مناظرات وحوار ليالي بيشاور

مناظرات وحوار ليالي بيشاور0%

مناظرات وحوار ليالي بيشاور مؤلف:
المحقق: السيّد حسين الموسوي
الناشر: ذوي القربى
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 1199

مناظرات وحوار ليالي بيشاور

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيّد محمّد الموسوي الشيرازي
المحقق: السيّد حسين الموسوي
الناشر: ذوي القربى
تصنيف: الصفحات: 1199
المشاهدات: 252712
تحميل: 4065

توضيحات:

مناظرات وحوار ليالي بيشاور
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 1199 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 252712 / تحميل: 4065
الحجم الحجم الحجم
مناظرات وحوار ليالي بيشاور

مناظرات وحوار ليالي بيشاور

مؤلف:
الناشر: ذوي القربى
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الْأُنْثَيَيْنِ ) (١) .

فزعمتم أنْ لا حظَّ لي و لا إرث لي من أبي!

أَفَحكم اللهُ بآيةٍ أخرجَ منها أبي؟!

أم تقولون أهل ملتين لا يتوارثان؟ أَوَلستُ أنا و أبي من أهل ملّة واحدة؟!

أم أنتم أعلم بخصوص القرآن و عمومه من أبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

( أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ الله حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) (٢) - انتهى كلام الجوهري -.

احتجاج عليعليه‌السلام في فدك

رَوى المحدثون أنّ علياًعليه‌السلام جاء إلى أبي بكر وهو في المسجد، و حوله حشد من المهاجرين و الأنصار. فقالعليه‌السلام : يا أبا بكر لِمَ منعتَ فاطمة نحْلَتها من رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد مَلَكَتْها في حياته؟!

فقال أبو بكر: فدك فيءٌ للمسلمين، فإنْ أقامت شهوداً أنّ رسول الله أنحلَها فلها و إلّا فليست حق فيها.

قال عليعليه‌السلام : يا أبا بكر تحكم فينا بخلاف حكم الله تعالى؟

قال: لا.

قالعليه‌السلام : فإنْ كان في يد المسلمين شيءٌ يملكونه، فادّعيتُ أنا فيه، مَن تسئل البينة؟

قال: إيّاك أسأل.

قالعليه‌السلام : فما بال فاطمة سألتها البيّنة منها على ما في يديها!

____________________

١) سورة النساء، الآية ١١.

٢) سورة المائدة، الآية ٥٠.

٧٢١

وقد ملكته في حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبعده.

فسكت أبو بكر هُنيهة، ثم قال: يا علي! دعنا من كلامك، فإنا لا نقوى على حجّتك، فإنْ أتيت بشهودٍ عدول، وإلّا فهي فيء للمسلمين، لا حق لك ولا لفاطمة فيها!!

فقال عليعليه‌السلام : يا أبا بكر تقرأ كتاب الله! قال: نعم، قالعليه‌السلام : أخبرني عن قول الله سبحانه:( إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَکُمْ تَطْهِيراً ) (١) فيمن نزلت؟ فينا أو في غيرنا؟

قال: بل فيكم! قالعليه‌السلام : فلو أنّ شهودا شهدوا على فاطمة بنت رسول اللهعليها‌السلام بفاحشة - والعياذ بالله - ما كنت صانعاً بها؟

قال: أقمتُ عليها الحدّ كما أقيم على نساء المسلمين!!

قالعليه‌السلام : كُنْتَ إذاً عند الله من الكافرين!

قال: ولِمَ؟ قال: لأنك رَدَدْتَ شهادة اللّه بطهارتها و قَبِلْتَ شهادة الناس عليها!

كما رددت حكم الله وحكم رسوله أنْ جعلَ لها فدك وزعمت أنّها فيءٌ للمسلمين، وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : البيّنة على المدَّعي، واليمين على من ادُّعي عليه.

فدمدم الناس وأنكروا على أبي بكر، وقالوا: صدق - والله - عليٌ.

ردّ الخليفة على فاطمة وعليٍّعليهما‌السلام

نقل ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج: ١٦/ ٢١٤ - ٢١٥/ ط دار إحياء التراث العربي عن أبي بكر الجوهري بإسناده إلى جعفر بن

____________________

١) سورة الأحزاب، الآية ٣٣.

٧٢٢

محمد بن عمارة قال: فلما سمع أبو بكر خطبتها شق عليه مقالتها فصعد المنبر و قال: أيّها الناس! ما هذه الرِّعة إلى كل قالة!

أين كانت هذه الأمانيّ في عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟! ألا مَنْ سَمع فليقُل! و من شهد فليتكلّم! إنّما هو ثعالة، شهيدُهُ ذَنَبُه، مُرِبٌّ لكلّ فتنة، هو الذي يقول: كرّوها جذعة بعد ما هرمت، يستعينون بالضعفة، و يستنصرون بالنساء، كأمّ طحال أحبّ أهلها إليها البغيّ، ألا إنّي لو أشاء أن أقول لقلتُ و لو قلتُ لَبُحْتُ، إنّي ساكتٌ ما ترُكت.

ثمّ التفتَ إلى الأنصار فقال: قد بلغني يا معشر الأنصار مقالة سفهائكم، و أحق من لزم عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنتم! فقد جاءكم فآويتم و نَصرتم، ألا إنّي لستُ باسطاً يداً و لا لساناً على مَن لم يستحق ذلك منّا.

ثم نزل فانصرفت فاطمةعليه‌السلام إلى منزلها.

بالله عليكم أنصفوا!!!

أيليق هذا الكلام البذيء والبيان الرديء لمدَّعي خلافة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟! أيجوز لشيخ كان صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يمثل بنت رسول الله وبضعة لحمه، بالثعلب أو بأمّ طحال الفاجرة؟!

ويمثّل الإمام عليعليه‌السلام بذنب الثعلب وهو الذي عظم الله قدره وأكبر شأنه في كتابه وجعله نفس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في آية المباهلة بلا منكر!!

الى متى تغمضون أعينكم وتصمّون آذانكم وتختمون على قلوبكم بالتغافل والتّعصب؟! فتنكرون ضوء الشمس في الضحى وتعيشون الجهل والعمى!!

٧٢٣

أفتحوا أعينكم وآذانكم وقلوبكم، واخرجوا عن الغفلة والتعصب، وادخلوا مدينة العلم والحكمة من بابها التي فتحها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله واعرفوا الحق وتمسكوا به وكونوا احراراً في دينكم و دنياكم!

أيها الحافظ: فلو أنّ قائلاً في هذا المجلس يقول بأنّ الحافظ كالثعلب والشيخ عبد السلام ذَنَبه، ويقول: أنّ زوجة الحافظ تكون مثل فلانة الفاجرة!!

ما كُنْتُ تَصنعُ به؟ أ كنتَ تسكت على تجاسر؟ أم تقول: إنّ كلامه ليس بتجاسر؟!

حتماً تحسب كلام القائل بالنسبة اليك سبّاً صريحاً وشتماً وقيحاً، يستحقّ أن تردّه بأخشن جواب! وربما أمرتَ أتباعك ومحبيك بضربه وتأديبه وتعذيبه وتأنيبه، والكل يعطونك الحق في ذلك، إذاً.. كيف تريدون منّا أن نصبر على تجاسر أبي بكر وسبه وشتمه لأبينا أمير المؤمنين وجدّتنا فاطمةعليهما‌السلام ؟ كيف نتحمل من أبي بكر وهو يدَّعي خلافة جدّنا النبي فيصعد منبره ويعبّر بتلك التعابير الركيكة عن جدّتنا الزهراء وأبينا أمير المؤمنين، فيشتمهم ذلك الشتم القبيح ويسبّهم السباب الوقيح، ملوّحاً أو مصرّحاً؟!

استغراب ابن أبي الحديد(١)

يستغرب ابن أبي الحديد ويتعجّب من جواب أبي بكر فلذلك

____________________

١) أقول: حق لابن أبي الحديد أن يستغرب من ذلك البيان فإن كلّ غيور من المسلمين والمسلمات يستغرب ويتعجّب بل يجب على المؤمنين كافة أن ينكروا على أبي بكر <=

٧٢٤

يقول: قرأت هذا الكلام على النقيب أبي يحيى جعفر بن يحيى بن أبي زيد البصريّ، و قلت له: بمن يعرّض؟ فقال: بل يصرّح. قلتُ: لو صرّح لم أسألك. فضحك و قال: بعلي بن أبي طالبعليه‌السلام .قلت: هذا الكلام كله لعليٍّ يقوله؟! قال: نعم، إنّه المـُلْك يا بُنيّ!قلت: فما مقالة الأنصار؟ قال: هتفوا بذكر عليٍّ، فخاف من اضطراب الأمر عليهم، فنهاهم.

فسألته عن غريبه، فقال: أمّا الرِّعة بالتخفيف أي: الاستماع و الإصغاء، و القالة: القول، و ثُعالة: إسم الثعلب، علمٌ ممنوعٌ من

____________________

= مقاله القيبح وكلامه الوقيح على سيدة نساء العالمين وبعلها سيد الوصيين وأمير المؤمنينعليه‌السلام ، كما أنّ السيدة الجليلة أم سلمة أم المؤمنين أنكرت على أبي بكر وردّت عليه، كما في دلائل الإمامة لابن جرير: ص ٣٩ قالت: أَلِمثْل فاطمة يُقال هذا و هي الحوراء بين الأنس و الأُنس للنفس رُبّيت في حجور أمهات الأنبياء و تداولتها أيدي الملائكة و نمت في المغارس الطاهرات نشأت خير منشأ و رُبِيَتْ خير مَربى أ تزعمون أنّ رسول الله حرّم عليها ميراثه و لم يعلمها و قد قال الله تعالى :( وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) ؟

أفَانذرها و جاءت تطلبه و هي خيرة النسوان و أمّ سادة الشبان و عديلة مريم ابنة عمران و حليلة ليث الأقران تمّتْ بأبيها رسالات ربه فو الله لقد كان يشفق عليها من الحر و القر، فيوسدها يمينه و يدثّرها شماله رويداً فرسول الله بمرأىً لأعينكم و على الله تَرِدون فواهاً لكم و سوف تعلمون.

أنسيتم قول رسول الله : أنت مني بمنزلة هارون من موسى، و قوله: إنّي تارك فيكم الثقلين ما أسرع ما أحدثتم و أعجل ما نكثتم!!

فحُرمَت أم سلمة عطاءها تلك السنة!!

«المترجم»

٧٢٥

الصرف، و مثل: ذؤالة للذئب، و شهيدُهُ ذَنَبُه، أي: لا شاهد له على ما يدَّعي إلّا بعضه و جزءٌ منه و مُرِبّ: ملازم، أرِبَّ بالمكان، و كرّوها جَذَعة: أعيدوها إلى الحال الأولى، يعني الفتنة و الهرج. و أمّ طِحال: امرأةٌ بغيٌّ في الجاهلية، و يُضرب بها المثل فيقال: اَزنى من أمِّ طِحال!!

لا أدري كيف تسنَّى لأبي بكر أنْ يتكلم بذلك الكلام البذيء؟ وكيف سنحت له نفسه أنْ يعبِّر بذلك التعبير المسيء ويؤذي فاطمة ويغضبها وقد سمعَ قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فاطمة بضعة مني مَنْ آذاها فقد آذاني ومن أغضبها فقد أغضبني؟!

وهل بذلك يُجاب احتجاج الإمام عليعليه‌السلام ؟ أشتمهُ عليٌ وسَبَّه؟ أم استدلّ له بحكم الله وبالعقل والمنطق؟

ما ضرّه لو قبل الحق وعمل به، ولا سيما وقد سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: عليٌ مع الحق والحق مع علي يدور الحق حيثما دار عليٌعليه‌السلام .

ليت شعري بأي دليل ولماذا يُسبُّ علياً وفاطمة ويشتمهما وقد سمعَ قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فيهما وفي أبنائهما: أنا سلم لمن سالمهم وحرب لمن حاربهم؟؟(١)

____________________

١) في مناقب الخطيب الموفق بن أحمد الخوارزمي الحنفي: ٢٠٦ أخرج بسنده عن يونس بن سليمان التميمي عن زيد بن يثبع قال سمعتُ أبا بكر يقول: رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خيَّم خيمة و هو متكئ على قوس عربية و في الخيمة عليٌ و فاطمة و الحسن و الحسين ع، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا معشر المسلمين! أنا سلمٌ لمن سالم أهل هذه الخيمة و حربٌ لمن حاربهم ووليٌ لمن والاهم لا يحبهم الّا سعيد الجد طيب الولاد، و لا يبغضهم إلّا شقيُّ الجد رديُّ الولادة قال: فقال رجل لزيد: يا زيد! أنت سمعت أبا بكر يقول هذا؟ قال: إي و ربّ الكعبة!

وأخرج هذا الحديث عبيد الله الحنفي في كتابه أرجح المطالب: ص ٣٠٩ وقال: أخرجه المحب الطبري الشافعي في الرياض النضرة.

«المترجم»

٧٢٦

عقاب من سبَّ علياًعليه‌السلام

لا شكّ أنّ الله سبحانه يعذَّب سابَّ عليٍّعليه‌السلام أشدّ العذاب، كائناً مَن كان، وقد فتح العلّامة الكنجي الشافعي باباً في كتابه كفاية الطالب وهو الباب العاشر في كفر من سب علياًعليه‌السلام ، روى بسنده عن يعقوب بن جعفر بن سليمان قال حدثنا أبي عن أبيه قال: كنت مع أبي عبد الله بن عباس و سعيد بن جبير يقوده، فمرّ على صُفّة زمزم فإذا قومٌ من أهل الشام يشتمون علياًعليه‌السلام ! فقال لسعيد بن جبير رُدّني إليهم، فوقف عليهم، فقال: أيّكم السّاب لله عزّ و جلّ؟ فقالوا: سبحان الله ما فينا أحدٌ سبّ الله، قال: أيّكم السابّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قالوا: ما فينا أحدٌ سب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . قال: فأيّكم الساب علي بن أبي طالبعليه‌السلام ؟ فقالوا: أمّا هذا فقد كان!! قال: فأَشْهَدُ على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سمعته أذناي و وعاه قلبي يقول لعلي بن أبي طالب: مَن سبَّك فقد سبّني و مَن سبَّني فقد سبّ الله و مَن سبّ الله أكبّه الله على منخريْه في النار.

وروى كثيرٌ من أعلامكم ومحدّثيكم أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال في عليٍّ وفاطمة: من آذاهما فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : من آذى علياً فقد آذاني.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : من سبّ علياً فقد سبّني ومن سبّني فقد سبّ الله(١) .

____________________

١) أقول: أخرج حديث ابن عباس الذي رواه العلامة الكنجي الشافعي كثير من أعلام العامة منهم: المحب الطبري في الرياض النضرة: ج ٢ ص ١٦٦، والموفق بن أحمد <=

٧٢٧

. . . . .

____________________

= الخطيب الخوارزمي في المناقب ٨١، والعلامة الزرندي في نظم درر السمطين / ١٠٥، والعلامة ابن المغازلي الشافعي في مناقبه / ٣٩٤ / حديث رقم ٤٤٧.

وروى ابن حجر في الصواعق المحرقة / ٧٢ / طبع المطبعة الميمنية بمصر: قال: (الحديث الثامن عشر) أخرج أحمد الحاكم وصححه عن أم سلمة قالت: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من سبّ علياً فقد سبّني.

وقال: (الحديث السادس عشر) أخرج أبو يعلى والبزّار عن سعد بن أبي وقّاص قال: قال رسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من آذى علياً فقد آذاني.

والأحاديث في هذا الباب كثيرةٌ بحيث لا منكر لها بين المسلمين، وقد ورد مثلها في حق فاطمةعليه‌السلام :

روى العلامة الهمداني الشافعي في كتابه مودّة القربى / المودة الحادية عشرة / عن عائشة أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد قال: فاطمة بضعة مني فمن آذاها فقد آذاني.

وفي الصواعق /١١٢ طبع مطبعة الميمنية بمصر الحديث الثالث والعشرون، أخرج أحمد والحاكم عن مسور أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: فاطمة بضعتي يغضبني ما يغضبها ويبسطني ما يبسطها. وفي صفحة ١١٤ / الحديث الخامس، أخرج أحمد والترمذي والحاكم، عن ابن الزبير أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها وينصبني ما أنصبها.

وروى في صفحة ١٠٨ /: فاطمة بضعة من يسرّني ما يسرّها.

وروى القندوزي في ينابيع المودة / الباب الخامس والخمسون، قال: وفي صحيح البخاري عن المسور بن مخرمة أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني.

قال: وفي صحيح مسلم، إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني مَن آذاها ويسرّني ما =

٧٢٨

. . . . .

____________________

= أسرّها. قال القندوزي: وفي الترمذي، عن مسور: إنّها بضَعة مني يريبني ما رابها، ويؤذيني ما آذاها، حديث حسن صحيح، وفي الترمذي أيضاً عن ابن الزبير:

انما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها وينصبني ما أنصبها، حديث حسن صحيح.

وفي الترمذي أيضاً وابن ماجة، عن صبيح مولى أم سلمة وزيد بن أرقم قالا: أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين: أنا حربٌ لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم.

قال القندوزي: وفي كنوز الدقائق للمناوي: إنّ الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها، قال: ورواه الديلمي.

وقال ابن حجر في الصواعق المحرقة / ١٤٣ / باب التحذير من بغضهم وسبهم /: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : مَن سبَّ أهل بيتي فإنما يرتدّ عن الله و الإسلام، ومن آذاني في عترتي فعليه لعنة الله، ومَن آذاني في عترتي فقد آذى الله، إنّ الله حرّم الجنّة على مَنْ ظلم أهل بيتي أو قاتلهم أو أعان عليهم أو سبّهم.

بعد نقل هذه الأحاديث من صحاح أهل السنّة ومسانيدهم، أُلْفِتُ نظر القارىء الكريم الى الخبر الذي رواه ابن قتيبة في كتابه المشهور الإمامة والسياسة / ١٤ و ١٥ / طبع مطبعة الأمة بمصر سنة ١٣٢٨ هجرية في عيادة أبي بكر وعمر لفاطمةعليه‌السلام :

... فقالت: أ رأيتكما إنْ حدّثتكما حديثاً من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تعرفانه و تفعلان به؟ قالا: نعم، فقالت: نشدتكما الله أ لَم تسمعا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: رضا فاطمة من رضاي و سخط فاطمة من سخطي فمن أحبَّ فاطمة ابنتي فقد أحبني و من أرضى فاطمة فقد أرضاني و من أسخط فاطمة فقد أسخطني؟ قالا: نعم سمعناه من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قالت: فإني أُشهد الله و ملائكته، أنّكما أسخطتماني و ما أرضيتماني و لَئِن لقيتُ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لأشكونّكما إليه. =

٧٢٩

الدليل الثاني في ردّ أبي بكر

قلنا بأنّ الدليل الأوّل على ردّ الحديث الذي نقله أبو بكر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : نحن معاشر الأنبياء لا نورّث، أنه مخالف لنصّ القرآن، فإنّ الآيات الكريمة صريحة في توريث الأنبياء.

____________________

= فقال أبو بكر: أنا عائذ بالله من سخطه و سخطك يا فاطمة! ثمّ انتحَبَ أبو بكر يبكي حتّى كادت نفسه أنْ تزهق، و هي تقول: و الله لأدعونَّ الله عليك في كل صلاة أصلّيها!!

ومشهور المحدثين قالوا: أنّ فاطمة ماتت وهي ساخطة على أبي بكر وعمر، منهم: البخاري في صحيحه / ج ٥ / ٥ باب فرض الخمس / روى عن عائشة فغضبت فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فهجرت أبا بكر فلم تزل مهاجرة حتّى توفيت. وفي ج ٦ / ١٩٦ / باب غزوة خيبر / عن عائشة فَوَجَدت [ أي غضبت ] فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته، فلم تكلمه حتى توفّيت.

ومثله لفظاً أو معنىً، في صحيح مسلم: ج ٢ / ٧٢، ومسند أحمد: ج ١ / ٦ و ٩، ومثله لفظا أو معنى، وتاريخ الطبري: ج ٣ / ٢٠٢، ومشكل الآثار للطحاوي: ج ١ / ٤٨، وسنن البيهقي: ج ٦ / ٣٠٠ و ٣٠١، والعلامة الكنجي في كفاية الطالب / الباب التاسع والتسعون / في أواخره، ثم قال: هذا حديث صحيح متّفق على صحّته، وتاريخ ابن كثير: ج ٥ / صفحة ٢٨٥ وقال في ج ٦ / ٣٣٣: لم تزل فاطمة تبغضه مدَّة حياتها - أي تبغض أبا بكر - وذكره بلفظ الصحيحين أي عن عائشة.

والديار البكري في تاريخ الخميس: ج ٢ / ١٩٣، ورواه عنها أيضاً بلفظ الصحيحين ابن أبي الحديد في شرح النهج: ج ٦ / ٤٦، وقال في صفحة ٥٠: والصحيح عندي أنها ماتت وهي واجدة على أبي بكر وعمر، وأنها أوْصت ألّا يصليا عليها.

أقول: والحرّ تكفيه الإشارة.

«المترجم»

٧٣٠

وأما الدليل الثاني في ردِّه: هو أنّنا نعلم بأنّ الإمام عليعليه‌السلام هو عَيْبَة علم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو الذي قال فيه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كما نقله علماء الفريقين: « أنا مدينة العلم وعلي بابها، وأنا دار الحكمة وعلي بابها، ومن أراد العلم والحكمة فليأت الباب ».

والحديث النبوي الآخر، الذي اشتهر أيضاً بين المحدثين من الفريقين قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « عليٌّ أقضاكم ».

فكيف يمكن أن يبيّن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حكماً خاصّاً في الإرث وقاضي دِيِنِه وباب علمه، لا يعلم ذلك؟ ولا سيما الحكم الذي يكون في شأن فاطمةعليه‌السلام وهي زوجة عليٍّعليه‌السلام وهو وصيُّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فكيف يقبل عقلكم أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يكتم هذا الأمر عن أخصّ الناس إليه وعمّن يخصُّهم الحكم و يقوله لأبي بكر الذي لا يرتبط بالموضوع؟! والمفروض أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول ذلك الحكم لوارثه أو وصيّه، وهذا أمر بديهيٌ يعرفه كل أحد حتّى عامة الناس والسوقيين، فكيف بسيد المرسلين وخاتم النبيين؟!

الشيخ عبد السلام: أما حديث أنا مدينة العلم، غير مقبول عند محدثينا، وكذلك لم يثبت عند جمهور علمائنا بأن علياً وصيُّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهذا الأمر غير مقبول، بل عندنا مردود ما رواه الشيخان البخاري ومسلم عن عائشة (رض) أنه ذُكر عندها أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أوصى. قالت: ومتى أوصى؟ ومن يقول ذلك؟ إنّه دعا بطست ليبول، وإنّه بين سَحري ونحري، فانخنث في حجري فمات وما شعرت بموته.

فكيف يمكن أن يوصي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأحدٍ ويخفى ذلك على أم

٧٣١

المؤمنين عائشة(رض)؟!

قلت: أما نفيك الحديث أنا مدينة العلم وعليٌ بابها فهو تحكُّم وتعصّب، لأنّ كثيراً من أعلامكم ذكروه في كتبهم وإسنادهم وحَسنّوه وصححوه، منهم:

الثعلبي، والحاكم النيسابوري، ومحمد الجزري وبن جرير الطبري والسيوطي والسخاوي والمتقي الهندي والعلّامة الكنجي ومحمد بن طلحة والقاضي فضل بن روزبهان والمناوي وابن حجر المكي والخطيب الخوارزمي والحافظ القندوزي والحافظ أبو نعيم وشيخ الإسلام الحمويني وابن أبي الحديد المعتزلي والطبراني وسبط بن الجوزي والنسائي وغيرهم(١) .

____________________

١) من الضروري أن أضع النقاط على الحروف وأذكر مصادر الحديث الشريف:

«أنا مدينة العلم وعليٌ بابها» بشكل أدق وأوضح، رواه الحاكم بسنده عن مجاهد عن ابن عباس في مسترك الصحيحين: ٣/ ١٢٦ وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ورواه بطريق آخر في صفحة ١٢٧ عن جابر بن عبدالله الأنصاري، والخطيب البغدادي في تاريخه ج ٤ / ٣٤٨ وبطريق آخر في ٧/ ١٧٢ وبطريق آخر في ج ١١ / ٤٨ وبطريق رابع في ج ١١ / ٤٩ ثمّ قال: قال القاسم: سألت يحيى بن معين عن هذا الحديث فقال هو صحيح. رواه ابن الأثير في اُسدْ الغابة ج ٤ / ٢٢ وابن حجر في تهذيب التهذيب: ج ٦/٣٢٠. وج ٧ / ٤٢٧، وفي كنز العمال ج ٦/ ١٥٢ والمناوي في فيض القدير ج ٣/٤٦، وقال أخرجه العقيلي وابن عدي والطبراني والحاكم عن ابن عباس، ورواه الهيثمي في المجمع ج ٩/ ١١٤ ورواه المتقي في كنز العمال ج ٦ /١٥٦ قال أخرجه الطبراني في صفحة ٤٠١ حكاه عن ابن جرير وفي صفحة ١٥٦ قال أخرجه أبو نعيم في المعرفة، ورواه المناوي أيضاً في كنوز الحقائق / ٤٣ قال أخرجه الديلمي ورواه المحبّ الطبري في الرّياض النضرة =

٧٣٢

الإمام علي وصي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله

وأما أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله اتخذ علياً وصياً لنفسه فهو أمر ثابتٌ للنصوص المتوافرة والروايات المتكاثرة حتّى عدّه العلماء من الأمور المتواترة، ولا ينكره الّا المعاند الحقود والمتعصب العَنود.

النوّاب: خليفة رسول الله هو الذي ينفّذ وصاياه، وينظم شئون أهله وزوجاته، كما أنّ الخلفاء الراشدين كانوا يضمنون لزوجات النبي كلما احتجن وكانوا يتكفّلون بمعاشهن ورزقهن. فلماذا تخصِّصون علياً كرم الله وجهه بالوصاية؟

____________________

= ج ٢ / ١٩٣ قال أخرجه في المصابيح في الحسان، ورواه ابن حجر في الصواعق / ٧٣ ط. المطبعة الميمنية قال: أخرجه البزار والطبراني في الأوسط عن جابر، وأخرجه الحاكم والعقيلي وابن عدي عن ابن عمر، والترمذي والحاكم عن عليعليه‌السلام وأما حديث: أنا مدينة الحكمة وعلي بابها.. الخ أو قال أنا دار الحكمة الخ فقد رواه الترمذي في صحيحه ج ٢ /٢٩٩ وفي تاريخ بغداد ج ١١ / ٢٠٤ بسنده عن ابن عباس، وفي كنز العمال ج ٦ / ٤٠١ قال: قال الترمذي وابن جرير معاً الخ وقال: أخرجه أبو نعيم في الحلية، ثمّ قال المتقي: وقال ابن جرير: هذا خبر عندنا صحيح بسنده وذكره المناوي في فيض القدير في المتن وقال: أخرجه الترمذي، ثمّ قال في الشرح: وفي رواية أنا مدينة الحكمة وعلي بابها.. الخ وقال أيضاً في شرح (عليٌ بابها): أي علي بن أبي طالبعليه‌السلام هو الباب الذي يُدْخَل منه إلى الحكمة، فناهيك بهذه المرتبة ما أسناها، وهذه المنقبة ما أعلاها، ومن زعم أنّ المراد بقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وعليٌ بابها أنّه مرتفع من العلو وهو الإرتفاع فقد تنحل لغرضه الفاسد بما لايجزيه، ولا يسمنه ولا يغنيه «انتهى كلام المناوي».

«المترجم»

٧٣٣

قلت: نعم لا ريب أنّ وصي النبي خليفته، وقد ذَكرتُ لكم في المجالس السابقة النصوص الواردة في أنّ علياً هو خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والآن أذكر لكم النصوص المتظافرة والأحاديث المتوافرة في أنّ علياًعليه‌السلام هو وصي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وليس غيره، والجدير بالذكر أنّي أنقل هذه الأخبار من كتب أعلامكم وإسناد علمائكم الموثقين لديكم، فلا يصحّ بعد ذلك أن يقول الشيخ عبد السلام: أنّ خبر تعيين النبي علياً بالوصاية مردودٌ عند علمائنا للخبر المروي عن أم المؤمنين عائشة، فإنّ الخبر الواحد لا يمكن أن يعارِض مجموع الأخبار المقبولة عند الأعلام والمرويّة عن الطرق الموثقة عن الأصحاب الكرام، فيؤخذ بالجمع ويسقط الواحد.

١- رَوى الثعلبي في تفسيره وفي كتابه المناقب، و، وروى ابن المغازلي الفقيه الشافعي في كتابه المناقب، والمير علي الهمداني في مودة القُربى / المودة السادسة، كلهم عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لما عقد المؤاخاة بين أصحابه، قال: هذا عليٌّ أخي في الدنيا والآخرة وخليفتي في أهلي ووصيّي في أمّتي ووارث علمي وقاضي ديني، ماله مني مالي منه، نفعه نفعي وضره ضري، مَن أحبّه فقد أحبّني ومن أبغضه فقد أبغضني.

٢- خصص الحافظ سليمان القندوزي في كتابه ينابيع المودّة باباً في الموضوع وهو: الباب الخامس عشر « في عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام وجعله وصياً » هكذا عنونه، ثمّ نقل فيه عشرين خبراً وروايةً عن طريق الثعلبي وشيخ الإسلام الحمويني والحافظ أبي نعيم، وأحمد بن حنبل و ابن المغازلي والخوارزمي والديلمي، وأنا أنقل إليكم بعضها:

٧٣٤

عن مسند أحمد بن حنبل بسنده عن أنس بن مالك قال: قلنا لسلمان: سَلْ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن وصيه. فقال سلمان: يا رسول الله مَن وصيُّك؟ فقال: يا سلمان! مَن وصيُ موسى؟ فقال: يوشع بن نون، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : وصيي ووارثي يقضي دَيْني وينجز موعدي، علي بن أبي طالب.

هذا الحديث! أخرجه سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص / ٢٦، وأخرجه أيضاً ابن المغازلي في مناقبه.

٣- وينقل عن موفق بن أحمد الخوارزمي بسنده عن بريدة قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : لكل نبي وصي ووارث وإنّ علياً وصيي ووارثي.

هذا الحديث أخرجه العلّامة الكنجي أيضاً في كتابه كفاية الطالب بسنده عن بريدة عن أبيه، وبعد نقله قال: هذا حديث حسن، أخرجه محدِّث الشام في تاريخه، كما أخرجناه سواء.

٤- ونقل عن شيخ الإسلام الحمويني عن أبي ذر قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا خاتم النبيين، وأنت يا علي خاتم الوصيين إلى يوم الدين.

ونقل عن موفق بن أحمد الخوارزمي أيضاً بسنده عن أم سلمة - أم المؤمنين - قالت: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله اختار من كل نبيّ وصياً، وعليٌ وصيي في عترتي وأهل بيتي وأمتي بعدي.

٦- ونقل عن مناقب ابن المغازلي بسنده عن الأصبغ بن نباتة قال: قال عليٌعليه‌السلام في بعض خطبه: أيها الناس! أنا إمام البريّة، ووصيُ خير الخليقة، وأبو العترة الطاهرة الهادية، أنا أخو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ووصيّه ووليّه وصفيّه وحبيبه، أنا أمير المؤمنين وقائد الغر المحجّلين وسيد الوصيين.

٧٣٥

حربي حرب الله وسلمي سلم الله وطاعتي طاعة الله وولايتي ولاية الله، وأَتباعي أولياء الله، وأنصاري أنصار الله.

٧- وروى أيضاً ابن المغازلي بسنده عن ابن مسعود عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: انتهت الدعوة اليَّ وإلى عليٍّ، لم يسجد أحدنا لصنم قط، فاتّخذَني نبياً واتخذ علياً وصياً.

٨- روى المير علي الهمداني الشافعي في كتابه مودّة القربى / المودة الرابعة / عن عتبة بن عامر الجهني قال: بايعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على قول: أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وأنّ محمداً نبيّه وعلياً وصيّه فأيّ من الثلاثة تركناه كفرنا الخ ...، وبعدها روى عن عليعليه‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إنّ الله تعالى جعل لكل نبيٍّ وصيّاً، جعل شيث وصيَّ آدم، ويوشع وصيَّ موسى، وشمعون وصيَّ عيسى، وعلياً وصيّي، ووصيِّي خير الأوصياء الخ

٩- نقل القندوزي في الباب الخامس عشر من ينابيعه عن أبي نعيم الحافظ أنه روى في حلية الأولياء بسنده عن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله عهد إليَ في عليٍّ عهداً وقال عزّ وجلّ: إنّ علياً راية الهدى، و إمام أوليائي، و نور مَن أطاعني، و هو الكلمة التي ألزمتها المتقين. مَن أحبه أحبَّني و مَن أبغضه أبغضني. فبشّره بذلك، فجاء عليٌّ فبشّرته بذلك، فقال: يا رسول الله! أنا عبد الله و في قبضته فإن يعذبني فبذنبي، و إن يتم الذي بشّرني به فالله أولى بي وأكرم بي. قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : قلت: اللهم أجْلِ قلبه و اجعله ربيعة الإيمان فقال جل شأنه: قد فعلت به ذلك. ثم قال تعالى: إنّ علياً مستخصٌّ بشيٍء من البلاء لم يكن لأحد من أصحابك! فقلت: يا رب، إنّه أخي ووصيي، فقال

٧٣٦

عزّ وجلّ: إنّ هذا شيءٌ قد سبق في عليٍّ، إنّه مبتلى و مبتلىً به.

١٠- ونقل القندوزي أيضاً في الباب عن مناقب الموفّق بن أحمد الخوارزمي روى بسنده عن أبي أيوب الأنصاري قال: إنّ فاطمة سلام الله عليها أتت في مرض أبيهاصلى‌الله‌عليه‌وآله وبكت، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا فاطمة! إنّ لكرامة الله إيّاك زوّجك مَن هو أقدمهم سلماً و أكثرهم علماً و أعظمهم حلماً، إنّ الله عزّ وجلّ اطّلع إلى أهل الأرض إطلاعة فاختارني منهم فبعثني نبياً مرسلاً، ثمّ اطّلع اطلاعة فاختار منهم بعلك فأوحى إليَّ أن أزوّجه إياكِ و أتخذه وصيّاً. قال القندوزي: وزاد ابن المغازلي في المناقب: يا فاطَمة! إنّا أهل بيت أُعطينا سبع خَصال لم يعطها أحد من الأولين و لا يدركها أحدٌ من الآخرين: مِنّا أفضل الأنبياء و هو أبوك، و وصيّنا خير الأوصياء و هو بعلك، و شهَيدنا خير الشهداء و هو حمزة عمك، و منّا مَنْ له جناحان يطير بهما في الجنّة حيث يشاء و هو جعفر ابن عمك، ومنّا سبطان وسيدا شباب أهل الجنة إبناك، والذي نفسي بيده إنّ مهديَّ هذه الأمة يصلّي عيسى بن مريم خلفه وهو من ولدك. قال القندوزي: وزاد الحمويني: يملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعد ما مُلئت جوراً وظلماً، يا فاطمة! لا تحزني و لا تبكي فإنّ الله عزّ وجلّ ارحمُ بك و أرأفُ عليكِ منّي و ذلك لمكانك مني و موقعك من قلبي.

قد زوّجك اللهُ زوجاً وهو أعظمهم حَسَباً و أكرمهم نَسَباً، و أرحمهم بالرعيّةَ و أعدلهم بالسويّة و أبصرهم بالقضيّة. انتهى ما نقله القندوزي(١) .

____________________

١) أذكر للقارىء الكريم مزيداً من مصادر العامة في اتخاذ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله علياً وصياً لنفسه، وذلك لأهميّة الموضوع: <=

٧٣٧

مات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ورأسه في حجر علي عليه‌السلام

أمّا ما نقله الشيخ عبد السلام عن عائشة: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مات ورأسه بين سحري ونحري، فهو مردود عند أهل البيتعليهم‌السلام لأنهم رووا إلى حد التواتر وأيّده كثير من أعلامكم أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مات ورأسه في حجر علي يناجيه.

الشيخ عبد السلام: لا أظن أحداً من علمائنا الأعلام ينقل هذا الخبر ويؤيّده، لأنّه معارض لرواية أم المؤمنين عائشة!

قلت: إذا أحببت أن تعرف حقيقة الأمر وينكشف لك الواقع فراجع:

____________________

= ١- مستدرك الصحيحين: ج ٣/ ١٧٢.

٢- مجمع الزوائد: ج ٩/١١٣ و١٤٦ و١٦٥.

٣- ذخائر العقبى: ١٣٥ و١٣٨.

٤- الرياض النضرة: ج ٢ /١٧٨.

٥- تهذيب التهذيب: ج ٣ /١٠٦.

٦- كنز العمال: ج ٦/ ١٥٣ و١٥٤ و٣٩٢ و٣٩٧ وج ٨/ ٢١٥.

٧- كنوز الحقائق: ٤٢ و١٢١.

٨- حلية الأولياء: ج ١/٦٣.

٩- تاريخ بغداد: ج ١١ /١١٢ وج ١٢ /٣٠٥.

١٠ - كفاية الطالب: الباب الرابع والخمسون.

ثم اعلم إنّ المصادر الموثوقة تحتوي على روايات كثيرة وردت بمعنى الوصاية، أعرضنا عنها خشية الإطالة.

«المترجم»

٧٣٨

١- كنز العمال: ج ٤/٥٥ و ج ٦/٣٩٢ و٤٠٠.

٢- طبقات ابن سعد: ج ٢ /٥١.

٣- مستدرك الصحيحين للحاكم: ج ٣ /١٣٩.

٤- وتلخيص الذهبي وسنن ابن أبي شيبة والجامع الكبير للطبراني ومسند أحمد بن حنبل: ج ٣، وحلية الأولياء / ترجمة الإمام عليعليه‌السلام ، ومصادر كثيرة أخرى، رووا بألفاظ مختلفة والمعنى واحد، عن أم سلمة وعن جابر بن عبد الله الأنصاري وحتى عن عائشة وغيرهم: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حينما قُبِض كان رأسه في حجر الإمام عليعليه‌السلام ، وقد أشار الإمام في نهج البلاغة إلى هذا الأمر حيث يقولعليه‌السلام :

و لقد قُبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله و إنّ رأسه لَعلى صدري و قد سالت نفسُه في كفّي، فأمررتها على وجهي، و لقد وُليّتُ غُسلَهُصلى‌الله‌عليه‌وآله و الملائكة أعواني، إلى آخر خطبته الشريفة، ومن أراد أنْ يطّلع عليها كاملة ويعرف رموزها ومغزاها فليراجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:ج ١٠/١٧٩ / ط دارإحياءالتراث العربي.

وفي صفحة ٢٦٥ من نفس المجلّد، قال: ومن كلامٍ لهعليه‌السلام عند دفن سيّدة النساء فاطمةعليه‌السلام ، كالمناجي به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عند قبره: السلام عليك يا رسول الله عنّي وعن ابنتك النازلة في جوارك.. إلى أن يقول: فلقد وسّدتك في ملحودة قبرك، و فاضت بين نحري و صدري نفسُك فإنّا لله و إنا إليه راجعون، إلى آخر كلامه(١) .

____________________

١) من المناسب ذكر الخبر المروي عن عائشة في هذا المجال وهو معارض لما رواه الشيخ عبد السلام من الصحيحين:

روى العلامة محمد بن يوسف القرشي الكنجي الشافعي المتوفّى سنة ٦٥٨ هجرية، <=

٧٣٩

ولقد أيّد هذا الكلام والمعنى كلّ من شرح نهج البلاغة من ابن أبي الحديد ومَن قَبْلَه ومَن بعده إلى الشيخ محمد عبده.

هذه دلائل كافية لردّ الخبر المروي عن عائشة، ولا يخفى أنّ عائشة كانت تحمل حقداً وبغضاً على الإمام عليٍّعليه‌السلام بحيث كانت ترى جواز وضع روايات تنفي بها فضائل عليعليه‌السلام ومناقبه!!

____________________

= في كتابه كفاية الطالب / الباب الثاني والستون قال في اواسطه: أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن محمد بن الحسن الصالحي، أخبرنا الحافظ ابو القاسم الدمشقي، أخبرنا أبو غالب بن البنا، أخبرنا أبو الغنائم بن المأمون، اخبرنا إمام أهل الحديث ابو الحسن الدار قطني، أخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن بشر البجلي، حدثنا علي بن الحسين بن عبيد بن كعب، حدثنا إسماعيل بن ريّان، حدثنا عبد الله بن مسلم الملائي عن أبيه، عن إبراهيم، عن علقمة والأسود عن عائشة قالت: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - وهو في بيتها لما حضره الموت - ادعوا لي حبيبي! فدعوْتُ له أبا بكر فنظر إليه ثم وضع رأسه، ثمّ قال: ادعوا لي حبيبي! فدعوتُ له عمر، فلما نظر إليه وضع رأسه، ثم قال: ادعوا لي حبيبي! فقلت: ويلكم ادعوا له علياً فو الله ما يريد غيره! فلما رآه أخرَجَ الثوب الذي كان عليه ثمّ أدخله فيه فلم يزل محتضنه حتّى قبض و يده عليه. قال العلامة الكنجي:

هكذا رواه محدث الشام في كتابه كما أخرجناه ثم قال: والذي يدلّ على أنّ علياً كان أقرب الناس عهداً برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عند وفاته، ما ذكره أبو يعلى الموصلي في مسنده والامام أحمد في مسنده، فنقل الخبر بسنده أيضاً عن أم سلمة قالت: والذي أحلف به كان علي أقرب الناس عهداً برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى آخر الخبر فراجع.

«المترجم»

٧٤٠