جنّة الحوادث في شرح زيارة وارث

جنّة الحوادث في شرح زيارة وارث0%

جنّة الحوادث في شرح زيارة وارث مؤلف:
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
ISBN: 964-94216-1-0
الصفحات: 195

جنّة الحوادث في شرح زيارة وارث

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: آية الله حبيب الله الشريف الكاشانيّ (قدس سره)
تصنيف: ISBN: 964-94216-1-0
الصفحات: 195
المشاهدات: 23410
تحميل: 4138

توضيحات:

جنّة الحوادث في شرح زيارة وارث
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 195 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 23410 / تحميل: 4138
الحجم الحجم الحجم
جنّة الحوادث في شرح زيارة وارث

جنّة الحوادث في شرح زيارة وارث

مؤلف:
ISBN: 964-94216-1-0
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وقد أحسن مَن قال: كانصلى‌الله‌عليه‌وآله أطيب الناس ريحاً، وأحسنهم خُلقاً، وأملحهم خَلقاً، وأعذبهم قولاً، وألطفهم كلاماً، وأصدقهم فعلاً، وأعدلهم مزاجاً، وأحدّهم حسّاً، وأدقّهم نظراً، وأعلاهم درجةً، وأكملهم عقلاً، وأقواهم نفساً وأقربهم إلی الله، وأجذبهم نوراً، وأكثرهم صبوراً، وكان آدمعليه‌السلام ظلّ ذاته، ونوح حامل راياته، وإبراهيم حاكي صفاته، وموسی نائب آياته، وعيسیٰ مبشِّر شرعه، وإدريس منجم دينه، وزكريا مؤذِّن مسجده، ويونس ساقي قومه

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : (أنا أملح ويوسف أحسن، حمل النبوّة في الأزل، وقبل الرسالة عند الأول)

قمرٌ منيرٌ دائم الإشراقِ

قامتْ عليه قيامةُ العشّاقِ

بدرٌ تمنّیٰ الناظرون لوائه

ما بينهم يمشي علی الأحداقِ

وبالجملة هذا المقام فوق الإدراك وكفاك شاهداً حديث : (لولاك لما خلقت الأفلاك)(١) وبيان حقيقة المحبّة وعلاماتها، وسائر ما يتعلّق بها لا يسعه هذا المختصر، ومَن أراد الإطّلاع علی ذلك كلّه فليطالع كتاب إحياء العلوم للغزالي(٢)

________________________

١ ـ راجع عوالم العلوم ص ٢٦ عن مجمع النورين وملتقی البحرين ص ١٤، وفاطمة الزهراء بهجة قلب المصطفی ص ٩، وهذا نصّ الحديث القدسي : عن جابر بن عبدالله الأنصاري، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن الله تبارك وتعالی أنّه قال: (يا أحمد لولاك لما خلقتُ الأفلاك، ولولا علي لما خلقتُكَ، ولولا فاطمة لما خلقتكما)

٢ ـ هو أبو حامد محمّد بن محمّد الغزالي، ولد في طوس عام ٤٥٠ هـ، وتوفي سنة ٥٠٥ هـ، وله مؤلّفات عديدة ولكن أشهرها وأهمّها كتاب (إحياء العلوم)، وهذا الكتاب ـ علی ما قاله المصنّف في المقدّمة ـ مرتّب علی أربعة أرباع وهي : ربع العبادات، وربع العادات، وربع المهلكات، وربع المنجيات وللاطّلاع راجع الجزء الثالث، ص ٦٩ ط، دار الجيل، بيروت

٨١

فلنقصر في المقام علی ما في كتاب مصباح الشريعة(١) قال الصادقعليه‌السلام : (حبّ الله إذا أضاء علی سرّ عبدٍ أخلاه عن كلّ شاغل وكلّ ذكرٍ سوی الله، والمحبّ أخلص الناس سرّاً لله، وأصدقهم قولاً، وأوفاهم عهداً، وأزكاهم عملاً، وأصفاهم ذكراً، وأعبدهم نفساً تتباهی الملائكة عند مناجاته، وتفتخر برؤيته، وبه يعمر الله بلاده، وبكراماته يكرم عباده، يعطيهم إذا سألوا بحقّه، ويدفع عنهم البلايا برحمته، فلو علم الخلق ما محلّه عند الله ومنزلته لديه ما تقرّبوا إلی الله إلّا بتراب قدميه)(٢)

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : «حبُّ الله نار (الله)(٣) ، لا تمرُّ علی شيءٍ إلّا احترق(٤) ، ونور الله لا يطّلع علی شيءٍ إلّا أضاء، وسحاب(٥) الله ما ظهر من تحته شيءٍ إلّا غطّاه، وريح الله ما تهب في شيء إلّا وحرّكته، وماء الله يُحيي به كلّ شيء، وأرض الله ينبت منها كلُّ شيءٍ، فمن أحبّ الله أعطاه كلّ شيء من الملك والملكوت»(٦)

وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : (إذا أحبّ اللهُ عبداً من أُمّتي قذف في قلوب أصفيائه وأرواح ملائكته، وسكّان عرشه محبّته ليحبّوه، فذلك المحبّ حقّاً طوبی له وله

________________________

١ ـ كتاب مصباح الشريعة من الكتب الأخلاقية التي تتألّف من مئة باب في الأخلاق، وينسب هذا الكتاب للإمام الصادقعليه‌السلام

٢ ـ مصباح الشريعة ص ١٩٢، الباب الثاني والتسعون، ط : الأعلمي بيروت

٣ ـ بين القوسين في مصدر الرواية غير موجود

٤ ـ في مصدر الرواية هكذا : (لا يمرُّ علی شيءٍ إلّا احترقه)

٥ ـ في المصدر بدل (سحاب) (سماء)

٦ ـ مصباح الشريعة : ص ١٩٣

٨٢

عند الله شفاعة يوم القيامة)(١)

وفيه أيضاً قال الصادقعليه‌السلام : (الحبّ في الله، فحبٌّ لله، والمحبوب في الله، حبيب الله، لأنّهما لا يتحابّان إلّا في الله)(٢)

إلی أن قال(٣) : وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : (إنّ أطيب شيءٍ في الجنّة وألذّه حبّ الله، والحبّ في الله، والحمد لله، قال الله(٤) :( وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) (٥) ، وذلك أنّهم إذا عاينوا ما في الجنّة من النعيم، ماجت المحبّة في قلوبهم فينادون عند ذلك الحمدُ لله ربّ العالمين)(٦)

ولا بأس أيضاً بإيراد ما ذكره بعض العارفين في المقام وهو أنّ اسم المحبّة وإن كان واحداً عند الإطلاق فهو يختلف بتفاوت متعلقه، فمحبّة الله لعبده تُغاير محبّة العبد لربّه وإيضاح ذلك : إنّ حقيقة محبّة الله لعبده إرادته لانعام مخصوص يفيضه إلی ذلك العبد من تقريبه وإزلافه من محال الطهارة والقدس وقطع شواغله، وتطهير باطنه عن كدورات الدُّنيا ورفع الحجاب عن قلبه حتّی يشاهده كأنّه يراه، فإرادته بأنْ يخص عبده بهذه الأحوال الشريفة هي محبّته له، وأمّا محبّة العبد لله فهو ميله إلی نيل هذا الكمال وإرادته درك هذه الفضائل

________________________

١ ـ نفس المصدر

٢ ـ مصباح الشريعة، الباب الثالث والتسعون، ص ٦٩٤

٣ ـ أي الإمام الصادقعليه‌السلام

٤ ـ في مصدر الرواية هكذا : (قال الله عزّوجل)

٥ ـ يونس : ١٠

٦ ـ مصباح الشريعة : ص ١٩٥

٨٣

اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَلِیِّ اللهِ

هو عليّ بن أبي طالب المخصوص بهذا اللقب(١) ، وفي بعض الأخبار هو اسمٌ سمّاه الله به لم يسمّ به أحدٌ قبله، ولم يسم بعده(٢) ، وفي بعضها : (سلِّموا

________________________

 ـ في المصباح للكفعمي (علي) غير موجودة

١ ـ قال الطبرسي في إعلام الوری ص ١٥٤، ط ١٩٧٠ م دار الكتب الإسلامية : (... ولقبه أمير المؤمنين، خصّه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله به لـمّا قال: سلّموا علیٰ عليّ بإمرة المؤمنين، ولم يجوّز أصحابنا أن يطلق هذا اللفظ لغيره من الأئمّة، فقالوا : أنّه انفرد بهذا التلقيب فلا يجوز أن يشاركه في ذلك غيره)

٢ ـ روی السيّد نعمة الله الجزائريرحمه‌الله في شرح الصحيفة السجّادية ص ٧ ط، بيروت ١٤٢٠ عن العياشي في تفسيره حديثاً، عن الإمام الصادقعليه‌السلام : (بأنّه لم يسم أحدٌ بهذا الاسم غير عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام إلّا مخنثاً)

وعلّق السيّد الجزائري علی هذا الحديث قائلاً : (وهو غير بعيد، لقول جلال الدِّين السيوطي وهو من أكابر علمائهم، في تعاليقه علی القاموس، عند تصحيح لغة الأبنة، وكانت في جماعة في زمن الجاهلية أحدهم سيّدنا عمر وقول ابن الأثير وهو من أعاظم فضلائهم : زعمت الروافض أنّ سيّدنا عمر كان مخنثاً، كذبوا لعنهم الله، ولكن كان به داءٌ دواؤه ماء الرجال)

وروی الطبري من أعلام القرن السادس الهجري في بشارة المصطفی لشيعة المرتضیعليه‌السلام ص ٢٨٧، ج ٥، ح ٩، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

(لما أُسري بي إلی السماء كنتُ من ربّي كقاب قوسين أو أدنی، فأوحی إليّ ربّي ما أوحیٰ، ثمّ قال: يا محمّد اقرأ إنّ عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين، فما سمّيت بهذا الاسم أحداً قبله ولا أُسمّي بهذا أحداً بعده)

٨٤

عليه بإمرة المؤمنين)(١) والإمرة بكسر الهمزة الولاية أي قولوا له : السّلامُ عليك يا أمير المؤمنين

وفي بعضها سمّي به لأنّهعليه‌السلام يميرهم العلم(٢) أي يحمل إليهم أقواتهم الروحانية من الميرة بالكسر، وهو طعام يجلبه الإنسان من بلدٍ إلی آخر، وأنت خبير أنّ الأمير من أمرَ يأمر، ويمير من مارَ فليس من الاشتقاق المشهور ولكنّه من الاشتقاق الكبير

________________________

١ ـ روی ابن شاذان المتوفّی سنة (٦٦٠) هـ في كتابه الروضة في فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام ص ١٢٢، حديث (١٠٥)، ط ؛ مكتبة الأمين قم عن أبي ذر الغفاري قال : (أمرنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنْ نسلِّم علیٰ عليّعليه‌السلام ، وقال : سلِّموا علی أخي، وخليفتي، ووارثي في قومي، ووليّ كلّ مؤمن ومؤمنة من بعدي سلِّموا عليه بإمرة المؤمنين، فإنّه وليّ كلّ مَن سكن الأرض إلی يوم العرض، ولو قدّمتموه لأخرجت الأرض بركاتها، فإنّه أكرم مَن عليها من كلّ أهلها

قال أبو ذر : فرأيت عمر قد تغيّر لونه، وقال : أحقّ من الله ؟ قال: نعم، أمرني به ربّي ثمّ تقدّم أبو بكر، وقال : أحقّ من الله ؟ قال: نعم أمرني به ربّي، وذلك حقّ من الله أمرتكم به

فقام وسلّم عليه بإمرة المؤمنين، ثمّ أقبل علی أصحابهما وقالوا ما قالاه)

أخرجه الطبرسي في إعلام الوری ص ١٥٤، ط : ١٩٧٠ م، والحاكم في مستدركه ج ٣، ص ١٤٠

٢ ـ روی شيخنا الصدوق في علل الشرائع ج ١، ص ١٩١، باب ١٢٩، ط بيروت الأعلمي، عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي قال: (سألتُ أبا جعفر محمّد بن علي الباقرعليه‌السلام : يابن رسول الله لِمَ سمّيَ عليّعليه‌السلام أمير المؤمنين وهم اسمٌ ما سُمّي به أحدٌ قبله ولا يحلّ لأحدٍ بعده ؟ قال: لأنّه ميرةُ العلم يُمتار منه ولا يمتار من أحدٍ غيره)

٨٥

قيل : ولك أن تقول قصده أنّ تسميته بأمير المؤمنين ليس لأجل أنّه مطاعهم بحسب الدُّنيا، بل لأجل أنّه مطاعهم بحسب العلم، وفي هذا الاسم إشارة إلی أنّهم لا يكونون مؤمنين إلّا بولايته وطاعته(١) ، وأنّه ركن الإيمان كما قال: (أنا صلاة المؤمنين، وصيامهم، وحجّهم، وزكاتهم)(٢)

فلا يدخل تحت لواءه الفاسقون الفجرة، والظالمون الكفرة، فإنّ أميرهم هو إبليس وجنوده وأتباعه من خلفاء الجور الذين نصبوا العداوة لعليّعليه‌السلام وأولاده

________________________

١ ـ روی عماد الدِّين الطبري في بشارة المصطفی لشيعة المرتضی ص ٤١، ج ١، ح ٣٠، ط : جامعة المدرسين، قم

عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

«المخالف علیٰ عليّ بن أبي طالب بعدي كافر، والمشرك به كافر، والمحبّ له مؤمن، والمبغض له منافق، والمقتفي لأثره لاحق، والمحارب له مارق، والرادّ عليه زاهق، عليّ نور الله في بلاده وحجّته علی عباده، عليّ سيف الله علی أعدائه، ووارث علم أنبيائه، عليّ كلمة الله العليا وكلمة أعدائه السفلیٰ، عليّ سيّد الأوصياء، ووصيّ سيّد الأنبياء، عليّ أمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجّلين وإمام المسلمين، لا يقبل الله الإيمان إلّا بولايته وطاعته»

٢ ـ روی الاسترآبادي في تأويل الآيات ص ٢٠ ط قم عن داود بن كثير، قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : أنتم الصلاة في كتاب الله عزّوجلّ، وأنتم الزكاة، وأنتم الصيام، وأنتم الحجّ ؟ فقال : يا داود نحن الصلاة في كتاب الله عزوجل، ونحن الزكاة، ونحن الصيام، ونحن الحج، ونحن الشهر الحرام، ونحن البلد الحرام، ونحن قبلة الله، ونحن وجه الله، قال الله تعالی :( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّـهِ ) ، ونحن الآيات، ونحن البيِّنات، وعدوّنا في كتاب الله عزّوجلّ : الفحشاء، والمنكر، والبغي، والخمر، والميسر، والأنصاب، والأزلام، والأصنام، والأوثان، والجبت والطاغوت، والميتة، والدم، ولحم الخنزير

٨٦

المعصومين، وشيعته المخلصين، وبيانه أنّ كلّ قوم يوجبون طاعة أميرهم فيما يأمرهم به، وينهاهم عنه، وعليّعليه‌السلام لا يأمر إلّا بما أمر الله، ولا ينهی إلّا عمّا نهی الله، فكيف يكون أميراً للفسقة ولم يوجبوا طاعته ولم يدخلوا تحت رايته

اللّهم إلّا أن يقال : إنّ المؤمن هو المحبّ لهعليه‌السلام بقلبه المذعن بمقامه العارف بحقّه، وإن كان فاسقاً بجوارحه فإنّ (حبّ عليّعليه‌السلام حسنة لا يضرّ معها سيّئة، كما أنّ بغضه سيئة لا ينفع معها حسنة)(١) ، فلا يشترط في صدق الاسم متابعته حذو النعل بالنعل، والقذة بالقذة، وإنّما يُشترط هذا في الشيعة كما دلّت عليه من الأخبار جملة كثيرة ولتحقيق هذا الكلام محلّ آخر

والولي : إمّا من الولي وهو القرب(٢) فهو ولي لكونه أقرب الخلق إلی الله بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأمّا من الوَلاية بالفتح بمعنی المحبّة فهو وليّ الله لكونه محبّاً لله ومحبوباً له كما يدلُّ عليه حديث الراية(٣) ، والطير المشوي(٤) وغيرهما، أو

________________________

١ ـ راجع المناقب ج ٣، ص ١٩٧، فصل في محبّته، وإرشاد القلوب للديلمي ج ٢، ص ٢٣٤، كشف الغمّة ج ١، ص ١٠٥، نهج الحق للعلّامة الحلّي ص ٢٥٩، المطلب الثالث في محبّته، مشارق أنوار اليقين ص ١٢٣، فصل (٥٨)، وعوالي اللآلي ج ٤، ص ٧٦، حديث ١٠٣

٢ ـ المصباح المنير للفيومي : ص ٦٧٢، ط : دار الهجرة قم

٣ ـ حديث الراية من الأحاديث المشهورة في فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام وهذا الحديث كان في غزوة خيبر لـمّا طال الحصار علی اليهود خرجوا من حصونهم لقتال المسلمين ـ وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام أرمداً ـ فدعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أبا بكر فقال له : خذ الراية، فأخذها في جمع من المهاجرين فلم يفعل شيئاً ورجع يؤنّب القوم ويؤنّبونه، وفي اليوم الثاني أعطاها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلی عمر بن الخطّاب فسار بها غير

٨٧

بعيد، ثمّ رجع يجبن أصحابه ويجبنونه فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (لأعطين الراية غداً رجلاً كرّاراً غير فرّار، يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله، لا يرجع حتّی يفتح الله عليه)

وفي الصباح اجتمع الناس إلی رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ادعوا لي عليّاً فصاح الناس من كلّ جانب أنّه أرمد رمداً لا يبصر موضع قدمه، فقال : ارسلوا إليه ادعوه فأُتي يُقاد، فقال له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما تشتكي يا عليّ ؟ فقال : رمد، ما أبصر معه، وصداع برأسي، فقال له : اجلس وضع رأسك علی فخذي، ففعلعليه‌السلام ذلك، فدعا له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ تفل في يده فمسح بها علی عينيه ورأسه، فانفتحت عيناه وسكن صداعه، وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله في دعائه : (اللّهم قِه الحرّ والبردَ) وأعطاه الراية وقال له : خُذ الراية وامضِ بها، فجبرائيل معك والنصر أمامك والرعب مبثوث في صدور القوم، واعلم يا علي أنّهم يجدون في كتابهم أنّ الذي يدمّر عليهم اسمه إيليا فإذا لقيتهم فقل : أنا علي، فإنّهم يُخذلون إن شاء الله تعالی

وإليك بعض المصادر التي تروي حديث الراية :

الإرشاد للشيخ المفيد، ص ٦٦، نهج الحقّ وكشف الصدق للعلّامة الحلّي ص ٢١٦، ط : دار الهجرة، قم بشارة المصطفی لشيعة المرتضی للطبري ص ٢٩٦، ج ٥، ح ٣٥ وفضائل أمير المؤمنين لابن عقدة الكوفي المتوفیٰ سنة ٣٣٢ ص ٨٠، الفصل الثالث عشر، ح ٧٨، ط : قم، مسند أحمد ج ٣، ص ٣٨٤، فضائل الصحابة ج ٢، ص ٦٠٣، السيرة النبوية لابن هشام ج ٣، ص ٣٤٩، والسيرة النبوية لزيني دحلان ج ٢، ص ٢٠٠، مطالب السؤول لابن طلحة الشافعي ج ١، ص ١٧٧، ط : أُمّ القریٰ، جواهر المطالب للباعوني الشافعي ج ١، ص ١٧٧، الباب الخامس والعشرون، ط، ١٤١٥ هـ قم

٤ ـ روی العلّامة الحلّيقدس‌سره في نهج الحقّ وكشف الصدق ص ٢٢٠، عن أحمد بن حنبل

٨٨

بمعنی النصرة(١) ، فهوعليه‌السلام ولي الله لكونه ناصراً لدين الله بلسانه وسيفه، أو منصوراً من عنده بملائكته كما يشهد به مجاهداته في سبيل الله وغلباته علی أعداء الله، وأمّا من الوِلاية بالكسر بمعنی الإمارة(٢) ، لكونه أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أو بمعنی التولية والسلطنة كما في قوله :( هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّـهِ ) (٣) ، فهو ولي الله لكونه يتولّی تدبير أُمور الخلق بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من قبل الله ورسوله كما قال:( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (٤) فقد نزلت في عليّعليه‌السلام باتّفاق الفريقين حين سأله سائل وهو في الركوع فأعطاه الخاتم(٥) ، وعن أبي ذرّ أنّها نزلت بعد أنْ قال الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله :

في مسنده، والجمع بين الصحاح عن أنس بن مالك، قال: (كان عند النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله طائر قد طُبخ له، فقال : أللّهم ائتني بأحبّ الناس إليك يأكل معي، فجاء عليّ فأكل معه) حديث الطير ممّا تواتر في كتب الحديث والتاريخ وإليك بعض مصادره : أُسد الغابة ج ٤، ص ٣٠، مصابيح السنّة للبغوي ج ٢، ص ٢٠٠، حلية الأولياء ج ٦، ص ٣٢٩، البداية والنهاية ج ٧، ص ٣٥١، ينابيع المودّة للقندوزي ص ٦٢، الباب الثامن، وأخرجه ابن عقدة الكوفي في فضائل الأميرعليه‌السلام ص ٧٣، ح ٧٠ الفصل العاشر، ط : قم

١ ـ المصباح المنير للفيومي : ص ٦٧٢

٢ ـ المصباح المنير : ص ٦٧٢

٣ ـ الكهف : ٤٤

٤ ـ المائدة : ٥٥

٥ ـ أمالي الصدوق المجلس السادس والعشرون ص ١٠٩ ط : ١٩٧٠ م، أصول الكافي ج ١، ص ٢٨٨، تفسير القمّي ج ١ ص ١٧١، ط بيروت الأعلمي، بشارة المصطفی

٨٩

(أللّهم اشرح لي صدري ويسِّر لي أمري واجعل لي وزيراً من أهلي عليّاً أخي أشدد به ظهري)(١)

فهذه الآية من أوضح الأدلّة علی إمامة [الإمام] عليعليه‌السلام بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بلا فصل(٢) ، والله تعالی أيضاً ولي الذين آمنوا، لأنّه ينصرهم أو يتولّی أمورهم( وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) (٣) ، وقد يقال : إنّه من ولّاه إذا وجّهه فهو وليّ الله، لأنّه وجّهه إلی جهته التي خلق لها من مقامه من الله، ورتبته في الجنّة، أو جهات ما أراد منه من رفع الحجب عن قلبه حتّی يشاهد من ملكوت الله في خلقه ما كتب له في ألواح قدره فتدبّر

وقد يقال أيضاً أنّ الولي هو الحامل للواء الحمد وهو لواء الولاية المطلقة

للطبري ج ١٠، ص ٤٠٩، ح ٢، نهج الحق وكشف الصدق ص ١٧٢ ط : دار الهجرة، تأويل الآيات ص ١٥٦ ط : جامعة المدرّسين قم، والبرهان للبحراني ج ١، ص ٤٨٢ وأمّا الذين رووا هذه الحادثة من أبناء العامّة منهم :

السيوطي في الدرّ المنثور في تفسير الآية ج ٢، ص ٢٥٩، ط : مصر، والقرطبي في تفسيره ج ٦، ص ٢٢١، ص ٢٢٢، ط : مصر ١٩٥٠ م، والطبري في تفسيره ج ٦، ص ٢٨٨، ط : مصر، والرازي في تفسيره الكبير ج ١٢، ص ٢٦ ط : مصر، والخوارزمي ص ٢٦٤، الفصل السابع عشر، ح ٢٤٦، ط : قم، جواهر المطالب للباعوني الشافعي ج ١، ص ٢١٩، الباب الخامس والثلاثون، ط ١٤١٥ هـ، قم، والحسكاني في شواهد التنزيل ج ١، ص ١٦١، ط : الأولی، وغيرها من المصادر

١ ـ مجمع البيان للطبرسي : ج ٣، ص ٢١٠

٢ ـ إنّ العلّامة الحلّي في نهج الحقّ وكشف الصدق ص ١٧٢ جعل هذه الآية من الأدلّة النقلية علی إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام

٣ ـ الطلاق : ٣

٩٠

العامّة يعني أنّه (عج) خلق هذا الولي له خاصّة وخلق له جميع خلقه فلمّا خلقه أشهده خلق نفسه وأنهیٰ إليه علمها فتأمّل

وكيف كان فالولاية إن كانت بمعنی القرب إلی الحقّ فالولي هو العبد الذي قرّبه الله إلی بساط ديمومته، فعرّفه حقائق القدس ودقائق الانس، وولّاه التدبير في أُمور الملك والملكوت، وأوقفه علی مقامات الجبروت والناسوت فيتصرّف في العوالم الإمكانية بما أراه ويدبّر الاُمور بإذنه معرضاً عمّن سواه، فالولاية بمنزلة النبوّة لما عرفت من أنّها طريق بين الله وبين نبيّه، فإنّ الولاية أيضاً طريق بينه وبين وليّه وهي خاصّة ومطلقة، فالأولی ماكان محمّد وآلهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأنّ قربهم إلی الحقّ قرب خاصّ، لا يشاركهم فيه أحداً من الخلق كما قال في الزيارة الجامعة : (أتاكم ما لم يؤت أحداً من العالمين)(١) ، وقال أيضاً : (فبلغ الله بكم أشرف محلّ المكرمين وأعلی منازل المقرّبين وأرفع درجات المرسلين حيث لا يلحقه لاحق ولا يفوته فائق ولا يسبقه سابق ولا يطمع في إدراكه طامع)(٢)

والثانية ما كانت في سائر الأنبياء والأولياء علی تفاوت مراتبهم في هذا المقام، فالولاية الخاصّة بهذا المعنی أفضل من الولاية المطلقة، بل النبوّة المطلقة المشتركة بين سائر الأنبياء، وما قيل : من أنّ نهاية الأولياء بداية الأنبياء فهو في الولاية المطلقة والنبوّة المطلقة، إذ لا يكون العبد نبيّاً حتی يكون وليّاً،

________________________

١ ـ قال السيّد عبدالله شبّررحمه‌الله في الأنوار اللامعة في شرح الزيارة الجامعة ص ١٧٦ ط : الأمين، قم : (أتاكم الله) من العلوم الربّانية والمعارف الحقّانية والأسرار الإلهية والفضائل النفسانية والأخلاق الملكوتية

٢ ـ لبيان هذه الفقرة راجع الأنوار اللامعة ص ١٤٨

٩١

ولكن ربّما يكون وليّاً ولا يكون نبيّاً، فالنبوّة بهذا المعنی أشرف من الولاية بهذا المعنی ضرورة أفضلية الجامع للنورين من النور الواحد لاستلزام النبوّة للولاية دون العكس

ومن هنا ظهر أنّ نبوّة نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله الخاصّة أشرف من ولايته الخاصّة بخلاف النبوّة المطلقة فإنّ ولايته الخاصّة أشرف منها وإليه الإشارة بقوله : (ولولا عليّ لما خلقتك)(١) أي ولولا مقام ولايتك الخاصّة لما خلقتك فإنّ عليّاًعليه‌السلام كان مظهر تلك الولاية فمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله من حيث جامعيّته للنبوّة والولاية أفضل من عليّعليه‌السلام لكونه حاوياً لمرتبة الولاية الخاصّة خاصّة ويشهد لذلك ما روي عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال: (إنّ جبرئيل أتیٰ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله برمّانتين فأكل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إحداهما، وكسر الاُخری بنصفين فأكل نصفاً وأطعم عليّاً نصفاً(٢) ثمّ قال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أخي هل تدري ما هاتان الرمّانتان ؟ قال: لا، قال: أمّا الأولی فالنبوّة ليس لك فيها نصيب(٣) ، وأمّا الاُخری فالعلم فأنت شريكي فيه، فقلتُ : أصلحك الله كيف(٤) شريكه فيه ؟ قال: لم يُعلّم الله محمّداً علماً إلّا وأمره أنْ يعلّمه عليّاً)(٥)

وإن كانت بمعنی التصرّف والتدبير فالولي هو العبد الذي خصّه الله بالتولية

________________________

١ ـ تقدّم مصدر هذا الحديث القدسي

٢ ـ في مصدر الرواية هكذا (وأطعم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاً نصفها)

٣ ـ في المصدر (ليس لك فيها شيء)

٤ ـ في المصدر (كيف يكون شريكه ...)

٥ ـ أخرج هذه الرواية الصفّار في بصائر الدرجات ج ٦ ص ٢٩٢ في باب أمير المؤمنينعليه‌السلام شارك الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله في العلم ولم يشاركه في النبوّة

٩٢

والسلطنة علی عباده في أمورهم، فإنّه مالك الملك وسلطان السلاطين،( تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ) (١) (بيده الملك وهو علی كلّ شيءٍ قدير)(٢) ، فيكون بمعنی الإمامة التي هي الرياسة العامّة(٣) ، فيكون بمنزلة الرسالة التي هي طريق بين الرسول وسائر الناس فهي إمّا خاصّة كالولايات الجزئية المتعلِّقة بناحية خاصّة وصقعٍ خاصّ، أو(٤) عامّة كالرياسات العامّة المتعلِّقة بالملك والملكوت، ولا ريبَ أنّ الولاية العامّة المطلقة ببعض المعاني أشرف من النبوّة الخاصّة كذلك

والحاصل : أنّ الولاية الكلّية، والنبوّة الكلّية أفضل من الولاية الجزئية والنبوّة الجزئية، والاصطلاحات في المقام مختلفة فلا مشاحة فيها

________________________

١ ـ آل عمران : ٢٦، إنّ الشارحرحمه‌الله لم يذكر الآية الشريفة نصّاً كما هي في المصحف ولكنّنا أثبتناه نصّاً من القرآن

٢ ـ الملك : ١

٣ ـ العلّامة الحلّيقدس‌سره في الباب الحادي عشر في باب الإمامة عرفها : (بأنّها رئاسة عامّة في أُمور الدِّين والدُّنيا)

٤ ـ من اللازم أن يستخدم الشارح بدل (أو) (أمّا) لأنّه عطف أوّلاً بـ (أمّا)

٩٣

اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ مُحَمّد المُصْطفىٰ،

اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ عَليِّ الْمُرْتَضىٰ، اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ فَاطِمَةَ الزَّهْراءِ،

السَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ خَدِيجَةَ الكُبْرىٰ

لا خفاء في كون سيّد الشهداء عليه آلاف التحيّة والثناء ابناً لأمير المؤمنينعليه‌السلام وفاطمة الزهراءعليها‌السلام ظاهراً وباطناً جسداً وروحاً علی الإطلاق الحقيقي، وكذا لا خفاء في كونهعليه‌السلام ابناً للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) بحسب الحقيقة الروحانية والتربية النفس الامرية، كيف وهو الوالد الروحاني بالنسبة إلی جميع مَن أجاب دعوته من الاُمّة كما قال: (أنا وعليّ أبوا هذه الاُمّة)(٢) ، ومن هنا قال عليّعليه‌السلام لمحمّد بن أبي بكر : (أنّه ابني من صلب أبي بكر)(٣) ، وأخرج الله ابن نوح لـمّا اعتزل عن أبيه عن أهله فقال تعالی :( إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ) (٤) وإنّما الكلام في أنّ إطلاق الابن علی ابن الولد حقيقة مطلقاً أو مجاز كذلك، أو يفرق ما بين ابن الابن وابن البنت فالأوّل في الأوّل، والثاني في الثاني، وكذا الكلام في ولد الولد هل هو ولد حقيقة أو لا ؟

________________________

١ ـ قد تطرّقنا إلی كون الإمام الحسن والحسينعليهما‌السلام أبناءً لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وذكرنا الآيات التي تدلّ علی هذا، وبعض الشواهد في تحقيقنا علی شرح زيارة عاشوراء ص ٣١، ط ؛ دار الأنصار قم

٢ ـ عيون أخبار الرضا للصدوق ج ٢، ص ٩١، ح ٢٩، باب (٣٢) ط : قم الشريف الرضي

٣ ـ شرح نهج البلاغة ج ٦ ص ٥٣

٤ ـ هود : ٤٦

٩٤

وقد تعرّضوا لهذا الخلاف في كتاب الخمس في استحقاق مَن ينتسب إلی عبد المطّلب بالاُمّ وعدمه(١) ، وفي كتاب الوقف فيما لو وقف علی أولاده هل يدخل فيهم أولاد البنين والبنات أو لا(٢) ، واستدلّ مَن قال بأنّ هذا علی وجه الحقيقة بالاستعمال الشائع لغةً وعرفاً، كما في قوله تعالی :( يَا بَنِي آدَمَ ) (٣) ، و( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ) (٤) ، و( يُوصِيكُمُ اللَّـهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ) (٥) ، وقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّا بال الحسنعليه‌السلام في حجره : (لا تزرموا ابني)(٦) ، وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله لهعليه‌السلام وللحسينعليه‌السلام (إنّهما ابناي)(٧) ، والأصل في الاستعمال الحقيقة، وبالإجماع علی تحريم حليلة ولد الولد مطلقاً المستند إلی قوله تعالی :( وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ ) (٨) (٩) واستدلّ المتجوّز بأنّ المتبادر من الولد هو الولد بلا واسطة،

________________________

١ ـ راجع الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية للشهيد الثاني، ج ١، ص ٢٠٨، كتاب الخمس، ط : قم إسماعيليان

٢ ـ شرائع الإسلام للمحقّق الحلّي ج ٢، ص ١٧٣، المسألة السادسة في اللواحق باب الوقف، واللمعة الدمشقية ج ١ ص ٤٠٦، باب الوقف المسألة الثالثة

٣ ـ الأعراف : ٣١

٤ ـ البقرة : ٤٠

٥ ـ النساء : ١١

٦ ـ أخرجه الشهيد الثاني في الروضة البهية في باب الوقف ص ٤٠٦، ج ١، وقال : (أي لا تقطعوا عليه بوله لـمّا بال في حجره)

٧ ـ البحار ج ٤٣ حياة السبطين

٨ ـ النساء : ٢٣

٩ ـ هذا ممّا استدلّ به الشهيد الثاني في شرحه علی اللمعة الدمشقية في باب الوقف ص ٤٠٦

٩٥

وبصحّة السلب، والمفصّل بقول الشاعر :

بنونا بنو أبنائنا وبناتنا

بنوهنّ أبناء الرجال الأباعد(١)

وفي جميع أدلّة الجميع نظر، ولكن روی أبو الجارود عن الباقرعليه‌السلام قال: قال لي : يا أبا الجارود ما يقولون في الحسن والحسينعليهما‌السلام ؟ قلتُ : يُنكرون علينا إنّهما ابنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: فبأيّ شيءٍ احتججتم عليهم ؟ قلتُ : احتججنا عليهم بقول الله في عيسیٰ بن مريم :( وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ ) (٢) فجعل عيسیٰ من ذريّة إبراهيم قال: فأيّ شيءٍ قالوا ؟ قال: قلتُ : قالوا : قد يكون ولد الابنة من الولد ولا يكون من الصلب قال: فبأيّ شيءٍ احتججتم عليهم ؟ قال: قلتُ : احتججنا عليهم بقول الله تعالیٰ :( تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ) (٣) ، قال: فأيّ شيءٍ قالوا لكم ؟ قلتُ : قالوا : قد يكون في كلام العرب ابن رجل واحد فيقول أبناؤنا وإنّما هو ابن واحد فقالعليه‌السلام : والله يا أبا الجارود أن أعطيتم من كتاب الله مسمّی لصلب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يردها قال: قلتُ : جعلتُ فداك وأين ؟ قال: قال حيث قال الله :( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ ) إلی قوله :( وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ ) (٤) فاسئلهم يا أبا الجارود هل يحرم لرسول الله شيء من حليلتهما ؟ فإن قالوا : نعم، فقد كذبوا والله وفجروا، وإن قالوا : لا، فهما والله أبناءه لصلبه، وما حرمت عليه إلّا الصلب(٥) ، فتدبّر

________________________

١ ـ راجع شرح ابن عقيل علی ألفية ابن مالك ج ١، ص ٢٣٣، ط : قم

٢ ـ الأنعام : ٨٤

٣ ـ آل عمران : ٦١

٤ ـ النساء : ٢٣

٥ ـ راجع تفسير القمي، ج ١، ص ٢٠٩ ؛ والروضة من الكافي للكليني، ج ٨، ص ٣١٧

٩٦

وبالجملة ففي هذه الفقرات(١) إشارة إلی شرافته النسبية وأصالته ونجابته بحسب الآباء والاُمّهات، كما أنّ الفقرات السابقة كانت إشارة إلی شرافته الذاتية، وكمالاته المعنوية، ومقاماته الروحانية

والمرتضیٰ من ألقاب أمير المؤمنين(٢) مشتقّ من ارتضيته إذا اخترته كرضيته، لأنّ الله ارتضاه من خلقه لمقام الولاية الكلّية، فكان خاتم الأولياء كما كان المصطفیصلى‌الله‌عليه‌وآله خاتم الأنبياء، فالمصطفیٰ والمرتضیٰ بحسب التفسير واحد كما كانا بحسب الحقيقة متّحدين كما قال: (أنا وعليٌّ من نور واحد)(٣) ، ويشهد به أيضاً ما في حديث النورانية(٤)

والزهراء من ألقاب فاطمةعليها‌السلام ، وقد وردت في وجه تسميتها بذلك أخبار، ففي بعضها : (لأنّها إذا قامت في محرابها زهر نورها لأهل السماء كما تزهر نور الكواكب لأهل الأرض)(٥)

ح ٥٠١ ؛ والاحتجاج للطبرسي، ج ٢، ص ٣٢٤

١ ـ أي في نصّ الزيارة الشريفة

٢ ـ راجع مطالب السؤول لابن طلحة الشافعي ج ١، ص ٥٩، ط : أُمّ القریٰ

٣ ـ بحار الأنوار، ج ١٥، ص ١١

٤ ـ مرّ مصدره، ولكن سوف يأتي نصّ الحديث لاحقاً إن شاء الله تعالیٰ

٥ ـ أخرج هذه الرواية الشيخ الصدوققدس‌سره في علل الشرائع ج ١، ص ٢١٥، ح ٣، ط بيروت وهذه الرواية عن جعفر بن محمّد بن عمارة، عن أبيه قال: سألتُ أبا عبداللهعليه‌السلام عن فاطمة لِمَ سُمّيت الزهراء ؟ فقالعليه‌السلام : (لأنّها إذا قامت إلی آخر الرواية ...)، وأيضاً أخرج الصدوق رواية طويلة في العلل عن علّة تسميتها بالزهراءعليها‌السلام ج ١، ص ٢١٤، فراجع

٩٧

وفي بعضها : (إنّ الله خلقها من نور عظمته)(١) ، وفي بعضها : إنّه تعالی خلق نور فاطمةعليها‌السلام بعد أن أحاطت الظلمة بالملائكة فرفعها به والحديث طويل وفيه «ثمّ أظلمت المشارق والمغارب فشكت الملائكة إلی الله أن يكشف عنهم تلك الظلمة فتكلّم الله بكلمة، فخلق منها روحاً، ثمّ تكلّم بكلمةٍ فخلق من ذلك الروح نوراً فأضاف النور إلی تلك الروح وأقامها أمام العرش فأزهرت المشارق والمغارب فهي فاطمة الزهراء فلذلك سمّيت الزهراء»(٢)

وأيضاً روی المجلسي في البحار ج ٤٣، ص ١٧ عن أبي هاشم العسكري، قال: سألت صاحب العسكر ـ الإمام علي الهاديعليه‌السلام ـ لِمَ سمّيت فاطمة الزهراء ؟ فقال : (كان وجهها يزهر لأمير المؤمنين من أوّل النهار كالشمس الضاحية، وعند الزوال كالقمر المنير، وعند غروب الشمس كالكوكب الدرّي)

وممّا يؤكّد أنّ فاطمة الزهراءعليها‌السلام كانت تزهر وتشرق ما رواه القرماني صاحب كتاب أخبار الدول وآثار الأول ص ٨٧ الطبعة الحجرية عن عائشة قالت : (كنّا نخيط ونغزل وننظم الإبرة بالليل في ضوء وجه فاطمة)

وهذا أقصی درجة في النور والإزدهار إلی غاية تبلغ حدّ الإعجاب

١ ـ راجع علل الشرائع ج ١، ص ٢١٣ باب ١٤٣، ط الأعلمي بيروت وهذا نصّ الرواية : «عن عبدالله بن حمّاد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : قلتُ له : لِمَ سمّيت فاطمة الزهراء زهراء ؟ فقال : لأنّ الله عزّوجلّ خلقها من نور عظمته فلمّا أشرقت أضاءت السماوات والأرض بنورها وغشيت أبصار الملائكة وخرّت الملائكة لله ساجدين وقالوا : إلٰهنا وسيّدنا ما لهذا النور ؟ فأوحی الله إليهم هذا نور من نوري أسكنته في سمائي وخلقته من عظمتي، أخرجه من صلب نبيّ من أنبيائي أفضّله علی جميع الأنبياء وأخرج من ذلك النور أئمّةً يقومون بأمري يهدون إلی حقّي وأجعلهم خلفائي في أرضي بعد انقضاء وحيي»

٢ ـ روی السيّد هاشم البحراني في حلية الأبرار ج ١، ص ٤٩٢، عن زيد بن عبدالله

٩٨

وورد في تسميتها بفاطمة (أنّها تفطم محبّيها من النار، وتفطم أعداءها من الجنّة)(١) أي تقطع


بن مسعود عن أبيه قال: دخلتُ يوماً علی رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقلتُ : يارسول الله أرني الحقّ حتّی أتبعه فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا ابن مسعود لج إلی المخدع فولجتُ فرأيتُ أمير المؤمنينعليه‌السلام راكعاً وساجداً وهو يقول عقيب صلاته : أللّهم بحرمة عبدك ورسولك اغفر للخاطئين من شيعتي

قال ابن مسعود : فخرجتُ لأخبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك فوجدته راكعاً وساجداً وهو يقول : أللّهم بحرمة عبدك عليّعليه‌السلام اغفر للعاصين من أُمّتي

قال ابن مسعود : فأخذني الهلع حتّی غشیٰ عليَّ فرفع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله رأسه وقال : ياابن مسعود أكفرٌ بعد الإيمان ؟ فقلتُ : معاذ الله ولكنّي رأيت عليّاً يسأل الله تعالی بك وأنت تسأل الله تعالیٰ به

فقال : يا ابن مسعود إنّ الله تعالی خلقني وعليّاً والحسن والحسين من نور عظمته قبل الخلق بألفي عام حين لا تسبيح ولا تقديس وفتق نوري فخلق منه السماوات والأرض وأنا أفضل من السماوات والأرض، وفتق نور عليّ فخلق منه العرش والكرسي وعليّ أفضل من العرش والكرسي

وفتق نور الحسن فخلق منه اللوح والقلم، والحسن أجلّ من اللوح والقلم، وفتق نور الحسين فخلق منه الجنان والحور العين والحسين أفضل منهما، فأظلمت المشارق والمغارب فشكت الملائكة إلی الله عزّوجلّ الظلمة وقالت : أللّهم بحقّ هؤلاء الأشباح الذي خلقت إلّا ما فرّجتَ عنّا من هذه الظلمة ! فخلق الله عزّوجلّ روحاً وقرنها بأُخری فخلق منها نوراً ثمّ أضاف النور إلی الروح فخلق منها الزهراءعليها‌السلام فمن ذلك سمّيت الزهراء، فأضاء منها المشرق والمغرب

١ ـ روی الشيخ الصدوق في علله ج ١، ص ٢١١، ح ١ باب ١٤٢ عن أبي هريرة قال:

٩٩

وخديجة هذه أُمّها بنت خويلد بن أسد(١) ، وهي أوّل مَنْ آمن بالله ورسوله من النساء(٢) تزوّجها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهي بنت أربعين سنة وستّة أشهر، وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله حينئذٍ ابن إحدی وعشرين سنة(٣) ، وولدت منه زينب وفاطمة ورقية

(إنّما سمّيت فاطمة فاطمة لأنّ الله تعالیٰ فطم مَن أحبّها من النار)

وروي أيضاً الصدوق في عيون أخبار الرضا ج ٢، ص ٢٣٤، ح ٤ : (سمّيت فاطمة لأنّها فَصمت شيعتها عن النار)

وروی في العلل ص ٢١٣ ح ٦ عن محمّد بن مسلم الثقفي قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول :

لفاطمة عليها‌السلام وقفة علی باب جهنّم، فإذا كان يوم القيامة كُتب بين عينيّ كلّ رجل مؤمن أو كافر فيؤمر بمحبّ قد كثرت ذنوبه إلی النار فتقرأ فاطمة بين عينيه محبّاً فتقول : إلٰهي وسيّدي سمّيتني فاطمة وفطمتَ بي مَنْ تولّاني وتولّی ذرّيتي من النار ووعدك الحقّ وأنتَ لا تخلف الميعاد، فيقول الله عزّوجلّ : صدقتِ يا فاطمة إنّي سمّيتك فاطمة وفطمتُ بكِ مَن أحبّكِ وتولّاك، وأحبّ ذرّيتكِ وتولّاهم من النار، ووعدي الحقّ وأنا لا أخلف الميعاد، وإنّما أمرتُ بعبدي هذا إلی النار لتشفعي فيه فأشفعك، وليتبيّن لملائكتي وأنبيائي ورسلي وأهل الموقف موقفكِ منّي ومكانتكِ عندي فمَن قرأتِ بين عينيه مؤمناً فخذي بيده وأدخليه الجنّة)

١ ـ قال العلّامة المجلسي في البحار ج ١٦، ص ١٢ : هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزی بن قصيّ بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب، وأُمّها فاطمة بنت زائدة بن الأصم، وينتهي نسبها إلی لؤي بن فهر بن غالب، وكنيتها أُمّ هند

٢ ـ راجع مستدرك الوسائل ج ٤ ص ٤٥٥، ط : آل البيت بيروت، وغاية المرام للسيّد هاشم البحراني ص ٥٠١، ط : دار القاموس

٣ ـ قال الشيخ الطوسي في مصباح المتهجّد ص ٥٥٠ ط : الأعلمي بيروت : (تزوّج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بخديجة بنت خويلد وله يومئذٍ خمسة وعشرين سنة)

١٠٠