الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ١١

الغدير في الكتاب والسنة والأدب0%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 402

الغدير في الكتاب والسنة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 402
المشاهدات: 145097
تحميل: 3134


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11
المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 402 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 145097 / تحميل: 3134
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء 11

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

قاعدٌ أعمى، فلمّا فرغ الثاني قال الشيخ: من جاء أوّلا فليقرأ. وهذا من أحسن ما وقع لشيوخ هذه الطّائفة بل لا أعلم مثله وقع في الدّنيا. مفتاح السّعادة ١: ٣٨٨.

قال الأميني: ليس الأمر كما حسبه الجزري من أنَّ هذه الحالة من خاصّة الشاطبي وما وقع مثلها في الدّنيا، وقد أسلفنا ذكر جماعة حسبوا انّهم كانوا يخبرون عن الضمائر ويعلمون المغيّب، وكأنّ القوم إتّخذوا المغيّبات اُلعوبة يطلُّ عليها كلُّ أعمى أو بصير أو انَّ الغلوَّ في الفضائل أسفَّ بهم إلى هذه الهوَّة.

_ ٧٧ _

الحشرات تنحدر فى الوادى

قال عمر بن علي السّرخسي: كنت مراهقاً وقت موت الوخشي(١) الحافظ أبي علي الحسن بن علي البلخي فحضرته فلمّا وضع في القبر سمعنا صيحة فقيل: خرجت الحشرات من المقبرة وكان في طرقها وإذا انحدرت إليه وأبصرت العقارب والخنافس وهي منحدرةٌ في الوادي والنّاس ما يتعرّضون لها.

ذكره الحافظ الذّهبي في تذكرة الحفّاظ ٣: ٣٤٤.

قال الأميني: دع الحشرات تنحدر، وانظر إلى عقل هذا الحافظ راوي هذه المهزأة فإنّه يخبت إلى مثل هذه الاسطورة ويراها مدحاً لرجال قومه، فما بال العقارب و الخنافس لم تغادر مقبرة المدينة الطيّبة وبقيعها الغرقد ومسجدها الأعظم ولم تنحدر إلى الوادي وكأنّها أنست بها، غير انَّ حشرات مقبرة الوخشي تفرُّ عنه؟! هذا عقل الذهبيّ وروايته وتراه لمـّا يقف على منقبة من مناقب مولانا أمير المؤمنين ولم ترقه ولا يجد في سندها ومتنها غمزاً يتخلّص منها بقوله: إنَّ في نفسي منها شيئاً. راجع تلخيص المستدرك.

_ ٧٨ _

اليونينى يمشى فى الهواء

قال الحافظ ابن كثير في تاريخه ١٣: ٩٤: ذكروا انَّ - الشيخ عبد الله اليونيني المتوفّى ٦١٧ - كان يحجُّ في بعض السّنين في الهواء، وقد وقع هذا لطائفة كبيرة من

____________________

١ - نسبة إلى وخش: قرية من أعمال بلخ.

١٨١

الزهّاد وصالحي العباد، ولم يبلغنا هذا عن أحد من أكابر العلماء، واوَّل من يذكر عنه هذا حبيب العجمي، وكان من أصحاب الحسن البصري ثمَّ من بعده من الصّالحين رحمهم الله اجمعين.

قال الأميني: ليس بعجيب من ابن كثير أن يخبت إلى أمثال هذه الأعاجيب، و يشوّه بها صحيفة تاريخه، ويرتفع صخبه متى وقف على منقبة من مناقب اهل البيت عليم السّلام هي أدنى من هذه الموهومات التي يمجّها الإعتبار، ويحيلها العقل، لكن الحبّ والبغض يُعميان كما انَّهما يصمّان.

_ ٧٩ _

الحضرمى يعلم النحو بالاجازة

قال ابن العلماء الحنبلي في شذرات الذّهب ٥: ٣٦١: للشّيخ اسماعيل الحضرمي المتوفّى ٦٧٨ كرامات، قال المطري: كادت تبلغ التواتر منها. انَّ ابن المعطي قيل له في النّوم: إذهب إلى الفقيه اسماعيل الحضرمي واقرأ عليه النحو فلمّا انتبه تعجّب لكون الحضرمي لا يحسنه ثمَّ قال: لا بدَّ من الإمتثال فدخل عليه وعنده جمعٌ يقرؤن الفقه فبمجرَّد رؤياه قال: أجزتك بكتب النَّحو فصار لا يطالع فيه شيئاً إلّا عرفه بغير شيخ.

قال الأميني: خذ العلم من أفواه الرِّجال أو من إجازاتهم، ما أكثر ما سمعنا التعلّم بالدّراسة، ولكن هل سمعت اذناك تعلّماً باجازة أو تزريقاً للعلم بكلمة واحدة؟ وهل سمعت اكرومة مثلها عن أحد من الرُّسل؟ أو أنَّها فضيلة اختصّ بها الحضرميُّ؟ ولم يتح مثله لأيّ أحد حتّى انَّ النبيَّ الأعظم لم يعلّم عمر بن الخطاب الكلالة بالإجازة وكان يقول: أراك لم تعلمها. ويقول لبنته حفصة: أرى أباك لم يعلمها. إلى مئات من مجهولات الخليفة التي لم يتوفّق لاستكناهها باشراق، أو اجازة، أو دراسة، مع حاجته الماسّة إليها يوم تسنّم عرش الخلافة بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان غير عازب عن علمهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحاجة الاُمّة إليها، ولم تكن تلكم المجهولات كعلم النحو الذي لا تقوم به دعامة الاسلام و القضاء والفتيا، أضف إليه أخاه يوم المؤاخاة الخليفة الأوّل، وما أكثر مجهولاته وما خفي عليه من معالم الدين وأحكام الشَّريعة؟ وليت باب التعليم بالاجازة كان مفتوحاً منذ

١٨٢

عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويعلّمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثالث الخلفاء الرّاشدين عثمان معالم دينه، ولم تك تشوّه صفحات الفقه الإسلامي بآراءه الشاذّة عن الكتاب والسنّة.

_ ٨٠ _

الحضرمى وأصحاب القبور

ذكر السبكيُّ في طبقاته ٥: ٥١، واليافعيُّ في رياضه ص ٩٦ عن اسماعيل الحضرميّ المذكور: انّه مرَّ على بعض المقابر في بلاد اليمن فبكى بكاءاً شديدا، وعلاه حزن وترح، ثمَّ ضحك ضحكاً حميداً، وعلاه في الحال سرورٌ وفرحٌ، فتعجّب النّاس الحاضرون هنالك وسألوه عن ذلك فقال رضي الله عنه: كشف لي عن أهل هذه المقبرة فرأيتهم يعذَّبون فحزنت وبكيت لذلك، ثمّ تضرّعت إلى الله سبحانه وتعالى فيهم فقيل لي: قد شفعناك فيهم فقالت صاحبة هذا القبر: وأنا معهم يا فقيه اسماعيل! أنا فلانة المغنّية. فضحكت وقلت: و أنت معهم. ثمّ انّه أرسل إلى الحفّار وقال: مَن في هذا القبر القريب العهد؟ قال: فلانة المغنّية التي تشفّع لها الشّيخ نفع الله تعالى بها.

قال الأميني: أنا لا أدري بايّها أعجب؟ أبدعوى الحضرميِّ إطّلاعه على عالم البرزخ وقبول شفاعته في أهل تلك الجبّانة حتّى في المغنّية؟ أم باطّلاع الحفّار على ذلك السرِّ المصون؟ أم بوقوف المغنّية على تلك الشّفاعة والتشفّع في الحين، ومفاوضتها مع الفقيه في أمرها وهي في قبرها، من دون أيّ سابقة تعارف بينهما؟ وإذا كان الكلّ لم يقع فلا تمايز بين الأعدام، وإنّما العجب من بخوع الأعلام بمثل هذه الأوهام.

_ ٨١ _

ردّ الشمس لاسماعيل الحضرمى

أسلفنا في الجزء الخامس صفحة ٢١ وقوف الشّمس لاسماعيل الحضرمي يوم قال لخادمه وهو في سفر: قل للشّمس تقف حتّى نصل إلى المنزل. فوقفت حتّى بلغ مقصده ثمّ قال للخادم: أما تطلق ذلك المحبوس؟ فأمرها الخادم بالغروب فغربت وأظلم اللّيل في الحال.

ذكرها كما مرّ السبكيُّ في طبقاته ٥: ٥١، واليافعيُّ في مرآته ٤: ١٧٨، وابن

١٨٣

العماد في شذراته ٥، ٣٦٢، وابن حجر في الفتاوي الحديثيّة ص ٢٣٢.

لعلّ شرع الهوى يسوِّغ للإنسان زخرف القول، وأن يفوه بما شاء وأراد، وأن ينسلب عن عقله ويكيل كيل المعتوهين، أعوذ بالله من الغلوّ في الفضائل.

_ ٨٢ _

الدلّاوى يرضع طفلاً

قال اليافعي في مرآت الجنان ٤ ص ٢٦٥: كان عند السيّد أبي محمّد عبد الله الدلّاوي المتوفّى ٧٢١ - طفلٌ غابت امُّه عفه فبكى فدرّ ثديه باللبن فأرضع ذلك الطفل حتّى سكت.

لست أدري ما قيمة أمثال هذه الكتب التاريخيّة المشحونة بأمثال هذه الاُضحوكة، وهي السّائرة الدائرة في الملأ العلميّ يعوّل عليها ويؤخذ منها.

_ ٨٣ _

شمس الدين الكردى يواصل اسبوعاً

قال ابن العماد الحنبليّ في شذرات الذّهب ٧: ٨٩٣: كان شمس الدين محمّد بن إبراهيم بن عبد الله الكردي القدسيّ نزيل القاهرة الشافعيّ المتوفّى ٨١١ يواصل الاسبوع كاملاً، وذكر انَّ السّبب فيه أن تعشّى مع أبويه قديماً فأصبح لا يشتهي أكلاً، فتمادى على ذلك ثلاثة أيّام، فلمّا رأى أنّه له قدرة على الطيّ تمادى فيه أربعيناً، ثمَّ اقتصر على سبع، وكان فقيهاً، وكان يذكر أنّه يقيم أربعة أيّام لا يحتاج إلى تجديد وضوء.

قال الأميني: الطبع البشريُّ لا يطيق المثابرة على الجوع أربعين يوماً ولا اُسبوعاً، كما انّه لا يطيق على السّهر أربعاً، ولعلَّ الفقيه الكردي كانت له نظريّة خاصّة في مبطلات الوضوء، أو المغالاة في الفضائل كانت تخلق له هذه كلّها.

_ ٨٤ _

الشاوى يستمهل للميت

ذكر المناوي في طبقاته قال: كان أحمد بن يحيى الشّاوي اليمنيُّ المتوفّى ٨٤١ كبير القدر سريّاً، رفيع الذّكر سنيّاً، صاحب أحوال وكرامات منها: انّه قصده جمعٌ من الزيديّة ممّن لا يثبت الكرامات، وقصدوا امتحانه وكان عنده جبُّ فيه ماء، فجعل

١٨٤

يغرف منه تارةً لبناً، وتارةً سمناً، واُخرى عسلاً، وغير ذلك بحسب ما اقترحوا عليه.

ودخل على القاضي عثمان بن محمّد الناشري وقد أرجف بموته، ثمَّ خرج وعاد إليه وقال لأهله: قد استمهلت له ثلاث سنين، فأقام القاضي بعدها ثلاث سنين لا تزيد ولا تنقص. شذرات الذَّهب ٧: ٢٤٠.

قال الأميني: أنا لا أدري انَّ الشّاوي هل ردَّ أجلاً جاءكما هو ظاهر قوله: وقد أرجف بموته.

وفي الذّكر الحكيم: إذا جاء أجلهم لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون؟ أو أنّه موَّه على آل القاضي بازوف أجله وأنّه استمهل له إلى منتهى ثلاثة أعوام؟ وحسبه الإفك الشائن عندئذ، ومن ذا أعلمه انّه يرجأ إلى منصرم سنين الثلاث؟ و لعلَّ علمه بذلك كان مدَّخراً في الجبّ الذي كان يغرف منه العسل طوراً، واللبن تارة، والسّمن مرّة، والماء اُخرى، وهذه المخازي خامسة، ولا بأس عليه فإنّ البئر بئره والماء ماءه، يغترف منها ما يشاء.

فإنَّ الماء ماء أبي وجّدي

وبئري ذو حفرت وذو طويت

_ ٨٥ _

امام يعلم حوائج زائريه وهو فى قبره

قال إبن العماد في شذرات الذهب ٧: ٢٩٢: توفّي أبو القاسم محمّد بن ابراهيم من بيت بني جمعمان سنة ٨٥٧ وكان إماماً مجتهداً وانتهت اليه الرّياسة في العلم والصّلاح في اليمن وله كرامات منها:

انّه كان يخاطبه الفقيه أحمد بن موسى عجيل من قبره، وإذا قصده أحدٌ في حاجة توجّه الى قبره فيقرأ عنده ما تيسّر من القرآن ثمَّ يُعلمه فيجيبه.

قال الأميني: زَلّة العالم يُضرب بها الطبل، وزَلّة الجاهل يخفيها الجهل.

_ ٨٦ _

حُكي انَّ السّيد يحيى بن السّيد بهاء الدين الشّرواني الحنفيّ المتوفّى ٧٦٨ كان لم يأكل طعاماً في آخر عمره مقدار ستّة أشهر(١) .

____________________

١ - شذرات الذهب: ٧: ٣٠٩.

١٨٥

قال الأميني: حبّذا لو قبلته الطبيعة البشريّة، وخضع له العقل السليم، لكنّك تعلم....

_ ٨٧ _

شيخ يأكل بقرة

قال المناوي في طبقاته في ترجمة ابراهيم بن عبد ربّه المتوفّى ٨٧٨: أخذ عن الشّيخ محمّد الغمري، والشيخ مدين، قال: دخل مرَّة بيت الشيخ مدين في مولده فأكل طعام المولد كلّه. وأكل مرَّة لحم بقرة كاملة ثمَّ طوى بعدها سنة، و من كراماته ما حكاه الشّيخ أمين الدين إمام جامع الغمري انّه قال له: بعدك نسائل في مُهمّاتنا مَن؟ قال: مَن بينه وبين أخيه ذراع من تراب، فاسألني اُجيبك، فمرضت بنته فالتمسوا لها بطّيخة فما وجدت فجاء إلى قبره وقال: الوعد ثمَّ رجع بعد العشاء فوجد في سلّم بيته بطّيخة لم يعلم من أين جاءت. شذرات الذهب ٧: ٣٢٣.

قال الأميني:

وصاحبٌ لي بطنه كالهاويه

كأنّ في أحشاءه معاويه

أنا في حيرة بين محالات ثلاث: أكل الشيخ البقرة كاملة، وانطوائه على الجوع سنة، وإعطائه البطّيخ وهو تحت أطباق الثّرى، ولعلّه كان بينه وبين إبن أبي سفيان آصرة رحم فأتاه ناموس الوراثة عند أكل البقرة من هنالك، ولكنّي لا أدري من أين أتته الوراثة في الصّبر على الطّويّ سنة، ولم يكن يطيقه معاوية، ولا يطيقه أيُّ انسان و إن أكل عشرات من البقرة، فانّه يهلك قبل عشر من معشار هذه المدّة، ولعلّك تقول: إنَّ من المحتمل إنّه كان مصاباً بدعوتين له وعليه فاجيبتا، وأكلَ الشّيخ وصبر، لكنّ حديث البطّيخة أنا لا أعرف منشأه ومبتداه كما أنّي أجهل خبره.

_ ٨٨ _

خمر بلدة صارت خلّاً

نشأ داود بن بدر الحسيني المتوفّى ٨٨١ بشرافات من أعمال الفدس، وكان أهلها كلّهم نصارى ليس فيهم مسلمٌ إلّا الشّيخ وأهل بيته، وكانت حرفة أهل القرية عصر العنب وبيعه فشقَّ ذلك عليه، فتوجّه بسببهم فصار كلّ شيء عملوه خلّاً وماءً وعجزوا

١٨٦

فارتحلوا منها، ولم يبق فيها إلّا الشيخ وجماعته(١) .

قال الأميني: ما ظنّك ببيئة لم تكن فيها حرفة إلّا عصر العنب وبيعه؟ وكيف كانت تغني هذه الحرفة أهل تلك القرية عن ساير المكاسب؟ وهل تنحصر حرفة النّصارى بعصر العنب وبيعه، ولا يوجد منهم ذو حرفة آخرى؟ وهل كان الشيخ واهل بيته يديرون كلّ تلكم المكاسب والمهن التي تحتاج اليها كلّ جامعة بشريّة؟

_ ٨٩ _

أبو المعالى يحيى ويميت

قال الإمام أبو محمّد ضياء الدين الوتري في [ روضة الناظرين ] ص ١١٢ في ترجمة السّيد محمّد أبي المعالي سراج الدّين الرّفاعي المتوفّى ٨٨٥: انّه مسَّ بيده المباركة ظهر رجل أحدب فقوَّم الله تعالى إحديدابه، وصار على أحسن تقويم كأن لم يكن به إحديداب قبل ذلك أبداً.

وقال: مرَّ في الشّام بغلام ذبّاح ذبح شاةً ووضع السكّين في فيه وكان الغلام على طائفة من الحسن والجمال فلمّا رآه وقف عنده والشّاة تختبط مذبوحةً وقد قرب خروج روحها فقال للذبّاح:

يا واضع السكّين بعد ذبيحه

في فيه يسقيها رحيق لهاته

ضعها بجرح الذّبح ثاني مرَّة

وأنا الضّمين له بردّ حياته

فأشار إلى الذبّاح اتباع سيّدنا السيّد السرّاج قدّس سرّه بإعادة السكّين إلى الجرح، فأعادها، فانتفضت الشّاة سليمة لا جراحة فيها ولا ذبح بإذن الله.

وقال: وممّا حدَّثنا به الجمُّ الغفير من الثّقات أنَّ رجلاً ممّن ينتمي إلى السّيادة ببلدة هيت اسمه كبش اشتهرت به في هيت خرقة الطريقة القادريّة، وكان من الأدب مع أهل الله بمعزل، فكان كثيراً ما يسيء فقراء الطرق السائرة وبالخاصّة الأحمديّة(٢) فعاتبه بالواسطة سيّدنا السيّد سراج الدّين ونصحه فأغلظ الجواب فكتب له السيّد السرّاج كتاباً وأرسله مع جماعة من أهل هيت كتب فيه مصرّحاً بغوثيّة عصره ما هو بحروفه:

____________________

١ - شذرات الذهب ج ٧.

٢ - أراد بها الرفاعية أتباع السيد أحمد الرفاعي.

١٨٧

لِلَّه في هذا الورى خاتمٌ

تجري المقادير على نقشه

في نوعه من سرِّه حالةٌ

تستنزل الجبّار عن عرشه

يفيض من فيض إله الورى

وبطشه يظهر من بطشه

وإن طغا بالكبش لحم الكلا

يدخل رأس الكبش في كرشه

فلمّا وصله الكتاب ضحك وقرأه لأصحابه علناً فلمّا قرأ البيت الأخير وأتمّه سقط في الحال ميّتاً.

قال الأميني: كلامٌ شعريٌّ حسن، والشّعراء يتّبعهم الغاوُن، ألم تر أنّهم في كلِّ وادٍ يهيمون؟ انّهم يقولون ما لا يفعلون، كبرت كلمة تخرج من أفواهم إن يقولون إلّا كذبا.

_ ٩٠ _

تطور أبى على ليلا ونهاراً

قال المناوي في طبقاته في ترجمة أبي علي حسين الصّوفي المتوفّى ٨٦١: كان كثير التطوُّر يدخل عليه إنسانٌ فيجده سبعاً، ثمَّ يدخل عليه آخر فيجده جنديّاً، ثمَّ يدخل عليه آخر فيجده فلاّحاً، أو فيلاً وهكذا. وقال آخرون: كان التطوّر دأبه ليلاً ونهاراً حتّى في صورة السّباع والبهائم، ودخل عليه أعداؤه ليقتلوه فقتلوه فقطّعوه بالسّيوف ليلاً، ورموه على كوم بعيد، فأصبحوا فوجدوه قائماً يصلّي بزاويته، ومكث بخلوة في غيطٍ خارج باب البحر أربعين سنة لا يأكل ولا يشرب. شذرات الذَّهب ٧: ٢٥٠.

قال الأميني: من لي بمعتوهٍ يصدَّق هذه الأفائك؟ متى سمعت بإنسان يتطوَّر بصور الكواسر والبهائم كالشياطين التي تتشكّل بأشكال مختلفة حتّى الكلب والخنزير؟ أو رجل حيَّ بعد ما قطّع بالسّيوف إرباً إربا؟ أو بشرٍ عاش على الطويّ أربعين عاماً؟ هذه هي الحقيقة الراهنة لكن علماء الاُمّة قالوا قولاً في أوليائها ولا سبيل إلى ردِّه، لأنّه قول عالم في وليّ.

_ ٩١ _

السيوطي رأى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقظة

قال ابن العماد في شذرات الذهب ٨: ٥٤: ذكر الشيخ عبد القادر الشاذلي في

١٨٨

كتاب ترجمته: أنَّ جلال الدين السُّيوطي كان يقول رأيت النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقظةً فقال لي: يا شيخ الحديث! فقلت له: يا رسول الله! أمن أهل الجنّة أنا؟ قال: نعم. فقلت: من غير عذاب يسبق؟ فقال: لك ذلك.

وقال الشّيخ عبد القادر: قلت له: كم رأيت النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقظة؟ فقال: بضعاً وسبعين مرَّة.

قال الأميني: لا يحلّ هذه المشكلة إلّا راءٍ آخر لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقظة كما رآه السيّوطي فيسأله عن هذه الدّعوى، فيخبره انَّ السيوطي كذب عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بضعاً وسبعين كذبة. أو يُوافي رجلاً من المتنعّمين في الجنّة فيسأل عن مبوَّء السُّيوطي منها فيقول: أنا قطّ ما رأيته. وأمّا إذ لم يتأتّيا فإنّا نحيل الحكم في هذه القصَة إلى العقل السّليم لا إلى الغلاة في الفضائل، هذه رؤية القوم النبيّ يقظة، وأمّا رؤيتهم في المنام فتربو على المئات، قال ابو عبد الله بن خفيف: سألت أبا جعفر الكتاني كم مرّة رأيت النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المنام؟ فقال: كثيراً. فقلت: يكون الف مرّة؟ فقال: لا. فقلت: فتسعمائة؟ فقال لا. قلت: فثمانمائة مرَّة؟ فقال: لا؟ قلت: فسبعمائة؟ مرَّة؟ فقال: بيده هكذا أي قريباً منه.[ حلية الأولياء ١٠: ٣٤٣ ].

وجمع محمّد بن محمّد الزّواوي البجائي مناماته في جزء وفيها أزيد من مائتي رؤيا رأى فيها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفيها عجائب وغرائب [ نيل الابتهاج ص ٣٢٢ ] وإن تعجب فعجبٌ ما جاء به الزّواوي في مناقب مالك ص ١٧ قال قال المثنى بن سعيد القصيري: سمعت مالكاً يقول: ما بتُّ ليلة إلّا رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

_ ٩٢ _

السيوطي وطيّ الارض

ذكر محمّد بن علي الحبّاك خادم الشّيخ جلال الدّين السّيوطي المتوفّى ٩١١: إنَّ الشيخ قال له يوماً وقت القيلولة: وهو عند زاوية الشّيخ عبد الله الجيوشي بمصر بالقرافة: أتريد أن تصلّي العصر بمكّة بشرط أن تكتم ذلك عليَّ حتّى أموت؟ قال: فقلت: نعم. قال: فأخذ بيدي وقال: غمّض عينيك فغمضها فرحل بي نحو سبع وعشرين خطوة ثمَّ قال لي: افتح عينيك فإذا نحن بباب المعلّاة فزرنا اُمّنا خديجة، والفضل

١٨٩

بن عياض، وسفيان بن عيينة، وغيرهم، ودخلت الحرم فطفنا وشربنا من ماء زمزم، وجلسنا خلف المقام حتّى صلّينا العصر، وطفنا وشربنا من ماء زمزم ثمَّ قال لي: يا فلان! ليس العجب من طيِّ الأرض لنا، وإنَّما العجب من كون أحد من أهل مصر المجاورين لم يعرفنا، ثمَّ قال لي: إن شئت تمضي معي، وإن شئت تقيم حتّى يأتي الحاجّ؟ قال: فقلت: أذهب مع سيّدي، فمشينا إلى باب المعلّاة وقال لي: غمّض عينيك فغمضتها فهرول بي سبع خطوات ثمَّ قال لي: افتح: عينيك فإذا نحن بالقرب من الجيوشي، فنزلنا إلى سيّدي عمر بن الفارض.

أسلفنا هذه القصّة وجملة من لِداتها في الجزء الخامس ص ١٧ - ٢١ وفصّلنا القول هنالك تفصيلاً.

_ ٩٣ _

أبو بكر باعلوى يحيى الميت

لمـّا رجع أبو بكر بن عبد الله باعلوي المتوفّى ٩١٤ من الحجِّ دخل زيلع وكان الحاكم بها يومئذ محمّد بن عتيق فاتّفق انّه ماتت امّ ولد للحاكم المذكور وكان مشغوفاً بها فكاد عقله يذهب لموتها، فدخل عليه السيّد - باعلوي - لمـّا بلغه عنه من شدَّة الجزع ليعزِّيه ويأمره بالصّبر وهي مسجّاة بين يديه بثوب فعزّاه وصبّره فلم يفد فيه ذلك، وأكبّ على قدمي الشيّخ يقبّلهما وقال: لا سيّدي! إن لم يحي الله هذه متُّ أنا ايضاً، ولم يبق لي عقيدةٌ في أحد، فكشف السيّد عن وجهها وناداها باسمها فأجابته: لبّيك وردّ الله روحها، وخرج الحاضرون ولم يخرج السيّد حتّى أكلت مع سيّدها الهريسة وعاشت مدَّة طويلة.

شذرات الذّهب ٨: ٦٣، النّور السّافر ص ٨٤.

قال الأمينيّ: فليذهب مسيح بن مريم بخاصّته من إحياء الموتى باذن الله حيث شاء، فقد جاء باعلوي ونظراءه امّة كبيرة يشاركونه في المعجز، نعم: الفاصل بين المسيح وهؤلاء أربعة أصابع(١) وإنّا وإن لم نر معجز المسيحعليه‌السلام لكن أخذنا خبره ممّا هو

____________________

١ - اشارة إلى الحديث المعروف المروى عن مولانا أمير المؤمنين عليه ‌السلام : بين الحق و الباطل اربعة أصابع. الفاصلة بين العين والاذن.

١٩٠

أثبت من الرؤية ألا وهو القرآن الكريم، على حين انّه معتضدٌ بالإعتبار والبرهنة الصّادقة من لزوم نوع المعجز لمثل المسيح من الأنبياء والحجج من الّذين عصمهم الله من كلّ هوىً سائد وطهّرهم تطهيرا.

ونحن إلى الغاية لم نعرف سرّ إحياء السيّد باعلوي امّ ولد الحاكم، هل كان للتحفّظ على حياة الرَّجل وقد قال: إن لم يحي الله هذه متُّ أنا إيضاً؟. والرّائد لا يكذب. وكان المجتمع في حاجة ماسّة إلى حياته، أو كان لابقاءه في عقيدته. وكان في نزوعه عنها خسارة اُمّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ أو كان لكلا الأمرين مزدوجاً؟ وهل يعمّان هما كلّ من يدّعيهما في موت مَن يحبّه؟ أو يخصّان بالحاكم؟ أو يقصران على مَن شاء السيِّد باعلوي إحياءه؟ مشكلات لا تنحلّ.

_ ٩٤ _

ابو بكر باعلوى ينجى المستغيث

ذكر شمس الدّين العيدروسي في ( النّور السّافر ) ص ٨٤ عن الأمير مرجان انَّه قال: كنت في نفر من أصحاب لي في محطّة صنعاء الاولى فحمل علينا العدوّ فتفرَّق عنّي أصحابي وسقط بي فرسي لكثرة ما أثخن من الجراحات فدار بي العدوُّ حينئذ من كلِّ جانب فهتفت بالصّالحين، ثمَّ ذكرت الشَّيخ أبا بكر رضي الله عنه، وهتفت به فإذا هو قائمٌ، فوالله العظيم لقد رأيته نهاراً، وعاينته جهاراً، أخذ بناصيتي وناصية فرسي، وشالني من بينهم حتّى أوصلني المحطّة، فحينئذ مات الفرس ونجوت أنا ببركته رضي الله عنه ونفع به.

_ ٩٥ _

السروى يطير ويرسم للفأر

قال ابن العماد في شذرات الذّهب ٨: ١٨٧: توفّي شمس الدّين محمّد السّروي الشهير بابن الحمائل سنة ٩٣٢، وكان كثير الطّيران من بلد لآخر، وكان يغلب عليه الحال ليلاً، فيتكلّم بألسنة غير عربيّة من عجم وهند ونوبة وغيرها. إلى أن قال:

ومن كراماته: انّه شكى له أهل بلد كبير الفأر في مقات البطّيخ فقال لرجل: ناد في الغيط: رسم لكم محمّد بن أبي الحمائل أن ترحلوا، فلم يبق فيها فأر، فسأله أهل

١٩١

بلد آخر في ذلك فقال: الأصل الإذن ولم يفعل.

قال الأميني: تصكُّ الآذان مكرمة الطّيران من بلد إلى آخر، ولم تجدها في الاُمم السّالفة حتّى في معاجز الأنبياء، مرحباً بامّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوجد فيها من يطير بلا جناح موهوب لجعفر بن أبي طالب عليهما السّلام الذي يطير به في الجنّة، أو يتجوَّل به في ذلك العالم اللّطيف، ولا بدع إذ الاُمَّة للرقيّ والتقدّم، ويوم جعفر غير يوم أبي الحمائل، واكتشافات القرن العشرين غير القرون الاولى وعصور الاُمم الغابرة.

ومن غلبة الحال على أهل الحال ليلاً يتأتّى التوسّع في اللّغات، ويمكن للرّجل التكلّم بأيِّ لغة، إذا اللّيل له شأنٌ من الشأن، ولغاتها غير لغات النّهار، وهناك جزرٌ ومدٌّ، ولفُّ ونشرٌ على قسميه: مرتَّباً ومشوَّشاً، نعوذ بالله من هذيان اللّيل، وسفه النّهار.

ولو كان في تلك البلدة لفيفٌ من الهرّ لاحتمل تصديق هجرة الفئران، ولأغنوا النّاس عن معجزة السّروي، لكن كفيت الهررة القتال بابن الحمائل، فمرحباً به وبرسمه.

_ ٩٦ _

ذويب يمشى على الماء

قال في شذرات الذّهب ٨ ص ٢٦٩: توفّي الشيخ علي ذويب سنة ٩٤٧ وكان يمشي كثيراً على الماء فإذا أبصره أحد اختفى، وكان يُرى كلّ سنة بعرفة ويختفي من النّاس إذا عرفوه.

_ ٩٧ _

فتح الحجرة الشريفة للعبادى

كان سراج الدّين عمر العباديّ المصريّ الشافعي الإمام صاحب شرح قواعد الزركشي في مجلدين المتوفّى سنة ٩٤٧ لمـّا حجَّ وزار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتحت له الحجرة الشّريفة والنّاس نيامٌ من غير فاتح فدخلها وزار ثمَّ خرج فعادت الأقفال كما كانت رحمه الله تعالى(١) .

____________________

١ - شذرات الذهب ٨: ٢٦٩.

١٩٢

_ ٩٨ _

زيادة النيل بأمر الصدّيقى

توفّي الشيخ محمّد بن أبي الحسن محمّد - حفيد أبي بكر الصّديق البكري الصدِّيقي الشافعيّ المصريّ سنة ٩٩٣، ومؤلّفاته تنيف على أربعمائة تأليف، ومن كراماته انَّه لمـّا نقص بحر النيل في بعض السّنين قال لعبده الحبشيّ مندل: انزل يا مندل! قل للبحر يقول لك الشيخ ابو الحسن البكري: زد. أو نحو هذه العبارة، فقال العبد كما أمره، فما مضت ساعة يسيرة إلّا وقد ظهر فيه زيادةٌ كثيرةٌ(١) .

مرّت لِدة هذه الكرامة في بحر النّيل للخليفة الثّاني عمر بن الخطاب، راجع الجزء السّابع ص ٨٣، ٨٤ ط ١.

_ ٩٩ _

كرامات وخوارق

قال صاحب ( النّور السّافر ) ص ٣١٣: كان الشَّيخ علوي بن الشّيخ محمّد بن علي من آيات الله الكبرى وهو من أمثال الشّيخ، ومن مناقبه: انَّه كان يعرف الشقيَّ من السَّعيد، ويُحيي ويُميت بإذن الله تعالى، ويقول للشيء: كن، فيكون بإذن الله. إلى غير ذلك من الكرامات العظيمة والخوارق العجيبة التي لا يشاركه فيها غيره.

_ ١٠٠ _

عجائب وغرائب

قال العيدروسي في ( النّور السّافر ) ص ٨٥: اعلم أنَّ كرامات الأولياء حقٌّ. والدَّليل على وقوعها موجودٌ من المنقول والمعقول. أمَّا المنقول فهو ما ثبت في القرآن العزيز فصحَّ عن النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قصَّة مريم وجريح وغيرهم الّذين ليسوا أنبياء ووقعت على أيديهم.

وما روي عن الصدِّيق رضي الله عنه وكان أخبر عند موته أمرأته تلد بنتاً، وكانت إذا ذاك حاملاً.

وعن الفاروق رضي الله عنه في قصَّة سارية المشهورة.

____________________

١ - النور السافر ص ٤٢٩.

١٩٣

وعن ذي النّورين رضي الله عنه في الرَّجل الّذي دخل عليه وقد نظر إلى امرأة اجنبيّة فكاشفه بذلك.

وعن المرتضى رضي الله عنه في الأسود الذي قطع يده ثمَّ ردَّها مكانها فعادت كما كانت.

وأمّا ما نقل من ذلك عن أولياء الله تعالى فكثيرٌ جداً، من ذلك ما وقع لبعض الأولياء وهو على جبل فقال: إنَّ من أولياء الله مَن إذا قال لهذا الجبل: تحرّك، لتحرَّك. فتحرَّك الجبل من قوله، فقال له: اسكن إنمّا ضربت بك مثلاً.

وكما قال ذو النّون المصريّ للسّرير: طف بالبيت. فطاف ثمّ عاد إلى مكانه و كان هناك شابٌّ فصاح الشّابُّ حتّى مات.الكلام.

هذه مائة كرامة أو اُسطورة أو اُكذوبة أو قصص خرافة إلى مئات لِداتها من الخوارق والقصص المبثوتة في حلية الأولياء لأبي نعيم، وتاريخ بغداد للخطيب، و صفة الصّفوة لابن الجوزي، والمنتظم له، ومناقب أحمد بن حنبل له، وتاريخ الشّام لابن عساكر، وتاريخ إبن خلكان، والبداية والنهاية لابن كثير، وطبقات الشافعيّة للسّبكي، ومناقب أبي حنيفة للخوارزمي، ومناقب أبي حنيفة للكردري، وشذرات الذّهب، ومرآة الجنان، وروض الرّياحين، والكواكب الدريّة، والرّوض الفائق، والطبقات الكبرى للشّعراني، وتنبيه المغترّين له، والفتح الرّباني والفيض الرَّحماني، وأنيس الجليس للسيّوطي، وشرح الصّدور له، ولطائف المنن والأخلاق، وبهجة الأسرار للشيخ نور الدّين الشافعي، وقلائد الجواهر للشيخ محمّد الحنبلي، ومشارق الأنوار، والنور السّافر، وتفريح الخاطر، وعمدة التحقيق. إلى تآليف كثيرة من كتب التّاريخ ومعاجم التراجم المشحونة بالمخاريق والطامّات.

١٩٤

خاتمة البحث

فذلكة المقام والقول الحاسم بعد هذه الأبحاث المطنبة المفصَّلة في غضون الجزء السّادس وهلمَّ جرّا إلى هذه الصحيفة، في ذكريات الخلفاء الثلاثة، ومن بعدهم رابعهم: معاوية بن أبي سفيان، ومَن اقتصَّ أثرهم من الصّحابة ومَن بعدهم من الّذين سمّوهم بالأولياء والأئمَّة والعلماء، من شتّىِّ نواحيها، انَّ الغاية الوحيدة هو تعريف الملأ الدينيِّ بالغلاة في الفضائل، ومَن ذا الّذي يحقُّ له هذا الاسم ( الغالي )؟ هل هو في اولئك الّذين تمسّكوا بحجزة أهل بيت الوحي الرّافلين في حلل الفضائل والفواضل، الممدوحين بلسان الوحي، ومنطق الذّكر الحكيم، ونصوص نبيِّ الإسلام عند فرق المسلمين جمعاء، ولقد طأطأت لهم المفارق، وخضعت لهم الرّقاب، ولم يبقوا في مستوى المآثر و المفاخر مرتقى إلّا وتسنّموه، ولا مبوَّأ كرامة إلّا وحلّوا فيه؟!

أوَ هل تجد الغالي في هؤلاء الّذين ذكرناهم أم في المقتصّين أثر قوم ليس لهم نصيبٌ من الفضل إلّا أحاديث مفتعلة، وفخفخات كاذبة، وتمحّلات باردة، وأساطير مسطّرة، ولهم تاريخ حشوه المخازي تمضي معه الهفوات أينما سلك؟!.

ومن هوان الدّهر انَّ المربي بهؤلاء عن حدودهم، والمثبت لهم ما لا يثبته لهم العقل والمنطق، وما هو خارجٌ عن طورهم، ومبائنٌ لنفسيّاتهم لا يُعدُّ غالياً، ولكنّما الغلاة هم المتحيّزون إلى فئة الوحي، واُسرة النبوَّة، ومنبسق أنوار الهدى، الّذين لا يطيش سهمك في أيِّ مأثرة من مآثرهم؟ ولا يخفق ظنّك في أيٍّ من تقدّمهم ورُقيّهم ونبوغهم، وهم المخوَّلون من المولى سبحانه بأكثر من ذلك النّزر اليسير الّذي ذكرته لهم الرُّواة، ولهجت به أئمَّة الحديث، وحفّاظ الأثر في المستفيض والمتواتر من الصّحاح والمسانيد.

وإنَّما عقدنا هذه الأبحاث الضّافية لتنوير البصائر وتنبيه الأفكار، حتّى يميّز القارئ الغالي من القالي، وما دعمته البرهنة الصّحيحة الصّادقة، ممّا أثبتته التّافهات، ونسجته يد الإفتعال والإختلاق. ليهلك من هلك عن بيّنة ويحيى من حيَّ عن بيّنة، أتجادلونني في أسماء سمّيتموها أنتم وآبائكم، ما نزَّل الله بها من سلطان، فانتظروا إنّي معكم من المنتظرين.

١٩٥

فهرست شعراء الغدير في هذا الجزء

ضياء الدين الهادي الوفاة ٨٢٢

المولى محمد طاهر القمي الوفاة ١٠٩٨

الحسن آل أبي عبدالكريم

القاضي جمال الدين

الشيخ ابراهيم الكفعمي الوفاة ٩٠٥

أبو محمد ابن الشيخ صنعان

الشيخ حسين العاملي الوفاة ٩٨٤

الشيخ محمد الحرّ العاملي الوفاة ١١٠٤

ابن أبي شافين الوفاة بعد ١٠٠١

الشيخ احمد البلادي

زين الدين الحميدي الوفاة ١٠٠٥

شمس الادب اليمني الوفاة ١١١٩

الشيخ بهاء الدين العاملي الوفاة ١٠٣١

السيد علي خان المدني الوفاة ١١٢٠

الشيخ محمد الحرفوشي الوفاة ١٠٥٩

الشيخ عبدالرضا المقري الوفاة ح ١١٢٠

السيد ابن أبي الحسن الوفاة ١٠٦٨

الشيخ علم الهدى ابن الفيض

الشيخ حسين الكركي الوفاة ١٠٧٦

الشيخ علي العاملي

اشرف الدين اليمني الوفاة ١٠٧٩

المولى مسيحا الفسوى الوفاة ١١٢٧

السيد ابو علي اليمني الوفاة ١٠٧٩

الشيخ ابن بشارة الوفاة ١١٣٨

السيد ابو المعتوق الوفاة ١٠٨٧

الشيخ ابراهيم البلادي

السيد على خان المشعشعى الوفاة ١٠٨٨

الشيخ ابو محمد الشويكي الخطى

السيد ضياء الدين الوفاة ١٠٩٦

السيد حسين الرضوي الوفاة ١١٥٦

السيد بدر الدين اليمني المولود الوفاة ١٠٦٢

١٩٦

بقية الشعراء

في القرن التّاسع

_ ٧٥ _

ضياء الدين الهادي

المولود ٧٥٨

المتوفى ٨٢٢

الحمدِ لله باري الرّوح والنّسم

وخالق الخلق والمختصِّ بالِقدمِ

ثمَّ الصّلاة على أعلى الورى شرفاً

وأكرم النّاس من عُرب ومن عجمِ

محمّد المصطفى المختار من مضرٍ

وخاتم الرُّسل والمحمود في الشّيمِ

دع ما يقول النَّصارى في نبيِّهم

من الغلوِّ وقل ما شئت واحتكمِ

وبعدُ: فالعلم منجاةٌ لصاحبه

فاشدد بعروته كفَّيك واعتصمِ

وأفضل العلم عند العارفين به

علم الكلام لما فيه من الحِكمِ

علمٌ أناف على كلِّ العلوم له

فضل التّقدُّم فارغب فيه واغتنمِ

عليك بالنّظر الفكريِّ فهو طريـ

ـ ق العلم بالله فانظر ثمَّ واستقمِ

ومن هنا استرسل شاعرنا الهادي في مباحث علم الكلام، وأدلى ما عنده من الحجج في مسائل، وممّا أفاضه في باب الإمامة قوله:

هذا ومذهبنا انّ الإمام عقيب

المصطفى حيدر الأبطال والبهمِ

أعني عليّاً أمير المؤمنين ومَن

بالعطف خصَّ من الرَّحمان ذي القسمِ

ألله أنزل آيات مباركة

في فضله عدّها لي غير منتظمِ

وقال فيه رسول الله سيّدنا

يوم « الغدير » بخمّ يوم حجّهمِ

: من كنت مولاه أي أولى به فعليّ

أولى به وهو مولاهم بكلّهمِ

١٩٧

قام النبيُّ خطيباً في معسكره

بهذه الخطبة الغرّا لجمعهمِ

وشال ضبعاً كريماً من أبي حسن

في يوم حرّ شديد اللّفح مضطرمِ

كي لا يقال: بأنَّ النصّ مُكتتمٌ

ما كان إلّا صريحاً غير مُكتتمِ

فهو الخليفة بعد المصطفى وله

فضل التقدُّم لم يسجد إلى صنمِ

وكان سابقهم في كلِّ مكرمة

وكان في كلِّ حرب ثابت القدمِ

وكان أوَّل من صلّى لقبلتهم

وأعلم النّاس بالقرآن والحِكمِ

وكان أقربهم قربى وأفضلهم

رُغبى وأضربهم بالسّيف في القممِ

وكان أشرفهم همّاً وأرفعهم

في همِّه فهو عالي الهمِّ والهممِ

وكان أعبدهم ليلاً وأكثرهم

صوماً إذا الفاجر المسكين لم يصمِ

وكان أفصحهم قولاً وأبلغهم

نطقاً وأعدلهم حكماً لمحتكمِ

وكان أحسنهم وجهاً وأوسعهم

صدراً وأطهرهم كفّاً لمسلتمِ

وكان أغزرهم جوداً وأدونهم

مالاً فطال على الأطواد والاُدمِ

فكيف تقدمه من لا يُماثله

في العلم والحلم والأخلاق والشِّيمِ

وفي الشّجاعة والفضل العظيم وفي

التَّدبير والورع المشهور والكرمِ

( ما يتبع الشعر )

وقفنا على نسخة مخطوطة من هذه المنظومة في طهران عاصمة البلاد الفارسيَّة ومعقد لوائها الملكي، وهي تحتوي على سبعة ومأتين بيتاً نظم بها الخلاصة، للشّيخ حسن الرّصاص، كتبت في ٢٥ صفر عام ألف وإثنين وستّين، وعليها خطُّ العلّامة السيِّد محمّد بن اسماعيل اليمانيّ الصنعانيّ الحسينيّ المتوفّى ١١٨٢، وهو أحد شعراء الغدير يأتي ذكره إنشاء الله تعالى.

١٩٨

( الشاعر )

السيِّد جمال ضياء الدّين الهادي بن إبراهيم بن عليّ المتوفّى ٧٨٤، ابن المرتضى المتوفّى ٧٨٥، ابن الهادي بن يحيى بن الحسين بن القسم بن إبراهيم بن اسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب(١) اليمنيّ الصنعانيّ الزيديّ.

أحد رجالات اليمن وأعلامها المتضلّعين من فنون العلم والأدب، ترجمه صاحب(٢) « مطلع البدور » قال: قال العلّامة إبن الوزير في تاريخهم: إنّه لم تسمح بمثله الأعصار في أولاد الإمام الهادي، كان جامع شتات العلوم، وشاطرها في المنثور والمنظوم، ولد في « شظب » ولمـّا قرأ القرآن أخذه والده مع ابن عمّه محمّد بن أحمد المرتضى إلى « صعدة » وكان يحملهما قليلاً متى تعيا من السّير لصغرهما حتّى وصلوا « صعدة » فقرء مدَّة في أنواع العلوم العربيّة وغيرها على عمّيه: المرتضى بن علي وأحمد بن علي، وقرأ التّفسير على الشيخ العلّامة ترجمان أهل عصره إسماعيل بن إبراهيم بن عطيّة البحراني، وعلوم الأدب على الفقيه العلّامة محمّد بن علي بن ناجي العالم المشهور، قرأ عليه ديوان المتنبّي وغيره. والاصولين، والفروع على القاضي العلّامة ملك العلماء عبد الله بن الحسن الدّواري، وعلى عمِّه المرتضى بن علي الّذي كان إماماً في علم الكلام، وكذا على عمّه أحمد بن علي، وحصلت له إجازاتٌ وطرقٌ سماعيّة، منها: سماعه لجامع الاُصول بمكّة المشرّفة على قاضي الحرم محمّد بن عبد الله بن ظهيرة القرشي المخزومي في سنة حجِّه، ولد رسائل ومسائل وأشعار ومنظومات لا تحصى، حتّى قال شيخه الفقيه محمّد بن عليّ بن ناجي: إنَّه المراد بقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يكون رجلٌ من ولد الحسن ينفث بالشّعر كما ينفث الأفعى بالسمّ.

ومن تصانيفه: كفاية القانع في معرفة الصّانع، نظم الخلاصة(٣) شرحها، الطرازين المعلمين في المفاخرة بين الحرمين، التفصيل في التفضيل، الردّ على ابن

____________________

١ - كذا سرد نسبه شمس الدين السخاوى فى [ الضوء اللامع ] ٦ ص ٢٧٢ فى ترجمة أخيه محمد.

٢ - أحمد بن صالح بن محمد بن أبي الرحال اليمنى المتوفى بصنعاء سنة ١٠٩٢.

٣ - تأليف العلامة الشيخ حسن الرصاص.

١٩٩

العربي، هداية الرّاغبين إلى مذهب أهل البيت الطّاهرين، الردّ على الفقيه عليّ بن سليمان في العارضة والناقضة، وكلّها موجودةٌ ومن أحسنها: كاشفة الغمَّة عن حسن سيرة إمام الاُمَّة، وكريمة العناصر في الذبِّ عن سيرة الإمام النّاصر، والسّيوف المرهفات على من ألحد في الصِّفات، ونهاية التنويه في إزهاق التمويه في الردّ على نشوان، ومن شعره قصيدته « المنسك » أوَّلها:

بعث الهوى شوقي إلى اُمِّ القرى

وله مراجعات ومراسلات ومشاعرات بينه وبين علماء اليمن الأسفل كاسماعيل المقري، والنظاري، وابن الخيّاط، الّذي استجاز منه، وبين أهل تهامة مثل بني الناشري، والنفيس العلويِّ الحنفيِّ المذهب، العتكيِّ النسب، بين علماء المخاليف والحواز مثل الفقيه محمّد بن الحسن بن سود العابد المشهور أحد الواصلين في علم الطّريقة وغيرهم، وكان منتشر الذِّكر عند جميع الأكابر في جميع البلاد حتّى في مصر مع غلظة أهلها، وقد ذكره وذكر أخاه محمّد الحافظ العلّامة ابن حجر العسقلاني المصريُّ في تاريخه وأثنى عليهما.

توفّي بذمار تاسع عشر ذيحجّة سنة ٨٢٢ ومولده يوم الجمعة السّابع والعشرين من المحرّم سنة ٧٥٨ وموته كان عظيماً على أهل البيت حيث منعوا بعده عمّا كان معتاد أهل الأموال في المدائن والأمصار، ورثاه عدَّةٌ من النّاس وأحسن مراثيه ما رثاه الفقيه الأديب عبد الله بن عتيق المعروف بالمزاح المروعي. انتهى ما في [ مطلع البدور ] ملخّصاً.

وذكره شمس الدّين السخاوي في [ الضوء اللّامع ] ج ١٠ ص ٢٠٦ وقال: ذكره شيخنا في أنبائه فقال: عُني بالأدب ففاق فيه، ومدح المنصور صاحب صنعاء، مات يوم عرفة سنة اثنتين وعشرين، وذكره ابن فهد في معجمه فقال: إنّه حدثٌ سمع منه الفضلاء قال: وله مؤلّفات منها: الطرازين المعلمين في فضائل الحرمين، والقصيدة البديعيّة في الكعبة اليمنيّة الثمينة أوّلها:

سرى طيف ليلي فابتهجتُ به وجدا

وتوَّح قلبي من لطائفه مجدا(١)

____________________

١ - مرّ ذكر بديعيته فى الجزء السادس ص ٤٥ ط ٢ عن ايضاح المكنون.

٢٠٠