الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب0%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 12

الغدير في الكتاب والسنة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 12
المشاهدات: 2504
تحميل: 2748


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 12 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 2504 / تحميل: 2748
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

ألغَديرُ

في الكتابْ و السّنّة و الأدبْ

كتابٌ دينىٌّ.علمىٌّ.فنّىٌّ.تاريخىٌّ. أدَبىٌّ.أخلاقىٌّ

مبتكرٌ فى موضوُعه فريدٌ فى بابه يُبحث فيه عن حديث الغدير كتاباً و سنّةً و ادباً

و يتضّمن تراجَم اُمّة كبيرةٍ من رجلات العلم والدّين و الأدب من الّذين نظمُوا هذه الأثارة

مِن العِلْمِ وَ غيرهم

تأليف

الحبْر العَلَم الحُجّةُ المُجاهد شَيخُنَا الأكْبَرَ الشّيخ

عبد الحسين احمد الأمينىّ النّجفىّ

١

كتاب كريم

تفضّل به الشّريف العلّامة الحجّة، حسنة الوقت،

ومفخرة علماء العصر، السيّد علي الفاني الاصفهاني،

أحد أساتذة النجف الأشرف الفطاحل، دام فضله ومعاليه:

بِسْمِ الله الرَّحمنِ الرَّحيمِ

شيخنا العلّامة المجاهد الكبير الحجّة الأميني دام بقاءه

وبعد: فإنَّ من أجلى ما تسالمت عليه العقول السَّليمة، انَّ لِلَّه تعالى حججٌ بالغة على خلقه في معارفه وأحكامه، كي لا يكون للنّاس على الله حجة بعدها، وغير خفّي على مَن سبر هذا السِّفر المبارك الكريم الّذي تقلّه يمناك - الغدير - من أوضح مصاديق تلكم الحجج، كيف لا؟ وقد رُبّيتم في مهد العلم العلويِّ، ودرستم في مستوى الثّقافة الدينيّة لدى باب مدينة علم الرَّسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلم تزل ابن بجدتها وأبا عذرها، منَّ الله على المسلمين عامَّة وعلى شيعة آل الله خاصَّة بأن وفّقكم للإحتجاج للحقِّ الصُّراح، وتفنيد ما لفّقته الأقلام المستأجرة والمناطق البذيّة ممّا تضمّنته مدوَّنات القوم بين دفَّتيها في القرون الماضية.

وطويتم الكشح عمّا وصل إليكم وإلينا من سدنة الوحي، ومعادن أهل بيت النبيِّ الطّاهر ومقتفي آثارهم، حرصاً على الإرشاد الناجع، والحجاج السّليم، وتحفّظاً على الوحدة الإسلاميّة، وتجنّباً عن إثارة الضغائن، وخدش العواطف.

فسبحان من جلّلكم بتلك الخلعة الإلـ~ـهيّة الّتي اختصصتم بها بين الأعلام الفطاحل الّذين سبقوكم إلى النّضال والحجاج دون الحقِّ وبالغوا، وجدّوا واجتهدوا، وأتعبوا أنفسهم في البحث والتنقيب، وكافحوا الباطل، وأتمّوا الحجَّة وبيّنوا المحجّة لمن كان له قلب أو ألقى السَّمع وهو شهيد.

نعم: لكم يا صاحب ( الغدير ) الفيّاض قدم السَّبق، فهنيئاً لمن فاز به، واستقى من منهله، وبوركت لكم هذه الرّتبة السّامية والمنحة الراقية الخالدة الّتي تُذكر مع الأبد وتُشكر.

٢

أضف إلى ما ذكرنا ذلك الجمع الحافل للشّوارد المنتثرة في الخبايا والخفايا، وترصيفها بهذا النَّسق الرائع، والبيان البديع، والنّظم المنضّد، والاُسلوب المنسجم يُعرف بذلك كلّه ما قاسيتم خلال أعوام متمادية دون الإطّلاع على تلكم الدُّروس الرّاقية والإستدلال بها بوحدتك وانفرادك من دون أيِّ عدَّة ولا عدد، متوكّلا على الله الفرد الصّمد، ومتوسِّلاً بحجزة من عكفتم ببابه، مستمدّاً من قدسيّة جنابه « مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام »

نسأل الله أن ينصرك وينتصر بك، ويجعل صنيعك هذا علماً باهراً ونوراً زاهراً لمناهج الحقِّ ومهيع الصِّراط المستقيم، أخذ المولى سبحانه بيدك، وشدَّ أزرك، والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

١٥ شعبان المعظم ١٣٥٧

الاحقر السيد علي الفاني

الاصفهاني

٣

صحيفة بيضاء

تلقيناها من الشرّيف الأوحد، العلّامة الحجّة السيّد

ميرزا محمد علي القاضي الطباطبائي، لا زال مقباساً للعلم

والأدب، ونبراساً للفضيلة والحسب.

بسم الله خير الاسماء

سماحة علّامتنا الأكبر، مفخرة الطائفة، حجّة الإسلام والمسلمين، آية الله الشّيخ عبد الحسين الأميني المحترم، أدام الله ظلّه الوارف على رؤس المسلمين.

أمامي الجزء العاشر من الأثر الخالد [ الغدير ] الطبعة الثانية - ذلك الكتاب القيّم الّذي جاءت به يراعة شيخنا العلّامة، ولم يؤلّف نظيره في الإسلام حتّى اليوم - وبعد ما لفت نظري اليه وسبرته بنظرة التقدير والإعجاب اندفعت اندفاعاً لا يشوبه سوى حبّ الحقّ وأهله، وإكبار حماة الدّين وذادته، ولا يحدوني إليه إلّا أداء الواجب الدينيّ بأن أرفع إلى سماحتكم كلمتي هذه التي تعرب عن مبلغ ابتهاجي به، وعن بعض ما يكنّه ضميري، ويطويه مكنوني من إبداء شعوري تجاه هذا الكتاب الكريم، مع اعترافي بعجزي عن أداء قليل من الشّكر المحتّم، غير أنَّ ما لا يُدرك كلّه لا يترك كلّه، فعملاً بقاعدة الميسور اُقدّم إلى سماحتكم نزراً ممّا يُعرب عن شعوري تجاه هذا الجهاد الدّائب والنّضال المتواصل مع علم متدفّق، وفكر صائب، ورأي حصيف، وبيان رصين، واسلوب رائع، ونظام فائق، وحجّة قويّة، وأدلّة قويمة، وآيات واضحة، وحجج دامغة، وبراهين مفحمة، وثقافة عالية، ونزعة دينيّة بنقد نزيه، وسرد معجز، وتضلّع من العلم.

وإنَّما تخطّ بيمينك عن ولاء خالص لأهل البيت الطّاهر الّذين أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرا، وأوجب مودَّتهم على النّاس جمعاء، وجعلها أجر الرِّسالة الخاتمة تخطّ وتؤلّف مجاهراً بالدّليل المقنع، صادعاً بالحقّ الصّراع، ولكم قوَّة الحجّة، وجرأة الجنان، وربط الجاش، وسداد القول، ويدٌ ناصعة في دحض الباطل، وإرحاض الشّبهات، وإعلاء كلمة الحقّ.

٤

لقد اتحفتم الاُمّة المسلمة، والملأ العلميّ المذهبيّ بهذه الصّفحات الغرّاء، والسّطور النيّرة، والكلم الجامعة مع تأليف الاُمّة والدَّعوة إلى توحيد صفوفها بالتمسّك بحبل ولاء العترة، والعروة الوثقى التي لا انفصام لها، ولا تؤخذكم في الله لومة لائم.

وقد أظهرتم في هذا الجزء الممتّع مخازي ابن آكلة الأكباد، عدوّ الإسلام ومبغضه، الّذي عادت الخلافة الإسلاميّة بيده الأثيمة ملكاً عضوضا، وقيصريّة وكسرويّة، وكشفتم السّتر عن خبيئة جرائمه، وأبنتم ما في صحيفة تاريخه السّوداء من ضلال وبدع وأحداث وجرائر وموبقات، وأيم الله ما فضل الإسلام إلّا برياسته، وما راج الجور والعدوان إلّا بإمارته، وما ذلّت رقاب الاُمّة الصّالحة إلّا بسلطته، وما انكفئ الدّين إلّا بهذا الماجن المهتوك، رجل البدع والأهواء.

لقد أوضحتم سفاسف الرّجل وبوائقه ونفاقه وتهاونه بأمر الله ونهيه، واحتقاره نواميس الدّين وشرائعه وطقوسه وتعاليمه، وخدمتم أيّ خدمة لأهل بيت النبوّة بالدّفاع عنهم، والذبّ عن ناموسهم، وإفضاح عدوّهم النابذ كتاب الله وراء ظهره، قاتل جدّي الأعلى الإمام الزكيّ المجتبى ريحانة الرّسول وسبطه المفدّى، ولكم الحقّ العظيم على الاُمّة عامّة وعلى البيت الحسني - وأنا من أبنائه - خاصّة، جزاكم الله عن النبيّ وأهله خيرا.

وأنّى لنا يا شيخنا لأجلّ! - أداء حقّ هذه الموسوعة الكريمة وهي من حسنات جامعة العلم والدّين الكبرى - النجف الأشرف - وقد صدرت بعناية صاحبها الأعظم وحامي حماها مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ولاغرو إذن أيّها العلّامة الكبير انّي منذ أن تلقّيت مجلّدات هذا الكتاب القيّم، وسبرت صفحاته بتفكير وإمعان، ما عثرت على اشتباه أو سهو طفيف في سر التاريخ والشّعر والترجمة والأثر، وهذا أمرٌ لا يُستهان به، وقلّما يتّفق هذا في الكتب - الضخمة - المشتملة على عدّة مجلّدات، وليس ذلك إلّا بتأييد وعناية خاصّة من الله تعالى بكم في هذا العمل البارّ الناجع، وقد عرفكم من عرفكم بهما، حفظكم الله علماً للعلم والدّين، وأحيى بكم الإسلام والمسلمين.

١٥ شعبان ١٣٧٥

محمد علي القاضي الطباطبائي

٥

خطاب

تفضّل به فضيلة الاستاذ الكبير علاء الدين خرّوفة

خرّيج الأزهر بمصر، والحاكم في بعض المحاكم الشرعيّة

في العراق:

بِسْمِ الله الرَّحمنِ الرَّحيمِ

سماحة العلّامة الجليل الشّيخ عبد الحسين الأميني حفظه الله وأطال بقاءه السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وبعد: فأسأل الله سبحانه أن يصل إليكم كتابي هذا وأنتم في صحّة جيّدة وراحة تامّة.

أيّها الاُستاذ الأجلّ! في غفلة من تحكّم سلطان الدروس الأزهريّة، وفي وقت لست أدري كيف سمح؟ وكيف استطعت أن أتغلّب عليه؟ قرأت ستّة أجزاء من كتابكم « الغدير » فاعترتني دهشة لم تزل آثارها بادية عليّ ولن تزال.

إذ ما كنت أظنّ انّ عصرنا هذا يجود بمحقّق علّامة يستطيع أن يجرِّد همّة قعساء، وعزيمة لها مضاء السّيف، فيدفع عن مذهبه سهاماً مقرية وتُهماً متتابعة وجّهت إليه منذ القدم.

أجل: ما كنت أظنّ انّ هذا العصر الّذي طفت عليه المادّة، واتّسم بالسُّرعة في التأليف، والسطحيَّة في البحث والتنقيب، ينهض فيه رجلٌ كأنّه اُمّةٌ في نفسه، فيأتي بهذا السِّفر الجليل الّذي لا تأتي بمثله عصبةٌ مجتمعةٌ من الأعلام الرّاسخين في العلم.

حقّاً انّ الإعجاب بالمجهود الّذي بذلتموه في هذا الكتاب الفريد، وما حوى من تحقيق علميّ رائع، وبحث في بطون الكتب، لا يزال آخذاً من نفسي كلّ مأخذ، وانّ هذا الإعجاب نفسه هو الّذي يحدوني إلى أن اُبدي لسماحتكم بعض الملاحظات، ولن ينقّص ذلك من قيمة كتابكم - ومن ألّف فقد استهدف - كما انّي لا اريد أن أبخسه حقّه، فصوت القرآن الكريم دائماً يرنّ في اُذني هاتفاً [ ولا تبخسوا النّاس أشياءهم ] ولقد

٦

سجّلت تلك الملاحظات حين كنت أقرأ الكتاب في القاهرة على قصاصة من الورق، غير أنّي لا أدري أين نسيتها، إلّا أنّني اُبادر فاذكر لكم انّها ليس لها كبير أثر، أو عظيم خطر، ما عدا واحدة لا زالت عالقة في ذهني، وهي: انّكم قد عنونتم في الجزء السّادس لوقائع كثيرة بـ‍ [ جهل عمر ] والقصص التي رويتموها صحيحة غاية الصّحة، وهي مدوّنة في كتب السنّة، وقد مرّ علينا كثير منها، إلّا أنّني أرى انّ العنوان كان فيه قسوة بالنّسبة لشخصيّة تكوّن لها ملايين المسلمين إحتراماً وإجلالاً.

ولقد كان بي ظمأ شديد، وشغفٌ زائد، وشوقُ لا يوصف لمعرفة فقه الشّيعة واصول مذهبهم، فلمّا قرأت تلك الأجزاء الستّة من كتابكم ساعدتني على معرفة الحقائق التي كانت محوّرة في الكتب الّتي رددتم عليها في الجزء الثالث، وكانت تلك الأجزاء خير عون لي على كتابة مقالات انتصرت فيها للشّيعة ورددت فيها على مجلّة الأزهر، وقد نشرت في مجلّة السّعد الّتي تصدر بالقاهرة، وفي صحيفة الإهرام كبرى الصحف المصريّة(١) وقد لقيت بعد نشرها بعض ما يلقاه كلّ منصف، وكلّ مدافع عن الحقّ، أو عامل على وحدة المسلمين.

هذا ومنذ كان بودّي أن اكتب إليكم من القاهرة مبدياً إعجابي وتقديري غير انّ زحمة الدّروس حالت بيني وبين ذلك ولعلّ الأيّام تسمح لنا بلقائكم والتعرّف على شخصكم بعد أن استفدنا من علمكم الغزير. أدامكم الله سبحانه ذخراً للعلم، ووفّقكم لما فيه خير المسلمين أجمعين، والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

١٣ ربيع الأوّل ١٣٥٧

المخلص علاء الدّين خرّوفة

من علماء الأزهر

____________________

١ - تعرّف هذه الجمل الملأ العلميّ الديني كاتبها علاء الدين بنفسيّاته الكريمة، وملكاته الفاضلة، وحرّيته في الرأي، وفكرته الصالحة في الدفاع عن الحقّ، وسعيه وراء الصالح العام، وراء العلم الناجع، وراء الدّعوة إلى التوحيد الصّدق والوحدة الحقة، ضد فئة من كتاب محدثين متسرعين.

٧

مقال

أسداه إلينا فضيلة الاستاذ الخطيب البارع الشيخ

محمّد تيسير الشامي امام الجماعة بدمشق في جامع سيدتنا رقية

سلام الله عليها وعلى ابيها الطاهر.

بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

ألحمد لِلّه الّذي منَّ علينا إذ بعث فينا رسولاً من أنفسنا يتلو علينا آياته، ويعلّمنا الكتاب والحكمة، ويزكّينا وإن كنّا من قبلُ لفي ضلال مبين. وأشكره أن جعلنا من الّذين استجابوا الله بالإيمان به، ولِلرّسول باجابة دعوته واتبّاع سنّته، وجعلنا من اُمّة نبيّه تدور مع الحقّ حيث ما دار، ووهب لنا من فضله علماً ومعرفة واطّلاعاً لتصحّ شهادتنا على النّاس، وحبانا بالتزكية ليكون الرَّسول شاهداً علينا.

والصّلاة والسّلام الأتمّان الأكملان على سيّدنا ومولانا محمّد وآله الَّذي جعله مولاه حريصاً علينا، وصيّره رؤوفاً رحيماً بنا، فجزاه الله تعالى بأفضل ما جازى نبيّاً عن اُمّته، الّذي ترك فينا كتاب الله وعترته وأخبر بنجاة من تمسّك بهما من امّته. ورضي الله تعالى عن الأصحاب والأحباب الّذين نالوا شرف رؤيته واقتفاء سيرته، وعلى من اقتدى بهديهم وسار على نهجهم. آمين.

وبعد: لمـّا كان العلم خير ما يؤتاه المرء، وجلّ ما تصبوا إليه النفس، وكان التطلّع والإرتقاء لعلياه صعباً مضنياً، والاكتراع من مناهله خطراً مغرياً، ويحتاج وارده لتوفيق إلـ~ـهي اوّلاً، وموافقة وأخذاً بالأسباب ثانياً، ليميز بين الغثّ والثمين، والمستقيم والملتوي ويعرف الحقَّ من غيره ليصحّ الأخذ ويسلم.

لذلك كان المحتّم على طالبه أن يبحث ويدقّق ويميز ويقارن جميع ما وصل إليه، ويتشوّق لما لم يصل إليه « منهومان لا يشبعان » ففي يوم من الأيّام زارني أحدهم وأجال طرفه بمكتبتي الصغيرة فسئلني: هل يوجد لديك كتاب [ الغدير ]؟ فأجبته بالسّلب، وقد وقع في نفسي اقتناء هذا الكتاب بعد ما سمعت عنه من الإطناب - وهو جدير - إلى أن اتحفني المؤلّف حفظه الله تعالى بنسخة منه، فنظرت الكتاب وتصفّحته

٨

وسبرت غور ما فيه بقدر ما اتّسع ذلك عندي وإذا بي أرى كتاباً لا كالكتب، وعقل مؤلّفه لا كالعقول، وأيم الله لقد أكبرت فيه كلَّ شيىء: من سعة الاطّلاع، وترتيب الأبواب لحسن الإنتقاء، وفصل الخطاب. من قول متّزن، وقلم سيّال للتدقيق، ووضوح في العبارة، وصدق في المقال. من إصابة الكشف عن الحقّ بأوضح دليل لقوَّة في ردّ الخصم وإنارة السَّبيل.

فإذا بي اُردّد قول الله تعالى: [ ما شاء الله لا قوّة إلّا بالله ] ورأيت لولا التيمّن والبركة بتسمية الغدير لكان خليقاً أن يسمّى بالأبحر السّبعة وهو جدير، لأنّي رأيت انَّ من أتاه يحسبه غديراً فيرغب في وروده فإذا خاضه يجده بحراً زاخراً فيستخرج منه لحماً طريّا وحلية يتحلّى بها، ولكن لا يأمن سالكه على نفسه إلّا إذا تمسّك بسفينة النّجاة لتقوده لشاطئ السّلامة، ألا وهي: آل المصطفى وعترته، وهم أحد الثّقلين المنشودين.

فهنيئاً لك يا من نالتك عناية الله وتوفيقه، فحباك هذا العلم الزّاخر لتبزّ به المعاند والمكابر. وبارك في مجهودك، ونصبك وكلّل مسعاك بالأجر والثواب، وجعلني وإيّاك ومن اُحبّ من خدّام سيِّدنا أبي ترابعليه‌السلام ونفع الله بغديرك قاريه، وكان الله تعالى لك ولمن آزرك فيه، والحمدِ لله أوّلاً وآخرا.

٢٠ ربيع الثّاني ١٣٧٥

محمد تيسير المخزومي

٩

كتاب

تلقيناه من الاستاذ البحّاثة صاحب التآليف الفخمة

الناجعة، المسيحيّ المفضال يوسف أسعد داغر البيروتي

سيّدي الاستاذ الفاضل المجتهد الكبير والحبر العلّامة الحجّة المجاهد عبد الحسين أحمد الأميني المحترم.

تحيّة واحتراماً وتجلّة، وبعد:

إنّها لنعمةٌ هبطت عليَّ من علياء يوم جاءتني رسالتكم الكريمة تحدّثني بنعمة الله فيكم، وقد كنت أعربت لفريق كريم من الإخوان في النجف الأشرف عمّا أحمله من تقدير لسيّدي الإمام، ومن شوق شديد للتعرّف إليه، فإذا بهم يبلّغون الرّسالة لسيّدي الاُستاذ وقد حملوها من أوصافهم ومكارم أخلاقهم ما جعل سيّدي يتلطّف بتوجيه رقيمه الكريم، مضيفاً منّة جديدة فوق ما له من منن سابغات.

ولم يمضي سوى القليل على وصول كتابكم حتّى جاء في البريد يحمل إليَّ ما تكرّمتم من رسالة من نمير غديركم الصّافي، فوصلني منه الأجزاء الستَّة الاولى ١-٦ فتقبّلتها بشيء من الإعجاب والإكبار لما يتمثّل فيها من علم وجهد وتحقيق وتدقيق، وانّي لأرجو أن تتمّوا عارفتكم هذه بالايعاز لمن يلزم بإرسال الأجزاء الباقية ممّا ظهر من هذه الموسوعة الّتي تمثّل أصلاً من اصول البحث في تراثنا العلميّ وثقافتنا الغالية.

لا أستطيع هنا إلّا أن أقول كلمة موجزة في هذا السِّفر العظيم مع انَّه لم يتح لي بعدُ الوقت الكافي للنّظر فيه مليّا، ويقتضي تصفّحه والتمضّي فيه أكثر من نظرة عابرة ليخرج منه المرء برأي مركّز مؤصّل.

انّ كتابك « الغدير » يا سيّدي! جياش العباب، متلاطم الأمواج، جعلت منه موسوعة تدور حول الشّعراء والكتّاب الّذين ذكروا في قصيدهم ونثرهم « الغدير » و قد استعرضتموهم قرناً فقرناً من قرون الإسلام حتّى يومنا هذا، وعقدتم لهم تراجم فيها من شدّة الاسر والربط ما لا يستغني عنه باحث أو مؤرّخ أو أديب، مؤيّدين ايرادكم لهم بالوافر من المصادر، بحيث يقع القارئ منها على ذخيرة قلَّ أن اُتيح مثلها لباحث من

١٠

باحثي رجال العصر.

وكنت قبل اطّلاعي على كتابك هذا، يا سيّدي! وعلى ما فيه من وفرة المصادر وكثرة المراجع والاُصول، أعتقد بشيء مَن الغرور بانّه قلّ بين المتأخّرين من خدمة التّاريخ الإسلاميّ والثقافة العربيّة من قاربني بكثرة الإستشهاد بمصادرهما، فإذا بي بعد أن وقع نظري على ما في سفينتكم من بحر علمكم أطرق بنظري إلى الأرض جسيّا خجلاً مأخوذاً بما وجدت في « الغدير » من خصب وغنىً وافر.

نعم: هي لمحةٌ أجلتها لماحاً في « الغدير » ارتسمت معها على صفحات العين ما في غديركم من صفاء ورواء، وما في جنباته من نَورٍ ونُور، فإذا به بهجةٌ للعين، ومتعةٌ للقلب، وغذاءٌ للرّوح، يمثّل كلّه في هذا الأثر الطيّب الخالد، تتحفون به الثَّقافة العربيّة درَّة من دررها الغوالي.

فوالله لو لم يكن للشّيعة في القرن الرّابع عشر الهجري غير السيّد [ الأميني ] في [ غديره ] والمغفور له محسن [الأمين] في [ أعلامه ] والعلّامة الكبير الشيخ آغا بزرك في [ ذريعته ] لكفى من رجال الملّة خدمة وهدياً لقوم يعقلون.

وهذا الكتاب فيما ظهر من أجزائه المتتالية لا يزال ينتظر من صبركم الجميل وبحر علمكم الزّاخر ما يمضي به إلى الغاية، فتخرجون بالكتاب على الوجه الّذي يرضى عنه موزع الأقدار، وطلاب التاريخ، والعلم الصَّحيح.

فقد جدّدت في كتابك هذا وراء الحقيقة الناصعة، وبحثت في شعابه عمّا يكشف النقاب للرّاغب فيها لتبدو صبيحة الوجه، واضحة المعالم.

هي كلمة سقتها على الطبيعة من لمحة خاطفة أجلتها في « الغدير » على أمل أن أتمكّن فيما بعد أن أنظر فيه مليّا بعد وصول الأجزاء الباقية التي أتوقّع وصولها قريباً، وسأبعث لكم اعترافاً بالفضل بما تيسَّر من مؤلّفاتي، وهي لا تُذكر بالنسبة لهذه المفخرة الّتي قلّدتم بها جيد العربيّة. هذا وفيما أدعو لكم بالتّوفيق ودوام نعمة الله فيكم، اقبلوا سيّدي! مع شكري الجزيل فائق احترامي.

يوسف أسعد داغر

١١

١٢