موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٥

موسوعة الأسئلة العقائديّة0%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-05-8
الصفحات: 667

موسوعة الأسئلة العقائديّة

مؤلف: مركز الأبحاث العقائديّة
تصنيف:

ISBN: 978-600-5213-05-8
الصفحات: 667
المشاهدات: 279879
تحميل: 5853


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 667 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 279879 / تحميل: 5853
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء 5

مؤلف:
ISBN: 978-600-5213-05-8
العربية

٢ ـ عن أبي حمزة عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : «مصحف فاطمة ما فيه شيء من كتاب الله ، وإنّما هو شيء أُلقي عليها بعد موت أبيها صلى الله عليهما »(١) .

٣ ـ عن عنبسة بن مصعب عن الإمام الصادقعليه‌السلام : «ومصحف فاطمة أما والله ما أزعم أنّه قرآن »(٢) .

٤ ـ عن الحسين بن أبي العلاء قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : «ومصحف فاطمة ما أزعم أنّ فيه قرآناً »(٣) .

٥ ـ عن محمّد بن عبد الملك عن الإمام الصادقعليه‌السلام : «وعندنا مصحف فاطمة ، أما والله ما هو بالقرآن »(٤) .

٦ ـ عن علي بن سعد عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : «وفيه مصحف فاطمة ، ما فيه آية من القرآن »(٥) .

٧ ـ عن علي بن أبي حمزة عن الإمام الكاظمعليه‌السلام قال : «عندي مصحف فاطمة ليس فيه شيء من القرآن »(٦) .

٨ ـ عن أبي بصير عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : «وإنّ عندنا لمصحف فاطمة عليها‌السلام ، وما يدريهم ما مصحف فاطمة ، مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرّات ، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد »(٧) .

٩ ـ عن حمّاد بن عثمان قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : «إنّ الله تعالى لمّا قبض نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله دخل على فاطمة من وفاته من الحزن ما لا يعلمه إلاّ الله عزّ وجلّ ، فأرسل إليها ملكاً يسلّي عنها غمّها ويحدّثها ، فشكت ذلك إلى أمير

__________________

١ ـ المصدر السابق : ١٧٩.

٢ ـ المصدر السابق : ١٧٤.

٣ ـ المصدر السابق : ١٧٠.

٤ ـ بحار الأنوار ٢٦ / ٣٨.

٥ ـ بصائر الدرجات : ١٧٦.

٦ ـ المصدر السابق : ١٧٤.

٧ ـ المصدر السابق : ١٧٢.

٢٤١

المؤمنين عليه‌السلام فقال لها : إذا أحسست بذلك فسمعت الصوت فقولي لي ، فأعلمته بذلك ، فجعل يكتب كُلّما سمع حتّى أثبت من ذلك مصحفاً ».

قال : ثمّ قال : «أما إنّه ليس فيه شيء من الحلال والحرام ، ولكن فيه علم ما يكون »(١) .

يتبيّن من خلال هذه الروايات أنّ مصحف فاطمةعليها‌السلام ليس قرآناً ، وليس هناك أيّ رواية توهّم كونه قرآناً ، فضلاً عن كونها ظاهرة في ذلك ليتمسّك بها من يفتّش عن المطاعن ، وعلى فرض وجودها فإنّ الروايات المستفيضة الواضحة صريحة ، والتي قدّمنا طائفة منها تقتضي رفع ذلك التوهّم أو الظهور لو تمّ وسلّم.

( محمّد ـ ٢٢ سنة ـ طالب )

ليس فيه أحكاماً شرعية :

س : بارك الله في جهودكم ، لدي سؤال : هل في مصحف فاطمة أحكام شرعية؟

ج : يزعم البعض أنّ مصحف فاطمةعليها‌السلام يحوي أحكاماً شرعية ، وهو يستند إلى رواية عن الحسين بن أبي العلاء قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : «عندي الجفر الأبيض » ، قال : قلنا : وأيّ شيء فيه؟ قال : فقال لي : «زبور داود ، وتوراة موسى ، وإنجيل عيسى ، وصحف إبراهيم ، والحلال والحرام ، ومصحف فاطمة ، ما أزعم أنّ فيه قرآناً ، وفيه ما يحتاج الناس إلينا ، ولا نحتاج إلى أحد ، حتّى أنّ فيه الجلدة ، ونصف الجلدة ، وثلث الجلدة ، وربع الجلدة ، وأرش الخدش »(٢) .

ونجيب : أوّلاً : إنّ قوله : «وفيه ما يحتاج الناس إلينا » ليس معطوفاً على قوله : «ما أزعم أنّ فيه قرآناً » ليكون بياناً لما يحتويه المصحف ، وإنّما هو

__________________

١ ـ المصدر السابق : ١٧٧.

٢ ـ بصائر الدرجات : ١٧٠.

٢٤٢

معطوف على قوله : «زبور داود ، وتوراة موسى و » أي إنّ في الجفر الأبيض : زبور داود ، وتوراة موسى ، ومصحف فاطمة ، وفيه الحلال والحرام ، وفيه ما يحتاج الناس إلينا.

وثمّة رواية أُخرى عن عنبسة بن مصعب ذكرت : أنّ في الجفر سلاح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والكتب ، ومصحف فاطمة(١) .

ثانياً : إنّ الحلال والحرام ـ أي الأحكام الشرعية ـ موجود في الجفر لا في المصحف.

__________________

١ ـ أُنظر : المصدر السابق : ١٧٤.

٢٤٣
٢٤٤

المعاد :

( السيّد علي ـ البحرين ـ )

رأي الشيعة في التناسخ والحلول والتشبيه :

س : ما معنى التناسخ والحلول والتشبيه؟ وما هو رأي الشيعة فيها؟

ج : إنّ معنى التناسخ هو رجوع الإنسان بعد موته إلى الحياة الدنيوية عن طريق النطفة ، والمرور بمراحل التكوّن البشري من جديد ، ليصير إنساناً مرّة أُخرى ، أو هو انتقال الروح من بدن إلى بدن آخر منفصل عن الأوّل.

وقد اتّفقت الشيعة على بطلان التناسخ وامتناعه ، لأنّ في التناسخ إبطال الجنّة والنار.

سأل المأمون الإمام الرضاعليه‌السلام : ما تقول في القائلين بالتناسخ؟ فقالعليه‌السلام : «من قال بالتناسخ فهو كافر بالله العظيم مكذّب بالجنّة والنار »(١) .

ثمّ إنّ القائلين بالتناسخ ينكرون القيامة والآخرة ، ويقولون : ليس قيامة ولا آخرة ، وإنّما هي أرواح في الصور ، فمن كان محسناً جوزي بأن ينقل روحه إلى جسد لا يلحقه فيه ضرر ولا ألم ، ومن كان مسيئاً جوزي بأن ينقل روحه إلى أجساد يلحق الروح في كونه فيها الضرر والألم ، وليس غير ذلك(٢) .

__________________

١ ـ عيون أخبار الرضا ١ / ٢١٨.

٢ ـ محاضرات في الإلهيات : ٤٢٣.

٢٤٥

وأمّا بالنسبة إلى معنى الحلول ، فهو بمعنى : أنّ الله تعالى يحلّ في أبدان العارفين أو يتحدّ بها ، والحلول والاتحاد من مصطلحات الصوفية.

وقد اتّفقت الشيعة على بطلانه بالوجوه العقلية والنقلية من الكتاب والسنّة الشريفة ، لأنّه يستلزم على تقدير وقوعه اجتماع القدم والحدوث ، والوجوب والإمكان في أبدان العارفين ، وغير ذلك من اللوازم الفظيعة.

وأمّا بالنسبة إلى معنى التشبيه ، فهو بمعنى : التماس الشبه لله تعالى في مخلوقاته ، أو تمثيله تعالى بمخلوقاته في الأُمور الجسمية المادّية ، والأُمور المعنوية الفكرية.

وقد اتّفقت الشيعة على بطلان التشبيه وامتناعه لعدّة أدلّة منها : قوله تعالى :( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) (١) .

( ـ إيران ـ )

من هم الولدان المخلّدون :

س : من هم الولدان المخلّدون الذين ذكروا بالقرآن الكريم؟ وماذا يفعلون يوم القيامة؟

ج : قد وردت آيتان في القرآن الكريم فيها لفظ :( وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ ) ، كما في قوله تعالى :( وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا ) (٢) ، وقوله تعالى :( يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ ) (٣) .

والولدان جمع ولد وهو الغلام ، وطوافهم عليهم ـ على المؤمنين في الجنّة ـ كناية عن خدمتهم لهم ، والمخلّدون من الخلود ، بمعنى الدوام ـ أي دائمون على ما هم عليه من الطراوة والبهاء ، وصباحة المنظر ، وباقون أبداً على هيئتهم من

__________________

١ ـ الشورى : ١١.

٢ ـ الإنسان : ١٩.

٣ ـ الواقعة : ١٧.

٢٤٦

حداثة السن ـ وقيل : من الخَلَد بفتحتين وهو القرط ، والمراد أنّهم مقرطون بالخلد.

( ـ ـ )

معنى( لاَبِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ) :

س : يقول تعالى في كتابه الكريم : ( لِلْطَّاغِينَ مَآبًا لاَبِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ) (١) ، هل تكون الأحقاب مدّة محدّدة قد تنتهي يوماً؟

ج : الأحقاب جمع الحقبة ، وهي مدّة مبهمة من الزمن أو بلا نهاية ، فالأحقاب تكون بمعنى الأزمنة الكثيرة والدهور الطويلة من غير تحديد ، وبهذا المعنى تدلّ الآية على الخلود.

ثمّ إنّه قد ورد في بعض الأخبار والأقوال تحديد الحقب من الزمن بأربعين أو ستّين أو ثمانين سنة من سنين الآخرة ، الذي يكون اليوم فيها( كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ ) (٢) ، فإن ثبت هذا المعنى فتكون الآية بمثابة الآية( خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ ) (٣) ، إشارة كنائية إلى الديمومة والأبدية ـ إذ أنّ السماوات والأرض لا خلود لهما البتةً ـ.

نعم جاء عن حمران أنّه سأل الإمام الباقرعليه‌السلام عن قول الله( خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ ) فقال : هذه في الذين يخرجون من النار(٤) ـ لا الخالدين فيها ـ فإن قلنا بهذا التفسير ، فهو مذكور في بعض الآيات الأُخر مثل :( قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللهُ ) (٥) ؛ والعلم عند الله تعالى.

__________________

١ ـ النبأ : ٢٢ ـ ٢٣.

٢ ـ الحج : ٤٧.

٣ ـ هود : ١٠٧.

٤ ـ تفسير العيّاشي ٢ / ١٦٠.

٥ ـ الأنعام : ١٢٨.

٢٤٧

( معد البطاط ـ استراليا ـ ٣٠ سنة )

ماهية الولدان المخلّدون :

س : إنّ في الجنّة ولدان مخلّدون ، فكيف يدخل الله ناس بالجنّة ويبقون خدم؟

ج : إنّ موضوع الولدان المخلّدون أمر مسلّم عند المسلمين ، ولكن اختلفوا في ماهيّتهم ، فقيل : إنّهم أولاد أهل الدنيا لم يكن لهم حسنات فيثابوا عليها ، ولا سيئات فيعاقبوا ، فأنزلوا هذه المنزلة ، كما روي عن عليعليه‌السلام .

ورأي آخر قد روي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه سئل عن أطفال المشركين فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « هم خدم أهل الجنّة » ، وقيل : بل هم من خدم الجنّة على صورة الولدان ، خلقوا لخدمة أهل الجنّة(١) .

وهذا يؤيّد بما في بعض الروايات من خلق جماعة لملء الجنّة في مقابل امتلاء جهنّم(٢) ، وأيضاً وجود ولدان مستورون(٣) .

فعلى ضوء ما ذكر لا يرد هناك نقض على حكمة الله في خلقه وعدله.

( رباب ـ البحرين ـ ٢٠ سنة ـ طالبة جامعة )

من يرعى الأطفال بعد موتهم :

س : أُولئك الذين يموتون ساعة الصيحة للآخرة لا يعيشون حياة البرزخ ، كيف ذلك؟ وسمعت أنّ الأطفال الذين يموتون وهم صغار ، ترعاهم السيّدة فاطمة الزهراء عليها‌السلام ، فهل هذا صحيح؟ أم السيّدة مريم عليها‌السلام ؟ وجزاكم الله ألف خير.

__________________

١ ـ مجمع البيان ٩ / ٣٩١.

٢ ـ بحار الأنوار ٨ / ١٣٣ و ١٩٨.

٣ ـ التبيان ١٠ / ٢١٥.

٢٤٨

ج : إنّ الأدلّة العقلية والنقلية لا تدلّ على بقاء الحياة الدنيوية إلى نفخ الصور ، أي صيحة الآخرة ، فيمكن أن نلتزم بانتهاء الحياة في عالمنا ، وانتقال الجيل الأخير من البشر إلى عالم البرزخ قبل نفخ الصور بمدّة ، فيصدق عليهم أيضاً اجتياز البرزخ إلى أن ينفخ في الصور بإماتة الكُلّ.

وأمّا سؤالك عن الأطفال الذين يموتون ، فوردت روايات بمضامين مختلفة قريبة المعنى : بأنّ هؤلاء يراعون ويربّون تربية ربّانية ، إلى أن يرد أحد ذويهم إلى البرزخ ، فيدفعون إليه ، أو يبقون إلى أن يهدوا إلى آبائهم يوم القيامة.

وأمّا أنّ هذه الرعاية بيد من تكون؟ فالروايات الموجودة على طائفتين : منها ما تصرّح بأنّ هؤلاء الأطفال يحضنهم إبراهيمعليه‌السلام وتربّيهم سارةعليها‌السلام (١) ، ومنها ما تؤكّد بأنّ هذه التربية والحضانة تكون بيد فاطمةعليها‌السلام ؛ ويمكن الجمع بأن تكون فئة منهم هكذا وفئة أُخرى كذلك ، أو يكون الإشراف من ناحية فاطمةعليها‌السلام والحضانة والتربية بيدهماعليهما‌السلام .

وعلى أيّ حال لم نعثر على رواية يرد فيها ذكر السيّدة مريمعليها‌السلام كمربّية للأطفال.

( جميل أحمد ـ البحرين )

ما للنساء من أزواج في الجنّة :

س : في الجنّة يفوز المسلمين بالحور العين كما ذكر القرآن الكريم ، فعلى ماذا تحصل المسلمات؟

ج : وردت في عدّة روايات أنّ المؤمنة الصالحة تتخيّر بين البقاء مع زوجها وعدمه ، فمثلاً ورد عن الإمام الصادقعليه‌السلام : «إذا كان هو أفضل منها خيّره ، فإن اختارها كانت من أزواجه ، وإن كانت هي خيراً منه خيرّها ،

__________________

١ ـ شجرة طوبى ١ / ٣٢.

٢٤٩

فإن اختارته كان زوجاً لها »(١) ، وأنّها هي المرادة من الخيرات الحسان والحور العين ، كما ورد : «أنتم الطيّبون ونساؤكم الطيّبات ، كُلّ مؤمنة حوراء عيناء »(٢) .

وأمّا إن لم تتخيّر زوجها ، أو كانت غير متزوّجة في دار الدنيا ، فبمقتضى قوله تعالى :( وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ ) (٣) ، لابدّ وأن يكون هناك ما يؤمّن هذا الجانب الذي أُشير إليه في السؤال ، وإن كنّا لم نعلم بخصوصيات ذلك ، وهذا لا يضّر بنا بعد يقيننا بالنعيم والجنّة.

( أُمّ علي ـ البحرين ـ )

نصوص في المعاد الجسماني :

س : أُريد شرحاً لمعنى تجسيد الروح؟

ج : إذا كان سؤالك عن كيفية المعاد الجسماني ، فالذي ينبغي أن يقال أنّ مورد الإعادة هو الجسم والروح معاً ، وفي نفس القالب الدنيوي ، والأدلّة العقلية والنقلية من الكتاب والسنّة تدلّ على هذا الموضوع ، والمشهور من العلماء والمحقّقين من المتكلّمين يرون هذا النوع من المعاد هو الحقّ ، فمثلاً تقول الآية :( قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ ) (٤) ، وأيضاً :( أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ ) (٥) ، وهكذا :( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ ) (٦) .

__________________

١ ـ مجمع البيان ٩ / ٣٥١.

٢ ـ الكافي ٨ / ٢١٣ و ٣٦٥ ، الأمالي للشيخ الصدوق : ٧٢٦.

٣ ـ الزخرف : ٧١.

٤ ـ يس : ٧٩.

٥ ـ العاديات : ٩.

٦ ـ يس : ٥١.

٢٥٠

وورد في نهج البلاغة : «أخرجهم من ضرائح القبور ، وأوكار الطيور ، وأوجرة السباع ، ومطارح المهالك ، سراعاً إلى أمره ، مهطعين إلى معاده »(١) ، «وأخرج من فيها فجدّدهم بعد أخلاقهم ، وجمعهم بعد تفريقهم »(٢) ، «وأعلموا أنّه ليس لهذا الجلد الرقيق صبر على النار ، فارحموا نفوسكم »(٣) ، فنرى في جميع الفقرات الإشارة إلى الجسد الدنيوي في الإعادة ، فلا محيص من الإذعان بهذا الرأي وقبوله.

( السيّد محمّد السيّد حسن ـ البحرين )

شبهة الآكل والمأكول :

س : الرجاء الردّ على شبهة الآكل والمأكول بشكل مفصّل.

ج : إنّ هذه الشبهة من أقدم الشبهات التي وردت في الكتب الكلامية حول المعاد الجسماني ، وقد اعتنى بدفعها المتكلّمون والفلاسفة على اختلاف تعابيرهم ، والإشكال يقرّر بصورتين :

الصورة الأُولى : إذا أكل إنسان إنساناً بحيث عاد بدن الثاني جزءً من بدن الإنسان الأوّل ، فالأجزاء التي كانت للمأكول ثمّ صارت للآكل ، إمّا أن تعاد في كُلّ واحد منهما ، أو تعاد في أحدهما ، أو لا تعاد أصلاً؟ والأوّل محال ، لاستحالة أن يكون جزءً واحداً بعينه في آن واحد في شخصين متباينين.

والثاني خلاف المفروض ، لأنّ لازمه أن لا يعاد الآخر بعينه.

والثالث أسوأ حالاً من الثاني ، إذ يلزم أن لا يكون أي من الإنسانين معاداً بعينه ، فينتج أنّه لا يمكن إعادة جميع الأبدان بأعيانها.

الصورة الثانية : لو أكل إنسان كافر إنساناً مؤمناً ، وقلنا بأنّ المراد من المَعاد هو : حشر الأبدان الدنيوية في الآخرة ، فيلزم تعذيب المؤمن ، لأنّ المفروض

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ٦ / ٢٤٩.

٢ ـ المصدر السابق ٧ / ٢٠١.

٣ ـ المصدر السابق ١٠ / ١٢٢.

٢٥١

أنّ بدنه أو جزءً منه صار جزءً من بدن الكافر ، والكافر يٌعَذَّب ، فيلزم تعذيب المؤمن.

والفرق بين الصورتين هو : أنّ الإشكال بالتقرير الأوّل يركّز على نقص الإنسان المُعاد من حيث البدن ، ولكنّه في التقرير الثاني يركّز على أنّ المَعاد الجسماني في المقام يستلزم خلاف العدل الإلهي ، فالأساس في الإشكال في الصورتين واحد ، وهو كون بدن إنسان جزءً من بدن إنسان آخر ، ولكن المترتّب على الصورة الأُولى هو عدم صدق كون المُعاد هو المنشأ في الدنيا ، وعلى الصورة الثانية هو تعذيب البريء مكان المجرم.

أمّا الصورة الأُولى من الإشكال ، فبعض احتمالاتها ساقط جدّاً ، وهو عود المأكول جزءً لكلا الإنسانين ، فيبقى الاحتمالان الآخران ، وبأيّ واحد منهما أخذنا يندفع الإشكال ، وذلك بالبيان التالي :

إنّ الإنسان من لدن تكوّنه وتولّده إلى يوم وفاته ، واقع في مهبّ التغيّر وخضم التبدّل ، فليس وجوده جامداً خالياً عن التبدّل ، فبدن الإنسان ليس إلاّ خلايا لا يحصيها إلاّ الله سبحانه ، وكُلّ منها يحمل مسؤوليته في دعم حياة البدن ، والخلايا في حال تغيّر وتبدّل مستمر ، تموت وتخلفها خلايا أُخرى.

إذا عرفت ذلك ، فنقول :

١ ـ لو فرض أنّ بدن إنسان صار جزءً من بدن إنسان آخر ، فبما أنّ للمأكول أبداناً متعدّدة على مدى حياته ، فواحد منها مقرون بالمانع ، والأبدان الأُخر خالية منه فيحشر مع الخالي.

٢ ـ ولو فرض أنّ جميع أبدانه اقترنت بالمانع ، فإنّه أيضاً لا يصد عن القول بالمعاد الجسماني ، لأنّ الناموس السائد في التغذية هو أنّ ما يستفيده الإنسان من الغذاء لا يتعدّى ثلاثة بالمائة من المأكول والباقي يدفعه ، فإذاً لا مانع من أن تتعلّق الروح بأحد هذه الأبدان التي تتفاوت عن البدن الدنيوي من حيث الوزن والحجم ، ولم يدلّ على أنّ المحشور في النشأة الأُخروية يتّحد مع الموجود في النشأة الدنيوية في جميع الجهات ، وعامّة الخصوصيات.

٢٥٢

وأمّا الصورة الثانية من الإشكال : فقد عرفت أنّها ترجع إلى مسألة العدل الإلهي ، وأنّ كون بدن المؤمن جزءً من بدن الكافر يستلزم تعذيب المؤمن ، ولكنّه مبني على إعطاء الأصالة في الحياة للبدن ، وهي نظرية خاطئة ، فإنّ اللذائذ والآلام ترجع إلى الروح ، والبدن وسيلة لتعذيبه وتنعيمه.

فصيرورة بدن المسلم جزءً من بدن الكافر لا يلازم تعذيب المؤمن ، لأنّ المعذّب بتعذيب البدن هو روح الكافر ونفسه ، لا روح المؤمن.

وهذا نظير أخذ كُليةٍ من إنسان حيّ ، ووصلها بإنسان يعاني من ضعفها وعلّتها ، فإذا نجحت عملية الوصل وصارت الكُلية الموصولة جزءً من بدن المريض ، ثمّ عُذّب هذا المريض فالمعذّب هو هو ولو نُعّم ، فالمُنعَّم هو هو ، ولا صلة بينه وبين من وَهَب كُليته وأهداها إليه.

( جنيد عباس ـ غانا ـ )

الحساب أوّلاً ثمّ المرور على الصراط :

س : هل يكون الحساب قبل المرور على الصراط؟ أو يكون المرور على الصراط أوّلاً ثمّ الحساب؟ ودمتم بخير.

ج : إنّ المستفاد من النصوص الروائية هو أنّ الصراط والحساب موقفان من مواقف يوم القيامة ، وبما أنّ موقف الصراط يعني تجاوز الإنسان من منطقة قريبة عن جهنّم ، فإمّا هو ينجو من الهلكة هناك ، وإمّا أن يسقط في الهاوية ـ نعوذ بالله ـ فيظهر أنّ أحد هذين الاحتمالين هو نتيجة أعماله التي حوسب عليها قبل الورود على الصراط.

وعليه ، فموقف الحساب والميزان يكون مقدّماً على الصراط ، وذلك لأنّ محاسبة الأعمال سوف تنتج الوقوع في جهنّم أو الخلاص منها ، وهذا هو شأن الصراط.

٢٥٣

( حسن الموسوي )

مسألة خلق الجنّة والنار :

س : لو تفضّلتم بالجواب على هذا السؤال : هل الجنّة موجودة حالياً أم لا؟ وإن لم تكن حالياً موجودة ، فكيف عاش آدم عليه‌السلام فيها ، وثمّ أُخرج منها؟ وإن كانت موجودة فأين هي حالياً؟ شكراً جزيلاً.

ج : إنّ مسألة خلق الجنّة ـ وكذلك النار ـ مسألة خلافية ؛ فقد ذهب إلى عدم خلقها أكثر المعتزلة والخوارج ، وطائفة من الزيدية ، بينما تعتقد الأشاعرة والشيعة الإمامية خلقها ، استناداً إلى ظهور الآيات والروايات.

نعم ، يظهر من كلام السيّد الرضي من الإمامية أنّه كان يقول بعدم الخلق(١) .

ثم إنّ هذه الجنّة لا علاقة لها بجنّة آدمعليه‌السلام على التحقيق ؛ إذ أنّ جنّتهعليه‌السلام كانت تختلف عن جنّة القيامة جذريّاً ، والفارق الأساسي هو الخلود وعدم الخروج منها ، اللذان لم نجدها في جنّة آدمعليه‌السلام ؛ أضف إلى ذلك عدم وجود أوامر أو تكاليف في جنّة الآخرة ، خلافاً لما كان في جنّة آدم ، وأيضاً لا مجال للشيطان أن يدخل في جنّة القيامة ، على عكس ما حدث في جنّة آدمعليه‌السلام .

وأمّا تعيين محلّ جنّة الخلد حالياً ، فليس من المقدور لأيّ أحد ، لسكوت الآيات والروايات عن هذه الجهة.

( أُمّ علي ـ الإمارات ـ )

نصوص حول عالم البرزخ :

س : ما هي أهمّ النصوص الدالّة على وجود عالم البرزخ؟ وما هي مراحلها؟

__________________

١ ـ حقائق التأويل : ٢٤٥.

٢٥٤

ج : الأدلّة النقلية على وجود عالم البرزخ قد جاءت في الكتاب والسنّة ، فمن الكتاب :

١ ـ قوله تعالى :( وَمِن وَرائِهِم بَرزَخ إلى يَوم يُبعَثون ) (١) .

٢ ـ قوله تعالى :( قالوا رَبَنا أمتنا اثنَتَينِ وَأحيَيتَنا اثنَتَين ) (٢) .

٣ ـ قوله تعالى :( وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ ) (٣) .

٤ ـ قوله تعالى :( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) (٤) .

٥ ـ قوله تعالى :( النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ) (٥) .

٦ ـ قوله تعالى :( أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا ) (٦) .

وأمّا الروايات فهي متواترة ومتظافرة في كتب الفريقين ، ويمكن الوقوف عليها بمراجعة كتاب بحار الأنوار المجلّد السادس ، والمجامع الحديثية عند غيرنا.

وبعبارة مختصرة : وجود هذا العالم في الفاصل بين هذه الدنيا وعالم القيامة أمر مسلّم عند جميع المسلمين ، ومن ضروريات الدين.

( أحلام )

غير المسلم قد يدخل الجنّة :

السؤال : هل غير المسلم يدخل الجنّة؟ وما هو الدليل؟

__________________

١ ـ المؤمنون : ١٠٠.

٢ ـ غافر : ١١.

٣ ـ البقرة : ١٥٤.

٤ ـ آل عمران : ١٦٩.

٥ ـ غافر : ٤٦.

٦ ـ نوح : ٢٥.

٢٥٥

ج : ورد في الروايات عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام : بأنّ الكثير من غير المسلمين وغير الشيعة هم من المستضعفين ، وهم الذين لم يصل لهم الدليل بكماله ووضوحه ، ولم يكن لهم عناد في قبول الحقّ وإتباعه ، وعبّر عنهم بأنّهم من المرجوّين الذين ترجى لهم رحمة ربّ العالمين(١) .

( صديقة ـ البحرين ـ )

الجنّ يحشرون مع الإنس في الجنّة والنار :

س : كما نعلم أنّ الجنّ يحشرون مع الإنس ليحاسبهم الله ، والجنّ والإنس مكلّفون بالعبادة كما في قوله تعالى :( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ) (٢) ، وهذا التكليف ينبني عليه حساب.

السؤال : هل يحشرون الجنّ على الهيئة التي خُلقوا عليها؟ أم تتبدّل هيئتهم؟ لأنّ الإنسان لا يطيق رؤية الجنّ.

ج : قبل الإجابة على سؤالكم ننقل لكم ما ورد في سورة الأعراف :( وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا أُوْلَـَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُوْلَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُواْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ * قَالَ ادْخُلُواْ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّن الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاء أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِن لاَّ تَعْلَمُونَ * وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ * إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ

__________________

١ ـ الكافي ٢ / ٤٠٧.

٢ ـ الذاريات : ٥٦.

٢٥٦

الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ * لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ * وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) (١) .

فمن قوله تعالى :( قَالَ ادْخُلُواْ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّن الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ ) ، نعرف أنّ قسماً من الجنّ والإنس يدخلون في النار ، بسبب استكبارهم وتكذيبهم آيات الله ، وتركهم لما كلّفوا به.

وعليه ، لا فرق للإنسان الداخل في النار أن يرى الجنّ بهيئتهم التي لا تطاق ، أو بهيئة أُخرى تطاق ، لأنّ الإنسان هناك يعيش في أجواء كُلّها لا تطاق ـ من تعذيب وتخويف وحرق وغير ذلك ـ فليكن منها رؤيته للجنّ.

ومن قوله تعالى :( وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ ) ، نعرف أنّ قسماً من الجنّ والإنس يدخلون في الجنّة ، بسبب إيمانهم بآيات الله تعالى وعملهم للصالحات ، وما أوجبه الله عليهم.

وأنّ الله تعالى قد نزع من صدورهم الغلّ ، ونزع الغلّ في الجنّة تصفية الطباع ، وإسقاط الوساوس ، وإعطاء كُلّ نفس مناها ، ولا يتمنّى أحد ما لغيره.

فسلمت قلوبهم وطهرت من الحقد والحسد والشحناء ، ولم يكن بينهم إلاّ التعاطف والتراحم والتواد.

وعليه ، فلو كانت حالة أهل الجنّة ـ من الجنّ والإنس ـ هكذا ، فلابدّ أن هناك نوع من الانسجام والمحبّة بين الجنّ والإنس ، بحيث يمكن التعايش معهم ، والنظر إليهم ، بدون أي خوف وارتباك.

__________________

١ ـ الأعراف : ٣٦ ـ ٤٣.

٢٥٧

ثمّ من قال أنّ رؤية الجنّ لا تطاق ، لأنّ منظرهم مخوف مثلاً ، فالجنّ كما يعرّفه علماؤنا : جنس من الحيوان مستترون عن أعين البشر لرقّتهم(١) .

( عماد الدين ـ أمريكا ـ ٣٦ سنة ـ بكالوريوس هندسة )

الحياة في البرزخ :

س : سمعت أنّ الإنسان يذهب بعد الموت إلى البرزخ ، فكيف هي الحياة في البرزخ؟ هل هي شبه الجنّة أو ماذا؟ الرجاء أفادتني وشكراً.

ج : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من مات فقد قامت قيامته »(٢) ، فالبرزخ هي حياة ونشأة بين الدنيا والآخرة ، والمقصود من الحديث « قامت قيامته » هي القيامة الصغرى ، أو فقل أوّل درجات القيامة ، والقيامة الكبرى هي يوم الحشر الأكبر.

والآيات والروايات تثبت الحياة في عالم البرزخ ، وتثبت فيه النعيم والعذاب ، فالقبر إمّا روضة من رياض الجنّة ، أو حفرة من حفر النيران.

قال الشيخ الصدوق : « اعتقادنا في المسألة في القبر أنّها حقّ لابدّ منها ، فمن أجاب بالصواب فاز بروح وريحان في قبره ، وبجنّة نعيم في الآخرة ، ومن لم يأت بالصواب فله نزل من حميم في قبره ، وتصلية جحيم في الآخرة »(٣) .

قال الله تعالى عن فرعون وأتباعه :( النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ) (٤) .

وأجاب الإمام الصادقعليه‌السلام عندما سُئِلَ عن أرواح المؤمنين : « أرواح المؤمنين في حجرات في الجنّة ، يأكلون من طعامها ، ويشربون من شرابها ، ويقولون : ربّنا أقم لنا الساعة لتنجز لنا ما وعدتنا ».

__________________

١ ـ التبيان ٤ / ٣٩٧ ، مجمع البيان ٤ / ٢٥١.

٢ ـ بحار الأنوار ٥٨ / ٧.

٣ ـ الاعتقادات : ٥٨.

٤ ـ غافر : ٤٦.

٢٥٨

وسُئلعليه‌السلام عن أرواح المشركين فأجاب : «في حجرات في النار يأكلون من طعامها ، ويشربون من شرابها ، ويتزاورون فيها ويقولون : ربّنا لا تُقم لنا الساعة ، لتنجز لنا ما وعدتنا »(١) .

وهذه الرواية تدلّ بتمامها على وجود البرزخ بَعد الموت مباشرة ، ونعيم المؤمنين وعذاب الكافرين فيه مستمر حتّى تقوم الساعة.

فالبرزخ عالم حائل وحاجز بين الدنيا والآخرة ، وهو أوّل محطّات الرحلة إلى الآخرة ، وهو المنزل الأوّل للإنسان بعد مفارقة الدنيا بالموت ، كما قال تعالى :( وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) (٢) .

( رقية ـ السعودية ـ )

التناسخ عقيدة باطلة :

س : ماذا تعتقد في التناسخ؟ وكيف تبرّر الحالات التي تحدث عند المعتقدين به؟

ج : التناسخ عقيدة باطلة ، ولو فرضنا أنّ بعض الحالات تحدث عند المعتقدين به ، فإنّها لا تدلّ على صحّة المعتقد ، ومثال ذلك : من لهم رياضات من عبّاد البقر والأوثان ، وما تحدث لهم من حالات ، فإنّها لا تدلّ على صحّة معتقدهم.

( سلام حسن الشمّري ـ العراق ـ طالب علم )

الحساب في البرزخ يختلف عمّا هو في الدنيا :

س : السؤال فرضي : لو أنّ شخصين كان لهما نفس العمر ، كأن يكون ( ٥٥ ) سنة ، وكان لهما نفس الأعمال ، أي أنّهما بعد موتهما كان سجل أعمالهما متساوياً ، ولكن الأوّل عاش من سنة ( ١٨٠٠ إلى ١٨٥٥ ) ، والثاني من

__________________

١ ـ المحاسن ١ / ١٧٨.

٢ ـ المؤمنون : ١٠٠.

٢٥٩

( ١٩٠٠ إلى ١٩٥٥ ) ، فإنّ الأوّل سوف تكون فترة برزخه أكثر ، فلو كانا معذّبين ، فسوف يكون عذاب الأوّل أكثر من الثاني ، ولو كانا منعّمين فكذلك ، نعيم الأوّل أكثر من الثاني.

السؤال المترتّب على هذا الفرض : ألا يضرّ هذا في العدل الإلهي؟ أرجو الإيضاح المبسّط.

ج : السؤال المفترض مبنيّ على أنّ الحساب الزماني في البرزخ ويوم الحشر مثل ما عليه في الحياة الدنيوية.

فيقال : إنّ الحياة الأُخروية لا تقاس بالحياة الدنيوية ، فالنفس بعدما تفارق الجسد في الحياة الدنيوية ، تدخل إلى عالم آخر يختلف من حيث الزمان والمكان وباقي الأُمور الطبيعية ، وهذا الأمر قد أشارت إليه بعض النصوص القرآنية ، والسنّة المحمّدية.

ويمكن أن يقال لرفع الإشكال : إنّ الإنسان إذا ما مات تبدأ استحقاقاته ، فيكون في فترة البرزخ حساب بنحو من الأنحاء ، كما يشير إلى ذلك الحديث : «من مات فقد قامت قيامته »(١) ، وهي التي تسمّى عند البعض بالقيامة الصغرى.

( علي العلي ـ السويد ـ )

وقت موت إبليس :

س : أسأل الله تعالى أن تكونوا في أتمّ الصحّة والعافية ، وأن يسدّد خطاكم لما هو خير ، ويوفّقكم لإعلاء كلمة الحقّ ، إنّه سميع مجيب.

لقد شجّعتموني على أن أسألكم كُلّما احتجت إلى ذلك ، ويا كثرة احتياجاتي ، وأعانكم الله عليها.

__________________

١ ـ بحار الأنوار ٥٨ / ٧.

٢٦٠