آلاء الرحمن في تفسير القرآن الجزء ٢

آلاء الرحمن في تفسير القرآن0%

آلاء الرحمن في تفسير القرآن مؤلف:
الناشر: مكتبة الوجداني - قم
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 152

آلاء الرحمن في تفسير القرآن

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: آية الله الشيخ محمد جواد البلاغي
الناشر: مكتبة الوجداني - قم
تصنيف: الصفحات: 152
المشاهدات: 60020
تحميل: 4372


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 152 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 60020 / تحميل: 4372
الحجم الحجم الحجم
آلاء الرحمن في تفسير القرآن

آلاء الرحمن في تفسير القرآن الجزء 2

مؤلف:
الناشر: مكتبة الوجداني - قم
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

(٥٤)أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ

____________________________________

جوابا وجزاء كما قال الشيخ الرضي وهو المعني بقول سيبويه اذن جزاء وحكاه في المغني عن سيبويه بدون تقييد بالأكثر وقال الشيخ الرضي كما اطلق النحاة ولكن قيده بذلك الفراء محتجا بقولهم أحبك فتقول اذن أظنك صادقا واختاره الشيخ الرضي وحجته قوله تعالى حكاية عن قول موسى لفرعون( فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ ) - هذا وقد سبق في الآيتين حال اليهود مع المشركين وضلالهم وتألبهم واماني غيهم ولعن الله لهم وذلك يتضمن الإنكار عليهم في حالهم النبي ومحادتهم لرسول الله والمؤمنين وفي أمانيهم الخاسئة في الانتصار عليهم فترقى القرآن عما سبق في توبيخهم وانتقل بالإضراب إلى الإنكار عليهم وتوبيخهم بوجه آخر وهو ان غرورهم وغلواءهم في الغي والمحادة هل لأن لهم نصيبا ذاتيا وحقا طبيعيا في ملك الله من حيث الدنيا والزعامة الدينية فيحتكرون ذلك عمن يشاءون فسفها لهم من اين يكون هذا الحق ويكفي في بطلان ادعائهم لذلك ما يعرف من حالهم الخسيس في الشبح وسنة الله في عباده وهو انهم ان كان لهم هذا النصيب والحق فاذن لا يؤتون الناس من هذا الملك مقدار نقير في الزنة والقيمة ولكن غيرهم من الناس قد نالوا اكثر منهم من مال الدنيا ورياساتها وزعاماتها الروحانية وما ذاك إلّا لأن أمر الملك بيد الله يؤتيه من يشاء.

فيكون حاصل الآية الكريمة هو الاضراب بالترقي في توبيخ اليهود على ما ذكر قبلها من تألبهم مع الطواغيت من المشركين على عداوة رسول الله والمؤمنين وتزلفهم للمشركين بتفضيلهم على المؤمنين والإنكار عليهم فيما تضمنه ضلالهم المذكور من أوهامهم تمنيهم أن ينتصروا بالمشركين على رسول الله والمؤمنين ٥٤( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ ) أي رسول الله باعتبار ما أوتي من الرسالة والوحي وسيطرتها وواجب الطاعة وكذا أمناء الله ورسوله على وحيه ودينه باعتبار مقامهم الرفيع في ذلك وواجب الطاعة وبهذا الاعتبار ما جاء في الصحيح المستفيض عن الباقر والصادق (ع) في الآية نحن المحسودون كما احصى بعضه في تفسير البرهان وقال ابن حجر في صواعقه أخرج ابن المغازلي عن الباقر (ع) نحن الناس أي المحسودون وفي الدّر المنثور أخرج ابن المنذر والطبراني من طريق عطا عن ابن عباس في الآية قال نحن الناس دون الناس( عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ) كما أشرنا إليه فإن اليهود يحاولون بطغيانهم في الضلال وتوغلهم

١٤١

فَقَدْ آتَيْنا آلَ إبراهيم الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً (٥٥)فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً (٥٦)إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا

____________________________________

في دناءة الحسد أن يخصوا كل نبوة وكل زعامة دينية بقومهم لأنهم كما يزعمون أنهم شعب الله وابنه البكر وأبناؤه وأحباؤه كل ذلك إعجابا بكونهم من بني إسرائيل لأجل مكان يعقوب عند الله. إذن فأين هم عن إبراهيم خليل الله رجل التوحيد وبطله وداعيته وشيخ النبوة ودعوتها وها هم العرب أولاد إسماعيل آل إبراهيم وكفى بذلك كرامة في الحسب الكريم. إذن فلترغم آنافهم( فَقَدْ آتَيْنا آلَ إبراهيم الْكِتابَ ) أي القرآن باعتبار انزاله على رسول الله سيد ولد إبراهيم وباعتبار استيداعه أمناء الوحي وكونهم عدل الكتاب في هدي الأمة واحد الثقلين الذين لا يضل من تمسك بهما وهما كتاب الله وعترة الرسول أهل بيته اللذين لن يفترقا حتى يردا على رسول الله الحوض كما تقدم ذكر الحديث في ذلك وتواتره في الجزء الأول ص ٤٣( وَالْحِكْمَةَ ) حكمة الرسالة وحكمة الإمامة( وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً ) وهو سلطان الرسالة وسيطرة الدين والشريعة والطاعة المفروضة على العباد ويتبع ذلك زعامة الإمامة التي هي عهد الله لإبراهيم في ذريته وفي الصحيح المستفيض عن الباقر والصادق (ع) كما في الكافي وبصائر الدرجات وتفسير العياشي وأحصى بعضه في تفسير البرهان ان الملك العظيم هي الطاعة المفروضة وهو تفسير بالأثر الظاهر الجامع مما ذكرناه وفي الكافي وبصائر الدرجات عن الباقر (ع) رواية في تفسير الآية واللتين قبلها ما يفضي بخلاف ما قلناه ويمكن تنزيل الرواية على ما ذكرناه والله العالم ٥٥( فَمِنْهُمْ ) أي من آل إبراهيم وقيل من اليهود والأول أقرب وأنسب( مَنْ آمَنَ بِهِ ) أي بالملك العظيم بدخولهم في الإسلام( وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ ) تستعمل صد قاصرة بمعنى أعرض أي صرف نظره ووجهه عن الشيء المرئي له فيكون المعنى انهم أعرضوا عن الإيمان بهذا الملك العظيم بعد ما قامت به الحجّة الواضحة وكان لهم كالمرأي بالعيان فويل للذين لعنهم الله ويحسدون الناس على ماءاتاهم والذين يصدون عن سلطان الإسلام وملكه العظيم( وَكَفى بِجَهَنَّمَ ) في عذابهم( عِيراً ) بمعنى مسعور يستوي فيه المذكر والمؤنث يقال سعر النار وأسعرها إذا أوقدها بل الذي يفهم من موارد الاستعمال هو إيقادها بشدة وشدة اتقادها ٥٦( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا

١٤٢

بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً (٥٦)وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا

____________________________________

بِآياتِنا ) فكفروا بالرسول الأكرم والكتاب الكريم( سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ) يوم القيامة( ناراً ) مسعرة يصلونها( كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ ) بسعيرها( بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها ) في الصورة بأن تعود بقدرة الله تلك الجلود الناضجة كالتي لم تنضج ليبقى فيها حسها فيدوم بذلك عذابهم فعن أمالي الشيخ مسندا وفي كتاب الاحتجاج عن الصادق (ع) انه سئل عن ذلك فقال هي هي وهي غيرها وضرب لهم المثل باللبنة إذا كسرتها حتى صارت ترابا ثم صببت عليها الماء وجبلتها لبنة على هيأتها فهي هي في المادة وانّما حدث التغيير والمغايرة في الصورة. أقول وهذا هو المنطبق على حكمة المعاد الجسماني(١) وان الله يحيي العظام وهي رميم ومن ذلك قوله تعالى في سورة الأسراء( انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً قُلْ كُونُوا حِجارَةً أو حَدِيداً أو خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ) (٢) وهو الوجه للرازي وجزم به أبو السعود( لِيَذُوقُوا الْعَذابَ ) الدائم( إِنَّ اللهَ كانَ ) ولا يزال( عَزِيزاً ) في حكمه( حَكِيماً ) في أعماله ٥٧( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا

__________________

(١) وقد أشرنا إلى شيء من ذلك في الجزء الثالث من المدرسة السيارة ص ١٢١ حتى ١٢٣ في الطبعة الأولى والثانية

(٢) ولكن صاحب المنار نسب هذا المروي للمتكلمين وقال انه سفسطة ظاهرة. وليته ابان الوجه في كونها سفسطة ظاهرة وقد اختار هو ان يكون ذلك من مقتضى العادة في الدنيا في ان الجلد إذا لفحته النار وفسد نبت تحته جلد آخر يخلفه كما جرى ديدنه في تفسيره من إبائه لخوارق العادة بقدرة وتنزيل ما جاء من ذلك في القرآن على السنة الكونية والنظام الطبيعي كما أشرنا إلى بعضه في بعض تعليقاتنا في هذا التفسير على كلامه ولكنه لماذا لا يلتفت ان أمر القيامة وبقاء الأجسام في تلك النار العظيمة المهولة دهورا وأحقابا إنّما هو خرق لما هو العادة والسنة الكونية في الحياة الدنيا واما ما يراه من نبات الجلد في الدنيا تحت الجلد المحترق فإنما هو من تقدير الله للنمو بالتغذي إذا لم يمنع ما قدر الله منعه كدوام النار عليه ومن اين يكون لأهل جهنم والسعير ذلك النمو المقدر في الدنيا والحال انهم في جهنم «ليس لهم طعام إلّا من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع» بل جعل الجوع زيادة في العقاب لا لأجل التغذي والنمو فأين قياسه وكيف يقيس

١٤٣

الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً

____________________________________

الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ) قد مر في متفرقات الجزء الأول تفسير ذلك في جمله ومفرداته( لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ ) في الفقيه عن الصادق (ع) اللاتي لا يحصن ولا يحدثن والظاهر انه (ع) ذكر اكبر القذارات الملازمة لنوع النساء ومقتضى إطلاق التطهير لهن انهن مبرات من كل نجاسة وخبث وقذارة في الخلقة والأخلاق

إلى هنا وقف براعه الشريف ولم يمهله الأجل «قده» لإتمام هذا السفر الجليل وقد أحب تعجيلا للخير ذكر الآية السادسة من سورة المائدة لمناسبة ذكر آية التيمم المار ذكرها قريبا في سورة النساء فقال طاب ثراه

وحيث ان الآية السادسة من سورة المائدة لها مشاركة مع آية التيمم في كثير من الأحكام آثرنا أن نتعرض لتفسيرها في هذا المقام قياما بحق المناسبة وما نحاوله من الاختصار وتعجيلا للخير ومن الله التوفيق والتسديد.

فلا يخفى انه يعرف من الآية ان الجنب لا يقرب الصلاة حتى يغتسل وان ذلك الاغتسال هو طهارة الجنب لاستباحة الصلاة كما يؤكده قوله تعالى في آية المائدة( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ) كما يعرف من الآية ان المجيء من الغائط له قسم من الطهارة المائية مقابل لطهارة الجنب وعند فقد الماء يتيمم وقد أشرنا ان المجيء من الغائط كناية عما يعرض للذاهب إلى الغائط من خروج البول أو العذرة أو الريح ذات الصوت أو غيرها ولا يبعد ان ذلك معلوم عند المسلمين من السنة الشريفة من أول تشريع الصلاة وجاءت الآية مؤكدة لتشريعه على وجه الإشارة لحفظ تلك المشروعية وحجتها بما وعد الله به من حفظ القرآن الكريم نعم لا يفهم من الآية وجوب الطهارة للقيام من النوم فقال جل اسمه في سورة المائدة تأكيدا لحفظ شرعية الوضوء وصورته الواجبة في سورة المائدة التي دل الحديث المتفّق عليه بين المسلمين انها آخر ما نزل من القرآن وان أحكامها محكمة لم يعترها نسخ وتغيير( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إلى الصَّلاةِ ) متوصلين بقيامكم إلى الصلاة في التهيؤ لها. وليس المراد منه القيام الذي هو من أفعال الصلاة فإنه قيام للصلاة كالسجود للصلاة لا قيام إلى الصلاة وللرازي في المقام في المسألة الأولى كلام غير

١٤٤

منتظم. وروى الشيخ في التهذيب في الصحيح عن عبد الله بن بكير(١) قلت لابي عبد الله يعني الصادق (ع) قوله تعالى( إِذا قُمْتُمْ إلى الصَّلاةِ ) ما يعني بذلك قال (ع) إذا قمتم من النوم قلت ينقض النوم الوضوء قال نعم الحديث. وفي قلائد الدرر للجزائري وتفسير البرهان وفي تفسير العياشي عن بكير بن أعين عن أبي جعفر يعني الباقر (ع) في قول الله جل وعلا( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إلى الصَّلاةِ ) قال قلت ما عنى بها قال من النوم وروى مالك في الموطأ عن زيد بن اسلم(٢) ان تفسير هذه الآية إذا قمتم من المضاجع يعني النوم وفي الدّر المنثور أخرج مالك والشافعي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن زيد بن اسلم والنحاس وذكر مثله. واخرج ابن جرير عن السدي مثله( فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ) اطلاق الغسل يقضي بجريانه على العادة في الغسل بالماء ويوضحه قوله تعالى( فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا ) ماء وعلى النحو الذي لا يؤتى به لازالة وسخ تحتاج إلى ذلك وكثرة إفاضته للماء لأجل كثرته واستيلائه على الوجه بل يكفي فيه ما يحصل به غسل النقي عن الوسخ والحاجب للماء عن البشرة والعادة في مثله تقتضي انه باليد الواحدة وهي اليمنى وهي المعدة للأعمال مضافا إلى انها المطلوبة في الشرع للأعمال المحترمة ولا يكون الغسل للوجه بكلتا اليدين في العادة إلّا في مقام الحاجة إلى افاضة الكثير لأمر هو فوق مسمى الغسل كإزالة الخضاب مثلا أو التراب الكثير أو الطين ونجو ذلك مضافا إلى ان العادة في الوضوء هو استعمال اليد اليسرى بإفراغ الماء من الإناء في اليمنى إذا فلا حاجة ولا مداخلة لليسرى في الغسل. كما أنَّ المعتاد عليه في غسل الوجه ان يكون من أعلاه إلى أسفله فالإطلاق بحسب دليل الحكمة في الطبيعة المهملة إنّما يجري في الافراد العادية التي تتسابق بصدق الطبيعة إلى الذهن فيقال حينئذ لو أراد المتكلم افرادا خاصة من هذه لحصرها بالتقييد وأما الافراد الخارجة عن الغالب والمعتاد فلا تسبق إلى الذهن مع الغالب والمعتاد فلا يسري دليل الحكمة بالإطلاق إليها بل يقال حينئذ لو أرادها المتكلم لنص على ارادتها

__________________

(١) الظاهر الاتفاق على انه ثقة وان كان فطحيا وعن الكشي انه ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه وأقروا له بالفقه

(٢) زيد ابن اسلم تابعي من الخامسة ثقة والنحاس ثقة فاضل من صغار العاشرة. والسدي إسماعيل بن عبد الرحمن صدوق بهم ورمي بالتشيع من الرابعة وإسماعيل بن محمد الفزاري نسيب السدي الأول أو ابن بنته أو أخته صدوق يخطى ورمي بالرفض من العاشرة. ومحمد بن مروان بن عبد الله بن إسماعيل السدي كوفي متهم بالكذب من الثامنة (قب)

١٤٥

بما يمثلها للذهن بالاستقلال أو مع الافراد الغالبة المعتادة. هذا وان تعلق الغسل باسم الوجه يقضي بأن يغسل جميع ما يسمى وجها كما تقدم في صحيحة زرارة عن الباقر (ع) والمرجع في بيان مسمّى العرف العام ومن لم يغسله كلّه لم يتحقق منه غسل الوجه فلا يتحقق منه امتثال الأمر به ومن المعلوم الوجه من جانب الطول هو من قصاص شعر الناصية في مستوى الخلقة دون الأنزع والأغم إلى آخر الذقن وفي صحيح الكافي والفقيه والتهذيب عن زرارة قلت لابي جعفر الباقر (ع) أخبرني عن حد الوجه الذي ينبغي ان يوضأ الذي قال اللهعزوجل فقال (ع) الوجه الذي قال اللهعزوجل وأمر اللهعزوجل بغسله الذي لا ينبغي لأحد ان يزيد عليه ولا ينقص منه الذي ان زاد عليه لم يؤجر(١) وان نقص منه اثم ما دارت عليه الوسطى والإبهام من قصاص شعر الرأس إلى الذقن وما جرت عليه الإصبعان مستديرا فهو من الوجه فقال له الصدغ(٢) من الوجه فقال لا (انتهى) والمراد من الوجه ما يواجه بالرؤية وان كان شعر اللحية والشارب( وَأَيْدِيَكُمْ ) وهي اسم للعضو المعروف وتشملها إلى الكتف ولا يدخل في مسماها الشعر فلا يكفي غسله عن غسل البشرة( إِلَى الْمَرافِقِ ) المرفق هو مجمع عظمي الذراع والعضد وجرت الآية على المعتاد والمتعارف من أنَّ الذي يغسل من اليد ما كان من ناحية الأصابع والكف والذراع فإنه المعرض لما يحتاج إلى الغسل دون ما كان من ناحية الكتف إلى المرفق فلا اطلاق في الآية ولا إجمال ولا إبهام كما أنّ العادة في غسل الذراع خصوصا من الغبار والأوساخ بل وللتبريد ان يغسل من الأعلى متدرجا إلى الأنامل فيجري الإطلاق عليه كما تقدم في تعيين المغسول في اليد إلى المرافق مع ان النكس في تمام غسل اليد مما يحتاج إلى صعوبة كما نرى ان العمل عليه لا يقع غالبا إلّا مبعضا وربما يجري على هذا ما في الدّر المنثور مما أخرجه الدارقطني والبيهقي في سننهما عن جابر بن عبد الله قال كان رسول الله إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه. وما أخرجه أحمد ومسلم عن عمرو بن عتبة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديثه وإذا غسل وجهه كما امره الله إلّا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء ثم غسل يديه إلى المرفقين إلّا خرت خطايا يديه من أطراف أنامله مع الماء (الحديث) وهو يوضح ان منتهى مجرى الغسل ومجرى الماء هي أطراف اللحية والأنامل أقول وحاصل المقام ان كلمة الى

__________________

(١) هذا في صورة عدم التشريع واما مع التشريع يأثم

(٢) الصدغ بضم الصاد وهو منبت الشعر ما بين مؤخر العين واصل الاذن في الانثي والذكر

١٤٦

ليس لتحديد الغسل وبيان انتهائه إلى المرفق بعد ابتدائه من أول اليد بل إنّما هي لتحديد المغسول كما تقول إغسل ثوبك إلى جيبه واخضب كفّك إلى مفصل الزند واصقل السيف إلى ضبته ونحو ذلك وعلى هذا اجماع الإمامية وحديثهم نعم يحكى عن بعضهم جواز النكس تشبثا بإطلاق الغسل كما في الامثلة المذكورة ولكن ما ذكرنا من العادة والغالب في غسل هذا المقدار من اليد يمنع الإطلاق عن النظر إلى غير الغالب المعتاد مضافا إلى صحيحة بكير وأخيه زرارة المروية في الكافي والتهذيبين في حكاية الباقر (ع) لوضوء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وفيها فغسل يده اليمنى من الموفق إلى الأصابع لا يرد الماء إلى المرفق ثم غمس كفه اليمنى في الماء فاغترف بها من الماء فأفرغه على يده اليسرى من المرفق إلى الكف لا يرد الماء إلى المرفق كما صنع في اليمنى ثم مسح رأسه وقدميه إلى الكعبين بفضل كفيه لم يجدد ماء وفي رواية الكافي فغسل بها ذراعه من المرفق إلى الكف لا يردها إلى المرفق والمراد إلى ناحية الكف ونحوهما في الصراحة رواية الكافي في الحسن كالصحيح عن زرارة عن الباقر (ع) وجاء لفظ المرافق باعتبار صورة الخطاب بالجمع( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) كما يقال اغسلوا أيديكم إلى مرافقكم وان كان لكل مكلّف مرفقان ويصح ان يقال إلى المرفقين باعتبار النظر إلى ان خطاب الجماعة بالتكليف ينحل في الحقيقة إلى خطابات متعددة بتعدد المخاطبين المكلفين فيذكر المرفقان باعتبار كل مكلف ولم يسمع في فصيح الكلام وصحيحه حل جمع الايدي إلى افرادها فيقال وأيديكم إلى المرفق باعتبار اليد الواحدة إلّا أن يقال فاغسلوا وجوهكم وأيديكم كل يد إلى المرفق وامسحوا أرجلكم كل واحدة إلى العقب والسر في ذلك ان غير الجموع الخطابية لا علاقة لها يحلها إلى المفردات إلّا ان يشار إلى المفرد بقولك كل واحدة أو كل يد أو كل رجل ثم تحكم على المفرد بحكمه فلا تقول ولم تسمع قسمت الدراهم إلى نصفين مثلا وإن تريد قسمة كل درهم إلى نصفين بل لا بد لك أن تقول قسمت الدراهم كل درهم إلى نصفين لأنّ الحكم يجره سوق الكلام إلى الجمع( وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ ) قد بينا سابقا من مكان الباء التي هي للآلة أنَّ المسح بالرأس يكون ببعضه كما كان المسح في التيمم بالوجه ببعضه وقد سبقت الحجّة من الباقر (ع) على أنَّ المسح يكون ببعض الرأس.

١٤٧

فهرس الجزء الثاني في كتاب آلاء الرحمن

أوّله سورة النساء ٢

(سورة النساء) ٢

آدم ابو البشر وأصله ٣

آدم اصل البشر وما يزعمه أهل الصين ٤

صاحب المنار واستاذه - اوالارحام ٥

فانكحوا ما طاب ٦

تعدد الزوجات ٩

علامات البلوغ ١٤

رشد اليتيم ١٥

مال اليتيم ١٧

في الميراث ٢٣

ارث البنات والأبوين ٢٤

كلالة الأم ٢٧

الكافر لا يرث المسلم والمسلم يرث الكافر ٣١

العبد لا يرث. ولد الزنا لا يرث ٣٣

في التعصب ٣٤

في العول ٤٦

ارث الزوجة - الحبوة ٥٤

في التوبة المطلوبة ٥٨

عوائد بعض العرب إذا مات حميم الرجل وله امرأة ٥٩

في مصاديق الفاحشة ٦٠

معنى البهتان ٦١

١٤٨

ما ينسب إلى الشافعي في ولد الزنا ٦٣

ارضاع المحرم ٦٤

في الفرق بين ام الزوجة والربيبة ٦٦

حرمة ام الموطوءة بالملك ٦٧

في حرمة الربائب ٦٨

في حرمة حليلة الابن ومملوكته ٧٠

في حرمة حليلة الابن الرضاعي وكلام صاحب المنار في تحريم الجمع بين الاختين ٧١

في حرمة الجمع حتى في الملك ٧٢

متعة النساء ٧٤

متعة النساء وتسمية هذا النكاح بالمتعة ٧٦

متعة النساء ودوام مشروعيتها إلى ما بعد زمن النبي (صلى الله عليه وآله) ٧٧

في متعة النساء ودعوى نسخها ٨٠

في متعة النساء وكلام صاحب المنار ٨٥

في متعة النساء وما يتشبث به لتحريمها ٨٦

تزويج الأمة ٩١

المراد من الإحصان ٩٢

معنى العنت ٩٤

معنى اللام في (ليبين) واشتباه الرازي ٩٥

١٤٩

لاتأكلوا: ومعنى الأكل ٩٧

في مصاديق قتل النفس ٩٨

معنى الكبائر والسبب لاخفائها ٩٩

في ان الأئمة كرسول الله (صلى الله عليه وآله) وارث من لا وارث له ١٠٤

في بيان من له سيطرة البعث ١٠٨

بيان الإحسان ١٠٩

بيان تكرار القربى ١١٠

لاتقربوا الصلاة وانتم سكارى والروايات الواردة في سبب نزولها ١١٥

اضطراب الروايات في سبب نزول لاتقربوا ١١٦

سبق تحريم الخمر وانه محرم في كل شريعة ١١٧

قصاص الرواة ينسبون لقدس رسول الله (صلى الله عليه وآله) اشنع شيء ١١٨

المراد من (سكارى) هو سكر النوم ١١٩

١٥٠

المراد من (لا تقربوا) ١٢٠

في جواز اجتياز الجنب المسجد ١٢٤

معنى الصعيد ١٢٧

في بيان التيمم وكلام صاحب المنار ١٢٨

مزاعم صاحب المنار ودعوى القيد ١٢٩

معنى الطيب ١٣٠

كيفية التيمم ١٣١

في بيان الممسوح والممسوح به ١٣٢

معنى الطمس ١٣٥

ان الله لا يغفر ان يشرك به اي الرشك الدائم ١٣٦

في معنى التزكية ١٣٨

في معنى الفتيل لغة وموارد استعماله ١٣٩

ام يحسدون الناس ١٤١

في ان الناس هم النبي (صلى الله عليه وآله) واهل بيته ١٤١

في تفسير آية الوضوء ١٤٤

١٥١

انا لله وانا اليه راجعون

قد انقطع (بالرغم منا و من المسلمين) سلك هذا السفر العظيم والكتاب الكريم قبل اختتامه اقصمت عروته الوثقى قبل انتهائه وفجع الاسلام و المسلمون بمفاجأة الأجل لعميدهم وعماده اعني الناظم لهذه الدرر المنثورة والجامع لشتات هذه اللئالئ المنشورة (هو) الذي عقمت النساء في هذه الأعصار ان يلدن له من مثيل وهيهات ان يرينا الدهر لمثله من نظير (هو) الذي لاغاية لأمد جهاده ولا منتهى لدى اصلاحه (هو) الذي تمثل مناضلا عن الدين ومدافعا عن شريعة سيد المرسلين.

(هو) الذي كان المزبر سادس أنامله والقرطاس أليف نهاره وسمير ليله (هو) الذي كان في حر النجف القائظ وبرده القارس جليس غرفته لا هم له الا الأخذ بناصر الدين والنظر في صالح المسلمين بتأليف او بيان الا (وهو) الامام المجاهد بطل العلم و العمل حجة الاسلام والمسلمين برهان الملة والدين آية الله البلاغي (الشيخ محمد جواد) بن الشيخ حسن النجفي طيب الله ثراه واحسن مثواه ولم يزل (قده) مكبا على التصنيف والتأليف بكل جد وسعي حتى تضاءلت قواه وضعفت باصرته على شيخوخة من عمره لكن في جدة من شباب عزيمته حتى انه (قده) أنهى اواخر هذا التفسير بالقائه على التلاميذ والكتبة المحتفين به على ما هو عليه من شدة المرض وغاية الضعف مطروحاً في فراش الموت فجزاه الله تعالى عن الاسلام والمسلمين خير جزاء المحسنين وكان له (قده) من العمر ما بقرب من السبعين وكانت ولادته في النجف الاشرف من العراق في نف و ١٢٨٠ هـ وبها كان نشؤه وارتقاؤه ومبادئ تحصيله وأتم دروسه العالية لدى اعلام عصره الفطاحل آيات الله على الانام الحاج آقا رضا الهمداني. والشيخ محمد طه نجف. والمولى محمد كاظم الخراساني قدس الله تعالى اسرارهم ثم كانت هجرته الى سامراء على عهد الامام المقدم آية الله الميرزا محمد تقي الشيرازي طاب ثراه وطوى هنالك عشرا من الأعوام وبها ألف بعض كتبه (كالهدى) وغيره ثم غادرها لما احتلها الحشد البريطاني وهاجر من كان بها الى الكاظمية ومنهم المترجم (قده) ومكث فيها عامين له فيهما مساعية المشكورة مع العلماء الاعلام حول القضية العراقية وطلب الاستقلال وتسجيله وفيها ألف رسالته في تنحيس المتنجس ثم بارحها معرجا على النجف الأشرف ثانيا واقام بها الى ان صار أحد أعلامها الهداة والحجج والآيات ثم أتاه الأجل المحتوم وقضى نحبه سعيدا ليلة ٢٢ من شهر شعبان سنة ١٣٥٢ هـ وكان لوفاته (قده) أثر كبير في نفوس عظماء الدين كافة وأقيمت له الفواتح في جميع البلاد العراقية وتشادق الادباء في رثائه وتأبينه وطار نبأ فجيعته شرقا و غربا فنسأل الله تعالى أن يعلي في الخلد مقامه ويرفع اعلامه وكان تمام طبع الاوراق الأخيرة على بد الاحقر الراجي حسن الحسيني اللواساني النجفي عفي عنه في الثامن من شهر رجب الاصب سنة ١٣٥٥ هـ.

١٥٢