موسوعة حديث الثقلين الجزء ١

موسوعة حديث الثقلين9%

موسوعة حديث الثقلين مؤلف:
الناشر: ستارة
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 978-600-5213-63-8
الصفحات: 619

الجزء ١ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 619 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 161424 / تحميل: 4918
الحجم الحجم الحجم
موسوعة حديث الثقلين

موسوعة حديث الثقلين الجزء ١

مؤلف:
الناشر: ستارة
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٦٣-٨
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

لزيادة مستوى الانتاج سمي حينئذ برأس المال المنتج، وتخصيص جزء من القيمة الزائدة الناتجة عن تركيب رأس المال الانتاجي مع العمل (كرأسمال انتاجي باعتباره ربحاً ناتجاً عن رأس المال) شيء له ما يبرره تماماً من الناحية الاقتصادية.

١٠ - يمكن للعمل المجمد (المخزون) أن يتحول الى استثمارات (الاشياء التي يمكن الاستفادة منها دون أن تفنى)، والانتفاع والربح الناتج من هذا النوع من رأس المال أمر له ما يبرره أيضاً من الناحية الاقتصادية.

١١ - العمل المجمد (المخزون) في شكل رأس مال تجاري غير منتج، ولهذا يعتبر الربح الناتج عن هذا النوع من رأس المال أمراً ليس له ما يبرِّره من الناحية الاقتصادية بأي شكل من الأشكال، وهو كالربا.

١٢ - الذين يعملون في توزيع البضائع يمكن لثمن بيعهم أن يكون أكثر قليلاً من ثمن شرائهم ولكن يجب أن يكون هذا المبلغ المضاف في مقابل عملهم اليومي في البيع والشراء وباقي مصاريفهم الأخرى، دون التطرف الى الربح الناتج عن رأس المال المتداول، وعمل هؤلاء في هذه الحالة هو من المضاربة أو ما يشبهها.

١٣ - ان طاقة العمل المستهلكة على شكل عمل خدمي يفصل بين الانتاج والاستهلاك يجب أن تبلغ الحد الأدنى من الاستهلاك والطاقة الانسانية (الوسطاء).

١٤ - المزارعة والمساقاة عبارة عن اقتران العمل الانتاجي لشخص معين بالعمل الانتاجي لشخص آخر، أي أن يشترك شخصان في انتاج واحد خلال فترتين من الزمن ويجب - بالطبع - تقسيم حصيلة الانتاج بينهما.

١٥ - المضاربة الحقيقية تعني في الواقع اقتران العمل الانتاجي بالعمل الخدمي (توزيع البضائع)، ولو تم تقسيم حصيلة الأمر بين طرفي المضاربة، فلن يكون ذلك بمعنى الربح الناتج عن رأس المال التجاري غير المنتج، بل يعني تقسيم الأموال الحاصلة بين العمل الانتاجي لصاحب البضاعة وبين العمل الخدمي لبائعها.

١٦ - الايجار والمزارعة والمساقاة والمضاربة التي وردت في الفقه الاسلامي أمور تتوافق مع الأسس التحليلية التي ذكرناها بصدد الملكية، وهي جديرة بالقبول، ولها ما يبررها من ناحية المنطق الفطري.

١٧ - لا يعتبر ايّ من هذه المعاملات استغلالاً في حد ذاته، وهناك

٦١

أسباب للظلم والاجحاف واستغلال أصحاب الدخول الواطئة، وظهور الدخول الفاحشة، يمكن تلخيصها في عاملين أساسيين :

أ - الاجحاف في الأسعار (أسعار أجور الأيدي العاملة، أسعار البضاعة، اسعار اجور النقل والايجار، أسعار توزيع الحاصل بين طرفي المساقاة والمضاربة والمزارعة وأمثال ذلك).

ب - اضطرار من يمتلكون طاقة العمل الى بيع تلك الطاقة لأصحاب رؤوس الأموال ووسائل العمل.

١٨ - يتمثل العلاج الجذري لهذا الأمر في التزام كلٍّ من المجتمع والدولة بإعطاء رأس المال ووسائل العمل لكل من هو قادر ومستعد لإنجاز العمل الانتاجي أو الخدمي ليتمكن من تشغيلها بصورة فردية أو جماعية (شركات مساهمة أو تعاونية) وأمثال ذلك، ويجب على الدولة - اضافة الى ذلك - التدخل في مسألة تحديد الاسعار في الحالات الضرورية.

١٩ - يجب في نظامنا الاقتصادي الاهتمام بالأمور المهمة التالية :

أ - تأمين حرية العاملين الى أقصى حد ممكن لكي لا يفرض عليهم نوع العمل ومكانه وساعاته وكيفيته وامثال ذلك، وأن تجري حقاً وفقاً لاختيارهم وحساباتهم الحرة.

ب - ازدياد دوافع الانسان نحو الانتاج الأكثر يوماً بعد يوم وأن يقوى الدافع الذاتي ويشتد لدى أفراد المجتمع يوماً بعد آخر.

ج - وضع امكانات العمل الاقتصادي تحت تصرف الأفراد. وهذا مما يعد واحداً من طرق ضمان المبدأين السابقين.

وبناءً على ما تقدم فان ما نطرحه كمبادئ عامة لاقتصادنا الذي نصبو الى تحقيقه عبارة عن توفير امكانيات الانتاج والقيم الاستهلاكية المنتجة مع رفع مستوى الدافع الذاتي للانتاج وحرية أصحاب طاقات العمل.

٢٠ - المجتمع والدولة والافراد ملزمون تجاه المستهلكين العاجزين عن الانتاج أو الذين فقدوا قدرتهم عليه أو العاجزين عن انتاج القدر الكافي من المصاريف التي يحتاجون اليها (بتوفير ذلك لهم) وهذا مما يكمل المبادئ التي ذكرت بهذا الشأن ليكون نظامنا الاقتصادي مقترناً الى أبعد حد ممكن بالحرية والوفرة، وبعيداً قدر الامكان عن أعمال التمايز والفوارق في الداخل.

٦٢

٢١ - ينبغي لنظام الضرائب أن يكون على شكل ضرائب مباشرة على الدخل، ونموذج ذلك :الخمس كضريبة على الدخل الصافي في بعض الحالات، وكضريبة على الدخل الاجمالي في حالات أخرى، والزكاة التي هي بشكل عام ضريبة على الدخل الاجمالي. وهذان نموذجان من الضرائب المباشرة.

٢٢ - ان مسائل الأملاك العامة، والانفال، وحدود الحيازة، والاستفادة من المصادر الطبيعية، من العوامل المهمة التي ينبغي الاهتمام بشأنها.

٢٣ - ان المسائل المتعلقة بإحياء الأراضي، ومبدأ ملكية الأرض لمن يحييها، وآثار ذلك من المسائل الدقيقة، وهي الطريقة التي ينبغي الاهتمام بها بدقة، والتي تلعب دوراً مهمّاً في اقتصادنا في مجال المعاملات المتعلقة بالأرض وتحديد كيفيتها.

وبتركيب هذه العوامل تركيباً دقيقاً، وبعد خطط تنفيذية مدروسة ومجربة، يمكننا إيجاد نظام اقتصادي جديد ليس كالاقتصاد الرأسمالي (الذي يطلق العنان عملياً للمنتفعين ويوقع المستغَلين في شراك المستغِلين)، ولا هو كالنظام الاشتراكي الحكومي (الذي يخنق عملياً كثيراً من الحريات أو يبطل مفعولها، ويخلق من الدولة رأسمالياً كبيراً وقوياً).

العمليات المصرفية والقوانين المالية في الاسلام (الربا في الاسلام)

لقد شاركت في عدة محافل دينية طُرِحَت فيها مسألة الربا وحُرمَتِهِ الاسلام، وبُحِثَ فيها هذا الموضوع من مختلف جوانبه.والربا من اكثر المواضيع الاقتصادية والدينية أهمية، ويجب اجراء تحقيقات واسعة بشأنه فهناك مسائل كثيرة تتعلق بموضوع «الربا في الاسلام» يجب بحثها بتعمق وسوف نشير اليها هنا بشكل مجمل :

١ - ما هو الربا ؟ وهل ان العرف الشائع في العالم البوم - بغض النظر عما هو في الاسلام كعرف الشعوب غير الاسلامية مثلاً - يطلق اسم الربا على جميع الموارد التي اعتبرها الشرع ربا ؟ فلو كان مثلاً سعر الكيلوغرام الواحد من القمح يعادل (٦) ريالات، وسعر الكيلوغرام الواحد من الشعر يعادل (٣) ريالات، وقد باع شخص لآخر (٢٠) كغم من القمح في مقابل (٤٠) كغم من الشعير فهل يعتبر هذا آكلاً للربا ؟

٢ - الربا في الشرائع السماوية التي سبقت الاسلام.

٣ - الربا عند قريش والقبائل الأخرى في مكة والمدينة ومدن الحجاز الأخرى من غير اليهود والنصارى.

٦٣

٦٤

٦٥

٦٦

٤ - الربا في الشرع الاسلامي.

٥ - الربا في القروض والبيع والمعاملات الأخرى.

٦ - المكيل (ما يكيلونه عند التعامل به) والموزون (ما يزنونه عند التعامل به) والنقدان (الذهب والفضة المسكوكان).

٧ - ما كان غير هذه الأقسام الثلاثة من قبيل المعدود (ما يعدّونه عند التعامل به).

٨ - هل ان القرض المعدود يخلو من الربا أيضاً ؟ (يجب التنبه هنا الى اطلاق الروايات الواردة حول المعدود).

٩ - هل ان الأوراق النقدية بحكم النقدين أيضاً ؟ أم أنها بحكم البضائع الأخرى ؟

١٠ - وماذا عن الأوراق الرابحة الأخرى ؟

١١ - ألا يفترض تحقق الربا حين التعامل بالأوراق النقدية بشكل عام ؟

١٢ - ماذا يعني الاحتيال من أجل التهرب من الربا ؟

١٣ - الأمور الاعتبارية والفرضية والفرق بينها.

١٤ - العمليات المصرفية والقوانين المالية في الاسلام.

هذه هي المسائل الأساس لهذا البحث والتي جرى البحث في بعض منها في عدة محافل دينية أشرت اليها آنفاً ومن هذا القبيل المسألة الأخيرة إذ بحثت في جلسة أو جلستين وستنشر نتيجة ذلك البحث في هذا الكتاب لكي يبحثها ويطلع عليها أصحاب العلاقة فيكملوها بالبحث والتمحيص والانتقاد.

ان دراسة الربا من جميع نواحيه التي أوردناها من الواجبات الاسلامية في مجال العلم والبحث، ونأمل ان تستنفر الهمم من أجل تحقيق كامل وشامل بهذا الصدد مع الأخذ بنظر الاعتبار ما ورد في الآيات والروايات، وما قاله وكتبه في ذلك فقهاء الشيعة والسنة، وكذلك دراسة الابحاث العلمية التي أجراها علماء الاجتماع والحقوقيون، ثم مقارنة تلك الابحاث بالروايات التي وردت بشأن مسألة تحريم الربا، لكي تنجلي على ضوء ذلك جميع الابهامات الموجودة بشأن الربا أو أكثرها.

٦٧

البنك

يمكن تقسيم العمليات المصرفية بصورة عامة الى قسمين :

القسم الأول هو الذي لا يقترن بالفائدة عادة.

والقسم الثاني هو هو ما يقترن عادة بالفائدة.

أما القسم الأول : فيشمل الحوالات والكمبيالات، والحساب الجاري، والصكوك، وحساب التوفير غير المصحوب بالفوائد، وباقي عمليات تبادل العملة والأوراق النقدية.

وأما القسم الثاني فيشمل منح الاعتمادات أو القروض التجارية والصناعية والزراعية والمهنية، وقروض بناء المساكن، وإنشاء المصانع، وأمثالها.

القسم الأول من العلميات المصرفية

يسهم القسم الأول من العمليات المصرفية اسهاماً كبيراً في تسهيل أمور الحياة وعمليات البيع والشراء دون أن يجلب بحد ذاته ضرراً على الفرد أو المجتمع.

لنفترض مثلاً أن هناك شخصاً في مدينة (خوي) أو (عبادان) ينوي أن يرسل شهرياً المصاريف الدراسية لولده الذي يدرس في احد المراكز العلمية كحوزة قم أو جامعة طهران، أو أن هناك تاجراً في (قوجان) أو (زاهدان) يريد إرسال ثمن بضاعة اشتراها بالآجل من صاحب له في أصفهان، فعلى مثل هؤلاء إما أن يتحركوا من أماكنهم ويتحملوا متاعب ومصاريف كثيرة ويبذلوا الكثير من وقتهم لايصال المبالغ الى اصحابها ثم العودة من هناك، وإمّا أن يرسلوها بوساطة شخص أمين وموضع ثقة، وإمّا أن يعثروا بعد جهد جهيد على تاجر في مدينتهم يتعامل مع تاجر آخر في اصفهان فيحوّلوا المبلغ بوساطته، فضلاً عن وجود حالات من القلق والاضطراب في كل من الحالتين الأخيرتين.

أفليس من الافضل - والحال هذه - ايجاد مؤسسة واسعة وجديرة بالثقة لإنجاز هذا العمل بأقل كلفة وأكبر ثقة.

ثم لنفترض أن هناك شخصاً منهمكاً في البيع والشراء منذ الصباح وحتى المساء ويجب أن يأوي الى بيته في المساء ليقضي أوقات استراحته مع زوجته واطفاله مطمئناً مرتاح البال ولكنه يملك في دكانه ألف تومان أو أكثر لو

٦٨

أخذها معه فقد تسرق من جيبه ولو أبقاها في الدكان فقد تكون من نصيب اللصوص، وهكذا نراه منشغل البال في كيفية المحافظة على هذا المبلغ الأمر الذي يسلب النوم من عينيه، فأي شيء أفضل من أن تكون هناك مؤسسة يودع فيها نقوده كل يوم لتحفظها في مكان آمن، مع ما يلزم ذلك من استعدادات، ثم تضعها تحت تصرفه أو تصرف غيره بصك يكتبه.

أو لنفترض أن هناك رجلاً أو امرأة أو طفلاً يقتصد في مصاريفه ويفكر بعاقبة أمره فيوفر مبلغاً من دخله اليومي البسيط لكي يكون له عوناً في يوم قد يحتاج اليه فلا يمد يده لطلب المساعدة من هذا وذاك، وقد أصبحت المحافظة على هذا المبلغ مع تفاهته مشكلة من مشاكله فهو من جهة تخطر على باله كل حين فكرة تشجعه على صرف ما وفره وهو من جهة أخرى يخشى من أن تمتد يد آثمة فتختطف منه (في ثوان) ما ادخره في عدة سنين، ولو جعل هذا المبلغ تحت تصرف هذا الشخص أو ذاك فقد يتبدد أو لا يستطيع الحصول عليه وقت الحاجة، أما لو تحملت مؤسسة جديرة بالثقة مسؤولية الحفاظ على هذا المبلغ واعطائه لاصحابه متى ما طلبوا ذلك فلسوف يكون ذلك نعمة كبيرة بالنسبة لهم.

في عمليات البيع والشراء بالجملة يصعب حساب النقود خاصة اذا كانت تشكل مبلغاً كثيراً يتألف من فئات نقدية صغيرة اذ يستهلك الكثير من الوقت ويؤدي الى جانب ذلك الى الوقوع في الخطأ، فلو انجز هذا النوع من المعاملات بتبادل الصكوك على الحساب الجاري لما استغرق الا القليل من الوقت ولتجنب الوقوع من خطأ يصعب تداركه.

هذه وأمثالها من المزايا الثمينة التي لا يمكن انكارها للمؤسسات المصرفية التي يعتبر غض النظر عنها في أمور الحياة - خاصة حياة هذا العصر المليئة بالعلاقات والأواصر - أمراً غير معقول.

فالبنوك بما تملكه من تشكيلات واسعة ومنظمة، وموقع باعث على الثقة، تصلح كثيراً لتلبية هذا الجزء من حاجات الحياة اليومية، تلك الحاجات التي تكفي لإثبات ضرورة وجود المؤسسات المصرفية.

ولكن تحريم الربا مهما افترضنا له من دائرة واسعة، لا يوجه أقل ضربة الى هذا النوع من الأعمال المصرفية، اذ يمكن - في المجتمع الاسلامي للأفراد أو

٦٩

الدولة على حد سواء - ايجاد المؤسسات اللازمة لانجاز مثل هذه الأعمال واستحصال أجرة كافية، وبنسبة مئوية معينة في مقابل ما ينجزونه من هذه الأعمال.

ولا مانع أبداً من أن تعمد البنوك - بدلاً من انجاز معاملات الحساب الجاري مجاناً واعطاء فوائد لحسابات التوفير اضافة الى ذلك ثم تعويض هذه الفوائد والمصاريف الادارية الأخرى والأرباح الفاحشة لاصحاب البنك عن طريق أكل الربا واستحصال الفوائد من المقترضين - الى استحصال أجور كافية للمعاملات المتعلقة بالحسابات الجارية وحسابات التوفير - كما هو الأمر في الحوالات والكمبيالات - وتأمين المصاريف الادارية وأرباح أصحاب البنك عن هذا الطريق.

وطبيعي أنه لا يمكن مع وجود البنوك الحالية التي تأخذ الربا، وتنجز معاملات الحساب الجاري مجاناً، وتعطي لحساب التوفير بعض الفوائد، إيجاد بنك على أساس هذه الأطروحة، ولكن لو طبقت القوانين الالهية فمنع أكل الربا في كل مكان حتى في البنوك الحكومية فستضطر جميع المؤسسات المصرفية الى استحصال أجور في مقابل الحساب الجاري وحساب التوفير وسيوافق الناس طوعاً أو كرهاً على دفع الأجور اللازمة لغرض تسهيل أعمالهم وارتياح بالهم، فيؤدي ذلك الى ازدهار الأعمال المصرفية دون التلوث بالربا.

وعلى هذا الأساس فإن تحريم الاسلام للربا تحريماً تاماً وشاملاً لا يمنع بأي شكل من الأشكال من انجاز القسم الأول من العمليات المصرفية، ولا يحرم المجتمع الاسلامي من هذا النوع من التسهيلات المربحة والمرفهة.

القسم الثاني من العمليات المصرفية

ان هذا النوع من العمليات بالشكل الذي تنجز به اليوم في أغلب مناطق العالم لا يهدف الى مجرد تحسين الوضع الاقتصادي، بل ان الهدف الأصلي لمثل هذه العمليات المصرفية يتمثل في الاعم الاغلب في أكل الربا ولكن مع شيء من السيطرة والنظام والتشكيلات الظاهرية ذات الجلال والأبهة، فإن كان لها أثر في تحسين الوضع الاقتصادي وتقدم العلم والصناعة فهو من الأمور الفرعية.

ان هذه البنوك سواء أكانت خاصة أم حكومية أم دولية، تسعى دائماً

٧٠

الى ايجاد أفضل الطرق لتشغيل رؤوس أموالها في طريق أكل الربا، ولو وجدنا في بعض المواقع ان أصحاب البنوك هذه يسعون إلى منح فروض أو اعتمادات مصرفية من أجل تثبيت دعائم اقتصاد مؤسسة معينة، أو شعب معين، أو شعوب العالم كافة، فقد رقت قلوبهم لأنفسهم لا لتلك المؤسسة او الشعب أو سكان الارض. إنهم رأسماليون أذكياء يسعون للحفاظ على أرضية حصولهم على الربح على الدوام، فهم كالطفيليات التي فكرت بعاقبة أمرها فاستقرت على جسم معين وأخذت تمتص من دمائه الى درجة لا تجعله يموت بل تبقي على رمق منه ليبقى بين الموت والحياة فيؤمن قوتها.

وقد حرمت القوانين المالية والتجارية في الاسلام هذا الجانب الذي يدخل ضمن القسم الثاني من العمليات المصرفية بلا شك، وبهذا التحريم لا تبقى رغبة لدى أصحاب رؤوس الاموال الخاصة في تشغيل رؤوس أموالهم في مجال منع الاعتمادات والقروض المصرفية، ومنح القروض عديمة الفائدة، وهنا تطرح المشكلات التالية :

١ - ان الأعمال الصناعية والزراعية الضخمة، والأعمال المتعلقة بالنقل والتجارة، ورؤوس الأموال الكبيرة، تتطلب تأمين القسم الأعظم من رأسمالها عن طريق القروض المصرفية عادة، فلو حرمت القروض ذات الفائدة، لأدى ذلك الى إنزال ضربة بتوسيع هذه العمليات ثم بتقدم العلم والصناعة والاقتصاد نتيجة لذلك.

٢ - يحدث كثيراً ان يقع العامل أو الصانع أو المزارع في ضائقة مالية لا يحلها الا قرض بسيط يكون نعمة كبيرة له مع كونه ذا فائدة (ربا)، ولكن تحريم الفائدة يغلق الطريق أمام مثل هذه الحلول مما يؤدي الى حرمان عائلة كاملة في اكثر الأحيان.

٣ - ان قروض بناء المساكن والقروض المعطاة لفتح مجالات العمل تعتبر - مع كونها مصحوبة بالفائدة - وسيلة لرفاه الطبقات المحرومة، ولا ينبغي بتحريم الفائدة أن تحرم تلك الطبقات من هذه الوسيلة فتظل تحت وطأة الفقر والحرمان.

٧١

حل المشكلة

رأسمال كبير أم رأسمالي كبير ؟

لقد خلط بين هذين الاثنين في المسألة الأولى، فلا ريب في وجود حاجة الى رأسمال كبير من أجل انجاز الأعمال الكبيرة والواسعة في مجال الصناعة والزراعة، والتقدم العلمي والفني، ولكنه لا يشترط أن تكون رؤوس الاموال الكبيرة هنا مرتبطة دوماً بشخص معين، أو عدة أشخاص محددين، ولا تنحصر طريقة ايجاد رؤوس الأموال الكبيرة بهذه الطريقة المعتادة في الدول الرأسمالية وفي الحصول على القروض ذات الفائدة القليلة أو الكثيرة من البنوك.

فهناك طرق كثيرة أخرى لتكوين رؤوس الاموال الكبيرة تحظى باهتمام خبراء العالم الاقتصاديين منذ مدة طويلة، إذ يمكن بانشاء الشركات المساهمة الكبيرة وتعاونيات الانتاج، وتعاونيات الاستهلاك، وتعاونيات الانتاج والاستهلاك، وتكوين رؤوس أموال كبيرة تتعلق برأسماليين صغار وتشغيلها في طريق تقدم الأعمال الاقتصادية وتوسيعها دون أن يكون هناك موضع قدم للرأسماليين والمرابين.

والربح الحاصل من هذا النوع من الشركات يقسم بين اكبر عدد من الأفراد مما يؤدي الى عدم تمركز الثروة عند مجموعة محدودة ويساعد أيضاً على تحقيق العدالة الاجتماعية والتغيير الاقتصادي، وهو من الطرق المؤدية الى منع ظهور رأسماليين كبار مترفين ومنعمين ومسرفين وراكضين وراء الكماليات في المجتمع، ومنع حدوث فوارق اقتصادية كبيرة بين أفراد الأمة.

وعلى هذا الأساس لا يعتبر تحريم الربا مما يمنع ايجاد رؤوس الأموال الكبيرة وحسب، بل ويمنع من ظهور رأسماليين كبار أيضاً، وهو أفضل ما نطمح اليه جميعاً، ويمثل ما أراده الاسلام وأراده عامة خبراء الاجتماع التقدميين في القرون الأخيرة، ولو طبق هذا الأمر لما برزت هذه الأنظمة المتطرفة التي تطالب بالتجديد والتحديث.

وفضلاً عن ذلك يمكن للحكومات الصحيحة والصالحة رصد رؤوس الأموال للأمور المتعلقة بالصناعات الضخمة، ومشاريع الري والزراعة، بصورة أفضل كثيراً مما يفعله الرأسماليون في القطاع الخاص ولأن الحكومة الصالحة

٧٢

تمثل الشعب الذي نصبها لهذه الأمور فان رؤوس الأموال هذه سوف تستثمر حتماً لتحقيق مصالح الشعوب ومنافعها.

ان تأميم الصناعات الضخمة في البلدان الرأسمالية، وقيام الحكومات بإنشاء السدود وشق الطرق ومد السكك الحديد وخطوط ملاحة السفن، والتقدم المدهش في المجالات العلمية والفنية والاقتصادية للبلدان الاشتراكية، من الأمور التي توضح أن طريق تخصيص رؤوس الأموال الكبيرة لا ينحصر في كبار الرأسماليين المرابين فقط.

ولو افترضنا أن الحكومات لا تمثل تجاراً وأرباب عمل جيدين، وانه من الأفضل لنا أن نعطي ادارة الامور الاقتصادية وحتى الثقافية والصحية والعمرانية للافراد، لتكون عرضة للتنافس الحر، وأنه ينبغي على الدولة الامتناع عن التدخل المباشر في هذا النوع من الأعمال لتفتح الطريق بشكل تام أمام استثمار الامكانات الثرَّة للأفراد، ومن ثم توجيه عمليات القطاع الخاص الوجهة الصحيحة وفقاً لمصالح جماهير الشعب الواسعة، ففي هذه الصورة يتوجب على الدولة أن تخصص جزءاً من الميزانية العامة لإنشاء بنوك خاصة بإعطاء هذا النوع من المساعدات الاقتصادية لتتمكن من منح القروض الكبيرة والصغيرة الخالية من الفوائد للافراد أو للمؤسسات الخاصة، فتمسك بهذه الطريقة بشريان اقتصاد البلاد بصورة أفضل، وهذا الوضع يساعد في حد ذاته في سيطرة الدولة على اقتصاد البلاد ويمنحها فرصة مناسبة وحساسة جداً لتقدم في منح القروض مصالح الأمة على المصالح الخاصة بالذين يحصلون على تلك القروض فيشتغل رأس مال الشعب بأيدي الافراد من أجل تحقيق مصالح الشعب نفسه، لا من أجل تراكم الثروات الشخصية واكتناز الأموال. ويمكن للدولة أن تستحصل من الارباح الناتجة عن هذه القروض، ضرائب عالية لصالح الشعب فتصرفها في سبيل رفاهه، وهذا أيضاً طريق لمنع ايجاد أشخاص مترفين وغارقين في اللذائذ والكماليات والأمور التافهة الأخرى، وظهور فوارق طبقية كبيرة داخل الأمة الواحدة، أما فيما يخص المسألتين الثانية والثالثة فهناك طريقان للحل :

١ - مؤسسات قرض الحسنة الفردية والجماعية :

نظراً للثواب العظيم الذي عينه اللّه تعالى لقرض الحسنة حيث فضله حتى

٧٣

على الصدقة والمساعدات بلا عوض، ولو أجري تخطيط صحيح لهذا العمل مع شيء من الدعاية والاعلام فسوف يفتح الطريق أمام ظهور هذا النوع من المؤسسات.

وتستحصل مؤسسات قرض الحسنة أجراً مناسباً وبنسبة مثوية معينة من أجل تأمين مصاريفها الاعتيادية ولكن ليست هناك أية فائدة على أصل القرض، ولا توجد أية أرباح في الميزانية السنوية لهذه المؤسسات.

وهناك مسألة طريفة فيما يخص قرض الحسنة، وقد لم يلتفت اليها أحد حتى الآن، فطبقاً للقوانين الاسلامية تسري على النقد والذهب والفضة (التي تبلغ الحد المقرر وتبقى مجمدة أكثر من أحد عشر شهراً) ضريبة الزكاة، أي تلك الضريبة الاسلامية الخالدة التي تبلغ نسبتها ٥ / ٢ % ولو حصل في أثناء السنة أن أجريت على هذا النقد معاملة ولو لمرة واحدة كأن يعطى كقرض مثلاً فلن تسري عليه هذه الضريبة بعد ذلك.

ولو كان يسري على الأوراق النقدية حكم الذهب والفضة في مسألة الزكاة، وعمل بالاحتياط فيما يخص هذه الأوراق وفرضت الحكومة الاسلامية ضريبة تشبه الزكاة على تلك الأوراق النقدية التي بلغت الحد المقرر، فسوف يؤدي ذلك بحد ذاته الى توفر رؤوس أموال كثيرة لإيجاد مؤسسات فردية، أو جماعية، أو نصف حكومية، لمنح قرض الحسنة، وسوف تسيل رؤوس الأموال الوطنية، ولو تقرر أن يكون الادخار الوطني خالياً من الفائدة أيضاً فسوف يظهر طريق آخر لتأمين رؤوس أموال هذه المؤسسات.

٢ - البنوك الحكومية

لو لم تحصل نتيجة كافية من اتباع الطريقة الأولى، فسوف يصبح على عاتق الدولة تخصيص مبالغ من الميزانية العامة لغرض تأسيس بنوك لمنح القروض المهنية والصناعية والزراعية، وقروض بناء المساكن، وفتح مجالات العمل، على أن تستحصل هذه البنوك أجراً متناسباً مع مصاريفها الجارية دون فرض أية فائدة على القرض نفسه.

وقد كان تأسيس البنوك الزراعية والرهنية وبنوك فتح مجالات العمل في ايران يهدف في البداية الى تحقيق هذا الغرض واتباع هذا الاسلوب، ولم يكن

٧٤

من المقرر أن تجني هذه البنوك أرباحاً للدولة، حتى أن بنوك فتح مجالات العمل لم تكن تؤمِّن مصاريفها الجارية.

ولكنهم وللأسف عمدوا خلال السنوات القليلة الى اضافة رؤوس الأموال الخاصة الى رأسمال الشعب في هذه البنوك بحجة زيادة رأسمالها فتحولت الى مؤسسات مرابية، وفقدت عندئذ خصوصياتها التعاونية والمسهِّلة للأمور.

نتيجة البحث

ان تحريم الربا لا يوجه ضربة الى أيٍّ من المصالح الاجتماعية والاقتصادية الوطنية التي تحققها البنوك.

ان انشاء البنوك بشكل صحيح خال من الفائدة مع استحصال شيء من الأجور من أجل رفاه الشعوب وسعادتها لا يعتبر أمراً غير محرم فحسب، بل هو من الواجبات الكفائية ومن مسؤولية الحكومات.

ان ما حرّم بتحريم الربا هو البنوك ذات الفوائد التي تعمل من أجل أكل الربا، وتحقيق مصالح الرأسماليين المرابين، وايجاد طبقة مترفة مسرفة، تركض وراء الكماليات والتفاهات، وهذا بحد ذاته من أعظم مزايا القوانين المالية والتجارية في الاسلام.

الضرائب في الاسلام

٧٥

٧٦

مقدمة

مع أفضل تحية وسلام الى أولئك الأطهار الذين بذلوا أنفسهم في سبيل اللّه، والذين سطروا المفاخر للاسلام وأمة الاسلام في تلك المحاريب النورانية المتلألئة والمخضبة بالدماء، والذين ارتهن وجود هذه الثورة الاسلامية وتقدمها بأعمالهم العبادية البطولية، وتحية اليكم أيها الاخوة والأخوات إذ تسعون في هذه البحوث والندوات الى توضيح طريقة تطبيق نظام الاسلام النقي والخالص، في المجالات الاجتماعية والادارية والسياسية والقضائية والاقتصادية والثقافية، وآمل أن نكون بكل اخلاص واندفاع سالكين في هذا الطريق، وأسأل اللّه تعالى أن يجعل برامجنا هذه مليئة بالحركة، ومستنيرة بالعشق الالهي، والرغبة في تحقيق الاهداف المقدسة، كي لا تتحول أبداً مساعينا هذه الى مساعٍ أكاديمية عديمة الرونق وقليلة الأهداف.

اننا لو بلغنا ذلك اليوم الذي نجد فيه مداد العلماء ودماء الشهداء تسير معاً في خط واحد ونحو هدف مشترك، ونرى فيه كل من يستقر في مواقع القتال، ومن يطير بنسور الحديد، ومن يعمل في قلب حيتان الحديد التي تمخر عباب البحار، ومن يعمل في وزارة الاقتصاد والمالية للجمهورية الاسلامية، ومن يلقي الدروس

٧٧

٧٨

على طلبته ومن يعمل في الحقول والمزارع قد اشتركوا جميعاً بروح واحدة، ويسعون لتحقيق هدف واحد، فحينئذ نستطيع التأكد من أن الجمهورية الاسلامية بدأت تتجه نحو النمو والتفتح، ومن المؤكد أنه لو حصل غير هذا في يوم من الأيام فان هناك خطراً كبيراً ومرعباً يهدد أصالتنا ووجود حركتنا الثورية المشعة.

شكراً لجميع الإخوة والأخوات أعضاء الجمعية الاسلامية لوزارة الاقتصاد والمالية الذين بذلوا الجهود لاقامة هذه الندوة وهذا الملتقى، وينبغي لهذه الجهود أن تستمر ويجب على العناصر المسلمة والملتزمة في المؤسسات الحكومية أن يشعروا كلما تقدم بنا الزمن أن جميع الأعمال قد تم ترتيبها لتسير نحو تحقيق النظام الاسلامي، وأن يعتبروا أنفسهم مسؤولين ومؤثرين في عمليات التخطيط والمساعي المبذولة بهذا الشأن، ونأمل من الوزراء ومعاونيهم والمسؤولين الذين يتحملون قدراً من المسؤولية أكبر من غيرهم في وزارة الاقتصاد والمالية والمؤسسات التابعة لها وجميع المؤسسات الحكومية في الجمهورية الاسلامية أن يلتفتوا الى ما يبديه المسلمون الملتزمون في هذه المؤسسات من رغبة وشوق لهذا النوع من الخطط والأعمال والبرامج، ويعتبروا ذلك واحداً من الواجبات الملقاة على عواتقهم، ويتحركوا بشكل يجعل هذه الرغبات تزداد يوماً بعد يوم.

أيها الإخوة والأخوات لا ينبغي لأحد أن يتصور أن مرحلة تحمل أحد منا المسؤولية في هذه الثورة الاسلامية العظيمة والنورانية قد انتهت، أو أن مسؤولياتنا قد خَفَّت، يشهد اللّه أن مسؤولياتنا تثقل وتصعب يوماً بعد يوم، ويجب علينا أن نبدي استعداداً أكبر لتحمل هذه المسؤوليات، يجب علينا أن نعتقد جميعاً بوجوب العمل المستمر ليلاً ونهاراً، وأن نحمل في الليل والنهار همَّ تطوير هذه الأمة والمحافظة على أهدافنا واستقلالنا والعودة الى ذواتنا، لأن اعداءً كثيرين قد كمنوا لنا في داخل الحدود وخارجها، أولئك الأعداء الذين لا ينبغي لنا أبداً احتقارهم واستصغار شأنهم، آملين بعون اللّه وهدايته أن تبقى روح السعي وبذل الجهود لدى الجميع يقظة ومثمرة بشكل يجعل أصدقاءنا أكثر رغبة وأملا واندفاعاً يوماً بعد آخر، وأعداءنا أكثر انغماساً في الحسرة واليأس يوماً بعد آخر.

الضرائب في الاسلام

في الاسلام - كما تعلمون - عبادات مالية، فكما أن المسلم يصلي للّه أو

٧٩

يصوم له ويعبده، فانه أيضاً يدفع الزكاة من أجل اللّه، فيعبده عن طريق دفع الزكاة وانفاق الأموال في سبيله، فالذي ينفق ماله في سبيل اللّه يعتبر مجاهداً كالذي يبذل نفسه في سبيله.

( والمجاهدون في سبيل اللّه بأموالهم وأنفسهم ) .(١)

وحين تؤمن نفقات الجهاد والحرب مع العدو فان دفع هذه النفقات مشاركة في الجهاد وهو من العبادات أيضاً، وهناك تصنيف فقهي بهذا الشأن يخصص فصلاً للعبادات المالية اضافة الى العبادات الجسدية، والخمس والزكاة شكلان من أشكال الانفاق المحدد يجب دفعهما من قِبل كل مسلم تتوفر فيه الشروط اللازمة بشأنهما، وقد نُصَّ على الزكاة في تسع حالات،(٢) وفُرض الخمس في حالات منصوص عليها وفي حالات أخرى أيضاً، وتتسع دائرة الخمس لتشمل حالات أخرى غير الحالات المحددة التي منها الغنائم الحربية، كالصيد، والمعادن، والكنوز، والأراضي التي اشتراها الكافر الذمّي، وأمثال ذلك، ويتسع مجال الخمس ليشمل الدخل السنوي، أي فيما يزيد على مصاريفه خلال السنة، وهي حالة تشمل الجميع، وكذلك الحال في المال المختلط بالحرام وهي حالة واسعة أيضاً، تلك هي الضرائب الاسلامية المقدّرة أي الضرائب التي حددت حالاتها ومقاديرها، فمقدار الزكاة يتراوح في جميع الحالات بين ٥ / ٢ % الى ١٠ % ويبلغ مقدار الخمس ٢٠ %

وهناك ضريبة أخرى هي «الخراج» التي تعني في أصلها الضريبة، فما هي الحالات التي يفرض فيها الخراج ؟ هل ان الخراج مجرد ضريبة تتعلق بالأراضي الخراجية ؟(٣) وهناك ضريبة اخرى هي «الجزية»(٤) وهنا يطرح سؤال يقول : هل ان ما يدعى بالضرائب الاسلامية ينحصر في هذه الأنواع التي ذكرت

____________________

(١) النساء : ٩٥.

(٢) وهناك نقاش حول وجوب دفع الزكاة فيما عدا هذه الحالات التسع.

(٣) الأراضي الخراجية : هي تلك الأراضي التي تتعلق بالدولة والأمة وهي تحت تصرف الناس، وتستحصل عنها الحكومة الاسلامية ضرائب بأشكال مختلفة.

(٤) الجزية : ضريبة يدفعها المواطنون غير المسلمين في المجتمع الاسلامي، وطبقاً للروايات فإن هذه الجزية هي بدل الزكاة، ولأن المواطنين غير المسلمين لا يؤمنون بالاسلام فليست لديهم عبادة مالية لذلك فهم يدفعون الجزية بدلاً منها.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

(٢٦) كتاب : تحف العقول عن آل الرسول

للشيخ أبي محمّد الحسن بن علي بن شعبة الحرّاني

( من أعلام النصف الثاني من القرن الرابع )

الحديث :

الأوّل : خطبته ( صلى الله عليه وآله ) في حجّة الوادع : « ، أيّها الناس ، إنّما المؤمنون أُخوة ، ولا يحلّ لمؤمن مال أخيه إلاّ عن طيب نفس منه ، ألا هل بلّغت؟ اللّهم اشهد! فلا ترجعن كفّاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ، فإنّي قد تركت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ألا هل بلّغت؟ اللّهم اشهد »(١) .

الثاني : لمّا حضر علي بن موسى ( عليهما السلام ) مجلس المأمون ، وقد اجتمع فيه جماعة علماء أهل العراق وخراسان ، فقال المأمون : أخبروني عن معنى هذه الآية :( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ) (٢)

ثمّ قال الرضا ( عليه السلام ) : « هم الذين وصفهم الله في كتابه ، فقال :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣) ، وهم

____________

١ ـ تحف العقول : ٣٠ ، مواعظ النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) وحكمه ، ( خطبته ( صلى الله عليه وآله ) في حجّة الوادع ) ، وعنه المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) في البحار ٧٩ : ٣٤٨ ح ١٣ ، كتاب الآداب والسنن.

٢ ـ فاطر : ٢٩.

٣ ـ الأحزاب : ٣٣.

٢٨١

الذين قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، أُنظروا كيف تخلفوني فيهما ، يا أيّها الناس ، لا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم(١) .

وسيأتي هذا الحديث مسنداً عن الصدوق ( ت ٣٨١ هـ ) في الأمالي ، وعيون أخبار الرضا ( عليه السلام )(٢) .

الثالث : في رسالة الإمام الهادي ( عليه السلام ) ، في الردّ على أهل الجبر والتفويض ، وإثبات العدل والمنزلة بين المنزلتين :

من علي بن محمّد ، سلام عليكم ، وعلى من اتّبع الهدى ، ورحمة الله وبركاته ، فإنّه ورد عليّ كتابكم

وقد اجتمعت الأمّة قاطبة لا اختلاف بينهم ، أنّ القرآن حقّ لا ريب فيه عند جميع أهل الفرق ، وفي حال اجتماعهم مقرون بتصديق الكتاب وتحقيقه ، مصيبون مهتدون ، وذلك بقول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : « لا تجتمع أُمّتي على ضلالة » ، فأخبر أنّ جميع ما اجتمعت عليه الأمّة كلّها حقّ ، هذا إذا لم يخالف بعضها بعضاً ، والقرآن حقّ لا اختلاف بينهم في تنزيله وتصديقه ، فإذا شهد القرآن بتصديق خبر وتحقيقه ، وأنكر الخبر طائفة من الأمّة لزمهم الإقرار به ، ضرورة حين اجتمعت في الأصل على تصديق الكتاب ، فإن هي جحدت وأنكرت لزمها الخروج من الملّة.

فأوّل خبر يعرف تحقيقه من الكتاب وتصديقه والتماس شهادته عليه ، خبر ورد عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ووجد بموافقة الكتاب وتصديقه

____________

١ ـ تحف العقول : ٣١٣ ، ما روي عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، ( من كلامه ( عليه السلام ) في الاصطفاء ) ، وعنه الحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) في إثبات الهداة ١ : ٥٦٢ ح ٤١٨ ، باختصار.

٢ ـ انظر ما سنذكره عن الصدوق في الأمالي الحديث الخامس ، وعيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) الحديث الثالث.

٢٨٢

بحيث لا تخالفه أقاويلهم ، حيث قال : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما ، وأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، فلمّا وجدنا شواهد هذا الحديث في كتاب الله نصّاً ، مثل قوله جلّ وعزّ :( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ) ، وروت العامّة في ذلك أخباراً لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) أنّه تصدّق بخاتمه ، وهو راكع فشكر الله ذلك له ، وأنزل الآية فيه ، فوجدنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد أتى بقوله : « من كنت مولاه فعليّ مولاه » ، وبقوله : « أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي » ، ووجدناه يقول : « علي يقضي ديني ، وينجز موعدي ، وهو خليفتي عليكم من بعدي ».

فالخبر الأوّل الذي استنبطت منه هذه الأخبار خبر صحيح ، مجمع عليه ، لا اختلاف فيه عندهم ، وهو أيضاً موافق للكتاب ، فلمّا شهد الكتاب بتصديق الخبر ، وهذه الشواهد الأُخر ، لزم على الأمّة الإقرار بها ضرورة ، إذ كانت هذهِ الأخبار شواهدها من القرآن ناطقة ، ووافقت القرآن والقرآن وافقها(١) .

سيأتي عن الطبرسي ( القرن السادس ) في الاحتجاج باختلاف في الكلمات(٢) .

____________

١ ـ تحف العقول : ٣٣٨ ، ما روي عن الإمام أبي الحسن علي بن محمّد الهادي ( عليه السلام ) ، رسالته ( عليه السلام ) في الردّ على أهل الجبر والتفويض ، وعنه الحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) في إثبات الهداة ١ : ٥٦٢ ح ٤١٩ ، بالاقتصار على حديث الثقلين فقط ، والمجلسي ( ت ١١١١ هـ ) في البحار ٥ : ٦٨ ح ١ ، باب ٢.

٢ ـ الاحتجاج ٢ : ٤٨٧ [ ٣٢٨ ] ، وانظر ما سنذكره عن الاحتجاج ، الحديث التاسع.

٢٨٣

الحسن بن علي بن شعبة الحرّاني :

قال الحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) في أمل الآمل : الشيخ أبو محمّد الحسن بن علي بن شعبة ، فاضل محدّث جليل ، له كتاب تحف العقول عن آل الرسول ، حسن ، كثير الفوائد ، مشهور ، وكتاب التمحيص ، ذكره صاحب كتاب مجالس المؤمنين(١) .

كان معاصراً للشيخ الصدوق ( ت ٣٨١ هـ ) ، ومن مشايخ المفيد ، ( ت ٤١٣ هـ ) حيث ينقل عنه ، وقد روى عن الشيخ أبي علي محمّد بن همام ( ت ٣٣٦ هـ ) ، كما في أوّل كتابه التمحيص(٢) .

كتاب تحف العقول عن آل الرسول :

نسبه إليه كلّ من ترجمه ، وقال المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) في مصادر البحار : وكتاب تحف العقول عن آل الرسول تأليف الشيخ أبي محمّد الحسن بن علي بن شعبة(٣) ، وقال في توثيقه : وكتاب تحف العقول عثرنا منه على كتاب عتيق ، ونظمه يدلّ على رفعة شأن مؤلّفه ، وأكثره في المواعظ والأُصول المعلومة ، التي لا نحتاج فيها إلى سند(٤) .

وعدّه الحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) من الكتب التي اعتمدها في

____________

١ ـ أمل الآمل ٢ : ٧٤ [ ١٩٨ ] ، وأورده المامقاني ( ت ١٣٥١ هـ ) في تنقيح المقال ١ : ٢٩٦ عن تكملة أمل الآمل ، ولا يوجد فيها ، والظاهر أنّ كلمة تكملة زائدة.

٢ ـ التمحيص ( المطبوع في نهاية تحف العقول ) : ٣٩٧ ح ١ ، الباب الأوّل ، وانظر : الذريعة ٣ : ٤٠٠ [ ١٤٣٥ ] ، مقدّمة تحف العقول ، روضات الجنّات ٢ : ٢٨٩ [ ٢٠٠ ] ، رياض العلماء ١ : ٢٤٤ ، طبقات أعلام الشيعة ١ : ٩٣ ، تأسيس الشيعة : ٤١٣ ، أعيان الشيعة ٥ : ١٨٥.

٣ ـ البحار ١ : ١٠.

٤ ـ البحار ١ : ٢٩.

٢٨٤

الوسائل ، ووصف مؤلّفه بالشيخ الصدوق(١) .

وقال الشيخ علي بن الحسين البحراني ( القرن الثاني عشر ) في رسالته في الأخلاق : وكتابه ممّا لم يسمح الدهر بمثله(٢) .

وقال الخوانساري ( ت ١٣١٣ هـ ) في روضات الجنّات : له كتاب « تحف العقول عن آل الرسول » ، مبسوط ، كثير الفوائد ، معتمد عليه عند الأصحاب ، أورد فيه جملة وافية من النبويّات وأخبار الأئمّة ( عليهم السلام ) ومواعظهم الشافية على الترتيب ، وفي آخره أيضاً القدسيّان المبسوطان المعروفان الموحى بهما إلى موسى ( عليه السلام ) وعيسى بن مريم ( عليه السلام ) في الحكم والنصايح البالغة الإلهيّة ، وباب في بعض مواعظ المسيح الواقعة في الإنجيل ، وآخر وصيّة المفضّل بن عمر للشيعة.

كما قال في خطبة كتابه الموصوف : وأتيت على ترتيب مقامات الحجج ( عليهم السلام ) ، واتبعتها بأربع وصايا شاكلت الكتاب ووافقت معناه ، وأسقطت الأسانيد تخفيفاً وإيجازاً ، وإن كان أكثره لي سماعاً ، ولأنّ أكثره آداب وحكم تشهد لأنفسها ، ولم أجمع ذلك للمنكر المخالف ، بل ألّفته للمسلّم للأئمّة ، العارف بحقّهم ، الراضي بقولهم ، الرادّ إليهم ، وهذهِ المعاني أكثر من أن يحيط بها حصر ، وأوسع من أن يقع عليها حظر ، وفيما ذكرناه مقنع لمن كان له قلب ، وكاف لمن كان له لبّ(٣) .

وفي هذه الجملة ـ أيضاً ـ من الدلالة على غاية اعتبار الكتاب ، ما لا يخفى ، مضافاً إلى أنّ غالب مرسلاته بطريق إسقاط السند ، والإسناد إلى قول الحجّة ، دون إبهام الراوي ، وهو ظاهر في الإخبار الجازم ، ويجعل الخبر مظنون الصدق ، فيلحقه بأقسام الصحيح(٤) .

____________

١ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٥٦ [ ٣٧ ] ، الفائدة الرابعة.

٢ ـ الذريعة ٣ : ٤٠٠ [ ١٤٣٥ ] ، وتأسيس الشيعة : ٤١٤.

٣ ـ تحف العقول : ١١ ، مقدّمة المؤلّف.

٤ ـ روضات الجنّات ٢ : ٢٨٩ [ ٢٠٠ ].

٢٨٥

وقد قال المصنّف في مقدّمته أيضاً : « ووقفت ممّا انتهى إليّ من علوم السادة ( عليهم السلام ) ، على حكم بالغة ومواعظ شافية » ، وقال : « ووجدت بعضهم ( عليهم السلام ) ، قد ذكروا جملا من ذلك فيما طال من وصاياهم وخطبهم ورسائلهم وعهودهم ، وروي عنهم في مثل هذه المعاني ألفاظ » ، ثمّ قال : « فجمعت ما كانت هذه سبيله ».

وقال : « فتأمّلوا معاشر الشيعة المؤمنين ما قالته أئمّتكم ( عليهم السلام ) » ، وقال : « بل خذوا ما ورد إليكم عمّن فرض الله طاعته عليكم ، وتلّقوا ما نقله الثقات عن السادات بالسمع والطاعة »(١) .

وقد أسقط المؤلّف الأسانيد ، كما ذكر ذلك في أوّل الكتاب ، وأوردناه عنه نحن آنفاً.

وللكتاب عدّة نسخ مخطوطة ، منها. في مكتبة الشيخ محمّد الحسين الأعلمي الخاصّة في كربلاء ، وفي مكتبة العلاّمة السيّد جلال الدين الأرموي في إيران ، وفي المكتبة العامّة في طهران(٢) .

____________

١ ـ تحف العقول : ١٠ ، ١١ ، مقدّمة المؤلّف ، وانظر : أُصول علم الرجال : ٢٧٤ ، كتاب تحف العقول.

٢ ـ انظر تحف العقول : ٧ ، الكتاب : مخطوطاته ومطبوعاته.

٢٨٦

(٢٧) كتاب : البرهان في النصّ الجليّ على علي ( عليه السلام ) (١)

للشيخ علي بن محمّد العدوي الشمشاطي

( كان حيّاً في ٣٧٧ هـ )

الحديث :

قال الشيخ الحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) في إثبات الهداة : وروى الشيخ الصدوق علي بن محمّد العدوي الشمشاطي في كتاب البرهان في النصّ على علي ( عليه السلام ) ، بإسناده إلى أبي ذرّ ، عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في حديث الشورى ، أنّه قال لهم : « هل تعلمون أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، قال : إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، لن تضلّوا ما استمسكتم بهما ، لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض »؟ قالوا : نعم(٢) .

وسيأتي هذا الحديث مسنداً عن أمالي الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) فراجع(٣) .

الشيخ علي بن محمّد العدوي الشمشاطي :

قال النجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) : علي بن محمّد العدوي الشمشاطي أبو

____________

١ ـ هذا الكتاب مفقود في الوقت الحاضر ، ولكن وصلت منه نسخة إلى الحرّ العاملي ، وأورد بعض الروايات منه في إثبات الهداة ، وما نقلناه منه.

٢ ـ إثبات الهداة ١ : ٦٤٩ ح ٨٠٢ ، فصل ( ٥٦ ).

٣ ـ انظر ما سنذكره عن أمالي الطوسي ، الحديث الخامس.

٢٨٧

الحسن ، من عدِي بني تغلب ، عدي بن عمرو بن عثمان بن تغلب ، كان شيخاً بالجزيرة ، وفاضل أهل زمانه وأديبهم ، ثمّ قال نقلا عن سلامة بن ذكا أبو الخير الموصلي ـ بعد أن عدّد كتبه ورسائله ـ : وكان يذكره بالفضل والعلم والدين والتحقّق بهذا الأمر ( رحمه الله )(١) .

وذكر العلاّمة ( ت ٧٢٦ هـ ) وابن داود ( ت ٧٠٧ هـ ) في القسم الأوّل من كتابيهما مثله(٢) ، ورمز له ابن داود بـ ( لم ) ، أشار إلى رجال الشيخ في من لم يرو عنهم ( عليهم السلام ) ، وهو غير مذكور في رجال الشيخ ( رحمه الله ).

ووثّقه الماحوزي ( ت ١١٢١ هـ ) في البلغة(٣) ، وعدّه المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) في الوجيزة(٤) ، والكاظمي ( القرن الحادي عشر ) في هداية المحدّثين من الممدوح(٥) .

وعدّه في الحاوي من الضعاف ، ونقل ما قاله العلاّمة فيه ، عن القسم الثاني للخلاصة(٦) ، وهو اشتباه ، فهو في القسم الأوّل ، المخصّص لمن يعتمد عليه العلاّمة فيها ، ولعلّ هذا هو الذي جعله يعدّه في الضعاف.

وقال المامقاني ( ت ١٣٥١ هـ ) ـ بعد أن ذكر ما في الخلاصة ورجال ابن داود ـ : ولم أجد في رجال الشيخ ( رحمه الله ) ما نسبه إليه ، وكيفما كان ، فعدّهما له في القسم والباب الأوّل يكشف عن اعتمادهما عليه ، ونقل

____________

١ ـ رجال النجاشي : ٢٦٣ [ ٦٨٩ ] ، وانظر : جامع الرواة ١ : ٢٦٠٠ ، مجمع الرجال ٤ : ٢١٩.

٢ ـ خلاصة الأقوال : ١٨٧ [ ٥٦٠ ] ، رجال ابن داود : ١٤١ [ ١٠٨١ ] ، وانظر : نقد الرجال ٣ : ٢٩٧ [ ٣٦٨٨ ].

٣ ـ بلغة المحدّثين : ٣٨٥.

٤ ـ الوجيزة ( رجال المجلسي ) : ٣٦٥ [ ١٢٨٧ ].

٥ ـ هداية المحدّثين : ٢١٨ ، وانظر : بهجة الآمال ٥ : ٥٢٤ ، منتهى المقال ٥ : ٦٢ [ ٢١٠٠ ].

٦ ـ حاوي الأقوال ٤ : ٥٩ [ ١٧٢٥ ].

٢٨٨

النجاشي عن سلامة ذكره بالفضل والعلم والدين والتحقّق بهذا الأمر ، ورضاه بذلك ، وترحّمه عليه لا يقصر عن التوثيق ، ولذا وثّقه في البلغة ، وجمد المجلسي على عدم ورود لفظ ثقة فيه ، فعدّه ممدوحاً ، وأفرط الجزائري فعدّه في الضعفاء ، والأظهر وثاقته ; لما عرفت(١) .

وقال التستري ( ت ١٤١٥ هـ ) : أقول : وعنونه الحموي في أدبائه ، وقال : شاعر مجيد ، ومصنّف مفيد ، استدرك على ثعلب في الفصيح عدّة مواضع ، كان رافضيّاً دجّالا ، يأتي في كتبه بالأعاجيب من أحاديثهم.

وفي توقيعات الإكمال : عن أبيه ، عن سعد ، عن علي بن محمّد الشمشاطي رسول جعفر بن إبراهيم اليماني ، قال : كنت مقيماً ببغداد ، وتهيّأت في قافلة اليمانيّين للخروج ، فكتبت أستأذن ، فخرج : « لا تخرج معها ، فمالك في الخروج خيرة » ، فخرجت القافلة ، وخرجت عليها بنو حنظلة فاجتاحوها ، وكتبت أستأذن في ركوب الماء ، فخرج : « لا تفعل » فما خرجت سفينة في تلك السنة إلاّ خرجت عليها البوارج ، وخرجت زائراً إلى العسكر ، فأنا في المسجد مع المغرب ، إذ دخل عليّ غلام ، فقال لي : قم ، فقلت : من أنا؟

قال : « عليّ بن محمّد ، رسول جعفر بن إبراهيم اليماني » ، وما كان علم أحد من أصحابنا بموافاتي ، فقمت إلى منزله ، واستأذنت في أن أزور من داخل ، فأذن لي(٢) .

والظاهر أنّه الذي عدّه الإكمال في ( من وقف على معجزة الحجّة ( عليه السلام ) ، ورآه ) بلفظ ( الشمشاطي )(٣) ) وشمشاط : من ثغور الجزيرة ، كما

____________

١ ـ تنقيح المقال ٢ : ٣٠٦.

٢ ـ إكمال الدين : ٥١٨ ح ١٤ باب : ١٣.

٣ ـ إكمال الدين : ٤٧١ ح ١٦ ، الباب : ١١ ، وانظر : مجمع الرجال ٧ : ١٩٢ ، الفائدة الثالثة.

٢٨٩

أنّ الظاهر أنّ مراد الحموي ، بقوله : « يأتي في كتبه بالأعاجيب من أحاديثهم » ، ما مرّ في تلك التوقيعات(١) .

وقال الطهراني ( ت ١٣٨٩ هـ ) : وقال ابن النديم : إنّه من سمساط من بلاد أرمينية ، إلى قوله : شاعر ، مصنّف ، مؤلّف ، مليح الحفظ ، كثير الرواية ، ويحيا في عصرنا هذا(٢) ، يعني وقت تأليف ( الفهرست ) في ٣٧٧(٣) ، وعدّه ابن طاووس ( ت ٦٦٤ هـ ) في ( فرج المهموم ) من علماء النجوم من أصحابنا(٤) (٥) .

كتاب البرهان

ذكره النجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) ضمن كتبه ، بعنوان : رسالة البرهان في النصّ الجليّ على أمير المؤمنين ( عليه السلام ).

ثمّ قال : أخبرنا سلامة بن ذكار أبو الخير الموصلي ( رحمه الله ) ، بجميع كتبه(٦) .

وذكره الحرّ ( ت ١١٠٤ هـ ) في الكتب التي نقل منها في كتاب إثبات الهداة ، بعنوان : كتاب البرهان في النصّ على عليّ ( عليه السلام ) ، لعلي بن محمّد العدوي الشمشاطي(٧) .

____________

١ ـ قاموس الرجال ٧ : ٥٦٤ [ ٥٣٠٩ ].

٢ ـ فهرست ابن النديم : ١٧١ ، المقالة الثالثة ، وانظر أيضاً : ٢٩١ ، الفن السابع : من المقالة السادسة.

٣ ـ فهرست ابن النديم : ٤١ ، المقالة الأُولى.

٤ ـ فرج المهموم : ١٢٣ ، الباب الخامس.

٥ ـ طبقات أعلام الشيعة ( القرن الرابع ) : ٢٠٣ ، وانظر أيضاً : أعلام الزركلي ٤ : ٣٢٥.

٦ ـ رجال النجاشي : ٢٦٤ [ ٦٨٩ ].

٧ ـ إثبات الهداة ١ : ٢٨ ، الفائدة العاشرة.

٢٩٠

وعدّه المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) في مصادر بحاره(١) ، وقال في توثيق المصادر : وكتاب البرهان كتاب متين ، فيه أخبار غريبة ، ومؤلّفه من مشاهير الفضلاء ، ثمّ أورد قول النجاشي(٢) .

____________

١ ـ البحار ١ : ٢٠.

٢ ـ البحار ١ : ٣٩ ، وانظر : رياض العلماء ٤ : ٢١٢ ، الذريعة ٣ : ٩٠ [ ٢٨٥ ].

٢٩١
٢٩٢

مؤلّفات الشيخ الصدوق أبي جعفر محمّد بن علي بن

الحسين بن بابويه القمّي ( ت ٣٨١ هـ )

(٢٨) كتاب : كمال الدين وتمام النعمة :

الحديث :

الأوّل : قال : وأشهد أنّ محمّداً ( صلى الله عليه وآله ) عبده ورسوله وأمينه ، وأنّه بلّغ عن ربّه ، ودعا إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة ، وعمل بالكتاب وأمر باتّباعه ، وأوصى بالتمسّك به وبعترته الأئمّة بعده ( صلى الله عليه وآله ) ، وأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليه حوضه ، وأنّ اعتصام المسلمين بهما على المحجّة الواضحة(١) .

تنبيه : من الواضح أنّه يشير إلى حديث الثقلين.

الثاني : وقال غيره(٢) من متكلّمي مشايخ الإماميّة :

ونقول : إنّ جميع طبقات الزيديّة والإماميّة ، قد اتفقوا على أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، قال : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وهما الخليفتان من بعدي ، وأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ».

وتلقّوا هذا الحديث بالقبول(٣) .

____________

١ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٣٢ ، المقدّمة.

٢ ـ أي غير أبي جعفر بن قبة ( رحمه الله ) ، الذي نقل الصدوق كلامه قبل كلام هذا الشيخ.

٣ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٩٣ ، كلام لأحد المشايخ في الردّ على الزيديّة.

٢٩٣

الثالث : وقال أبو جعفر محمّد بن عبد الرحمن بن قبة الرازي ( القرن الرابع ) في نقض كتاب الإشهاد لأبي زيد العلوي : قال صاحب الكتاب ـ بعد أشياء كثيرة ذكرها لا منازعة فيها ـ : وقالت الزيديّة والمؤتمّة(١) : الحجّة من ولد فاطمة ، بقول الرسول المجمع عليه في حجّة الوداع ، ويوم خرج إلى الصلاة في مرضه الذي توفّي فيه : « أيّها الناس ، قد خلّفت فيكم كتاب الله وعترتي ، ألا إنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، ألا وإنّكم لن تضلّوا ما استمسكتم بهما ».

ثمّ أكّد صاحب الكتاب هذا الخبر ، وقال فيه قولاً لا مخالفة فيه(٢) .

فأقول(٣) ـ وبالله الثقة ـ : إنّ في قول النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) على ما يقول الإماميّة دلالة واضحة ، وذلك أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي »(٤) .

الرابع : حدَّثنا أحمد بن الحسن القطّان ، قال : حدَّثنا العبّاس بن الفضل المقري ، قال : حدَّثنا محمّد بن علي بن منصور ، قال : حدَّثنا عمرو ابن عون ، قال : حدَّثنا خالد ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن أبي الضحى ، عن زيد بن أرقم ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض »(٥) .

____________

١ ـ يعني الإماميّة.

٢ ـ ذكر هنا قولاً في دلالة الحديث ، سيأتي الكلام عليه في بحث الدلالة.

٣ ـ هذا الكلام من أبي جعفر بن قبة ( رحمه الله ).

٤ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ١٢٤ ، أجوبة ابن قبة على أبي زيد العلوي.

ثمّ ذكر كلاماً في الدلالة ردّاً على ما قاله أبو زيد العلوي ، سيأتي نقله في بحث الدلالة إن شاء الله.

٥ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٢٦٥ ح ٤٤ ، باب (٢٢) : اتصال الوصيّة ، وعنه الحرّ

٢٩٤

ورواه الجويني ( ت ٧٣٠ هـ ) بطريقه عن الصدوق في فرائد السمطين(١) .

الخامس : حدَّثنا محمّد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس ، قال : حدَّثنا العبّاس بن الفضل ، عن أبي زرعة ، عن كثير بن يحيى أبي مالك ، عن أبي عوانة ، عن الأعمش ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عامر بن واثلة ، عن زيد بن أرقم ، قال : لما رجع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من حجّة الوداع ، نزل بغدير خمّ ، ثمّ أمر بدوحات فقمّ ما تحتهن ، ثمّ قال : « كأنّي قد دعيت فأجبت ، إنّي تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، ثمّ قال : « إنّ الله مولاي وأنا مولى كلّ مؤمن » ، ثمّ أخذ بيد عليّ ابن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فقال : « من كنت وليّه فهذا وليّه ، اللّهم وال من والاه ،

____________

العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) في إثبات الهداة ١ : ٤٩٦ ح ١٩٥ ، والبحراني ( ت ١١٠٧ هـ ) في البرهان ١ : ١١ ح ١٢ ، باب [ ٣ ] : في الثقلين ، ولكنّه سمّى كمال الدين بكتاب الغيبة ، وغاية المرام ٢ : ٣٦٠ ح ٥٩ ، باب : ٢٩ ، ونسبه هنا إلى كتاب من لا يحضره الفقيه ، ولا يوجد فيه ، والمجلسي ( ت ١١١١ هـ ) في البحار ٢٣ : ١٣٣ ح ٦٩.

١ ـ فرائد السمطين ٢ : ١٤٢ ح ٤٣٦ ، الباب الثالث والثلاثون من السمط الثاني. وطريقه إلى الصدوق ، هكذا : أنبأني الإمام مفيد الدين أبو جعفر محمّد بن علي بن أبي الغنائم ، والإمام سديد الدين يوسف بن علي بن المطهّر الحليان ، في ما كتبا إليّ رحمة الله عليهما ، قالا : أنبأنا الشيخ مهذّب الدين الحسين بن أبي الفرج بن ردّة النيلي ( رحمه الله ) ، بروايته عن محمّد بن الحسين بن علي بن محمّد بن عبد الصمد ، عن والده ، عن جدّه محمّد ، عن أبيه ، عن جماعة ، منهم : السيّد أبو البركات علي بن الحسين الجوري العلوي ، وأبو بكر محمّد بن أحمد بن علي المعمّري ، والفقيه أبو جعفر محمّد بن إبراهيم القائني ، قالوا : أخبرنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمّد بن علي بن بابويه ( رحمه الله ) ، قال : . ( الحديث ) ، وفيه : ( وعترتي ) فقط ، و ( لن يتفرّقا ) بدل ( لن يفترقا ) ، وسيأتي في ما سنذكره عن فرائد السمطين للجويني في مصادر أهل السنّة لحديث الثقلين.

٢٩٥

وعاد من عاداه » ، قال : فقلت لزيد بن أرقم : أنت سمعت من رسول الله ( صلى الله عليه وآله )؟

فقال : ما كان في الدوحات أحد إلاّ وقد رآه بعينه وسمعه بأُذنيه(١) .

السادس : حدَّثنا محمّد بن جعفر بن الحسين البغدادي ، قال : حدَّثنا عبد الله بن محمّد بن عبد العزيز إملاءً ، قال : حدَّثنا بشر بن الوليد ، قال : حدَّثنا محمّد بن طلحة ، عن الأعمش ، عن عطيّة بن سعيد(٢) ، عن أبي سعيد الخدري ، أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : « إنّي أوشك أن أُدعى فأجيب ، وإنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله عزّ وجلّ وعترتي ، كتاب الله حبل ممدود بين السماء والأرض ، وعترتي أهل بيتي ، وإنّ اللطيف الخبير أخبرني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فانظروا بماذا تخلفوني فيهما »(٣) .

السابع : حدّثنا محمّد بن عمر البغدادي ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسين بن حفص الخثعمي ، قال : حدّثنا محمّد بن عبيد ، قال : حدّثنا صالح بن موسى ، قال : حدّثنا عبد العزيز بن رفيع ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي قد خلّفت فيكم شيئين ، لن تضلّوا بعدي أبداً ما أخذتم بهما ، وعملتم بما فيهما : كتاب الله وسنّتي »(٤) ، وإنّهما

____________

١ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٢٦٦ ح ٤٥ ، باب (٢٢) : اتصال الوصيّة ، وعنه الكاشاني ( ت ١٠٩١ هـ ) في نوادر الأخبار : ١٤١ ح ١٤ ، وقال : وزاد في رواية أُخرى : . ، والحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) في إثبات الهداة ١ : ٤٩٦ ح ٩٦ ، والبحراني ( ت ١١٠٧ هـ ) في البرهان ١ : ١١ ح ١٣ باب ٣ ، وسمّى كمال الدين بكتاب الغيبة ، وغاية المرام ٢ : ٣٦٠ ح ٦٠ ، الباب : ٢٩ ، والمجلسي ( ت ١١١١ هـ ) في البحار ٢٧ : ١٣٧ ح ٢٥.

٢ ـ الظاهر أنّه عطيّة بن سعد ، كما سيأتي في أسانيد أُخر.

٣ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٢٦٦ ح ٤٦ ، باب (٢٢) : اتصال الوصيّة ، وعنه في إثبات الهداة ١ : ٤٩٧ ح ١٩٧ ، والبرهان ١ : ١١ ح ١٤ ، وغاية المرام ٢ : ٣٦١ ح ٦١ ، الباب : ٢٩ ، والبحار ٢٣ : ١٤٧ ح ١٠٩.

٤ ـ تصحيف من ( ونسبي ) ، كما سيأتي توضيحه في المتن.

٢٩٦

لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض »(١) .

تنبيه : لقد توقّفت كثيراً في هذا الحديث ، وإدراجه في ضمن حديث الثقلين ، إلى أن نبّهني يوماً العلاّمة المحقّق السيّد محمّد رضا الجلالي إلى ما كتبه توضيحاً عن هذا الحديث في كتابه ( تدوين السنّة الشريفة ) ، أثناء تعليقه على حديث ( كتاب الله وسنّتي ) ، قال :

ورواه الحاكم في المستدرك ( ١ / ٩٣ ) عن أبي هريرة(٢) ، شاهداً على الحديث الأوّل ، وكذا الذهبي ولم يصرّحا بصحّته ، ولفظه : « إنّي قد تركتُ فيكم شيئين لن تضلّوا بعدهما أبداً : كتاب الله وسنّتي » ، وعزاه السيوطي في الجامع الكبير رقم ( ٨٢٤٦ ) ج ١ ص (٢٤) إلى البيهقي في السنن الكبرى(٣) ، بلفظ « إنّي قد خلّفتُ » ، ونقله في ( حجّيّة السنّة ) ( ص ٣١٤ ) عن البيهقي في المدخل ، باللفظ الأوّل.

أقول : لكنّ الذي رواه البزّار عن أبي هريرة ، وبنفس السند الذي أورده الحاكم ، كما جاء في ( كشف الأستار عن زوائد البزّار ) ، كتاب علامات النبوّة ، باب مناقب أهل البيت ، ما نصّه : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « إنّي قد خلّفتُ فيكم اثنين لن تضلّوا بعدهما أبداً : كتاب الله ونَسبي ، ولن

____________

١ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٢٦٧ ح ٤٧ ، باب (٢٢) : اتصال الوصيّة ، وعنه البحراني ( ت ١١٠٧ هـ ) في البرهان ١ : ١٢ ح ١٥ ، وفيه : وعترتي بدل وسنّتي ، وغاية المرام ٢ : ٣٦١ ح ٦٢ ، الباب (٢٩) ، وفيه : وسنّتي ، والبحار ٢٣ : ١٣٢ ، وفيه : وسنّتي.

٢ ـ رواه الحاكم في مستدركه ( ١ ح ١ : ١٩٤ ح ٣٢٢ ) ، بهذا السند : أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه ، أنبأ محمّد بن عيسى بن مسكن الواسطي ، ثنا داوود بن عمرو الضبّي ، ثنا صالح بن موسى الطلحي ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : . ، ( الحديث ).

٣ ـ السنن الكبرى ١٠ : ١٩٥ ح ٢٠٣٣٧ ، بهذا السند : أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد ، أنبأ أبو أحمد حمزة بن محمّد بن العبّاس ، ثنا عبد الكريم بن الهيثم ، أنبأ ابن العبّاس بن الهيثم ، ثنا صالح بن موسى الطلحي . ، الخ.

٢٩٧

يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، قال البزّار : لا نعلمه يُروى عن أبي هريرة إلاّ بهذا الإسناد ، وصالح ليّن الحديث ، كشف الأستار ( ج ٣ ص ٢٢٣ ) رقم ( ٢٦١٧ )(١) .

وبما أنّ البزّار أورد الحديث في باب مناقب أهل البيت ( عليهم السلام ) ، فلا بدّ أنْ يكون لفظ الحديث مناسباً لذلك الباب ، فلا بدّ أن يكون الصحيح لفظ « ونسبي » ، وبما أنّ الحديث الذي أورده الحاكم عن أبي هريرة متّحد مع ما أورده البزّار سنداً ، فلابدّ أن يكون مثله لفظاً أيضاً ، وهذا يقتضي أن يكون « وسنّتي » مصحّفاً عن « ونسبي ».

وقد وقع مثل هذا التصحيف ، في ما أورده السيوطي في كتاب ( إحياء الميت بفضائل أهل البيت ) ، الحديث رقم (٢٢) ، نقلا عن البزّار ، فجاء بلفظ : « كتاب الله ونسبتي » ، في الطبعة المصريّة بهامش إتحاف الأشراف ( ص ٢٤٧ ) ، وطبعة مؤسّسة الوفاء ( ص ٢٤ ) ، وطبعة محمّد سعيد الطريحي ( ص ٤٤ ) ، لكن في طبعة دار الجيل التي حقّقها مصطفى عبد الرحمان عطا ( ص ٢٩ ) ، بلفظ : « وسُنّتي » ، من دون تعليق ، ولا إشارة إلى اختلافه مع سائر الطبعات ومع المصدر ، ولا إلى أنّ الحديث بهذا اللفظ « وسُنّتي » لا يرتبط بأهل البيت ( عليهم السلام ) ، فكيف يورده السيوطي ، ومصدره البزّار ، في باب فضائل أهل البيت ( عليهم السلام )!؟(٢)

أقول : وكذلك ، كيف يورده الصدوق تحت باب ( اتّصال الوصيّة من لدن آدم ( عليه السلام ) ، وأنّ الأرض لا تخلو من حجّة لله عزّ وجلّ على خلقه إلى يوم القيامة ) ، وفي ضمن إيراده لأحاديث الثقلين(٣) .

____________

١ ـ وانظر أيضاً : مختصر زوائد البزار ٢ : ٣٣٢ ح ١٩٦٣.

٢ ـ تدوين السنّة الشريفة : ١٢٢ ، القسم الأوّل ، الفصل الثالث ، الهامش (١).

٣ ـ قال محقّق كتاب كمال الدين وتمام النعمة ، الشيخ علي أكبر الغفاري في هامش

٢٩٨

الثامن : حدَّثنا محمّد بن عمر الحافظ ، قال : حدَّثنا القاسم بن عبّاد ، قال : حدَّثنا سويد ، قال : حدَّثنا عمرو بن صالح ، عن زكريا ، عن عطيّة ، عن أبي سعيد ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب الله جلّ وعزّ حبل ممدود ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض »(١) .

التاسع : حدَّثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد ، قال : أخبرنا محمّد بن أحمد بن حمدان القشيري ، قال : حدَّثنا الحسين بن حميد ، قال : حدَّثني أخي الحسن بن حميد ، قال : حدَّثني علي بن ثابت الدهّان ، قال : حدَّثني سعاد وهو ابن سليمان ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي ( عليه السلام ) ، قال : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إنّي امرؤ مقبوض ، وأُوشك أن أُدعى فأُجيب ، وقد تركت فيكم الثقلين ، أحدهما أفضل من الآخر : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض »(٢) .

العاشر : حدَّثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد ، قال : أخبرنا القشيري ، عن المغيرة بن محمّد بن المهلّب ، قال : حدَّثني أبي ، عن عبد الله بن داود ، عن فضيل بن مرزوق ، عن عطيّة العوفي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال :

____________

هذا الحديث : ذكر هذه الرواية عن أبي هريرة بهذا اللفظ هنا لا يناسب المقام ، اللّهم إلاّ أن يكون المراد ذكره لبيان تحريف أبي هريرة لفظ الحديث ، أو إيراد جميع ما سمعه.

١ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٢٦٧ ح ٤٨ ، باب (٢٢) : اتصال الوصيّة ، وعنه في إثبات الهداة ١ : ٤٩٧ ح ١٩٨ ، والبرهان ١ : ١٢ ح ١٦ ، وغاية المرام ٢ : ٣٦١ ح ٦٣ ، باب (٢٩) ، والبحار ٢٣ : ١٣٢ ح ٦٧.

٢ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٢٦٧ ح ٤٩ ، وفي بعض الطبعات كرّره بعد صفحة ، وعنه في نوادر الأخبار : ١٤٠ ح ١٣ ، وإثبات الهداة ١ : ٤٩٧ ح ١٩٩ ، والبرهان ١ : ١٢ ح ١٧ ، غاية المرام ٢ : ٣٦١ ح ٦٤ ، باب ٢٩ ، والبحار ٢٣ : ١٣٢ ح ٦٨.

٢٩٩

قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم أمرين أحدهما أطول من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء(١) طرف بيد الله ، وعترتي ، ألا إنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، فقلت : لأبي سعيد : من عترته؟

قال : أهل بيته ( عليهم السلام )(٢) .

ورواه الجويني ( ٧٣٠ هـ ) بطريقه إلى الصدوق في فرائد السمطين(٣) .

الحادي عشر : حدّثنا علي بن الفضل البغدادي ، قال : سمعت أبا عمر صاحب أبي العبّاس ثعلب ، يقول : سمعت أبا العبّاس ثعلب سئل عن معنى قوله ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين » ، لم سمّيا الثقلين؟

قال : لأنّ التمسّك بهما ثقيل(٤) .

ورواه الجويني بطريقه عن الصدوق في فرائد السمطين(٥) .

الثاني عشر : حدَّثنا الحسن بن علي بن شعيب أبو محمّد الجوهري ،

____________

١ ـ لعلّه يوجد هنا سقط : ( إلى الأرض ) ، كما في معاني الأخبار ، وفرائد السمطين ، والبحار ، والبرهان ، وغاية المرام.

٢ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٢٦٧ ح ٥٠ ، وأورده في معاني الأخبار ، وسيأتي ، وفي بعض الطبعات كرّره بعد صفحة ، وعنه في إثبات الهداة ١ : ٤٩٧ ح ٢٠٠ ، والبرهان ١ : ١٢ ح ١٨ ، وغاية المرام ٢ : ٣٦٢ ح ٦٥ ، الباب ٢٩ ، والبحار ٢٣ : ١٣١ ح ٦٤.

٣ ـ فرائد السمطين ٢ : ١٤٤ ح ٤٣٨ ، الباب (٣٣) من السمط الثاني ، وفيه : أنبأنا القشيري ، قال : حدَّثنا المغيرة بن محمّد بن المهلّب ، قال : حدَّثني أبي ، قال : حدَّثني عبد الله بن داود ، وقد ذكرنا طريقه إلى الصدوق في الحديث الرابع ، المارّ الذكر ، وفيه : « حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، طرف بيد الله ».

٤ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٢٦٨ ح ٥١ ، وعنه في البرهان ١ : ١٢ ح ١٩ ، وفيه ( أبا عمرو ) و ( تغلب ) ، وغاية المرام ٢ : ٣٦٢ ح ٦٦ ، الباب ٢٩ ، والبحار ٢٣ : ١٣١ ح ٦٥ ، وفيه ( تغلب ).

٥ ـ فرائد السمطين ٢ : ١٤٥ ح ٤٢٩ ، الباب (٣٣) من السمط الثاني ، وفيه : سمعت أبا عمرو صاحب أبي العبّاس غلام ثعلب ـ والظاهر أنّ غلام زائدة ـ ، وفيه : ( يُسْئل ) بدل ( سئل ) ، وفيه : لم سمّيا بثقلين؟

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619