الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ١٠

الغدير في الكتاب والسنة والأدب15%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 389

الجزء ١ المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١
المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 389 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 70467 / تحميل: 4466
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ١٠

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

٥٠ ـ في بصائر الدرجات محمد بن الحسين عن يزيد شعر عن هارون بن حمزة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول:( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) قال: هم الائمة خاصة( وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ ) فزعم ان من عرف الامام والآيات، ممن يعقل ذلك.

٥١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم ثم خاطب اللهعزوجل نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال جل ذكره:( اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ ) قال: من لم تنه الصلوة عن الفحشاء والمنكر لم تزده من اللهعزوجل إلّا بعدا.

٥٢ ـ في كتاب التوحيد وقد روى عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال: الصلوة حجزة الله وذلك انها تحجز المصلى عن المعاصي ما دام في صلوته، قال اللهعزوجل :( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ ) .

٥٣ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسين بن عبد الرحمن عن سفيان الحريري عن أبيه عن سعد الخفاف عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قلت جعلت فداك يا أبا جعفر وهل يتكلم القرآن؟ فتبسم ثم قال: رحم الله الضعفاء من شيعتنا انهم أهل تسليم. ثم قال: نعم يا سعد والصلوة تتكلم ولها صورة وخلق تأمر وتنهى قال: فتغير لذلك لوني وقلت: هذا شيء لا أستطيع ان أتكلم به في الناس، فقال أبو جعفر: وهل الناس إلّا شيعتنا فمن لم يعرف الصلوة فقد أنكر حقها، ثم قال: يا سعد أسمعك كلام القرآن؟ قال سعد: فقلت: بلى صلى الله عليك فقال:( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ ) فالنهى كلام والفحشاء والمنكر رجال، ونحن ذكر الله ونحن أكبر، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥٤ ـ في مجمع البيان وروى انس بن مالك عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: من لم تنهه صلوته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلّا بعدا.

٥٥ ـ وأيضا عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: لا صلوة لمن لم يطع الصلوة وطاعة الصلوة ان ينتهى عن الفحشاء والمنكر.

١٦١

٥٦ ـ وروى أنس ان فتى من الأنصار كان يصلّي الصلوات مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ويرتكب الفواحش، فوصف ذلك لرسول الله فقال: إنّ صلوته تنهاه يوما ما.

٥٧ ـ وعن جابر قال: قيل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ فلانا يصلّي بالنهار ويسرق بالليل؟ فقال: إنّ صلوته لتردعه.

٥٨ ـ وروى أصحابنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من أحب أن يعلم قبلت صلوته أم لم تقبل فلينظر هل منعته صلوته عن الفحشاء والمنكر فبقدر ما منعته قبلت صلوته.

٥٩ ـ * في كتاب سعد السعود لابن طاوسرحمه‌الله وقد روينا في الجزء الاول من كتاب المهمات والتتمات صفة الصلوة الناهية عن الفحشاء والمنكر.

٦٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ ) يقول: ذكر الله لأهل الصلوة أكبر من ذكرهم إياه ألآ ترى أنّه يقول: أذكروني أذكركم.

٦١ ـ في مجمع البيان وروى أصحابنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال:( وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ ) قال: ذكر الله عند ما أحل وحرم.

٦٢ ـ وعن معاذ بن جبل قال: سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أي الأعمال أحب إلى الله؟قال: ان تموت ولسانك رطب من ذكر اللهعزوجل .

٦٣ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا معاذ إنّ السابقين الذين يسهرون بذكر اللهعزوجل ، ومن أحب ان يرتفع في رياض الجنة فليكثر من ذكر اللهعزوجل .

٦٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله وروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: نحن المجادلون في دين الله على لسان سبعين نبيا.

٦٥ ـ وقال أبو محمد الحسن العسكريعليه‌السلام : ذكر عند الصادقعليه‌السلام الجدال في الدين، وأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والائمةعليهم‌السلام قد نهوا عنه، فقال الصادقعليه‌السلام : لم ينه عنه مطلقا ولكنه نهى عن الجدال بغير التي هي أحسن، أما تسمعون الله يقول:( وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) قيل: يا ابن رسول الله ما الجدال بالتي

١٦٢

هي أحسن وبالتي ليست بأحسن؟ قال: اما الجدال الذي بغير التي هي أحسن ان تجادل مبطلا فيورد عليك مبطلا فلا ترده بحجة قد نصبها الله، ولكن تجحد قوله أو تجحد حقا يريد ذلك المبطل أن يعين به باطله فتجحد ذلك الحق مخالفة ان يكون له عليك فيه حجة لأنك لا تدري كيف المخلص منه، فذلك حرام على شيعتنا، أن يصيروا فتنة على ضعفاء إخوانهم وعلى المبطلين، اما المبطلون فيجعلون ضعف الضعيف منكم إذا تعاطى مجادلة وضعف في يده، حجة له على باطله، واما الضعفاء منكم فتعمى قلوبهم لما يرون من ضعف المحق في يد المبطل، واما الجدال بالتي هي أحسن فهو ما أمر الله تعالى به نبيه ان يجادل به من جحد البعث بعد الموت وإحياءه له، فقال الله حاكيا عنه:( وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ) فقال الله في الرد عليه: «قل» يا محمد( يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ* الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ ) فأراد الله من نبيه ان يجادل المبطل الذي قال: كيف يجوز ان يبعث هذه العظام وهي رميم، قال: فقل( يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ ) أفيعجز من ابتدأه لا من شيء ان يعيده بعد ان يبلى، بل ابتداءه أصعب عندكم من إعادته، ثم قال:( الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً ) أي إذا كمن النار الحارة في الشجر الأخضر الرطب ثم يستخرجها فعرفكم انه على اعادة من بلى، اقدر، ثم قال:( أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ) أي إذا كان خلق السموات والأرض أعظم وابعد في أوهامكم وقدركم أن تقدروا عليه من اعادة البالي فكيف جوزتم من الله خلق هذا الأعجب عندكم والأصعب لديكم، ولم تجوزوا منه ما هو أسهل عندكم من اعادة البالي؟ قال الصادقعليه‌السلام : فهذا الجدال بالتي هي أحسن، لان فيها قطع عذر الكافرين وازالة شبههم، واما الجدال بغير التي هي أحسن فان تجحد حقا لا يمكنك أن تفرق بينه وبين باطل من تجادله، وانما تدفعه عن باطله بأن تجحد الحق فهذا هو المحرم لأنك مثله جحد هو حقا، وجحدت أنت حقا آخر. قال أبو محمد الحسن العسكريعليه‌السلام : فقام إليه رجل آخر فقال: يا ابن رسول الله أيجادل رسول الله

١٦٣

صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال الصادقعليه‌السلام : مهما ظننت برسول الله من شيء فلا تظنن به مخالفة الله تعالى أليس الله قال:( وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) و( قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ ) لمن ضرب الله مثلا فتظن ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خالف ما أمره الله به فلم يجادل ما أمره به، ولم يخبر عن أمر الله بما أمره أن يخبره به.

٦٦ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد قال: حدّثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وذكر حديثا طويلا قال فيهعليه‌السلام بعد ان قال: إنّ الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها وفرقه فيها: وفرض الله على اللسان القول والتعبير عن القلب بما عقد عليه وأقر به قال الله تبارك وتعالى:( وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً ) وقال:( قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ ) إِلَيْكُمْ وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) فهذا ما فرض الله على اللسان وهو عمله.

٦٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله:عزوجل :( فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ) فهم آل محمد صلوات الله عليهم ومن هؤلاء من يؤمن به يعنى أهل الايمان من أهل القبلة وقولهعزوجل : وما يجحد بآياتنا يعنى ما يجحد بأمير المؤمنين صلوات الله عليه والائمة صلوات الله عليهم إلّا الكافرون.

٦٨ ـ وقال علي بن إبراهيمرحمه‌الله في قولهعزوجل :( وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ ) وهو معطوف على قوله تعالى في سورة الفرقان:( اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ) فرد الله عليهم فقال: كيف تدعون ان الذي تقرأه أو تخبر به تكتبه عن غيرك وأنت( ما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ ) أي شكوا.

٦٩ ـ في عيون الأخبار في باب مجلس للرضاعليه‌السلام مع أهل الأديان والمقالات في التوحيد قال الرضاعليه‌السلام في أثناء المحاورات: وكذلك أمر محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وما جاء به وأمر كل نبي بعثه الله، ومن آياته انه كان يتيما فقيرا راعيا أجيرا لم يتعلم كتابا و

١٦٤

لم يختلف إلى معلم، ثم جاء بالقرآن الذي فيه قصص الأنبياءعليهم‌السلام وأخبارهم حرفا حرفا، وأخبار من مضى ومن بقي إلى يوم القيامة.

٧٠ ـ في أصول الكافي أحمد بن مهران عن محمد بن علي عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول في هذه الآية( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) فأومى بيده إلى صدره.

٧١ ـ عنه عن محمد بن علي عن ابن محبوب عن عبد العزيز العبدي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) قال: هم الائمةعليهم‌السلام .

٧٢ ـ ـ وعنه عن محمد بن علي عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي بصير قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : هذه الآية( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) ثم قال: اما والله يا أبا محمد ما قال بين دفتي المصحف، قلت: من هم جعلت فداك؟ قال: من عسى أن يكون غيرنا؟.

٧٣ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن بريد عن هارون بن حمزة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سمعته يقول:( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) قال: هم الائمة خاصة.

٧٤ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن محمد بن الفضيل قال: سألته عن قول اللهعزوجل :( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) قال: هم الائمةعليهم‌السلام خاصة.

٧٥ ـ في بصائر الدرجات يعقوب بن يزيد ومحمد بن الحسين عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن بريد بن معاوية عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قلت له:( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) فقال: أنتم هم من عسى ان يكونوا؟.

٧٦ ـ أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن ابن مسكان عن حجر عن حمران عن أبي جعفرعليه‌السلام وأبى عبد الله البرقي عن أبي الجهم عن أسباط عن

١٦٥

أبى عبد اللهعليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى:( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) قال: نحن.

٧٧ ـ أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسى عن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام انه قرأ هذه الآية:( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) قال: يا أبا محمد والله ما قال بين دفتي المصحف، قلت: من هم جعلت فداك؟ قال: من عسى أن يكونوا غيرنا؟.

٧٨ ـ محمد بن الحسين عن جعفر بن بشير والحسن بن علي بن فضال عن مثنى الحناط عن الحسن الصيقل قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام :( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) قال: نحن، وإيانا عنى.

٧٩ ـ أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن أيوب بن حسن عن حمران قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله تبارك وتعالى:( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) أنتم هم؟ قال: من عسى أن يكونوا؟.

٨٠ ـ محمد بن الحسين عن يزيد شعر عن هارون بن حمزة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول:( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) قال: هم الائمة خاصة،( وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ ) ، فزعم ان من عرف الامام والآيات ممن يعقل.

٨١ ـ محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة عن أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال:( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) قلت: أنتم هم؟ قال: من عسى ان يكونوا؟.

٨٢ ـ أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد الجوهري عن محمد بن يحيى عن عبد الرحيم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ هذا العلم انتهى إلى في القرآن ثم جمع أصابعه ثم قال:( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) .

٨٣ ـ في مجمع البيان( إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) وقيل :

١٦٦

إن قوما من المسلمين كتبوا شيئا من كتب أهل الكتاب فهددهم سبحانه في هذه الآية ونهاهم عنه وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : جئتكم ببيضاء نقية.

٨٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ ) يقول: لا تطيعوا أهل الفسق من الملوك فان خفتموهم أن يفتنوكم عن دينكم فان أرضى واسعة، وهو يقول:( فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ) فقال:( أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها ) .

٨٥ ـ في مجمع البيان وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : معناه إذا عصى الله في ارض أنت بها فاخرج منها إلى غيرها.

٨٦ ـ في جوامع الجامع وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من فر بدينه من أرض إلى أرض وان كان شبرا من الأرض استوجب الجنة، وكان رفيق إبراهيم ومحمدعليهما‌السلام .

٨٧ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من الاخبار المجموعة وباسناده قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لـمّا نزلت هذه الآية( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ) قلت: يا رب أيموت الخلائق كلهم وتبقى الأنبياء؟ فنزلت:( كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ ) .

٨٨ ـ في تفسير العياشي عن زرارة قال: كرهت ان أسأل أبا جعفرعليه‌السلام عن الرجعة واستخفيت ذلك قلت: لأسألن مسئلة لطيفة أبلغ فيها حاجتي، فقلت: أخبرنى عمن قتل أمات؟ قال: لا، الموت موت والقتل قتل: قلت: ما أحد يقتل إلّا وقد مات؟فقال: قول الله أصدق من قولك، فرق بينهما في القرآن فقال:( أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ ) وقال( لَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ ) وليس كما قلت يا زرارة، الموت موت والقتل قتل قلت: فان الله يقول:( كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ) ؟ قال: من قتل لم يذق الموت، ثم قال: لا بد من أنْ يرجع حتى يذوق الموت.

٨٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن الحسن بن محبوب عن العلاء عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: كان عليّ بن الحسينعليهما‌السلام يقول :

١٦٧

أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن عليعليهما‌السلام حتى يسيل على خده، بوأه الله بها في الجنة عرفا يسكنه أحقابا.

٩٠ ـ وقال علي بن إبراهيمرحمه‌الله في قولهعزوجل :( وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ ) قال: كانت العرب يقتلون أولادهم مخافة الجوع فقال اللهعزوجل : الله يرزقهم وإياكم.

٩١ ـ في مجمع البيان وعن عطا عن ابن عمر قال: خرجنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى دخلنا بعض حيطان الأنصار فجعل سقط من التمر ويأكل، فقال: يا ابن عمر ما لك لا تأكل؟ فقلت: لا أشتهيه يا رسول الله، قال: لكني أشتهيه وهذه صبح رابعة منذ لم أذق طعاما ولو شئت لدعوت ربي فأعطانى مثل ملك كسرى وقيصر، فكيف بك يا ابن عمر إذا بقيت مع قوم يخبأون رزق سنتهم لضعف اليقين، فو الله ما برحنا حتى نزلت:( وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) .

٩٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قولهعزوجل :( وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا ) أي صبروا وجاهدوا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لنهدينهم سبلنا أي نثبتهم( وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: هذه الآية لال محمد صلوات الله عليهم ولاشياعهم.

٩٣ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عن أمير المؤمنينعليهما‌السلام أنّه قال: الأواني مخصوص في القرآن بأسماء احذروا ان تغلبوا عليها فتضلوا في دينكم، انا المحسن يقول اللهعزوجل :( إِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٦٨

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من قرأ سورة العنكبوت والروم في شهر رمضان ليلة ثلاث وعشرين فهو والله يا أبا محمد من أهل الجنة لا استثنى فيه أبدا ولا أخاف أن يكتب الله على في يميني إثما، وان لهاتين السورتين من الله مكانا.

٢ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ومن قرأها كان له من الأجر عشر حسنات بعدد كل ملك سبح الله بين السماء، والأرض، وأدرك ما ضيع في يومه وليلته.

٣ ـ في كتاب الاستغاثة للشيخ ميثم ولقد روينا من طريق علماء أهل البيتعليهم‌السلام في أسرارهم وعلومهم التي خرجت منهم إلى علماء شيعتهم، ان قوما ينسبون من قريش وليسوا من قريش، وحقيقة النسب وهذا مما لا يجوز أن يعرفه إلّا معدن النبوة وورثة علم الرسالة، وذلك مثل بنى امية ذكروا انهم ليسوا من قريش وان أصلهم من الروم، وفيهم تأويل هذه الآية( الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ) معناه انهم غلبوا على الملك وسيغلبهم على ذلك بنوا العباس.

٤ ـ في روضة الكافي ابن محبوب عن جميل بن صالح عن أبي عبيدة قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله عن ذكره:( الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ ) قال: فقال: يا أبا عبيدة ان لهذا تأويلا لا يعلمه إلّا الله والراسخون في العلم من آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّا هاجر إلى المدينة وأظهر الإسلام كتب إلى ملك الروم كتابا وبعث به مع رسوله يدعوه إلى الإسلام، وكتب إلى ملك فارس كتابا يدعوه إلى الإسلام، وبعثه إليه مع رسوله، فاما ملك الروم فعظم كتاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأكرم رسوله، واما ملك فارس فانه استخف بكتاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومزقه واستخف

١٦٩

برسوله، وكان ملك فارس يومئذ يقاتل ملك الروم وكان المسلمون يهوون ان يغلب ملك الروم فارس، وكانوا لناحيته أرجى منهم لملك فارس، فلما غلب ملك فارس ملك الروم كره ذلك المسلمون واغتموا به، فأنزل اللهعزوجل بذلك كتابا قرآنا( الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ ) يعنى غلبتها فارس في ادنى الأرض وهي الشامات وما حولها «وهم» يعنى فارس( مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ) يعنى يغلبهم المسلمون( فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ ) عزوجل فلما غزا المسلمون فارس وافتتحوها فرح المسلمون بنصر اللهعزوجل ، قال: قلت: أليس اللهعزوجل يقول:( فِي بِضْعِ سِنِينَ ) وقد مضى للمؤمنين سنون كثيرة مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . وفي إمارة أبي بكر وانما غلب المؤمنون فارسا في إمارة عمر؟ فقال: ألم أقل لك ان لهذا تأويلا وتفسيرا، والقرآن يا أبا عبيدة ناسخ ومنسوخ أما تسمع لقول اللهعزوجل ( لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ) يعنى إليه المشية في القول أن يؤخر ما قدم ويقدم ما أخر في القول إلى يوم يحتم القضاء بنزول النصر فيه على المؤمنين، وذلك قولهعزوجل :( وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ ) أي يوم يحتم القضاء بالنصر.

٥ ـ في الخرائج والجرائح في أعلام الحسن العسكريعليه‌السلام ومنها ما قال أبوها سأل محمد بن صالح أبا محمدعليه‌السلام عن قوله تعالى:( لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ) فقال: له الأمر من قبل أن يأمر به، وله الأمر من بعد أن يأمر به بما يشاء.

٦ ـ في مجمع البيان وسئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن قولهعزوجل :( يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا ) فقال: الزجر(١) والنجوم.

٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا ) يعنى ما يرونه حاضرا( وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ ) قال: يرون حاضر الدنيا ويتغافلون عن الاخرة.

٨ ـ في كتاب الخصال وسئل الصادقعليه‌السلام عن قول الله تعالى:( أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ) فقال: معناه أو لم ينظروا في القرآن.

قال عز من قائل:( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ ) الآية.

__________________

(١) الزجر: التيمن والنشاؤم بالطير.

١٧٠

٩ ـ في كتاب الخصال عن عليٍّعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : تقوم الساعة يوم الجمعة بين صلوة الظهر والعصر.

١٠ ـ وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: السبت لنا والأحد لشيعتنا إلى أنْ قالعليه‌السلام : وتقوم القيامة يوم الجمعة.

١١ ـ وعن أبي لبابة بن عبد المنذر قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ يوم الجمعة سيد الأيام إلى قوله: وما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض ولا رياح ولا جبال ولا بر ولا بحر إلّا وهن يشفقن من يوم الجمعة أن تقوم فيه الساعة.

٢ ١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل :( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ ) قال: إلى الجنة والنار( فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ ) أي يكرمون.

١٣ ـ في مجمع البيان( فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ ) قيل: يلذذون بالسماع عن يحيى بن أبي كثير الأوزاعي أخبرنا أبو الحسن عبد الله بن محمد بن أحمد البيهقي قال: أخبرنا جدي الامام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي قال: حدّثنا أبو سعيد عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن بندار قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن الحسن القرباني(١) قال: حدّثنا سليمان بن عبد الرحمان الدمشقي قال حدّثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك عن أبيه عن خالد بن معدان عن أبي أمامة الباهلي ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ما من عبد يدخل الجنة إلّا ويجلس عند رأسه وعند رجليه ثنتان من الحور العين تغنيانه بأحسن صوت سمعه الانس والجن، وليس بمزمار الشيطان، ولكن بتمجيد الله وتقديسه.

١٤ ـ وعن أبي الدرداء قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يذكر الناس فذكر الجنة وما فيها من الأزواج والنعيم وفي القوم أعرابى فجثا لركبته وقال: يا رسول الله هل

__________________

(١) وفي بعض النسخ الغربانى بالغين والمختار هو الموافق لنسخة المصدر.

١٧١

في الجنة من سماع؟ قال: نعم يا أعرابى، ان في الجنة نهرا حافتاه الأبكار من كل بيضاء يتغنين بأصوات لم تسمع الخلائق بمثلها قط، فذلك أفضل نعم الجنة، قال الراوي: سألت أبا الدرداء بم يتغنين؟ قال: بالتسبيح.

١٥ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى عن الحسن بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام أنّه قال: جاء نفر من اليهود إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فسأله أعلمهم عن مسائل فكان فيما سأل قال: أخبرنى عن اللهعزوجل إلى شيء فرض هذه الخمس الصلوات في خمسة مواقيت على أمتك في ساعات الليل والنهار؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الشمس عند الزوال لها حلقة تدخل فيها إلى أنْ قال صلوات الله عليه: واما صلوة المغرب فهي الساعة التي تاب اللهعزوجل فيها على آدمعليه‌السلام وكان ما بين ما أكل من الشجرة وبين ما تاب اللهعزوجل عليه ثلاثمأة سنة من أيام الدنيا، وفي أيام الاخرة يوم كألف سنة ما بين العصر إلى العشاء، وصلى آدم ثلاث ركعات: ركعة لخطيئته وركعة لخطيئة حواء، وركعة لتوبته، ففرض اللهعزوجل هذه الركعات الثلاث على أمتي، وهي الساعة التي يستجاب فيها الدعاء فوعدني ربيعزوجل ان يستجيب لمن دعاه فيها وهي الصلوة التي أمرني ربي بها في قوله:( فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٦ ـ في كتاب ثواب الأعمال عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: من قال حين يمسى ثلاث مرات:( فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ ) ، لم يفته خير يكون في تلك الليلة، وصرف عنه جميع شرها ومن قال ذلك حين يصبح لم يفته خير يكون ذلك اليوم وصرف عنه جميع شره.

١٧ ـ في عوالي اللئالى وفي الحديث عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من قرء حين يصبح:( فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ) الآيات الثلاث إلى «تخرجون» أدرك ما فاته في يومه، وان قالها حين يمسى أدرك ما فاته ليلته.

١٨ ـ في جوامع الجامع وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من سره ان يكال له بالقفيز الأوفى

١٧٢

فليقل:( فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ ) إلى قوله:( كَذلِكَ تُخْرَجُونَ ) .

١٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل :( يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ ) قال: يخرج المؤمن من الكافر ويخرج الكافر من المؤمن( وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ ) رد على الدهرية.

٢٠ ـ في الكافي أحمد بن مهران عن محمد بن علي عن موسى بن سعدان عن عبد الرحمان بن الحجاج عن أبي إبراهيمعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها ) قال: ليس يحييها بالقطر، ولكن يبعث الله رجالا فيحيون العدل فتحيى الأرض لإحياء العدل، ولا قامة العدل فيه أنفع في الأرض من القطر أربعين صباحا.

٢١ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى حكيمة بنت محمد بن عليّ بن موسى الرضاعليه‌السلام عمة أبي محمد الحسنعليهما‌السلام انها قالت: كنت عند أبي محمدعليه‌السلام فقال: بيتي الليلة عندنا فانه سيلد المولود الكريم على اللهعزوجل الذي يحيى اللهعزوجل به الأرض بعد موتها، فقلت: ممن يا سيدي؟ ولست أرى بنرجس شيئا من أثر الحبل، فقال: من نرجس لا من غيرها، قالت: فوثبت إليها فقلبتها ظهر البطن فلم أر بها أثر الحبل، فعدت إليهعليه‌السلام فأخبرته بما فعلت، فتبسم ثم قال لي: إذا كان وقت الفجر يظهر لك الحبل لان مثلها مثل أم موسى لم يظهر بها الحبل ولم يعلم بها أحد إلى وقت ولادتها، لان فرعون كان يشق بطون الحبالى في طلب موسى، وهذا نظير موسىعليه‌السلام والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

قال عز من قائل:( وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ) .

٢٢ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى عبد الله بن يزيد بن سلام انه سأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال فأخبرنى عن آدم لم سمى آدم؟ قال: لأنه خلق من طين الأرض وأديمها، قال: فآدم خلق من الطين كله أو من طين واحد؟ قال: بل من الطين كله، ولو خلق من طين واحد لما عرف الناس بعضهم بعضا، وكانوا على صورة واحدة، قال: فلهم في الدنيا مثل؟ قال: التراب فيه ابيض وفيه أحضر وفيه أشقر وفيه اغبر وفيه

١٧٣

أحمر وفيه أزرق وفيه عذب وفيه ملح وفيه خشن وفيه لين وفيه أصهب، فلذلك صار الناس فيهم لين وفيهم خشن وفيهم أبيض وفيهم اصفر وأحمر واصهب واسود على ألوان التراب، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

قال عز من قائل:( وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ) .

٢٣ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: انصرف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من سرية قد كان أصيب فيها ناس كثير من المسلمين فاستقبلته النساء يسألن عن قتلاهن فدنت منه امرأة فقالت: يا رسول الله ما فعل فلان؟ قال: وما هو منك؟ قال: أبي، قال: احمدي الله واسترجعي فقد استشهد، ففعلت ذلك فقالت: يا رسول الله وما فعل فلان؟ فقال: وما هو منك؟ فقالت: أخي فقال: احمدي الله واسترجعي فقد استشهد، ففعلت ذلك ثم قالت: يا رسول الله ما فعل فلان؟ فقال: وما هو منك؟ قالت: زوجي. قال: احمدي الله واسترجعي فقد استشهد، فقالت: وا ويلى فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما كنت أظن ان المرأة تجد بزوجها هذا كله حتى رأيت هذه المرأة.

٢٤ ـ أحمد بن محمد عن معمر بن خلاد قال: سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لابنة جحش: قتل خالك حمزة قال: فاسترجعت وقالت: احتسبه عند الله ثم قال لها: قتل أخوك فاسترجعت وقالت: احتسبه عند الله، ثم قال لها: قتل زوجك فوضعت يدها على رأسها وصرخت فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما يعدل الزوج عند المرأة شيء.

٢٥ ـ في أصول الكافي أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى عن الحسن بن علي الكوفي عن عبيس بن هشام عن عبد الله بن سليمان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال: إنّ الامام إذا ابصر إلى الرجل عرفه وعرف لونه، وان سمع كلامه من خلف حائط عرفه وعرف ما هو، ان الله يقول:( وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَ

١٧٤

اخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ ) لآيات للعالمين وهم العلماء فليس يسمع شيئا من الأمر ينطق به إلّا عرفه: ناج أو هالك، فلذلك يجيبهم بالذي يجيبهم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٦ ـ وباسناده إلى أبي جعفرعليه‌السلام قال: كفي لاولى الألباب بخلق الرب المسخر وملك الرب القاهر، إلى قوله: وما انطلق به ألسن العباد وما أرسل به الرسل وما انزل على العباد دليلا على الرب.

٢٧ ـ في توحيد المفضل بن عمر المنقول عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام في الرد على الدهرية: تأمل يا مفضل ما أنعم الله تقدست أسماؤه به على الإنسان من هذا النطق الذي يعبر به عما في ضميره وما يخطر بقلبه ونتيجة فكره، به يفهم غيره ما في نفسه(١) ولولا ذلك كان بمنزلة البهائم المهملة التي لا تخبر عن نفسها بشيء، ولا تفهم عن مخبر شيئا، وكذلك الكتابة التي بها تفيد اخبار الماضين للباقين، واخبار الباقين للآتين، وبها تجلد الكتب في العلوم والآداب وغيرها، وبها يحفظ الإنسان ذكر ما يجرى بينه وبين غيره من المعاملات والحساب، ولولاها لا نقطع اخبار بعض الازمنة عن بعض، واخبار الغائبين عن أوطانهم، ودرست العلوم وضاعت الآداب، وعظم ما يدخل على الناس من الخلل في أمورهم ومعاملاتهم، وما يحتاجون إلى النظر فيه من أمر دينهم وما روى لهم مما لا يسعهم جهله، ولعلك تظن انها مما يخلص إليه بالحيلة والفطنة، وليست مما أعطيه الإنسان من خلقه وطباعه، وكذلك الكلام انما هو شيء يصطلح عليه الناس فيجري بينهم، ولهذا صار يختلف في الأمم المختلفة بألسن مختلفة وكذلك الكتابة ككتابة العربي والسرياني والعبراني والرومي وغيرها من ساير الكتابة التي هي متفرقة في الأمم انما اصطلحوا عليها كما اصطلحوا على الكلام، فيقال لمن ادعى ذلك ان الإنسان وان كان له في الأمرين جميعا فعل أو حيلة

__________________

(١) وفي نسخة البحار: «وبه يفهم عن غيره ما في نفسه».

١٧٥

فان الشيء الذي يبلغ به ذلك الفعل والحيلة عطية وهبة من اللهعزوجل في خلقه، فانه لو لم يكن له لسان مهيأ للكلام وذهن يهتدى به للأمور لم يكن ليتكلم أبدا، ولو لم يكن له كف مهياة وأصابع للكتابة لم يكن ليكتب أبدا واعتبر ذلك من البهائم التي لا كلام لها ولا كتابة فاصل ذلك فطرة الباري جل وعز وما تفضل به على خلقه فمن شكر أثيب( وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ ) .

٢٨ ـ في بصائر الدرجات أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن حمّاد بن عبد الله الغرا عن معتب انه أخبره ان أبا الحسن الاول لم يكن يرى له ولد فأتاه يوما إسحق ومحمد أخواه وأبو الحسن يتكلم بلسان ليس بعربي، فجاء غلام سقلابي(١) فكلمه بلسانه، فذهب فجاء بعليّ ابنه فقال لإخوته: هذا عليٌّ إبني فضموه إليه واحدا بعد واحد فقبلوه ثم كلم الغلام بلسانه، فذهب به ثم تكلم بلسان غير ذلك اللسان، فجاء غلام اسود فكلمه بلسانه، فذهب فجاء بإبراهيم فقال: هذا إبراهيم إبني فكلمه بكلام، فحمله فذهب به فلم يزل يدعو بغلام بعد غلام ويكلمهم حتى جاء بخمسة أولاد، والغلمان مختلفون في أجناسهم وألسنتهم.

٢٩ ـ محمد بن عيسى عن علي بن مهزيار قال: أرسلت إلى أبي الحسنعليه‌السلام غلامي وكان سقلابيا قال: فرجع الغلام إلى متعجبا فقلت: له ما لك يا بنى؟ قال: كيف لا أتعجب؟! ما زال يكلمني بالسقلابية كأنه واحد منا فظننت انه انما دار بينهم.

٣٠ ـ أحمد بن محمد عن أبي القاسم وعبد الله بن عمران عن محمد بن بشير عن رجل عن عمار الساباطي قال: قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : يا عمار «أبو مسلم وظلله وكسا فكسحه مسطورا» قلت: جعلت فداك ما رأيت نبطيا أفصح منك، فقال: يا عمار وبكل لسان.

٣١ ـ وروى عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير وعن بعض رجاله عن أبي عبد اللهعليه‌السلام يرفع الحديث إلى الحسن بن علي صلوات الله عليهما وعلى آبائهما أنّه قال: ان

__________________

(١) السلقب: جيل من الناس.

١٧٦

لله مدينتين إحداهما بالمشرق والاخرى بالمغرب، عليهما سور من حديد وعلى كل مدينة ألف ألف مصراعين ذهب، وفيها سبعون ألف ألف لغة يتكلم كل لغة بخلاف لغة صاحبه، وأنا أعرف جميع اللغات، وما فيهما وما بينهما وما عليهما حجة غيري والحسين أخي.

٣٢ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى عبد الله بن يزيد بن سلام انه سأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: فأخبرنى عن آدم لم سمى آدم؟ قال: لأنه من طين الأرض وأديمها، قال: فآدم خلق من الطين كله أو من طين واحد؟ قال: بل من الطين كله ولو خلق من طين واحد لما عرف الناس بعضهم بعضا، وكانوا على صورة واحدة قال: فلهم في الدنيا مثل؟ قال: التراب فيه أبيض وفيه أخضر وفيه أشقر وفيه أغبر وفيه أحمر وفيه أزرق وفيه عذب وفيه ملح وفيه خشن وفيه لين وفيه أصهب فلذلك صار الناس فيهم لين وفيهم خشن وفيهم أبيض وفيهم أصفر وأحمر واصهب واسود على ألوان التراب، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٣ ـ وباسناده إلى سهل بن زياد الأدمي قال: حدّثنا عبد العظيم بن عبد الله الحسنى قال: سمعت عليّ بن محمّد العسكريعليه‌السلام يقول: عاش نوح ألفين وخمسمائة سنة وكان يوما في السفينة نائما فهبت الريح فكشفت عورته فضحك حام ويافث فزجرهما سامعليه‌السلام ونهاهما عن الضحك، وكان كلما غطى سام شيئا تكشفه الريح كشفه حام ويافث فانتبه نوحعليه‌السلام فرآهم وهم يضحكون، فقال: ما هذا؟ فأخبره سام بما كان، فرفع نوحعليه‌السلام يده إلى السماء يدعو ويقول: أللّهمّ غير ماء صلب حام حتى لا يولد له ولد إلّا السودان، أللّهمّ غير ماء صلب يافث فغير الله ماء صلبيهما فجميع السودان حيث كانوا من حام، وجميع الترك والسقالب ويأجوج ومأجوج والصين من يافث حيث كانوا، وجميع البيض سواهم من سام، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

قال عز من قائل:( وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ ) .

٣٤ ـ في توحيد المفضل بن عمر المنقول عن الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام في الرد على الدهرية: والكرى يقتضي النوم الذي فيه راحة البدن وإجمام

١٧٧

قواه(١) إلى أنْ قالعليه‌السلام : وكذلك لو كان انما يصير إلى النوم، بالتفكر في حاجته إلى راحة البدن وإجمام قواه كان عسى أن يتثاقل عن ذلك فيدفعه حتى ينهك بدنه(٢) .

٣٥ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى يعقوب بن شعيب قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : في بنى آدم ثلاثمأة وستين عرقا ثمانون ومأة متحركة وثمانون ومأة ساكنة، فلو سكن المتحرك لم ينم، أو تحرك الساكن لم ينم، فكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أصبح قال: الحمد لله رب العالمين كثيرا على كل حال ثلاثمأة وستين مرة. وإذا أمسى قال مثل ذلك.

٣٦ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة حديث طويل يقول فيه الحسن بن علىعليهما‌السلام مجيبا للخضرعليه‌السلام بأمر أبيه أمير المؤمنين صلوات الله عليه وقد سأله عن مسائل: أما ما سألت عنه من أمر الإنسان إذا نام أين تذهب روحه فان روحه متعلقة بالريح، والريح متعلقة بالهواء إلى وقت ما يتحرك صاحبها لليقظة، فان اذن اللهعزوجل برد تلك الروح على صاحبها جذبت تلك الروح الريح وجذبت تلك الريح الهواء، فرجعت الروح فأسكنت في بدن صاحبها، وان لم يأذن اللهعزوجل برد تلك الروح على صاحبها جذب الهواء الريح فجذبت الريح الروح فلم ترد على صاحبها إلى وقت ما يبعث.

٣٧ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من خبر الشامي وما سأل عنه أمير المؤمنينعليه‌السلام في جامع الكوفة حديث طويل: وفيه: وسأله عن النوم على كم وجه هو؟ فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام صلوات الله عليه: النوم على أربعة أصناف: الأنبياء تنام على أقفيتها مستقبلة وأعينها لا تنام متوقعة لوحى ربهاعزوجل ، والمؤمنون ينامون على

__________________

(١) الكرى: السهر. والجمام. الراحة.

(٢) نهكته الحمى: هزلته وجهدته ونهكه: غلبه. وفي البحار «فيدمغه» بدل «فيدفعه» ويحتمل التصحيف.

١٧٨

يمينهم مستقبلين القبلة، والملوك وأبناءها على شمائلها ليستمر أو ما يأكلون(١) وإبليس وإخوانه وكل مجنون وذو عاهة ينامون على وجوههم منبطحين(٢) .

٣٨ ـ في كتاب الخصال عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قالت أم سليمان بن داودعليه‌السلام لسليمان: إياك وكثرة النوم بالليل فان كثرة النوم بالليل تدع الرجل فقيرا يوم القيامة.

٣٩ ـ عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: لعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثا: الاكل زاده وحده والراكب الفلاة وحده والنائم في بيت وحده.

٤٠ ـ فيما أوصى به النبي علياعليهما‌السلام : يا عليُّ ثلاث يتخوف منهن الجنون إلى قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : والرجل ينام وحده.

٤١ ـ فيما علم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه من الاربعمأة باب إذا نام أحدكم فليضع يده اليمنى تحت خده الأيمن، فانه لا يدرى أينتبه من رقدته أم لا. لا ينام الرجل على المحجنة(٣) لا ينام الرجل على وجهه، ومن رأيتموه نائما على وجهه فانتبهوه ولا تدعوه إذا أراد أحدكم النوم فليضع يده اليمنى تحت خده الأيمن وليقل: بسم الله وضعت جنبي لله على ملة إبراهيم ودين محمد وولاية من افترض طاعته، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن فمن قال ذلك حفظ من اللص المغير والهدم، واستغفرت له الملائكة، من قرأ قل هو الله أحد حين يأخذ مضجعه وكل اللهعزوجل به خمسين ألف ملك يحرسونه ليلته. فاذا أراد أحدكم النوم فلا يضعن جنبه على الأرض حتى يقول: أعيذ نفسي وديني وأهلى ومالي وخواتيم عملي وما رزقني ربي وخولني(٤) بعزة الله وعظمة الله وجبروت الله وسلطان الله ورحمة الله ورأفة الله وغفران الله وقوة الله وقدرة الله وجلال الله وبصنع الله وأركان الله وبجمع الله وبرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبقدرة الله على ما يشاء من شر السامة والهامة ومن

__________________

(١) استمرأ الطعام: استطابه وعده ووجده مريئا.

(٢) بطحه على وجهه أي ألقاه على وجهه فانبطح.

(٣) المحجنة: العصا المنعطفة الرأس.

(٤) خوله الله مالا: أعطاه إياه متفضلا وملكه إياه.

١٧٩

شر الجن والانس ومن شر ما يدب في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها، ومن كل دابة ربي آخذ بناصيتها، إنّ ربي على صراط مستقيم وهو على كل شيء قدير ولا حول ولا قوة إلّا بالله العليّ العظيم، فانّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يعوّذ بها الحسن والحسينعليهما‌السلام وبذلك أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذا انتبه أحدكم من نومه فليقل: لا إله إلّا الله الحليم الكريم الحي القيوم وهو على كل شيء قدير سبحان رب النبيين واله المرسلين وسبحان رب السموات السبع وما فيهن ورب الأرضين السبع وما فيهن ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين، وإذا جلس من نومه فليقل قبل أن يقوم: حسبي الله حسبي الرب من العباد، حسبي الذي هو حسبي مذ كنت، حسبي الله ونعم الوكيل.

٤٢ ـ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ثلاث خصال فيهن المقت من الله تعالى: نوم من غير سهر، وضحك من غير عجب، وأكل على الشبع.

٤٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ) قال: يعنى السماء والأرض هاهنا.

٤٤ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى حنان بن سدير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه: وقوم وصفوة بيدين فقالوا( يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ ) وقوم وصفوه بالرجلين فقالوا: وضع رجله على صخرة بيت المقدس فمنها ارتقى إلى السماء، ووصفوه بالأنامل فقالوا: إنّ محمدا قال: إنّي وجدت برد أنامله على قلبي، فلمثل هذه الصفات قال:( رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ) يقول: رب المثل الأعلى عما به مثلوه ولله المثل الأعلى الذي لا يشبهه شيء، ولا يوصف ولا يتوهم فذلك المثل الأعلى.

٤٥ ـ في عيون الأخبار باسناده إلى ياسر الخادم عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضاعليهما‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام : يا عليُّ أنت حجّة الله وأنت باب الله وأنت الطريق إلى الله، وأنت النبأ العظيم وأنت الصراط المستقيم، وأنت المثل الأعلى، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٦ ـ وفي عيون الأخبار أيضا في الزيارة الجامعة لجميع الائمةعليهم‌السلام

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

الوليد في فجائع بني حنيفة ومالك بن نويرة شيخها الصالح وزعيمها المبرور، وفضائحه من قتل الأبرياء والدخول على حليلة الموئود غيلةً وخدعة(١)

ويُعذَّر به إبن ملجم(٢) المرادي أشقى الآخرين بنصِّ الرّسول الأمينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ما انتهكه من حرمة الاسلام، وقتل خليفة الحقِّ وإمام الهدى في محراب طاعة الله الذي اكتنفته الفضائل والفواضل من شتّى نواحيه، واحتفَّت به النفسيّات الكريمة جمعاء، وقد قال فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما قاله من كثير طيّب عداه الحصر، وكبى عنه الإستقصاء، و هو قبل هذه كلّها نفس النبيِّ الطاهرة في الذكر الحكيم.

قال محمّد بن جرير الطبري في التهذيب: أهل السير لا تدافع عنهم انّ عليّاً أمر بقتل قاتله قصاصاً ونهى أن يمثل به، ولا خلاف بين أحد من الامَّة انَّ ابن ملجم قتل عليّاً متأوِّلاً مجتهداً مقدِّراً على انّه على صواب وفي ذلك يقول عمروا بن حطّان:

يا ضربةً من تقيّ ما أراد بها

إلّا ليبلغ من ذي العرش رضوانا

انّي اُفكّر فيه ثمّ أحسبه

أوفى البريّة عند الله ميزانا

سنن البيهقي ٨: ٥٨، ٥٩.

ويبرَّر به عمل أبي الغادية(٣) الفزاري قاتل عمّار الممدوح على لسان الله ولسان رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومن الصحيح الثابت قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له: تقتلك الفئة الباغية. وقد مرّ في ج ٩ ص ٢١ ويبرّأ به ساحة عمرو بن العاصي(٤) عن وصمة مكيدة التحكيم وقد خان فيها اُمَّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكسر شوكتها وقد قال مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه فيه وفي صاحبه - الشيخ المخرف:

ألا إنَّ هذين الرجلين اللذين اخترتموهما حكمين قد نبذا حكم القرآن وراء ظهورهما، وأحييا ما أمات القرآن، واتَّبع كلّ واحد منهما هواه، بغير هدى من الله، فحكما بغير حجّة بيّنة، ولا سنّة ماضية، واختلفا في حكمهما، وكلاهما لم يرشد، فبرئ الله

____________________

١ - راجع الجزء السابع ص ١٥٦ - ١٦٨ ط ١.

٢ - راجع الجزء الاول ص ٣٢٣ ط ٢.

٣ - راجع الجزء الخامس ص ٣٢٨ ط ٢.

٤ - راجع تاريخ ابن كثير ٧: ٢٨٣.

٣٤١

منهما ورسوله وصالح المؤمنين.

ويُحبَّذ به ما ارتكبه يزيد الطاغية(١) من البوائق والطامّات من استئصال شأفة النبوّة وقتل ذراريها، وسبي عقائلها، التى لم تُبق للباحث عن صحيفة حياته السوداء إلّا أن يلعنه ويتبرّأ منه.

ويقدَّس به أذيال المتقاعدين(٢) عن بيعة الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام على حين اجتماع شروط البيعة الواجبة له، فماتوا ميتة جاهليَّة ولم يعرفوا إمام زمانهم.

وينزَّه به السابقون الذين أوعزنا إلى سقطاتهم في الدين والشريعة في الجزء ٦، ٧، ٨، ٩ بأعذار عنهم لا تقلّ في الشناعة عن جرائرهم. إلى أمثال هذه ممّا لا يُحصى.

نعم: هناك موارد جمَّة ينبو عنها الإجتهاد، فلا يُصاخُ إلى مفعوله، لوقوف الميول والشهوات سدّاً دون ذلك، فلا يُدرء به التهمة عن المؤلِّبين على عثمان وهم عدول الصحابة ووجوه المهاجرين والأنصار، وأعيان المجتهدين، الذين أخذوا الكتاب والسنَّة من نفس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فهم عند ابن حزم المبرِّر لفتكة أشقى مراد باجتهاده المشوم: فسّاق ملعونون محاربون سافكون دماً حراماً عمداً(٣) وعند ابن تيميَّة: قومٌ خوارج مفسدون في الأرض، لم يقتله إلّا طائفةٌ قليلةٌ باغيةٌ ظالمةٌ، وأمّا السّاعون في قتله فكلّهم مخطئون بل ظالمون باغون معتدون(٤) وعند ابن كثير: أجلافٌ أخلاطٌ من الناس، لا شكّ انّهم من جملة المفسدين في الأرض، بغاةٌ خارجون على الإمام، جهلةٌ متعنّتون خونةٌ ظلمةٌ مفترون(٥) وعند ابن حجر: بغاةٌ كاذبون ملعونون معترضون لا فهم لهم بل ولا عقل(٦) .

ولو كان للاجتهاد منتوجٌ مقرّر فلِمَ لم يُتَّبع في إرجاء أمير المؤمنينعليه‌السلام أمر المتَّهمين بقتل عثمان إلى ما يراه من المصلحة فينتصب للقضاء فيه على ما يقتضيه الكتاب والسنّة

____________________

١ - راجع تاريخ ابن كثير ٨: ٢٢٣، ج ١٣: ١٠ فيه قول أبى الخير القزوينى: انه امام مجتهد.

٢ - راجع مستدرك الحاكم ج ٣: ١١٥ - ١١٨.

٣ - الفصل لابن حزم ٤: ١٦١.

٤ - منهاج السنة ٣: ١٨٩، ٢٠٦.

٥ - تاريخ ابن كثير ٧: ١٧٦، ١٨٦، ١٨٧.

٦ - الصواعق المحرقة ص ٦٧، ٦٨، ١٢٩.

٣٤٢

فشنَّت عليه الغارات يوم الجمل وفي واقعة صفّين وكان من ذيولها وقعة الحروريِّين، فلم يُتَّبع اجتهاد خليفة الوقت الذي هو باب مدينة علم النبيّ، وأقضى الامَّة بنصّ من الصّادق المصدَّق، لكنّما اتّبع اجتهاد عثمان في العفو عن عبيد الله بن عمر في قتله لهرمزان و بنت أبي لؤلؤة وإهدار ذلك الدم المحرّم من غير أيّ حجّة قاطعة أو برهنة صحيحة، فلو كان للخليفة مثل ذلك العفو فلِمَ لم يجرِ حكمه في الآوين إلى مولانا أمير المؤمنين من - المتجمهرين على عثمان؟ ولم يكن يومئذ من المقطوع به ما سوف يقضي به الإمام من حكمه الباتّ، أيُعطي دية المقتول من بيت المال لأنَّه أودي به بين جمهرة المسلمين لا يُعرف قاتله كما فعله في أربد الفزاري(١) أو أنَّه يراهم من المجتهدين « وكانوا كذلك » الّذين تأوَّلوا أصابوا أو أخطأوا، أو أنَّه كان يرى من صالح الخلافة واستقرار عروشها أن يرجىء أمرهم إلى ما وراء ما انتابه من المثلات، وما هنالك من إرجاف وتعكير يُقلقان السَّلام والوئام، حتّى يتمكّن من الحصول على تدعيم عرش إمرته الحقَّة المشروعة، فعلى أيّ من هذه الأقضية الصحيحة كان ينوء الإمامعليه‌السلام به فلا حرج عليه ولا تثريب، لكن سيف البغي الذي شهروه في وجهه أبى للقوم إلّا أن يتَّبع الحقّ أهوائهم، وماذا نقموا عليه صلوات الله عليه من تلكم المحتملات! حتّى يسوغ لهم إلقاح الحرب الزبون التي من جرّائها تطايرت الرؤس، وتساقطت الايدي، واُرهقت نفوسٌ بريئة، واُريقت دماءٌ محترمة، فبأيّ اجتهاد بادروا إلى الفرقة، وتحمّلوا أوزارها، ولم تتجلّ لهم حقيقة الأمر ولباب الحقِّ، لكنّهم ابتغوا الفتنة، وقلّبوا له الامور، ألا في الفتنة سقطوا.

ومن أعجب ما يُترائى من مفعول الإجتهاد في القرون الخالية: انّه يبيح سبَّ عليّ أمير المؤمنينعليه‌السلام وسبَّ كلِّ صحابيّ احتذى مثاله، ويجوِّز لأيِّ أحد كيف شاء وأراد لعنهم، والوقيعة فيهم، والنيل منهم، في خطب الصَّلوات، والجمعات، والجماعات، و على صهوات المنابر، والقنوت بها، والإعلان بذلك في الأندية والمجتمعات، والخلأ والملأ، ولا يلحق لفاعلها ذمٌّ ولا تبعةٌ، بل له أجرٌ واحد لاجتهاده خطأ، وإن كان هو من حثالة الناس، وسفلة الأعراب، وبقايا الأحزاب، البعداء عن العلوم والمعارف.

وأمّا عليٌّ وشيعته فلا حقَّ لهم في بيان ظلامتهم عند مناوئيهم، والوقيعة في خصمائهم،

____________________

١ - راجع كتاب صفين ص ١٠٦، شرح ابن ابى الحديد ١: ٢٧٩.

٣٤٣

ومبلغ إسفافهم إلى هوَّة الضلالة على حدِّ قوله تعالى:( لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ ) (١) وليس لأحدهم في الإجتهاد في ذلك كلِّه نصيبٌ، ولو كان ضليعاً في العلوم كلّها، فإن أحدٌ منهم نال من إنسان من اولئك الظالمين فمن الحقِّ ضربه وتأديبه، أو تعذيبه وإقصاءه، أو التنكيل به وقتله، ولا يأبه باجتهاده المؤدِّي إلى ذلك صواباً أو خطأ، وعلى هذا عمل القوم منذ أوّل يوم اُسس أساس الظلم والجور، وهلّم جرّأ حتى اليوم الحاضر راجع معاجم السيرة والتاريخ فانَّها نعم الحكم الفصل، وبين يديك كلمة ابن حجر في الصواعق ص ١٣٢ قال في لعن معاوية: وأمّا ما يستبيحه بعض المبتدعة من سبِّه ولعنه فله فيه اُسوةٌ، أي اسوةٌ بالشيخين وعثمان وأكثر الصحابة، فلا يُلتفت لذلك، ولا يُعوَّل عليه، فانَّه لم يصدر إلّا من قوم حمقى جهلاء أغبياء طغاة لا يبالي الله بهم في أيِّ وادٍ هلكوا، فلعنهم الله وخذ لهم، أقبح اللعنة والخذلان، وأقام على رؤسهم من سيوف اهل السنَّة، وفي حججهم المؤيَّدة بأوضح الدلائل والبرهان ما يقمعهم عن الخوض في تنقيص اولئك الأئمَّة الأعيان. انتهى.

أتعلم مَن لعن ابن حجر؟ وإلى مَن تتوجّه هذه القوارص؟ انظر إلى حديث لعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معاوية، وأحاديث لعن عليّ أمير المؤمنين، وقنوته بذلك في صلواته، و لعن ابن عبّاس وعمّار ومحمّد بن أبي بكر، ودعاء امّ المؤمنين عائشة عليه في دبر الصلاة، و آخرين من الصحابة، إقرأوا حكم.

الاجتهاد ماذا هو؟

وممّا يجب أن يبحث عنه في المقام هو أن يفهم معنى الاجتهاد الذي توسَّعوا فيه حتّى سُفكت الدماء من أجله واُبيحت، وغصبت الفروج وانتهكت المحارم، وغُيّرت الأحكام من جرّائه، وكاد أن يكون توسّعهم فيه أن يردَّ الشريعة بدءاً إلى عقب، ويفصم عروة الدين، ويقطع حبله.

ثمَّ لننظر هل فيه من الاستعداد والمـُنَّة لتبديل السنن المتّبعة التي لا تبديل لها؟ وهل هو من مِنَح الله سبحانه على رعاء الناس ودهمائهم، فيتقحّمونه كيف شاء لهم الهوى؟

____________________

١ - سورة النساء: ١٤٨.

٣٤٤

أو أنَّ له اصولاً متّبعة لا يعدوها المجتهد من كتاب وسنّة، أو تأوّل صحيح إن ماشينا القوم في إمضاء الاجتهاد تجاه النصِّ، أو انّه اتّسعت الفَسحة فيه واُطلق الصراح حتّى نزى إليه كلُّ إرنب، وثعلب، وتحرّاه كلُّ بوّال على عقبيه أو أعرابيٌّ جلفٌ جاف؟ أنا لا أكاد أن اُسوِّغ للعلماء القول بتصحيح مثل هذا الاجتهاد. وإنّما المتسالم عليه بينهم ما يلي:

قال الآمدي في [الإحكام في اصول الأحكام] ٤: ٢١٨: أمّا الاجتهاد، فهو في اللغة عبارةٌ عن استفراغ الوسع في تحقيق أمر من الامور مستلزم للكلفة والمشقّة، ولهذا يُقال: إجتهد فلانٌ في حمل حجر البزّارة، ولا يُقال: إجتهد في حمل خردلة.

وأمّا في اصطلاح الاصوليّين فمخصوصٌ باستفراغ الوسع في طلب الظنِّ بشيىء من الأحكام الشرعيّة على وجهٍ يُحسّ من النفس العجز عن المزيد فيه.

وأمّا المجتهد فكلُّ من اتّصف بصفة الاجتهاد، وله شرطان: الشرط الأوَّل: أن يعلم وجود الربِّ تعالى: وما يجب له من الصفات، ويستحقّه من الكمالات، وانّه واجب الوجود لذاته، حيٌّ، عالمٌ، قادرٌ، مريدٌ، متكلّم، حتى يتصوّر منه التكليف؟ وأن يكون مصدِّقاً بالرسول، وما جاء به من الشرع المنقول بما ظهر على يده من المعجزات، والآيات الباهرات، ليكون فيما يسنده اليه من الأحكام محقّقاً، ولا يشترط أن يكون عارفاً بدقائق علم الكلام، متبحّراً فيه كالمشاهير من المتكلِّمين، بل أن يكون مستند علمه في ذلك بالدليل المفصّل، بحيث يكون قادراً على تقريره وتحريره ودفع الشبَه عنه، كالجاري من عادة الفحول من أهل الاصول، بل أن يكون عالماً بأدلّة هذه الامور من جهة الجملة، لا من جهة التفصيل.

الشرط الثاني: أن يكون عالماً عارفاً بمدارك الأحكام الشرعيّة وأقسامها، وطرق إثباتها، ووجوه دلالاتها على مدلولاتها، واختلاف مراتبها، والشروط المعتبرة فيها، على ما بيّناه، وأن يعرف جهات ترجيحها عند تعارضها، وكيفيّة استثمار الأحكام منها قادراً على تحريرها وتقريرها، والإنفصال عن الإعتراضات الواردة عليها، وإنّما يتمُّ ذلك بأن يكون عارفاً بالرُّواة وطرق الجرح والتعديل، والصحيح والسقيم، كأحمد بن حنبل ويحيى بن معين، وأن يكون عارفاً بأسباب النزول، والناسخ والمنسوخ في النّصوص الأحكاميّة، عالماً باللغة والنحو، ولا يشترط أن يكون في اللّغة كالأصمعي، وفي النحو

٣٤٥

كسيبويهوالخليل ، بل أن يكون قد حصل من ذلك على ما يُعرف به أوضاع العرب والجاري من عاداتهم في المخاطبات، بحيث يميز بين دلالات الألفاظ من المطابقة، والتضمين، والإلتزام، والمفرد والمركب، والكليّ منها والجزئيّ، والحقيقة والمجاز، والتواطئ والإشتراك، والترادف والتباين، والنصّ والظاهر، والعامّ والخاصّ، والمطلق والمقيَّد، والمنطوق والمفهوم، والإقتضاء والإشارة، والتنبيه والايماء، ونحو ذلك ممّا فصَّلناه. ويتوقّف عليه استثمار الحكم من دليله.

وذلك كلّه أيضاً إنّما يُشترط في حقّ المجتهد المطلق المتصدّي للحكم والفتوى في جميع مسائل الفقه، وأمّا الإجتهاد في حكم بعض المسائل، فيكفي فيه أن يكون عارفاً بما يتعلّق بتلك المسألة، وما لا بدَّ منه فيها، ولا يضرُّه في ذلك جهله بما لا تعلّق له بها، ممّا يتعلّق بباقي المسائل الفقهيّة، كما انّ المجتهد المطلق قد يكون مجتهداً في المسائل المتكثّرة، بالغاً رتبة الإجتهاد فيها، وإن كان جاهلاً ببعض المسائل الخارجة عنها، فإنّه ليس من شرط المفتي أن يكون عالماً بجميع أحكام المسائل ومداركها، فإنّ ذلك ممّا لا يدخل تحت وسع البشر، ولهذا نُقل عن مالك انّه سُئل عن أربعين مسألة، فقال في ستّ وثلاثين منها، لا أدري.

وأمّا ما فيه الإجتهاد: فما كان من الأحكام الشرعيّة دليله ظنّياً. فقولنا « من الأحكام الشرعيّة » تمييز له عمّا كان من القضايا العقليّة واللّغويّة وغيرها. وقولنا « دليله ظنيّاً » تمييز له عمّا كان دليله منها قطعيّاً، كالعبادات الخمس ونحوها، فإنّها ليست محلًّا للاجتهاد فيها، لأنّ المخطىء فيها يُعدُّ آثماً، والمسائل الاجتهاديّة ما لا يُعدُّ المخطىء فيها باجتهاده آثماً. اهـ.

وقال الشاطبي في الموافقات ٤: ٨٩ ما ملخّصه: الاجتهاد على ضربين: الأوّل: الاجتهاد المتعلّق بتحقيق المناط، وهو الذي لا خلاف بين الاُمّة في قبوله، ومعناه أن يثبت الحكم بمدركه الشرعيِّ لكن يبقى النظر في تعيين محلّه.

فلا بدَّ من هذه الإجتهاد في كلِّ زمان، إذ لا يمكن حصول التكليف إلّا به، فلو فرض التكليف مع إمكان ارتفاع هذا الاجتهاد لكان تكليفاً بالمحال، وهو غَير ممكن شرعاً، كما انّه غير ممكن عقلاً.

٣٤٦

وأمّا الضرب الثاني: وهو الاجتهاد الذي يمكن أن ينقطع فثلاثة أنواع: أحدها المسمّى بتنقيح المناط، وذلك أن يكون الوصف المعتبر في الحكم مذكوراً مع غيره في النصِّ فينقَّح بالاجتهاد حتى يميّز ما هو معتبرٌ ممّا هو ملغى.

الثّاني المسمّى بتخريج المناط، وهو راجعٌ إلى أنَّ النصَّ الدالّ على الحكم لم يتعرّض للمناط، فكأنّه اُخرج بالبحث، وهو الإجتهاد القياسي.

الثالث: وهو نوعٌ من تحقيق المناط المتقدّم الذكر لأنّه ضربان: أحدهما ما يرجع إلى الأنواع لا إلى الأشخاص، كتعيّن نوع المثل في جزاء الصيد، ونوع الرقبة في العتق في الكفّارات وما أشبه ذلك. والضرب الثاني: ما يرجع إلى تحقيق مناط فيما تحقّق مناط حكمه، فكأنَّ المناط على قسمين: تحقيق عامّ، وهو ما ذكر. وتحقيق خاصّ من ذلك العامّ.

إنّما تحصل درجة الإجتهاد لمن اتُّصف بوصفين: أحدهما فهم مقاصد الشَّريعة على كمالها. والثاني: التمكّن من الاستنباط بناء على فهمه فيها.

أمّا الأوّل فقد مرَّ في كتاب المقاصد أنّ الشريعة مبنيَّةٌ على اعتبار المصالح، وأنَّ المصالح إنّما اعتبرت من حيث وضعها الشّارع كذلك، لا من حيث إدراك المكلّف إذ المصالح تختلف عند ذلك بالنسب والإضافات، واستقرَّ بالإستقراء التامّ انّ المصالح على ثلاث مراتب، فإذا بلغ الانسان مبلغاً فهم عن الشارع فيه قصده في كلِّ مسألة من مسائل الشريعة، وفي كلِّ باب من أبوابها، فقد حصل له وصفٌ هو السبب في تنزّله منزلة الخليفة للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في التعليم والفتيا والحكم بما أراه الله.

وأمّا الثاني: فهو كالخادم للأوّل، فانّ التمكّن من ذلك إنّما هو بواسطة معارف محتاج إليها في فهم الشريعة أوّلاً، ومن هنا كان خادماً للأوَّل، وفي استنباط الأحكام ثانياً، لكن لا تظهر ثمرة الفهم إلّا في الاستنباط. فلذلك جعل شرطاً ثانياً، وإنَّما كان الأوّل هو السبب في بلوغ هذه المرتبة لأنّه المقصود والثاني وسيلة.

هذا هو الإجتهاد عند الاُصوليِّين وأمّا الفقهاء فهو عندهم مرتبةٌ راقيةٌ من الفقه يقتدر بها الفقيه على ردَّ الفرع إلى الأصل، واستنباطه منه، والتمكّن من دفع ما يعترض المقام من نقدٍ وردّ، وإبرامٍ ونقض، وشُبهٍ وأوهام.

٣٤٧

قال الآمدي في الإحكام ١: ٧: ألفقه في عرف المتشرّعين مخصوصٌ بالعلم الحاصل بجملة من الأحكام الشرعيّة الفروعيَّة بالنظر والاستدلال.

وقال ابن نجيم في البحر الرائق ١: ٣: الفقه اصطلاحاً على ما ذكره النسفي في شرح المنار تبعاً للاصوليِّين: العلم بالأحكام الشرعيَّة العمليَّة المكتسبة من أدلَّتها التفصيليَّة بالإستدلال.

وفي الحاوي القدسي: اعلم أنَّ معنى الفقه في اللغة الوقوف والإطلاع، وفي الشريعة الوقوف الخاصّ وهو الوقوف على معاني النصوص واشاراتها، ودلالاتها، ومضمراتها، و مقتضياتها، والفقيه اسمٌ للواقف عليها.

وقال: الفقه قوَّة تصحيح المنقول، وترجيح المعقول، فالحاصل: انَّ الفقه في الاصول علم الأحكام من دلائلها، فليس الفقيه إلّا المجتهد عندهم.

وأمّا إستمداده فمن الاصول الأربعة: الكتاب، والسنّة، والاجماع، والقياس المستنبط من هذه الثلاثة، وأمّا شريعة مَن قبلنا فتابعة للكتاب، وأمّا أقوال الصحابة فتابعةٌ للسنَّة، وامّا تعامل الناس فتابعٌ للاجماع، وأمّا التحرّي واستصحاب الحال فتابعان للقياس، وأمّا غايته فالفوز بسعادة الدارين.

وقال ابن عابدين في حاشية البحر ١: ٣: في تحرير الدلالات السمعيَّة لعليِّ بن محمد بن أحمد بن مسعود نقلاً عن التنقيح: الفقه لغة هو الفهم والعلم، وفي الإصطلاح هو العلم بالأحكام الشرعيَّة العمليَّة بالاستدلال.

وقال ابن قاسم الغزّي في الشرح ١: ١٨: الفقه هو لغةً الفهم، واصطلاحاً العلم بالأحكام الشرعيَّة العمليَّة المكتسب من أدلَّتها التفصيليّة.

وقال ابن رشد في مقدّمة المدوَّنة الكبرى ص ٨: فصلٌ في الطريق إلى معرفة أحكام الشرائع، وأحكام شرائع الدين تدرك من أربعة أوجه: أحدها كتاب الله عزّ وجلَّ الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيلٌ من حكيم حميد. والثاني: سنّة نبيّهعليه‌السلام الذي قرن الله طاعته بطاعته، وأمرنا باتّباع سنّته فقال عزَّ وجلَّ: وأطيعوا الله والرّسول. وقال: من يطع الرّسول فقد أطاع الله. وقال: وما آتاكم الرَّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا. وقال: واذكرن ما يُتلى في بيوتكنَّ. من آيات الله والحكمة. والحكمة

٣٤٨

السنّة. وقال: لقد كان لكم في رسول الله اُسوةٌ حسنةٌ. والثالث: الاجماع الذي دلَّ تعالى على صحّته بقوله: ومن يشاقق الرَّسول من بعد ما تبيّن له الهدى ويتّبع غير سبيل المؤمنين فولّه ما تولّى ونصله جهنَّم وساءت مصيراً. لأنّه عزَّ وجلَّ توعّد باتِّباع غير سبيل المؤمنين، فكان ذلك أمراً واجباً باتِّباع سبيلهم، وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا تجتمع اُمّتي على ضلالة. والرّابع الاستنباط وهو القياس على هذه الاُصول والثلاثة التي هي الكتاب والسنَّة والاجماع، لأنَّ الله تعالى جعل المستنبط من ذلك علماً، وأوجب الحكم به فرضاً، فقال عزَّ وجلَّ: ولو ردّوه إلى الرَّسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم وقال عزَّ وجلَّ: إنّا أنزلنا إليك الكتاب بالحقِّ لتحكم بين الناس بما أراك الله. أي بما أراك فيه من الاستنباط والقياس، لأنَّ الذي أراه فيه من الاستنباط والقياس هو ممّا أنزل الله عليه وأمره بالحكم به حيث يقول: وأن احكم بينهم بما أنزل الله.

نظرة فى اجتهاد معاوية

هاهنا حقَّ علينا أن نميط الستر عن اجتهاد معاوية، ونناقش القائلين به في أعماله، أفهل كانت على شيىء من النواميس الأربعة: الكتاب. السنّة. الاجماع. القياس؟ أو هَل علم معاوية علم الكتاب؟ وعند مَن درسه؟ ومتى زاوله؟ وقد كان عهده به منذ عامين(١) قبل وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهل كان يميِّز بين محكماته ومتشابهاته؟ أو يفرِّق بين مجمله ومبيّنه؟ أو يمكنه الحكم في عمومه وخصوصه؟ أو أحاط خبراً بمطلقه ومقيّده؟ أو عرف شيئاً من ناسخه ومنسوخه، إلى غير هذه من أضراب الآي الكريمة، ومزايا المصحف الشريف الداخل علمها في استنباط الأحكام منه؟!.

إنَّ ظروف معاوية على عهد استسلامه لا يسع شيئاً من ذلك، على حين انّها تستدعي فراغاً كثيراً لا يتصرَّم بالسنين الطوال فكيف بهذه الاُويقات اليسيرة التي تُلهيه في أكثرها الهواجس والأفكار المتضاربة من نواميس دينه القديم « الوثنيّة » وقد أتى عليها ما انتحله من الدين الجديد « الاسلام » فأذهب عنه هاتيك، ولم يجىء بعدُ هذا على وجهه بحيث يرتكز في مخيّلته، ويتبوَّأ في دماغه.

____________________

١ - هو وأبوه وأخوه من مسلمة سنة الفتح كما فى الاستيعاب، وكان ذلك فى اخريات السنة الثامن الهجرة، ووفاة النبي صلى‌ الله ‌عليه ‌و آله‌ في اوليات سنة ١١.

٣٤٩

وكان قد سبقه جماعة إلى الاسلام وكتابه، وهم بين حِكمَ النبيِّ ومحكماته وإفاضاته وتعاليمه، وهم لا يُبارحون مُنتديات النبوَّة وهتافها بالتنزيل والتأويل الصحيح الثابت، قضوا على ذلك أعواماً متعاقبة ومُدداً كثيرة فلم يتسنَّ لهم الحصول على أكثر تلكم المبادي وانكفؤا عنها صفر الأكفّ، خاوين الوطاب، انظر إلى ذلك الذي حفظ سورة البقرة في اثنى عشرة سنة، حتّى إذا تمكّن من الحفظ بعد ذلك الأجل المذكور نحر جزوراً شكراً على ما اُتيح له من تلك النعمة بعد جهود جبّارة، والله يعلم ما عاناه طيلة تلكم المدَّة من عناء ومشقَّة، وهذا الرجل ثان الاُمّة عند القوم في العلم والفضيلة، وكان من علمه بالكتاب انّه لم يعِ تنصيصه على موت النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلمّا سمع قوله تعالى:( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ ) . ألقى السيف من يده، وسكنت فورته، وأيقن بوفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كمن لم يقرأ الآية الكريمة إلى حينه، وإن تقس موارد علمه بالكتاب ونصوصه قضيتَ منها العجب، وأعيتك الفكرة في مبلغ فهمه، وماذا الذي كان يُلهيه عن الخُبرة باصول الاسلام وكتابه؟ ولئن راجعت فيما يؤل إلى هذا الموقف (الجزء السادس) من هذا الكتاب رأيت العجب العجاب.

وليس من البعيد عنه أوّل رجل في الإسلام عند القوم الذي بلغ من القصور والجهل بالمبادي والخواتيم والأشكال والنتايج حدّاً لا يقصر عنه غمار الناس والعاديِّين منهم الذين أشرقت عليهم أنوار النبوَّة منذ بذوغها، ولعلّك تجد في الجزء السابع من هذا الكتاب ما يلمسك باليد يسيراً من هذه الحقايق.

وأنت إذن في غنىً عن استحفاء أخبار كثير من اولئك الأوَّلين الذين لا تعزب عنك أنبائهم في الفقه والحديث والكتاب والسنّة، فكيف بمثل معاوية الملتحق بالمسلمين في اُخريات أيّامهم؟ وكانت تربيته في بيت حافل بالوثنيّة، متهالك في الظلم والعدوان، متفانٍ في عادات الجاهليّة، ترفُّ عليه رايات العهارة وأعلام البغاء، وإذا قرع سمع أحدهم دعاءٌ إلى وحي أو هتافٌ بتنزيل جعل إصبعه في اُذنه، وراعته من ذلك خاطرةٌ جديدة لم يكن يتهجّس بها منذ آباءه الأوَّلين.

نعم: المعروفون بعلم الكتاب على عهد الصّحابة اناسٌ معلومون، وكانوا مراجع الامّة في مشكلات القرآن ومغازيه وتنزيله وتأويله كعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن - العبّاس، واُبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت.

٣٥٠

وأمّا مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام فهو عِدل القرآن والعالم بأسراره وغوامضه، كما أنَّ عنده العلم الصحيح بكلِّ مشكلة، والحكم الباتّ عند كلّ قضيّة، والجواب الناجع عند كلِّ عويصة، وقد صحَّ عند الامّة جمعاء قوله الصادق المصدَّق صلوات الله عليه: سلوني قبل أن لا تسألوني، لا تسألوني عن آية في كتاب الله ولا سنّة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلّا أنبأتكم بذلك. راجع الجزء السادس ص ١٩٣ ط ٢.

السنّة.

وماذا تحسب أن يكون نصيب معاوية من علم الحديث الذي هو سنَّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قوله وفعله وتقريره؟ لقد عرَّفنا موقفه منها قوله هو فيما أخرجه أحمد في مسنده ٤: ٩٩ من طريق عبد الله بن عامر قال: سمعت معاوية يحدِّث وهو يقول: إيّاكم وأحاديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلّا حديثاً كان على عهد عمر. لماذا هذا التحذير عن الأحاديث بعد أيّام عمر؟ ألأنّ الإفتعال والوضع كثرا بعده؟ أم لأنَّ الصحابة العدول الموثوق بهم على عهد عمر وما قبله منذ تصرّم العهد النبوي سُلبت عنهم الثقة بعد خلافة عمر؟ فكأنّهم ارتدّوا - العياذ بالله - بعده كذّابين وضّاعين، ولازمه الطعن في أكثر الأحاديث وعدم الاعتداد بمدارك الأحكام، لأنَّ شيئاً كثيراً منها انتشر بعد ذلك الأجل، وما كانت الدواعي والحاجة تستدعيان روايتها قبل ذلك، على أنَّ الجهل بتاريخ إخراجها، هل هو في أيّام عمر أو بعدها؟ يوجب سقوطها عن الإعتبار لعدم الثقة برواتها وروايتها؟ ولم تكن الرواة تُسجّل تاريخ ما يروونه حتّى يُعلم أنَّ أيّاً منها محُاطٌ بسياج الثقة، وأيّاً منها منبوذٌ وراء سورها.

وما خصوصيّة عهد عمر في قبول الرِّواية ورفضها؟ ألأنّ الحقايق تمحَّضت فيه؟ ومن ذا الذي محّضها، ام لأنّ التمحيص أفرد فيه الصحيح من السقيم؟ ومن ذا الذي فعل ذلك؟ أم أنَّ يد الأمانة قبضت على السنّة عندئذ، وعضّتها بالنواجذ حرصاً عليها، فلم يبق إلّا لبابها المحض؟ فمتى وقعت تلكم البدع والتافهات؟ ومتى بدِّلت السنن؟ ومتى غيّرت الأحكام؟ راجع الجزء السّادس وهلّم جرّاً.

ولعلَّ قول معاوية هذا في سنّة الرَّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كافٍ في قلّة اعتداده بها، أو أنّه كان ينظر إليها نظر مستخفّ بها، وكان يستهين بقائلها مرَّة، ويضرط لها إذا سمعها مرَّة

٣٥١

اُخرى، وينال من رواتها بقوارص طوراً، وينهى راويها عن الرواية بلسان بذيّ بكلّ شدَّة وحدَّة، إلى أشياء من مظاهر الهزء والسخريّة(١) فما ظنّك بمن هذا شأنه مع - السنّة الشريفة؟ فهل تُذعن له انّه يعبأ بها ويحتجُّ بها في موارد الحاجة، ويأخذها مدركاً عند عمله؟ أو ينبذها وراء ظهره؟ كما فعل ذلك في موارده ومصادره كلّها.

وإنَّ حداثة عهد معاوية بالاسلام وأخذه بالرِّوايات بعد كلِّ ما قدَّمناه، وما كان يُلهيه عن الإصاغة إليها طيلة أيّامه من كتابة وامارة وملوكيّة، وانَّ حياته في دور الإسلام كلّها كانت مستوعبة بظروب السياسة وإدارة شئون الملك والنزاع والمخاصمة دونه، فمتى كان يتفرَّغ لأخذ الرِّوايات وتعلّم السنن؟ ثمَّ من ذا الذي أخذ عنه السنّة؟ والصحابة جلّهم في منتأىً عن مبائته « الشام » ولم يكن معه إلّا طليقاً أعرابيّاً، أو يمانيّاً مستدرجاً، وهو يسيىء ظنّه بجملة الصحابة المدنيِّين حملة الأحكام ونقلة الأحاديث النبويّة ويقول بملأ فمه: إنّما كان الحجازيّون هم الحكاّم على الناس والحقُّ فيهم، فلمّا فارقوه كان الحكاّم على الناس أهل الشام(٢) وعلى أثر ظنّه السيِّئ وقوله الآثم كان يمنع هو وأمراءه عن الحديث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما يظهر ممّا أخرجه الحاكم في المستدرك ٤: ٤٨٦ من قول عبد الله بن عمرو بن العاص لمـّا قاله نوف: أنت احقُّ بالحديث منّي أنت صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنَّ هؤلاء قد منعونا عن الحديث يعني الاُمراء. وجاء في حديث: انَّ معاوية أرسل إلى عبد الله بن عمر فقال: لئن بلغني إنّك تحدِّث لأضربنَّ عنقك(٣) .

وعلى ذلك الظنّ أهدر دماء بقيّة السلف الصالح، وبعث بسر بن أرطاة إلى المدينة الطيِّبة فشنَّ الغارة على أهلها، فقتل نفوساً بريئة، وأراق دماء زكيَّة، واقتصَّ أثره من بعده جروه يزيد في واقعة الحرَّة، ومن يشابه أبه فما ظلم.

نظرة فى أحاديث معاوية

إنَّ لنا حقّ النظر في شتّى مناحي رواياته، لقد أخرج عنه أحمد في مسنده في الجزء الرابع ص ٩١ - ١٠٢ مائة وستّة أحاديث وفيها من المكرَّر.

____________________

١ - راجع تفصيل كل هذه فيما اسلفناه فى هذا الجزء ص ٢٨١ - ٢٨٤.

٢ - راجع صفحة ٣١٩ من هذا الجزء.

٣ - كتاب صفين لابن مزاحم ص ٢٤٨.

_٢٢_

٣٥٢

١ - حديث إذا أراد الله بعبده خيراً يفقّهه في الدِّين. كرَّره ست عشر مرَّة في ص ٩٢، ٩٢، ٩٣، ٩٣، ٩٣، ٩٣، ٩٣، ٩٥، ٩٦، ٩٦، ٩٧، ٩٨، ٩٨، ٩٩، ١٠١، ١٠١.

٢ - حديث تقصير شعر النبيّ بمشقص مكرَّرٌ عشر مرَّات في ص ٩٢، ٩٥، ٩٦، ٩٧، ٩٧، ٩٧، ٩٧، ٩٨، ١٠٢، ١٠٢.

٣ - حديث حكاية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الأذان كرَّره سبع مرّات في ص ٩١، ٩٢، ٩٣، ٩٨، ٩٨، ١٠٠، ١٠٠.

٤ - حديث عقوبة شرب الخمر مكرَّرٌ خمس مرَّات في ص ٩٣، ٩٥، ٩٦، ٩٧ ١٠١.

٥ - حديث وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبي بكر وعمر جاء في ص ٩٦، ٩٧، ٩٧، ١٠٠.

٦ - حديث كبَّة الشعر يوجد في ص ٩١، ٩٤، ٩٥، ١٠١.

٧ - حديث مناشدته عن أحاديث جاء في ص ٩٢، ٩٥، ٩٦، ٩٩.

٨ - حديث صوم عاشوراء في ص ٩٥، ٩٦، ٩٧.

٩ - حديث حبّ الأنصار يوجد في ص ٩٦، ١٠٠، ١٠٠.

١٠ - حديث من أحبّ أن يمثَّل له قياماً في ص ٩١، ٩٣، ١٠٠.

١١ - حديث النهي عن لبس الذهب والحرير يوجد في ص ٩٦، ١٠٠، ١٠١.

١٢ - حديث منقبة المؤذّنين في ص ٩٥، ٩٨.

١٣ - حديث إنّما أنا خازن ص ٩٩، ١٠٠.

١٤ - حديث العمرى جائزة ص ٩٧، ٩٩.

١٥ - حديث سجدة السَّهو لكلّ منسيّ ص ١٠٠، ١٠٠.

١٦ - حديث التبعيّة في الرُّكوع والسجود ص ٩٢، ٩٨.

١٧ - حديث النهي عن ركوب الخزِّ والنمار ص ٩٣، ٩٣.

فالباقي من أحاديثه من غير تكرير سبعة وأربعون حديثاً، وهل تسدّ هي فراغ الإستنباط في أحكام الدين لأيِّ مجتهد؟ مع أنَّ فيها ما ليس من الأحكام مثل رواية انَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبا بكر وعمر توفّي كلُّ منهم وهو ابن ثلاث وستين، وقوله: رأيت

٣٥٣

النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يمصُّ لسان الحسن. إلى أمثال ذلك.

ولقد آن لنا أن ننظر نظرةً اُخرى في غير واحد من متون أحاديثه فمنها:

١ - انَّ معاوية دخل على عائشة فقالت له: أما خفت أن أقعد لك رجلاً يقتلك؟ فقال: ما كنت لتفعليه وأنا في بيت أمان، وقد سمعت النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول. يعني: الايمان قيد الفتك. كيف أنا في الذي بيني وبينك وفي حوائجك؟ قالت: صالح قال: فدعينا وإيّاهم حتّى نلقى ربَّنا عزَّ وجلَّ. مسند أحمد ٤: ٩٢.

قال الأميني: إنّه ينمُّ عن انَّ امَّ المؤمنين كانت تستبيح دم الرَّجل بما ارتكبه من - الجرائم والمآثم، وسفك دماء زكيّة، ونفوس مُزهقة بريئة، حتّى انّها كانت ترى من المعقول السائغ أن تُقعد له رجلاً فيقتله، فأقنعها بأنَّه في بيت أمان، وداخل في ذمَّتها، وأنَّ ما بينه وبينها صالح، وأرجئ الموافاة للجزاء إلى يوم التلاقي بينه وبين الناس.

ويُستشفّ من هذه انّه لم يكن عند معاوية درأ لِما كانت امّ المؤمنين تنقمه عليه، وإلّا لكان للرجل أن يتشبَّث به في تبرير أعماله وتبرأة نفسه دون التافهات.

وإن تعجب فعجبٌ إقتناع امّ المؤمنين من معاوية بأنَّ بينه وبينها صالح، وإن لم يكن صالحاً بينه وبين الله، ولا صالحاً بينه وبينها لأنَّه قاتلُ أخيها « محمّد بن أبي بكر » وكان على عنق معاوية ذلك الدم الطاهر، وإن غضّت الطرف عنه اُختها لأنَّ بينه وبينها صالح، كما انّها غضت الطرف عن دم حُجر وأصحابه وهو من موبقات إبن آكلة الأكباد وطالما نقمت عليه ذلك وكانت توبّخه، لكن برّره ذلك الصالح بينهما بلا عقل ولا قود، وأمّا دم عثمان فما غضَّت عنه امّ المؤمنين مهما لم يكن بينهما وبين عليّعليه‌السلام صالح، وهل يحتجّ معاوية يوم القيامة في موقف العدل الإلهيِّ متى خاصمه محمّد وحُجر وأصحابه و آلاف من الصلحاء الأبرار ممّن سفك دمائهم بأنَّ بينه وبين عائشة صالح؟ وهل يفيده هذا الحجاج؟ أنا لا أدري.

أما كان لعائشة أن تفحم الرَّجل بأنّ الايمان لو كان قيد الفتك « وهو قيد الفتك » فلماذا لم يقيّده؟ وقد فتك بآلاف من وجوه المؤمنين، وأعيان الاُمّة المسلمة، ولم يأمن من فتكه أهل حرم أمن الله « مكّة » ولا مجاورو بيت أمانه « المدينة » ولعلَّ امّ المؤمنين كانت تنظر إلى إيمان الرّجل من وراء ستر رقيق ولم تجده ايماناً مستقرّاً - إن لم نقل

٣٥٤

انّها وجدته مستودعا - يقيّد صاحبه، ويسلم المسلمون بذلك من يده ولسانه، وقد صحَّ عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم(١) .

٢ - عن عباد بن عبد الله بن الزبير قال: لمـّا قدم علينا معاوية حاجّاً، قدمنا معه مكّة فصلّى بنا الظهر ركعتين، ثمَّ انصرف إلى دار الندوة، وكان عثمان حين أتمَّ الصَّلاة إذا قدم مكّة صلّى بها الظهر والعصر والعشاء الآخرة أربعاً أربعا، فإذا خرج إلى منى وعرفات قصَّر الصَّلاة، فإذا فرغ من الحجِّ وأقام بمنى أتمَّ الصَّلاة حتى يخرج من مكّة، فلمّا صلّى بنا الظهر ركعتين نهض إليه مروان بن الحكم وعمرو بن عثمان فقالا له: ما عاب أحدٌ ابن عمِّك بأقبح ما عبته به، فقال لهما: وما ذاك؟ قال: فقالا له: ألم تعلم أنّه أتمَّ الصلاة بمكّة؟ فقال لهما: ويحكما وهل كان غير ما صنعت؟ قد صلّيتهما مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، قالا: فإنَّ إبن عمّك قد كان أتمّها، وإنّ خلافك إيّاه له عيب، قال: فخرج معاوية إلى العصر فصلّاها بنا أربعاً. مسند أحمد ٤: ٩٤.

قال الأميني: أنا لا أدري انَّ الشائنة ها هنا تعود إلى فقه معاوية؟ أم إلى دينه؟ حيث يتعمَّد الإتمام حيثما قصَّر فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واتّخذته الامَّة سنَّة متَّبعة وفيهم أبو بكر وعمر، وقد صحَّ عن عبد الله مرفوعاً: الصّلاة في السفر ركعتان من خالف السنّة فقد كفر. لكن الرَّجل خالف الجميع، وجابه حكم الرَّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نزولاً منه إلى رغبة مروان الطريد بن الطريد، وعمرو بن عثمان؟ صوناً لسمعة ابن عمّه عثمان مبتدع هذه الاُحدوثة فإن كان هذا فقه الرجل في الحديث؟ فمرحاً بالفقاهة، أو أنَّ ذلك مبلغه من الدين؟ فبعداً له في موقف الديانة.

راجع الجزء الثامن ص ١٠٠ - ١٢٢، ٢٦٩ ط ١.

٣ - عن الهنائي قال: كنت في ملأ من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند معاوية، فقال معاوية: انشدكم الله أتعلمون أنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن لبس الحرير؟ قالوا: أللهمَّ نعم.

إلى أن قال:

____________________

١ - أخرجهما البخارى ومسلم وأحمد والترمذى والنسائى وابن حبان والطبرانى وابن داود. راجع فيض القدير ١: ٢٧٠.

٣٥٥

قال: انشدكم الله تعالى أتعلمون أنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن الجمع بين حجّ و عمرة؟ قالوا: أمّا هذا فلا؟ قال: أما انَّها معهنَّ.

وفي لفظ:

قال: وتعلمون أنّه نهى عن المتعة - يعني متعة الحجِّ - قالوا: ألّلهم لا.

راجع المسند ٤ ص ٩٢، ٩٥، ٩٩.

قال الأميني: هذا معطوفٌ على ما قبله، فإنَّ حرص الرَّجل على إحياء البدع تجاه السنَّة النبويّة الثابتة، أوقفه هاهنا موقف المكابر المعاند، فقد أسلفنا في الجزء السادس ص ١٨٤ - ١٩١، ٢٠٠ - ٢٠٦: إنَّ متعة الحجِّ نزل بها القرآن الكريم ولم ينسخ حتى قضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نحبه، وكان عليها العمل أيّام أبي بكر وصدراً من أيّام عمر حتى منع عنها. وعليه فاقتصاص معاوية أثر ذلك المحرِّم « بالكسر » يجلب الطعن إمّا في فقهه هو وجهله بالسنَّة، أو في دينه، والجمع أولى، والثَّاني أقرب إليه.

٤ - من طريق حمران يحدَّث عن معاوية قال: إنّكم لتصلّون صلاة لقد صحبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فما رأيناه يصلّيها، ولقد نهى عنهما، يعني الركعتين بعد العصر. ج ٤: ٩٩، ١٠٠.

قال الأميني: عرفت - في الجزء السادس ص ١٧٠ - ١٧٣ - انَّ الصَّلاة بعد العصر كانت مطّردة على العهد النبويِّ يُصلّيها هوصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يكن يدعهما سرّاّ ولا علانية، وما تركهما حتّى لقي الله تعالى، وصلّاهما أصحابه إلى أن منع عنها عمر، واحتجّت الصحابة عليه بأنّها سنَّة ثابتة، ولا تبديل لسنَّة الله، غير أنَّ الرجل لم يصخ إلى قولهم، وطفق يمضي وراء اُحدوثته، وجاء معاوية وقد زاد في الطنبور نغمة، وعزى إلى رسول الله النّهي عنهما، وهل هذا مقتضى جهله بالسنّة؟ أو مبلغه من الفقه والدين؟ فاسمع القول، واقض بالحقِّ لك أو عليك.

٥ - من عدَّة طرق عن معاوية مرفوعاً: من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فان عاد فاجلدوه، فإن عاد الرابعة فاقتلوه.

أخرجه في ج ٤: ٩٣، ٩٥، ٩٦، ٩٧، ١٠١.

٣٥٦

قال الأميني: إنِّي واقف هاهنا موقف التحيُّر، ولا أدري هل كان معاوية عاملاً بمفاد هذا الحديث يوماً من أيّامه اُبّان خلافته وإمارته وقبلهما؟ أو كان يناقضه كمناقضته بكثير من الأحكام؟ ولإن كان خاضعاً لما فيه من الحكم الباتِّ لَما حُملت إليه روايا الخمر قطاراً، وَلما حملها إليه حماره الذي كان يصاحبه، ولا ادَّخرها في حجرته، ولا اتّخذ متجراً لبيعها، ولا شربها هو، ولا يعربد بشعره فيما وهو سكران، ولا قدَّمها إلى وفوده، ولا استخلف جروه السكّير بمرئى منه ومسمع، ولا أضاع حدَّ الله على مَن يشربها وينتشي بها، وحديث معاوية هذا مع جودة سنده واخراج مثل أحمد والترمذي وأبي داود إيّاه لم يأخذ به وبمفاده أحدٌ من أئمّة الفقه وضربوا عنه صفحاً لتفرّد معاوية بروايته وهو لا يؤتمن على حديثه. هذا موقفه مع السنّة التي اتّخذها هو عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على قلّتها، فما ظنّك بالكثير الذي لم يبلغه منها.

٦ - عن أبي إدريس قال: سمعت معاوية وكان قليل الحديث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يقول: كلُّ ذنب عسى الله أن يغفره إلّا الرَّجل يموت كافراً أو الرَّجل يقتل مؤمناً متعمّداً. المسند ٤: ٩٩.

وقد جاء كما يأتي في الجزء الحادي عشر من كتاب له كتبه إلى عليّ أمير المؤمنينعليه‌السلام : وإنِّي سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: لو تمالأ أهل صنعاء وعدن على قتل رجل و احد من المسلمين لأكبّهم الله على مناخرهم في النار.

قال الأميني: هل هذان الحديثان اللّذان رواهما معاوية حجّة له أو عليه؟ والحقيقة جليّةٌ لا يخفيها ستار، فإنّك جدُّ عليم بالذي باء بإثم تلكم الدماء المهراقة منذ يوم صفّين، وبعده ريثما تُتاح له الفرص مع مهبِّ الريح، وتحت كلّ حجر ومدر، وعلى الروابي والثنيّات، وعدد الرَّمل والحصى، عند كلّ هاتيك دمٌ مسفوكٌ، ونفسٌ مزهقة، وأوصالٌ مفصولةٌ، وحرماتٌ مهتوكةٌ وهل شيىءٌ من تلكم البوائق يُباح بآية من الكتاب؟ أو يبرَّر بسنّة صحيحة؟ أو يحبذ بشيىء من معاقد إجماع المسلمين؟ وهل هناك قياسٌ ينتهي إلى شيىء من هذه المبادئ الاجتهاديّة؟ وهل معاوية يُحسن شيئاً منها أو يُتقنها؟: وأين وأنّى له الرأي والاجتهاد؟ أو هو مجرمٌ جاهلٌ، وباغ

٣٥٧

ظلومٌ، وثان الخليفتين اللذين بويعا في عهد، فيجب قتال هذا، وقتل ذاك، بالنصوص النبويّة، فلا يرقب فيه إلٌّ ولا ذمّة، فلا ذمّة لمهدور الدَّم، ولا حرمة لمن يجب إعدامه في الشريعة، أين هو والخلافة؟ حتّى يستبيح الدِّماء الزاكية دون شهواته ومطامعه، وهل تدري أيَّ دماء سفكها؟ وأيَّ حرمات إنتهكها؟ نعم: إقترف بها إراقة دماء المهاجرين والأنصار من الصحابة العدول والتابعين لهم بإحسان، وباء بإثم دماء البدريِّين ومئات من أهل بيعة الشجرة الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، وفيهم مثل عمّار الذي قتلته الفئة الباغية - فئة معاوية -، وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين، وثابت بن عبيد الأنصاري، وأبي الهيثم مالك بن التيهان، وأبي عمرة بشر الأنصاري، وأبي فضالة الأنصاري كلُّ هؤلاء من البدريِّين، وفيهم حُجر بن عدي راهب أصحاب محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وثَمّ البطل المجاهد مالك بن الحارث الأشتر النخعي، والعابد الصّالح محمّد بن أبي بكر.

وقبل هذه كلّها استبشاره بدم الإمام المقدَّس الخليفة عليه وعلى الاُمّة جمعاء مولانا أمير المؤمنين، وسروره بذلك، وعدُّه ذلك من لطيف صنع الله.

وما ظنّك بمجرم يكون عنده دم الإمام السبط الزكيّ أبي محمّد الحسنعليه‌السلام بدسِّ السمِّ إليه؟! وقد استبشر لمـّا باء بإثمه، وناء بجرمه، فسيؤاخذ بما رواه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذه كلّها.

٧ - من طريق أبي صالح عن معاوية مرفوعاً: من مات بغير إمام مات ميتة جاهليَّة. المسند للامام أحمد ٤: ٩٦.

قال الأميني: هاهنا نسائل أنصار معاوية وأودَّاءه عن أنَّ أيَّ موتة مات هو بها، وعن أيِّ إمام مات وعلى عنقه بيعته؟ ومَن الذي اخترم الرَّجل وقد طوَّقته ولايته؟ وهل كان هناك إمامٌ يجب طاعته وبيعته بالنصِّ والاجماع غير مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام يوم بارزه وكاشفه؟ وألقح دون مناوئته الحرب الزبون، ونازعه في أمر الخلافة، وخلع ربقة الإسلام من عنقه، أو يوم استبشر بقتل الإمامعليه‌السلام وهي الطامّة الكبرى؟ و المصاب بها خاتم الأنبياءصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . أو يوم افتجعت به الصدِّيقة الكبرى فاطمة بشظيّة قلبها الإمام السبط المجتبى بسمّ من معاوية مدسوس إليه؟ فهل بايعه يومئذ وهو خليفة

٣٥٨

الوقت بالجدارة والنصِّ وإجماع لا يستهان به من بقايا رجال الحلِّ والعقد؟ أو انّه ناوئه في الأمر وغدر به وكاده؟ لمـّا ظهر من أجناده الخوَر والفشل، وقلّبوا على إمام الحقِّ ظهر المجنّ، وحدت بهم المطامع والميول إلى أن يسلّموه لمعاوية إن قامت الحرب على أشدِّها، فالتجأ الإمام إلى الصُّلح صوناً لدماء شيعته، وإبقاءً على حياة ذوية.

فهل كان معاوية طيلة هذه المدد في ذُكر من روايته هذه؟ وهل علم أنّه طوى تلكم السنين وليس في عنقه بيعةٌ لإمام؟ وانّه لا يحلّ لمسلم أن يبيت ليلتين ليس في عنقه لإمام بيعة؟(١) وانّه إن مات والحالة هذه مات ميتة جاهليَّة؟ أو انّه كان يرى من فقهه استثناءه من هذه الكليّة التي لم يستثن منا الرَّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحداً؟ أو انَّ جهله بالأحكام وبنفسه كان يُطمعه في أن يكون هو الخليفة المبايع له، والمطاع بأمر الله ورسوله؟ وهيهات له ذلك، وهو طليق ابن طليق، ولم يؤهِّله لها علمٌ ولا حنكة، ولا نصُّ ولا اجماع، إلّا شَرهٌ مُنهِّم، وطمعٌ زائغ، وحلومٌ مُطاشة، أو أنَّ الرَّجل كان لم يكترث لأن يموت ميتة جاهليّة على ولاية سواع وهبل؟

لفت نظر:

إنَّ حديث معاوية: من مات بغير إمام مات ميتة جاهليّة. أخرجه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد ٥: ٢١٨، وأبو داود الطيالسي في مسنده ص ٢٥٩ من طريق عبد الله ابن عمر وزاد: ومن نزع يداً من طاعة جاء يوم القيامة لا حجّة له.

وهذا الحديث معتضدٌ بألفاظ اُخرى من طرق شتّى منها:

قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهليّة.

أخرجه مسلم في صحيحه ٦: ٢٢، والبيهقي في سننه ٨: ١٥٦، وابن كثير في تفسيره ١: ٥١٧، والحافظ الهيثمي في المجمع ٥: ٢١٨، واستدلّ بهذا اللفظ شاه وليّ الله في إزالة الخفاء ١ ص ٣ على وجوب نصب الخليفة على المسلمين إلى يوم القيامة وجوباً كفائيّاً.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مَن مات وليس عليه طاعة مات ميتة جاهليّة.

أخرجه أحمد في مسنده ٣: ٤٤٦، والهيثمي في المجمع ٥: ٢٢٣.

____________________

١ - المحلى لابن حزم ٩: ٣٥٩.

٣٥٩

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة.

ذكره التفتازاني في شرح المقاصد ٢: ٢٧٥ وجعله لِدة قوله تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ) في المفاد. وبهذا اللفظ ذكره التفتازاني ايضاً في شرح عقائد النسفي المطبوع سنة ١٣٠٢ غير انّ يد الطبع الأمينة على ودايع العلم والدين حرَّفت من الكتاب في طبع سنة ١٣١٣ سبع صحائف يوجد فيها هذا الحديث. وحكاه الشيخ علي القاري صاحب المرقاة في خاتمة الجواهر المضيّة ٢: ٥٠٩، وقال في ص ٤٥٧: وقولهعليه‌السلام في صحيح مسلم من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة. معناه: من لم يعرف من يجب عليه الإقتداء والإهتداء به في أوانه.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهليّة.

أخرجه مسلم في صحيحه ٦: ٢١، والبيهقي في سننه ٨: ١٥٦، وذكر في تيسير الوصول ٣: ٣٩ نقلاً عن الصحيحين للشيخين من طريق أبي هريرة.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من فارق الجماعة شبراً فمات فميتة جاهليّة.

أخرجه مسلم في صحيحه ٦: ٢١.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من مات ولا إمام له مات ميتة جاهليَّة.

ذكره أبو جعفر الاسكافي في خلاصة نقض كتاب العثمانيّة للجاحظ ص ٢٩، و ذكره الهيثمي في المجمع ٥: ٢٢٤، ٢٢٥ بلفظ: من مات وليس عليه إمام فميتته ميتة جاهليّة.

وبلفظ: من مات وليس عليه إمام مات ميتة جاهليّة.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من مات وليس لامام جماعة عليه طاعة مات ميتة جاهليّة.

أخرجه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد ٥: ٢١٩.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أتاه من أميره ما يكرهه فليصبر، فانَّ من خالف المسلمين قيد شبر ثمَّ مات مات ميتة الجاهليّة. شرح السير الكبير ١: ١١٣.

هذه حقيقةٌ راهنة أثبتتها الصحاح والمسانيد فلا ندحة عن البخوع لمفادها، ولا يتمّ اسلام مسلم إلّا بالنزول لمؤدّاها، ولم يختلف في ذلك إثنان، ولا انّ أحداً خالجه في ذلك شكّ، وهذا التعبير ينمُّ عن سوء عاقبة من يموت بلا إمام وانّه في منتئىً عن أيِّ

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389