في رحاب الزيارة الجامعة

في رحاب الزيارة الجامعة5%

في رحاب الزيارة الجامعة مؤلف:
الناشر: دار الغدير
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
ISBN: 964-7165-40-4
الصفحات: 698

  • البداية
  • السابق
  • 698 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 66183 / تحميل: 4618
الحجم الحجم الحجم
في رحاب الزيارة الجامعة

في رحاب الزيارة الجامعة

مؤلف:
الناشر: دار الغدير
ISBN: ٩٦٤-٧١٦٥-٤٠-٤
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

__________________

( اللَّهُمَّ إِنَّ هَذِهِ بُقْعَةٌ طَهَّرْتَهَا وَعَقْوَةٌ شَرَّفْتَهَا وَمَعَالِمُ زَكَّيْتَهَا حَيْثُ أَظْهَرْتَ فِيهَا أَدِلَّةَ التَّوْحِيدِ وَأَشْبَاحَ الْعَرْشِ الْمَجِيدِ الَّذِينَ اصْطَفَيْتَهُمْ مُلُوكاً لِحِفْظِ النِّظَامِ‏ وَاخْتَرْتَهُمْ رُؤَسَاءَ لِجَمِيعِ الْأَنَامِ وَبَعَثْتَهُمْ لِقِيَامِ الْقِسْطِ فِي ابْتِدَاءِ الْوُجُودِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ مَنَنْتَ عَلَيْهِمْ بِاسْتِنَابَةِ أَنْبِيَائِكَ لِحِفْظِ شَرَائِعِكَ وَأَحْكَامِكَ‏ فَأَكْمَلْتَ بِاسْتِخْلاَفِهِمْ رِسَالَةَ الْمُنْذِرِينَ كَمَا أَوْجَبْتَ رِئَاسَتَهُمْ فِي فِطَرِ الْمُكَلَّفِينَ‏ فَسُبْحَانَكَ مِنْ إِلَهٍ مَا أَرْأَفَكَ وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ مِنْ مَلِكٍ مَا أَعْدَلَكَ‏ حَيْثُ طَابَقَ صُنْعُكَ مَا فَطَرْتَ عَلَيْهِ الْعُقُولَ وَوَافَقَ حُكْمُكَ مَا قَرَّرْتَهُ فِي الْمَعْقُولِ وَالْمَنْقُولِ‏ فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى تَقْدِيرِكَ الْحَسَنِ الْجَمِيلِ وَلَكَ الشُّكْرُ عَلَى قَضَائِكَ الْمُعَلَّلِ بِأَكْمَلِ التَّعْلِيلِ‏ فَسُبْحَانَ مَنْ لاَ يُسْأَلُ عَنْ فَعْلِهِ وَلاَ يُنَازَعُ فِي أَمْرِهِ‏ وَسُبْحَانَ مَنْ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ قَبْلَ ابْتِدَاءِ خَلْقِهِ‏ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا بِحُكَّامٍ يَقُومُونَ مَقَامَهُ لَوْ كَانَ حَاضِراً فِي الْمَكَانِ‏ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الَّذِي شَرَّفَنَا بِأَوْصِيَاءَ يَحْفَظُونَ الشَّرَائِعَ فِي كُلِّ الْأَزْمَانِ‏ وَاللَّهُ أَكْبَرُ الَّذِي أَظْهَرَهُمْ لَنَا بِمُعْجِزَاتٍ يَعْجِزُ عَنْهَا الثَّقَلاَنِ‏ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ الَّذِي أَجْرَانَا عَلَى عَوَائِدِهِ الْجَمِيلَةِ فِي الْأُمَمِ السَّالِفِينَ‏ اللَّهُمَّ فَلَكَ الْحَمْدُ وَالثَّنَاءُ الْعَلِيُّ كَمَا وَجَبَ لِوَجْهِكَ الْبَقَاءُ السَّرْمَدِيُ‏ وَكَمَا جَعَلْتَ نَبِيَّنَا خَيْرَ النَّبِيِّينَ وَمُلُوكَنَا أَفْضَلَ الْمَخْلُوقِينَ وَاخْتَرْتَهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ‏ وَفِّقْنَا لِلسَّعْيِ إِلَى أَبْوَابِهِمُ الْعَامِرَةِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَاجْعَلْ أَرْوَاحَنَا تَحِنُّ إِلَى مَوْطِئِ أَقْدَامِهِمْ‏ وَنُفُوسَنَا تَهْوِي النَّظَرَ إِلَى مَجَالِسِهِمْ وَعَرَصَاتِهِمْ حَتَّى كَأَنَّنَا نُخَاطِبُهُمْ فِي حُضُورِ أَشْخَاصِهِمْ‏ فَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سَادَةٍ غَائِبِينَ وَمِنْ سُلاَلَةٍ طَاهِرِينِ وَمِنْ أَئِمَّةٍ مَعْصُومِينَ‏ اللَّهُمَّ فَأْذَنْ لَنَا بِدُخُولِ هَذِهِ الْعَرَصَاتِ الَّتِي اسْتَعْبَدْتَ بِزِيَارَتِهَا أَهْلَ الْأَرَضِينَ وَالسَّمَاوَاتِ‏ وَأَرْسِلْ دُمُوعَنَا بِخُشُوعِ الْمَهَابَةِ وَذَلِّلْ جَوَارِحَنَا بِذُلِّ الْعُبُودِيَّةِ وَفَرْضِ الطَّاعَةِ حَتَّى نُقِرَّ بِمَا يَجِبُ لَهُمْ مِنَ الْأَوْصَافِ‏ وَنَعْتَرِفَ بِأَنَّهُمْ شُفَعَاءُ الْخَلاَئِقِ إِذَا نُصِبَتِ الْمَوَازِينُ فِي يَوْمِ الْأَعْرَافِ‏ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلاَمٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ ‏) .

ثمّ قبّل وادخل وأنت خاشعٌ باكٍ ، فذلك إذن منهم (صلوات الله عليهم أجمعين في الدخول).

٢١

فإذا دخلت ورأيت القبر فقف وقل : الله أكبر ثلاثين مرّة ، ثمّ إمشِ قليلاً وعليك السكينة والوقار(١) ، وقارب بين خطاك(٢) ، ثمّ قف وكبّر الله عزّ وجلّ ثلاثين ، ثمّ اُذنُ من القبر وكبّر الله أربعين مرّة تمام مائة تكبيرة(٣) ، ثمّ قل(٤) :

__________________

(١) السكينة عبارة عن إطمئنان القلب بذكر عظمة الله وعظمة أوليائه ، والوقار عبارة عن اطمئنان البدن.

(٢) المقاربة بين الخطوات في المشي أمّا لحصول حالة الوقار ، أو هي مع تحصيل كثرة الثواب الذي يعطى لكلّ خطوة في زيارتهم.

(٣) اُقيد أنّ التكبير للدلالة على أنّ العظمة والكبرياء لله تعالى ، ولتزول الوحشة عن الداخل إلى محلّ كبريائهم.

وقيل : لعلّها للإحتراز عمّا قد تورثه هذه المضامين من الغلوّ أو الغفلة عن عظمة الله سبحانه.

لكن لا يمكن المساعدة على هذا الوجه الأخير ، لأنّ المضامين الواردة في الزيارة حقّ محض لا توجب الغلو أصلاً ، بل توجب المعرفة قطعاً ، ومعرفتهم لا توجب الغفلة عن عئمة الله تعالى ، بل تزيد في معرفة الله والقرب إليه.

فلعلّ الصحيح أن يقال : إنّها تكبيرات التعظيم ، لأجل عظمة هذه الزيارة ، فإنّه وإن كانت الزيارات جميعها مهمّة إلاّ إنّ بعضها ذات أهميّة خاصّة ، ولأجلها ورد التكبير في أوّله ، نظير زيارة عاشوراء النازلة من العرش ، المخصوصة بأعظم المصائب ، كما ذكر التكبير لها السيّد الفقيه اليزدي قدس سره ، ونظير زيارة الإمام الحسين عليه السلام المخصوصة في أوّل رجب المشتملة على تلبية الزائر لاستنصار الإمام الحسين عليه السلام عند قوله : «لبّيك داعي الله إن كان لم يُحبك بدني عند إستغاثتك ، ولساني عند استنصارك فقد أجابك قلبي وسمعي وبصري». وهذه الزيارة الجامعة من هذا القبيل حائزة لأهميّةٍ فائقة باشتمالها على أشرف المضامين المنتقاة ، وأعلى منازل الهداة ، فناسبها تكبير التعظيم.

(٤) اعلم أنّ هذه الزيارة الشريفة مشتملة على خمس تسليمات فتكون فصولها خمسة ، ثمّ تليها ثلاث شهادات بيّناها باُصولها الحقّة ، ثمّ تتّصل بذكر الفضائل العلياء والمناقب الشمّاء المتمثّلة في أهل البيت عليهم السلام.

٢٢

نصّ الزيارة الجامعة

اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يا اَهْلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ ، وَمَوْضِعَ الرِّسالَةِ ، وَمُخْتَلَفَ الْمَلائِكَةِ ، وَمَهْبِطَ الْوَحْىِ ، وَمَعْدِنَ الرَّحْمَةِ ، وَخُزّانَ الْعِلْمِ ، وَمُنْتَهَى الْحِلْمِ ، وَاُصُولَ الْكَرَمِ ، وَقادَةَ الاْمَمِ ، وَاَوْلِياءَ النِّعَمِ ، وَعَناصِرَ الاْبْرارِ ، وَدَعائِمَ الاْخْيارِ ، وَساسَةَ الْعِبادِ ، وَاَرْكانَ الْبِلادِ ، وَاَبْوابَ الاْيمانِ ، وَاُمَناءَ الرَّحْمنِ ، وَسُلالَةَ النَّبِيّينَ ، وَصَفْوَةَ الْمُرْسَلينَ ، وَعِتْرَةَ خِيَرَةِ رَبِّ الْعالَمينَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ.

اَلسَّلامُ عَلى اَئِمَّةِ الْهُدى ، وَمَصابيحِ الدُّجى ، وَاَعْلامِ التُّقى ، وَذَوِى النُّهى ، وَاُولِى الْحِجى ، وَكَهْفِ الْوَرى ، وَوَرَثَةِ الاْنْبِياءِ ، وَالْمَثَلِ الاْعْلى ، وَالدَّعْوَةِ الْحُسْنى ، وَحُجَجِ اللهِ عَلى اَهْلِ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَالاْولى(١) وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ.

اَلسَّلامُ عَلى مَحالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ ، وَمَساكِنِ بَرَكَةِ اللهِ، وَمَعادِنِ حِكْمَةِ اللهِ ، وَحَفَظَةِ سِرِّ اللهِ ، وَحَمَلَةِ كِتابِ اللهِ ، وَاَوْصِياءِ نَبِىِّ اللهِ ، وَذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ.

اَلسَّلامُ عَلَى الدُّعاةِ اِلَى اللهِ ، وَالأَدِلاّءِ عَلى مَرْضات اللهِ ،

__________________

(١) في العيون : (على أهلِ الآخرة ِ والاُولى).

٢٣

وَالْمُسْتَقِرّينَ(١) فِي اَمْرِ اللهِ(٢) ، وَالتّامّينَ فى مَحَبَّةِ اللهِ ، وَالْمخْلِصينَ في تَوْحيدِ اللهِ ، وَالْمُظْهِرينَ لأَمْرِ اللهِ وَنَهْيِهِ ، وَعِبادِهِ الْمُكْرَمينَ الَّذينَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِاَمْرِهِ يَعْمَلُونَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ.

اَلسَّلامُ عَلَى الاْئِمَّةِ الدُّعاةِ ، وَالْقادَةِ الْهُداةِ ، وَالسّادَةِ الْوُلاةِ ، وَالذّادَةِ الْحُماةِ ، وَاَهْلِ الذِّكْرِ وَاُولِى الاْمْرِ ، وَبَقِيَّةِ اللهِ وَخِيَرَتِهِ وَحِزْبِهِ وَعَيْبَةِ عِلْمِهِ وَحُجَّتِهِ وَصِراطِهِ وَنُورِهِ وَبُرْهانِهِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ.

اَشْهَدُ اَنْ لا اِلهَ اِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ كَما شَهِدَ اللهُ لِنَفْسِهِ وَشَهِدَتْ لَهُ مَلائِكَتُهُ وَاُولُو الْعِلْمِ مِنْ خَلْقِهِ ، لا اِلهَ اِلاّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكيمُ.

وَاَشْهَدُ اَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ الْمُنْتَجَبُ(٣) ، وَرَسُولُهُ الْمُرْتَضى ، اَرْسَلَهُ بِالْهُدى وَدينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ.

وَاَشْهَدُ اَنَّكُمُ الاْئِمَّةُ الرّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ الْمَعْصُومُونَ الْمُكَرَّمُونَ الْمُقَرَّبُونَ الْمُتَّقُونَ الصّادِقُونَ الْمُصْطَفَوْنَ الْمُطيعُونَ للهِ ، الْقَوّامُونَ بِاَمْرِهِ ، الْعامِلُونَ بِاِرادَتِهِ ، الْفائِزُونَ بِكَرامَتِهِ ، اصْطَفاكُمْ بِعِلْمِهِ ، وَارْتَضاكُمْ لِغَيْبِهِ ، وَاخْتارَكُمْ لِسِرِّهِ ، وَاجْتَباكُمْ بِقُدْرَتِهِ ، وَاَعَزَّكُمْ بِهُداهُ ، وَخَصَّكُمْ بِبُرْهانِهِ ، وَانْتَجَبَكُمْ لِنُورِهِ(٤) ، وَاَيَّدَكُمْ بِرُوحِهِ ، وَرَضِيَكُمْ خُلَفاء فى اَرْضِهِ ، وَحُجَجاً عَلى بَرِيَّتِهِ ، وَاَنْصاراً لِدينِهِ ، وَحَفَظَةً لِسِرِّهِ ، وَخَزَنَةً لِعِلْمِهِ ، وَمُسْتَوْدَعاً

__________________

(١) في التهذيب : (والمستَوْفرِينَ).

(٢) في العيون إضافة : (ونَهْيه).

(٣) في العيون بدل المنتجب : (المُصطَفى).

(٤) في الفقيه : (بنُورِه).

٢٤

لِحِكْمَتِهِ ، وَتَراجِمَةً لِوَحْيِهِ ، وَاَرْكاناً لِتَوْحيدِهِ ، وَشُهَداءَ عَلى خَلْقِهِ ، وَاَعْلاماً لِعِبادِهِ ، وَمَناراً فى بِلادِهِ ، وَاَدِلاّءَ عَلى صِراطِهِ.

عَصَمَكُمُ اللهُ مِنَ الزَّلَلِ ، وَآمَنَكُمْ مِنَ الْفِتَنِ ، وَطَهَّرَكُمْ مِنَ الدَّنَسِ ، وَاَذْهَبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ(١) وَطَهَّرَكُمْ تَطْهيراً ، فَعَظَّمْتُمْ جَلالَهُ ، وَاَكْبَرْتُمْ(٢) شَأْنَهُ ، وَمَجَّدْتُمْ كَرَمَهُ ، وَاَدَمْتُمْ(٣) ذِكْرَهُ ، وَوَكَّدْتُمْ(٤) ميثاقَهُ ، وَاَحْكَمْتُمْ عَقْدَ طاعَتِهِ ، وَنَصَحْتُمْ لَهُ فِى السِّرِّ وَالْعَلانِيَةِ ، وَدَعَوْتُمْ اِلى سَبيلِهِ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ، وَبَذَلْتُمْ اَنْفُسَكُمْ فى مَرْضاتِهِ، وَصَبَرْتُمْ عَلى ما اَصابَكُمْ فى جَنْبِهِ(٥) ، وَاَقَمْتُمُ الصَّلاةَ ، وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ ، وَاَمَرْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ ، وَنَهَيْتُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَجاهَدْتُمْ فِى اللهِ حَقَّ جِهادِهِ حَتّى اَعْلَنْتُمْ دَعْوَتَهُ ، وَبَيَّنْتُمْ فَرائِضَهُ ، وَاَقَمْتُمْ حُدُودَهُ ، وَنَشَرْتُمْ(٦) شَرايِعَ اَحْكامِهِ ، وَسَنَنْتُمْ سُنَّتَهُ ، وَصِرْتُمْ في ذلِكَ مِنْهُ اِلَى الرِّضا ، وَسَلَّمْتُمْ لَهُ الْقَضاءَ ، وَصَدَّقْتُمْ مِنْ رُسُلِهِ مَنْ مَضى ، فَالرّاغِبُ عَنْكُمْ مارِقٌ ، وَاللاّزِمُ لَكُمْ لاحِقٌ ، وَالْمُقَصِّرُ فى حَقِّكُمْ زاهِقٌ ، وَالْحَقُّ مَعَكُمْ وَفيكُمْ وَمِنْكُمْ وَاِلَيْكُمْ وَاَنْتُمْ اَهْلُهُ وَمَعْدِنُهُ ، وَميراثُ النُّبُوَّةِ عِنْدَكُمْ، وَاِيابُ الْخَلْقِ اِلَيْكُمْ ، وَحِسابُهُمْ(٧) عَلَيْكُمْ ، وَفَصْلُ الْخِطابِ عِنْدَكُمْ ، وَآياتُ اللهِ لَدَيْكُمْ ، وَعَزائِمُهُ فيكُمْ ، وَنُورُهُ وَبُرْهانُهُ

__________________

(١) في بعض نسخ الفقيه إضافة (اأهلَ البَيت).

(٢) في العيون (وكبّرتم).

(٣) في العيون والفقيه والتهذيب (وأدْمَنْتُم).

(٤) في بعض نسخ الفقيه (وذكّرتُم).

(٥) في بعض نسخ الفقيه (حُبّه).

(٦) في بعض نسخ الفقيه (وفَسَّرتُم).

(٧) في الفقيه (وحسابُهُ).

٢٥

عِنْدَكُمْ ، وَاَمْرُهُ اِلَيْكُمْ ، مَنْ والاكُمْ فَقَدْ والَى اللهَ وَمَنْ عاداكُمْ فَقَدْ عادَ اللهَ وَمَنْ اَحَبَّكُمْ فَقَدْ اَحَبَّ اللهَ ـ وَمَنْ اَبْغَضَكُمْ فَقَدْ اَبْغَضَ اللهَ ـ وَمَنِ اعْتَصَمَ بِكُمْ فَقَدِ اعْتَصَمَ بِاللهِ.

اَنْتُمُ السَبِيلُ الأَعْظَمُ والصِّراطُ الاْقْوَمُ(١) وَشُهَداءُ دارِ الْفَناءِ ، وَشُفَعاءُ دارِ الْبَقاءِ ، وَالرَّحْمَةُ الْمَوْصُولَةُ ، وَالآيَةُ الْمخْزُونَةُ ، وَالاْمانَةُ الْمحْفُوظَةُ ، وَالْبابُ الْمُبْتَلى بِهِ النّاسُ ، مَنْ اَتاكُمْ نَجا وَمَنْ لَمْ يَأتِكُمْ هَلَكَ اِلَى اللهِ تَدْعُونَ وَعَلَيْهِ تَدُلُّونَ وَبِهِ تُؤْمِنُونَ وَلَهُ تُسَلِّمُونَ وَبِاَمْرِهِ تَعْمَلُونَ وَاِلى سَبيلِهِ تُرْشِدُونَ وَبِقَوْلِهِ تَحْكُمُونَ ، سَعَدَ(٢) مَنْ والاكُمْ وَهَلَكَ مَنْ عاداكُمْ ، وَخابَ مَنْ جَحَدَكُمْ وَضَلَّ مَنْ فارَقَكُمْ وَفازَ مَنْ تَمَسَّكَ بِكُمْ ، وَاَمِنَ مَنْ لَجَأ اِلَيْكُمْ ، وَسَلِمَ مَنْ صَدَّقَكُمْ ، وَهُدِىَ مَنِ اعْتَصَمَ بِكُمْ ، مَنِ اتَّبَعَكُمْ فَالْجَنَّةُ مَأواهُ ، وَمَنْ خالَفَكُمْ فَالنّارُ مَثْواهُ ، وَمَنْ جَحَدَكُمْ كافِرٌ ، وَمَنْ حارَبَكُمْ مُشْرِكٌ ، وَمَنْ رَدَّ عَلَيْكُمْ(٣) في اَسْفَلِ دَرْك مِنَ الْجَحيمِ ، اَشْهَدُ اَنَّ هذا سابِقٌ لَكُمْ فيما مَضى وَجارٍ لَكُمْ فيما بَقِىَ وَاَنَّ اَرْواحَكُمْ وَنُورَكُمْ وَطينَتَكُمْ واحِدَةٌ ، طابَتْ وَطَهُرَتْ بَعْضُها مِنْ بَعْض ، خَلَقَكُمُ اللهُ اَنْواراً فَجَعَلَكُمْ بِعَرْشِهِ مُحْدِقينَ حَتّى مَنَّ عَلَيْنا بِكُمْ ، فَجَعَلَكُمْ في بُيُوت اَذِنَ اللهُ اَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فيهَا اسْمُهُ ، وَجَعَلَ صَلاَتَنا(٤) عَلَيْكُمْ وَما خَصَّنا بِهِ مِنْ وِلايَتِكُمْ طِيباً

__________________

(١) في العيون (أنتُمُ السَّبيلُ والصِّراطُ الأقْوَمُ).

(٢) في العيون (سَعَدَ واللهِ مَن والاكُمْ).

(٣) في العيون إضافة (فهُوَ).

(٤) في العيون والفقيه : (صَلَواتِنا).

٢٦

لِخَلْقِنا، وَطَهارَةً لاِنْفُسِنا وَتَزْكِيَةً(١) لَنا وَكَفّارَةً لِذُنُوبِنا فَكُنّا عِنْدَهُ مُسَلِّمينَ بِفَضْلِكُمْ وَمَعْرُوفينَ بِتَصْديقِنا اِيّاكُمْ ، فَبَلَغَ اللهُ بِكُمْ اَشْرَفَ مَحَلِّ الْمُكَرَّمينَ ، وَاَعْلى مَنازِلِ الْمُقَرَّبينَ ، وَاَرْفَعَ دَرَجاتِ الْمُرْسَلينَ ، حَيْثُ لا يَلْحَقُهُ لاحِقٌ، وَلا يَفُوقُهُ فائِقٌ وَلا يَسْبِقُهُ سابِقٌ وَلا يَطْمَعُ فى اِدْراكِهِ طامِعٌ ، حَتّى لا يَبْقى مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ، وَلا نَبِىٌّ مُرْسَلٌ ، وَلا صِدّيقٌ وَلا شَهيدٌ ، وَلا عالِمٌ وَلا جاهِلٌ ، وَلا دَنِىٌّ وَلا فاضِلٌ ، وَلا مُؤْمِنٌ صالِحٌ ، وَلا فِاجِرٌ طالِحٌ ، وَلاجَبّارٌ عَنيدٌ ، وَلا شَيْطانٌ مَريدٌ ، وَلا خَلْقٌ فيما بَيْنَ ذلِكَ شَهيدٌ اِلاّ عَرَّفَهُمْ جَلالَةَ اَمْرِكُمْ ، وَعِظَمَ خَطَرِكُمْ ، وَكِبَرَ شَأنِكُمْ وَتَمامَ نُورِكُمْ ، وَصِدْقَ مَقاعِدِكُمْ ، وَثَباتَ مَقامِكُمْ ، وَشَرَفَ مَحَلِّكُمْ وَمَنْزِلَتِكُمْ عِنْدَهُ ، وَكَرامَتَكُمْ عَلَيْهِ ، وَخاصَّتَكُمْ لَدَيْهِ ، وَقُرْبَ مَنْزِلَتِكُمْ مِنْهُ.

بِاَبى اَنْتُمْ وَاُمّى وَاَهْلى وَمالى وَاُسْرَتى ، اُشْهِدُ اللهَ وَاُشْهِدُكُمْ اَنّى مُؤْمِنٌ بِكُمْ وَبِما آمَنْتُمْ بِهِ ، كافِرٌ بَعَدُوِّكُمْ وَبِما كَفَرْتُمْ بِهِ ، مُسْتَبْصِرٌ بِشَأنِكُمْ وَبِضَلالَةِ مَنْ خالَفَكُمْ ، مُوالٍ لَكُمْ وَلاِوْلِيائِكُمْ ، مُبْغِضٌ لاِعْدائِكُمْ وَمُعادٍ لَهُمْ ، سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ ، وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ ، مُحَقِّقٌ لِما حَقَّقْتُمْ ، مُبْطِلٌ لِما اَبْطَلْتُمْ ، مُطيعٌ لَكُمْ ، عارِفٌ بِحَقِّكُمْ ، مُقِرٌّ بِفَضْلِكُمْ ـ مُحْتَمِلٌ لِعِلْمِكُمْ ـ مُحْتَجِبٌ بِذِمَّتِكُمْ ، مُعْتَرِفٌ بِكُمْ ، مُؤْمِنٌ بِاِيابِكُمْ ، مُصَدِّقٌ بِرَجْعَتِكُمْ ، مُنْتَظِرٌ لاِمْرِكُمْ ، مُرْتَقِبٌ لِدَوْلَتِكُمْ ، آخِذٌ بِقَوْلِكُمْ ، عامِلٌ بِاَمْرِكُمْ ، مُسْتَجيرٌ بِكُمْ زائِرٌ

__________________

(١) في التهذيب (وبَرَكَةً).

٢٧

لَكُمْ ، لائِذٌ عائِذٌ بِقُبُورِكُمْ(١) ، مُسْتَشْفِعٌ اِلَى اللهِ عَزَّوَجَلَّ بِكُمْ ، وَمُتَقَرِّبٌ بِكُمْ اِلَيْهِ ، وَمُقَدِّمُكُمْ اَمامَ طَلِبَتى وَحَوائِجى وَاِرادَتى فى كُلِّ اَحْوالي وَاُمُورى ، مُؤْمِنٌ بِسِرِّكُمْ وَعَلانِيَتِكُمْ وَشاهِدِكُمْ وَغائِبِكُمْ وَاَوَّلِكُمْ وَآخِرِكُمْ ، وَمُفَوِّضٌ فى ذلِكَ كُلِّهِ اِلَيْكُمْ وَمُسَلِّمٌ فيهِ مَعَكُمْ ، وَقَلْبى لَكُمْ مُسَلِّمٌ(٢) ، وَرَأيى لَكُمْ تَبَعٌ ، وَنُصْرَتى لَكُمْ مُعَدَّةٌ حَتّى يُحْيِىَ اللهُ ـ تَعالى ـ دينَهُ بِكُمْ ، وَيَرُدَّكُمْ في اَيّامِهِ ، وَيُظْهِرَكُمْ لِعَدْلِهِ، وَيُمَكِّنَكُمْ في اَرْضِهِ ، فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لا مَعَ غَيْرِكُمْ(٣) آمَنْتُ بِكُمْ وَتَوَلَّيْتُ آخِرَكُمْ بِما تَوَلَّيْتُ بِهِ اَوَّلَكُمْ ، وَبَرِئْتُ اِلَى اللهِ عَزَّوَجَلَّ مِنْ اَعْدائِكُمْ وَمِنَ الْجِبْتِ وَالطّاغُوتِ وَالشَّياطينِ وَحِزْبِهِمُ الظّالِمينَ لَكُمُ ، الْجاحِدينَ(٤) لِحَقِّكُمْ وَالْمارِقينَ مِنْ وِلايَتِكُمْ وَالْغاصِبينَ لاِرْثِكُمُ الشّاكّينَ فيكُمُ(٥) الْمُنْحَرِفينَ عَنْكُمْ(٦) وَمِنْ كُلِّ وَليجَةٍ دُونَكُمْ وَكُلِّ مُطاعٍ سِواكُمْ ، وَمِنَ الاْئِمَّةِ الَّذينَ يَدْعُونَ اِلَى النّارِ فَثَبَّتَنِىَ اللهُ اَبَداً ما حَييتُ عَلى مُوالاتِكُمْ وَمَحَبَّتِكُمْ وَدينِكُمْ ، وَوَفَّقَنى لِطاعَتِكُمْ ، وَرَزَقَنى شَفاعَتَكُمْ ، وَجَعَلَنى مِنْ خِيارِ مَواليكُمْ التّابِعينَ لِما دَعَوْتُمْ اِلَيْهِ ، وَجَعَلَنى مِمَّنْ يَقْتَصُّ آثارَكُمْ ، وَيَسْلُكُ سَبيلَكُمْ ، وَيَهْتَدي

__________________

(١) هكذا في الفقيه لكن في العيون (عائذٌ بكمُ لائذٌ بقُبورِكُم).

(٢) في بعض نسخ الفقيه (سَلْمٌ) وفي العيون (مؤمنٌ).

(٣) في العيون وبعض نسخ الفقيه (عدوِّكم).

(٤) في العيون (والجاحِدينَ).

(٥) في البحار (والشاكّينَ فيكُم).

(٦) في البحار (والمنحرفينَ عنكُم).

٢٨

بِهُداكُمْ ، وَيُحْشَرُ فى زُمْرَتِكُمْ ، وَيَكِرُّ فى رَجْعَتِكُمْ ، وَيُمَلَّكُ فى دَوْلَتِكُمْ ، وَيُشَرَّفُ فى عافِيَتِكُمْ ، وَيُمَكَّنُ فى اَيّامِكُمْ ، وَتَقِرُّ عَيْنُهُ غَداً بِرُؤْيَتِكُمْ.

بِاَبي اَنْتُمْ وَاُمّي وَنَفْسي وَاَهْلي وَمالي(١) ، مَنْ اَرادَ اللهَ بَدَأَ بِكُمْ ، وَمَنْ وَحَّدَهُ قَبِلَ عَنْكُمْ وَمَنْ قَصَدَهُ تَوَجَّهَ بِكُمْ ، مَوالِيَّ لا اُحْصي ثَناءَكُمْ وَلا اَبْلُغُ مِنَ الْمَدْحِ كُنْهَكُمْ وَمِنَ الْوَصْفِ قَدْرَكُمْ ، وَاَنْتُمْ نُورُ الاْخْيارِ وَهُداةُ الاْبْرارِ وَحُجَجُ الْجَبّارِ ، بِكُمْ فَتَحَ اللهُ وَبِكُمْ يَخْتِمُ ـ اللهُ ـ وَبِكُمْ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَبِكُمْ يُمْسِكُ السَّماءَ اَنْ تَقَعَ عَلَى الاْرْضِ اِلاّ بِاِذْنِهِ ، وَبِكُمْ يُنَفِّسُ الْهَمَّ وَيَكْشِفُ الضُّرَّ ، وَعِنْدَكُمْ ما نَزَلَتْ بِهِ رُسُلُهُ ، وَهَبَطَتْ بِهِ مَلائِكَتُهُ وَاِلى جَدِّكُمْ.

وإن كانت الزيارة لأمير المؤمنين عليه السلام فعوض (وَاِلى جَدِّكُمْ) قُل : (وَاِلى اَخيكَ).

بُعِثَ الرُّوحُ الاْمينُ ، آتاكُمُ اللهُ ما لَمْ يُؤْتِ اَحَداً مِنَ الْعالَمينَ طَأطَاَ كُلُّ شَريفٍ لِشَرَفِكُمْ ، وَنَجَعَ(٢) كُلُّ مُتَكَبِّرٍ لِطاعَتِكُمْ ، وَخَضَعَ كُلُّ جَبّارٍ لِفَضْلِكُمْ ، وَذَلَّ كُلُّ شَىْءٍ لَكُمْ ، وَاَشْرَقَتِ الاْرْضُ بِنُورِكُمْ، وَفازَ الْفائِزُونَ بِوِلايَتِكُمْ ، بِكُمْ يُسْلَكُ اِلَى الرِّضْوانِ ، وَعَلى مَنْ جَحَدَ وِلايَتَكُمْ غَضَبُ الرَّحْمنِ.

بِاَبي اَنْتُمْ وَاُمّي وَنَفسي وَاَهْلي وَمالي ، ذِكْرُكُمْ فِى الذّاكِرينَ ، وَاَسْماؤُكُمْ فِى الاْسْماءِ ، وَاَجْسادُكُمْ فِى الاْجْسادِ، وَاَرْواحُكُمْ فِى اْلاَرْواحِ ،

__________________

(١) في التهذيب إضافة (واُسّرَتي).

(٢) في العيون والفقيه (نَجَعَ) وفي التهذيب (بَخَعَ).

٢٩

وَاَنْفُسُكُمْ فِى النُّفُوسِ ، وَآثارُكُمْ فِى الاْثارِ ، وَقُبُورُكُمْ فِى الْقُبُورِ ، فَما اَحْلى اَسْمائَكُمْ ، وَاَكْرَمَ اَنْفُسَكُمْ، وَاَعْظَمَ شَأنَكُمْ ، وَاَجَلَّ خَطَرَكُمْ ، وَاَوْفى عَهْدَكُمْ ـ وَاَصْدَقَ وَعْدَكُمْ ـ(١) كَلامُكُمْ نُورٌ ، وَاَمْرُكُمْ رُشْدٌ ، وَوَصِيَّتُكُمُ التَّقْوى ، وَفِعْلُكُمُ الْخَيْرُ ، وَعادَتُكُمُ الاْحْسانُ ، وَسَجِيَّتُكُمُ الْكَرَمُ ، وَشَأنُكُمُ الْحَقُّ وَالصِّدْقُ وَالرِّفْقُ ، وَقَوْلُكُمْ حُكْمٌ وَحَتْمٌ ، وَرَأيُكُمْ عِلْمٌ وَحِلْمٌ وَحَزْمٌ ، اِنْ ذُكِرَ الْخَيْرُ كُنْتُمْ اَوَّلَهُ وَاَصْلَهُ وَفَرْعَهُ وَمَعْدِنَهُ وَمَأواهُ وَمُنْتَهاهُ.

بِاَبي اَنْتُمْ وَاُمّي وَنَفْسي(٢) كَيْفَ اَصِفُ حُسْنَ ثَنائِكُمْ ، وَاُحْصي(٣) جَميلَ بَلائِكُمْ ، وَبِكُمْ اَخْرَجَنَا اللهُ مِنَ الذُّلِّ وَفَرَّجَ عَنّا غَمَراتِ الْكُرُوبِ ، وَاَنْقَذَنا مِنْ شَفا جُرُفِ الْهَلَكاتِ وَمِنَ النّارِ.

بِاَبي اَنْتُمْ وَاُمّي وَنَفْسي بِمُوالاتِكُمْ عَلَّمَنَا اللهُ مَعالِمَ دِينِنا ، وَاَصْلَحَ ماكانَ فَسَدَ مِنْ دُنْيانا ، وَبِمُوالاتِكُمْ تَمَّتِ الْكَلِمَةُ ، وَعَظُمَتِ النِّعْمَةُ ، وَائْتَلَفَتِ الْفُرْقَةُ ، وَبِمُوالاتِكُمْ تُقْبَلُ الطّاعَةُ الْمُفْتَرَضَةُ ، وَلَكُمُ الْمَوَدَّةُ الْواجِبَةُ ، وَالدَّرَجاتُ الرَّفيعَةُ ، وَالْمَقامُ الْمحْمُودُ ، وَالْمَكانُ الْمَعْلُومُ(٤) عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ(٥) ، وَالْجاهُ الْعَظيمُ ، وَالشَّأنُ الْكَرِيمُ(٦) وَالشَّفاعَةُ الْمَقْبُولَةُ.

__________________

(١) هذا موجود في التهذيب.

(٢) في العيون إضافة (وأهلي ومالي).

(٣) في العيون (وكيف اُحصي).

(٤) في العيون (والمقامُ المحْمُود عندَ اللهِ تعالى والمكانُ المعلومُ) وفي التهذيب (والمكانُ المَحمودُ والمقامُ المعلومُ).

(٥) في العيون بدل عزّ وجلّ (تعالى).

(٦) في العيون بدل الكبير (الرَّفيعُ).

٣٠

رَبَّنا آمَنّا بِما اَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشّاهِدينَ رَبَّنا لا تُزِ غْ قُلُوبَنا بَعْدَ اِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً اِنَّكَ اَنْتَ الْوَهّابُ، سُبْحانَ رَبِّنا اِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً.

يا وَلِىَّ اللهِ اِنَّ بَيْنى وَبيْنَ اللهِ عَزَّوَجَلَّ ذُنُوباً لا يَأتى عَلَيْها اِلاّ رِضاكُمْ ، فَبِحَقِّ مَنِ ائْتَمَنَكُمْ عَلى سِرِّهِ وَاسْتَرْعاكُمْ اَمْرَ خَلْقِهِ وَقَرَنَ طاعَتَكُمْ بِطاعَتِهِ ، لَمَّا اسْتَوْهَبْتُمْ ذُنُوبى وَكُنْتُمْ شُفَعائى ، فَاِنّي لَكُمْ مُطيعٌ ، مَنْ اَطاعَكُمْ فَقَدْ اَطاعَ اللهَ ، وَمَنْ عَصاكُمْ فَقَدْ عَصَى اللهَ ، وَمَنْ اَحَبَّكُمْ فَقَدْ اَحَبَّ اللهَ ، وَمَنْ اَبْغَضَكُمْ فَقَدْ اَبْغَضَ اللهَ.

اَللّهُمَّ اِنّى لَوْ وَجَدْتُ شُفَعاءَ اَقْرَبَ اِلَيْكَ مِنْ مُحَمِّدٍ وَاَهْلِ بَيْتِهِ الاْخْيارِ الاْئِمَّةِ الاْبْرارِ لَجَعَلْتُهُمْ شُفَعائي ، فَبِحَقِّهِمُ الَّذى اَوْجَبْتَ لَهُمْ عَلَيْكَ اَسْاَلُكَ اَنْ تُدْخِلَنى فى جُمْلَةِ الْعارِفينَ بِهِمْ وَبِحَقِّهِمْ ، وَفى زُمْرَةِ الْمَرْحُومينَ بِشَفاعَتِهِمْ ، اِنَّكَ اَرْحَمُ الرّاحِمينَ ، وَصَلَّى اللهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطّاهِرينَ وَسَلَّمَ تَسْليماً كَثيراً ، وَحَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكيلُ(١) .

__________________

(١) هكذا في الفقيه ، لكن في العيون (وصلّى اللهُ على محمّدٍ وآلِه حسبُنا اللهُ ونعمَ الوكيل).

٣١
٣٢

شرح الزيارة الجامعة

الفصل الأوّل

اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ (١)

____________________________________

(١) ـ السلام نوع من التحيّة ، بل هو تحيّة أهل الجنّة ، قال تعالى( وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ) :(١) .

ومعنى السلام اختلف فيه على وجوه تالية :

فذكر أنّه دعاء بمعنى سَلُمْتَ عن المكاره.

وقيل : أنّ المقصود به معناه ، أي السلامة عليكم

وقيل : يُراد من السلام اسم الله تعالى فالمعنى اسم الله عليكم ؛ يعني أنت في حفظه وأمانه ببركة إسمه ، نظير أن يقال : الله معك ، وخاصّية هذا الإسم الشريف الرحمة والسلامة ، فيكون حاصل المعنى : إنّ رحمة الله وسلامته علكم أهل البيت.

ولعلّ الأنسب هو المعنى الأخير يعني تفسيره : «باسم الله تعالى» أي اسم الله عليكم ، ويتمّمه آخر الفصل يعني ورحمة الله وبركاته.

أفاد السيّد شبّر قدس سره(٢) : أنّه اختار الشارع لفظ السلام وجعله تحيّة الإسلام لما

__________________

(١) سورة إبراهيم : الآية ٢٣.

(٢) الأنوار اللامعة : ص ٣٩.

٣٣

.........................................

____________________________________

فيه من المعاني الجامعة ، أو لأنّه مطابق لإسم الله تيمّناً وتبرّكاً ، ويجري هذا المعنى في التسليمات الآتية أيضاً.

واعلم أنّه يجوز الإتيان بالسلام منكّراً ومعرّفاً ، تبعاً للكتاب الكريم في قوله تعالى :( وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ ) (١) وقوله سبحانه :( وَالسَّلَامُ عَلَىٰ مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَىٰ ) (٢) ولعلّ المعرّف أزين لفظاً وأبلغ معنىً.

__________________

(١) سورة النمل : الآية ٥٩.

(٢) سورة طه : الآية ٤٧.

٣٤

يا اَهْلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ (١)

____________________________________

(١) ـ أهل بيت النبي هم الأئمّة الطاهرون وفاطمة الزهراء سيّدة النساة عليهم السلام ، كما يستفاد من حديث الإجتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام الوارد في تفسير قوله تعالى :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا )(١) جاء في هذا الحديث : «فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله كساءً خيبريّاً ، فضمّني فيه وفاطمة والحسن والحسين. ثمّ قال : يا ربّ إنّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً»(٢) ـ(٣) .

وروى الصدوق قدس سره أنّه سُئل الصادق عليه السلام مَن آل محمّد؟

فقال : ذرّيته.

فقيل : ومَن أهل بيته؟

قال : الأئمّة.

قيل : ومَن عترته؟

قال : أصحاب العباء.

قيل : فمن اُمّته؟

قال : المؤمنون(٤) .

والنبوّة في الأصل : أمّا مأخوذة من مادّة (نبا) أي إرتفع ، ويُسمّى النبي نبيّاً لإرتفاعه وشرفه على سائر الخلق.

__________________

(١) سورة الأحزاب : الآية ٣٣.

(٢) تفسير البرهان : ج ٢ ص ٨٤٤.

(٣) وتلاحظ نزول هذه الآية في رسول الله وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وبنيه التسعة الأئمّة عليهم السلام من طريق الخاصّة في أربعة وثلاثين حديثاً ، ومن طريق العامّة في أحد وأربعين حديثاً جاءت في غاية المرام : ص ٢٨٧ ب ١٩٢.

(٤) معاني الأخبار : ص ٩٤ ح ٣.

٣٥

.........................................

____________________________________

أو مأخوذة من مادّة (النبأ) بالهمزة ، بمعنى الخبر ، فيكون النبي بمعنى المنبئ ، وهو المخبر عن الله تعالى بغير وساطة بشر بينه وبين الله تعالى ، أعمّ من أن يكون له شريعة كنبيّنا صلى الله عليه وآله ، أو ليس له شريعة كيحيى سلام الله عليه(١) .

ويمكن إجتماع كلا المعنيين في النبي كما تلاحظه في رسول الله صلى الله عليه وآله.

وتلاحظ الفرق بين الرسول والنبي في حديث زرارة قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزّ وجلّ :( وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا ) (٢) ما الرسول وما النبي؟

قال : النبي الذي يرى في منامه ويسمع الصوت ولا يعاين الملك ، والرسول الذي يسمع الصوت ويرى في المنام ويعاين الملك.

قلت : الإمام ما منزلته؟

قال : يسمع الصوت ولا يرى ولا يعاين الملك(٣) .

__________________

(١) مجمع البحرين : ص ٨٦ ، مادّة نبا.

(٢) سورة مريم : الآية ٥١.

(٣) الكافي : ج ١ ص ١٧٦ ح ١.

٣٦

وَمَوْضِعَ الرِّسالَةِ (١)

____________________________________

(١) ـ أي محلّ أسرار أنبياء الله عزّ إسمه ، ومخزن علوم جميع رسل الله تعالى شأنه ، فإنّهم صلوات الله عليهم حملة علوم الرسل خصوصاً علم رسول الله صلى الله عليه وآله كما تلاحظه في حديث سليم بن قيس الهلالي قال : قلت لأمير المؤمنين عليه السلام : إنّي سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذرّ شيئاً من تفسير القرآن وأحاديث عن نبي الله صلى الله عليه وآله غير ما في أيدي الناس ، ثمّ سمعت منك تصديق ما سمعت منهم ، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبي الله صلى الله عليه وآله أنتم تخالفونهم فيها ، وتزعمون أنّ ذلك كلّ باطل اَفَترى الناس يكِّبون على رسول الله صلى الله عليه وآله متعمّدين ، ويفسّرون القرآن بآرائهم؟

قال : فأقبل عليَّ فقال : قد سألت فافهم الجواب : إنّ في أيدي الناس حقّاً وباطلاً ، وصدقاً وكذباً ، وناسخاً ومنسوخاً ، وعامّاً وخاصّاً ، ومحكماً ومتشابهاً ، وحفظاً ووهماً ، وقد كُذب على رسول الله صلى الله عليه وآله على عهده حتّى قام خطيباً فقال : وحفظاً ووهماً ، وقد كُذب على رسول الله صلى الله عليه وآله على عهده حتّى قام خطيباً فقال : «أيّها الناس قد كثرت عليَّ الكذّابة فمن كذب عليَّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار» ، ثمّ كُذب عليه من بعده ، وإنّما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس :

رجل منافق يظهر الإيمان ، متصنّع(١) بالإسلام لا يتأثّم ولا يتحرّج أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله متعمّداً ، فلو علم الناس أنّه منافق كذّاب ، لم يقبلوا منه ولم يصدّقوه ، ولكنّهم قالوا : هذا قد صحب رسول الله صلى الله عليه وآله ورآه وسمع منه ، وأخذوا عنه وهم لا يعرفون حاله ، وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره ووصفهم بما وصفهم فقال عزّ وجلّ :( وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ) (٢) .

__________________

(١) متصنّع بالإسلام اي متكلّف له ومتدلّس به.

(٢) سورة المنافقون : الآية ٤.

٣٧

.........................................

____________________________________

ثمّ بقوا بعده فتقرّبوا إلى أئمّة الضلالة والدُّعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان فولّوهم الأعمال ، وحمّلوهم على رقاب الناس ، وأكلوا بهم الدنيا ، وإنّما الناس مع الملوك والدنيا إلاّ من عصم الله ، فهذا أحد الأربعة.

ورجل سمع من رسول الله شيئاً لم يحمله على وجهه ووهِمَ فيه ولم يتعمّد كذباً فهو في يده ، يقول به ويعمل به ويرويه فيقول : أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله فلو علم المسلمون أنّه وَهِمَ لم يقبلوه ولو علم هو أنّه وَهِمَ لرفضه.

ورجل ثالث سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله شيئاً أمر به ثمّ نهى عنه وهو لا يعلم ، أو سمعه ينهى عن شيء ثمّ أمر به وهو لا يعلم ، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ ، ولو علم أنّه منسوخ لرفضه ، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنّه منسوخ لرفضوه.

وآخر رابع لم يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله ، مبغض للكذب خوفاً من الله وتعظيماً لرسول الله صلى الله عليه وآله ، لم ينسه ، بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به كما سمع لم يزد فيه ولم ينقص منه ، وعلم الناسخ من المنسوخ ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ ، فإنّ أمر النبي صلى الله عليه وآله مثل القرآن ناسخ ومنسوخ وخاصّ وعام ومحكم ومتشابه قد كان يكون من رسول الله ة الكلام له وجهان : كلام عام وكلام خاصّ مثل القرآن وقال الله عزّ وجلّ في كتابه :( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) (١) فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنى الله به ورسوله صلى الله عليه وآله وليس كلّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله كان يسأله عن الشيء فيفهم وكان منهم من يسأله ولا يستفهمه حتّى أن كانوا ليحبّون أن يجيء الأعرابي والطاري فيسأل رسول الله صلى الله عليه وآله حتّى يسمعوا.

__________________

(١) سورة الحشر : الآية ٧.

٣٨

.........................................

____________________________________

وقد كنت أدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله كلّ يوم دخلةً وكلّ ليلة دخلةً فيخلّيني فيها أدور معه حيث دار وقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري ، فربما كان في بيتي يأتيني رسول الله صلى الله عليه وآله أكثر من ذلك في بيتي وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني وأقام عنّي نسائه فلا يبقى عنده غيري وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عنّي فاطمة ولا أحدٌ من بنيّ ، وكنت إذا سالته أجابني وإذا سكتُّ عنه وفُنِيَت مسائلي ابتدأني ، فما نَزَلت على رسول الله صلى الله عليه وآله آية من القرآن إلاّ أقرأنيها وأملأها عليَّ فكتبتها بخطّي وعلّمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها ، ومحكمها ومتشابهها ، وخاصّها وعامّها ، ودعا الله أن يعطيني فهمها وحفظها ، فما نسيت آية من كتاب الله ولا علماً أملأه عليَّ وكتبته منذ دعا الله لي بما دعا ، وما ترك شيئاً علّمه الله من حلال وحرام ، ولا أمر ولا نهي كان أو يكون ولا كتاب منزلٍ على أحد قبله من طاعة أو معصية إلاّ علّمنيه وحفظته ، فلم أنس حرفاً واحداً ، ثمّ وضع يده على صدري ودعا الله لي أن يملأ قلبي علماً وفهماً وحكماً ونوراً فقلت : يانبيّ الله بأبي أنت واُمّي منذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئاً ولم يفُتني شيء لم أكتبه ، أفتتخوّف عليَّ النسيان فيما بعد؟

فقال : لا لست أتخوّف عليك النسيان والجهل(١) .

__________________

(١) الكافي : ج ١ ص ٦٢ ح ١.

٣٩

وَمُخْتَلَفَ الْمَلائِكَةِ (١)

____________________________________

(١) ـ أي محلّ إختلاف الملائكة ، يعني تردّدهم ونزولهم وعروجهم للخدمة ، أو لإكتساب العلوم الإلهية والمعارف الربّانية والأسرار الملكوتية ، أو للتبرّك بهم والتشرّف بصحبتهم والتحظّي بزيارتهم ، أو لكون الملائكة تنزل عليهم وتحدّثهم وتخبرهم من جانب الله ، إذ الأئمّة محدَّثون وهم وسائط معرفة الله تعالى : ومعرفة الملائكة لله تعالى بواسطتهم ، أو نزولهم لمهام ليلة القدر في بيان الاُمور وتنفيذ المقادير كما تلاحظ ذلك في مثل :

١ ـ حديث ابي الصباح الكناني عن أبي جعفر عليه السلام قال : سمعته يقول : «والله إنّ في السماء لسبعين صفّاً من الملائكة ، لو إجتمع أهل الأرض كلّهم يحصون عدد كلّ صفّ منهم ما أحصوهم وأنّهم ليدينون بولايتنا»(١) .

٢ ـ مسمع كردين البصري قال : كنت لا أزيد على أكلة بالليل والنهار ، فربما استأذنت على أبي عبد الله عليه السلام وأجد المائدة قد رفعت لعلّي لا أراها بين يديه (أي أتعمّد الإستئذان عليه بعد رفع المائدة لئلاّ يُلزمني عليه السلام الأكل) ، فإذا دخلت دعا بها فاُصيب معه من الطعام ولا أتأذّى بذلك ، وإذا عقّبت بالطعام عند غيره لم أقدر على أن أقرّ ولم أنم من النفخة ، فشكوت ذلك إليه ، وأخبرته بأنّي إذا أكلت عنده لم أتأذّ به ، فقال : «يا أبا سيّار! إنّك تأكل طعام قوم صالحين ، تصافحهم الملائكة على فرشهم».

قال : قلت : ويظهرون لكم؟

قال : «فمسح يده على بعض صبيانه ، فقال : هم ألطف بصبياننا منّا بهم»(٢) .

٣ ـ أبو حمزة الثمالي قال : دخلت على علي بن الحسين عليهما السلام فاحتبست في

__________________

(١) الكافي : ج ١ ص ٤٣٧ ح ٥.

(٢) الكافي : ج ١ ص ٣٩٣ ح ١.

٤٠

.........................................

____________________________________

الدار ساعة ، ثمّ دخلت البيت وهو يلتقط شيئاً وأدخل يده من وراء الستر فناوله من كان في البيت. فقلت : جعلت فداك هذا الذي أراك تلتقطه أيّ شيء هو؟

فقال : «فضلة من زَغَب(١) الملائكة نجمعه إذا خلونا ، نجعله سيحاً(٢) لأولادنا».

فقلت : جعلت فداك وإنّهم ليأتونكم؟

فقال : «يا أبا حمزة إنّهم ليزاحمونا على تكأتنا»(٣) .

٤ ـ علي بن أبي حمزة ، عن أبي الحسن عليه السلام قال : سمعته يقول : «ما من ملك يهبطه الله في أمر ، ما يهبطه إلاّ بدأ بالإمام فعرض ذلك عليه ، وإنّ مختلف الملائكة من عند الله تبارك وتعالى إلى صاحب هذا الأمر»(٤) .

٥ ـ حبيب بن مظاهر الأسدي أنّه قال للحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام : أيّ شيء كنتم قبل أن يخلق الله آدم عليه السلام؟ قال : «كنّا اشباح نور ندور حول عرش الرحمن ، فنعلّم الملائكة ، التسبيح والتهليل والتحميد»(٥) .

٦ ـ عبد الله بن عجلان السكوني قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : بيت علي وفاطمة من حجرة رسول الله صلوات الله عليهم ، وسقف بيتهم عرش ربّ العالمين وفي قعر بيوتهم فُرجة مكشوطة إلى العرش ، معراج الوحي والملائكة تنزل عليهم بالوحي صباحاً ومساءً ، وفي كلّ ساعة وطرفة عين ، والملائكة لا ينقطع فوجهم ، فوج ينزل وفوج يصعد.

وإنّ الله تبارك وتعالى كشط لإبراهيم عليه السلام عن السماوات حتّى أبصر العرش وزاد

__________________

(١) الزغب بفتحتين : صغار الريش وليّنه أوّل ما ينبت.

(٢) جاء في هامش الكافي إنّه بالياء ضرب من البرود ، أو بالباء بمعنى السبحة.

(٣) الكافي : ج ١ ص ٣٩٤ ح ٣.

(٤) الكافي : ج ١ ص ٣٩٤ ح ٤.

(٥) بحار الأنوار : ج ٦٠ ص ٣١١ ب ٤٠ الحديث.

٤١

.........................................

____________________________________

الله في قوّة ناظره.

وإنّ الله زاد في قوّة ناظرة محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم وكانوا يبصرون العرش(١) ولايجدون لبيوتهم سقفاً غير العرش ، فبيوتهم مسقّفة بعرش الرحمن ، ومعارج معراج الملائكة والروح فوج بعد فوج لا إنقطاع لهم ، وما من بيت من بيوت الأئمّة منّا إلاّ وفيه معراج الملائكة لقول الله :( تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) (٢) .

قال : قلت : من كلّ أمر؟

قال : بكلّ أمر.

قلت : هذا التنزيل؟

قال : نعم(٣) .

__________________

(١) أي يبصرون ملكوت السماوات والأرض ، أو يدركون علوم الله تعالى ومعارفه وآياته كما أفاده في حاشية البحار.

(٢) سورة القدر : الآية ٤ و ٥.

(٣) بحار الأنوار : ج ٢٥ ص ٩٧ ب ح ٧١.

٤٢

وَمَهْبِطَ الْوَحْيِ (١)

____________________________________

(١) ـ المهبِط بكسر الباء على وزن مسجد بمعنى محلّ الهبوط والنزول ، أي محلّ نزول الوحي وهبوطه.

وفسّر الوحي في اللغة بأنّه هو كلّ ما ألقيته إلى غيرك بإشارة أو كتابة أو رسالة أو إلهام أو خفيّ كلام(١) .

وذكر في المرآة(٢) : مجيء الوحي بمعنى الإلهام في مثل قوله تعالى :( وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ ) (٣) واستقصى في المفردات(٤) معاني الوحي أنّه قد يكون بالإلهام كما في قوله تعالى :( وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ ) (٥) أو بمنام كما في قوله تعالى :( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ ) (٦) أو بتسخير كما في قوله تعالى :( وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ ) (٧) أو برسول كما في تبليغ جبرئيل النبي صلى الله عليه وآله ، أو سماع كلام من معاينة كسماع موسى كلام الله تعالى.

والذي يفضي إليه التحقيق ويناسب آي الكتاب الكريم هو ما جاء في السفينة(٨) ما حاصله : أنّ وحيه تعالى منحصر في الإلهام والإلقاء في المنام ، وخلق الصوت ، وإرسال الملك.

فينتج «إنّ ما جاء من الله تعالى بالإلهام أو المنام أو الصوت أو الملك لأي شخص خصوصاً إذا كان رسولاً يكون وحياً».

وأهل البيت عليهم السلام مهبط هذا الوحي الإلهي.

إمّا باعتبار نزول الوحي على سيّدهم الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله كما تلاحظه في

__________________

(١) مجمع البحرين : ص ٩١.

(٢) مرآة الأنوار : ص ٢٢٢.

(٣) سورة المائدة : الآية ١١١.

(٤) مفردات الراغب : ص ٥١٥.

(٥) سورة القصص : الآية ٧.

(٦) سورة الأنبياء : الآية ٢٥.

(٧) سورة النحل : الآية ٦٨.

(٨) سفينة البحار : ج ٨ ص ٤٢٠.

٤٣

.........................................

____________________________________

حديث الحكم بن عتيبة قال : لقي رجل الحسين بن علي عليهما السلام بالثعلبية وهو يريد كربلاء ، فدخل عليه فسلّم عليه.

فقال له الحسين عليه السلام : من أي البلاد أنت؟

قال : من أهل الكوفة.

قال : أما والله يا أخا أهل الكوفة ، لو لقيتك بالمدينة لأريتك أثر جبرئيل عليه السلام من دارنا ونزوله بالوحي على جدّي ، يا أخا أهل الكوفة أفمستقى الناس العلم من عندنا ، فعلموا وجهلنا؟! هذا ما لا يكون(١) .

أو باعتبار نزول الوحي عليهم أيضاً بالمعنى الأعمّ في ليلة القدر كما تلاحظه في حديث الحسن بن العبّاس ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال الله عزّوجلّ في ليلة القدر :( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) (٢) . يقول : ينزل فيها كلّ أمر حكيم ، والمحكم ليس بشيئين ، إنّما هو شيء واحد فمن حكم بما ليس فيه اختلاف فحكمه من حكم الله عزّ وجلّ ، ومن حكم بأمر فيه اختلاف فرأى أنّه مصيب فقد حكم بحكم الطاغوت.

إنّه لينزل في ليلة القدر إلى وليّ الأمر تفسير الاُمور سنة سنة ، يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا ، وفي أمر الناس بكذا وكذا.

وإنّه ليحدث لوليّ الأمر سوى ذلك كلّ يوم علم الله عزّ وجلّ الخاصّ والمكنون العجيب المخزون مثل ما ينزل في تلك الليلة من الأمر ، ثمّ قرأ :( وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ

__________________

(١) الكافي : ج ١ ص ٣٩٨ ح ٢.

(٢) سورة الدخان : الآية ٤.

٤٤

.........................................

____________________________________

اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (١) ـ(٢) .

ويضاف إلى ذلك أحاديث تفسير سورة القدر(٣) وأحاديث تفسير(٤) آية( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ) (٥) . وحديث عبد الله بن عجلان السكوني المتقدّم(٦) .

__________________

(١) سورة لقمان : الآية ٢٧.

(٢) الكافي : ج ١ ص ٢٤٨ ح ٣.

(٣) تفسير الكنز : ج ١٤ ص ٣٥٩.

(٤) تفسير الكنز : ج ١٢ ص ٤٦٩.

(٥) سورة النجم : الآية ٣ ـ ٤.

(٦) بحار الأنوار : ج ٢٥ ص ٩٧ ب ٣ ح ٧١.

٤٥

وَمَعْدِنَ الرَّحْمَةِ (١)

____________________________________

(١) ـ المعدِن بكسر الدال في الأصل بمعنى محلّ إستقرار الجواهر وإفاضتها كما في اللغة.

والرحمة هي الإحسان والإنعام والإفضال على الغير(١) .

ومعدنية أهل البيت عليهم السلام للرحمة الإلهية تكون لوجوه :

(الف) : لأجل أنّهم مظاهر رحمة الله على الخلق ، والشفقة على الرعيّة ، وقد بلغت رحمتهم الغاية والنهاية ، فكانوا معادن الرحمة. وقد بعث جدّهم رحمةً للعالمين وهم ورثته واُرومته ، قال عزّ إسمه :( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) (٢) وقد وصفه الله تعالى بقوله :( بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) (٣) .

وقد بُعث لإسعاد الخلق وصلاح معاشهم ومعادهم هو وأهل بيته عليهم السلام كما تلاحظه في تفسير قوله تعالى( رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) (٤) .

وتلاحظ رحمتهم وشفقتهم بوضوح في سيرتهم الشريفة.

(ب) : لأجل إنّ الرحمة الربّانية الخاصّة والعامّة في هذا الكون حتّى الأمطار والأرزاق إنّما تنزل بسببهم وواسطتهم وبركتهم ويمنهم وفيض وجودهم كما يدلّ عليه حديث الكساء الشريف(٥) الذي ورد فيه : «فقال الله عزّ وجلّ : يا ملائكتي

__________________

(١) المفردات : ص ١٩١.

(٢) سورة الأنبياء : الآية ١٠٧.

(٣) سورة التوبة : الآية ١٢٨.

(٤) تفسير الكنز : ج ٨ ص ٤٨٤.

(٥) بسنده التامّ ومتنه الشريف الوارد في العوالم : ج ١١ قسم ٢ ص ٩٣٣.

علماً بأنّ السند مشتمل على أعاظم علماءنا وأكابر فقهاءنا فهو هكذا :

قال الشيخ عبد الله البحراني صاحب العوالم : رأيت بخطّ الشيخ الجليل البحراني عن شيخه الجليل السيّد ماجد البحراني ، عن الشيخ الحسن بن زين الدين الشهيد الثاني ، عن شيخه المقدّس الأردبيلي ، عن شيخه علي بن عبد العالي الكركي ، عن الشيخ علي بن هلال الجزائري ، عن الشيخ أحمد بن فهد

٤٦

.........................................

____________________________________

ويا سكّان سماواتي إنّي ما خلقت سماءً مبنيّة ولا أرضاً مدحية ولا قمراً منيراً ولا شمساً مضيئة ولا فلكاً يدور ولا بحراً يجري ولا فلكاً يسري إلاّ في محبّة هؤلاء الخمسة الذين هم تحت الكساء ...».

ويُرشد إليه أيضاً الحديث الشريف المروي عن أمير المؤمنين عليه السلام عن كلام ربّ العزّة مخاطباً رسوله الكريم : «وعزّتي وجلالي لولاك ما خلقت الأفلاك ...»(١) .

__________________

الحلّي ، عن الشيخ علي بن الخازن الحائري ، عن الشيخ ضياء الدين علي بن الشهيد الأول ، عن أبيه ، عن فخر المحقّقين ، عن شيخه ووالده العلاّمة الحلّي ، عن شيخه المحقّق ، عن شيخه ابن نما الحلّي ، عن شيخه محمّد بن إدريس الحلّي، عن ابن حمزة الطوسي صاحب ثاقب المناقب ، عن الشيخ الجليل محمّد ابن شهر آشوب ، عن الطبرسي صاحب الاحتجاج ، عن شيخه الجليل الحسن بن محمّد بن الحسن الطوسي ، عن أبيه شيخ الطائفة الحقّة ، عن شيخه المفيد ، عن شيخه ابن قولويه القمّي ، عن شيخه الكليني ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه إبراهيم بن هاشم ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي ، عن قاسم بن يحيى الجلاء الكوفي ، عن أبي بصير ، عن أبان بن تغلب ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن جابر ابن عبد الله الأنصاري رحمة الله عليهم أجمعين أنّه قال : سمعت فاطمة الزهراء عليها سلام الله إلخ.

هذا وقد جاء هذا السند والمتن للحديث الشريف في هامش إحقاق الحقّ أيضاً : ج ٢ ص ٥٥٤ ثمّ أفاد أنّ ممّن نقل المتن العلاّمة الجليل الثقة الثبت الشيخ الطريحي في المنتخب ، وكذا العلاّمة الجليل الديلمي صاحب الإرشاد في الغرر والدرر.

(١) بحار الأنوار : ج ١٥ ص ٢٨ ب ١ ح ٤٨ وقد حكى الحديث الشريف عن كتابه الجنّة العاصمة في تاريخ فاطمة عليها السلام : ص ١٤٨ للسيّد مير جهاني ، نقلاً عن مخطوطة (كشف اللئالي) لابن العرندس الحلّي الذي هو من علماء وشعراء القرن التاسع الهجري كما تلاحظ ترجمته في كتاب الغدير : ج ٧ ص ١٣.

٤٧

.........................................

____________________________________

ويدلّ على هذا المعنى أيضاً حديث مروان بن صباح قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : «إنّ الله خلقنا فأحسن صورنا وجعلنا عينه في عباده ولسانه الناطق في خلقه ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة ووجهه الذي يؤتى منه وبابه الذي يدلّ عليه وخزّانه في سمائه وأرضه ، بنا أثمرت الأشجار وأينعت الثمار ، وجرت الأنهار ، وبنا ينزل غيث السماء وينبت عُشب الأرض ، وبعبادتنا عُبد الله ولو لا نحن ما عبد الله»(١) .

وفي الزيارة الحسينية الشريفة المروية عن الإمام الصادق عليه السلام بسند صحيح : «بكم تنبت الأرض أشجارها ، وبكم تخرج الأرض ثمارها ، وبكم تنزل السماء قطرها ورزقها ، وبكم يكشف الله الكرب ، وبكم ينزّل الله الغيث ، وبكم تسبّح الأرض التي تحمل أبدانكم وتستقرّ جبالها عن [على] مراسيها»(٢) .

(ج) : لأجل أنّهم لو لم يكونوا على الأرض لساخت وإنخسفت الأرض بأهلها ، وماجت كما تموج البحار كما ورد في حديث أبي حمزة قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام :

__________________

وجاء الحديث الشريف في العوالم : ج ٧ قسم ١ ص ٣٥٠ ، وعلل الشرائع : ج ١ ص ١٧٣.

واعلم أنّه لا إشكال في دخول لو لا في هذا الحديث على الضمير كما توهّمه بعض المغرضين ، بل هو صحيح لغةً كما نصّ عليه في المعجم الوسيط : ج ٢ ص ١٤٧ بل يدلّ على فصاحته مضافاً إلى صحّته الإستعمال القرآني في قوله عزّ إسمه في سورة سبأ : الآية ٣١( يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ ) .

وفي الجنّة العاصمة بسند آخر «يا أحمد لو لاك لما خلقت الأفلاك ، ولو لا علي لما خلقتك ، ولو لا فاطمة لما خلقتكما ...».

(١) الكافي : ج ١ ص ١٤٤ ح ٥.

(٢) الكافي : ج ٤ ص ٥٧٥ ح ٢ ، والفقيه : ج ٢ ص ٥٩٦ ب ٢ ح ٣١٩٩ ، والتهذيب : ج ٦ ص ٥٥ ب ١٦ ح ١.

٤٨

.........................................

____________________________________

أتبقي الأرض بغير إمام؟

قال : «لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت»(١) .

وحديث محمّد بن الفضيل ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : قلت له : أتبقى الأرض بغير إمام؟

قال : لا.

قلت : فإنّا نروي عن أبي عبد الله عليه السلام أنّها لا تبقى بغير إمام إلاّ أن يسخط الله تعالى على أهل الأرض أو على العباد.

فقال : لا ، لا تبقى ، إذاً لساخت(٢) .

وحديث أبي هراشه ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «لو أنّ الإمام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها ، كما يموج البحر بأهل»(٣) .

__________________

(١) الكافي : ج ١ ص ١٧٩ ح ١٠.

(٢) الكافي : ج ١ ص ١٧٩ ح ١١.

(٣) الكافي : ج ١ ص ١٧٨ ح ١٢.

٤٩

وَخُزّانَ الْعِلْمِ (١)

____________________________________

(١) ـ الخزّان والخزنة : جمع خازن مأخوذ من الخَزن بسكون الزاء ، وهو حفظ الشيء في الخزانة.

وأهل البيت عليهم السلام خزنة العلم وحفظة العلوم الإلهية ، والأسرار الربّانية ، والمعارف الحقيقية ، وما جرى على ألسنة الأنبياء عليهم السلام ، وما إشتملت عليه الكتب المقدّسة ، وما أفاضه الله على جدّهم الأكرم صلى الله عليه وآله من علم ما كان ، وما يكون ، وما هو كائن إلى يوم القيامة ، وما ينزل في ليلة القدر

جميع ذلك مخزون محفوظ عندهم سلام الله عليهم ، فهم حملة علم الله وعيبة وحيه وهم الراسخون في العلم ، والذين آتاهم الله العلم من لدنه ، فعلمهم حضوري لدُنّي وليس بإكتسابي أو تحصيلي ، وهو موهوب لهم من الله العلاّم وليس بتعلّم من الأنام.

وقد نطق الكتاب العزيز في عدّة آيات شريفة بعلمهم الحضوري كما إستدلّ به الشيخ المظفّر قدس سره(١) منها :

١ ـ قوله تعالى :( وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) (٢) المفسّر بهم سلام الله عليهم كما تلاحظه في حديث عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : «الراسخون في العلم أمير المؤمنين والأئمّة من بعده عليهم السلام»(٣) .

والرسوخ في العلم بمعنى الثبوت فيه والتمكّن منه ، والراسخ في العلم هو المتمكّن فيه ، والذي لا تعرض شبهة له.

فيلزم أن يكونوا عارفين به حتّى يرسخوا فيه ، إذ كيف يرسخون فيما لا يعرفون

__________________

(١) علم الإمام : ص ٢٧.

(٢) سورة آل عمران : الآية ٧.

(٣) الكافي : ج ١ ص ٢١٣ باب إنّ الراسخين في العلم هم الأئمّة عليهم السلام ح ٣ وفيه أحاديث ثلاثة.

٥٠

.........................................

____________________________________

أو فيما يلزم عليهم أن يتعلّمونه من تأويل الآيات ، فرسوخهم يقتضي حضور العلم عندهم.

٢ ـ قوله تعالى :( بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) (١) فقد فسّر بهم عليهم السلام في حديث هارون بم حمزة ، عن ابي عبد الله عليه السلام قال : سمعته يقول :( بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) قال : «هم الأئمّة عليهم السلام خاصّة»(٢) .

ولو لم يكن علمهم حاضراً لما صدق عليهم أنّهم اُوتوا العلم ، وكيف يكون ثابتاً في صدورهم لو لم يعلموا من لدن حكيم خبير.

٣ ـ قوله تعالى :( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ ) (٣) فقد دلّت هذه الآية المباركة على أنّ النبي صلى الله عليه وآله لا ينطق إلاّ عن الوحي ، وتعليم من الله عزّ وجلّ ، من دون أن يذكر لذلك التعليم حدّاً وللوحي قيداً علماً بأنّ حديث أهل البيت عليهم السلام حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وينتهي إلى الله عزّ وجلّ كما صرّحت به الأحاديث العديدة منها :

حديث هشام بن سالم وحمّاد بن عثمان وغيره قالوا : سمعنا أبا عبد الله عليه السلام يقول : «حديثي حديث أبي ، وحديث أبي حديث جدّي ، وحديث جدّي حديث الحسين ، وحديث الحسين حديث الحسن , وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين ، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله ، وحديث رسول الله صلى الله عليه وآله قول الله عزّ وجلّ»(٤) .

هذا كتاباً ، وأمّا سنّةً فقد ثبتت حضورية علمهم بالأدلّة القطعيّة المتظافرة المبيّنة

__________________

(١) سورة العنكبوت : الآية ٤٩.

(٢) الكافي : ج ١ ص ٢١٤ ، باب إنّ الأئمّة قد اُوتوا العلم وأثبت في صدورهم ح ٤ وفيه خمس أحاديث.

(٣) سورة النجم : الآيات ٣ ـ ٥.

(٤) الكافي : ج ١ ص ٥٣ ح ١٤.

٥١

.........................................

____________________________________

أنّ الأئمّة المعصومين ورثوا علم الكتاب وعلم النبي وعلم جميع الأنبياء وأوصيائهم ، وأنّهم خزّان العلوم وحفظة المعارف ومعادن الحقائق ، فهم كالرسول في مستسقى العلم وبمرتبته في منار الوحي.

وتلاحظ أبواب علومهم ، ومصادر معارفهم ، ووجوه معالمهم في أحاديثنا المتواترة الشريفة ، وأدلّة بيان أنّهم يعلمون ما كان وما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة ، وتعليم أبواب العلم لهم حتّى ينفتح من كلّ باب الف الف باب ، وإنّ عندهم كتاب علي عليه السلام ومصحف فاطمة (سلام الله عليها) ، والجفر الأبيض والجفر الأحمر ، والجامعة التي تحتوي على كلّ شيء وما يحتاج إلىه الخلق إلى يوم القيامة ، وعندهم على المنايا والبلايا والأنساب وفصل الخطاب والمواليد ، وأمامهم عمود النور الذي يرون فيه جميع الأعمال في جميع البلاد.

وعندهم كتب الأنبياء وصحفهم وذخائر علمهم كألواح موسى ، وتابوت بني إسرائيل الذي فيه الحكمة والعلم ؛ وأنّه يُنقر في أسماعهم ، ويُبيّن لهم في آذانهم ، وينكت في قلوبهم ، وأنّهم محدَّثون مفهّمون ويعلمون كلّ ما يشاؤون بإذن الله حتّى العلوم المكنونة المخزونة.

ويضاف إلى ذلك علمهم في ليلة القدر وليلة الجمعة ، وفي كلّ يوم وليلة ويعلمون متى يموتون ولا يخفى عليهم ذلك ولكن يخيّرون من قبل الله تعالى فيختارون لقائه(١) .

وعلى الجملة فهم خزّان علم الله ، وخزانة وحيه ، والمرضيين لغيبه.

ونحن نختار من روايات بيان علمهم نبذةً نتبرّك بها ، وهي التي وَسَمناها

__________________

(١) وسيأتي بيان شأنهم في علم الغيب في فقرة : «وارتضاكم لغيبه».

٥٢

.........................................

____________________________________

بالأحاديث الأربعين في علم أهل البيت المعصومين عليهم السلام.

١ ـ حديث عبد الرحمن بن كثير قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : «نحن ولاة أمر الله ، وخزنة علم الله ، وعيبة وحي الله»(١) .

٢ ـ حديث عبد العزيز بن مسلم في فضل الإمام عن مولانا الرضا عليه السلام جاء فيه : «... وإنّ العبد إذا اختاره الله عزّ وجلّ لاُمور عباده شرح صدره لذلك ، وأودع قلبه ينابيع الحكمة ، وألهمه العلم إلهاماً ، فلم يَعْيَ بعده بجواب ، ولا يحير فيه عن الصواب»(٢) .

٣ ـ حديث أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : «نحن الراسخون في العلم ونحن نعلم تأويله»(٣) .

٤ ـ حديث هارون بن حمزة المتقدّم عن الإمام الصادق عليه السلام قال سمعته يقول :( بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) : «هم الأئمّة عليهم السلام خاصّة»(٤) .

٥ ـ حديث علي بن النعمان رفعه ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال أبو جعفر عليه السلام : «يمصّون الثماد(٥) ويَدَعون النهر العظيم».

قيل له : وما النهر العظيم؟

قال : رسول الله صلى الله عليه وآله والعلم الذي أعطاه الله.

إنّ الله عزّ وجلّ جمع لمحمّد صلى الله عليه وآله سنن النبيّين من آدم وهلمّ جرّاً إلى محمّد صلى الله عليه وآله.

قيل له : وما تلك السنن؟

قال : علم النبيّين بأسره ، وإنّ رسول الله صلى الله عليه وآله صيّر ذلك كلّه عند أمير المؤمنين عليه السلام.

__________________

(١) الكافي : ج ١ ص ١٩٢ ح ١.

(٢) الكافي : ج ١ ص ٢٠٢ ح ١.

(٣) الكافي : ج ١ ص ٢١٣ ح ١.

(٤) الكافي : ج ١ ص ٢١٤ ح ٤.

(٥) المصّ هو الشرب بالجذب ، والثمد هو الماء القليل.

٥٣

فقال له رجل : يابن رسول الله فأمير المؤمنين أعلم أم بعض النبيّين؟

فقال أبو جعفر عليه السلام : اسمعوا ما يقول! إنّ الله يفتح مسامع من يشاء ، إنّي حدّثته : أنّ الله جمع لمحمّد صلى الله عليه وآله علم النبييّن وأنّه جمع ذلك كلّه عند أمير المؤمنين عليه السلام ، وهو يسألني أهو أعلم أم بعض النبيّين!(١) .

٦ ـ حديث المفضّل بن عمر قال : قال ابو عبد الله عليه السلام : «إنّ سليمان ورث داود وإنّ محمدّاً صلى الله عليه وآله ورث سليمان ، وإنّا ورثنا محمّداً ، وإنّ عندنا علم التوارة والإنجيل والزبور ، وتبيان ما في الألواح».

قال : قلت : إنّ هذا لهو العلم؟

قال : «ليس هذا هو العلم ، إنّ العلم الذي يحدث يوماً بعد يوم وساعة بعد ساعة»(٢) .

٧ ـ حديث جابر قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : «ما ادّعى أحدٌ من الناس أنّه جمع القرآن كلّه كما اُنزل إلاّ كذّاب ، وما جمعه وحفظه كما نزّله الله تعالى إلاّ علي بن أبي طالب عليه السلام والأئمّة من بعده عليهم السلام»(٣) .

٨ ـ ما رواه هشام بن الحكم في حديث بُريه(٤) أنّه لمّا جاء معه إلى ابي عبد الله عليه السلام فلقي أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام فحكى له هشام الحكاية ، فلمّا فرغ قال أبو الحسن عليه السلام لبريه : يابريه كيف علمك بكتابك؟

قال : أنا به عالم ، ثمّ قال : كيف ثقتك بتأويله؟ قال : ما أوثقني بعلمي فيه.

قال : فابتدأ أبو الحسن عليه السلام يقرأ الإنجيل.

فقال بريه : إيّاك كنت أطلب منذ خمسين سنة أو مثلك(٥) .

__________________

(١) الكافي : ج ١ ص ٢٢٢ ح ٦.

(٢) الكافي : ج ١ ص ٢٢٤ ح ٣.

(٣) الكافي : ج ١ ص ٢٢٨ ح ١.

(٤) في بعض النسخ : بريهة.

(٥) وفي حديث البحار إضافة : وما قرأ مثل هذه القراءة إلاّ المسيح.

٥٤

.........................................

____________________________________

قال : فآمن بريه وحسن إيمانه ، وآمنت المرأة التي كانت معه.

فدخل هشام وبريه والمرأة على ابي عبد الله عليه السلام فحكى له هشام الكلام الذي جرى بين أبي الحسن موسى عليه السلام وبين بُريه.

فقال أبو عبد الله عليه السلام :( ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (١) .

فقال بُريه : أنّى لكم التوراة والإنجيل وكتب الأنبياء؟

قال : «هي عندنا وراثة من عندهم نقرؤها كما قرؤها ونقولها كما قالوا ، إنّ الله لا يجعل حجّة في أرضه يُسأل عن شيء فيقول لا أدري»(٢) .

٩ ـ حديث جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «إنّ اسم الله الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفاً وإنّما كان عند آصف منها حر واحد فتكلّم به فخسف بالأرض ما بينه وبين سرير بلقيس حتّى تناول السرير بيده ، ثمّ عادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة عين.

ونحن عندنا من الإسم الأعظم إثنان وسبعون حرفاً ، وحرف واحد عند الله تعالى استأثر به في علم الغيب عنده ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم»(٣) .

١٠ ـ حديث أبي بصير قال : دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت له : جعلت فداك إنّي أسألك عن مسألة ، ها هنا أحدٌ يسمع كلامي؟

قال : فرفع أبو عبد الله عليه السلام ستراً بينه وبين بيت آخر فأطلع فيه ثمّ قال : يا أبا محمّد سل عمّا بدا لك.

قال : قلت : جعلت فداك إنّ شيعتك يتحدّثون أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله علّم عليّاً عليه السلام باباً يفتح له منه الف باب؟

__________________

(١) سورة آل عمران : الآية ٣٤.

(٢) الكافي : ج ١ ص ٢٢٧ ح ١.

(٣) الكافي : ج ١ ص ٢٣٠ ح ١.

٥٥

.........................................

____________________________________

قال : فقال : يا أبا محمّد علّم رسول الله صلى الله عليه وآله علياً عليه السلام الف باب يفتح من كلّ باب الف باب.

قال : قلت : هذا والله العلم.

قال : فنكت ساعة في الأرض ثمّ قال : إنّه لعلم وما هو بذاك.

قال : ثمّ قال : يا أبا محمّد وإنّ عندنا الجامعة وما يدريهم ما الجامعة؟

قال : قلت : جعلت فداك وما الجامعة؟

قال : صحيفة طولها سبعون ذراعاً بذراع رسول الله صلى الله عليه وآله وإملائه من فلق فيه ـ اي من شقّ فمه المبارك ـ وخطّ علي بيمينه ، فيها كلّ حلال وحرام وكلّ شيء يحتاج الناس إليه حتّى الأرش في الخدش ، وضرب بيده إليّ فقال : تأذن لي يا أبا محمّد؟

قال : قلت : جعلت فداك إنّما أنا لك فاصنع ما شئت.

قال : فغمزني بيده وقال : حتّى أرش هذا ـ كأنّه مغضب ـ.

قال : قلت : هذا والله العلم قال : إنّه لعلم وليس بذاك ، ثمّ سكت ساعة.

ثمّ قال : وإنّ عندنا الجفر وما يدريهم ما الجفر؟

قال : قلت : وما الجفر؟

قال : وعاء من أدم فيه علم النبيّين والوصيّين ، وعلم العلماء الذين مضوا من بني إسرائيل.

قال : قلت : إنّ هذا هو العلم.

قال : إنّه لعلم وليس بذاك ، ثمّ سكت ساعة.

ثمّ قال : وإنّ عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام وما يدريهم ما مصحف فاطمة عليها السلام؟

قال : قلت : وما مصحف فاطمة عليها السلام؟

قال : مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرّات ، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحى ، قال : قلت : هذا والله العلم.

٥٦

.........................................

____________________________________

قال : إنّه لعلم وما هو بذاك ، ثمّ سكت ساعة.

ثمّ قال : إنّ عندنا علم ما كان وعلم ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة.

قال : قلت : جعلت فداك هذا والله هو العلم.

قال : إنّه لعلم وليس بذاك.

قال : قلت : جعلت فداك فأي شيء العلم؟

قال : ما يحدث بالليل والنهار ، الأمر من بعد الأمر ، والشيء بعد الشيء إلى يوم القيامة(١) .

١١ ـ حديث أبي عبيدة قال : سأل أبا عبد الله عليه السلام بعضُ أصحابنا عن الجفر؟

فقال : هو جلد ثور مملوٌ علماً.

قال له : فالجامعة؟

قال : تلك صحيفة طولها سبعون ذراعاً في عرض الأديم مثل فخذ الفالج(٢) ، فيها كلّ ما يحتاج الناس إليه ، وليس من قضية إلاّ وهي فيها ، حتّى أرش الخدش.

قال : فمصحف فاطمة؟

قال : فسكت طويلاً ثمّ قال : إنّكم لتجثون(٣) عمّا تريدون وعمّا لا تريدون ، إنّ فاطمة مكثت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله خمسة وسبعين يوماً وكان دخلها حزنٌ شديد على أبيها وكان جبرئيل عليه السلام يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها ، ويطيِّب نفسها ، ويخبرها عن أبيها ومكانه ، ويخبرها بما يكون بعدها في ذرّيتها ، وكان علي عليه السلام يكتب ذلك فهذا مصحف فاطمة عليها السلام»(٤) .

__________________

(١) الكافي : ج ١ ص ٢٣٨ ح ١.

(٢) الفالج هو الجمل العظيم ذو السنامين.

(٣) في مرآة العقول : لتبحثون ولعلّه الأصل.

(٤) الكافي : ج ١ ص ٢٤١ ح ٥.

٥٧

.........................................

____________________________________

١٢ ـ حديث فضيل بن سكرة قال : دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال : يا فضيل أتدري في اي شيء كنت أنظر قُبيل؟

قال : قلت : لا.

قال : كنت أنظر في كتاب فاطمة عليها السلام ، ليس من ملك يملك [الأرض] إلاّ وهو مكتوب فيه باسمه واسم أبيه وما وجدت لولد الحسن عليه السلام فيه شيئاً»(١) .

١٣ ـ حديث الحسن بن العبّاس بن الحريش المتقدّم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال الله عزّ وجلّ في ليلة القدر :( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) (٢) يقول : ينزل فيها كلّ أمر حكيم ، والمحكم ليس بشيئين إنّما هو شيء واحد ، فمن حكم بما ليس فيه اختلاف فحكمه من حكم الله عزّ وجلّ ، ومن حكم بأمر فيه اختلاف فرأى أنّه مصيب فقد حكم بحكم الطاغوت.

أنّه لينزل في ليلة القدر إلى ولي الأمر تفسير الاُمور سنة سنة ، يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا ، وفي أمر الناس بكذا وكذا ، وإنّه ليحدث لولي الأمر سوى ذلك كلّ يوم علم الله عزّ وجلّ الخاصّ والمكنون العجيب المخزون ، مثل ما ينزل في تلك الليلة من الأمر.

ثمّ قرأ :( وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (٣) ـ(٤) .

١٤ ـ حديث المفضّل قال : قال لي أبو عبد الله عليه السلام ذات يوم وكان لا يكنّيني قبل ذلك : يا أبا عبد الله.

قال : قلت : لبّيك.

__________________

(١) الكافي : ج ١ ص ٢٤٢ ح ٨.

(٢) سورة الدخان : الآية ٤.

(٣) سورة لقمان الآية ٢٧.

(٤) الكافي : ج ١ ص ٢٤٨ ح ٣.

٥٨

................................

____________________________________

قال : إنّ لنا في كلّ ليلة جمعة سروراً.

قلت : زادك الله وما ذاك؟

قال : إذا كان ليلة الجمعة وافى رسول الله صلى الله عليه وآله العرش ووافي الأئمّة عليهم السلام معه ووافينا معهم ، فلا تردّ أرواحنا إلى أبداننا إلاّ بعلم مستفاد ، ولو لا ذلك لأنفدنا(١) .

١٥ ـ حديث يونس بن عبد الرحمن ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : «ليس يخرج شيء من عند الله عزّ وجلّ حتّى يبدأ برسول الله صلى الله عليه وآله ثمّ بأمير المؤمنين عليه السلام ثمّ بواحد بعد واحدٍ لكي لا يكون آخرنا أعلم من أوّلنا»(٢) .

١٦ ـ حديث سماعة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : «إنّ لله تبارك وتعالى علمين : علماً أظهر عليه ملائكته وأنبياءه ورسله ، فما أظهر عليه ملائكته ورسله وأنبيائه فقد علّمناه.

وعلماً استأثر به فإذا بدا لله في شيء منه أعلمنا ذلك وعرض على الأئمّة الذين كانوا من قبلنا»(٣) .

١٧ ـ حديث حمران بن أعين أنّه سأل أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزّ وجلّ :( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) (٤) .

قال أبو جعفر عليه السلام : إنّ الله عزّ وجلّ ابتدع الأشياء كلّها بعلمه على غير مثال كان قبله ، فابتدع السماوات والأرضين ولم يكن قبلهنّ سماوات ولا أرضون ، أما تسمع لقوله تعالى :( وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ) (٥) .

فقال له حمران : أرأيت قوله جلّ ذكره :( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ

__________________

(١) الكافي : ج ١ ص ٢٥٤ ح ٢.

(٢) الكافي : ج ١ ص ٢٥٥ ح ٤.

(٣) الكافي : ج ١ ص ٢٥٥ ح ١.

(٤) سورة البقرة : الآية ١١٧.

(٥) سورة هود : الآية ٧.

٥٩

.........................................

____________________________________

أَحَدًا ) (١) .

فقال أبو جعفر عليه السلام :( إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ ) وكان والله محمدّة صلى الله عليه وآله ممّن إرتضاه. وأمّا قوله :( عَالِمُ الْغَيْبِ ) فإنّ الله عزّ وجلّ عالم بما غاب عن خلقه فيما يقدّر من شيء ويقضيه في علمه قبل أن يخلقه ، وقبل أن يُفضيه إلى الملائكة فذلك ياحمران علم موقوف عنده ، إليه في المشيئة فيقضيه إذا أراد ويبدو له فيه فلا يمضيه ، فأمّا العلم الذي يقدّره الله عزّ وجلّ فيقضيه ويمضيه فهو العلم الذي انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ثمّ إلينا(٢) .

١٨ ـ حديث أبي عبيدة المدائني ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : «إذا أراد الإمام أن يعلم شيئاً أعلمه الله ذلك»(٣) .

١٩ ـ حديث الحسن بن الجهم قال : قلت للرضا عليه السلام : إنّ أمير المؤمنين عليه السلام قد عرف قاتله والليلة التي يقتل فيها ، والموضع الذي يقتل فيه ، وقوله لمّا سمع صياح الأوز في الدار : صوائح تتبعها نوائح ، وقول اُمّ كلثوم : لو صلّيت الليلة داخل الدار وأمرت غيرك يصلّي بالناس ، فأبى عليها وكثر دخوله وخروجه تلك الليلة بلا سلاح وقد عرف عليه السلام أنّ ابن ملجم لعنه الله قاتله بالسيف ، كان هذا ممّا لم يجز تعرّضه.

فقال : ذلك كان ، ولكنّه خُيّر في تلك الليلة لتمضي مقادير الله عزّ وجلّ(٤) .

٢٠ ـ حديث عبد الأعلى وأبي عبيدة وعبد الله بن بشر الخثعمي سمعوا أبا عبد الله عليه السلام يقول : إنّي لأعلم ما في السماوات وما في الأرض ، وأعلم ما في الجنّة وأعلم ما في النار ، وأعلم ما كان وما يكون.

__________________

(١) سورة الجنّ : الآية ٢٦.

(٢) الكافي : ج ١ ص ٢٥٦ ح ٢.

(٣) الكافي : ج ١ ص ٢٥٨ ح ٣.

(٤) الكافي : ج ١ ص ٢٥٩ ح ٤.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698