مناظرات وحوار ليالي بيشاور

مناظرات وحوار ليالي بيشاور0%

مناظرات وحوار ليالي بيشاور مؤلف:
المحقق: السيّد حسين الموسوي
الناشر: ذوي القربى
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 1199

مناظرات وحوار ليالي بيشاور

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيّد محمّد الموسوي الشيرازي
المحقق: السيّد حسين الموسوي
الناشر: ذوي القربى
تصنيف: الصفحات: 1199
المشاهدات: 252468
تحميل: 4050

توضيحات:

مناظرات وحوار ليالي بيشاور
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 1199 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 252468 / تحميل: 4050
الحجم الحجم الحجم
مناظرات وحوار ليالي بيشاور

مناظرات وحوار ليالي بيشاور

مؤلف:
الناشر: ذوي القربى
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

صحبته إلّا الخزي والعار في الدنيا، وهو في الآخرة من أصحاب النار.

أما كان المنافقون حول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كما يصرح القرآن الكريم؟ ! وكانوا يُعدّون في الظاهر من أصحابه، لأنّ الصحابي هو الذي أدرك النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وسمع حديثه، والمنافقون كذلك، ولكنّهم ملعونون ومعذّبون في النار.

إذاً لا ترعبني يا شيخ بكلمة «الصحابي» لأنّ أبا هريرة هو من جملة اُولئك المنافقين الملعونين، ولذا فإنّ رواياته مردودة غير معتبرة عند أهل الحديث المحقّقين.

الشيخ عبد السّلام:

أوّلاً: إن كان أبو هريرة مردوداً عند جماعة من العلماء، فهو مقبول عند آخرين.

ثانياً: لا دليل على أنّ المردود عند بعض العلماء يكون ملعوناً، ويكون من أهل النار، لأنّ الملعون هو الذي لُعن في القرآن الحكيم أو على لسان النبي الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

أبي هريرة

قلت: أدلّة العلماء الّذين ردّوا روايات أبي هريرة ورفضوها كثيرة وغير قابلة للتأويل.

منها: إنّه كان موافقاً لمعاوية، وهو رأس المنافقين وزعيمهم، الملعون على لسان النبيّ المأمونصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وقد كان أبو هريرة، كما نقل العلّامة الزمخشري في «ربيع

٣٠١

الأبرار» وابن أبي الحديد في «شرح نهج البلاغة» وغيرهما، أنّه كان في أيّام صفّين يصلّي خلف الإمام عليٍّعليه‌السلام ويجلس على مائدة معاوية فيأكل معه، ولمـّا سئل عن ذلك؟ أجاب: مضيرة معاوية أدسم، والصلاة خلف عليّ أفضل (أتمّ) ولذا اشتهر بشيخ المضيرة.

ومنها: إنّه روي، كما في كتب كبار علمائكم مثل: شيخ الإسلام الحمويني في «فرائد السمطين» باب ٣٧، والخوارزمي في «المناقب» والطبراني في «الأوسط» والكنجي الشافعي في «كفاية الطالب» والإمام أحمد في «المسند» والشيخ سلَيمان القندوزي في «ينابيع المودّة» وأبو يعلى في «المسند» والمتّقي الهندي في «كنز العمال» وسعيد ابن منصور في «السنن» والخطيب البغدادي في «تاريخه» والحافظ ابن مردويه في «المناقب» والسمعاني في «فضائل الصحابة» والفخر الرازي في «تفسيره» والراغب الأصفهاني في «محاضرات الاُدباء» وغيرهم، رووا عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: عليٌّ مع الحقّ، والحقّ مع عليّ، يدور الحقّ حيثما دار عليّعليه‌السلام .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : عليٌّ مع القرآن، والقرآن مع عليّ، لن يفترقا حتّى يردّا عليَّ الحوض.

وأبو هريرة يترك الحقّ والقرآن بتركه عليّاًعليه‌السلام ، ويحارب الحقّ والقرآن بانضمامه إلى معاوية بن أبي سفيان، ومع ذلك تقولون: هو صحابيّ جليل وغير مردود وغير ملعون!

ومنها: أنّه روي في كتب علمائكم، مثل الحاكم النيسابوري في المستدرك ٣/١٢٤، والإمام أحمد في «المسند» والطبراني في «الأوسط»، وابن المغازلي في «المناقب» والكنجي الشافعي في «كفاية

٣٠٢

الطالب» الباب العاشر، وشيخ الإسلام الحمويني في «الفرائد»، والمتّقي الهندي في «كنز العمّال» ٦/١٥٣، وابن حجر في الصواعق: ٧٤ و٧٥.

عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: عليٌّ منّي، وأنا من عليّ، من سبّه فقد سبّني، ومن سبّني فقد سبّ الله.

مع ذلك كلّه يذهب أبو هريرة إلى معاوية ويجالسه، حتّى يصبح من ندماء معاوية الذي كان في السرّ والعلن، وعلى المنابر، وعلى رؤوس الأشهاد، وفي قنوت الصلوات، وخطب الجمعات، يسبّ ويلعن الإمام عليّاً والحسن والحسينعليهم‌السلام .

وكان يأمر ولاته الفسقة الفجرة أن يقتدوا به ويفعلوا مثل فعله!

وأبو هريرة يركن إليه ويجامله ويجالسه ويؤاكله، ولا ينهاه عن كفره ومنكراته، بل يجعل الأحاديث عن لسان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في تأييده وتصحيح أفعاله المنكَرة، ويغوي الناس العَوام، ويبعدّهم من الإمام، ويحرفهم عن الإسلام، ومع هذا كلّه لا يسقط عندكم عن درجة الاعتبار؟!!

الشيخ عبد السلام: هل من المعقول أن نقبل هذه التهم والمفتريات على صحابيّ طاهر القلب؟! إنما هي من موضوعات الشيعة!!

قلت: نعم، ليس بمعقول أنّ صحابياً طاهر القلب يقوم بهذه المنكَرات، لأنّ العامل بها كائناً من كان، فإنّه آثم قلبه.

وكلّ من يكذب على النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله ويسبّ الله ورسوله فإنّه كافر ومخلّد في جهنّم وإن كان من صحابة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله !

وبنصّ الأخبار الكثيرة الواردة في كتبنا وفي كتب كبار علمائكم

٣٠٣

الأعلام أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من سبّ عليّاً فقد سبّني وسبّ الله سبحانه.

وأمّا قولكم: إنّ هذا الكلام من موضوعات الشيعة، فهو اشتباه محض، لأنّكم تقيسون القضايا على أنفسكم، وأنّ كثيراً منكم لا يتورّعون من الكذب وكيل الاتّهامات على شيعة آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله من أجل الوصول إلى غاياتهم الدنيوية، فيغوون بكلامهم الباطل العوامّ الجاهلين، ولا يخشون يوم الدين ومحاسبة ربّ العالمين.

عبد السّلام: إنّما أنتم الشيعة كذلك! فأنت أحد علمائهم، وفي مجلسنا هذا لا تتورّع عن سبّ الصحابة الكرام، والافتراءات عليهم، فكيف تتورّع من الافتراء على علمائنا الأعلام؟!

قلت: ولكنّ التاريخ يشهد على خلاف ما تدّعيه، فإنّ أهل البيتعليهم‌السلام وشيعتهم منذ قُبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مضطهَدون ومشرَّدون ومحارَبون!

إذ أنّ حكومة بني اُميّة حين اُسِّست قرّرت محاربة آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله وعترته الطاهرة، وأعلنوا على المنابر سبّ عليّ بن أبي طالب ولعنه، وهو أبو العترة وسيّدهم، بل أمعنوا في السبّ واللعن حتّى سبّوا الحسن والحسين وهما سبطا رسول الله و ريحانتاه وسيّدا شباب أهل الجنّة.

وقاموا بمطاردة الشيعة حتّى إذا ظفروا بهم سجنوهم وعذّبوهم، وكم قتلوا منهم صبراً تحت التعذيب!!

والمؤسف أنّ بعض علمائكم كانوا يساندون اُولئك الظلمة ويفتون بمشروعية تلك الأعمال الجنائية والإجرامية!!

٣٠٤

وبعضهم يحوكون الأكاذيب والأباطيل بأقلامهم المأجورة فينسبونها على الشيعة على أنّها من معتقداتهم! وبناءً عليها يحكمون على الشيعة المؤمنين بالكفر والشرك والرفض والغلو، وما إلى ذلك من التهم والأباطيل، فيزرعون في قلوب أتباعهم، العوامّ الغافلين، بذور عداوة الشيعة المؤمنين.

عبد السّلام: إنّ علماءنا الأعلام كتبوا عن واقعكم ولم ينسبوا إليكم ما ليس فيكم، وإنّما كشفوا عن أعمالكم الفاسدة وعقائدكم الباطلة، فاتركوها حتّى تسلموا من أقلام علمائنا الكرام.

ابن عبد ربّه

قلت: ما كنت اُحبّ أن أخوض هذا البحث وأسوق الحديث في هذا الميدان، ولكنّك اضطررتني إلى ذلك، فاُبيّن الآن لمحة للحاضرين حتّى يعرفوا كيف ينسب علماؤكم إلينا ما ليس فينا!

فأقول: أحد كبار علمائكم، المشهور بالأدب واللغة، هو شهاب الدين أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربّه القرطبي المالكي، المتوفّي سنة ٣٢٨ هجرية، ففي كتابه العقد الفريد ١/٢٦٩: يعبّر عن الشيعة الموحّدين المؤمنين، بأنّهم يهود هذه الاُمة، ثمّ إنّه كما يتهجّم على اليهود والنصارى ويبدي عداءه لهم، يتهجّم على شيعة آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ويظهر لهم البغض والعداء.

ومن جملة مفترياته وأباطيله على الشيعة، يقول:

الشيعة لا يعتقدون بالطلاق الثلاث، كاليهود

الشيعة لا يلتزمون بعدِّة الطلاق!

٣٠٥

والحال أنّ أكثر الحاضرين من أهل السُنّة في المجلس يعاشرون الشيعة ويتزاورون معهم يشهدون بخلاف هذا العالم المعاند الضالّ المضلّ.

وأنتم إن كان عندكم أدنى اطّلاع على فقه الشيعة فستعرفون بطلان كلام ابن عبد ربّه، وإن لم يكن عندكم اطّلاع فخذوا أيّ كتاب شئتم من فقه الشيعة واقرأوها حتّى تعرفوا أحكامنا حول مسألة الطلاق الثلاث وعدّة الطلاق.

ثمّ إنّ عمل الشيعة في كلّ مكان بمسائل الطلاق والتزامهم بالعِدّة، أكبر دليل على بطلان كلام ابن عبد ربّه.

ويقول هذا المفتري أيضاً: إنّ الشيعة كاليهود، يعادون جبرئيل، لأنّ في اعتقادهم أنّه أنزل الوحي على محمّد بدل أن ينزله على عليّ بن أبي طالب!

«الشيعة الحاضرون كلّهم ضحكوا من هذا الكلام»

فتوجّهت إلى العامّة الحاضرين وقلت لهم: انظروا هؤلاء الشيعة كلهم ضحكوا من هذا الكلام السخيف وسخروا منه، فكيف يعتقدون به؟!

فلو كان ابن عبد ربّه يطالع كتب الشيعة ويحقّق في معتقداتهم ما كان يتكلم بهذا الكلام المهين، وما كان اليوم يظهر جهله للحاضرين، أو يحكم عليه بأنّه من المغرِضين، وفي قلبه داء دفين، يريد أن يفرّق بين المسلمين!!

أمّا نحن الشيعة فنعتقد أنّ محمداً المصطفى هو خاتم الأنبياء، بل نصدّق الحديث النبوي الشريف: «كنت نبيّاً وآدم بين الماء والطين» فهو

٣٠٦

نبيّ مبعوث من عند ربّ العالمين، اختاره، واصطفاه، واجتباه، وأرسله للناس أجمعين، ونعتقد بأنّ جبرئيل هو أمين وحي الله، وهو معصوم ومصون عن الخطأ والسهو والاشتباه.

ونعتقد أنّ الإمام عليّاًعليه‌السلام منصوبٌ بأمر الله تعالى في مقام الولاية والإمامة، فهو خليفة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بلا فصل، نصبه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بأمر الله عزّ وجلّ يوم الغدير.

ويقول ابن عبد ربّه الضالّ المضلّ: ومن وجوه الشبه بين الشيعة واليهود، أنّهم لا يعملون بسُنّة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهم عندما يتلاقون لا يسلّمون، بل يقولون: السام عليكم! «ضحك الشيعة الحاضرون، ضحكاً عالياً»

فوجّهت كلامي إلى العامّة، و قلت: وإنّ معاشرتكم مع الشيعة في هذا البلد وتحيّتهم معكم وفيما بينهم، بتحيّة الإسلام: «السلام عليكم» ينفي مزاعم هذا الإنسان وأباطيله.

ويستمرّ ابن عبد ربّه في أكاذيبه ومفترياته على شيعة آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله فيقول: إنّ الشيعة كاليهود، يحلّون قتل المسلمين ونهب أموالهم!!

أقول: إنّكم تعيشون مع الشيعة في بلد واحد وتشاهدون معاملتهم الحسنة معكم ومع غيركم.

فنحن الشيعة لا نحلّ دماء وأموال أهل الكتاب (غير المحاربين) فكيف نحلّ دماء وأموال إخواننا المسلمين من أهل السُنّة والجماعة؟!

وإنّ حقّ الناس عندنا من أهم الحقوق، وقتل النفس من أعظم الذنوب وأكبر حوب!

٣٠٧

هذه بعض مزاعم وأباطيل أحد علمائكم ضدّ الشيعة.

والوقت لا يسمح لأكشف لكم أكثر ممّا ذكرتُ من كلماته الواهية السخيفة.

ابن حزم

وأبو محمد عليّ بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي، المتوفّى سنة ٤٥٦ هجرية، هو أشهر علمائكم المعروف بحقده وعدائه للشيعة، فلقد تحامل على شيعة أهل البيتصلى‌الله‌عليه‌وآله وافترى عليهم في كتابه «الفصل في الملل والنحل» الجزء الأوّل، فيقول: إنّ الشيعة ليسوا بمسلمين، وإنّما اتّخذوا مذهبهم من اليهود والنصارى!

وقال في الجزء الرابع من الكتاب نفسه، صفحة ١٨٢: الشيعة يجوّزون نكاح تسعة نساء!

ويظهر كذب الرجل وافتراءه علينا إذا راجعتم كتبنا الفقهية، فقد أجمع فقهاؤنا الكرام في كتبهم: أنّ نكاح تسعة نساء في زمان واحد إنّما هو من خصائص رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا يجوز لأحد من رجال اُمّته، بل يجوز لهم نكاح أربعة نساء في زمن واحد بالنكاح الدائم، بدليل الآية الكريمة:( فَانْکِحُوا مَا طَابَ لَکُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَ ثُلاَثَ وَ رُبَاعَ ) (١) .

فإذا طالعتم مجلّدات كتاب «الفصل في الملل والنحل» وتقرءون سبابه وشتمه وكلامه البذيء للشيعة المؤمنين لعرق جبينكم خجلاً، لانتسابه إليكم، وأنّه يُعدّ من علمائكم!!

____________________

١) سورة النساء، الآية ٣.

٣٠٨

مفتريات ابن تيميّة

وأحد علمائكم الذي اشتهر بشدّة عدائه للشيعة الأبرار الأخيار، هو أحمد بن عبد الحليم الحنبلي، المعروف بابن تيميّة، المتوفّى سنة ٧٢٨ هجرية وهو حاقد لا على الشيعة فحسب، بل يكمن في صدره بغض الإمام عليّعليه‌السلام والعترة الطاهرة.

ولو يطالع أحدكم مجلّدات كتابه المسمى بـ: «منهاج السُّنّة» لوجدتم كيف يحاول الرجل أن يخدش في كلّ فضيلة ومنقبة ثابتة للإمام عليّ بن أبي طالب وأبنائه الطيّبين والعترة الطاهرين!

فكأنّه آلى على نفسه أن لا يدع فضيلة واحدة من تلك الفضائل والمناقب - التي لا تعدّ ولا تحصى لأهل البيتعليهم‌السلام - إلّا يردّها ويرفضها أو يشكّك فيها! حتّى التي أجمعت الاُمّة على صحّتها ورواها أصحاب الصحاح.

ولو أردتُ أن أذكر لكم كلّ أكاذيبه وأباطيله لضاع الوقت، ولكن أذكر لكم نبذة من كلامه السخيف وبيانه العنيف! لكي يعرف جناب الشيخ عبد السلام، أنّ الافتراء والكذب من خصائص وخصال بعض علمائهم لا علماء الشيعة!!

والعجب أنّ ابن تيميّة بعد ذكر أباطيله وأكاذيبه وافترائه على الشيعة المؤمنين، يقول في الجزء الأول من «المنهاج» صفحة ١٥: لم تكن أيّة طائفة من طوائف أهل القبلة مثل الشيعة في الكذب، فلذا أصحاب الصحاح لم يقبلوا رواياتهم ولم ينقلوها!

وفي الجزء العاشر، صفحة ٢٣ يقول: أصول الدين عند الشيعة :

٣٠٩

أربعة: «التوحيد والعدل والنبوة والإمامة» ولم يذكر المعاد، مع العلم أنّ كتبنا الكلامية التي تبيّن عقائد الشيعة منشرة في كلّ مكان وفي متناول كلّ إنسان.

وكما أشرنا في بعض مجالسنا السالفة: فإنّ الشيعة تعتقد أنّ اُصول الدين ثلاثة: التوحيد والنبوّة والمعاد، وبحث عن عدل الباري سبحانه ضمن التوحيد، وتجعل الإمامة جزء النبوّة.

وفي الجزء الأوّل، صفحة ١٣١، من «منهاج السُنّة» يقول: إنّ الشيعة لا تعتني بالمساجد، فمساجدهم خالية من المصلّين، غير عامرة بصلاة الجمعة والجماعة، وبعض الأحيان يحضر بعضهم في المسجد فيصلّي فرادى!!

وجّهت خطابي حينئذٍ إلى الشيخ عبد السلام وقلت: أيّها الشيخ! أسألك وأسأل الحاضرين، أما تنظرون بأعينكم إلى مساجد الشيعة في بلادكم وهي عامرة أوقات الصلوات بكثرة المصلّين وإقامة الجماعة بالمؤمنين؟!

وهذه إيران، وهي عاصمة الشيعة، نجد في كلّ مدينة منها، بل في كلّ قرية منها مساجد عديدة، مبنيّة بأحسن شكل وأجمل بناء وهندسة، وفي أكثرها، أو كلّها، تقام الصلوات في أوقاتها جماعة.

(عرضت لهم تصاوير عن صلوات الجماعة لعلماء الشيعة).

وأنتم العلماء! راجعوا كتبنا الفقهية سواءً المفصّلة أو المجملة، كالرسائل العمليّة لمراجع ديننا المعاصرين، تجدون فيها فصولاً ومسائل كثيرة في ثواب الصلاة في المسجدٍ وصلاة الجماعة، فإنّ ثوابها أضعاف الصلاة في البيت أو الصلاة فرادىً.

٣١٠

ويستمرّ ابن تيميّة في افترائه على شيعة أهل البيتعليهم‌السلام في نفس الصفحة فيقول: الشيعة لا يحجّون بيتَ الله الحرام كسائر المسلمين، وإنّما حجّهم يكون زيارة القبور، وثواب زيارة القبور عندهم أعظم من ثواب حجّ بيت الله الحرام، بل هم يلعنون كلّ من لا يذهب إلى زيارة القبور!!

«ضحك الشيعة من هذا الكلام ضحكاً عالياً»

والحال أنّكم إذا راجعتم موسوعاتنا الفقهية، وكتبنا العبادية، لرأيتم مجلّدات عديدة باسم: كتاب الحجّ، وهي تحتوي على آلاف المسائل عن كيفية أداء الحجّ وأحكامه ومسائله الفرعية.

وكلّ فقيه يقلّده الناس في الأحكام الشرعية لابُدّ أن ينشر كتاباً باسم «مناسك الحج» حتّى يعمل مقلّدوه وتابعوه وفق ذلك.

ورأى جميع فقهائنا الكرام وعلمائنا الأعلام: أنّ تارك الحج - المستطيع الذي يترك الحجّ عناداً - كافرٌ، يجب الاجتناب منه والابتعاد عنه، عملاً بالآية الكريمة:( وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَ مَنْ کَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) (١) .

والتزاماً بالحديث الشريف: «يقال لتارك الحجّ: مُت إن شئت يهودياً أو نصرانياً».

فهل بعد هذا كله، يترك الشيعة حجّ بيت الله؟!

ثمّ بإمكانكم أن تذهبوا عند قبور أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام وهي أفضل المزارات عند الشيعة، واسألوا الزائرين وحتّى السوقيّين منهم والقرويّين: أنّ أداء الحجّ، أين يكون وكيف يكون؟؟ تسمعون الجواب

____________________

١) سورة آل عمران، الآية ٩٧.

٣١١

منهم: إنّه يكون في مكّة المكرّمة إلى آخره.

ثمّ نجد هذا الرجل المفتري الكذّاب، وهو: ابن تيميّة، يتّهم أحد مفاخر العلم والدين، وأحد كبار علماء المسلمين، وهو الشيخ الجليل، والحبر النبيل، العلّامة محمد بن محمد النعمان، المعروف بالشيخ المفيد (قدّس سرّه)، فيقول: إنّ له كتاباً باسم: «مناسك حجّ المشاهد» بينما لم يكن لفضيلة الشيخ المفيد هكذا كتاب وإنّما له كتاب باسم: «منسك الزيارات» وهو في متناول الأيدي، ويحتوي على التحيات والعبارات الواردة قراءتها عند مشاهد ومراقد أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام .

ولو راجعتم كتب الشيعة التي اُلّفت في الزيارات والمزارات تجدون فيها تأكيد المؤلّفين على أنّ زيارة المشرّفة والمراقد المتبرّكة، مندوبة وليست واجبة.

وإنّ أكبر دليل قاطع، وبرهان ساطع، على كذب ابن تيميّة وافترائه علينا، أنّكم تشاهدون في كلّ عام عشرات الآلاف من الشيعة يحجّون ويقصدون بيت الله الحرام في الموسم، ويحضرون في الموقف بعرفات والمشعر الحرام مع إخوانهم المسلمين من سائر المذاهب.

وقد ورد في كتب الأدعية عندنا عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام ، في أدعية شهر رمضان المبارك، أن يقرأ في الليل والنهار وفي الأسحار: اللهمّ ارزُقني حجّ بيتك الحرام في عامي هذا وفي كلّ عام، ولا تُخلِني من تلك المواقف الكريمة، والمشاهد الشريفة، و زيارة قبر نبيّك والأئمّةعليه‌السلام .

ويقول الحاقد المعاند، في الجزء الثاني من كتابه «منهاج السُنّة»: الشيعة ينتظرون إمامهم الغائب، ولذلك في كثير من البلاد كمدينة سامرّاء، يذهبون إلى سرداب هناك ويهيّئون فرساً أو بغلاً أو

٣١٢

غيره، ويصيحون وينادون باسم إمامهم ويقولون: نحن مسلّحون ومهيّأون لنكون معك ونقاتل بين يديك، فاظهر واخرج!!

ثمّ يقول: وفي أواخر شهر رمضان المبارك يتوجّهون نحو المشرق وينادون باسم إمامهم حتّى يخرج ويظهر.

ويستمر في خزعبلاته قائلاً: ومن بينهم من يترك الصلاة، حتى لا تشغلهم الصلاة عن إدراك خدمة الإمامعليه‌السلام لو ظهر.

(ضحك الحاضرون كلّهم).

فهذه الأراجيف والكلام السخيف من ابن تيميّة الجلف العنيف، ليس بعجيب، لكنّي أتعجّب من بعض علماء مصر وسوريا، الّذين كنّا نعتقد أنّهم أهل علم وتحقيق لا أهل وهم وتحميق!! كيف قلّدوا ابن تيميّة وكرّروا خزعبلاته الهزلية وكلماته الهستيرية.

مثل: عبد الله القصيمي في كتابه «الصراع بين الإسلام والوثنية».

ومحمّد بن ثابت المصري في كتابه «جولة في ربوع الشرق الأدنى».

وموسى جار الله في كتابه «الوشيعة في نقد علماء الشيعة»

وأحمد أمين المصري في كتابيه: «فجر الإسلام» و «ضحى الإسلام».

وغير هؤلاء من دعاة التفرقة والطائفية وأصحاب العصبية الجاهلية.

وهناك بعض الجاهلين منكم اشتهروا بالعلم والتحقيق، وانتشرت كتبهم، وأصبحت عندكم من المصادر المعتمدة حتّى أخذتم كلّ ما جاء فيها حول الشيعة وجعلتموها من المسلَّمات الحتمية.

منهم: محمد بن عبد الكريم الشهرستاني، وهو من علمائكم

٣١٣

وكتابه «الملل والنحل» مشهور عندكم، وقد أصبح من مصادركم المعتمدة، بينما أهل العلم والتحقيق يرفضون هذا الكتاب ولا يعتمدون عليه أبداً، لأنّه مشحون بالأخبار الضعيفة، بل الأخبار الباطلة المخالفة للواقع!

فمثلاً: ضمن وصفه للشيعة الاثني عشرية يقول: بعد الإمام محمد التقي، الإمام علي بن محمد النقي ومشهده في مدينة قم بإيران!!

بينما كلّ من عنده اطلاع عن تاريخ الإسلام وعلم الرجال، يعلم أنّ الإمام عليّ بن محمد النقيّعليه‌السلام مرقده في مدينة سامراء بالعراق، وتعلوه قبّة ذهبية عظيمة لامعة، أمر بتذهيبها المرحوم ناصر الدين شاه، الملك القاجاري الإيراني.

ومن هنا نعرف مدى علم الشهرستاني وتحقيقاته العلمية والتاريخية حول الشيعة!! فيسمح لنفسه أن ينسب إليهم أنّهم يعبدون عليّ بن أبي طالب، وأنّهم يعتقدون بتناسخ الأرواح والتشبيه، وما إلى ذلك، ممّا يدلّ على جهله وعدم اطّلاعه على الملل والنحل!!

يكفينا هذا المقدار في هذا الإطار، وقد ذكرته ليعرف الشيخ مَن الكاذب والمفتري، فلا يقول بعد هذا: إنّ علماء الشيعة يكذبون ويفترون على علماء العامّة، فقد ثبت أنّ الأمر على عكس ما قاله الشيخ عبد السّلام.

الكلام في ذم أبي هريرة

ولكي يعرف الشيخ أنّ الشيعة لم ينفردوا في ذمّ أبي هريرة، بل

٣١٤

كثير من علماء العامّة ردّوا عليه أيضاً ورفضوا رواياته، أنقل بعض ما جاء منهم في هذا المجال:

١- ابن أبي الحديد، في شرح نهج البلاغة: ٤/٦٣ - ط دار إحياء التراث العربي، قال: وذكر شيخنا أبو جعفر الإسكافي رحمه الله تعالى أنّ معاوية وَضَعَ قوماً من الصحابة وقوماً من التابعين على رواية أخبار قبيحة في عليٍّعليه‌السلام ، تقتضي الطعن فيه والبراءة منه، وجعل لهم على ذلك جُعلاً وعطايا مغرية، فاختلفوا ما أرضاه، منهم: أبو هريرة وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة، ومن التابعين: عروة بن الزبير

وفي الصفحة ٦٧ من الجزء نفسه ذكر ابن أبي الحديد، أنّ أبو جعفر قال: وروى الأعمش، قال لمـّا قدم أبو هريرة العراق مع معاوية عام الجماعة، جاء إلى مسجد الكوفة، فلمّا رأى كثرة من استقبله من الناس جثا على ركبته ثمّ ضرب صلعته مرارا وقال:

يا أهل العراق! أتزعمون أنّي أكذب على الله وعلى رسوله، وأحرق نفسي بالنار؟!

والله لقد سمعتُ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إنّ لكلّ نبيٍّ حَرَماً، وإنّ حَرَمي بالمدينة، ما بين عَير إلى ثور فمن أحدث فيها حدثاً، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.

وأشهد بالله أنّ عليّاً أحدث فيها!!

فلما بلغ معاوية قوله أجازه وأكرمه وولاّه إمارة المدينة.

أسألكم أيها المستمعون بالله عليكم! ألا يكفي هذا الخبر وحدَهُ لردّ أبي هريرة وإسقاط رواياته عن الاعتبار؟! أم أنّ الشيخ عبد السّلام

٣١٥

يعتقد أنّ أبا هريرة لمـّا كان من الصحابة، فيحقّ له أن يقول ما يحبّ ويفتري ويكذب، وله أن يتّهم أفضل الخلفاء الراشدين وأكملهم حسب رواياتكم وهو الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وليس لأحدٍ أن يردّ عليه ويضعّفه أو يطعن فيه؟!

الشيخ عبدالسّلام: لو فرضنا صدق كلامكم وصحّة بيانكم فكلّ ذلك لا يوجب لعن أبي هريرة؟! وأنا إنّما استشكل عليكم وأقول: بأيّ دليل تلعنون أبا هريرة؟!

قلت: بديل العقل والنّقل أنّه: لا يسبّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلّا ملعون. وحسب الأخبار والأحاديث المعتبرة المروية عن طرقكم والمسجّلة في كتب كبار علمائكم، أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال:

من سبّ علياً فقد سبّني، ومن سبّني فقد سبّ الله سبحانه وتعالى.

وأبو هريرة كان من الّذين يسبّون عليّاًعليه‌السلام ، وكان يجعل الأحاديث في ذمهعليه‌السلام ليشجّع المسلمين الغافلين والجاهلين على سبّ أمير المؤمنينعليه‌السلام .

أبو هريرة مع بسر بن أرطأة

٢- ذكر الطبري في «تاريخه» وابن الأثير في «الكامل» وابن أبي الحديد في «شرح النهج» والعلّامة السمهودي وابن خلدون وابن خلّكان، وغيرهم: أنّ معاوية حينما بعث بسر بن أرطأة، الظالم الغاشم، إلى اليمن لينتقم من شيعة الإمام عليّعليه‌السلام كان معه أربعة آلاف مقاتل، فخرج من الشام ومرّ بالمدينة المنوّرة ومكّة المكرّمة والطائف وتبالة ونجران وقبيلة أرحب - من هَمْدان - وصنعاء

٣١٦

وحَضْرَ مَوْت ونواحيها، وقتلوا كلّ مَن ظفروا به من الشيعة في هذه البلاد، وأرعبوا عامة الناس، فسفكوا دماء الأبرياء، ونهبوا أموالهم، وهتكوا حريمهم، وقضوا على كلّ مَن ظفروا به من بني هاشم حتّى لم يرحموا طفلَي عبيد الله بن العبّاس - ابن عمّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - وكان والياً على اليمن من قبل الإمام عليّعليه‌السلام .

وذكر بعض المؤرّخين: أنّ عدد الّذين قتلوا بسيوف بسر وجنده في تلك السريّة بلغ ثلاثين ألفاً!!

وهذا غير عجيب من معاوية وحزبه الظالمين، فإنّ التاريخ يذكر ما هو أدهى وأمرّ من هذا الأمر.

والجدير بالذكر أنّ أبا هريرة الذي تعظّموه غاية التعظيم، ولا ترضون بذكر مثالبه ولعنه كان قد رافق بسراً في رحلته هذه الدموية وحملته الإرهابية الاُمويّة، وخاصة جناياته على أهل المدينة المنوّرة، وما صنع بكبار شخصيّات الأنصار، مثل: جابر بن عبدالله الأنصاري، وأبي أيّوب الأنصاري إذ حرقوا داره! وأبو هريرة حاضر وناظر ولا ينهاهم عن تلك الجرائم والجنايات!!

بالله عليكم أنصفوا!!

أبو هريرة الذي صحب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مدّة ثلاث سنوات ويروي خمسة آلاف حديث عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، هل من المعقول أنّه ما سَمَعَ الحديث النبويّ المشهور الذي يرويه كبار العلماء والمحدّثين، مثل السمهودي في «تاريخ المدينة» والإمام أحمد بن حنبل في «المسند» وسبط ابن الجوزي في «التذكرة» وغيرهم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال:

«من أخاف أهل المدينة ظلماً أخافه الله، وعليه لعنة الله والملائكة

٣١٧

والناس أجمعين، ولا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لعن الله من أخاف مدينتي - أي : أهل مدينتي -».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا يرد أهلَ المدينة أحدٌ بسوء إلّا أذابه الله في النار ذوب الرصاص».

فهل من المعقول أن أبا هريرة ما سمع واحداً من هذه الأحاديث الشريفة؟!

إنّه سمع! ومع ذلك رافق الجيش الذي هاجم المدينة المنوّرة وأخاف أهلها، ثمّ وقف بجانب معاوية المارق على إمام زمانه عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، وهو يومئذٍ خليفة رسول الله بحكم بيعة أهل الحلّ والعقد في المدينة المنوّرة.

فانضمّ أبو هريرة إلى معاوية مخالفاً لأمير المؤمنين وسيّد الوصيّين عليّ بن أبي طالب، بل محارباً لهعليه‌السلام ، وما اكتفى بكلّ هذه الاُمور المنكَرة حتّى بدأ يجعل الأحاديث المزورة والأخبار المنكرة في ذمّ وليّ الله وحجّته عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، برواية يرويها عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وحاشا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثمّ حاشاه من ذلك كلّه.

والعجيب، أنّ مع كلّ هذه الاُمور المفجعة والقضايا الفظيعة، قول القائل: إنّه لا يجوز لعن أبي هريرة وطعنه، لأنّه من صحابة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله !

وفي منطق أبي هريرة يجوز سبّ الإمام عليعليه‌السلام ولعنه والعياذ بالله وهو أكرم الصحابة وأفضلهم، وأحبّ الناس إلى الله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

الشيخ عبد السلام: الله الله! كيف تقول هكذا في شأن أبي هريرة وهو أعظم راوٍ وأوثق صحابي؟!

٣١٨

فالطعن واللعن رأي الشيعة، وأمّا رأي عامة المسلمين في أبي هريرة، فإنّهم يعظّموه ويحترموه ويجلّوه عن كلّ ما تقولون.

قلت: إنّ ما قلناه فيه لم يكن رأي الشيعة فحسب، بل هو رأي كثير من علمائكم ورجالكم، حتّى الخليفة الثاني عمر الفاروق، فقد ذكر المؤرّخون، كابن الأثير في الكامل في حوادث عام ٢٣، وابن أبي الحديد في شرح النهج ٣/١٠٤ ط مصر وغيرهما، ذكروا: أنّ عمر بن الخطّاب في سنة ٢١ أرسل أبا هريرة والياً على البحرين، واُخبر الخليفة بعد ذلك بأنّ أبا هريرة جمع مالاً كثيراً، واشترى خيلاً كثيراً على حسابه الخاصّ، فعزله الخليفة سنة ٢٣ واستدعاه، فلمّا حضر عنده، قال له عمر: يا عدوّ الله وعدوّ كتابه، أسرقت مال الله؟!

فقال: لم أسرق، وإنّما هي عطايا الناس لي.

ونقل ابن سعد في طبقاته ٤/٩٠، وابن حجر العسقلاني في «الإصابة» وابن عبد ربه «العقد الفريد» الجزء الأول، كتبوا: أنّ عمر حينما حاكمه قال له: يا عدوّ الله! لمـّا وليّتك البحرين كنت حافياً لا تملك نعالاً، والآن اُخبرت بأنّك شريتَ خيلاً بألف وستمائة دينار!!

فقال أبو هريرة: عطايا الناس لي وقد أنتجت.

فغضب الخليفة وقام وضربه بالسوط على ظهره حتّى أدماه! ثمّ أمر بمصادرة أمواله، وكانت عشرة آلاف دينار، فأوردها بيت المال.

وقد ضرب عمر أبا هريرة قبل هذا، كما ذكر مسلم في صحيحه ١/٣٤ قال: في زمن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ضرب عمر أبا هريرة حتّى سقط

٣١٩

على الأرض على قفاه!

ونقل ابن أبي الحديد في شرح النهج ١/٣٦٠ ط مصر أنّه قال أبو جعفر الإسكافي: وأبو هريرة مدخول عند شيوخنا، غير مرضيّ الرواية، ضربه عمر بالدرّة وقال: قد أكثرتَ من الرواية، أحرى بك أن تكون كاذباً على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وذكر ابن عساكر في تاريخه، والمتّقي في «كنز العمّال»: أنّ الخليفة عمر بن الخطّاب زجر أبا هريرة، وضربه بالسوط، ومنعه من رواية الحديث ونقله عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال له: لقد أكثرت نقل الحديث عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وأحرى بك أن تكون كاذباً على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله !! وإذا لم تنتهِ عن الرواية عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لأنفينّك إلى قبيلتك دَوس، أو اُبعدك إلى أرض القردة.

ونقل ابن أبي الحديد في شرحه ١/ ٣٦٠ ط مصر، عن اُستاذه جعفر الإسكافي، أنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام قال: ألا إنّ أكذب الناس - أو قال: أكذب الأحياء - على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أبو هريرة الدوسي.

وذكر ابن قتيبة في «تأويل مختلف الحديث» والحاكم في الجزء الثالث من «المستدرك» والذهبي في «تلخيص المستدرك» ومسلم في صحيحه، ج ٢ / في فضائل أبي هريرة: أنّ عائشة كانت تقول مرّات وكرّات: أبو هريرة كذّاب، وقد وضع وجعل أحاديث كثيرة عن لسان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله !!

فأبو هريرة لم يكن مرفوضاً وكذّاباً عندنا فحسب، بل هو مردود

٣٢٠