موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٤

موسوعة الأسئلة العقائديّة0%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-04-1
الصفحات: 585

موسوعة الأسئلة العقائديّة

مؤلف: مركز الأبحاث العقائديّة
تصنيف:

ISBN: 978-600-5213-04-1
الصفحات: 585
المشاهدات: 238430
تحميل: 6049


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 585 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 238430 / تحميل: 6049
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء 4

مؤلف:
ISBN: 978-600-5213-04-1
العربية

ومن هذا المنطلق ، كان التواجد الشيعي في إيران منذ الصدر الأوّل مع الفتوحات الإسلامية ، فعلى سبيل المثال ترى أنّ مناطق من آذربيجان عندما فُتحت أسلم أهلها ، واعتنقوا المذهب الشيعي ، بما إنّ القائد لفتوحات تلك المنطقة كان مسلم بن عوسجةرضی‌الله‌عنه ـ الذي استشهد فيما بعد في كربلاء ـ فيقول التاريخ عنه : أنّه كان يأخذ البيعة لعليعليه‌السلام بعد الشهادتين.

وترى أيضاً : إنّ أهل قم كانوا من الشيعة الخلّص في القرن الأوّل الهجري بنزول الأشعريين فيها(١) .

وإنّ خراسان كانت تحتضن الزخم الهائل من الشيعة ، بعدما هجّر زياد بن أبيه ـ حاكم الكوفة ـ خمسين ألف من الشيعة من الكوفة إلى خراسان ـ وهذا هو الداعي لاستغلال العباسيين الموقف للثورة على الأمويين بمعونة الخراسانيين ، لما كانوا يعرفون العداء بينهم وبين الأمويين ـ وأنّ قدوم الإمام الرضاعليه‌السلام إلى خراسان ، كان له التأثير التام ـ وإن كان هوعليه‌السلام تحت رقابة عباسية شديدة ـ في نشر الفكر الشيعي في تلك المنطقة بالأخصّ ، وفي جميع ربوع إيران على نحو العموم.

وبالجملة : كانت نشأة التشيّع في بعض المناطق الأُخرى هكذا : كمنطقة همدان ، إصفهان ، ري ، قزوين ، فارس ، طبرستان ، كاشان ، سجستان ـ من القرن الثالث للهجرة ـ وكرمان ، خوزستان ـ من القرن الرابع للهجرة ـ بيهق ـ من القرن السادس ـ ومناطق أُخرى.

ثانياً : إنّ الدولة الصفوية ـ التي جاءت إلى الحكم في القرن العاشر للهجرة ـ لا دور لها في تأسيس الفكر الشيعي في إيران.

نعم ، كان لها الفضل في تشييد أركان التشيّع في المنطقة ، بحذف الحكومات الجائرة التي كانت تمنع الإعلام والتحرّك الشيعي ، وأيضاً

____________

١ ـ معجم البلدان ٤ / ٣٩٧.

٨١

ساهمت ـ هذه الدولة ـ في تثبيت الأُسس الشيعية في المعارف والعقائد والأحكام بتخصيص الموارد المالية ، ودعم علماء الطائفة وغيرها.

ولا يخفى أنّ هذا الدور كان أيضاً للدولة البويهية والدولة السربدارية ، وبعض ملوك المغول ، الذين تشيّعوا بيد العلاّمة الحلّيقدس‌سره ـ في القرن الثامن ـ في نطاق أضيق.

( حسين حسن العلي ـ سوريا ـ )

يعتمدون على الكتاب والعترة في إثبات مذهبهم :

س : السلام على من يتّبع هدي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لماذا اسمع عن أهل السنّة أنّ عندهم دلائل من القرآن والحديث ، ولا اسمع هذا الشيء من الشيعة؟

ج : إنّ الشيعة تعتمد في حقّانيّتها على الحديث المتواتر عند الفريقين ، وهو حديث الثقلين ، حيث قال الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي »(١) ، فمن باب أولى تعتمد الشيعة على هذين المصدرين كركيزتين أساسيّتين في إثبات مذهبها ، واستخراج أُصولها وفروعها.

____________

١ ـ فضائل الصحابة : ١٥ ، الجامع الكبير ٥ / ٣٢٨ ، تحفة الأحوذي ١٠ / ١٩٦ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٤١٨ ، كتاب السنّة : ٣٣٧ و ٦٢٩ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ / ٤٥ و ١٣٠ ، خصائص أمير المؤمنين : ٩٣ ، المعجم الصغير ١ / ١٣٥ ، المعجم الأوسط ٤ / ٣٣ و ٥ / ٨٩ ، المعجم الكبير ٣ / ٦٦ و ٥ / ١٥٤ و ١٦٦ و ١٧٠ و ١٨٢ ، شرح نهج البلاغة ٩ / ١٣٣ ، نظم درر السمطين : ٢٣٢ ، كنز العمّال ١ / ١٧٢ و ١٨٦ ، تفسير القرآن العظيم ٤ / ١٢٢ ، المحصول ٤ / ١٧٠ ، الإحكام للآمدي ١ / ٢٤٦ ، الطبقات الكبرى ٢ / ١٩٤ ، علل الدارقطني ٦ / ٢٣٦ ، أنساب الأشراف : ١١١ و ٤٣٩ ، البداية والنهاية ٥ / ٢٢٨ ، السيرة النبوية لابن كثير ٤ / ٤١٦ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٦ و ١٢ / ٢٣٢ ، ينابيع المودّة ١ / ٧٤ و ٩٥ و ٩٩ و ١٠٥ و ١١٢ و ١١٩ و ١٢٣ و ١٣٢ و ٣٤٥ و ٣٤٩ و ٢ / ٤٣٢ و ٤٣٨ و ٣ / ٦٥ و ١٤١ و ٢٩٤ ، النهاية في غريب الحديث والأثر ١ / ٢١١ و ٣ / ١٧٧ ، لسان العرب ٤ / ٥٣٨ و ١١ / ٨٨ ، تاج العروس ٧ / ٢٤٥.

٨٢

وهل كان هناك مورداً واحداً تدّعيه الشيعة بلا سندٍ من الكتاب والسنّة الصحيحة؟ والمتّتبع للأقوال يرى أنّ ما تقوله هذه الطائفة ـ في أيّ مجال ـ هو المطابق للقرآن والآثار المروية حتّى في كتب أهل السنّة.

وللكلام في هذا المضمار مجال واسع ، ويكفيك أن تقرأ كتب الشيعة المشحونة بهذه الأدلّة القرآنية والحديثية.

( ليالي ـ السعودية ـ ١٨ سنة ـ طالبة ثانوية )

الفرق بينهم وبين السنّة :

س : ما الفرق بين الشيعة والسنّة؟

ج : الفرق بين الشيعة والسنّة باختصار هو : أنّ الشيعة تعتقد بإمامة أمير المؤمنين عليعليه‌السلام بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله بلا فصل ـ بحسب الأدلّة العقلية والنقلية المذكورة في مظانّها ـ ثمّ ترى الإمامة في المعصومين الأحد عشر ـ المنصوص عليهم من قبل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من أولاد عليعليه‌السلام ـ وهذا هو الفارق الأساسي بينهما.

ثمّ إنّ هناك فروقاً أُخرى في فهم الشريعة ، وأُصول الدين وفروعه ، كُلّها تبتني على الأخذ من معارف وعلوم أهل البيتعليهم‌السلام ، فالشيعة ـ بما ترى العصمة في أئمّتهاعليهم‌السلام ـ تلتزم بالسير في هداهم والتمسّك بسيرتهم.

ولكن أهل السنّة بما أنّهم حرموا من اتّباع خط الإمامة ، أصبحوا صفر اليد من هذه المعارف الإلهية ، وعلى العكس ، أخذوا علومهم من أشخاص معيّنين ـ كأئمّة المذاهب الأربعة وغيرهم ـ ممّن لا ضمان لعلومهم وأقوالهم من الخطأ والزلل ، ثمّ( أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الحقّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى ) (١) .

____________

١ ـ يونس : ٣٥.

٨٣

( حيدر ـ الكويت ـ )

من علامات الشيعي التختم باليمين :

س : ما هي الدلائل التي نأخذها ـ نحن الشيعة ـ عند ارتداء الخاتم باليد ، حيث أنّنا نرتدي الخواتم ـ سواء عقيق أو غيره ـ في كلتا اليدين.

فأرجو أن توضّحوا لنا الدلائل من كتب السنّة والشيعة ، حيث أن السنّة يقولون : إنّ التختّم ـ عموماً باليمين أو باليسار ـ هو بدعة ، فكيف أرد على مثل هؤلاء؟

ج : لا خلاف في استحباب التختّم ـ وخصوصاً باليمين عند الشيعة ـ وهذا ممّا تكاثرت عليه الروايات والأقوال عند علماء الشيعة ، وقد أخذوه قطعاً من السنّة النبوية الشريفة.

فعلى سبيل المثال : « عن عائشة : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يتختّم في يمينه ، وقبضصلى‌الله‌عليه‌وآله والخاتم في يمينه »(١) .

وذكر السلامي : « أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يتختّم في يمينه والخلفاء الأربعة بعده ، فنقله معاوية إلى اليسار ، فأخذ المروانية بذلك »(٢) .

وأيضاً صرّح بعضهم كالإمام البروسوي في تفسيره : « كالتختّم باليمين فإنّه في الأصل سنّة ، لكنّه لمّا كان شعار أهل البدعة والظلمة صارت السنّة أن يجعل الخاتم في خنصر اليد اليسرى في زماننا »(٣) .

وأمّا ما روي من طريق أهل البيتعليهم‌السلام في استحباب التختّم في اليمين فكثير جدّاً(٤) .

____________

١ ـ مجمع الزوائد ٥ / ١٥٣.

٢ ـ ربيع الأبرار ٤ / ٢٤.

٣ ـ روح البيان ٤ / ١٤٢.

٤ ـ جامع أحاديث الشيعة ٢١ / ٤٥٩.

٨٤

نعم ، إذا تختّم الإنسان باليمين فقد أصاب السنّة ، فإذا أراد أن يتختّم بخاتم آخر ، فيمكنه أن يتختّم باليسار ، بشرط أن يبقى الخاتم الأوّل في يده اليمنى.

( صفاء ـ سوريا ـ )

الفرق بينهم وبين العلويين :

س : من هم العلويين؟ وما الفرق بينهم وبين الشيعة؟

ج : العلويون منهم من يؤلّه علياًعليه‌السلام فهؤلاء كفّار ، ولا توجد لهم أيّ صلة بالشيعة ، ومنهم من يغالي في عليعليه‌السلام ويعطي له صفات الربوبية ، وهؤلاء أيضاً لا صلة لهم بالشيعة ، ومنهم من لا يلتزم بالأحكام الشرعية ولا يرى وجوبها ، وهؤلاء أيضاً التشيّع منهم بريء.

نعم ، بعض العلويين معتدلين في الاعتقاد ، ملتزمين بالأحكام الشرعية ، يعتقدون ويعملون كما يعمل الشيعة ، وهؤلاء لا يوجد فرق أساسي بينهم وبين الشيعة.

( سلمان ـ الكويت ـ )

منها الإخبارية والشيخية والأُصولية :

س : أُريد الإجابة بكُلّ صراحة ، هل الشيعة ينقسمون إلى ثلاثة أقسام هي : الإخبارية والشيخية والأُصولية؟ وإذا كان صحيحاً أرجو التوضيح ، وإذا كان خاطئاً أرجو معرفة الصواب ، مع خالص الشكر لكم.

ج : إنّ الشيعة ينقسمون الآن إلى ثلاث فرق : الشيعة الزيدية ، والشيعة الإسماعيلية ، والشيعة الإمامية الاثني عشرية.

والزيدية والإسماعيلية قليلون ، والنسبة الأكثر تعود إلى الشيعة الإمامية الاثني عشرية ، حتّى إنّه إذا أطلق لفظ التشيّع يتبادر إلى الأذهان الإمامية.

٨٥

وأمّا ما ذكرت من الإخبارية والشيخية والأُصولية فإنّها ليست فرق ، بل هم شيعة إمامية اثنا عشرية ، وإن اختلفوا في بعض المباني العلمية فيما بينهم ، إلاّ أنّ اختلافهم لا يخرجهم عن التشيّع ، شأنهم شأن اختلاف مراجع مذهب واحد في بعض النظريات.

( أبو الزين ـ الأردن ـ )

لو ميّزت شيعتي ما أجدهم إلاّ واصفة :

س : أسيادنا الأعزّة ، ما تحليلكم لقول الإمام عليعليه‌السلام الوارد في الكافي : « لو ميّزت شيعتي ما أجدهم إلاّ واصفة ، ولو امتحنتهم لما وجدتهم إلاّ مرتدّين »(١) .

يستغل بعض المشاغبين هذا النصّ للقول أنّ الإمام قد تبرّأ ممّن ينتسب لمسلكه.

ج : الرواية هذا نصّها : وبهذا الإسناد ، عن محمّد بن سليمان ، عن إبراهيم ابن عبد الله الصوفي ، قال : حدّثني موسى ابن بكر الواسطي قال : قال لي أبو الحسنعليه‌السلام : «لو ميّزت شيعتي لم أجدهم إلاّ واصفة ، ولو امتحنتهم لما وجدتهم إلاّ مرتدّين ، ولو تمحصتهم لما خلص من الألف واحد ، ولو غربلتهم غربلة لم يبق منهم إلاّ ما كان لي ، إنّهم طال ما أتكوا على الأرائك ، فقالوا : نحن شيعة علي ، إنّما شيعة علي من صدق قوله فعله ».

وهذه الرواية أوّلاً : ليست عن الإمام أبي الحسن عليعليه‌السلام ، بل المراد من أبي الحسن هنا هو الإمام الكاظمعليه‌السلام .

وثانياً : ضعيفة السند بإبراهيم بن بكر الصوفي.

وثالثاً : تتعرّض لمن يخالفون أهل البيتعليهم‌السلام ويدّعون أنّهم من شيعتهم ، كمؤيّدي أعدائهم والمدافعين عنهم ، فإنّها تتعرّض لمن يدعون محبّة أهل البيت ولا يعملون بمقتضى المحبّة.

____________

١ ـ الكافي ٨ / ٢٢٨.

٨٦

وأهل السنّة هم الذين يفعلون ذلك ، فيدّعون حبّ أهل البيت ويأخذون دينهم من أعدائهم ، فالبخاري يروي عن معاوية وعمرو بن العاص ومروان وغيرهم من أعداء أهل البيت ، ولا يروي عن فاطمة الزهراء والإمام الحسنعليهما‌السلام .

فأكثر أهل السنّة يدّعون المحبّة ولا يصدّقهم العمل ، وفي آخر هذه الرواية : « إنّما شيعتنا من صدق قوله فعله ».

ورابعاً : إذا كان أكثر من يدّعي التشيّع ويحاول اللحوق بركبهم بهذه الأوصاف ، فما حال النواصب والتابعين لأعدائهم؟!

( فاطمة ـ الإمارات ـ )

الفرق بينهم وبين الصوفية :

س : هل يمكن أن تزوّدوني ببعض المعلومات حول الطائفة الصوفية ، وعن الفرق بيننا ـ نحن الشيعة ـ وبينهم في عقيدة التوسّل بالأولياء؟

ج : توجد الكثير من المشتركات فيما بيننا وبين الصوفية ، منها مسألة الزيارة والتبرّك والتوسّل ، كما وتوجد اختلافات أساسية أيضاً ، إذ إنّ الكثير من الصوفية على منهج أهل السنّة ، وإن كانت عندهم محبّة شديدة لأهل البيتعليهم‌السلام ، إذ كما تعلمون أنّ الحبّ شيء والاتباع شيء آخر.

كما أنّ الشيعة تتمسّك بالأذكار بما روي عن أهل البيتعليهم‌السلام ، وذلك سواء كان في نفس الذكر والدعاء أو في عدده وتكراره ، أمّا الصوفية فلهم أذكارهم الخاصّة ، والتمسّك بعدد معيّن لم ترد أكثرها في الأحاديث النبوية ، ولا في أحاديث أهل البيتعليهم‌السلام .

والتصوّف يميل إلى العزلة ، والتشيّع صريح في كون الإنسان في المجتمع ، ويكون أيضاً متّصلاً بالله تعالى ، وذلك تمسّكاً من الشيعة بأهل البيتعليهم‌السلام الذين قالوا : «لا رهبانية في الإسلام »(١) ، وفوارق أُخرى كثيرة.

____________

١ ـ مجمع البيان ٩ / ٤٠٢ ، دعائم الإسلام ٢ / ١٩٣.

٨٧

( حسن محمّد يوسف ـ البحرين ـ )

لا تألّه غير الله تعالى :

س : هل نقول ـ نحن الشيعة ـ بتأليه النبيّ أو الإمام أو أحد الأئمّة عليهم‌السلام ؟ وما هو مصدر هذه الفكرة؟

ج : إنّ الشيعة تعتقد بالتوحيد والعدل والنبوّة والإمامة والمعاد ، ولا تألّه غير الله تعالى ، ومن ينسب إلى الشيعة أنّهم يألّهون غير الله تعالى فهو افتراء على الشيعة.

وأمّا مصدر هذه الفكرة هو : إنّ من طرق خصوم الشيعة للطعن بالتشيّع هو الافتراء والالتجاء إلى اختلاق أفكار ونسبتها إلى الشيعة ، والكثير من هذه النسب والافتراءات لم يسمع بها الشيعة ، فضلاً عن أن يعتقدوا بها.

( حسن أحمد عبد الرزاق ـ البحرين ـ )

اعتمدوا على القرآن والسنّة والعقل :

س : من هو أحق الشيعة أو السنّة؟ وما الدليل؟

ج : إنّ الدين عند الله الإسلام ، ونبي هذا الدين هو محمّد المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومعجزته القرآن الكريم ، والتشيّع هو الإسلام ، والإسلام هو التشيّع ، ومنشأ الاختلاف كان بعد وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأصل الاختلاف في الإمامة ، فمن المسلّم عند الجميع أنّ الأنبياء كان لهم أوصياء ، فهل لنبيّنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله وصي؟

هل عيّن رسول الله الخليفة من بعده ونصّ عليه؟ وإذا لم يكن قد عيّن الخليفة ، هل وضّح الرسول نظام الحكم في الإسلام؟ وما هي الأُسس التي تبتني عليه الأُمّة في تعيين الخليفة؟

هل الخلافة ببيعة الناس لشخص حتّى ولو كان كبار القوم قد تخلّفوا عن البيعة! كما حدث لخلافة أبي بكر! أم أنّها بالنصّ والتعيين كما نصّ

٨٨

أبو بكر على عمر؟! أم أنّها بالشورى؟ كما حدث لعثمان ، مع العلم أنّ الشورى ما كانت حقيقية ، وإنّما هي أقرب ما تكون إلى مسرح أو تمثيلية!!

أُناس اعتمدوا على القرآن الكريم ، والسنّة النبوية الشريفة ، وأدلّة العقل والفطرة ، وقالوا : إنّ الإمامة بالنصّ ، نصّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على عليعليه‌السلام بالإمامة ، والإمامة إلهية ، واحتجّوا بآية التطهير ، وآية الاستخلاف ، وآية المباهلة ، وآية الإنذار ، وآية التصدّق بالخاتم ، وحديث الثقلين ، وحديث الغدير ، وحديث المنزلة ، وغيرها من الآيات والأحاديث.

وإنّ العقل يحتّم على كُلّ إنسان يريد سفراً أن يوصي بعياله من يدبّر أُمورهم ويرجعون إليه ، فكيف برسول الله يغادر أُمّته إلى الأبد ، ويتركهم سدى بلا أن يعيّن لهم خليفة ، وهؤلاء الناس هم الشيعة ، لمشايعتهم علياًعليه‌السلام .

( محمّد خالد زواهرة ـ فلسطين ـ )

ما كانت في عهد الرسول سنّة ولا شيعة :

س : هل كانت الشيعة في زمن الرسول؟ وما رأي الإسلام بشكل عام فيها؟

ج : ما كانت في عهد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله سنّة ولا شيعة ، كان الرسول والقرآن ، وإنّما نشأ الاختلاف بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حيث اختلفت الأُمّة في مسألة الخلافة والإمامة.

فقسم قال : بأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مات ولم يعيّن ولم ينصّ على أحد يكون بعده خليفة ، وإنّما أوكل الأمر إلى الأُمّة ، فتارة قالوا : الخليفة يكون بالبيعة ، وهي لم تتمّ لأبي بكر ، إذ تخلّف عنها كبار بني هاشم والصحابة ، ولم يبايعوا إلاّ بعد مدّة وبالقوّة ، وتارة ينصّ أبو بكر على عمر ، وتارة الشورى التي أمر بها عمر ، وهي أشبه ما تكون بالتمثيلية ، وهؤلاء هم أهل السنّة.

٨٩

وقسم قال : بأنّ الإمامة بالنصّ ـ وكما كان للأنبياء السابقين أوصياء فكذلك لنبيّنا ـ وإنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نصّ على الإمام عليعليه‌السلام في الغدير وغيره ، ويستدلّ هؤلاء بآيات كثيرة ـ كآية البلاغ والتطهير والإنذار والتصدّق بالخاتم ـ وبأحاديث كثيرة متواترة ـ كحديث الغدير والثقلين والطير والسفينة ـ وهؤلاء هم الشيعة.

( بشاير ـ الكويت ـ )

أحاديث في فضلهم من مصادر السنّة :

س : إنّي أواجه صعوبة مع أحد صديقاتي في ما هو معنى الشيعة؟ ولماذا أطلق هذا الاسم؟ وأنا في الحقيقة لا أعلم الكثير ، فأحببت أن أشارك حتّى أستفيد ، ولا تتصوّرون فرحتي الكبيرة لأنّي وجدت هذا الموقع ، وشكراً.

ج : إنّ الاختلاف في الأُمّة الإسلامية نشأ بعد وفاة النبيّ محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فالشيعة قالت : بأنّ الإمامة والخلافة بعد رسول الله بالنصّ ـ يعني أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نصّ على شخص بعينه ليكون الخليفة والإمام بعده ـ وهذا الشخص المنصوص عليه هو الإمام عليعليه‌السلام للآيات والأحاديث الدالّة على ذلك.

فمن تابع علياًعليه‌السلام وقال بإمامته بعد الرسول بلا فصل فهم الشيعة ، يعني شايعوا علياًعليه‌السلام .

هذا ، وسنذكر لك بعض الأحاديث الواردة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حول فضل الشيعة ، ومن مصادر أهل السنّة :

فقد روى الكثير من مفسّري أهل السنّة وعلماء الحديث في تفسير قوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) (١) .

____________

١ ـ البينة : ٧.

٩٠

١ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : «هو أنت وشيعتك »(١) ، «أنت يا علي وشيعتك »(٢) ، «هم أنت وشيعتك »(٣) .

٢ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : «أنت وشيعتك في الجنّة »(٤) .

٣ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إذا كان يوم القيامة دعي الناس بأسمائهم وأسماء أمّهاتهم ستراً من الله عليهم ، إلاّ هذا ـ يعني علياً ـ وشيعته ، فإنّهم يدعون بأسمائهم وأسماء آبائهم لصحّة ولادتهم »(٥) .

٤ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : « يا علي إنّك ستقدم على الله أنت وشيعتك راضين مرضيين »(٦) .

٥ ـ وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : « يا علي إنّ الله قد غفر لك ولولدك ولأهلك ولذرّيتك ولشيعتك ولمحبّي شيعتك »(٧) .

٦ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا علي إنّ أوّل أربعة يدخلون الجنّة : أنا ، وأنت ، والحسن ، والحسين ، وذرارينا خلف ظهورنا ، وأزواجنا خلف ذرارينا ، وشيعتنا عن أيماننا وعن شمائلنا »(٨) .

____________

١ ـ نظم درر السمطين : ٩٢ ، الدرّ المنثور ٦ / ٣٧٩ ، فتح القدير ٥ / ٤٧٧ ، المناقب : ٢٢٦ ، ينابيع المودّة ٢ / ٣٥٧.

٢ ـ جامع البيان ٣٠ / ٣٣٥.

٣ ـ شواهد التنزيل ٢ / ٤٥٩.

٤ ـ المعجم الأوسط ٦ / ٣٥٤ و ٧ / ٣٤٣ ، كنز العمّال ١١ / ٣٢٣ ، تاريخ بغداد ١٢ / ٢٨٤ و ٣٥٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٣٣٢ ، المناقب : ١١٣ ، ينابيع المودّة ١ / ٤٢٥.

٥ ـ مروج الذهب ٣ / ٤٢٨.

٦ ـ المعجم الأوسط ٤ / ١٨٧ ، نظم درر السمطين : ٩٢ ، كنز العمّال ١٣ / ١٥٦ ، شواهد التنزيل ٢ / ٤٦٥ ، ينابيع المودّة ٢ / ٣٥٧ و ٤٤٥ و ٤٥٢ ، الصحاح ١ / ٣٩٧ ، النهاية في غريب الحديث والأثر ٤ / ١٠٦ ، لسان العرب ٢ / ٥٦٦ ، تاج العروس ٢ / ٢٠٩.

٧ ـ ينابيع المودّة ٢ / ٣٥٧ و ٤٥٢ ، الصواعق المحرقة ٢ / ٤٦٧ و ٦٧٢.

٨ ـ المعجم الكبير ١ / ٣١٩ و ٣ / ٤١ ، كنز العمّال ١٢ / ١٠٤ ، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ١٦٩ ، الصواعق المحرقة ٢ / ٤٦٦ و ٦٧١ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٣١.

٩١

هذا ، وإنّ الإنسان لا يصدق عليه أنّه من شيعة علي إلاّ إذا اتبعه وأخذ معالم دينه منه.

( أبو الزين ـ الأردن ـ )

نصيحة في جواب رسالة النصح :

س : نحن من الذين هدانا الله إلى اعتناق مذهب أهل البيت عليهم‌السلام ، وعلماؤنا دائماً يتهجّمون علينا ويرموننا بالجهل وما إلى ذلك من الكلمات البذيئة ، حتّى أنّ مدير جمعية الصالحين أصدر منشوراً تحت عنوان « رسالة النصح » ، نرجو أن تولّوها اهتماماً خاصّاً ، لعلّ الله تعالى يفتح على أيديكم ، إنّه سميع مجيب.

ج : لقد قرأنا مقتطفات من رسالة النصح ـ التي وجهها الأُستاذ مدير جمعية الصالحين ـ ونحن بدورنا ـ مع احترامنا لهذا الأُستاذ ـ نوجّه رسالة إلى كُلّ إنسان تجرّد عن العصبية ، واتخذ البحث الموضوعي منهجاً له لمعرفة الحقّ ، فنقول :

الإنسان بفطرته يفكّر ، وبفطرته يبحث عن الحقّ ، والتكليف الموجّه إلى المخلوق من الخالق هو أن يبحث الإنسان عن الحقّ بمقدار وسعه ، ومن ثمّ يعتقد به ، وسيكون بهذا قد أدّى تكليفه أمام خالقه ، ومثل هكذا إنسان سيلقى ربّه يوم القيامة منادياً : ربّاه هذه عقيدتي اعتقدت بها بعد بحث وتمحيص بمقدار وسعي

أمّا إذا اقتصر الإنسان على عقائده الموروثة ، متجنّباً توسيع آفاق رؤيته لمعرفة الحقّ ، بذريعة أنّ كُلّ فكر غير ما هو عليه ضلال وبدعة ، فإنّ هذا سوف يسدّ سُبل الهداية لمن يرث الأفكار الخاطئة من مجتمعه.

وأمّا منهج كيفية البحث الموضوعي الذي يرضي الله تعالى ، فيبيّنه لنا أمير المؤمنين عليعليه‌السلام بقوله : «لا يعرف الحقّ بالرجال ، اعرف الحقّ تعرف أهله »(١) ،

____________

١ ـ روضة الواعظين : ٣١.

٩٢

وقد صدق أمير المؤمنينعليه‌السلام إذ جعل المناط في معرفة الحقّ هو معرفة الحقّ نفسه ، لا معرفة الحقّ بالرجال.

وهذه المقولة تفيدنا بأن يجرّد الإنسان نفسه من الموروث ، وممّا ورثه من البيئة والرجال ، وليس المقصود أن يتخلّى من الموروث ، بل المقصود أن يبحث في الموروث ، فما وافق منه الكتاب والسنّة والعقل اتبعه ، وما خالفه رفضه.

ومعرفة الحقّ في أيّ مسألة لا يمكن إلاّ بعد معرفة المباني التي تبتني عليه هذه المسألة ، فالبحث في الجزئيات من دون معرفة المباني بحث عقيم لا يوصل إلى الحقّ.

فإذا أردنا أن نعرف أيّة مسألة ـ عند أيّ مذهب ما ـ لابدّ علينا أوّلاً أن نعرف المبنى الذي ابتنت عليه هذه المسألة وإلاّ فسنقع في متاهات ، وسنرمي المؤمنين بما لم يقولوه.

وعليه ، فالمناقشة في المسائل العقائدية في مذهب أهل البيتعليهم‌السلام لا يمكن معرفتها والوصول إلى كنهها إلاّ بعد معرفة المباني التي تبتني عليها هذه المسائل.

ومنها على سبيل المثال : ينبغي أن نعرف معنى التمسّك بأهل البيتعليهم‌السلام ، هل هو مجرد محبّة سطحية لا أثر لها في واقعنا العملي؟ أم هو اتباع واقتداء وانتهال علوم ومعارف الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله منهم؟

كما ينبغي أن نعرف مَن هم أهل البيت؟ وما المراد من سنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

فمعرفة المصدر الذي منه نتلقّى العلوم والمعارف الإسلامية ـ التي جاء بها الرسول ـ يعتبر من المباني التي لابدّ من الإحاطة بها قبل الخوض في الجزئيات.

ومن هذا القبيل قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي » ، فعلينا أن نبحث أوّلاً هل هذا الحديث صحيح؟ أو أنّ الحديث الذي يقول : «كتاب الله وسنّتي » صحيح؟ أو أنّ كلا الحديثين صحيحان؟

٩٣

وذلك بالجمع بينهما ، بأنّ أهل البيت هم المصدر الذي يمكن الوثوق به لمعرفة سنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وهذه المفردة مهمّة جدّاً ، إذ تبيّن لنا المصدر الذي منه نأخذ معالم ديننا ، وأحكامنا الشرعية.

كما يحقّ لنا أن نتساءل : لماذا قال الرجل : حسبنا كتاب الله؟ ولماذا منع من تدوين سنّة رسول الله؟ ولماذا حرق مدوّنات سنّة رسول الله؟

والسؤال الآخر : من هم آل البيتعليهم‌السلام ؟ وهذه مسألة مهمّة جدّاً ، علينا أن نعرفهم لنأخذ معالم ديننا منهم ونقتدي بهديهم ، ونجعلهم سبيلاً موثوقاً يوصلنا إلى ما جاء به النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .

هل آل البيت هم : النبيّ وعلي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام ؟ ـ كما ورد في الصحاح والمسانيد والسنن في تفسير آية التطهير ـ أو أنّهم نساؤه؟ كما قال به البعض.

وبناءً على مقولة هذا القائل بأنّ نساءه من أهل البيت ، ماذا يقول بالنسبة للأحاديث الواردة في الصحاح والسنن في حصر أهل البيت بهؤلاء الخمسة؟

بالأخصّ ما ورد من سؤال أُمّ المؤمنين أُمّ سلمة : وأنا منهم يا رسول الله؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا ، إنّك على خير »(١) .

وأمّا مسألة الفرق بين الشيعة والسنّة ، فلا يمكن التوصّل إليها بالتمسّك بالجزئيات ، وإنّما يمكن التوصّل إليه بمعرفة أُسس الاختلاف ومبانيه ، فأصل الخلاف هو في الإمامة والخلافة والصحبة والصحابة.

فالشيعة تعتقد أنّ الله تعالى اصطفى لهذه الأُمّة بعد الرسول أئمّة ـ( ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ) (٢) ـ كما اصطفى آل عمران وآل إبراهيم ، فجعلهم حفظة

____________

١ ـ شواهد التنزيل ٢ / ٦٣ و ١١٥ ، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ١٤٢ ، المستدرك ٢ / ٤١٦ ، مسند أبي يعلى ١٢ / ٤٥٦ ، المعجم الكبير ٣ / ٥٣ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ١٣.

٢ ـ آل عمران : ٣٤.

٩٤

على الشريعة ، التي جاء بها الرسول وخلفاؤه في الأرض ، وقد مدّهم بعناياته الخاصّة ، فهم الملجأ بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله لأخذ معالم الدين ، لأنّهم أعرف الناس بعد الرسول بمحكم القرآن ومتشابهه ، ومطلقه ومقيّده ، وناسخه ومنسوخه ، وهم الذين جعل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله التمسّك بهم وبالقرآن عصمة من الضلال ، فالشيعة تتّبعهم وتأخذ معالم الدين منهم.

ولكن أهل السنّة يعتقدون بأنّ مصدر أخذ معالم الشريعة هم الصحابة ، وهم لمّا رأوا التناحر والتمزّق والصراع بين مصادر أخذ معالم الدين اضطروا إلى مقولة عدالة الصحابة مع اعترافهم بعدم عصمتهم ، ومع اعترافهم بأنّ فيهم القاتل والمقتول ، ومع اعترافهم بأنّ فيهم من كفّر بعضهم بعضاً ، وأنّ فيهم من لعن بعضهم بعضاً ، ومع اعترافهم بورود آيات كثيرة تخاطب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وتحذّره من المنافقين ـ والمنافق غير الكافر ، إذ المنافق من يظهر الإسلام ويبطن الكفر ـ ، ومع اعترافهم بورود أحاديث كثيرة في الصحاح والسنن تقول : «ليأتينّ أقوام يوم القيامة فيذادون عن الحوض أعرفهم بأسمائهم فأقول : يا ربّ أصحابي أصحابي! فيأتي النداء : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك! فأقول : بعداً بعداً ، أو قال : سحقاً سحقاً لمن بدّل بعدي »!(١) .

وأمّا الشيعة فيقولون : نحن مع احترامنا للصحابة لكنّنا حين أخذ معالم الدين نجري عليهم قواعد الجرح والتعديل ، وننظر إلى سيرتهم ، فمن لم يغيّر ولم يبدّل ولم يحدث في الدين فهو مصدر ثقة ، نعتمد عليه في نقله لروايات الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن كان غير ذلك فلا.

____________

١ ـ مسند أحمد ٣ / ٢٨ و ٢٨١ و ٥ / ٤٨ و ٣٩٣ و ٤٠٠ ، صحيح البخاري ٤ / ١١٠ ، صحيح مسلم ٧ / ٦٨ ، المستدرك ٢ / ٤٤٧ ، المصنّف للصنعاني ١١ / ٤٠٧ ، مسند ابن راهويه ١ / ٣٧٩ ، صحيح ابن حبّان ١٦ / ٣٤٤ ، المعجم الكبير ٧ / ٢٠٧ ، مسند الشاميين ٣ / ٣١٠ ، الجامع الصغير ٢ / ٤٤٩ ، جامع البيان ٤ / ٥٥ ، الدرّ المنثور ٢ / ٣٤٩.

٩٥

فهذه الأبحاث من المباني التي لابدّ أن نتطرّق إليها ، وأمّا الأُمور الأُخرى فهي أُمور تترتّب على هذه الأبحاث ، ويمكننا أن نتداولها فيما لو حدّدنا مواقفنا من البحث الأساسي.

وكذلك مسألة الإمامة والخلافة ، وهل نصّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على أحد؟ وهل عيّن نظام الحكم أم أهمله؟ وإذا عيّن وقلنا بأنّه عيّنه شورى ، فهل كانت خلافة الخلفاء كلّهم بالشورى؟ أم نصّ بعضهم على بعض؟

وهل اطلعنا على استدلالات الشيعة؟ ومرادنا من الاطلاع قراءة ما كتبه الشيعة أنفسهم لا ما كتبه أعداؤهم.

وأمّا مسألة الاستشهاد بقول واحد من علماء فرقة معيّنة ، فهو لا يدلّ ولا يمثّل رأي كُلّ تلك الفرقة ، ولا ينكر أحد وجود أقوال شاذّة في كُلّ مذهب ، لا يمكن حملها على جميع المذهب.

وأمّا التشنيع على الشيعة بتصرّفات بعض أبنائها فهذا تهريج ، وهذه مقولة بعيدة عن البحث العلمي الموضوعي ، لأنّ بعض أهل السنّة يشرب الخمر ولا يتّقي الله تعالى ، ولا يصلّي ولا يصوم ، فهل يصحّ لنا أن نرمي جميع أهل السنّة أو غالبيتهم بهذه الصفات؟ أو أن نستنكر منهجهم الفكري بهذه الطريقة؟

وأمّا مسألة البدعة وأهل البدع ، فإذا أردنا أن يكون بحثنا موضوعياً مبتنياً على المباني فعلينا أن نعرف معنى البدعة ، فهي إدخال ما ليس من الدين في الدين ، وعليه فعلينا أن نعرف الدين لنعرف المسائل التي هي ليست من الدين ، ثمّ دخلت في الدين.

فإذا عرفنا الدين بالبحث والتتبع يمكننا بعد ذلك أن نعرف هل مقولة « الصلاة خير من النوم » في الأذان من الدين أو لا؟

أو أنّ نافلة صلاة شهر رمضان جماعة ـ المعروفة بصلاة التراويح ـ كانت من الدين أو لم تكن؟ وإنّما سنّها البعض قائلاً : « نعمت البدعة »!!

٩٦

أو أنّ مقولة قائلهم : « متعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا أُحرّمهما »!! من الدين أم ليست من الدين؟!

أو أنّ مقولة : « السنّة هي التختّم باليمين ولكن بما أنّها صارت شعاراً للرافضة فالسنّة تكون التختم باليسار » ، فهل هذا من الدين؟!

والمسألة الأُخرى هي : بالله عليكم إذا تحرّى شخص الحقّ وبحث بفكر حرّ بعيد عن كُلّ تعصّب وتقليد أعمى ، فتوصّل إلى أنّ الحقّ مع أهل البيتعليهم‌السلام ومذهبهم ، فهل يمكننا أن ننهى هذا الشخص ونقول له : لماذا بحثت؟ ونرميه بشتّى الألفاظ الركيكة.

ونسلّط الضوء على المقولة التي تقول : « وغرّتك كثرتهم» ، ونسيت أو تناسيت أنّ أهل الحقّ هم القلّة في كُلّ زمان ومكان!

بالله عليك ، أناشد فطرتك ، ألم تعلم أنّ أتباع مذهب أهل البيتعليهم‌السلام كانوا على مرّ العصور هم المضطهدون المقتولون المشرّدون ، فأين كثرتهم؟! أليسوا هم من أهل القلّة التي تصدق عليهم مقولة هذا القائل : ونسيت أو تناسيت أنّ أهل الحقّ هم القلّة.

يكفي لمن له أدنى معرفة بالتاريخ أن يراجع وليرى الفجائع التي ارتكبت ضدّ الشيعة ـ من إباحة دمائهم وأعراضهم وأموالهم ، وما لقوه من قتل وظلم ـ.

وأقسم بالله ، لو أنّ أيّ فرقة من الفرق الإسلامية الأُخرى لاقت عشر معشار ما لاقاه شيعة أهل البيت لما بقي لهم الآن إلاّ الاسم ، ولانمحوا عن التاريخ أساساً.

ولكن السؤال هنا : إنّ الشيعة على رغم ما لاقوه من ظلم وتعدّي ومصاعب هل انمحوا من التاريخ؟ أم بقوا وصمدوا وواجهوا من واجههم بالدليل والبرهان والبحث العلمي حتّى نصرهم الله ، وهم يوماً بعد يوم في انتشار واسع في العالم ، ودليل انتشارهم هو دليلهم القاطع والقوي المتّفق مع العقل والفطرة ، الذي جعل الأنظار تتوجّه إليهم وإلى كتبهم وأدلّتهم ومبانيهم الفكرية ، كما يمكننا أن نعتبر التراث الإسلامي الذي جاء به الشيعة هو الأنقى والأفضل ، لأنّه

٩٧

لم يتأثّر بضغوط السلطات الجائرة ولم يخضع لهم ، ولم يسمح لتراثه الإسلامي أن يصاغ بصورة تتلاءم مع أهواء حكّام الجور من بني أُمية وبني العباس وغيرهم.

فكان الشيعة هي الثلّة الوحيدة التي صمدت بوجه الذين أرادوا أن يغيّروا معالم الدين وفق مصالحهم ومبتغياتهم الشخصية ، فالذي يستخدم العقل ويتمسّك بالدليل والبرهان ويبحث وينقّب ويصل إلى الحقّ لا يتأثّر بمقولات من يقول : هل نصبت نفسك مجتهداً لتطلق أحكاماً تتعلّق بعقائد الأُمّة

أو من يقول : هل هي من اختصاص حثالة من الأولاد يعبثون بشرع الله

هذه المقولات الجارحة ـ غفر الله لمن قالها ـ لا تؤثّر على الشباب الواعي الذي يتحرّى الحقيقة ليجدها ويقبلها برحابة صدر.

وأمّا الإحصائيات الدقيقة عن نسبة الشيعة من بين المسلمين جميعاً ، فالقدر المتيقّن أنّ الشيعة الإمامية يمثّلون ٢٥ % من المسلمين بجميع طوائفهم.

وأمّا فيما يخصّ معاوية فإنّ هذا البحث إذا أردنا أن نبحثه وفق الأُسس والأُصول فإنّه يعود إلى مبنى عدالة جميع الصحابة الذي مرّ ذكره.

فإذا كان معاوية من الصحابة ، فإنّه لاشكّ سيكون من الذين بلغته أقوال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حقّ عليعليه‌السلام أمثال : « الحقّ مع علي وعلي مع الحقّ» ، وحديث سدّ الأبواب ، وحديث مدينة العلم ، وحديث الطير المشوي ، وحديث الغدير ، وآية التطهير ، وآية الولاية ، وآية المباهلة ، وغير ذلك.

وهنا نورد حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حقّ عليعليه‌السلام : « سيكون من بعدي فتنة ، فإذا كان ذلك فألزموا علي بن أبي طالب ، فإنّه أوّل من آمن بي ، وأوّل من يصافحني يوم القيامة ، وهو الصدّيق الأكبر ، وهو فاروق هذه الأُمّة ، وهو يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب المنافقين »(١) .

____________

١ ـ الإصابة ٧ / ٢٩٤ ، المناقب : ١٠٥ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٤٥٠ ، أُسد الغابة ٥ / ٢٨٧.

٩٨

وكذلك ما رواه الحاكم النيسابوري في « المستدرك » وصحّحه ، حيث قال سعد بن أبي وقّاص لمن شتم علياً : يا هذا ، على ما تشتم علي بن أبي طالب ، ألم يكن أوّل من أسلم؟ ألم يكن أوّل من صلّى مع رسول الله؟ ألم يكن أزهد الناس؟ ألم يكن أعلم الناس؟ وذكر حتّى قال : ألم يكن ختن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على ابنته؟ ألم يكن صاحب راية رسول الله في غزواته؟ ثمّ استقبل القبلة ورفع يديه وقال : اللهم إن هذا يشتم ولياً من أوليائك ، فلا تفرّق هذا الجمع حتّى تريهم قدرتك ، قال قيس : فو الله ما تفرّقنا حتّى ساخت به دابته ، فرمته على هامّته في تلك الأحجار فانفلق دماغه ومات(١) .

فنحن الآن في عصرٍ لا يعذر فيه الجاهل ، لأنّ التقدّم الحادث في عصرنا في مجال الاتصالات مهّد السبيل للوصول إلى الحقائق ، وجعل العالم بأسرة كأنّه قرية صغيرة.

فيا ترى هل يعقل أن يأتي أقوام فيقولون : القاتل والمقتول في الجنّة!! القاتل اجتهد في قتل وقتال عليعليه‌السلام فأخطأ! فبالله عليك كيف وسعه أن يجتهد في مقابل النصوص التي سمعها بنفسه من الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله فهل هذا اجتهاد؟ أم هو اتباع للأهواء والمصالح والمبتغيات؟!

وفي النهاية أختم رسالتي بالإشارة إلى مسألة الوحدة والتقريب بين المذاهب الإسلامية فأقول : إنّ مفهوم الوحدة هو أن يتقارب المسلمون بشتّى المذاهب فيما اتفقوا عليه ، وهذا المتّفق عليه يكون سبباً لتقاربهم ووحدة صفهم.

وأمّا في المسائل الخلافية الموجودة حتّى بين المذاهب الأربعة السنّية فنقول : على المسلمين أن يجلسوا على طاولة الحوار الهادف الهادئ بعد تزكية أنفسهم وقصد التقرّب إلى الله تعالى فقط ، لأنّ الإنسان إذا لم يتمكّن من مجاهدة هواه ، فإنّه لا يتمكّن أن يطمئن إلى النتائج الفكرية التي يتوصّل إليها ، فمن

____________

١ ـ المستدرك ٣ / ٥٠٠.

٩٩

لم يتغلّب على هواه ، لا يستطيع أن يتنازل عن عقائده الموروثة ، ولا يستطيع أن يتخلّى عن التعصّب ، فتكون النتيجة أنّه يلتجئ إلى التبرير والتمويه والمغالطة اتباعاً لهواه.

فالحوار والتفاهم هو الرابط الوحيد بين من يختلفون في الفكر والعقيدة ، فإن توصّلوا بالدليل إلى النتيجة فهو المطلوب ، وإن لم يتوصّلوا فتبقى الوجوه المشتركة التي أقلّها هي الإنسانية هي السبب في أخوتهم وعلاقتهم ، وهذا هو الذي رسمه لنا الله تعالى ، ونبيّه العظيم محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ونوجّه نداءنا إلى جميع الإخوان من جميع المذاهب الإسلامية : أن يتّحدوا ويتقاربوا ويتحاببوا في الله ، وأن تكون أبحاثهم علمية موضوعية متجرّدة عن أيّ تعصّب أو تقليد أعمى للموروث.

( ـ السعودية ـ )

توضيح المذهب الشيعي :

س : نشكركم إخواني على تعاونكم مع العالم ، وجزاكم الله خيراً.

أمّا بعد : في إحدى محادثاتي مع الأخوات على الماسنجر اتصلت بي بنت من أهل السنّة ، ودامت المحادثات بيننا لأيّام على أشياء عديدة ، وعندما وصلنا إلى المذاهب أرادت أن تعرف نبذة عن الشيعة ، لاحتمال دخولها في المذهب الشيعي ، بعدما تعرف من هم؟

وأنا الآن أُريد منكم مساعدتي في توضيح المذهب الشيعي لها ، وما هي الأساسيات الواجب أن تعلمها لدينا؟ مع الشكر الجزيل.

ج : أهمّ شيء في البحث الموضوعي أن نعرف أنّ لكُلّ إنسان موروثاً ، وهذا الموروث شيء محترم يعتزّ به كُلّ منّا ، لكنّ المشكلة تكمن فيما إذا تعصّبنا لهذا الموروث ، نحن لا نريد ممّن خالفنا أن يترك الموروث ويرفضه ، بل نريد منه أن لا يتعصّب له ، بل ينظر له نظرة ناقد وباحث عن الحقيقة ، فما وافق من هذا الموروث الحقّ اتبعناه ، وما خالف للحقّ والأدلّة العقلية رفضناه.

١٠٠