موسوعة حديث الثقلين الجزء ١

موسوعة حديث الثقلين0%

موسوعة حديث الثقلين مؤلف:
الناشر: ستارة
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 978-600-5213-63-8
الصفحات: 619

موسوعة حديث الثقلين

مؤلف: مركز الأبحاث العقائديّة
الناشر: ستارة
تصنيف:

ISBN: 978-600-5213-63-8
الصفحات: 619
المشاهدات: 149516
تحميل: 3950


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 3 الجزء 4
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 619 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 149516 / تحميل: 3950
الحجم الحجم الحجم
موسوعة حديث الثقلين

موسوعة حديث الثقلين الجزء 1

مؤلف:
الناشر: ستارة
ISBN: 978-600-5213-63-8
العربية

التنزيل(١) .

والظاهر من كتابه ومن الروايات التي نقلت عنه ، أنّه كان كثير الحديث ، ومن طبيعة ومضمون هذه الروايات وأنّ أغلبها مسندة إلى الإماميين الباقر والصادق ( عليهما السلام ) ، يظهر أنّه كان إماميّ المذهب.

فقد قال عنه العلاّمة المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) : وتفسير فرات وإن لم يتعرّض الأصحاب لمؤلّفه بمدح ولا قدح ، لكن كون أخباره موافقة لما وصل إلينا من الأحاديث المعتبرة ، وحسن الضبط في نقلها ، ممّا يعطي الوثوق بمؤلّفه وحسن الظنّ به ، وقد روى الصدوق ( رحمه الله ) عنه أخباراً بتوسّط الحسن بن محمّد بن سعيد الهاشمي ، وروى عنه الحاكم أبو القاسم الحسكاني في شواهد التنزيل ، وغيره(٢) .

وقال الميرزا محمّد باقر الخوانساري الإصبهاني ( ت ١٣١٣ هـ ) : صاحب كتاب التفسير الكبير الذي هو بلسان الأخبار ، وأكثر أخباره في شأن الأئمّة الأطهار عليهم سلام الملك الغفّار ، وهو مذكور في عداد تفسيري العيّاشي وعلي بن إبراهيم القمّي ، ويروي عنه في الوسائل والبحار على سبيل الاعتماد والاعتبار ، ذكره المحدّث النيسابوري في رجاله بعد ما تركه سائر أصحاب الكتب في الرجال ، فقال : له كتاب تفسيره المعروف عن محمّد بن أحمد بن علي الهمداني ، ثمّ نقل كلام العلاّمة المجلسي السابق.

____________

، ٦٤ [ ٤٦ ] ، ٦٨ [ ٥٢ ] ، ٧٥ [ ٦١ ] ، ٧٧ [ ٦٥ ] ، ٧٨ [ ٦٧ ] ، ٨٣ [ ٧٣ ] ، ٩١ [ ٨٤ ] ، ٩٣ [ ٨٧ ].

١ ـ انظر : شواهد التنزيل ١ : ٥٦ [ ٥٧ ] ، ٧٨ [ ٩٢ ] ، ١٥١ [ ١٦٤ ] ، ١٨٣ [ ١٩٥ ] ، ٢٠٨ [ ٢١٥ ] و ٢٦٧ [ ٢٦٢ ] و ٣٣٦ [ ٣٤٥ ] ، وغيرها ، راجع فهرست شواهد التنزيل.

٢ ـ البحار : ١ : ٣٧ ، ونقل كلامه الميرزا عبد الله الأفندي ( ت ١١٣٠ هـ ) في رياض العلماء٤ : ٣٣٧.

١٦١

ثمّ قال : وقال بعض أفاضل محقّقينا في حواشيه على كتاب ( منهج المقال ) ـ بعد الترجمة له في الحاشية بما قدّمناه لك في العنوان ـ : له كتاب تفسير القرآن ، وهو يروي عن الحسين بن سعيد من مشايخ الشيخ أبي الحسن علي بن بابويه ، وقد روى عنه الصدوق بواسطة ، ونقل من تفسيره أحاديث كثيرة في كتبه ، وهذا التفسير يتضمّن ما يدلّ على حسن اعتقاده ، وجودة انتقاده ، ووفور علمه ، وحسن حاله ، ومضمونه موافق للكتب المعتمدة(١) .

وذكره المامقاني ( ت ١٣٥١ هـ ) بمضمون ما سبق ، ثمّ قال : أقول : إنّ أقلّ ما يفيده كونه من مشايخ علي بن بابويه ، وإكثار الصدوق ( رحمه الله ) الرواية عنه ، وكذا رواية الشيخ الحرّ ( رحمه الله ) والفاضل المجلسي ( رحمه الله ) عنه ، هو كون الرجل في أعلى درجات الحسن ، بعد استفادة كونه إماميّاً من الأخبار التي رواها ، والعلم عند الله تعالى(٢) .

وقال التستري ( ت ١٤١٥ هـ ) ـ بعد ما ذكر ملخّصاً ممّا سبق ـ : أقول : وقد طبع تفسيره في هذه الأعصار ، إلاّ أنّ الغريب عدم ذكر الكشّي والشيخ في الرجال والفهرست والنجاشي له أصلا(٣) .

وقال العلاّمة الطهراني ( ت ١٣٨٩ هـ ) ـ بعد أن ذكر أنّه أكثر الرواية عن الحسين بن سعيد الكوفي ـ : وكذلك أكثر فيه من الرواية عن جعفر بن محمّد بن مالك البزّاز الفزّاري الكوفي ( المتوفّى حدود ٣٠٠ ) ، وكان هو المربّي والمعلّم لأبي غالب الزرّاري ( المولود ٢٨٥ ) ، بعد إخراجه عن الكتب وجعله في البزّازين ، وكذلك أكثر من الرواية عن عبيد بن كثير

____________

١ ـ روضات الجنّات ٥ : ٣٥٣ [ ٥٤٢ ].

٢ ـ تنقيح المقال ٢ : ٣.

٣ ـ قاموس الرجال ٨ : ٣٧٦ [ ٥٨٧٥ ].

١٦٢

العامري الكوفي ( المتوفّى ٢٩٤ ) مؤلّف كتاب ( التخريج ) ، وكذلك يروي فيه عن سائر مشايخه البالغين إلى نيّف وماية ، كلّهم من رواة أحاديثنا بطرقهم المسندة إلى الأئمّة الأطهار ( عليهم السلام ) ، وليس لأكثرهم ذكر ولا ترجمة في أُصولنا الرجاليّة ، ولكن مع الأسف ، أنّه عمد بعض إلى إسقاط أكثر تلك الأسانيد ، واكتفى بقوله مثلا ( فرات عن حسين بن سعيد معنعناً عن فلان ) ، وهكذا في غالب الأسانيد ، فأشار بقوله معنعناً إلى أنّ الرواية التي ذكرها كانت مسندة معنعنة ، وإنّما تركها للاختصار.

ويروي التفسير عن فرات والد الشيخ الصدوق ، وهو أبو الحسن علي ابن الحسين بن بابويه ( ت ٣٢٩ هـ ) ، كما أنّه يروي والد الصدوق أيضاً عن علي بن إبراهيم المفسّر القمّي ( الذي توفّي بعد ٣٠٧ هـ ) ، ولعلّ فرات أيضاً بقي إلى حدود تلك السنة ، ثمّ قال : ونسخه كثيرة في تبريز والكاظميّة والنجف الأشرف.

ثمّ ذكر قريباً ممّا ذكرناه آنفاً من اعتماد الصدوقين والحسكاني وعلي ابن إبراهيم ، ونقل كلام العلاّمة المجلسي(١) .

كما ذكره السيّد حسن الصدر ( ت ١٣٥٤ هـ ) في تأسيس الشيعة ، وقال : وهو من علماء عصر الجواد ( عليه السلام )(٢) .

ويظهر من كلّ ما نقلناه من كلمات الأعلام ، ترجيح كونه إماميّ العقيدة ، وأمّا ما ذكره محقّق الكتاب الأخ محمّد كاظم في مقدّمته ، وتبعه آخرون ، من أنّه ربّما كان من الناحية الفكريّة والعقائديّة زيديّاً(٣) ، فإنّه

____________

١ ـ الذريعة ٤ : ٢٩٨ [ ١٣٠٩ ] ، كما ذكره أيضاً في طبقات أعلام الشيعة ( القرن الرابع ) : ٢١٦.

٢ ـ تأسيس الشيعة : ٣٣٢.

٣ ـ تفسير فرات الكوفي : ١١ ، مقدّمة المحقّق.

١٦٣

مجرّد فرض واحتمال لا أكثر ، فإنّ مجرّد نقل أكثر من رواية في كتابه عن زيد بن علي ( رضي الله عنه ) تنفي العصمة عن غير الخمسةِ ـ أصحاب الكساء ـ(١) ، لا يدلّ على زيديّته ، بعد ما عرفت أنّه ينقل في كتابه الروايات الواصلة إليه عن طريق شيوخه بخصوص الآيات النازلة في أهل البيت ( عليهم السلام ) من مختلف الرواة ، سواء كانوا إماميّة أو زيديّة أو واقفيّة ، وحتّى من العامّة ، مع كثرة رواياته المسندة إلى الإمامين الباقر والصادق ( عليهما السلام ) ، والتي في كثير منها دلالة على إمامتهما.

وأمّا القول في أسانيده ومشايخه ، وأنّ فيهم كثيراً من الزيديّة ، فقد عرفت أنّ كثيراً منهم لم يترجم لهم ، والآخرين صرّح أعلامنا بأنّهم من رواة أحاديثنا ، كما مرّ.

وأمّا رواياته في كتابه ، فهي أدلّ على ما نقول من إماميّته لا زيديّته ، كما عرفت ذلك سابقاً ، خاصّة بعد ضمّ ما رواه عنه الصدوق ( رحمه الله ) ووالده.

وعلى كلّ حال ، فرواية حديث الثقلين هنا معنعنة ، ولكنّها ذكرت في كتب أُخرى مسندة ، كما سيأتي.

تفسير فرات :

هو واحد من التفاسير الروائيّة القديمة ، إذ إنَّ مؤلّفه كان من أعلام أواخر القرن الثالث وأوائل الرابع ، جمع فيه الروايات الخاصّة بالآيات النازلة بحقّ أهل البيت ( عليهم السلام ) غالباً ، مع بعض الروايات الخارجة عن هذا الموضوع ، ومعظم الروايات مسندة إلى الإمامين الباقر والصادق ( عليهما السلام ) ، وهناك روايات أُخرى عن الصحابة والتابعين أو غيرهم من رواة أهل السنّة أو الزيديّة ، بعضها عن زيد بن علي ( رضي الله عنه ).

____________

١ ـ تفسير فرات الكوفي : ٣٣٩ ح ٤٦٤ ، و ٤٠٢ ح ٥٣٦.

١٦٤

وقد أورد عنه الحاكم أبو القاسم الحسكاني ( توفّي أواخر القرن الخامس ) في كتابه شواهد التنزيل(١) ، ومن الشيعة العلاّمة المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) في البحار(٢) ، والحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) في إثبات الهداة(٣) .

وقال الحرّ في مقدّمة كتابه المذكور ، الفائدة التاسعة : إعلم أنّ لنا طرقاً إلى رواية الكتب التي نقلنا منها والأحاديث التي جمعناها ، إلى آخر ما نقلناه سابقاً عند الكلام عن كتاب سُليم(٤) ممّا قاله في الفائدة الرابعة من خاتمة الوسائل عند ذكره للكتب المعتمدة عنده ، وقد عدّ منها في رقم [ ٨٠ ] تفسير فرات بن إبراهيم ، وكذا ما ذكره من طرقه هناك(٥) .

وتوجد منه الآن عدّة نسخ ، إحداها نسخة يقع تاريخها بين أوائل القرن التاسع إلى أوائل القرن الحادي عشر ، ولكنّها نسخة ملخّصة غير كاملة ، قد تكون هي نسخة العلاّمة المجلسي ( رحمه الله ) ، وهناك نسخة هي نسخة المحدّث الشيخ حسين النوري ( رحمه الله ) ، استنسخت على نسخة تاريخها ١٠٨٣ هـ.

أمّا هذه النسخة المطبوعة ، فأصلها نسخة في مكتبة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في النجف الأشرف ، كتبت بداية القرن الرابع عشر ، وقد سقط عامّة أسانيدها ـ كما لاحظت ذلك في رواية حديث الثقلين ـ إلاّ بعضها ، ولا يعرف من أسقطها ، إلاّ أنّ نسخة الحاكم الحسكاني كانت

____________

١ ـ انظر شواهد التنزيل ١ : ٥٦ [ ٥٧ ] ، و ٧٨ [ ٩٢ ] ، و ١٥١ [ ١٦٤ ] ، و ١٨٣ [ ١٩٥ ] ، وغيرها ، راجع فهرست شواهد التنزيل.

٢ ـ انظر : البحار ١ : ١٩ ، ٣٧ ، ورمز له بـ ( فر ).

٣ ـ انظر : إثبات الهداة ٣ : ٨٩ ، فصل ( ٥٥ ).

٤ ـ راجع ما كتبناه عن كتاب سُليم بن قيس.

٥ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٥٩ ، الفائدة الرابعة.

١٦٥

مسندة ، كما يلاحظ من الروايات التي نقلها عن تفسير فرات في شواهد التنزيل.

وراوي هذه النسخة المطبوعة ، هو أبو الخير مقداد بن علي الحجازي المدني ، عن أبي القاسم عبد الرحمن بن محمّد بن عبد الرحمن العلوي الحسني أو الحسيني ، عن فرات ، كما موجود في بداية الكتاب(١) .

وأمّا حديث الثقلين الوارد فيه ، فقد حذف إسناده كما رأيت ، فأصبح معنعناً ، ولكنّا حاولنا تخريج نفس الحديث بأسانيد أُخرى من كتب أُخرى ، فقد أخرجه العيّاشي في تفسيره كما مرّ آنفاً ، وسيأتي.

____________

١ ـ لخّصنا هذا العنوان من مقدّمة تفسير فرات ، تحقيق : محمّد كاظم.

١٦٦

(١٣) كتاب : تفسير القمّي

لأبي الحسن علي بن إبراهيم القمّي ( رحمه الله ) ( كان حيّاً سنة ٣٠٧ هـ )

الحديث :

الأوّل : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في حجّة الوداع في مسجد الخيف : « إنّي فرطكم وإنّكم واردون عليّ الحوض ، حوض عرضه ما بين بصرى وصنعاء ، فيه قدحان من فضّة عدد النجوم ، ألا وإنّي سائلكم عن الثقلين » ، قالوا : يا رسول الله ، وما الثقلان؟

قال : « كتاب الله الثقل الأكبر ، طرف بيد الله وطرف بأيديكم ، فتمسّكوا به لن تضلّوا ولن تزلّوا ، والثقل الأصغر عترتي وأهل بيتي ، فإنّه قد نبّأني اللطيف الخبير ، أنّهما لن يفترقا حتّى يردا علي الحوض ، كإصبعيّ هاتين ـ وجمع بين سبّابتيه ـ ، ولا أقول كهاتين ـ وجمع بين سبّابته والوسطى ـ فتفضل هذه على هذه »(١) .

تنبيه : قد يكون هذا الحديث الموجود في المقدّمة ، ليس من رواية علي بن إبراهيم ، وإنّما هو والمقدّمة كلّها من كلام راوي التفسير عن علي ابن إبراهيم ، وهو أبو الفضل العبّاس بن محمّد بن القاسم ، أو الراوي عنه ، الذي يقول حدّثني أبو الفضل في أوّل تفسير ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ، وسيأتي مفصّلا.

____________

١ ـ تفسير القمّي ١ : ١٦ ، المقدّمة ، وعنه المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) في البحار ٢٣ : ١٢٩ ح ٦١ ، باب فضائل أهل البيت ( عليهم السلام ).

١٦٧

الثاني : وقوله :( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ) ، قال(١) : نزلت هذه الآية في علي ، ( وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) ، قال : نزلت هذه الآية في منصرف رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من حجّة الوداع ، وحجّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حجّة الوداع لتمام عشر حجج من مقدمه المدينة ، فكان من قوله بمنى ، أن حمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : « أيّها الناس ، اسمعوا قولي واعقلوه عنّي ، فإنّي لا أدري لعلّي لا ألقاكم بعد عامي هذا » ، ثمّ قال :

ثمّ قال : « أيّها الناس ، إحفظوا قولي تنتفعوا به بعدي ، وافهموه تنعشوا ، ألا لا ترجعوا بعدي كفّاراً يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيف على الدنيا ، فإن فعلتم ذلك ولتفعلن لتجدوني في كتيبة بين جبرائيل وميكائيل أضرب وجوهكم بالسيف » ، ثمّ التفت عن يمينه ، فسكت ساعة ، ثمّ قال : « إن شاء الله أو علي بن أبي طالب ».

ثمّ قال : « ألا وإنّي قد تركت فيكم أمرين إن أخذتم بهما لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فإنّه قد نبّأني اللطيف الخبير ، أنّهما لن يفترقا حتّى يردا علي الحوض ، ألا فمن اعتصم بهما فقد نجا ، ومن خالفهما فقد هلك ، ألا هل بلّغت »؟ قالوا : نعم ، قال : « اللهم اشهد ».

ثمّ قال : « ألا وإنّه سيرد علي الحوض منكم رجال فيدفعون عنّي ، فأقول ربّ أصحابي ، فقال(٢) : يا محمّد ، إنّهم أحدثوا بعدك ، وغيّروا سنّتك ، فأقول : سحقاً سحقاً ».

____________

١ ـ القول : لعلي بن إبراهيم القمّي ، وهذا القول إمّا موقوف عليه وهو من تفسيره ، أو أخذه من شيوخه رواية عن الأئمّة ( عليهم السلام ) فهو مرسل ، أو مسند بأحد الطرق التي ذكرها علي بن إبراهيم عن شيوخه في هذا التفسير ، وهي كثيرة.

٢ ـ الظاهر أنّها ( فيقال ).

١٦٨

فلمّا كان آخر يوم من أيّام التشريق ، أنزل الله :( اِذَا جَاء نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ ) ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : « نُعيت إليّ نفسي ».

ثمّ نادى الصلاة جامعة في مسجد الخيف ، فاجتمع الناس ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : « نصر الله امرءاً ، سمع مقالتي فوعاها وبلّغها من لم يسمعها ، فربّ حامل فقه غير فقيه ، وربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه ، ثلاث لا يغل عليهن : قلب امرء مسلم أخلص العمل لله ، والنصيحة لأئمّة المسلمين ، ولزم جماعتهم ، فإنّ دعوتهم محيطة من ورائهم ، المؤمنون أخوة تتكافأ دماؤهم ، يسعى بذّمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم.

أيّها الناس ، إنّي تارك فيكم الثقلين » ، قالوا : يا رسول الله ، وما الثقلان؟

قال : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فإنّه قد نبّأني اللطيف الخبير ، أنّهما لن يفترقا حتّى يردا علي الحوض ، كأصبعيّ هاتين ـ وجمع بين سبّابتيه ـ ، ولا أقول كهاتين ـ وجمع سبّابته والوسطى ـ ، فتفضل هذه علي هذه ».

فاجتمع قوم من أصحابه ، وقالوا : يريد محمّد أن يجعل الإمامة في أهل بيته ، فخرج أربعة نفر منهم إلى مكّة ، ودخلوا الكعبة ، وتعاهدوا وتعاقدوا وكتبوا في ما بينهم كتاباً ، إن مات محمّد أو قتل ، أن لا يردّوا هذا الأمر في أهل بيته أبداً(١) .

____________

١ ـ تفسير القمّي ١ : ١٧٩ ـ ١٨١ ، تفسير سورة المائدة ، الآية ( يا أَيّها الرّسولُ بَلّغْ مَا أُنزِلَ إليْكَ . ) ، وعنه الفيض الكاشاني ( ت ١٠٩١ هـ ) في تفسير الصافي ٢ : ٦٧ ، سورة المائدة ( ٦٧ ) إثبات الهداة ١ : ٦٣١ ح ٧٢٧ ، فصل (٤٠) ، و ١ : ٦٣٤ ح ٧٣٩ ، الفصل (٤٠) ، المورد الثاني ، والمجلسي ( ت ١١١١ هـ ) في البحار ٣٧ : ١١٣ ح ٦ ، والحويزي ( ت ١١١٢ ) في نور الثقلين ١ : ٦٥٥ ح ٢٩٩.

١٦٩

الثالث : جاء في تفسير سورة الرحمن ، في قوله تعالى :

( عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ) ، قال(١) : حدَّثني أبي ، عن الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) ، في قوله :( الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ ) ، قال ( عليه السلام ) : « الله علّم محمّداً القرآن ، » قوله :( سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ ) ، قال(٢) : « نحن وكتاب الله ، والدليل على ذلك قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي »(٣) .

الرابع : جاء في تفسير سورة النصر ، في قوله تعالى :

( اِذَا جَاء نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ ) ، قال(٤) : نزلت بمنى في حجّة الوداع(٥) ( اِذَا جَاء نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ ) ، فلمّا نزلت ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله )(٦) : « نُعيت إليّ نفسي ، فجاء إلى مسجد الخيف فجمع الناس(٧) ، ثمّ قال : نصر الله امرءاً

____________

وقد جاءت بعض مقاطع هذا الحديث مسندة ، كما في الخصال : ١٤٩ ح ١٨٢ ، باب الثلاثة ، هكذا : حدَّثنا أبي ( رضي الله عنه ) ، قال : حدَّثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبد الله بن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : خطب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الناس بمنى في حجّة الوداع في مسجد الخيف ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : « نضر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها . » إلى قوله : « وهم يد على من سواهم ».

١ ـ القائل علي بن إبراهيم القمّي.

٢ ـ الظاهر أنّ القائل هو الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، بدليل ما تقدّم من السؤال له في أوّل الرواية ، وقوله هنا : نحن وكتاب الله.

٣ ـ تفسير القمّي ٢ : ٣٢٣ ، تفسير سورة الرحمن ، آية :( سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّها الَثّقَلانِ ) ، وعنه الكاشاني في الصافي ٥ : ١١٠ ، الرحمن : ٣١ ، والبحراني ( ت ١١٠٧ هـ ) في البرهان ٤ : ٢٦٧ ح ٤ ، والحويزي في نور الثقلين ٥ : ١٩٣ ح ٣٢.

٤ ـ القائل : علي بن إبراهيم القمّي.

٥ ـ في الرواية السابقة ( الحديث الثاني ) ، فلمّا كان آخر يوم من أيّام التشريق ، أنزل الله : ( إذا . ).

٦ ـ في الرواية السابقة : فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : .

٧ ـ في الرواية السابقة : ثمّ نادى الصلاة جامعة في مسجد الخيف ، فاجتمع الناس ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : « نصر الله . ».

١٧٠

سمع مقالتي فوعاها ، وبلّغها من لم يسمعها ، فربّ حامل فقه غير فقيه ، وربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه.

ثلاث لا يغل عليه(١) : قلب امرىء مسلم أخلص العمل لله ، والنصيحة لأئمّة المسلمين ، واللزوم لجماعتهم(٢) ، فإنّ دعوتهم محيطة من ورائهم(٣) .

أيّها الناس ، إنّي تارك فيكم ثقلين(٤) ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا ولن تزلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فإنّه قد نبّأني اللطيف الخبير ، أنّهما لن يتفرّقا(٥) حتّى يردا عليّ الحوض ، كإصبعيّ هاتين ـ وجمع بين سبّابتيه ـ ولا أقول كهاتين ـ وجمع بين سبّابته والوسطى ـ ، فيفضل(٦) هذه على هذه »(٧) .

علي بن إبراهيم القمّي :

قال النجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) : ثقة في الحديث ، ثبت ، معتمد ، صحيح

____________

١ ـ في الرواية السابقة : عليهن.

٢ ـ في الرواية السابقة : ولزم جماعتهم.

٣ ـ في الرواية السابقة ، زيادة بعدها : المؤمنون أخوة تتكافأ دماؤهم ، يسعى بذّمتهم أدناهم ، وهم يد على من سواهم.

٤ ـ في الرواية السابقة : « إنّي تارك فيكم الثقلين » ، قالوا : يا رسول الله ، وما الثقلان؟ قال : « كتاب الله . ».

٥ ـ في الرواية السابقة : يفترقا.

٦ ـ في الرواية السابقة : فتفضل.

٧ ـ تفسير القمّي ٢ : ٤٤٩ ، تفسير سورة النصر ، وعنه الحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) في إثبات الهداة ١ : ٦٢٤ ح ٧٢٩ ، فصل (٤٠) ، البرهان ٤ : ٥١٧ ح ٤ ، والمجلسي ( ت ١١١١ هـ ) في البحار ٢٧ : ٦٨ ح ٥ ، والحويزي ( ت ١١١٢ هـ ) في نور الثقلين ٥ : ٦٩٠ ح ١٠.

١٧١

المذهب ، سمع فأكثر ، وصنّف كتباً ، وأضرّ في وسط عمره(١) .

وبنفس العبارة ذكره العلاّمة ( ت ٧٢٦ هـ ) في الخلاصة(٢) ، وببعضها ابن داود ( ت ٧٠٧ هـ ) في رجاله(٣) .

وقال العلاّمة المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) في الوجيزة : ثقة(٤) .

وقال الطهراني ( ت ١٣٨٩ هـ ) : كان في عصر أبي محمّد الحسن العسكري ( عليه السلام ) ، وبقي إلى ( ٣٠٧ ) ، فإنّه روى الصدوق ( ت ٣٨١ هـ ) في ( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ) عن حمزة بن محمّد بن أحمد بن جعفر ، قال : أخبرنا علي بن إبراهيم بن هاشم ( سنة ٣٠٧ ) ، وفي بعض أسانيد ( الأمالي ) و ( الإكمال ) ، هكذا : حدَّثنا حمزة بن محمّد ، بقم ( في رجب ٣٣٩ ) ، قال : أخبرنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، في ما كتبه إليّ في سنة سبع وثلاثمائة(٥) .

تفسير القمّي :

ذكر النجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) في ضمن كتبه كتاب التفسير ، وقال : وله كتاب التفسير.

ثمّ قال : أخبرنا : محمّد بن محمّد ، وغيره ، عن الحسن بن حمزة بن علي بن عبيد الله ، قال : كتب إليّ علي بن إبراهيم بإجازة سائر حديثه وكتبه(٦) .

____________

١ ـ رجال النجاشي : ٢٦٠ [ ٦٨٠ ].

٢ ـ خلاصة الأقوال : ١٨٧ [ ٥٥٦ ].

٣ ـ رجال ابن داود ١٣٥ [ ١٠١٨ ].

٤ ـ الوجيزة ( رجال المجلسي ) : ٢٥٥ [ ١١٩٣ ] ، انظر : منهج المقال : ٢٢٣ ، تنقيح المقال ٢ : ٢٦٠ ، قاموس الرجال ٧ : ٢٦٤ [ ٤٩٧٧ ] ، مجمع الرجال ٤ : ١٥٢ ، بلغة المحدّثين : ٣٧٩ [ ٣٢ ] ، جامع الرواة ١ : ٥٤٥ ، بهجة الآمال ٥ : ٣٥٤.

٥ ـ الذريعة ٤ : ٣٠٢ [ ١٣١٦ ] ، وانظر : عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ٢ : ٢٢٦ ح ١٣ ، والأمالي : ١١٦ ح ١٠١ ، و ٣٢٧ ح ٣٨٤ ، و ٧٠٨ ح ٩٧٦ ، ولم أجده في الإكمال.

٦ ـ رجال النجاشي : ٢٦٠ [ ٦٨٠ ].

١٧٢

وقال الشيخ الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) في الفهرست : له كتب منها : كتاب التفسير ، أخبرنا بجميعها جماعة ، عن أبي محمّد الحسن بن حمزة العلوي الطبري ، عن علي بن إبراهيم.

وأخبرنا محمّد بن محمّد بن النعمان ، عن محمّد بن علي بن الحسين ، عن أبيه ، ومحمّد بن الحسن وحمزة بن محمّد العلوي ومحمّد بن علي ماجيلويه ، عن علي بن إبراهيم ، إلاّ حديثاً واحداً ، استثناه من كتاب الشرايع في تحريم لحم البعير ، وقال : لا أرويه(١) .

وكذا نسبه إليه كلّ من تعرّض له.

وذكره الحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) في الكتب التي اعتمد عليها في الوسائل(٢) ، والمجلسي ( ت ١١١١ هـ ) ضمن مصادر البحار(٣) ، وذكر الحرّ طرقه إليه(٤) .

والتفسير المتداول الآن والمطبوع باسم تفسير القمّي ، يتكوّن من قسمين :

أحدهما : ما رواه علي بن إبراهيم القمّي ، والذي يمثّل تفسير القمّي في الواقع.

ثانيهما : روايات في التفسير عن أبي الجارود ، أدخلها في ضمن تفسير القمّي ، راوي التفسير أبو الفضل العبّاس بن محمّد بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) ، أو الراوي عنه ، حيث قال في أوّل التفسير ، في تفسير( بِْسمِ الله الرّحْمنِ اَلْرَحيمِ ) : حدَّثني أبو الفضل العبّاس ابن محمّد بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) ، قال : حدَّثنا أبو

____________

١ ـ فهرست الطوسي : ٢٦٦ [ ٣٨٠ ].

٢ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٥٧ [ ٤٦ ].

٣ ـ البحار ١ : ٨ و ٢٧.

٤ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٧٩.

١٧٣

الحسن علي بن إبراهيم(١) ، فقوله : ( حدَّثني ) يدلّ على شخص آخر غير أبي الفضل العبّاس ، ولكن الروايات المسندة إلى أبي الجارود ، رويت عن شيوخ معاصرين لعلي بن إبراهيم أو بعده بقليل ، كما ذكر ذلك الطهراني في الذريعة ( ت ١٣٨٩ هـ )(٢) ، ورجّح بسببه هو وغيره(٣) ، أنّ الجامع للتفسيرين هو أبو الفضل العبّاس بن القاسم.

وقد جاء في مقدّمة التفسير : ونحن ذاكرون ومخبرون بما ينتهي إلينا ، ورواه مشايخنا وثقاتنا عن الذين فرض الله طاعتهم ، وأوجب ولايتهم ، ولا يقبل عمل إلاّ بهم ، وهم الذين وصفهم الله تبارك وتعالى ، وفرض سؤالهم والأخذ منهم ، فقال( فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) (٤) ، حيث اعتمد هذه العبارة بعض أكابر الأعلام في توثيق كلّ رجال تفسير القمّي(٥) ، ولكن بعد أن حقّق آخرون أنّه يتضمّن تفسيرين لعلي بن إبراهيم وأبي الجارود ، قسّموا الرجال الواردين فيه ، إلى قسمين : الأوّل : رجال علي بن إبراهيم ، وهم المشمولون بالتوثيق ، والثاني : رجال أبي الجارود ، غير المشمولين بالتوثيق(٦) .

ولكن من أين يمكن إثبات أنّ المقدّمة هي لعلي بن إبراهيم ، بل بعد أن ثبت أنّ التفسير مجموع من تفسيرين بتوسّط شخص ثالث ; يترجّح أنّها ليست لعلي بن إبراهيم.

____________

١ ـ تفسير القمّي ١ : ٣٩.

٢ ـ الذريعة ٤ : ٣٠٤ ، في المتن والهامش.

٣ ـ أُصول علم الرجال : ١٦٤ ، كليّات في علم الرجال : ٣١٣.

٤ ـ تفسير القمّي ١ : ١٦ ، المقدّمة.

٥ ـ الحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) ، في خاتمة الوسائل ٣٠ : ٢٠٢ ، الفائدة السادسة ، ووافقه على ذلك السيّد الخوئي ( ت ١٤١٣ هـ ) ، في معجم رجال الحديث ١ : ٤٩.

٦ ـ أُصول علم الرجال : ١٦٥ ، كليّات في علم الرجال : ٣١٣.

١٧٤

فالمقدّمة تتكوّن من قسمين : القسم الأوّل صيغ بالأسلوب المعهود للمقدّمات ، من الحمد وذكر صفات الخالق جلّ وعلا ، والصلاة على النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وذكر معجزته القرآن الكريم ، ووصف أمير المؤمنين له ، وأنّ الأئمّة ( عليهم السلام ) هم العدل الثاني للقرآن ، ومن ضمنها العبارة التي نقلناها سابقاً في توثيق رواة التفسير ، وجاء في نهايته في بعض النسخ المطبوعة ( قال أبو الحسن علي بن إبراهيم الهاشمي القمّي ) ، كبداية للقسم الثاني.

والقسم الثاني : هو بعض الروايات في علوم القرآن ، مختصرة من روايات مبسوطة عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، أوردها النعماني بطولها في أوّل تفسيره ، وأخرجها منه المرتضى ، وجعل لها خطبة ، وتسمّى برسالة المحكم والمتشابه ، وأُدرجت بعينها في البحار(١) ، وذكر في بدايتها سندها ، وليس فيه علي بن إبراهيم ، وذكر في آخرها أنّه وجد رسالة قديمة مفتتحها ، هكذا : حدَّثنا جعفر بن محمّد بن قولويه القمّي ( رحمه الله ) ، قال : حدَّثني سعد الأشعري القمّي أبو القاسم ( رحمه الله ) ، وهو مصنّفه : الحمد لله ، روى مشايخنا ، عن أصحابنا ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : قال أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه ) : أنزل القرآن على سبعة أحرف ، وساق الحديث إلى آخره ، لكنّه غيّر الترتيب ، وفرّقه على الأبواب ، وزاد في ما بين ذلك بعض الأخبار(٢) .

أقول : وقد راجعت ما نقله من هذه الرسالة(٣) فوجدت فيه بعض روايات مقدّمة تفسير القمّي.

وقد أدخل كاتب هذه المقدّمة المختصرة بعض الروايات عن علي بن

____________

١ ـ الذريعة ٤ : ٣٠٢ ، والبحار ٩٣ : ١ ، باب [ ١٢٨ ].

٢ ـ البحار ٩٣ : ٩٧.

٣ ـ البحار ٩٢ : ٦٠.

١٧٥

إبراهيم فيها بصيغة : قال أبو الحسن علي بن إبراهيم ، وهي لا توجد في ما أورده المجلسي في البحار.

ثمّ جاء بعد المقدّمة سند التفسير ، بعد أن قال : أقول : تفسير( بِْسمِ الله الرّحْمنِ اَلْرَحيمِ ) حدّثني أبو الفضل العبّاس بن محمّد

فبملاحظة تأخّر السند عن المقدّمة ، وقوله فيه : حدّثني أبو الفضل العبّاس ، ووجود بعض روايات علي بن إبراهيم الواردة في المقدّمة بصيغة ( قال ) ، في ضمن الروايات المختصرة من روايات الإمام الصادق ( عليه السلام ) التي أوردها النعماني ، يصبح هناك شبه اطمئنان ، أنّ المقدّمة ليست لعلي بن إبراهيم ، أو على الأقلّ أنّ القسم الأوّل منها ليس لعلي بن إبراهيم ، إذا أخذنا بالحسبان ما ذكره بعض المحقّقين(١) ، رواها الشيخ حسن بن سليمان ( القرن التاسع ) في مختصر البصائر من مقدّمة التفسير ، وقال : حدَّثني أبو عبد الله محمّد بن مكّي بإسناده عن علي بن إبراهيم بن هاشم من تفسير القرآن العزيز ، قال : وأمّا الردّ على من أنكر الرجعة ، فقوله عزّ وجلّ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّة فَوْجاً ) ، قال علي بن إبراهيم : ، ثمّ روى ثلاث روايات من المقدّمة(٢) كلّها مرويّة عن علي بن إبراهيم.

مع ما موجود في بعض النسخ المطبوعة في بداية القسم الثاني من المقدّمة ، قال : أبو الحسن علي بن إبراهيم الهاشمي القمّي.

____________

١ ـ أشار إلى ذلك الشيخ الداوري في أُصول علم الرجال : ١٦٣ هامش (١) ، بقوله : والصحيح أنّها ـ أيّ المقدّمة ـ له ، وذلك لوجود أجزاء من المقدّمة في كلمات القدماء منسوبة إلى علي بن إبراهيم ، فلا وجه للإشكال ، أقول : لم يصرّح هنا بأنّ مراده من القدماء هو الشيخ حسين بن سليمان ، ولكنّي سألته شخصيّاً عنه ، فأجاب : هو الشيخ حسن بن سليمان في مختصر البصائر. ثمّ أنّ جواب الإشكال يأتي في المتن.

٢ ـ مختصر البصائر : ١٤٩.

١٧٦

ولكن الشيخ حسن بن سليمان من رجال القرن التاسع ، وكذا أستاذه الشهيد الأوّل ، مع أنّ سند الشهيد إلى كتاب التفسير هو من الإجازات العامّة ، وقد روى التفسير كاملا ، ووصله بشكله الذي وصلنا ، ونحن ندّعي أنّ كاتب المقدّمة متقدّم عليه ، بحدود ثلاثة قرون على الأقلّ ، إذا لم يكن أكثر ، فكيف يثبُت ما قاله هذا المحقّق؟ ومن الواضح أنّ الشيخ حسن قد فهم أنّ المقدّمة لعلي بن إبراهيم ، مثل ما فهم الحرّ العاملي والسيّد الخوئي ، وغيرهم ، وليس هناك دلالة على أنّ الشهيد الأوّل فهم مثل فهمهم ، وإنّما ذكر سنده إلى التفسير الذي وصله مع المقدّمة.

هذا كلّه إضافة إلى أنّ قوله في القسم الثاني من المقدّمة : ( قال : علي ابن إبراهيم ) ، يدلّ على شخص آخر ، وإلاّ لو كان الراوي هو علي بن إبراهيم لقال : حدَّثني أبي ، كما هو سائد في سائر التفسير.

والشخص الكاتب للمقدّمة ، إمّا أن يكون راوي التفسير أبو الفضل العبّاس ، أو شخص ثالث ، فأمّا أبو الفضل العبّاس ، فلم يذكر في كتب الرجال ، وإن ذكر في كتب الأنساب ، كما نقل صاحب الذريعة(١) ، وأمّا إذا كان الكاتب غيره فهو غير معروف ، وبالتالي فلا يمكن الاعتماد على ما في المقدّمة ، على كلا الاحتمالين ، إلاّ إذا استطعنا اعتبار شهادة كاتب المقدّمة بتوثيق شيوخه أيضاً ، ويكون توثيقاً لكلّ الشيوخ الواردين في أسانيد روايات التفسير ، سواء كانوا شيوخ القمّي أو أبي الجارود ، ولكن هذا يحتاج إلى تحقيق في وثاقة أبي الفضل العبّاس ، أو معرفة الراوي عنه ووثاقته.

ثمّ نجد في هذا التفسير بعض الروايات مسندة ، كما في الرواية الثالثة

____________

١ ـ الذريعة ٤ : ٣٠٧.

١٧٧

من حديث الثقلين ، وبعضها مصدّر بـ ( قال : علي بن إبراهيم ) ، الظاهر منه أنّه نظر وقول لعلي بن إبراهيم نفسه ، كما في الرواية الثانية ، إلاّ أن نقول : إنّ كلّ ما قاله في هذا التفسير مأخوذ من الأئمّة ( عليهم السلام ).

وروايات حديث الثقلين في التفسير كلّها عن علي بن إبراهيم ، فتكون بسند موثّق ، على مبنى من يقول بتوثيق رجال علي بن إبراهيم.

وعلى كلّ ، فروايات حديث الثقلين هنا متوافقة مع الروايات المرويّة في المصادر الأُخرى ، ولم تخرج في مضمونها عمّا هو مشتهر من حديث الثقلين.

١٧٨

(١٤) كتاب : تفسير العيّاشي

عيّاش السلمي السمرقندي ( ت حدود ٣٢٠ هـ )

الحديث :

الأوّل : عن أبي جميلة المفضّل بن صالح ، عن بعض أصحابه ، قال : [ لمّا [ خطب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يوم الجُحفة بعد صلاة الظهر ، انصرف على الناس ، فقال : « يا أيّها الناس ، إنّي قد نبّأني اللطيف الخبير ، أنّه لن يعمّر من نبيّ إلاّ نصف عمر الذي يليه من قبله ، وإنّي لأظنّني أُوشك أن أُدعى فأُجيب ، وإنّي مسؤول ، وإنّكم مسؤولون ، فهل بلّغتكم ، فماذا أنتم قائلون؟ »

قالوا : نشهد بأنّك قد بلّغت ونصحت وجاهدت ، فجزاك الله عنّا خيراً ، قال : « اللّهم اشهد ».

ثمّ قال : « يا أيّها الناس ، ألم تشهدوا أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، وأنّ الجنّة حقّ ، وأنّ النار حقّ ، وأنّ البعث حقّ من بعد الموت؟ »

قالوا : نعم ، قال : « اللّهم اشهد ».

ثمّ قال : « يا أيّها الناس ، إنّ الله مولاي ، وأنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ألا من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه ».

١٧٩

ثمّ قال : « أيّها الناس ، إنّي فرطكم ، وأنتم واردون عليّ الحوض ، وحوضي أعرض ما بين بصرى وصنعاء ، فيه عدد النجوم قدحان من فضّة ، ألا وإنّي سائلكم حين تردون عليّ عن الثقلين ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما حتّى تلقوني »

قالوا : وما الثقلان ، يا رسول الله؟

قال : « الثقل الأكبر كتاب الله ، سبب طرفه بيدي الله وطرف في أيديكم ، فاستمسكوا به ولا تضلّوا ولا تذلّوا ، ألا وعترتي أهل بيتي ، فإنّه قد نبّأني اللطيف الخبير أن لا يفترقا حتّى يلقياني ، وسألت الله لهما ذلك ، فأعطانيه ، فلا تسبقوهم فتضلّوا ، ولا تقصروا عنهم فتهلكوا ، ولا تعلّموهم فهم أعلم منكم »(١) .

الثاني : عن زرارة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : « خطب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالمدينة ، فكان فيها : قال لهم : » الحديث(٢) . أي الحديث السابق.

الثالث : عن مسعدة بن صدقة ، قال : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : « إنّ الله جعل ولايتنا أهل البيت قطب القرآن ، وقطب جميع الكتب ، عليها يستدير محكم القرآن ، وبها نوّهت الكتب ، ويستبين الإيمان ، وقد أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، أن يقتدى بالقرآن وآل محمّد ، وذلك حيث قال في آخر خطبة خطبها : إنّي تارك فيكم الثقلين : الثقل الأكبر والثقل الأصغر ، فأمّا الأكبر فكتاب ربّي ، وأمّا الأصغر فعترتي أهل بيتي ، فاحفظوني فيهما ، فلن تضلّوا

____________

١ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٧٦ ح ٣ ، في فضل القرآن ، وعنه الحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) في إثبات الهداة ١ : ٦٢٥ ح ٦٨٣ ، فصل [ ٣٨ ] ، والسيّد هاشم البحراني ( ت ١١٠٧ هـ ) في البرهان ١ : ١٠ ح ٩ ، وغاية المرام ٢ : ٣٤١ ح ٢٥ ، باب [ ٢٩ ] ، والعلاّمة المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) في البحار ٢٣ : ١٤١ ح ٩٢.

٢ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٧٧ ح ٥ ، في فضل القرآن ، وعنه المجلسي في البحار ٢٣ : ١٤٢ ح ٩٣.

١٨٠