤون الخلافة ، أما ترى قوله تعالى في خليفته آدم إذ قال تعالى :( وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ) (٣) ، إشارة إلى خصوصية آدم بلحاظ خلافته وولايته.

وهكذا هو الإمام كونه خليفة الله تعالى فإنّ مقتضى خلافته أن يعلمه ما يحتاجه العباد ، وما تقتضيه شؤون خلافته وولايته.

__________________

١ ـ الأنفال : ١.

٢ ـ الجنّ : ٢٦ ـ ٢٧.

٣ ـ البقرة : ٣١.

٤١٤

( حامد ـ السعودية ـ )

حبّهم شيء وإعطاء حقّهم شيء آخر :

س : شكراً على هذا الجهد الطيّب ، لو تكرّمتم ، هل بإمكانكم أن تردّوا على هذا الكلام ، أرجو الشرح :

وصف الشيعة الإمامية بأنّهم ينتمون إلى مدرسة أهل البيت ، إنّ حبّ أهل البيت وتعظيمهم محلّ اتفاق بين طوائف المسلمين ، وكتب أهل السنّة مليئة بالأحاديث التي تثني على علي وآله ، ومنها ما رواه مسلم عن عليعليه‌السلام قال : « والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، إنّه لعهد النبيّ الأُمّيصلى‌الله‌عليه‌وآله إليّ ، أن لا يحبّني إلاّ مؤمن ، ولا يبغضني إلاّ منافق »(١) .

فكيف يزايد أحد على حبّ آل البيت وتبجيلهم ، إلاّ إذا كان المراد : الغلوّ بهم فوق مرتبة البشرية ، ومنحهم خصائص إلهية ، فهذا من جنس دعوى حبّ المسيح باعتباره ابناً لله ، أو شريكاً له ، وهذا ما يرفضه المسلمون ، ويعتبرون دعوى النصارى في محبّته مناقضة للواقع.

إنّ الذي حملني على هذا التعليق ، شريط رأيته وسمعته ينقل صوراً من حسينيات الشيعة ، فيها الشرك الذي لا يحتمل تأويلاً بحال ، ومن ذلك السجود للقبور.

وهنا سألت نفسي : إذاً ما العمل الذي لا يجوز صرفه إلاّ لله؟ ولكن ـ للأسف ـ لم أسمع إلاّ رجع الصدى! لقد سمعت أحد المتحدّثين في هذا الشريط يقول : إنّ النبيّ ليلة الإسراء سمع صوتاً من فوق العرش ، فلمّا دنا منه ، إذا الصوت صوت علي ، تعالى الله عمّا يقول الظالمون علوّاً كبيراً! أفكان علي هو الله؟ أم كان الله يقلّد صوت علي؟ تباركت يا ذا الجلال والإكرام ، فإلى متى يظلّ العقلاء في عزلتهم ، ويتركون العامّة لهذه الأباطيل ، ولهذا السخف؟

__________________

١ ـ صحيح مسلم ١ / ٦١.

٤١٥

ومتى نتحرّر من المجاملة ، ونعلن رفض هذه الأفكار التي لا يقبلها عقل ، ولا يقتضيها نقل ، والتي جعلت منّا مسخرة للأُمم والشعوب؟ إنّها مجرد خاطرة نفثتها بهذه المناسبة ، وفي انتظار صداها.

كاتب هذا الكلام الشيخ سلمان بن فهد العودة.

ج : إنّ من الدعاوي الباطلة أن تدّعي حبّ شخص وأنت توالي أعداءه ، ومن لطيف القول أنّ المتكلّم نقل قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي إنّه لا يحبّه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق ، فمتى ما أعلن هذا المتكلّم براءته من معاوية بن أبي سفيان ـ المحارب لعليعليه‌السلام والآمر بسبّه كما في صحيح مسلم وغيره : « أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال : ما منعك أن تسبّ أبا تراب » ـ نصدّقه في دعوى حبّه لأهل البيت ، وأمّا مجرّد الدعوة فهو كلام فارغ لا روح له.

ولو تنزّلنا وقلنا أن المتكلم محبّ لأهل البيت واقعاً نقول : إنّ حبّ أهل البيت شيء وإعطاء حقّهم شيء آخر ، فلابدّ أن يقرن الحبّ بالإيمان بأنّهم الثقل الثاني بعد كتاب الله ؛ فيجب التمسّك بهم وطاعتهم وإتباعهم لأجل الحصول على الهداية من الضلال ؛ وذلك لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلوا : كتاب الله وأهل بيتي ». فنحن لا ندعو لعبادة غير الله عزّ وجلّ ، ومن عبادة الله طاعة نبيّه الآمر بإتّباع أئمّة هداة من أهل البيت ، إنّما الكلام فيمن يدعى عبادة الله ويعرض عن إتباع أوامر نبيّه عليه الصلاة والسلام ، فتأمّل. هذا أولاً.

وثانياً : ما نسبه المتكلّم لبعض عوام الشيعة من أفعال وقمّة تلك الأفعال هو السجود للقبر ، وادّعى أن ذلك شركاً ، فنقول : لو تنزّلنا وفرضنا أنّ بعض الشيعة يسجد للقبر واقعاً ، فما أبعد هذا المتهم لهم بالشرك عن كتاب الله القائل :( اسْجُدُوا لآدَم ) ، والقائل :( وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً ) ، فهل كان الله يأمر بالشرك حينما أمر ملائكته بالسجود لآدم؟ أم كان أنبياء الله يُقرّون الشرك كما ي قصة يوسف؟ إذاً السجود إذا لم

٤١٦

يكن بقصد العبادة لا يكون شركاً. نعم يجب أن يبحث في أنه هل يجوز السجود لغير الله أم لا ، وهذا بحث فقهيّ يراجع به الفقهاء ، وهذا بخلاف لو كان الساجد إنما سجد إقراراً منه بألوهية المسجود له ، حينها لا خلاف بين المسلمين في أن هذا الساجد مشرك ، إنما الكلام فيمن يسجد على نحو المبالغة في الاحترام والتقدير ـ كما يفعل ذلك بعض الشعوب الآسيوية ـ حينها لا يصحّ أن يقال بأنّ الساجد مشركاً ، نعم كما قلنا يجب أن يبحث في جواز ذلك وعدمه. كلّ هذا لو تنزلنا وقلنا بأنّ من ذكرهم الشخص كانوا يقصدون السجود للقبر. ولكن لو لاحظنا الواقع بعين الإنصاف لوجدنا أنّ من ظنّهم المتكلّم يسجدون للقبر ليسوا كما تصوّر ، فإنهم لم يقصدوا السجود أصلاً ، إنّما قصدوا تقبيل أعتاب تلك البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، وقد أخذهم وَلَه العشق لمحمّد وآل محمّد ، وهذا المعنى لا يفهمه المتكلّم قطعاً.

أما ما ذكره المتكلّم من رواية أن الله في المعراج خاطب رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله بصوت عليعليه‌السلام وقال : « أفكان علي هو الله؟ أم كان الله يقلّد صوت علي؟ ». فنقول :

أوّلاً : لم تقتصر الشيعة على رواية هذا الخبر بل رواه بعض أعلام العامّة مثل أخطب خوازم في كتاب المناقب.

ثانياً : إنّ الله خاطب نبيّه موسى من الشجرة أو من جهة الشجرة ، فلو أردنا أن نفكر بمستوى تفكير المتكلّم لقلنا : هل كانت الشجرة هي الله؟ أم أن الله تجسّد في الشجرة أو حلّ في جهة الشجرة؟ هذا إذا تنزّلنا في التفكير لمستوى المتكلّم ، أمّا إذا أردنا أن نتكلّم بشكل علميّ فنقول : إنّ منشأ الإشكال عند المتكلّم هو أنّه يعتقد بأنّ الله يتكلّم حقيقة ـ والعياذ بالله ـ وهذا باطل لما يستلزم من أمور لا يصحّ أن تنسب لله كاللسان والحنجرة

أمّا ما نعتقده نحن فإنّنا نقول : بأنّ الله متكلّم بمعنى أنه يخلق الصوت الذي يخاطب به غيره ، فكلامه مع موسى إنّما كان بخلقه الصوت من الشجرة أو

٤١٧

من جهة الشجرة ، وكذلك خلق الصوت بنبرة عليعليه‌السلام ـ وهو الخالق لعلي وكل شؤونه ـ وخاطب به نبيّه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ولو كان المتكلّم منصفاً لفهم السبب من ذلك من خلال نفس الرواية : «خلقتك من نوري ، وخلقت عليّاً من نورك ، فاطلعت على سرّك فلم أجد إلى قلبك أحبّ منه في قلبك ، فخاطبتك بلسانه كي يطمئن قلبك ».

( محمّد ـ ـ )

المقصود بالآل وحديث الكساء :

س : عند الصلاة على النبيّ وآله ، نقصد بالآل السيّدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام ، والأئمّة الاثني عشرعليهم‌السلام ، ولكن عند نزول آية التطهير ، وفي حديث الكساء يقول النبيّ عن الخمسةعليهم‌السلام : « اللهم هؤلاء أهل بيتي و ».

فكيف نوفّق بين الأمرين ، ولكم جزيل الشكر.

ج : إن أهل البيت المعصومين المطهّرين هم علي وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة من ولد الحسينعليهم‌السلام . وقد علمنا ذلك من حديث الكساء وحديث الثقلين وحديث الاثني عشر وغيرهما. وجمع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الخمسةعليهم‌السلام تحت الكساء لا ينفي كون بقيّة الأئمّة من ولد الحسين هم من أهل البيت ؛ وذلك لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله جمع الموجودين من أهل بيت زمانه تحت الكساء ، ولا يعقل أن يجمع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كل الأئمّة حتى غير الموجودين في زمانه تحت الكساء ، فتأمّل.

( حيدر الصائغ ـ البحرين ـ )

عدم الاعتقاد ببعض سيرتهم :

س : هل يؤثّر عدم الاعتقاد ببعض ما ترويه سيرة أهل البيت عليهم‌السلام في عقيدة الإمامة؟ نرجو إجابتنا شاكرين لكم.

٤١٨

ج : إن كان عدم الاعتقاد ناشئاً من فحص ودليل ، ورجوع إلى أهل الخبرة والاختصاص المشهود لهم من قبل العلماء على حرصهم ، وتفحّصهم ودقّتهم في التعامل العلمي ، والتحقيق التاريخي فلابأس بذلك.

أمّا إن كان عدم الاعتقاد ناشئاً من الذوق ، وعدم التفاعل والتشهّي ، ومخالفة المزاج ، وما إلى ذلك من الأُمور التي لا تكشف عن مستوى علميّ ، ولا تنضبط ضمن الموازين العلمية التحقيقية ، فعدم الاعتقاد هذا يؤثّر في عقيدة الإنسان الشيعيّ ، ويزعزع من إيمانه بهمعليهم‌السلام .

( جمال أحمد ـ البحرين ـ )

التفاضل فيما بينهم :

س : هل في الأئمّة تفاضل بين بعضهم البعض؟ أم أنّهم سواء؟ الرجاء التفصيل مع ذكر الأمثلة إن وجدت.

ج : ورد في بعض الآثار ما يشير إلى تمايز أمير المؤمنينعليه‌السلام وحده ، أو بإضافة الحسن والحسينعليهما‌السلام ، أو مع المهديّعليه‌السلام أيضاً عن باقي الأئمّةعليهم‌السلام (١) .

وجاءت أيضاً طائفة أُخرى من الروايات تصرّح أو تلوّح بعدم التمايز والتفضيل بين الأئمّةعليهم‌السلام ، أو باستثناء أمير المؤمنينعليه‌السلام (٢) .

ثمّ بما أنّ الموضوع لم يكن له أثر عملي بالنسبة إلينا ، فالبحث في هذا المجال ـ مع ما في أغلب هذه الروايات من ضعف السند ـ ليس له ثمرة ، فالصفح عنه أحرى وأجدر ، خصوصاً مع ورود أحاديث في المقام تؤكّد على أنّهمعليهم‌السلام بالنسبة للناس سواء في الحجّة والطاعة ، والحلال والحرام(٣) .

__________________

١ ـ مائة منقبة : ١٩ ، بحار الأنوار ٢٥ / ٣٦١.

٢ ـ الاختصاص : ٢٦٨ ، بحار الأنوار ٢٥ / ٣٦٠.

٣ ـ الاختصاص : ٢٢ ، بحار الأنوار ٢٥ / ٣٥٣.

٤١٩

( ـ البحرين ـ )

غير أزواج النبيّ :

س : هل يعتقد أهل السنّة بأنّ القرآن الكريم ليس مرتّب؟ مثلاً في آية التطهير أنّها في غير مكانها ، مع ذكر المصدر يرحمكم الله؟

ج : ليس المهمّ في مفروض السؤال الاعتقاد أو عدم الاعتقاد بالترتيب في آية التطهير ، بل البحث في المراد من أهل البيت ؛ فنقول : بأنّ العدول عن السياق المتناول في الآية ، وهو خطاب التأنيث إلى خطاب التذكير ، بل والرجوع منه ثانياً في الفقرات التالية بعده إلى خطاب التأنيث ، يدلّ بكلّ وضوح على تمييز المخاطبين بهذه الفقرة بالذات عن باقي المخاطبين في الآية ، حتّى أذعن الفخر الرازي في تفسيره للآية بهذه النقطة الحسّاسة(١) .

فالحكم بالتطهير المطلق عن كافّة الأرجاس إنّما يخصّ هذه المجموعة التي تسمّى « أهل البيت » ، وهذا ما يسمّى بالعصمة.

ثمّ على فرض قبول وحدة السياق ـ مع ما يأباه الظهور الخطابي ـ نقول بالتخصيص في هذا المجال ، استناداً إلى مصادر أهل السنّة ، فورد في الكثير منها أنّ المراد من أهل البيت هم : علي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام .

وقد صرّح فيها بأنّ أُمّ سلمة لم تكن من هؤلاء ، مع أنّها على خير ؛ والمصادر الروائية في هذا المعنى أكثر من أن تحصى(٢) .

ولا يخفى أنّ في الآيات السابقة على هذه الآية إشارة لطيفة إلى عدم إعطاء هذه الرتبة السامية بنحو الإطلاق وفي كافّة الأحوال للأزواج ، إذ يقول :( فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا ) (٣) ، فيقيّد الأجر بالمحسنات منهنّ ،

__________________

١ ـ التفسير الكبير ٩ / ١٦٨.

٢ ـ شواهد التنزيل ٢ / ٦٣ و ١١٥ ، المستدرك ٢ / ٤١٦ ، مسند أبي يعلى ١٢ / ٤٥٦ ، المعجم الكبير ٣ / ٥٣ ، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ١٤٢ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ١٣.

٣ ـ الأحزاب : ٢٩.

٤٢٠

والحال وفي نفس المقام لم يقيّد التطهير والعصمة من الأرجاس عن أهل البيتعليهم‌السلام بشيءٍ ؛ فنستفيد بأنّ عنوان أهل البيت يختلف موضوعاً عن عنوان الأزواج.

( محمّد علي ـ ـ )

كيفية انتشار النسل الهاشمي :

س : كلّنا يعلم بأنّ النسل الهاشمي انتشر في بقاع الأرض ، هل لنا أن نعرف بالتفصيل كيف انتشر في البلاد التي تقع شرق الجزيرة العربية؟ مع خالص الشكر.

ج : إنّ نسل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله قد انتشر وشاع من أولاد علي وفاطمةعليهما‌السلام ، وهذا ممّا لا خلاف فيه.

وأمّا كيفية الانتشار فهي تختلف باختلاف الموارد والبقاع ، فبعضهم قد التجأ إلى مناطق نائية حذراً من بطش حكّام الجور ، وبعضهم هاجر إلى بلاد بعيدة للتبليغ والدعوة ، وحفظاً على عقيدته ونفسه وعياله ، عندما كانت تطاردهم الحكومات الأمويّة والعباسيّة وغيرهما ، وبعضهم سافر إلى بقاع كان يراها موالية لأهل البيتعليهم‌السلام ، وبعضهم الأخر انتقل إلى أماكن خاصّة من البلاد الإسلامية ، في سبيل القيام بالثورة في وجه الطغيان والتعدّي الحاكم آنذاك ، لما فيها من أرضية اجتماعية مؤيّدة لها.

( أُمّ علي ـ البحرين ـ )

لا دليل على أنّ الانتساب يكون من طريق الأب فقط :

س : إنّ النسب للولد والبنت هو من الأب ، وليس من الأُمّ ، ونحن في المذهب الشيعيّ نقول : السادة من أبناء الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والرسول الأعظم لم يكن له أبناء.

٤٢١

الرجاء توضيح الأمر ، وشرح كيفية نسب الأئمّة وبني هاشم ، وإرشادي إلى مراجع ، وجزاكم الله ألف خير.

ج : لا دليل على أنّ الانتساب يكون فقط من طريق الأب ، كيف وقد نصّ القرآن الكريم بلحاق عيسىعليه‌السلام عن طريق أُمّه مريمعليها‌السلام بذراري الأنبياءعليهم‌السلام :( وَمِن ذُريته داودَ وَسُلِيمانَ وَيَحيى وَعيسى ) (١) .

وأيضاً قد اتفق المسلمون على أنّ المراد من( أَبْنَاءنَا ) في آية المباهلة( فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا ) (٢) ، الحسن والحسينعليهما‌السلام (٣) .

أضف إلى ذلك ورود روايات في كتب العامّة تصرّح ببنوّة الحسن والحسينعليهما‌السلام ، وولد عليعليه‌السلام ، وأولاد فاطمةعليها‌السلام للرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) .

ثمّ إنّ هناك أحكام شرعية كالإرث واستحقاق سهم السادة في الخمس تختصّ بمواردها المنصوص عليها ، فلا تنفي الانتساب من جهة الأُمّ ، بل إنّها قوانين خاصّة تعبّدية لا علاقة لها بالمميّزات التكوينية.

وفي الختام : ننقل لكم مقطعاً من المناظرة التي دارت بين الإمام الكاظمعليه‌السلام مع هارون الرشيد ، والتي تختصّ بموضوعنا هذا :

«ثمّ قال : ـ يعني هارون الرشيد ـلي : لمَ جوّزتم للعامّة والخاصّة أن ينسبوكم إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ويقولوا لكم : يا بني رسول الله ، وأنتم بنو علي ،

__________________

١ ـ الأنعام : ٨٤ ـ ٨٥.

٢ ـ آل عمران : ٦١.

٣ ـ ذخائر العقبى : ٢٥ ، الجامع الكبير ٤ / ٢٩٣ ، فتح الباري ٧ / ٦٠ ، معرفة علوم الحديث : ٥٠ ، تفسير القرآن ١ / ١٢٢ ، جامع البيان ٣ / ٤٠٨ ، أحكام القرآن ٢ / ١٨ ، أسباب نزول الآيات : ٦٨ ، شواهد التنزيل ١ / ١٥٦ و ١٦٣ و ١٨٢ ، زاد المسير ١ / ٣٣٩ ، الدرّ المنثور ٢ / ٣٩ ، أُسد الغابة ٤ / ٢٦ ، الإصابة ٤ / ٤٦٨ ، الجوهرة : ٦٩ ، البداية والنهاية ٥ / ٦٥ و ٧ / ٣٧٦ ، الإمامة والسياسة ١ / ٢٠٩ ، السيرة النبوية لابن كثير ٤ / ١٠٣ ، جواهر المطالب ١ / ١٧١ ، ينابيع المودّة ١ / ٤٣ و ١٣٦ و ١٦٥ و ٢ / ١٢٠ و ٤٣٢ و ٣ / ١١٨.

٤ ـ ينابيع المودة ٢ / ٤٤٦ ، كفاية الطالب : ٣٧٩ ، إحياء الميت : ٢٧.

٤٢٢

وإنّما ينسب المرء إلى أبيه ، وفاطمة إنّما هي وعاء ، والنبيّ جدّكم من قبل أُمّكم؟

فقلت : ـ يعني الإمام موسى الكاظمعليه‌السلام ـ : يا أمير المؤمنين لو أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نُشر ، فخطب إليك كريمتك هل كنت تجيبه؟

فقال : سبحان الله ولمَ لا أجيبه؟ بل أفتخر على العرب والعجم وقريش بذلك.

فقلت له : لكنّه لا يخطب إليّ ولا أزوّجه.

فقال : ولِمَ؟

فقلت : لأنّه ولدني ولم يلدك.

فقال : أحسنت يا موسى.

ثمّ قال : كيف قلتم إنّا ذرّية النبيّ ، والنبيّ لم يعقب ، وإنّما العقب للذكر لا للأنثى ، وأنت ولد الابنة ولا يكون ولدها عقباً له؟

فقلت : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم ( وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ ) (١) ، مَن أبو عيسى يا أمير المؤمنين ؟

فقال : ليس لعيسى أب.

فقلت : إنّما ألحقناه بذراري الأنبياءعليهم‌السلام من طريق مريمعليها‌السلام ، وكذلك أُلحقنا بذراري النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من قبل أُمّنا فاطمةعليها‌السلام ، أزيدك يا أمير المؤمنين؟

قال : هات.

قلت : قول الله عزّ وجلّ :( فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ

__________________

١ ـ الأنعام : ٨٤ ـ ٨٥.

٤٢٣

فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) (١) ، ولم يدّع أحد أنّه أدخل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله تحت الكساء عند مباهلة النصارى إلاّ علي بن أبي طالب ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ، فـ( أَبْنَاءنَا ) : الحسن والحسين ، و( وَنِسَاءنَا ) : فاطمة ، و( وَأَنفُسَنَا ) : علي بن أبي طالبعليه‌السلام »(٢) .

( ـ ـ )

والصلاة عليهم :

س : لا يجوز أن نصلّي على آل الرسول ، وإنّما نقول : رضي الله عنهم.

ج : لا مانع من ذكر الصلاة والسلام على آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حتّى إنّه جاء في بعض تفاسير السنّة في آية( سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ ) (٣) ، إنّها قرأت بصورة « آل » ـ قراءة نافع وابن عامر ويعقوب ـ والمقصود منه آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) .

وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس أنّه قال ـ في( سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ ) : « نحن آل محمّد آل ياسين ، وهو ظاهر في جعل « ياسين » اسماً للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله »(٥) .

هذا ، وقد دلّت روايات كثيرة عند الفريقين بوجوب إدخال آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله في الصلاة عليه ، والنهي عن الصلاة البتراء ، أي الخالية من ذكرهمعليهم‌السلام (٦) .

__________________

١ ـ آل عمران : ٦١.

٢ ـ الاحتجاج ٢ / ١٦٣ ، عيون أخبار الرضا ٢ / ٨٠ ، تحف العقول : ٤٠٥.

٣ ـ الصافات : ١٣٠.

٤ ـ التفسير الكبير ٩ / ٣٥٤.

٥ ـ روح المعاني ١٢ / ١٣٥ ، تفسير القرآن العظيم ٤ / ٢٢.

٦ ـ مسند أحمد ٣ / ٤٧ و ٤ / ٢٤١ ، سنن ابن ماجة ١ / ٢٩٣ ، الجامع الكبير ١ / ٣٠١ ، سنن النسائيّ ٣ / ٤٧ ، المصنّف للصنعانيّ ٢ / ٢١٢ ، مسند ابن الجعد : ٤٠ ، المصنّف ابن أبي شيبة ٢ / ٣٩٠ ، السنن الكبرى للنسائيّ ١ / ٣٨٢ ، و ٦ / ١٨ ، صحيح ابن حبّان ٥ / ٢٨٧ و ٢٩٥ ، المعجم الصغير ١ / ٨٥ ، المعجم الأوسط ٣ / ٩١ و ٤ / ٣٧٨ و ٧ / ٥٧ ، المعجم الكبير ١٧ / ٢٥٠ و ١٩ / ١٢٤ و ١٥٥ ، كنز العمّال ٢ / ٢٧٥ ، جامع البيان ٢٢ / ٥٣ ، زاد المسير

٤٢٤

فذكر الصلاة والسلام على آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله منصوص ومشروع ومؤيّد عقلاً ونقلاً.

( يوسف ـ الكويت ـ )

وخلق السماوات :

س : هل تفسير الآية الشريفة ( وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ) (١) ، يقصد بها خلق الإمام علي عليه‌السلام ، أو أهل البيت عليهم‌السلام السماء؟ لأنّ الله تعالى ليس له يد.

ج : إنّ اليد في الآية بمعنى القوّة والتمكّن والسيطرة ، وليست بمعنى اليد الجارحة ، ويتضّح المعنى جليّاً عندما نرى قوله :( وَإِنَّا ) ، فينسب البناء والتوسيع بالصراحة لنفسه عزّ وجلّ.

ومن جانب آخر : فإنّ الأدلّة العقليّة والنقليّة تفرض ـ بما لا محيص عنها ـ بأن نعتقد بعدم الجسمانية ـ أي شؤون المادّية ـ في ذاته تبارك وتعالى ، فبالنتيجة يظهر لنا معنى اليد ، بأنّها قدرة الإيجاد والتكوين لا غير ، وأمّا التعبير بهذا اللفظ فهو من باب التشبيه والاستعارة والتنزيل.

وأمّا في مورد تفسير هذه الآية ، فلم يرد حديث ، ولا دليل عقليّ في تفاسير الفريقين بما سألتموه ، فالمتّبع الظهور اللغوي بمعونة الأدلّة العقليّة والنقليّة.

( إبراهيم ـ السعودية ـ ١٧ سنة ـ طالب ثانوية )

حرّمت الصدقة عليهم :

س : لماذا حرّم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله الصدقة على آل البيت؟ وجزاكم الله خيراً.

__________________

٦ / ٢١٤ ، الدرّ المنثور ٥ / ٢١٥ ، فتح القدير ٤ / ٣٠٣ ، تاريخ بغداد ٨ / ١٣٧ ، البداية والنهاية ١ / ١٩٨ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ١٠ ، و ١٢ / ٤٣٤ ، ينابيع المودّة ١ / ١٤١.

١ ـ الذاريات : ٤٧.

٤٢٥

ج : إنّ الصدقة شرّعت لأجل تطهير الأموال وتزكيتها ، قال تعالى :( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم ) (١) ، والتطهير يتضمّن الدنس والوسخ ، فكأنّ هذا المال عند بلوغه حدّاً معيّناً ، فإنّه كما يتكاثر من حيث المالية يتكاثر معه الدنس والوسخ ، ويصبح ملوّثاً ولا يطهر ، ولا يرتفع عنه التلوّث إلاّ بإخراج الصدقة منه ، فهذه الصدقة هي اللوث الذي عرض على مال الغني عند بلوغه حدّاً معيّناً ؛ ولأجل ذلك كرّم الله تعالى بني هاشم من أن يأخذوا هذا المال ، والعيش بهذه الأوساخ.

وهذا ملحوظ أيضاً في السياق القرآني لآية الزكاة وآية الخمس ، فنجد أنّ التعبير بلفظ التطهير ورد في آية الصدقة دون آية الخمس ، بل نجدها تشرّع الخمس والأنفال مع حفظ مقام النبوّة والإمامة بمستوى من الإجلال والتقدير.

روى الشيخ الكليني ( قدس سره ) عن سليم بن قيس قال : سمعت أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول : «نحن والله الذين عنى الله بذي القربى ، الذين قرنهم الله بنفسه ونبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : ( مَّا أَفَاء اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى ) (٢) منّا خاصّة ، ولم يجعل لنا سهماً من الصدقة ، أكرم الله نبيّه وأكرمنا أن يطعمنا أوساخ ما في أيدي الناس »(٣) .

وثانياً : يمكن أن يكون تحريم الصدقة على بني هاشم باعتبار شرف مقام النبيّ ، إذ إنّ النفس النبوية لها مرتبتها الخاصّة ، وقداستها المميّزة عن بقية النفوس ، كما هو الملحوظ في الروايات والزيارات ، والمعطي يكون أكمل من المعطى ، بعد ملاحظة كون الزكاة هي أوساخ ما في أيدي الناس ، وأهل البيت مطهّرون من الدنس والوسخ ، فلا يكونوا محلاً لأوساخ الناس.

وهذه المسألة من مختصّات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في ذرّيته تكريماً له ، وذلك كجعل

__________________

١ ـ التوبة : ١٠٣.

٢ ـ الحشر : ٧.

٣ ـ الكافي ١ / ٥٣٩.

٤٢٦

نسائه أُمّهات المؤمنين من باب تحريم نكاحهن من بعده ، وذلك تكريماً للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لأنّهن قد نسبن إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيقال زوجات النبيّ ، وكذلك هو الأمر في ذرّيته ، حيث يقال : ذرّية الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

( حسن. البحرين ـ ٢٦ سنة ـ طالب ثانوية )

لولاهم لما خلق الكون :

س : هناك بعض الأشخاص يتّهموننا بالكفر ، ويحتجّون علينا بهذا الحديث : « لولاك يا محمّد لما خلقت الأكوان ، ولولا علي لما خلقتك ، ولولا فاطمة لما خلقتكما » (١) ، أرجو منكم أن تفسّروا لنا هذا الحديث.

ج : إنّ هذا الحديث ليس به بأس من حيث المعنى ، وإنّ الجهلة عندما لايرون مستمسكاً حقّاً يعتمدون عليه ، يتشبّثون بتفاسير لأحاديثنا لا نصيب لها من الواقع ، فمثلاً بدلاً من أن يتحققّون في معنى هذا الحديث يرموننا بما لا يليق.

وعلى أيّ حال ، فمعنى هذه الرواية هو : أنّ غاية الله تعالى من الخلق هي هدايتهم وكمالهم ، وفي هذا الطريق المستقيم لابدّ وأن ينصب للخلق علماً نبيّاً ، يكون على اتّصال مباشرة بمبدأ الخلق والوحي ؛ ولو لم يُخلَق في عالم الوجود رسولاً من جانب الباري تعالى انتفت حكمة الخلق بأسرها ، إذ لم يمكن حينئذٍ اهتداء المجموعة البشرية.

فالفقرة الأُولى من الرواية صريحة بهذا المعنى «لولاك لما خلقت الأفلاك » ، أي إن لم أخلقك لم أخلق الكون لعدم الفائدة فيه حينئذٍ.

ثمّ بما أنّ الإمامة والوصاية هي امتداد لخطّ الرسالة وتطبيقها وصيانتها ، فوجود الإمام ـ الذي باعتقادنا هو الإمام عليعليه‌السلام ـ قيد لوجود الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أي إنّ الرسالة في استمراريّتها تحتاج إلى وصيّ وإمام ، فلولا وجود الإمام لم تنفع

__________________

١ ـ مجمع النورين : ١٨٧.

٤٢٧

الرسالة النبوية لهداية الخلق ، إذ تبقى ناقصة لم يطبّقها أحد ، أو يطرأ عليها الانحراف والضياع ، فتجنّباً من هذه المحاذير ، وصيانةً للوحي الهادف ، يجب عقلاً وجود الإمام ، فلولاه لا تتمّ الحجّة على البشر ، وهذا خلاف حكمة الخالق ، وعليه فلولا وجود عليعليه‌السلام كإمامٍ ، لم يخلق محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله كنبيّ للبشر لعدم تكميل الهداية حينئذٍ.

وأمّا فاطمةعليها‌السلام فبما أنّها الواسطة في امتداد الإمامة من الإمام عليعليه‌السلام حتّى الإمام المهديّعليه‌السلام ، وعلاقتها بوجود النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فالإمامة المستمرّة إلى زماننا ، مستمدّة من وجودها في عالم الخلق ، وبما أنّ الإمامة امتداد للرسالة ، فينتج : أنّ الرسالة والإمامة بمفرداتهما الوجودية رهينة بوجود الزهراءعليها‌السلام ، فلو لم تخلق هي كبنت للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وزوجةٍ لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، وأُمٍّ للأئمّةعليهم‌السلام لما استمرّت خطّة الباري تعالى في هداية الخلق ، وتكميل مسيرتهم.

( موالي ـ الكويت ـ ١٩ سنة ـ طالب )

ليس جميع السادة من أهل البيت :

س : أتى سؤال من أهل السنّة يقول : لم أخرج ذرّية الحسن ، وذرّية الحسينعليهما‌السلام من الآية؟ يعني أليس هذه الذرّية من أهل البيت؟

ج : قال تعالى :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (١) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي أبداً : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض »(٢) .

__________________

١ ـ الأحزاب : ٣٣.

٢ ـ مسند أحمد ٥ / ١٨٢ ، تحفة الأحوذيّ ١٠ / ١٩٦ ، مسند ابن الجعد : ٣٩٧ ، المنتخب من مسند الصنعانيّ : ١٠٨ ، ما روى في الحوض والكوثر : ٨٨ ، كتاب السنّة : ٣٣٧ و ٦٢٩ ، السنن الكبرى للنسائيّ ٥ / ٤٥ و ١٣٠ ، مسند أبي يعلى ٢ / ٢٩٧ و ٣٠٣ و ٣٧٦ ، المعجم

٤٢٨

فأهل البيت إمّا أن يكونوا جميع السادة من ذرّية فاطمةعليها‌السلام ، وعددهم بالملايين ، وهذا لا يمكن لأُمور :

لأنّ الآية وصفتهم بأنّ إرادة الله تعلّقت بإذهاب الرجس عنهم ، وأنّ الله طهّرهم تطهيراً ، وهذا صريح في العصمة ، ومن المعلوم قطعاً أنّ السادة والأشراف جميعهم غير معصومين.

ولأنّ في الحديث قرنهم بالكتاب العزيز ، وأوصى بالتمسّك بهم ، وأنّه لن يضلّ من تمسّك بهم ، ونجزم بأنّ مراد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يتعلّق بجميع السادة.

فيبقى البحث عن المراد من أهل البيتعليهم‌السلام في آية التطهير ، وحديث الثقلين ، وغيرهما.

وفي الجواب نقول : إنّ الروايات الواردة في شأن نزول آية التطهير ـ كما رواها الشيعة وأهل السنّة في صحاحهم ومسانيدهم ـ تقول : إنّها نزلت في الخمسة من أصحاب الكساء : النبيّ محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام .

وضم هذه الروايات إلى الروايات الواردة في كون الأئمّة اثني عشر كلّهم من قريش ، أو كلّهم من بني هاشم ، وفي بعضها التصريح بأسمائهم ، كلّ هذا يعطينا خبراً أنّ المقصود بأهل البيت ـ الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، وقرنهم رسول الله بكتابه ، ووصى أُمّته بالتمسّك بهم ، وأنّه لن يضلّ من تمسّك بهم ـ هم : النبيّ محمّد ، وفاطمة ، وعلي ، والحسن ، والحسين ،

__________________

الصغير ١ / ١٣١ ، المعجم الأوسط ٣ / ٣٧٣ ، المعجم الكبير ٣ / ٦٥ و ٥ / ١٥٤ و ١٦٦ و ١٧٠ ، نظم درر السمطين : ٢٣١ ، الجامع الصغير ١ / ٤٠٢ ، العهود المحمدية : ٦٣٥ ، كنز العمّال ٥ / ٢٩٠ و ١٣ / ١٠٤ و ١٤ / ٤٣٥ ، دفع شبه التشبيه : ١٠٣ ، شواهد التنزيل ٢ / ٤٢ ، تفسير القرآن العظيم ٤ / ١٢٣ ، الطبقات الكبرى ٢ / ١٩٤ ، علل الدارقطنيّ ٦ / ٢٣٦ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢٢٠ و ٥٤ / ٩٢ ، سير أعلام النبلاء ٩ / ٣٦٥ ، أنساب الأشراف : ١١١ ، البداية والنهاية ٥ / ٢٢٨ و ٧ / ٣٨٦ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٦ و ١٢ / ٢٣٢ ، ينابيع المودّة ١ / ٧٤ و ٩٧ و ١٠٠ و ١١٣ و ١١٩ و ١٢٣ و ١٣٢ و ٣٤٥ و ٣٥٠ و ٣٦٠ و ٢ / ٩٠ و ١١٢ و ٢٦٩ و ٢٧٣ و ٤٠٣ و ٤٣٧ و ٣ / ٦٥ و ١٤١ و ٢٩٤ ، لسان العرب ٤ / ٥٣٨.

٤٢٩

والسجّاد ، والباقر ، والصادق ، والكاظم ، والرضا ، والجواد ، والهادي ، والعسكريّ ، والمهديّ المنتظرعليهم‌السلام .

( أحمد جعفر ـ البحرين ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة )

المقصود من آل ياسين :

س : الأساتذة والعلماء الأكارم القائمين على الموقع.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أمّا بعد ، سؤالي أيّها الأفاضل هو كالتالي :( سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ ) (١) ، من هم؟ هل هو نبيّ الله إلياس عليه‌السلام ؟ أم المقصود بهم هم آل محمّد عليهم‌السلام ؟ وإن كانوا آل محمّد ، فهل تدلّ على عصمتهم؟ وما هو قول العلاّمة الطباطبائي في تفسير الميزان؟

ج : نقل الشيخ الصدوق ( قدس سره ) بسنده عن الإمام عليعليه‌السلام في قوله تعالى :( سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ ) قال : « ياسين محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن آل ياسين ».

وروى أيضاً بسنده عن ابن عباس في قوله تعالى :( سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ ) ، قال : على آل محمّد(٢) .

إذاً ، آل ياسين : هم آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) .

وقال العلاّمة الطباطبائي : « إنّ قول آل ياسين هم آل محمّد مبنيّ على قراءة آل ياسين ، كما قرأه نافع وابن عامر ويعقوب وزيد »(٤) .

وياسين : اسم من أسماء نبيّنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله بلغة طي ، وبهذه اللغة نزلت الآية

__________________

١ ـ الصافّات : ١٣٠.

٢ ـ الأمالي للشيخ الصدوق : ٥٥٨.

٣ ـ أُنظر : شواهد التنزيل ٢ / ١٦٥ و ١٦٩ ، نظم درر السمطين : ٩٤ ، روح المعاني ١٢ / ١٣٥ ، تفسير القرآن العظيم ٤ / ٢٢ ، التفسير الكبير ٩ / ٣٥٤ ، الجامع لأحكام القرآن ١٥ / ١١٩ ، الدرّ المنثور ٥ / ٢٨٦ ، فتح القدير ٤ / ٤١٢.

٤ ـ الميزان في تفسير القرآن ١٧ / ١٥٩.

٤٣٠

( يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ) (١) .

وهذه الآية لا تدلّ على عصمتهمعليه‌السلام بالصراحة ، بل تدلّ من باب أنّ المولى عزّ وجلّ لم يسلّم إلاّ على الذوات المعصومة ، كما في قوله :( سَلاَمٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ ) (٢) ، وقوله :( سَلاَمٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ) (٣) ، وقوله :( سَلاَمٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ ) (٤) .

( يوسف علي ـ ـ )

هم الثقل الأصغر :

س : ما المقصود من الثقل الأصغر؟

ج : وردت عدّة روايات تصرّح بأنّ الثقل الأكبر هو القرآن الكريم ، والثقل الأصغر هو العترة الطاهرةعليهم‌السلام .

روى الشيخ الصدوق ( قدس سره ) بسنده عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : لمّا رجع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من حجّة الوداع ، ونحن معه قال : «وماذا صنعتم بالثقلين من بعدي ، فانظروا كيف تكونون خلفتموني فيهما حين تلقوني »؟ قالوا : وما هذان الثقلان يا رسول الله؟

قال : «أمّا الثقل الأكبر فكتاب الله عزّ وجلّ ، سبب ممدود من الله ومنّي في أيديكم ، طرفه بيد الله والطرف الآخر بأيديكم ، فيه علم ما مضى وما بقي إلى أن تقوم الساعة ، وأمّا الثقل الأصغر فهو حليف القرآن ، وهو علي بن أبي طالب وعترته ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض »(٥) .

__________________

١ ـ يس : ١ ـ ٣.

٢ ـ الصافات : ٧٩.

٣ ـ الصافات : ١٠٩.

٤ ـ الصافات : ١٢٠.

٥ ـ الخصال : ٦٥.

٤٣١

( محمّد إسماعيل قاسم ـ الكويت ـ ١٦ سنة ـ طالب )

حكم الصور المنسوبة لهم :

س : ما هو رأيكم بالصور التي تنشر ، والتي يكتب تحتها اسم إمام ، أو ما شابه؟

ج : إذا كان ذلك الرسم بشكل يسيء للمعصوم فلا يجوز قطعاً ، أمّا إذا لم يكن في ذلك الرسم أي إساءة للإمامة فقد أجاب السيّد الخوئيّ رحمه الله في منية السائل على هذا السؤال. وإليك السؤال وجوابه :

السؤال : ما يقول سماحتكم في الصور المرسومة أو التشبيهات للأئمّة عليهم‌السلام ورسم ما يخيل عنهم من ملامحهم وأوصافهمعليهم‌السلام فهل يجوز تعليقها في المنزل ، وما الحكم في الاعتقاد بها إنها هم؟

ج : تعليقها في المنزل لا بأس به ، وأمّا الاعتقاد بها فهو مشكل.

( كميل ـ عمان ـ ٢٢ سنة ـ طالب جامعة )

رؤيتهم في المنام :

س : أُريد أن أسأل : هل كلّ من شاهد النبيّ محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته في المنام تعتبر مشاهدته صحيحة؟ وكيف يمكن أن نعتبر الحلم حقيقة؟

ج : قد ورد في الحديث : « من رآني فقد رآني »(١) ، وهذا الحديث لم يثبت سنده عند العلماء ، فلا يكون حجّة ، فلا تترتّب الأحكام الشرعية عليه ، أو أخذ معالم الدين بهذا الطريق.

ويمكن أن يقال : بالأخذ بالرؤيا التي لا تثبت حكماً شرعياً ، ولا أمراًَ أو نهياً ، وإنّما يأخذ بالأحلام التي فيها الأُمور العامّة ، كالمستحبّات ، وذلك بناء على التسامح بأدلّة السنن.

__________________

١ ـ رسائل المرتضى ٢ / ١٢.

٤٣٢

( محمّد إسماعيل قاسم ـ الكويت ـ ١٦ سنة ـ طالب )

مصادر حديث : هذا إمام ابن إمام :

س : اذكروا لي الكتب التي روت هذا الحديث : « هذا إمام ، ابن إمام ، أخو إمام ، أبو الأئمّة » من كتب السنّة؟ ودمتم سالمين.

ج : ذكرت مجموعة من علماء السنّة في مؤلّفاتهم نصّ هذا الحديث أو ما معناه ، منها :

١ ـ الخوارزمي الحنفي ـ المتوفّى ٦٥٨ هـ ـ في مقتل الحسين(١) .

٢ ـ القندوزي الحنفي ـ المتوفّى ١٢٩٤ هـ ـ في ينابيع المودّة(٢) .

وكلّهم يروون هذا الحديث عن سلمان الفارسي ، وأبي سعيد الخدريّ.

( أبو هاني ـ السعودية ـ )

معنى فقرة من زيارة الجامعة :

س : ما معنى الجملة الواردة في زيارة الجامعة : « وإياب الخلق إليكم ، وحسابهم عليكم ، وفصل الخطاب عندكم »؟

ج : إنّ لهذه العبارة شروحاً متعدّدة ، ويمكن إرجاع هذه العبارة إلى ما روي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث الثقلين : «إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي أبداً : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، فميزان الحساب يوم القيامة يكون على هذا الأساس ، فالتمسّك بالقرآن لوحده غير كاف ، بل لابدّ معه من التمسّك بالعترة ، فهمعليهم‌السلام يكونون الأصل في كيفية حساب الخلق ، فمن تمسّك بهم نجا ، ومن لم يتمسّك بهم هلك.

__________________

١ ـ مقتل الحسين ١ / ٢١٢.

٢ ـ ينابيع المودّة ٢ / ٤٤ و ٣١٦ و ٣ / ٢٩١ و ٢٩٤.

٤٣٣

رزقنا الله وإيّاكم شفاعتهم يوم القيامة.

( أحمد جعفر ـ البحرين ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة )

مقامهم :

س : أيّها الأساتذة الكرام : عندي تساؤل عن قول الإمام الصادق عليه‌السلام : « ربّ الأرض يعني إمام الأرض » ، فقلت : فإذا خرج ماذا يكون؟ قال : « إذا يستغني الناس عن ضوء الشمس ونور القمر ، ويجتزون بنور الإمام » (١) ، أرجو بيان الحديث المذكور.

ج : لقد ورد في اللغة والتفسير : أنّ الربّ له معان خمسة ، منها : الشيخ ، والمالك ، والمدبّر ، والمربّي ، وغيرها.

والمالكية والمدبّرية تارة تكون بالأصالة وبالذات ، وأُخرى بالعرض وبالإمكان ، فالمالك والمدبّر الذاتي الأصيل هو الله سبحانه ، فهو ربّ العالمين ، ومن ثمّ تتجلّى هذه الربوبية أي المالكية والمدبّرية والمربّية في غيره بإذنه وجعله سبحانه.

فالزوج يكون ربّ البيت ، والزوجة ربّة البيت ، ولبيت الله ـ أي الكعبة ـ ربّ يحميه ، كما قالها عبد المطلب في جواب أبرهة في قصّة الفيل ، فسبحانه ربّ الأرض والسماء ، إلاّ أنّه جعل الربوبية بمعنى المدبّرية والمالكية والمربّية لنبيّه ووصيه وخليفته في الأرض ، فآدم والأنبياء والأوصياء خلفاء الله في السماء والأرض ، استخلفوا الله في أسمائه الحُسنى وصفاته العُليا ، فكانوا مظاهرَ لأسمائه وصفاته ، ويتجلّى نور الله فيهم ، فإنّ الله سبحانه نور السماوات والأرض كما في آية النور وسورتها ، إلاّ أنّ النور الإلهيّ يتجلّى في رسوله وأهل بيته( مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ) (٢) .

__________________

١ ـ تفسير القمّيّ ٢ / ٢٥٣.

٢ ـ النور : ٣٥.

٤٣٤

فالإمام نور كما أنّ النبيّ سراج منير ، وكذلك القرآن أنزله الله نوراً ، والعلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء ، والنور بمعنى الظاهر بنفسه والمظهر لغيره ، يفيد الكاشفية ورفع الجهل ، وكلّ من كان من مصاديق النور فإنّه يُعطينا هذا المفهوم ، فالإمامعليه‌السلام بهذا المعنى يكون نوراً يكشف الحقائق ويزيح الظلام والجهل ، كما تفعل الشمس والقمر ذلك في المادّيات والأجسام.

فربوبية الأرض وتربيتها وحكومتها باعتبار أهلها ، إنّما هي بيد الإمامعليه‌السلام ، فهو ربّ الأرض ، كما أنّ الله ربّ الأرض ، إلاّ أنّ ربوبية الله أصلية وذاتية ، وربوبية الإمام فرعية وبالتبع وبالإمكان.

والإمكان في حقيقته مع الوجود الذاتيّ ـ أي واجب الوجود لذاته وهو الله سبحانه ـ يكون عدماً ولا شيء ، فربوبية الإمام في طول ربوبية الله ، بإذن من الله وبجعل منه ، فالإمام ربّ الأرض.

وإذا خرج فإنّ نوره وعلمه الذي هو من نور الله وعلمه يكفي الناس في كشف الحقائق ، ورفع ستار الظلام والجهل ، وكأنّ الناس لا تحتاج إلى الشمس والقمر في ليلها ونهارها ، وهذا من المجاز والكناية لبيان شدّة وضوح علم الإمام ونوره وربوبيّته على الأرض.

( أحمد جعفر ـ البحرين ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة )

إنّهم وجه الله وعينه ويده :

س : أيّها الأساتذة الكرام : ما معنى قول الإمام الباقر عليه‌السلام : « نحن وجه الله نتقلّب في الأرض بين أظهركم ، ونحن عين الله في خلقه ، ويده المبسوطة بالرحمة على عباده » (١) .

ج : لابأس أن نذكر مقدّمات :

__________________

١ ـ الكافي ١ / ١٤٣.

٤٣٥

الأُولى : من عقائدنا الحقّة أنّ الله تعالى ليس بجسم ـ خلافاً للمجسّمة الكرامية في القديم ، والوهّابية من الحنابلة في الجديد ـ وإنّما لم يكن جسماً ، لأنّه لو كان للزم التركيب ، ولازم التركيب الاحتياج ، والاحتياج علامة الإمكان ، والله سبحانه واجب الوجود لذاته ، وليس بممكن.

فالقول بالجسمية يلزمه نواهي فاسدة : منها : احتياج الله وافتقاره ، وهو الغني في الذات ، كما يلزمه الإمكان ، وهو واجب الوجود لذاته ، وهذا ما يقول به العقل السليم ، كما عليه الأدلّة النقليّة : من الآيات والروايات الشريفة.

والثانية : لا تعارض في الواقع بين الحجّة الباطنية وهو العقل ، والحجّة الظاهرية وهو النبيّ ، فكلاهما من الواحد الأحد ، فلا يكون بينهما اختلاف ، بل أحدهما يُعاضد الآخر ، فكلّ ما حكم به العقل حكم به الشرع ، ولمّا كان الشرع وهو الوحي أوسع دائرة ، فإنّه كلّما حكم به الشرع حكم به العقل إن أدركه ، وإلاّ فإنّه يسكت ولا يخالفه ، فإنّ العقل لا يدرك فلسفة صلاة الصبح لماذا تكون ركعتين؟ فحينئذ لا يخالفه ، بل يسلّم أمره إلى الوحي ويذعن به ، باعتبار أنّه الصادق الأمين.

والثالثة : إذا شاهدنا تعارضاً بين العقل والسمع ـ أي النقل من آية قرآنية أو حديث نبوي ـ في الظاهر ، أي الاختلاف كان ظاهرياً وليس في الواقع ، فحينئذ إمّا أن نقول بطرحهما ، وهذا لا يصحّ كما هو واضح ، أو نقول بحكم أحدهما فيلزم ترجيح بلا مرجّح ، كما لا يمكن الأخذ بهما أو بظاهرهما معاً ، لاختلافهما وتعارضهما ، ولا يمكن الجمع بين المتناقضين ، فلا يبقى لنا إلاّ أن نأخذ بحكم العقل وهو الحجّة الباطنية ، ونؤوّل النقل ، أي نقول بتأويل الظاهر ، وبهذا أخذنا بالعقل والنقل ، وبالحجّتين سويةً.

وحينئذٍ ، لمّا ثبت أنّ الله ليس بجسم مطلقاً ، وأنّه الوجود المجرد المحض ، لا يحيطه الإنسان بعقله وتصوّره ، فما ينسب إليه من الجوارح في القرآن الكريم ،

٤٣٦

أو الأحاديث الشريفة ، كأن يقال :( يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) (١) ،( فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ) (٢) ، وغير ذلك ، فإنّه لابدّ من تأويله ، ولا يحمل على ظاهره ، بأنّ لله يداً كما كان للإنسان ، فهذا من التجسيم الباطل ، والمستلزم للكفر والنجاسة ، بل يفسّر يد الله بقدرته ، فقدرة الله فوق قدرتهم ،( ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ) (٣) ، أي استولى ، لا أنّه يجلس على العرش ، ويكون له أطيط كأطيط الرحل.

وكذلك باقي الأوصاف التي تدلّ بظاهرها على التجسيم ، فلابدّ من تأويلها ، وأنّها من الاستعمال المجازي والكنائي ، وبعد هذا نقول : لأسماء الله وصفاته مظاهر ، فإنّ القدرة الإلهيّة ، واليد الإلهيّة لابدّ أن تظهر ، فلها مظاهر في خلقه ، وأتمّ مظهر للقدرة هو خليفة الله في الأرض ، أي النبيّ والوصيعليهما‌السلام ، فيكون كلّ واحد منهما يد الله في الأرض المبسوطة بالرحمة على عباده.

ولمّا كان الله يرى ويسمع ، أي يعلم بالمرئيّات والمسموعات ، ويشهد ذلك ، فلابدّ أن يظهر هذا العلم على مخلوقاته ، وأتمّ المخلوقات الحامل لعلم الله هو الإنسان الكامل ، أي خليفته في الأرض ، يعني النبيّ والوصيعليهما‌السلام ، فيكون كلّ واحد منهما عين الله في خلقه ، وشاهداً عليهم ،( وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ) (٤) ، ورؤية الله علمه ، وأذن بل أمر نبيّه أن يكون شاهداً على خلقه ، لأنّه هو الحجّة ، فإنّ الله يحتجّ به على خلقه ، ولازم الحجّية الشهود والحضور ، كما في البيّنة الظاهرية ، لابدّ أن تكون الشهادة محسوسة.

فالإمام حمّله الله الشهادة ، وإنّه يشهد على الخلق ، فلابدّ أن يعلم بما يفعله

__________________

١ ـ الفتح : ١٠.

٢ ـ البقرة : ١١٥.

٣ ـ الأعراف : ٥٤.

٤ ـ التوبة : ١٠٥.

٤٣٧

الخلق ، حتّى تتمّ الشهادة الحقّة ، وهذا لا يكون إلاّ أن يكون هو عين الله عليهم ، وكلّ شيء يهلك وينعدم إلاّ الشاهد ، فهو وجه الله الذي يتوجّه إليه الخلق ، فكلّ شيء هالك إلاّ وجهه ، والأئمّة المعصومون وكذلك الأنبياءعليهم‌السلام هم وجه الله ، وهذا ممّا يدلّ عليه حكم العقل وعند العقلاء ، كما يدلّ عليه النقل وما جاء في الروايات الشريفة.

( رقية ـ ـ )

من هم الآل في آية التطهير :

س : ما هو الدليل على أنّ كلمة « آل » تعني علي وفاطمة وأبنائهم عليهم‌السلام ؟ وجزاكم الله عن أوليائه خير الجزاء ، نسألكم الدعاء ، وفي أمان الباري.

ج : روي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «لا تصلّوا عليّ الصلاة البتراء » ، قالوا : وما الصلاة البتراء يا رسول الله؟ قال : «تقولون : اللهم صلّ على محمّد وتسكتون ، بل قولوا : اللهم صلّ على محمّد وعلى آل محمّد »(١) .

روى مسلم بسنده عن أبي مسعود الأنصاري قال : أتانا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونحن في مجلس سعد بن عبادة ، فقال له بشير بن سعد : أمرنا الله أن نصلّي عليك يا رسول الله ، فكيف نصلّي عليك؟ قال : فسكت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى تمنّينا أنّه لم يسأله.

ثمّ قال : «قولوا : اللهم صلّ على محمّد وعلى آل محمّد ، كما صلّيت على

__________________

١ ـ مسند أحمد ٣ / ٤٧ و ٤ / ٢٤١ ، سنن أبي ماجة ١ / ٢٩٣ ، الجامع الكبير ١ / ٣٠١ ، سنن النسائيّ ٣ / ٤٧ ، المصنّف للصنعانيّ ٢ / ٢١٢ ، مسند ابن الجعد : ٤٠ ، المصنّف ابن أبي شيبة ٢ / ٣٩٠ ، السنن الكبرى للنسائيّ ١ / ٣٨٢ ، و ٦ / ١٨ ، صحيح ابن حبّان ٥ / ٢٨٧ و ٢٩٥ ، المعجم الصغير ١ / ٨٥ ، المعجم الأوسط ٣ / ٩١ و ٤ / ٣٧٨ و ٧ / ٥٧ ، المعجم الكبير ١٧ / ٢٥٠ و ١٩ / ١٢٤ و ١٥٥ ، كنز العمّال ٢ / ٢٧٥ ، جامع البيان ٢٢ / ٥٣ ، زاد المسير ٦ / ٢١٤ ، الدرّ المنثور ٥ / ٢١٥ ، فتح القدير ٤ / ٣٠٣ ، تاريخ بغداد ٨ / ١٣٧ ، البداية والنهاية ١ / ١٩٨ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ١٠ ، و ١٢ / ٤٣٤ ، ينابيع المودّة ١ / ١٤١.

٤٣٨

آل إبراهيم ، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد ، كما باركت على آل إبراهيم في العالمين ، إنّك حميد مجيد »(١) .

وأمّا أنّ أهل البيتعليهم‌السلام هم الخمسة أصحاب الكساء ، فقد روى الحاكم بسنده عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، عن أبيه أنّه قال : لمّا نظر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الرحمة هابطة قال : «ادعوا لي ادعوا لي » ، فقالت صفية : من يا رسول الله؟ قال : «أهل بيتي علياً وفاطمة والحسن والحسين » ، فجيء بهم ، فألقي عليهم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كساءه.

ثمّ رفع يديه ، ثمّ قال : «اللهم هؤلاء آلي ، فصلّ على محمّد وآل محمّد » ، وأنزل الله عزّ وجلّ :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (٢) .

وقال الحاكم : « هذا حديث صحيح الإسناد »(٣) .

وممّا يدلّ على أنّ زوجاته لسن من أهل البيت :

أوّلاً : الروايات الواردة في شأن نزول آية التطهير صريحة في الحصر بهؤلاء ، وهي روايات بلغت حدّ التواتر في حصر أهل البيت بهؤلاء ، وإدخال غيرهم يحتاج إلى دليل.

ثانياً : الكثير من هذه الروايات لمّا قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «اللهم هؤلاء أهل بيتي » ، قالت أُمّ سلمة : فأنا معهم يا نبيّ الله؟ قال : «أنت على مكانك ، وأنت على خير »(٤) .

__________________

١ ـ صحيح مسلم ٢ / ١١٦.

٢ ـ الأحزاب : ٣٣.

٣ ـ المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٤٨.

٤ ـ شواهد التنزيل ٢ / ٦٣ و ١١٥ ، المستدرك ٢ / ٤١٦ ، مسند أبي يعلى ١٢ / ٤٥٦ ، المعجم الكبير ٣ / ٥٣ ، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ١٤٢ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ١٣ ، الدرّ المنثور ٥ / ١٩٨ ، مسند أحمد ٦ / ٢٩٢ و ٣٢٣.

٤٣٩

وروى الحاكم : أنّ أُمّ سلمة قالت : يا رسول الله ما أنا من أهل البيت؟ قال : «إنّك إلى خير ، وهؤلاء أهل بيتي ، اللهم أهل بيتي أحقّ »(١) .

وفي رواية أُخرى قالت أُمّ سلمة : يا رسول الله ألستُ من أهل البيت؟ قال : «إنّك إلى خير ، إنّك إلى خير ، إنّك من أزواج النبيّ »(٢) .

وروى مسلم عن زيد بن أرقم ، عندما سئل : « مَن هم أهل بيته؟ نساؤه؟ قال : لا ، وأيم الله إنّ المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ، ثمّ يطلّقها فترجع إلى أبيها وقومها ؛ أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده »(٣) .

وعن أبي سعيد الخدريّ قال : « أهل البيت الذين أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، فعدّهم في يده ، فقال : خمسة : رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين »(٤) .

( هادي هادي ـ السعودية ـ )

منشأ ألقابهم :

س : أرغب بسرد موجز عن سبب تسمية الأئمّة عليهم‌السلام بألقاب الزكي والصادق والرضا ، فليكن لجميعهم.

ج : إنّنا اتبعنا في ذلك النصّ الوارد عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ففي رواية جابر بن عبد الله الأنصاري ـ المروية في كتاب الغيبة ـ أنّه : « سمّاهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولقّبهم بهذه الألقاب »(٥) .

أمّا لماذا اختصّ هذا الإمام بهذا اللقب ، وذاك بذاك اللقب ، مع أنّهم جميعاً

__________________

١ ـ المستدرك ٢ / ٤١٦.

٢ ـ شواهد التنزيل ٢ / ٨٦ و ١٢٤ ، الدرّ المنثور ٥ / ١٩٨ ، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ١٤٥.

٣ ـ صحيح مسلم ٧ / ١٢٣.

٤ ـ مجمع الزوائد ٩ / ١٦٥.

٥ ـ الغيبة للشيخ الطوسيّ : ١٤٣.

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518