موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٣

موسوعة الأسئلة العقائديّة0%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-03-4
الصفحات: 621

موسوعة الأسئلة العقائديّة

مؤلف: مركز الأبحاث العقائديّة
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف:

ISBN: 978-600-5213-03-4
الصفحات: 621
المشاهدات: 245469
تحميل: 5301


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 621 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 245469 / تحميل: 5301
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء 3

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: 978-600-5213-03-4
العربية

الصفوة من النبيّين والمرسلين من نسلهما ، ومعاذ الله أن ذلك على ما قالوا من الأخوة والأخوات )(١) .

ولنا روايات أُخرى بهذا المضمون أيضاً ، ومنها ما يدلّ على أنّ الله تعالى بعث إلى هابيل حوراء وإلى قابيل امرأة من طائفة الجنّ ، والجنّ أيضاً يتشكّل بشكل الإنسان كما كان ذلك للملائكة ، وأنّ الحور في الجنان أشكالهن كشكل النساء في الدنيا ، والملائكة وإن كانوا من المجرّدات ، ولكن يتشكّلوا بشكل الإنسان أيضاً ، بأمر الله سبحانه لحكمة خاصّة.

عن معاوية بن عمّار قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن آدم أبي البشر أكان زوّج ابنته من ابنه؟

فقال : (معاذ الله ، والله لو فعل ذلك آدم عليه‌السلام لما رغب عنه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وما كان آدم إلاّ على دين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ).

فقلت : وهذا الخلق من ولد من هم؟ ولم يكن إلاّ آدم وحوّاء

فقال :عليه‌السلام : (فلمّا أدرك قابيل ما يدرك الرجل ، أظهر الله عزّ وجلّ جنّية من ولد الجانّ ، يقال لها : جهانة في صورة أنسية ، فلمّا رآها قابيل ومقها ـ أي مال إليها ـ فأوحى الله إلى آدم : أن زوّج جهانة من قابيل ، فزوّجها من قابيل.

ثمّ ولد لآدم هابيل ، فلمّا أدرك هابيل ما يدرك الرجل ، أهبط الله إلى آدم حوراء واسمها : ترك الحوراء ، فلمّا رآها هابيل ومقها ، فأوحى الله إلى آدم أن زوّج تركاً من هابيل ففعل ذلك ، فكانت ترك الحوراء زوجة هابيل بن آدم )(٢) .

وعن الإمام الباقرعليه‌السلام قال : (إنّ الله عزّ وجلّ أنزل حوراء من الجنّة إلى آدم ، فزوّجها أحد ابنيه ، وتزوّج الآخر إلى الجنّ فولدتا جميعاً ، فما كان من الناس من جمال وحُسن خلق فهو من الحوراء ، وما كان فيهم من سوء الخلق فمن بنت الجان ) ، وأنكر أن يكون زوّج بنيه من بناته(٣) .

____________

١ ـ علل الشرائع ١ / ١٨.

٢ ـ بحار الأنوار ١١ / ٢٢٦.

٣ ـ علل الشرائع ١ / ١٠٣.

٤٦١

( أبو عباس ـ البحرين ـ ٤٠ سنة ـ طالب جامعة )

ظاهر القرآن لا يساعد بالتزاوج من جنس آخر :

س : المشكلة التي يطرحها العلاّمة الطباطبائي تجاه هذه الروايات هي : أنّه لا يمكن فلسفياً أن يقع التزاوج بين جنسين مختلفين ، كالبشر والحور ، أو كالبشر والجنّ ، فلذلك مال إلى تقوية القول بتزاوج الأخوة والأخوات.

ج : إنّ السيّد الطباطبائي لم يجعل السبب في قوله بتزاوج الأخوة والأخوات في شريعة آدم ، هو عدم إمكان زواج البشر بالحور أو الجنّ ، بل جعل ذلك لأنّه لا يتناسب مع ظاهر القرآن ، فإنّ ظاهر إطلاق قوله تعالى :( وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء ) (١) ، أنّ النسل موجود من الإنسان ، إنّما ينتهي إلى آدم وزوجته ، من غير أن يشاركهما في ذلك غيرهما من ذكر أو أُنثى ، ولم يذكر القرآن للبث إلاّ إيّاهما ، ولو كان لغيرهما شركه في ذلك ، لقال : وبثّ منهما ومن غيرهما أو ذكر ذلك بما يناسبه من لفظ ، ومن المعلوم أنّ انحصار مبدأ النسل في آدم وزوجته يقضي بازدواج بنيهما من بناتهما.

( علي جبر القره غولي ـ ٢٦ سنة ـ العراق ـ طالب علم )

الزواج من جنس آخر ممكن إذا تحوّل :

س : هل من الممكن أن يتّصل مخلوق الجنّ بمخلوق البشر جنسياً؟ أو أيّ وسيلة اتصال أُخرى؟

وما حقيقة أو تفسير الآية :( وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلاد ) (٢) ؟ وكيف يمكن للجنّ أن يمسّ البشر بحيث يعبّر عنه أنـّه ممسوس أو مجنون والعياذ بالله.

____________

١ ـ النساء : ١.

٢ ـ الإسراء : ٦٤.

٤٦٢

ج : الجنّ مخلوقون من نار ، والإنس مخلوقون من تراب ، ولا يتصوّر على هذا أنّه يمكن أن يحصل تزاوج بينهما ، لاختلاف في مادّة الخلق ، فضلاً عن النوع الواحد ، فهل يتصوّر زواج إنسان من كلب ، وحصان ببقرة ، فكيف بالجنّ.

وإن مر عليك أنّ جنّياً تزوّج من إنسان ، فهذا لا يعني بقاءه على صورته ، بل حوّله الله تعالى إلى مخلوق أنسي حتّى يصحّ التزاوج ، هذا كلّه على فرض صحّة تلك الأخبار.

وأمّا ما يتعلّق بالآية القرآنيّة ، فيقول العلاّمة الطباطبائي : ( فمشاركة الشيطان للإنسان في ماله أو ولده ، مساهمته له في الاختصاص والانتفاع ، كأن يحصل المال الذي جعله الله رافعاً لحاجة الإنسان الطبيعية من غير حلّه ، فينتفع به الشيطان لغرضه ، والإنسان لغرضه الطبيعي ، أو يحصّله من طريق الحلّ ، لكن يستعمله في غير طاعة الله فينتفعان به معاً ، وهو صفر الكفّ من رحمه الله.

وكأن يولد الإنسان من غير طريق حلّه أو يولد من طريق حلّه ، ثمّ يربّيه تربية غير صالحة ، ويؤدّبه بغير أدب الله ، فيجعل للشيطان سهماً ولنفسه سهماً ، وعلى هذا القياس )(١) .

واستناد الجنون إلى الشيطان أو الجنّ ليس على نحو الاستقامة ، ومن غير واسطة ، بل لأسباب طبيعية ، كاختلال الأعصاب والآفة الدماغية أسباب قريبة وراءها الشيطان(٢) .

( السعودية )

خلق الأئمّة لهداية الخلق :

س : هل أنّ أهل البيت عليهم‌السلام خلقوا لهداية الخلق؟ والأخذ بيدهم ، وفّقكم الله.

____________

١ ـ الميزان في تفسير القرآن ١٣ / ١٤٦.

٢ ـ المصدر السابق ٢ / ٤١٣.

٤٦٣

ج : من الواضح أنّ الله تعالى لم يخلق هذا الخلق عبثاً( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا ) (٣) ، وإنّما خلق الله الأشياء من أجل الإنسان( وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ) (٤) ، وخلق الإنسان من أجل تكامله ، والتكامل يحتاج إلى هداة إليه ، والهداة هم أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام ـ كما نقرأ في زيارة الجامعة الكبيرة المروية عن الإمام الهاديعليه‌السلام ـ : ( السلام على أئمّة الهدى ومصابيح الدجى وأنتم نور الأخيار وهداة الأبرار ).

إذاً الأئمّةعليهم‌السلام خُلقوا لهداية الخلق ، والخلق وباقي المخلوقات خُلقت لأجل اتباع الخمسة من أهل الكساءعليهم‌السلام ، كما ورد هذا المعنى في حديث الكساء ـ المروي عن جابر بن عبد الله الأنصاريّ ـ : ( يا ملائكتي ويا سكّان سماواتي ، إنّي ما خلقت سماء مبنية ، ولا أرضاً مدحية ، ولا قمراً منيراً ، ولا شمساً مضيئة ، ولا فلكاً يدور ، ولا بحراً يجري ، ولا فلكاً يسري ، إلاّ في محبّة هؤلاء الخمسة ، الذين هم تحت الكساء ).

جعلنا الله وإيّاكم من المتمسّكين بولاية أهل البيتعليهم‌السلام .

( عباس ـ عمان ـ ٢٥ سنة )

الاستنساخ البشري ليس خلقاً جديداً :

س : ما الذي يثبت الاستنساخ في القرآن؟ لأنّنا نقرأ في الآيات القرآنيّة أنّ الخلق إمّا أن يكون من الطين مباشرة ـ كخلق آدم عليه‌السلام ـ أو ببث الروح والنفخ ـ كخلق عيسى عليه‌السلام ـ أو كالخلق العادي من مني يمنى من أين نستشف الاستنساخ من القرآن الكريم؟

ج : إنّ الاستنساخ ـ على ما ذكره أهل الاختصاص ـ ليس خلقاً جديداً بمعنى الإيجاد من العدم ، بل هو نقل الصفات والمميّزات من مخلوق إلى آخر ، بغية

____________

١ ـ المؤمنون : ١١٥.

٢ ـ الجاثية : ١٣.

٤٦٤

تطوير وتحسين المواصفات في المخلوق الثاني ، وإن كان الأمر حاليّاً في عالم الفرضيات والنظريات بالنسبة للخلقة الإنسانية ، ويبدو أنّه قد يرى بعض المشاكل والموانع في طريقه نحو التطبيق والفعلية.

ثمّ على فرض الوجود فلا يكون متناقضاً مع الخلق الأوّل الذي ابتدعه الله تعالى في صورة آدمعليه‌السلام وحوّاء ، فإنّ النسل البشري ـ في كافّة أنحاء تقلّباته ـ ينتهي بالمآل إليهما ، وعليه فتبقى اطلاقات الآيات القرآنيّة والأحاديث كلّها بحالها في هذا المجال ، فإنّ النصوص الدينية تصرّح بأنّ الإيجاد الأوّل كان بيد الله تعالى ، ثمّ إنّ التطوّرات حصلت أو قد تحصل في دائرة شمولية هذا الخلق.

وأخيراً : فإنّ الحكم الشرعيّ في هذا المجال يجب أن ينظر فيه من زاوية النظرة الفقهيّة ، فيراجع فيه إلى المراجع والمجتهدين وذوي الاختصاص.

( حسين جبّاري ـ البحرين ـ ٢٣ سنة. طالب )

أوّل مخلوق جسماني خلق هو الماء :

س : ما هو أوّل خلق الله؟ وخصوصاً أنّ السنّة يختلفون في هذا الأمر ، فهناك من يقول أنّه الماء ، ومن يقول أنّه نور محمّد ، فما هو قول الشيعة في هذا الأمر؟ وما هو الدليل على ذلك من القرآن.

ج : قد وردت عندنا روايات تبيّن من هو أوّل خلق لله تعالى ، منها ما ورد عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : (أوّل ما خلق الله روحي )(١) ، وعنه أيضاً : (أوّل ما خلق الله العقل )(٢) ، وعن الإمام الصادقعليه‌السلام : (قال الله تبارك وتعالى : يا محمّد إنّي خلقتك وعليّاً نوراً ـ يعني روحاً ـ بلا بدن ، قبل أن أخلق سماواتي وأرضي ، وعرشي وبحري ، فلم تزل تهلّلني وتمجّدني )(٣) ، وهناك روايات أُخرى تشير

____________

١ ـ شرح أُصول الكافي ١٢ / ١١.

٢ ـ المصدر السابق ١ / ٢٠٤.

٣ ـ الكافي ١ / ٤٤٠.

٤٦٥

إلى أنّ الماء أوّل صنع في عالم الخلق ، وقد شرح المازندرانيّ في شرح أُصول الكافي هذا الاختلاف ، وقال : لا منافاة بين هذه الروايات ، لأنّ هذه الثلاثة متحدة بالذات مختلفة بالحيثيات.

إذ هذا المخلوق الأوّل من حيث أنّه ظاهر بذاته ومظهر لظهوره وجودات غيره ، وفيضان الكمالات من المبدأ عليها سمّي نوراً ، ومن حيث إنّه حيّ وبسببه حياة كلّ موجود سمّي روحاً ، ومن حيث أنّه عاقل لذاته وصفاته وذوات سائر الموجودات وصفاتها سمّي عقلاً(٤) .

وجاء في الهامش : أنّ أوّل صادر من الواجب تعالى في السلسلة الطولية ـ أعني العلل والمعلولات ـ أشرف المخلوقات مطلقاً ، لكونه أقرب إلى الواجب تعالى ، وليس إلاّ روح خاتم الأنبياءصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو نور لتحقّق معناه فيه ، وكونه ظاهراً بذاته ومظهراً لغيره ، وهو عقل لتقدّم العقل على الجسم

وأمّا كون الماء أوّل المخلوقات فالمراد منه أوّل موجود جسماني ، لا أوّل الموجودات مطلقاً كما علم ممّا مر ، وأعلم أنّ الإمامعليه‌السلام جرى ها هنا على اصطلاح الناس في ذلك العصر ، فإنّ العناصر عندهم كانت منحصرة في أربعة : الماء والهواء أي الريح ، والنار والأرض ، وبيّنعليه‌السلام أنّ الأصل هو الماء ، والثلاثة الأُخرى مولدة منه.

( عادل. البحرين ـ ٢١ سنة ـ طالب ثانوية )

الهدف من الخلقة :

س : أودّ منكم الإجابة على هذه الأسئلة التي تكاد تفجّر رأسي حول الغاية من خلق الإنسان :

من أين أنا؟ ولماذا؟ وإلى أين؟ الرجاء كلّ الرجاء السرعة في الردّ.

____________

١ ـ شرح أُصول الكافي ١٢ / ١١.

٤٦٦

ج : من حقّك أن تسأل مثل هذا ، فلابدّ للإنسان أن يعرف من أين مبدأه ، وإلى أين منتهاه ، وما هي العلّة من وجوده؟ فأنت في الواقع تسأل عن أصلين من أُصول الدين ، وهما : التوحيد والمعاد ، بالإضافة إلى الهدف من خلق الإنسان؟

وللإجابة على ذلك على نحو الإجمال ؛ هو أن تفهم أنّ البداية من الله ، وأنّ النهاية إلى الله ، وقد أوجز سبحانه ذلك بقوله :( إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ) (١) .

أمّا ما هي الغاية أو الحكمة من خلق الإنسان؟ فهي التخلّق بالقيم والمثل الروحية والأخلاقية ، والاتصاف بالأسماء والصفات الإلهيّة ، وذلك يتحقّق بالعبودية لله تعالى.

وبما أنّك مسلم فلابدّ أن تعترف بالقرآن ، ولابدّ أن ترجع إليه لأنّه خير معين ، وهو يجيبك على ما في خلجات نفسك ، فالله تعالى يقول في كتابه العزيز :( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ) (٢) ، فالعبودية هي الغرض الإلهيّ من خلق الإنسان ، وكمال عائد إليه هي وما يتبعها من الآثار ، كالرحمة والمغفرة وغير ذلك ، ولو كان للعبادة غرض كالمعرفة الحاصلة بها والخلوص لله ، كان هو الغرض الأقصى ، والعبادة غرضاً متوسّطاً.

وقد قال تعالى :( ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ ) (٣) ، وقوله :( خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) تعليل لقوله :( لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ ) (٤) ، أي إنّما انحصرت الألوهية فيه لأنّه خالق كلّ شيء من غير استثناء ، فلا خالق غيره لشيء من الأشياء حتّى يشاركه في الألوهية ، وكلّ شيء مخلوق له خاضع له بالعبودية فيها ، وقوله :( فَاعْبُدُوهُ ) متفرّع كنتيجة على قوله :( ذَلِكُمُ

____________

١ ـ البقرة : ١٥٦.

٢ ـ الذاريات : ٥٦.

٣ ـ الأنعام : ١٠٢.

٤ ـ البقرة : ١٦٣.

٤٦٧

اللهُ رَبُّكُمْ ) أي إذا كان الله سبحانه هو ربّكم لا غير فاعبدوه.

وقد قال تعالى أيضاً :( إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى ) (١) ، وهذه وغيرها من الآيات الكثيرة تثبت المعاد ، والرجوع إلى عالم أخر ، فلابدّ إذاً من الاستعداد إلى ذلك العالم.

وإن كنت تجد في نفسك شيء من الإسلام ؛ فلابدّ إذاً من البحث في القرآن وإعجازه حتّى يتسنّى لك الاستفادة منه ، فالقرآن تحدّى جميع البشر أن يأتوا بمثله ، وقد عجزوا عن ذلك! فهو إذاً من قوّة عليا فوق قدرة البشر.

ثمّ أنّ الإيمان بالمبدأ والتوجّه إلى ما وراء الطبيعة من الأُمور الفطرية ، التي عجنت خلقة الإنسان بها كما عجنت بكثير من الميول والغرائز ، وإنّ الشعور الديني الذي يتأجّج لدى الشباب في سنّ البلوغ ، يدعو الإنسان إلى الاعتقاد بأنّ وراء هذا العالم عالماً آخر ، يستمد هذا العالم وجوده منه ، وإنّ الإنسان بكلّ خصوصيّاته متعلّق بذلك العالم ويستمد منه ، وقد ذكر الله تعالى ذلك بقوله :( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ) (٢) .

وإنّ عبارة فطرة الله تفسير للفظة الدين الواردة قبلها ، وهي تدلّ بوضوح على أنّ الدين شيء خُلِق الإنسان عليه وفُطِر به ، كما خُلِق وفُطِر على كثير من الميول والغرائز ، والدين هنا يعني الاعتقاد بخالق العالم والإنسان ، وأنّ مصير الإنسان بيده.

ثمّ إنّ الدين عامل قويّ يرجّح كفّة الأخلاق ، ويوصي الإنسان بالعمل بالقيم وكبح جماح الغرائز ، لأنّ المتدّين يعتقد بأنّ كلّ ما يعمل من خير وشر في هذه الدنيا يحاسبه الله سبحانه عليه بأشدّ الحساب.

____________

١ ـ العلق : ٨.

٢ ـ الروم : ٣٠.

٤٦٨

الخمس :

( راشد حسين علي ـ الكويت ـ )

جزاء تاركه عمداً :

س : ما جزاء تارك الخمس عمداً؟

ج : إنّ الخمس واجب على الجميع ، وتاركه عمداً إذا لم يكن مستحلاً له فهو من مرتكبي الكبائر ، ويعاقب يوم القيامة عقاباً شديداً ، ويجب عليه إخراج جميع ما تعلّق بذمّته من الخمس منذ سنّ التكليف ، وإذا لم يعلم مقداره ، فعليه بمراجعة مرجع التقليد أو وكيله لإجراء المصالحة معه.

( حسن محمّد يوسف ـ البحرين ـ ١٨ سنة ـ طالب جامعة )

يشمل غير غنائم الحرب :

س : هل الخمس واجب في غنائم الحرب فقط ، كما يقول أهل السنّة؟ ولماذا؟

ج : إنّ دليل وجوب الخمس في القرآن كما تعلم هو قوله تعالى :( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى ) (١) .

والغنيمة هنا مطلق ما يغنمه المرء وما يكسبه من تجارةٍ أو هبةٍ أو بسبب الحرب ، الذي من خلاله يغنم على ممتلكات العدو.

هذا معنى الغنيمة ، فالغنيمة بمعنى الغنم والظفر والحصول على شيء ،

____________

١ ـ الأنفال : ٤١.

٤٦٩

وقد أكّد هذا المعنى الراغب الأصفهاني ـ وهو من علماء أهل السنّة ـ بأنّ كلّ ما يحصل عليه من كسبٍ ومن غيره في حربٍ أو غير حرب فهو غنم ، فقال : والغنم : إصابته والظفر به ، ثمّ استعمل في كلّ مظفورٍ به من جهة العدى وغيرهم(١) .

قال تعالى :( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ ) ، وقال :( فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّبًا ) (٢) والمغنم : ما يغنم وجمعه مغانم ، قال تعالى :( فَعِندَ اللهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ) (٣) .

فالغنيمة ، هو مطلق حصول الإنسان على شيء من حربٍ أو غير حرب ، هذا ما يوافق القرآن ، وأهل اللسان ، وما خالفه لا يلتفت إليه ولا يسمع إلى قوله.

فالذين حصروا الخمس في غنيمة الحرب خالفوا ما عليه إطلاق المعنى ، وحصروه في غنائم الحرب من دون دليل ، بل خلاف القرآن واجتهاد مقابل النصّ.

وبعبارة أُخرى : فإنّ الدليل مع من قال بإطلاق اللفظ على معنى الغنائم جميعاً ، في الحرب أو التجارة أو غيرها.

وأمّا من ضيّق دائرة نطاق اللفظ ليحصرها على مورد واحد من موارد الغنيمة ، كانت دوافعه سياسية معروفة ، فأهل البيتعليهم‌السلام ومن تبعهم كانوا يشكّلون قوّة خطرٍ دائم على النظام ، ولغرض إضعاف القوّة الهاشميّة الناشطة آنذاك ، ولغرض فرض حصارٍ اقتصادي يوجب شل حركة الهاشميّين ، أوّلوا الغنيمة إلى كلّ ما يكسبه المقاتل في الحرب ، وألغوا جميع معانيها الأُخرى ، وعلماء البلاط لا يفتون إلاّ بما يضمن مصالح النظام ، ودفع أي احتمال خطر

____________

١ ـ مفردات غريب القرآن : ٣٦٦.

٢ ـ الأنفال : ٦٩.

٣ ـ النساء : ٩٤.

٤٧٠

يحيط بهم الآن أو مستقبلاً ، وبذلك عطّلوا عاملاً قوياً ومهمّاً في تنشيط الهاشميّين وتفعيل تحرّكاتهم ، هذا هو سبب حصر اللفظ على معنى واحد ، وهو كما ترى لا يستقيم.

( حيدر ـ الكويت ـ )

أدلّة وجوبه في أرباح المكاسب :

س : ما هي الدلائل الشرعيّة على وجوب الخمس من القرآن الكريم ، وكتب السنّة والشيعة؟ حيث أنّه لا يوجد عند السنّة إلاّ الزكاة ، لأنّها ذكرت في القرآن الكريم ، وشكراً.

ج : من المواضيع المختلف فيها بين الشيعة والسنّة هو إخراج الخمس من أرباح المكاسب ، وكلّ ما حصلوا عليه من أموال طيلة سنتهم بشروط خاصّة ، بعد الاتفاق بينهم على وجوب الخمس في غنائم الحرب ، لصريح الآية الكريمة :( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللهِ ) (١) ، ولصريح قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع : الإيمان بالله ، وأقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وأن تؤدّوا خمس ما غنمتم )(٢) .

فالشيعة ـ امتثالاً لأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ يخرجون خمس أرباح مكاسبهم ، وما حصلوا عليه من أموال طيلة سنتهم ـ التي تتوفر فيها شرائط خاصّة ـ ، ويفسّرون معنى الغنيمة بكلّ ما يكسبه الإنسان من أرباح بصفة عامّة.

أمّا أهل السنّة ، فقد أجمعوا على تخصيص الخمس بغنائم الحرب فقط ، وفسّروا قوله تعالى :( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ ) يعني ما حصّلتم عليه في الحرب.

____________

١ ـ الأنفال : ٤١.

٢ ـ صحيح البخاريّ ١ / ١٣٣ و ٢ / ١٠٩ و ٤ / ٤٤ و ٥ / ١١٦.

٤٧١

وما ذهب إليه أهل السنّة من تخصيص الخمس بغنائم الحرب غير صحيح ، وذلك لأمرين :

١ ـ أخرجوا في صحاحهم فرض الخمس في غير غنائم الحرب ، ونقضوا بذلك تأويلهم ومذهبهم ، فقد جاء في صحيح البخاريّ أن في الركاز الخمس ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( في المعدن جُبار ، وفي الركاز الخمس )(١) .

والركاز هو : الكنز الذي يستخرج من باطن الأرض ، وهو ملك لمن استخرجه ، ويجب فيه الخمس لأنّه غنيمة ، كما أنّ الذي يستخرج العنبر واللؤلؤ من البحر ، يجب عليه إخراج الخمس لأنّه غنيمة.

وبما أخرجه البخاريّ في صحيحه يتبيّن لنا : أنّ الخمس لا يختص بغنائم الحرب.

٢ ـ خلاف المعنى اللغويّ للغنيمة ، فقد جاء في المنجد : ( أنّ الغنيمة ما يؤخذ من المحاربين عنوة ، المكسب عموماً )(٢) ، وعلى هذا فكلّ مكسب فهو غنيمة ، وعليه فالغنيمة تشمل أرباح المكاسب.

ثمّ لا يخفى عليك أنّ الشيعة اعتمدت في وجوب الخمس على الآية والروايات الواردة عن أهل البيتعليهم‌السلام ، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا ، والذين هم عدل الكتاب ، لا يضلّ من تمسّك بهم ، ويأمن من يلجأ إليهم.

( رياض عيسى ـ البحرين ـ )

أهمّيته وكيفية إخراجه :

س : أُريد توضيحاً عن الخمس ، وكيفية إخراجه؟

ج : قال الله تعالى :( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ

____________

١ ـ المصدر السابق ٢ / ١٣٧.

٢ ـ المنجد : ٥٦١.

٤٧٢

وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِالله ) (١) .

الخمس من الفرائض الإسلاميّة والواجبات الدينية على كلّ مسلم ومؤمن. فعن الإمام الباقرعليه‌السلام قال عندما قرأت عليه آية الخمس : (ما كان لله فهو لرسوله ، وما كان لرسوله فهو لنا ) ، ثمّ قال : (لقد يسّر الله على المؤمنين أنّه رزقهم خمسة دراهم ، وجعلوا لربّهم واحداً ، وأكلوا أربعة حلالاً ) ، ثمّ قال : (هذا من حديثنا صعب مستصعب ، لا يعمل به ولا يصبر عليه إلاّ ممتحن قلبه للإيمان )(٢) .

ويبدو أنّ إعطاء الخمس من مظاهر هذا الامتحان الإلهيّ ، فمن أعطى الخمس بطيب نفسه وابتهاج وسرور ، فإنّ ذلك من علامات الإيمان ، ولا يصبر عليه إلاّ ممتحن قلبه للإيمان.

وعن الإمام الكاظمعليه‌السلام قال : (قال لي هارون : أتقولون إنّ الخمس لكم؟ قلت : نعم ، قال : إنّه لكثير ، قلت : إنّ الذي أعطاناه علم أنّه لنا غير كثير )(٣) .

فمن أمثال هارون الرشيد الطاغية يصعب عليه الخمس ويراه كثيراً ، فكيف بمن ينكر ويمنع أصل ذلك؟

والخمس كما في الآية الشريفة للأصناف الستة : لله وللرسول ولذوي القربى ـ وهم الأئمّة الأطهار ـ وما كان لله فهو لرسوله ، وما كان للرسول فهو للإمام المعصومعليه‌السلام .

وقد تعارف بين المتشرّعة وجود سهم في زمن الغيبة الكبرى ، باسم سهم الإمام ، يصرف في ترويج الدين الإسلاميّ والمصالح العامّة بإذن من مرجع

____________

١ ـ الأنفال : ٤١.

٢ ـ بصائر الدرجات : ٤٩.

٣ ـ بحار الأنوار ٤٨ / ١٥٨.

٤٧٣

التقليد الجامع للشرائط أو وكيله ، والنصف الثاني من الخمس يعطى للأصناف الثلاثة الأُخرى المذكورين في الآية الشريفة من الهاشميّين بدلاً من الزكاة ، لأنّها من غيرهم تحرم عليهم ، ويسمّى هذا القسم : بسهم السادة.

فالخمس من الفرائض المؤكّدة المنصوص عليها في القرآن الكريم ، وقد ورد الاهتمام الكبير بشأنه في كثير من الروايات المأثورة عن أهل البيتعليهم‌السلام ، وفي بعضها اللعن والويل والثبور على من يمتنع من أدائه ، وعلى من يأكله بغير استحقاق.

فمن كتاب لإمامنا المهديّعليه‌السلام قال : (ومن أكل من أموالنا شيئاً ، فإنّما يأكل في بطنه ناراً )(١) .

وقالعليه‌السلام أيضاً في كتاب آخر : (بسم الله الرحمن الرحيم : لعنة الله والملائكة والناس أجمعين على كلّ من أكل من مالنا درهماً حراماً )(٢) .

وقالعليه‌السلام أيضاً : (وأمّا المتلبّسون بأموالنا فمن استحلّ منها شيئاً فأكله ، فإنّما يأكل النيران )(٣) .

فيا ترى ، فهل يعيش برغد وسعادة من يمنع الخمس؟ وأنّى يكون ذلك وصاحب العصر والزمانعليه‌السلام يدعو عليه؟ وطوبى لمن أدّى خمسه ، وشمله دعاء مولاه ، فكيف لا يسعد ولا يوفّق في حياته ، ولا يعيش بهناء في الدنيا ، وجنّات عرضها السماوات والأرض في الآخرة.

وهذا المال ممّن؟ أليس من الله سبحانه؟ فلماذا يبخل الإنسان؟

وإن قيل : إنّما هو بكدّي وعرق جبيني ، فنقول : وممّن الحول والقوّة؟ وممّن الصحّة والعافية؟ وممّن التوفيق؟ فلماذا لا نطيع ربّ العالمين؟ ولماذا البخل؟ وما قيمة المال بلغ ما بلغ؟ فكيف لو كان ذلك موجباً لدعاء صاحب الأمرعليه‌السلام

____________

١ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٥٢١.

٢ ـ المصدر السابق : ٥٢٢.

٣ ـ المصدر السابق : ٤٨٥.

٤٧٤

عليه ، فيما لم يودّ حقوقه الشرعيّة؟ وفي المال حقّ للسائل والمحروم ، وما ثمن المال لو كان عاقبته النيران والويل ، ولعنة الله والملائكة والناس أجمعين.

وجاء في تفسير القمّيّ عندما يسأل أهل النار( مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ) (١) ؟ فمن أجوبتهم ، يقولون :( وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ) (٢) قال : ( حقوق آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله من الخمس لذوي القربى ، واليتامى والمساكين ، وابن السبيل ، وهم آل محمّدعليهم‌السلام )(٣) .

وجاء أيضاً في قوله تعالى :( وَلاَ تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ) (٤) أي لا تدعوهم ، وهم الذين غصبوا آل محمّد حقّهم ، وأكلوا أموال اليتامى وفقراءهم ، وأبناء سبيلهم(٥) ، وهذا من التأويل أن لم يكن من التفسير ، فتدبّر وأمعن النظر ، فلا يقل الخمس عن الزكاة في القدر ، ولا في الحكمة والأثر.

وأمّا كيفية استخراج الخمس ، فإنّه مذكور بالتفصيل في الرسائل العملية لمراجعنا الكرام ، فر اجع.

( أحمد ـ ـ )

آية( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) لا تدلّ عليه :

س : وجدت في تفسير آية( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) ، وفي رواية أنّ علي بن الحسين عليهما‌السلام قال لرجل من أهل الشام : ( نحن ذو القرابة ) ، وأنّ معناها الخمس.

____________

١ ـ المدّثّر : ٤٢.

٢ ـ المدّثّر : ٤٤.

٣ ـ تفسير القمّيّ ٢ / ٣٩٥.

٤ ـ الفجر : ١٨.

٥ ـ تفسير القمّيّ ٢ / ٤٢٠.

٤٧٥

ووجدت روايات في بعض الكتب ، أنّه حينما نزلت الآية ، أعطى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فدكاً لفاطمةعليها‌السلام ، فلذا أيّها الأساتذة الأفاضل ، إذا كانت الآية هي الخمس ، فما هو التفسير في إعطاء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فدكاً لفاطمةعليها‌السلام عند نزولها ، فهل فدك كانت من الخمس؟

أرجو منكم الإجابة التي تشفي الغليل ، وتطمئن القلب.

ج : نعم ، وردت روايات كثيرة إلى حدّ الاستفاضة في إعطاء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فدكاً لفاطمةعليها‌السلام بعد نزول هذه الآية ، والتي وردت في سورتين(١) ، وأيضاً ورد في رواية الاحتجاج عن الإمام السجّادعليه‌السلام تأويله( ذَا الْقُرْبَى ) بأهل البيتعليهم‌السلام (٢) .

ولكن لم يرد في أثر أنّ مقصود الآية هو الخمس ، فالمجامع الروائية خالية من هذا المعنى ، ولا نعلم له وجهاً وجيهاً ، وللمزيد من الإيضاح راجع تفاسير الميزان ، الصافي ، العيّاشيّ ، البرهان ، وكافّة المجموعات الحديثية عند الفريقين.

وأمّا إبداء احتمال لدى بعض المفسّرين ، فبما أنّه لا يعتمد على دليل قوي فلا حجّية له.

( أُمّ بدر ـ الكويت ـ سنّية )

أين حديث الرسول في وجوب الخمس :

س : أين حديث الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله في وجوب الخمس في ما زاد عن المؤنة؟ مع العلم لقد اطلعت على أحاديث الأئمّة ، ووجدت حديث الرسول عن الخمس في غنائم الحرب والركاز فقط ، ولم أجد روايات عن الإمام علي رضي‌الله‌عنه عن خمس في ما زاد عن المؤنة.

ج : الدليل على وجوب الخمس فيما يفضل عن مؤنة السنة له ولعياله من أرباح التجارات والصناعات والزراعات ، هو قوله تعالى :( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن

____________

١ ـ الإسراء : ٢٦ ، الروم : ٣٨.

٢ ـ الاحتجاج ٢ / ٣٣.

٤٧٦

شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ ) (١) ، والغنيمة اسم للفائدة ، فكما يتناول هذا اللفظ غنيمة دار الحرب بإطلاقه ، يتناول غيرها من الفوائد.

وكذلك الدليل على الوجوب الأخبار المستفيضة عن أهل البيتعليهم‌السلام (٢) .

وهذا الحكم مقطوع به في كلام فقهاء الشيعة ، بل ادّعى عليه العلاّمة في التذكرة والمنتهى الإجماع ، وتواتر الأخبار(٣) .

وكما تعلمون ، فإنّ الأحكام الشرعيّة تعبّدية ، فإذا ثبت الحكم برواية صحيحة يجب الاتباع ، فكيف بثبوته بالأخبار المتواترة.

( حسين ثابت ـ السعودية ـ )

آية الخمس تشمل غير غنائم الحرب :

س : ما هو الدليل على أنّ الخمس واجب شرعيّ عامّ؟ وليس واجباً فقط في الحرب؟ كما نعلم في نزول آية : ( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ ) (٤) ، وهل يؤيّد ذلك في مصادر إخواننا أبناء السنّة؟ ودمتم سالمين.

ج : إنّ الشيعة تلتزم بتعميم الحكم المستفاد من الآية المذكورة ، بمعونة الروايات والأحاديث المتواترة الواردة من طريق أهل البيتعليهم‌السلام ، وهذا ممّا لا ريب فيه.

ثمّ قد يدّعي أهل السنّة باختصاص الآية بغنائم الحرب ، ويلاحظ عليهم :

أوّلاً : إنّ هذا القول مخالف لإجماع أهل اللغة في معنى كلمة ( الغنيمة ) ، فإنّهم يصرّحون باشتمالها على كلّ ما ظفر به من الفوائد والأرباح والمكاسب ، وغنائم الحرب.

____________

١ ـ الأنفال : ٤١.

٢ ـ وسائل الشيعة ٩ / ٤٩٩.

٣ ـ تذكرة الفقهاء ١ / ٢٥٢ ، منتهى المطلب ١ / ٥٤٨.

٤ ـ الأنفال : ٤١.

٤٧٧

وعليه ، فصرف معنى الكلمة عن ظهورها ، وحصره في غنيمة الحرب ، يحتاج إلى دليل عقليّ أو نقليّ ، وكلاهما مفقودان في المسألة.

ثانياً : ورد في بعض الأحاديث في المصادر السنّية في تخميس موارد ليست من غنائم الحرب ، فجاء أنّه ( في الركاز الخمس )(١) ، ممّا يؤيّد عدم انحصار قانون الخمس في غنائم الحرب فحسب.

ثالثاً : هناك من يرى من أعلام السنّة وجوب الخمس في غير غنائم الحرب من الكنز وغيره ، فمثلاً ينسب البخاريّ إلى الحسن وجوب الخمس في العنبر واللؤلؤ(٢) ، ونقل بعضهم وجوب الخمس في المعدن عن عدّة ، منهم أبي حنيفة والزهري ، وأصحاب الرأي(٣) .

رابعاً : نرى بعض أعلام أهل السنّة ـ كابن حزم ـ يعتمد على نفس الآية المذكورة في استدلاله لوجوب الخمس في الكنز(٤) .

وهذا إنّما يدلّ على التزامه بإطلاق الآية ، أي أنّه يعتقد بأنّ آية الغنيمة لا تختصّ بغنائم الحرب ، بل وتعمّ كافّة المكاسب والفوائد.

( إبراهيم محمّد ـ البحرين ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة )

يجب في المال الحلال المخلوط بالحرام :

س : كيف يصدق لفظ الغنيمة في الخمس على المال المخلوط بالحرام؟ وما يفضل عن مؤونة سنته؟ وشكراً.

____________

١ ـ صحيح البخاريّ ٢ / ١٣٧ ، سنن ابن ماجة ٢ / ٨٣٩ ، سنن أبي داود ٢ / ٥٣ ، السنن الكبرى للبيهقيّ ٤ / ١٥٢ ، مسند أحمد ١ / ٣١٤ و ٣ / ٣٣٦ ، مجمع الزوائد ٣ / ٧٨ ، فتح الباري ٣ / ٢٨٨ ، تحفة الأحوذيّ ٣ / ٢٤٣.

٢ ـ صحيح البخاريّ ٢ / ١٣٦.

٣ ـ المجموع ٦ / ٩٠.

٤ ـ المحلّى ٧ / ٣٢٤.

٤٧٨

ج : بالرجوع إلى اللغة نجد أنّ كلمة الغنيمة هي الفائدة المكتسبة ، والفائدة تنطبق على كلّ ما أوجب فيه الخمس ، بما فيه المال المخلوط بالحرام ، وما يفضل عن مؤنة سنته ، وعلى هذا الأساس اعتبر بعض المفسّرين الآية القرآنيّة تشمل كلّ أقسام الخمس ، ففي تفسير الميزان قال : ( الغنم والغنيمة إصابة الفائدة من جهة تجارة أو عمل أو حرب ، وينطبق بحسب مورد نزول الآية على غنيمة الحرب والغنم ـ بالضم فالسكون ـ إصابته والظفر به ، ثمّ استعمل في كلّ مظفور به من جهة العدى وغيرهم )(١) .

وقال أيضاً : ( وإنّ الحكم متعلّق بما يسمّى غنماً وغنيمة ، سواء كانت غنيمة حربية مأخوذة من الكفّار أو غيرها ، ممّا يطلق عليه الغنيمة لغة ، كأرباح المكاسب والغوص والملاحة ، والمستخرج من الكنوز والمعادن ، وإن كان مورد نزول الآية هو غنيمة الحرب ، فليس للمورد أن يخصّص )(٢) .

والذي يدعم هذا التفسير لمعنى الغنيمة الروايات التي توضّح أنّ الخمس يشمل جميع تلك الأقسام.

والذي يخصّص مفاد الآية ليشمل ما يفضل عن مؤنة سنته دون غيره من الفوائد المصروفة في المؤنة روايات عنهمعليهم‌السلام ، فعن محمّد بن حسن الأشعريّ قال : كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثانيعليه‌السلام : اخبرني عن الخمس أعلى جميع ما يستفيده الرجل ، من قليل وكثير ، من جميع الضروب؟ وعلى الضياع فكيف ذلك؟ فكتب بخطّه : (الخمس بعد المؤنة )(٣) .

وأمّا الحلال المخلوط بالحرام ، فقد اختلف فيه هل يجب فيه الخمس بعنوان خمس؟ أو يجب فيه إخراج الخمس بعنوان ردّ للمظالم؟ فالذي أوجب فيه الخمس قال : إنّ اسم الغنيمة يشمله ، لأنّه فائدة ، وكلّ فائدة غنيمة ، وإن

____________

١ ـ الميزان في تفسير القرآن ٩ / ٨٩.

٢ ـ المصدر السابق ٩ / ٩١.

٣ ـ الاستبصار ٢ / ٥٥.

٤٧٩

كان يرى بعضهم أنّ الحلال المخلوط بالحرام إنّما وجب فيه الخمس استناداً إلى السنّة ، واستدلّ بروايات فيها عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : (إنّ رجلاً أتى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : يا أمير المؤمنين إنّي أصبت مالاً لا أعرف حلاله من حرامه؟ فقال : أخرج الخمس من ذلك المال ، فإنّ الله قد رضي من المال بالخمس ، واجتنب ما كان صاحبه يعلم )(١) ، واستشكلّ بعضهم أن يجب في الحلال المخلوط بالحرام الخمس ، وقال : إنّما يدفع الخمس عن ذلك بعنوان أعم من الخمس وردّ المظالم ، ويرجع في ذلك لمراجع التقليد والرسائل العمليّة.

____________

١ ـ تهذيب الأحكام ٤ / ١٢٤.

٤٨٠