الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ١٠

الغدير في الكتاب والسنة والأدب15%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 389

الجزء ١ المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١
المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 389 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 70508 / تحميل: 4471
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ١٠

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

_ ٨ _

ترك التكبير المسنون فى الصلوات

أخرج الطبراني ( وفي نيل الأوطار: الطبري ) عن أبي هريرة: إنَّ أوَّل من ترك التكبير معاوية، وروى أبو عبيد: انَّ أوَّل من تركه زياد.

وأخرج ابن أبي شيبة من طريق سعيد بن المسيب انّه قال: أوَّل من نقّص التكبير معاوية.(١)

قال ابن حجر في فتح الباري ٢: ٢١٥: هذا لا ينافي الذي قبله، لانّ زياداً تركه بترك معاوية. وكان معاوية تركه بترك عثمان(٢) ، وقد حمل ذلك جماعة من أهل العلم على الإخفاء.

وفي الوسائل الى مسامرة الأوائل ص ١٥: أوَّل من نقّص التكبير معاوية كان إذا قال: سمع الله لمن حمده. انحطّ إلى السجود فلم يكبّر، وأسنده العسكري عن الشعبي، وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال: اوّل من نقّص التكبير زياد.

وفي نيل الأوطار للشوكاني ٢: ٢٦٦: هذه الروايات غير متنافية، لانَّ زياداً تركه بترك معاوية، وكان معاوية تركه بترك عثمان وقد حمل ذلك جماعة من اهل العلم على الإخفاء، وحكى الطحاوي: انَّ بني اميّة كانوا يتركون التكبير في الخفض دون الرفع، وما هذه بأوّل سنّة تركوها.

وأخرج الشافعي في كتابه « الامّ » ١: ٩٣ من طريق أنس بن مالك قال: صلّى معاوية بالمدينة صلاة فجهر فيها بالقرائة فقرأ بسم الله الرَّحمن الرَّحيم لامّ القرآن ولم يقراً بها للسورة التي بعدها حتى قضى تلك القرائة، ولم يكبّر حين يهوي حتى قضى تلك - الصَّلاة، فلمّا سلّم ناداه من سمع ذلك من المهاجرين من كلّ مكان: يا معاوية؟ أسرقت الصَّلاة أم نسيت؟ فلمّا صلّى بعد ذلك قرأ بسم الله الرَّحمن الرَّحيم للسورة التي بعد امّ القرآن وكبّر حين يهوي ساجداً.

وأخرج في كتاب « الامّ » ١: ٩٤. من طريق عبيد بن رفاعة: أنَّ معاوية قدم المدينة

____________________

١ - فتح البارى ٢: ٢١٥، تاريخ الخلفاء للسيوطى ص ١٣٤، نيل الاوطار ٢: ٢٦٦، شرح الموطأ للزرقانى ١: ١٤٥.

٢ - أخرج حديثه أحمد فى مسنده من طريق عمران كما يأتي في المتن بعيد هذا.

٢٠١

فصلّى بهم فلم يقرأ ببسم الله الرَّحمن الرَّحيم ولم يكبّر إذا خفض وإذا رفع، فناداه المهاجرون حين سلّم والأنصار: أن يا معاوية! سرقت صلاتك؟ أين بسم الله الرَّحمن الرَّحيم؟ وأين التكبير إذا خفضت وإذا رفعت؟ فصلّى بهم صلاة اُخرى، فقال: ذلك فيما الذي عابوا عليه.

وأخرجه من طريق انس صاحب « الانتصار » كما في البحر الزخّار ١: ٢٤٩.

قال الأميني: تنمّ هذه الأحاديث عن أنّ البسملة لم تزل جزئاً من السورة منذ نزول القرآن الكريم، وعلى ذلك تمرّنت الاُمّة، وانطوت الضمائر، وتطامنت العقائد، و لذلك قال المهاجرون والأنصار لمـّا تركها معاوية: انَّه سرق ولم يتسنّ لمعاوية أن يعتذر لهم بعدم الجزئيَّة حتى إلتجأ إلى إعادة الصَّلاة مكلّلة سورتها بالبسملة، أوانَّه إلتزم بها في بقيَّة صلواته، ولو كان هناك يومئذ قولٌ بتجرّد السورة عنها لاحتجَّ به معاوية لكنّه قول حادث ابتدعوه لتبرير عمل معاوية ونظرائه من الأمويّين الذين اتّبعوه بعد تبيّن الرشد من الغيّ.

وأمّا التكبير عند كلِّ هويّ وانتصاب فهي سنَّة ثابتة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عرفها الصحابة كافَّة فانكروا على معاوية تركها، وعليها كان عمل الخلفاء الأربعة، واستقرَّ عليها إجماع العلماء وهي مندوبةٌ عندهم عدا ما يؤثر عن أحمد في إحدى الروايتين عنه من وجوبها وكذلك عن بعض أهل الظاهر، واليك جملة ممّا ورد في المسئلة:

١ - عن مطرف بن عبد الله قال: صلّيت خلف عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أنا وعمران بن حصين فكان إذا سجد كبّر، وإذا رفع رأسه كبّر، وإذا نهض من الركعتين كبّر، فلمّا قضى الصَّلاة أخذ بيدي عمران بن حصين فقال: قد ذكّرني هذا صلاة محمّد، أو قال: لقد صلّى بنا صلاة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وفي لفظ لأحمد: قال عمران: ما صلّيت منذ حين. أو قال: منذ كذا كذا أشبه بصلاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من هذه الصَّلاة. صلاة عليّ.

وفي لفظ آخر له: عن مطرف عن عمران قال: صلّيت خلف عليّ صلاةً ذكّرني صلاةً صلّيتها مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والخليفتين قال: فانطلقت فصلّيت معه فإذا هو يكبّر كلّما سجد وكلّما رفع رأسه من الركوع فقلت: يا أبا نجيد مَن أوّل من تركه؟ قال عثمان بن عفّان رضي الله عنه حين كبر وضعف صوته تركه.

٢٠٢

صحيح البخاري ٢: ٥٧، ٧٠، صحيح مسلم ٢: ٨، سنن أبي داود ١: ١٣٣، سنن النسائي ٢: ٢٠٤، مسند أحمد ٤: ٤٢٨، ٤٢٩، ٤٣٢، ٤٤٠، ٤٤٤، البحر الزخّار ١: ٢٥٤.

٢ - عن أبي هريرة انّه كان يصلّي بهم فيكبّر كلّما خفض ورفع فإذا انصرف قال: إنّي لأشبهكم صلاة برسول الله. وفي لفظ للبخاري: فلم تزل تلك صلاته حتّى لقي الله.

راجع صحيح البخاري ٢: ٥٧، ٥٨، صحيح مسلم ٢: ٧ بعدّة طرق وألفاظ، سنن النسائي ٢: ١٨١، ٢٣٥، سنن أبي داود ١: ١٣٣، سنن الدارمي ١: ٢٨٥، المدوّنة الكبرى ١: ٧٣، نصب الراية ١: ٣٧٢، البحر الزخّار ١: ٢٥٥.

٣ - عن عكرمة قال: رأيت رجلاً عند المقام يكبّر في كلّ خفض ورفع وإذا قام وإذا وضع فأخبرت ابن عبّاس رضي الله عنه قال: أوَ ليس تلك صلاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا اُمَّ لك.

وفي لفظ: عن عكرمة صلّيت خلف شيخ بمكّة فكبّر ثنتين وعشرين تكبيرة، فقلت لإبن عبّاس: إنّه أحمق فقال: ثكلتك اُمّك سنّة أبي القاسمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

صحيح البخاري ٢: ٥٧، ٥٨، مسند أحمد ١: ٢١٨، البحر الزخّار ١: ٢٥٥.

قال الأميني: يظهر من هذه الرواية انّ تغيير الأمويّين هذه السنّة الشّريفة وفي مقدّمهم معاوية كان مطّرداً بين الناس حتى كادوا أن ينسوا السنّة فحسبوا مَن ناء بها أحمقاً، أو تعجّبوا منه كأنّه أدخل في الشريعة ما ليس منها، كلّ ذلكِ من جرّاء ما اقترفته يدا معاوية وحزبه الأثيمتان، وجنحت إليه ميولهم وشهواتهم، فبُعداً لأولئك القصيِّين عمّا جاء به محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٤ - عن عليّ وابن مسعود وأبي موسى الأشعري وأبي سعيد الخدري وغيرهم: انّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يكبّر عند كلِّ خفض ورفع.

صحيح البخاري ٢: ٧٠، سنن الدارمي ١: ٢٨٥، سنن النسائي ٢: ٢٠٥، ٢٣٠، ٢٣٣، المدوَّنة الكبرى ١: ٧٣، نصب الراية ١: ٣٧٢، بدايع الصنايع ١: ٢٠٧، منتقى الأخبار لابن تيميَّة، البحر الزخّار ١: ٢٥٤.

٥ - أخرج أحمد وعبد الرزّاق والعقيلي من طريق عبد الرحمن بن غنم قال: إنّ أبا

٢٠٣

مالك الأشعري [الصحابيّ الشهير بكنيته] قال لقومه: قوموا حتى اصلّي بكم صلاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فصففنا خلفه وكبّر. إلى آخر الحديث المذكور بطوله في ج ٨: ١٨١ وفيه انّه كبّر في كلّ خفض ورفع.

٦ - عن عليِّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يكبّر كلّما خفض ورفع، فلم تزل تلك صلاته حتى قبضه الله.

المدوّنة الكبرى ١: ٧٣، نصب الراية ١: ٣٧٢.

٧ - في المدوّنة الكبرى ١: ٧٢: انَّ عمر بن عبد العزيز كتب إلى عمّاله يأمرهم أن يكبّروا كلّما خفضوا ورفعوا في الركوع والسجود إلّا في القيام من التَشهّد بَعد الركعتين لا يكبّر حتى يستوي قائماً مثل قول مالك.

هذه سنّة الله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في تكبير الصَّلوات عند كلِّ هويّ وانتصاب، وبها أخذ الخلفاء، وإليها ذهبت أئمّة المذاهب، وعليها استقرَّ الإجماع، غير أنّ معاوية يقابلها بخلافها ويغيرها برأيه ويتّخذ الأمويّون اُحدوثته سنّة متَّبعة تجاه ما جاء به نبيُّ الإسلام.

قال ابن حجر في فتح الباري ٢: ٢١٥ استقرَّ الأمر على مشروعيّة التكبير في الخفض والرفع لكلّ مصلٍّ، فالجمهور على ندبيّة ما عدا تكبيرة الإحرام، وعن أحمد وبعض اهل العلم بالظاهر يجب كلّه.

وقال في ص ٢١٦: أشار الطحاوي إلى أنّ الاجماع استقرّ على أنَّ مَن تركه فصلاته تامّة، وفيه نظر لما تقدّم عن أحمد، والخلاف في بطلان الصَّلاة بتركه ثابتٌ في مذهب مالك إلّا أن يريد إجماعاً سابقاً.

وقال النووي في شرح مسلم: اعلم أنّ تكبيرة الإحرام واجبةٌ وما عداها سنّة لو تركه صحّت صلاته لكن فاتته الفضيلة وموافقة السنّة، هذا مذهب العلماء كافّة إلّا أحمد بن حنبل رضي الله عنهم في إحدى الروايتين عنه انّ جميع التكبيرات واجبة.

وقال الشوكاني في نيل الأوطار ٢: ٢٦٥: حكى مشروعيَّة التكبير في كلّ خفض ورفع عن الخلفاء الأربعة وغيرهم ومن بعدهم من التّابعين قال: وعليه عامّة الفقهاء والعلماء، وحكاه ابن المنذر عن أبي بكر الصدِّيق، وعمر بن الخطاب، وابن مسعود،

٢٠٤

وابن عمر، وجابر، وقيس بن عباد، والشافعي، وأبي حنيفة، والثوري، والأوزاعي، ومالك، وسعيد بن عبد العزيز، وعامّة أهل العلم، وقال البغوي في شرح السنّة: اتَّفقت الاُمّة على هذه التكبيرات.

وعن ابن عبد البرّ في شرح الموطأ للزرقاني ١: ١٤٥: وقد اختلف في تاركه فقال ابن القاسم: إن أسقط ثلاث تكبيرات سجد لسهوه وإلّا بطلت، وواحدة أو اثنتين سجد أيضاً، فإن لم يسجد فلا شيىء عَليه، وقال عبد الله بن عبد الحكم وأصبغ: إن سها سجد فإن لم يَسجد فلا شيىء عَليه، وعَمداً أساء وصلاته صحيحة، وعلى هذا فقهاء الأمصار من الشافعيين والكوفيين واهل الحديث والمالكيّين إلّا مَن ذهب منهم مذهب ابن القاسم.

_ ٩ _

ترك التلبية خلافاً لعلىعليه‌السلام

أخرج النسائي في سننه ٥: ٢٥٣، والبيهقي في السنن الكبرى ٥: ١١٣ من طريق سعيد بن جبير قال: كان ابن عبّاس بعرفة فقال: يا سعيد! مالي لا أسمع الناس يلبّون؟ فقلت: يخافون معاوية. فخرج ابن عبّاس من فسطاطه فقال: لبِّيك أللهمّ لبيك، وإن رغم ألف معاوية، اللّهمّ العنهم فقد تركوا السنّة من بغض عليّ.

وقال السندي في تعليق سنن النسائي: ( من بغض عليّ ) أي لأجل بغضه، أي وهو كان يتقيَّد بالسنن فهؤلاء تركوها بغضاً له.

وفي كنز العمّال: عن ابن عبّاس قال: لعن الله فلاناً انّه كان ينهى عن التلبية في هذا اليوم يعني يوم عرفة، لأنَّ عليّاً كان يلبّي فيه. ابن جرير.

وفي لفظ أحمد في المسند ١: ٢١٧ عن سعيد بن جبير قال: أتيت ابن عبّاس بعرفة وهو يأكل رمّاناً فقال: أفطر رسول الله بعرفة وبعثت إليه امّ الفضل بلبن فشربه. وقال: لعن الله فلاناً عمدوا إلى أعظم أيّام الحجّ فمحوا زينته، وإنّما زينة الحجِّ التلبية. وحكاه في كنز العمّال عن ابن جرير الطبري.

وفي تاريخ ابن كثير ٨: ١٣٠ من طريق صحيح عن سفيان عن حبيب عن سعيد عن ابن عبّاس انّه ذكر معاوية وانّه لبّى عشيّة عرفة فقال فيه قولاً شديداً، ثمّ بلغه انّ

٢٠٥

عليّاً لبّى عشيَّة عرفة فتركه.

وقال ابن حزم في المحلّى ٧: ١٣٦: كان معاوية ينهى عن ذلك.

قال الأميني: إنّ السنَّة المسلّمة عند القوم استمرار التلبية إلى رمي جمرة العقبة أوّ لها أو آخرها على خلاف فيه. وإليك ما يؤثر منها عندهم:

١ - عن الفضل: أفضت مع النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من عرفات فلم يزل يلبّي حتّى رمى جمرة العقبة، ويكبّر مع كلّ حصاة، ثمَّ قطع التلبية مع آخر حصاة. وفي لفظ: لم يزل يلبّي حتّى بلغ الجمرة.

صحيح البخاري ٣: ١٠٩، صحيح مسلم ٤: ٧١، صحيح الترمذي ٤: ١٥٠، قال: وفي الباب عن عليّ، وابن مسعود، وابن عبّاس، سنن النسائي ٥: ٢٦٨، ٢٧٥، ٢٧٦، سنن ابن ماجة ٢: ٢٤٤، سنن ابي داود ١: ٢٨٧، سنن الدارمي ٢: ٦٢، سنن البيهقي ٥: ١١٢، ١١٩، كتاب الامّ ٢: ١٧٤ وقال: وروى ابن مسعود عن النبيِّ مثله. ه. مسند أحمد ١: ٢٢٦، وأخرجه ابن خزيمة وقال: هذا حديثٌ صحيحٌ مفسِّراً لما أبهم في الروايات الاُخرى(١) وقال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وغيرهم.

٢ - عن جابر بن عبد الله واسامة وابن عبّاس: إنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لزم التلبية و لم يقطعها حتّى رمى جمرة العقبة.

راجع صحيح البخاري ٣: ١١٤، سنن ابن ماجة ٢: ٢٤٤، المحلّى ٧: ١٣٦، بدايع الصنايع ٢: ١٥٦.

٣ - عن عبد الرَّحمن بن يزيد: انَّ عبد الله بن مسعود لبّى حين أفاض من جمع فقيل له: عن أيّ هذا؟ « وفي لفظ مسلم: فقيل: أعرابيّ هذا » فقال: أنسي الناس أم ضلّوا؟ سمعت الذي اُنزلت عليه سورة البقرة يقول في هذا المكان: لبّيك أللهمّ لبّيك.

راجع صحيح مسلم ١: ٣٦٣ وفي ط ٤: ٧١، ٧٢، سنن البيهقي ٥: ١٢٢، المحلّى ٧: ١٣٥ وصحّحه، ورواه الطحاوي باسناد صحيح كما في فتح الباري ٣: ٤٢٠، بدايع الصنايع ٢: ١٥٤.

____________________

١ - نيل الاوطار ٥: ٥٥.

٢٠٦

٤ - عن كُريب مولى ابن عبّاس: إنَّ ميمونة امّ المؤمنين لبّتْ حين رَمَت الجمرة.

كتاب الاُمّ ٢: ١٧٤، سنن البيهقي ٥: ١١٣، المحلّى ٧: ١٣٦

٥ - عن ابن عبّاس: تلبِّي حتى تأتي حرمك إذا رميت الجمرة.

سنن البيهقي ٥: ١١٣.

٦ - عن ابن عبّاس أيضاً: سمعت عمر يلبِّي غداة المزدلفة.

المحلّى لابن حزم ٧: ١٣٦.

٧ - عن ابن عبّاس أيضاً: سمعت عمر بن الخطاب يهلّ وهو يرمي جمرة العقبة فقلت له: فيما الاهلال يا أمير المؤمنين؟ فقال: وهل قضينا نسكنا بعدُ؟

كتاب الاُمّ مختصراً ٢: ١٧٤، سنن البيهقي ٥: ١١٣، المحلّى، ٧: ١٣٦.

٨ - عن ابن عبّاس أيضاً: حججت مع عمر إحدى عشرة حجّة وكان يلبّي حتى يرمي الجمرة.

أخرجه سعيد بن منصور كما في فتح الباري ٣: ٤١٩.

٩ - عن ابن عبّاس أيضاً: التلبية شعار الحجِّ فإن كنت حاجّاً فلبِّ حتى بدء حلّك، وبدء حلّك أن ترمي جمرة العقبة.

أخرجه ابن المنذر باسناد صحيح كما في فتح الباري ٣: ٤١٩.

١٠ - عن ابن مسعود: لا يمسك الحاجّ عن التلبية حتّى يرمي جمرة العقبة.

المحلّى لابن حزم ٧: ١٣٦.

١١ - عن الأسود بن يزيد: انّه سمع عمر بن الخطاب يلبّي بعرفة.

سنن البيهقي ٥: ١١٣، المحلّى ٧: ١٣٦.

١٢ - أخرج ابن أبي شيبة من طريق عكرمة يقول: أهلّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتّى رمى الجمرة، وأبو بكر وعمر. المحلّى ٧: ١٣٦.

١٣ - عن أنس بن مالك في الجواب عن التلبية يوم عرفة: سرت هذا المسير مع النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه فمنّا المكبّر، ومنا المهلّ، ولا يعيب أحدنا على صاحبه. صحيح مسلم ٤: ٧٣.

٢٠٧

١٤ - عن عائشة، كانت تلبّي بعد عرفة. المحلّي ٧: ٣٦.

١٥ - عن عبد الرَّحمن الأسود: ان أباه صعد إلى ابن الزبير المنبر يوم عرفة فقال له: ما يمنعك أن تهلّ؟ فقد رأيت عمر في مكانك هذا يهلّ فأهلّ ابن الزبير.

المحلّى لابن حزم ٧: ١٣٦.

١٦ - عن مولانا أمير المؤمنين انّه لبّى حتى رمى جمرة العقبة. المحلّى ٧: ١٣٦.

١٧ - عن مولانا عليّ أيضاً انّه لبّى في الحجّ حتّى إذا زاغت الشمس من يوم عرفة قطع التلبية.

أخرجه مالك في الموطأ ١: ٢٤٧ وقال: وذلك الأمر الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا. وذكره صاحب البحر الزخّار ٢: ٣٤٢.

١٨ - عن عكرمة: كنت مع الحسين بن علي « عليهما السّلام » فلبّى حتّى رمى جمرة العقبة.

هذه هي السنّة المتسالم عليها عند القوم، وبها أخذت أئمّة الفقه والفتوى قال ابن حزم في المحلّى ٧: ١٣٥: لا يقطع التلبية إلّا مع آخر حصاة من جمرة العقبة، فإنَّ مالكا قال: يقطع التلبية إذا نهض إلى عرفة، ثمَّ زيَّف أدلّة مالك، وأنت سمعت قول مالك قُبيل هذا وانّه يخالف ما عزاه إليه ابن حزم.

وقال في ص ١٣٦: لا يقطعها حتى يرمي الجمرة وهو قول أبي حنيفة والشافعي و أحمد وإسحاق وأبي سليمان.

وقال ملك العلماء في البدايع ٢: ١٥٤: لا يقطع التلبية وهذا قول عامَّة العلماء، وقال مالك: إذا وقف بعرفة يقطع التلبية والصحيح قول العامّة.

وقال ابن حجر في فتح الباري ٣: ٤١٩: وباستمرارها قال الشافعي وأبو حنيفة والثوري وأحمد وإسحاق وأتباعهم.

وفي نيل الأوطار ٥: ٥٥: انَّ التلبية تستمرّ إلى رمي جمرة العقبة، وإليه ذهب الجمهور.

هذا ما تسالمت عليه الاُمّة سلفاً وخلفاً، لكن معاوية جاء متهاوناً بالسنّة لمحض أن عليّاًعليه‌السلام كان ملتزماً بها، فحدته بغضاءه إلى مضادّته ولو لزمت مضادّة السنّة،

_١٣_

٢٠٨

ومحو زينة الحجّ، هذه نظريّة خليفة المسلمين فيما حسبوه، وهذا مبلغه من الدين ومبوّأه من الأخذ بسنّة نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلهفي على المسلمين من متغلّب عليهم بإسم الخلافة.

وإنّي لست أدري أكان من السائغ الجائز لعن ابن عبّاس وهو محرمٌ في ذلك الموقف العظيم، في مثل يوم عرفة اليوم المشهود معاوية باغض عليّ أمير المؤمنين ومناوئه تارك سنّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ هلّا كان حبر الاُمّة يعلم أنَّ الصحابة كلّهم عدول؟ أو انّ الصحابيّ كائناً من كان لا يجوز سبّه؟ أو انّ معاوية مجتهدٌ وللمخطأ من المجتهدين أجرٌ واحد؟ أنا لا أدري، غير أنَّ ابن عبّاس لا يقول بالتافه ولا يخبت إلى الخرافة.

وما أظلم معاوية الجاهل بأحكام الله؟ فانّه يخالف هاهنا عليّاًعليه‌السلام وهو بكلّه حاجة وافتقار إلى علم الإمام الناجع، قال سعيد بن المسيّب: إنَّ رجلاً من أهل الشام وجد رجلاً مع امرأته فقتله وقتلها فأشكل على معاوية الحكم فيه فكتب إلى أبي موسى ليسأل له عليّ بن أبي طالب رضي الله عنهم فقال له عليٌّ رضي الله عنه: هذا شيىءُ ما وقع بأرضي عزمت عليك لتخبرنِّي.

فقال له أبو موسى: إنَّ معاوية كتب إليّ به أن أسألك فيه. فقال عليٌّ رضي الله عنه: أنا أبو الحسن إن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمّته(١) .

أخرجه مالك في الموطأ ٢: ١١٧، سنن البيهقي ٨: ٢٣١، تيسير الوصول ٤: ٧٣

لفت نظر

هذه النزعة الأمويّة الممقوتة بقيت موروثة عند من تولّى معاوية جيلاً بعد جيل فترى القوم يرفعون اليد عن السنّة الثابتة خلافاً لشيعة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أو احياء لما سنّته يد الهوى تجاه الدين الحنيف. كما كان معاوية يفعل ذلك احياءً لما أحدثه خليفة بيته الساقط تارة، كما مرَّ في الإتمام في السَّفر ومواضع اُخرى، وخلافاً للامام آونةً كما في التلبية وغيرها.

قال الشيخ محمّد بن عبد الرّحمن الدمشقي في كتاب « رحمة الامَّة في اختلاف الأئمَّة » المطبوع بهامش الميزان للشعراني ١: ٨٨: السنّة في القبر التسطيح، وهو أولى على الراجح من مذهب الشافعي. وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد: التسنيم أولى لأنَّ التسطيح

____________________

١ - الرمة: الحبل الذى يقاد به الجانى.

٢٠٩

صار شعاراً للشيعة.

وقال الغزالي والماوردي: إنَّ تسطيح القبور هو المشروع لكن لمـّا جعلته الرافضة شعاراً لهم عدلنا عنه إلى التسنيم.

وقال مصنِّف « الهداية » من الحنفيّة: إنَّ المشروع التختّم في اليمين ولكن لمـّا اتَّخذته الرافضة جعلناه في اليسار. ه.

وأوَّل من اتّخذ التختّم باليسار خلاف السنّة هو معاوية كما في ربيع الأبرار للزمخشري.

وقال الحافظ العراقي في بيان كيفيّة اسدال طرف العمامة: فهل المشروع إرخاؤه من الجانب الأيسر كما هو المعتاد أو الأيمن لشرفه؟ لم أر ما يدلّ على تعيين الأيمن إلّا في حديث ضعيف عند الطبراني، وبتقدير ثبوته فلعلّه كان يرخيها من الجانب الأيمن ثمّ يردُّها إلى الجانب الأيسر كما يفعله بعضهم، إلّا أنّه صار شعاراً للإمامية فينبغي تجنّبه لترك التشبّه بهم. شرح المواهب للزرقاني ٥: ١٣.

وقال الزمخشري في تفسيره ٢: ٤٣٩: القياس جواز الصَّلاة على كلِّ مؤمن لقوله تعالى:( هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ ) . وقوله تعالى:( وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ) . وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أللّهمّ صلّ على آل أبي أوفى. ولكن للعلماء تفصيلاً في ذلك وهو: انّها إن كانت على سبيل التبع كقولك صلّى الله على النبيِّ وآله فلا كلام فيها، وأمّا إذا أفرد غيره من أهل البيت بالصَّلاة كما يفرد هو فمكروهٌ لأنَّ ذلك شعار لذكر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولأنّه يؤدّي إلى الإتِّهام بالرفض، وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يقفن مواقف التّهم.

وقال ابن تيميّة في منهاجه ٢: ١٤٣ عند بيان التشبّه بالروافض: ومن هنا ذهب من ذهب من الفقهاء إلى ترك بعض المستحبّات إذا صارت شعاراً لهم، فانّه وإن لم يكن الترك واجباً لذلك لكن في إظهار ذلك مشابهة لهم فلا يتميّز السنّي من الرافضي، و مصلحة التمييز عنهم لأجل هجرانهم ومخالفتهم أعظم من مصلحة هذا المستحبّ.

ثمّ جعل هذا كالتشبّه بالكفّار في وجوب التجنّب عن شعارهم، وسيوافيك التفصيل في بيان هذه كلّها ونظراؤها عند الكلام عن الفتاوى الشاذَّة عن الكتاب والسنّة إن

٢١٠

شاء الله تعالى.

وقال الشيخ اسماعيل البروسوي في تفسيره [روح البيان] ٤: ١٤٢: قال في عقد الدرر واللئالي:(١) المستحبّ في ذلك اليوم - يعني يوم عاشوراء - فعل الخيرات من الصَّدقة والصوم والذكر وغيرهما، ولا ينبغي للمؤمن أن يتشبّه بيزيد الملعون في بعض الأفعال، وبالشيعة والروافض والخوارج أيضاً. يعني لا يجعل ذلك اليوم يوم عيد أو يوم مأتم، فمن اكتحل يوم عاشوراء فقد تشبّه بيزيد الملعون وقومه، وإن كان للاكتحال في ذلك اليوم أصلٌ صحيحٌ، فإنَّ ترك السنّة سنّةٌ إذا كان شعاراً لأهل البدعة كالتختّم باليمين فانّه في الأصل سنّة لكنّه لمـّا كان شعار أهل البدعة والظلمة صارت السنّة أن يجعل الخاتم في خنصر اليد اليسرى في زماننا كما في شرح القهستاني.

ومن قرأ يوم عاشوراء وأوائل المحرّم مقتل الحسين رضي الله عنه، فقد تشبّه بالروافض، خصوصاً إذا كان بألفاظ مخلّة بالتعظيم لأجل تحزين السامعين، وفي كراهية القهستاني: لو أراد ذكر مقتل الحسين ينبغي أن يذكر أوَّلاً مقتل سائر الصحابة لئلّا يشابه الروافض.

وقال حجّة الإسلام الغزالي: يحرم على الواعظ وغيره رواية مقتل الحسين و حكايته وما جرى بين الصحابة من التشاجر والتخاصم، فانّه يهيج بغض الصحابة والطعن فيهم وهم أعلام الدين، وما وقع بينهم من المنازعات فيحمل على محامل صحيحة، ولعلّ ذلك لخطأ في الإجتهاد لا لطلب الرياسة والدنيا كما لا يخفى.اهـ.

وقال ابن حجر في فتح الباري ١١: ١٤٢: تنبيهٌ: اختلف في السَّلام على غير الأنبياء بعد الإتفاق على مشروعيّته في تحيّة الحيّ، فقيل: يشرع مطلقاً. وقيل: بل تبعاً ولا يفرد لواحد لكونه صار شعاراً للرافضة. ونقله النووي عن الشيخ أبي محمّد الجويني.

_ ١٠ _

احدوثة تقديم الخطبة على الصلاة

قال الزرقاني في شرح الموطأ ١: ٣٢٤ في بيان كون الصَّلاة قبل الخطبة في العيدين:

____________________

١ - فى فضل الشهور والايام والليالى للشيخ شهاب الدين احمد بن ابى بكر الحموى الشهير بالرسّام.

٢١١

ففي الصحيحين عن ابن عبّاس شهدت العيد مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبي بكر وعمر فكلّهم كانوا يصلّون قبل الخطبة، واختلف في أوَّل من غيَّر ذلك، ففي مسلم عن طارق بن شهاب: أوَّل مَن بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصَّلاة مروان، وفي رواية ابن المنذر بسند صحيح عن الحسن البصري: أوَّل من خطب قبل الصَّلاة عثمان صلّى بالناس ثمّ خطبهم أي على العادة فرأى ناساً لم يدركوا الصَّلاة ففعل ذلك أي صار يخطب قبل الصّلاة، وهذه العلة غير التي اعتلّ بها مروان لأنَّ عثمان راعى مصلحة الجماعة في إدراكهم الصّلاة، وأمّا مروان فراعى مصلحتهم في إسماعهم الخطبة، لكن قيل: إنّهم في زمنه كانوا يتعمّدون ترك سماعهم لما فيها مِن سبّ مَن لا يستحقّ السبّ والافراط في مدح بعض الناس، فعلى هذا إنَّما راعى مصلحة نفسه، ويحتمل انّ عثمان، فعل ذلك أحياناً بخلاف مروان فواظب عليه فلذا نسب إليه، وعن عمر مثل فعل عثمان، قال عياض ومن تبعه: لا يصحّ عنه. وفيه نظر لأنّ عبد الرزّاق وابن أبي شيبة روياه جميعاً عن ابن عيينة عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن يوسف بن عبد الله بن سلام، وهذا إسنادٌ صحيح، لكن يعارضه حديثا ابن عبّاس وابن عمر، فإن جمع بوقوع ذلك منه نادراً و إلّا فما في الصحيحين أصحّ.

وأخرج الشافعي عن عبد الله بن يزيد نحو حديث ابن عبّاس وزاد حتّى قدم معاوية فقدَّم الخطبة، وهذا يشير إلى أنَّ مروان إنَّما فعل ذلك تبعاً لمعاوية، لأنّه كان أمين المدينة من جهته، وروى عبد الرزّاق عن ابن جريج عن الزهري: أوَّل مَن أحدث الخطبة قبل الصَّلاة في العيد معاوية، وروى ابن المنذر عن ابن سيرين: أوَّل مَن فعل ذلك زياد بالبصرة. قال عياض: ولا مخالفة بين هذين الأثرين وأثر مروان لأنَّ كلًّا من مروان وزياد كان عاملاً لمعاوية فيحمل على أنّه إبتدأ ذلك وتبعه عمّاله.اهـ.

وقال السكتواري في محاضرة الأوائل ص ١٤٤: أوّل من بدأ بالخطبة قبل الصّلاة معاوية، وجرى ذلك في الاُمراء المروانيَّة كمروان وزياد وهو فعله بالعراق، و معاوية بالمدينة شرَّفها الله تعالى.

قال الأميني: مرَّ في الجزء الثامن ص ١٦٤ - ١٧١ بيان السنَّة الثابتة في خطبة العيدين، وانَّها بعد الصّلاة كما مضى عليه الرَّسول الأمينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واتّبعه الشيخان و

٢١٢

عثمان ردحاً من أيّامه ثمّ حداه عيُّه عن تلفيق الخطبة بصورة مرضيّة، فكانت الناس تتفرّق عن استماعها، إلى تقديمها على الصّلاة ليمنعهم انتظارهم لها عن الانجفال، ثمّ اقتصَّ أثره عمّاله والمتغلّبون على الاُمّة من بعدُ من بني أبيه وإن افترقت العلّة فيهم عنها فيه، فإنَّهم لمـّا طغوا في البلاد طفقوا يسبّون أمير المؤمنين عليّاًعليه‌السلام في خطبهم، فكان الحضور لا يستبيحون ذلك فيتفرَّقون، فبدا لهم تقديمها لإسماع الناس.

وأوَّل من أحدث اُحدوثة السبِّ هو معاوية، فالشنعة عليه في المقام أعظم ممّن بدَّل السنّة قبله، فانّه وإن تابع البادي على البدعة غير انّه قرنها باُخرى شوهاء شنعاء، فأمعن النظرة في تطبيق هذه البدعة بصورتها الأخيرة على ما صحَّ عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قوله: من سبَّ عليّاً فقد سبّني ومن سبّني فقد سبَّ الله(١) وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا تسبّوا عليّاً فإنّه ممسوسٌ بذات الله(٢) ثمَّ ارجع البصر كرّتين إلى أنّه هل يُباح لأيّ مسلم أن يجتهد بجواز سبّ مولانا أمير المؤمنين تجاه نصّ الكتاب العزيز في تطهيره وولايته ومودَّته وكونه نفس النبيِّ الأقدسصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، تجاه هذا النصِّ الجليِّ الخاص لهعليه‌السلام والنصوص العامّة الواردة في سباب المؤمن مثل قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : سباب المسلم فسوق؟!(٣) وهل يشكّ مسلمٌ انَّ أمير المؤمنين أوَّل المسلمين وأولاهم بهم من أنفسهم وهو أميرهم وسيّدهم؟!

_ ١١ _

حدّ من حدود الله متروك

ذكر الماوردي وآخرون: إنَّ معاوية أتى بلصوص فقطعهم حتى بقي واحدُ من بينهم فقال:

يميني أمير المؤمنين اُعيذها

بعفوك أن تلقى نكالاً يبينها

يدي كانت الحسناء لو تمَّ سترها

ولا تعدم الحسناء عيناً يشينها

فلا خير في الدنيا وكانت حبيبة

إذا ما شمالي فارقتها يمينها

فقال معاوية: كيف أصنع بك؟ قد قطعنا أصحابك. فقالت امّ السارق: يا أمير

____________________

١ - أخرجه الحفاظ باسناد رجاله كلهم ثقات صححه الحاكم والذهبى.

٢ - حلية الاولياء ١: ٦٨.

٣ - أخرجه البخارى ومسلم والترمذى وابن ماجة والنسائى والحاكم والدارقطنى وغيرهم فى الصحاح والمسانيد.

٢١٣

المؤمنين إجعلها في ذنوبك الّتي تتوب منها. فخلّى سبيلها، فكان أوّل حدّ ترك في الإسلام(١) .

قال الأميني: أفهل عرف معاوية من هذا اللّصّ خصوصيّة إستثنته من حكم الكتاب النهائيِّ العامّ « السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما » ؟! أم أنّ الرأفة بامّه تركت حدّاً من حدود الله لم يُقم؟! وفي الذكر الحكيم:( وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ) (٢) ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) (٣) ( وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا ) (٤) أم أنّه كان لمعاوية مؤمِّنٌ مِن العقاب غداً وإن تعمّد اليوم بإلغاء حدّ من حدود الله؟ وهل نيّة التوبة عن المعصية تبيح إجتراح تلك السيّئة؟ إنّ هذا لشيىءٌ عجابٌ، ومَن ذا الذي طمَّنه بأنّه سيوفّق للتوبة عنها ولا يحول بينه وبينها ذنوبٌ تسلبه التوفيق، أو عظائم تسلبه الإيمان، أو استخفافٌ بالشريعة ينتهي به إلى نار الخلود؟ ويظهر منه أنّ التعمّد باقتراف الذنوب بأمل التوبة كان مطرداً عند معاوية، وهذا ممّا يخلّ بأنظمة الشريعة، ونواميس الدين، وطقوس الإسلام، فانّ النفوس الشريرة إنمّا تترك أكثر المعاصي خوفاً مِن العقوبة الفعليّة، فإن زُحزحت عنها بأمثال هذه التافهات لم يبق محظورٌ - يُفسد النفوس، ويقلق السّلام، ويعكّر صفو الاسلام - إلّا وقد عمل به، و هذا نقصٌ لغاية التشريع، وإقامة الحدود الكابحة لجماح الجرأة على الله ورسوله.

وهب أنَّ التوبة مكفّرةٌ للعصيان في الجملة، ولكن مَن ذا الذي أنبأه إنّها من تلك التوبة المقبولة؟( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَٰئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (١٧) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَٰئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ) (٥) .

____________________

١ - الاحكام السلطانية ص ٢١٩، تاريخ ابن كثير ٨: ١٣٦، محاضرة السكتوارى ص ١٦٤

٢ - سورة الطلاق: ١.

٣ - سورة البقرة: ٢٢٩.

٤ - سورة النساء: ١٤.

٥ - سورة النساء: ١٧، ١٨.

٢١٤

_ ١٢ _

معاوية ولبسه ما لا يجوز

أخرج أبو داود من طريق خالد قال: وفد المقدام بن معدي كرب وعمرو بن الأسود ورجل من بني أسد من أهل قنسرين إلى معاوية بن أبي سفيان فقال معاوية للمقدام: أعلمت انّ الحسن بن علي توفّي؟ فرجع المقدام فقال له رجلٌ(١) أتراها مصيبة؟ فقال: ولِمَ لا أراها مصيبة؟ وقد وضعه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجره فقال: هذا منّي وحسينٌ من علي.

فقال الأسدي: جمرةٌ اطفأها الله عزَّ وجلّ قال فقال المقدام: أمّا أنا فلا أبرح اليوم حتى اغيظك واسمعك ما تكره ثمّ قال: يا معاوية! إن أنا صدقت فصدّقني. وإن أنا كذبت فكذِّبني، قال: أفعل. قال فانشدك بالله هل تعلم أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن لبس الحرير؟ قال: نعم. قال: فانشدك بالله هل سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ينهى عن لبس الذَّهب؟ قال نعم. قال: فانشدك بالله هل تعلم انَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن لبس جلود السّباع والركوب عليها؟ قال: نعم. قال فوالله لقد رأيت هذا كلّه في بيتك يا معاوية! فقال معاوية: قد علمت أنّي لن أنجو منك يا مقدام!(٢)

قال الأميني: هل يُرجى خيرٌ ممّن اعترف بكلِّ ما قيل له من المحظورات المتسالم عليها التي ارتكبها؟ فهلّا اقلع عنها لمـّا ذكر بحكمها الذي نسيه أو لم يعبأ به؟ لكنَّ الرّجل طاغوتٌ يعمل عمل الفراعنة ولم يكترث لمغبّته، ولم يبالي بمخالفة السنّة الثابتة، فزَهٍ به من خَليفة تولّى أمر الاُمّة بغير مرضاتها، وتغلّب على إمرتها مِن دون أيّ حنكة.

قد جاء في كتاب لأمير المؤمنينعليه‌السلام إلى عمرو بن العاص قوله: فإنّك قد جعلت دينك تبعاً لدينا امرئ ظاهرٍ غيّه، مهتوك ستره. إلخ.

قال ابن أبي الحديد في شرح النهج ٤: ٦٠: فأمّا قولهعليه‌السلام في معاوية « ظاهر غيُّه » فلا ريب في ظهور ضلاله وبغيه وكلّ باغٍ غاوٍ. وأمّا « مهتوكٌ ستره » فانّه كان كثير الهزل والخلاعة صاحب جلساء وسمار، ومعاوية لم يتوقّر ولم يلزم قانون الرياسة

____________________

١ - فى مسند أحمد ٤ ص ١٣٠: فقال له معاوية: أتراها مصيبة. انظر الى امانة أبى داود.

٢ - سنن أبى داود ٢: ١٨٦.

٢١٥

إلّا منذ خرج على أمير المؤمنين، واحتاج إلى الناموس والسكينة وإلّا فقد كان في أيّام عثمان شديد الهتك موسوماً بكلِّ قبيح، وكان في أيّام عمر يستر نفسه قليلاً خوفاً منه إلّا انّه كان يلبس الحرير والديباج، ويشرب في آنية الذهب والفضة ويركب البغلات ذوات السروج المحلاّة بهما جلال الديباج والوشي، وكان حينئذ شابّاً، وعنده نزق الصبا، وأثر الشبيبة، وسكر السلطان والإمرة، ونقل الناس عنه في كتب السيرة انّه كان يشرب الخمر في أيّام عثمان في الشام، وأمّا بعد وفاة أمير المؤمنين واستقرار الأمر له فقد اختلف فيه، فقيل: انّه شرب الخمر في ستر. وقيل: انّه لم يشرب. ولا خلاف في أنّه سمع الغناء وطرب عليه وطرب عليه وأعطى ووصل إليه أيضاً. إقرأ وتبصّر.

_ ١٣ _

مأسأة الاستلحاق

سنة أربع وأربعين

كان من ضروريّات الاسلام إلى هذه السنة ٤٤، إلى هذا اليوم الأشنع الذي تقدّم فيه ابن آكلة الأكباد ببدعته الخرقاء على ما قاله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بملأ فمه المبارك، و اتَّخذته الاُمّة أصلاً مسلّماً في باب الأنساب: الولد للفراش وللعاهر الحجَر.

جاء هذا الحديث من طريق ابي هريرة في الصحاح الست: صحيح البخارى ٢: ١٩٩ في - الفرائض، صحيح مسلم ١: ٤٧١ في الرضاع، صحيح الترمذي ١: ١٥٠، و ج ٢: ٣٤، سنن النسائي ٢: ١١٠، سنن أبي داود ١: ٣١٠، سنن البيهقى ٧: ٤٠٢، ٤١٢.

ومن طريق عائشة أخرجه الحفاظ المذكورون إلا الترمذي كما في نصب الراية للزيلعي ٣: ٢٣٦. ومن طريق عمر وعثمان في سنن البيهقي ٧: ٤١٢، ومن طريق عبد الله بن عمرو، أخرجه أبو داود في اللعان ١: ٣١٠، وأخرجه أحمد في مسنده من غير طريق ج ١: ١٠٤، ج ٢: ٤٠٩، ج ٥: ٣٢٦ وغيرها.

وصحّ عند الاُمّة قول نبيّهاصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من ادّعى أباً في الإسلام غير أبيه فالجنّة عليه حرام(١) .

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من خطبة له بمنى: لعن الله من ادّعى إلى غير أبيه، أو تولّى غير مواليه،

____________________

١ - مسند احمد ٥: ٣٨، ٤٦، سنن البيهقى ٧: ٤٠٣.

٢١٦

الولد للفراش وللعاهر الحجَر. وفي لفظ:

الولد للفراش وللعاهر الحجَر، ألا ومن ادّعى إلى غير أبيه، أو تولّى غير مواليه رغبة عنهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، ولا يقبل منه صرفٌ ولا عدلٌ(١) .

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ليس من رجل ادّعى بغير أبيه وهو يعلم إلّا كفر، ومن ادّعى ما ليس له فليس منّا(٢) .

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من ادَّعى إلى غير أبيه لم يرح رائحة الجنَّة وإنَّ ريحها ليوجد من قدر سبعين عاماً. أو: مسيرة سبعين عاماً(٣) .

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من ادّعى إلى غير أبيه وهو يعلم انّه غير أبيه فالجنّة عليه حرام(٤) .

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من ادّعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله المتتابعة إلى يوم القيامة(٥) .

لكن سياسة معاوية المتجهِّمة تجاه الهتافات النبويّة أصمته عن سماعها وجعلت للعاهر كلّ النصيب، فوهبت زياداً كلّه لأبي سفيان العاهر، بعد ما بلغ أشدّه لمـّا وجد فيه من اُهبة الوقيعة في أضداده وهم أولياء عليّ أمير المؤمنينعليه‌السلام .

وُلد زياد على فراش عُبيد مولى ثقيف، وربّي في شرّ حجر، ونشأ في أخبث نشء، فكان يقال له قبل الاستلحاق: زياد بن عبيد الثقفي، وبعده زياد بن أبي سفيان، ومعاوية نفسه كتب إليه في أيّام الحسن السبط سلام الله عليه: من أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان إلى زياد بن عُبيد، أمّا بعد: فإنّك عبدٌ قد كفرت النعمة، واستدعيت النقمة، ولقد كان الشكر اُولى بك من الكفر، وإنَّ الشجرة لتضرب بعرقها، وتتفرّع من أصلها، انّك لا اُمَّ لك، بل لا أب لك، يقول فيه: أمس عبدٌ واليوم أميرٌ، خطّةٌ

____________________

١ - رواه البخارى ومسلم وأبو داود والترمذى والنسائى راجع مسند أحمد ٤: ١٨٦، ١٨٧، مسند ابى داود الطياسى ص ١٦٩، الترغيب والترهيب ٣: ٢١.

٢ - أخرجه البخارى ومسلم وعنهما البيهقى فى السنن ٧: ٤٠٣، وابن المنذر فى الترغيب والترهيب ٣: ٢١.

٣ - سنن ابن ماجة ٢: ١٣١، تاريخ بغداد ٢: ٣٤٧، الترغيب والترهيب ٣: ٢١.

٤ - رواه البخارى ومسلم وأبو داود وابن ماجة كما فى سنن البيهقى ٧: ٤٠٣، والترغيب والترهيب ٣: ٢١.

٥ - الترغيب والترهيب ٣: ٢٢ عن أبى داود.

٢١٧

ما ارتقاها مثلك يا بن سميّة، وإذا أتاك كتابي هذا فخذ الناس بالطاعة والبيعة وأسرع الإجابة فإنّك إن تفعل فدمك حقنت، ونفسك تداركت، وإلّا اختطفتك بأضعف ريش ونلتك بأهون سعي، واُقسم قسماً مبروراً أن لا أوتى بك إلّا في زمارة تمشي حافياً من أرض فارس إلى الشام حتى اُقيمك في السوق وأبيعك عبداً، واردُّك إلى حيث كنت فيه و خرجت منه. والسّلام(١) .

ثمّ لمـّا انقضت الدولة الأمويّة صار يُقال له: زياد بن أبيه، وزياد بن امّه، وزياد بن سميّة، اُمّه « سميّة » كانت لدهقان من دهاقين الفرس بزندرود بكسكر، فمرض الدهقان فدعا الحارث بن كلدة الطبيب الثقفي فعالجه فبرأ فوهبه سميّة وزوّجها الحارث غلاماً له روميّاً يقال له: عبيد. فولدت زياداً على فراشه، فلمّا بلغ أشدّه اشترى أباه عُبيداً بألف درهم فأعتقه، كانت امّه من البغايا المشهورة بالطائف ذات راية.

أخرج أبو عمرو ابن عساكر قالا: بعث عمر بن الخطاب زياداً في اصلاح فساد وقع باليمن فرجع من وجهه وخطب خطبة لم يسمع الناس مثلها، فقال عمرو بن العاصي: أما والله لو كان هذا الغلام قرشيّاً لساق العرب بعصاه. فقال أبو سفيان: والله إنّي لأعرف الذي وضعه في رحم امّه، فقال له عليُّ بن أبي طالب: ومَن هو يا أبا سفيان؟ قال: أنا. قال: مهلاً يا أبا سفيان.

وفي لفظ ابن عساكر: فقال له عمرو: اسكت يا أبا سفيان! فانّك لتعلم أنِّ عمر إن سمع هذا القول منك كان سريعاً إليك بالشرِّ فقال أبو سفيان:

أما والله لولا خوف شخص

يراني عليّ من الأعادي

لأظهر أمره صخر بن حرب

ولم يكن المقالة عن زياد

وقد طالت مجاملتي ثقيفاً

وتركي فيهمُ ثمر الفؤادِ

فذلك الذي حمل معاوية على ما صنع بزياد(٢) .

وفي العقد الفريد ٣: ٣: أمر عمر زياداً أن يخطب فأحسن في خطبته وجوَّد وعند أصل المنبر أبو سفيان بن حرب وعليّ بن أبي طالب فقال أبو سفيان لعليّ: أيعجبك ما سمعت من هذا الفتى؟ قال: نعم. قال: أما انّه ابن عمّك. قال: وكيف ذلك؟ قال:

____________________

١ - شرح ابن الحديد ٤: ٦٨.

٢ - الاستيعاب ١: ١٩٥، تاريخ ابن عساكر ٥: ٤١٠.

٢١٨

أنا قذفته في رحم امّه سميّة. قال: فما يمنعك أن تدّعيه؟ قال: أخشى هذا القاعد على المنبر - يعني عمر - أن يفسد عليَّ أهابي. فبهذا الخبر استلحق معاوية زياداً وشهد له الشهود بذلك. وهذا خلاف حكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قوله: الولد للفراش وللعاهر الحجَر.

قال الأميني: لو كان معاوية استلحق زياداً بهذا الخبر لكان استلحاقه عمرو بن العاص أولى. إذ ادَّعاه أبو سفيان يوم ولادته قائلاً: أما انّي لا أشكّ انّي وضعته في رحم اُمّه.

واختصم معه العاص، غير أنّ النابغة أبت إلّا العاص لما زعمت من الشحّ في أبي سفيان وفي ذلك قال حسّان بن ثابت:

أبوك أبو سفيان لا شكّ قد بدت

لنا فيك منه بيّنات الدلايلِ

ففاخر به إمّا فخرت ولا تكن

تفاخر بالعاص الهجين بن وائلِ

إلى آخر ما مرَّ في الجزء الثَّاني ص ١٢٣ ط ٢.

نعم: لكلّ بغيّ كان يتّصل بسميّة امّ زياد، والنابغة امّ عمرو، وهند امّ معاوية، وحمامة اُمّ أبي سفيان، والزرقاء امّ مروان، وأضرابهنّ من مشهورات البغاء ويأتيهنّ أن يختصم في ولايدهنّ.

كتب معاوية إلى زياد يوم كان عامل عليّ أمير المؤمنينعليه‌السلام : أمّا بعد فإنّ العشَّ الذي ربِّيت به معلومٌ عندنا فلا تدع أن تأوي إليه كما تأوي الطيور إلى أوكارها، ولولا شيىءٌ والله أعلم به لقلت كما قال العبد الصالح: فلنأتينّهم بجنود لا قبَل لهم بها، ولنخرجنَّهم منها أذلّة وهم صاغرون. وكتب في آخر كتابه:

لِلّه درّ زياد أيّما رجل

لو كان يعلم ما يأتي وما يذرُ

تنسى أباك وقد حقّت مقالته

إذ تخطب الناس والوالي لنا عمرُ

فافخر بوالدك الأدنى ووالدنا

إنَّ ابن حرب له في قومه خطرُ

إنّ انتهازك قوماً لا تناسبهم

عدّ الأنامل عار ليس يغتفرُ

فانزل بعيداً فإنّ الله باعدهم

عن كلِّ فضل به يعلو الورى مضرُ

فالرأي مطرف والعقل تجربة

فيها لصاحبها الايراد والصدرُ

فلمّا ورد الكتاب على زياد قام في الناس فقال: العجب كلّ العجب من ابن آكلة الأكباد ورأس النفاق يخوّفني بقصده إيّاي وبيني وبينه ابن عمّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في

٢١٩

المهاجرين والأنصار، أما والله لو أذن في لقاءه أعرف الناس بضرب السيف. واتّصل الخبر بعليّ رضي الله عنه، فكتب إلى زياد:

أمّا بعد: فقد ولّيتك الذي ولّيتك وأنا لا أزال له أهلاً، وانّه قد كانت من أبي سفيان فلتة من أمانيِّ الباطل، وكذب النفس، لا يوجب له ميراثاً، ولا يحلّ له نسبا - وفي لفظ: لا تستحقُّ بها نسباً ولا ميراثاً - وإنَّ معاوية يأتي الإنسان من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله فأحذر ثمّ احذر، والسّلام.

فلمّا بلغ أبا بكرة أخا زياد لامِّه سميّة: انّ معاوية استلحقه وانّه رضي ذلك آلى يميناً أن لا يكلّمه أبداً وقال: هذا زنا امّه وانتفى من أبيه، ولا والله ما علمت سميّة رأت أبا سفيان قطّ، ويله ما يصنع باُمِّ حبيبة زوج النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ ( بنت أبي سفيان ) أيريد أن يراها؟ فإن حجبته؟ فضحته، وإن رآها؟ فيالها مصيبة؟ يهتك مِن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حرمة عظيمة. وحجَّ زياد في زمن معاوية ودخل المدينة فأراد الدخول على اُمِّ حبيبة ثمَّ ذكر قول أبي بكرة فانصرف عن ذلك. وقيل: إنّ امّ حبيبة حجبته ولم تأذن له في الدخول عليها.

قال أبو عمر: لما ادَّعى معاوية زياداً دخل عليه بنو اميّة وفيهم عبد الرّحمن بن الحكم فقال: يا معاوية! لو لم تجد إلّا الزنج لاستكثرت بهم علينا قلّة وذلّة. فأقبل معاوية على مروان وقال: أخرج عنّا هذا الخليع. فقال مروان: والله انّه لخليع ما يطاق. فقال معاوية: والله لولا حلمي وتجاوزي لعلمت أنّه يطاق، ألم يبلغني شعره فيَّ وفي زياد ثمَّ قال لمروان: اسمعينه. فقال:

ألا ابلغ معاوية بن صخر

لقد ضاقت بما تأتي اليدانِ

أتغضب أن يُقال: أبوك عفٌّ؟

وترضى أن يقال: أبوك زانِ؟!

فأشهد انّ رحمك من زياد

كرحم الفيل من وُلد الاتانِ

وأشهد انّها حملت زياداً

وصخرٌ من سميّة غير دانِ

هذه الأبيات تُروى لزياد(١) بن ربيعة بن مفرغ الحميري الشاعر ومَن رواها له جعل أوَّلها:

____________________

١ - هو يزيد بن ربيعة الشاعر الشهير توجد ترجمته فى الاغانى ١٧: ٥١ - ٧٣.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

واطعم الجدة ام الام السدس وابنتها حية).(١)

٥٦٢٧ - وروى احمد بن محمد بن ابى نصر البزنطى قال: حدثنى حماد بن عثمان عن عبدالرحمن بن ابى عبدالله البصرى، عن ابى عبدالله عليه السلام قال: قلت له: (ان ابنتى ماتت وامى حية، فقال ابان بن تغلب: ليس لها شئ، فقال ابوعبدالله عليه السلام سبحان الله اعطها سهما يعنى السدس)(٢) .

٥٦٢٨ - وروى الحسن بن محبوب، عن سعد بن ابى خلف عن ابى الحسن موسى عليه السلام قال: (سألته عن بنات الابنة وجد، فقال: للجد السدس، والباقى لبنات الابنة)(٣) .

___________________________________

(١) طريق المصنف إلى الحسين بن سعيد صحيح كما في الخلاصة، وظاهر هذه الصحيحة استحباب الطعمة للجد والجدة، قال في المسالك: عد م ارث الجد مع الابوين أو أحدهما هو المشهور بين الاصحاب لا نعلم فيه مخالفا الاابن الجنيد فانه جعل الفاضل عن سهام البنت والابوين للجدين أو الجدتين لكن على المشهور يستحب للابوين أو أحدهما أن يطعم سدس الاصل للجد أو الجدة من قبله إذا زاد نصيبه عن السدس، واطلاق السدس في الاخبار ظاهر في كونه سدس الاصل لاسدس نصيب المطعم خلافا لابن الجنيد، ويشتر ط زيادة نصيب المطعم عن السدس وكونه أحد الابوين وكون الطعمة لمن يتقرب به من الابوين دون من يتقرب بالاخر، فلو لم يحصل لاحد الابوين سوى السدس كالام مع الحاجب والاب مع الزوج لم يستحب له الطعمة، ولو زاد نصيب أحدهما دون الاخر اختص بالطعمة لوجود الشرط فيه دون الاخر، وظاهر الاخبار أنه متى زاد نصيب أحد الابوين عن السدس، استحب له طعمة السدس وان بقي للمطعم أقل من السدس كما لوكان الوارث بنتا وابوين أو بنتين وأحدهما، وفي الدروس قيد الاستحباب بما إذا زاد نصيب المطعم بقدر السدس، وربما قيل باستحباب طعمة أقل الامرين من الزائد عن السدس ومنه، ووجهه من النص غير واضح.

(٢) ظاهر ه يدل على الوجوب وحملوه على الاستحباب فلعله لما هو الاصل في الارث أن الاقرب يمنع الابعد، وأنت خبير بأن وجوب اعطاء الابوين من نصيبهما شيئا على سبيل الطعمة غير توريث الذي هو مبني على الاقربية. (مراد)

(٣) " للجد السدس " ظاهره ينافي ماتقرر أن أولاد الاولاد في المرتبة الاولى من مراتب الارث عند عدم الاولاد، والجد في المرتبة الثانية الا أن يحمل على أنه يستحب أن تعطى بنات البنت الجد السدس على طريقة الطعمة، ويمكن أن يحمل الجد على جد البنات وهو أبوالاب دون جده (مراد) أقول: نقل في التهذيبين اجماع العصابة على ترك العمل بهذا الخبر وأمثاله.

وظاهر المصنف العمل بهاكما يأتي منه - رحمة الله -

٢٨١

٥٦٢٩ - وروى الحسن بن على بن فضال عن عبدالله بن بكير، عن زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال: (ان رسول الله صلى الله عليه واله اطعم الجدة السدس، ولم يفرض الله عزوجل لها شيئا)(١) .

٥٦٣٠ - وروى يعقوب بن يزيد، عن يحيى بن المبارك، عن عبدالله بن جبلة، عن ابى جميله، عن أسحاق بن عمار عن ابى عبدالله عليه السلام (في ابوين وجدة لام، قال: للام السدس، وللجدة السدس،(٢) وما بقى وهو الثلثان للاب).

٥٦٣١ - وفي رواية معاوية بن حكيم، عن على بن الحسن بن رباط رفعه إلى ابى عبدالله عليه السلام قال: (الجدة لها السدس مع ابنها ومع ابنتها)(٣) .

٥٦٣٢ - وروى الحسن بن محبوب، عن على بن رئاب، عن ابى عبيدة عن ابى جعفر عليه السلام (في رجل مات وترك امرأته واخته وجده: فقال: هذه من اربعة اسهم للمرأة الربع وللاخت سهم، وللجد سهمان).

٥٦٣٣ - وروى ابان، عن بكير، الحلبى عن احدهما عليهما السلام(٤) قال: (للاخوة

___________________________________________

(١) لايستفاد من الخبر وجه فعله صلى الله عليه وآله واطعامه هل كان على وجه الوجوب أو الاستحباب، ومع الشك كيف يمكن استظهار الاستحباب ومقتضى الاصل البراء‌ة.

(٢) قال في التهذيبين: انما جعل للجد أو الجدة السدس على جهة الطعمة لا على وجه الميراث كما تقدم في خبر جميل وزرارة.

(٣) استدل بها الشيخ على القول بالطعمة وقال: ان الطعمة انما يكون للجد والجدة إذا كان ولدهما حيا فأما إذا كان ميتا فليس لهما طعمة على حال.

(٤) السند كما في الكافي والتهذيب صحيح وفيهما عن الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام والظاهر أن المؤلف جمع بين رواية بكير عن أبي جعفر عليه السلام ورواية الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام.

٢٨٢

من الام الثلث مع الجد، وهو شريك الاخوة من الاب)(١) .

٥٦٣٤ - وروى الحسن بن محبوب، عن عبدالله بن سنان قال: (سألت ابا عبدالله عليه السلام عن رجل ترك اخاه لامه ولم يترك وارثا غيره فقال: المال له، قلت: فان كان مع الاخ للام جد؟ فقال: يعطى الاخ للام السدس، ويعطى الجد الباقى)(٢) .

٥٦٣٥ - وروى محمد بن الفضيل، عن ابى الصباح عن ابى عبدالله عليه السلام قال: (سألته عن الاخوة من الام مع الجد، فقال: للاخوة من الام فريضتهم الثلث مع الجد)(٣) .

٥٦٣٦ - و روى الحسن بن محبوب، عن خالد بن جرير، عن ابى الربيع عن ابى عبدالله عليه السلام (في الجد مع اخوة لام، قال: ان في كتاب على عليه السلام ان الاخوة من الام يرثون مع الجد الثلث).

٥٦٣٧ - وروى ابن محبوب، عن عبدالله بن سنان عن ابى عبدالله عليه السلام قال: (سألته عن اخ لاب وجد، قال: المال بينهما سواء)(٤) .

___________________________________

(١) عبارة الكافي والتهذيب عن أبي عبدالله عليه السلام في الاخوة من الام مع الجد قال: " للاخوة من الام مع الجد نصيبهم الثلث مع الجد " والمراد أن الاخوة من الام إذا كانوا أكثر من واحد إذا اجتمعوا مع الجد للاب فلهم الثلث وللجد الثلثان. (المرآة)

(٢) زاد في الكافي والتهذيب " قلت فان كان الاخ لاب وجد، قال: المال بينهما سواء " ويأتي تحت رقم ٥٦٣٧ وقال الفاضل التفرشي قوله " فان كان مع الاخ جد " أى من جانب الاب وهو المراد من الاحاديث الاتية.

(٣) احتمل العلامة المجلسي غير ماتقدم وجهين آخرين الاول أن يكون المراد أن الاخوة من الام مع الجد من قبلها للجميع الثلث والباقي لكلالة الابوين أو الاب من الاخوة والاجداد ان كانوا والا يرد عليهم، الثاني أن الاخوة من الام مع الجد من قبلها فريضة الجميع الثلث إذا اجتمعوا مع الجد للاب.

(٤) أراد الجد من قبل الاب لانه ان كان من قبل الام يعطى السدس ويعطى الجد الباقى كما تقدم.

٢٨٣

٥٦٣٨ - وروى ابن محبوب، عن خالد بن جرير، عن ابى الربيع عن ابى عبدالله عليه السلام قال: (كان على عليه السلام يورث الاخ من الاب مع الجد ينزله بمنزلته)(١) .

٥٦٣٩ - وروى ابن اذينة، عن زرارة، وبكير، ومحمد بن مسلم، والفضيل، و بريد ابن معاوية عن احدهما عليهما السلام (ان الجد مع الاخوة من الاب مثل واحد من الاخوة)(٢) .

٥٦٤٠ - وروى الحسن بن محبوب، عن على بن رئاب، عن زرارة قال: (سالت ابا عبدالله عليه السلام عن رجل مات وترك اخاه لابيه وامه، وجده، قال: المال بينهم اخوين كانا او مائة، فالجد معهم كواحد منهم، للجد مثل نصيب واحد من الاخوة)(٣) .

٥٦٤١ - وروى حماد، عن حريز، عن الفضيل او غيرة عن ابى عبدالله عليه السلام قال: (ان الجد شريك الاخوة، وحظه مثل حظ احدهم ما بلغوا كثروا او قلوا).

٥٦٤٢ - وروى محمد بن الوليد، عن حماد بن عثمان، عن اسماعيل الجعفى قال: سمعت ابا جعفر(٤) عليه السلام يقول: (الجد يقاسم الاخوة ولو كانوا مائة الف)(٥) .

٥٦٤٣ - وروى ابن ابى عمير، عن ابن مسكان، عن ابى بصير قال: قلت

___________________________________

(١) مؤيد للخبر السابق بل مبين له.

(٢) محمولة على اتحاد الجهة بأن كان الجد مع الاخوة للاب أو الاب والام أو كان الاخوة للام مع الجد من قبلها.

وقال في الدروس: المنفرد المال لاب كان أو لام وكذا الجدة ولو اجتمعا من طرف واحدة تقاسما المال للذكر مثل حظ الانثيين ان كانا لاب، وبالسوية ان كانا لام.

(٣) زاد في الكافي والتهذيب " قال: وان ترك اخته فللجد سهمان وللاخت سهم وان كانتا اختين فللجد النصف وللاختين النصف، قال: وان ترك اخوة وأخوات من أب وأم كان الجد كواحد من الاخوة للذكر مثل حظ الانثيين ".

(٤) في بعض النسخ " أبا عبدالله ".

(٥) يدل على جواز المبالغة فانه لا يمكن عادة وجودهم وهو مبالغة في الكثرة. (م ت)

٢٨٤

لابى عبدالله عليه السلام: (رجل مات وترك ستة إخوة وجدا قال: هو كاحدهم))(١) .

٥٦٤٤ - وفي رواية يونس، عن سيف بن عميرة، عن اسحاق بن عمار، عن ابى بصير قال: سمعت ابا عبدالله عليه السلام يقول (في ستة اخوة وجد قال: للجد السبع).

٥٦٤٥ - وروى ابن محبوب، عن عبدالله بن سنان عن ابى عبدالله عليه السلام قال: (سألته عن رجل ترك اخوة واخوات من اب وام، وجدا، قال: الجد كواحد من الاخوة، المال بينهم للذكر مثل حظ الانثيين).

٥٦٤٦ - وروى ابن محبوب، عن على بن رئاب، عن ابى عبيدة عن ابى جعفر عليه السلام قال: (سئل عن ابن عم وجد، قال: المال للجد)(٢) .

٥٦٤٧ - وروى البزنطى، عن المثنى، عن الحسن الصيقل عن ابى عبدالله عليه السلام قال: قلت له: (ابن اخ وجد، قال: المال بينهما نصفان).(٣)

٥٦٤٨ - وروى الحسن بن محبوب، عن سعد بن ابى خلف، عن بعض اصحاب ابى عبدالله عليه السلام (في بنات اخت وجد، قال: لبنات الاخت الثلث، وما بقى فللجد).(٤)

٥٦٤٩ - وروى الحسن بن على بن النعمان، عن عبدالله بن نمير، عن الاعمش

___________________________________

(١) أى للجد السبع كما يأتي.

(٢) يدل على أن الجد مقدم على ابن العم لان الجد يتقرب من الميت بواسطة، و وكذا يرث جد الجد مع الاخوة يقومون مقام آبائهم ويرثون مع الجد لاختلاف وصلتها وكذا يرث جد الجد مع الاخوة (م ) وقال في المسالك: لا يمنع الجد وان قرب ولد الاخ وان بعد لانه ليس من صنفه حتى يراعى فيه تقديم الاقرب فالاقرب، كذا لا يمنع الاخ الجد الابعد.

وقا ل العلامة المجلسي: الخبر محمول على ما إذا كانا من جهة واحدة ولا يمنع هنا بعد ابن الاخ لاختلاف الجهة.

(٤) زاد في الكافي والتهذيب " فأقام بنات الاخت مقام الاخت وجعل الجد بمنزلة الاخ ".

٢٨٥

عن سالم بن ابى الجعد (ان عليا عليه السلام اعطى الجدة المال كله)(١) .

قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: انما اعطاها المال كله لانه لم يكن للميت وارث غيرها(٢) .

٥٦٥٠ - وروى عن على بن ابى طالب عليه السلام انه قال: (من اراد ان يتقحم جراثيم جهنم فليقل في الجد)(٣) وروى ابن سيرين عن ابى عبيدة قال:(٤) حفظت عن بعض الصحابة في الجد مائة قضية يخالف بعضها بعضا.

وقال الفضل بن شاذان: اعلم ان الجد بمنزلة الاخ ابدا، يرث حيث يرث

___________________________________

(١) عبدالله بن نمير الهمداني الخارقي كوفي من رجال العامة وثقة ابن معين والعجلى وذكر ه ابن حبان في الثقات كما في تهذيب التهذيب يروى عنه هنا الحسن بن على بن النعمان الكوفي وثقة النجاشي، وأما سليمان بن مهران الاعمش فشيعي ذكر ه العامة في رجالهم وأثنوا عليه، وأما سالم بن أبي الجعد الاشجعي عنونه العسقلاني في التهذيب ونقل عن جماعة توثيقه هذا الخبر هنا وهو من طريقهم لانهم ربما يتمسكون بظاهره ولا يورثون ابن الاخ مع الجد روى الكليني في الحسن كالصحيح عن محمد بن مسلم: " نشر أبوعبدالله عليه السلام صحيفة فأول ما تلقاني فيها: ابن أخ وجد المال بينهما نصفان، فقلت: جعلت فداك ان القضاة عندنا لا يقضون لابن الاخ مع الجد بشئ "، فيقال: ان هذا الكتاب خط على عليه السلام واملاء رسول الله صلى الله عليه وآله ".

(٢) وقال الشيخ في الاستبصار: الوجه في هذا الخبر أنه أعطاها المال لما لم يكن غيرها ممن هو اولى منها أومثلها بالميراث، وليس في الخبر أنه اعطاها مع وجودهم.

(٣) في النهاية اقتحم الانسان الامر العظيم وتقحمه إذا رمى بنفسه من غير روية وتثبت، ومنه حديث على عليه السلام " من سره أن يتقحم جراثيم جهنم فليقض في الجد " أى يرمى بنفسه في معاظم عذابها.

أقول: جرثوم الشئ أصله وجمعه جراثيم وجرثومة النمل قريته(٤) هو محمد بن سيرين البصرى من الفقهاء قا ل ابن سعد كان ثقة مأمونا عاليا رفيعا اماما كثير العلم ورعا، والمراد بابي عبيدة حذيفة بن اليمان الصحابي المعروف بقرينة رواية ابن سيرين عنه، أو الصحيح " أبوعمرو عبيدة السلماني".

٢٨٦

ويسقط حيث يسقط(١) ، وغلط الفضل في ذلك لان الجد يرث مع ولد الولد ولا يرث معه الاخ(٢) ، ويرث الجد من قبل الاب مع الاب، والجد من قبل الام مع الام، ولا يرث الاخ مع الاب والام(٣) ، وابن الاخ يرث مع الجد ولا يرث مع الاخ، فكيف يكون الجد بمنزلة الاخ ابدا؟ وكيف يرث حيث يرث ويسقط حيث يسقط؟ بل الجد مع الاخوة بمنزلة واحد منهم، فاما ان يكون ابدا بمنزلتهم يرث حيث يرث الاخ ويسقط حيث يسقط الاخ فلا.

وذكر الفضل بن شاذان من الدليل على ذلك:

٥٦٥١ - ما رواه فراس، عن الشعبى، عن ابن عباس(٤) انه قال: (كتب إلى على بن ابى طالب عليه السلام في ستة اخوة وجد ان اجعله كأحدهم وامح كتابى).

فجعله على عليه السلام سابعا معهم وقوله عليه السلام (وامح كتابى) كره ان يشنع عليه

___________________________________

(١) في الكافي ج ٧ ص ١١٦ قال الفضل بن شاذان: ان الجد بمنزلة الاخ يرث حيث يرث الاخ ويسقط حيث يسقط الاخ، وذلك أن الاخ يتقرب إلى الميت بابي الميت وكذلك الجد يتقرب إلى الميت بابي الميت، فلما استويا في القرابة وتقربا من جهة واحدة كان فرضهما وحكمهما واحدا.

وقال استاذنا الشعراني - رحمه الله - رأي الفضل هو المشهور وكلام الصدوق غير وارد عليه لان ارث رجلين من رجل واحد انما يكون إذا كان في مرتبة واحدة فلابد أن يسقط أحدهما مع سقوط الاخر، والاخ يسقط مع ولد الولد، والجد في مرتبته فيجب أن يسقط أيضا وليس هذا قياسا.

(٢) مذهب الفضل هو عدم توريث الجد مع ولد الولد كما هو المشهور عنه، والقول بتوريثه خلاف المشهور مع أن الفضل يقول: يرث الجد حيث يرث الاخ ولم يقل يرث الاخ حيث يرث الجد لكنه قال: يسقط حيث يسقط.

(٣) انما كان اعطاء الجد السدس مع الاب وكذا الجدة مع الام على سبيل الطعمة لا التوريث كما تقدم، وظاهر كلام المؤلف يدل على أن مذهبه التوريث وهو خلاف المشهور أيضا، وقد تقدم منه ما يدل على المشهور.

(٤) فراس - بكسر أوله وبمهملة - من رجال العامة وقالوا كوفي ثقة روى عن الشعبي عامر بن شراحيل وهو ثقة عندهم مشهور فقيه فاضل.

٢٨٧

بالخلاف على من تقدمه، وليس هذا بحجة للفضل بن شاذان لان هذا الخبر انما يثبت ان الجد مع الاخوة بمنزلة واحد منهم، وليس يثبت كونه ابدا بمنزلة الاخ ولا يثبت انه يرث حيث يرث الاخ ويسقط حيث يسقط الاخ.

وروى مخالفونا ان عمر توفى ابن ابنه وترك اخوين فسأل عمر زيدا(١) عن ذلك، فقال له زيد: ارى المال بينكم اثلاثا فأخذ عمر بقول زيد فجعل نفسه وهو الجد اخا، واما ابن مسعود رضى الله عنه فانه قال في اخ لاب وام، واخ لاب وجد: ان المال بين الاخ للاب والام والجد نصفان ولا شئ للاخ للاب، فجعل الجد ههنا اخا كأن الميت ترك اخوين لاب وام واخا لاب، فجعل الجد اخا وهذا موافق لما نقوله.

فان ترك الرجل اخا واختا لام، وجدا وجدة من قبل الام، واختا لاب وام، واخا لاب، فللاخ والاخت من قبل الام والجد والجدة من قبل الام الثلث الذكر والانثى فيه سواء، وما بقى فللاخت للاب والام، وسقط الاخ من الاب.

فان ترك اخوة واخوات لام، وجدا وجدة لام، واخوة واخوات لاب وام وجدا وجدة لاب، واخوة واخوات لاب، فللاخوة والاخوات من قبل الام والجد والجدة من قبل الام الثلث، والذكر والانثى فيه سواء، وما بقى فللاخوة والاخوات للاب والام والجد والجدة من قبل الاب، للذكر مثل حظ الانثيين، وسقط الاخوة والاخوات من الاب.

فان ترك اخا لام، وجدا لام، واخا لاب وام، وجدا لاب، واخا لاب، فللاخ للام والجد للام الثلث بينهما بالسوية.

وما بقى فللاخ للاب والام والجد للاب بينهما نصفان، وسقط الاخ للاب.

فان ترك امرأة، واخا لام وجدا لاب، فللمرأة الربع وللاخ من الام والجد للام الثلث بينهما بالسوية، وما بقى فللاخ للاب.

___________________________________

(١) يعني زيد بن ثابت وقد تقدمت ترجمته.

٢٨٨

فان تركت امرأة زوجها، وابن ابنها، وجدا، واخوة واخوات لاب وام، فللزوج الربع، وللجد السدس(١) وما بقى فلابن الابن، وسقط الاخوة والاخوات.

فان تركت زوجها، وابويها، وجدها ابا امها فللزوج النصف وللام الثلث، ويؤخذ من هذا الثلث نصفه(٢) فيدفع إلى الجد وهو السدس من جميع المال وللاب السدس.

فان ترك الرجل ابويه، وجد الاب وجدا لام، فللام السدس، وللجد من قبل الام السدس، وللاب النصف، وللجد من قبل الاب السدس.

فان ترك الرجل اباه، وجده ابا امه فالمال للاب.

فان ترك امه، وجده ابا ابيه، فالمال لامه لان الجد ابا الاب انما له السدس من مال ابنه طعمة، وكذلك الجد ابوالام انما له السدس من مال ابنته طعمة.

فان ترك الرجل امرأته، وابويه، وجده ابا ابيه، وجده ابا امه فللمرأة الربع، وللام السدس، وللجد ابى الام السدس، وللجد ابى الاب السدس، وللاب الباقى.

فان تركت امرأة زوجها، وابويها، وجدها ابا ابيها،، وجدها ابا امها فللزوح النصف، وللام السدس، وللجد ابى الام السدس، وللاب السدس، وسقط الجد ابوالاب.

وهذا هو الموضع الذى لا يرث فيه الجد ابوالاب مع الاب، والعلة في ذلك ان الجد انما ميراثه السدس من مال ابنه طعمة فلما لم يرث ابنه الا السدس سقط من الطعمة.

فان تركت امرأة زوجها، وابويها، وجدها ابا ابيها وجدها ابا امها

___________________________________

(١) ظاهر كلامه الارث لا الطعمة.

(٢) هذه ظاهرة في أن السدس طعمة كما سيصرح به مكررا، فظهر أن المصنف يقول بالطعمة وجوبا وبالارث فيما ورد فيه النص لخبر سعد بن أبي خلف وغيره. (م ت)

٢٨٩

واخوة واخوات لاب او لاب وام، فللزوج النصف، وللام السدس، وللجد ابى الاب السدس، وما بقى فللاب، وسقط الجد ابوالام، وهذا هو الموضع الذى لا يرث فيه الجد ابوالام مع الام، والعلة في ذلك ان الاخوة والاخوات من قبل الاب والام او الاب حجبوا الام عن الثلث فردوها إلى السدس، فلما لم تأخذ الام الا السدس سقط ابوها من الطعمة من مالها.

فان تركت جدا او جدة لاب او لام، وعما او عمة، او خالا او خالة، فالمال للجد او الجدة، وسقط العم والعمة والخال والخالة، ولا يرث مع الجد والاخ، ولا مع الاخت ولا مع ابن الاخ، ولا مع ابن الاخت، ولا مع ابنه الاخ، ولا مع ابنة الاخت عم ولا عمة، ولا خال ولا خالة، ولا ابن عم ولا ابن عمة، ولا ابن خال ولا ابن خالة.

وولد الاخ وولد الاخت وان سفلوا فهم احق بالميراث من الاعمام والعمات والاخوال والخالات، ولا قوة الا بالله.

احق بالميراث من الاعمام والعمات والاخوال والخالات، ولا قوة الا بالله.

باب ميراث ذوى الارحام  (١)

إذا ترك الميت عما فالمال كله للعم، وكذلك ان ترك عمين او ثلاثة اعمام او اكثر، فالمال بينهم بالسوية.

فان ترك اعماما وعمات، فالمال كله بينهم للذكر مثل حظ الانثيين.

فان ترك عمين احدهما لاب وام، والاخر للاب، فالمال للعم من الاب والام، وسقط العم للاب فان ترك عما لاب وام، وعما لام، فللعم من الام السدس، وما بقى فللعم للاب والام، وكذلك ان ترك عمة لاب، وعمة لام، فللعمة من الام السدس، وما بقى فللعمة من الاب.

___________________________________

(١) أي ممن ليس فيهم نص وانما يرقون بآية " واولو الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ". (م ت)

٢٩٠

فان ترك خالا، فالمال كله للخال، وكذلك ان ترك خالين او ثلاثة، او اكثر فالمال بينهم بالسوية.

فان ترك اخوالا وخالات، فالمال بينهم بالسوية الذكر والانثى فيه سواء.

فان ترك خالين احدهما لاب وام، والاخر للاب، فالمال للخال من الاب والام [وسقط الخال للاب].

فان ترك خالين أحدهما لام، والاخر لاب وام، فللخال من الام السدس وما بقى فللخال للاب والام، وكذلك ان ترك خالا لاب، وخالا لام، فللخال من الام السدس، وما بقى فللخال من الاب، وكذلك ان ترك خالة لام، وخالة لاب، فللخالة من الام السدس، وما بقى فللخالة من الاب.

فان ترك ثلاثة اخوال متفرقين، وثلاثة اعمام متفرقين، فللخالين الثلث من ذلك للخال من الام السدس من الثلث، وللخال للاب والام خمسة اسداس الثلث وسقط الخال من الاب، وللعمين الثلثان للعم من الام السدس من الثلثين، وللعم من الاب والام خمسة اسداس الثلثين، وسقط العم للاب، وحسابه من ستة وثلاثين(١) للخال من الام من ذلك سهمان، وللخال للاب والام عشرة اسهم، وللعم من الام من ذلك اربعة اسهم، وللعم من الاب والام عشرون سهما.

فان ترك خالين لاب وام، وخالين لام وعمين لاب وام، وعمين من الام فللخالين من الام ثلث الثلث اربعة من ستة وثلاثين، وللخالين من الاب والام ثلثا الثلث ثمانية من ستة وثلاثين، وللعمين من الام ثلث الثلثين ثمانية من ستة وثلاثين وللعمين من الاب والام ستة عشر من ستة وثلاثين.

___________________________________

(١) بل من ثمانية عشر لان أصل الفريضة من ثلاثة واحد منها للخالين وهو الثلث ينكسر عليهما في مخرج السدس واثنان للعمين ينكسر عليهما في مخرج السدس أيضا، ولتماثل المخرجين يكتفي بأحدهما فيضرب الستة في ثلاثة يصير ثمانية عشر، نصيب الخالين منها ستة واحدها للخال من الام وخمسة للآخر، ونصيب العمين اثنا عشر اثنان منها للعم من قبل الام وعشرة للعم الآخر، وكذا الكلام في المسألة الآتية. (مراد)

٢٩١

فان ترك اخوالا وخالات، واعماما وعمات، فللاخوال والخالات الثلث بينهم [بالسوية] الذكر والانثى فيه سواء، وللاعمام والعمات الثلثان للذكر مثل حظ الانثيين.

فان ترك خالا لاب، وعما لام، فللخال من الاب الثلث، وللعم للام الثلثان.

فان ترك خالا لام، وعما لاب، فللخال للام الثلث لانه ليس احدمن قبل الام يشاركه في الميراث(١) ، وللعم من الاب الثلثان.

فان ترك عما لاب، وابن عم لاب وام، فالمال لابن العم للاب والام لانه قد جمع الكلالتين كلالة الاب وكلاة الام وهذا غير محمول على اصل(٢) بل مسلم للخبر الصحيح الوارد عن الائمة عليهم السلام.

فان ترك ابنى عم احدهما اخ لام، فالمال للاخ من الام.

فان تركت امرأة ابني عم احدهما زوج، فللزوج النصف، والنصف الاخر بينهما نصفان.

فان ترك الرجل ابنة عم لاب وام، وابنة عم لام، فلا بنة العم من الام السدس، وما بقى فلا بنة العم للاب والام.

وكذلك إذا ترك ابنة خال لاب وام، وابنة خال لام، فلا بنة الخال للام السدس، وما بقى فلابنة الخال للاب والام.

وان ترك خالا، وجدة لام، فالمال لجدة الام، وسقط الخال(٣) ، وغلط

___________________________________

(١) لعله يريد أن الخال يرث بسبب القرابة من الام وليس له مشارك من أهل الارث في تلك القرابة فيجب أن يرث تمام حصة الام. (مراد)

(٢) اذ الاصل أن يمنع الاقرب الابعد وان كان الابعد ذا جهتين لكن تلك المسألة اجماعية مخالفة لذلك الاصل ولذلك لوكان بدل العم الخال، أو بدل ابن العم بنت العم أو ابن الخال تغير ذلك الحكم إلى الاصل. (مراد)

(٣) لان الجدة شريكة الاخ، والخال لا يرث معه، فالاصل أن لا يرث مع من هو في مرتبته ولان قرابة الخال للميت بواسطة الجدة لانه ابنها أو في مرتبته. (مراد)

٢٩٢

الفضل بن شاذان في قوله المال بينهما نصفهما نصفان بمنزلة ابن الاخ والجد.

وترك عما، وابن اخت، فالمال لابن الاخت.

فان ترك عما، وابن اخ، فالمال لابن الاخ، وغلط يونس بن عبدالرحمن في قوله المال بينهما نصفان(١) وانما دخلت عليه الشبهة في ذلك لانه لما رأى ان بين العم وبين الميت ثلاثة بطون وكذلك بين ابن الاخ وبين الميت ثلاثة بطون وهما جميعا طريق من الاب قال: المال بينهما نصفان، وهذا غلط لانه وان كانا جميعا كما وصف فان ابن الاخ من الولد الاب والعم من ولد الجد، وولد الاب احق واولى بالميراث من ولد الجد وان سفلوا(٢) ، كما ان ابن الابن احق من الاخ لان ابن الابن من ولد الميت والاخ من ولد الاب، وولد الميث احق بالميراث من ولد الاب وان كانوا في البطون سواء.

فان ترك ابنة خالته، وعمة امه، فالمال لابنة خالته لان ابنة الخالة من ولد الجدة، وعمة الام من ولد جدة الام، وولد جدة الميت اولى بالميراث من ولد جدة ام الميت، وكذلك ان ترك عم امه، وابن خاله، فالمال لابن خاله.

فان ترك عمة امه، وابنة خالته، فقد استويا في البطون الا ان عمة الام من ولد جدة الام، وابنة الخالة من ولد جدة الميت، فابنة الخالة احق بالمال كله، وكذلك ابن الخالة.

فان تركت امرأة زوجها، وعمتها، وخالتها، فللزوج النصف، وللخالة الثلث، وما بقى فللعمة بمنزلة زوج وابوين فللزوج النصف، وللام الثلث، وللاب

___________________________________

(١) لم أر قائلا بهذا القول غيره. (المرآة)

(٢) فينتهى ابن الاخ إلى من هو في المرتبة الاولى من الارث والعم ولد الجد ينتهى إلى من هو في المرتبة الثانية، وانما يقوم الابن مقام الابن مقام الاب ولا يقوم الاب مقام الابن في الارث ألا ترى أن الابن لا يتغير عن مرتبة الاب وان كان قد يمنعه من هو أقرب في تلك المرتبة كالابن يمنع ابن الابن وهما في المرتبة الاولى من الميراث، والجد أبوالاب مرتبته بعد مرتبة الاب بدرجة فهو أبدا في المرتبة الثانية من الارث. (مراد)

٢٩٣

السدس.(١) فان ترك خالا وخالة، فالمال بينهما نصفان، وكذلك ان ترك ابن خال و ابن خاله، فالمال بينهما نصفان.

فان ترك خالة الام، وعمة الاب، فلخالة الام الثلث، ولعمة الاب الثلثان.

فان ترك عما، وخالا، فللخال الثلث، وللعم الثلثان.

فان ترك ابن اخت لام، وابنة اخ لام، فالمال بينهما نصفان، وكذلك ابنة اخت لام، وابن اخ لام، لان الذكر والانثى من الاخوة للام في الميراث سواء.

فان ترك ثلاثة بنى اخوات متفرقات، فلا بن الاخت من الام السدس، وما بقى فلا بن الاخت للاب والام.

فان ترك ثلاث بنات اخوات متفرقات مع كل واحدة منهن اخوها، فلابنة الاخت للام ولاخيها السدس بينهما بالسوية، وما بقى فلابنة الاخت للاب والام ولاخيها، للذكر مثل حظ الانثيين.

فان ترك ابنة اخت، وابن اخت امهما واحدة، فالمال بينهما للذكر مثل حظ ا لانثيين، وان كانا من اختين فالمال بينهما نصفان، وكذلك ان كانوا خمسة بنى اخت، وابنة اخت اخرى، فلبنى الاخت النصف بين الخمسة، ولابنة الاخت الاخرى النصف، وعلى هذا الحساب كل ما كان من هذا الضرب، لان كل ذى رحم انما يأخذ نصيب الذى يجره.

فان ترك ابنة اخت لاب، وابن ابن اخت لاب وام، فالمال لابنة الاخت للاب، وسقط الاخر.

___________________________________

(١) قوله " وللام الثلث " أى حيث لا يكون للام حاجب وهناك كذلك، اذ المفروض أن ليس للميت ولد ولا اخوة وان قلنا بأن حجب الاخوة لا يتوقف على وجود الاب وانما قلنا ان المفروض ذلك اذ لا يعقل وراثة العمة والخالة مع وجود الولد والاخوة. (مراد)

٢٩٤

فان ترك ثلاثة بنى ابنة اخت لاب وام، وثلاثة بنى ابنة اخت لاب، وثلاثة بنى ابنة اخت لام، فلبنى ابنة الاخت من الام السدس، وما بقى فلبنى ابنة الاخت للاب والام، وسقط بنوابنة الاخت من الاب، وغلط الفضل بن شاذان في هذة المسألة وأشباهها، فقال: لبني ابنة الاخت للاب والام النصف، ولبنى ابنة الاخت من الام السدس، وما بقى يرد عليهم على قدر انصبائهم.

فان ترك ابنة اخيه لابيه وامه، وابنة اخيه لابيه، فالمال لابنة الاخ للاب والام.

فان ترك عشر بنات اخ لام، وابنة أخ لاب وام، فلبنات الاخ للام السدس بينهن بالسوية، وما بقى فلا بنة الاخ للاب والام.

فان ترك ابنتى اختين لام، وابنة اخت لاب وام، فلا بنتى الاختين للام الثلث، وما بقى فلا بنة الاخت للاب والام.

فان ترك ثلاث بنات إخوة متفرقين، وثلاث بنات أخوات متفرقات، فاصل حسابه من ستة، لابنة الاخت من الام وابنة الاخ من الام الثلث سهمان لكل واحدة منهما سهم، وبقى الثلثان لابنة الاخت من الاب والام الثلث من هذا الثلثين ولابنة الاخ من الاب والام ثلثاه، فلم تستقم الاربعة بينهما فضربنا ستة في ثلاثة فبلغ ثمانية عشر، لابنة الاخت من الام وابنة الاخ من الام الثلث ستة اسهم بينهما نصفان وبقى اثنا عشر، لابنة الاخ للاب والام من ذلك ثمانية، ولابنة الاخت من الاب والام اربعة.

فان ترك ابنة ابنة اخ لاب وام، وابنة ابن أخ للاب، فالمال لابنة ابنة الاخ للاب والام، لان الاخ للاب لايرث مع الاخ للاب والام، فكذلك من يتقرب به، وكذلك ابن الاخ للاب لايرث مع الاخ للاب والام، وليست العصبة من دين الله عزوجل ولا من سنة رسول الله صلى الله عليه واله(١) .

__________________________________

(١) المراد بالعصبة التعصب وهو توريث ما فضل عن السهام من كان من العصبة وهم الابن والاب ومن يدلى بهما من غير رد على ذوى السهام. والقائلون به لا يورثون الاخت مع الاخ ولا العمة مع العم وهو خلاف صريح قوله تعالى " للرجال نصيب مما ترك الوالدان والاقربون وللنساء نصيب مما ترك الولدان والاقربون ".

٢٩٥

فان ترك ابن اخ لام وهو ابن اخت لاب، وترك ابن اخت لاب وام، فلابن الاخ من الام السدس، وما بقى فلابن الاخت للاب والام.

 (١) فان ترك ابنة اخت لام وهى ابنة اخ لاب، وابنة اخت لاب وام، فلا بنة الاخت للام السدس، وما بقى فلابنة الاخت للاب والام.

فان ترك ابنة اخت لام وهى ابنة اخ لاب، وابنة اخت لاب وام، واختا لام، واختا لاب، فللاخت للام السدس، وما بقى فللاخت للاب، وسقط ابنتا الاختين لانهما قد نزلتا ببطن.

فان ترك ابنة اخت لاب وهى ابنة اخ لام، وابنة اخت لاب وام وخالة لام هى عمة لاب، وخالة لاب وام، فلابنة الاخت للام السدس، وليس لها من جهة انها ابنة اخ لاب شئ، وما بقى فلابنة الاخت للاب والام، وسقطت خالة الام التى هى عمة الاب، وخالة الاب والام جميعا.

فان ترك ابن ابنة اخت، وابن ابن اخت فالمال بينهما على ثلاثة اسهم ان كانت امهما واحدة(٢) لابن ابن الاخت الثلثان، ولابن ابنة الاخت الثلث وان كانا من اختين فالمال بينهما نصفان.

فان ترك ابن ابنة اخ لاب وام، وابنة ابن اخ لاب وام، فان كان ابن الاخ

___________________________________________

(١) قوله " وهو ابن أخت لاب " كأن تزوج أم زيد بعد مفارقة أبيه برجل فولدت منه ولدا وكان لابيه بنت من غير أمه فحصل التزويج بينهما فالولد الحاصل منهما ولد الاخ للاب والاخت للام أو بالعكس.

وفي بعض النسخ " وهو ابن اخ لاب " وهذا لا يتصو رالا ان يكون هو ابن أخ لاب وأم، وعليه فلم يكن هناك ابن أخ لام حتى يكون له السدس، ويمكن أن يكون لفظه " هو " زائدة كما قال التفرشي (ره) وقد حكها بعض المصححين في بعض النسخ.

(٢) قوله " فالمال بينهما على ثلاثة أسهم ان كانت أمهما واحدة - الخ " ضمير " بينهما " للابنين الوارثين، وأما ضمير " امهما " فاما لهما فلا بد من اضمار مضاف أى أم مورثهما وهي اخت الميت، واما لمورثهما فيلزم تفكيك الضمير. (مراد)

٢٩٦

وابنة الاخ ابوهما واحد(١) ، فلا بن ابنة الاخ الثلث، ولا بنة ابن الاخ الثلثان فان كان ابوابنة الاخ غير ابى ابن الاخ فالمال بينهما نصفان، يرث كل واحد منهما ميراث جده.

فان ترك ابن ابنة اخ لاب وام، وابنة ابنة اخ لاب وام، فان كانت امهما واحدة فالمال بينهما للذكر مثل حظ الانثيين، وان لم يكن امهما واحدة فالمال بينهما نصفان.

فان ترك ابن ابنة اخ لام، وابن ابنة اخ لاب، فلا بن ابنة الاخ للام السدس وما بقى فلا بن ابنة الاخ للاب.

فان ترك ابنة ابنة اخ لاب وام، وابنة اخ لام، فالمال لابنة الاخ للام لانها اقرب.

فان ترك ثلاث بنات اخوات متفرقات، فلابنة الاخت من الام السدس، و ما بقى فلابنة الاخت من الاب والام، وسقطت ابنة الاخت من الاب لان امها لا ترث مع الاخت للاب والام.

وان ترك خمسة بنى اخت، وابنة اخت اخرى، فلخمسة بنى الاخت النصف ولابنة الاخت الاخرى النصف.

فان تركت امرأة زوجها، واخاها لامها، وابن عمها، وابن ابنتها، فللزوج الربع، وما بقى فلابن الابنة، وسقط الباقون.

فان ترك الرجل ابن ابنة، وابنة ابنة فالمال بينهما للذكر مثل حظ الانثيين ان كانت امهما واحدة وكانت الابنة ماتت وتركتهما.

فان ترك ابنة ابنة، وابنة ابنة ابن، فالمال لابنة البنت لانها اقرب ببطن.

فان ترك ابن ابنة ابن، وابن ابنة ابنة، فلابن ابنة الابن الثلثان، ولا بن ابنة

___________________________________

(١) كما إذا مات زيد وكان له أخ هو عمرو ولعمر وابن هو بكر وابنة هي زينب وكان لزينب ابن هو خالد، ولبكر ابنة هي هند، كان لهند الثلثان ميراث أبيها بكر، ولخالد الثلث ميراث أمه زينب. (مراد)

٢٩٧

الابنة الثلث، وكذلك ان ترك ابن ابن ابنة، وابنة ابنة ابن، فلا بنة ابنة الابن الثلثان ولابن ابن الابنة الثلث.

فان ترك بني ابنة، وابنة بنت اخرى، فلبنى البنت النصف، ولا بنة البنت الاخرى النصف، وكذلك ان ترك عشر بنات ابنة، وابنة بنت اخرى، فلعشر بنات البنت النصف عشرة اسهم من عشرين سهما، ولابنة البنت الاخرى النصف الباقى، وكذلك ان ترك عشرة بنى ابنة، وابنة ابنة اخرى فلعشرة بنى الابنة النصف، و لا بنة الابنة الاخرى النصف.

فان ترك ابنة ابنة ابنة، وابنتى ابنة ابنة اخرى، وثلاث بنات ابنة ابنة اخرى فهذه من ثمانية عشر لابنة ابنة الابنة ستة اسهم، ولا بنتى ابنة الابنة ستة اسهم بينهما لكل واحدة منهما ثلاثة اسهم ولثلاث بنات ابنة الابنة ستة اسهم لكل واحدة سهمان.

فان ترك ابنة ابن ابنة، وابنة ابنة ابنة جدتهما واحدة، وابنة ابنة ابنة اخرى فالمال بينهن على ستة، لابنة ابن الابنة سهمان، ولابنة ابنة الابنة سهم واحد، ولابنة ابنة الابنة الاخرى ثلاثة اسهم.

فان ترك ابنة ابنة ابنة، وابنة اخ، فالمال لابنة ابنة الابنة.

فان ترك ابنة ابنة ابنة، وثلاث بنات اخوات متفرقات فالمال كله لابنة ابنة الابنة، وليس ترث بنات الاخوة والاخوات مع بنات البنات وان سفلن شيئا.

فان تركت امرأة ابن ابنتها، أو ابنة ابنتها، وزوجها، واخاها لامها او لابيها وامها، وابن عمها، فللزوج الربع، ومابقى فلولد الابنة.

فان ترك الرجل عما، وابن ابنة، أو ابنة ابنة، فالمال كله لولد الابنة، وسقط العم من جهتين احديهما لان ولد الابنة هم ولد الميت والعم ولد الجد، وولد الميت نفسه احق واقرب من ولد الجد، واما الاخرى فان بين العم وبين الميت ثلاثة بطون لان العم يتقرب بالجد والجد يتقرب بالاب والاب يتقرب بنفسه، وبين ابنة الابنة وبين الميت بطنان لان ولد الابنة يتقربون بالابنة، والابنة تتقرب بنفسها، فولد الابنة اقرب في البطون واقرب في النسب، والجد لايرث مع

٢٩٨

الولد شيئا، والعم انما يتقرب بمن لايرث، وولد الولد يتقربون بمن يرث، فهم احق بالمال، ولا قوة الا بالله وبالله التوفيق.

والاخ وولد الاخ في هذا بمنزلة العم لا ميراث لهم مع ولد الابنة.

فان ترك اخا لام، وابنة اخ لاب وام، وابنة ابنة، وابن ابنة، فالمال لابنة الابنة وابن الابنة بينهما للذكر مثل حظ الانثيين.

فان ترك ابنة اخته لابيه، وابنة اخته لامه، وعصبته، فلا بنة الاخت للام السدس، وما بقى فلا بنة الاخت للاب، وسقط العصبة.

فان ترك عمة لاب وام، وعمة لاب، فالمال للعمة من الاب والام.

فان ترك عما، وابن اخت، فالمال لابن الاخت، لان ولد الاخوة يقومون مقام الاخوة، والعم لا يقوم مقام الجد، ولان ولد الاخوة من ولد الاب، والعم من ولد الجد، ولان ابن الاخ يرث مع الجد، وابن الجد لا يرث مع الاخ عند الجميع، وكذلك ان ترك عما، وابن اخ، فالمال لابن الاخ.

فان ترك ابنة عم لاب وام، وابنة عم لام، فلا بنة العم للام السدس، وما بقى فلا بنة العم للاب والام، وكذلك ابنة خال لام، وابنة خال لاب وام، فلابنة الخال من الام السدس، وما بقى فلابنة الخال من الاب والام.

فان ترك بنات عم، وبنى عم، فالمال بينهم للذكر مثل حظ الانثيين.

فان ترك بنات خال، وبنى خال، فالمال بينهم بالسوية الذكر والانثى فيه سواء.

فان ترك ابن عم، وابنة عمة، فلابن العم الثلثان، ولابنة العمة الثلث.

فان ترك ابن عمته، وابنة عمته، فالمال بينهما للذكر مثل حظ الانثيين.

فان ترك عما لام، وخالا لاب وام، فللخال الثلث نصيب الام(١) ، وللعم للام الباقى نصيب الاب.

فان ترك ابنة عمته، وعمة ابيه، فالمال كله لابنة العمة.

___________________________________

(١) اذ لا مشارك له في التوريث من جانب الاب لينقله إلى السدس. (مراد)

٢٩٩

فان ترك عشرة بنى عمة، وابنة عمة اخرى، فلعشرة بني العمة النصف، ولا بنة العمة الاخرى النصف الباقى.

فان ترك عمة لاب، وعمة لاب وام، فالمال للعمة من الاب والام.

فان ترك خمس بنات عمة من اب وام، وابنة عمة لام، وابنة عمة لاب، فلخمس بنات العمة للاب والام خمسة اسداس المال، ولابنة العمة للام السدس وسقطت ابنة العمة للاب.

فان ترك ابنتى عم، وابنة عم آخر، فلابنتى العم النصف بينهما، ولابنة العم الاخر النصف الباقى، وكذلك ان كانوا بنى عم.

فان ترك ثلاث بنات اعمام متفرقين، او ثلاث بنات بنات اعمام متفرقين او بنات عمات متفرقات فهو على ما بينت(١) من امر بنات الاخوال وبنات العمات وبنات بنات العمات.

فان ترك خمسة بنى بنات اعمام لاب وام، وابنة ابنة عم لام، فلا بنة ابنة العم للام السدس، وما بقى فلخمسة بنى بنات الاعمام للاب والام.

فان ترك ثلاثة بنى بنات عم لاب وام، وابنة ابنة عم لاب وام وهى ابنة ابنة عم غيره(٢) ، وابنة ابنة عم لام فهي من ستة وثلاثين سهما، لابنة ابنة العم للام السدس ستة، ولابنة ابنة العم للاب والام خمسة عشر، ولثلاثه بنى بنات عم لاب وام خمسة عشر، لكل واحد منهم خمسة.

فان ترك ابنة عم ابيه، وابنة ابنة عمه، فالمال لابنة ابنة عمه، وسقطت ابنة عم ابيه لان هذا كانه ترك جد ابيه وعما، فالعم احق من جد الاب(٣) .

___________________________________

(١) وهو أنه لمن انتسب بالام السدس، ولمن انتسب بالاب والام خمسة أسداس، ويسقط من انتسب بالاب. (مراد)

(٢) أى غير العم الذي له ثلاثة بنى بنات، وحاصله أن يكون للميت عمان لاب وأم كانت لاحدها ثلاثة بنى بنات، وللاخر ابنة ابنة، وله عم آخر للام له أيضا ابنة. (مراد)

(٣) لان العم من ولد جد الميت يقوم مقامه فيكون أحق من جد أبي الميت، اذكما أن جد الميت أحق به من جد أبيه كذلك من يقوم مقام جده أحق من جد أبيه. (مراد)

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389