موسوعة حديث الثقلين الجزء ٣

موسوعة حديث الثقلين0%

موسوعة حديث الثقلين مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 978-600-5213-65-2
الصفحات: 687

موسوعة حديث الثقلين

مؤلف: مركز الأبحاث العقائديّة
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف:

ISBN: 978-600-5213-65-2
الصفحات: 687
المشاهدات: 199737
تحميل: 3676


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 3 الجزء 4
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 687 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 199737 / تحميل: 3676
الحجم الحجم الحجم
موسوعة حديث الثقلين

موسوعة حديث الثقلين الجزء 3

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: 978-600-5213-65-2
العربية

أولئك الذين هداهم الله فبهداهم اقتده ، أئمّة الهدى ، ثمّ قال : قد ورد في وجوب اتّباعهم أوضح دليل ، وهو قول الرسول ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي » وحديث السفينة ، وحديث باب حطّة ، وحديث أنّهم أئمّة الهدى والخلفاء ، وغير ذلك من الآثار(١) .

الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة :

قال حميد المحلّي ( ت ٦٥٢ هـ ) في الحدائق : هو أمير المؤمنين أبو محمد عبد الله بن حمزة الجواد بن سليمان البر التقي بن حمزة النجيب بن علي المجاهد بن حمزة الأمير القائم بأمر الله ابن الإمام النفس الزكيّة أبي هاشم الحسن بن شريف الفاضل عبد الرحمن بن يحيى نجم آل الرسول ، ابن أبي محمّد عبد الله العالم بن الحسين الحافظ بن الإمام ترجمان الدين القاسم بن إبراهيم الغمر طباطبا ابن إسماعيل الديباج ابن إبراهيم الشبه ابن الحسن الرضي بن الحسن السبط سيد شباب أهل الجنّة ابن أمير المؤمنين سيد العرب علي بن أبي طالب سيد قريش ( عليه السلام ) ، ثمّ قال : ولد ( عليه السلام ) بعيشان من ظاهر همدان في شهر ربيع الآخر لإحدى وعشرين ليلة خلت منه سنة إحدى وستّين وخمسمائة.

ثمّ قال : وسمعت شيخنا بهاء الدين أحمد بن الحسن الرصاص ( رضوان الله عليه ) يقول : أخشى أن تكون إمامة الإمام ( عليه السلام ) صارفة للناس عن إمامة غيره بعده ، فقلت : ولم ذلك فقال : لأنّ الناس يطلبون منه من العلم ما يعهد من الإمام وربّما لا يتّفق ذلك.

____________

١ ـ الشافي ٤ : ٢٣٣.

٢٦١

ثمّ قال : وأمّا كراماته التي خصّ بها فهي كثيرة ، لا سبيل إلى استقصائها. ثمّ قال : ولم يعلم أنّ أحداً من الأئمّة المهتدين الهادين ( عليهم السلام ) نقل له ما يقرب ممّا كان للإمام المنصور بالله.

ثمّ قال : كانت دعوته ( عليه السلام ) العامّة التي هي دعوة الإمامة ـ وقد تقدّم من الجوف إلى الحقل ـ في شهر ذي القعدة سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة.

ثمّ قال : ولم يعلم أنّه اجتمع لأحد من أئمّتنا ( عليه السلام ) ما اجتمع له من انتظام أمور اليمن والحجاز وجيلان وديلمان قبله ( عليه السلام ) ، وكذلك فإنّ جميع من في جهات الري من الزيديّة كلّهم اعتقدوا إمامته ( عليه السلام ) وعلا صيته في جميع الأقطار.

ثمّ قال : واختار الله له الانتقال إلى دار كرامته ومستقر رحمته يوم الخميس لاثني عشر يوماً من شهر المحرم سنة أربع عشرة وستّمائة.

ثمّ قال : وله من التصانيف الجمّة ما لا يوجد لإمام ممّن قام في اليمن من أئمّة الزيديّة ( عليه السلام ) إلى هذه الغاية ، بل لا يدنو منها(١) .

قال الحسن بن بدر الدين ( ت ٦٧٠ هـ ) في أنوار اليقين :

أو كإمام عصرنا المنصور

الصابر العلاّمة المشهور

ثمّ قال : بعد أن ذكر اسمه ونسبه : قام ( عليه السلام ) بعد الإمام المتوكّل على الله ، وكان معاصراً للملّقب بالناصر.

ثمّ قال : وكانت البيعة له ( عليه السلام ) يوم الجمعة عشر من ربيع الأوّل سنة أربع وتسعين وخمسمائة ، وله ( عليه السلام ) التصانيف الكثيرة والفتاوى الحسنة.

ثمّ قال : وتوفّي ( عليه السلام ) يوم الخميس لاثني عشر يوماً من شهر المحرّم سنة

____________

١ ـ الحدائق الورديّة ٢ : ٢٤٧ ـ ٣٥٤.

٢٦٢

أربع عشرة وستّمائة بكوكبان(١) .

قال محمّد بن علي الزحيف ( النصف الأول من القرن العاشر ) في مآثر الأبرار بعد أن ذكر اسمه ونسبه ـ : كان مولد الإمام المنصور بعيشان من ظاهر همدان ، في شهر ربيع الآخر لإحدى وعشرين ليلة خلت منه سنة إحدى وستّين وخمسمائة.

ثمّ قال : وأمّا دعوته ( عليه السلام ) فإنّه تقدّم من الجوف إلى الحقل في ذي القعدة في سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة ، وسار إلى هجرة دار معين.

ثمّ قال : ولمّا كان يوم الجمعة الثالث عشر من ربيع الأوّل سنة أربع وتسعين وخمسمائة تقدّم هو ومن معه إلى المسجد الجامع فبايعه الناس.

ثمّ قال : واختار الله تعالى له الانتقال إلى دار كرامته ومستقر نعمته يوم الخميس لاثني عشر يوماً من محرّم سنة أربع عشرة وستّمائة.

ثمّ قال : ومدّة عمره اثنتنان وخمسون سنة وثمانية شهور واثنتان وعشرون ليلة ، ومدّة خلافته تسع عشرة سنة وتسعة أشهر وعشرون يوماً(٢) .

وعدّه محمّد بن عبد الله ( ١٠٤٤ هـ ) في التحفة العنبريّة من المجددين ، وهو المجدّد على رأس المائة السادسة(٣) .

قال القاسمي ( ١٣٧٥ هـ ) في الجواهر المضيّة : عبد الله بن حمزة بن سليمان بن حمزة بن علي بن حمزة بن أبي هاشم أبو محمد المنصور بالله ، ثمّ قال : قرأ على أبيه وعلى أحمد بن الحسين الأكوع ، وعمر بن جميل النهدي والحسن بن محمّد الرصّاص ومحمّد بن أحمد بن الوليد وحنظلة بن

____________

١ ـ أنوار اليقين : ٣٦٠ ـ ٣٦٨.

٢ ـ مآثر الأبرار ٢ : ٧٩٩ ـ ٨١٦.

٣ ـ التحفة العنبريّة : ١٧٦ ـ ٢٥٠.

٢٦٣

الحسن والأمير محمّد بن أحمد والقاضي جعفر بن أحمد ، وغيرهم ، في جميع كتب الإسلام حتّى لم يبق عالم إلاّ مدّ إلى روايته بسبب ، وعنه محمّد ابن أحمد الأكوع المعروف بشعلة ، والفقيه حميد بن أحمد وابن سعيش الصنعاني ، وغيرهم من العلماء(١) .

قال الهادي بن إبراهيم الوزير ( ت ٨٢٢ هـ ) في هداية الراغبين : وأقول : استيفاء مثل هذا من أخباره ( عليه السلام ) في زهده وفضله وورعه وجوده يخرجنا عن المقصود ، ومن أراد ذلك فعليه بمطالعة سيرة بسيطة ومتوسّطة ومختصرة ، فالبسيطة سيرة القاضي العالم علي بن نشوان ( رحمه الله ) ، فإنّه الذي ابتدأ تأليف ( السيرة المنصورية ) وأبسط فيها القول بسطاً شافياً.

ثمّ قال : وأمّا السيرة المتوسّطة فهي سيرته المشهورة التي جمعها الشيخ الفاضل أبو فراس بن دعثم ( رحمه الله ) ، وهي ستّة مجلّدة ، أخبرني بعض العلماء أنّه أختصرها من سيرة ابن نشوان.

وأمّا السيرة المختصرة فهي ما ختم به الفقيه حميد ( رحمه الله ) ( كتاب الحدائق الورديّة )(٢) .

قال عبد السلام الوجيه في أعلام المؤلّفين الزيديّة : وقد كثر المتحاملون على هذا الإمام العظيم ، ومنهم في عصرنا إسماعيل الأكوع وأخوه ، وعلي بن محمّد زيد ، وأحمد بن محمّد الشامي(٣) .

____________

١ ـ الجواهر المضيّة في تراجم بعض رجال الزيديّة : ٥٦.

٢ ـ هداية الراغبين إلى مذهب العترة الطاهرين : ٣٤٥.

٣ ـ أعلام المؤلّفين الزيديّة ، ٥٧٨.

وانظر في ترجمته أيضاً : قواعد عقائد آل محمّد ( صلى الله عليه وآله ) : ٤٠٤ ، طبقات الزيديّة ٣ : ٨٩ ، اللآلي المضيّة ٢ : ٢٣٩ ـ ٣١٠ ، التحف شرح الزلف : ١٦٤ ، كاشفة الغمّة عن حسن سيرة إمام الأمّة : ٢٤٣ ، مطمح الآمال : ٢٤٥ ، الجواهر والدرر : ٢٢٣ ، ضمن مقدّمة البحر الزخّار ، المقصد الحسن والمسلك الواضح السنن : ٤٨ ، لوامع الأنوار ١ : ٤٨٦ ، مطلع البدور ٤ : ٥٦ ، بلوغ المرام : ٤٣ ، هجر العلم ومعاقله ٣ : ١٢٨٦ ، الفلك الدوّار : ١٧ ، تحقيق سالم عزّان في الهامش ، مؤلّفات الزيديّة : انظر الفهرست ، مصادر التراث في المكتبات الخاصّة في اليمن : انظر الفهرست ، الذريعة ٦ : ٢٩١ ، ٣٨٣ ، واستقرّ بي النوى : ١٨ ، الأعلام ٤ : ٨٣ ، هديّة العارفين ١ : ٤٥٨ ، الزيديّة لأحمد صبحي : ٧٤٨ ، الزيديّة في موكب التاريخ : ٤١١ ، المقتطف من تاريخ اليمن : ١٨١ ، كتاب : عرض لحياة وآثار الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة.

٢٦٤

كتاب الشافي :

قال عبد الله بن حمزة في بداية كتابه الشافي : أمّا بعد ، فإنّ الرسالة الخارقة وصلتنا منقلبنا من المغرب في شهر شوّال سنة ثمان وستمّائة وابتدأنا بسطر جوابها في شهر ربيع الأوّل سنة تسع وستّمائة ، وسبب تراخي المدّة كثرة الأشغال وتراكمها ، وقال أيضاً : ولا نروي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلاّ ما صحّ لنا سماعه ، ثمّ قال : وما رويناه ممّا يختصّ بروايته أهل العدل ذكرنا سند ذلك منّا إلى راويه ، ثمّ بيّناه على أصله(١) . وقال في كتاب العقد الثمين : وقد قدّمنا في الدلالة على إمامة علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، ثمّ قال : وإنّ ذلك لولديه ( عليه السلام ) ، ثمّ قال : وبسطنا في الكتاب الشافي بسطاً بليغاً لا يكاد يوجد مثله في شيء من كتب الأصول(٢) .

نسبه إليه حميد المحلّي ( ت ٦٥٢ هـ ) في الحدائق ، قال : كتاب الشافي وهو يشتمل على أربع مجلّدات ، تولّى الربع الأوّل على الخصوص وهو يتعلّق بأخبار القائمين من العترة ( عليه السلام ) ، ومن يصلح للقيام وإن لم يقم ، ومن

____________

١ ـ الشافي ١ : ١٤ ، ٥٧.

٢ ـ العقد الثمين : ٤.

٢٦٥

عارضهم من بني أميّة وبني العبّاس ، من أمير المؤمنين ( عليه السلام ) إلى وقت الإمام المنصور بالله ( عليه السلام )(١) .

ونسبه إليه أيضاً : الحسن بن بدر الدين في أنوار اليقين(٢) ، ومحمّد بن عبد الله في التحفة العنبريّة(٣) ، والشرفي في اللآلي المضيّة(٤) ، وإبراهيم بن المؤيّد في الطبقات(٥) ، وغيرهم(٦) .

قال الهادي بن إبراهيم الوزير ( ت ٨٢٢ هـ ) في هداية الراغبين : ومن تصانيفه ( عليه السلام ) ( كتاب الشافي ) وهو النبأ العظيم والصراط المستقيم كما قال الصاحب في كتاب المغني ; لأنّه ( عليه السلام ) ضمّنه علوماً كثيرة وسيراً وأخباراً وتواريخ ونوادر وفرائد ونخباً في الأدب وفوائد ، وجعله أربع مجلّدة كباراً في جواب الخارقة ، وهي رسالة جاءت إليه من الفقيه المسمّى بأبي القبائل الأشعري الجبري ، يطعن فيها على الإمام ( عليه السلام ) ، وقد وقف له على رسالة إلى الحجاز ، ذكر فيها الإمام المنصور أحاديث نبوية ، وضمّنها ما يضمّنه الأئمّة دعواتهم من الدعاء للجهاد ، ثمّ قال : فاعترضها فقيه الخارقة وطعن في شيء من النحو والتصريف ، وما يكتب بالياء وما يكتب بالألف ، ثمّ أخذ يتكلّم في الأحاديث ، ويتعرّض للإمام ( عليه السلام ) بعدم الأسانيد ، إلى أن قال : فلمّا وصلت هذه الرسالة المسمّاة بالخارقة أجابها الإمام ( عليه السلام ) ، ثمّ قال : هذا المجلّد الأوّل والمجلّد الثاني والثالث والرابع في علوم شتّى من مذهب العدليّة من العترة النبويّة

____________

١ ـ الحدائق الورديّة ٢ : ٢٥٩.

٢ ـ أنوار اليقين : ٣٦٥.

٣ ـ التحفة العنبرية في المجدّدين من أبناء خير البريّة : ١٥٧.

٤ ـ اللآلي المضيّة ٢ : ٢٣٨.

٥ ـ طبقات الزيديّة ٣ : ٨٩.

٦ ـ انظر ما قدّمنا ذكره من المصادر في هامش ترجمة المصنّف.

٢٦٦

وأتباعهم من المعتزلة والزيديّة ، وبيّن الأسانيد في الأحاديث التي يختصّ بروايتها أهل البيت ( عليهم السلام ).

إلى أن قال : فكان هذا الكتاب من أقوى ما يعتمده الزيديّة ، وتعوّل عليه هذه الفرقة الهاديّة المهديّة ، فهو حصنها العزيز ومعقلها الحريز ، فقدس الله روح منشيه(١) .

وقال السيد مجد الدين في مقدّمته لكتاب الشافي : فأروي كتاب الشافي من أربع طرق :

الأولى : بالطريقة المتّصلة بالإمام الأوحد المنصور بالله الحسن بن بدر الدين محمّد بن أحمد بن يحيى بن يحيى في إسناد أنوار اليقين ، كما أوضحتها في لوامع الأنوار ، ورجال هذا السند كلّهم من أعلام آل محمّد ( عليهم السلام ).

والطريق الثانية المتّصلة بالإمام الشهيد المهدي لدين الله أحمد بن الحسين ( عليه السلام ) وليس فيها من غير العترة المطهّرة إلاّ رجلان من أعلام أوليائهم الكرام.

والطريق الثالثة المتصّلة بالإمام المهدي لدين الله أحمد بن يحيى المرتضى وليس فيها من غير العترة إلاّ ثلاثة من الأبرار ( رضي الله عنهم ) وفي الطريق الرابعة ضعّفهم والبقيّة من العترة الزكيّة ويستّضح لك ذلك في الطريقين اللتين اخترت إيرادهما هنا ، وأمّا الأولى والرابعة فهما مذكورتان فيما تقدّم ، ثمّ ذكر الطريقين(٢) .

قال السيد أحمد الحسيني في مؤلّفات الزيديّة : الشافي تأليف الإمام

____________

١ ـ هداية الراغبين إلى مذهب العترة الطاهرين : ٣٣٤.

٢ ـ كتاب الشافي ١ : ٩ ، مقدّمة المحقّق.

٢٦٧

المنصور بالله عبد الله بن حمزة الحسني اليمني ، ردّ على كتاب « الرسالة الخارقة » للفقيه عبد الرحيم بن أبي القبائل(١) المتوفّى سنة ٦١٦ وهو في أربع مجلّدات ضخمة ، حقّق فيها أيضاً طرقه ومرويّاته ، بدأ بتأليفه في شهر ربيع الأوّل سنة ( ٦٠٩ ) واكتفى في الجواب بما لابدّ من ذكره ، ولم يتعرّض لكّل ما قاله صاحب الرسالة(٢) .

وقال عبد السلام الوجيه في أعلام المؤلّفين : ونسخه الخطيّة كثيرة(٣) .

____________

١ ـ وقيل غير هذا.

٢ ـ مؤلّفات الزيديّة ٢ : ١٢١.

٣ ـ أعلام المؤلّفين الزيديّة : ٥٨٣.

٢٦٨

( ٤٦ ) الرسالة النافعة بالأدلّة الواقعة

الحديث :

الأوّل : قال : ومن مناقب الفقيه أبي الحسن علي بن المغازلي الواسطي الشافعي بإسناده ، يرفعه إلى الوليد بن صالح ، عن ابن امرأة زيد بن أرقم ، قال : أقبل نبي الله ( صلى الله عليه وآله ) من مكّة في حجّة الوداع حتّى نزل بغدير الجحفة بين مكّة والمدينة ، فأمر بالدوحات فقمّ ما تحتهنّ من شوك ، ثمّ نادى الصلاة جامعة ، فخرجنا إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في يوم شديد الحرّ ، إن منّا لمن يضع رداءه على رأسه ، وبعضه تحت قدميه من شدّة الحر ، حتّى انتهينا إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فصلّى بنا الظهر ، ثمّ انصرف إلينا ، فقال : « الحمد لله نحمده ونستعينه ، أشهد أنّكم قد صدقتم وصدقتموني ، ألا وإنّي فرطكم وأنتم تبعي ، توشكون أن تردوا عليّ الحوض ، فأسألكم حين تلقوني عن ثقلي كيف خلفتموني فيهما؟ » قال : فأعيل علينا ما ندري ما الثقلان؟ حتّى قام رجل من المهاجرين وقال : بأبي وأمّي أنت ـ يارسول الله ـ ما الثقلان؟ قال : « الأكبر منهما كتاب الله سبب طرف بيد الله تعالى وطرف بأيديكم ، فتمسّكوا به ولا تلووا وتضلوا ، والأصغر منهما عترتي ، من استقبل قبلتي وأجاب دعوتي ، فلا تقتلوهم ، ولا تقهروهم ، ولا تقصروا عنهم ، فإنّي قد سألت لهما اللطيف الخبير فأعطاني ، ناصرهما لي ناصر ، وخاذلهما لي خاذل ، ووليّهما لي ولي ، وعدوّهما لي عدو ، ألا فإنّها لم تهلك أمّة قبلكم حتّى تدين بأهوائها »(١) .

____________

١ ـ الرسالة النافعة بالأدلّة الواقعة : ٤٠٨ ، ضمن مجموع عبد الله بن حمزة الجزء الثاني ، القسم الأوّل.

٢٦٩

الثاني : قال : ولأنّ الخبر في الصحاح قد وردت منه قطعة تفيد معنى ولاية التصرّف لأهل البيت باتّباعهم ووجوب طاعتهم ، وأنّه لا نجاة إلاّ بالتمسّك بهم وعلي ( عليه السلام ) سيد أهل البيت ورأسهم ممّا جاء فيهم من ذكر صفوة وأحتسب أنا قد قدّمنا ذكره من صحيح أبي داود ، ومن صحيح مسلم ، ومن الجمع بين الصحيحين للحميدي والترمذي وهو ما رواه عن زيد بن أرقم أنّه قال : قام فينا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خطيباً بماء يدعى خماً بين مكّة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكّر ، ثمّ قال : « أمّا بعد أيّها الناس ، فإنّما أنا بشر مثلكم يوشك أن يأتيني رسول ربّي فأجيب ، وأنا تارك فيكم الثقلين : أوّلها كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به. فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه ، ثمّ قال : وأهل بيتي أذكّركم الله في أهل بيتي » فأوصى بكتاب الله دفعة وبأهل بيته ثلاثاً لتأكيد الحق وامتثال الأمر ، وعلى رأس أهل البيت والإجماع منعقد على أنّه لا أمر لأحد منهم مع أمره ، ثمّ قال ( صلى الله عليه وآله ) : « حبلان ممدودان لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ثمّ نعى إليهم صلوات الله عليه وعلى آله وسلم نفسه ، فكان الخبر وصيّة في آخر العمل لا يصحّ نسخها ، ويجب امتثالها ، فرحم الله من نظر بعين فكره »(١) .

الثالث : ومن ( صحيح مسلم ) في الجزء الرابع منه من أجزاء ستّة في آخر الكرّاس الثانية من أوّله بإسناده إلى يزيد بن حباب ، قال : انطلقت أنا وحصين ابن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم ، فلمّا جلسنا إليه ، قال حصين : لقد رأيت يا زيد خيراً كثيراً ، رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وسمعت حديثه ، وغزوت معه ، وصلّيت ، لقد أوتيت يا زيد خيراً ، حدّثنا يا زيد ما سمعت عن رسول

____________

١ ـ الرسالة النافعة بالأدلّة الواقعة : ٤١٨ ، ضمن مجموع عبد الله بن حمزة الجزء الثاني ، القسم الأوّل.

٢٧٠

الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : يابن أخي ، والله لقد كبر سنّي ، وقدم عهدي ، ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فما حدّثتكم فاقبلوه ، وما لا فلا تكلّفونيه ، ثمّ قال : قام رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يوماً فينا خطيباً بماء يدعى خمّاً بين مكّة والمدينة ، فحمد الله وأثنى عليه ، ووعظ وذكّر ، ثمّ قال : « أمّا بعد أيّها الناس ، إنّما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربّي فأجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين : أولّهما كتاب الله فيه النور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به » فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه ، ثمّ قال : وأهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي » فقال الحصين : ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ فقال : نساؤه من أهل بيته ، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده(١) .

الرابع : وممّا يزيد ذلك وضوحاً ما رويناه من حديث الثقلين ، وقد ورد ذلك من طرق شتّى ، وصحّ تواتره ، وقد روي في الصحاح وغيرها من الكتب المأثورة ، والنُقل المقبولة عند الأمّة(٢) .

الخامس : وقد روينا بالإسناد الموثوق به إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أنّه قال : « اعلموا أيّها الناس ، أنّ العلم الذي أنزل الله تعالى على الأنبياء من قبلكم في عترة نبيّكم ، خذوا عنّي عن خاتم المرسلين حجّة من ذي حجّة ، قالها في حجّة الوداع : إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، إنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض »(٣) .

____________

١ ـ الرسالة النافعة بالأدلّة الواقعة : ٤١٩ ، ضمن مجموع عبد الله بن حمزة ، الجزء الثاني ، القسم الأوّل.

٢ ـ الرسالة النافعة بالأدلّة الواقعة : ٢٤٧ ، ضمن مجموع عبد الله بن حمزة ، الجزء الثاني ، القسم الأوّل.

٣ ـ الرسالة النافعة بالأدلّة الواقعة : ٢٤٧ ، ضمن مجموع عبدالله بن حمزة ، الجزء الثاني ، القسم الأوّل

٢٧١

السادس : قال :( إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) ، وقد تقدّم معنى هذه الآية في الصحاح ، ومن المراد بها ، قرنهم الحكيم سبحانه بالكتاب الكريم ، على لسان نبيّه الصادق العليم ، كما بيّنا لك في حديث الثقلين من الصحاح فما ظنّك بمن هو عدل للقرآن ، وردت بالتمسّك به وصاة الرحمن(١) .

الرسالة النافعة بالأدلّة الواقعة :

نسبها عبد الله بن حمزة إلى نفسه في كتابه العقد الثمين(٢) .

ونسبها إليه أيضاً حميد المحلّي في الحدائق الورديّة(٣) ، ومحمّد بن عبد الله في التحفة العنبريّة(٤) ، والشرفي في اللآلي المضيّة(٥) ، وغيرهم(٦) .

وقد تقدّم ذكر سند مجد الدين المؤيّدي إلى جميع مصنّفات عبد الله بن حمزة(٧) .

قال عبد السلام الوجيه في أعلام المؤلّفين الزيديّة : الرسالة النافعة بالأدلّة القاطعة في تبين الزيديّة ومذاهبهم ، وذكر فضائل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، والإجابة على الإماميّة والباطنيّة والمطرفيّة(٨) .

____________

١ ـ الرسالة النافعة بالأدلّة الواقعة : ٤٨٠ ، ضمن مجموع عبد الله بن حمزة ، الجزء الثاني ، القسم الأوّل.

٢ ـ العقد الثمين : ٤.

٣ ـ الحدائق الورديّة ٢ : ٢٦٧.

٤ ـ التحفة العنبريّة : ١٧٥.

٥ ـ اللآلي المضيّة ٢ : ٢٣٨.

٦ ـ انظر ما قدّمنا ذكره من المصادر في هامش ترجمة المصنّف.

٧ ـ انظر ما تقدّم من كلام عن كتاب الشافي.

٨ ـ أعلام المؤلّفين الزيديّة : ٥٨٣.

٢٧٢

( ٤٧ ) شرح الرسالة الناصحة في الدلائل الواضحة

في فضل أهل البيت ( عليهم السلام )

الحديث :

الأوّل : قال : وكيف نرخّص في التقليد ، ونحن أشدّ الناس ذمّاً للمقلّدين؟ إلى أن قال : فكان ممّا تلاه على الكافّة من الآيات ، وبيّنه لهم من الدلالالت ، وأخرجهم من الضلال ، وهو صادق مصدّق ، وذلك ثابت فيما رويناه بالإسناد الموثوق به من قوله ( عليه السلام ) : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، إنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض »(١) .

الثاني : قال وأمّا دلالة السنّة فقوله ( عليه السلام ) : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، إنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، والكلام في هذا الخبر يقع في موضعين : أحدهما في صحّته ، والثاني في وجه الاستدلال به ، أمّا في صحّته فلأنّه ممّا ظهر بين الأمّة ظهوراً عامّاً ، بحيث لم ينكره أحد ، فصاروا بين عامل به ومتأوّل له ، فيجري مجرى أخبار الأصول من حجّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) وصيامه إلى غير ذلك(٢) .

الثالث : قال : قوله ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من

____________

١ ـ شرح الرسالة الناصحة ١ : ٣١ ، ضمن مجموع مخطوط مصوّر.

٢ ـ شرح الرسالة الناصحة ١ : ٤٦ ، حجّية إجماع أهل البيت ( عليهم السلام ).

٢٧٣

بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، إنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، وهذا الخبر ممّا أطبقت الأمّة على نقله ، واعترفت بصحّته ، فجرى مجرى الأخبار في أصول الشريعة كالصلاة والصوم ، وما شاكل ذلك(١) .

الرابع : قال : وقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في وجوب الرجوع إلينا ، والتمسّك بنا ما رويناه بالإسناد الموثوق به إليه ( عليه السلام ) أنّه قال : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، إنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا علي الحوض »(٢) .

الخامس : قال : فلو لم يكن في ذلك إلاّ ما رويناه بالإسناد الموثوق به إلى أبينا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) أنّه قال : « أيّها الناس اعلموا أنّ العلم الذي أنزله الله على الأنبياء ، خذوا عنّي عن خاتم المرسلين ، حجّة من ذي حجّة ، قالها في حجّة الوداع : إنّى تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، إنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض »(٣) .

شرح الرسالة الناصحة في الدلائل الواضحة :

نسبها عبد الله بن حمزة إلى نفسه في كتابه العقد الثمين(٤) .

قال حميد المحلّي ( ت ٦٥٢ هـ ) في الحدائق : ومن تصانيفه ( عليه السلام ) شرح

____________

١ ـ شرح الرسالة الناصحة ١١٧ : ١ ، ضمن مجموع مخطوط مصور.

٢ ـ شرح الرسالة الناصحة ٢٠ : ٢ ، ضمن مجموع مخطوط مصور.

٣ ـ شرح الرسالة الناصحة ٩٥ : ٢ ، ضمن مجموع مخطوط مصور.

٤ ـ العقد الثمين : ٤.

٢٧٤

الرسالة الناصحة بالأدلّة الواضحة ، وهو مشتمل على جزئين ، الأوّل : الكلام في أصول الدين من التوحيد والعدل والنبوءات والوعد والوعيد وما يتبعها ، والثاني : الكلام في فضائل العترة ( عليهم السلام ) ، وهو يشتمل على نكت حسنة من أخبارهم ، وملح آثارهم ، وهو كتاب جليل القدر(١) .

ونسبها إليه الحسن بن بدر الدين ( ت ٦٧٠ هـ ) في الأنوار ، وقال : وله ( عليه السلام ) في معنى كتابنا هذا ما يشفي غليل الصدور ، ويوضّح لأهل البصاير ما التبس من الأُمور ، ونحن نذكر من ذلك طرفاً يدلّ على غيره ممّا لم نذكره ، وهو موجود لطالبه بحمد الله ومنّه ، قال ( عليه السلام ) في كتاب شرح الرسالة الناصحة(٢) .

ونسبها إليه أيضاً : محمّد بن عبد الله في التحفة العنبريّة(٣) ، والشرفي في اللآلي المضيّة(٤) ، وغيرهم(٥) .

وقد تقدّم ذكر طرق المؤيّدي إلى جميع مؤلّفات عبد الله بن حمزة(٦) .

____________

١ ـ الحدائق الورديّة ٢ : ٢٥٩.

٢ ـ أنوار اليقين : ٣٦٥.

٣ ـ التحفة العنبريّة في المجدّدين من أبناء خير البريّة : ١٧٥.

٤ ـ اللآلي المضيّة في أخبار أئمة الزيديّة ٢ : ٢٣٨.

٥ ـ انظر ما قدّمنا ذكره من المصادر في هامش ترجمة المصنّف.

٦ ـ انظر ما تقدّم حول كتاب الشافي.

٢٧٥
٢٧٦

( ٤٨ ) العقد الثمين في تبيين أحكام الأئمّة الهادين ( عليهم السلام )

الحديث :

الأوّل : قال : والذي يدلّ على أنّ إجماعهم حجّة قوله تعالى : ( ) ، وأمّا الخبر فهو ما أخبرنا به الشريف الأمير الأجلّ الداعي إلى الله عزّ وجلّ بدر الدين ، صدر الإسلام ، شيخ آل الرسول ، محمّد بن أحمد بن الهادي إلى الحق ، قال : أخبرنا الشريف السيد عماد الدين الحسن بن عبد الله ( رحمه الله ) ، قال : أخبرنا القاضي الإمام الأوحد الزاهد قطب الدين شرف الإسلام عماد الدين أحمد بن الحسن الكشي بقراءته علينا ، وأخبرنا المشايخ الأجلاّء حسام الدين الحسن بن محمّد الرصاص ( رحمه الله ) ، والشيخ محيي الدين محمّد بن أحمد القرشي ـ طوّل الله مدّته ـ والشيخ عفيف الدين حنظلة بن الحسن ( رحمه الله ) ، قالوا : أخبرنا القاضي الأجلّ شمس الدين جمال الإسلام والمسلمين جعفر بن أحمد بن عبد السلام بن أبي يحيى ( رضي الله عنه ) ، قال : أخبرنا القاضي العالم الإمام الأوحد الزاهد قطب الدين شرف الإسلام عماد الشريعة أحمد بن أبي الحسن الكشي ( أدام الله تأييده ) ، قال : أخبرنا أبو منصور بن عبد الرحيم الحمدوني ( رحمه الله ) في شهر رمضان سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة قراءة عليه ، قال : أخبرني والدي الشيخ أبو سعيد المظفّر بن عبد الرحيم بن علي الحمدوني ، قال : حدّثنا السيد الإمام المرشد بالله أبو الحسن يحيى بن الموفّق بالله أبي عبد الله الحسن بن إسماعيل ابن زيد بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن محمّد بن جعفر بن عبد الرحمن الشجري بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب ( عليه السلام )

٢٧٧

في ذي الحجّة سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة ، قال : أخبرنا أبو طاهر محمّد بن أحمد بن محمّد بن عبد الرحيم بقراءتي عليه ، قال : أخبرنا أبو محمّد عبد الله ابن محمّد بن جعفر بن حبّان ، قال : أخبرنا عبيد بن محمّد بن صبيح الزيّات ، قال : حدّثنا عباد بن يعقوب ، قال : حدّثنا علي بن هاشم ، عن عبد الله بن أبي سليمان ، عن عطيّة ، عن أبي سعيد ، عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنّه قال : « أيّها الناس ، إنّي قد تركت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا الثقلين ، وأحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ، إنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ولم نذكر سند هذا الخبر بهذه الطريقة إلاّ تبرّكاً بذكر من ذكرنا فيه من الصالحين من أهل البيت ( عليهم السلام ) وأشياعهم ، ومن طريق العامّة وشيوخهم ، وإن كان لا حاجة إلى ذكر شيء من طرقه ; لظهورهِ واشتهاره ، وتلقّي الأمّة له بالقبول جميعاً.

فرقة متأوّله ، وفرقة عاملة بمقتضاه فى أمر الدين ، فلحق بالأخبار الواردة في أصول الدين فلا حاجة إلى ذكر طرقه(١) .

الثاني : قال : وقد أخبرنا النبي بوجوب التمسّك به(٢) ، فلو علم فواته أو بعضه لما أمر أن نتمسّك بالفايت ، وقال : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، إنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض »(٣) .

الثالث : قال : وقد قال الرسول ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، إنّ اللطيف الخبير نبّأني

____________

١ ـ العقد الثمين : ٣٠ ـ ٣١ ، مخطوط مصوّر.

٢ ـ أي القرآن الكريم.

٣ ـ العقد الثمين : ٦٧ ، مخطوط مصوّر.

٢٧٨

أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض »(١) .

كتاب العقد الثمين :

قال عبد الله بن حمزة في العقد الثمين : يوم أنشأنا هذا التصنيف في شهر جمادى الآخرة سنة عشر وستمائة(٢) .

قال حميد المحلّي ( ت ٦٥٢ هـ ) في الحدائق : ومن تصانيفه ( عليه السلام ) : العقد الثمين في تبين أحكام الأئمّة الهادين ، في الكلام على الإماميّة خاصّة ، وهو مجلّد(٣) .

ونسبه إليه أيضاً : محمّد بن عبد الله في التحفة العنبريّة(٤) ، والشرفي في اللآلي المضيّة(٥) ، وغيرهم(٦) ، وقد ذكر السيد مجد الدين المؤيّدي عدّة أسانيد لجميع كتب عبد الله بن حمزة(٧) .

قال السيد أحمد الحسيني في مؤلّفات الزيديّة : العقد الثمين في تبين أحكام الأئمّة الهادين ، تأليف : الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة الحسني اليمني ، فيه كلام على الشيعة الإماميّة خاصّة ، والمناقشة معهم فيما يذهبون إليه من النصّ على أئمتهم بعد الإمام علي والحسن والحسين ( عليهم السلام ) ، واستطرد إلى البحث في بعض عقائدهم كالبداء والغيبة والعصمة وأمثالها(٨) .

____________

١ ـ العقد الثمين : ١٥٦ ، مخطوط مصوّر.

٢ ـ العقد الثمين : ١١٦.

٣ ـ الحدائق الورديّة ٢ : ٣٢٦.

٤ ـ التحفّة العنبريّة : ١٧٥.

٥ ـ اللآلي المضيّة ٢ : ٢٣٨.

٦ ـ انظر ما قدّمنا ذكره من المصادر في هامش ترجمة المصنّف.

٧ ـ انظر : مقدّمة كتاب الشافي ، وكتاب لوامع الأنوار ١ : ٤٨٦.

٨ ـ مؤلّفات الزيديّة ٢ : ٢٦٧.

٢٧٩

قال السيد محمّد بن حمود العمدي في كتابه واستقرّ بي النوى : « العقد الثمين في تبيين أحكام الأئمّة الهادين » كتاب في الفرق بين الزيديّة والإماميّة ، والرد على الإمامية ، وهو كتاب مليء بالشبه ، ولم يتحرّ مؤلّفه عبد الله بن حمزة فيه ـ مع الأسف ـ الموضوعيّة والدقّة ، كمآل أكثر الكتب عند كثير من المذاهب ، والتي تؤلّف لهذا الغرض(١) .

وقد طبع الكتاب مؤخّراً بتحقيق عبد السلام الوجيه ، وتقديم السيد مجد الدين المؤيّدي ، وصدر عن مؤسّسة الإمام زيد ( عليه السلام ).

____________

١ ـ واستقرّ بي النوى : ١٨.

٢٨٠