تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب الجزء ٥
0%
مؤلف: الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 569
مؤلف: الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 569
يكن الله معكم بالنّصر. فإنه مع الكاملين في إيمانهم. ويؤيّد ذلك:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ ) : ولا تتولوا عن الرّسول. فإنّ المراد من الآية: الأمر بطاعته والنهي عن الإعراض عنه.
وذكر طاعة الله، للتّوطئة، والتّنبيه على أنّ طاعة الله هي طاعة الرّسول لقوله:( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ ) .
وقيل: الضّمير للجهاد، أو للأمر الّذي دلّ عليه الطّاعة.
( وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ ) (٢٠): القرآن والمواعظ، سماع فهم وتصديق.
( وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا ) ، كالكفرة والمنافقين، الّذين ادّعوا السّماع.
( وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ ) (٢١): ينتفعون به، فكأنّهم لا يسمعون رأسا.
( إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ ) : شرّ ما يدبّ على الأرض، أو شرّ البهائم.
( الصُّمُ ) : عن الحقّ.
( الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ ) (٢٢): إيّاه. عدّهم من البهائم، ثمّ جعلهم شرّها لإبطالهم ما امتازوا به وفضّلوا لأجله.
( وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً ) : سعادة كتبت لهم، أو انتفاعا بالآيات.
( لَأَسْمَعَهُمْ ) : سماع تفهم.
( وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ ) : وقد علم أن لا خير فيهم.
( لَتَوَلَّوْا ) : ولم ينتفعوا به، وارتدّوا بعد التصديق والقبول.
( وَهُمْ مُعْرِضُونَ ) (٢٣): لعنادهم.
وقيل(١) : كانوا يقولون للنبيّ: أحي لنا قصيا. فإنّه كان شيخا مباركا، حتى يشهد لك ونؤمن بك.
والمعنى: لأسمعهم كلام قصيّ.
وفي مجمع البيان(٢) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ: نزلت في بني عبد الدار. لم يكن أسلم منهم غير مصعب بن عمير، وحليف لهم يقال له: سويط(٣) .
( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ) : بالطّاعة.
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٣٩٠.
(٢) مجمع البيان ٢ / ٥٣٢.
(٣) المصدر: سويبط.
( إِذا دَعاكُمْ ) .
وحدّ الضّمير فيه لما سبق. ولأنّ دعوة الله تسمع من الرّسول.
نقل(١) : أنّه ـ عليه السّلام ـ مرّ على أبي وهو يصلي. فدعاه، فعجل في صلاته ثمّ جاء.
فقال: ما منعك عن إجابتي؟
قال: كنت أصلي.
قال: ألم تخبر فيما أوحى الله إليّ( اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ) ؟
( لِما يُحْيِيكُمْ ) .
قيل(٢) : من العلوم الدّينية. فإنّها حياة القلب، والجهل موته. قال: لا تعجبنّ الجهول حلّته فذاك ميت وثوبه كفن.
أو ممّا يورثكم الحياة الأبديّة في النّعيم الدائم، من العقائد والأعمال. أو من الجهاد، فإنّه سبب بقائكم. إذ لو تركوه، لغلبهم العدوّ وقتلهم. أو الشّهادة لقوله ـ تعالى ـ:( بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ ) (٣) .
وفي روضة الكافي(٤) : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد والحسين بن سعيد جميعا، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبيّ، عن عبد الله بن مسكان، عن زيد بن الوليد الخثعميّ، عن أبي الربيع الشاميّ قال: سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن هذه الآية.
قال: نزلت في ولاية عليّ ـ عليه السّلام ـ.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٥) : قال: «الحياة» الجنة.
حدثنا أحمد بن محمّد، عن جعفر بن عبد الله، عن كثير بن عيّاش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ يقول في هذه الآية: ولاية عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ فإنّ اتباعكم إيّاه وولايته، أجمع لأمركم وأبقى للعدل فيكم.
وفي شرح الآيات الباهرة(٦) ، تأويله أورد من طريق العامّة نقله ابن مردويه، عن
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٣٩٠.
(٢) نفس المصدر والموضع.
(٣) آل عمران / ١٦٩.
(٤) الكافي ٨ / ٢٤٨، ح ٣٤٩.
(٥) تفسير القمي ١ / ٢٧١.
(٦) تأويل الآيات الباهرة / ٧١.
رجاله مرفوعا إلى الإمام محمّد بن عليّ الباقر ـ عليهما السّلام ـ أنّه قال في قوله ـ تعالى ـ:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ ) .
قال: إلى ولاية عليّ بن أبي طالب.
( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ) .
قيل(١) : تمثيل لغاية قربه ـ تعالى ـ من العبد، كقوله( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) (٢) . وتنبيه على أنه ـ تعالى ـ مطلع على مكنونات القلوب ما عسى يغفل عنه صاحبها. أو حثّ على المبادرة إلى إخلاص القلوب وتصفيتها، قبل أن يحول الله بينه وبين قلبه بالموت أو غيره. أو تصوير وتخييل لتملّكه على العبد قلبه، فيفسخ عزائمه ويغيّر مقاصده، ويحول بينه وبين الكفر إن أراد سعادته، وبينه وبين الإيمان إن قضى شقاوته.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٣) ، أي: يحول بينه وبين ما يريد.
وفيه(٤) ، بالسّند السّابق: عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ يقول: يحول بين المؤمن ومعصيته أن تقوده إلى النّار. وبين الكافر وبين طاعته أن يستكمل به الإيمان. قال واعلموا أنّ الأعمال بخواتيمها.
وفي كتاب التّوحيد(٥) : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصّفار وسعد بن عبد الله جميعا قالا: حدّثنا أيّوب بن نوح، عن محمّد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في هذه الآية قال: يحول بينه وبين أن يعلم أن الباطل حقّ.
وفي مجمع البيان(٦) : وروى يونس [بن عمّار](٧) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ معناه: لا يستيقن القلب، أنّ الحقّ باطل أبدا. ولا يستيقن القلب، أنّ الباطل حقّ أبدا.
وفي تفسير العيّاشيّ: عن حمزة بن الطّيار، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: هو
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٣٩٠.
(٢) ق / ١٦.
(٣) تفسير القمّي ١ / ٢٧١.
(٤) نفس المصدر والموضع.
(٥) التوحيد / ٣٨٥، ح ٦.
(٦) مجمع البيان ٢ / ٥٣٤.
(٧) من المصدر.
أن يشتهي الشيء بسمعه وبصره ولسانه ويده. أما أنّه لا يغشى شيئا منها. وان كان غشي شيئا مما يشتهي، فانه لا يأتيه إلّا وقلبه منكر لا يقبل الذي يأتي، يعرف أنّ الحق ليس فيه.
وعن جابر، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال: هذا الشيء يشتبه الرّجل بقلبه وسمعه وبصره لا تتوق نفسه إلى غير ذلك، فقد حيل بينه وبين قلبه إلّا ذلك الشيء.
( وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ) (٢٤): فيجازيكم بأعمالكم.
( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ) : اتّقوا ذنبا يعمّكم أثره كإقرار المنكر بين أظهركم، والمداهنة في الأمر بالمعروف، وافتراق الكلمة، وظهور البدع والتّكاسل في الجهاد.
على أن قوله: «لا تصيبنّ» إمّا جواب الأمر على معنى: إن أصابتكم لا تصب الظّالمين منكم. وفيه أنّ جواب الشّرط متردد، فلا يليق به النّون المؤكّدة. لكنّه لما تضمّن معنى النهي، ساغ فيه، كقوله:( ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ ) .
وإمّا صفة «لفتنة» و «لا» للنفي. وفيه شذوذ، لأن النّون لا تدخل المنفي في غير القسم. أو للنهي على إرادة القول، كقوله: حتى إذا جنّ الظّلام واختلط جاءوا بمذق هل رأيت الذّئب قط.
وإمّا جواب قسم محذوف، كقراءة من قرأ: «لتصيبن»، وإن اختلفا في المعنى.
ويحتمل أن يكون نهيا بعد الأمر باتّقاء الذّنب عن التّعرض للظّلم، فإنّ وباله يصيب الظالم خاصّة ويعود عليه.
و «من» في «منكم» على الوجه الأول، للتّبعيض. وعلى الأخيرتين للتّبيين.
وفائدته التّنبيه، على أنّ الظّلم منكم أقبح من غيركم.
وفي تفسير العيّاشيّ(١) : عن عبد الرّحمن بن سالم، عن الصادق ـ عليه السّلام ـ في هذه الآية قال: أصابت الناس فتنة بعد ما قبض الله نبيّه ـ صلّى الله عليه وآله ـ، حتّى تركوا عليّا وبايعوا غيره. وهي الفتنة الّتي فتنوا بها. وقد أمرهم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ باتّباع عليّ والأوصياء من آل محمّد ـ عليهم السّلام ـ.
__________________
(١) تفسير العيّاشي ٢ / ٥٣، ح ٤٠.
عن إسماعيل السريّ(١) ، عن النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ(٢) في هذه الآية قال أخبرت، أنهم أصحاب الجمل.
وفي مجمع البيان(٣) : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ وأبي جعفر الباقر ـ عليه السّلام ـ أنّهما قرءا: «لتصيبنّ».
وعن ابن عبّاس:(٤) : أنّهما لـمـّـا نزلت، قال [واتقوا فتنة](٥) ، قال النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ: من ظلم عليّا مقعدي هذا بعد وفاتي، فكأنّما جحد نبوتي ونبوّة الأنبياء قبلي.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٦) : نزلت في طلحة والزبير لـمـّـا حاربوا(٧) أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ وظلموه.
وفي شرح الآيات الباهرة(٨) :
وذكر أبو عليّ الطبرسيّ، عن السّيد أبي طالب الهرويّ، بإسناده: عن علقمة وعن الأسود قالا: أتينا أبا أيّوب الأنصاريّ فأخبرنا، إن النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال لعمّار: إنّه سيكون من بعدي هنات، حتى يختلف السيف فيما بينهم، وحتّى يقتل بعضهم [بعضا، وحتّى يبرأ بعضهم](٩) من بعض. فإذا رأيت ذلك، فعليك بهذا الأصلع عن يميني، عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ فإن سلك الناس كلّهم واديا وسلك عليّ واديا، فاسلك وادي عليّ وخلّ النّاس، يا عمّار. إنّ عليّ لا يردّك عن هدى، ولا يدلّك على ردى. يا عمّار، طاعة عليّ طاعتي، وطاعتي طاعة الله.
وذكر صاحب كتاب نهج الإيمان(١٠) قال: قال: ذكر أبو عبد الله، محمّد بن علي [بن] السراج في كتابه في تأويل هذه الآية. حديث يرفعه، بإسناده إلى عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ: يا ابن مسعود، إنه قد نزلت في عليّ آية( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ) . وأنا مستودعها، ومسلم لك الظّلمة فكن لما أقول واعيا، وعني مؤديا. من ظلم عليّا مجلسي هذا، كان كمن جحد نبوتي ونبوة الأنبياء
__________________
(١) تفسير العياشي ٢ / ٥٣، ح ٤١.
(٢) المصدر: عن البهي .
(٣) مجمع البيان ٢ / ٥٣٢.
(٤) مجمع البيان ٢ / ٥٣٤ ـ ٥٣٥.
(٥) من المصدر.
(٦) تفسير القمي ١ / ٢٧١.
(٧) المصدر: حاربا.
(٨) تأويل الآيات الباهرة / ٧٢.
(٩) ليس في المصدر. (١٠) نفس المصدر والموضع.
من قبلي.
فقال له الرّاوي: يا أبا عبد الرّحمن، أسمعت هذا من رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ؟
قال: نعم.
فقلت له: فكنت(١) للظّالمين [ظهيرا](٢) ؟
قال: لا جرم، حلّت بي عقوبة على أن(٣) لم أستأذن إمامي، كما استأذن جندب وعمار وسلمان. وأنا أستغفر الله وأتوب إليه.
وفي أصول الكافي(٤) ، بإسناده إلى أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ: عن عليّ بن الحسين ـ عليهما السّلام ـ حديث طويل وفيه: ثمّ قال في بعض كتابه:( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ) في إنّا أنزلناه في ليلة القدر(٥) . ويقول: إنّ محمّدا حين يموت يقول أهل الخلاف لأمر الله ـ عزّ وجلّ ـ: مضت ليلة القدر مع رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فهذه فتنة أصابتهم خاصة.
( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢٥)وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ ) قيل(٦) : أرض مكّة، يستضعفكم قريش. والخطاب للمهاجرين. وقيل: للعرب كافة، فإنّهم كانوا أذلاء في أيدي فارس والرّوم.
( تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ ) : كفّار قريش، أو من عداهم. فانّهم جميعا معادين مضادّين لهم.
( فَآواكُمْ ) : إلى المدينة. أو جعل لكم مأوى تتحصّنون به عن أعدائكم.
( وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ ) : على الكفار، أو بمظاهره الأنصار، أو بإمداد الملائكة يوم بدر.
( وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ) : من المغانم.
__________________
(١) المصدر: فكيف وكنت.
(٢) من المصدر.
(٣) المصدر: «عملي اني» بدل: «على أن».
(٤) الكافي ١ / ٢٤٨ و ٢٤٩، ضمن ح ٤.
(٥) الحديث في «باب شأن( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) وتفسيرها» من كتاب أصول الكافي (الحديث ٤)، يعني: هذه الآية نزلت في إنّا أنزلناه في ليلة القدر. وتفسيره يعرف من كلامه ـ عليه السّلام ـ.
(٦) أنوار التنزيل ١ / ٣٩١.
( لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) (٢٦): هذه النّعم.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(١) : نزلت في قريش خاصة.
وفي كشف المحجة(٢) لابن طاوس: عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ حديث طويل. وفيه: فأمّا الآيات التي في قريش، فهي قوله: «واذكروا ـ إلى قوله ـ لعلّكم تشكرون».
( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ ) : بتعطيل الفرائض والسّنن. أو بأن تضمروا خلاف ما تظهرون. أو بالغلول في المغانم.
وأصل الخون: النّقص، كما أن أصل الوفاء: التّمام. واستعماله في ضد الأمانة، لتضمنه إيّاه.
( وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ ) : فيما بينكم.
وهو مجزوم بالعطف، على الأوّل. أو منصوب على الجواب، بالواو.
( وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) (٢٧): أنّكم تخونون. أو أنتم علماء، تميّزون الحسن من القبيح.
وفي مجمع البيان(٣) : عن الباقر والصّادق ـ عليهما السّلام ـ: نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر الأنصاريّ. وذلك أنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ حاصر يهود بني قريظة(٤) إحدى وعشرين ليلة. فسألوا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ الصّلح على ما صالح عليه إخوانهم من بني النّضير، على أن يسيروا إلى إخوانهم إلى أذرعات وأريحا من أرض الشّام. فأبى أن يعطيهم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ. إلّا أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ.
فقالوا: أرسل إلينا أبا لبابة.
وكان مناصحا لهم، لأنّ عياله وماله وولده كانت عندهم فبعثه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فأتاهم.
فقالوا: ما ترى، يا أبا لبابة، أننزل على حكم سعد بن معاذ؟
فأشار أبو لبابة بيده إلى حلقه: إنّه الذّبح، فلا تفعلوا.
__________________
(١) تفسير القمّي ١ / ٢٧١.
(٢) كشف المحجّة / ١٧٥.
(٣) مجمع البيان ٢ / ٥٣٥ ـ ٥٣٦.
(٤) المصدر: يهود قريظة.
فأتاه جبرائيل ـ عليه السّلام ـ فأخبره بذلك.
قال أبو لبابة: فو الله، ما زالت قدماي من مكانهما حتّى عرفت أني قد خنت الله ورسوله.
فنزلت الآية فيه. فلمّا نزلت، شدّ نفسه على سارية من سواري المسجد وقال والله، لا أذوق طعاما ولا شرابا حتى أموت أو يتوب الله عليّ.
فمكث سبعة أيام لا يذوق فيها طعاما ولا شرابا، حتى خرّ مغشيا عليه. ثمّ تاب الله عليه.
فقيل له: يا أبا لبابة، قد تيب عليك.
فقال: لا والله، لا أحلّ نفسي حتّى يكون رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ هو الّذي يحلّني.
فجاءه، فحلّه بيده.
ثمّ قال أبو لبابة: إنّ من تمام توبتي أن أهجر دار قومي الّتي أصبت فيها الذّنب وأن أنخلع من مالي.
فقال النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ: يجزيك الثّلث أن تصدّق به.
وفي الكافي(١) : عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن رجل وقع لي عنده مال، وكابرني عليه وحلف. ثمّ وقع له عندي مال، فآخذه مكان مالي الّذي أخذ وأجحده وأحلف عليه، كما صنع؟
فقال: إن خانك، فلا تخنه، ولا تدخل فيما عبته عليه.
عليّ بن إبراهيم(٢) : عن أبيه ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم عن عبد الحميد، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ: الرّجل يكون لي عليه الحقّ، فيجحدنيه. ثمّ يستودعني مالا، ألي أن آخذ مالي عنده؟
قال: لا، هذه خيانة.
__________________
(١) الكافي ٥ / ٩٨، ح ١.
(٢) الكافي ٥ / ٩٨، ح ٢.
عدّة من أصحابنا(١) ، عن أحمد بن محمّد وسهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرميّ قال: قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ: رجل كان له على رجل مال، فجحده إيّاه وذهب به. ثمّ صار بعد ذلك للرّجل الّذي ذهب بماله مال قبله، أيأخذه منه مكان ماله الذي ذهب به منه ذلك الرّجل؟
قال: نعم، ولكن لهذا كلام. يقول: أللّهمّ، إنّي آخذ هذا المال مكان مالي الّذي أخذه مني، وإني لم آخذها ما أخذت منه خيانة ولا ظلما.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٢) . وفي رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قوله ـ عزّ وجلّ ـ:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) : وأما خيانة الأمانة، فكلّ إنسان مأمون على ما افترض الله ـ عزّ وجلّ ـ عليه.
قال(٣) : نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر. فلفظ الآية عام، ومعناها خاصّ.
قال: ونزلت في غزوة بني قريظة في سنة خمس من الهجرة، وقد كتبت في هذه الصورة(٤) مع أخبار بدر. وكانت على رأس ستة عشر شهرا من مقدم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ المدينة. ونزلت مع الآية التي في سورة التّوبة قوله:( وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ ) التي نزلت في أبي لبابة.
قال: فهذا الدّليل على أنّ التأليف على خلاف ما أنزل الله على نبيّه.
ثم ذكر هذه القصة هناك، كما يأتي.
( وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ) : لأنّهم سبب الوقوع في الإثم والعقاب. أو محنة من الله، ليبلوكم فيه. فلا يحملنّكم حبّهم على الخيانة، كأبي لبابة.
( وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ) (٢٨): لمن آثر رضا الله عليهم، وراعى حدوده فيهم. فأنيطوا هممكم بما يؤديكم إليه.
وفي مجمع البيان(٥) : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ: لا يقولنّ أحدكم: أللّهمّ إني أعوذ بك من الفتنة. لأنه ليس أحد إلّا وهو مشتمل على فتنة. ولكن من استعاذ فليستعذ من مضلات الفتن. فإنّ الله ـ سبحانه ـ يقول:( وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ) .
__________________
(١) الكافي ٥ / ٩٨، ح ٣.
(٢) تفسير القمي ١ / ٢٧٢.
(٣) تفسير القمي ١ / ٣٠٣ ـ ٣٠٤.
(٤) المصدر: السورة.
(٥) مجمع البيان ٢ / ٥٣٦.
وفي كتاب المناقب(١) لابن شهر آشوب: وروى يحيى بن أبي كثير وسفيان بن عيينة، بإسنادهما، أنّه سمع رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بكاء الحسن والحسين وهم على المنبر، فقام فزعا. ثمّ قال: أيّها النّاس، ما الوليد(٢) إلّا فتنة. لقد قمت إليهم وحقّا(٣) ما معي عقلي.
وفي رواية بريدة(٤) : وما أعقل.
عن عبد الله بن بريدة قال: سمعت أبي يقول: كان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يخطب على المنبر. فجاء(٥) الحسن والحسين، وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران.
فنزل رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ من المنبر، فحملهما ووضعهما على يديه ثمّ قال: صدق الله:( أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ) .
(إلى آخر كلامه).
وفي خبر آخر: أولادنا أكبادنا يمشون على الأرض.
( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً ) : هداية في قلوبكم، تفرقون بها بين الحقّ والباطل. أو نصرا، يفرق بين المحقّ والمبطل بإعزاز المؤمنين وإذلال الكافرين. أو مخرجا من الشّبهات. أو نجاة عمّا تحذرون في الدّارين. أو ظهورا يشهر أمركم ويثبت نعتكم، من قولهم: بتّ أفعل كذا حتّى سطح الفرقان، أي: الصّبح.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٦) ، يعني: العلم الّذي تفرقون به بين الحقّ والباطل.
( وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ ) : ويسترها.
( وَيَغْفِرْ لَكُمْ ) : ذنوبكم، بالتّجاوز والعفو عنها.
وقيل(٧) : «السّيّئات» الصّغائر. و «الذّنوب» الكبائر.
وقيل(٨) : المراد: ما تقدّم وما تأخّر. لأنّها في أهل بدر، وقد غفرهما(٩) الله لهم.( وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) (٢٩): تنبيه على أنّ ما وعده لهم من التّقوى، تفضّل منه وإحسان. وأنّه ليس ممّا يوجبه تقواهم عليه، كالسّيد إذا وعد عبده إنعاما على
__________________
(١) المناقب ٣ / ٣٨٥.
(٢) المصدر: الولد.
(٣) ليس في المصدر.
(٤) ليس في المصدر.
(٥) كذا في المصدر، وفي النسخ: فأتى.
(٦) تفسير القمي ١ / ٢٧٢.
(٧) أنوار التنزيل ١ / ٣٩١.
(٨) نفس المصدر.
(٩) كذا في المصدر، وفي النسخ: غفرها.
عمل.
( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) : تذكار لـمـّـا مكر قريش به حين كان بمكّة، ليشكر نعمة الله في خلاصه من مكرهم واستيلائه عليهم.
والمعنى: واذكر إذ يمكرون بك.
( لِيُثْبِتُوكَ ) : بالوثاق والحبس. أو الإثخان بالجرح، من قولهم: ضربه حتّى أثبته، ولا حراك به ولا براح.
وقرئ(١) : «ليثبّتوك» بالتّشديد. و «ليبيّتوك»، من البيات. و «ليقيّدوك».
( أَوْ يَقْتُلُوكَ ) : بسيوفهم.
( أَوْ يُخْرِجُوكَ ) : من مكّة.
( وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ ) : بردّ مكرهم عليهم. أو بمجازاتهم عليه. أو بمعاملة الماكرين معهم، بأن أخرجهم إلى بدر وقلّل المسلمين في أعينهم حتّى حملوا عليهم فقتلوا.
( وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ ) (٣٠): إذ لا يؤبه بمكرهم دون مكره.
وإسناد أمثال هذا، إنّما يحسن للمزاوجة. ولا يجوز إطلاقها ابتداء، لما فيه من إيهام الذّمّ.
في أمالي(٢) شيخ الطّائفة ـ قدّس سرّه ـ، بإسناده إلى جابر بن عبد الله بن حزام الأنصاريّ ـ رحمه الله ـ قال: تمثّل إبليس ـ لعنه الله ـ في أربع صور.
ـ إلى قوله ـ: وتصوّر يوم اجتماع قريش في دار النّدوة في صورة شيخ من أهل نجد. وأشار عليهم في النّبيّ ـ عليه السّلام ـ بما أشار. فأنزل الله ـ تعالى ـ:( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ ) (الآية).
وفي تفسير العيّاشي(٣) : عن زرارة وحمران ومحمّد بن مسلم، عن أحدهما ـ عليهما السلام ـ: أنّ قريشا اجتمعت فخرجت من كل بطن أناسا. ثمّ انطلقوا إلى دار الندوة ليشاوروا فيما يصنعون برسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فإذا هم بشيخ قائم على الباب.
فإذا ذهبوا إليه ليدخلوا، قال: أدخلوني معكم.
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٣٩٢.
(٢) أمالي الطوسي ١ / ١٨٠ ـ ١٨١.
(٣) تفسير العيّاشي ٢ / ٥٣ ـ ٥٤، ح ٤٢.
قالوا: ومن أنت، يا شيخ؟
قال: أنا شيخ من مصر(١) ، ولي رأي أشير به عليكم.
فدخلوا وجلسوا وتشاوروا، وهو جالس. وأجمعوا أمرهم على أن يخرجوه.
قال: ليس هذا بكم برأي. إن أخرجتموه، جلب عليكم النّاس فقاتلوكم.
قالوا: صدقت، ما هذا برأي.
ثمّ تشاوروا، وأجمعوا أمرهم على أن يوثقوه.
قال: هذا ليس برأي. إن فعلتم هذا، ومحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ رجل حلو اللّسان، أفسد عليكم أبناءكم وخدمكم. وممّا(٢) ينفع أحدكم إذا فارقه أخوه وابنه وامرأته.
ثمّ تشاوروا، فأجمعوا أمرهم على أن يقتلوه. يخرجون من كلّ بطن منهم بشاهر، فيضربونه بأسيافهم جميعا عند الكعبة.
ثمّ قرأ هذه الآية:( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ ) . (الآية).
عن زرارة وحمران(٣) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ [وأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ](٤) قوله:( وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ ) .
قال: إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ قد كان لقي من قومه بلاء شديدا. حتى أتوه ذات يوم، وهو ساجد، حتى طرحوا(٥) عليه رحم شاة. فأتته ابنته، وهو ساجد لم يرفع رأسه، فرفعته عنه ومسحته. ثمّ أراه الله بعد ذلك الّذي يحبّ. إنه كان ببدر وليس معه غير فارس واحد، ثمّ كان معه يوم الفتح اثنا عشر ألفا، حتى جعل أبو سفيان والمشركون يستغيثون(٦) . ثمّ لقي أمير المؤمنين من الشّدة والبلاء والتّظاهر عليه، ولم يكن معه أحد من قومه بمنزلته. أما حمزة فقتل يوم أحد، وأما جعفر فقتل يوم مؤنة.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٧) ، في هذه الآية: أنّها نزلت بمكة قبل الهجرة. وكان سبب نزولها، أنّه لما أظهر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ الدعوة بمكّة، قدمت عليه
__________________
(١) المصدر: بني مضر.
(٢) المصدر: ما.
(٣) تفسير العيّاشي ٢ / ٥٤، ح ٤٣.
(٤) من المصدر.
(٥) هكذا في المصدر، وفي النسخ: طردوا.
(٦) هكذا في المصدر، وفي النسخ: يستعينون.
(٧) تفسير القمي ١ / ٢٧٢ ـ ٢٧٦.
الأوس والخروج.
فقال لهم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ: تمنعوني وتكونون لي جارا(١) حتى أتلو عليكم كتاب ربي، وثوابكم على الله الجنّة؟
فقالوا: نعم، خذ لربّك ولنفسك ما شئت.
وقال لهم: موعدكم العقبة في الليلة الوسطى من ليالي التّشريق.
فحجّوا ورجعوا إلى منى. وكان فيهم ممّن قد حجّ كثيرا.
فلمّا كان اليوم الثاني من أيّام التشريق، فقال لهم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ: إذا كان اللّيل، فاحضروا دار عبد المطلب على العقبة. ولا تنبّهوا نائما. ولينسل واحد فواحد.
فجاء سبعون رجلا من الأوس والخزرج، فدخلوا الدّار.
فقال لهم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ: تمنعوني وتجيروني حتى أتلو عليكم كتاب ربي، وثوابكم على الله الجنّة؟
فقال سعد بن زرارة والبراء من معرور وعبد الله بن حزام: نعم، يا رسول الله اشترط لربّك ولنفسك ما شئت.
فقال: أمّا ما أشترط لربي، فأن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا. وأشترط لنفسي أن تمنعوني ممّا تمنعون أنفسكم، وتمنعوا أهلي مما تمنعون أهليكم(٢) وأولادكم.
فقالوا: فما لنا على ذلك؟
قال: الجنة في الآخرة، وتملكون العرب، وتدين لكم العجم في الدنيا. وتكونون ملوكا في الجنّة.
فقالوا: قد رضينا.
فقال: أخرجوا إليّ منكم اثنى عشر نقيبا، يكونون شهداء عليكم بذلك، كما أخذ موسى من بني إسرائيل اثنى عشر نقيبا.
فأشار عليهم جبرئيل ـ عليه السّلام ـ.
فقال: هذا نقيب وهذا نقيب وهذا نقيب، تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس. فمن الخزرج، سعد بن زرارة والبراء بن معرور. وعبد الله بن حزام، ـ وهو
__________________
(١) هكذا في المصدر. وفي النسخ: حبارا.
(٢) المصدر: أهاليكم.
أبو جابر بن عبد الله ـ ورافع بن مالك، وسعد بن عبادة، والمنذر بن عمرو، وعبد الله بن رواحة، وسعد بن الرّبيع، وعبادة بن الصامت. ومن الأوس، أبو الهيثم بن التّيهان، وهو من اليمن، وأسد بن حصين، وسعد بن خيثمة.
فلمّا اجتمعوا وبايعوا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ صاح إبليس: يا معشر قريش والعرب، هذا محمّد والصباة من أهل يثرب على جمرة العقبة يبايعونه على حربكم.
فأسمع أهل منى. وهاجت قريش، فأقبلوا بالسّلاح. وسمع رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ النّداء.
فقالوا للأنصار: تفرّقوا.
فقالوا: يا رسول الله، إن أمرتنا أن نميل عليهم بأسيافنا فعلنا.
فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ: لم أؤمر بذلك، ولم يأذن الله لي في محاربتهم.
قالوا: فتخرج معنا؟
قال: أنتظر أمر الله.
فجاءت قريش على بكرة أبيها، قد أخذوا السّلاح. وخرج حمزة وأمير المؤمنين ـ عليهما السّلام ـ [ومعهما السيوف](١) ، فوقفنا على العقبة.
فلمّا نظرت قريش إليهما، قالوا: ما هذا الّذي اجتمعتم له؟
فقال حمزة: ما اجتمعنا، وما ها هنا أحد. والله، لا يجوز هذه العقبة أحد إلّا ضربته بسيفي.
فرجعوا إلى مكّة، وقالوا: لا نأمن من أن يفسد أمرنا، ويدخل واحد من مشايخ قريش في دين محمّد.
فاجتمعوا في الندوة. وكان لا يدخل دار الندوة، إلا من أتى عليه أربعون سنة.
فدخلوا أربعين رجلا من مشايخ قريش.
وجاء إبليس في صورة شيخ كبير، فقال له البواب، من أنت؟
فقال: أنا شيخ من أهل نجد، لا يعدمكم مني رأي صائب(٢) . إني حدث بلغني اجتماعكم في أمر هذا الرّجل، فجئت لأشير عليكم.
__________________
(١) من المصدر.
(٢) هكذا في المصدر. وفي النسخ: تناسب.
فقال: ادخل.
فدخل إبليس.
فلمّا أخذوا مجلسهم، قال أبو جهل: يا معشر قريش: إنّه لم يكن أحد من العرب أعزّ منّا. نحن أهل الله، وتغدوا إلينا العرب في السّنة مرّتين ويكرموننا ونحن في حرم الله، لا يطمع فينا طامع. فلم نزل كذلك، حتّى نشأ فينا محمّد بن عبد الله. فكنّا نسمّيه الأمين، لصلاحه وسكونه وصدق لهجته، حتّى إذا بلغ ما بلغ وأكرمناه، ادّعى أنّه رسول الله. وأنّ أخبار السّماء تأتيه. فسفّه أحلامنا، وسبّ آلهتنا، وأفسد شبابنا، وفرّق جماعتنا، وزعم أنّه من مات من أسلافنا ففي النّار. فلم يرد علينا شيء أعظم من هذا، وقد رأيت فيه رأيا. وما رأيت؟
قال: رأيت أن ندسّ إليه رجلا منّا ليقتله. فإن طلبت بنو هاشم بدمه، أعطيناهم عشر ديات. فقال الخبيث: هذا رأي خبيث.
قالوا: وكيف ذلك؟
قال: لأنّ قاتل محمّد مقتول لا محالة. فمن هذا الّذي يبذل نفسه للقتل منكم؟
فإنّه إذا قتل محمّد، تعصّبت(١) بنو هاشم وحلفاؤهم من خزاعة. وأنّ بني هاشم لا ترضى أن يمشي قاتل محمّد على الأرض، فتقع بينكم الحروب في حرمكم وتتفانوا به.
فقال آخر منهم: فعندي رأي آخر.
قال: وما هو؟
نبيّته(٢) في بيت ونلقي إليه قوته، حتّى يأتيه ريب المنون فيموت، كما مات زهير والنّابعة وامرؤ القيس.
فقال إبليس: هذا أخبث من الآخر.
قالوا: وكيف ذلك؟
قال: لإنّ بني هاشم لا ترضى بذلك. فإذا جاء موسم من مواسم العرب، استعانوا(٣) بهم واجتمعوا عليكم فأخرجوه.
وقال آخر منهم: لا، ولكنّا نخرجه من بلادنا ونتفرّغ نحن لعبادة آلهتنا.
__________________
(١) المصدر: تغضب.
(٢) المصدر: نثبته.
(٣) المصدر: استغاثوا.
فقال إبليس: هذا أخبث من الرّأيين المتقدّمين.
قالوا: وكيف ذلك؟
قال: لأنّكم تعمدون إلى أصبح النّاس وجها وأنطق النّاس لسانا وأفصحهم لهجة، فتحملونه إلى بوادي(١) العرب فيخدعهم ويستجرّهم(٢) بلسانه. فلا يفجأكم إلّا وقد ملأها عليكم خيلا ورجالا(٣) .
فبقوا حائرين. ثمّ قالوا لإبليس: فما الرأي فيه، يا شيخ؟
قال: ما فيه إلّا رأي واحد.
قالوا: وما هو؟
قال: يجتمع من كلّ بطن من بطون قريش واحد، ويكون معهم من بني هاشم رجل، فيأخذون سكينة أو حديدة أو سيفا، فيدخلون عليه فيضربونه كلهم ضربة واحدة، حتى يتفرّق دمه في قريش كلّها. فلا يستطيع بنو هاشم أن يطلبوا بدمه، وقد شاركوا فيه.
فإن سألوكم أن تعطوا الدّية، فأعطوهم ثلاث ديات.
فقالوا: نعم، وعشر ديات.
ثمّ قالوا: الرأي، رأي الشّيخ النجديّ.
فاجتمعوا، ودخل معهم في ذلك أبو لهب، عمّ النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
ونزل جبرئيل على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وأخبره، أنّ قريشا قد اجتمعت في دار الندوة يدبرون عليك. وأنزل الله عليه في ذلك( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ، وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ، وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ ) .
واجتمعت قريش أن يدخلوا عليه ليلا فيقتلوه. وخرجوا إلى المسجد يصفرون ويصفّقون، ويطوفون بالبيت. فأنزل الله( وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً ) (٤) . «فالمكاء»، التصفير. و «التّصدية» صفق اليدين. وهذه الآية معطوفة على قوله:( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) . وقد كتب بعد آيات كثيرة.
فلما أمسى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ جاءت قريش ليدخلوا عليه.
فقال أبو لهب: لا أدعكم أن تدخلوا عليه اللّيل. فإنّ في الدار صبيانا ونساء، ولا
__________________
(١) المصدر: وادي.
(٢) المصدر: يسحرهم.
(٣) المصدر: رجلا.
(٤) الأنفال / ٣٥.
نأمن أن تقع بهم يد خاطئة. فنحرسه اللّيلة، فإذا أصبحنا دخلنا عليه.
فناموا حول حجرة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ. وأمر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أن يفرش له، فراش(١) .
فقال لعليّ بن أبي طالب ـ صلوات الله عليه ـ: أفدني نفسك.
قال: نعم، يا رسول الله.
قال: يا عليّ، نم على فراشي والتحف ببردتي.
فنام على فراش رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ والتحف ببردته. وجاء جبرئيل، فأخذ بيد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فأخرجه على قريش، وهم نيام. وهو يقرأ عليهم:( وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ ) (٢) .
وقال له جبرئيل: خذ على طريق ثور. وهو جبل على طريق منى، له سنام، كسنان ثور.
فدخل الغار وكان من أمره ما كان. فلما أصبحت قريش، وأتوا(٣) إلى الحجرة وقصدوا الفراش.
فوثب عليّ في وجوههم، فقال: ما شأنكم؟
قالوا له: أين محمّد؟
قال: أجعلتموني عليه رقيبا، ألستم قلتم: نخرجه من بلادنا؟ فقد خرج عنكم.
فأقبلوا يضربون أبا لهب ويقولون: أنت تخدعنا منذ الليلة.
فتفرّقوا في الجبال. وكان فيهم رجل من خزاعة يقال له: أبو كرز. يقفو الآثار.
فقالوا له: يا أبا كرز، اليوم اليوم.
فوقف بهم على باب حجرة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال: هذه قدم محمد، والله، إنّها لأخت القدم التي في المقام.
وكان أبو بكر استقبل رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فردّه معه.
وقال أبو كرز: وهذه قدم ابن أبي قحافة، أو أبيه. ثمّ قال: وها هنا عبر ابن أبي قحافة.
فما زال يقفو بهم، حتّى أوقفهم على باب الغار. ثمّ قال: ما جاوزا هذا
__________________
(١) المصدر: ففرش له.
(٢) يس / ٩.
(٣) ح: وثبوا.
المكان. إمّا أن يكونوا صعدوا إلى السّماء، أو أدخلوا تحت الأرض.
فبعث الله العنكبوت، فنسجت على باب الغار. وجاء فارس من الملائكة حتى وقف على باب الغار، ثمّ قال: ما في الغار أحد(١) .
فتفرقوا في الشّعاب، وصرفهم الله عن رسوله. ثمّ أذن لنبيّه في الهجرة.
( وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا ) : وهو قول النضر بن الحارث بن كلدة يوم بدر. وإسناده إلى الجميع إسناد ما فعله رئيس القوم إليهم، فإنّه كان قاصّهم. أو قول الّذين ائتمروا في أمره ـ عليه السّلام ـ. وهذه غاية مكابرتهم وفرط عنادهم. إذ لو استطاعوا ذلك، فما منعهم أن يشاءوا وقد تحداهم وقرّعهم بالعجز عشر سنين ثمّ قارعهم بالسّيف. فلم يعارضوا سوره مع أنفتهم وفرط استنكافهم أن يغلبوا، خصوصا في باب البيان.
( إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) (٣١): ما سطّره الأوّلون من القصص.
قيل(٢) : قاله النّضر ـ أيضا ـ. وذلك أنّه جاء بحديث رستم وإسفنديار من بلاد فارس، وزعم أنّ هذا هو مثل ذاك.
( وَإِذْ قالُوا أللّهمّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ ) (٣٢).
قيل(٣) : هذا ـ أيضا ـ من كلام ذلك القائل أبلغ في الجحود.
ونقل(٤) : أنّه لـمـّـا قال النّضر:( إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) ، قال له النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ: ويلك، إنّه كلام الله.
فقال ذلك.
والمعنى: ان كان القرآن حقّا منزلا، فأمطر الحجارة علينا عقوبة على إنكاره. أو ائتنا بعذاب أليم سواء.
والمراد به: التّهكّم، وإظهار اليقين، والجزم التّامّ على كونه باطلا.
وقرئ(٥) : «الحقّ» بالرفع، على أنّ «هو» مبتدأ غير فصل. وفائدة التعريف فيه ،
__________________
(١) المصدر: واحد.
(٢) تفسير الصافي ٢ / ٢٩٧.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٣٩٢ ـ ٣٩٣.
(٤) نفس المصدر، والموضع.
(٥) أنوار التنزيل ١ / ٣٩٢.
الدّلالة على أنّ المعلّق به كونه حقّا بالوجه الّذي يدّعيه النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ. وهو تنزيله لا الحقّ مطلقا، لتجويزهم(١) أن يكون مطابقا للواقع غير منزل، كأساطير الأوّلين.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٢) : قاله أبو جهل.
وفي روضة الكافي(٣) : عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي بصير قال: بينا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ [ذات يوم](٤) جالسا، وذكر كلاما طويلا في فضل عليّ ـ عليه السّلام ـ.
إلى أن قال: فغضب الحارث بن عمرو الفهريّ، فقال:( إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ ) إنّ بني هاشم يتوارثون هرقل بعد هرقل «فأرسل علينا حجارة من السّماء أو ائتنا بعذاب أليم».
فأنزل الله عليه مقالة الحارث.
وفي تفسير مجمع البيان(٥) ، بإسناده إلى سفيان بن عيينة: عن جعفر بن محمّد الصّادق، عن آبائه ـ عليهم السلام ـ قال: لـمـّـا نصب رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ عليّا ـ عليه السّلام ـ يوم غدير خمّ فقال: «من كنت مولاه فعليّ مولاه» طار ذلك في البلاد.
فقدم على النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ النّعمان بن الحارث الفهريّ، فقال: أمرتنا من الله أن نشهد لا إله الّا الله وأنّك رسول الله، وأمرتنا بالجهاد والحجّ والصّوم والصلاة والزكاة، فقبلناها. ثم لم ترض حتى نصّبت هذا الغلام فقلت: «من كنت مولاه فعليّ مولاه»، فهذا شيء منك أو أمر من عند الله؟
فقال: والله الذي لا إله إلّا هو، إنّ هذا من عند الله.
فولّى النّعمان بن الحارث وهو يقول: «اللهم» (الآية). فرماه الله بحجر على رأسه، فقتله.
( وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) (٣٣): بيان لما كان الموجب لإمهالهم، والتّوقّف لإجابة دعائهم.
و «اللّام» لتأكيد النفي، والدلالة على أنّ تعذيبهم عذاب استئصال والنبيّ بين
__________________
(١) المصدر: ينجويزهم.
(٢) تفسير القمي ١ / ٢٧٧. بتصرف.
(٣) الكافي ٨ / ٥٧، ح ١٨.
(٤) من المصدر.
(٥) مجمع البيان ٥ / ٣٥٢.
أظهرهم خارج عن عادته غير مستقيم في قصائه.
والمراد بالاستغفار، إمّا استغفار من بقي فيهم من المؤمنين. أو قولهم: أللّهمّ غفرانك. أو فرضه على معنى: لو استغفروا لم يعذّبوا، كقوله:( وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ ) .
وفي روضة الكافي(١) : عليّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن أبي حمزة وغير واحد، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ: إنّ لكم في حياتي خيرا وفي مماتي خيرا.
قال: فقيل: يا رسول الله، أما حياتك فقد علمنا فما لنا في وفاتك؟
فقال: أما في حياتي، فإنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول:( ما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ) . وأمّا في مماتي، فتعرض عليّ أعمالكم فأستغفر لكم.
وفي نهج البلاغة(٢) : وحكى أبو جعفر محمد بن عليّ الباقر ـ عليهما السّلام ـ أنّه قال: كان في الأرض أمانان من عذاب الله ـ سبحانه ـ. فرفع أحداهما، فدونكم الآخر فتمسّكوا به. أمّا الأمان الّذى رفع، فهو رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وأما الأمان الباقي، فالاستغفار. قال الله ـ عزّ وجلّ ـ:( وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ ) (الآية).
وفي من لا يحضره الفقيه(٣) : وقال النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ: حياتي خير لكم، ومماتي خير لكم.
فقالوا: يا رسول الله، وكيف ذاك؟
فقال: أمّا حياتي، فإن الله يقول:( وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ) .
والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.
وفي كتاب ثواب الأعمال(٤) : عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال: كان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يقول: [مقامي فيكم و](٥) الاستغفار لكم حصن حصين من العذاب. فمضى اكبر الحصنين، وبقي الاستغفار. فأكثروا منه، فانّه ممحاة للذنوب. قال الله ـ عزّ وجلّ ـ:( وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ ) (الآية).
__________________
(١) الكافي ٨ / ٢٥٤، ح ٣٦١.
(٢) نهج البلاغة / ٤٨٣، حكمة ٨٨.
(٣) الفقيه ١ / ١٢١، ح ٥٨٢.
(٤) ثواب الأعمال / ١٩٧، ح ٣.
(٥) من المصدر.