مناظرات وحوار ليالي بيشاور

مناظرات وحوار ليالي بيشاور0%

مناظرات وحوار ليالي بيشاور مؤلف:
المحقق: السيّد حسين الموسوي
الناشر: ذوي القربى
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 1199

مناظرات وحوار ليالي بيشاور

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيّد محمّد الموسوي الشيرازي
المحقق: السيّد حسين الموسوي
الناشر: ذوي القربى
تصنيف: الصفحات: 1199
المشاهدات: 252364
تحميل: 4050

توضيحات:

مناظرات وحوار ليالي بيشاور
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 1199 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 252364 / تحميل: 4050
الحجم الحجم الحجم
مناظرات وحوار ليالي بيشاور

مناظرات وحوار ليالي بيشاور

مؤلف:
الناشر: ذوي القربى
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الحافظ: استناداً الى هذا الكلام الذي صدر منكم الآن فأنتم مشركون، لأنّكم قلتم: إنّ من نذر لغير الله فهو مشرك، والشيعة ينذرون لأئمّتهم وأبناء أئمّتهم.

«النذر عندنا»

قلت: العقل السليم والمنطق الصحيح يقضيان بأنّ أحداً لو أراد أن يعرف عقائد قوم، فيجب أن لا ينظر إلى أقوال وأفعال جهّالهم، وإنّما ينظر إلى مقال وأفعال علماء القوم.

وأنتم إذا أردتم التحقيق عن الشيعة ومعتقداتهم، فعليكم أنتنظروا إلى كتب علمائهم ومحقّقيهم، فتعرفوا الشيعة من خلال أقوال فقهائهم وأعمالهم.

فإذا شاهدتم بعض العوام منّا قد نذر لأحد الأئمّةعليه‌السلام أو لأحد أبناء الأئمةعليه‌السلام أو أحد الصالحين، عن جهل بالمسألة، فلا تحسبوه من معتقدات الشيعة، فإنّ في كلّ مذهب وملّة يوجد هناك عوام يجهلون مسائل دينهم، وهذا ليس عندنا فحسب.

وأنتم إذا لم تكونوا مغرضين، ولم تكونا بصدد خلق المعائب والأباطيل على الشيعة، فراجعوا كتب فقهائهم وانظروا إلى سيرة المؤمنين منهم العارفين للمسائل الدينية.

فإنّ التوحيد الخاص والمصفّى من كلّ شائبة لا يكون إلّا عند الشيعة الإمامية.

وأرجو منكم أن تراجعوا كتابَي: شرح اللمعة، وشرائع الإسلام،وأيّ كتاب آخر يضمّ المسائل الفقهية، وحتّى الرسائل العلمية

١٦١

لفقهائنا المعاصرين، وهم مراجع الشيعة في مسائل دينهم.

راجعوا في هذه الكتب «باب النذر» فتجدون إجماع فقهائنا: أنّ النذر عمل عبادي يجب فيه شرطان :

الأوّل : نيّة القربة، أنّه ينذر قربة إلى الله تعالى و خالصاً لوجهه سبحانه

و الثاني : إجزاء صيغة النذر بهذا الشكل : « لله عليّ أن : أفعل كذا و كذا، أو : أترك كذا و كذا» فيذكر بدل الجملة الأخيرة، نذره إيجاباً كان أو سلباً. فإذا تعذّر عليه إجزاء الصيغة باللغة العربية أو صعب عليه ذلك، فيترجم مفهومه إلى لغته و يجريه بلسانه.

وأمّا إذا نوى النذر لغير الله سبحانه أو أشرك معه آخر، سواءً كان نبياً أو إماماً أو غيره، فالنذر باطل.

وإذا نذر على الصورة الأخيرة عالماً بالمسألة، فإنّ عمله حرام وشرك بالله عزّ وجلّ، فقد قال تعالى:( وَ لاَ يُشْرِکْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) (١) .

فيجب على العلماء أن يعلّموا الجاهلين ويبيّنوا لهم كلّ مسائل الدين، ومنها مسائل النذر، فالنذر يكون لله وحده لا شريك له، ولكنّ الناذر يكون مخيّراً في تعيين مصرف النذر، فمثلاً:

له أن يقول: لله عليّ نذر أن أذبح شاة عند مرقد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أوعند مرقد الإمام عليعليه‌السلام أو غيرهما أو يقول: لله علَيّ نذر أن أذبح شاة واُطعم لحمها السادة الشرفاء، أو الفقراء، أو العلماء إلى آخره.

أو يقول: لله علَيَّ نذر أن اُعطي ثوباً لفلان بالتعيين، أو لعالمٍ، على غير تعيين.

فكلّ هذه الصيغ في النذر صحيحة، ولكن إذا لم يذكر الله كأن يقول: نذرت للنبيّ أو الإمام أو الفقيه أو الفقير أو اليتيم إلى

____________________

١) سورة الكهف، الآية ١١٠.

١٦٢

آخره، كلّ هذه الصيغباطلة غير صحيحة.

وكذلك إذا ذكر الله سبحانه مع آخر كأن يقول: نذرت لله وللنبيّ، أو نذرت لله ولفلان فهو باطل وغير صحيح وكان آثماً إنْ كان عالماً بالمسألة فنذره باطل وهو غير آثم.

فالواجب علينا وعلى كلّ فقيه وعالم أن يبلّغ مسائل الدين ويكتبأحكامه الإلهيّة ويعرضها على العوام ليتعلّموا ويعملوا بها.

ويجب على العوام أيضاً استماع المسائل الدينية وتعلّمها والعمل بها، فإذا ما تعلّموا ولم يعملوا بتكاليفهم كما ينبغي، فالإشكال يرد عليهم لا على دينهم ومذهبهم.

وكم من أهل السُنّة والجماعة يشربون الخمر ويلعبون القمار و يرتكبون الفاحشة، فهل هذا دليل على أنّ مذهبهم يجيز لهم تلك المعاصي والذنوب؟!وهل الإشكال يرد على مذهبهم أم عليهم؟!

«الشرك الخفي»

أمّا القسم الثاني من الشرك، فهو الخفيّ، ويتحقّق في نيّة الرياءوالسمعة في العبادات.

فقد ورد في الخبر: إنّ من صلّى أو صام أو حجّ، وهو يريد بذلك أنيمدحه الناس فقد أشرك في عمله(١) .

وفي الخبر المرويّ عن الإمام جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام أنّه قال:لو أنّ عبداً عمل عملاً يطلب به رحمة(٢) الله والدار الآخرة ثمّ

____________________

١) لاحظ تفسير القمي وتفسير العيّاشي، الآية الأخيرة من سورة الكهف.

٢) في المصدر: وجه الله

١٦٣

أدخل فيه رضا أحد من الناس كان مشركاً(١) .

وروي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: اتّقوا الشرك الأصغر. فقالوا: وماالشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء والسمعة(٢) .

وروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: إنّ أخوف ما أخاف عليكم الشرك الخفيّ، فإنّ الشرك أخفى من دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء(٣) ، ثمّ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : من صلّى أو صام أو تصدّق أو حجّ للرياء فقد أشرك بالله.

فالواجب في الصلاة وغيرها من العبادات أن تكون النية فيها خاصة لوجهِ اللهِ وقربةً إلى الله وحده، بأن يتوجّه الإنسان في حين عمله العبادي إلى ربّه عزّوجلّ، ويتكلّم معه وحده، ويركّز ذهنه، ويوجّه قلبه إلى الذات الموصوفة بالصفات التي ذكرناها، وذلك هو الله لا إله إلّا هو.

وأكتفي بهذا المقدار، وأظنّ بأنّ الحقّ قد انكشف للحاضرين المحترمين، بالخصوص المشايخ العلماء في المجلس، فأرجو أن لا ينسبوا الشرك إلى الشيعة بعد هذا، ولا يُمَوِّهوا الحقيقة على العوام.

تبسّم الشيخ عبدالسلام ضاحكاً وقال: وهل بقي عندكم شيء في هذا المضمار، فاكتفيتم بهذا المقدار؟! فالرجاء إن بقي عندكم شيء في الموضوع فبيّنوه للحاضرين.

قلت: هناك قسم آخر جعلوه من أقسام الشرك، ولكنّه مغفور، وهو:

____________________

١) لاحظ تفسير العياشي، الآية الأخيرة من سورة الكهف.

٢) منيَة المريد، عنه بحار الانوار: ج ٧٢ ص ٢٦٦.

٣) راجع بحار الأنوار: ج ٧٣ ص ٣٥٩، وتحف العقول في كلمات الإمام الباقرعليه‌السلام .

١٦٤

الشرك في الأسباب

وهو الذي يتحقّق في أكثر الناس من غير التفات، فإنّهم يتّخذون الوسائط والأسباب للوصول إلى أغراضهم وتحقيق آمالهم، أو إنّهم يخشون بعض الناس ويخافون من بعض الأسباب في الإحالة دون حوائجهم وآمالهم، فهذا نوع من الشرك، ولكنه معفوٌّ عنه.

والمقصود من الشرك بالأسباب: أنّ الإنسان يعتقد بأنّ الأسباب المؤثّرة في الأشياء والاُمور الجارية، مثلاً: يعتقد أنّ الشمس مؤثّرة في نموّ النباتات، فإذا كان اعتقاده أنّ هذا الأثر من الشمس بالذات من غير إرادة الله تعالى فهو شرك.

وإذا كان يعتقد أنّ الأثر يصدر من الله القادر القاهر فهو المؤثّر والشمس سبب في ذلك، فهو ليس بشرك، بل هو حقيقة التوحيد، وهو من نوع التفكّر في آيات الله وقدرته سبحانه.

وهكذا بالنسبة إلى كلّ الأسباب والمسبّبات، فالتاجر في تجارته، والزارع في زراعته، والصانع في صناعته، والطبيب في طبابته، وغيرهم، إذا كانينظر إلى أدوات مهنته، أسباب صنعته وآثارها، نظراً استقلالياً، وأنّ الآثار الصادرة من تلك الأسباب والأدوات تصدر بالاستقلال من غير إرادة الله تعالى، فهو شرك، وإنْ كان ينظر إلى الأسباب والأدوات نظراً آلياً فيعتقد أنّها آلات، والله تعالى هو الذي جعل فيها تلك الآثار، فلا مؤثّر في الوجود إلّا الله، فهو ليس شركاً بل التوحيد بعينه.

١٦٥

الشيعة نزيهون من أنواع الشرك

بعد أن بيّنّا أقسام الشرك وأنواعه، فأسألكم: أيّ أقسام الشرك تنسبوه إلى الشيعة؟!

ومن أيّ شيعي عالم أو عامي سمعتم أنّه يشرك بالله سبحانه في ذاته أو صفاته وأفعاله؟!

وهل وجدتم في كتب الشيعة الإمامية والأخبار المرويّة عن أئمّتهمعليهم‌السلام ما يدلّ على الشرك بالتفصيل الذي مرّ؟!

الحافظ: كلّ هذا البيان صحيح، ونحن نشكركم على ذلك، ولكنّكم إذا دقّقتم النظر في معتقداتكم بالنسبة لأئمّتكم، ستصدّقونني لو قلت إنّكم تطلبون الحوائج منهم، وتتوسّلون بهم في نيل مقاصدكم وتحقيق مطالبكم، وهذا شرك! لأنّا لانحتاج إلى واسطة بيننا وبين ربّنا، بل في أيّ وقت أحببنا أن نتوجّه إلى الله تعالى ونطلب حاجاتنا منه فهو قريب وسميع مجيب.

قلت: أتعجّب منك كثيراً! لأنّك عالم متفكّر، ولكنّك متأثّر بكلام أسلافك من غير تحقيق، وكأنّك كنت نائماً حينما كنت اُبين أنواع الشرك! فبعد ذلك التفصيل كلّه، تتفوه بهذا الكلام السخيف وتقول: بأنّ طلب الحاجة من الأئمّة شرك!!

فإذا كان طلب الحاجة من المخلوقين شرك، فكلّ الناس مشركون!

فإذا كانت الإستعانة بالآخرين في قضاء الحوائج شرك، فلماذا كان الأنبياء يستعينون بالناس في بعض حوائجهم.

اقرأوا القرآن الكريم بتدبّر وتفكّر حتّى تنكشف لكم الحقيقة،

١٦٦

راجعوا قصّة سليمانعليه‌السلام في سورة النمل الآيات ٣٨ - ٤٠:( قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّکُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيکَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِکَ وَ إِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ‌ * قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْکِتَابِ أَنَا آتِيکَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْکَ طَرْفُکَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِنْدَهُ قَالَ هٰذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي.. ) .

من الواضح أنّ الإتيان بعرش بلقيس من ذلك المكان البعيد، بأقلّ من لمحة بصر، لم يكن هيّناً وليس من عمل الإنسان العاجز الذي لا حول لَهُ ولا وقوّة، فهو عمل جبّار خارق للعادة، وسليمان مع علمه بأنّ هذا العمل لا يمكن إلّا بقدرة الله تعالى وبقوّة إلهيّة، مع ذلك ما دعا الله سبحانه في تلك الحاجة ولم يطلبها من ربّه عزّ وجلّ، بل أرادها من المخلوقين، واستعان عليها بجلسائه العاجزين.

فهذا دليل على أنّ الاستعانة بالآخرين في الوصول إلى مرادهم، وطلب الحوائج من الناس، لا ينافي التوحيد، وليس بشرك كما تزعمون، فإنّ الله سبحانه وتعالى جعل الدنيا دار أسباب ومسبّبات، وعالم العلل والمعلولات.

وحيث إنّ الشرك أمر قلبي، فإذا طلب الإنسان حاجته من آخر، أو استعان في تحقق مراده والوصول إلى مقصوده بمن لا يعتقد بألوهيّته ولا يجعله شريكاً للباري، وإنّما يعتقد أنّه مخلوق لله عزّ وجلّ، وهو إنسان مثله، إلّا أنّ الله عزّ وجلّ خلقه قويّاً وقادراً بحيث يتمكّن من إعانته في تحقق مراده وقضاء حاجته، فلا يكون شركاً.

وهذا أمر دائر بين المسلمين جميعاً، يعمل به المؤمنون عامة،

١٦٧

وهناك كثير من الناس يقصدون زيداً وبكراً ويقضون ساعات على أبوابهم ليطلبوا منهم حوائجهم ويستعينوا بهم في اُمورهم، من غير أن يذكروا الله تعالى.

فالمريض يذهب عند الطبيب ويتوسّل به ويستغيث به ويريد منه معالجة مرضه، فهل هذا شرك؟!

والغريق وسط الأمواج يستغيث بالناس ويستعين بهم في إنقاذه من الغرق والموت، من غير أن يذكر الله عزّ وجلّ، فهل هذا شرك؟!

وإذا ظلم جبّارٌ إنساناً، فذهب المظلوم إلى الحاكم وقال: أيّها الحاكم، أعنّي في إحقاق حقّي، فليس لي سواك ولا أرجو أحداً غيرك في دفع الظلم عنّي! فهل هذا شرك؟! وهل هذا المظلوم مشرك؟!

وإذا تسلّق لصّ الجدار وأراد أن يتعدّى على إنسان فيسرق أمواله ويهتك عرضه، فصعد صاحب الدار السطح واستغاث بالناس وطلب منهم أن يدفعوا عنه السوء، وهو في تلك الحالة لم يذكر الله تعالى فهل هو مشرك؟!

لا أظنّ أن هناك عاقلاً ينسب هؤلاء إلى الشرك، ومن ينسبهم إلى الشرك فهو: إمّا جاهل بمعنى الشرك أو مغرض!!

فأيّها السادة الحاضرون أنصفوا، وأيّها العلماء احكموا ولاتغالطوا في الموضوع!!

عقيدة الشيعة في التوسّل

الشيعة كلّهم متّفقون على أنّ أحداً لو اعتقد بألوهيّة النبيّ أو الأئمّة، أو جعلهم شركاء لله سبحانه في صفاته وأفعاله، فهو مشرك

١٦٨

ونجس يجب الاجتناب والابتعاد عنه.

وأمّا قولهم: يا عليّ أدركني، أو : يا حسين أعنّي، وما إلى ذلك، فليس معناه : يا علي أنت الله فأدركني! أو يا حسين أنت الله فأعنّي! بل لأنّ الله عزّ وجلّ جعل الدنيا دار وسائل وأسباب، وأبى الله أن يجري الاُمور إلّا بأسبابها، فنعتقد أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وآله هم وسيلة النجاة في الشدائد، فنتوسّل بهم إلى الله سبحانه.

الحافظ: لماذا لا تطلبون حوائجكم من الله تعالى بغير واسطة؟!

فاطلبوا منه بالاستقلال لا بالوسائل:

قلت: إنّ توجّهنا إلى عزّ وجلّ في طلب الحوائج ودفع الهموم والغموم هو بالاستقلال، ولكنّا نتوسّل بالنبيّ وآله الطيّبين صلوات الله عليهم أجمعين ليشفعوا لنا عند الله سبحانه في قضاء حوائجنا، ونتوسّل بهم إلى الله تعالى ليكشف عنّا همومنا وغمومنا، ومستندنا في هذا الاعتقاد هو القرآن الحكيم إذ يقول( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَ ابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ) (١) .

آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله هم الوسيلة

نحن الشيعة نعتقد بأنّ الله عزّ وجلّ هو القاضي للحوائج، وأنّ آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يحلّون مشكلاً ولا يقضون حاجة لأحد إلّا بإذن الله و إرادته سبحانه، وهم( عِبَادٌ مُکْرَمُونَ * لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) (٢) فهم واسطة الفيض، والفيّاض هو الله ربّ العالمين.

____________________

١) سورة المائدة، الآية ٣٥.

٢) سورة الأنبياء، الآية ٣٦ و ٣٧.

١٦٩

الحافظ: بأيّ دليل تقولون أنّ المراد من الوسيلة في الآية الكريمة آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟

قلت: لقد روي ذلك كبار علمائكم منهم: الحافظ أبو نعيم، في:«نزول القرآن في عليّ» والحافظ أبو بكر الشيرازي في «ما نزل من القرآن في عليّ» والإمام الثعلبي في تفسيره للآية الكريمة، وغير اُولئك رووا عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنّ المراد من الوسيلة في الآية الشريفة: عترة الرسول وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين.

ونقل ابن أبي الحديد المعتزلي - وهو من أشهر وأكبر علمائكم – في «شرح نهج البلاغة» تحت عنوان: ذكر ما ورد من السير والأخبار في أمر فدك، الفصل الأوّل، ذكر خطبة فاطمةعليه‌السلام .

قالت: واحمدوا الله الذي لعظمته ونوره يبتغي من في السماوات والأرض إليه الوسيلة، ونحن وسيلته في خلقه(١) .

حديث الثقلين

ومن جملة الأحاديث المعتبرة، التي نستدلّ بها على التمسّك والتوسّل بآل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ومتابعتهم: حديث الثقلين، وهو حديث صحيح أجمع عليه الفريقان، وقد بلغ حدّ التواتر.

قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيت، ما إنْ تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً، وهما لن يفترقا حتّى يردا علَيّ الحوض(٢) .

____________________

١) شرح نهج البلاغة: ١٦ / ٢١١، طبع دار إحياء التراث العربي - بيروت.

٢) قبل صفحات نقلت بعض مصادر هذا الحديث الشريف، والشهير، من كتب العامة في الهامش، وقد وصلت فيه إلى ٦٦ مصدراً، فراجع. «المترجم»

١٧٠

الحافظ: أظنّ أنّكم قد أخطأتم حين قلتم: إنّ هذا الحديث صحيح ومتواتر! لأنّه غير معتبر ومجهول عند كبار علمائنا! فهذا شيخنا الكبير محمد بن إسماعيل البخاري، وهو إمام علماء الحديث عند أهل السُنّة والجماعة، لم يذكر حديث الثقلين في صحيحه الذي يعدّ عندنا بعد القرآن الكريم أصحّ الكتب!

قلت: إنّ عدم ذكر البخاري لحديث الثقلين لا يدلّ على ضعفه. فإنّ البخاري واحد، ولكنّ الّذين ذكروا هذا الحديث وعدوّه صحيحاً موثّقاً، هم عشرات العلماء والمحدّثين منكم، فهذا ابن حجر المكّي مع شدّة تعصّبه فإنّه يقول في كتابه الصواعق المحرقة، آخر الفصل، الباب الحادي عشر، الآية الرابعة: ص ٨٩ و ٩٠.

بعدما نقل أخباراً وأقوالاً حول حديث الثقلين يقول:

اعلم أنّ لحديث التمسّك بالثقلين طرقاً كثيرة وردت عن نيّف وعشرين صحابيّاً الى آخره(١) . وقد نقل الحديث عن الترمذي وأحمد بن حنبل الطبراني ومسلم إلى آخره.

حول البخاري وصحيحه

وأمّا قولكم أنّ حديث الثقلين غير صحيح، لأنّ البخاري لم ينقله في صحيحه!.

فإنّ هذا الاستدلال مردود عند العلماء والعقلاء.

فالبخاري إنْ لم ينقل هذا الحديث الشريف، فقد نقله عدد كبير من مشاهير علمائكم، منهم: مسلم بن الحجّاج الذي يساوي البخاري عند أهل السُنّة والجماعة، وقد نقله في صحيحه، وكذلك نقله سائر

____________________

١) الصواعق المحرقة، آخر الفصل، الباب الحادي عشر، الآية الرابعة: ص ٨٩ و ٩٠.

١٧١

أصحاب الصحاح الستّة غير البخاري.

فإذا لم تعتمدوا إلّا على صحيح البخاري، فأعلنوا بأنّ صحيح البخاري وحده صحيح، وسائر الصحاح غير مقبولة لدينا لعدم صحّتها، وأنّ أهل السُنّة والجماعة مستندة إلى ما جاء في صحيح البخاري فحسب!

وإذا كنتم تعتقدون غير هذا، وتعتمدون على الصحاح الستّة فيجب أنتقبلوا الأخبار والروايات المنقولة فيها حتّى إذا لم ينقلها البخاري لسببٍ ما.

الحافظ: لم يكن أيّ سبب في عدم نقله لبعض الأخبار سوى أنّه كان كثير الاحتياط في النقل، وكان دقيقاً في الروايات، فالتي لم ينقلها البخاري إمّا لضعف في السند، أو لأنّ العقل يأبى من قبولها وصحّتها.

قلت : قديماً قالوا: حبّ الشيء يعمي ويصم!

وأنتم لشدّة حبكم للبخاري تغالون فيه وتقولون إنّه كان دقيقاً ومحتاطاً، وإنّ الأخبار التي رواها في صحيحه كلّها معتبرة وقويّة، وهي كالوحي المنزل! والحال أنّ في رواة صحيح البخاري أشخاصاً وضّاعين وكذّابين وهم مردودون وغير معتبرين عند كثير من العلماء والمحققين في علم الرجال.

الحافظ: إنّ كلامكم هذا مردود عند جميع العلماء، وإنّه إهانة لمقام العلم ومرتبة رجال الحديث وخاصة الإمام البخاري، وإنّه تحامل بغيض على كل أهل السنة والجماعة!

قلت: إنْ كنتم تحسبون الانتقاد العلمي تحاملاً بغيضاً وإهانة،

١٧٢

فكثيرمن كبار علمائكم، أهانوكم وأهانوا أهل مذهبهم، قبلنا!

لأنّ كثيراً من مشاهير علمائكم المحقّقين نقّحوا الصحاح، وخاصة صحيحي مسلم والبخاري ومسلم، وميّزوا بين السقيم والسليم، والغث والسمين، وأعلنوا أنّ رجال الصحاح وحتّى صحيحَي البخاري ومسلم، كثير منهم وضّاعين وجعّالين للحديث.

وأنا أنصحكم أن لا تعجلوا ولا تتسرعوا في إصدار الحكم علينا في ما نقوله عنكم، بل راجعوا كتب الجرح والتعديل التي كتبها علماؤكم المحقّقون وطالعوها بدقّة وتدبّر بعيداً عن التعصّب والمغالاة في شأن أصحاب الصحاح، سواءً البخاري وغيره، حتّى تعرفوا الحقائق.

راجعوا كتاب «اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة» للعلّامة السيوطي، و «ميزان الاعتدال» و «تلخيص المستدرك» للعلّامة الذهبي، و «تذكرة الموضوعات» لابن الجوزي، و «تاريخ بغداد» لأبي بكر الخطيب البغدادي، وسائر الكتب التي كتبها علماؤكم في علم الرجال وتعريف الرواة.

راجعوا فيها أحوال: أبي هريرة الكذّاب، وعكرمة الخارجي، ومحمدبن عبدة السمرقندي، ومحمد بن بيان، وإبراهيم بن مهدي الابلي، وبنوس بن أحمد الواسطي، ومحمد بن خالد الحبلي، وأحمد «بن محمد اليماني»، وعبد الله بن واقد الحرّاني، وأبي داود سليمان بن عمرو، وعمران بن حطّان، غيرهم ممّن روي عنهم البخاري وأصحاب الصحاح، حتّى تعرفوا آراء علمائكم ومحقّقيكم في اُولئك، وهم نسبوهم إلى الوضع والكذب وجعل الأحاديث، فتنكشف لكم الحقائق، ولا تغالوا بعد ذلك في صحّة ما نقله البخاري

١٧٣

ومسلم وغيرهما من أصحاب الصحاح!

وأنت أيّها الحافظ! إنْ كنت تقرأ وتطالع هذه الكتب التي ذكرتها - وهي لعلمائكم - لَما قلت: إنّ البخاري ما نقل حديث الثقلين في صحيحه إلّا لاحتياطه في النقل.

هل العقل السليم يقبل أنّ عالماً محتاطاً، إماماً محقّقاً، ينقل روايات وأحاديث موضوعة من رواة كذّابين يأبى كلّ ذي عقل قبولها، بل يستهزىء بها كلّ عاقل ذي شعور وإيمان، كالروايات التي مرّت أنّ موسى ضرب عزرائيل على وجهه حتّى فقأ عينه فشكاه إلى ربه إلى آخره، أو أنّ الحجر أخذ ملابس موسى وهرب فلحقه موسى عرياناً وبنو إسرائيل ينظرون إلى نبيّهم وهو مكشوف العورة إلى آخره!!

ألم تكن هذه الخزعبلات والخرافات من الأخبار الموضوعة؟!

وهل في نظركم أنّ نقل هذه الموهمات في صحيحه كان من باب الاحتياط في النقل والتدقيق في الرواية؟!!

النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله في الصحيحين

نجد في صحيحَي البخاري ومسلم أخباراً تخالف الاحتياط والحميّة الإسلاميّة ويأباها كلّ مؤمن غيور!

منها: ما نقله البخاري في صحيحه ج ٢ ص ١٢٠، باب اللهو بالحراب، ونقله مسلم في صحيحه: ج ١ باب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه في أيّام العيد،عن أبي هريرة عن عائشة، قالت: وكان يوم عيد يلعب السودان بالدرق والحراب في المسجد، فإمّا سألت رسول الله، و إمّا قال تشتهين تنظرين؟ فقلت: نعم، فأقامني وراءه،

١٧٤

خدّي على خدّه، وهو يقول: دونكم يا بني أرفده، حتّى إذا مللت، قال: حسبك؟! قلت: نعم، قال: فاذهبي.

بالله عليكم أيّها الحاضرون! أنصفوا، هل يرضى أحدكم أن ينسب إليه هذه النسبة الفظيعة والعمل المخزي؟!

إذا قال قائل لجناب الحافظ: بأنّا سمعنا أنّك حملت زوجتك على ظهرك، وكان خدّها على خدّك وجئت في الملأ العام لتنظر إلى جماعة كانوا يلعبون، ثمّ كنت تقول لزوجتك: حسبك؟ وهي تقول لك: نعم، ثمّ إنّ زوجتك كانت تحدّث الرجال الأجانب بهذا الموضوع.

بالله عليكم أيّها الحاضرون! هل الحافظ يرضى بذلك؟! وهل غيرته تسمح لأحد أن يتكلّم بهذه الأراجيف؟!

وإذا سمعت هذا الخبر من إنسان ظاهر الصلاح، هل ينبغي لك أن تنقله للآخرين؟!

وإذا نقلته، ألا يعترض عليك الحافظ ويقول: بأنّ جاهلاً إذا حدّثك بخبرٍ كهذا، ولكن - أنت العاقل - لماذا تنقله بين الناس؟!

أليس العقلاء يؤيّدونه على اعتراضه عليك؟! فقايِسُوا هذا الموضوع مع الرواية التي مر ذكرها من صحيحي مسلم والبخاري، فإنْ كان الأخير كما تزعمون دقيقاً ومحتاطاً في النقل، وكان عارفاً وعالماً باُصول الحديث - على فرض أنّه سمع هكذا خبر - فهل ينبغي ويحقّ له أن ينقله في صحيحه، ويجعله خَبَراً صادقاً ومعتبراً؟!

والأعجب أنّ العامة، ومنهم جناب الحافظ، يعتقدون أنّ صحيح البخاري هو أصح الكتب بعد القرآن الحكيم!!

١٧٥

«احتياطات البخاري»

إنّ احتياطات البخاري لم تكن في محلّها، بل كانت خلافاً لاُصول الاحتياط، كما ذكرنا سابقاً بعض الروايات التي نقلها في صحيحه.

إنّ العقل والإيمان يحتّمان ويؤكّدان على عدم نقلها، فكان من الاحتياط بل الواجب أن لا يذكرها.

ولكنّه كان يحتاطُ فلا ينقلُ الأخبار التي تتضمّن ولاية عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام أو تبيّن فضائله ومناقبه ومناقب أبناءه الميامين، عترة النبي الصادق الأمينصلى‌الله‌عليه‌وآله !!

نعم، كان يحتاط! بل يمتنع في نقل تلك الروايات حتّى لا يستدلّ بها العلماء المنصفون على إمامة عليّعليه‌السلام وأحقّيّته بالخلافة، فلو قايسنا صحيح البخاري مع غيره من الصحاح الستّة لعرفنا هذا الموضوع بوضوح، فإنّه لم ينقل خبراً ربّما يُستفاد منه في خلافة عليّ بن أبي طالب وإمامته، ولو كان الخبر مؤيَّداً بالقرآن ومتواتراً ومنقولاً في سائر الصحاح و مجاميع أهل الحديث، وحتى لو كان مجمَعاً على صحّته كخبر الغدير، ونزول الآية الشريفة:( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْکَ مِنْ رَبِّکَ ) (١) .

وكخبر التصدّق بالخاتم، ونزول الآية الكريمة:( إِنَّمَا وَلِيُّکُمُ الله وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّکَاةَ وَ هُمْ رَاکِعُونَ‌ ) (٢) .

____________________

١) المائدة، الآية ٦٧.

٢) سورة المائدة، الآية ٥٥.

١٧٦

وخبر الإنذار، ونزول الآية الكريمة:( وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَکَ الْأَقْرَبِينَ‌ ) (١) .

وخبر المؤاخاة، وحديث السفينة، وحديث باب حطّة، وغيرها من الأحاديث التي تثبت بها ولاية أبي الحسن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، وإطاعة أهل البيتعليه‌السلام ، فإنّ البخاري احتاط في نقل هذه الأخبار المجمَع عليها ولم يذكرها في صحيحه!!!

بعض مصادر حديث الثقلين

والآن لابُدّ لي أن أذكر لكم بعض كتبكم المعتبرة عنكم، التي ذكرت ورَوَت حديث الثقلين عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حتّى تعرفوا أنّ البخاري لم ينقل هذا الحديث الشريف من باب الاحتياط، لأنّ كبار علمائكم ومشاهيرهم نقلوا هذا الحديث، منهم: مسلم بن الحجّاج، الذي لا يقلّ صحيحه عن صحيح البخاري في الاعتبار والوثوق عند أهل السُنّة والجماعة:

١- صحيح مسلم: ٧/١٢٢.

٢- الترمذي: ٢/٣٠٧.

٣- النسائي / خصائص: ٣٠.

٤- أحمد بن حنبل في مسنده: ٣/١٤ و ١٧ وج ٤/٢٦ و ٥٩ وج ٥/١٨٢ و١٨٩، وغيرهم(٢) رووا بطرقهم وبإسنادهم عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، لن

____________________

١) سورة الشعراء، الآية ٢١٤.

٢) قبل صفحات ذكرت بعض مصادر هذا الحديث الشريف من كتب العامة في الهامش، وقد وصلت فيه إلى ٦٦ مصدرا فراجع. «المترجم»

١٧٧

يفترقا حتّى يردا علَيَّ الحوض، من تمسّك بهما فقد نجا، ومن تخلّف عنهما فقد هلك. وفي بعضها: ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا أبداً.

فبهذا المستند الحكيم والدليل القويم لابُدّ لنا أن نتمسّك بالقرآن الكريم وبأهل البيتعليهم‌السلام .

الشيخ عبد السّلام: إنّ صالح بن موسى بن عبدالله بن إسحاق بن طلحة بن عبدالله القرشي التيمي الطلحي روى بسنده عن أبي هريرة أنّ النبيّ قال: إنّي قد خلّفت فيكم ثنتين: كتاب الله وسُنتّي إلى آخره.

قلت: أيؤخذ بخبر فرد طالح ضعيف مردود عند أصحاب الجرح والتعديل والّذين كتبوا في أحوال الرجال والرواة، مثل الذهبي ويحيى والإمام النسائي والبخاري وابن عديّ، وغيرهم، الّذين ردّوه ولم يعتمدوا رواياته، أيؤخذ بقول هذا ويترك قولهذا الجمع الغفير والجمهور الكثير من علمائكم المشاهير؟! وهم رووا بإسنادهم كما مرّ أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: كتاب الله وعترتي، ولم يقل: «وسُنّتي».

هذا من باب النقل.

وأمّا العقل: فلأنّ السُنّة النبوية والمرويّة عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أيضاً بحاجة إلى من يبيّنها ويفسّرها كالكتاب الحكيم، فلذا قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : وعترتي لأنّ العترة هم الّذين يبيّنون للاُمّة ما تشابه من الكتاب، ويوضّحون الحديث والسُنّة الشريفة، لأنهّم أهل بيت الوحي، أهل بيت النبوّة، وأهل البيت أدرى بما في البيت.

١٧٨

حديث السفينة

وإنّ من دلائلنا المحكمة في التوسّل بأهل البيتعليهم‌السلام الحديث النبوي الشريف: «مَثَلُ أهل بيتي كسفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها هلك» وهو حديث معتبر صحيح متّفق ومجمع عليه، وكما يخطر الآن ببالي، أنّ أكثر من مائة من كبار علمائكم ومحدّثيكم، أثبتوا هذا الحديث في كتبهم منهم:

١ - مسلم بن الحجّاج في صحيحه(١) .

٢ - أحمد بن حنبل في مسنده: ٣/١٤ و١٧ و٢٦.

٣ - الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء: ٤/٣٠٦.

٤ - ابن عبد البرّ في الاستيعاب.

٥ - الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد: ١٢/٩١.

٦ - محمد بن طلحة الشافعي في مطالب السؤول: ٢٠.

٧ - ابن الأثير الجزري في: النهاية: مادّة (زخ).

٨ - سبط ابن الجوزي في تذكرة خواصّ الاُمّة: ٣٢٣.

٩ - ابن الصّباغ المالكي في الفصول المهمّة: ٨.

١٠ - السمهودي في تاريخ المدينة.

١١ - السيّد مؤمن الشبلنجي في نور الأبصار: ١٠٥.

١٢ - الإمام الفخر الرازي في تفسيره مفاتيح الغيب، في آية المودّة.

السيوطي في الدرّ المنثور، في تفسير:( وَ إِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هٰذِهِ

____________________

١) لم أر هذا الحديث فيه. «المترجم»

١٧٩

الْقَرْيَةَ فَکُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ ) (١) .

١٤ - الثعلبي في تفسيره كشف البيان.

١٥ - الطبراني في الأوسط.

١٦ - الحاكم في المستدرك: ٣/١٥٠ وج ٢/٣٤٣.

١٧ - سليمان الحنفي القندوزي في ينابيع المودّة / الباب الرابع والسادس والخمسون.

١٨ - الهمداني في مودّة القربى / المودّة الثانية والثانية عشرة.

١٩ - ابن حجر في الصواعق المحرقة: ٢٣٤.

٢٠ - الطبري في تفسيره وتاريخه.

٢١ - الكنجي الشافعي في كفاية الطالب، باب ١٠٠(٢) .

____________________

١) سورة البقرة، الآية ٥٨.

٢) وإنْ كان في ما ذكرهُ السيّد المؤلّف ( قدّس سرّه) كفاية في الوصول إلى الغاية، ولكن زيادة المصادر تزيد في اعتبار الحديث والرواية.

لذلك أذكر للقارئ الكريم بعض مصادر العامّة التي وصلتُ إليها في الحديث من باب الدراية غير ما ذكره المؤلّف:

١ - فرائد السمطين: ٢/٢٤٢.

٢ - مشكاة المصابيح: ٥٢٣.

٣ - المعجم الصغير: ١/ ١٣٩.

٤ - ثمار القلوب: ٢٩.

٥ - الإنباء على قبائل الرواة:٦٧.

٦ - مناقب ابن المغازلي: ١٣٢.

٧ - ذخائر العقبى:٢٠.

٨ - نظم درر السمطين: ٢٣٥.

٩ - الفواتح للميبدي: ١١٣. =

١٨٠