تفسير نور الثقلين الجزء ١
0%
مؤلف: الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي
المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 832
مؤلف: الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي
المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 832
الحرام؟ قال، لأنه حرم على المشركين أن يدخلوه. قال عز من قائل( اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ وَأَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ )
٤٠٢ ـ في كتاب التوحيد حدّثنا أبي (ره) قال. حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن معاذ الجوهري عن جعفر بن محمد الصادق عن آبائه صلوات الله عليهم عن رسول اللهصلىاللهعليهوآله عن جبرئيلعليهالسلام قال: قال الله جلّ جلاله: من أذنب ذنبا صغيرا أو كبيرا وهو لا يعلم ان لي ان عذبه أو أعفو عنه لا غفرت له ذلك الذنب أبدا ـ ومن أذنب ذنبا صغيرا كان أو كبيرا وهو يعلم ان لي ان أعذبه أو ان اعفو عنه عفوت عنه.
٤٠٣ ـ في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد ابن أبي نصر عن رجل عن أبي جعفرعليهالسلام :( لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ) .
٤٠٤ ـ في تفسير العيّاشي عن أحمد بن محمد قال: كتب إلى أبو الحسن الرضاعليهالسلام وكتب في آخره: أو لم تنتهوا عن كثرة المسائل فأبيتم أن تنتهوا، إياكم وذلك فانما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، فقال الله:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ ) إلى قوله «كافرين».
٤٠٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن حنان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفرعليهالسلام ان صفية بنت عبد المطلب مات ابن لها فأقبلت فقال لها عمر غطى قرطك(١) فان قرابتك من رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم لا تنفعك شيئا فقالت له: هل رأيت لي قرطا يا ابن اللخناء(٢) ثم دخلت على رسول اللهصلىاللهعليهوآله فأخبرته بذلك وبكت، فخرج رسول اللهصلىاللهعليهوآله فنادى الصلوة جامعة فاجتمع الناس فقال: ما بال أقوام يزعمون ان قرابتي لا تنفع لو قد قرب المقام المحمود لشفعت في محاوجكم، لا يسألني اليوم أحد من أبوه الا أخبرته: فقام إليه رجل
__________________
(١) القرط: ما يعلق في شحمة الاذن من درة ونحوها.
(٢) لخن: كان منتن المغان وهي مطاوى الجسد وقال الجوهري: ويقال اللخناء للتي لم تختن.
فقال: من أبي يا رسول الله؟ فقال: أبوك غير الذي تدعى له، أبوك فلان بن فلان. فقام آخر فقال من أبي يا رسول الله؟ قال: أبوك الذي تدعى له، ثم قال رسول اللهصلىاللهعليهوآله : ما بال الذي يزعم ان قرابتي لا تنفع لا يسألني عن أبيه؟ فقام إليه عمر فقال له: أعوذ بالله يا رسول الله من غضب الله وغضب رسوله اعف عنى عفا الله عنك، فانزل الله:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ) إلى قوله.( ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ ) .
٤٠٦ ـ في مجمع البيان ( لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ ) الاية اختلفوا في نزولها قيل: خطب رسول اللهصلىاللهعليهوآله فقال: إنَّ الله كتب عليكم الحج فقام عكاشة بن محصن ويروى سراقة بن مالك فقال: أفى كل عام يا رسول الله؟ فاعرض عنه حتى عاد مرتين أو ثلثا فقال رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ويحك وما يؤمنك ان أقول نعم والله لو قلت نعم لوجبت ولو وجبت ما استطعتم ولو تركتم كفرتم فاتركوني ما تركتم فانما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فاذا أمرتكم بشيء فاتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه عن علي بن أبي طالبعليهالسلام وابى أمامة الباهلي.
٤٠٧ ـ وفيه وقيل: ان تقديره لا تسألوا عن أشياء عفى الله عنها( إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ) فقدم وأخر، فعلى هذا يكون قوله:( عَفَا اللهُ عَنْها ) صفة للأشياء أيضا، ومعناه كفى الله عن ذكرها أو لم يوجب فيها حكما، وإلى هذا أشار أمير المؤمنينعليهالسلام : ان الله افترض عليكم فرائض فلا تضيعوها، وحد لكم حدودا فلا تعتدوها، ونهاكم عن أشياء فلا تنتهكوها، وسكت لكم عن أشياء ولم يدعها نسيانا فلا تتكلموها.
٤٠٨ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة حدّثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني رضى الله عنه قال: حدّثنا محمد بن يعقوب الكليني عن اسحق بن يعقوب قال: سألت محمد بن عثمان العمرى رضى الله عنه أن يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل أشكلت على، فورد في التوقيع بخط مولانا صاحب الزمانعليهالسلام : واما ما وقع من الغيبة فان اللهعزوجل يقول.( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ) انه لم يكن أحد من آبائي الا وقد وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه، وانى اخرج حين اخرج ولا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي.
٤٠٩ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن حماد عن عبد الله بن سنان عن أبي الجارود قال: قال أبو جعفرعليهالسلام : إذا حدثتكم بشيء فاسئلونى من كتاب الله، قال في بعض حديثه ان رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم : نهى عن القيل والقال وفساد المال وكثرة السؤال، فقيل له: يا ابن رسول الله أين هذا من كتاب الله؟ قال: إنَّ اللهعزوجل يقول:( لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ) وقال:( وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً ) وقال:( لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ) . في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن عيسى عن يونس وعدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه جميعا عن يونس عن عبد الله بن سنان وابن مسكان عن أبي الجارود قال: قال أبو جعفرعليهالسلام : إذا حدثتكم بشيء فأسئلونى عن كتاب الله، ثم قال في حديثه: ان الله نهى عن القيل والقال وذكر مثله سواء.
٤١٠ ـ في كتاب معاني الأخبار حدّثنا أبي (ره) قال: حدّثنا محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري عن العباس بن معروف عن صفوان بن يحيى عن ابن مسكان عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللهعليهالسلام في قول اللهعزوجل .( ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ ) قال: إنَّ أهل الجاهلية كانوا إذا ولدت الناقة ولدين في بطن قالوا: وصلت فلا يستحلون ذبحها ولا أكلها وإذا ولدت عشرا جعلوها سائبة ولا يستحلون ظهرها ولا أكلها. والحام فحل الإبل لم يكونوا يستحلونه، فأنزل اللهعزوجل : انه لم يكن يحرم شيئا من ذاك، «وقد روى ان البحيرة الناقة إذا أنتجت خمسة أبطن، فان كان الخامس ذكرا نحروه فأكله الرجال والنساء، وان كان الخامس أنثى بحروا اذنها أي شقوه وكانت حراما على النساء لحمها ولبنها، فاذا ماتت حلت للنساء، والسائبة البعير يسيب(١) بنذر يكون على الرجل ان سلمه اللهعزوجل من مرض أو بلغه منزله ان يفعل ذلك، والوصيلة من الغنم كانوا إذا ولدت الشاة سبعة ابطن فان كان السابع ذكرا ذبح وأكل منه الرجال والنساء، وان كانت أنثى تركت
__________________
(١) أي يهمل.
في الغنم، وان كان ذكرا وأنثى قالوا وصلت أخاها فلم تذبح، وكان لحومها حراما على النساء الا ان يكون يموت منها شيء فيحل أكلها للرجال والنساء، والحام الفحل إذا ركب ولد ولده قالوا قد حمى ظهره، وقد يروى ان الحام هو من الإبل إذا نتج عشرة ابطن قالوا قد حمى ظهره فلا يركب ولا يمنع من كلاء ولا ماء انتهى».
٤١١ ـ في تفسير العيّاشي قال: وقال أبو عبد اللهعليهالسلام البحيرة إذا ولدت وولد ولدها نحرت.(١)
٤١٢ ـ في مجمع البيان وقال المفسرون: روى ابن عباس عن النبيصلىاللهعليهوآله ان عمرو بن يحيى بن قمعة بن خندف كان قد ملك مكة، وكان أوّل من غير دين إسمعيل فاتخذ الأصنام ونصب الأوثان بحر البحيرة وسيب السائبة ووصل الوصيلة وحمى الحامى قال رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم : فلقد رايته في النار يؤذى أهل النار ريح قصبته ويروى بحر قصبته في النار.
٤١٣ ـ( لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ) روى ان أبا ثعلبة سأل رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم عن هذه الآية فقال: ايتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر، فاذا رأيت دنيا مؤثرة وشحا مطاعا وهوى متبعا وإعجاب كل ذي راى برايه فعليك بخويصة نفسك وذر عوامهم.
٤١٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قوله:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ) قال: أصلحوا أنفسكم ولا تتبعوا عورات الناس ولا تذكروهم، فانه لا يضركم ضلالتهم إذا كنتم أنتم صالحين، قوله( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ ) فانها نزلت في ابن بندى وابن أبي مارية نصرانيين وكان رجل يقال له تميم الداري مسلم خرج معهما في، سفر، وكان مع تميم خرج ومتاع وآنية منقوشة بالذهب وقلادة أخرجها إلى بعض أسواق العرب ليبيعها، فلما مروا بالمدينة اعتل تميم، فلما حضره الموت دفع
__________________
(١) وفي المصدر «بحرت» بالباء مكان «نحرت».
ما كان معه إلى ابن بندى وابن أبي مارية وأمرهما أن يوصلاه إلى ورثته، فقد ما المدينة فأوصلا ما كان دفعه إليهما تميم، وحبسا الانية المنقوشة والقلادة، فقال ورثة الميت، هل مرض صاحبنا مرضا طويلا أنفق فيه نفقة كثيرة؟ فقالا: ما مرض الا أياما قليلة، قالوا فهل سرق منه شيء في سفره هذا؟ قالا: لا. قالوا: فهل اتجر تجارة خسر فيها؟ قالا: لا، قالوا: فقد افتقدنا أنبل شيء(١) كان معه آنية منقوشة بالذهب مكللة وقلادة، فقالا: ما دفعه إلينا قد أديناه إليكم، فقدموهما إلى رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم فأوجب عليهما اليمين فحلفا وأطلقهما، ثم ظهرت القلادة والانية عليهما، فأخبروا رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم بذلك فانتظر الحكم من الله، فانزل الله:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ) يعنى من أهل الكتاب( إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ ) فأطلق الله شهادة أهل الكتاب على الوصية فقط إذا كان في سفر ولم يجد المسلم، ثم قال:( فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ ) يعنى بعد صلوة العصر( فَيُقْسِمانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ ) فهذه الشهادة الاولى التي حلفهما رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ثم قال:عزوجل ( فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً ) أي حلفا على كذب( فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما ) يعنى من أولياء المدعى( مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ ) أي يحلفان بالله،( لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ ) وانهما قد كذبا فيما حلفا بالله،( ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ ) فأمر رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم أولياء تميم الداري ان يحلفوا بالله على ما أمرهم به فأخذ رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم الانية والقلادة من ابن بندى وابن أبي مارية وردهما على أولياء تميم.
٤١٥ ـ في مجمع البيان ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) إلى قوله( شَهادَةَ اللهِ ) سبب نزول الاية ان ثلث نفر خرجوا تجارا من المدينة إلى الشام، تميم بن أوس الداري واخوه عدى وهما نصرانيان وابن أبي مارية مولى عمرو بن العاص السهمي وكان مسلما، حتى إذا كان ببعض الطريق مرض ابن أبي مارية فكتب وصيته ودسها في متاعه(٢)
__________________
(١) أي أفضله.
(٢) أي أخفاها فيه.
واوصى إليهما ودفع المال إليهما، وقال أبلغا هذا أهلي، فلما مات فتحا المتاع وأخذا ما أعجبهما منه ثم رجعا بالمال إلى الورثة، فلما نشر القوم المال فقدوا بعض ما خرج به صاحبهم، ونظروا إلى الوصية فوجدوا المال فيها تاما، فكلموا تميما وصاحبه فقالا: لا علم لنا به، وما دفعه إلينا ابلغناه كما هو، فرفعوا أمرهم إلى النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم فنزل الاية عن الواقدي عن اسامة بن زيد وعن جماعة من المفسرين وهو المروي عن أبي جعفرعليهالسلام
٤١٦ ـ( اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ ) أي من أهل دينكم وملتكم( أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ) أي من غير أهل ملتكم وهو المروي عن الباقر والصادقعليهماالسلام .
٤١٧ ـ في عيون الأخبار في باب ما كتب به الرضاعليهالسلام إلى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل: وعلة ترك شهادة النساء في الطلاق والهلال لضعفهن عن الرؤية، ومحاماتهن للنساء في الطلاق، فلذلك لا تجوز شهادتهن الا في موضع ضرورة مثل شهادة القابلة، وما لا يجوز للرجال ان ينظروا إليه كضرورة تجويز شهادة أهل الكتاب إذا لم يوجد غيرهم، وفي كتاب الله:( اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ ) مسلمين( أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ) كافرين.
٤١٨ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسمعيل عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد اللهعليهالسلام عن قول اللهعزوجل :
( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ) قلت:( أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ) ! قال. هما كافران، قلت:( ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ ) ! فقال: مسلمان.
٤١٩ ـ محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان وعلى بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللهعليهالسلام في قول الله تبارك وتعالى( أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ) قال: إذا كان الرجل في بلد ليس فيه مسلم جازت شهادة من ليس بمسلم على الوصية.
٤٢٠ ـ محمد بن أحمد عن عبد الله بن الصلت عن يونس بن عبد الرحمن عن يحيى بن محمد قال: سألت أبا عبد اللهعليهالسلام عن قول اللهعزوجل :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ») قال، اللذان منكم مسلمان، واللذان من غيركم من أهل الكتاب، فان لم يجدوا من أهل الكتاب فمن المجوس لان رسول اللهصلىاللهعليهوآله سن في المجوس سنة أهل الكتاب في الجزية، وذلك إذا مات الرجل في أرض غربة فلم يجد مسلمين أشهد رجلين من أهل الكتاب، يجلسان بعد العصر،( فَيُقْسِمانِ بِاللهِ ) عزوجل ( لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ ) قال: وذلك ان ارتاب ولي الميت في شهادتهما( فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا ) شهدا بالباطل فليس له أن ينقض شهادتهما حتى يجيء بشاهدين فيقومان مقام الشاهدين الأولين( فَيُقْسِمانِ بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ ) فاذا فعل نقض شهادة الأولين وجازت شهادة الآخرين بقول اللهعزوجل :( ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ ) .
٤٢١ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللهعليهالسلام في قول اللهعزوجل :( أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ) قال: إذا كان الرجل في أرض غربة لا يوجد فيها مسلم جازت شهادة من ليس بمسلم على الوصية.
٤٢٢ ـ ابن محبوب عن جميل بن صالح عن حمزة بن حمران عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال: سألته عن قول اللهعزوجل :( ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ) قال :
فقال: اللذان منكم مسلمان، واللذان من غيركم من أهل الكتاب، قال: فانما ذلك إذا مات الرجل المسلم في ارض غربة فطلب رجلين مسلمين يشهدهما على وصيته فلم يجد مسلمين، فيشهد على وصيته رجلين ذميين من أهل الكتاب مرضيين عند أصحابهما.
٤٢٣ ـ فيمن لا يحضره الفقيه روى الحسين بن على الوشاء عن أحمد بن عمر قال، سألته عن قول اللهعزوجل ،( ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ) قال: اللذان منكم مسلمان، واللذان من غيركم من أهل الكتاب. فان لم يجد من أهل الكتاب فمن المجوس، لان رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم سن بهم سنة أهل الكتاب: وذلك إذا مات الرجل بأرض
غربة فلم يجد مسلمين يشهدهما فرجلان من أهل الكتاب
٤٢٤ ـ في كتاب معاني الأخبار حدّثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المقري قال: حدّثنا أبو عمرو محمد بن جعفر المقري الجرجاني قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن الحسن الموصلي ببغداد قال: حدّثنا محمد بن عاصم الطريفي قال: حدّثنا أبو زيد بن عباس بن يزيد بن الحسن بن على الكحال مولى زيد بن عليٍّ قال: حدّثني أبي زيد بن الحسن قال: حدّثني موسى بن جعفرعليهالسلام قال: قال الصادقعليهالسلام في قول اللهعزوجل :( يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا ) قال: يقولون، لا علم لنا سواك.
٤٢٥ ـ قال، وقال الصادقعليهالسلام ، القرآن كله تقريع وباطنه تقريب. قال مصنف هذا الكتاب، يعنى بذلك انه من وراء آيات التوبيخ والوعيد آيات الرحمة والغفران «انتهى».
٤٢٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قوله،( يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ ) فانه حدّثني أبي عن الحسن بن محبوب عن العلا(١) عن محمد عن أبي جعفرعليهالسلام قال. ما إذا أجبتم في أوصيائكم فيقولون لا علم لنا بما فعلوا بعدنا بهم.
٤٢٧ ـ في روضة الكافي ابن محبوب عن هشام بن سالم عن بريد الكناسي قال: سألت أبا جعفرعليهالسلام عن قول اللهعزوجل :( يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا ) قال فقال: إنَّ لهذا تأويلا، يقول ماذا أجبتم في أوصيائكم الذين خلفتموهم على أممكم؟ قال: فيقولون: لا علم لنا بما فعلوا من بعدنا.
٤٢٨ ـ في عيون الأخبار في باب مجلس الرضاعليهالسلام مع أهل الأديان وأصحاب المقالات في التوحيد قال الرضاعليهالسلام : يا نصراني أسئلك عن مسئلة قال: سل، فان كان عندي علمها أجبتك، قال الرضاعليهالسلام : ما أنكرت ان عيسىعليهالسلام كان يحيى الموتى بإذن اللهعزوجل ؟ قال الجاثليق أنكرت ذلك من قبل أن من أحيى الموتى وأبرء الأكمه والأبرص فهو رب مستحق لان يعبد، قال الرضاعليهالسلام فان اليسع قد صنع مثل ما صنع
__________________
(١) وفي المصدر «عن العلا بن العلا اه».
عيسىعليهالسلام ، مشى على الماء وأحيى الموتى وأبرء الأكمه والأبرص فلم تتخذه أمته ربا ولم يعبده أحد من دون الله تعالى، ولقد صنع حزقيل النبيعليهالسلام مثل ما صنع عيسى بن مريمعليهالسلام وأحيى خمسة وثلثين الف رجل من بعد موتهم بستين سنة، ثم التفت إلى رأس الجالوت فقال له يا رأس الجالوت أتجد هؤلاء في شباب بنى إسرائيل في التوراة اختارهم بخت نصر من سبى بنى إسرائيل حين غزي بيت المقدس، ثم انصرف بهم إلى بابل فأرسله اللهعزوجل إليهم فأحياهم؟ هذا في التوراة لا يدفعه الا كافر منكم، قال رأس الجالوت قد سمعنا به وعرفناه. قال صدقت ثم قال يا يهودي خذ على هذا السفر من التوراة، فتلاعليهالسلام علينا من التوراة آيات فأقبل اليهودي يترجح قراءته ويتعجب، ثم أقبل على النصراني فقال يا نصراني فهؤلاء كانوا قبل عيسى أم عيسى كان قبلهم؟ قال بل كانوا قبله، قال الرضا (ع) ولقد اجتمعت قريش إلى رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم فسألوه أن يحيى لهم موتاهم فوجه معهم على بن أبي طالب، فقال له اذهب إلى الجبانة(١) فناد بأسماء هؤلاء الرهط الذين يسألون عنهم بأعلى صوتك يا فلان ويا فلان يقول لكم رسول الله محمدصلىاللهعليهوآله قوموا بأذن اللهعزوجل فقاموا ينفضون التراب عن رؤسهم. فأقبلت قريش يسألهم عن أمورهم ثم أخبروهم ان محمدا قد بعث نبيا، فقالوا أردنا انا أدركناه فنؤمن به، ولقد أبرء الأكمه والأبرص والجنانين وكلمه البهائم والطير والجن والشياطين، ولم نتخذه ربا من دون الله تعالى، ولم ننكر لأحد من هؤلاء فضلهم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
٤٢٩ ـ في تفسير العيّاشي عن محمد بن يوسف الصنعاني عن أبيه قال سألت أبا جعفرعليهالسلام :( إِذْ أَوْحَيْتُ إلى الْحَوارِيِّينَ ) قال ألهموا.
٤٣٠ ـ عن يحيى الحلبي في قوله( هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ ) قال قرأتها هل تستطيع ربك يعنى هل تستطيع أن تدعو ربك.
٤٣١ ـ عن عيسى العلوي عن أبيه عن أبي جعفرعليهالسلام قال المائدة التي نزلت على بنى
__________________
(١) الجبانة: الصحراء وتسمى بها المقابر لأنها تكون في الصحراء تشبيه للشيء بموضعه.
إسرائيل مدلاة(١) بسلاسل من ذهب عليها تسعة ألوان(٢) وتسعة أرغفة.
٤٣٢ ـ عن الفضيل بن يسار عن أبي الحسنعليهالسلام قال ان الخنازير من قوم عيسى سألوا نزول المائدة فلم يؤمنوا بها فمسخهم الله خنازير.
٤٣٣ ـ عن عبد الصمد بن بندار قال سمعت أبا الحسنعليهالسلام يقول كانت الخنازير قوما من القصارين، كذبوا بالمائدة فمسخوا خنازير.
٤٣٤ ـ في كتاب التوحيد في باب مجلس الرضاعليهالسلام مع أصحاب المقالات والأديان قال الرضاعليهالسلام للجاثليق سل عما بدا لك، قال الجاثليق أخبرنى عن حواري عيسى بن مريم كم كان عدتهم وعن علماء الإنجيل كم كانوا؟ قال الرضاعليهالسلام على الخبير سقطت، أما الحواريون فكانوا اثنى عشر رجلا، وكان أفضلهم وأعلمهم ألوقا وأما علماء النصارى فكانوا ثلثة رجال يوحنا الأكبر بأج ويوحنا بقرقيسا ويوحنا الديلمي بزجار وعنده كان ذكر النبيصلىاللهعليهوآله وذكر أهل بيته وأمته وهو الذي بشر امة عيسى وبنى إسرائيل به.
٤٣٥ ـ في عيون الأخبار باسناده إلى عليّ بن الحسن بن فضال عن أبيه قال قلت لأبي الحسن الرضا (ع) لم سمى الحواريون الحواريين؟ قال اما عند الناس فإنهم سموا حواريين لأنهم كانوا قصارين يخلصون الثياب من الوسخ بالغسل، وهو إسم مشتق من الخبز الحوار، واما عندنا فسمى الحواريون حواريين لأنهم كانوا مخلصين في أنفسهم، ومخلصين لغيرهم من أوساخ الذنوب بالوعظ والتذكر.
٤٣٦ ـ في مجمع البيان ( قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللهُمَّ رَبَّنا ) إلى قوله:( لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ ) اختلف العلماء في المائدة هل نزلت أم لا؟ والصحيح
__________________
(١) من التدلي بمعنى التعلق.
(٢) كذا في النسخ وفي المصدر «اخونة» بدل ألوان وهو مصحف «احوتة» كما في البحار وتفسير البرهان وهي جمع الحوت على ما قيل وفي مجمع البيان كما يأتى قريبا «عليها سبعة ارغفة وسبعة أحوات» وأحوات جمع الحوت. وفي رواية أخرى في المصدر «أنوان» بدل «ألوان» وأنوان جمع النون بمعنى الحوت.
انها نزلت، لقوله سبحانه:( إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ ) فلا يجوز ان يقع في خبره الخلف ولان الأخبار قد استفاضت عن النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه والتابعين في انها نزلت، قال ابن عباس ان عيسى بن مريم قال لبني إسرائيل: صوموا ثلثين يوما ثم سلوا الله ما شئتم يعطكموه، فصاموا ثلثين فلما فرغوا قالوا: انا لو عملنا لأحد من الناس فقضينا عمله لأطعمنا طعاما وانا صمنا وجعنا فادع الله( أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ ) فأقبلت الملئكة بمائدة يحملونها عليها سبعة أرغفة وسبعة أحوات حتى وضعها بين أيديهم فأكل منها آخر الناس كما أكل أولهم، وهو المروي عن أبي جعفرعليهالسلام .
٤٣٧ ـ وروى عن عمار بن ياسر عن النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم قال، نزلت المائدة خبزا ولحما، وذلك انهم سألوا عيسى طعاما لا ينفد يأكلون منها، فقيل لهم: فانها مقيمة لكم ما لم تخونوا أو تخبأوا أو ترفعوا، فان فعلوا ذلك عذبتكم، قال: فما مضى يومهم حتى خبأوا ورفعوا وخانوا( لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ ) .(١)
٤٣٨ ـ عن أبي الحسن موسىعليهالسلام انهم مسخوا خنازير وفي تفسير أهل البيتعليهمالسلام : كانت المائدة تنزل عليهم فيجتمعون عليها ويأكلون منها، ثم ترفع فقال كبراؤهم ومترفوهم: لا تدع مقلينا يأكلون منها معنا، فرفع الله المائدة ببغيهم ومسخوا قردة وخنازير.
٤٣٩ ـ وفيه حديث طويل ذكرناه عند قوله:( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) الآية عن أبي جعفرعليهالسلام وفيه يقول: «واما عيسى فانه لعن الذين أنزلت عليهم المائدة ثم كفروا بعد ذلك.
٤٤٠ ـ في تهذيب الأحكام أحمد بن محمد عن محمد بن الحسن الأشعري عن أبي الحسن الرضاعليهالسلام قال: الفيل مسخ إلى قوله: والجريث(٢) الضبب قوله:( مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ ) حيث نزل المائدة على عيسى بن مريمعليهالسلام لم يؤمنوا فتاهوا، فوقعت فرقة في البحر وفرقة في البر.
__________________
(١) كذا في النسخ.
(٢) الجريث ـ كسكيت: ضرب من السمك يشبه المارماهي.
٤٤١ ـ في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن عليّ بن أبي طالبعليهالسلام ، قال: سألت رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم عن المسوخ فقال: هي ثلثة عشر :
الفيل والخنزير إلى قوله: واما الخنازير فقوم نصارى سألوا ربهم تعالى إنزال المائدة عليهم، فلما أنزلت عليهم كانوا أشد ما كانوا كفرا وأشد تكذيبا.
٤٤٢ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليهالسلام في وجه دلائل الائمةعليهمالسلام والرد على الغلاة والمفوضة لعنهم الله حديث طويل وفيه قالعليهالسلام : يهلك في اثنان ولا ذنب لي محب مفرط ومبغض مفرط، وانا لنبرأ إلى الله تعالى ممن يغلو فينا، فيرفعنا فوق حدنا كبراءة عيسى بن مريمعليهالسلام من النصارى، قال الله جل ثناؤه( وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) .
٤٤٣ ـ في تفسير العيّاشي عن ثعلبة عن بعض أصحابه عن أبي جعفرعليهالسلام في قول الله تبارك وتعالى لعيسى:( أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ ) قال: لم يقله وسيقوله، ان الله إذا علم ان شيئا كائن أخبر عنه خبر ما قد كان.
٤٤٤ ـ عن سليمان بن خالد قال: قلت لأبي عبد اللهعليهالسلام : قول الله لعيسى «أأنت( قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ» قالَ ) الله بهذا الكلام؟ فقال: إنَّ الله إذا أراد امرا ان يكون قصه قبل ان يكون كأن قد كان.
٤٤٥ ـ عن جابر الجعفي عن أبي جعفرعليهالسلام في تفسير هذه الآية:( تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ) قال: إنَّ الاسم الأكبر ثلثة وسبعون حرفا، احتجب الرب تبارك وتعالى منها بحرف، فمن ثم لا يعلم أحد ما في نفسهعزوجل ، اعطى آدم اثنى وسبعين حرفا فتوارثتها الأنبياء حتى صارت إلى عيسى، فذلك قول عيسى:( تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي ) يعنى اثنتين وسبعين حرفا من الاسم الأكبر، يقول: أنت علمتنيها
فأنت تعلمها( وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ ) يقول: لأنك احتجبت من خلقك بذلك الحرف فلا تعلم أحد ما في نفسك.
٤٤٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن الحسن بن محبوب عن محمد ابن النعمان عن ضريس عن أبي جعفرعليهالسلام في قوله:( هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ ) قال: إذا كان يوم القيامة وحشر الناس للحساب فيمرون بأهوال يوم القيامة فلا ينتهون إلى العرصة حتى يجهدوا جهدا شديدا، قال: فيقفون بفناء العرصة ويشرف الجبار عليهم وهو على عرشه، فأول من يدعى بنداء يسمع الخلايق أجمعين ان يهتف: باسم محمد بن عبد الله النبي القرشي العربي قال: فيتقدم حتى يقف على يمين العرش قال ثم يدعى بصاحبكم علىعليهالسلام فيتقدم حتى يقف على يسار رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثم يدعى بامة محمد فيقفون على يسار علىعليهالسلام ثم يدعى بنبي نبي وأمته معه من أوّل النبيين إلى آخرهم وأمتهم معهم، فيقفون عن يسار العرش قال ثم أوّل من يدعى للمسائلة القلم قال: فيتقدم فيقف بين يدي الله في صورة الآدميين فيقول الله هل سطرت في اللوح ما ألهمتك وامرتك به من الوحي؟ فيقول القلم نعم يا رب قد علمت انى قد سطرت في اللوح ما ألهمتك وامرتك به من الوحي؟ فيقول القلم نعم يا رب قد علمت انى قد سطرت في اللوح ما أمرتني وألهمتني به من وحيك فيقول الله فمن يشهد لك بذلك؟ فيقول. يا رب وهل اطلع على مكنون سرك خلق غيرك؟ قال فيقول الله: أفلجت(١) حجتك، قال، ثم يدعى باللوح فيتقدم في صورة الآدميين حتى يقف مع القلم، فيقول له: هل سطر فيك القلم ما ألهمته وأمرته به من وحيي فيقول اللوح نعم يا رب وبلغته إسرافيل فيتقدم إسرافيل مع القلم واللوح في صورة الآدميين فيقول الله: هل بلغك اللوح ما سطر فيه القلم من وحيي؟ فيقول: نعم يا رب وبلغته جبرئيل فيدعى لجبرئيل فيتقدم حتى يقف مع إسرافيل فيقول الله له هل بلغك إسرافيل ما بلغ؟ فيقول: نعم يا رب وبلغته جميع أنبيائك وأنفذت إليهم جميع ما انتهى إلى من أمرك وأديت رسالاتك إلى نبي نبي ورسول رسول، وبلغتهم كل وحيك وحكمتك وكتبك، وان آخر من بلغته رسالتك ووحيك وحكمتك وعلمك وكتابك وكلامك محمد بن عبد الله العربي القرشي الحرمي حبيبك، قال أبو جعفرعليهالسلام
__________________
(١) أي أظهرت.
فأول من من يدعى من ولد آدم للمسائلة محمد بن عبد الله، فيدنيه الله حتى لا يكون خلق أقرب إلى الله يؤمئذ منه، فيقول الله يا محمد هل بلغك جبرئيل ما أوحيت إليك وأرسلته به إليك من كتابي وحكمتى وعلمي، وهل أوحى ذلك إليك؟ فيقول رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم نعم يا رب قد بلغني جبرئيل جميع ما أوحيته إليه وأرسلته به من كتابك وحكمتك وعلمك وأوحاه إلى فيقول الله لمحمد هل بلغت أمّتك ما بلغك جبرئيل من كتابي وحكمتى وعلمي فيقول رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم : نعم يا رب قد بلغت أمتي ما أوحيت إلى من كتابك وحكمتك وعلمك وجاهدت في سبيلك، فيقول الله لمحمد فمن يشهد لك بذلك؟ فيقول محمد يا رب أنت الشاهد لي بتبليغ الرسالة وملائكتك والأبرار من أمتي وكفى بك شهيدا، فيدعى بالملئكة فيشهدون لمحمد بتبليغ الرسالة ثم يدعى بامة محمد فيسألون: هل بلغكم محمد رسالاتي وكتابي وحكمتى وعلمي وعلمكم ذلك فيشهدون لمحمد بتبليغ الرسالة والحكمة والعلم، فيقول الله لمحمد: فهل استخلفت في أمّتك من بعدك من يقوم فيهم بحكمتي وعلمي ويفسر لهم كتابي ويبين لهم ما يختلفون فيه من بعدك حجة لي وخليفة في الأرض؟ فيقول محمد: نعم يا رب قد خلفت فيهم على بن أبي طالب أخى ووزيري ووصيي وخير أمتي ونصبته لهم علما في حيوتى، ودعوتهم إلى طاعته وجعلته خليفتي في أمتي إماما يقتدى به الأمّة من بعدي إلى يوم القيامة، فيدعى بعلى بن أبي طالب فيقال له هل أوصى إليك محمد واستخلفك في أمته ونصبك علما لامته في حيوته وهل قمت فيهم من بعده مقامه؟ فيقول له علىعليهالسلام نعم يا رب قد أوصى إلى محمد وخلفنى في أمته ونصبني لهم علما في حيوته، فلما قبضت محمدا إليك جحدتني أمته ومكروا بى واستضعفوني وكادوا يقتلونني، وقدموا قدامي من أخرت وأخروا من قدمت، ولم يسمعوا منى ولم يطيعوا أمرى، فقاتلتهم في سبيلك حتى قتلوني، فيقال لعلى هل خلفت من بعدك في امة محمد حجة وخليفة في الأرض يدعوا عبادي إلى ديني وإلى سبيلي؟ فيقول على نعم يا رب قد خلفت فيهم الحسن إبني وابن بنت نبيك، فيدعى بالحسن بن على فيسأل عما سئل منه عليّ بن أبي طالبعليهالسلام ، قال، ثم يدعى بإمام امام وبأهل عالمه
فيحتجون بحجتهم، فيقبل الله عذرهم، ويجيز حجتهم، قال، ثم يقول الله،( هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ ) قال، ثم انقطع حديث أبي جعفر عليه وعلى آبائه أفضل السلام.
٤٤٧ ـ في مصباح الشريعة قال الصادقعليهالسلام في حديث، وحقيقة الصدق تقتضي تزكية الله تعالى لعبده، كما ذكره عن صدق عيسى بن مريمعليهماالسلام في القيامة بسبب ما أشار إليه من صدقه براءة للصادقين من رجال أمة محمدصلىاللهعليهوآلهوسلم فقال اللهعزوجل ،( هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ ) الاية.
بسم الله الرحمن الرحيم
١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن ابن عباس قال: من قرأ سورة الانعام في كل ليلة كان من الآمنين يوم القيامة ولم ير بعينه مقدم النار أبدا. وقال أبو عبد اللهعليهالسلام : نزلت سورة الانعام جملة واحدة شيعها سبعون ألف ملك حتى نزلت على محمدصلىاللهعليهوآلهوسلم ، فعظموها وبجلوها، فان إسم الله فيها في سبعين موضعا، ولو علم الناس ما فيها ما تركوها. في أصول الكافي باسناده إلى الحسن بن عليّ بن أبي حمزة رفعه قال: قال أبو عبد اللهعليهالسلام : ان سورة الانعام نزلت جملة، وذكر كما في ثواب الأعمال سواء الا ان في آخر الحديث ولو يعلم الناس ما في قراءتها ما تركوها.
٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضاعليهالسلام قال: نزلت الانعام جملة شيعها سبعون ألف ملك لهم زجل(١) بالتسبيح والتهليل والتكبير فمن قرأها سبحوا له إلى يوم القيامة.
٣ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم قال: أنزلت على الانعام جملة واحدة شيعها سبعون ألف ملك لهم زجل بالتسبيح والتحمية، فمن قرأها صلى عليه أولئك السبعون ألف ملك بعدد كل آية من الانعام يوما وليلة.
٤ ـ جابر بن عبد الله الأنصاري عن النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم قال: من قرأ ثلاث آيات من أوّل سورة الانعام إلى قوله:( وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ ) وكل الله به أربعين ألف ملك يكتبون له مثل عبادتهم إلى يوم القيامة، وينزل ملك من السماء السابعة ومعه مرزبة من
__________________
(١) الزجل بمعنى الصوت.
حديد(١) فاذا أراد الشيطان أن يوسوس أو يوحى في قلبه شيئا ضربه بها ضربة إلى آخر الخبر.
٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) قال أبو محمد الحسن العسكري ذكر عند الصادقعليهالسلام الجدال في الدين وان رسول الله والائمة المعصومينعليهمالسلام قد نهوا عنه فقال الصادقعليهالسلام : لم ينه عنه مطلقا ولكنه نهى عن الجدال بغير التي هي أحسن اما تسمعون قول الله تعالى.( وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) وقوله تعالى( «ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) إلى أن قال الصادقعليهالسلام ولقد حدّثني أبي الباقر عن جدي عليّ بن الحسين زين العابدين عن أبيه الحسين بن على سيد الشهداء عن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين صلوات الله عليهم انه اجتمع يوما عند رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم أهل خمسة أديان اليهود والنصارى والدهرية والثنوية ومشركو العرب إلى أن قالعليهالسلام . ثم أقبل رسول اللهصلىاللهعليهوآله على الدهرية فقال وأنتم فما الذي دعاكم إلى القول بأن الأشياء لا بدء لها وهي دائمة لم تزل ولا تزال، فقالوا لأنا لا نحكم الا بما نشاهد ولم نجد للأشياء محدثا فحكمنا بأنها لم تزل ولم نجد لها انقضاء وفناء فحكمنا بأنها لا تزال، فقال رسول اللهصلىاللهعليهوآله ، فوجدتم لها قدما أم وجدتم لها بقاء أبدا لا بد؟ فان قلتم، انكم وجدتم ذلك أنهضتم لأنفسكم انكم لم تزالوا على هيئتكم وعقولكم بلا نهاية ولا تزالون كذلك ولئن قلتم هذا دفعتم العيان وكذبكم العالمون الذين يشاهدونكم؟ قالوا: بل لم نشاهد لها قدما ولا بقاء أبدا لأبد قال رسول اللهصلىاللهعليهوآله فلم صرتم بان تحكموا بالقدم والبقاء دائما لأنكم لم تشاهدوا حدوثها وانقضائها اولى من تارك التميز لها مثلكم فيحكم لها بالحدوث والانقضاء والانقطاع لأنه لم يشاهد لها قدما ولا بقاء أبدا لأبد ولستم تشاهدون الليل والنهار وان أحدهما بعد الاخر؟ فقالوا: نعم، فقال: أترونهما لم يزالا ولا يزالان؟ فقالوا: نعم فقال أفيجوز عندكم اجتماع الليل والنهار! فقالوا: لا، فقالصلىاللهعليهوآله : فاذا ينقطع أحدهما عن الاخر فيسبق أحدهما ويكون الثاني جاريا بعده قالوا كذلك هو فقال: فقد حكمتم بحدوث ما تقدم من ليل ونهار ولم
__________________
(١) المرزبة: عصية من حديد :
تشاهدوهما فلا تنكرو الله قدره ثم قالصلىاللهعليهوآله أتقولون ما قبلكم من الليل والنهار متناه أو غير متناه فان قلتم غير متناه فقد وصل إليكم آخر بلا نهاية لا وله وان قلتم انه متناه فقد كان ولا شيء منهما؟ قالوا: نعم قال لهم أقلتم ان العالم قديم غير محدث وأنتم عارفون بمعنى ما أقررتم به ومعنى ما جحدتموه؟ قالوا: نعم فقال رسول الله: فهذا الذي تشاهدونه من الأشياء بعضها إلى بعض مفنقر لأنه لا قوام للبعض الا بما يتصل به، الا ترى البناء محتاجا بعض اجزائه إلى بعض والا لم يبق ولم يستحكم وكذلك ساير ما ترى قال: فاذا كان هذا المحتاج بعضه إلى بعض لقوته وتمامه هو القديم فأخبروني أن لو كان محدثا كيف كان يكون وما ذا كان تكون صفته قال: فبهتوا وعلموا انهم لا يجدون للمحدث صفة يصفونه بها الا وهي موجودة في هذا الذي زعموا انه قديم فوجموا(١) وقالوا سننظر في أمرنا، ثم اقبل رسول اللهصلىاللهعليهوآله على الثنوية الذين قالوا ان النور والظلمة هما المدبران فقال: وأنتم فما الذي دعاكم إلى ما قلتموه من هذا؟ قالوا لأنا وجدنا العالم صنفين خيرا وشرا ووجدنا الخير ضد للشر، فأنكرنا أن يكون فاعل واحد يفعل الشيء وضده بل لكل واحد منهما فاعل الا ترى ان الثلج محال ان يسخن كما ان النار محال أن تبرد فاثبتنا لذلك صانعين قديمين ظلمة ونورا، فقال لهم رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم : أفلستم قد وجدتم سواد أو بياضا وحمرة وصفرة وخضرة وزرقة وكل واحد ضد لسايرها لاستحالة اجتماع اثنين منها في محل واحد كما كان الحر والبرد ضدين لاستحالة اجتماعهما في محل واحد قالوا: نعم، قال فهل لا أثبتم بعدد كل لون صانعا قديما ليكون فاعل كل الضد من هذه الألوان غير فاعل ضد الاخر؟ قال. فسكتوا، ثم قال: وكيف اختلط هذا النور والظلمة وهذا من طبعه الصعود وهذا من طبعه النزول أرأيتم لو ان رجلا أخذ شرقا يمشى إليه والاخر أخذ غربا أكان يجوزان يلتقيا ما داما سايرين على وجوههما؟ قالوا: لا، فقال: وجب أن لا يختلط النور بالظلمة لذهاب كل واحد منهما في غير جهة الاخر، فكيف وجدتم حدث هذا العالم من امتزاج ما يحال أن يمتزج بل هما مدبران جميعا مخلوقان؟ فقالوا. سننظر في أمرنا، ثم أقبل على مشركي العرب فقال: وأنتم فلم عبدتم الأصنام من دون الله؟ فقالوا: نتقرب بذلك إلى الله تعالى، فقال: أو هي سامعة مطيعة لربها عابدة له حتى تتقربوا بتعظيمها
__________________
(١) وجم وجما: سكت وعجز عن التكلم.
الى الله؟ قالوا: لا، قال: فأنتم الذين نحتموها بأيديكم فلان تعبدكم هي لو كان يجوز منها العبادة أحرى من أن تعبدوها إذا لم يكن أمركم بتعظيمها من هو العارف بمصالحكم وعواقبكم والحكيم فيما يكلفكم؟ قال: فلما قال رسول اللهصلىاللهعليهوآله هذا القول اختلفوا فقال بعضهم: ان الله قد حل في هياكل رجال كانوا على هذه الصورة فصورنا هذه الصور نعظمها لتعظيمنا تلك الصور التي حل فيها ربنا وقال آخرون منهم: ان هذه صور أقوام سلفوا كانوا مطيعين للهعزوجل قبلنا فمثلنا صورهم وعبدناها تعظيما لله وقال آخرون منهم، ان الله تعالى لما خلق آدم وامر الملئكة بالسجود له فسجدوه تقربا لله كنا نحن أحق بالسجود لادم من الملئكة، ففاتنا ذلك فصورنا صورته فسجدنا لها تقربا إلى الله تعالى كما تقربت الملئكة بالسجود لادم إلى الله، وكما أمرتم بالسجود بزعمكم إلى جهة مكة ففعلتم ثم نصبتم في غير ذلك البلد بأيديكم محاريب سجدتم إليها وقصدتم الكعبة لا محاريبكم وقصدكم بالكعبة إلى اللهعزوجل لا إليها؟ فقال رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم اخطأتم الطريق وضللتم أما أنتم وهوصلىاللهعليهوآله يخاطب الذين قالوا ان الله يحل في هياكل رجال كانوا على هذه الصور التي صورناها فصورنا هذه الصور ونعظمها لتعظيمنا لتلك الصور التي حل فيها ربنا ـ: فقد وصفتم ربكم بصفة المخلوقات، أو يحل ربكم في شيء يحيط به بذلك الشيء فأى فرق بينه إذا وبين ساير ما يحل فيه من لونه وطعمه ورائحته ولينه وخشونته وثقله وخفته ولم صار هذا المحلول فيه محدثا وذلك قديما دون ان يكون ذلك محدثا وهذا قديما وكيف يحتاج إلى المحال من لم يزل قبل المحال وهوعزوجل كما لم يزل، وإذا وصفتموه بصفة المحدثات في الحلول فقد لزمكم أن تصفوه بالزوال، وما وصفتموه بالزوال والحدوث فصفوه بالفناء، فان ذلك أجمع من صفات الحال والمحلول فيه، وجميع ذلك متغير الذات. فان كان لم يتغير ذات الباريعزوجل بحلوله في شيء جاز أن لا يتغير بان يتحرك ويسكن ويسود ويبيض ويحمر ويصفر، وتحله الصفات التي تتعاقب على الموصوف بها حتى يكون فيه جميع صفات المحدثين، ويكون محدثا تعالى عن ذلك علوا كبيرا ثم قال رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم : فاذا بطل ما ظننتموه من ان الله يحل في شيء فقد فسد ما بنيتم عليه قولكم قال: فسكت القوم وقالوا سننظر في أمرنا ثم اقبل على الفريق الثاني
فقال: أخبرونا عنكم إذا عبدتم صور من كان يعبد الله فسجدتم لها وصليتم فوضعتم الوجوه الكريمة على التراب بالسجود لها فما الذي بقيتم لرب العالمين؟ أما علمتم ان من حق من يلزم تعظيمه وعبادته أن لا يساوى به عبده، أرأيتم ملكا أو عظيما إذا ساويتموه بعبيده في التعظيم والخشوع والخضوع أيكون في ذلك وضع من الكبير كما يكون زيادة في تعظيم الصغير؟ فقالوا نعم، قال أفلا تعلمون انكم من حيث تعظمون الله بتعظيم صور عباده المطيعين له تزرون على رب العالمين؟ قال فسكت القوم بعد ان قالوا. سننظر في أمرنا، ثم قال رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم للفريق الثالث: لقد ضربتم لنا مثلا وشبهونا بأنفسهم ولا سواء ذلك، انا عباد الله مخلوقون مربوبون ونأتمر له فيما أمرنا وننزجر عما زجرنا ونعبده من حيث يريده منا، فاذا أمرنا بوجه من الوجوه أطعناه ولم نتعد إلى غيره مما لم يأمرنا ولم يأذن لنا لأنا لا ندري لعله وان أراد منا الاول فهو يكره الثاني وقد نهانا ان نتقدم بين يديه، فلما أمرنا ان نعبده بالتوجه إلى الكعبة أطعنا ثم أمرنا بعبادته بالتوجه نحوها في ساير البلدان التي نكون بها، فأطعنا فلم نخرج في شيء من ذلك عن اتباع امره، واللهعزوجل حيث أمرنا بالسجود لادم لم يأمر بالسجود لصورته التي هي غيره فليس لكم أن تقيسوا ذلك عليه، لأنكم لا تدرون لعله يكره ما تفعلون إذا لم يأمركم به، ثم قال لهم رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم : أرايتم لو اذن لكم رجل دخول داره يوما بعينه ألكم أن تدخلوها بعد ذلك بغير أمره، أو لكم ان تدخلوا دارا له أخرى مثلها بغير أمره؟ أو وهب لكم رجل ثوبا من ثيابه أو عبدا من عبيده أو دابة من دوابه الكم ان تأخذوا ذلك؟ قالوا: نعم، قال: فان لم تأخذوه أخذتم آخر مثله؟ قالوا: لا، لأنه لم يأذن لنا في الثاني كما اذن في الاول، قالعليهالسلام : فأخبروني الله اولى بان لا يتقدم على ملكه بغير امره أو بعض المملوكين؟ قالوا: بل الله اولى بان لا يتصرف في ملكه بغير اذنه قال: فلم قلتم ومتى أمركم ان تسجدوا لهذه الصور؟ قال: فقال القوم سننظر في أمرنا، وقال الصادقعليهالسلام : فو الذي بعثه بالحق نبيا ما أتت على جماعتهم ثلثة أيام حتى أتوا رسول اللهصلىاللهعليهوآله فأسلموا، وكانوا خمسة وعشرين رجلا من كل فرقة خمسة وقالوا: ما رأينا مثل حجتك يا محمد نشهد انك رسول اللهصلىاللهعليهوآله وقال الصادقعليهالسلام