موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٢

موسوعة الأسئلة العقائديّة11%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-02-7
الصفحات: 518

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 518 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 253741 / تحميل: 6679
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٢-٧
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

المدينة الشرقي.

وحرّة واقم هذه هي التي حصلت فيها وقعة الحرّة سنة 62 هـ، بين أهل المدينة المنورة وكلهم من الصحابة وأبنائهم، وبين جيش الحاكم الفاجر يزيد بن معاوية.

4 - ثبت في الصحيح عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه كان يخرج مراراً إلىٰ البقيع لزيارة قبور المؤمنين المدفونين هناك، أخرج مسلم من حديث عائشة، أنّها قالت: كلما كان ليلتها من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخرج من آخر الليل إلىٰ البقيع، فيقول: « السلام عليكم دار قوم مؤمنين.. » الحديث (1) .

5 - أخرج ابن أبي شيبة: أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يأتي قبور الشهداء بأُحد علىٰ رأس كل حول، فيقول: « السلام عليكم بما صبرتم، فَنِعْمَ عقبىٰ الدار » (2) .

6 - وفاطمة في حياة أبيها: ثبت في الصحيح عن فاطمة الزهراء البتول عليها‌السلام انّها كانت في حياة أبيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تخرج في كل جمعة لزيارة قبر عمها حمزة بن عبد المطلب، فتصلّي وتبكي عنده.

أخرجه البيهقي، والحاكم (3) ، وقال الحاكم معقباً علىٰ الحديث: هذا الحديث رواته عن آخرهم ثقات، وقد استقصيت في الحث علىٰ زيارة القبور تحرياً للمشاركة في الترغيب، وليعلم الشحيح بذنبه أنها سنّة مسنونة، وصلىٰ الله علىٰ محمد وآله أجمعين (4) .

_________________________________

(1) صحيح مسلم 2: 363 / 102 - كتاب الجنائز -، وسنن ابن ماجة 1: 485 / 1546.

(2) أخرجه الأميني في الغدير 5: 258 عن ابن عابدين في ردّ المختار علىٰ الدر المختار 1: 604 - 605.

(3) السنن الكبرىٰ للبيهقي 4: 78، المستدرك علىٰ الصحيحين 1: 533 / 1396.

(4) المستدرك علىٰ الصحيحين 1: 533 / 1396.

٢١

أهداف الزيارة:

ماذا يجد الزائر في سريرته وهو يزور القبور، أو يتوجه لزيارتها؟! ما هي الدوافع التي تحركه صوب هذا الفعل؟ وعلىٰ نحوٍ أكثر تحديداً، هل عرّف التشريع شيئاً من الأهداف التي يرجىٰ تحققها من خلال زيارة القبور، أو زيارة قبر بعينه؟

هذا بدوره إن وجد سيكشف عن فضائل الزيارة وما يرتجىٰ منها من ثمرات في دنيا المرء وأُخراه.

إنّ كل الأهداف المتعلقة بالزيارة هي مستفادة بشكل مباشر من السنّة النبوية المطهرة، ومن ذلك يمكن أن نجمل هذه الاهداف بما يلي:

1 - الخشوع وتذكّر الموت والآخرة، وهذه أهداف لا غنىٰ لمؤمن عنها، ومهما كان عليه أن يستحضرها في كثير من أوقاته، غير أنّ أشياء بعينها ذات أثر مباشر في استحضار هذه المعاني، ستكون لها أهميتها الكبيرة بحسب مقدار ما تحققه من ذلك.. ولا شك في أن الوقوف بين القبور بتأمّل، أو عند قبر خاص، له أكبر الأثر في إحياء تلك المعاني في القلوب، وعلىٰ نحو ربّما لا يضاهيه فيه فعل آخر، إلّا تشييع جنازة ميت والوقوف عنده ساعة دفنه.

وفي تحقق هذه المعاني من وراء الزيارة جاء حديث نبوي كثير، منه:

- قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إنّي نهيتكم عن زيارة القبور، فمن شاء أن يزور قبراً فليزره، فإنّه يُرقُّ القلب، ويُدمع العين، ويذكّر الآخرة.. ولا تقولوا هُجراً » .

أخرجه أحمد والبيهقي، وصححه الحاكم والذهبي (1) .

_________________________________

(1) مسند أحمد 4: 119 / 13075، 140 / 13203، السنن الكبرىٰ 4: 77،

٢٢

- قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « فزوروا القبور فإنّها تذكّر - أو تذكركم - الموت » .

أخرجه مسلم وأحمد وابن ماجة وأبو داود والنسائي والحاكم وغيرهم (1) .

- وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « زُر القبور تذكر بها الآخرة » .

صححه الحاكم في المستدرك (2) .

- وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إنّي نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإن فيها عبرة » .

أخرجه أحمد والبيهقي، وصحَّحه الحاكم والذهبي (3) .

- قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « كنتُ نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإنّها تزهّد في الدنيا، وتذكّر الآخرة » .

أخرجه ابن ماجة (4) .

2 - الدعاء للميت: هذا السلوك الأخلاقي الرفيع، الذي يحفظ كرامة المسلم في مجتمعه حتىٰ بعد موته، ويربّي في المسلمين روح الاخاء والحب والمودة وأداء حقوق الآخرين التي لا تنقطع برحيلهم من الدنيا، لهو واحد من الجوانب التربوية والاجتماعية الراقية التي تميز بها نظام الأخلاق في الإسلام.

ويشغل الدعاء للموتىٰ عند زيارتهم المساحة الأكبر في أدب الزيارة،

_________________________________

المستدرك 1: 532 / 1393.

(1) صحيح مسلم 2: 365 / 106 - كتاب الجنائز -، مسند أحمد 3: 186 / 9395، سنن ابن ماجة 1: 501 / 1572، سنن أبي داود 3: 218 / 3234، سنن النسائي 1: 654 / 2161، المستدرك 1: 531 / 1388.

(2) المستدرك 1: 533 / 1395.

(3) مسند أحمد 3: 427 / 10936، السنن الكبرىٰ 4: 77، المستدرك 1: 530 / 1368.

(4) سنن ابن ماجة 1: 492 / 1571.

٢٣

كما هو ملاحظ في النصوص المأثورة في زيارة القبور.

- فكثيراً ما كان الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقف عند قبور المسلمين فيقول: « السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون » ويأمر أصحابه بذلك متىٰ مرّوا بالقبور أو قصدوها بالزيارة (1) .

- وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مؤكداً هذا المعنىٰ: « نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، واجعلوا زيارتكم لها صلاةً عليهم واستغفاراً لهم » (2) .

- وكثيراً ما جمع صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين الهدفين: السلام علىٰ الميت، والعبرة، ومنه قوله المشهور والوجيز المذكور أولاً في هذه الفقرة: « السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون » .

- ومنه قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ألا فزوروا إخوانكم، وسلّموا عليهم، فإنّ فيها عبرة » (3) .

- وفي المأثور عن أمير المؤمنين عليه‌السلام الجمع بين الغرضين، فقد كان عليه‌السلام إذا دخل المقبرة قال: « السلام عليكم يا أهل الديار الموحشة، والمحالّ المقفرة، من المؤمنين والمؤمنات.. اللّهم اغفر لنا ولهم، وتجاوز بعفوك عنّا وعنهم.. الحمد لله الذي جعل لنا الأرض كفاتاً، أحياءً وأمواتاً، والحمد لله الذي منها خلقنا.. وإليها معادنا، وعليها يحشرنا.. طوبىٰ لمن ذكر المعاد، وعمل

_________________________________

(1) انظر: صحيح مسلم / 102 و 103 - كتاب الجنائز -، مسند أحمد / 8661، سنن الترمذي 3: 370 / 1053، سنن البيهقي 4: 79.

(2) المعجم الكبير / الطبراني 2: 94 / 1419، مجمع الزوائد 3: 58.

(3) مجمع الزوائد 3: 58.

٢٤

الحسنات، وقنع بالكفاف، ورضي عن الله عزّوجلّ » (1) .

3 - أداء حقوق الموتىٰ: وهذا ما نلحظه بوضوح في فحوىٰ الخطاب في الحديث النبوي الشريف الآنف الذكر: « ألا فزوروا إخوانكم، وسلّموا عليهم » ففيه إشارة في غاية الوضوح إلىٰ أن لاخواننا الموتىٰ حقوقاً علينا، ينبغي علينا أداؤها بزيارتهم والتسليم عليهم، ولمزيد من الترغيب في ذلك يذكّرنا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأن ذلك سيعود علينا أيضاً بالنفع الكبير: « فإنّ فيها عبرة » .

ولاشك في أنّ لبعض الموتىٰ حقوقاً خاصةً علىٰ البعض، تتأكد معها الزيارة، وكلّما تعاظمت الحقوق أصبح لهذه الزيارة شأن أكبر ومرتبة أرفع.. ولاشك في أنّ للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علىٰ أبناء أمّته أثبت الحقوق وأعظمها، الأمر الذي يجعل قصد أحدهم زيارته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من القربات المهمّة في حياته.

وهذا ما أكّده حديث أهل البيت عليهم‌السلام في هذا الشأن:

فعن الإمام الرضا عليه‌السلام : « إنّ لكلِّ إمام عهداً في عنق أوليائهم وشيعتهم، وإنّ من تمام الوفاء بالعهد وحسن الأداء، زيارة قبورهم.. » الحديث (2) .

4 - قصد القربىٰ والثواب: القربىٰ والثواب، المترتبان قطعاً، مع خلوص النية وصحة الفعل، علىٰ الزيارة التي يؤدّيها المسلم تحت أي واحد من العناوين المتقدمة، قد يكون هو الآخر بنفسه غرضاً للزيارة وعنواناً لها، فيقصد المسلم التقرب إلىٰ الله تعالىٰ ونيل الثواب بزيارة قبور المؤمنين، أو قبر واحد بعينه. وذلك لما انطوت عليه الزيارة من فضائل ومستحبات لا تنفصل عنها.

_________________________________

(1) العقد الفريد 3: 11، الغدير 5: 249.

(2) تهذيب الأحكام 6: 78 - 79 / 3.

٢٥

فالزيارة وإن كانت بقصد القربىٰ فإنّ مقاصدها الرئيسية الثلاثة متحققة فيها علىٰ أي حال؛ من العبرة، والدعاء للميت، وأداء حقّه.

أمّا زيارة قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأنبياء والمرسلين والأئمة الطاهرين فهي من القربات الأكيدة، كما ستأتي في ذلك الأحاديث الشريفة وكلمات الأعلام من علماء المسلمين.

وفي ( شفاء السقام ) جعل الزيارة من حيث مقاصد الزائرين أربعة أقسام، فذكر الثلاثة الأولىٰ التي استفدناها نحن من الحديث الشريف مباشرةً، ثمَّ جعل الرابع: التبرك بأهلها إذا كانوا من أهل الصلاح والخير.. وقال: مقصودنا أنّ زيارة قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وغيره من الأنبياء والمرسلين للتبرك بهم مشروعة، وقد صرّح به (1) .

فضل الزيارة وعوائدها علىٰ الزائر والمَزور:

هكذا تعود الزيارة بفضائل جمّة علىٰ الفرد الزائر، وعلىٰ المجتمع الذي تسود فيه هذه القربة، من خلال تحقيق فرصة لا غنىٰ عنها في احياء القلوب بذكر الله تعالىٰ، وبذكر الموت والآخرة، وعلىٰ مستوىٰ قد لا يحققه شيء آخر إلّا نادراً.. وفي هذا المعنىٰ جاء حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ما رأيت منظراً إلّا والقبر أفظع منه » (2) .

وتحقق، من ناحية أخرىٰ، روح احترام حقوق المؤمنين، بعضهم لبعض،

_________________________________

(1) شفاء السقام 86 - 87.

(2) المستدرك علىٰ الصحيحين 1: 526 / 1373.

٢٦

أحياءً وأمواتاً، وأدائها. ولهذا ما لا يخفىٰ من الآثار الايجابية علىٰ الفرد والمجتمع.

ومن ناحية ثالثة فإنّ زيارة الأنبياء والأئمة والصالحين تزيد وتعمّق أواصر الارتباط بهم، وتجدد في النفوس روح الاقتداء بهم، وإحياء آثارهم الجليلة علىٰ الانسانية، وأعمالهم الصالحة، ومكارم أخلاقهم.. وقد لا ينهض أي عمل آخر بما تنهض به الزيارة من تقوية شعور الزائر بقربه من المزور، وما يوفره ذلك من مقدمات الاقتداء التام، وإحياء الذكر علىٰ الدوام.

ومن ناحية رابعة فإنّ تعهد أضرحة الانبياء والصالحين بالزيارة سيضمن الاعتناء بهذه الأضرحة وعمارتها، وبالإضافة إلىٰ ما يحققه ذلك من ذكرىٰ في القلوب، فإنّه يعد علامة واضحة علىٰ حياة الأمّة وعمق اتصالها بقادتها الذين بذلوا حياتهم في صناعة مجدها وماضيها، وهذه من المعالم الحضارية المهمة التي تعنىٰ بها سائر الأمم.

هذا غير الثواب الجزيل الذي يعود علىٰ الزائر من زيارته التي يرعىٰ فيها السنن والآداب التي وضعها الإسلام لهذه القربة:

عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال: « مَنْ مرَّ علىٰ المقابر فقرأ قل هو الله أحد إحدىٰ عشر مرّة، ثمَّ وهب أجرها للأموات، أُعطي من الأجر بعدد الأموات » (1) .

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « مَنْ زار قبر أبويه أو أحدهما كلَّ جمعةٍ غُفِر له » (2) .

وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن البصري أنّه قال: من دخل المقابر، فقال: « اللهم ربّ هذه الأجساد البالية، والعظام النخرة التي خرجت من الدنيا وهي بك

_________________________________

(1) كنز العمال / 42596 رواه الدارقطني، إتحاف السادة المتقين 10: 371.

(2) مجمع الزوائد 3: 59، كنز العمال / 45486، 45487.

٢٧

مؤمنة، أدخل بها رَوحاً من عندك وسلاماً منّي » استغفر له كل مؤمن مات منذ خلق الله آدم.

وعن ابن أبي الدنيا أنّه من قال ذلك كُتب له بعدد من مات من ولد آدم إلىٰ أن تقوم الساعة حسنات (1) .

هذه بإيجاز صورة عن فضائل الزيارة وعوائدها علىٰ الزائر، وسيأتي لاحقاً حديث كثير في فضل زيارة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة الأطهار، والتي من أبرزها نيل شفاعتهم يوم القيامة.. وأكبِر بها من عائدة.

أمّا عوائد الزيارة علىٰ الأموات فهي من أهم ما أوصت به الشريعة أداءً لحقّهم، لما ينالهم منها من فضل وبركات. وقد تقدم حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يأمر أصحابه بزيارة قبور إخوانهم وأن يجعلوا زيارتهم دعاءً للأموات واستغفاراً لهم، وقد كان هو صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يفعل ذلك.

وفي حديث أنس بن مالك: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من دخل المقابر وقرأ سورة يس خفّف الله عنهم يومئذٍ العذاب، ورفعه » .

وعن أنس أيضاً أنّه سأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا رسول الله إنّا نتصدّق عن موتانا، ونحجّ عنهم، وندعو لهم، فهل يصل ذلك إليهم؟ فقال: « نعم، لَيَصِل ذلك إليهم، ويفرحون به كما يفرح أحدكم بالطبق إذا أهدي إليه » (2) .

ومن حديث عثمان بن عفان: مرَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بجنازة عند قبر وصاحبه يدفن، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « استغفروا لأخيكم وسلوا الله له التثبيت، فإنّه الآن يُسأل »

_________________________________

(1) الغدير 5: 257.

(2) أخرجها الأميني في الغدير 5: 257 عن مراقي الفلاح: 121.

٢٨

صحّحه الحاكم والذهبي (1) .

والحديث في هذا الشأن كثير وكثير، وهو يعطف بنا علىٰ موضوع مهم، موضوع ليس فيه خلاف بين أهل الأديان قاطبة، ألا وهو موضوع الحياة بعد الموت، وما اصطلح عليه بالبرزخ.

والذي عليه اتفاق كلمة المسلمين أنّ الروح في البرزخ تعيش نصيبها من الآخرة، إمّا في نعيم، وإمّا في شقاء، وذلك منذ المساءلة بعد الموت، وحتىٰ يوم البعث والنشور.

وقد تحدّث القرآن الكريم عن حقيقة حياة الشهداء بعد موتهم، فقال: ( وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) (2) .

وقال تعالىٰ: ( وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ ) (3) .

والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: « ما من أحد منكم يُسلّم عليَّ إلّا ردَّ الله عليَّ روحي حتىٰ أردَّ عليه‌السلام » (4) .

وليس الأمر خاصّاً بالأنبياء والشهداء، فالأرواح من حيث هي أرواح سواء في ما تتعرض له من أسباب البقاء، والأخبار متواترة في تعرضها للنعيم أو الشقاء

_________________________________

(1) المستدرك علىٰ الصحيحين 1: 526 / 1372.

(2) سورة آل عمران: 3 / 169 - 170.

(3) سورة البقرة: 2 / 154.

(4) مسند أحمد 2: 527، السنن الكبرىٰ للبيهقي 5: 245.

٢٩

بعد الموت، تأنس إذا ذكرت بخير، ويعود عليها ما يهدىٰ إليها من الأعمال الصالحة بالنفع والبركة - والحديث في هذا كثير وكثير - نذكر غير ما تقدّم:

- قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ما مِنْ رجل يزور قبر أخيه ويجلس عنده إلّا استأنس به » (1) .

- وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ما مِنْ أحد يمرُّ بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا فيسلّم عليها إلّا عرفه وردّ عليه‌السلام » (2) .

- وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد جاءه رجل فسأله: إنّ أبي مات وعليه حجة الإسلام، أفأحجُّ عنه؟

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أرأيت لو أنّ أباك ترك دَيناً عليه، أقضيته عنه؟ » قال: نعم. قال: « فاحجج عن أبيك » (3) .

هكذا ينتفع موتانا بدعائنا واستغفارنا لهم، وما نهديه إليهم من ثواب الأعمال الصالحة، ويستأنسون بالتسليم عليهم، وبقراءة القرآن عندهم، فما أحرىٰ أن نذكرهم بذلك كله، ونحن المحتاجون إلىٰ مثله في غد، ولا ندري لعله منّا قريب، ومهما بعُد عنّا فإنّنا سائرون إليه وإنّه لبالغنا، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.

_________________________________

(1) إتحاف السادة المتقين 10: 365، كنز العمال / 42601.

(2) إتحاف السادة المتقين 10: 365، الحاوي للفتاوي / السيوطي 2: 302.

(3) سنن الدارقطني 2: 260، السنن الكبرىٰ / البيهقي 4: 256.

٣٠

الفصل الثاني

زيارة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل البيتعليهم‌السلام في الحديث الشريف

زيارة قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

إذا كان في زيارة الميِّت من تجديد العهد معه والإحساس بالقرب منه ما لا يخفىٰ من الأثر، وإذا كان في زيارة العظماء إحياءً لروح التأسِّي والاقتداء.. فإنّ ذلك كلُّه أولىٰ أن يكون مع سيِّد البشر وخاتم الأنبياء صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة الهداة من أهل بيته الذين أمر بحبِّهم والاقتداء بهم..

وإذا كان في زيارة القبور عائدة ثوابٍ علىٰ الزائر، فإنّها في زيارة النبي وآله أكبر وأكبر.

وفي كلِّ هذه الأبعاد جاء عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعنهم عليهم‌السلام حديث كثير، يعلِّمون الأمّة فيه شيئاً من آداب الإسلام ومن مفاتح أبواب الخير.

وربَّما وقع الكلام في أسانيد بعض هذه الأحاديث، ممّا اضطرنا إلىٰ الإطالة

٣١

نسبياً في مناقشة أسانيد وطرق ما اعتمدناه هنا، حتىٰ إذا حقَّقنا القدر الكافي من الدلالة علىٰ صحّة الاحتجاج بهذه الأحاديث، مِلنا إلىٰ الاختصار والتركيز.

ونبدأ هنا بما ورد عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في زيارة قبره الشريف:

الحديث الأول:

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من زار قبري وجبت له شفاعتي » (1) .

والكلام أولاً في سند الحديث:

قال الدارقطني: حدّثنا القاضي المحاملي، ثنا عبيد بن محمد الوراق، ثنا موسىٰ بن هلال العبدي، عن عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الحديث..

وهذا الإسناد صحيح، رجاله ثقات، بلا خلاف، وإنّما وقع الكلام في عبيدالله بن عمر، وهو ثقة أيضاً، غير أنّ بعضهم رواه عن عبدالله، أخي عبيدالله، وهو دون أخيه (2) ، وبهذا تمسّك من ذهب إلىٰ تضعيف الحديث.

غير أنّ الثابت في جميع نسخ سنن الدارقطني « عبيدالله » مصغّراً، وهكذا رواه الدارقطني في غير السنن أيضاً، وكذلك أورده أبو اليمن زيد ابن الحسن في كتابه ( إتحاف الزائر وإطراف المقيم المسافر في زيارة سيدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ). وهكذا

_________________________________

(1) سنن الدارقطني 2: 278 / 194، السنن الكبرىٰ / البيهقي 5: 245، شعب الإيمان / البيهقي 3: 49، الأحكام السلطانية / الماوردي: 109، نيل الأوطار / الشوكاني 5: 108.

(2) هو عبد الله بن عمر بن حفص، بن عاصم بن عمر بن الخطاب، أبو عبد الرحمن العمري، خرج مع محمد ذي النفس الزكية بن عبد الله بن الحسن المثنىٰ في ثورته علىٰ المنصور، فحبسه المنصور أخرجه عنه، توفي سنة 171 وقبل 173هـ. ويأتي الكلام في أقوال أهل الجرح والتعديل فيه لاحقاً.. تهذيب التهذيب 5: 285 - 286.

٣٢

رواه أيضاً الحافظ أبو الحسين القرشي في كتابه ( الدلائل المبينة في فضائل المدينة ). وهكذا أيضاً رواه الخلعيّ عن الدارقطني، وأورده ابن عساكر عن الخلعيّ، كلهم يذكرون « عبيدالله » مصغّراً. فاتفقت الرواية بهذا الاسناد عن « عبيدالله » (1) .

وهكذا في رواية البيهقي بإسناده الذي يلتقي مع إسناد الدارقطني في عبيد بن محمد الوراق، وفيه « عبيدالله » المصغّر (2) .

وعبيدالله هو عبيدالله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، من صغار التابعين، ولد بعد سنة 70 هـ، سمع الحديث من سالم بن عبدالله بن عمر، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، ونافع مولى عمر، وكان ملازماً له، وقد سئل أحمد ابن حنبل عن مالك بن أنس، وأيوب السختياني، وعبيدالله بن عمر، أيّهم أثبت في نافع؟ قال: عبيدالله أثبتهم وأحفظهم وأكثرهم رواية (3) .

وقد ورد الحديث بنحو هذا اللفظ عن عبدالله بن عمر بن الخطاب من طريق آخر، أخرجه البزار في مسنده، قال: حدَّثنا قتيبة، ثنا عبدالله بن إبراهيم الغفاري، ثنا عبدالرحمن بن زيد، عن أبيه، عن ابن عمر، قال، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من زار قبري حلّت له شفاعتي » .

قال الهيثمي: وفيه عبدالله بن إبراهيم الغفاري، وهو ضعيف (4) .

والغريب من الحافظ ابن كثير وهو يتصدىٰ لجمع المسانيد والسنن أنه لا

_________________________________

(1) انظر: شفاء السقام / السبكي: 2 - الطبعة الثانية / حيدر آباد الدكن - 1402 / 1982.

(2) شعب الإيمان / البيهقي 3: 490.

(3) سير أعلام النبلاء 6: 304 - 305.

(4) مجمع الزوائد 4: 2.

٣٣

يروي هذا الحديث في مسند ابن عمر إلّا من هذا الطريق، طريق عبدالله بن إبراهيم الغفاري، ويترك الطريق الذي اعتمده الدارقطني، والآخر الذي اعتمده البيهقي (1) ، أما محقق كتاب ابن كثير، هذا، فلم يزد علىٰ أن أورد تعليقة الهيثمي في تضعيف الغفاري، دون أن يذكر طريقاً آخر للحديث (2) .

وأما صاحب ( موسوعة أطراف الحديث النبوي الشريف ) فقد أخرج الحديث بلفظه عن سنن الدارقطني، و ( الكنىٰ والاسماء ) للدولابي، و ( مجمع الزوائد ) للهيثمي، و ( تلخيص الحبير ) لابن حجر، و ( الدر المنثور ) للسيوطي، و ( إتحاف السادة المتقين ) للزبيدي، و ( كنز العمال ) للمتقي الهندي، و ( تذكرة الموضوعات ) للفتني، و ( الدرر المُنتثرة في الأحاديث المشتهرة ) للسيوطي، و ( الكامل في الضعفاء ) لابن عدي (3) . ولم يشر إلىٰ رواية البيهقي في ( السنن الكبرىٰ ) ولا في ( شعب الإيمان ) المؤيدة لرواية الدارقطني، وهما من مصادر كتابه (4) .

الحديث بلفظ آخر

وقد جاء بإسناد آخر، وبلفظ مقارب جداً للأول، وفيه « عبيدالله » المصغر أيضاً:

قال السبكي: ورواه عن موسىٰ بن هلال جماعة، منهم: جعفر بن محمد البزوري:

قال العقيلي في كتابه: ثنا محمد بن عبدالله الحضرمي، ثنا جعفر بن محمد

_________________________________

(1) انظر: جامع المسانيد والسنن 28: 130 / 244.

(2) جامع المسانيد والسنن 28: 130.

(3) موسوعة أطراف الحديث 8: 286.

(4) انظر: المصدر نفسه 1: 21 رقم 145 و 146.

٣٤

البزوري، ثنا موسىٰ بن هلال البصري، عن عبيدالله، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من زار قبري فقد وجبت له شفاعتي » قال السبكي: هكذا رأيته في نسخة « عبيدالله » (1) .

غير أنّ الطبعة المحقَّقة من كتاب العقيلي ( الضعفاء الكبير ) قد جاء فيها « عبدالله » مكبّراً، دون أن يشار إلىٰ النسخة التي فيها « عبيدالله » (2) .

وقد روىٰ بعضهم هذا النصّ عن « عبدالله »، وفيها: « محمد بن إسماعيل بن سَمُرة الأحمسي، ثنا موسىٰ بن هلال العبدي، عن عبدالله ابن عمر » بالتكبير، فردّه جماعة، منهم الحافظ يحيىٰ بن علي القرشي، وذكر أن الصواب « عبيدالله ». ومنهم: الحافظ ابن عساكر، قال: المحفوظ عن ابن سَمُرة « عبيدالله » (3) .

ويشهد لذلك كله رواية مسلمة الجهني عن عبيدالله العمري « المصغّر »:

أخرج الطبراني عن مسلمة بن سالم الجهني: حدّثني عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن سالم، عن ابن عمر، قال، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من جاءني زائراً، لا تُعمله حاجة إلّا زيارتي، كان حقّاً عليّ أن أكون له شفيعاً يوم القيامة » (4) .

وذكره آخرون بهذا الإسناد، منهم: يحيىٰ بن علي القرشي، عن الخلعيّ. وصححه سعيد بن السكن (5) . وحديث مسلمة الجهني أخرجه ابن كثير وذكر فيه « عبدالله » بدل عبيدالله (6) .

_________________________________

(1) شفاء السقام: 6.

(2) الضعفاء الكبير 4: 170 ترجمة موسىٰ بن هلال، وشفاء السقام - الطبعة الرابعة ( محققة ): 70.

(3) شفاء السقام: 8.

(4) المعجم الكبير / الطبراني 12: 255 / 13149.

(5) انظر: شفاء السقام: 16 - 20 الحديث الثالث.

(6) جامع المسانيد والسنن 28: 259 / 513.

٣٥

وأخرجه الهيثمي أيضاً، واكتفى في التعليق عليه بالقول: فيه مسلمة بن سالم وهو ضعيف. ومنه يظهر أنّ الذي عند الهيثمي « عبيدالله » الثقة، ولذا اكتفىٰ بتضعيف مسلمة ولم يذكر عبدالله، ولو كان قد وقع في إسناده لما ترك ذكره، ولما اكتفىٰ في تضعيف الحديث بتضعيف أحد رواته دون الآخر.

وضعف مسلمة لا يقدح في كونه قد رواه عن عبيدالله، فلم يكن مسلمة مدلساً، ولا وضّاعاً، غاية ما في الأمر أنه لم يتقن الحفظ، أو نحو ذلك من أسباب التضعيف.

من كل هذا تصبح الرواية عن « عبيدالله » هي الراجحة، وبعد هذا فإنّ الجمع بين الروايتين ممكن جداً، فلا مانع من أن يكون بعضهم قد روىٰ الحديث عن عبدالله مرّة، وعن عبيدالله مرّة أخرىٰ، فهما أخوان عاشا في طبقة واحدة، وكلاهما حدّث عن نافع، غاية ما في الأمر أن عبيدالله أرفع درجة وأثبت في الحديث من أخيه.

ومع هذا فلم يكن « عبدالله » عندهم ساقط الحديث أو متروكاً، بل فيهم من مدحه وأثنىٰ عليه:

فقد قال فيه أحمد بن حنبل: صالح. وقال أبو حاتم: رأيت أحمد بن حنبل يحسن الثناء عليه.

وقال ابن عدي: لا بأس به، صدوق. وقال يحيىٰ بن معين: ليس به بأس، يكتب حديثه، وقال: إنه في نافع صالح.

وفي القول الاَخير تزكية خاصة لأحاديثه عن نافع، وهذا الحديث منها.

وقال ابن عمّار الموصلي: لم يزكِّه أحد إلّا يحيىٰ بن سعيد.. وقال أحمد بن يونس: لو رأيت هيأته لعرفت أنّه ثقة.. وقال الخليلي: ثقة، غير أنّ الحفّاظ لم يرضوا

٣٦

حفظه، وقول ابن معين فيه إنّه صُويلح، إنّما حكاه عن إسحاق الكوسج، وأمّا عثمان الدارمي فقال عن ابن معين: صالح ثقة.

وقال ابن حبان: كان ممن غلب عليه الصلاح حتىٰ غلب علىٰ ضبط الأخبار والحفظ للآثار، تقع المناكير في روايته، فلما فحش خطؤه استحق الترك (1) .

وهذا غاية ما قيل فيه من التضعيف، غير أنه معارض بما سبق أولاً، وبالخصوص في أحاديثه عن نافع، ومرودود ثانياً بإخراج مسلم له مقروناً بغيره، في المتابعات (2) ، كما أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة. وقد أورد له ابن أبي شيبة في مسنده حديثاً، فقال: هذا حديث حسن الإسناد (3) .

وعلىٰ هذا فالحديث في درجة الصحيح، وإذا انحصرت روايته في « عبدالله » وحده فهو حديث حسن، لا ينزل عن هذه الدرجة، والعمل بالحديث الحسن مما لا خلاف فيه.

ويشهد لذلك أيضاً ما نقله السبكي عن عبدالحق (4) ، قال: رواه عبدالحق رحمه الله في « الأحكام الوسطىٰ والصغرىٰ » وسكت عنه، وقد قال في خطبة « الأحكام الصغرىٰ » إنه تخيرها صحيحة الإسناد، معروفة عند النقاد، قد نقلها الأثبات، وتداولها الثقات.

وقال في خطبة « الوسطىٰ » وهي المشهورة اليوم بـ « الكبرىٰ »: إن سكوته عن

_________________________________

(1) تهذيب التهذيب، 5: 285 / 564.

(2) شفاء السقام: 9.

(3) تهذيب التهذيب 5: 285 / 564.

(4) وهو عبدالحق بن عبدالرحمن الأندلسي الإشبيلي، ابن الخرّاط. وصفه الذهبي بالإمام الحافظ البارع المجوّد العلّامة، كان فقيهاً حافظاً، عالماً بالحديث وعِلله، عارفاً بالرجال. له مصنّفات متقنة في الأحكام والحديث وغيرها. توفي سنة 580هـ ( سير أعلام النبلاء 21: 189 - 199 ).

٣٧

الحديث دليل علىٰ صحته (1) .

تلخّص لدينا من هذا البحث أربعة أحاديث يقوّي بعضها بعضاً، وهي:

1 - « من زار قبري وجبت له شفاعتي » وهو حديث صحيح، أو حسن.

2 - « من زار قبري فقد وجبت له شفاعتي » .

3 - « من جاءني زائراً، لا تُعمله حاجة إلّا زيارتي، كان حقّاً عليّ أن أكون له شفيعاً يوم القيامة » .

والأحاديث الثلاثة مروية عن « عبيدالله » المصغّر بطرق عديدة، ومثلها عن « عبدالله ».

4 - قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من زار قبري حلّت له شفاعتي » وهو المحفوظ من رواية عبدالله بن إبراهيم الغفاري.

وفي الباب حديث خامس عن ابن عمر أيضاً، رواه الدارقطني في سننه وفي « العلل »، وأحمد في مسنده:

5 - عن جعفر بن محمد الواسطي، ثنا موسىٰ بن هارون، ثنا محمد بن حسن الختلي، ثنا عبدالرحمن بن المبارك، ثنا عون بن موسىٰ، عن أيّوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من زارني إلىٰ المدينة كنت له شفيعاً وشهيداً » (2) .

وقال موسىٰ بن هارون، وهو الرجل الثاني في سند الحديث: ورواه إبراهيم

_________________________________

(1) شفاء السقام: 10 - 11.

(2) مسند أحمد 2: 74، سنن الدارقطني 3: 287 / 194، وشفاء السقام: 29 عن « العلل » للدارقطني.

٣٨

ابن الحجاج، عن وهب، عن أيوب، عن نافع مرسلاً (1) .

هذا من حيث إسناد الحديث وتوابعه وشواهده.

والكلام ثانياً في دلالة الحديث:

ولا غموض في دلالة هذا الحديث وشواهده، ولا غبار عليها، فقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « وجبت » أو « حلّت » معناه ثبتت وحقّت ولزمت، وأنه لابدّ منها.

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « وجبت له شفاعتي » أو ما جاء في نحو هذا اللفظ يعني أن الزائرين سيدخلون لزوماً في من تناله شفاعته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم القيامة، وهذا المعنىٰ يتضمن البشرىٰ بأنّ زائر قبر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا كان صادقاً في قصده لن يموت إلّا علىٰ الإسلام. ونعمت البشرىٰ...

أو أن يراد به الزائر لقبره قربة واحتساباً تناله شفاعة خاصة، غير تلك الشفاعة العامة التي تنال عموم المسلمين، بسبب الزيارة وبفضلها.

وفي كلا الدلالتين من الفوز والفضل الكبير ما هو جدير في احتلال مكانة مهمة في اهتمامات المؤمن، وهو يتحرىٰ القربة عند الله والزلفىٰ لديه، انّه لفوز حقيق أن يتنافس فيه المتنافسون.

الحديث الثاني:

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من زارني بعد موتي كان كمن هاجر إليّ في حياتي، فإن لم تستطيعوا فابعثوا إليّ بالسلام، فإنه يبلغني » .

_________________________________

(1) شفاء السقام: 29.

٣٩

من حديث الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، رواه الإمام جعفر الصادق عن آبائه، عن علي عليه‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال الشيخ الطوسي: محمد ابن أحمد بن داود (1) عن أبي أحمد إسماعيل بن عيسى بن محمد المؤدب (2) ، قال: حدَّثنا إبراهيم بن محمد بن عبدالله القرشي (3) ، قال: حدَّثنا محمد بن محمد بن الأشعث بن هيثم بمصر (4) ، قال: حدَّثنا أبو الحسن موسىٰ (5) بن إسماعيل بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عليه‌السلام قال: حدَّثني أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن علي عليه‌السلام ، قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من زار قبري بعد موتي كان كمن هاجر إليّ في حياتي، فإن لم تستطيعوا، فابعثوا إليّ بالسلام فإنه يبلغني » (6) .

وهذا حديث إسناده جيد، فهو حديث حسن إن لم يكن صحيحاً، لعدم التصريح بوثاقة إسماعيل المؤدّب وإبراهيم القرشي، فهو حديث قائم بنفسه صالح للاحتجاج علىٰ ما تضمنه من استحباب زيارة قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وله شواهد

الأول: شاهد قوي من حديث حاطب بن أبي بلتعة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال:

_________________________________

(1) شيخ القميين في وقته، ولم يُرَ أحد أحفظ ولا أفقه ولا أعرف بالحديث منه. رجال النجاشي: 384 رقم 1045.

(2) لم يذكر بتضعيف ولا توثيق. معجم رجال الحديث 3: 164.

(3) لم يذكر بتضعيف ولا توثيق. معجم رجال الحديث 1: 285 رقم 269.

(4) ثقة سكن مصر. رجال النجاشي: 379 رقم 1013.

(5) من أصحاب التصانيف، له كتاب ( جامع التفاسير ) وكتاب ( الوضوء ). رجال النجاشي 410 / 1019.

(6) تهذيب الأحكام / الشيخ الطوسي 6: 3 / 1.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

صادقون وباقرون وكاظمون و ..؟ فلعلّه ناظر إلى تلك الظروف التي كان يعيشها الإمامعليه‌السلام ، فمثلاً الإمام الباقرعليه‌السلام كان يعيش في ظرف فسح له المجال لانتشار علم الأئمّة ، فكأنّه أتى بجديد على الناس ، ولم يسمعوا به بهذا التفصيل من ذي قبل ، خاصّة من كثرة الوقائع وتوسّع المسائل ، فعرف بالباقر لبقره وشقّه للعلم ، وفتقه لمسائل العلم وتعمّقه فيها ، وكشفه عن خفاياها وكنوزها.

وهكذا الإمام الصادقعليه‌السلام ، فإنّه عاش في ظرف كثر فيه العلماء ، وانتشرت فيه العلوم ، ممّا أدّى إلى اختلاط كبير بين الروايات والفتاوى الصادرة من بعض علماء المدارس والمذاهب الأُخرى ، فاحتاجت الساحة العلمية إلى من يفرز الفكر الأصيل على مستوى الرواية عن غيرها ، فتصدّى الإمام الصادقعليه‌السلام لهذا الدور بشكل مركّز ، وباعتبار عظمة الثقة به ، ولقدرة تمييزه الصحيح من غيره عرف بالصادق.

إذاً لعلّ مثل هذه الظروف كان لها سهم كبير في ظهور هذه الصفة في هذا الإمام أكثر من ذلك ، وإلاّ من حيث المبدأ كلّهم متساوون في هذه الصفات.

( ياسر العسبول ـ البحرين ـ )

موالاتهم عامل مهم لدخول الجنّة :

س : هل كلّ من يوالي أهل البيت عليهم‌السلام يدخل الجنّة؟

ج : لا ريب أنّ موالاة أهل البيتعليهم‌السلام مع التبري من أعدائهم ـ أي الموالاة الحقيقيّة الدائرة بين النفي والإيجاب كـ « لا إله إلاّ الله » ـ عامل مهمّ بل هو عمدة ما في الباب للدخول إلى الجنّة ، بل يظهر من بعض النصوص حتمية ذاك ، وإن فعل كذا وكذا ، أو لم يفعل.

نعم ، لابدّ وأن يمرّ المؤمن بمرحلة تمحيص ، وقد يصل إلى دخول النار واللبث فيها ، وقد لا يكون قصيراً ، بل عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « من قال

٤٤١

لا إله إلاّ الله دخل الجنّة ، وإن زنى وإن سرق »(١) ، وهذا لاشكّ أنّه ليس على إطلاقه ، فكذا فيما يرجع إلى من تولاّهمعليهم‌السلام .

ونظير هذا ما جاء في كتاب التوحيد ، حيث علّق الشيخ الصدوق ( قدس سره ) بقوله : « يعني بذلك أنّه يوفّق للتوبة حتّى يدخل الجنّة »(٢) .

وقال العلاّمة المجلسيّ ( قدس سره ) : « وأمّا أصحاب الكبائر من الشيعة ، فلا استبعاد في عدم دخولهم النار ، وإن عذّبوا في البرزخ وفي القيامة وقد ورد في بعض الأخبار : أنّ ارتكاب بعض الكبائر ، وترك بعض الفرائض أيضاً داخلان في الشرك ، فلا ينبغي الاغترار بتلك الأخبار ، والاجتراء بها على المعاصي »(٣) .

ومع هذا ، فقد وردت روايات كثيرة جدّاً في الصفح عن الشيعة ، وشفاعة أئمّتهمعليهم‌السلام ، فراجع(٤) .

( أبو أحمد ـ السعودية ـ )

موقفهم من الحركات الثورية الشيعيّة :

س : بعد لثم أناملكم الشريفة ، أبعث لسماحتكم تساؤلاتي التالية ، آملاً أن أحظى بالإجابة الوافية :

١ ـ يزعم البعض : أنّ هناك روايات عن الأئمّةعليهم‌السلام تذكر : أنّ أيّ دولة تقوم قبل خروج الإمام الحجّةعليه‌السلام فهي دولة غير شرعية ، فما مدى صحّة هذه الروايات وثباتها وحجّيتها؟ وما المقصود منها إن صحّت؟

٢ ـ هل كان الأئمّة الأطهارعليهم‌السلام يشجّعون الحركات الثورية الشيعيّة المتعدّدة ، التي حدثت في زمانهم؟ وما موقفهم عليهم‌السلام من حركة إبراهيم ومحمّد ذي النفس الزكية؟

__________________

١ ـ صحيح البخاريّ ٧ / ٤٣.

٢ ـ التوحيد : ٢٥ و ٤١٠.

٣ ـ بحار الأنوار ٣ / ٨.

٤ ـ المصدر السابق ٦٥ / ٩٨.

٤٤٢

٣ ـ ما الأسباب التي دعت الأئمّة عليهم‌السلام عدم انتهاج المقاومة المسلّحة؟ ونسألكم الدعاء.

ج : نجيب على أسئلتكم بالترتيب كما يلي :

١ ـ هناك أحاديث وردت في مجامعنا الحديثية تنهى وتستنكر الحركات والأنظمة السياسية قبل ظهور الحجّةعليه‌السلام ، ولكن يجب أن نلاحظ في المقام عدّة أُمور :

أ ـ إنّ هذه الروايات على طوائف من حيث السند ، ففيها المعتبر ، وفيها غيره ، وعليه فلابدّ من التأكّد في جانب السند حتّى يكون الحديث حجّة في المقام.

ب ـ إنّ النهي الوارد في بعض هذه النصوص هو نهي إرشادي لا مولوي ، أي إنّ الإمامعليه‌السلام كان يريد أن يذكر بأنّ الحركة والنهضة سوف لا تثمر ولن تصيب الهدف ، وإن كانت الغاية منها قد يستوجب التقدير والتأييد ، ولكن بما أنّها لن تستثمر ، ومن ثمّ تقع سلبياتها على الشيعة والأُمّة.

فإنّ الأئمّةعليهم‌السلام كانوا ينهون عن التورّط في هذه الحركات ، وهذا ما حدث مع زيد بن عليعليه‌السلام ، فقد كان هو وهدفه ممدوحاً ومؤيّداً من جانب الأئمّةعليهم‌السلام ، ولكن بما أنّ الإمامعليه‌السلام كان لا يرى نتيجة مثمرة من نهضته فكان تارةً يصرّح ، وأُخرى يلوّح بما سيؤول إليه أمره.

وفي عبارة مختصرة : إنّ النهي الوارد في بعض هذه الروايات كان لمصلحة الاحتفاظ على كيان التشيّع عن الدخول في معركة غير متوازنة مع الحكم السائد.

وهذا يختلف جذرياً مع النهضة الحسينية ، إذ كان القائد لها وهو الإمام الحسينعليه‌السلام قد انتهج خطّاً ، واستعمل أسلوباً خاصّاً في حركته ، أدّت إلى بقاء وازدهار الفكر الشيعيّ إلى يومنا هذا.

ج ـ إنّ النهي الوارد في بعض هذه الأحاديث نهي مضاف لا مطلق ، أي إنّ

٤٤٣

الإمامعليه‌السلام وبملاحظة المصالح كان قد ينهى عن التحرّك والخروج لبعض الأشخاص والجهات ، وهذا نظير نهي الإمامعليه‌السلام عن التوغّل في المباحث الكلامية لبعض أصحابه ، في حين كان يشجّع البعض الآخر لتصدّي هذا الأمر.

د ـ إنّ النهي الوارد في بعض هذه النصوص وإن كان مطلقاً ، ولكنّه قد قيّد وخصّص في فترات زمنية محدّدة ، فترى مثلاً أنّ بعض الروايات تؤيّد حركة اليماني ـ وهي من الحركات التي تسبق الظهور ـ وتحثّ الناس بالمشي إليه ، أو أنّ خروج الحسني أو الخراساني ، وذي النفس الزكية ، وحركاتهم مؤيّدة في الجملة.

أو أنّ دولة الأدارسة في المغرب ـ في أيّامها الأول ـ كانت على صلة قريبة من بعض الأئمّةعليهم‌السلام ، أو أنّ إمارة علي بن الإمام الباقرعليه‌السلام في مشهد أردهال ـ منطقة قريبة من قم وكاشان ـ كانت بتنصيص صريح من الإمامعليه‌السلام ، ونظائر أُخرى.

٢ ـ إنّ الأئمّةعليهم‌السلام لو كانوا يرون مصلحة في تأييد بعض الجهات والحركات ، كانوا يدعمونهم باليد واللسان في حدود التقية ، ولكن بما أنّ أكثر التحرّكات لم تكن صالحة ومثمرة ، والبعض القليل منها وإن كانت على حقّ ، ولكن لم تعط النتائج المتوقّعة منها ، لم يبدوا اهتماماً جادّاً في هذا المجال.

ثمّ إنّ خروج إبراهيم ومحمّد ذي النفس الزكية يجب أن ينظر إليه من هذه الزاوية ، فالإمامعليه‌السلام وإن كان يعلم صدق نيّتهما ، ولكن بما أنّه كان يرى عدم الفائدة في ذلك المقطع من الزمن في التحرّك على الطاغية ، لعدم تهيّؤ الأرضية المناسبة لهذه الحركة ، لم يشجّعهما ، ولم يحثّ الشيعة بالالتحاق بهما.

٣ ـ السبب الوحيد في هذا المجال هو عدم استجابة الخطّ العام في المجتمع

٤٤٤

لفكرة الإمامة ، ويؤيّد هذا الموضوع عدم رضوخهم لحكومة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وانحيازهم إلى جانب معاوية في مجابهته للإمام الحسنعليه‌السلام ، وأخيراً استشهاد الإمام الحسينعليه‌السلام ، وعدم وقوفهم معه في وجه يزيد بن معاوية.

كلّ هذا كان دليلاً واضحاً على أنّ عامّة الناس يفضّلون البقاء تحت إمرة الطواغيت ، ولا يستجيبون للحقّ إلاّ القليل منهم.

وفي هذه الظروف لا يمكن اتخاذ أسلوب الكفاح المسلّح ، لأنّه لا يثمر النتيجة المتوخّاة ، وتبقى الخسائر في الأرواح والأموال على أرض الصراع دون ثمرة.

( أمير ـ الإمارات ـ )

مبغضهم يدخل النار :

س : هل الذين يبغضون آل البيت مؤمنين ويدخلون الجنّة؟

ج : ورد في كتب الفريقين عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال لعليعليه‌السلام : «يا علي ، إنّك قسيم الجنّة والنار »(١) .

فإذا كان عليعليه‌السلام هو قسيم الجنّة والنار ، كيف يدخل الجنّة من يبغضه؟ وهل يسمّى مؤمناً من يبغض علياً وآلهعليهم‌السلام ؟

وقد ورد في كتب الفريقين عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال لعليعليه‌السلام : «يا علي ، لا يحبّك إلاّ مؤمن ، ولا يبغضك إلاّ منافق »(٢) .

__________________

١ ـ ينابيع المودّة ١ / ١٧٣ و ٢٤٩ و ٢ / ٤٠٤ ، شرح نهج البلاغة ٩ / ١٦٥ و ١٩ / ١٣٩ ، كنز العمّال ١٣ / ١٥٢ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢٩٨ ، لسان العرب ١٢ / ٤٧٩ ، تاج العروس ٩ / ٢٥ ، مناقب أمير المؤمنين : ١٠٧.

٢ ـ مسند أحمد ١ / ٩٥ و ١٢٨ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٣٣ ، فتح الباري ١ / ٦٠ و ٧ / ٥٨ ، شرح نهج البلاغة ١٣ / ٢٥١ ، تاريخ بغداد ٨ / ٤١٦ و ١٤ / ٤٢٦ ، أُسد الغابة ٤ / ٢٦ ، تذكرة الحفّاظ ١ / ١٠.

٤٤٥

ثمّ إنّ بغض عليعليه‌السلام هو في الواقع بغض لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما ورد في كتب الفريقين عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : «من أحبّني فليحب علياً ، ومن أبغض علياً فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض الله عزّ وجلّ ، ومن أبغض الله أدخله النار »(١) .

إذاً ، مبغض علي وآلهعليهم‌السلام ليس مؤمناً بل منافق ، وفي بعض الروايات كافر ، ومصيره النار لا الجنّة.

( كميل ـ عمان ـ ٢٢ سنة ـ طالب جامعة )

هم آل الله :

س : ما معنى أنّ أهل البيت عليهم‌السلام هم آل الله؟

ج : الأهل في اللغة أهل البيت ، والأصل فيه القرابة ، وقد أطلق على الأتباع(٢) وأهل الله وآل الله كناية عن شدّة الحبّ لله والقرب منه ، حتّى أطلق عليهم أولياء الله ، وهمعليهم‌السلام حجّة الله في أرضه.

( علي شكر ـ بريطانيا ـ ١٨ سنة ـ طالب )

هم الراسخون في العلم :

س : من هم الراسخون في العلم في القرآن؟ هل هم أهل البيت عليهم‌السلام ؟ وكيف يمكن إثبات ذلك؟

__________________

١ ـ ذخائر العقبى : ٦٥ ، المستدرك ٣ / ١٣٠ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٣٢ ، المعجم الكبير ٢٣ / ٣٨٠ ، الجامع الصغير ٢ / ٥٥٤ ، كنز العمّال ١١ / ٦٠١ و ٦٢٢ ، فيض القدير ٦ / ٤٢ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢٧١ ، الجوهرة : ٦٦ ، جواهر المطالب ١ / ٦٣ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٢٩٣ ، ينابيع المودّة ٢ / ١٥٥ و ٣٦٣ و ٣٩٥ و ٤٥٨.

٢ ـ المصباح المنير : ٢٨.

٤٤٦

ج : إنّ معنى الرسوخ هو الثبات ، ومنه قولك : رسخ في ذهني رسوخاً ، أي ثبت الشيء في الذهن ، والراسخون في العلم أي الثابتون فيه والعارفون بواطنه.

والراسخون في العلم المشار إليهم في الآية الكريمة هم الراسخون في علم تأويل القرآن ، لأنّ سياق الآية يفهم منه أنّ الراسخين في العلم الذين يعرفون تأويل القرآن وبواطنه وغوامض متشابهه.

وإنّ الراسخين في العلم في الأُمّة المرحومة لا يكونون إلاّ أهل البيتعليهم‌السلام فقد ورد عن أئمّتناعليهم‌السلام التصريح بأنّهم الراسخون في العلم ، والعارفون بمواطن الكتاب ومتشابهه ، فضلاً عن محكماته.

فعن أبي بصير عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : «إنّ القرآن محكم ومتشابه ، فأمّا المحكم فنؤمن به ونعمل به وندين به ، وأمّا المتشابه فنؤمن به ولا نعمل به ، هو قول الله تعالى : ( فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ) (١) ، والراسخون في العلم هم آل محمّد »(٢) .

عن الفضيل بن يسار عن الإمام الباقرعليه‌السلام قال :( وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) نحن نعلمه(٣) .

وعن أبي بصير عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : «نحن الراسخون في العلم ، فنحن نعلم تأويله »(٤) .

إلى غير ذلك من الروايات الصحاح التي تؤكّد أنّ أهل البيتعليهم‌السلام هم الراسخون في العلم.

__________________

١ ـ آل عمران : ٧.

٢ ـ تفسير العيّاشي ١ / ١٦٣.

٣ ـ المصدر السابق ١ / ١٦٤.

٤ ـ نفس المصدر السابق.

٤٤٧

( أسدي ـ بريطانيا ـ )

هم علّة الخلق :

س : سادتي الأفاضل كيف يمكننا الجمع بين ما يلي ، أرجو بيان الوجه العلمي والأُصولي لذلك : بين الآية الكريمة ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ )(٥) ، وبعض مروياتنا التي تجعل العلّة الغائية أهل البيتعليهم‌السلام ، وهذا في واقعه يعارض الانحصار في الآية الشريفة.

أفيدونا جزاكم الله خيراً.

ج : لا تنافي بين الآية الكريمة وبين كونهمعليهم‌السلام العلّة الغائية ، إذ بالتدبّر سينحلّ ما أشكل عليك ، وذلك ببيان مختصر نقدّمه إليك :

إنّ الآية الكريمة تدلّ على أنّ الغاية من الخلق هو عبادة الله تعالى ، وعبادته تعالى هو معرفته ، ومعرفته لا تكون إلاّ عن طريق حججه وأوليائه ، وهم أهل البيتعليهم‌السلام .

فبواسطتهم يعرف العباد سبل تكليفهم ، وكيفية عبادتهم لله تعالى ، إذ هذه العبادة تكون توقيفية ـ أي موقوفة على اعتبار الشارع وأوامره ـ وهذه الأوامر والتوقيفات لا تعرف إلاّ بهمعليهم‌السلام ، فهم علّة غائية بالتبع للعلّة الغائية الأُولى ، وهي عبادة الله تعالى ، أي أنّ علّتهم الغائية متفرّعة من علّة الإيجاد ، وهي عبادة الله تعالى.

فهنا مقدّمتان كبرى وصغرى :

فالكبرى : هي أنّ علّة الإيجاد والخلق ، عبادة الله تعالى ، العبادة التي لا تكون إلاّ بالمعرفة.

والصغرى : هي أنّ المعرفة لا تكون إلاّ عن طريقهمعليهم‌السلام .

والنتيجة : هي أنّهمعليهم‌السلام علّة غائية للخلق ، بلحاظ تعريف العباد كيفية

__________________

١ ـ الذاريات : ٥٦.

٤٤٨

عبادتهم لله تعالى ، ولعلّ الحديث القدسي يشير إلى هذا الجمع : «يا أحمد لولاك ما خلقت الأفلاك ، ولولا علي ما خلقتك ، ولولا فاطمة لما خلقتكما »(١) .

فالتدبّر في الحديث ، يضيف لك وجوه الجمع المحتملة المشار إليها.

( محمّد بن أحمد العجمي ـ عمان )

إهداء ثواب قراءة القرآن لهم :

س : ما هو الحكم في إهداء سورة أو آية من القرآن الكريم إلى أرواح الأئمّة عليهم‌السلام ؟ علماً بأنّهم غير محتاجين إلى الثواب من أحد إلاّ من الله عزّ وجلّ؟

ج : فبحسب بعض الروايات إنّهمعليهم‌السلام يردّون هذه الهدايا بأضعاف مضاعفة إلى مهديها ، فأثر هذه الهدايا ترجع بالمآل إلى أصحابها ؛ مضافاً إلى أنّه من باب التقدير والتكريم والتعظيم لهم ، ولما تحمّلوه في أعباء الإمامة ، وعلماً بأنّ نفس قراءة القرآن ـ بأيّ مناسبة كانت ـ لها التأثير الملحوظ في ضمير القارئ كما لا يخفى.

( أحمد جعفر ـ البحرين ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة )

مطهّرون قبل نزول آية التطهير :

س : نشكر لكم جهودكم في الإجابة على الأسئلة.

يقول الله تعالى :( إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ ) (٢) .

يقول في الآية : ( وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ ) ألا تعني العصمة؟ كما

__________________

١ ـ مجمع النورين : ١٨٧.

٢ ـ الأنفال : ١١.

٤٤٩

في قوله تعالى : ( لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (١) ، ولم لا تكون دليلاً على أنّهم مطهّرون عن رجز الشيطان قبل نزول الآية ، بدليل قوله : ( عَنكُمُ ) ؟

ثمّ ألا تدلّ هذه الآية على فضيلة لجميع الصحابة؟ لأنّ الله تعالى طهّرهم كلّهم .

ج : إنّ آية( وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ ) لا تدلّ على عصمة أصحاب بدر ، كما تدلّ آية التطهير على عصمة أهل البيتعليهم‌السلام ؛ لأنّ المراد من رجز الشيطان هو الجنابة التي أصابتهم ، بينما المراد من الرجس هو اجتناب المعاصي والذنوب ، والاجتناب دليل على العصمة.

كما أنّ الآية لا تدلّ على تطهيرهم قبل نزولها ، كما دلّت آية التطهير على تطهير أهل البيتعليهم‌السلام قبل نزولها ؛ لأنّ اللام في آية التطهير لام الجنس ، بينما اللام في آية( وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ ) لام التعليل ، أي يطهّركم لأجل ما أصابكم من الجنابة.

قال في الكشّاف : « وذلك أنّ إبليس تمثّل لهم ، وكان المشركون قد سبقوهم إلى الماء ، ونزل المؤمنون في كثيب أعفر تسوخ فيه الأقدام على غير ماء ، وناموا فاحتلم أكثرهم.

فقال لهم : أنتم يا أصحاب محمّد! تزعمون أنّكم على الحقّ ، وإنّكم تصلّون على غير الوضوء وعلى الجنابة ، وقد عطشتم ، ولو كنتم على الحقّ ما سبق عليكم هؤلاء على الماء ، وما ينتظرون بكم إلاّ أن يجهدكم العطش ، فإذا قطع العطش أعناقكم مشوا إليكم ، فقتلوا من أحبّوا ، وساقوا بقيّتكم إلى مكّة ، فحزنوا حزناً شديداً وأشفقوا ، فأنزل الله مطراً ، فمطروا ليلاً حتّى جرى الوادي ، واتخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه الحياض على عدوة الوادي ، وسقوا الركاب ، واغتسلوا وتوضّؤا ، وتلبّد الرمل الذي كان بينهم وبين العدو

__________________

١ ـ الأحزاب : ٣٣.

٤٥٠

حتّى ثبتت عليه الأقدام ، وزالت وسوسة الشيطان ، وطابت النفوس »(١) .

ثمّ إنّ هذه الآية تدلّ على فضيلة لبعض الصحابة لا لجميعهم ، وهم الذين كانوا في بدر.

( حسين حبيب عبد الله ـ البحرين ـ ٢٠ سنة ـ طالب جامعة )

معنى تطهيرهم أي عصمتهم :

س : سؤالي يدور حول آية التطهير ، فأبناء السنّة يقولون : إنّ الآية كانت عادية ، فلم ترفع أهل البيت إلى مستوى العصمة ، واستدلّوا بقوله : ( وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ ) ، ويقولون : إنّ التطهير كان في هذه الآية للمؤمنين ، كما سبق في آية التطهير ، فما الفرق بين الآيتان.

ج : إنّ التطهير في قوله :( وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ ) (٢) ، وكذا في قوله :( مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ ) (٣) ، يختلف عنه في قوله :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (٤) .

لأنّه هناك عامّ لجميع المسلمين ، والمقصود منه فيهما رفع الحدث ، سواء الوضوء كما في آية المائدة ، أو الجنابة كما في آية الأنفال.

أمّا آية التطهير ففيها خصوصيات كثيرة ، تجعلها لا تشابه أية آية أُخرى في ذكر التطهير ، منها :

__________________

١ ـ زبدة البيان : ٣١.

٢ ـ الأنفال : ١١.

٣ ـ المائدة : ٦.

٤ ـ الأحزاب : ٣٣.

٤٥١

١ ـ أداة الحصر( إِنَّمَا ) فهي تدلّ على حصر الإرادة في إذهاب الرجس والتطهير.

٢ ـ كلمة( عَنْكُمْ ) في الآية قُدّمت وهي تستحق التأخير ( ليذهب الرجس عنكم أهل البيت ) ، وفي ذلك دلالة على الحصر ـ كما ذكرنا في محله في أدوات الحصر ـ أي حصر إذهاب الرجس بأهل البيت.

ففي الآية في الحقيقة قصدان : قصد الإرادة في إذهاب الرجس والتطهير ، وقصد إذهاب الرجس والتطهير في أهل البيتعليهم‌السلام .

٣ ـ قوله :( وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) يدلّ على العصمة ، لأنّ المراد بالتطهير المؤكّد بمصدر فعله ، هو إزالة أثر الرجس بإيراد ما يقابله بعد إذهاب أصله ، ومن المعلوم أنّ ما يقابل الاعتقاد الباطل هو الاعتقاد الحقّ ، فتطهيرهم هو تجهيزهم بإدراك الحقّ في الاعتقاد والعمل ، ويكون المراد بالإرادة أيضاً غير الإرادة التشريعية.

٤ ـ اللام في كلمة( الرِّجْس ) لام الجنس ، والمراد من الرجس كل ما يشين كما ذُكر في كتاب اللغة.

ففي الآيات الأُخرى من القرآن تتكلّم عن التطهير من النجاسات المادّية أو المعنوية ، كالغسل والوضوء ، أمّا في هذه الآية ، فالطهارة هنا أعمّ وأشمل من كلّ نجاسة وقذر ومعصية وشرك وعذاب ، فهي تتكلّم عن أعلى مراتب الطهارة لا مرتبة بسيطة من مراتب الطهارة ، كما في الآيات الأُخريات.

وبالتالي فآية التطهير تدلّ على الطهارة بأعلى درجاتها ، وهي ما نسمّيه بالعصمة ، وأمّا ما سواها من الآيات التي تذكر تطهير المؤمنين فلا ترتقي قطعاً لهذه الآية ولا تشابهها ، وإنّما تدلّ على طهارة مادّية أو معنوية ، كالوضوء والتيمم والغسل وما شابه.

وأدلّ دليل على مدّعانا ، ما رواه العامّة والخاصّة في الصحاح ـ كمسلم وغيره ـ من تطبيق النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لهذه الآية بدقّة عالية من جمع أهل البيتعليهم‌السلام المخصوصين

٤٥٢

بالعصمة معه ، ووضعه الكساء عليهم ، وعدم إدخال أحد معهم ، حتّى أُمّ المؤمنين أُمّ سلمة رفض إدخالها ، مع مكانتها وتقواها ، وبيّن اختصاص أهل البيتعليهم‌السلام بهذه الآية مع طلبها الشديد ، وأخذها الكساء ، فهي تخبرنا بأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله جذب منها الكساء ، وقال لها : « ابق إلى مكانك إنّك إلى خير » ، وفي رواية : « أنت من أزواج النبيّ » ، مع ما يحمله النبيّ الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله من خُلق عظيم ، وعدم ردّ طلب أيّ أحد ، ناهيك عن نسائه ، بل أعزّ واتقى نسائه في زمانها ـ أي بعد خديجة ـ ولكن الحقّ أحقّ أن يُتّبع.

ثمّ إخراج يده الشريفة من الكساء ورفعها إلى السماء ، ودعاء ربّ السماء بأنّ هؤلاء هم أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، فأين هذه الآية من تلك؟

( أحمد ـ الكويت ـ ٢٠ سنة ـ طالب )

هم أصحاب الكساء للروايات وتغيير صيغة الضمائر :

س : تقبّل الله أعمالكم ، ووفّقكم الله لمرضاته ، في الحقيقة عندي استفسار بخصوص آية التطهير ، الروايات المتواترة تقول : إنّها نزلت في أصحاب الكساء ، والقرائن الداخلية في الآية الكريمة تفيد أيضاً ، إلاّ أنّني أُريد الإجابة على الإشكال الذي يطرحه البعض ، وهو في النظر إلى هذه الآية الكريمة ( أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ ) (١) بحيث إذا كان الرجل وزوجته يطلق عليهما أهل البيت ، إذاً آية التطهير وهي : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (٢) .

__________________

١ ـ هود : ٧٣.

٢ ـ الأحزاب : ٣٣.

٤٥٣

وقد تغيّرت الصيغة الخطابية من التأنيث إلى التذكير ، لأنّ الرسول وأزواجه داخلين في الآية الكريمة ، إذ هم أهل البيت ، رجاءً الإجابة على هذه النقطة بالذات ، وشكراً وبارك الله بكم.

ج : حينما ندّعي اختصاص عنوان أهل البيت بخصوص أصحاب الكساء دون أزواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فتارة ندّعي ذلك من منطلق اختصاص نفس العنوان المذكور بغير الأزواج ، أي يُدعى أنّ هذا العنوان لا يطلق في لغة العرب أو المصطلح القرآني على الأزواج ، فالزوج ليس من أهل بيت الرجل ، إنّه بناء على أن تكون الدعوى هكذا ، يرد الإشكال الذي أشرتم إليه ، حيث إنّ القرآن الكريم استعمل كلمة أهل البيت في حقّ الأزواج ، هذا تارة.

وتارة أُخرى ندّعي عدم شمول العنوان المذكور للأزواج ، لا من جهة أنّه في اللغة أو في المصطلح القرآني كذلك ، بل من جهة أنّ الروايات الكثيرة من طرق الشيعة والعامّة قد فسّرت عنوان أهل البيت في خصوص هذا المورد بالذات ، بخصوص أصحاب الكساء الخمسة ، وخصوصاً مع تغيير صيغة الضمائر في الآيات فلا يرد الإشكال الذي أشرتم إليه كما هو واضح.

( كرّار أحمد المصطفى ـ الكويت ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة ومبلّغ دين )

لأمّهات الأئمّة شأن خاصّ :

س : هل كانت جميع زوجات الأئمّة على مستوى عال من التقوى؟ لا أعني أُمّ الفضل التي سمّت الجواد عليه‌السلام ، إنّما أُمّهات الأئمّة ، ودمتم موفّقين لخدمة محمّد وآل محمّد عليهم‌السلام .

ج : إنّ لأُمّهات الأئمّةعليهم‌السلام شأناً خاصّاً ، لأنّ الإمامعليه‌السلام في وجوده التكويني يمتاز بمواصفات خاصّة يحتاج إلى ظرف ممتاز عن غيره.

وهذا يعني أنّهن وصلن إلى مستويات عالية من الالتزام بالدين والعقيدة ، والورع عن الشبهات والمحرّمات ، لتتهيّأ أرضية ممتازة وفريدة لظهور ونشوء وجود الإمامعليه‌السلام .

٤٥٤

( علي ـ فرنسا ـ سنّي ـ ٢٨ سنة ـ طالب )

نعتقد بعصمتهم وعلمهم للغيب :

س : نحن السنّة أحقّ منكم بأهل البيت والله يشهد ، نحبّ جميع الصحابة ونترحّم عليهم ، علي وبنيه في قلوبنا نحبّهم ونتولاّهم ، لكن لا نقول إنّهم معصومون ، لا عصمة إلاّ لنبيّ ، ولا نقول إنّهم يعلمون الغيب ( لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ ) ، يهديكم الله ، ويصلح بالكم.

ج : إدعاء محبّة أهل البيتعليهم‌السلام سهل جدّاً ، ولكن المهمّ هو العمل.

وقولك : لكن لا نقول إنّهم معصومون ، لا عصمة إلاّ لنبيّ ، ولا نقول إنّهم يعلمون الغيب( لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ ) (١) .

فنقول : أمّا العصمة فنحن نقول بها عن دليل وبرهان ومبنى وفهم يختلف عن مبناكم وفهمكم للعصمة ، وقولكم : لا عصمة إلاّ لنبيّ لا دليل عليه ، بل هو مخالف لقوله تعالى :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (٢) .

وكذلك لديكم أنّ الملائكة معصومون عن الخطأ والمعصية ، وليس من المحال أن يُعصَمَ أناس عاديون ليسوا بأنبياء بل أولياء ، وأوتاد الأرض والدعاة إلى الله المخلصين ، فذلك غير محصور قطعاً بالأنبياءعليهم‌السلام .

ومسألة علم الغيب فلا أدري يا أخي هل قرأت ما في مسلم وغيره عن حذيفة : « أخبرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة ، فما منه شيء إلاّ قد سألته ، إلاّ إنّي لم أسأله ما يخرج أهل المدينة من المدينة »(٣) .

وفي رواية أُخرى لمسلم عن حذيفة قال : « قام فينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مقاماً ما

__________________

١ ـ النمل : ٦٥.

٢ ـ الأحزاب : ٣٣.

٣ ـ صحيح مسلم ٨ / ١٧٣ ، المستدرك ٤ / ٤٢٦ ، مسند أبي داود : ٥٨ ، مسند أحمد ٥ / ٣٨٦.

٤٥٥

ترك شيئاً يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلاّ حدّث به ، حفظه من حفظه ، ونسيه من نسيه ، قد علمه أصحابي هؤلاء ، وإنّه ليكون منه الشيء قد نسيته فأراه ، فأذكره ، كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه ، ثمّ إذا رآه عرفه »(١) .

فمثل هذه العلوم الغيبية هي التي ندّعيها للأئمّةعليهم‌السلام ، لأنّهم تعلّموا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهم أهل بيته وأدرى من غيرهم بما فيه ، وإن أبيت اختصاصهم فاجعلهم ممّن سمع تلك الخطبة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وحفظها ، فهل هذا مستحيل؟ أم مخالف للكتاب والسنّة؟!

( ـ ٢٣ سنة ـ طالب جامعة )

جواري الأئمّة لم يمسّهن أحد غير الإمام :

س : الإخوة الكرام في مركز الأبحاث العقائدية ، دمتم موفّقين.

ممّا لاشكّ فيه : أنّ بعض النواصب في الإنترنت يقومون بالتشهير بنا ، وسبّنا بأقذع الألفاظ ، ونحتسب ذلك عند الله تعالى ، ولكن قد وصل الأمر إلى البعض أنّهم يأتون بأحاديث من كتبنا ، تدلّ على أنّ أُمّهات أئمّتنا الأطهارعليهم‌السلام من الجواري ، ثمّ يستدلّون أنّ الجارية حسب مذهبنا يجوز استعارة فرجها.

فلم يكفيهم الظلم؟ والآن يسبّون الشرف الطاهر ، ويشكّكون بالشجرة المباركة.

راجياً منكم بيان هذا الأمر ، وما ذكر في كتبنا من أحاديث وما صحّتها؟ والدفاع عن حياض أهل البيتعليهم‌السلام في أقرب وقت ممكن ، ودمتم موفّقين ، تحرسكم رعاية الباري تعالى .

ج : نقول : وإن كانت بعض زوجات الأئمّة جواري ، إلاّ أنّ الأئمّةعليهم‌السلام كانوا يعتقونهن ، ثمّ يتزوّجوهن بالعقد الدائم ، فمثلاً أُمّ الإمام زين العابدينعليه‌السلام ـ هي

__________________

١ ـ صحيح مسلم ٨ / ١٧٢.

٤٥٦

شاه زنان ـ أعتقها أمير المؤمنينعليه‌السلام وزوّجها للحسينعليه‌السلام (١) .

وكذلك أُمّ الإمام المهديّعليه‌السلام ، تزوّجها الإمام الحسن العسكريّعليه‌السلام بعد أن كانت جارية ، فعن الإمام الهاديعليه‌السلام قال : «يا كافور : ادع لي أختي حكيمة » ، فلمّا دخلت عليه قالعليه‌السلام لها : «ها هي » ـ يعني نرجس ـ فاعتنقتها طويلاً ، وسرّت بها كثيراً ، فقال لها مولانا : «يا بنت رسول الله أخرجيها إلى منزلك ، وعلّميها الفرائض والسنن ، فإنّها زوجة أبي محمّد وأُمّ القائم »(٢) ، هذا أوّلاً.

ثانياً : جواري الأئمّةعليهم‌السلام لم ينكحهن أحد غير الإمامعليه‌السلام ، فهذه حميدة المصفّاة ـ أُمّ الإمام الكاظمعليه‌السلام ـ اشتراها الإمام الباقرعليه‌السلام وكانت بكراً ، ولم تنكح غير الإمامعليه‌السلام .

ففي دلائل الإمامة بعد سؤال الإمام لها عن حالها ، هل هي بكر أو ثيّب؟ فعرّفته أنّها بكر ، فقال لها : «أنّى يكون ذلك ، وأنت جارية كبيرة » ؟

فقالت : كان مولاي إذا أراد أن يقرب منّي أتاه رجل في صورة حسنة ، فيمنعه أن يصل إليّ ، فدفعها أبو جعفرعليه‌السلام إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام .

وقال : «حميدة سيّدة الإماء ، مصفّاة من الأرجاس كسبيكة الذهب ، ما زالت الأملاك تحرسها ، حتّى أديت إلى كرامة الله عزّ وجلّ »(٣) .

وكذلك الحال مع أُمّ الإمام الرضاعليه‌السلام ، فإنّها لما اشترتها حميدة أُمّ الإمام الكاظمعليه‌السلام كانت بكراً ، وهبتها إلى الإمام الكاظمعليه‌السلام (٤) .

فالنتيجة : إنّ أُمّهات الأئمّة من الجواري ـ لو فرضنا عدم عتقهن ـ لم ينكحهن أحد غير الإمامعليه‌السلام .

__________________

١ ـ دلائل الإمامة : ١٩٦.

٢ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٤٢٣ ، روضة الواعظين : ٢٥٥ ، دلائل الإمامة : ٤٩٦.

٣ ـ دلائل الإمامة : ٣٠٨.

٤ ـ عيون أخبار الرضا ٢ / ٢٦.

٤٥٧

ثالثاً : بالنسبة إلى ما يتّهموننا زوراً وتلفيقاً ، وبخصوص المسألة الفقهية الخاصّة بنكاح الإماء ، فإنّك تجد جوابنا عليها على صفحتنا تحت العنوان التالي : الأسئلة العقائدية / استعارة الفروج.

وأنت بعد أن تطالع ما كتبنا هناك ترى أنه لا ربط بين المسألتين ، فهذه مسألة فقهية في جواز أن يهب المالك أمته لمن يشاء بمقتضى ملكه ، فإن من البديهيّ جواز وطئ الأمة بالملك لا بالعقد.

وتلك مسألة في موضوع خارجي ، من أنّ الإمام الفلانيّ كانت أُمّه الجارية الفلانية ، ولا دليل خارجيّ قطعاً على حدوث انتقال لهن من يد إلى يد ، بل الدليل على عكسه ، كما علمت أوّلاً وثانياً.

وأمّا ما حاولوا الطعن فيه فهو كذب موضوع ، مع أنّ كلا المسألتين يشاركنا فيها غيرنا من المسلمين.

وأمّا ما حاولوا الطعن به فهو كذب مفضوح ، مبنيّ على مغالطة يحاولون تمريرها على الجهّال!

ففي المسألة الفقهية قد عرفت من جوابنا أنّها تعمّ المسلمين ، وفي مسألة النسب الخارجية فهي أظهر ، إذ كثير من أبناء المسلمين أبناء جواري ، بل بعض الخلفاء كذلك ، كالمأمون وغيره.

والربط بين المسألتين لغرض خبيث مثل قولك : إنّ المشركين كانوا يجيزون الاشتراك في الزوجة ، إذاً فإنّ آباء الصحابة غير معروفين بالتحديد ، بل كلّ واحد اشترك فيه عدّة رجال ، أعوذ بالله.

أو كقولك : إنّ بعض نساء قريش كن يتخذن أماكن للعهر وينصبن الرايات ، فإذاً كلّ رجال قريش ـ حتّى من أسلم وبعضهم من الصحابة ـ أولاد بغايا أعوذ بالله.

أو كقولك : إنّ المسلمين يجيزون زواج المرأة بعد طلاق زوجها أو موته ، فإذاً كلّ أبناء المسلمين مختلطو النسب ، وهكذا.

٤٥٨

وهو واضح بديهي البطلان ، إذ لا ملازمة هناك ، فإنّ القياس هنا باطل ، لأنّ الحدّ الوسط مختلف في المقدّمتين ، ففي إحداهما جزئي ، وفي الأُخرى كلّي ، وهو بديهي البطلان ، ومغالطة لتعميم قضية جزئية لأخذ نتيجة كلّية.

هذا مع ما فيها من الكذب في أصل المسألة الفقهية ، كما أوضحنا آنفاً ، فالمغالطة من جهتين ، الأُولى : في اتهام الشيعة بمسألة لا وجود لها عندهم ، واستخدام مسألة فقهية كإطار لهذا الكذب ، والثانية : نفس المغالطة في إيهام الملازمة بين المسألة المدعاة وبين الوقوع الخارجي.

( مؤيّد الشمّري ـ العراق ـ ٢٦ سنة ـ بكالوريوس الهندسة الكهربائية )

هم أفضل أم القرآن؟

س : ندعو لكم بالتسديد الموفّق ، ونرجو الإجابة عن السؤال التالي :

أيّهما أفضل : العترة المطهّرةعليهم‌السلام أم القرآن الكريم؟ هل يمكن إثبات ذلك بالأدلّة العقليّة والنقليّة؟ نسأل الله أن تشملنا وإيّاكم شفاعة محمّد وآل محمّد.

ج : لقد سؤل سماحة آية الله العظمى الشيخ جواد التبريزي قدّس سرُّه قريباً من هذا السؤال كما في صراط النجاة ج٢ ص ٥٦٦ السؤال ١٧٥٣. وإليك السؤال وجواب سماحة الشيخ :

السائل : هناك رأي يقول إن أهل البيت « سلام الله عليهم » أفضل عند الله من القرآن الكريم فما هو تعليقكم؟

التبريزيّ : القرآن يطلق على أمرين : الأول : النسخة المطبوعة أو المخطوطة الموجودة بأيدي الناس ، الثاني : ما نزل على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بواسطة جبرائيلعليه‌السلام والذي تحكي عنه هذه النسخ المطبوعة أو المخطوطة ، وهو الذي ضحّى الأئمّةعليهم‌السلام بأنفسهم لأجل بقائه والعمل به ، وهو الثقل الأكبر ، ويبقى ولو ببقاء بعض نسخه. وأهل البيتعليهم‌السلام الثقل الأصغر.

٤٥٩

وأمّا القرآن بالمعنى الأول ـ الذي يطلق على كل نسخة ـ فلا يقاس منزلته بأهل البيتعليهم‌السلام بل الإمام قرآن ناطق ، وذاك قرآن صامت ، وعند دوران الأمر بين أن يُحفظ الإمامعليه‌السلام أو يُحتفّظ على بعض النسخ المطبوعة أو المخطوطة ، فلابدّ من إتباع الإمامعليه‌السلام كما وقع ذلك في قضية صفين ، والله العالم.

( عدي العباسيّ ـ الكويت ـ ٢٢ سنة )

أدلّة على بطلان شمول آية التطهير لأزواج النبيّ :

س : أخواني أنا بعثت لكم سؤال في مسألة آية التطهير ، ولم ألق جواباً ، والسؤال هذا : ذكر ميم الجمع بدل نون النسوة ، لأنّ النساء دخل معهن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو رأس أهل بيته صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فما هي الإجابة على هذه الشبهة التي تريد أن تخرج أهل بيت الخمسة من الآية؟ وشكراً.

ج : للإجابة على ما ذكرته نقدّم نقاط :

١ ـ ذُكرت عدّة آراء في المراد من أهل البيت في هذه الآية ، نذكر المهمّ منها ، فبعضها شاذّة ، أو لم يقل به قائل محدّد :

أ ـ إنّها نزلت خاصّة بأهل البيتعليهم‌السلام الخمسة أصحاب الكساء.

ب ـ إنّها نزلت في الخمسة أهل الكساء ، وأزواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ج ـ إنّها نزلت في نساء النبيّ خاصّة.

٢ ـ إنّ القول الثالث قال به عكرمة ومقاتل وعروة بن الزبير ، ونقل عن ابن عباس ، وهو قول شاذّ لم يأخذ به إلاّ المتعصّب ضدّ أهل البيتعليهم‌السلام ، ومع أنّه مردود لأنّ عكرمة ومقاتل لا يأخذ بقولهما ، إذ كانا كذّابين مطعون بدينهما ، وعروة كان يناصب أمير المؤمنينعليه‌السلام أشدّ العداء ، وعدّه بعضهم ممّن يضعون الأخبار في عليعليه‌السلام ، وما عن ابن عباس فضعيف ، لأنّ فيه مجاهيل ، مع أنّ له معارضاً من قول ابن عباس نفسه.

وقد استدلّ الرادّون له وللقول الثاني ، بأدلّة كثيرة على بطلانهما :

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518