موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٢

موسوعة الأسئلة العقائديّة0%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-02-7
الصفحات: 518

موسوعة الأسئلة العقائديّة

مؤلف: مركز الأبحاث العقائديّة
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف:

ISBN: 978-600-5213-02-7
الصفحات: 518
المشاهدات: 226047
تحميل: 5360


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 518 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 226047 / تحميل: 5360
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء 2

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: 978-600-5213-02-7
العربية

صادقون وباقرون وكاظمون و ..؟ فلعلّه ناظر إلى تلك الظروف التي كان يعيشها الإمامعليه‌السلام ، فمثلاً الإمام الباقرعليه‌السلام كان يعيش في ظرف فسح له المجال لانتشار علم الأئمّة ، فكأنّه أتى بجديد على الناس ، ولم يسمعوا به بهذا التفصيل من ذي قبل ، خاصّة من كثرة الوقائع وتوسّع المسائل ، فعرف بالباقر لبقره وشقّه للعلم ، وفتقه لمسائل العلم وتعمّقه فيها ، وكشفه عن خفاياها وكنوزها.

وهكذا الإمام الصادقعليه‌السلام ، فإنّه عاش في ظرف كثر فيه العلماء ، وانتشرت فيه العلوم ، ممّا أدّى إلى اختلاط كبير بين الروايات والفتاوى الصادرة من بعض علماء المدارس والمذاهب الأُخرى ، فاحتاجت الساحة العلمية إلى من يفرز الفكر الأصيل على مستوى الرواية عن غيرها ، فتصدّى الإمام الصادقعليه‌السلام لهذا الدور بشكل مركّز ، وباعتبار عظمة الثقة به ، ولقدرة تمييزه الصحيح من غيره عرف بالصادق.

إذاً لعلّ مثل هذه الظروف كان لها سهم كبير في ظهور هذه الصفة في هذا الإمام أكثر من ذلك ، وإلاّ من حيث المبدأ كلّهم متساوون في هذه الصفات.

( ياسر العسبول ـ البحرين ـ )

موالاتهم عامل مهم لدخول الجنّة :

س : هل كلّ من يوالي أهل البيت عليهم‌السلام يدخل الجنّة؟

ج : لا ريب أنّ موالاة أهل البيتعليهم‌السلام مع التبري من أعدائهم ـ أي الموالاة الحقيقيّة الدائرة بين النفي والإيجاب كـ « لا إله إلاّ الله » ـ عامل مهمّ بل هو عمدة ما في الباب للدخول إلى الجنّة ، بل يظهر من بعض النصوص حتمية ذاك ، وإن فعل كذا وكذا ، أو لم يفعل.

نعم ، لابدّ وأن يمرّ المؤمن بمرحلة تمحيص ، وقد يصل إلى دخول النار واللبث فيها ، وقد لا يكون قصيراً ، بل عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « من قال

٤٤١

لا إله إلاّ الله دخل الجنّة ، وإن زنى وإن سرق »(١) ، وهذا لاشكّ أنّه ليس على إطلاقه ، فكذا فيما يرجع إلى من تولاّهمعليهم‌السلام .

ونظير هذا ما جاء في كتاب التوحيد ، حيث علّق الشيخ الصدوق ( قدس سره ) بقوله : « يعني بذلك أنّه يوفّق للتوبة حتّى يدخل الجنّة »(٢) .

وقال العلاّمة المجلسيّ ( قدس سره ) : « وأمّا أصحاب الكبائر من الشيعة ، فلا استبعاد في عدم دخولهم النار ، وإن عذّبوا في البرزخ وفي القيامة وقد ورد في بعض الأخبار : أنّ ارتكاب بعض الكبائر ، وترك بعض الفرائض أيضاً داخلان في الشرك ، فلا ينبغي الاغترار بتلك الأخبار ، والاجتراء بها على المعاصي »(٣) .

ومع هذا ، فقد وردت روايات كثيرة جدّاً في الصفح عن الشيعة ، وشفاعة أئمّتهمعليهم‌السلام ، فراجع(٤) .

( أبو أحمد ـ السعودية ـ )

موقفهم من الحركات الثورية الشيعيّة :

س : بعد لثم أناملكم الشريفة ، أبعث لسماحتكم تساؤلاتي التالية ، آملاً أن أحظى بالإجابة الوافية :

١ ـ يزعم البعض : أنّ هناك روايات عن الأئمّةعليهم‌السلام تذكر : أنّ أيّ دولة تقوم قبل خروج الإمام الحجّةعليه‌السلام فهي دولة غير شرعية ، فما مدى صحّة هذه الروايات وثباتها وحجّيتها؟ وما المقصود منها إن صحّت؟

٢ ـ هل كان الأئمّة الأطهارعليهم‌السلام يشجّعون الحركات الثورية الشيعيّة المتعدّدة ، التي حدثت في زمانهم؟ وما موقفهم عليهم‌السلام من حركة إبراهيم ومحمّد ذي النفس الزكية؟

__________________

١ ـ صحيح البخاريّ ٧ / ٤٣.

٢ ـ التوحيد : ٢٥ و ٤١٠.

٣ ـ بحار الأنوار ٣ / ٨.

٤ ـ المصدر السابق ٦٥ / ٩٨.

٤٤٢

٣ ـ ما الأسباب التي دعت الأئمّة عليهم‌السلام عدم انتهاج المقاومة المسلّحة؟ ونسألكم الدعاء.

ج : نجيب على أسئلتكم بالترتيب كما يلي :

١ ـ هناك أحاديث وردت في مجامعنا الحديثية تنهى وتستنكر الحركات والأنظمة السياسية قبل ظهور الحجّةعليه‌السلام ، ولكن يجب أن نلاحظ في المقام عدّة أُمور :

أ ـ إنّ هذه الروايات على طوائف من حيث السند ، ففيها المعتبر ، وفيها غيره ، وعليه فلابدّ من التأكّد في جانب السند حتّى يكون الحديث حجّة في المقام.

ب ـ إنّ النهي الوارد في بعض هذه النصوص هو نهي إرشادي لا مولوي ، أي إنّ الإمامعليه‌السلام كان يريد أن يذكر بأنّ الحركة والنهضة سوف لا تثمر ولن تصيب الهدف ، وإن كانت الغاية منها قد يستوجب التقدير والتأييد ، ولكن بما أنّها لن تستثمر ، ومن ثمّ تقع سلبياتها على الشيعة والأُمّة.

فإنّ الأئمّةعليهم‌السلام كانوا ينهون عن التورّط في هذه الحركات ، وهذا ما حدث مع زيد بن عليعليه‌السلام ، فقد كان هو وهدفه ممدوحاً ومؤيّداً من جانب الأئمّةعليهم‌السلام ، ولكن بما أنّ الإمامعليه‌السلام كان لا يرى نتيجة مثمرة من نهضته فكان تارةً يصرّح ، وأُخرى يلوّح بما سيؤول إليه أمره.

وفي عبارة مختصرة : إنّ النهي الوارد في بعض هذه الروايات كان لمصلحة الاحتفاظ على كيان التشيّع عن الدخول في معركة غير متوازنة مع الحكم السائد.

وهذا يختلف جذرياً مع النهضة الحسينية ، إذ كان القائد لها وهو الإمام الحسينعليه‌السلام قد انتهج خطّاً ، واستعمل أسلوباً خاصّاً في حركته ، أدّت إلى بقاء وازدهار الفكر الشيعيّ إلى يومنا هذا.

ج ـ إنّ النهي الوارد في بعض هذه الأحاديث نهي مضاف لا مطلق ، أي إنّ

٤٤٣

الإمامعليه‌السلام وبملاحظة المصالح كان قد ينهى عن التحرّك والخروج لبعض الأشخاص والجهات ، وهذا نظير نهي الإمامعليه‌السلام عن التوغّل في المباحث الكلامية لبعض أصحابه ، في حين كان يشجّع البعض الآخر لتصدّي هذا الأمر.

د ـ إنّ النهي الوارد في بعض هذه النصوص وإن كان مطلقاً ، ولكنّه قد قيّد وخصّص في فترات زمنية محدّدة ، فترى مثلاً أنّ بعض الروايات تؤيّد حركة اليماني ـ وهي من الحركات التي تسبق الظهور ـ وتحثّ الناس بالمشي إليه ، أو أنّ خروج الحسني أو الخراساني ، وذي النفس الزكية ، وحركاتهم مؤيّدة في الجملة.

أو أنّ دولة الأدارسة في المغرب ـ في أيّامها الأول ـ كانت على صلة قريبة من بعض الأئمّةعليهم‌السلام ، أو أنّ إمارة علي بن الإمام الباقرعليه‌السلام في مشهد أردهال ـ منطقة قريبة من قم وكاشان ـ كانت بتنصيص صريح من الإمامعليه‌السلام ، ونظائر أُخرى.

٢ ـ إنّ الأئمّةعليهم‌السلام لو كانوا يرون مصلحة في تأييد بعض الجهات والحركات ، كانوا يدعمونهم باليد واللسان في حدود التقية ، ولكن بما أنّ أكثر التحرّكات لم تكن صالحة ومثمرة ، والبعض القليل منها وإن كانت على حقّ ، ولكن لم تعط النتائج المتوقّعة منها ، لم يبدوا اهتماماً جادّاً في هذا المجال.

ثمّ إنّ خروج إبراهيم ومحمّد ذي النفس الزكية يجب أن ينظر إليه من هذه الزاوية ، فالإمامعليه‌السلام وإن كان يعلم صدق نيّتهما ، ولكن بما أنّه كان يرى عدم الفائدة في ذلك المقطع من الزمن في التحرّك على الطاغية ، لعدم تهيّؤ الأرضية المناسبة لهذه الحركة ، لم يشجّعهما ، ولم يحثّ الشيعة بالالتحاق بهما.

٣ ـ السبب الوحيد في هذا المجال هو عدم استجابة الخطّ العام في المجتمع

٤٤٤

لفكرة الإمامة ، ويؤيّد هذا الموضوع عدم رضوخهم لحكومة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وانحيازهم إلى جانب معاوية في مجابهته للإمام الحسنعليه‌السلام ، وأخيراً استشهاد الإمام الحسينعليه‌السلام ، وعدم وقوفهم معه في وجه يزيد بن معاوية.

كلّ هذا كان دليلاً واضحاً على أنّ عامّة الناس يفضّلون البقاء تحت إمرة الطواغيت ، ولا يستجيبون للحقّ إلاّ القليل منهم.

وفي هذه الظروف لا يمكن اتخاذ أسلوب الكفاح المسلّح ، لأنّه لا يثمر النتيجة المتوخّاة ، وتبقى الخسائر في الأرواح والأموال على أرض الصراع دون ثمرة.

( أمير ـ الإمارات ـ )

مبغضهم يدخل النار :

س : هل الذين يبغضون آل البيت مؤمنين ويدخلون الجنّة؟

ج : ورد في كتب الفريقين عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال لعليعليه‌السلام : «يا علي ، إنّك قسيم الجنّة والنار »(١) .

فإذا كان عليعليه‌السلام هو قسيم الجنّة والنار ، كيف يدخل الجنّة من يبغضه؟ وهل يسمّى مؤمناً من يبغض علياً وآلهعليهم‌السلام ؟

وقد ورد في كتب الفريقين عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال لعليعليه‌السلام : «يا علي ، لا يحبّك إلاّ مؤمن ، ولا يبغضك إلاّ منافق »(٢) .

__________________

١ ـ ينابيع المودّة ١ / ١٧٣ و ٢٤٩ و ٢ / ٤٠٤ ، شرح نهج البلاغة ٩ / ١٦٥ و ١٩ / ١٣٩ ، كنز العمّال ١٣ / ١٥٢ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢٩٨ ، لسان العرب ١٢ / ٤٧٩ ، تاج العروس ٩ / ٢٥ ، مناقب أمير المؤمنين : ١٠٧.

٢ ـ مسند أحمد ١ / ٩٥ و ١٢٨ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٣٣ ، فتح الباري ١ / ٦٠ و ٧ / ٥٨ ، شرح نهج البلاغة ١٣ / ٢٥١ ، تاريخ بغداد ٨ / ٤١٦ و ١٤ / ٤٢٦ ، أُسد الغابة ٤ / ٢٦ ، تذكرة الحفّاظ ١ / ١٠.

٤٤٥

ثمّ إنّ بغض عليعليه‌السلام هو في الواقع بغض لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما ورد في كتب الفريقين عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : «من أحبّني فليحب علياً ، ومن أبغض علياً فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض الله عزّ وجلّ ، ومن أبغض الله أدخله النار »(١) .

إذاً ، مبغض علي وآلهعليهم‌السلام ليس مؤمناً بل منافق ، وفي بعض الروايات كافر ، ومصيره النار لا الجنّة.

( كميل ـ عمان ـ ٢٢ سنة ـ طالب جامعة )

هم آل الله :

س : ما معنى أنّ أهل البيت عليهم‌السلام هم آل الله؟

ج : الأهل في اللغة أهل البيت ، والأصل فيه القرابة ، وقد أطلق على الأتباع(٢) وأهل الله وآل الله كناية عن شدّة الحبّ لله والقرب منه ، حتّى أطلق عليهم أولياء الله ، وهمعليهم‌السلام حجّة الله في أرضه.

( علي شكر ـ بريطانيا ـ ١٨ سنة ـ طالب )

هم الراسخون في العلم :

س : من هم الراسخون في العلم في القرآن؟ هل هم أهل البيت عليهم‌السلام ؟ وكيف يمكن إثبات ذلك؟

__________________

١ ـ ذخائر العقبى : ٦٥ ، المستدرك ٣ / ١٣٠ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٣٢ ، المعجم الكبير ٢٣ / ٣٨٠ ، الجامع الصغير ٢ / ٥٥٤ ، كنز العمّال ١١ / ٦٠١ و ٦٢٢ ، فيض القدير ٦ / ٤٢ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢٧١ ، الجوهرة : ٦٦ ، جواهر المطالب ١ / ٦٣ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٢٩٣ ، ينابيع المودّة ٢ / ١٥٥ و ٣٦٣ و ٣٩٥ و ٤٥٨.

٢ ـ المصباح المنير : ٢٨.

٤٤٦

ج : إنّ معنى الرسوخ هو الثبات ، ومنه قولك : رسخ في ذهني رسوخاً ، أي ثبت الشيء في الذهن ، والراسخون في العلم أي الثابتون فيه والعارفون بواطنه.

والراسخون في العلم المشار إليهم في الآية الكريمة هم الراسخون في علم تأويل القرآن ، لأنّ سياق الآية يفهم منه أنّ الراسخين في العلم الذين يعرفون تأويل القرآن وبواطنه وغوامض متشابهه.

وإنّ الراسخين في العلم في الأُمّة المرحومة لا يكونون إلاّ أهل البيتعليهم‌السلام فقد ورد عن أئمّتناعليهم‌السلام التصريح بأنّهم الراسخون في العلم ، والعارفون بمواطن الكتاب ومتشابهه ، فضلاً عن محكماته.

فعن أبي بصير عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : «إنّ القرآن محكم ومتشابه ، فأمّا المحكم فنؤمن به ونعمل به وندين به ، وأمّا المتشابه فنؤمن به ولا نعمل به ، هو قول الله تعالى : ( فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ) (١) ، والراسخون في العلم هم آل محمّد »(٢) .

عن الفضيل بن يسار عن الإمام الباقرعليه‌السلام قال :( وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) نحن نعلمه(٣) .

وعن أبي بصير عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : «نحن الراسخون في العلم ، فنحن نعلم تأويله »(٤) .

إلى غير ذلك من الروايات الصحاح التي تؤكّد أنّ أهل البيتعليهم‌السلام هم الراسخون في العلم.

__________________

١ ـ آل عمران : ٧.

٢ ـ تفسير العيّاشي ١ / ١٦٣.

٣ ـ المصدر السابق ١ / ١٦٤.

٤ ـ نفس المصدر السابق.

٤٤٧

( أسدي ـ بريطانيا ـ )

هم علّة الخلق :

س : سادتي الأفاضل كيف يمكننا الجمع بين ما يلي ، أرجو بيان الوجه العلمي والأُصولي لذلك : بين الآية الكريمة ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ )(٥) ، وبعض مروياتنا التي تجعل العلّة الغائية أهل البيتعليهم‌السلام ، وهذا في واقعه يعارض الانحصار في الآية الشريفة.

أفيدونا جزاكم الله خيراً.

ج : لا تنافي بين الآية الكريمة وبين كونهمعليهم‌السلام العلّة الغائية ، إذ بالتدبّر سينحلّ ما أشكل عليك ، وذلك ببيان مختصر نقدّمه إليك :

إنّ الآية الكريمة تدلّ على أنّ الغاية من الخلق هو عبادة الله تعالى ، وعبادته تعالى هو معرفته ، ومعرفته لا تكون إلاّ عن طريق حججه وأوليائه ، وهم أهل البيتعليهم‌السلام .

فبواسطتهم يعرف العباد سبل تكليفهم ، وكيفية عبادتهم لله تعالى ، إذ هذه العبادة تكون توقيفية ـ أي موقوفة على اعتبار الشارع وأوامره ـ وهذه الأوامر والتوقيفات لا تعرف إلاّ بهمعليهم‌السلام ، فهم علّة غائية بالتبع للعلّة الغائية الأُولى ، وهي عبادة الله تعالى ، أي أنّ علّتهم الغائية متفرّعة من علّة الإيجاد ، وهي عبادة الله تعالى.

فهنا مقدّمتان كبرى وصغرى :

فالكبرى : هي أنّ علّة الإيجاد والخلق ، عبادة الله تعالى ، العبادة التي لا تكون إلاّ بالمعرفة.

والصغرى : هي أنّ المعرفة لا تكون إلاّ عن طريقهمعليهم‌السلام .

والنتيجة : هي أنّهمعليهم‌السلام علّة غائية للخلق ، بلحاظ تعريف العباد كيفية

__________________

١ ـ الذاريات : ٥٦.

٤٤٨

عبادتهم لله تعالى ، ولعلّ الحديث القدسي يشير إلى هذا الجمع : «يا أحمد لولاك ما خلقت الأفلاك ، ولولا علي ما خلقتك ، ولولا فاطمة لما خلقتكما »(١) .

فالتدبّر في الحديث ، يضيف لك وجوه الجمع المحتملة المشار إليها.

( محمّد بن أحمد العجمي ـ عمان )

إهداء ثواب قراءة القرآن لهم :

س : ما هو الحكم في إهداء سورة أو آية من القرآن الكريم إلى أرواح الأئمّة عليهم‌السلام ؟ علماً بأنّهم غير محتاجين إلى الثواب من أحد إلاّ من الله عزّ وجلّ؟

ج : فبحسب بعض الروايات إنّهمعليهم‌السلام يردّون هذه الهدايا بأضعاف مضاعفة إلى مهديها ، فأثر هذه الهدايا ترجع بالمآل إلى أصحابها ؛ مضافاً إلى أنّه من باب التقدير والتكريم والتعظيم لهم ، ولما تحمّلوه في أعباء الإمامة ، وعلماً بأنّ نفس قراءة القرآن ـ بأيّ مناسبة كانت ـ لها التأثير الملحوظ في ضمير القارئ كما لا يخفى.

( أحمد جعفر ـ البحرين ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة )

مطهّرون قبل نزول آية التطهير :

س : نشكر لكم جهودكم في الإجابة على الأسئلة.

يقول الله تعالى :( إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ ) (٢) .

يقول في الآية : ( وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ ) ألا تعني العصمة؟ كما

__________________

١ ـ مجمع النورين : ١٨٧.

٢ ـ الأنفال : ١١.

٤٤٩

في قوله تعالى : ( لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (١) ، ولم لا تكون دليلاً على أنّهم مطهّرون عن رجز الشيطان قبل نزول الآية ، بدليل قوله : ( عَنكُمُ ) ؟

ثمّ ألا تدلّ هذه الآية على فضيلة لجميع الصحابة؟ لأنّ الله تعالى طهّرهم كلّهم .

ج : إنّ آية( وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ ) لا تدلّ على عصمة أصحاب بدر ، كما تدلّ آية التطهير على عصمة أهل البيتعليهم‌السلام ؛ لأنّ المراد من رجز الشيطان هو الجنابة التي أصابتهم ، بينما المراد من الرجس هو اجتناب المعاصي والذنوب ، والاجتناب دليل على العصمة.

كما أنّ الآية لا تدلّ على تطهيرهم قبل نزولها ، كما دلّت آية التطهير على تطهير أهل البيتعليهم‌السلام قبل نزولها ؛ لأنّ اللام في آية التطهير لام الجنس ، بينما اللام في آية( وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ ) لام التعليل ، أي يطهّركم لأجل ما أصابكم من الجنابة.

قال في الكشّاف : « وذلك أنّ إبليس تمثّل لهم ، وكان المشركون قد سبقوهم إلى الماء ، ونزل المؤمنون في كثيب أعفر تسوخ فيه الأقدام على غير ماء ، وناموا فاحتلم أكثرهم.

فقال لهم : أنتم يا أصحاب محمّد! تزعمون أنّكم على الحقّ ، وإنّكم تصلّون على غير الوضوء وعلى الجنابة ، وقد عطشتم ، ولو كنتم على الحقّ ما سبق عليكم هؤلاء على الماء ، وما ينتظرون بكم إلاّ أن يجهدكم العطش ، فإذا قطع العطش أعناقكم مشوا إليكم ، فقتلوا من أحبّوا ، وساقوا بقيّتكم إلى مكّة ، فحزنوا حزناً شديداً وأشفقوا ، فأنزل الله مطراً ، فمطروا ليلاً حتّى جرى الوادي ، واتخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه الحياض على عدوة الوادي ، وسقوا الركاب ، واغتسلوا وتوضّؤا ، وتلبّد الرمل الذي كان بينهم وبين العدو

__________________

١ ـ الأحزاب : ٣٣.

٤٥٠

حتّى ثبتت عليه الأقدام ، وزالت وسوسة الشيطان ، وطابت النفوس »(١) .

ثمّ إنّ هذه الآية تدلّ على فضيلة لبعض الصحابة لا لجميعهم ، وهم الذين كانوا في بدر.

( حسين حبيب عبد الله ـ البحرين ـ ٢٠ سنة ـ طالب جامعة )

معنى تطهيرهم أي عصمتهم :

س : سؤالي يدور حول آية التطهير ، فأبناء السنّة يقولون : إنّ الآية كانت عادية ، فلم ترفع أهل البيت إلى مستوى العصمة ، واستدلّوا بقوله : ( وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ ) ، ويقولون : إنّ التطهير كان في هذه الآية للمؤمنين ، كما سبق في آية التطهير ، فما الفرق بين الآيتان.

ج : إنّ التطهير في قوله :( وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ ) (٢) ، وكذا في قوله :( مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ ) (٣) ، يختلف عنه في قوله :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (٤) .

لأنّه هناك عامّ لجميع المسلمين ، والمقصود منه فيهما رفع الحدث ، سواء الوضوء كما في آية المائدة ، أو الجنابة كما في آية الأنفال.

أمّا آية التطهير ففيها خصوصيات كثيرة ، تجعلها لا تشابه أية آية أُخرى في ذكر التطهير ، منها :

__________________

١ ـ زبدة البيان : ٣١.

٢ ـ الأنفال : ١١.

٣ ـ المائدة : ٦.

٤ ـ الأحزاب : ٣٣.

٤٥١

١ ـ أداة الحصر( إِنَّمَا ) فهي تدلّ على حصر الإرادة في إذهاب الرجس والتطهير.

٢ ـ كلمة( عَنْكُمْ ) في الآية قُدّمت وهي تستحق التأخير ( ليذهب الرجس عنكم أهل البيت ) ، وفي ذلك دلالة على الحصر ـ كما ذكرنا في محله في أدوات الحصر ـ أي حصر إذهاب الرجس بأهل البيت.

ففي الآية في الحقيقة قصدان : قصد الإرادة في إذهاب الرجس والتطهير ، وقصد إذهاب الرجس والتطهير في أهل البيتعليهم‌السلام .

٣ ـ قوله :( وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) يدلّ على العصمة ، لأنّ المراد بالتطهير المؤكّد بمصدر فعله ، هو إزالة أثر الرجس بإيراد ما يقابله بعد إذهاب أصله ، ومن المعلوم أنّ ما يقابل الاعتقاد الباطل هو الاعتقاد الحقّ ، فتطهيرهم هو تجهيزهم بإدراك الحقّ في الاعتقاد والعمل ، ويكون المراد بالإرادة أيضاً غير الإرادة التشريعية.

٤ ـ اللام في كلمة( الرِّجْس ) لام الجنس ، والمراد من الرجس كل ما يشين كما ذُكر في كتاب اللغة.

ففي الآيات الأُخرى من القرآن تتكلّم عن التطهير من النجاسات المادّية أو المعنوية ، كالغسل والوضوء ، أمّا في هذه الآية ، فالطهارة هنا أعمّ وأشمل من كلّ نجاسة وقذر ومعصية وشرك وعذاب ، فهي تتكلّم عن أعلى مراتب الطهارة لا مرتبة بسيطة من مراتب الطهارة ، كما في الآيات الأُخريات.

وبالتالي فآية التطهير تدلّ على الطهارة بأعلى درجاتها ، وهي ما نسمّيه بالعصمة ، وأمّا ما سواها من الآيات التي تذكر تطهير المؤمنين فلا ترتقي قطعاً لهذه الآية ولا تشابهها ، وإنّما تدلّ على طهارة مادّية أو معنوية ، كالوضوء والتيمم والغسل وما شابه.

وأدلّ دليل على مدّعانا ، ما رواه العامّة والخاصّة في الصحاح ـ كمسلم وغيره ـ من تطبيق النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لهذه الآية بدقّة عالية من جمع أهل البيتعليهم‌السلام المخصوصين

٤٥٢

بالعصمة معه ، ووضعه الكساء عليهم ، وعدم إدخال أحد معهم ، حتّى أُمّ المؤمنين أُمّ سلمة رفض إدخالها ، مع مكانتها وتقواها ، وبيّن اختصاص أهل البيتعليهم‌السلام بهذه الآية مع طلبها الشديد ، وأخذها الكساء ، فهي تخبرنا بأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله جذب منها الكساء ، وقال لها : « ابق إلى مكانك إنّك إلى خير » ، وفي رواية : « أنت من أزواج النبيّ » ، مع ما يحمله النبيّ الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله من خُلق عظيم ، وعدم ردّ طلب أيّ أحد ، ناهيك عن نسائه ، بل أعزّ واتقى نسائه في زمانها ـ أي بعد خديجة ـ ولكن الحقّ أحقّ أن يُتّبع.

ثمّ إخراج يده الشريفة من الكساء ورفعها إلى السماء ، ودعاء ربّ السماء بأنّ هؤلاء هم أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، فأين هذه الآية من تلك؟

( أحمد ـ الكويت ـ ٢٠ سنة ـ طالب )

هم أصحاب الكساء للروايات وتغيير صيغة الضمائر :

س : تقبّل الله أعمالكم ، ووفّقكم الله لمرضاته ، في الحقيقة عندي استفسار بخصوص آية التطهير ، الروايات المتواترة تقول : إنّها نزلت في أصحاب الكساء ، والقرائن الداخلية في الآية الكريمة تفيد أيضاً ، إلاّ أنّني أُريد الإجابة على الإشكال الذي يطرحه البعض ، وهو في النظر إلى هذه الآية الكريمة ( أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ ) (١) بحيث إذا كان الرجل وزوجته يطلق عليهما أهل البيت ، إذاً آية التطهير وهي : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (٢) .

__________________

١ ـ هود : ٧٣.

٢ ـ الأحزاب : ٣٣.

٤٥٣

وقد تغيّرت الصيغة الخطابية من التأنيث إلى التذكير ، لأنّ الرسول وأزواجه داخلين في الآية الكريمة ، إذ هم أهل البيت ، رجاءً الإجابة على هذه النقطة بالذات ، وشكراً وبارك الله بكم.

ج : حينما ندّعي اختصاص عنوان أهل البيت بخصوص أصحاب الكساء دون أزواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فتارة ندّعي ذلك من منطلق اختصاص نفس العنوان المذكور بغير الأزواج ، أي يُدعى أنّ هذا العنوان لا يطلق في لغة العرب أو المصطلح القرآني على الأزواج ، فالزوج ليس من أهل بيت الرجل ، إنّه بناء على أن تكون الدعوى هكذا ، يرد الإشكال الذي أشرتم إليه ، حيث إنّ القرآن الكريم استعمل كلمة أهل البيت في حقّ الأزواج ، هذا تارة.

وتارة أُخرى ندّعي عدم شمول العنوان المذكور للأزواج ، لا من جهة أنّه في اللغة أو في المصطلح القرآني كذلك ، بل من جهة أنّ الروايات الكثيرة من طرق الشيعة والعامّة قد فسّرت عنوان أهل البيت في خصوص هذا المورد بالذات ، بخصوص أصحاب الكساء الخمسة ، وخصوصاً مع تغيير صيغة الضمائر في الآيات فلا يرد الإشكال الذي أشرتم إليه كما هو واضح.

( كرّار أحمد المصطفى ـ الكويت ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة ومبلّغ دين )

لأمّهات الأئمّة شأن خاصّ :

س : هل كانت جميع زوجات الأئمّة على مستوى عال من التقوى؟ لا أعني أُمّ الفضل التي سمّت الجواد عليه‌السلام ، إنّما أُمّهات الأئمّة ، ودمتم موفّقين لخدمة محمّد وآل محمّد عليهم‌السلام .

ج : إنّ لأُمّهات الأئمّةعليهم‌السلام شأناً خاصّاً ، لأنّ الإمامعليه‌السلام في وجوده التكويني يمتاز بمواصفات خاصّة يحتاج إلى ظرف ممتاز عن غيره.

وهذا يعني أنّهن وصلن إلى مستويات عالية من الالتزام بالدين والعقيدة ، والورع عن الشبهات والمحرّمات ، لتتهيّأ أرضية ممتازة وفريدة لظهور ونشوء وجود الإمامعليه‌السلام .

٤٥٤

( علي ـ فرنسا ـ سنّي ـ ٢٨ سنة ـ طالب )

نعتقد بعصمتهم وعلمهم للغيب :

س : نحن السنّة أحقّ منكم بأهل البيت والله يشهد ، نحبّ جميع الصحابة ونترحّم عليهم ، علي وبنيه في قلوبنا نحبّهم ونتولاّهم ، لكن لا نقول إنّهم معصومون ، لا عصمة إلاّ لنبيّ ، ولا نقول إنّهم يعلمون الغيب ( لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ ) ، يهديكم الله ، ويصلح بالكم.

ج : إدعاء محبّة أهل البيتعليهم‌السلام سهل جدّاً ، ولكن المهمّ هو العمل.

وقولك : لكن لا نقول إنّهم معصومون ، لا عصمة إلاّ لنبيّ ، ولا نقول إنّهم يعلمون الغيب( لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ ) (١) .

فنقول : أمّا العصمة فنحن نقول بها عن دليل وبرهان ومبنى وفهم يختلف عن مبناكم وفهمكم للعصمة ، وقولكم : لا عصمة إلاّ لنبيّ لا دليل عليه ، بل هو مخالف لقوله تعالى :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (٢) .

وكذلك لديكم أنّ الملائكة معصومون عن الخطأ والمعصية ، وليس من المحال أن يُعصَمَ أناس عاديون ليسوا بأنبياء بل أولياء ، وأوتاد الأرض والدعاة إلى الله المخلصين ، فذلك غير محصور قطعاً بالأنبياءعليهم‌السلام .

ومسألة علم الغيب فلا أدري يا أخي هل قرأت ما في مسلم وغيره عن حذيفة : « أخبرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة ، فما منه شيء إلاّ قد سألته ، إلاّ إنّي لم أسأله ما يخرج أهل المدينة من المدينة »(٣) .

وفي رواية أُخرى لمسلم عن حذيفة قال : « قام فينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مقاماً ما

__________________

١ ـ النمل : ٦٥.

٢ ـ الأحزاب : ٣٣.

٣ ـ صحيح مسلم ٨ / ١٧٣ ، المستدرك ٤ / ٤٢٦ ، مسند أبي داود : ٥٨ ، مسند أحمد ٥ / ٣٨٦.

٤٥٥

ترك شيئاً يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلاّ حدّث به ، حفظه من حفظه ، ونسيه من نسيه ، قد علمه أصحابي هؤلاء ، وإنّه ليكون منه الشيء قد نسيته فأراه ، فأذكره ، كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه ، ثمّ إذا رآه عرفه »(١) .

فمثل هذه العلوم الغيبية هي التي ندّعيها للأئمّةعليهم‌السلام ، لأنّهم تعلّموا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهم أهل بيته وأدرى من غيرهم بما فيه ، وإن أبيت اختصاصهم فاجعلهم ممّن سمع تلك الخطبة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وحفظها ، فهل هذا مستحيل؟ أم مخالف للكتاب والسنّة؟!

( ـ ٢٣ سنة ـ طالب جامعة )

جواري الأئمّة لم يمسّهن أحد غير الإمام :

س : الإخوة الكرام في مركز الأبحاث العقائدية ، دمتم موفّقين.

ممّا لاشكّ فيه : أنّ بعض النواصب في الإنترنت يقومون بالتشهير بنا ، وسبّنا بأقذع الألفاظ ، ونحتسب ذلك عند الله تعالى ، ولكن قد وصل الأمر إلى البعض أنّهم يأتون بأحاديث من كتبنا ، تدلّ على أنّ أُمّهات أئمّتنا الأطهارعليهم‌السلام من الجواري ، ثمّ يستدلّون أنّ الجارية حسب مذهبنا يجوز استعارة فرجها.

فلم يكفيهم الظلم؟ والآن يسبّون الشرف الطاهر ، ويشكّكون بالشجرة المباركة.

راجياً منكم بيان هذا الأمر ، وما ذكر في كتبنا من أحاديث وما صحّتها؟ والدفاع عن حياض أهل البيتعليهم‌السلام في أقرب وقت ممكن ، ودمتم موفّقين ، تحرسكم رعاية الباري تعالى .

ج : نقول : وإن كانت بعض زوجات الأئمّة جواري ، إلاّ أنّ الأئمّةعليهم‌السلام كانوا يعتقونهن ، ثمّ يتزوّجوهن بالعقد الدائم ، فمثلاً أُمّ الإمام زين العابدينعليه‌السلام ـ هي

__________________

١ ـ صحيح مسلم ٨ / ١٧٢.

٤٥٦

شاه زنان ـ أعتقها أمير المؤمنينعليه‌السلام وزوّجها للحسينعليه‌السلام (١) .

وكذلك أُمّ الإمام المهديّعليه‌السلام ، تزوّجها الإمام الحسن العسكريّعليه‌السلام بعد أن كانت جارية ، فعن الإمام الهاديعليه‌السلام قال : «يا كافور : ادع لي أختي حكيمة » ، فلمّا دخلت عليه قالعليه‌السلام لها : «ها هي » ـ يعني نرجس ـ فاعتنقتها طويلاً ، وسرّت بها كثيراً ، فقال لها مولانا : «يا بنت رسول الله أخرجيها إلى منزلك ، وعلّميها الفرائض والسنن ، فإنّها زوجة أبي محمّد وأُمّ القائم »(٢) ، هذا أوّلاً.

ثانياً : جواري الأئمّةعليهم‌السلام لم ينكحهن أحد غير الإمامعليه‌السلام ، فهذه حميدة المصفّاة ـ أُمّ الإمام الكاظمعليه‌السلام ـ اشتراها الإمام الباقرعليه‌السلام وكانت بكراً ، ولم تنكح غير الإمامعليه‌السلام .

ففي دلائل الإمامة بعد سؤال الإمام لها عن حالها ، هل هي بكر أو ثيّب؟ فعرّفته أنّها بكر ، فقال لها : «أنّى يكون ذلك ، وأنت جارية كبيرة » ؟

فقالت : كان مولاي إذا أراد أن يقرب منّي أتاه رجل في صورة حسنة ، فيمنعه أن يصل إليّ ، فدفعها أبو جعفرعليه‌السلام إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام .

وقال : «حميدة سيّدة الإماء ، مصفّاة من الأرجاس كسبيكة الذهب ، ما زالت الأملاك تحرسها ، حتّى أديت إلى كرامة الله عزّ وجلّ »(٣) .

وكذلك الحال مع أُمّ الإمام الرضاعليه‌السلام ، فإنّها لما اشترتها حميدة أُمّ الإمام الكاظمعليه‌السلام كانت بكراً ، وهبتها إلى الإمام الكاظمعليه‌السلام (٤) .

فالنتيجة : إنّ أُمّهات الأئمّة من الجواري ـ لو فرضنا عدم عتقهن ـ لم ينكحهن أحد غير الإمامعليه‌السلام .

__________________

١ ـ دلائل الإمامة : ١٩٦.

٢ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٤٢٣ ، روضة الواعظين : ٢٥٥ ، دلائل الإمامة : ٤٩٦.

٣ ـ دلائل الإمامة : ٣٠٨.

٤ ـ عيون أخبار الرضا ٢ / ٢٦.

٤٥٧

ثالثاً : بالنسبة إلى ما يتّهموننا زوراً وتلفيقاً ، وبخصوص المسألة الفقهية الخاصّة بنكاح الإماء ، فإنّك تجد جوابنا عليها على صفحتنا تحت العنوان التالي : الأسئلة العقائدية / استعارة الفروج.

وأنت بعد أن تطالع ما كتبنا هناك ترى أنه لا ربط بين المسألتين ، فهذه مسألة فقهية في جواز أن يهب المالك أمته لمن يشاء بمقتضى ملكه ، فإن من البديهيّ جواز وطئ الأمة بالملك لا بالعقد.

وتلك مسألة في موضوع خارجي ، من أنّ الإمام الفلانيّ كانت أُمّه الجارية الفلانية ، ولا دليل خارجيّ قطعاً على حدوث انتقال لهن من يد إلى يد ، بل الدليل على عكسه ، كما علمت أوّلاً وثانياً.

وأمّا ما حاولوا الطعن فيه فهو كذب موضوع ، مع أنّ كلا المسألتين يشاركنا فيها غيرنا من المسلمين.

وأمّا ما حاولوا الطعن به فهو كذب مفضوح ، مبنيّ على مغالطة يحاولون تمريرها على الجهّال!

ففي المسألة الفقهية قد عرفت من جوابنا أنّها تعمّ المسلمين ، وفي مسألة النسب الخارجية فهي أظهر ، إذ كثير من أبناء المسلمين أبناء جواري ، بل بعض الخلفاء كذلك ، كالمأمون وغيره.

والربط بين المسألتين لغرض خبيث مثل قولك : إنّ المشركين كانوا يجيزون الاشتراك في الزوجة ، إذاً فإنّ آباء الصحابة غير معروفين بالتحديد ، بل كلّ واحد اشترك فيه عدّة رجال ، أعوذ بالله.

أو كقولك : إنّ بعض نساء قريش كن يتخذن أماكن للعهر وينصبن الرايات ، فإذاً كلّ رجال قريش ـ حتّى من أسلم وبعضهم من الصحابة ـ أولاد بغايا أعوذ بالله.

أو كقولك : إنّ المسلمين يجيزون زواج المرأة بعد طلاق زوجها أو موته ، فإذاً كلّ أبناء المسلمين مختلطو النسب ، وهكذا.

٤٥٨

وهو واضح بديهي البطلان ، إذ لا ملازمة هناك ، فإنّ القياس هنا باطل ، لأنّ الحدّ الوسط مختلف في المقدّمتين ، ففي إحداهما جزئي ، وفي الأُخرى كلّي ، وهو بديهي البطلان ، ومغالطة لتعميم قضية جزئية لأخذ نتيجة كلّية.

هذا مع ما فيها من الكذب في أصل المسألة الفقهية ، كما أوضحنا آنفاً ، فالمغالطة من جهتين ، الأُولى : في اتهام الشيعة بمسألة لا وجود لها عندهم ، واستخدام مسألة فقهية كإطار لهذا الكذب ، والثانية : نفس المغالطة في إيهام الملازمة بين المسألة المدعاة وبين الوقوع الخارجي.

( مؤيّد الشمّري ـ العراق ـ ٢٦ سنة ـ بكالوريوس الهندسة الكهربائية )

هم أفضل أم القرآن؟

س : ندعو لكم بالتسديد الموفّق ، ونرجو الإجابة عن السؤال التالي :

أيّهما أفضل : العترة المطهّرةعليهم‌السلام أم القرآن الكريم؟ هل يمكن إثبات ذلك بالأدلّة العقليّة والنقليّة؟ نسأل الله أن تشملنا وإيّاكم شفاعة محمّد وآل محمّد.

ج : لقد سؤل سماحة آية الله العظمى الشيخ جواد التبريزي قدّس سرُّه قريباً من هذا السؤال كما في صراط النجاة ج٢ ص ٥٦٦ السؤال ١٧٥٣. وإليك السؤال وجواب سماحة الشيخ :

السائل : هناك رأي يقول إن أهل البيت « سلام الله عليهم » أفضل عند الله من القرآن الكريم فما هو تعليقكم؟

التبريزيّ : القرآن يطلق على أمرين : الأول : النسخة المطبوعة أو المخطوطة الموجودة بأيدي الناس ، الثاني : ما نزل على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بواسطة جبرائيلعليه‌السلام والذي تحكي عنه هذه النسخ المطبوعة أو المخطوطة ، وهو الذي ضحّى الأئمّةعليهم‌السلام بأنفسهم لأجل بقائه والعمل به ، وهو الثقل الأكبر ، ويبقى ولو ببقاء بعض نسخه. وأهل البيتعليهم‌السلام الثقل الأصغر.

٤٥٩

وأمّا القرآن بالمعنى الأول ـ الذي يطلق على كل نسخة ـ فلا يقاس منزلته بأهل البيتعليهم‌السلام بل الإمام قرآن ناطق ، وذاك قرآن صامت ، وعند دوران الأمر بين أن يُحفظ الإمامعليه‌السلام أو يُحتفّظ على بعض النسخ المطبوعة أو المخطوطة ، فلابدّ من إتباع الإمامعليه‌السلام كما وقع ذلك في قضية صفين ، والله العالم.

( عدي العباسيّ ـ الكويت ـ ٢٢ سنة )

أدلّة على بطلان شمول آية التطهير لأزواج النبيّ :

س : أخواني أنا بعثت لكم سؤال في مسألة آية التطهير ، ولم ألق جواباً ، والسؤال هذا : ذكر ميم الجمع بدل نون النسوة ، لأنّ النساء دخل معهن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو رأس أهل بيته صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فما هي الإجابة على هذه الشبهة التي تريد أن تخرج أهل بيت الخمسة من الآية؟ وشكراً.

ج : للإجابة على ما ذكرته نقدّم نقاط :

١ ـ ذُكرت عدّة آراء في المراد من أهل البيت في هذه الآية ، نذكر المهمّ منها ، فبعضها شاذّة ، أو لم يقل به قائل محدّد :

أ ـ إنّها نزلت خاصّة بأهل البيتعليهم‌السلام الخمسة أصحاب الكساء.

ب ـ إنّها نزلت في الخمسة أهل الكساء ، وأزواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ج ـ إنّها نزلت في نساء النبيّ خاصّة.

٢ ـ إنّ القول الثالث قال به عكرمة ومقاتل وعروة بن الزبير ، ونقل عن ابن عباس ، وهو قول شاذّ لم يأخذ به إلاّ المتعصّب ضدّ أهل البيتعليهم‌السلام ، ومع أنّه مردود لأنّ عكرمة ومقاتل لا يأخذ بقولهما ، إذ كانا كذّابين مطعون بدينهما ، وعروة كان يناصب أمير المؤمنينعليه‌السلام أشدّ العداء ، وعدّه بعضهم ممّن يضعون الأخبار في عليعليه‌السلام ، وما عن ابن عباس فضعيف ، لأنّ فيه مجاهيل ، مع أنّ له معارضاً من قول ابن عباس نفسه.

وقد استدلّ الرادّون له وللقول الثاني ، بأدلّة كثيرة على بطلانهما :

٤٦٠