موسوعة حديث الثقلين الجزء ١

موسوعة حديث الثقلين9%

موسوعة حديث الثقلين مؤلف:
الناشر: ستارة
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 978-600-5213-63-8
الصفحات: 619

الجزء ١ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 619 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 161499 / تحميل: 4924
الحجم الحجم الحجم
موسوعة حديث الثقلين

موسوعة حديث الثقلين الجزء ١

مؤلف:
الناشر: ستارة
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٦٣-٨
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

11 ـ أربعة آلاف(1)

هذه بعض الأقوال التي ذكرها المؤرخون ، وهناك أقوال أخرى لا تخلو من المبالغة.

التحقيق في الموضوع :

ولا بد لنا من وقفة قصيرة للتحقيق في هذه الأقوال المختلفة التي حددت عدد الجيش الذي تدفق إلى كربلا واشترك في عمليات الحرب ، لنختار منها ما تساعد عليه الأدلة ونلقي ـ قبل كل شيء ـ نظرة خاطفة على عدد الجيش في الكوفة التي كانت أعظم حامية عسكرية في ذلك الوقت ، فقد كان عدد الجيش في أواسط القرن الأول أربعين الفا يغزو كل عام منهم عشرة آلاف(2) وقد ازداد هذا العدد منذ اتخذها الامام عاصمة له ، فقد كثرت الهجرة إليها ، فقد زحف معه لحرب صفين سبعة وخمسون الفا ، وثمانية آلاف من مواليهم(3) وهناك بعض التصريحات التي أدلى بها بعض الشخصيات تدل على أن احصاء الجيش في ذلك العصر بلغ مائة الف ، فقد انكر سليمان بن صرد الخزاعي على الامام الحسن (ع) أمر الصلح وقال له : «لا ينقضي تعجبي من بيعتك معاوية ومعك مائة الف مقاتل من أهل العراق» وجاء في بعض رسائل اهل الكوفة الى الامام الحسين «انا معك مائة الف» وفيما احسب ان هذا العدد لا يخلو من المبالغة ، وان العد اقل من ذلك بكثير اما سكان الكوفة فانا لم نقف

__________________

(1) البداية والنهاية 8 / 169

(2) صلح الحسن (ص 101)

(3) الامامة والسياسة 1 / 151

١٢١

لهم على احصاء الا ان من المؤكد انهم كانوا اضعاف عدد الجيش فان الكثيرين من ذوي المهن والحرف والتجار وغيرهم ممن لم ينضموا إلى المنظمة العسكرية ونقف ـ بعد هذا العرض الموجز لعدد جيش الكوفة وسكانها ـ امام تلك الأقوال بين أمرين :

الأول : الاذعان والتصديق لكل ما قيل في عدد الجيش من الكثرة لأن ابن زياد قد اعلن النفير العام في الكوفة فلم يبق بها محتلم الا خرج لحرب الحسين ، ومن تخلف كان مصيره الاعدام أو السجن ، حتى لم تبق في الكوفة واسطة من وسائط النقل الا استعملت لنقل الناس للحرب ، واذا قيل ان عدد الجيش مائة الف او يزيد فليس في ذلك أية مبالغة.

الثاني : التشكيك في تلك الكثرة لأن اكثر الجنود قد استعظموا حرب الامام ففروا منهزمين في البيداء ، بالاضافة الى أن طائفة كبيرة من الجيش كانت في معسكر النخيلة مع ابن زياد ، وعلى هذا فالجيش الذي تدفق الى كربلا لحرب الامام ليس بذلك العدد الضخم الذي يذهب إليه بعض المؤرخين.

واكبر الظن ان الرواية التي أثرت عن الامام الصادق (ع) انه أزدلف ثلاثون الف لحرب الامام هي أقرب ما قيل في عدد الجيش فان هذا العدد وما يزيد عليه قد اشترك في حرب ريحانة رسول اللّه (ص).

القادة العسكريين :

وامدنا المؤرخون بأسماء بعض قادة الجيش الذين اشتركوا في كارثة كربلا وهم :

١٢٢

1 ـ الحر بن يزيد الرياحي ، وكان على الف فارس ، وهو الذي حاصر الحسين في كربلا.

2 ـ عمر بن سعد ، وقد اسند إليه ابن زياد القيادة العامة لجميع قواته المسلحة ، وكان اميرا على أربعة آلاف.

3 ـ شبث بن ربعي جعله أميرا على الف فارس(1)

4 ـ مضائر بن رهينة المازني امير على ثلاثة آلاف(2)

5 ـ نصر بن حرشة امير على الفين(3)

6 ـ كعب بن طلحة امير على ثلاثة آلاف(4)

7 ـ حجار بن ابجر أمير على الف(5)

8 ـ الحصين بن نمير على أربعة آلاف(6)

9 ـ شمر بن ذي الجوشن امير على أربعة آلاف(7)

10 ـ يزيد بن الركاب على الفين(8)

11 ـ يزيد بن الحرث بن رويم امير على الف(9)

وهؤلاء بعض قادة الجيش وقد انضم تحت ألويتهم خمس وعشرون الف مقاتل ، ويقول ابن الجوزي :

انه كان على ربع الكوفة عبد اللّه بن زهرة بن سليم الأزدي ، وعلى

__________________

(1) أنساب الأشراف ق 1 ج 1

(2) المناقب 4 / 98

(3) المناقب 4 / 98

(4) مقتل الحسين للمقرم (ص 239)

(5) انساب الأشراف ق 1 ج 1

(6) انساب الأشراف ق 1 ج 1

(7) المناقب 4 / 98

(8) انساب الأشراف ق 1 ج 1

(9) انساب الأشراف ق 1 ج 1

١٢٣

ربع ربيعة وكندة قيس بن الأشعث وعلى ربع مذحج وأسد عبد اللّه بن سبرة الجعفي ، وعلى ربع ربيعة وهمدان الحر بن يزيد الرياحي(1) .

أدوات الحرب :

وتسلح جيش ابن زياد بجميع أدوات الحرب السائدة في تلك العصور فقد كان استعداده لحرب الامام استعدادا هائلا ويحدثنا المؤرخون عن ضخامة ذلك الاستعداد ، فقالوا!! إن الحدادين ، وصانعي أدوات الحرب في الكوفة كانوا يعملون ليلا ونهارا في بري النبال وصقل السيوف في مدة كانت تربو على عشرة أيام لقد دفع ابن زياد لحرب الحسين بقوة عسكرية مدججة بالسلاح بحيث كانت لها القدرة على فتح قطر من الأقطار.

1 ـ الرماة :

وهم الذين كانوا يسددون النبال والسهام ، وقد لعبوا دورا خطيرا في الحرب ، وهم أول من فتح باب الحرب على الامام ، فسددوا سهامهم نحو معسكره فلم يبق أحد منهم إلا اصابه سهم ، حتى اصيبت بعض النساء فدهشن وارعبن ، وقد قتل بعض ابناء الأسرة النبوية بتلك السهام الغادرة كعبد اللّه بن مسلم ، وعبد اللّه بن الحسن ، وعبد اللّه الرضيع وغيرهم.

__________________

(1) مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (ص 92)

١٢٤

2 ـ الجوالة :

وهي كتائب من الجيش كانت ترمي بالحجارة ، وسلاحها المقاليع ،

3 ـ المجففة :

وهم الذين كانوا يلبسون الجنود الآلات التي تقيهم في الحرب ، كما كانوا يضعون على الخيل الآلات التي تقيها من النبال والرماح ،

عدد أصحاب الحسين :

أما أصحاب الامام الحسين فكانوا فئة قليلة ، وقد اختلف المؤرخون في عددهم ، وهذه بعض الاقوال :

1 ـ ما ذهب إليه المسعودي انهم خمسمائة فارس ونحو من مائة راجل(1) وانفرد المسعودي بهذا القول ولم يذهب إليه أحد غيره.

2 ـ ما رواه عمار الدهني عن أبي جعفر انهم كانوا خمسا وأربعين فارسا ومائة راجل(2) .

3 ـ ما ذكره ابن شهرآشوب انهم اثنان وثمانون رجلا الفرسان منهم اثنان وثلاثون(3) .

__________________

(1) مروج الذهب 3 / 10

(2) البداية والنهاية 8 / 197 ، تذهيب التهذيب 1 / 151 ، الحدائق الوردية 1 / 119 ، الصراط السوي (ص 86).

(3) المناقب 4 / 98

١٢٥

4 ـ ما قاله سعد بن عبده : اني لأنظر إليهم وهم قريبون من مائة رجل فيهم من صلب علي خمسة أو سبعة وعشرة من بني هاشم ، ورجل من كنانة وآخر من سليم(1) .

5 ـ ما ذكره ابن كثير والفاخوري انهم اثنان وثلاثون فارسا واربعون راجلا(2)

والذي نراه انهم ثمانون رجلا بما فيهم من ابناء الأسرة النبوية والذي يدعم ذلك أن الرءوس التي احتزت وبعث بها إلى ابن مرجانة ويزيد بن معاوية كانت (79) رأسا لا غير.

وعلى أي حال فان هؤلاء الأبطال على قلتهم كانوا كفؤا لذلك الجيش وقد الحقوا به افدح الخسائر وقد مثلوا بمواقفهم البطولية شرف العقيدة وسمو المبدأ.

رسول ابن سعد مع الامام :

وكان ابن سعد كارها لقتال الامام فاراد التخلص من ذلك ، فدعا عزرة بن قيس أن يلتقي بالامام ويسأله عما جاء به؟ فامتنع عزرة لأنه كان ممن كاتب الامام بالقدوم الى الكوفة ، فندب لمقابلته كثير بن عبد اللّه الشعبي وكان فاتكا جريئا فقال :

«أنا له وإن شئت أن افتك به لفعلت»

فلم يرض ابن سعد بذلك ، وانما طلب منه أن يمضي إليه ويسأله

__________________

(1) تذهيب التهذيب 1 / 156

(2) البداية والنهاية 8 / 187 ، تحفة الأنام في مختصر تأريخ الاسلام للفاخوري (ص 83).

١٢٦

عما جاء به؟ وأقبل كثير يشتد نحو الامام ، ولما بصر به ابو ثمامة الصائدي ارتاب منه ، فقام في وجهه ، وطلب منه أن ينزع سيفه حتى يقابل الامام فأبى أن يسمح له بالدخول فولى منصرفا غضبانا(1) واخبر ابن سعد بذلك فطلب من قرة بن قيس الحنظلي ملاقاة الامام فأجابه ، فلما اقبل قال الامام لأصحابه :

«هل تعرفونه؟»

فأجابه حبيب بن مظاهر : نعم انه من بني تميم ، وقد كنت اعرفه بحسن الرأي ، وما ظننت أنه يشهد هذا المشهد!!

وتقدم قرة نحو الامام فسلم عليه ، وسأله عما جاء به؟ فقال (ع).

«إني لم أرد إلى هاهنا حتى كتب إلي أهل مصركم أن يبايعونني ، ولا يخذلوني ، وينصرونني ، فان كرهوني انصرف عنهم من حيث جئت».

وانبرى إليه حبيب فأسدى له النصيحة قائلا :

«يا قرة عهدي بك ، وأنت حسن الرأي في أهل البيت فما الذي غيّرك؟ فاقم عندنا وانصر هذا الرجل».

فقال قرة : لقد قلت الحق ولكن ارجع إلى صاحبي بجواب رسالته وانظر في ذلك ، وقفل قرة الى ابن سعد فعرض عليه كلام الامام(2) وسر ابن سعد بذلك ورأى انه بالامكان التوصل لحل سلمي يجنبه من الخوض في معركة تطوق عنقه بالآثام والاوزار.

__________________

(1) الطبري 6 / 232

(2) أنساب الأشراف ق 1 ج 1 ، الفتوح 5 / 155 ـ 156

١٢٧

ابن سعد مع الامام :

وأراد ابن سعد التأكد من ذلك فطلب من الامام الاجتماع به فاجابه الى ذلك ، ولما مثل عنده قال له :

ـ ما جاء بك؟

ـ أهل الكوفة

ـ أما عرفت ما فعلوا معكم؟

ـ من خادعنا في اللّه انخدعنا له

ـ قد وقعت الآن فما ترى؟

ـ أرجع فأقيم بمكة أو بالمدينة ، أو أقيم ببعض الثغور

وفرح ابن سعد من موقف الامام ورأى فيه بادرة لاحلال السلام والتجنب من الحرب(1) .

رسالة ابن سعد لابن زياد :

وبادر ابن سعد فكتب رسالة الى أميره ابن مرجانة جاء فيها :

«أما بعد : فان اللّه اطفأ النائرة ، وجمع الكلمة ، وأصلح أمر الأمة. هذا حسين اعطاني عهدا أن يرجع الى المكان الذي منه أتى أو أن يسير الى ثغر من الثغور فيكون رجلا من المسلمين له مالهم ، وعليه ما عليهم أو ان يأتي امير المؤمنين يزيد فيضع يده في يده ، فيرى فيما بينه وبينه رأيه وفي هذا رضا لك ، وللأمة صلاح».

__________________

(1) الصراط السوي في مناقب آل النبي (ص 87)

١٢٨

افتراء ابن سعد :

ومما لا شبهة فيه أن ابن سعد قد افترى على الامام الحسين في تلك الرسالة ، فان اكثر بنودها مما لم يفه به الامام (ع) وقد تحدث عن افتعالها عاقبة بن سمعان الذي صاحب الامام من المدينة إلى مكة ثم إلى العراق وظل ملازما له حتى قتل ، يقول :

«صحبت الحسين من المدينة إلى مكة ، ومنها إلى العراق ، ولم افارقه حتى قتل ، وقد سمعت جميع كلامه ، فما سمعت منه ما يتذاكر فيه الناس من أن يضع يده في يد يزيد ، لا أن يسير الى ثغر من الثغور لا في المدينة ولا في مكة ولا في العراق ولا في عسكره الى حين قتل ، نعم سمعته يقول : دعوني أذهب إلى هذه الأرض العريضة حتى انظر ما يصير إليه الناس»(1) .

ونفى الشيخ محمد الخضري صحة هذه الرسالة فقال : «وليس بصحيح الاعراض عليهم أن يضع يده في يد يزيد ، وانما عرض عليهم أن يدعوه أن يرجع إلى المكان الذي خرج منه»(2) .

لقد افتعل ابن سعد هذه الرسالة ليتخلص من اثم المعركة ، ويكون بمنجى من قتل ريحانة رسول اللّه (ص) واو ان الامام قال ذلك لا نفض جيش ابن زياد وانتهى كل شيء لقد رفض الإمام منذ بداية الأمر الخضوع لعصابة الاجرام ، وصمد في وجه الاعاصير. ودلل في جميع مواقفه الخالدة على آبائه وعزة نفسه ، وصلابة ارادته.

__________________

(1) مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (ص 20).

(2) تأريخ الأمة الاسلامية 1 / 515

١٢٩

افساد الشمر لمهمة السلام :

ولما وردت رسالة ابن سعد إلى ابن مرجانة استصوب رأيه ، ورأى فيه حلا للمشكلة وجمعا للكلمة ، وانه قد جنبه الحرب ، فطفق يقول باعجاب :

«هذا كتاب ناصح مشفق»

وكان شمر بن ذي الجوشن الى جانبه فضاق ذرعا بالأمر فقد عرف الخبيث بوضاعة النسب والحقد على ذوي الاحساب العريفة ، وكان قد حسد ابن سعد على امرته للجيش فاندفع باضرام نار الحرب ، فقال لابن مرجانة :

«أتقبل هذا منه؟ بعد ان نزل بأرضك ، واللّه لئن رحل من بلادك ، ولم يضع يده في يدك ، ليكونن أولى بالقوة ، وتكون أولى بالضعف والوهن».

والهبت هذه الكلمات الموقف ، ونسفت كل امل في الصلح والوئام فقد تفطن ابن زياد إلى أمر خطير قد خفي عليه ، وهو ان الامام اذا خلص منه ، ولم يبايع ليزيد ، والتحق بقطر من الأقطار ، فسوف يتبلور الموقف وتهب الأمة لحمايته من العصابة المجرمة ، وسيكون الطاغية أولى بالوهن والضعف والحسين أولى بالمنعة والقوة لأنه ابن رسول اللّه (ص) وريحانته ، وغابت هذه النقاط الحساسة عن ابن مرجانة ، فرأى في كلمات الشمر الاخلاص والنصيحة».

ولما رأى الشمر أنه قد سيطر على الموقف ، وافسد مهمة ابن سعد اندفع ليوهن مكانته عنده لعله ان يتخذ من ذلك وسيلة لاقصائه عن منصبه ويكون بمحله ، فقال له :

١٣٠

«واللّه لقد بلغني أن حسينا وابن سعد يجلسان بين العسكرين فيتحدثان عامة الليل»(1) .

ومعنى هذا أن شمرا قد جعل له استخبارات خاصة على ابن سعد لعله أن يقصر في اداء مهمته فينقل ذلك إلى السلطة لتقصيه عن منصبه ويتولى هو قيادة الجيش.

رفض ابن زياد الحلول السلمية :

ورفض ابن مرجانة جميع الحلول السلمية التي كتب بها ابن سعد ، وسد جميع نوافذ السلم والوئام ، وقد كتب إليه :

«أما بعد : فاني لم ابعثك للحسين لتكف عنه ، ولا لتطاوله ، ولا لتمنيه السلامة ، ولا لتكون له عندي شفيعا.

انظر فان نزل حسين وأصحابه على حكمي فابعث بهم إلي سلما ، وإن أبوا فازحف إليهم حتى تقتلهم وتمثل بهم فانهم لذلك مستحقون.

فان قتلت حسينا فأوطئ الخيل صدره وظهره ، ولست أرى انه يضر بعد الموت ، ولكن على قول قلته لو قتلته لفعلت هذا به ، فان أنت مضيت لأمرنا فيه جزيناك جزاء السامع المطيع ، وإن أبيت فاعتزل عملنا وجندنا وخل بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر فانا قد أمرناه بذلك»(2) .

__________________

(1) البداية والنهاية 8 / 175

(2) تأريخ ابن الأثير 3 / وقريب منه جاء في انساب الأشراف ق 1 ج 1 ، وجاء في تذهيب التهذيب 1 / 151 ان ابن زياد كتب لابن سعد «لا ولا كرامة حتى يضع يده في يدي» فقال الحسين : لا يكون ذلك أبدا».

١٣١

وكانت هذه الرسالة صارمة لا رحمة فيها ، ومحتوياتها ما يلي :

1 ـ انها قصرت صلاحية ابن سعد على عمليات الحرب والقتال ، ولم تمنحه أي صلاحية لاجراء الصلح او المفاوضة مع الامام.

2 ـ وعرضت ان الامام اذا استجاب للصلح فعليه أن ينزل ضارعا لحكم ابن مرجانة لينال نصيبه منه فان شاء عفا عنه وان شاء قتله ، وقد اراد أن يمثل الامام عنده كأسير او مذنب ليسترحمه.

3 ـ ان الامام إذا لم يستجب للنزول على حكمه فعلى ابن سعد أن يسارع الى قتله والتمثيل به.

4 ـ انه هدده بالعزل عن منصبه إذا تردد في تنفيذ ما عهد إليه وعليه أن يسلم جميع مهام الجيش إلى شمر بن ذي الجوشن ليقوم بتنفيذ ما عهد إليه.

ويقول المؤرخون : ان ابن زياد جعل يقول : «الآن وقد علقت مخالبنا به يرجو النجاة ولات حين مناص» وأسرع الشمر وهو جذلان مسرور ، وجعل يجذ في السير ليصل لابن سعد لعله لا يستجيب لأوامر ابن مرجانة فيكون هو الأمير على الجيش ، ووصل الشمر إلى كربلا وكان ابن سعد مستنقعا في الفرات ، فبادر إليه رجل فقال له :

«قد بعث إليك جويرة بن بدر التميمي وأمره إن أنت لم تقاتل ان يضرب عنقك.

ووثب ابن سعد الى ثيابه فلبسها(1) والتفت الى شمر بن ذي الجوشن وقد عرف انها من مكيدته فقال له :

«ويلك لا قرب اللّه دارك ، وقبح اللّه ما جئت به ، واني لأظن

__________________

(1) تأريخ الاسلام للذهبي 2 / 348

١٣٢

أنك الذي نهيته ، وأفسدت علينا أمرا رجونا أن يصلح واللّه لا يستسلم حسين فان نفس أبيه بين جنبيه».

فأجابه الشمر

«اخبرني ما أنت صانع أتمضي لأمر أميرك؟ والا فخل بيني وبين العسكر ..».

واستسلم ابن سعد لهواه واطماعه فرضى أن يبقى قائدا لجيش ظلوم فقال له :

«لا ولا كرامة ، ولكن أتولى الأمر»(1)

وظل الشمر رقيبا على ابن سعد لعله أن يقصر في أوامر سيده ابن مرجانة ليتولى هو قيادة الجيش ، وبعث ابن سعد بجواب ابن زياد إلى الامام ، فقال (ع) :

«لا واللّه ما وضعت يدي في يد ابن مرجانة»(2) .

الامام مع ابن سعد :

وطلب الامام من ابن سعد الاجتماع به ، فاجابه ـ على كره ـ فالتقى معه ليلا ، وعقد معه اجتماعا مغلقا لم يحضره الا العباس وعلي الأكبر من جانب الحسين ومع ابن سعد حفص وغلام لابن سعد ، فقال الامام له :

«يا ابن سعد أتقاتلني؟ أما تتقي اللّه الذي إليه معادك ، فاني ابن من قد علمت ، ألا تكون معي وتدع هؤلاء فانه اقرب الى اللّه تعالى».

والقى ابن سعد معاذيره الواهية قائلا :

__________________

(1) انساب الأشراف ق 1 ج 1

(2) الصراط السوي في مناقب آل النبي (ص 87)

١٣٣

ـ أخاف ان تهدم داري

ـ أنا ابنيها

ـ أخاف ان تؤخذ ضيعتي

ـ أنا اخلف عليك خيرا منها في الحجاز

ـ ان لي بالكوفة عيالا وأخاف عليهم من ابن زياد القتل

ولم يجد منه الامام أي تجاوب ، وانما رأى منه اصرارا على الغي والعدوان فاندفع يدعو عليه :

«مالك ذبحك اللّه على فراشك عاجلا ، ولا غفر لك يوم حشرك ، فو اللّه اني لأرجو أن لا تأكل من بر العراق الا يسيرا».

وولى ابن سعد ، وهو يقول للامام بسخرية : ان في الشعير كفاية(1)

أمان الشمر لأخوة العباس :

وظن الخبيث الأبرص شمر بن ذي الجوشن ان يقنع أخوة الحسين بالعدول عن نصرة أخيهم فحمل لهم امانا من عبيد اللّه بن زياد ، وجاء يشتد حتى وقف أمامهم ، وهتف مناديا

«اين بنو اختنا العباس واخوته؟»

وهبت إليه الفتية كالأسود ، فقالوا له :

«ما تريد يا ابن ذي الجوشن؟»

«لكم الأمان»

وصاحوا به وهم يتميزون من الغيظ قائلين :

__________________

(1) البداية والنهاية 8 / 175

١٣٤

«لعنك اللّه ولعن أمانك ، أتؤمننا ، وابن بنت رسول اللّه (ص) لا أمان له»(1) .

وولى الأثيم خائبا ، وقد ظن أن اخوة الامام من طراز أصحابه الممسوخين ، ولم يعلم انهم من افذاذ الدنيا الذين صاغوا الكرامة الانسانية وصنعوا الفخر والمجد للانسان.

منع الامدادات :

وفرض ابن سعد الحصار على الامام الحسين (ع) فأحاط بجميع الطرق مخافة أن يصل إليه أي امداد من الخارج ، وقد احكم هذه الجهة حتى صار من غير الممكن أن يلتحق أي أحد بمعسكر الامام أو يوصلهم بأي امداد.

احتلال الفرات :

وأخطر عملية قام بها ابن سعد احتلاله لنهر الفرات فقد صدرت إليه الأوامر المشددة من ابن مرجانة بمنع الماء عن الامام الحسين وأهل بيته وأصحابه فلا يذوقوا منه قطرة واحدة ، كما صنع بعثمان بن عفان ، وارسل قوة عسكرية تتألف من خمسمائة فارس ، وقيل أربعة آلاف فارس بقيادة عمرو بن الحجاج فاحتلوا جميع الشرائع والأنهار المتفرعة من نهر الفرات ، وأوصدوا على الحسين وأصحابه باب الورود إلى الماء ، وفيما احسب أنه انما اتخذ هذا الاجراء القاسي الرهيب لما يلي :

__________________

(1) أنساب الأشراف ق 1 ج 1

١٣٥

أولا : الاضرار بمعسكر الامام حتى لا تكون عندهم أية قدرة أو مقاومة على الحرب ، فلا تصاب قواته بالخسائر.

ثانيا : سد الطريق امام من يحاول الالتحاق بالحسين عن طريق الماء

ثالثا : المبالغة في التشفي والانتقام من الأسرة النبوية لما فعله المسلمون بعثمان يوم الدار حينما حوصر ، ومنعوا عنه الماء ، ولكن الحسين فيما اجمع عليه المؤرخون قد حمل الماء إليه حينما حوصر وقد تنكر الأمويون لهذه اليد التي اسداها الامام عليهم.

رابعا : ان ابن زياد كان يأمل بهذا الاجراء ان يستسلم الامام ويخضع لأوامره هذه بعض الأسباب التي دعت ابن مرجانة لاصدار اوامره باحتلال الفرات ، ومنع الماء عن الحسين وأصحابه.

ويقول المؤرخون : انه حيل بين الحسين وبين الماء قبل قتله بثلاثة أيام(1) ، وكان اعظم ما عاناه الامام من المحن الشاقة مشاهدة اطفاله وحرائر الرسالة ، وهم يعجون من ألم الظمأ القاتل ، فقد كان الاطفال ينادون : الماء الماء

ولم يستطع الأطفال مقاومة العطش ، وكانوا ينظرون إلى الفرات وهو فياض بمائه ، فيزداد صراخهم ، وذاب قلب الامام رحمة وحنانا لذلك المشهد الرهيب ، فقد ذبلت شفاه اطفاله ، وذوى عودهم ، وجف لبن المراضع. بينما ينعم اولئك الجفاة بالماء ، يقول أنور الجندي :

وذئاب الشرور تنعم بالماء

وأهل النبي من غير ماء

يا لظلم الأقدار يظمأ قلب الليث

والليث موثق الأعضاء

وصغار الحسين يبكون في الصحراء

يا رب اين غوث القضاء

__________________

(1) مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (ص 89) أنساب الأشراف ق 1 ج 1.

١٣٦

ان جميع الشرائع والمذاهب لا تبيح منع الماء عن الأطفال والنساء ، وخصوصا الشريعة الاسلامية ، فقد جعلت الناس جميعا شركاء في الماء والكلاء ، وسوغت الشرب من الانهار المملوكة حتى لو لم يأذن أربابها وكرهت أشد الكراهة ذبح الحيوان الأعجم عطشانا ، لكن الجيش الأموي لم يحفل بذلك ، واستباح جميع ما حرمته الشرائع والأديان.

لقد تنكر اولئك الجفاة لليد البيضاء التي أسداها الامام على مقدمة جيوشهم التي كانت تتألف من الف فارس بقيادة الحر لالقاء القبض على الامام والحصار عليه في البيداء ، وكان قد بلغ بهم العطش كل مبلغ حتى أشرفوا على الهلاك ، وكان باستطاعته أن يبيدهم عطشا فأبت مروءته ورحمته أن يعاملهم بالقسوة فأمر فتيانه وهو معهم فسقاهم عن آخرهم كما أمر بسقي خيولهم وترشيفها على أنه كان في حاجة إلى الماء لأنه في وسط الصحراء اللاهبة ، ولم يقدر اولئك الاجلاف هذه النجدة فحرموه من الماء وحرموا من كان في كنفه من سيدات أهل البيت واحفاد النبي (ص).

الطباع اللئيمة :

وأخذ اولئك الممسوخون يتباهون ويتفاخرون باستيلائهم على ماء الفرات وحرمان ريحانة رسول اللّه (ص) منه ، ومن بينهم :

1 ـ المهاجر بن أوس

وانبرى المهاجر بن أوس التميمي صوب الامام رافعا صوته :

«يا حسين ألا ترى الى الماء يلوح كأنه بطون الحيات ، واللّه لا تذوقه او تموت» فرد عليه الامام :

«إني لأرجو ان يوردنيه اللّه ويحلئكم عنه»(1)

__________________

(1) أنساب الاشراف ق 1 ج 2

١٣٧

2 ـ عمرو بن الحجاج

واقبل عمرو بن الحجاج ، وكان ممن كاتب الحسنين بالقدوم إلى الكوفة حتى قرب من معسكر الحسين فرفع صوته :

«يا حسين هذا الفرات تلغ فيه الكلاب ، وتشرب فيه الحمير والخنازير ، واللّه لا تذوق منه جرعة حتى تذوق الحميم في نار جهنم»(1)

3 ـ عبد اللّه بن حصين

وأقبل عبد اللّه بن حصين الأزدي يشتد كأنه الكلب نحو الامام فنادى :

«يا حسين الا تنظر إلى الماء كأنه كبد السماء ، واللّه لا تذوق منه قطرة حتى تموت عطشا».

فرفع الامام يديه بالدعاء عليه وقال :

«اللهم اقتله عطشا ، ولا تغفر له أبدا»(2)

لقد فخر اولئك الأجلاف باحتلالهم لماء الفرات ، تقربا لسيدهم ابن مرجانة وارضاء لعواطفه لينالوا جوائزه وهباته.

الانكار على ابن سعد :

وأنكر جماعة من أصحاب الامام الحسين وغيرهم على ابن سعد منعه الماء عن ريحانة رسول اللّه (ص) فقد كان ذلك احط اسلوب في الانتقام فقد اشرف اطفال الحسين على الهلاك وهم يرون الماء امامهم ، وليس هناك من سبب يدعو إلى هذا الانتقام الا الخسة والوحشية المتأصلة في نفوس ذلك الجيش ، ومن بين المنكرين عليه.

__________________

(1) أنساب الأشراف ق 1 ج 1

(2) انساب الأشراف ق 1 ج 1 الصراط السوي في مناقب آل النبي (ص 86).

١٣٨

1 ـ يزيد بن حصين

وخرج يزيد بن الحصين فقال لابن سعد : «هذا الفرات تشرب منه الكلاب ، وهذا الحسين بن بنت رسول اللّه (ص) وأهل بيته عطاشى وأنت تزعم انك تعرف اللّه ورسوله؟!».

واطرق ابن سعد بوجهه الخبيث إلى الأرض ، ولم يتكلم بشيء(1)

2 ـ برير بن خضير

وانطلق برير بن خضير الهمداني نحو ابن سعد فرفع صوته قائلا :

«يا عمر أتترك بيت النبوة يموتون عطشا» وحلت بينهم وبين الفرات أن يشربوا منه ، وتزعم انك تعرف اللّه ورسوله».

فأجابه ابن سعد

«اني واللّه اعلم يا برير ان قاتلهم إلى النار ، ولكن تشير علي أن اترك ولاية الري فتصير إلى غيري ، ما أجد نفسي تجيبني إلى ذلك أبدا»(2) .

3 ـ الحر

وحينما التحق الحر بمعسكر الامام وتاب على يده خرج الى جيش ابن سعد فرفع صوته قائلا :

«يا أهل الكوفة لأمكم الهبل والعبر اذ دعوتموه ، وأخذتم بكظمه

__________________

(1) أخبار الدول للقرماني (ص 108) وسيلة المال في عد مناقب الآل (ص 290) مطالب السئول (ص 76).

(2) الفتوح 5 / 172

١٣٩

واحطتم به من كل جانب فمنعتموه التوجه الى بلاد اللّه العريضة حتى يأمن وأهل بيته ، واصبح كالأسير في ايديكم لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ، وملأتموه ونساءه وصبيته وصحبه عن ماء الفرات الجاري الذي تشربه اليهود والنصارى والمجوس وتمرغ فيه خنازير السواد وكلابه ، وها هم قد صرعهم العطش بئسما خلفتم محمدا في ذريته لا سقاكم اللّه يوم الظمأ»(1) .

ولم يجد معهم هذا الانكار ، واصروا على بغيهم وعنادهم فحرموا أبناء النبي (ص) من الماء حتى صرعهم العطش.

العثور على عين ماء :

واضر العطش بأهل البيت فتصارخت الاطفال ، والعيال ، وقام الامام (ع) فأخذ فأسا وحفر حول خيمة النساء فنبعت عين ماء عذب فشربوا منها إلا انها لم تلبث الا قليلا حتى غارت ونقلت الاستخبارات لابن زياد ذلك فتميز غيظا فأرسل الى ابن سعد رسالة جاء فيها :

«بلغني أن الحسين يحفر الآبار ، ويصيب الماء فيشرب هو وأصحابه فانظر اذا ورد عليك كتابي فامنعهم من حفر الآبار ما استطعت ، وضيق عليهم غاية التضييق».

وفرض ابن سعد الرقابة الشديدة على حفر الآبار ، كما أحاط نهر الفرات بمزيد من الحرس والجنود مخافة أن يأتي أحد منهم فيشرب منه الماء(2) .

__________________

(1) تأريخ ابن الأثير 3 / 289

(2) مقتل الخوارزمي 1 / 244 ، الفتوح 5 / 162 ، بغية النبلاء.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

(٢٦) كتاب : تحف العقول عن آل الرسول

للشيخ أبي محمّد الحسن بن علي بن شعبة الحرّاني

( من أعلام النصف الثاني من القرن الرابع )

الحديث :

الأوّل : خطبته ( صلى الله عليه وآله ) في حجّة الوادع : « ، أيّها الناس ، إنّما المؤمنون أُخوة ، ولا يحلّ لمؤمن مال أخيه إلاّ عن طيب نفس منه ، ألا هل بلّغت؟ اللّهم اشهد! فلا ترجعن كفّاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ، فإنّي قد تركت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ألا هل بلّغت؟ اللّهم اشهد »(١) .

الثاني : لمّا حضر علي بن موسى ( عليهما السلام ) مجلس المأمون ، وقد اجتمع فيه جماعة علماء أهل العراق وخراسان ، فقال المأمون : أخبروني عن معنى هذه الآية :( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ) (٢)

ثمّ قال الرضا ( عليه السلام ) : « هم الذين وصفهم الله في كتابه ، فقال :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣) ، وهم

____________

١ ـ تحف العقول : ٣٠ ، مواعظ النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) وحكمه ، ( خطبته ( صلى الله عليه وآله ) في حجّة الوادع ) ، وعنه المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) في البحار ٧٩ : ٣٤٨ ح ١٣ ، كتاب الآداب والسنن.

٢ ـ فاطر : ٢٩.

٣ ـ الأحزاب : ٣٣.

٢٨١

الذين قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، أُنظروا كيف تخلفوني فيهما ، يا أيّها الناس ، لا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم(١) .

وسيأتي هذا الحديث مسنداً عن الصدوق ( ت ٣٨١ هـ ) في الأمالي ، وعيون أخبار الرضا ( عليه السلام )(٢) .

الثالث : في رسالة الإمام الهادي ( عليه السلام ) ، في الردّ على أهل الجبر والتفويض ، وإثبات العدل والمنزلة بين المنزلتين :

من علي بن محمّد ، سلام عليكم ، وعلى من اتّبع الهدى ، ورحمة الله وبركاته ، فإنّه ورد عليّ كتابكم

وقد اجتمعت الأمّة قاطبة لا اختلاف بينهم ، أنّ القرآن حقّ لا ريب فيه عند جميع أهل الفرق ، وفي حال اجتماعهم مقرون بتصديق الكتاب وتحقيقه ، مصيبون مهتدون ، وذلك بقول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : « لا تجتمع أُمّتي على ضلالة » ، فأخبر أنّ جميع ما اجتمعت عليه الأمّة كلّها حقّ ، هذا إذا لم يخالف بعضها بعضاً ، والقرآن حقّ لا اختلاف بينهم في تنزيله وتصديقه ، فإذا شهد القرآن بتصديق خبر وتحقيقه ، وأنكر الخبر طائفة من الأمّة لزمهم الإقرار به ، ضرورة حين اجتمعت في الأصل على تصديق الكتاب ، فإن هي جحدت وأنكرت لزمها الخروج من الملّة.

فأوّل خبر يعرف تحقيقه من الكتاب وتصديقه والتماس شهادته عليه ، خبر ورد عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ووجد بموافقة الكتاب وتصديقه

____________

١ ـ تحف العقول : ٣١٣ ، ما روي عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، ( من كلامه ( عليه السلام ) في الاصطفاء ) ، وعنه الحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) في إثبات الهداة ١ : ٥٦٢ ح ٤١٨ ، باختصار.

٢ ـ انظر ما سنذكره عن الصدوق في الأمالي الحديث الخامس ، وعيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) الحديث الثالث.

٢٨٢

بحيث لا تخالفه أقاويلهم ، حيث قال : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما ، وأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، فلمّا وجدنا شواهد هذا الحديث في كتاب الله نصّاً ، مثل قوله جلّ وعزّ :( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ) ، وروت العامّة في ذلك أخباراً لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) أنّه تصدّق بخاتمه ، وهو راكع فشكر الله ذلك له ، وأنزل الآية فيه ، فوجدنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد أتى بقوله : « من كنت مولاه فعليّ مولاه » ، وبقوله : « أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي » ، ووجدناه يقول : « علي يقضي ديني ، وينجز موعدي ، وهو خليفتي عليكم من بعدي ».

فالخبر الأوّل الذي استنبطت منه هذه الأخبار خبر صحيح ، مجمع عليه ، لا اختلاف فيه عندهم ، وهو أيضاً موافق للكتاب ، فلمّا شهد الكتاب بتصديق الخبر ، وهذه الشواهد الأُخر ، لزم على الأمّة الإقرار بها ضرورة ، إذ كانت هذهِ الأخبار شواهدها من القرآن ناطقة ، ووافقت القرآن والقرآن وافقها(١) .

سيأتي عن الطبرسي ( القرن السادس ) في الاحتجاج باختلاف في الكلمات(٢) .

____________

١ ـ تحف العقول : ٣٣٨ ، ما روي عن الإمام أبي الحسن علي بن محمّد الهادي ( عليه السلام ) ، رسالته ( عليه السلام ) في الردّ على أهل الجبر والتفويض ، وعنه الحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) في إثبات الهداة ١ : ٥٦٢ ح ٤١٩ ، بالاقتصار على حديث الثقلين فقط ، والمجلسي ( ت ١١١١ هـ ) في البحار ٥ : ٦٨ ح ١ ، باب ٢.

٢ ـ الاحتجاج ٢ : ٤٨٧ [ ٣٢٨ ] ، وانظر ما سنذكره عن الاحتجاج ، الحديث التاسع.

٢٨٣

الحسن بن علي بن شعبة الحرّاني :

قال الحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) في أمل الآمل : الشيخ أبو محمّد الحسن بن علي بن شعبة ، فاضل محدّث جليل ، له كتاب تحف العقول عن آل الرسول ، حسن ، كثير الفوائد ، مشهور ، وكتاب التمحيص ، ذكره صاحب كتاب مجالس المؤمنين(١) .

كان معاصراً للشيخ الصدوق ( ت ٣٨١ هـ ) ، ومن مشايخ المفيد ، ( ت ٤١٣ هـ ) حيث ينقل عنه ، وقد روى عن الشيخ أبي علي محمّد بن همام ( ت ٣٣٦ هـ ) ، كما في أوّل كتابه التمحيص(٢) .

كتاب تحف العقول عن آل الرسول :

نسبه إليه كلّ من ترجمه ، وقال المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) في مصادر البحار : وكتاب تحف العقول عن آل الرسول تأليف الشيخ أبي محمّد الحسن بن علي بن شعبة(٣) ، وقال في توثيقه : وكتاب تحف العقول عثرنا منه على كتاب عتيق ، ونظمه يدلّ على رفعة شأن مؤلّفه ، وأكثره في المواعظ والأُصول المعلومة ، التي لا نحتاج فيها إلى سند(٤) .

وعدّه الحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) من الكتب التي اعتمدها في

____________

١ ـ أمل الآمل ٢ : ٧٤ [ ١٩٨ ] ، وأورده المامقاني ( ت ١٣٥١ هـ ) في تنقيح المقال ١ : ٢٩٦ عن تكملة أمل الآمل ، ولا يوجد فيها ، والظاهر أنّ كلمة تكملة زائدة.

٢ ـ التمحيص ( المطبوع في نهاية تحف العقول ) : ٣٩٧ ح ١ ، الباب الأوّل ، وانظر : الذريعة ٣ : ٤٠٠ [ ١٤٣٥ ] ، مقدّمة تحف العقول ، روضات الجنّات ٢ : ٢٨٩ [ ٢٠٠ ] ، رياض العلماء ١ : ٢٤٤ ، طبقات أعلام الشيعة ١ : ٩٣ ، تأسيس الشيعة : ٤١٣ ، أعيان الشيعة ٥ : ١٨٥.

٣ ـ البحار ١ : ١٠.

٤ ـ البحار ١ : ٢٩.

٢٨٤

الوسائل ، ووصف مؤلّفه بالشيخ الصدوق(١) .

وقال الشيخ علي بن الحسين البحراني ( القرن الثاني عشر ) في رسالته في الأخلاق : وكتابه ممّا لم يسمح الدهر بمثله(٢) .

وقال الخوانساري ( ت ١٣١٣ هـ ) في روضات الجنّات : له كتاب « تحف العقول عن آل الرسول » ، مبسوط ، كثير الفوائد ، معتمد عليه عند الأصحاب ، أورد فيه جملة وافية من النبويّات وأخبار الأئمّة ( عليهم السلام ) ومواعظهم الشافية على الترتيب ، وفي آخره أيضاً القدسيّان المبسوطان المعروفان الموحى بهما إلى موسى ( عليه السلام ) وعيسى بن مريم ( عليه السلام ) في الحكم والنصايح البالغة الإلهيّة ، وباب في بعض مواعظ المسيح الواقعة في الإنجيل ، وآخر وصيّة المفضّل بن عمر للشيعة.

كما قال في خطبة كتابه الموصوف : وأتيت على ترتيب مقامات الحجج ( عليهم السلام ) ، واتبعتها بأربع وصايا شاكلت الكتاب ووافقت معناه ، وأسقطت الأسانيد تخفيفاً وإيجازاً ، وإن كان أكثره لي سماعاً ، ولأنّ أكثره آداب وحكم تشهد لأنفسها ، ولم أجمع ذلك للمنكر المخالف ، بل ألّفته للمسلّم للأئمّة ، العارف بحقّهم ، الراضي بقولهم ، الرادّ إليهم ، وهذهِ المعاني أكثر من أن يحيط بها حصر ، وأوسع من أن يقع عليها حظر ، وفيما ذكرناه مقنع لمن كان له قلب ، وكاف لمن كان له لبّ(٣) .

وفي هذه الجملة ـ أيضاً ـ من الدلالة على غاية اعتبار الكتاب ، ما لا يخفى ، مضافاً إلى أنّ غالب مرسلاته بطريق إسقاط السند ، والإسناد إلى قول الحجّة ، دون إبهام الراوي ، وهو ظاهر في الإخبار الجازم ، ويجعل الخبر مظنون الصدق ، فيلحقه بأقسام الصحيح(٤) .

____________

١ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٥٦ [ ٣٧ ] ، الفائدة الرابعة.

٢ ـ الذريعة ٣ : ٤٠٠ [ ١٤٣٥ ] ، وتأسيس الشيعة : ٤١٤.

٣ ـ تحف العقول : ١١ ، مقدّمة المؤلّف.

٤ ـ روضات الجنّات ٢ : ٢٨٩ [ ٢٠٠ ].

٢٨٥

وقد قال المصنّف في مقدّمته أيضاً : « ووقفت ممّا انتهى إليّ من علوم السادة ( عليهم السلام ) ، على حكم بالغة ومواعظ شافية » ، وقال : « ووجدت بعضهم ( عليهم السلام ) ، قد ذكروا جملا من ذلك فيما طال من وصاياهم وخطبهم ورسائلهم وعهودهم ، وروي عنهم في مثل هذه المعاني ألفاظ » ، ثمّ قال : « فجمعت ما كانت هذه سبيله ».

وقال : « فتأمّلوا معاشر الشيعة المؤمنين ما قالته أئمّتكم ( عليهم السلام ) » ، وقال : « بل خذوا ما ورد إليكم عمّن فرض الله طاعته عليكم ، وتلّقوا ما نقله الثقات عن السادات بالسمع والطاعة »(١) .

وقد أسقط المؤلّف الأسانيد ، كما ذكر ذلك في أوّل الكتاب ، وأوردناه عنه نحن آنفاً.

وللكتاب عدّة نسخ مخطوطة ، منها. في مكتبة الشيخ محمّد الحسين الأعلمي الخاصّة في كربلاء ، وفي مكتبة العلاّمة السيّد جلال الدين الأرموي في إيران ، وفي المكتبة العامّة في طهران(٢) .

____________

١ ـ تحف العقول : ١٠ ، ١١ ، مقدّمة المؤلّف ، وانظر : أُصول علم الرجال : ٢٧٤ ، كتاب تحف العقول.

٢ ـ انظر تحف العقول : ٧ ، الكتاب : مخطوطاته ومطبوعاته.

٢٨٦

(٢٧) كتاب : البرهان في النصّ الجليّ على علي ( عليه السلام ) (١)

للشيخ علي بن محمّد العدوي الشمشاطي

( كان حيّاً في ٣٧٧ هـ )

الحديث :

قال الشيخ الحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) في إثبات الهداة : وروى الشيخ الصدوق علي بن محمّد العدوي الشمشاطي في كتاب البرهان في النصّ على علي ( عليه السلام ) ، بإسناده إلى أبي ذرّ ، عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في حديث الشورى ، أنّه قال لهم : « هل تعلمون أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، قال : إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، لن تضلّوا ما استمسكتم بهما ، لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض »؟ قالوا : نعم(٢) .

وسيأتي هذا الحديث مسنداً عن أمالي الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) فراجع(٣) .

الشيخ علي بن محمّد العدوي الشمشاطي :

قال النجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) : علي بن محمّد العدوي الشمشاطي أبو

____________

١ ـ هذا الكتاب مفقود في الوقت الحاضر ، ولكن وصلت منه نسخة إلى الحرّ العاملي ، وأورد بعض الروايات منه في إثبات الهداة ، وما نقلناه منه.

٢ ـ إثبات الهداة ١ : ٦٤٩ ح ٨٠٢ ، فصل ( ٥٦ ).

٣ ـ انظر ما سنذكره عن أمالي الطوسي ، الحديث الخامس.

٢٨٧

الحسن ، من عدِي بني تغلب ، عدي بن عمرو بن عثمان بن تغلب ، كان شيخاً بالجزيرة ، وفاضل أهل زمانه وأديبهم ، ثمّ قال نقلا عن سلامة بن ذكا أبو الخير الموصلي ـ بعد أن عدّد كتبه ورسائله ـ : وكان يذكره بالفضل والعلم والدين والتحقّق بهذا الأمر ( رحمه الله )(١) .

وذكر العلاّمة ( ت ٧٢٦ هـ ) وابن داود ( ت ٧٠٧ هـ ) في القسم الأوّل من كتابيهما مثله(٢) ، ورمز له ابن داود بـ ( لم ) ، أشار إلى رجال الشيخ في من لم يرو عنهم ( عليهم السلام ) ، وهو غير مذكور في رجال الشيخ ( رحمه الله ).

ووثّقه الماحوزي ( ت ١١٢١ هـ ) في البلغة(٣) ، وعدّه المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) في الوجيزة(٤) ، والكاظمي ( القرن الحادي عشر ) في هداية المحدّثين من الممدوح(٥) .

وعدّه في الحاوي من الضعاف ، ونقل ما قاله العلاّمة فيه ، عن القسم الثاني للخلاصة(٦) ، وهو اشتباه ، فهو في القسم الأوّل ، المخصّص لمن يعتمد عليه العلاّمة فيها ، ولعلّ هذا هو الذي جعله يعدّه في الضعاف.

وقال المامقاني ( ت ١٣٥١ هـ ) ـ بعد أن ذكر ما في الخلاصة ورجال ابن داود ـ : ولم أجد في رجال الشيخ ( رحمه الله ) ما نسبه إليه ، وكيفما كان ، فعدّهما له في القسم والباب الأوّل يكشف عن اعتمادهما عليه ، ونقل

____________

١ ـ رجال النجاشي : ٢٦٣ [ ٦٨٩ ] ، وانظر : جامع الرواة ١ : ٢٦٠٠ ، مجمع الرجال ٤ : ٢١٩.

٢ ـ خلاصة الأقوال : ١٨٧ [ ٥٦٠ ] ، رجال ابن داود : ١٤١ [ ١٠٨١ ] ، وانظر : نقد الرجال ٣ : ٢٩٧ [ ٣٦٨٨ ].

٣ ـ بلغة المحدّثين : ٣٨٥.

٤ ـ الوجيزة ( رجال المجلسي ) : ٣٦٥ [ ١٢٨٧ ].

٥ ـ هداية المحدّثين : ٢١٨ ، وانظر : بهجة الآمال ٥ : ٥٢٤ ، منتهى المقال ٥ : ٦٢ [ ٢١٠٠ ].

٦ ـ حاوي الأقوال ٤ : ٥٩ [ ١٧٢٥ ].

٢٨٨

النجاشي عن سلامة ذكره بالفضل والعلم والدين والتحقّق بهذا الأمر ، ورضاه بذلك ، وترحّمه عليه لا يقصر عن التوثيق ، ولذا وثّقه في البلغة ، وجمد المجلسي على عدم ورود لفظ ثقة فيه ، فعدّه ممدوحاً ، وأفرط الجزائري فعدّه في الضعفاء ، والأظهر وثاقته ; لما عرفت(١) .

وقال التستري ( ت ١٤١٥ هـ ) : أقول : وعنونه الحموي في أدبائه ، وقال : شاعر مجيد ، ومصنّف مفيد ، استدرك على ثعلب في الفصيح عدّة مواضع ، كان رافضيّاً دجّالا ، يأتي في كتبه بالأعاجيب من أحاديثهم.

وفي توقيعات الإكمال : عن أبيه ، عن سعد ، عن علي بن محمّد الشمشاطي رسول جعفر بن إبراهيم اليماني ، قال : كنت مقيماً ببغداد ، وتهيّأت في قافلة اليمانيّين للخروج ، فكتبت أستأذن ، فخرج : « لا تخرج معها ، فمالك في الخروج خيرة » ، فخرجت القافلة ، وخرجت عليها بنو حنظلة فاجتاحوها ، وكتبت أستأذن في ركوب الماء ، فخرج : « لا تفعل » فما خرجت سفينة في تلك السنة إلاّ خرجت عليها البوارج ، وخرجت زائراً إلى العسكر ، فأنا في المسجد مع المغرب ، إذ دخل عليّ غلام ، فقال لي : قم ، فقلت : من أنا؟

قال : « عليّ بن محمّد ، رسول جعفر بن إبراهيم اليماني » ، وما كان علم أحد من أصحابنا بموافاتي ، فقمت إلى منزله ، واستأذنت في أن أزور من داخل ، فأذن لي(٢) .

والظاهر أنّه الذي عدّه الإكمال في ( من وقف على معجزة الحجّة ( عليه السلام ) ، ورآه ) بلفظ ( الشمشاطي )(٣) ) وشمشاط : من ثغور الجزيرة ، كما

____________

١ ـ تنقيح المقال ٢ : ٣٠٦.

٢ ـ إكمال الدين : ٥١٨ ح ١٤ باب : ١٣.

٣ ـ إكمال الدين : ٤٧١ ح ١٦ ، الباب : ١١ ، وانظر : مجمع الرجال ٧ : ١٩٢ ، الفائدة الثالثة.

٢٨٩

أنّ الظاهر أنّ مراد الحموي ، بقوله : « يأتي في كتبه بالأعاجيب من أحاديثهم » ، ما مرّ في تلك التوقيعات(١) .

وقال الطهراني ( ت ١٣٨٩ هـ ) : وقال ابن النديم : إنّه من سمساط من بلاد أرمينية ، إلى قوله : شاعر ، مصنّف ، مؤلّف ، مليح الحفظ ، كثير الرواية ، ويحيا في عصرنا هذا(٢) ، يعني وقت تأليف ( الفهرست ) في ٣٧٧(٣) ، وعدّه ابن طاووس ( ت ٦٦٤ هـ ) في ( فرج المهموم ) من علماء النجوم من أصحابنا(٤) (٥) .

كتاب البرهان

ذكره النجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) ضمن كتبه ، بعنوان : رسالة البرهان في النصّ الجليّ على أمير المؤمنين ( عليه السلام ).

ثمّ قال : أخبرنا سلامة بن ذكار أبو الخير الموصلي ( رحمه الله ) ، بجميع كتبه(٦) .

وذكره الحرّ ( ت ١١٠٤ هـ ) في الكتب التي نقل منها في كتاب إثبات الهداة ، بعنوان : كتاب البرهان في النصّ على عليّ ( عليه السلام ) ، لعلي بن محمّد العدوي الشمشاطي(٧) .

____________

١ ـ قاموس الرجال ٧ : ٥٦٤ [ ٥٣٠٩ ].

٢ ـ فهرست ابن النديم : ١٧١ ، المقالة الثالثة ، وانظر أيضاً : ٢٩١ ، الفن السابع : من المقالة السادسة.

٣ ـ فهرست ابن النديم : ٤١ ، المقالة الأُولى.

٤ ـ فرج المهموم : ١٢٣ ، الباب الخامس.

٥ ـ طبقات أعلام الشيعة ( القرن الرابع ) : ٢٠٣ ، وانظر أيضاً : أعلام الزركلي ٤ : ٣٢٥.

٦ ـ رجال النجاشي : ٢٦٤ [ ٦٨٩ ].

٧ ـ إثبات الهداة ١ : ٢٨ ، الفائدة العاشرة.

٢٩٠

وعدّه المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) في مصادر بحاره(١) ، وقال في توثيق المصادر : وكتاب البرهان كتاب متين ، فيه أخبار غريبة ، ومؤلّفه من مشاهير الفضلاء ، ثمّ أورد قول النجاشي(٢) .

____________

١ ـ البحار ١ : ٢٠.

٢ ـ البحار ١ : ٣٩ ، وانظر : رياض العلماء ٤ : ٢١٢ ، الذريعة ٣ : ٩٠ [ ٢٨٥ ].

٢٩١
٢٩٢

مؤلّفات الشيخ الصدوق أبي جعفر محمّد بن علي بن

الحسين بن بابويه القمّي ( ت ٣٨١ هـ )

(٢٨) كتاب : كمال الدين وتمام النعمة :

الحديث :

الأوّل : قال : وأشهد أنّ محمّداً ( صلى الله عليه وآله ) عبده ورسوله وأمينه ، وأنّه بلّغ عن ربّه ، ودعا إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة ، وعمل بالكتاب وأمر باتّباعه ، وأوصى بالتمسّك به وبعترته الأئمّة بعده ( صلى الله عليه وآله ) ، وأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليه حوضه ، وأنّ اعتصام المسلمين بهما على المحجّة الواضحة(١) .

تنبيه : من الواضح أنّه يشير إلى حديث الثقلين.

الثاني : وقال غيره(٢) من متكلّمي مشايخ الإماميّة :

ونقول : إنّ جميع طبقات الزيديّة والإماميّة ، قد اتفقوا على أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، قال : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وهما الخليفتان من بعدي ، وأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ».

وتلقّوا هذا الحديث بالقبول(٣) .

____________

١ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٣٢ ، المقدّمة.

٢ ـ أي غير أبي جعفر بن قبة ( رحمه الله ) ، الذي نقل الصدوق كلامه قبل كلام هذا الشيخ.

٣ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٩٣ ، كلام لأحد المشايخ في الردّ على الزيديّة.

٢٩٣

الثالث : وقال أبو جعفر محمّد بن عبد الرحمن بن قبة الرازي ( القرن الرابع ) في نقض كتاب الإشهاد لأبي زيد العلوي : قال صاحب الكتاب ـ بعد أشياء كثيرة ذكرها لا منازعة فيها ـ : وقالت الزيديّة والمؤتمّة(١) : الحجّة من ولد فاطمة ، بقول الرسول المجمع عليه في حجّة الوداع ، ويوم خرج إلى الصلاة في مرضه الذي توفّي فيه : « أيّها الناس ، قد خلّفت فيكم كتاب الله وعترتي ، ألا إنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، ألا وإنّكم لن تضلّوا ما استمسكتم بهما ».

ثمّ أكّد صاحب الكتاب هذا الخبر ، وقال فيه قولاً لا مخالفة فيه(٢) .

فأقول(٣) ـ وبالله الثقة ـ : إنّ في قول النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) على ما يقول الإماميّة دلالة واضحة ، وذلك أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي »(٤) .

الرابع : حدَّثنا أحمد بن الحسن القطّان ، قال : حدَّثنا العبّاس بن الفضل المقري ، قال : حدَّثنا محمّد بن علي بن منصور ، قال : حدَّثنا عمرو ابن عون ، قال : حدَّثنا خالد ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن أبي الضحى ، عن زيد بن أرقم ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض »(٥) .

____________

١ ـ يعني الإماميّة.

٢ ـ ذكر هنا قولاً في دلالة الحديث ، سيأتي الكلام عليه في بحث الدلالة.

٣ ـ هذا الكلام من أبي جعفر بن قبة ( رحمه الله ).

٤ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ١٢٤ ، أجوبة ابن قبة على أبي زيد العلوي.

ثمّ ذكر كلاماً في الدلالة ردّاً على ما قاله أبو زيد العلوي ، سيأتي نقله في بحث الدلالة إن شاء الله.

٥ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٢٦٥ ح ٤٤ ، باب (٢٢) : اتصال الوصيّة ، وعنه الحرّ

٢٩٤

ورواه الجويني ( ت ٧٣٠ هـ ) بطريقه عن الصدوق في فرائد السمطين(١) .

الخامس : حدَّثنا محمّد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس ، قال : حدَّثنا العبّاس بن الفضل ، عن أبي زرعة ، عن كثير بن يحيى أبي مالك ، عن أبي عوانة ، عن الأعمش ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عامر بن واثلة ، عن زيد بن أرقم ، قال : لما رجع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من حجّة الوداع ، نزل بغدير خمّ ، ثمّ أمر بدوحات فقمّ ما تحتهن ، ثمّ قال : « كأنّي قد دعيت فأجبت ، إنّي تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، ثمّ قال : « إنّ الله مولاي وأنا مولى كلّ مؤمن » ، ثمّ أخذ بيد عليّ ابن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فقال : « من كنت وليّه فهذا وليّه ، اللّهم وال من والاه ،

____________

العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) في إثبات الهداة ١ : ٤٩٦ ح ١٩٥ ، والبحراني ( ت ١١٠٧ هـ ) في البرهان ١ : ١١ ح ١٢ ، باب [ ٣ ] : في الثقلين ، ولكنّه سمّى كمال الدين بكتاب الغيبة ، وغاية المرام ٢ : ٣٦٠ ح ٥٩ ، باب : ٢٩ ، ونسبه هنا إلى كتاب من لا يحضره الفقيه ، ولا يوجد فيه ، والمجلسي ( ت ١١١١ هـ ) في البحار ٢٣ : ١٣٣ ح ٦٩.

١ ـ فرائد السمطين ٢ : ١٤٢ ح ٤٣٦ ، الباب الثالث والثلاثون من السمط الثاني. وطريقه إلى الصدوق ، هكذا : أنبأني الإمام مفيد الدين أبو جعفر محمّد بن علي بن أبي الغنائم ، والإمام سديد الدين يوسف بن علي بن المطهّر الحليان ، في ما كتبا إليّ رحمة الله عليهما ، قالا : أنبأنا الشيخ مهذّب الدين الحسين بن أبي الفرج بن ردّة النيلي ( رحمه الله ) ، بروايته عن محمّد بن الحسين بن علي بن محمّد بن عبد الصمد ، عن والده ، عن جدّه محمّد ، عن أبيه ، عن جماعة ، منهم : السيّد أبو البركات علي بن الحسين الجوري العلوي ، وأبو بكر محمّد بن أحمد بن علي المعمّري ، والفقيه أبو جعفر محمّد بن إبراهيم القائني ، قالوا : أخبرنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمّد بن علي بن بابويه ( رحمه الله ) ، قال : . ( الحديث ) ، وفيه : ( وعترتي ) فقط ، و ( لن يتفرّقا ) بدل ( لن يفترقا ) ، وسيأتي في ما سنذكره عن فرائد السمطين للجويني في مصادر أهل السنّة لحديث الثقلين.

٢٩٥

وعاد من عاداه » ، قال : فقلت لزيد بن أرقم : أنت سمعت من رسول الله ( صلى الله عليه وآله )؟

فقال : ما كان في الدوحات أحد إلاّ وقد رآه بعينه وسمعه بأُذنيه(١) .

السادس : حدَّثنا محمّد بن جعفر بن الحسين البغدادي ، قال : حدَّثنا عبد الله بن محمّد بن عبد العزيز إملاءً ، قال : حدَّثنا بشر بن الوليد ، قال : حدَّثنا محمّد بن طلحة ، عن الأعمش ، عن عطيّة بن سعيد(٢) ، عن أبي سعيد الخدري ، أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : « إنّي أوشك أن أُدعى فأجيب ، وإنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله عزّ وجلّ وعترتي ، كتاب الله حبل ممدود بين السماء والأرض ، وعترتي أهل بيتي ، وإنّ اللطيف الخبير أخبرني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فانظروا بماذا تخلفوني فيهما »(٣) .

السابع : حدّثنا محمّد بن عمر البغدادي ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسين بن حفص الخثعمي ، قال : حدّثنا محمّد بن عبيد ، قال : حدّثنا صالح بن موسى ، قال : حدّثنا عبد العزيز بن رفيع ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي قد خلّفت فيكم شيئين ، لن تضلّوا بعدي أبداً ما أخذتم بهما ، وعملتم بما فيهما : كتاب الله وسنّتي »(٤) ، وإنّهما

____________

١ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٢٦٦ ح ٤٥ ، باب (٢٢) : اتصال الوصيّة ، وعنه الكاشاني ( ت ١٠٩١ هـ ) في نوادر الأخبار : ١٤١ ح ١٤ ، وقال : وزاد في رواية أُخرى : . ، والحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) في إثبات الهداة ١ : ٤٩٦ ح ٩٦ ، والبحراني ( ت ١١٠٧ هـ ) في البرهان ١ : ١١ ح ١٣ باب ٣ ، وسمّى كمال الدين بكتاب الغيبة ، وغاية المرام ٢ : ٣٦٠ ح ٦٠ ، الباب : ٢٩ ، والمجلسي ( ت ١١١١ هـ ) في البحار ٢٧ : ١٣٧ ح ٢٥.

٢ ـ الظاهر أنّه عطيّة بن سعد ، كما سيأتي في أسانيد أُخر.

٣ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٢٦٦ ح ٤٦ ، باب (٢٢) : اتصال الوصيّة ، وعنه في إثبات الهداة ١ : ٤٩٧ ح ١٩٧ ، والبرهان ١ : ١١ ح ١٤ ، وغاية المرام ٢ : ٣٦١ ح ٦١ ، الباب : ٢٩ ، والبحار ٢٣ : ١٤٧ ح ١٠٩.

٤ ـ تصحيف من ( ونسبي ) ، كما سيأتي توضيحه في المتن.

٢٩٦

لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض »(١) .

تنبيه : لقد توقّفت كثيراً في هذا الحديث ، وإدراجه في ضمن حديث الثقلين ، إلى أن نبّهني يوماً العلاّمة المحقّق السيّد محمّد رضا الجلالي إلى ما كتبه توضيحاً عن هذا الحديث في كتابه ( تدوين السنّة الشريفة ) ، أثناء تعليقه على حديث ( كتاب الله وسنّتي ) ، قال :

ورواه الحاكم في المستدرك ( ١ / ٩٣ ) عن أبي هريرة(٢) ، شاهداً على الحديث الأوّل ، وكذا الذهبي ولم يصرّحا بصحّته ، ولفظه : « إنّي قد تركتُ فيكم شيئين لن تضلّوا بعدهما أبداً : كتاب الله وسنّتي » ، وعزاه السيوطي في الجامع الكبير رقم ( ٨٢٤٦ ) ج ١ ص (٢٤) إلى البيهقي في السنن الكبرى(٣) ، بلفظ « إنّي قد خلّفتُ » ، ونقله في ( حجّيّة السنّة ) ( ص ٣١٤ ) عن البيهقي في المدخل ، باللفظ الأوّل.

أقول : لكنّ الذي رواه البزّار عن أبي هريرة ، وبنفس السند الذي أورده الحاكم ، كما جاء في ( كشف الأستار عن زوائد البزّار ) ، كتاب علامات النبوّة ، باب مناقب أهل البيت ، ما نصّه : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « إنّي قد خلّفتُ فيكم اثنين لن تضلّوا بعدهما أبداً : كتاب الله ونَسبي ، ولن

____________

١ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٢٦٧ ح ٤٧ ، باب (٢٢) : اتصال الوصيّة ، وعنه البحراني ( ت ١١٠٧ هـ ) في البرهان ١ : ١٢ ح ١٥ ، وفيه : وعترتي بدل وسنّتي ، وغاية المرام ٢ : ٣٦١ ح ٦٢ ، الباب (٢٩) ، وفيه : وسنّتي ، والبحار ٢٣ : ١٣٢ ، وفيه : وسنّتي.

٢ ـ رواه الحاكم في مستدركه ( ١ ح ١ : ١٩٤ ح ٣٢٢ ) ، بهذا السند : أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه ، أنبأ محمّد بن عيسى بن مسكن الواسطي ، ثنا داوود بن عمرو الضبّي ، ثنا صالح بن موسى الطلحي ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : . ، ( الحديث ).

٣ ـ السنن الكبرى ١٠ : ١٩٥ ح ٢٠٣٣٧ ، بهذا السند : أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد ، أنبأ أبو أحمد حمزة بن محمّد بن العبّاس ، ثنا عبد الكريم بن الهيثم ، أنبأ ابن العبّاس بن الهيثم ، ثنا صالح بن موسى الطلحي . ، الخ.

٢٩٧

يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، قال البزّار : لا نعلمه يُروى عن أبي هريرة إلاّ بهذا الإسناد ، وصالح ليّن الحديث ، كشف الأستار ( ج ٣ ص ٢٢٣ ) رقم ( ٢٦١٧ )(١) .

وبما أنّ البزّار أورد الحديث في باب مناقب أهل البيت ( عليهم السلام ) ، فلا بدّ أنْ يكون لفظ الحديث مناسباً لذلك الباب ، فلا بدّ أن يكون الصحيح لفظ « ونسبي » ، وبما أنّ الحديث الذي أورده الحاكم عن أبي هريرة متّحد مع ما أورده البزّار سنداً ، فلابدّ أن يكون مثله لفظاً أيضاً ، وهذا يقتضي أن يكون « وسنّتي » مصحّفاً عن « ونسبي ».

وقد وقع مثل هذا التصحيف ، في ما أورده السيوطي في كتاب ( إحياء الميت بفضائل أهل البيت ) ، الحديث رقم (٢٢) ، نقلا عن البزّار ، فجاء بلفظ : « كتاب الله ونسبتي » ، في الطبعة المصريّة بهامش إتحاف الأشراف ( ص ٢٤٧ ) ، وطبعة مؤسّسة الوفاء ( ص ٢٤ ) ، وطبعة محمّد سعيد الطريحي ( ص ٤٤ ) ، لكن في طبعة دار الجيل التي حقّقها مصطفى عبد الرحمان عطا ( ص ٢٩ ) ، بلفظ : « وسُنّتي » ، من دون تعليق ، ولا إشارة إلى اختلافه مع سائر الطبعات ومع المصدر ، ولا إلى أنّ الحديث بهذا اللفظ « وسُنّتي » لا يرتبط بأهل البيت ( عليهم السلام ) ، فكيف يورده السيوطي ، ومصدره البزّار ، في باب فضائل أهل البيت ( عليهم السلام )!؟(٢)

أقول : وكذلك ، كيف يورده الصدوق تحت باب ( اتّصال الوصيّة من لدن آدم ( عليه السلام ) ، وأنّ الأرض لا تخلو من حجّة لله عزّ وجلّ على خلقه إلى يوم القيامة ) ، وفي ضمن إيراده لأحاديث الثقلين(٣) .

____________

١ ـ وانظر أيضاً : مختصر زوائد البزار ٢ : ٣٣٢ ح ١٩٦٣.

٢ ـ تدوين السنّة الشريفة : ١٢٢ ، القسم الأوّل ، الفصل الثالث ، الهامش (١).

٣ ـ قال محقّق كتاب كمال الدين وتمام النعمة ، الشيخ علي أكبر الغفاري في هامش

٢٩٨

الثامن : حدَّثنا محمّد بن عمر الحافظ ، قال : حدَّثنا القاسم بن عبّاد ، قال : حدَّثنا سويد ، قال : حدَّثنا عمرو بن صالح ، عن زكريا ، عن عطيّة ، عن أبي سعيد ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب الله جلّ وعزّ حبل ممدود ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض »(١) .

التاسع : حدَّثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد ، قال : أخبرنا محمّد بن أحمد بن حمدان القشيري ، قال : حدَّثنا الحسين بن حميد ، قال : حدَّثني أخي الحسن بن حميد ، قال : حدَّثني علي بن ثابت الدهّان ، قال : حدَّثني سعاد وهو ابن سليمان ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي ( عليه السلام ) ، قال : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إنّي امرؤ مقبوض ، وأُوشك أن أُدعى فأُجيب ، وقد تركت فيكم الثقلين ، أحدهما أفضل من الآخر : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض »(٢) .

العاشر : حدَّثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد ، قال : أخبرنا القشيري ، عن المغيرة بن محمّد بن المهلّب ، قال : حدَّثني أبي ، عن عبد الله بن داود ، عن فضيل بن مرزوق ، عن عطيّة العوفي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال :

____________

هذا الحديث : ذكر هذه الرواية عن أبي هريرة بهذا اللفظ هنا لا يناسب المقام ، اللّهم إلاّ أن يكون المراد ذكره لبيان تحريف أبي هريرة لفظ الحديث ، أو إيراد جميع ما سمعه.

١ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٢٦٧ ح ٤٨ ، باب (٢٢) : اتصال الوصيّة ، وعنه في إثبات الهداة ١ : ٤٩٧ ح ١٩٨ ، والبرهان ١ : ١٢ ح ١٦ ، وغاية المرام ٢ : ٣٦١ ح ٦٣ ، باب (٢٩) ، والبحار ٢٣ : ١٣٢ ح ٦٧.

٢ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٢٦٧ ح ٤٩ ، وفي بعض الطبعات كرّره بعد صفحة ، وعنه في نوادر الأخبار : ١٤٠ ح ١٣ ، وإثبات الهداة ١ : ٤٩٧ ح ١٩٩ ، والبرهان ١ : ١٢ ح ١٧ ، غاية المرام ٢ : ٣٦١ ح ٦٤ ، باب ٢٩ ، والبحار ٢٣ : ١٣٢ ح ٦٨.

٢٩٩

قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم أمرين أحدهما أطول من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء(١) طرف بيد الله ، وعترتي ، ألا إنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، فقلت : لأبي سعيد : من عترته؟

قال : أهل بيته ( عليهم السلام )(٢) .

ورواه الجويني ( ٧٣٠ هـ ) بطريقه إلى الصدوق في فرائد السمطين(٣) .

الحادي عشر : حدّثنا علي بن الفضل البغدادي ، قال : سمعت أبا عمر صاحب أبي العبّاس ثعلب ، يقول : سمعت أبا العبّاس ثعلب سئل عن معنى قوله ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين » ، لم سمّيا الثقلين؟

قال : لأنّ التمسّك بهما ثقيل(٤) .

ورواه الجويني بطريقه عن الصدوق في فرائد السمطين(٥) .

الثاني عشر : حدَّثنا الحسن بن علي بن شعيب أبو محمّد الجوهري ،

____________

١ ـ لعلّه يوجد هنا سقط : ( إلى الأرض ) ، كما في معاني الأخبار ، وفرائد السمطين ، والبحار ، والبرهان ، وغاية المرام.

٢ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٢٦٧ ح ٥٠ ، وأورده في معاني الأخبار ، وسيأتي ، وفي بعض الطبعات كرّره بعد صفحة ، وعنه في إثبات الهداة ١ : ٤٩٧ ح ٢٠٠ ، والبرهان ١ : ١٢ ح ١٨ ، وغاية المرام ٢ : ٣٦٢ ح ٦٥ ، الباب ٢٩ ، والبحار ٢٣ : ١٣١ ح ٦٤.

٣ ـ فرائد السمطين ٢ : ١٤٤ ح ٤٣٨ ، الباب (٣٣) من السمط الثاني ، وفيه : أنبأنا القشيري ، قال : حدَّثنا المغيرة بن محمّد بن المهلّب ، قال : حدَّثني أبي ، قال : حدَّثني عبد الله بن داود ، وقد ذكرنا طريقه إلى الصدوق في الحديث الرابع ، المارّ الذكر ، وفيه : « حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، طرف بيد الله ».

٤ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٢٦٨ ح ٥١ ، وعنه في البرهان ١ : ١٢ ح ١٩ ، وفيه ( أبا عمرو ) و ( تغلب ) ، وغاية المرام ٢ : ٣٦٢ ح ٦٦ ، الباب ٢٩ ، والبحار ٢٣ : ١٣١ ح ٦٥ ، وفيه ( تغلب ).

٥ ـ فرائد السمطين ٢ : ١٤٥ ح ٤٢٩ ، الباب (٣٣) من السمط الثاني ، وفيه : سمعت أبا عمرو صاحب أبي العبّاس غلام ثعلب ـ والظاهر أنّ غلام زائدة ـ ، وفيه : ( يُسْئل ) بدل ( سئل ) ، وفيه : لم سمّيا بثقلين؟

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619