الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ١١

الغدير في الكتاب والسنة والأدب0%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 402

الغدير في الكتاب والسنة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 402
المشاهدات: 145117
تحميل: 3134


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11
المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 402 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 145117 / تحميل: 3134
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء 11

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

القرن الثاني عشر

٩٤

الشيخ أحمد البلادى

ناد الأحبّة إن مررت بدورها

واشهد مطالع نيّرات بدورها

كم قد بدت وبها انجلت ظلم الدّجى

ولطالما بزغت بوازغ نورها؟

أنست بها أرض الطّفوف وأقفرت

منها الدّيار وليس غير يسيرها

غربت بعرصة كربلا فانهض لها

واقر السّلام على جناب مزورها

وانثر بتربتها الدّموع تفجّعاً

لقتيلها فوق الثّرى وعفيرها

أكرم بها من تربة قدسيّة

قد بالغ الجبّار في تطهيرها

يا تربةً من حولها الأملاك ما

زالت تشمُّ لمسكها وعبيرها؟

يا تربةً حفت بها القوم الاُولى

فازوا بلثمهم لترب قبورها؟

قد ضمّنت جسد الحسين ومن به

فتكت اُميّة بعد أمر أميرها

فأزالت الإسلام عن برحائها

وأطاعت الشّيطان في تدبيرها

وتسرَّجت خيل الضّلال فأخّرت

غير الأخير وقدّمت لأخيرها

ونست عهوداً بالحمى سلفت ولن

تعبأ بنص نبيّها ونذيرها

يا للرّجال لاُمّة ملعونة

لم يكفها ما كان يوم غديرها

بئس العصابة من بغت وتنكّبت

عن دينها وتسارعت لفجورها

القصيدة وهي ٦٨ بيتاً

( الشاعر )

الشّيخ أحمد بن حاجي البلادي، عالمٌ فاضلٌ أديب، من شعراء أهل البيت ومادحيهم، له مراثي كثيرة وقد يقال: إنَّ له ألف قصيدة في رثاء الإمام السّبط الشّهيد الحسينعليه‌السلام دوّنها في مجلّدين، قد ذكر الشّيخ لطف الله الجد حفصي عدَّة قصايد من

٣٤١

حسينيّاته في مجموعة له وقفنا على نسخ منها بخطّه، وأخذنا منها ما ذكرناه، وله في التاريخ يدٌ غير قصيرة وكان من أجداد صاحب [ أنوار البدرين ] وتوجد في الأنوار ترجمته ويظهر منه انّه توفّي في أوائل القرن الثاني عشر.

القرن الثاني عشر

٩٥

شمس الادب اليمني

المتوفى ١١١٩

سلا إن جزتما بالرَّكب طيّا

فؤاداً قد طواه الحبّ طيّا

وإلّا فاسألا أين استقلّت

حداة العيس إذ رحلوا عشيّا؟

فلولا تلكم الأهداب نَبل

لما كانت حواجبها قسيّا

لعمر أبيك ما شغفي بهند

ولا ما قلت من غزل بميّا

ولن اهدى قويم النّهد إلا

إذا ما كان نهداً أعوجيّا

وأسمر ذابل الأعطاف لدناً

وأسمو مشبهاً عزمي مضيّاً

ولن أصببو إلى أوقات لهو

وقد أصبحت عن لهوي نحيّا

وما زهر الرّياض أمال طرفي

وإن قد صار مطلوبا نديّا

إلى أن قال:

إذا ما الربق سلَّ عليه سيفاً

رأيت له الغدير السّابريّا

على ذاك الغدير غدير دمعي

جرا من أجلهم بحراً أذيّا

غديرٌ طاب لي ذكراه شوقاً

إلى من ذكره يروي الصديّا

غديرٌ قد قضى المختار فيه

ولايته وألبسها عليّاً

وقام على الأنام بذا خطيباً

وذاك اليوم سمّاه الوصيّا

وإنّي تاركٌ فيكم حديثاً

لقد تركوه ظهريّاً نسيّا

فمن أهل السقيفة ليس يلقى

فتىً عن قتل أبناه بريّا

٣٤٢

فهم سببٌ لسفك دماء زيد

ويحيى والّذي حلّ الغريّا

فلولا سلّ سيف البغي منهم

ونكث العهد لا تلقى عصيّا

أبا الحسنين أرجو منك نهلاً

من الحوض الّذي يروي الظميّا

إذا ما جئت يوم الحشر في من

غدا بالبعث بعد الموت حيّا(١)

( ألشاعر )

ألسيّد شمس الأدب أحمد بن أحمد بن محمّد الحسني الأنسي(٢) أحد أعيان اليمن و اُدبائها الأفاضل، ولم يبرح لها كذلك، إلى أن غضب عليه الإمام المهدي لدين الله وأمر بتسييره إلى ( زيلع ) وهي جزيرة في أوّل الحبشة، فحبس بها حتّى توفّي سنة ١١١٩.

____________________

١ - اخذناها من نسمة السّحر ج ١ يمدح بها المؤيد بالله محمد بن المتوكل اليمنى.

٢ - مرّ بيانها فى ترجمة والد المترجم له السيد احمد.

٣٤٣

القرن الثاني عشر

٩٦

السيد علي خان المدني

المولود ١٠٥٢

المتوفى ١١٢٠

سفرت اُميمة ليلة النّفر

كالبدر أو أبهى من البدرِ

نزلت منى ترمي الجمار وقد

رمت القلوب هناك بالجمرِ

وتنسّكت تبغي الثواب وهل

في قتل ضيف الله من أجرِ

إن حاولت أجراً فقد كسبت

بالحجّ أصنافاً من الوزرِ؟

نحرت لواحظها الحجيج كما

نحر الحجيج بهيمة النَّحرِ

ترمي وما تدري بما سفكت

منها اللّواحظ من دم هدرِ

الله لي من حبِّ غانية

ترمي الحشا من حيث لا تدري

بيضاء من كعب وكم منعت

كعب لها من كاعبٍ بكر؟

زعمت سلوّي وهي سالية

كلّا وربّ البيت والحجرِ

ما قلبها قلبي فأسلوها

يوماً ولا من أمرها أمرى

أبكي وتضحك إن شكوت لها

حرّ الصّدود ولوعة الهجرِ

وعلى وفور ثراي لي ولها

ذلّ الفقير وعزّة المثري

لم يبق منّي حبّها جلداً

إلّا الحنين ولاعج الذّكرِ

ويزيد غلي الماء ما ذكرت

والماء يثلج غلّة الصَّدرِ

قد ضلّ طالب غادة حميت

في قومها بالبيض والسّمرِ

ومؤنّبٌ في حبّها سفهاً

نهنهته عن منطق الهجرِ

يزداد وجدي عن سلامته

فكأنَّه بملامه يغري

لا يكذبنّ الحبّ أليق بي

وبشيمتي من سبّة الغدر

٣٤٤

هيهات يأبى الغدر لي نسبٌ

اُعزى به لعليِّ الطّهرِ

خير الورى بعد الرَّسول ومن

حاز العلا بمجامع الفخرِ

صنو النبيِّ وزوج بضعته

وأمينه في السرِّ والجهرِ

إن تنكر الأعداء رتبته

شهدت بها الآيات في الذِّكرِ

شكرت حُنين له مساعيه

فيها وفي اُحدٍ وفي بدرِ

سل عنه خيبر يوم نازلها

تنبيك عن خَبرِ وعن خُبرِ

من هدَّ منها بابها بيدِ

ورمى بها في مهمه قفرِ؟

واسئل برائة حين رتّلها

من ردّ حاملها أبا بكرِ؟

والطّير إذ يدعو النبيُّ له

من جائه يسعى بلا نذرِ؟

والشّمس إذا أفلت لمن رجعت

كيما يقيم فريضة العصرِ؟

وفراش أحمد حين همّ به

جمع الطغاة وعصبة الكفرِ

من بات فيه يقيه محتسباً

من غير ما خوفٍ ولا ذعرِ؟

والكعبة الغرّاء حين رمى

من فوقها الأصنام بالكسرِ

من راح يرفعه ليصدعها

خير الورى منه على الظّهرِ؟

والقوم من أروى غليلهمُ

إذ يجأرون بمهمهٍ قفرِ؟

والصَّخرة الصمّاء حوَّلها

عن نهر ماءٍ تحتها يجري

والناكثين غداة أمّهمِ

من ردّ اُمّهمُ بلا نكرِ

والقاسطين وقد أضلّهمُ

غيُّ ابن هند وخِدنه عمروِ

من فلَّ جيشهمُ علا مضض

حتّى نجوا بخدايع المكرِ؟

والمارقين مَن استباحهمُ

قتلاً فلم يفلت سوى عشرِ؟

و [ غدير خمّ ] وهو أعظمها

مَن نال فيه ولاية الأمرِ؟

واذكر مباهلة النبيِّ به

وبزوجه وابنيه للنفرَ

وقرأ( وَ أَنْفُسَنَا وَ أَنْفُسَکُمْ ) (١)

فكفى بها فخراً مدى الدّهرِ

هذي المفاخر والمكارم لا

قعبان من لبنٍ ولا خمرِ؟(٢)

____________________

١ - سورة آل عمران آية ٦١.

٢ - أخذناها من ديوانه المخطوط تناهز ٦١ بيتاً.

٣٤٥

وله في مدح الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام قوله في ديوانه المخطوط:

أمير المؤمنين فدتك نفسي

لنا من شأنك العجب العجابُ

تولّاك الاولى سعدوا ففازوا

وناواك الّذين شقوا فخابوا

ولو علم الورى ما أنت أضحوا

لوجهك ساجدين ولم يحابوا

يمين الله لو كُشف المغطّى

و وجه الله لو رُفع الحجابُ

خفيت عن العيون وأنت شمسٌ

سمت عن أن يجلّلها سحابُ

وليس على الصَّباح إذا تجلّى

ولم يبصره أعمى العين عابُ

لسرٍّ ما دعاك أبا تراب

محمّدن النبيُّ المستطابُ

فكان لكلِّ من هو من تراب

إليك وأنت علّته انتسابُ

فلولا أنت لم يُخلق سماءٌ

ولولا أنت لم يُخلق ترابُ

وفيك وفي ولائك يوم حشر

يُعاقب من يُعاقب أو يُثابُ

بفضلك أفصحت تورية موسى

وإنجيل بن مريم والكتابُ

فيا عجباً لمن ناواك قدماً

ومن قوم لدعوتهم أجابوا

أزاغوا عن صراط الحقَّ عمداً

فضلّوا عنك أم خفي الصّوابُ؟

أم ارتابوا بما لا ريب فيه

وهل في الحقِّ إذ صُدع ارتيابُ؟

وهل لسواك بعد ( غدير خمّ )

نصيبٌ في الخلافة أو نصابُ؟

ألم يجعلك مولاهم فذلّت

على رغم هناك لك الرّقابُ؟

فلم يطمح إليها هاشميٌّ

وإن أضحى له الحسب اللّبابُ؟

فمن تيم بن مرّة أو عديّ؟

وهم سيّان إن حضروا وغابوا

لئن جحدوك حقّك عن شقاءٍ؟

فبالأشقين ما حلّ العقابُ؟

فكم سفهت عليك حلوم قومٍ

فكنت البدر تنبحه الكلابُ؟

( الشاعر )

صدر الدّين السيّد علي خان المدني الشيرازي ابن نظام الدّين أحمد بن محمّد معصوم بن أحمد نظام الدّين ابن إبراهيم بن سلام بن مسعود عماد الدّين بن محمّد صدر الدّين بن

٣٤٦

منصور غياث الدّين بن محمّد صدر الدّين بن إبراهيم شرف الله بن محمّد صدر الدّين بن اسحاق عزّ الدّين بن علي ضياء الدّين بن عربشاه فخر الدّين ابن الأمير عزّ الدّين أبي المكارم ابن الأمير خطير الدّين بن الحسن شرف الدّين أبي علي ابن الحسين أبي جعفر العزيزي ابن علي أبي سعيد النصيبيني ابن زيد الأعشم(١) أبي إبراهيم بن علي بن الحسين [ أبي شجاع الزّاهد ] بن [ محمّد ] أبي جعفر ابن عليّ بن الحسين بن جعفر أبي عبد الله ابن احمد نصير الدّين السكين النقيب ابن جعفر أبي عبد الله الشّاعر ابن محمّد أبي جعفر ابن محمّد بن زيد الشّهيد ابن الإمام السجّاد زين العابدينعليه‌السلام (٢) .

من اُسرة كريمة طنّب سرادقها بالعلم والشَّرف والسّودد، ومن شجرة طيّبة أصلها ثابتٌ وفرعها في السَّماء تؤتي اُكلها كلّ حين، اعترقت شجونها في أقطار الدّنيا من الحجاز إلى العراق إلى إيران، وهي مثمرةٌ يانعةٌ حتّى اليوم، يستبهج النّاظر إليها بثمرها وينعه، وأوّل من انتقل من رجال هذه العائلة إلى شيراز علي أبو سعيد النصيبيني وأوّل من غادر شيراز إلى مكّة المعظّمة السيّد محمّد معصوم، وذلك بعد انتقال عمّه ختنه الأمير نصير الدّين حسين إليها كما في [ سلوة الغريب ] لصاحب الترجمة.

وشاعرنا صدر الدّين من ذخاير الدّهر، وحسنات العالم كلّه، ومن عباقرة الدّنيا، فنّيّ كلّ فنّ، والعلَم الهادي لكلِّ فضيلة، يحقُّ للاُمَّة جمعاء أن تتباهى بمثله ويخصّ الشيعة الابتهاج بفضله الباهر، وسودده الطّاهر، وشرفه المعلّى، ومجده الأثيل، والواقف على آيات براعته، وسور نبوغه - ألا وهو كلّ كتاب خطّه قلمه، أو قريض نطق به فمه - لا يجد مُلتحداً عن الإذعان بإمامته في كلّ تلكم المناحي، ضع يدك على أيِّ سفر قيّم من نفثات يراعه، تجده حافلاً ببرهان هذه الدَّعوى، كافلاً لإثباتها بالزبر والبيّنات وإليك أسمائها:

١ - رياض السّالكين في شرح الصَّحيفة الكاملة السجّاديّة، كتابٌ قيّم يطفح العلم من جوانبه، وتتدفّق الفضيلة بين دفّتيه، فإذا أسمت فيه سرح اللّحظ فلا يقف

____________________

١ - فى شرح الصحيفة ص ١٧: الاغشم. بالمعجمتين.

٢ - أخذنا النسب من كتاب ( سلوة الغريب ) للمترجم له وأضفنا إليه أخذاً من المصادر الوثيقة كلمتين جعلناهما بين القويسين. ففى حلقات السلسلة المذكورة في شرح الصحيفة للسيد سقط كما لا يخفى.

٣٤٧

إلّا على خزائن من العلم والأدب موصدة أبوابها، أو مخابئ من دقائق ورقائق لم يهتد إليها أيّ ألمعي غير مؤلّفه الشّريف المبجّل.

٢ - نغمة الاغان في عشرة الإخوان. اُرجوزةٌ ذكرت برمّتها في كشكول شيخنا صاحب « الحدايق » المطبوع بالهند.

٣ - رسالةٌ في المسلسلة بالآباء، شرح فيها الأحاديث الخمسة المسلسلة بآبائه فرغ منها سنة ١١٠٩.

٤ - سلوة الغريب واُسوة الأديب، في رحلته إلى حيدر آباد.

٥ - أنوار الرَّبيع في أنواع البديع في شرح قصيدته البديعيّة.

٦ - الكلم الطيّب والغيث الصيّب في الأدعية المأثورة.

٧ - الحدايق النديّة في شرح الصّمديّة لشيخنا البهائيّ.

٨ - ملحقات السّلافة مشحونةٌ بكلّ ادب وظرافة.

٩ - شرحان ايضاً على الصّمديّة: المتوسّط والصّغير.

١٠ - رسالةٌ في أغاليط الفيروز آبادي في القاموس.

١١ - موضع الرّشاد في شرح الإرشاد، في النّحو.

١٢ - سلافة العصر في محاسن أعيان عصره.

١٣ - الدّرجات الرفيعة في طبقات الشّيعة.

١٤ - التذكرة في الفوائد النّادرة.

١٥ - المخلاة في المحاضرات.

١٦ - الزّهرة في النحو.

١٧ - الطراز في اللّغة.

١٨ - ديوان شعره. وله شعرٌ كثيرٌ لا يوجد في ديوانه السّائر الدائر، منه تخميسه ميميّة شرف الدّين البوصيري(١) الشّهيرة بالبردة أوّلها مخمّساً:

يا ساهر اللّيل يرعى النّجم في الظلمِ

وناحل الجسم من وجدٍ ومن ألمِ

ما بال جفنك يذرو الدّمع كالغيمِ؟

أمِن تذكّر جيرانٍ بذي سلمِ

____________________

١ - ابو عبد الله محمد بن سعيد المولود سنة ٦٠٨ والمتوفى ٤ / ٦ / ٦٩٧.

٣٤٨

مزجت دمعاً جرى من مقلة بدمِ؟!

أخذ العلم عن لفيف من أعلام الدّين وأساطين الفضيلة، وتضلّعه من العلوم يومي إلى كثرة مشايخه في الأخذ والقرائة، يروي عن اُستاده الشّيخ جعفر بن كمال الدّين البحراني المتوفّى ١٠٩١(١) وعن السيّد والده المقدّس نظام الدّين أحمد، والعلامة المجلسي صاحب البحار بالإجازة، كما أنَّ العلّامة المجلسي روى عنه، ويروي عن الشّيخ علي بن فخر الدّين محمّد بن الشّيخ حسن صاحب ( المعالم ) ابن الشَّهيد الثاني المتوفّى ١١٠٤.

ويروي عنه السيّد الأمير محمّد حسين بن الأمير محمّد صالح الخاتون آبادي المتوفّى ١١٥١، والشّيخ باقر بن المولى محمّد حسين المكّي كما في الإجازة الكبيرة للسيّد الجزائري.

ولادته ونشأته:

ولد سيّدنا المدني بالمدينة المنوّرة ليلة السّبت ١٥ جمادى الاولى سنة ١٠٥٢، واشتغل بالعلم إلى أن هاجر إلى حيدر آباد الهند سنة ١٠٦٨، وشرع بها في تأليف [ سلافة العصر ] سنة ١٠٨١، وأقام بالهند ثمان وأربعين سنة كما ذكره معاصره في [ نسمة السّحر ] وكان في حضانة والده الطاهر إلى أن توفّي أبوه سنة ١٠٨٦(٢) فانتقل إلى [ برهان پور ] عند السّلطان اورنك زيب، وجعله رئيساً على ألف وثلاثمائة فارس، وأعطاه لقب ( خان ) ولمـّا ذهب السّلطان إلى بلد [ أحمد نكر ] جعله حارساً [ لأورنك آباد ] فأقام فيه مدَّة، ثمّ جعله والياً على « لاهور » وتوابعه، ثمَّ ولي ديوان [ برهانپور ] واشغل هناك منصّة الزّعامة مدَّة سنين، وكان بعسكر ملك الهند سنة ١١١٤، ثمَّ استعفى وحجَّ وزار مشهد الرّضاعليه‌السلام وورد إصفهان في عهد السّلطان حسين سنة ١١١٧، وأقام بها سنين ثمَّ عادها إلى شيراز، وحطَّ بها عصى السّير زعيماً مدرّساً مفيداً، وتوفّي بها في ذيقعدة الحرام سنة ١١٢٠، ودفن بحرم الشاه چراغ أحمد بن الإمام موسى بن جعفر سلام الله عليه عند جده غياث الدّين المنصور صاحب المدرسة المنصوريّة.

____________________

١ - ذكر شيخنا البحرانى صاحب « الحدائق » في تاريخ وفاته ( ١٠٨٨ ).

٢ - ذكر شيخنا النورى فى « المستدرك، ١٠٦٦ وفيه تصحيف.

٣٤٩

قال صاحب ( رياض العلماء ): انّه توفّي سنة ١١١٨، وفي [ سفينة البحار ] ١١١٩، وفي [ آداب اللّغة ] ١١٠٤، والّذي اختاره مشايخنا من سنة ١١٢٠ هو المعتضد بأنَّ المترجم له نفسه نصَّ على قدومه إلى اصبهان سنة ١١١٧، وقال الشّيخ علي الحزين في ( التذكرة ): إنّي أدركته بها سنين.

توجد ترجمته في أمل الآمل، رياض العلماء، نسمة السّحر ج ٢، تذكرة الشّيخ علي الحزين، السّوانح له ايضاً، نشوة السّلافة لابن بشارة، رياض الجنّة للزنوزي، تتميم أمل الآمل للسيّد ابن شبانة، نجوم السّماء ص ١٧٦، روضات الجنّات ص ٤١٢، المستدرك ٣: ٣٨٦، سفينة البحار ٢: ٢٤٥، معجم المطبوعات ص ٢٤٤، آداب اللّغة العربيّة ٣: ٢٨٥، مجلّة المرشد العراقي ١: ١٩٧، وفي غير واحد من أعداد ( المرشد ) نُشر شطرٌ من شعره.

ومن غرر شعر شاعرنا المدني قوله يمدح به أمير المؤمنينعليه‌السلام لمـّا ورد إلى النجف الأشرف مع جمع من حجّاج بيت الله:

يا صاح! هذا المشهد الأقدسُ

قرَّت به الأعين والأنفسُ

والنّجف الأشرف بانت لنا

أعلامه والمعهد الأنفسُ

والقبَّة البيضاء قد أشرقت

ينجاب عن لألائها الحندسُ

حضرة قدسٍ لم ينل فضلها

لا المسجد الأقصى ولا المقدسُ

حلّت بمن حلّ بها رتبة

يقصر عنها الفلك الأطلسُ

تودّ لو كانت حصا أرضها

شهب الدّجى والكنّس الخنسُ(١)

وتحسد الأقدام منّا على

السّعي إلى أعتابها الأرؤسُ

فقف بها والثم ثرى تربها

فهي المقام الأطهر الأقدس

وقل: صلاةٌ وسلامٌ على

من طاب منها الأصل والمغرسُ

خليفة الله العظيم الّذي

من ضوئه نور الهدى يقبسُ

نفس النّبي المصطفى أحمد

وصنوه والسيّد الأرؤسُ

العلَم العيلم بحر النّدا

وبرّه والعالم النّقرسُ(٢)

____________________

١ - النجوم كلها والسيارات منها.

٢ - النقرس: الطبيب الماهر المدقق.

٣٥٠

فليلنا من نوره مقمرٌ

ويومنا من ضوءه مشمسُ

اُقسم بالله وآياته

أليّة تنجي ولا تغمسُ

إنّ عليّ بن أبي طالب

منار دين الله لا يطمسُ

ومن حباه الله أنبآء ما

في كتبه فهو لها فهرسُ

أحاط بالعلم الّذي لم يحط

بمثله بليا ولا هرمسُ(١)

لولاه لم تخلق سماءٌ ولا

أرضٌ ولا نعمى ولا ابؤسُ

ولا عفى الرّحمن عن آدم

ولا نجا من حوته يونسُ

هذا أمير المؤمنين الّذي

شرايع الله به تحرسُ

وحجّة الله الّتي نورها

كالصُّبح لا يخفى ولا يبلسُ

تالله لا يجحدها جاحدٌ

إلّا امرءٌ في غيّه مركسُ

المعلن الحقّ بلا خشية

حيث خطيب القوم لا ينبسُ

والمقحم الخيل وطيس الوغى

إذا تناهى البطل الأحرسُ

جلبابه يوم الفخار التّقى

لا الطيلسان الخزّ والبرنسُ(٢)

يرفل من تقواه في حلّة

يحسدها الدّيباج والسّندسُ

يا خيرة الله الّذي خيره

يشكره النّاطق والأخرسُ

عبدك قد أمّك مستوحشاً

من ذنبه للعفو يستأنسُ

يطوي إليك البحر والبرّ لا

يوحشه شيءٌ ولا يونسُ

طوراً على فلك به سابح

وتارةً تسري به عِرمسُ(٣)

في كلّ هيماء يرى شوكها

كأنَّه الرّيحان والنرجسُ

حتى أتى بابك مستبشراً

ومن أتى بابك لا ييأسُ

أدعوك يا مولى الورى موقناً

انَّ دعائي عنك لا يحبسُ

____________________

١ - الهرامسة ثلاثة: هرمس الاول وهو عند العرب ادريس، وعند العبرانيين اخنوخ وهو اول من درس الكتب ونظر فى العلوم وانزل الله عليه صحائف. هرمس الثاني كان بعد الطوفان، كان بارعاً في علم الطب والفلسفة. هرمس الثالث. سكن مصر وكان بعد الطوفان، وكان طبيباً فيلسوفاً عالماً.

٢ - البرنس: قلنسوة طويلة كانت تلبس في صدر الاسلام.

٣ - العرمس: الناقة الصلبة الشديدة.

٣٥١

فنجِّني من خطب دهرٍ غدا

للجسم منّي أبداً ينهسُ(١)

هذا ولولا أملي فيك لم

يقرّ بي مثوىً ولا مجلسُ

صلّى عليك الله من سيِّد

مولاه في الدّارين لا يوكسُ(٢)

ما غرّدت ورقاء في روضة

وما زهت أغصانها الميّسُ

كلمة المترجم له حول نسبه

قال في ( سلوة الغريب ): فائدةٌ سنيّة تتعلّق بنسبنا أحببت التنبيه عليها بأنجز الكلام اليها، وهي انّي قرأت على ظهر كتاب من كتب الوالد بخطّ السيّد صدر الدّين محمّد الواعظ بن منصور غياث الدّين بن محمّد صدر الدّين بن منصور غياث الدّين جدّنا المذكور في عمود النسب: إنَّ أبا الحسن وأبا زيد عليّ بن محمّد الخطيب الحِمّاني(٣) ابن جعفر أبي عبد الله الشّاعر أحد أجدادنا قال: وهو جدِّي. وأدخله في النسب هكذا قال: فأنا صدر الدّين محمّد الواعظ بن ناصر الشّريعة منصور بن محمّد صدر الدّين بن منصور غياث الدّين بن محمّد بن إبراهيم بن محمّد بن إسحاق بن علي بن عربشاه بن أمير أنبه بن أميرى بن الحسن بن الحسين العزيزي بن علي النصيبيني بن زيد الأعثم بن علي هذا المحكي عنه يعني الحِمّاني ابن محمّد بن جعفر بن محمّد بن محمّد بن زيد الشّهيد بن علي بن أبي طالب عليهم السّلام.

هذا كلامه وأقول: ليس عليّ بن محمّد الحمّاني هذا داخلاً في عمود نسبنا بل ينتهي نسبه إلى زيد الشَّهيد هكذا، هو عليّ بن محمّد الخطيب بن جعفر بن عبد الله الشّاعر الّذي هو أحد أجدادنا بن محمّد بن محمّد بن زيد الشّهيد.

وانّما أوقع السيّد صدر الدّين في هذا الغلط تشابه الأسماء فإنَّ جعفراً جدّ السيّد علي الحمّاني المذكور الّذي توهّم صدر الدّين انّه ابن أحمد السكّين هو أبو أحمد السكّين لكن اشتبه عليه بابنه فإنَّ ابنه ايضاً اسمه جعفر كما مرّ في النسب، ويتّضح ذلك بانّ محمّد بن زيد الشّهيد وهو أصغر بني أبيه له عدّة بنين منهم محمّد ابنه والعقب

____________________

١ - نهس: اخذ بمقدم اسنانه: نهست الحية. نهشت. نهس الكلب: قبض بالفم.

٢ - وكس: نقص. ووكس وأوكس: خسر.

٣ - اسلفنا ترجمته فى الجزء الثالث ص ٥٧ - ٦٩ ط ٢

٣٥٢

منه في أبي عبد الله جعفر الشّاعر وحده، فأعقب أبو عبد الله جعفر هذا من ثلاثة بنين: محمّد الخطيب الّذي هو أبو السيّد الحمّاني. وأحمد السكّين الّذي هو جدّنا. والقاسم، فيكون السيّد علي الحمّاني ابن أخي أحمد السكّين لا ابن إبنه، فأحمد السكّين عمّه لا جدّه. و ايضاً ما تمَّ للسيّد صدر الدين إدخال السيّد علي الحمّاني في النسب حتّى أسقط منه أبا الحسن عليّا الّذي هو بين أبي جعفر محمّد وبين جعفر بن أحمد السكّين، وهو غلطٌ فاحشٌ، ولقد مرَّ على ذلك برحةُ من الزّمن ولم ينبّه له أحدٌ من أجدادنا.

٣٥٣

القرن الثاني عشر

٩٧

الشيخ عبد الرضا المقرى الكاظمى

المتوفى حدود ١١٢٠

_ ١ _

وقفت دون سعيك الأنبياءُ

فلتطل مفخراً بك الأوصياءُ

وعن الأنبياء فضلاً عليك

الله أثنى فحبّذا الإثناءُ

وإذا لم يكن سوى آية التّط

ـ هير فيكم لكان فيها اكتفاءُ

كنت نوراً وليس كون ولا

آدم بل ليس كان طينٌ وماءُ

أنت عين اليقين سلطان موسى

والعصى منه واليد البيضاءُ

وسنا النّار حين آنسها من

جانب الطّور إذ بدا اللألاءُ

روح قدس به تأيّد عيسى

ولأمواته به إحياءُ

أنت لو لم تكن لما عُبد الله

ولا للأنام كان اهتداءُ

إلى أن يقول:

فأضاعوا وصيّةً « يوم خمّ »

بعليّ وصّى وهم شهداءٌ

عن لسان الرّوح الأمين عن الله

تعالى ألا له الآلاءُ

بعليّ بلّغ وإلّا فما بلّغـ

ـ ت والله من عداك وقاءُ

بعد ما بخبخوا وقالوا لقد أصبحـ

ـ ت مولاً لنا وصحَّ الولاءُ

وأتى النصّ فيه: اليوم اكملت

لكم دينكم وحقَّ الهناءُ

ثمَّ قالوا: بأنّ أحمد لم يو

ص وهذا منهم عليه افتراءُ

وروى من يمت ولم يوص قدما

ت موتة جاهليّة العلماءُ

ويلهم جهّلوا النبيّ وقالوا

عنه ما لم يقل وبالإفك جاؤا

ما نجيب اليهود يوماً إذا احتجّوا

علينا؟ أليس فيكم حياءُ؟

٣٥٤

إنَّ موسى في القوم وصّى وقد غا

ب وطاها يقضي ولا ايصاءُ

حيث قال اخلفني لهرون في القو

م و بالأهل تسعد الخلفاءُ

والنبيُّ الكريم قد ترك القو

م سُداً بعده وهذا هذاءُ

وهو بالمؤمنين كان رؤفاً

وعلى كلّهم له اسداءُ

ما عليه أن لو على واحد نصَّ

وفيما يختاره الإرتضاءُ؟

وهو أدرى بمن لها كان أهلاً

وله في نصح الأنام اعتناءُ

وإذا ما قد مات راعي غُنيما

ت فترك الايصاء عنه عياءُ(١)

هذه القصيدة توجد في ديوان شاعرنا وهي تبلغ ثلثمائة وأربعة وثمانين بيتاً، أخذنا منها ما ذكرناه، يمدح بها أمير المؤمنينعليه‌السلام ويستدلّ فيها على إمامته بحجج قويّة، و يتخلّص إلى رثاء الإمام السبّط الشَّهيد صلوات الله عليه، وله من قصيدة يمدح بها أمير المؤمنين سلام الله عليه.

_ ٢ _

درّ حقيقيّ حباب العقارْ

فلا تخاطر في المجازي البحارْ

فقم ففي مجلسنا قد سعى

ساقٍ صغير بكؤس كبارْ

تقول عيناه لعشّاقه:

من سيف اجفاني الحذار الحذارْ

واخفض جناح العيش في قهوة

للهمّ عمّن قد حساها نفارْ

للرّوح روحٌ فإذا قرّبت

من حجر حدّث صمّ الحجارْ

تطفئ نار الهمِّ منّا وفي

الكاسات منها مستطيراً شرارْ

إن قتلت منّا عقولاً فعن

والدها كان لها أخذ ثارْ

من كفّ ألمى(٢) ماجلا حسنه

إلّا وبان العقل واللبّ طارْ

حمراء أعدا لونها كأسها

تخالها من غير كأس تدارْ

قوامه يطعن طعن القنا

وفتك ماضي لحظه واقتدارْ

و ردفه يشرح لي ثقله

وخصره يسند لي الإختصارْ

____________________

١ - الى هذه البرهنة العقلية استند القوم فى استخلاف عمر كما فصلنا القول فيه فى الجزء السابع ص ١٣٢، ١٣٣.

٢ - الالمى: الذى بشفته لمى. غلام ألمى: بارد الريق.

٣٥٥

قد علّم الفتك اُسود الشّرى

وعلّم الغزلان كيف النّفارْ

عجبت من حمرة خدّيه إن

بدت لعينيّ علا في اصفرارْ

كأنَّما قد صيغ من فضّة

سالفة(١) والخدّ منّي نضارْ

لي روضة غنّاء من وجهه

ولحظه ساقٍ وفيه عقارْ

خدٌّ وثغرٌ مقلةٌ وجنةٌ

وردٌ اقاحٌ نرجسٌ جلّنارْ

له على عشّاقه نصرة

بفاتر منه أرى الإنكسارْ

في خدِّه ماءٌ ونارٌ وما

بالمآء للنّار عهدنا استعارْ

تثبت عيناي به لم تزل

فلم تحل عنه يميناً يسارْ

كأنّما تلك له قربة

قد عبدت ماء وهاتيك نارْ

يزري إذا ماس بغصن النّقا

وإن بدا فالبدر منه يغارْ

فلو ترى يا لائمي حسنه

أقمت فيه حجج الإعتذارْ

دعني بربِّ الفرط لي شاغلٌ

يشغلني عن حبِّ ذات الخمارْ

خلع عذاري واضح إذ على

شهد لماه دار نمل العذارْ

كم من فقار سيف ألحاظه

قدّ كسيف المرتضى ذي الفقارْ

من آية التطهير فيه أتت

نصّاً من الله له واختيارْ

إلى أن يقول:

آخاه طاها يوم « خمّ » وقد

اُنزل فيه فيه آيٌ جهارْ(٢)

اليوم أكملت لكم دينكم

ناهيك من منقبة لا تعارْ

يا راكباً كالقوس حرفاً حكى

الأوتار أو كالسّهم ترمي القفارْ

عج بالغريّين وأحرم وطف

في ذلك القدس وقف باحتقارْ

إلى الّذي من كلِّ أوب إلى

بيت عطاياه المطايا تثارْ

بيتُ به طال عماداً فلا

مقصّرٌ فيه ورامي جمارْ

____________________

١ - السالفة: صفحة العنق عند معلق القرط.

٢ - مرجع الضمير الاول في فيه هو يوم الغدير، وفى الثانى هو مولانا امير المؤمنين. يريد انه نزلت فيه عليه ‌السلام آيات يوم ذاك. راجع الجزء الاول من كتابنا هذا تجد هنالك تفصيل تلكم الآيات النازلة.

٣٥٦

وأذّن النّاس ونادي الوحا

لكعبة الله البدارْ البدارْ

وزمزم والحجر والرّكن ثمَّ

الحجر الأسود سامي المنارْ

ألا بها حجّوا فما في سوى

تلك الثرى حجّاً أرى واعتمارْ

واستأذن الله و منه و في

سكينة فادخل عليك الوقارْ

وقبّل الأرض له عزّةً

وكحِّل الجفن بذلك الغبارْ

وامش على الأجفان فضلاً عن

الأقدام إجلالاً بذاك المزارْ

والثم ضريحاً ضمَّ بدراً ومن

حلمٍ جبالاً وعطايا بحارْ

فثمَّ وجه الله والعين والـ

ـجنب وسيف الله ماضي الغرارْ

أمير كلّ المؤمنين الّذي

غدا له فيما يشاء الخيارْ

فمن يزره عارفاً حقّه

فهو كمن لِلّه في العرش زارْ

كان بعرش الله نوراً ولا

آدم أو حوّى به يُستنارْ

لو أجمع النّاس على حبّه

من قِدم لم يخلق الله نارْ

فالفضل فيه كله شيمة

ومنه كلٌّ فضله مستعارْ

[ القصيدة ٧١ بيتاً ]

_ ٣ _

وله من قصيدة اُخرى يمدح بها امير المؤمنينعليه‌السلام قوله:

يا إماماً علا على سائر الخلق

بخُلق مهذَّب وبخَلقِ

حزت كلًّا من العلوم إلى أن

قد جرى الكلُّ منك في كلّ عرقِ

بمقال يقيم عذر المـُغالي

إنَّك الله حيث للشكّ يُبقِ

أنت حلف الهدى وحلف نزال

درّه العذب ساغ في كلّ خلقِ

قد عبدت الإله طفلاً مع المختـ

ـال والكلّ مشركٌ بالحقِّ

وببدر بذلت نفسك في الله

وبادرتها ضحىً غير طرقِ

وبخمّ بويعت إذ ليس إلّا

أنت دون الورى لها من محقَّ

فأتى النصُّ فيك اليوم اكملت

لكم دينكم وأثبت حقّي

يا لها من إمامة قد تسامت

بإمام مؤيَّد بالصّدقِ

٣٥٧

صاحب النّص والدّلالة بالإجما

ع والإتّفاق من غير مذقِ(١)

نفس طاها النبيّ والصّهر وابن

العمّ والصّنو والأخ المشتقِّ

( القصيدة ٥٦ بيتا )

_ ٤ _

وله من قصيدة يمدح بها امير المؤمنينعليه‌السلام وهي تبلغ ستّين بيتاً قوله:

بالعتب طال لطيفك التّردادُ

لو زار جفن العاشقين رقادُ

بدرٌ بليل الشّعر متّسقٌ ولا

كالبدر نقصٌ شأنه وسوادُ

سلطان حسن والبهاء وزيره

جيش الجلال أمامه يقتادُ

إلى أن يقول:

والله أكمل دينه بولائه

أنّى يطاول مجده ويُسادُ؟

بالطائف المشهور كلّم ربّه

ناهيك فخراً ما عليه يزادُ

ولطال ما من جبرئيل لخدمة

قد طال في أعتابه التردادُ

وببابل رُدَّت له شمس الضّحى

واللّيل قد مُدّت له ابرادُ

وبيوم « خمّ » خبّر الغيّاب عن

تأميره في البيعة الأشهادُ

إذ قام يخطب أحمد مسترسلاً

عن ربّه والقول منه يعادُ

: من كنت مولاه فحيدرة له

مولى ومن كاد الوصيّ يُكادُ

فإذا هنالك بخبخوا قومٌ به

من رغبة في حكمه زهّادُ

لا تدرك الأفهام كنه صفاته

أنّى وهل يحصي الحصى التّعدادُ؟

_ ٥ _

وله من قصيدة ١١٨ بيتاً يمدح بها أمير المؤمنينعليه‌السلام قوله:

لك نصب عيني اين كنت اُمثّل

وطريقتي المثلى بحبّك أمثلُ

أرجو الحياة وأنت عنّي معرضٌ

والموت من إعراض وجهك أجملُ

إلى أن يقول:

والله أكمل دينه بولائه

هل فوق هذا في المفاخر منزلُ؟

____________________

١ - من غير مذق: أي من غير شوب.

٣٥٨

ولَقول جبريل الأمين بحقّه

علناً وتلك محلّة لا تُنزلُ

: لا سيف إلّا ذو الفقار ولا فتىً

إلّا عليّ الفاضل المتفضّلُ

وتعجّب الأملاك من حملاته

في الحرب وهو على الكتائب يحملُ

ولفتح أحمد بابه ولسدّه

باب الصحاب على الجميع يفضلُ

ولقول أحمد: أنت هاد للورى

وأنا النذير وذاك فخرٌ أطولُ

ولأنت منّي مثلما هارون من

موسى ولا بعدي نبيٌّ يرسلُ

وكفاه ممّن لم يصلّ عليه في

فرض الصّلاة صلاته لا تقبلُ

والله زوَّجه البتول وأشهد

الأملاك والرّوح الأمين موكّلُ

والشّمس من بعد الغروب ببابل

رُدَّت له واللّيل داج مسبلُ

والله خاطبه غداة الطائف

المشهور وهي فضيلة لا تُنحلُ

وبليلة القدر الملائك عزّة

والرّوح قد كانت عليه تنزلُ

وغداً موازين العباد بكفّه

طوعاً تخفُّ بمن تشاء وتثقلُ

والنّار والجنّات طايعة له

من شاء ناراً أو جناناً يدخلُ

وفدى النبيَّ على الفراش وانَّها

لهي المواساة التي لا تُعقلُ

والوحي يهبط عنده وببيته

للفصل آيات الكتاب تفصّلُ

وله وللأصنام كسّر عزّةٌ

وضعت على أكتاف أحمد أرجلُ

إلى أن يقول:

عج بالغريّ فثمَّ سرٌّ مودع

ليست تكيّف ذاته وتمثّلُ

واخلع نعالك غير ما متكبّر

فيه وأنت مكبّر ومهلّلُ

وقل: السّلام عليك يا من حبّه

للدّين فيه تتمّة وتكمّلُ

فهناك عين الله والسرّ الّذي

قد دقَّ معنى والأخير الأوّلُ

الحاكم العدل الّذي حقّا يرى

ما العبد من خير وشرّ يعملُ

والآخذ الترّاك أفضل مسلم

من بعد أحمد يحتفي أو ينعلُ

ويل امرءٍ قد حاد عنه ضلّة

وعلى النبيِّ بجهله يتقوّلُ

جعل الإمامة غير موضعها عمّى

والله أعلم حيث كانت تُجعلُ

٣٥٩

وكفى عليّا في ( الغدير ) فضيلة

يأتي اليها غيره يتوصّلُ

حيث الأمين أتى الأمين مبلّغاً

يقرى السّلام من السّلام ويعجلُ

بلّغ وإلا لم تبلّغ ما أتى

في حقِّ حيدر ايّها المزمّلُ

فهناك بين الصّحب قام لربِّه

يثني بعالي صوته ويفضِّلُ

ويسار حيدرة بيمناه وقد

نادى ومنه فيه يفصح مقولُ

: من كنت مولاه فحيدرةٌ له

مولاً فإيّاكم به أن تُبدلوا

والطائر المشويّ هل مع أحمد

أحدٌ سواه كان منه يأكلُ؟

والنّجم لمـّا أن هوى في داره

جهراً وأشرق منه ليل أليل

في العرش قِدماً كان نوراً محدقاً

طوراً يكبّر ربّه ويهلّلُ

متقلّب في السّاجدين وكان من

صلب إلى صلب طهور ينقلُ

( القصيدة )

_ ٦ _

وله من قصيدة ٤٢ بيتاً يمدح بها أمير المؤمنينعليه‌السلام قوله:

هلّ بي حرٌّ إلى رشف رشا

حبّذا لو يقبل الرّوح رشا

بابليّ الطرف لكن ما رأى

سحره هاروت إلّا اندهشا

جائرٌ في الحكم لكن عادل الـ

ـقدِّ عبيل الردف مهضوم الحشا(١)

لم أزل أخفي هواه في الحشا

غير منّي الدَّمع بالسرِّ فشا

خلته لمـّا تجلّى سلطه

تحت ليل الشّعر صبحاً أبرشا

فضح الشّهد بريق ريّق

غيره لم يرو منّي العطشا

أحمد النّعمان في وجنته

وعلى الخدّين آسٌ عرّشا

عاذلي أصبح فيه عاذري

وانثنى يحمده واشٍ وشا

فإذا ماس دلالاً قدّه

يغتدي غصن النَّقا مرتعشا

كوكب المرّيخ في وجنته

ساطعٌ والبدر منه قد عشا

مطلق اللّحظ فؤادي قد غدا

منه في اسر الهوى مندهشا

____________________

١ - العبيل: الضخم. الردف: العجز.

٣٦٠