موسوعة حديث الثقلين الجزء ١

موسوعة حديث الثقلين9%

موسوعة حديث الثقلين مؤلف:
الناشر: ستارة
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 978-600-5213-63-8
الصفحات: 619

الجزء ١ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 619 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 161485 / تحميل: 4924
الحجم الحجم الحجم
موسوعة حديث الثقلين

موسوعة حديث الثقلين الجزء ١

مؤلف:
الناشر: ستارة
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٦٣-٨
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

صحة الجزء اللاحق وعدم وجوب استئناف الجزء السابق.

لا يقال: إنّ هذا الاستصحاب لا يثبت به عدم رافعية الأثر الموجود المشكوك رافعيته.

لأنّا نقول: هب أنّه لا يثبت به ذلك ولا يترتّب على ذلك فساد، لأنّ الغرض من إحراز ذلك ليس إلاّ صحّة اللاحق وعدم وجوب استئناف السابق، وهذا الغرض يترتّب على استصحاب عدم وجود كلي الرافع وإن لم يعلم منه حكم الفعل الموجود.

ثم إنّ ما ذكرنا بعينه جار في صورة الشك في حصول ما يعلم قاطعيته، بل فيه أظهر.

أمّا الثاني، فالكلام فيه مبنيّ على مقدّمة هي:

أنّ الأمر المتعلق بالجزء تبعاً اللازم من مطلوبية المركّب هل هو متعلّق بالجزء المقيّد بعدم لحوق ما يمنع عن حصول المركّب منه ومن سائر الاجزاء، أو متعلق بالجزء من غير تقييد، وعلى الثاني فهل يكون سقوط ذلك الأمر مراعى بعدم لحوق ما يمنع عن ذلك، أو يكون سقوطه غير منوط بشيء، غاية الأمر أنّه إذا حصل المانع عن انضمام سائر الأجزاء يعود الأمر بالجزء لأجل حصول الداعي للأمر، والظاهر هو الاحتمال الأخير لبطلان الأوّلين وعدم وجود احتمال آخر، أمّا الثاني فظاهر، وأمّا الأول فامّا بطلان الاحتمال الأوّل: فلأن منشأ الأمر بالمقدّمة ليس الاّ التوقّف، وهو لا يكون إلاّ متعلّقاً بذات الجزء المعراة عن تقييد.

لا يقال: الجزء الملحوق بالمانع لا يتوقّف عليه الكل وما لم يلحقه يتوقّف عليه، لأنّه لا يلزم من عدم الأوّل عدم المركّب ويلزم من عدم الثاني عدمه.

لأنّا نقول: الذي تتقوّم به الماهية المركّبة هو ذات الأجزاء، وأمّا عدم المانع فهو بنفسه معتبر في الماهية وتتقوّم به وكذلك عدم القاطع، غاية الأمر أنّ الأوّل يتقوّم به الماهية بنفسه والثاني تتقوّم بملزومه الذي هو الهيئة الاتّصالية أو أمر آخر، فليس ما تعلّق به الأمر المقدّمي أمراً مقيّداً، ولو كان ما ذكرته من الاعتبار موجباً للتعدّد

١٦١

والانقسام، واختصاص للأمر الغيري نفسه دون آخر، يجري ذلك في كل جزء بالنسبة إلى ما يلحقه من الأجزاء ولا تلتزم به.

وأمّا بطلان الاحتمال الثاني: فلأن الغرض من الأمر المقدّمي بأيّ مقدّمة تعلّق ليس إلاّ رفع امتناع تحقّق ذي المقدمة من جهة عدم تلك المقدمة، ولا ريب أنّ ذلك الغرض يحصل بمجرّد حصولها الجزء في الخارج، واستمراره ليس أمراً مرتّباً عليه حتى يكون غرضاً من حصوله، بل منوط بعدم ما يمنع منه حصول الماهية من الجزء الموجود وسائر الاجزاء الاخر، فارادة استمراره موجب للأمر بابقاء عدم ذلك المانع، غاية الأمر أنّه اذا حصل ذلك المانع يتجدّد معه أمر مقدّمي بذلك الجزء لحصول الداعي للأمر.

نعم لو كان الغرض من الأمر بالمقدّمة رفع الامتناع من جهة عدم تلك المقدّمة واستمرار عدم الامتناع، كان الامتثال مراعى بعدم المانع، لأنّه إتيان المأمور به على وجه يطابق غرض المولى والمطابقة لا يحصل الاّ بعدم المانع.

إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ ما يعتبر عدمه تارة يعتبر عدمه في المركّب لأجل أنّه يكون بنفسه من مقوّماته وأجزائه، واخرى يعتبر لأجل إخلاله بالسابق وسقوطه عن قابلية لحوق الباقي به مع وجود ذلك، وثالثة لأجل اعتبار عدمه في لحوق المتأخّر بالسابق بمعنى أنّه يسقط الباقي عن قابلية اللحوق بالسابق، وذلك كالسكوت الطويل بالنسبة إلى الأجزاء التي يعتبر فيها الموالاة.

أمّا الكلام في الصورة الاولى: فتارة في الشبهة الحكمية، واخرى في الموضوعية.

أمّا الاولى: فالظاهر أنّه يجب البناء على ما فعل من الأجزاء وإتمامه والإجتزاء به في الظاهر إلى أن ينكشف الخلاف، ولنذكر أوّلاً ما يقتضيه المانعية ثم ما يدفع به تلك المقتضيات عند الشك فيها بسبب الشك في حدوث ما يقتضيها.

فاعلم أنّ ما علم مانعيته إذا وجد في الخارج يقتضي أمرين:

الأوّل: وجوب استئناف ما فعله لأجل عروض ما يمتنع معه كون ذلك جزءً فعلياً للعبادة.

١٦٢

الثاني: عدم حصول التركّب المعتبر في مفهوم العبادة.

وبسبب هذين الأمرين يمتنع إتيان باقي الأجزاء أيضاً وامتثال الأوامر المتعلّقة بها، إذا كان بين الأجزاء ترتيب، فانّ الواجب الغيري حينئذٍ ليست ذلك الجزء، بل هو ذلك مقيّداً بسبق ما يعتبر سبقه عليه، والمفروض أنّه لم يحصل، مثلاً لو فرضنا أنّ زيادة التكبير مانعة وفعلها يحدث بسبب ذلك أمراً باعادة التكبير بقصد الدخول في الصلاة ويجب عليه تركها بعده ولا يقدر ما لم يستأنف التكبير ولم يترك الزيادة على امتثال الأمر الغيري المتعلّق بالقراءة وغيرها من الأجزاء، لأنّ المأمور به بالأمر الغيري ليس مطلق القراءة بل هو القراءة بعد التكبير وترك الزيادة.

إذا عرفت ذلك فنقول: إذا شك في مانعية شيء صدر منه يكون شكّه في ذلك موجباً للشك في وجوب استئناف ما سبق، وللشك في إتيان جميع ما يعتبر في المركّب لو أتى بباقي الأجزاء، وللشك في اتيان باقي الأجزاء على وجه يطابق الأوامر المتعلقة، فإذا دلّ الدليل الشرعي - مثل استصحاب عدم فعل ما يعتبر تركه في المأمور به - على أنّ ترك ما يكون مانعاً حاصل بحكم الشارع، يكون مقتضى ذلك وجوب البناء على عدم حدوث أمر ممّا سبق فعله، وسقوط العقاب على ترك المركّب المستند إلى ترك ذلك الجزء المأتي به، وفعل ما يجب تركه إذا أتى بباقي الأجزاء، والإكتفاء باتيانه في هذه الحالة باقي الاجزاء التي يعتبر في سقوط الأمر المتعلّق بها، وعدم العقاب على ترك المركّب المستند إلى تركها ايجادها في حال سبق فعل الجزء السابق وترك المانع، فاذا حصل للمكلّف الأمن من العقاب من جميع هذه الوجوه بواسطة ذلك الدليل يكون آمناً من العقاب على مخالفة الأمر النفسي المتعلّق بالمركّب فلا موجب للاستئناف وترك مشكوك المانعية وعدم دلالة الأصل المذكور على حصول الامتثال للأمر النفسي، وعدم مانعيّة الموجود بعد الأمن من العقاب على المخالفة لو كان ما أتى به غير مطابق للأمر النفسي لا يضرّ بحال المكلف، لأنّ وجوب إحرازه - حيث يحكم به العقل - انّما هو لأجل توقّف الفرار عن العقاب على الاحراز وهو غير متوقّف على ذلك كما عرفت.

١٦٣

والحاصل: أنّ الذي يجب على المكلّف إتيان الجزء السابق على وجه يصلح لأن يلحق به باقي الأجزاء وترك المانع الذي اعتبر في المأمور به واتيان الاجزاء الباقية على وجه يطابق الأوامر المتعلقة بها فاحراز ترك المانع واجب لكونه موجباً لليقين ببقاء قابلية ما سبق عليه، ولكونه في نفسه مطلوباً غيريّاً ولكون تحققه من شرائط صحة الاجزاء اللاحقة حقيقة واصالة الترك دليل لثبوت شرائط الأجزاء اللاحقة شرعاً ولثبوت جزء العبادة وهو الترك ودليل لبقاء القابلية في الاجزاء السابقة كما ان استصحاب الطهارة موجب لثبوت شرط الصلاة وهي الطهارة فالمكلف إذا أتى بباقي الاجزاء يكون شرعاً، آتياً جميع ما يعتبر في المأمور به.

وأمّا الثانية: - أي الشبهة الموضوعية - فالحكم يختلف باختلاف كيفية عدم المانع في المركّب، فانّه قد يكون عدمه من حالات المصلّي مثل لبس المصلّي جلد ما لا يؤكل لحمه في حال الصلاة، وقد يكون من حالات بعض ما على المصلّي مثل طهارة اللباس وعدم كونه جلد ما لا يؤكل لحمه، وقد يكون من إعتبارات نفس الفعل بحيث يكون المطلوب الفعل الواقع في غير ما لا يؤكل لحمه، وقد يكون نفس الترك من الأجزاء مثل عدم التكتّف، وعدم قول آمين في أثناء الصلاة، فإن كان من اعتبارات المصلّي: يكون جريان الأصل وعدمه تابعاً لليقين السابق المتعلق بحال المصلّي فيقال عند الشك في لبس ما يكون لبسه مانعاً: انّ المصلّي لم يكن لابساً في الزمان السابق والأصل عدمه، ونظيره استصحاب طهارة المصلّي من الحدث، وإن كان من اعتبارات ما عليه ينبع حال ذلك، فإذا شكّ في طهارة الثوب أو وقوع ما يمنع كونه عليه أنّ الأصل طهارته، والأصل عدم وقوع ذلك عليه إذا كان مسبوقاً بالطهارة وعدم الوقوع.

ومن هنا علم أنّه إذا شك في أصل اللباس من حيث كونه من أجزاء ما لا يؤكل لحمه لم يجر الأصل لعدم وجود الحالة السابقة، وكذلك الأمر عند الشك في كونه حريراً إذا قلنا: إنّ مانعية الحرير من اعتبارات اللباس، وإن كان من اعتبارات الفعل لم يجر فيه الأصل، لأنّه ليس هناك حالة سابقة للفعل الخاص من

١٦٤

حيث وقوعه في غير ما لا يؤكل لحمه، وإن كان نفس الترك من الامور المعتبرة في العبادة - نظير ترك التأمين والتكتّف - فبالأصل يحرز عدمه.

ثم اعلم أنّه إذا كان الشك في المانعية راجعاً إلى الشك في كون اعتبار عدم الشيء من خصوصيات وقوع الفعل، كما إذا شككنا في أنّ المأمور به هل هو الصلاة الواقعة في غير ما لا يؤكل لحمه أو مطلق الصلاة في أيّ شيء وقع فلا يخفى أنّ أصالة عدم المانع لا يجري هنا أيضاً وإنّما المجدي في المقام هو أصالة البراءة عن القيد الزائد بناءً على إعتبارها في الأجزاء العقلية التي لا يكون الشك في جزئيتها راجعاً إلى الشك في كون المأمور به الأقل في الخارج أو الأكثر في الخارج وقد مرّ الكلام فيه.

فان قلت: أيّ فرق بين ما يكون عدمه مستقلاً من الأجزاء، وما يكون عدمه من إعتبارات وقوع الفعل، فانّه كما يكون المطلوب في الثاني الفعل الخاص وهو الواقع مثلاً في غير ما لا يؤكل لحمه، كذلك يكون المطلوب في الأوّل الأجزاء المقرونة بعدم ذلك، فكما أنّ الأصل لا يفيد في الثاني كذلك لا يفيد في الأوّل.

قلت: بينهما فرق واضح، فانّ العدم إذا كان في نفسه مطلوباً لا يكون المطلوب إلاّ أفعالاً وتروكاً والأوّل يحرز بالوجدان والثانية بالأصل وليس المطلوب حينئذٍ الأجزاء المقرونة بالترك، بل المطلوب مجموع امور أحدها الترك، أمّا إذا كان من إعتبارات نفس الفعل كان المطلوب أمراً وجودياً خاصاً وهو الفعل المقرون بكذا، واستصحاب الترك لا يثبت به اقتران الفعل بالترك الذي هو من خصوصيات المأمور به، وانما لم نتكلّم في ذلك في الشبهة الحكمية، لأنّ الشك من هذه الحيثية راجع إلى الشك في كون المأمور به الأمر المقيّد فيكون راجعاً إلى الشك في الشرطية وقد مرّ تفصيله.

وأمّا الكلام في الصورة الثانية: فالظاهر أنّه كالاولى إلاّ أنّ بينهما فرقاً من حيث إنّه لا يحتاج هنا إلى أصلين: أحدهما أصالة عدم حدوث أمر جديد بالأجزاء السابقة، والآخر أصالة عدم وجود ذلك المانع، بل الأوّل مغن عن الثاني، لأنّه

١٦٥

لا يكون الشك في وجود المانع حينئذٍ الاّ سبباً للشك في حدوث الأمر الجديد، إذ المفروض أن ترك ذلك المانع ليس مطلوبيته الاّ لأجل اقتضاء وجوده فساد الأجزاء السابقة، وليس هو في نفسه من مقوّمات المأمور به، والظاهر أن القواطع كلّها من هذا القبيل، فإذا أثبتنا عدم وجود الأمر الجديد بالاصل، يحصل بالاتيان بسائر الاجزاء براءة الذمة عن المأتي به.

فإن قلت: إنّ الواجب في مقام الامتثال إحراز حصول المأمور به في الخارج، والأصل المذكور وهو بضميمة الأصل الآخر في الصورة الاولى لا يثبت به عنوان المأمور به.

قلت: قد مرّ جوابه فانّ الحاكم بوجوب الامتثال ليس إلاّ العقل، وهو لا يحكم إلاّ بوجوب فعل يسقط به العقاب، وأمّا الصورة الثانية فالظاهر أنّه لا مجرى للأصل فيه، لأنّ أصالة عدم وجود المانع لا يثبت كون ما يأتي به من الأجزاء مرتبطة بالأجزاء السابقة.

ثمّ انّه قد يستدلّ لصحّة العبادة عند الشك في المانعية: بقوله تعالى: (ولا تبطلوا أعمالكم)(١) فانّ حرمة الابطال هو ايجاب المضيّ وهو ملازم للصحّة، للاجماع على أنّ ما يجب المضي فيه يكون صحيحاً إلاّ الصوم والحج.

وتحقيق الكلام في الآية: أنّ الابطال هو التأثير في عروض وصف البطلان على العمل بعد أن لم يكن كذلك، كما في الاكرام، والاقامة، والاغناء، فانّ معناها: جعل الشخص مكرماً وقائماً، وغنياً بعد أن لم يكن كذلك، ولا ريب أنّ هذا المعنى يقتضي سبق اتّصاف العمل بعدم البطلان وهو ملازم للصحّة، ومعنى الآية ان حمل الابطال فيها على هذا المعنى جعل العمل لغواً بعد أن كان ذا أثر فهو راجع إلى النهي عن الأعمال الموجبة لحبط العمل.

ويؤيّده: نفيه بقوله تعالى: (لا تبطلوا صدقاتكم بالمن)(٢) بقرينة قوله تعالى:

____________________

(١) محمّد: ٣٣.

(٢) البقرة: ٢٦٤.

١٦٦

(ثم لا يتّبعون ما أنفقوا منّاً ولا أذى)(١) .

ويحتمل أن يكون المراد من الابطال: ايجاد العمل باطلاً نظير قولهم ضيّق فم الركيّة أي أوجده ضيّقاً، فمعنى الآية طلب ترك إتيان العمل باطلاً، ولا يرتبط بالمقام سواء كان النهي إرشادياً أم لا كما لو حمل على المعنى الأول.

ويحتمل أن يكون المراد قطع العمل، ويمكن إرجاعه إلى الوجه الأوّل - بناءً على أنّ المراد من العمل الأعم من الواجبات الغيرية والنفسية - ولا ريب أنّ الاحتمال الأوّل هو المتعيّن لما عرفت من أنّه المعنى الحقيقي للابطال، وقد استعمل فيه في الآية الاخرى، ولأنّه المناسب للآيات المتقدّمة على هذه الآية وهي قوله تعالى: (يا أيّها الذين آمنوا أطيعوا اللّه وأطيعوا الرسول)(٢) لأن إتيان العمل باطلاً مخالفة للّه والرسول فالأمر بالاطاعة يغني عن النهي عن ذلك، مضافاً إلى ما ورد من تفسير الآية ما يطابق المعنى الأوّل.

فحصل أنّ الاستدلال بها - مع قطع النظر عمّا يأتي الاشارة إليه - إنّما يمكن إذا اريد به المعنى الثالث، وقد عرفت أنّ الظاهر منها هو المعنى الأوّل.

الاّ أن يقال: إنّ المعنى الثالث راجع إلى المعنى الأوّل، لكنه يبعد دعوى ظهور الآية فيما يكون فيه جهة مطلوبية ذاتية إلاّ أنّ كون قطع العمل بعد فعل ما يشك في مانعيته ابطالاً محلّ شك، لأنّ المشكوك لو كان مانعاً لا يكون القطع بعد فعله ابطالاً وهو ظاهر.

ومن هنا ظهر حال استصحاب حرمة القطع، واستصحاب وجوب الاتمام، لأنّه يكون الشك في المانعية موجباً للشك في كون النقض إبطالاً وفي القدرة على الابطال ومعه يكون موضوع المستصحب وهو الوجوب مشكوك البقاء وكون إلحاق الباقي اتماماً، لأنّ كون المأتي به اتماماً مبني على عدم كون ما يشك في مانعيته

____________________

(١) البقرة: ٢٦٢.

(٢) النساء: ٥٩.

١٦٧

معتبراً في المأمور بوجه من الوجوه.

الاّ أن يقال: إنّا نستصحب القدرة على الاتمام وكون اتيان باقي الاجزاء قبل حدوث ذلك إتماماً.

ويرد على الأوّل أنّ استصحاب القدرة انّما يثبت به شرط وجوب واقعاً وهو القدرة وثبت به موضع الوجوب الواقعي ولكن ترتيب آثار بقاء القدرة الذي هو راجع إلى ايجاب الاتمام ظاهراً موقوف على القدرة على الاتمام وهو لا يثبت بهذا الاستصحاب، لأنّ الاستصحاب لا يثبت به شرائط نفسه، وأمّا إستصحاب كون الأجزاء اللاحقة اتماماً فان كان جارياً، يغني عن استصحاب القدرة.

ولكنّه يرد عليه أنّ كون فعل هذه الأجزاء الباقية إتماماً من غير اعتبار مسبوقيتها بالترك في حصول الاتمام بها مشكوك حتى في حال سبقها بترك مشكوك المانعية فلعلّ موضوع الاتمام هو الجزء المسبوق بترك المشكوك مانعيته.

والحاصل: إن كون الجزء المسبوق بترك مشكوك مانعيته اتمام يقيني: لأنّه إمّا أن يكون اتماماً مع المقيّد أو مطلقاً وعلى أيّ الأمرين يكون ما به الاتمام موجوداً في ذلك العنوان، لكنّه لا يكون فعل هذه الأجزاء مصداقاً لذلك العنوان، وأمّا كون الجزء إتماماً من غير اعتبار سبق ترك مشكوك المانعية في الاتّصاف بذلك حتى في حال السبق فاتّصاف الأجزاء المطلقة القدر المشترك بين المسبوق بالترك وغير المسبوق به بالاتمام مشكوك، فكيف يستصحب الاتمام فتأمّل.

وممّا ذكرنا علم أنّ الأمر لو دار بين رفع اليد عمّا يكون مشغولاً به والاستئناف وبين الاتمام والاعادة، كان الأوّل هو المتعيّن، لأنّه مع القدرة على مراعاة الجزم المعتبر في تحقّق الامتثال حيث يقدر عليه يأتي بالمأمور به على وجه لا يحصل معه مراعاة الجزم واشتمال فعله على هذا الوجه على مراعاة الاحتياط من جهة احتمال كون القطع ابطالاً محرّماً لا يسوغ ترك الاحتياط من تلك الجهة، مع كونه إمّا واجباً، أو أهم من ذلك.

اللهمّ إلاّ أن يقال: إنّ فعل المبطل عقيب ما يشك في مانعيته وقبل إتيان باقي

١٦٨

الأجزاء يكون حراماً فيكون الاتمام في الظاهر واجباً والاعادة واجبة، لعدم القطع بحصول المأمور به لا واقعاً ولا ظاهراً، وحينئذٍ يكون طريق إمتثال الأمر منحصراً في الاتمام والاعادة، أمّا حرمة فعل المنافي فهي إمّا لإستصحاب الحرمة، لأنّه كان قبل وجود مشكوك المانعية حراماً، أو لأجل أنّها من أحكام الكون في العبادة وهو مستصحب، لأنّ المكلّف كان في العبادة قبل فعل مشكوك المانعية، وبعد فعله يشك في أنّه خرج بسببه عن العبادة أو هو باق فيها فيستصحب الكون في العبادة.

ويرد على الوجه الأوّل: أنّ الذي كان موصوفاً بالحرمة ليس هو فعل ذات المنافي، بل هو إخراج الجزء القابل للحوق الباقي عن قابلية لحوق الباقي به وكون فعل المنافي إخراجاً للقابل عن القابلية مشكوك، لاحتمال خروجه عن القابلية قبل فعل ذلك.

اللهمّ إلاّ أن يستصحب القابلية وحينئذٍ فلا حاجة إلى إستصحاب الحرمة، ولا يجب الاعادة ايضاً إذا لم يكن المانع المشكوك على تقدير مانعيته مخرجاً للأجزاء اللاحقة عن قابلية اللحوق بما سبق وقد مرّ بيانه.

واعلم أنّ ما ذكرنا كلّه انّما كان في الزيادة عمداً، وأمّا الزيادة سهواً فيما يقدح زيادته عمداً فالكلام فيه هو الكلام في النقص سهواً، فانّه يرجع إلى الاخلال بالشرط سهواً، وقد مرّ أنّ الشيخرحمه‌الله بنى على أنّ مقتضى الأصل فيه هو البطلان(١) ، وقد مرّ ضعفه وأنّه يمكن القول فيه بالصحّة.

وقد ظهر من جميع ما ذكرناه في الزيادة والنقيصة: أنّ مقتضى الأصل في الزيادة - سهواً كان أو عمداً - عدم البطلان.

وأمّا من بنى فيه على أصالة البطلان فيلزمه القول بأصالة البطلان في الزيادة السهوية إن ثبت أنّ الزيادة العمدية مفسدة، وليس له الخروج عن هذه القاعدة الاّ بالنص بالبطلان.

____________________

(١) فرائد الاصول: ص ٤٩٤.

١٦٩

وقد عرفت أيضاً: أنّ الأصل في كل جزء شك في كونه ركناً عدم الركنية، سواء كان المراد من الركن ما يبطل بنقيصته سهواً العبادة، أو كان المراد ما يبطل بنقيصته سهواً وبزيادته عمداً أو سهواً.

نعم من بنى على أنّ النقيصة السهوية، الأصل فيها بالبطلان دون الزيادة يلزمه التفصيل في الشك في الركنية فيقول: إنّ الاصل هو الركنية إن كان المراد التفسير الأول، وعدمها إن كان هو الثاني.

والشيخ في الرسالة: حكى عدم الفصل في الصلاة بين الاخلال سهواً، وبين الزيادة عمداً وسهواً فقال - بناءً على مذهبه -: إنّ أصالة البراءة الحاكمة بعدم البأس بالزيادة، معارضة - بضميمة عدم القول بالفصل - بأصالة الاشتغال الحاكمة ببطلان العبادة بالنقص سهواً، وحينئذٍ فان جوّزنا الفصل في الحكم الظاهري الذي يقتضيه الاصول العملية فيما لا فصل فيه من حيث الحكم الواقعي فيعمل بكل واحد من الأصلين، وإلاّ فاللازم ترجيح قاعدة الاشتغال على البراءة كما لا يخفى(١) .

وأورد عليه: بأنّ التعارض ليس بين الأصلين، بل التعارض بين الاطلاق الآمر القاضي بعدم كفاية الناقص، وبين أصالة البراءة الحاكمة بعدم بطلان ما اشتمل عليه الزيادة - بضميمة عدم القول بالفصل - وذلك لأنّ عدم كفاية ما نقص بعض أجزائه سهواً من مقتضيات إطلاق الأمر المقتضي لكون الواجب في حالتي الذكر والنسيان أمراً واحداً وهو التام الاجزاء، فالمعارضة حقيقة يكون بينهما ومع تسليم أنّ المعارضة بين الأصلين، فلا وجه لتقديم قاعدة الاشتغال.

وربّما يجاب: بأنّ مقتضى الاطلاق هو كون الواجب في الحالتين واحداً، وأمّا عدم سقوط الأمر بما لا يكون مأموراً به فليس من مقتضيات الاطلاق، والمفروض أنّه مقتضى نظر صاحب الرسالة - حيث بنى على عدم معقولية اختلاف الواجب بالنسبة إلى الذاكر والناسي - هو كون الناقص مسقطاً عن الواجب لا مأموراً به

____________________

(١) فرائد الاصول: ص ٤٩٤.

١٧٠

واقعاً، ووجه تقديم الاشتغال: أنّه لا يوجب قاعدة قبح التكليف بلا بيان - بضميمة عدم القول بالفصل - الأمن من العقاب في المورد الذي - لولا عدم القول بالفصل - حكم فيه بالاحتياط.

واعلم أنّ الأخبار في باب الزيادة كثيرة لا بأس بالاشارة اليها وإلى ما يستفاد منها وطريق الجمع بينها.

فمنها: ما يدلّ بظاهره على أنّ مطلق الزيادة مبطلة، كقولهعليه‌السلام : من زاد في الصلاة فعليه الاعادة(١) .

وقولهعليه‌السلام فيمن أتمّ في السفر أنّه يعيده قالعليه‌السلام : لأنّه زاد في فرض اللّه(٢) بناءً على أنّ الرواية أعم من السهو والعمد، وأنّ المراد من فرض اللّه هو الصلاة.

وما ورد في الطواف من أنّه كالصلاة في أنّ الزيادة مبطلة(٣) .

ومنها: ما يدلّ على أنّ الزيادة السهوية مبطلة، كقولهعليه‌السلام : وإذا استيقن أنّه زاد في المكتوبة فليستقبل صلاته(٤) .

ومنها: ما يدلّ على أنّ الزيادة مطلقاً غير مبطلة، كقولهعليه‌السلام : تسجد سجدتي السهو لكل زيادة ونقيصة يدخل عليك(٥) .

ومنها: ما يدلّ على أنّ زيادة غير الأركان لا تكون مبطلة، كقولهعليه‌السلام : « لا تعاد الصلاة الاّ من خمسة »(٦) . بناءً على أنّ لا تعاد شاملة للزيادة إمّا بأن يكون المعنى: لا تعاد الصلاة من طرف شيء ممّا يعتبر في الصلاة زيادة ونقيصة الاّ من

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ١٩ من أبواب الخلل ح ٢ ج ٥ ص ٣٣٢ وفيه « في صلاته ».

(٢) وسائل الشيعة: ب ١٧ من أبواب الخلل ح ٨ ج ٥ ص ٥٣٢.

(٣) وسائل الشيعة: ب ١٢ من أبواب السعي ح ٢ ج ٩ ص ٥٢٧.

(٤) وسائل الشيعة: ب ١٩ من أبواب الخلل ح ١ ج ٥ ص ٣٣٢.

(٥) وسائل الشيعة: ب ٣٢ من أبواب الخلل ح ٣ ج ٥ ص ٣٤٦.

(٦) وسائل الشيعة: ب ١ من أبواب أفعال الصلاة ح ١٤ ج ٤ ص ٦٨٣.

١٧١

خمسة، وعدم تصوّر الزيادة في بعض الخمسة مع تصوّره في الركوع والسجود لا يضرّ بحمله على الأعم من الزيادة والنقيصة، أو يكون المعنى « لا تعاد الصلاة من جهة نقص شيء » ويكون الشيء أعم من التروك المعتبرة في الصلاة، والفرق بين الوجهين: أنّ الأوّل يقتضي بطلان زيادة الركوع والسجود دون الثاني كما لا يخفى.

وكقولهعليه‌السلام في عدم ابطال زيادة غير الركن وابطال زيادته، « لأنّه زاد في فرض اللّه »(١) بناءً على أنّ المراد من فرض اللّه هو الركوع أو الركعة بقرينة ما ورد: من أنّ بعض أجزاء الصلاة فرض اللّه وبعضها سنّة(٢) .

وجه الدلالة على أنّ زيادة غير الركن غير مبطلة: أنّ تعليل الاعادة بزيادة الركن - مع كون زيادة غير الركن حاصلة قبلها - موجب لعدم كون السابق موجباً للبطلان، والاّ كان العلّة هو السابق ولم يكن اللاحق مع صلوحه للعلّية أيضاً علّة، لأنّ المترتّبين الصالح كلّ منهما للعلّية يكون إستناد المعلول بالسابق وإلاّ لزم خروج العلة التامّة عن كونها علّة تامّة، أو تحصيل الحاصل وكلاهما محال.

إذا عرفت ذلك فنقول: قولهعليه‌السلام لا تعاد الخ، حاكم على سائر الأخبار الدالّة على أنّ مطلق الزيادة مبطلة مثل قولهعليه‌السلام : « من زاد » وقولهعليه‌السلام : « لانه زاد في فرض اللّه » ، إلاّ أن يقال: إنّ قوله : « من زاد » ليس في مقام بيان اشتراط عدم الزيادة ليكون لا تعاد لكون معناه لا تعاد ممّا يعتبر في الصلاة حاكماً عليه، بل المقصود رفع ما لعلّه يتوّهم من أنّ الزيادة على تقدير الابطال لا يوجب الاعادة، وحينئذٍ يكون معارضاً لقوله لا تعاد، إلاّ أنّ الظاهر خلاف ذلك خصوصاً مع كون الزيادة من قبيل الموانع التي يكون بيان مانعيتها غالباً بالأمر بالاعادة إذا حصلت.

مع أنّه يمكن أن يقال: إنّ شمول « لا تعاد » للزيادة السهوية في غير الأركان

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ١٧ من أبواب صلاة المسافر ح ٨ ج ٥ ص ٥٣٢.

(٢) وسائل الشيعة: ب ١ من أبواب القبلة ح ١ ج ٣ ص ٢١٤ نقلاً بالمعنى.

١٧٢

بعد خروج الأركان عنها بالاستثناء أظهر من شمول « من زاد » لها، أو يقال: إنّ « لا تعاد » أقلّ فرداً من قوله « من زاد » وإن كانت النسبة بينهما عموماً من وجه، من حيث عموم « من زاد » للعمد والسهو والأركان وغيرها، وعموم « لا تعاد » للزيادة والنقيصة، لأنّ لا تعاد شامل للزيادة والنقيصة السهويتين في غير الأركان وقولهعليه‌السلام « من زاد » يشمل الزيادة العمدية في غير الأركان وكذلك السهوية في غير الأركان وهذان القسمان يقابلان ما يشمله قوله « لا تعاد » ويشمله ايضاً قوله « من زاد » على زيادة الأركان عمداً وسهواً فتخصيصه بـ « لا تعاد » أولى من العكس، لأنّ « لا تعاد » أقلّ فرداً، وكذلك تخصيص بقولهعليه‌السلام « لا تعاد » قولهعليه‌السلام : « لكلّ زيادة ونقيصة تدخل عليك » بغير الأركان باعتبار ذيل لا تعاد وهو قوله الاّ من خمسة لانه اخص من قوله لكل زيادة وهو بعد اختصاصه بغير الأركان تخصيص قولهعليه‌السلام : « من استيقن أنّه زاد » بغير الأركان.

فان قلت: النسبة بين قولهعليه‌السلام : « لكل زيادة ونقيصة » وقوله: « من استيقن » ليست إلاّ التباين، إذ ليس الأوّل عامّاً واحداً، بل قوله: « لكل زيادة » عام وقوله: « ونقيصة » عام آخر، وملاحظة النسبة أوّلاً بين ذيل « لا تعاد » مع قوله « لكل زيادة » وتخصيص الثاني بالأوّل وإن جعل الثاني أخص من قوله « من استيقن » إلاّ أنّ باب التعارض لا يقتضي بأن يخصّص « من استيقن » بقوله: « لكل زيادة »، لأنّه لا يكون لقوله « لكل زيادة » بعد التخصيص ظهور في الباقي ظهوراً منعقداً بعد التخصيص، بل شموله للباقي انّما يكون بالظهور الأوّل الذي قبل التخصيص، وتلك الدلالة لا تقتضي تقديم الثاني على الأوّل، ولهذا من قال في قول القائل: أكرم العلماء ولا تكرم النحويّين ولا تكرم فسّاق العلماء، يخصص أكرم العلماء بقوله لا تكرم الفسّاق فرجع النسبة بين قوله: اكرم العلماء ولا تكرم النحوييّن عموماً من وجه، ردّ قوله بأنّ أكرم العلماء لا يكون له ظهور في الباقي ناشئاً من غير ما نشأ منه الظهور الأوّل.

قلت: إن صحّ التمثيل، وصح ما ذكرت من أنّه لا ينعقد لقوله « من زاد » ظهور

١٧٣

في الباقي إلاّ أنّه بعد التخصيص يكون أظهر في شمول ما عدا الأركان من شمول « من استيقن » لما عدا الأركان فتخصيص من استيقن به أولى من العكس.

ولكن لقائل أن يقول: إنّ قوله « من زاد » معناه: من زاد زيادة غير مبطلة فعليه كذا، وليس المقصود من الرواية: بيان عدم الابطال، بل المقصود: بيان حكم موضوع الزيادة الغير المبطلة، وحينئذٍ فلا معارضة بين ذلك، وبين قوله « من استيقن ».

هذا ولكن في سند « من استيقن » ضعف يغني عن التعرّض بعلاج معارضاته، فلم يبق في المقام معارضة إلاّ بين « لا تعاد » وما دلّ على مبطلية مطلق الزيادة، وقد مرّ حكومته عليها.

فظهر أنّ مقتضى الروايات كون الزيادة العمدية مبطلة والسهوية غير مبطلة.

مسألة

إذا ثبت جزئية شيء أو شرطيّته فهل يقتضي الأصل الجزئية والشرطية المطلقتين حتى إذا تعذّر الجزء أو الشرط سقط الواجب، أو لا يقتضي إلاّ اعتبارهما في حال التمكّن فلو تعذّر لم يسقط المقدور من المشروط والمركّب؟ قولان:

القول الأوّل: أصالة البراءة من الفاقد، ولا يعارضها إستصحاب وجوب الباقي، لأنّ وجوبه كان مقدّمياً لوجوب المجموع الساقط وجوبه يقيناً لتعذّر بعضه فما نشأ منه أيضاً ساقط، وانّما الشك في الوجوب النفسي الحادث بعد التعذّر على تقدير ثبوته واقعاً.

نعم إن ثبت إطلاق يقتضي بقاء وجوب الباقي بعد تعذّر ذلك الشرط أو الجزء، ثم ثبت الوجوب لم يبق مجرى للأصل المذكور، كما لو فرض أنّ الأمر أوّلاً تعلّق بالباقي على نحو الاطلاق وثبت تقييده ذلك الاطلاق في حال التمكّن من ذلك الشرط أو الجزء، ومن هذا القبيل الأوامر المتعلّقة بالصلاة عند من يقول: بكونها اسماً للأعم من الصحيح والفاسد بالنسبة إلى الاجزاء الغير المقوّمة.

١٧٤

ولكن هذا الكلام يتمّ إذا لم يكن للقيد إطلاق يقتضي الجزئية على نحو الاطلاق، فانّه يقدّم حينئذٍ على إطلاق الآمر بالباقي، وذلك نظير الأجزاء والشرائط الثابتة بالأوامر الغيرية.

فان قلت: كيف يتعقّل إطلاق لمثل هذه الأوامر في بيان الجزئية مع أنّ ثبوت مدلولها وهو الوجوب مقيّد بحال الامكان؟ مثلاً لو قال: صلّ ثم قال: إقرأ فاتحة الكتاب وعلمنا: أنّ الوجوب المتعلّق بالقراءة غيريّ، لا يمكن بذلك الأمر إثبات إطلاق الجزئية مع تقيّده بحكم العقل بحال الامكان.

قلت: تقييد الأمر المطلق بالجزء بالامكان ليس تقييداً مولوياً، بل هو تقييد عقلي من قبيل المانع عن ثبوت الحكم، وهو لا ينافي وجود المقتضي لبقاء الحكم ونقول يفهم من إطلاق الأمر بالقراءة وعدم تقييده لفظاً بحال التمكّن أنّ جزئية هذه للصلاة ليس في حال دون حال، بل ماهية الصلاة دائماً لا تكون خالية منها باطلاقه يقتضي الجزئية على نحو العموم.

وتوضيحه: أنّ التقييد بالامكان راجع إلى معذورية المكلّف، وهو يجامع وجود المقتضي لثبوت الحكم وعدمه وهذا التقييد اذا ثبت عقلاً لا يعارض بعد كونه مجامعاً لثبوت المقتضي وعدمه ما دلّ على ثبوت المقتضي لثبوت الحكم وفي حال عدم الامكان، وإن لم يكن فعلياً لمانع التعذّر، وإطلاق الأمر بالجزئي لفظاً يقتضي أن يكون المقتضي لثبوت الجزئية والوجوب الغيري ثابتاً حتى حال التعذّر، لأنّ بيان انحصار المقتضي بحال التمكّن من القيد لا يكون عرفاً إلاّ بالتقييد بالامكان، فعدم التقييد بالامكان مع إحراز كون الاطلاق وارداً في مقام البيان دليل على أنّ المقتضي لا يكون مخصوصاً بحال التمكّن، فلا يكون الجزئية مخصوصة بحال التمكّن، والتقييد العقلي كما عرفت لا يعارض هذا الاطلاق.

بل يمكن أن يقال: إنّ التقييد هنا ليس الاّ تقييداً واحداً متعلقاً بالأمر بذي المقدّمة والتقييدات المتصورة في الأوامر الغيرية الحاصلة منه كلّها تابعة لتقييد ذلك الأمر النفسي المتعلّق بذي المقدمة فتأمّل.

١٧٥

فتلّخص ممّا ذكرنا أنّه إذا لم يكن إطلاق يقتضي الوجوب بعد تعذّر الجزء أو الشرط، كان الأصل سليماً عن المعارض، ومن هذا القبيل ما لو ثبت أجزاء المركّب بالأوامر الغيرية، فانّ الكل المركّب منها سقط بسقوط البعض فيسقط تلك الأوامر، وليس لها إطلاق بالنسبة إلى حال تعذّر بعض الأجزاء، لأنّ الوجوب الغيري بوجوب الكل المركّب ممّا تعذّر بعضه لا يعقل بقاؤه حال تعذّر ذلك البعض، لسقوط الأمر بذي المقدّمة أعني ذلك الكل المركّب كما هو واضح.

والقول الثاني: الاستصحاب ويقرّر بوجوه أربعة:

الأوّل: أن يستصحب الوجوب الكلّي المتعلّق بالباقي الذي هو قدر مشترك بين الوجوب الغيري السابق أعني الموجود حال تمكّن الجزء أو الشرط، والوجوب النفسي الثابت له حال التعذّر إن كان ثابتاً في الواقع، وصحّة هذا الاستصحاب مبتنية على صحة استصحاب الكلي إذا كان الشك في بقائه ناشئاً من الشك في قيام فرد آخر من الكلي مقام الفرد الذي كان الكلي موجوداً في ضمنه وقد تحقّق ارتفاعه، كالشك في وجود حيوان ناطق في الدار بعد اليقين بأنّ زيداً خرج منه، للشك في أنّه دخل عمرو في الدار مقارناً لخروج زيد أم لا؟ وليس هذا من قبيل إستصحاب السواد الموجود في ضمن السواد الشديد بعد القطع بزوال الشدّة والشك في تبدّله بالفرد الآخر وهو السواد الضعيف أو إنعدامه رأساً ممّا يكون الفرد الباقي عين الفرد المتقدم يقيناً بحسب العرف، كما لا يخفى.

هذا كلّه مع أنّه يمكن أن يقال: أنّ الوجوب الكلّي القدر المشترك بين الوجوب النفسي والغيري لا أثر له هنا، وثبوته في الظاهر أيضاً لا يترتّب على مخالفته عقاب فيما نحن فيه، لأنّ الوجوب المردّد بين النفسي والغيري لا يترتّب عليه العقاب إذا كان هناك وجوب نفسي آخر يتردّد هذا الوجوب بين النفسية والغيرية لأجل التوصّل إلى متعلّق ذلك الوجوب الآخر.

والقول بانّه يحكم بعد ثبوت القدر المشترك بأنّه نفسي لانتفاء الغيرية قطعاً.

يدفعه أنّ ذلك مبنيّ على صحّة الاصول المثبتة.

١٧٦

الثاني: أن نستصحب الوجوب المطلق من غير نظر إلى الغيرية والنفسية بدعوى أنّ الثابت حال الشك - على تقدير ثبوته - عين الذي كان ثابتاً حال اليقين بالثبوت، بناءً على عدم تمايز الوجوب الغيري والنفسي عند العرف وكونهما شيئاً واحداً عندهم.

الثالث: أن نستصحب الوجوب النفسي - بناءً على أنّ الذي كان واجباً عين الباقي عرفاً - نظير استصحاب الكريّة بالنسبة إلى الماء الذي علم كثرته وشك في بقاء الكثرة بعد إنعدام بعض أجزائه.

الرابع: أن نستصحب الوجوب النفسي المردّد بين تعلّقه سابقاً بالمركّب على أن يكون المقصود جزءً له مطلقاً فيسقط بتعذّره، وبين تعلّقه به على أن يكون الجزء جزءً اعتبارياً يبقى التكليف بعد تعذّره، فانّ الأصل بقاء هذا الوجوب فيثبت به تعلّقه بالمركّب على الوجه الثاني، وهذا نظير إجراء استصحاب وجود الكر في هذا الاناء لاثبات كرية الباقي.

ويمكن أن يقال: إنّ ما نحن فيه ليس من قبيل استصحاب الكر، لأنّ المستصحب في مسألة الكر هو الكر الشخصي الموجود سابقاً، والوجوب النفسي المستصحب هنا ليس عين الوجوب النفسي السابق إلاّ إذا فرض كون المستصحب أمراً كلّيّاً، وهو القدر المشترك بين النفسيّين وهو لا يصح الاّ بالمسامحة التي سبقت الاشارة إليها في التقرير الثالث.

والحاصل: أنّ الوجوب النفسي هنا ليس أمراً واحداً مردّداً بين القابل للبقاء الذي كان في السابق موجوداً وبين ما لم يقبل البقاء، بل الموجود في الحال الثانية على تقدير وجوده غير الموجود أوّلاً.

إلاّ أن يقال: إنّ المقتضي لطلب المركّب من الباقي والجزء الذي تعذّر حصوله حال إمكانه عين المقتضي لطلب الباقي حال تعذر الجزء الآخر وبهذا اللحاظ يكون وجوب الباقي عين الوجوب السابق.

هذا ولكن صحّة هذا الاستصحاب - على تقدير اجرائه في الوجوب الشخصي -

١٧٧

موقوف على صحّة الاصول المثبتة.

ويدلّ على القول الثاني أيضاً قولهعليه‌السلام : إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم(١) بناءً على أنّ المراد الشيء المركّب لا الكلي ولا العام الاصولي، فإنّ إرادة الكلي مخالف للظاهر، لأنّ الظاهر من كلمة « من » أنّه للتبعيض، وإذا اريد من الشيء الكلي لا يصحّ التبعيض، لأنّ الفرد ليس بعض الكلي فيحتاج إلى مسامحة وهي أن يكون التبعيض بملاحظة أنّ الفرد بعض الأفراد ويكون المراد من قوله: « فأتوا منه » فأتوا من أفراده، وكذلك إرادة العام أيضاً خلاف الظاهر، لأنّ الأمر حينئدٍ ليس بشيء واحد، بل امر بأشياء هي الاكرامات المتعلقة بالعلماء فتأمّل واحتمال كون « من » بمعنى الباء مخالف للظاهر كاحتمال كونها بيانية، بل الثاني مشكل جّداً.

ويدلّ عليه أيضاً قولهعليه‌السلام : « ما لا يدرك كله الخ »(٢) .

وقد يورد عليه بأنّه يحتمل كون لفظ الكل للعموم الافرادي، لعدم ثبوت كونه حقيقة في الكل المجموعي ولا مشتركاً معنوياً بينه وبين الافرادي، فلعلّه مشترك لفظي أو حقيقة خاصة في الافرادي، فيدلّ على أنّ الحكم الثابت لموضوع العام بالعموم الافرادي إذا لم يكن الاتيان به إلاّ على وجه العموم لا يترك موافقته فيما أمكن من الأفراد.

ويجاب عنه: بأنّ كون لفظ الكل للعموم الافرادي لا وجه، لأنّ المراد بالموصول: هو فعل المكلّف، وكلّه عبارة عن مجموعه.

نعم لو قام قرينة على إرادة المتعدّد من الموصول بان اريد ان الافعال التي لا يدرك كلها كاكرام زيد واكرام عمرو وغيرهما لا يترك كلها، كان لما احتمله وجه لكن لفظ كل حينئذٍ أيضاً مجموعي لا افرادي، إذ لو حمل على الافرادي كان

____________________

(١) عوالي اللئالي: ج ٤ ص ٥٨ ح ٢٠٦.

(٢) عوالي اللئالي: ج ٤ ص ٥٨ ح ٢٠٧.

١٧٨

المراد ما لا يدرك شيء منها لا يترك شيء منها ولا معنى له، وفي كلامه الأخير نظر، لأنّ كون كل افرادياً أو مجموعياً لا مدخل له في ذلك، بل المناط كون العموم مسلوباً أو السلب عاماً.

والحاصل: أنّ ما لا يدرك كلّه قد يكون معناه: ما لا يدرك شيء منه، وقد يكون ما لا يدرك جميعه، وعلى الثاني لا يلزم أن يكون الكل مجموعياً، بل اللازم توجّه النفي إلى العموم المستفاد من الكل.

والحاصل: أنّ قولنا ليس كل انسان حيوان مع أنّ النفي غير عام ويكون متوجهاً إلى العموم لا يكون كل فيه مجموعياً بل هو افرادي، ولذلك أخذه المنطقيون سور القضية ومعنى القضية على تقدير أن لا يكون النفي عاماً إن قدّرنا الكل مجموعياً: أنّ ما لا يدرك مجموعة لا يترك مجموعة، وإن قدّرنا إفرادياً: ما لا يدرك كل واحد من افراده.

١٧٩

القول في كيفية معذورية الجاهل في مسألة القصر والاتمام والجهر وأخيه

وقد فصّلها الشيخرحمه‌الله في الرسالة(١) فلنوضح كلامه.

قوله: إما بدعوى كون القصر مثلاً واجباً على المسافر العالم، وكذا الجهر والاخفات الخ.

وفيه: انه مع استلزامه التصويب والدور المانعان عن تخصيص الأحكام الواقعية بالعالمين لا يدفع الاشكال، إذ لا وجه لعقاب الجاهل على مخالفة الحكم المختص بالعالم كما هو المفروض.

قوله: وإمّا بمعنى معذوريته فيه الخ. الظاهر أنّ المراد منه المعذورية الشرعية.

وحاصله: توقّف تنجّز التكليف بالواقع المجهول على حصول العلم اتّفاقاً، لا على إمكان تحصيل العلم وهذا كسابقه في عدم دفع الاشكال، ضرورة أنّه مع المعذورية الشرعية لا وجه لعقاب الجاهل.

وفيه إشكال آخر وهو أنّ عدم تنجّز التكليف الواقعي لا يستلزم إجزاء المأمور به ظاهراً عنه وسقوطه بامتثال التكليف الظاهري، هذا مع أنّ ظاهر العبارة حيث ادرج هذا الجواب في القسم الأوّل من أقسام الأجوبة: أن يكون الأمر متعلّقاً بما حكم باسقاطه، مع أنّه لا يعقل تعلّق الأمر به من حيث كونه جاهلاً ولو فرضنا إمكان تعلّق الأمر فلا أمر أيضاً، فانّ المخاطب بالاتمام هو الحاضر. اللهم الاّ أن

____________________

(١) فرائد الاصول: ص ٥٢٣.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

مؤلّفات القطب الراوندي ( ت ٥٧٣ هـ )

(٦٧) كتاب : فقه القرآن

الحديث :

في كلامه عن حكم فاقد الماء والتراب ، قال :

ومن لا يجد ماءً وتراباً نظيفاً ، وعندنا أنّه يصلي ، فإن قيل : كيف لكم وجه الاحتجاج بالأخبار التي تروونها أنتم عن جعفر بن محمّد وآبائه وابنائه ( عليهم السلام ) على من خالفكم؟

قلنا : إنّ الله تعالى ، قال :( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) (١) ، وهذا على العموم ، وقد ثبت بالأدلّة إمامة الصادق ( عليه السلام ) وعصمته ، وأنّ قوله وفعله حجّة

ومن وجه آخر ، وهو أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، قال : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي » الخبر ، فجعل عترته في باب الحجّة مثل كتاب الله(٢) .

قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي :

ذكره الشيخ منتجب الدين ( القرن السادس ) في الفهرست ، قال : الشيخ الإمام قطب الدين أبو الحسين سعيد بن هبة الله بن الحسن

____________

١ ـ النساء : ٥٩.

٢ ـ فقه القرآن ١ : ٦٣.

٥٤١

الراوندي ، فقيه ، عين ، صالح ، ثقة ، له تصانيف ، ثمّ عدّ مجموعة من تصانيفه(١) .

وابن شهر آشوب ( ت ٥٨٨ هـ ) في معالمه ، قال : شيخي أبو الحسين سعيد بن هبة الله الراوندي ، له كتب ، ثمّ ذكر بعض كتبه(٢) .

وقال ابن طاووس في كشف المحجّة : إنّني وجدت الشيخ العالم في علوم كثيرة ، قطب الدين الراوندي ، واسمه : سعيد بن هبة الله ( رحمه الله )(٣) .

وذكره الكاظمي ( القرن الثاني عشر ) في هداية المحدّثين مرّتين ، مرّة باسم : سعد بن عبد الله ، مؤلّف قصص الأنبياء ( عليهم السلام ) وكتاب الخرائج والجرائح وكتاب فضائح المعتزلة(٤) ، ومرة باسم : سعيد بن هبة الله بن الحسن ، مؤلّف كتاب الخرائج والجرائح(٥) .

وقد رجّح المامقاني ( ت ١٣٥١ هـ ) أنّ اسمه سعد لا سعيد ، وأنّ سعيد من وهم النسّاخ(٦) ، وهو غير صحيح.

وقال العلاّمة الطهراني ( ت ١٣٨٩ هـ ) في الثقات العيون : سعيد بن هبة الله بن الحسن الشيخ الإمام قطب الدين أبو الحسين الرواندي ، فقيه عين صالح ثقة ، له تصانيف ، كذا ذكره منتجب بن بابويه ، وهكذا رأيته

____________

١ ـ فهرست منتجب الدين : ٨٧ [ ١٨٦ ] ، وانظر : جامع الرواة ١ : ٣٦٤.

٢ ـ معالم العلماء : ٥٥ [ ٣٦٨ ] ، وانظر : أمل الآمل ٢ : ١٢٥ [ ٣٥٦ ] ، لؤلؤة البحرين : ٣٠٤ [ ١٠٣ ] ، منتهى المقال ٣ : ٣٤٨ [ ١٣١٠ ] ، أعلام الزركلي ٣ : ١٠٤ ، الكنى والألقاب ٣ : ٧٢ ، بهجة الآمال ٤ : ٣٧٠ ، أعيان الشيعة ٧ : ٢٦٠ ، معجم رجال الحديث ٩ : ٩٧ ، خاتمة المستدرك ٣ : ٧٩.

٣ ـ كشف المحجّة لثمرة المهجة : ٦٤ ، الفصل الثلاثون.

٤ ـ هداية المحدّثين : ٣٠٤ ، القسم الثالث ، الباب الأوّل : في الكنى.

٥ ـ المصدر السابق : ٣١٤ ، القسم الثالث ، الباب الثاني : في النسب.

٦ ـ تنقيح المقال ٢ : ٢١ و ٣٤ ، أقول : اعتمد في أنّ اسمه سعد على ما في فرج المهموم لابن طاووس والوسائل للحرّ العاملي ، وفي المطبوع منهما سعيد لا سعد.

٥٤٢

بخطّه وإمضائه في آخر إجازته لولده ، وهو نسبة إلى الجدّ ، فهو سعيد بن عبد الله بن الحسين ، كما ذكر في الرياض(١) .

وما ذكره غير موجود في الرياض المطبوع ، وأعتقده من أخطاء الطبع ، فقد ذكر الأفندي ( ت حدود ١١٣٠ هـ ) بعد العنوان بأسطر : وقد ينسب إلى جدّه كثيراً اختصاراً ، فيقال : سعيد بن هبة الله الراوندي ، فلا تظنن المغايرة بينهما(٢) ، وهو يدلّ على أنّه ذكر اسم أبيه في العنوان.

وفي هامش فهرست منتجب الدين المطبوع في آخر البحار بخطّ العلاّمة المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) ( قدس سره ) : أقول : وجدت بخطّ الشيخ الزاهد العالم شمس الدين محمّد جدّ شيخنا البهائي ـ قدّس الله روحهما ـ نقلاً من خطّ الشهيد ـ روّح الله روحه ـ : توفّي الشيخ الإمام السعيد أبو الحسين قطب الملّة والدين سعيد بن هبة الله بن الحسن الراوندي ( رحمه الله ) ضحوة يوم الأربعاء الرابع عشر من شوّال سنة ثلث وسبعين وخمسمائة م ق ر عفى عنه(٣) ، وأورده أيضاً في الفائدة الثالثة من كتاب الإجازات(٤) .

كتاب فقه القرآن :

قال المصنّف في أوّله : فرأيت أن أُؤلّف كتاباً في فقه القرآن(٥) .

ونسبه إليه الشيخ منتجب الدين ( القرن السادس ) في الفهرست(٦) ، ونقل منه ابن طاووس ( ت ٦٦٤ هـ ) في سعد السعود(٧) ، ورآه الشيخ الحرّ

____________

١ ـ طبقات أعلام الشيعة ( القرن السادس ) : ١٢٤.

٢ ـ رياض العلماء ٢ : ٤١٩.

٣ ـ البحار ١٠٥ : ٢٣٥.

٤ ـ البحار ١٠٧ : ١٩ ، الفائدة الثالثة.

٥ ـ فقه القرآن ١ : ٤ ، مقدّمة المؤلّف.

٦ ـ فهرست منتجب الدين : ٨٧ [ ١٨٦ ].

٧ ـ سعد السعود : ٢٤.

٥٤٣

العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) كما صرّح بهذا في أمل الآمل ، وقال : وشرح آيات الأحكام وهو فقه القرآن(١) .

وجعله العلاّمة المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) أحد مصادر كتابه البحار(٢) ، وقال في توثيقه : وكتابا الخرائج وفقه القرآن معلوما الانتساب إلى مؤلّفهما الذي هو من أفاضل الأصحاب وثقاتهم ، والكتابان مذكوران في فهارس العلماء ، ونقل الأصحاب عنهما(٣) .

وقال الميرزا الأفندي ( ت حدود ١١٣٠ هـ ) : أقول : كتاب فقه القرآن المزبور كتاب معروف داخل في فهرس البحار للأُستاد المذكور أيضاً ، وقد رأيت نسخة عتيقة منه في أردبيل ، ولكن لم يصرّح في تلك النسخة باسم المؤلّف ، وإنّما كتب على ظهره واشتهر به(٤) .

وقال في موضع آخر : وأمّا آيات الأحكام فقد رأيت نسخة عتيقة جدّاً منه في بحرين ، وأُخرى بنيمجان من بلاد جيلان ، وكان تاريخ الكتابة سنة سبع وثمانمائة ، وتاريخ التأليف في محرّم سنة اثنين وستّين وخمسمائة ، وقد قوبل بنسخة الأصل ، ولكن يظهر من الديباجة أنّه بعينه كتاب فقه القرآن ، ولم يظهر منه المغايرة ، فلاحظ ، وتلك النسخة كانت أوّلا من كتب خالي « قدّس سرّه »(٥) .

وقال أيضاً : وقد رأيت بخطّ بعض أفاضل المعاصرين على ظهر كتاب شرح آيات الأحكام المعروف بفقه القرآن للقطب الرواندي هذا ، فهرس مؤلّفات القطب ، هكذا : شرح آيات الأحكام(٦) .

____________

١ ـ آمل الآمل ٢ : ١٢٥ [ ٢٥٦ ] ، وانظر : لؤلؤة البحرين : ٣٠٦.

٢ ـ البحار ١ : ١٢ ، مصادر الكتاب.

٣ ـ البحار ١ : ٣٠ ، توثيق المصادر.

٤ ـ رياض العلماء ٢ : ٤٢٣.

٥ ـ رياض العلماء ٢ : ٤٢٤ ، وأيضاً : ٤١٩.

٦ ـ رياض العلماء ٢ : ٤٣١ ، ٢٥٥ ، ٢٥٧.

٥٤٤

وحكم العلاّمة النوري ( ت ١٣٢٠ هـ ) باتّحاد ( فقه القرآن ) مع ( شرح آيات الأحكام ) أيضاً ، وقال : كتاب فقه القرآن ، وهو بعينه كتاب آيات الأحكام له أيضاً ، وهو من نفائس الكتب النافعة الجامعة ، الكاشفة عن جلالة قدر مؤلّفها ، وعلوّ مقامه في العلوم الدينيّة ، وقد عثرنا ـ بحمد الله تعالى ـ على نسخة عتيقة منه ، كتب في آخرها : كتبه سعيد بن هبة الله بن الحسن ، في محرّم سنة اثنتين وستّين وخمسمائة ، حامداً لربّه ، ومصلّياً على محمّد وآله ـ إلى هنا كلام المصنّف ( رحمه الله ) ـ ، وتمّ الكتاب على يد العبد الفقير إلى الله تعالى الحسن بن الحسين بن الحسن ( السدّ السوي ) ناقلا عن خطّ المصنّف إلاّ قليلا ، أواسط صفر ، ختم بالخير والظفر ، شهور سنة أربعين وسبعمائة هجريّة ، بمدينة قاشان ، إلى آخره(١) .

ولكن العلاّمة الطهراني ( ت ١٣٨٩ هـ ) ، قال في الذريعة : فقه القرآن المعروف بالفقه الراوندي ، في بيان آيات أحكام القرآن والأحكام الفقهيّة المستنبطة منها ، وهو غير « شرح آيات الأحكام » له أيضاً كما في ( الأمل ) لا كما صرّح في « الرياض » ، قال : له كتاب « شرح آيات الأحكام » المعروف بفقه القرآن ، ولعلّهما واحد ، بل إنّما كما احتمله صاحب « الرياض » بل محقّقاً(٢) .

أقول : إنّ عبارته ( رحمه الله ) الأخيرة غير واضحة ، ولعلّ فيها تصحيف ، أو هي من إضافات ابنه ( المنزوي ) ، أو من تصحيحاته هو ( رحمه الله ) المتأخّرة ، وإلاّ فهي مناقضة لما في صدر العبارة ، ولما قاله تحت عنوان ( آيات الأحكام )(٣) ، و ( شرح آيات الأحكام )(٤) للراوندي.

____________

١ ـ خاتمة المستدرك ١ : ١٨٤ [ ٣٥ ] ، وانظر : مجلّة تراثنا ( ٣٨ ـ ٣٩ ) : ٢٦٥.

٢ ـ الذريعة ١٦ : ٢٩٥ ، و ١ : ٤١ [ ٢٠٢ ] ، ١٣ : ٥٥ [ ١٧٧ ].

٣ ـ الذريعة ١ : ٤١ [ ٢٠٢ ].

٤ ـ الذريعة ١٣ : ٥٥ [ ١٧٧ ].

٥٤٥

ومع ذلك فإنّ عبارة الشيخ الحرّ لا يظهر منها الاختلاف بين الكتابين ، بل يظهر الاتّحاد ، فإنّه قال : أقول : وقد رأيت له كتاب قصص الأنبياء أيضاً ، كتاب فقه القرآن ، وشرح آيات الأحكام وهو فقه القرآن(١) .

وقد طبع الكتاب بتوسّط المكتبة المرعشيّة في قم ، بتحقيق السيّد أحمد الحسيني على نسختين إحداهما في المكتبة المرعشيّة نفسها ، تاريخ كتابتها يوم الثلاثاء السادس والعشرين من شهر شوّال سنة ٧٥٩ هـ ، والأُخرى في مكتبة جامعة طهران(٢) .

____________

١ ـ أمل الآمل ٢ : ١٢٥ [ ٣٥٦ ].

٢ ـ فقه القرآن ١ : ٢٧ ، في طريق التحقيق.

٥٤٦

(٦٨) كتاب : قصص الأنبياء

الحديث :

ما يذكره في أحوال محمّد ( صلى الله عليه وآله ) : في الفصل (١٢) ، قال :

وخرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من المدينة متوجّهاً إلى الحجّ في السنة العاشرة ، ولمّا قضى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) نسكه وقفل إلى المدينة ، وانتهى إلى الموضع المعروف بغدير خمّ ، نزل عليه جبرائيل بقوله( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ) وكان يوماً شديد الحرّ ، فنزل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وأمر بدوحات هناك فقمّ ما تحتها ، وأمر بجمع الرحال في ذلك المكان ، ووضع بعضها على بعض ، ثمّ أمر مناديه فنادى في الناس بالصلاة فاجتمعوا إليه ، وإنّ أكثرهم ليلفّ رداءه على قدميه من شدّة الرمضاء ، فصعد على تلك الرحال حتّى صار في ذروتها ، ودعا علياً ( عليه السلام ) فرقى معه حتّى قام عن يمينه ، ثمّ خطب ، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ ونعى إلى الأُمّة نفسه ، فقال : « إنّي دعيت ويوشك أن أُجيب ، فقد حان منّي خفوق من بين أظهركم ، وإنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، ثمّ نادى بأعلى صوته : « ألست أولى بكم منكم بأنفسكم؟ »(١)

____________

١ ـ قصص الأنبياء : ٣٥٤ ح ٤٦١ ، الفصل (١٢) ، وعنه في إثبات الهداة ١ : ٦١٥

٥٤٧

كتاب قصص الأنبياء :

نسبه إليه السيّد ابن طاووس ( ت ٦٦٤ هـ ) في فلاح السائل(١) ، وسعد السعود(٢) ، ومهج الدعوات(٣) ، وفرج المهموم(٤) .

وقال الشيخ الحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) في أمل الآمل : وقد رأيت له كتاب قصص الأنبياء أيضاً(٥) ، وجعله من مصادر كتابيه إثبات الهداة(٦) والوسائل(٧) ، وذكر طريقه إليه في الوسائل(٨) .

وعدّه العلاّمة المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) أحد مصادر كتابه البحار ، وقال : وكتاب قصص الأنبياء له أيضاً ، على ما يظهر من أسانيد الكتاب واشتهر أيضاً ، ولا يبعد أن يكون تأليف فضل الله بن علي بن عبيد الله الحسني الراوندي ، كما يظهر من بعض أسانيد السيّد ابن طاووس ، وقد صرّح بكونه منه في رسالة النجوم وكتاب فلاح السائل ، والأمر فيه هيّن ; لأنّه مقصور على القصص ، وأخباره جلّها مأخوذة من كتب الصدوق ( رحمه الله )(٩) ، وقال في فصل توثيق الكتب : وكتاب القصص قد عرفت حاله ، وعرضناه على نسخة كان عليها خطّ الشهيد الثاني ( رحمه الله ) وتصحيحه(١٠) .

____________

ح ٦٣٦ ، فصل (٣٤).

١ ـ فلاح السائل : ٣٤٤ [ ٢٣٠ ].

٢ ـ سعد السعود : ٢٤ و ٢٤٩ ، والظاهر أنّ فيها تصحيف ( سعيد ) إلى ( السعيد ).

٣ ـ مهج الدعوات : ٣٦٧ ، ٣٧٤.

٤ ـ فرج المهموم : ٢٧ و ١١٨.

٥ ـ أمل الآمل ٢ : ١٢٥ [ ٣٥٦ ].

٦ ـ إثبات الهداة ١ : ٢٧.

٧ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٥٧.

٨ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٨٤ ، الطريق السادس والثلاثون.

٩ ـ البحار ١ : ١٢ ، مصادر الكتاب.

١٠ ـ البحار ١ : ٣١ ، توثيق المصادر.

٥٤٨

أقول : قد عرفت أنّ السيّد ابن طاووس قد نسبه إلى سعيد بن هبة الله الراوندي في رسالة النجوم ( فرج المهموم ) وفلاح السائل ، فالظاهر أنّ الضمير في ( منه ) يعود إلى قطب الدين الراوندي لا فضل الله الراوندي.

قال الميرزا الأفندي ( ت حدود ١١٣٠ هـ ) ـ بعد أن ذكر كلام المجلسي هذا ـ : وأقول : لكن قد صرّح ابن طاووس نفسه أيضاً في كتاب مهج الدعوات بأنّ كتاب قصص الأنبياء تأليف سعيد بن هبة الله الراوندي ، والقول بأنّ لكلّ منهما كتاباً في هذا المعنى ممكن ، لكن بعيد ، فتأمّل(١) .

وقال أيضاً : ثمّ إنّ قصص الأنبياء في المشهور ينسب إلى القطب الراوندي هذا ، وهو الذي نصّ عليه جماعة ، منهم بعض تلامذة الشيخ الكركي في رسالته المعمولة لذكر أسامي المشايخ بعدما جعل سعيد بن هبة الله الراوندي هذا من جملة مشايخ أصحابنا ، ولكن قد قال بعضهم بأنّه للسيّد فضل الله الراوندي ، فلاحظ(٢) .

وقال العلاّمة الطهراني ( ت ١٣٨٩ هـ ) في الذريعة : ( قصص الأنبياء الراونديّة ) للشيخ الإمام قطب الدين أبي الحسين بن سعيد بن هبة الله بن الحسن الراوندي المتوفّى ٥٧٣ هـ ، إلى أن قال : ونقل صاحب « الرياض » وكذا « البحار » عن كتاب السيّد ابن طاووس « النجوم » و « فلاح السائل » نسبته إلى السيّد الإمام ضياء الدين أبي الرضا فضل الله بن علي الراوندي ، تلميذ أبي علي ابن شيخ الطائفة ، ولكن تعدّدهما ممكن ، بتأليف كلّ منهما فيه ، والله العالم(٣) .

وقال أيضاً تحت عنوان ( قصص الانبياء ) للسيّد أبي الرضا فضل الله الراوندي : وهو غير ( القصص ) لقطب الدين أبي الحسين الراوندي ،

____________

١ ـ رياض العلماء ٢ : ٤٢٩.

٢ ـ رياض العلماء ٢ : ٤٣١ ، و ٤١٩ و ٤٢٦ و ٤٣٥.

٣ ـ الذريعة ١٧ : ١٠٥ [ ٥٧٤ ].

٥٤٩

وذكرهما ابن طاووس ، وكذا قال في البحار : إنّ ابن طاووس صرّح في رسالته في ( النجوم ) وكتاب ( فلاح السائل ) بكون القصص لأبي الرضا الراوندي ، وذكر أنّ جلّ أخباره موجودة في كتب الشيخ الصدوق ، وصرّح في ( الرياض ) بإمكان تعدّد الكتابين باسم واحد.

يوجد نسخة في ( سپهسالار ) بخطّ عزيز بن مطلب بن علاء الدين ابن أحمد الموسوي الحسيني الجزائري ، كتبت بتستر في ٢٢ ذي الحجّة ١٠٨٩ فيه فتاوى من القاضي ابن قريعة وحديث معلّى بن خنيس في النيروز ، وفوائد من الشيخ جواد ، وعليها تملّك خانلر في ١٢٦٢ هـ(١) .

أقول : ولكنّك عرفت أنّ السيّد ابن طاووس نسبه إلى القطب الراوندي في كتابيه المذكورين ، ومرّ بك سابقاً ما حملنا عليه عبارة المجلسي ( قدس سره ) ، وصاحب الرياض نقل كلام المجلسي فقط.

أمّا النسخة التي ذكرها فلقد رآها محقّق الكتاب الميرزا غلام رضا عرفانيان اليزدي الخراساني ، وقال عنها ـ بعد أن ذكر ما مكتوب على ظهرها من نسبة الكتاب إلى فضل الله الراوندي ـ : لا اعتبار لتلك النسبة بالكتابة المجهول كاتبها ، والنسخة الموصوفة رأيتها واخذت صورة منها ، على هامش صفحتها الرابعة : كتاب قصص الأنبياء تأليف السيّد فضل الله الراوندي ، جزء كتابخانه شاهزاده خان لرميرزا احتشام الدولة ، وعلى هامش آخر النسخة هكذا : هو الباقي ، قد انتقل بالبيع الشرعي إلى العبد المذنب خانلر بمبلغ خمسة عشر ريال في سنة ١٢٦٢ ، وفي ذيل الكتاب ختمه(٢) .

وقد ذكر المحقّق عند كلامه على كتاب قصص الأنبياء ، الشيوخ الواردين فيه المختصّين بالقطب الراوندي دون السيّد فضل الله الراوندي ،

____________

١ ـ الذريعة ١٧ : ١٠٤ [ ٥٦٩ ].

٢ ـ قصص الأنبياء : ١٠ ، مقدّمة المحقّق.

٥٥٠

وهم عشرة ، وهو دلالة أُخرى على نسبة الكتاب إلى القطب الراوندي لا إلى قرينه(١) .

والكتاب طبع محقّقاً على يد الفاضل المذكور على خمس نسخ إحداها النسخة التي مضى الكلام عليها سابقاً(٢) .

____________

١ ـ قصص الأنبياء : ٣٣ ، مقدّمة المحقّق.

٢ ـ قصص الأنبياء : ١٨ ، مقدّمة المحقّق.

٥٥١
٥٥٢

(٦٩) كتاب : منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة

الحديث :

الأوّل : في شرحه لخطبة خطبها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لمّا بويع بالمدينة ، قال : ثمّ أمر بالتزام جادّة الحقّ ، فإنّ يمينها وشمالها مضلّة يضلّ فيها ، وعلى هذه الجادّة إمام معصوم ، هو ما في الكتاب(١) ، وهما « الثقلان : كتاب الله وعترتي » ، الخبر(٢) .

الثاني : وقوله « ألم أعمل فيكم بالثقل الأعظم » يعنى القرآن « وأترك » تقديره : وألم أترك فيكم الثقل الأصغر يعني العترة ، وكلا الاستفهامين على سبيل التقرير ، أي عملت فيما بينكم وفي حقّكم بالقرآن وتركت عترتي وسطكم ، وقال النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لم يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض »(٣) .

كتاب منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة :

ذكره في ضمن كتب القطب ، تلميذه الشيخ منتجب الدين ( القرن السادس ) في الفهرست ، قال : منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة ، مجلّدتان(٤) .

____________

١ ـ في نسخة : هو باقي الكتاب.

٢ ـ منهاج البراعة ١ : ١٧٠.

٣ ـ منهاج البراعة ١ : ٣٦٤.

٤ ـ فهرست منتجب الدين : ٨٧ [ ١٨٦ ] ، وانظر : أمل الآمل ٢ : ١٢٦.

٥٥٣

واستمدّ منه ومن شرح البيهقي المسمّى المعارج ، قطب الدين الكيدري في شرحه على النهج المسمّى ( حدائق الحقائق ) ، قال في المقدّمة : هذا ، وقد اقترح عليّ بعض الأشراف ومن يجب في الدين أن يوصل اقتراح مثله بالإسعاف ، أن أشرع في شرح هذا الكتاب مستمدّاً ـ بعد توفيق الله تعالى ـ من كتابي المعارج والمنهاج ، غايصاً على جواهر دررهما(١) .

وعدّه ابن أبي الحديد ( ت ٦٥٦ هـ ) أوّل الشروح على النهج ، قال : ولم يشرح هذا الكتاب قبلي ـ فيما أعلمه ـ إلاّ واحد ، وهو سعيد بن هبة الله بن الحسن الفقيه المعروف بالقطب الراوندي ، وكان من فقهاء الإماميّة ، ولم يكن من رجال هذا الكتاب(٢)

وقد عرفت ممّا نقلنا عن الشروح أنّه ليس أوّل شرح على النهج ، وأن يقبل الاعتذار عن ابن أبي الحديد من قوله ( فيما أعلم ).

وقال البحراني ( ت ١١٨٦ هـ ) في اللؤلؤة : وكتاب منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة مجلّدين ، وكثيراً ما ينقل عنه ابن أبي الحديد في شرحه لنهج البلاغة ويعترض عليه(٣) ، وقد أجبنا عنه في مواضع عديدة من كتابنا ( سلاسل الحديد في تقييد ابن أبي الحديد )(٤) .

وفي الرياض : وله من المؤلّفات كتاب منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة ، معروف ، وقد رأيته في استراباد ، والنسخة عتيقة جدّاً ، ولعلّها كتبت في عصر المؤلّف ، وهو الذي شرح أوّلاً هذا الكتاب ، وكثيراً ما يناقش معه ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه عليه ، ويروي هذا الشيخ

____________

١ ـ حدائق الحقائق ١ : ٦٩ ، مقدّمة المؤلّف.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ١ : ٥ ، مقدّمة المؤلّف.

٣ ـ انظر مثلاً شرح نهج البلاغة ١ : ٢٠٠.

٤ ـ لؤلؤة البحرين : ٣٠٥ ، وانظر : الذريعة ٢٣ : ١٥٧.

٥٥٤

نهج البلاغة عن مؤلّفه بواسطتين(١) (٢) . فما قاله النوري ( ت ١٣٢٠ هـ ) من أنّ اسمه المعراج ، خطأ(٣) .

وهو داخل في مصادر البحار ، وإن كانت ظاهر عبارته تنسبه إلى فضل الله بن علي الراوندي(٤) ، ولكنّه قال في فصل توثيق مصادره : وشرح النهج مشهور معروف رجع إليه أكثر الشرّاح(٥) ، فإنّ الشرح المشهور والمعروف والذي رجع إليه أكثر الشرّاح هو : شرح القطب الراوندي أيّ منهاج البراعة ، فتأمّل في ظاهر عبارته ، أوّلا.

وذكره أحد تلامذة المجلسي في قائمته للكتب التي يجب أن تلحق بالبحار ، قال : وكتاب اللباب ، وشرح النهج كلاهما لقطب الدين الراوندي(٦) . وقال أيضاً : وشرحا النهج للراونديين ، قد نقلتم عنهما في كتاب الفتن وغيره من كتب البحار(٧) .

وقد نسب صاحب الروضات ( ت ١٣١٣ هـ ) شرحاً آخر للقطب الراوندي ، قال في ترجمة الكيدري : كتب هذا الشرح ، بعد كتاب « المعارج » و « المنهاج » الذي كتبه قطب الدين الراوندي في شرح النهج إلى أن قال : وقد اشتبه من زعم أنّه صاحب شروح ثلاثة على هذا الكتاب ، وكأنّه توهّم أنّ كتابي القطب الراوندي المسمّيين لك ـ أيضاً ـ من تصنيفات هذا الجناب(٨) .

____________

١ ـ انظر : منهاج البراعة ١ : ٤.

٢ ـ رياض العلماء ٢ : ٤٢١.

٣ ـ خاتمة المستدرك ٣ : ٨٠.

٤ ـ البحار ١ : ١٢.

٥ ـ البحار ١ : ٣١.

٦ ـ البحار ١١٠ : ١٦٦.

٧ ـ البحار ١١٠ : ١٦٨.

٨ ـ روضات الجنّات ٦ : ٢٩٥ [ ٥٨٧ ].

٥٥٥

وتبعه في هذا الوهم العلاّمة الطهراني ( ت ١٣٨٩ هـ ) في الذريعة(١) . وقد عرفت ممّا تقدّم أنّ ( المعارج ) من تصنيف البيهقي فريد خراسان.

وأتمّ المصنّف كتابه في سنة ٥٥٦ هـ ، قال في الذريعة : ( منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة ) للشيخ الإمام قطب الدين أبي الحسين سعيد ابن هبة الله بن الحسن الراوندي ، إلى أن قال : وفي آخره أنّه فرغ منه المصنّف في أواخر شعبان سنة ست وخمسين وخمسمائة ٥٥٦ هـ ، والنسخة بخطّ محمّد بن ملك محمّد السرابي ، فرغ من كتابتها في شهر رمضان سنة ١٠٩٠(٢) .

وذكر العلاّمة الطباطبائي ست نسخ لهذا الشرح في المكتبات ، إحداها ما ذكره في الذريعة ، ومنها ثلاث أُخر في مكتبة ملك بطهران كتبت بتاريخ ٦٨١ هـ ، ومكتبة المجلس كتبت في ٦٥٢ هـ ، وفي مكتبة جستر بيتي كتبت بتاريخ ٦٠٣ هـ(٣) ، طبع عليها الكتاب محقّقاً بتوسّط مكتبة السيّد المرعشي العامّة مع نسخة رابعة(٤) .

____________

١ ـ الذريعة ٢١ : ١٧٨ [ ٤٥٠١ ] ، و ٢٣ : ١٥٨ ، مع أنّه ذكر ( معارج نهج البلاغة ) لفريد خراسان بعنوان مستقل في ٢١ : ١٨٤ [ ٤٥٢٣ ] ، فلاحظ.

٢ ـ الذريعة ٢٣ : ١٥٧ [ ٨٤٨٣ ] ، و ١٤ : ١٢٦.

٣ ـ مجلّة تراثنا العدد ( ٣٨ ـ ٣٩ ) : ٢٦٤ ، نهج البلاغة عبر القرون.

٤ ـ منهاج البراعة ١ : ٦٧.

٥٥٦

(٧٠) كتاب : لبّ اللباب

منقول عن مستدرك وسائل الشيعة للشيخ النوري(١)

الحديث :

عن النبي ( صلى الله عليه وآله )

وقال : « من أحبّ الله فليحبّني ، ومن أحبّني فليحبّ عترتي ، إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي ، ومن أحبّ عترتي فليحبّ القرآن ، ومن أحبّ القرآن فليحبّ المساجد ، فإنّها أفنية الله وأبنيته ، أذن في رفعها ، وبارك فيها ، ميمونة ، ميمون أهلها ، مزينة ، مزين أهلها ، محفوظة ، محفوظ أهلها هم في صلاتهم والله في حوائجهم ، هم في مساجدهم والله من ورائهم »(٢) .

كتاب لبّ اللباب ( أو كتاب اللباب المستخرج من فصول عبد الوهّاب ) :

كانت نسخة من هذا الكتاب عند المحدّث النوري(٣) ، ونقل عنه أكثر من ( ٦٠٠ ) حديث في مستدرك الوسائل في مختلف الأبواب ، أغلبها عن

____________

١ ـ لا توجد نسخة معروفة لكتاب لبّ اللباب ، إلاّ بعض الاحتمالات ، وقد كانت نسخة عند الشيخ النوري ، نقل عنها كثيراً في المستدرك ، منها هذا المورد.

٢ ـ مستدرك الوسائل ٣ : ٣٥٥ ح ٢ ، أبواب أحكام المساجد ، الباب الأوّل.

٣ ـ انظر مجلّة تراثنا ( ٣٨ ـ ٣٩ ) : ٢٨٤.

٥٥٧

النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وقليلا منها عن الأئمّة المعصومين ( عليهم السلام ) ، وقال في خاتمة المستدرك عند تعريفه للكتاب :

كتاب لبّ اللباب ، أو اللباب للشيخ الفقيه ، المحدّث النبيه ، سعيد بن هبة الله ، المدعوّ بالقطب الراوندي صاحب الخرائج ، وشارح النهج ، اختصره من كتاب فصول نور الدين عبد الوهّاب الشعراني العامّي(١) ، لخّصه وألقى ما فيه من الزخارف والأباطيل ، وقد رأيت المجلّد الثاني من الفصول في المشهد الرضوي ( عليه السلام ) يقرب من تمام كتاب اللباب ، وهذا كتاب حسن كثير الفوائد مشتمل على مائة وخمسة وخمسين مجلساً في تفسير مثلها من الآيات على ترتيب القرآن(٢) .

وذكره الأفندي ( ت حدود ١١٣٠ هـ ) في الرياض ، قال : وله كتاب تلخيص فصول عبد الوهّاب في تفسير الآيات والروايات مع ضمّ الفوائد والأخبار من طرق الإماميّة(٣) ، وقد رأيته في بلدة أردبيل ، وهو كتاب حسن ، لكن لم يصرّح في أصل الكتاب بأنّه من مؤلّفاته ، وقد كتب على ظهره واشتهر به أيضاً ، فلاحظ(٤) .

ثمّ قال : قال بعض متأخّري أصحابنا في كتاب المزار : وقال هبة الله الراوندي الذي صنّف الخرائج والجرائح في كتاب اللباب في فضل آية الكرسي : وروى جابر ، فقال : من قرأها حين يخرج من بيته وكّل الله به سبعين ألف ملك يحفظونه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله من الشرور ، فإن مات قبل أن يعود إلى منزله أُعطي ثواب سبعين شهيداً ،

____________

١ ـ ليس هو الشعراني كما سيأتي.

٢ ـ خاتمة المستدرك ١ : ١٨١.

٣ ـ ذكرنا آنفاً أنّ في ما نقله النوري منه بعض الروايات عن الأئمّة المعصومين ( عليهم السلام ) ، فالظاهر أنّها من إضافات الراوندي على فصول عبد الوهّاب.

٤ ـ رياض العلماء ٢ : ٤٢١.

٥٥٨

انتهى ، وأقول : ويظهر من هذا الكلام أنّه تأليف جدّه ، وأنّ الخرائج والجرائح أيضاً من تأليفات جدّه ، وهو لا سيّما الأخير غريب ، فلعلّه اشتبه عليه الاسم واختصر في ذكر اسمه أو الغلط من الناسخ ، فلاحظ ، والحقّ أنّه من قلب النسّاخ حيث قلبوا سعيد بن هبة الله بهبة الله بن سعيد ، وكذا ابن طاووس(١) .

و ( كتاب اللباب في فضل آية الكرسي ) ليس كتاباً مستقلاًّ كما ظنّ عدّة من المحقّقين(٢) ، وإنّما فضل آية الكرسي فصل أو مجلس في الكتاب ، فإنّ اللباب ـ كما عرفت ـ تلخيص لكتاب عبدالوهّاب الذي يحتوي على ١٥٥ مجلساً في تفسير ١٥٥ آية على ترتيب القرآن ، وآية الكرسي أحد الآيات فيه ، وقد روى النوري في المستدرك عدّة روايات تخصّ آية الكرسي من كتاب اللباب ، فقد تكون العبارة : في ( كتاب اللباب ) في فصل آية الكرسي ، أو أنّ صاحب العبارة يقصد ذلك ، أي : كتاب اللباب في فصل أو مجلس أو باب فضل آية الكرسي ، فلاحظ.

ولذا قال الأفندي بعدها : ثمّ الحقّ عندي اتّحاد اللباب مع تلخيص كتاب فصول عبد الوهّاب ، فإنّي رأيت في بعض المواضع المعتبرة ، هكذا : كتاب اللباب المستخرج من فصول عبد الوهّاب ، تصنيف الشيخ سعيد بن هبة الله الراوندي ، نقلا عن الثقات ويروي منها بعض الأخبار(٣) .

ولكنّه في موضع آخر ذكر أنّ الشيخ حسن الطبرسي نسب كتاباً بعنوان نكت الفصول إلى الشيخ منتجب الدين أبي الفتوح ، وقال : لعلّ هذا الكتاب بعينه نكت فصول عبد الوهّاب الذي قد رأيته في أردبيل ، وكان

____________

١ ـ رياض العلماء ٢ : ٤٢٢.

٢ ـ انظر هديّة العارفين ١ : ٣٩٢ ، الذريعة ١٨ : ٢٨٠ ، ٢٩٢ ، مجلّة تراثنا ( ٣٨ ـ ٣٩ ) : ٢٨٥ ، روضات الجنّات ٤ : ٧ ، وإن احتمل اتّحادهما تبعاً لصاحب الرياض.

٣ ـ رياض العلماء ٢ : ٤٢٢.

٥٥٩

ينسب إلى القطب الراوندي(١) .

وذكر المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) هذا الكتاب في مصادره وفي فصل توثيقها ، ولكنّه نسبه على ظاهر عبارته إلى السيّد فضل الله الراوندي(٢) ، وإن كان يمكن تصحيح مراده ، فتأمّل ، وروى عنه مورداً واحداً في البحار على ما وجدته(٣) ، فلا صحّة لما قاله النوري من أنّه غفل عنه فلم ينقل عنه في البحار(٤) .

وذكره بعض تلامذة المجلسي في فهرست الكتب التي ينبغي أن تلحق بالبحار ، قال : وكتاب اللباب وشرح النهج كلاهما لقطب الدين الراوندي(٥) .

ثمّ قال : وشرحا النهج للراونديين قد نقلتم عنهما في كتاب الفتن وغيره من كتب البحار ، وكتاب اللباب للأوّل عند الأمير زين العابدين ابن سيّد المبتدعين عبدالحسيب حشره الله مع جدّه القمقام يوم الدين(٦) .

وذكره العلاّمة الطهراني ( ت ١٣٨٩ هـ ) في عدّة مواضع من الذريعة بعناوين مختلفة(٧) .

وهذا الكتاب غير كتاب لباب الأخبار له أيضاً ، فهو مختصر ذكره الأفندي ، قال : وله كتاب لباب الأخبار ، قد رأيته في استراباد وهو كتاب مختصر في الأخبار(٨) .

____________

١ ـ رياض العلماء ٥ : ٤٨٨ ، وانظر : الذريعة ٢٤ : ٣٠٥.

٢ ـ البحار ١ : ١٢ و ٣١ ، وانظر : خاتمة المستدرك ١ : ١٨٣ ورياض العلماء ٢ : ٤٢٩.

٣ ـ البحار ٥٣ : ٣٢٦.

٤ ـ خاتمة المستدرك ١ : ١٨١.

٥ ـ البحار ١١٠ : ١٦٦.

٦ ـ البحار ١١٠ : ١٦٨.

٧ ـ الذريعة ١٨ : ٢٨١ و ٢٩٢ ، و ٤ : ٤٢٥.

٨ ـ رياض العلماء ٢ : ٤٢٢ ، وانظر : الذريعة ١٨ : ٢٧٥.

٥٦٠

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619