تفسير نور الثقلين الجزء ٣

تفسير نور الثقلين6%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 643

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 643 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 266538 / تحميل: 8763
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

عليهم‌السلام قال: دخلت أنا وفاطمة على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فوجدته يبكى بكاء شديدا، فقلت: فداك أبي وأمى يا رسول الله ما يبكيك؟ فقال: يا علي ليلة أسري بي إلى السماء رأيت نساء من أمتي في عذاب شديد، فأنكرت شأنهن فبكيت لـمّـا رأيت من شدة عذابهن ورأيت امرأة معلقة بشعرة يغلي دماغ رأسها ورأيت امرأة معلقة بلسانها، والحميم يصير في حلقها، ورأيت امرأة معلقة بثدييها، ورأيت امرأة تأكل جسدها والنار توقد من تحتها، ورأيت امرأة شد رجلاها إلى يديها وقد سلط عليها الحيات والعقارب، ورأيت امرأة صماء عمياء خرساء في تابوت من نار يخرج دماغ رأسها من منخرها(١) وبدنها متقطع من الجذام والبرص، ورأيت امرأة معلقة برجليها في تنور من نار، ورأيت امرأة يقطع لحم جسدها من مقدمها ومؤخرها بمقاريض من نار، ورأيت امرأة يحرق وجهها ويداها وهي تأكل أمعائها، ورأيت امرأة رأسها رأس الخنزير وبدنها بدن الحمار وعليها ألف ألف لون من العذاب، ورأيت امرأة على صورة الكلب والنار تدخل في دبرها وتخرج من فيها والملائكة يضربون رأسها وبدنها بمقامع من نار(٢) .

قالت فاطمةعليها‌السلام : حبيبي وقرة عيني! أخبرنى ما كان عملهن وسيرتهن حتّى وضع الله عليهن هذا العذاب؟ فقال: يا بنتي اما المعلقة بشعرها فانها كانت لا تغطى شعرها من الرجال، واما المعلقة بلسانها فانها كانت تؤذي زوجها، واما المعلقة بثدييها فانها كانت تمنع زوجها من فراشها، واما المعلقة برجليها فانها كانت تخرج من بيتها بغير اذن زوجها، واما التي كانت تأكل لحم جسدها فانها كانت تزين بدنها للناس، واما التي شد يداها إلى رجليها وسلط عليها الحيات والعقارب فانها كانت قذرة الوضوء، قذرة الثياب وكانت لا تغتسل من الجنابة والحيض، ولا تتنظف وكانت تستهين بالصلوة، واما الصماء العمياء الخرساء فانها كانت تلد من الزنا فتعلقه في عنق زوجها، واما التي يقرض لحمها بالمقاريض فانها كانت تعرض نفسها على الرجال، واما التي كانت يحرق وجهها وبدنها وهي تأكل أمعائها فانها كانت قوادة، واما التي

__________________

(١) المنخر: الأنف ـ وقيل: ثقبه.

(٢) المقامع جمع المقمعة: العمود من حديد.

١٢١

كانت رأسها رأس الخنزير وبدنها بدن الحمار فانها كانت نمامة كذابة، واما التي كانت على صورة الكلب والنار تدخل في دبرها وتخرج من فيها فانها كانت قينة(١) بوجه حاسدة(٢) ثم قال: ويل لامرأة أغضبت زوجها، وطوبى لامرأة رضى عنها زوجها.

٢٨ ـ وباسناده إلى الرضاعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لـمّـا أسري بي إلى السماء أخذ جبرئيل بيدي وأقعدنى على درنوك(٣) من درانيك الجنة، ثم ناولني سفرجلة، فاذا اقلبها إذا انفلقت فخرجت منها جارية حوراء لم أر أحسن منها، فقالت: السلام عليك يا محمّد قلت: من أنت؟ قالت: انا الراضية المرضية خلقني الجبار من ثلثة أصناف: أسفلى من المسك، ووسطى من كافور، واعلاى من عنبر، وعجنني من ماء الحيوان، قال الجبار: كوني فكنت خلقني لأخيك وابن عمك.

٢٩ ـ وباسناده قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لـمّـا أسري بي إلى السماء رأيت في السماء الثالثة رجلا قاعدا، رجلا له في المشرق ورجلا له في المغرب وبيده لوح ينظر فيه ويحرك رأسه، فقلت: يا جبرئيل من هذا؟ قال: ملك الموتعليه‌السلام .

٣٠ ـ في كتاب الخصال عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لـمّـا أسري بي إلى السماء رأيت رحما معلقة بالعرش تشكوا رحما إلى ربها، قلت: كم بينها وبينها من أب؟ قال: يلتقي في أربعين أبا.

٣١ ـ في كتاب ثواب الأعمال عن عليٍّعليه‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال في وصية له: يا عليُّ أنّي رأيت اسمك مقرونا إلى اسمى في أربعة مواطن فأنست بالنظر اليه، إنّي لـمّـا بلغت بيت المقدس في معراجي إلى السماء وجدت على الصخرة مكتوبا: لا إله إلّا الله محمّد رسول الله أيّدته بوزيره ونصرته بوزيره، فقلت لجبرئيل: من وزيري؟ قال: عليّ بن أبى طالبعليه‌السلام ، فلمّا انتهيت إلى سدرة المنتهى وجدت

__________________

(١) القينة: المغنية.

(٢) كذا في النسخ وفي المصدر «نواحة حاسدة».

(٣) الدرنوك: ماله خمل من بساط أو ثوب، والجمع درانيك.

١٢٢

مكتوبا عليها: انّي انا الله لا إله إلّا أنا وحدي، محمد صفوتي من خلقي، أيدته بوزيره ونصرته بوزيره، فقلت لجبرئيل: من وزيري؟ فقال: علي بن أبى طالبعليه‌السلام ، فلما جاوزت السدرة انتهيت إلى عرش رب العالمين جل جلاله فوجدت مكتوبا على قوائمه: انا الله لا إله إلّا انا وحدي، محمد حبيبي، أيدته بوزيره ونصرته بوزيره، فلما رفعت رأسى نظرت على بطنان العرش مكتوبا: انا الله لا إله إلّا انا محمد عبدي ورسولي، أيدته بوزيره ونصرته بوزيره.

٣٢ ـ عن أبي صالح عن ابن عباس قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: أعطانى الله تبارك وتعالى خمسا وأعطى عليّا خمسا: أسري بي إليه وفتح له أبواب السماء حتّى نظر إلى ما نظرت إليه والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٣ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى وهب بن منبه رفعه عن ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لـمّـا عرج بي ربي جل جلاله أتانى النداء: يا محمّد قلت: لبيك رب العظمة لبيك فأوحى الله إلى يا محمّد فيما اختصصت بالملإ الأعلى؟ فقلت: لا علم لي إلهي فقال: يا محمّد هل اتخذت من الآدميين وزيرا وأخا ووصيا من بعدك؟ قلت: إلهي ومن أتخذ؟ تخير أنت لي يا الهى، فأوحى الله إلى: يا محمّد قد اخترت لك من الآدميين علي بن أبى طالب فقلت: إلهي ابن عمى؟ فأوحى الله إلى: يا محمّد إنّ عليّا وارثك ووارث العلم من بعدك وصاحب لوائك لواء الحمد يوم القيمة، وصاحب حوضك يسقى من ورد عليه من مؤمني أمتك، ثم أوحى الله إلى يا محمّد إنّي قد أقسمت على نفسي قسما حقا لا يشرب من ذلك الحوض مبغض لك ولأهل بيتك وذريتك الطيبين الطاهرين حقا حقا أقول يا محمّد، لأدخلن جميع أمتك الجنة إلّا من أبى من خلقي، فقلت: إلهي هل واحد يأبى من دخول الجنة؟ فأوحى الله إلى: بلى، فقلت: وكيف يأبى؟ فأوحى الله إلى: يا محمّد اخترتك من خلقي واخترت لك وصيا من بعدك، وجعلته منك بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدك، وألقيت محبته في قلبك، وجعلته أبا لولدك فحقه بعدك على أمتك كحقك عليهم في حيوتك، فمن جحد حقه جحد حقك ومن أبى أن يواليه فقد أبى أن يدخل الجنة فخررت للهعزوجل ساجدا شكرا لـمّـا أنعم على فاذا مناد ينادى: ارفع رأسك واسئلنى أعطك ،

١٢٣

فقلت: إلهي اجمع أمتي من بعدي على ولاية عليّ بن أبى طالب ليردوا جميعا على حوضي يوم القيمة، فأوحى الله إلى: يا محمّد إنّي قد قضيت في عبادي قبل أن أخلقهم، وقضائي ماض فيهم لأهلك [به] من أشاء وأهدى به من أشاء وقد آتيته علمك من بعدك وجعلته وزيرك وخليفتك من بعدك على أهلك وأمتك عزيمة منى، لا أدخل الجنة من أبغضه وعاداه وأنكر ولايته بعدك، فمن أبغضه أبغضك، ومن أبغضك أبغضنى، ومن عاداه فقد عاداك، ومن عاداك فقد عاداني، ومن أحبه فقد أحبك، ومن أحبك فقد أحبنى قد جعلت له هذه الفضيلة، وأعطيتك ان اخرج من صلبه أحد عشر مهديا كلهم من ذريتك من البكر البتول، وآخر رجل منهم يصلّى خلفه عيسى بن مريم، يملأ الأرض عدلا كما ملئت منهم ظلما وجورا(١) أنجى به من الهلكة وأهدى به من الضلالة وأبرئ به من العمى وأشفي به المريض، فقلت: إلهي ومتى يكون ذلك؟ فأوحى الله إلىعزوجل : يكون ذلك إذا رفع العلم وظهر الجهل، وكثر الغوا(٢) وقل العمل، وكثر القتل وقل فقهاء الهادين، وكثر فقهاء الضلالة والخونة وكثر الشعراء واتخذ قبل قبورهم(٣) مساجد وحليت المصاحف وزخرفت المساجد، وكثر الجور والفساد، وظهر المنكر وأمر أمتك به، ونهوا عن المعروف، واكتفى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء وصارت أمتك الأمراء كفرة وأولياؤهم فجرة، وأعوانهم ظلمة، وذووا الرأى منهم فسقة، وعند ذلك ثلاث خسوف، خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب، وخراب البصرة بيد رجل من ذريتك يتبعه الزنوج، وخروج رجل من ولد الحسين بن على، وخروج الدجال يخرج بالمشرق من سجستان، وظهور السفياني، فقلت: إلهي ومتى يكون بعدي من الفتن؟ فأوحى الله إلى وأخبرني ببلاء بني أميّة وفتنة ولد عمى العباس وما يكون وما هو كائن إلى يوم القيمة، فأوصيت

__________________

(١) كذا في النسخ لكن في المصدر «كما ملئت ظلما وجورا» بدون لفظة «منهم» والظاهر انها زيادة من النساخ.

(٢) كذا في النسخ وفي المصدر «وكثر القراء اه» والظاهر المناسب للسياق.

(٣) وفي المصدر «واتخذ أمتك قبورهم مساجد».

١٢٤

بذلك ابن عمى حين هبطت الأرض وأديت الرسالة والحمد لله على ذلك، كما حمده النبيون وكما حمده كل نبي قبلي، وما هو خالقه إلى يوم القيمة.

٣٤ ـ وباسناده إلى عبد السلام بن صالح الهروي عن علي بن موسى الرضاعليه‌السلام عن آبائه عن عليّعليهم‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يقول في آخره: وانه لـمّـا عرج بي إلى السماء اذن جبرئيل مثنى مثنى، ثم قال: نقدم يا محمّد، فقلت: يا جبرئيل أتقدم عليك؟ قال: نعم، لان الله تبارك وتعالى فضل أنبيائه على ملائكته أجمعين، وفضلك خاصة، فتقدمت وصليت بهم ولا فخر فلما انتهيت إلى حجب النور قال لي جبرئيل: تقدم يا محمّد ان هذا انتهاء حدى الذي وضعه الله لي في هذا المكان، فان تجاوزته احترقت أجنحتى لتعدى حدود ربي جل جلاله، فزج بي زجة(١) في النور حتّى انتهيت إلى حيث ما شاء اللهعزوجل في ملكوته، فنوديت: يا محمّد أنت عبدي وأنا ربك فإياي فاعبد وعلى فتوكل فانك نوري في عبادي، ورسولي إلى خلقي، وحجتي في بريتي، لمن تبعك خلقت جنتي، ولمن عصاك وخالفك خلقت ناري، ولاوصيائك أوجبت كرامتي، ولشيعتك أوجبت ثوابي، فقلت: يا رب ومن أوصيائى؟ فنوديت يا محمّد أوصيائك المكتوبون على ساق العرش فنظرت وانا بين يدي ربي إلى ساق العرش فرأيت اثنى عشر نورا في كل نور سطر أخضر، مكتوب عليه اسم كل وصيّ من أوصيائى، أولهم علي بن أبى طالب وآخرهم مهدي أمتي، فقلت يا رب أهؤلاء أوصيائى من بعدي؟ فنوديت: يا محمّد هؤلاء أوليائى واحبائى وأصفيائى وحججي بعدك على بريتي، وهم أوصيائك وخلفائك وخير خلقي بعدك، وعزتي وجلالي لأظهرن بهم ديني ولأعلين بهم كلمتي ولأطهرن الأرض بآخرهم من أعدائى ولأملكنه مشارق الأرض ومغاربها ولأسخرن له الرياح ولأذللن له الرقاب الصعاب، ولأرقينه في الأسباب، ولأنصرنه بجندي، ولا مدنه بملائكتى، حتى

__________________

(١) زج بالشيء: رمى به. وفي المصدر «زخ بي زحة» بالخاء وهو أيضا بمعناه، قال الجزري في النهاية: في الحديث: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من تخلف عنها زخ به في النار أي دفع ورمى.

١٢٥

تعلو دعوتي(١) ويجمع الخلق على توحيدي، ثم لأديمن ملكه ولأداولن الأيام بين أوليائي إلى يوم القيمة.

٣٥ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى هشام بن سالم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لـمّـا أسري برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وحضرت الصلوة اذن جبرئيل، وأقام الصلوة، فقال: يا محمّد تقدم، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : تقدم يا جبرئيل، فقال له: انا لا نتقدم على الآدميين منذ أمرنا بالسجود لآدم.

٣٦ ـ وباسناده إلى هشام بن الحكم عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام قال: قلت: لأى علة صار التكبير في الافتتاح سبع تكبيرات أفضل؟ ولأي علة يقال في الركوع سبحان ربي العظيم وبحمده ويقال في السجود سبحان ربي الأعلى وبحمده؟ قال: يا هشام ان الله تبارك وتعالى خلق السموات سبعا، والأرض سبعا والحجب سبعا، فلما اسرى بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وكان من ربه كقاب قوسين أو أدنى، رفع له حجاب من حجبه فكبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وجعل يقول الكلمات التي يقال في الافتتاح فلما رفع له الثاني كبر، فلم يزل كذلك حتّى بلغ سبع حجب، وكبر سبع تكبيرات، فلذلك العلة يكبر للافتتاح في الصلوة سبع تكبيرات، فلما ذكر ما راى من عظمة الله ارتعدت فرائصه(٢) فابترك على ركبتيه وأخذ يقول: سبحان ربي العظيم وبحمده، فلما اعتدل من ركوعه قائما نظر إليه في موضع أعلى من ذلك الموضع خر على وجهه وهو يقول: سبحان ربي الأعلى وبحمده، فلما قال سبع تكبيرات سكن ذلك الرعب، فلذلك جرت به السنة.

٣٧ ـ وباسناده إلى إسحق بن عمار قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام : كيف صارت الصلوة ركعة وسجدتين؟ وكيف إذا صارت سجدتين لم تكن ركعتين؟ فقال: إذا سألت عن شيء ففرغ قلبك لتفهم، ان أول صلوة صلاها رسول الله

__________________

(١) وفي المصدر «حتى يعلن عوتى».

(٢) الفريصة: لحمة بين الثدي والكتف ترعد عند الفزع.

١٢٦

صلى‌الله‌عليه‌وآله إنّما صلاها في السماء بين يدي الله تبارك وتعالى قدام عرشه جل جلاله، وذلك أنّه لـمّـا أسري به وصار عند عرشه تبارك وتعالى، قال: يا محمّد ادن من صاد(١) فاغسل مساجدك وطهرها وصل لربك، فدنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى حيث أمره الله تبارك وتعالى فتوضأ وأسبغ وضوئه(٢) ثم استقبل الجبار تبارك وتعالى قائما فأمره بافتتاح الصلوة، ففعل فقال: يا محمّد اقرأ:( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) إلى آخرها» ففعل ذلك ثم أمره ان يقرأ نسبة ربه تبارك وتعالى:( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ) ثم أمسك فيه القول فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ ) فقال: قل( لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ) فأمسك عنه القول، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كذلك الله ربي كذلك الله ربي، كذلك الله ربي، فلما قال ذلك قال: اركع يا محمّد لربك، فركع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال وهو راكع: سبحان ربي العظيم وبحمده، ففعل ذلك ثلثا، ثم قال: ارفع رأسك يا محمّد ففعل رسول الله، فقام منتصبا بين يدي اللهعزوجل ، فقال: اسجد يا محمّد لربك، فخر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ساجدا فقال: قل: سبحان ربي الأعلى وبحمده، ففعل ذلك رسول الله ثلثا، فقال له: استو جالسا يا محمّد ففعل، فلما استوى جالسا ذكر جلال ربه جل جلاله فخر رسول الله ساجدا من تلقاء نفسه لا لأمر امره ربهعزوجل فسبح أيضا ثلثا، فقال: انتصب قائما ففعل فلم ير ما كان رأى من عظمة ربه جل جلاله، فقال له: اقرأ يا محمّد وافعل كما فعلت في الركعة الاولى، ففعل ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم سجد سجدة واحدة فلما رفع رأسه ذكر جلالة ربه تبارك وتعالى الثانية، فخر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ساجدا من تلقاء نفسه لا لأمر ربهعزوجل ، فسبح أيضا ثم قال له: ارفع رأسك ثبتك الله، وأشهد أنْ لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله، و( أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها، وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ) ، أللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، وترّحم على محمّد وآل محمّد، كما صلّيت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد ،

__________________

(١) مر في حديث الكافي معناه وانه ماء يسيل من ساق العرش، وسيأتى في آخر الحديث أيضا.

(٢) أسبغ فلان الوضوء: أبلغه مواضعه ووفى كل عضو حقه.

١٢٧

اللهم تقبل شفاعته وارفع درجته ففعل، فقال: سلّم يا محمّد واستقبل(١) رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ربّه تبارك وتعالى مطرقا فقال: السّلام، فأجابه الجبّار جلّ جلاله فقال: وعليك السّلام يا محمّد، بنعمتي قويتك على طاعتي وبعصمتي إيّاك اتخذتك نبيّا وحبيبا، ثمّ قال أبو الحسنعليه‌السلام : وانما كانت الصلوة التي أمر بها ركعتين وسجدتين، وهوصلى‌الله‌عليه‌وآله إنّما سجد سجدتين في كل ركعة عما أخبرتك من تذكره [عظمة] ربه تبارك وتعالى، فجعله اللهعزوجل فرضا، قلت: جعلت فداك وما صاد الذي أمر ان يغتسل منه؟ فقال: عين تنفجر من ركن من أركان العرش يقال له ماء الحيوة، وهو ما قال اللهعزوجل :( ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ) إنّما امره أن يتوضأ ويقرء ويصلى.

٣٨ ـ أبى (ره) قال: حدّثنا الحسين بن محمد العطار عن محمد بن الحسن الصفار ولم يحفظ اسناده قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لـمّـا أسري بي إلى السماء سقط من عرقي فنبت منه الورد فوقع في البحر، فذهب السمك ليأخذها وذهب الدعموص(٢) ليأخذها، فقالت السمكة: هي لي وقال الدعموص: هي لي، فبعث اللهعزوجل إليهما ملكا ليحكم بينهما فجعل نصفها للسمكة، ونصفها للدعموص.

٣٩ ـ في من لا يحضره الفقيه وسأل محمد بن عمران أبا عبد اللهعليه‌السلام فقال: لأي علة يجهر في صلوة الجمعة وصلوة المغرب وصلوة العشاء الآخرة وصلوة الغداة، وساير الصلوات الظهر والعصر لا يجهر فيهما؟ ولأي علة صار التسبيح في الركعتين الأخيرتين أفضل من القراءة؟ قال: لان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّـا أسري به إلى السماء كان أول صلوة فرضها الله عليه الظهر يوم الجمعة، فأضاف اللهعزوجل إليه الملائكة تصلى خلفه، وأمر نبيه ان يجهر بالقراءة ليبين لهم فضله، ثم فرض عليه العصر ولم يضف إليه أحدا من الملائكة، وأمره أن يخفى القراءة، لأنه لم يكن وراه أحد، ثم فرض عليه المغرب وأضاف إليه الملائكة فأمره بالإجهار وكذلك العشاء الآخرة، فلما كان قرب

__________________

(١) وفي المصدر «فقال: سلم يا محمّد واستقبل فاستقبل رسول الله اه».

(٢) الدعموص: دويبة أو دودة سوداء تكون في الغدران إذا نشت.

١٢٨

الفجر نزل ففرض اللهعزوجل عليه الفجر فأمره بالإجهار ليبين للناس فضله كما بين للملائكة فلهذه العلة يجهر فيها، وصار التسبيح أفضل من القرائة في الأخيرتين لان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لما كان في الأخيرتين ذكر ما رأى من عظمة اللهعزوجل فدهش، فقال: سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر، فلذلك صار التسبيح أفضل من القرائة.

٤٠ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى أنس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لما عرج بي إلى السماء إذا انا بأسطوانة أصلها من فضة بيضاء ووسطها من ياقوتة وزبرجد، وأعلاها ذهبة حمراء، فقلت: يا جبرئيل ما هذه؟ فقال: هذا دينك أبيض واضح مضى، قلت: وما هذه وسطها؟ قال: الجهاد، قلت: فما هذه الذهبة الحمراء؟

قال: الهجرة، وكذلك علا ايمان عليٍّعليه‌السلام على ايمان كل مؤمن.

٤١ ـ في أصول الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبى نصر عن حماد بن عثمان عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لما عرج برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله انتهى به جبرئيل إلى مكان فخلى عنه، فقال له: يا جبرئيل أتخلينى على هذه الحال؟ فقال: امضه فو الله لقد وطيت مكانا ما وطاه بشر وما مشى فيه بشر قبلك.

٤٢ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى عن أبي جعفر الثاني عن أبيه عن جدهعليهم‌السلام قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ان الله خلق الإسلام فجعل له عرصة، وجعل له نورا، وجعل له حصنا وجعل له ناصرا فاما عرصته فالقرآن واما نوره فالحكمة واما حصنه فالمعروف واما أنصاره فأنا وأهل بيتي وشيعتنا فأحبوا أهل بيتي وشيعتهم وأنصارهم فانه لـمّـا أسري بي إلى السماء الدنيا فنسبني جبرئيلعليه‌السلام لأهل السماء استودع الله حبى وحب أهل بيتي وشيعتهم وأنصارهم في قلوب الملائكة، فهو عندهم وديعة إلى يوم القيمة ثم هبط بي إلى الأرض فنسبني إلى أهل الأرض، فاستودععزوجل حبى وحبّ أهل بيتي وشيعتهم في قلوب مؤمني أمتي، فمؤمني أمّتي يحفظون وديعتي إلى يوم القيمة، ألآ فلو ان رجلا من أمّتي عبد اللهعزوجل عمره أيام الدنيا، ثم لقى اللهعزوجل مبغضا لأهل بيتي وشيعتي ما فرج الله صدره إلّا عن نفاق.

١٢٩

٤٣ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير عن عمر بن أذينة عن زرارة أو الفضيل عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: لـمّـا أسري برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى السماء فبلغ البيت المعمور وحضرت الصلوة فأذن جبرئيلعليه‌السلام واقام فتقدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فصف الملائكة والنبيون خلف محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٤٤ ـ محمد بن الحسن وعلى بن محمد عن سهل بن زياد عن عمرو بن عثمان عن محمد بن عبد الله الخزاز عن هارون بن خارجة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال: يا هارون بن خارجة كم بينك وبين المسجد الكوفة يكون ميلا؟ قلت: لا قال: أفتصلي فيه الصلوة كلها؟ قلت: لا، قال: أما لو كنت بحضرته لرجوت ألّا تفوتني فيه صلوة، وتدري ما فضل ذلك الموضع؟ ما من عبد صالح ولا نبي إلّا وقد صلى في مسجد كوفان حتّى أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّـا أسري الله به قال له جبرئيلعليه‌السلام : تدري أين أنت يا رسول الله الساعة؟ أنت مقابل مسجد كوفان، قال: فاستأذن لي ربي حتّى آتيه فأصلّي فيه ركعتين فاستأذن اللهعزوجل فأذن له والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٥ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدّثني أبي عن أحمد بن محمد بن أبى نصر عن علي بن موسى الرضاعليه‌السلام قال: قال لي: يا أحمد ما الخلاف بينكم وبين أصحاب هشام بن الحكم في التوحيد؟ فقلت: جعلت فداك قلنا نحن بالصورة للحديث الذي روى أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله راى ربه في صورة شاب، وقال هشام بن الحكم بالنفي للجسم فقال: يا أحمد إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّـا أسري به إلى السماء وبلغ عند سدرة المنتهى خرق له في الحجب مثل سم الإبرة فرأى من نور العظمة ما شاء الله أنْ يرى، وأردتم أنتم التشبيه؟ دع هذا يا أحمد، لا ينفتح عليك منه أمر عظيم.

٤٦ ـ وحدّثني أبى عن حمّاد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لـمّـا أسري بي إلى السماء دخلت الجنّة فرأيت قصرا من ياقوتة حمراء يرى داخلها من خارجها، وخارجها من داخلها، من ضيائها، وفيها بيتان من در وزبرجد، فقلت: يا جبرئيل لمن هذا القصر؟ فقال: هذا لمن أدام الصيام وأطعم الطعام وتهجد

١٣٠

بالليل والناس نيام، وهذا الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٧ ـ حدّثني أبي عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن ابن سنان قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : أول من سبق إلى بلى رسول الله، وذلك أنّه كان أقرب الخلق إلى الله تعالى وكان بالمكان الذي قال له جبرئيلعليه‌السلام لـمّـا أسري به إلى السماء: تقدم يا محمّد لقد وطأت موطئا لم يطأه ملك مقرب ولا نبي مرسل، ولو لا أنّ روحه ونفسه كانت من ذلك المكان لما قدر أن يبلغه، وكان من اللهعزوجل كما قال الله( قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى ) أي بل أدنى.

٤٨ ـ حدّثني أبي عن عمرو بن سعيد الراشدي عن ابن مسكان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لـمّـا أسري برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأوحى إليه في على ما أوحى من شرفه ومن عظمته عند الله، ورد إلى البيت المعمور، وجمع له النبيين فصلوا خلفه عرض في نفس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من عظم ما أوحى إليه في على، فأنزل الله:( فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ ) يعنى الأنبياء، فقد أنزلنا إليهم في كتبهم من فضله ما أنزلنا في كتابك( لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ ) فقال الصادقعليه‌السلام : فو الله ما شك وما سأل.

٤٩ ـ وحدثني أبى عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي عبيدة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يكثر تقبيل فاطمةعليها‌السلام ، فأنكرت ذلك عائشة، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عائشة إنّي لـمّـا أسري بي إلى السماء دخلت الجنة فأدنانى جبرئيلعليه‌السلام من شجرة طوبى وناولني من ثمارها، فأكلته فحول الله ذلك ماء في ظهري، فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة، فما قبلتها قط إلّا وجدت رائحة شجرة طوبى منها.

٥٠ ـ حدّثني أبي عن الحسن بن محبوب عن أبي حمزة الثمالي عن أبي الربيع قال: حججت مع أبى جعفرعليه‌السلام في السنة التي حجّ فيها هشام بن عبد الملك، وكان

١٣١

معه نافع مولى عمر بن الخطاب، فنظر نافع إلى أبي جعفرعليه‌السلام في ركن البيت وقد اجتمع عليه الناس، فقال: يا أمير المؤمنين من هذا الذي تكافأ عليه الناس؟ قال نبي أهل الكوفة محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، فقال: لآتينه فلا سألنه عن مسايل لا يجيبني فيها إلّا نبي أو وصيّ نبي، قال: فاذهب إليه فاسئله لعلّك تخجله فجاء نافع حتّى اتكى على الناس فأشرف على أبي جعفرعليه‌السلام فقال: يا محمّد بن عليّ إنّي قد قرأت التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، وقد عرفت حلالها وحرامها، وقد جئتك أسئلك عن مسائل لا يجيب فيها إلّا نبي أو وصيّ نبي أو ابن نبي، فرفع أبو جعفرعليه‌السلام رأسه فقال: سل عمّا بدا لك فقال: كم كان بين عيسى ومحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله من سنة؟ قال: أخبرك بقولك أم بقولي؟ قال أخبرنى بالقولين جميعا، فقال: أمّا في قولي فخمسمائة سنة وأمّا في قولك فستمائة سنة، قال: أخبرني عن قول اللهعزوجل :( وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ ) من الذي سئل محمّد وكان بينه وبين عيسى خمسمائة سنة؟ قال أبو جعفرعليه‌السلام : هذه الآية( سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إلى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا ) كان من الآيات التي أراها الله محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله حيث اسرى به إلى البيت المقدس، أنّه حشر الأوّلين والآخرين من النبيين والمرسلين، ثمّ أمر جبرئيل فاذن شفعا وأقام شفعا وقال في إقامته حيّ على خير العمل ثمّ تقدّم محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله فصلّى بالقوم، فلمّا انصرف قال: سل يا محمّد من أرسلنا قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : على ما تشهدون وما كنتم تعبدون؟ قالوا: نشهد أنْ لا إله إلّا الله وانك رسول الله، أخذت على ذلك عهودنا ومواثيقنا، فقال نافع: صدقت يا أبا جعفر، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥١ ـ وباسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لـمّـا أسري بي إلى السماء دخلت الجنة فرأيت قيعان يقق(١) ورأيت فيها ملائكة يبنون لبنة من

__________________

(١) القيعان جمع القاع: أرض سهلة مطمئنة قد انفرجت عنها الآكام والجبال. واليقق المتناهى في البياض وقد تكسر القاف.

١٣٢

فضة ولبنة من ذهب، وربما أمسكوا فقلت لهم: ما لكم ربما بنيتم وربما أمسكتم؟ فقالوا: حتّى تجيئنا النفقة، فقلت: فما نفقتكم؟ قالوا: قول المؤمن في الدنيا سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر، فاذا قال بنينا، وإذا أمسك أمسكنا.

٥٢ ـ وقال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لـمّـا أسري بي إلى السماء أخذ جبرئيل بيدي فأدخلنى الجنة وأجلسنى على درنوك من درانيك الجنة(١) فناولني سفر جلة فانفلقت نصفين، فخرجت من بينهما حوراء، فقامت بين يدي فقالت: السلام عليك يا محمّد، السلام عليك يا أحمد، السلام عليك يا رسول الله، فقلت: وعليك السلام من أنت؟ قالت: انا الراضية المرضية، خلقني الجبار من ثلثة أنواع، أسفلى من المسك، ووسطى من العنبر، وأعلاى من الكافور، وعجنت بماء الحيوان، ثم قال جل ذكره لي: كوني، فكنت لأخيك ووصيك عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه.

٥٣ ـ في تفسير العيّاشي عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله صلى العشاء الآخرة وصلى الفجر في الليلة التي اسرى به فيها بمكة.

٥٤ ـ عن زرارة وحمران بن أعين ومحمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: حدث أبو سعيد الخدري أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إنّ جبرئيل قال لي(٢) ليلة أسري بي وحين رجعت فقلت: يا جبرئيل هل لك من حاجة؟ فقال: حاجتي ان تقرأ على خديجة من الله ومنى السلام، وحدّثنا عند ذلك انها قالت حين لقيها نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لها الذي قال جبرئيل، قالت: إنّ الله هو السلام ومنه السلام واليه السلام وعلى جبرئيل السلام. قال عز من قائل( إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) .

٥٥ ـ في أصول الكافي عليّ بن إبراهيم عن محمد بن خالد الطيالسي عن صفوان بن يحيى عن ابن مسكان عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: لم يزل اللهعزوجل ربنا والعلم ذاته ولا معلوم، والسمع ذاته ولا مسموع، والبصر ذاته ولا مبصر، والقدرة

__________________

(١) الدرنوك: ماله خمل من البساط، وقد مر.

(٢) وفي البحار «أتانى» مكان «قال لي» وهو الظاهر.

١٣٣

ذاته ولا مقدور، فلما أحدث الأشياء وكان المعلوم وقع العلم منه على المعلوم، والسمع على المسموع، والبصر على المبصر، والقدرة على المقدور، قال: قلت: فلم يزل الله متحركا؟ قال فقال: تعالى الله ان الحركة صفة محدثة بالفعل، قال: قلت: فلم يزل الله متكلما؟ قال: فقال: إنّ الكلام صفة محدثة ليست بأزلية، كان اللهعزوجل ولا متكلم.

٥٦ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وقد سأله بعض الزنادقة عن الله تعالى، وفيه: قال السائل فيقول: إنّه سميع بصير؟ قال: وهو سميع بصير سميع بغير جارحة، وبصير بغير آلة، بل يسمع بنفسه ويبصر بنفسه، ليس قولي: إنّه يسمع بنفسه ويبصر بنفسه أنّه شيء والنفس شيء آخر، ولكن أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسئولا، وإفهاما لك إذ كنت سائلا، وأقول يسمع بكلّه لا أنّ الكل له بعض، ولكن أردت إفهامك والتعبير عن نفسي، وليس مرجعي في ذلك إلّا إلى أنّه السميع البصير، العالم الخبير، بلا اختلاف الذات ولا اختلاف المعنى(١) .

٥٧ ـ وفيه عن عليٍّعليه‌السلام حديث طويل وفيه كان ربا ولا مربوب: وإلها إذ لا مألوه، عالما إذ لا معلوم وسميعا إذ لا مسموع، سميع لا بآلة، وبصير لا بأداة.

٥٨ ـ وعن الرضاعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه: وسمى ربنا سميعا لا بجزء فيه يسمع به الصوت لا يبصر به، كما أنّ جزأنا الذي به نسمع لا يقوى على النظر به، ولكن أخبر أنّه لا تخفى عليه الأصوات ليس على حد ما سمينا نحن، فقد جمعنا الاسم بالسميع واختلف المعنى، وهكذا البصر لا بجزء به أبصر كما انا نبصر بجزء منا لا ننتفع به في غيره، ولكن الله بصير لا يجهل شخصا منظورا إليه فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى.

٥٩ ـ وباسناده إلى أبي هاشم الجعفري عن أبي جعفر الثانيعليه‌السلام ، أنّه قال له رجل وكيف سمّي ربنا سميعا؟ قال: لأنّه لا يخفى عليه ما يدرك بالأسماع، ولا نصفه(٢) بالسمع المعقول في الرأس، وكذلك سميناه بصيرا لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالأبصار من لون و

__________________

(١) «وفي أصول الكافي مثله سواء. منه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)

(٢) وفي المصدر «ولم نصفه» وهو الأوفق بحسب السياق.

١٣٤

شخص وغير ذلك، ولم نصفه بلحظ العين(١) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦٠ ـ وباسناده إلى محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قلت: جعلت فداك يزعم قوم من أهل العراق أنّه يسمع بغير الذي يبصر، ويبصر بغير الذي يسمع؟ قال: فقال: كذبوا وألحدوا وشبهوا، تعالى الله عن ذلك، أنّه سميع بصير يسمع بما يبصر، ويبصر بما يسمع، قال: قلت: يزعمون أنّه بصير على ما يعقلونه؟ قال: فقال: تعالى الله إنّما يعقل ما كان بصفة المخلوق وليس الله كذلك.

٦١ ـ وباسناده إلى حماد بن عيسى قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام فقلت: لم يزل الله يعلم؟ قال: أنّي يكون يعلم ولا معلوم، قال: قلت: فلم يزل الله يسمع؟ قال: أنّي يكون ذلك ولا مسموع، قال: قلت: فلم يزل يبصر؟ قال: اين يكون ذلك ولا مبصر ثم قال: لم يزل الله عليما سميعا بصيرا ذات علامة سميعة بصيرة.

٦٢ ـ في عيون الاخبار باسناده إلى الرضاعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه: وقلنا إنّه سميع لا يخفى عليه أصوات خلقه ما بين العرش إلى الثرى من الذرة إلى أكبر منها في برها وبحرها، ولا تشتبه عليه لغاتها، فقلنا عند ذلك سميع لا بأذن، وقلنا إنّه بصير لا ببصر لأنه يرى أثر الذرة السمحاء(٢) في الليلة الظلماء على الصخرة السوداء، ويرى دبيب النمل في الليلة الدجية(٣) ويرى مضارها ومنافعها واثر سفادها وفراخها ونسلها، فقلنا عند ذلك أنّه بصير لا كبصر خلقه.

٦٣ ـ وباسناده إلى الحسين بن خالد قال: سمعت الرضاعليه‌السلام يقول: لم يزل اللهعزوجل عليما قادرا جبارا قديما سميعا بصيرا، فقلت له: يا بن رسول الله ان أقواما يقولون لم يزل الله عالما بعلم، وقادرا بقدرة وحيا بحيوة، وسميعا بسمع، وبصيرا ببصر

__________________

(١) وفي المصدر «ولم نصفه بنظر لحظ العين».

(٢) السمحاء: السوداء.

(٣) الدجية: المظلمة.

١٣٥

فقالعليه‌السلام : من قال ذلك ودان به فقد اتخذ مع الله آلهة اخرى، وليس من ولايتنا على شيء، ثم قالعليه‌السلام لم يزل الله عليما قادرا حيا قديما سميعا بصيرا لذاته، تعالى عما يقول المشركون والمشبهون علوا كبيرا.

٦٤ ـ في نهج البلاغة قالعليه‌السلام بصيرا إذ لا منظور إليه من خلقه.

٦٥ ـ وفيه قالعليه‌السلام : وكل سميع غيره بصير عن لطيف الأصوات، ويصمه كبيرها ويذهب عنه ما بعد منها، وكل بصير غيره يعمى عن خفي الألوان ولطيف الأجسام.

٦٦ ـ وفيه والسميع لا بأداة والبصير لا بتفريق آلة(١) .

٦٧ ـ وفيه بصير لا يوصف بالحاسة.

٦٨ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ ) يقول: الحق والنبوة والكتاب والايمان في عقبه وليس كل من في الأرض من بنى آدم من ولد نوح، قال الله في كتابه:( احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ ) وقال أيضا:( ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ ) .

٦٩ ـ حدثني أبي [عن ابن أبي عمير] عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: كان نوح إذا أمسى وأصبح يقول: أمسيت أشهد أنّه ما أمسى بي من نعمة في دين أو دنيا فانها من الله وحده لا شريك له، له الحمد على [بها] والشكر كثيرا فأنزل اللهعزوجل :( إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً ) .

٧٠ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى عنه حفص بن البختري أنّه قال: كان نوحعليه‌السلام يقول: إذا أصبح وأمسى: أللهمّ إنّي أشهدك أنّه ما أصبح وأمسى من نعمة وعافية في دين أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك، لك الحمد ولك الشكر بها على حتّى ترضى وبعد الرضا، يقولها إذا أصبح عشرا، وإذا أمسى عشرا فسمى بذلك عبدا شكورا.

٧١ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابه عن محمد بن سنان عن

__________________

(١) وفي بعض نسخ النهج «والبصير بلا تفريق آلة».

١٣٦

أبي سعيد المكاري عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قلت: فما عنى بقوله في نوح( إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً ) ؟ قال: كلمات بالغ فيهن، قلت: وما هن؟ قال: كان إذا أصبح قال: أصبحت أشهدك ما أصبحت بي من نعمة أو عافية في دين أو دنيا فانها منك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد على ذلك، ولك الشكر كثيرا، كان يقولها إذا أصبح ثلثا وإذا أمسى ثلثا، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٧٢ ـ حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن وهب بن حفص عن أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عند عائشة ليلتها، فقالت: يا رسول الله لم تتعب نفسك وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: يا عائشة ألا أكون عبدا شكورا قال: وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقوم على أطراف أصابع رجليه فانزل الله سبحانه:( طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى ) .

٧٣ ـ عن ابن ابى عمير عن ابن رئاب عن إسمعيل بن الفضل قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إذا أصبحت وأمسيت فقل عشر مرات: أللهمّ ما أصبحت بي من نعمة أو عافية في دين أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك، لك الحمد ولك الشكر على يا رب حتّى ترضى وبعد الرضا فانك إذا قلت ذلك كنت قد أديت شكر ما أنعم الله به عليك في ذلك اليوم وفي تلك الليلة.

٧٤ ـ في كتاب علل الشرائع حدّثنا أبي رضى الله عنه قال: حدّثنا سعد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ نوحا إنّما سمى عبدا شكورا لأنه كان يقول إذا أصبح وأمسى: أللهمّ إنّي أشهدك أنّه ما أصبح وامسى بي من نعمة لي وعافية في دين أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك. لك الحمد ولك الشكر بها حتّى ترضى إلهنا.

٧٥ ـ ابى (ره) قال: حدّثنا سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن أبي عمير عن حفص بن البختري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى ) قال: إنّه كان يقول إذا أصبح وامسى: أصبحت وربي محمود، أصبحت

١٣٧

لا أشرك به شيئا ولا ادعو مع الله إلها آخر، ولا اتخذ من دونه وليا، فسمى بذلك عبدا شكورا.

٧٦ ـ في تفسير العيّاشي عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( كانَ عَبْداً شَكُوراً ) قال: كان إذا أمسى وأصبح يقول: أمسيت أشهد أنّه ما أمست بي من نعمة في دين أو دنيا فانها من الله وحده لا شريك له، له الحمد بها والشكر كثيرا.

٧٧ ـ في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمان عن عبد الله بن القاسم البطل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله تعالى:( وَقَضَيْنا إلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ ) قال: قتل عليّ بن أبي طالب وطعن الحسنعليه‌السلام و( لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً ) قال: قتل الحسينعليه‌السلام ( فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما ) فاذا جاء نصر دم الحسين بعثنا( عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ ) قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم فلا يدعون وترا لآل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله إلّا قتلوه وكان وعد الله مفعولا خروج القائمعليه‌السلام ( ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ ) خروج الحسينعليه‌السلام في سبعين من أصحابه عليهم البيض المذهب لكل بيضة وجهان المؤدون إلى الناس أنّ هذا الحسين قد خرج لا يشك المؤمنون فيه وأنّه ليس بدجّال ولا شيطان، والحجّة القائم بين أظهرهم، فاذا استقرّت المعرفة في قلوب المؤمنين أنّه الحسينعليه‌السلام جاء الحجّة الموت فيكون الذي يغسله ويكفنه ويحنّطه ويلحده في حفرته الحسين بن عليّعليه‌السلام ، ولا يلي الوصي إلّا الوصي.

٧٨ ـ وفي تفسير العيّاشي بعد أن نقل هذا الحديث إلى آخره قال: وزاد إبراهيم في حديثه: ثم يملكهم الحسينعليه‌السلام حتّى يقع حاجباه على عينيه.

٧٩ ـ في مجمع البيان وقراءة عليعليه‌السلام «عبيدا لنا».

٨٠ ـ في تفسير العيّاشي عن حمران عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: كان يقرء :

( بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) ثم قال: وهو القائم وأصحابه( أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) .

٨١ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وخاطب الله امة محمد فقال:( لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ ) يعنى فلانا وفلانا وأصحابهما ونقضهم العهد( وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً ) يعنى

١٣٨

ما ادعوه من الخلافة( فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما ) يعنى يوم الجمل( بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) يعنى أمير المؤمنين صلوات الله عليه وأصحابه( فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ ) أي طلبوكم وقتلوكم( وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً ) يتم ويكون( ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ ) يعنى لبني امية على آل محمد( وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ َفِيراً ) من الحسن والحسين إبني عليعليهم‌السلام وأصحابهما وسبوا نساء آل محمد.

٨٢ ـ في تفسير العيّاشي عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في خطبته: أيها الناس سلوني قبل أن تفقدوني فان بين جوانحي علما جما فسلوني قبل أن تشغر برجلها(١) فتنة شرقية تطأ في خطامها(٢) ملعون ناعقها وموليها وقائدها وسائقها والمتحرز فيها(٣) فكم عندها من رافعة ذيلها يدعو بويلها دجلة أو حولها، لا مأوى يكنها(٤) ولا أحد يرحمها، فاذا استدار الفلك قلتم مات أو هلك وبأى واد سلك، فعندها توقعوا الفرج، وهو تأويل هذه الآية( ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً ) والذي فلق الحبة وبرىء النسمة ليعيش إذ ذاك ملوك ناعمين، ولا يخرج الرجل منهم من الدنيا حتّى يولد لصلبه ألف ذكر، آمنين من كل بدعة وآفة والتنزيل، عاملين بكتاب الله وسنة رسوله قد اضمحلت عليهم(٥) الآفات والشبهات.

٨٣ ـ عن رفاعة بن موسى قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إنّ أول من يكر

__________________

(١) أي ترفع برجلها، قيل: كنى بشغر رجلها عن خلو تلك الفتنة من مدر، أو هو كناية عن كثرة مداخل الفساد فيها.

(٢) الخطام ـ ككتاب ـ: كلما يجعل في أنف البعير ليقتاد به.

(٣) قال المجلسي (ره): ولعل المعنى من يتحرز من إنكارها ورفعها لئلا يخل بدنياه «انتهى» وفي بعض النسخ «المتحرض» بالضاد ولعله الأنسب بحسب السياق، ثم قال المجلسي (ره): وساير الخبر كان مصحفا فتركته على ما وجدته والمقصود واضح.

(٤) أي يسترها.

(٥) وفي المصدر «عنهم الآفات اه».

١٣٩

الى الدنيا الحسين بن عليّعليهما‌السلام ويزيد بن معاوية وأصحابه فيقتلهم حذو القذة بالقذة(١) ثم قال أبو عبد اللهعليه‌السلام :( ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً ) .

٨٤ ـ في عيون الاخبار باسناده إلى علي بن الحسين بن علي بن فضال عن أبيه قال: قال الرضاعليه‌السلام في قول الله تعالى:( إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها ) قال،( إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها ) رب يغفر لها، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٥ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم متصلا بآخر تفسيره المتقدم اعنى قوله: وسبوا نساء آل محمد( إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ ) «يعنى القائم صلوات الله عليه وأصحابه ليسوؤا وجوهكم» يعنى يسود وجوههم و( لِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ ) يعنى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه وأمير المؤمنين صلوات الله عليه و( لِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً ) أي يعلو عليكم فيقتلوكم، ثم عطف على آل محمد عليه وعليهم‌السلام فقال:( عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ ) أي ينصركم على عدو كم ثم خاطب بني أميّة فقال و( إِنْ عُدْتُمْ عُدْنا ) يعنى ان عدتم بالسفياني عدنا بالقائم من آل محمد صلوات الله عليهم و( جَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً ) أي حبسا يحصرون فيها، ثم قالعزوجل :( إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي ) أي يبين( لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ ) يعنى آل محمد صلوات الله عليهم( الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً ) .

٨٦ ـ في أصول الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن إبراهيم بن عبد الحميد عن موسى بن أكيل النميري عن العلا بن سيابة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) قال: يهدى إلى الامام.

٨٧ ـ في الكافي عليّ بن إبراهيم عن بكر بن صالح عن القاسم بن يزيد عن

__________________

(١) القذة: ريش السهم، وهذا القول يضرب مثلا للشيئين يستويان ولا يتفاوتان، وقد تكرر ذكره في الحديث.

١٤٠

أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : ثم ثلث بالدعاء إليه بكتابه أيضا فقال تبارك وتعالى( إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) أي يدعو( وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ ) .

٨٨ ـ في نهج البلاغة قالعليه‌السلام : أيها الناس إنّه من استنصح الله(١) وفق، ومن اتخذ قوله دليلا هدى( لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) .

٨٩ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد بن عليّ عن أبيه علي بن الحسينعليهم‌السلام قال: الامام منا لا يكون إلّا معصوما، وليست العصمة في ظاهر الخلقة فيعرف بها، وكذلك لا يكون إلّا منصوصا، فقيل، يا بن رسول الله فما معنى المعصوم؟ فقال: هو المعتصم بحبل الله، وحبل الله هو القرآن، والقرآن يهدى إلى الامام، وذلك قول اللهعزوجل :( إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) .

٩٠ ـ في تفسير العيّاشي عن أبي اسحق:( إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) قال: يهدى إلى الولاية.

٩١ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم ثم عطف على آل محمد بني أميّة فقال: و( الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً ) قوله: و( يَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً ) قال: يدعو على أعداءه بالشر كما يدعو لنفسه بالخير ويستعجل الله بالعذاب وهو قوله:( وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً ) .

٩٢ ـ في مصباح الشريعة قال الصادقعليه‌السلام : واعرف طريق نجاتك وهلاكك، كى لا تدعو الله بشيء عسى فيه هلاكك وأنت تظن أنّ فيه نجاتك، قال الله تعالى:( وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً ) .

٩٣ ـ في تفسير العيّاشي عن سلمان الفارسي قال: إنّ الله لما خلق آدم فكان

__________________

(١) أي من أطاع أو امره وعلم أنّه يهديه إلى مصالحه ويرده عن مفاسده ويرشده إلى ما فيه نجاته ويصرفه عما فيه عطبه، قاله ابن ابى الحديد في شرحه.

١٤١

أول ما خلق عيناه فجعل ينظر جسده كيف يخلق، فلما حانت(١) ولم يتبالغ الخلق في رجليه فأراد القيام فلم يقدر، وهو قول الله: «خلق الإنسان عجولا» وان الله لما خلق آدم ونفخ فيه لم يستجمع(٢) أن يتناول عنقودا فأكله.

٩٤ ـ عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لما خلق الله آدم( نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ ) وثب ليقوم قبل أن يتم خلقه فسقط، فقال اللهعزوجل : «خلق الإنسان عجولا

٩٥ ـ عن أبي بصير( فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ ) قال: هو السواد الذي في جوف القمر.

٩٦ ـ عن نصر بن قابوس عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : قال السواد الذي في القمر: محمد رسول الله.

٩٧ ـ عن أبي الطفيل قال: كنت في مسجد الكوفة فسمعت عليّاعليه‌السلام وهو على المنبر وناداه ابن الكوا وهو في مؤخر المسجد، فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنى عن هذا السواد في القمر؟ قال: هو قول الله( فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ ) .

٩٨ ـ عن أبي الطفيل قال: قال عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام : سلوني عن كتاب الله فانه ليس من آية إلّا وقد عرفت بليل نزلت أم بنهار، أو في سهل أو في جبل، قال: فقال له ابن الكوا فما هذا السواد في القمر؟ فقال: أعمى سأل عن عمياء أما سمعت الله يقول:( فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً ) فذلك محوها.

٩٩ ـ في كتاب الخصال حدّثنا علي بن أحمد بن موسى رضى الله عنه قال: حدّثنا علي بن الحسن قال: حدّثنا سعد بن كثير بن عفير، قال: حدثني ابن لهيعة وراشد بن سعد عن حريز بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن البجلي عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه الذي توفى فيه: ادعوا لي أخى، فأرسلوا إلى عليٍّعليه‌السلام فدخل فوليا وجوههما إلى الحائط وردا عليهما ثوبا فاسدى والناس محتوشوه(٣) وراء الباب فخرج عليٌّعليه‌السلام فقال رجل من الناس: أسر إليك نبي الله شيئا؟ فقال: نعم أسر إليَّ ألف

__________________

(١) أي قربت.

(٢) كذا في النسخ وفي المصدر ونسخة البحار «لم يلبث» مكان «لم يستجمع».

(٣) أسدى بيده نحو الشيء: مدها. واحتوش القوم فلانا: اجتمعوا عليه وجعلوه في وسطهم.

١٤٢

باب، في كل باب ألف باب، قال: ووعيته؟ قال: نعم وعقلته، قال: فما السواد الذي في القمر؟ قال: إنّ اللهعزوجل قال:( وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً ) قال له الرجل: عقلت يا عليُّ ووعيت.

١٠٠ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى عبد الله بن يزيد بن سلام أنّه سأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: ما بال الشمس والقمر لا يستويان في الضوء والنور؟ قال: لما خلقهما اللهعزوجل أطاعا ولم يعصيا شيئا، فأمر اللهعزوجل جبرئيلعليه‌السلام أن يمحو ضوء القمر فمحاه، فأثر المحو في القمر خطوطا سوداء ولو أنّ القمر ترك على حاله بمنزلة الشمس لم يمح لما عرف الليل من النهار، ولا النهار من الليل، ولا علم الصائم كم يصوم، ولا عرف الناس عدد السنين، وذلك قول اللهعزوجل :( وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ ) قال: صدقت يا محمّد، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) وروى القاسم بن معاوية عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال لما خلق اللهعزوجل القمر كتب عليه لا إله إلّا الله محمّد رسول الله عليٌّ أمير المؤمنين وهو السوداء الذي ترونه، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠٢ ـ وعن الأصبغ بن نباتة قال: قال ابن الكواء لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، أخبرنى عن المحو الذي يكون في القمر؟ فقال: الله أكبر، الله أكبر، رجل أعمى يسأل عن مسألة عمياء أما سمعت الله يقول:( وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً ) .

١٠٣ ـ في نهج البلاغة قالعليه‌السلام : وجعل شمسها آية مبصرة لنهارها. وقمرها آية ممحوة من ليلها، وأجراهما في مناقل مجراهما، وقدر مسيرهما في مدارج درجهما، ليميز بين الليل والنهار بهما، وليعلم( عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ ) بمقادير هما.

١٤٣

١٠٤ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سدير الصيرفي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه: فنظرت في كتاب لجفر صبيحة هذا اليوم وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا، وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيمة الذي خص الله به محمدا والائمة من بعدهعليهم‌السلام وتأملت مولد غائبنا وإبطاءه وطول عمره، وبلوى المؤمنين في ذلك الزمان، وتولد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته وارتداد أكثر هم عن دينهم، وخلعهم ربقة الإسلام(١) من أعناقهم، التي قال الله تعالى جل ذكره و( كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ) يعنى الولاية، فأخذتني الرقة واستولت على الأحزان.

١٠٥ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ) يقول: خيره وشره معه حيث كان لا يستطيع فراقه، حتّى يعطى كتابه يوم القيمة بما عمل.

١٠٦ ـ في تفسير العيّاشي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام عن قوله:( وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ) قال: قدره الذي قدر عليه.

١٠٧ ـ عن خالد بن نجيج عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ ) قال: يذكر العبد جميع ما عمل وما كتب عليه، حتّى كأنه فعله تلك الساعة فلذلك «قالوا( يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها )

١٠٨ ـ في مجمع البيان: ( وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ) وروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: لا تجن يمينك عن شمالك، وهذا مثل ضربهعليه‌السلام وفي هذا دلالة واضحة على بطلان قول من يقول: إنّ أطفال الكفار يعذبون مع آبائهم في النار، انتهى.

١٠٩ ـ في تفسير العيّاشي عن حمران عن أبي جعفر في قول الله.( وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها ) ، قال: تفسيرها أمرنا أكابرها.

__________________

(١) الربقة: العروة.

١٤٤

١١٠ ـ عن حمران عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها ) مشددة منصوبة(١) تفسيرها كثرنا، وقال: لا قرأتها مخففة.

١١١ ـ في مجمع البيان وقرأ يعقوب «آمرنا» بالمد على وزن عامرنا وهو قراءة عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، وقرأ «أمرنا» بتشديد الميم محمد بن عليّعليهما‌السلام بخلاف.

١١٢ ـ في عيون الاخبار في باب مجلس الرضاعليه‌السلام مع سليمان المروزي بعد كلام طويل قال الرضاعليه‌السلام : ألا تخبرني عن قول اللهعزوجل :( وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها ) يعنى بذلك أنّه يحدث ارادة؟ قال: نعم، قال: فاذا أحدث ارادة كان قولك ان الارادة هي هو أو شيء منه باطلا، لأنه لا يكون أن يحدث نفسه، ولا يتغير عن حاله تعالى الله عن ذلك؟ قال سليمان: إنّه لم يكن عنى بذلك أنّه يحدث ارادة، قال: فما عنى به؟ قال: عنى فعل الشيء، قال الرضاعليه‌السلام : ويلك كم تردد في هذه المسئلة وقد أخبرتك أنّ الارادة محدثة لان فعل الشيء محدث، قال: فليس لها معنى؟ قال الرضاعليه‌السلام : قد وصف نفسه عندكم حتّى وصفها بالإرادة بما لا معنى له فاذا لم يكن لها معنى قديم ولا حديث بطل قولكم ان اللهعزوجل لم يزل مريدا قال سليمان: إنّما عنيت انها فعل من الله تعالى لم يزل، قال: ألا تعلم أنّ ما لم يزل لا يكون مفعولا وقديما وحديثا في حالة واحدة فلم يحر جوابا(٢) .

١١٣ ـ في مجمع البيان: ( وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ ) قيل: القرن مأة سنة، وروى ذلك مرفوعا، وقيل: أربعون سنة، رواه ابن سيرين مرفوعا.

١١٤ ـ( مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ ) يصليها مذموما مدحورا وروى ابن عباس أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: معنى الآية( مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا ) بعمله الذي افترضه الله عليه لا يريد وجه الله والدار الآخرة عجل له فيها ما يشاء الله من عرض الدنيا، وليس له ثواب في الآخرة، وذلك أنّ الله سبحانه يؤتيه

__________________

(١) وفي تفسير الصافي «مشددة ميمه» وهو الظاهر.

(٢) أي لم يرد جوابا.

١٤٥

ذلك ليستعين به على الطاعة فيستعمله في معصية الله فيعاقبه الله عليه. قال عز من قائل:( وَمَنْ أَرادَ الآخرة وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً ) .

١١٥ ـ في روضة الواعظين للمفيد (ره) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ ) فليترك زينة الحيوة الدنيا.

١١٦ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال: تقول أحرم لك شعري وبشرى ولحمى ودمي وعظامي ومخي وعصبي من النساء والطيب ابتغى بذلك وجهك والدار الآخرة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١١٧ ـ في الكافي عليّ بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن أبي الحسن علي بن يحيى عن أيوب بن أعين عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يؤتى يوم القيمة برجل فيقال له: احتج، فيقول: رب خلقتني وهديتني فأوسعت علي فلم أزل أوسع على خلقك وأيسر عليهم لكي تنشر على هذا اليوم رحمتك وتيسره، فيقول الرب جل ثناؤه وتعالى ذكره: صدق عبدي أدخلوه الجنة.

١١٨ ـ في أصول الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن جميل عن هارون بن خارجة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: العباد ثلثة(١) قوم عبدوا اللهعزوجل خوفا فتلك عبادة العبيد، وقوم عبدوا الله تبارك وتعالى طلب الثواب فتلك عبادة الأجراء، وقوم عبدوا اللهعزوجل حبا له فتلك عبادة الأحرار وهي أفضل العبادة.

١١٩ ـ في نهج البلاغة هذا ما أمر به عبد الله عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين في ما له ابتغاء وجه الله ليولجني به الجنة ويعطيني به الأمنة.

١٢٠ ـ وفيه وليس رجل فاعلم احرص على جماعة امة محمد وألفتها(٢) مني أبتغى بذلك حسن الثواب وكريم المآب.

__________________

(١) وفي بعض النسخ «العبادة ثلاث».

(٢) الالفة من التأليف، ومرجع الضمير في «ألفتها» الامة.

١٤٦

١٢١ ـ في أمالي الصدوق (ره) باسناده إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من صام يوما تطوعا ابتغاء ثواب الله وجبت له المغفرة.

١٢٢ ـ وباسناده إلى الصادق جعفر بن محمدعليه‌السلام في قولهعزوجل : «يوفون بالنذر» الآيات حديث طويل ستقف بتمامه إنشاء الله في «هل أتى» وفيه:( إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً ) قال: والله ما قالوا هذا لهم ولكنهم أضمروه في أنفسهم فأخبر الله بإضمارهم، يقولون لا نريد جزاء تكافوننا به، ولا شكورا تثنون علينا به، ولكنا إنّما أطعمناكم لوجه الله وطلب ثوابه. قال عز من قائل:( وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً ) .

١٢٣ ـ في مجمع البيان وروى أنّ ما بين أعلى درجات الجنة وأسفلها ما بين السماء والأرض.

١٢٤ ـ وروى العيّاشي بالإسناد عن أبي بصير قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : لا تقولن: الجنة واحدة، ان الله يقول:( وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ ) ولا تقولن درجة واحدة، ان الله يقول: «درجات بعضها فوق بعض» إنّما تفاضل القوم بالأعمال، قال: وقلت له: إنّ المؤمنين يدخلان الجنة فيكون أحدهما أرفع مكانا من الآخر فيشتهي أن يلقى صاحبه، قال: من كان فوقه فله أن يهبط، ومن كان تحته لم يكن له أن يصعد، لأنه لم يبلغ ذلك المكان ولكنهم إذا أحبوا ذلك واشتهوا التقوا على الاسرة.

١٢٥ ـ عن أنس عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: وانما يرتفع العباد غدا في الدرجات وينالون الزلفى من ربهم على قدر عقولهم.

١٢٦ ـ في كتاب جعفر بن محمد الدوريستي باسناده إلى عمرو بن ميمون أنّ ابن مسعود حدّثهم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: يكون في النار قوم ما شاء الله أن يكونوا، ثم يرحمهم‌الله فيكونون في أدنى الجنة فيغتسلون في نهر الحيوة يسميهم أهل الجنة الجهنميون، لو أضاف أحدهم أهل الدنيا لاطعمهم وسقاهم وفرشهم ولحفهم وروحهم لا ينقص ذلك.

١٤٧

١٢٧ ـ في أصول الكافي علي بن محمد بن عبد الله عن إبراهيم بن إسحق الأحمر عن محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : فلان من عبادته ودينه وفضله كذا، فقال: كيف عقله؟ قلت: لا أدرى، فقال: إنّ الثواب على قدر العقل، ان رجلا من بنى إسرائيل كان يعبد الله في جزيرة من جزاير البحر خضراء نضرة كثيرة الشجر، ظاهرة الماء، وإنّ ملكا من الملائكة مر به فقال: يا رب أرني ثواب عبدك هذا، فأراه الله ذلك فاستقله الملك. فأوحى الله اليه: أنْ اصحبه فأتاه الملك في صورة إنسيّ فقال له: من أنت؟ فقال: أنا رجل عابد بلغني مكانك وعبادتك في هذا المكان فأتيتك لأعبد الله معك فكان معه يومه ذلك، فلما أصبح قال له الملك: إنّ مكانك لنزه وما يصلح إلّا للعبادة، فقال له العابد: إنّ لمكاننا هذا عيبا فقال له: وما هو؟ قال: ليس لربنا بهيمة، فلو كان له حمار رعيناه في هذا الموضع فانّ هذا الحشيش يضيع، فقال له الملك: ما لربّك حمار؟ فقال: لو كان له حمار ما كان يضيع مثل هذا الحشيش فأوحى الله إلى الملك إنّما أثيبه على قدر عقله.

١٢٨ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى ابن عباس عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل وفيه فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين فما القضاء والقدر اللذان ساقانا وما هبطنا واديا ولا علونا تلعة(١) إلّا بهما فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : الأمر من الله والحكم، ثم تلا هذه الآية:( وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً )

١٢٩ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى وعلى بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن الحسن بن محبوب عن أبي ولاد الحناط قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً ) ما هذا الإحسان؟ فقال: الإحسان أن تحسن صحبتهما، وأن لا تكلفهما أن يسألاك [مما يحتاجان اليه] وانْ كانا مستغنيين، أليس يقول اللهعزوجل :( لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حتّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ) قال: ثم قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : واما قول اللهعزوجل :( إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما )

__________________

(١) التلعة: القطعة المرتفعة من الأرض.

١٤٨

قال: إنْ أضجراك( فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ، وَلا تَنْهَرْهُما ) إنْ ضرباك، قال:( وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً ) قال: إنْ ضرباك فقل لهما غفر الله لكما فذلك قول كريم قال:( وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ) قال: لا تمل عينيك(١) من النظر إليهما برحمة ورقة، ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما، ولا يدك فوق أيديهما ولا تقم قدامهما.

١٣٠ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن حديد بن حكيم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: أدنى العقوق أف، ولو علم الله شيئا أهون منه لنهى عنه.

١٣١ ـ عنه عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد عن أبيه عن جده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لو علم الله شيئا أدنى من أف لنهى عنه، وهو من أدنى العقوق، ومن العقوق ان ينظر الرجل إلى والديه فيحد النظر إليهما.

١٣٢ ـ عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن منصور بن يونس عن أبي المأمون الحارثي قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : ما حق المؤمن على المؤمن؟ قال: إنّ من حق المؤمن على المؤمن المودة له في صدره، إلى أن قال: وإذا قال له أف فليس بينهما ولاية.

١٣٣ ـ عن محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس بن عبد الرحمن عن درست بن أبي منصور عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام قال: سأل رجل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما حق الوالد على الولد؟ قال: لا يسميه باسمه، ولا يمشى بين يديه ولا يجلس قبله ولا يستسب له(٢)

__________________

(١) قال المجلسي (ره): الظاهر: «لا تملأ» بالهمزة كما في مجمع البيان وتفسير العيّاشي واما على ما في نسخ الكتاب فلعله أبدلت الهمزة حرف علة، ثم حذفت بالجازم فهو بفتح اللام المخففة، ولعل الاستثناء في قوله «الا برحمة» منقطع، والمراد بملاء العينين حدة النظر.

(٢) أي لا يفعل ما يصير سببا لسب الناس له كأن يسبهم أو آبائهم، وقد يسب الناس والد من يفعل فعلا شنيعا قبيحا.

١٤٩

١٣٤ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم ( فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ ) قال: لو علم أنّ شيئا أقل من أف لقاله( وَلا تَنْهَرْهُما ) أي ولا تخاصمهما، وفي حديث آخر: أي بالألف فلا تقل لهما أفا( وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً ) أي حسنا( وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ) قال: تذلل لهما ولا تتبختر عليهما(١) .

١٣٥ ـ في روضة الواعظين للمفيد (ره) قال الصادقعليه‌السلام : قوله تعالى:( وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً ) قال: الوالدين محمد وعلى.

١٣٦ ـ في عيون الاخبار في باب ذكر ما كتب به الرضاعليه‌السلام إلى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل: وحرم الله تعالى عقوق الوالدين لما فيه من الخروج عن التوقير لطاعة الله تعالى، والتوقير للوالدين، وتجنب كفر النعمة وابطال الشكر، وما يدعو في ذلك إلى قلة النسل وانقطاعه، لما في العقوق من قلة توقير الوالدين والعرفان بحقهما، وقطع الأرحام والزهد من الوالدين في الولد، وترك التربية لعلة ترك الولد برهما.

١٣٧ ـ في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه إذا قال المؤمن لأخيه: أف، انقطع ما بينهما، فان قال: أنت كافر كفر أحدهما، وإذا اتهمه انماث(٢) الإسلام في قلبه كما ينماث الملح في الماء.

١٣٨ ـ عن موسى بن بكر الواسطي قال: قلت لأبي الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام : الرجل يقول لابنه أو لابنته: بأبي أنت وأمّي أو بأبوى أترى بذلك بأسا؟ فقال: إنْ كان أبواه حيين فأرى ذلك عقوقا، وانْ كانا قد ماتا فلا بأس.

١٣٩ ـ عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : ثلثة من عاندهم ذل: الوالد، والسلطان، والغريم.

١٤٠ ـ عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يلزم الوالدين من العقوق لولدهما إذا كان الولد صالحا، ما يلزم الولد لهما.

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المصدر «لا تتجبر عليهما».

(٢) انماث الشيء: ذاب.

١٥٠

١٤١ ـ عن عنبسة بن مصعب قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام ثلثة لم يجعل الله تعالى لأحد من الناس فيهن رخصة: بر الوالدين برين كانا أو فاجرين، والوفاء بالعهد للبر والفاجر، وأداء الامانة للبر والفاجر.

١٤٢ ـ في من لا يحضره الفقيه في باب الحقوق المروية باسناده عن سيد العابدينعليه‌السلام : واما حق أمك أن تعلم انها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحدا، وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطى أحد أحدا، ووقتك بجميع جوارحها ولم تبال أن تجوع وتطعمك، وتعطش وتسقيك، وتعرى وتكسوك، وتضحى وتظلك، وتهجر النوم لأجلك، ووقتك الحر والبرد لتكون لها فانك لا تطيق شكرا إلّا بعون الله وتوفيقه واما حق أبيك، فان تعلم أنّه أصلك فانك لولاه لم تكن، فمهما رأيت من نفسك ما يحبك فاعلم أنّ أباك أصل النعمة عليك فيه، فاحمد الله واشكره على قدر ذلك ولا قوة إلّا بالله.

١٤٣ ـ في مجمع البيان روى عن علي بن موسى الرضاعليه‌السلام عن أبيه عن جده أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لو علم الله لفظة أوجز في ترك عقوق الوالدين من أف لاتى به.

١٤٤ ـ وفي رواية اخرى عنهعليه‌السلام قال: أدنى العقوق أف ولو علم الله شيئا أيسر منه أو أهون منه لنهى عنه.

١٤٥ ـ وفي خبر آخر فليعمل العاق ما شاء ان يعمل، فلن يدخل الجنة.

١٤٦ ـ وروى أبو أسيد الأنصاري قال: بينا نحن عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذ جاءه رجل من بنى سلمة فقال: يا رسول الله هل بقي من بر أبوى شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: نعم الصلوة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهد هما من بعد هما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلّا بهما.

١٤٧ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن معمر ابن خلاد قال: قلت لأبى الحسن الرضاعليه‌السلام : أدعو لوالدي ان كانا لا يعرفان الحق؟ قال: أدع لهما وتصدق عنهما، وانْ كانا حيين لا يعرفان الحق فدارهما، فان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إنّ الله بعثني بالرحمة لا بالعقوق.

١٥١

١٤٨ ـ عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: جاء رجل إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا رسول الله من أبر؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك قال: ثم من؟ قال: أباك.

١٤٩ ـ علي بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحاق عن عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : ثم بعث الله محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو بمكة عشر سنين، فلم يمت بمكة في تلك العشر سنين أحد يشهد أنْ لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله إلّا أدخله الله الجنة بإقراره، وهو ايمان التصديق، ولم يعذب الله أحدا ممن مات وهو متبع لمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله على ذلك إلّا من أشرك بالرحمن، وتصديق ذلك أنّ اللهعزوجل أنزل عليه في سورة بنى إسرائيل بمكة:( وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً ) إلى قوله تعالى:( إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً ) أدب وعظة وتعليم ونهى خفيف، ولم يعد عليه ولم يتواعد على اجتراح شيء مما نهى عنه.

١٥٠ ـ في تفسير العيّاشي عن عبد الله بن عطاء قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : يا بن عطاء ترى زاغت الشمس(١) فقلت: جعلت فداك وما علمي بذلك وانا معك؟ فقال: لا لم تفعل وأوشك، قال: فسرنا فقال: قد فعلت، قلت: هذا المكان الأحمر؟ قال: ليس يصلى هاهنا، هذه أودية النمال وليس يصلى، قال: فمضينا إلى أرض بيضاء قال: هذه سبخة(٢) وليس يصلى بالسباخ، قال: فمضينا إلى أرض حصباء(٣) ، فقال: هاهنا فنزل ونزلت فقال: يا ابن عطاء أتيت العراق فرأيت القوم يصلون بين تلك السواري في مسجد الكوفة؟ قال: قلت نعم، فقال: أولئك شيعة أبي على، هذه صلوة الأوابين، إنّ الله يقول إنّه( كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً ) .

__________________

(١) زاغت الشمس: أي مالت وزالت عن أعلى درجات ارتفاعها.

(٢) السبخة واحدة السباخ: هي أرض مالحة يعلوها الملوحة ولا تكاد تنبت إلّا بعض الأشجار.

(٣) الحصباء. صفار الحصى.

١٥٢

١٥١ ـ عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام يقول في قوله:( فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً ) قال: هم التوابون المتعبدون.

١٥٢ ـ عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: يا أبا محمد عليكم بالورع والاجتهاد وأداء الامانة وصدق الحديث وحسن الصحبة ممن صحبكم، وطول السجود، وكان ذلك من سنن الأوابين، قال أبو بصير: الأوابون التوابون.

١٥٣ ـ عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من صلى أربع ركعات في كل ركعة خمسين مرة قال هو الله أحد كانت صلوة فاطمة صلوات الله عليها، وهي صلوة الأوابين.

١٥٤ ـ عن محمد بن حفص عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كانت صلوة الأوابين خمسين صلوة كلها بقل هو الله أحد.

١٥٥ ـ في مجمع البيان ( فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً ) الأواب التواب. إلى قوله: وقيل انهم الذين يصلون بين المغرب والعشاء روى ذلك مرفوعا.

١٥٦ ـ في عيون الاخبار في باب ذكر مجلس الرضاعليه‌السلام مع المأمون في الفرق بين العترة والامة حديث طويل وفيه قالت العلماء: فأخبرنا هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضاعليه‌السلام : فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثنى عشر موطنا وموضعا، فأول ذلك قولهعزوجل إلى ان قالعليه‌السلام : والآية الخامسة قول الله تعالى: و( آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) خصوصية خصهم الله العزيز الجبار بها، واصطفاهم على الامة، فلما نزلت هذه الآية على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ادعوا لي فاطمة، فدعيت له فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا فاطمة، قالت: لبيك يا رسول الله، فقال: هذه فدك هي مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، وهي لي خاصة دون المسلمين، فقد جعلتها لك لما أمرنى الله به، فخذيها لك ولولدك فهذه الخامسة.

١٥٧ ـ في أصول الكافي محمد بن الحسين وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى ومحمد بن يحيى ومحمد بن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن إسمعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يقول

١٥٣

فيهعليه‌السلام : ثم قال جل ذكره( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) وكان عليٌّعليه‌السلام وكان حقّه الوصيّة التي جعلت له، والاسم الأكبر وميراث العلم، وآثار علم النبوة.

١٥٨ ـ علي بن محمد بن عبد الله عن بعض أصحابنا أظنه السياري عن علي بن أسباط قال: لما ورد أبو الحسن موسى على المهدي رآه يرد المظالم، فقال: يا أمير المؤمنين ما بال مظلمتنا لا ترد؟ فقال له: وما ذاك يا أبا الحسن؟ قال: إنّ الله تبارك وتعالى لما فتح على نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله فدك وما والاها، لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب(١) فأنزل الله على نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) ولم يدر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من هم، فراجع في ذلك جبرئيلعليه‌السلام وراجع جبرئيل ربه، فأوحى الله اليه: أنْ ادفع فدك إلى فاطمةعليها‌السلام ، فدعاها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لها: يا فاطمة ان الله أمرنى أن أدفع إليك فدك، فقالت: قد قبلت يا رسول الله من الله ومنك، فلم يزل وكلاؤها فيها حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلما ولى أبو بكر أخرج عنها وكلاءها، فأتته فسألته ان يردها فقال لها: ايتني بأسود أو أحمر يشهد لك بذلك، فجاءت بأمير المؤمنينعليه‌السلام وأم أيمن فشهدا لها فكتب لها بترك التعرض، فخرجت والكتاب معها، فلقيها عمر فقال: ما هذا معك يا بنت محمد؟ قالت: كتاب كتبه لي ابن ابى قحافة، قال: أرينيه فأبت فانتزعه من يدها ونظر فيه، ثم تفل فيه ومحاه وحرقة، وقال لها: هذا لم يوجف عليه أبوك بخيل ولا ركاب فضعي الجبال(٢) في رقابنا، فقال له المهدي: يا أبا الحسن حدها

__________________

(١) الإيجاف: السير الشديد، وفي قوله تعالى:( فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ ) قالوا: المعنى ما أوجفتم على تحصيله وتغنيمه خيلا ولا ركابا، وانما مشيتم على أرجلكم، فلم تحصلوا أموالهم بالغلبة والقتال ولكن الله سلط رسله عليه وحواه أموالهم.

(٢) قال المجلسي (ره) في مرآة العقول: في بعض النسخ بالحاء المهملة أي ضعى الحبال لترفعنا إلى حكم، قاله تحقيرا وتعجيزا، وقاله تفريعا على المحال بزعمه، أي انك إذا أعطيت ذلك ووضعت الحبل على رقابنا وجعلتنا عبيدا لك، أو انك إذا حكمت على ما لم يوجف عليها أبوك بأنها ملكت فاحكمى على رقابنا أيضا بالملكية. وفي بعض النسخ بالمعجمة أي ان قدرت على وضع الجبال على رقابنا فضعي.

١٥٤

لي، فقال: حد منها جبل أحد، وحد منها عريش مصر، وحد منها سيف البحر، وحد منها دومة الجندل(١) فقال له: كل هذا؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين هذا كله، ان هذا [كله] مما لم يوجف على أهله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بخيل ولا ركاب، فقال: كثير وأنظر فيه.

١٥٩ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله:( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ) يعنى قرابة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ونزلت في فاطمة، فجعل لها فدك والمسكين من ولد فاطمة وابن السبيل من آل محمد، وولد فاطمة.

١٦٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن علي بن الحسينعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه لبعض الشاميين: اما قرأت هذه الآية:( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) ؟ قال: نعم، قالعليه‌السلام : فنحن أولئك الذين أمر اللهعزوجل نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يؤتيهم حقهم.

١٦١ ـ في مجمع البيان وأخبرنا السيد أبو الحمد إلى قوله: عن أبي سعيد الخدري قال: لما نزل: قوله:( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) أعطى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة فدك، قال عبد الرحمن بن صالح: كتب المأمون إلى عبيد الله بن موسى(٢) يسأله عن قصة فدك، فكتب إليه عبيد الله بهذا الحديث، رواه عن الفضيل بن مرزوق عن عطية، فرد المأمون فدك على ولد فاطمة.

١٦٢ ـ في تفسير العيّاشي عن عبد الرحمن عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لما أنزل الله:( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ ) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا جبرئيل قد عرفت

__________________

(١) قال ياقوت: عريش مدينة كانت أول عمل مصر من ناحية الشام على ساحل بحر الروم في وسط الرمل. ثم ذكر بعد كلا له وجه تسميته بالعريش فراجع. وسيف البحر: ساجله. ودومة الجندل: حصن بين المدنية والشام يقرب من تبوك وهي إلى الشام أقرب، سميت بدوم بن إسماعيل بن إبراهيم (ع)، وسميت دومة الجندل لان حصنها مبني بالجندل.

(٢) هو عبيد الله بن موسى العبسي من علماء الشيعة ومحدثيهم في القرن الثالث من الهجرة النبوية.

١٥٥

المسكين فمن ذوي القربى؟ قال: هم أقاربك، فدعا حسنا وحسينا وفاطمة، فقال: إنّ ربي أمرنى أن أعطيكم مما أفاء الله عليّ، قال: أعطيتكم فدك.

١٦٣ ـ عن أبان بن تغلب قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اعطى فاطمة فدكا؟ قال: كان وقفها، فأنزل الله( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) فأعطاها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حقها، قلت: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أعطاها؟ قال: بل الله أعطاها.

١٦٤ ـ عن جميل بن دراج عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: أتت فاطمة أبا بكر تريد فدك، قال: هاتي أسود أو أحمر يشهد بذلك، قال: فأتت أم أيمن فقال لها: بم تشهدين؟ قالت: أشهد أنّ جبرئيل أتى محمدا فقال: إنّ الله يقول:( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) فلم يدر محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله من هم، فقال: يا جبرئيل سل ربك من هم؟ فقال: فاطمة ذوي القربى فأعطاها فدكا، فزعموا أنّ عمر محى الصحيفة وقد كان كتبها أبو بكر.

١٦٥ ـ عن أبي الطفيل عن عليٍّعليه‌السلام قال: قال يوم الشورى: أفيكم أحد تم نوره من السماء حين قال:( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ ) قالوا: لا.

١٦٦ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن عليّ بن حديد عن منصور بن يونس عن إسحق بن عمار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله: ولا تبذر تبذيرا قال: لا تبذر ولاية عليٍّ.

١٦٧ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن الحسن بن محبوب عن مالك بن عطية عن عامر بن جذاعة قال: جاء رجل إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام : فقال لهعليه‌السلام : اتق الله ولا تسرف ولا تقتر، ولكن بين ذلك قواما، ان التبذير من الإسراف، قال اللهعزوجل :( وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً ) .

١٦٨ ـ في تفسير العيّاشي عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قوله:( وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً ) قال: من أنفق شيئا في غير طاعة الله فهو مبذر. ومن أنفق في سبيل الله فهو مقتصد.

١٦٩ ـ عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام في قوله: «ولا تبذر تبذيرا» قال بذر الرجل قال: ليس له مال قال: فيكون تبذيرا في حلال؟ قال: نعم.

١٥٦

١٧٠ ـ عن جميل عن إسحق بن عمار في قوله:( وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً ) قال: لا تبذر في ولاية عليّعليه‌السلام

١٧١ ـ عن بشر بن مروان قال: دخلنا على أبي عبد اللهعليه‌السلام فدعى برطب فأقبل بعضهم يرمى النوى قال: فأمسك أبو عبد اللهعليه‌السلام يده فقال: لا تفعل أنّ هذا من التبذير وأنّ الله لا يحب الفساد.

١٧٢ ـ في مجمع البيان ( وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً ) وروى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ان أمير المؤمنينعليه‌السلام : قال لعناية كن زاملة للمؤمنين فان خير المطايا أمثلها وأسلمها ظهرا ولا تكن من المبذرين.

١٧٣ ـ و( إِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ) الآية وروى أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان لما نزلت هذه الآية إذا سئل ولم يكن عنده ما يعطى قال: يرزقنا الله وإياكم من فضله.

١٧٤ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب بعد ذكر فاطمةعليها‌السلام وما تلقى من الطحن.

كتاب الشيرازي: انها لما ذكرت حالها وسألت جارية بكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا فاطمة والذي بعثني بالحق ان في المسجد أربعمائة رجل ما لهم طعام ولا ثياب ولولا خشيتي خصلة لأعطيتك ما سألت يا فاطمة إنّي لا أريد أن ينفك عنك أجرك إلى الجارية، وانى أخاف ان يخصمك عليّ بن أبي طالب يوم القيمة بين يدي اللهعزوجل إذا طلب حقه منك، ثم علمها صلوة التسبيح فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : مضيت تريدين من رسول الله الدنيا فأعطانا الله ثواب الآخرة قال أبو هريرة: فلما خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من عند فاطمة أنزل الله على رسوله( : وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها ) يعنى عن قرابتك وابنتك فاطمة «ابتغاء» يعنى طلب( رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ ) يعنى طلب رزق من ربك( تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً ) يعنى قولا حسنا فلما نزلت هذه الآية أنفذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إليها جارية للخدمة وسماها فضة.

١٧٥ ـ في الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن عمر بن يزيد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها

١٥٧

كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً ) محسورا قال: الإحسار الفاقة.

١٧٦ ـ علي بن محمد عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن النضر بن سويد عن موسى بن بكر عن عجلان قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام فجاء سائل فقام إلى مكتل(١) فيه تمر فملأ يده فناوله، ثم جاء آخر فسأله فقام فأخذ بيده فناوله، ثم جاء آخر فسأله فقام فأخذ بيده فناوله ثم جاء آخر فقال: الله رازقنا وإياك. ثمّ قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان لا يسأله أحد من الدنيا شيئا إلّا أعطاه، فأرسلت إليه امرأة ابنا لها فقال: انطلق إليه فاسئله فان قال: ليس عندنا شيء، فقل أعطني قميصك قال، فأخذ قميصه فرمى به اليه، وفي نسخة اخرى فأعطاه، فأدبه الله تبارك وتعالى على القصد فقال:( وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً ) .

١٧٧ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد وأحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن عبد الله بن سنان في قوله تبارك وتعالى:( وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً ) فبسط كفه وفرق أصابعه وحناها شيئا(٢) وعن قوله تعالى،( وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ ) فبسط راحته وقال: هكذا وقال: القوام ما يخرج من بين الأصابع ويبقى في الراحة منه شيء.

١٧٨ ـ عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه: ثم علم الله جل اسمه نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله كيف ينفق، وذلك أنّه كانت عنده أوقية من الذهب فلم يكن عنده ما يعطيه، فلامه السائل واغتم هو حيث لم يكن عنده ما يعطيه، وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله رحيما رقيقا، فأدب اللهعزوجل نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله بأمره فقال:( وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً ) يقول: إنّ الناس قد يسألونك ولا يعذرونك فاذا أعطيت جميع ما عندك من المال كنت قد حسرت من المال(٣) .

__________________

(١) المكتل: زنبيل من خوص.

(٢) أي اعوجها يسيرا.

(٣) حسر الرجل: أعيا وكل وانقطع.

١٥٨

١٧٩ ـ في تفسير العيّاشي عن الحلبي عن بعض أصحابه عنه قال: قال أبو جعفر لأبي عبد اللهعليه‌السلام : يا بنى عليك بالحسنة بين السيئتين تمحوهما، قال: وكيف ذلك يا أبه؟ قال: مثل قوله:( وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٨٠ ـ عن ابن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ ) قال: فضم يده وقال: هكذا.

١٨١ ـ عن محمد بن يزيد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً ) قال: الإحسار الإقتار.

١٨٢ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقولهعزوجل :( وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً ) فانه كان سبب نزولها أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان لا يرد أحدا يسأله شيئا عنده، فجاء رجل فسأله فلم يحضره شيء، فقال: يكون إنشاء الله، فقال: يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أعط قميصك وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يرد أحدا عما عنده، فأعطاه قميصه، فأنزل اللهعزوجل :( وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ ) فنهاه اللهعزوجل أن يبخل ويسرف ويقعد محسورا من الثياب، فقال الصادقعليه‌السلام : المحسور العريان.

١٨٣ ـ في تهذيب الأحكام الحسن بن محمد بن سماعة عن محمد بن زياد عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قولهعزوجل :( وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ ) قال: ضم يده فقال: هكذا( وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ ) قال: بسط راحته وقال: هكذا. قال عز من قائل:( إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ ) الآية.

١٨٤ ـ في نهج البلاغة قالعليه‌السلام : وقدر الأرزاق فكثرها وقللها وقسمها على الضيق والسعة، فعدل فيها ليبتلى من أراد بميسورها ومعسورها، وليختبر بذلك

١٥٩

الشكر والصبر من غنيها وفقيرها.

١٨٥ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحق عن عبد الرزاق بن مهران عن الحسن بن ميمون عن محمد بن صالح عن أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : ثم بعث الله محمدا وهو بمكة عشر سنين، فلم يمت بمكة في تلك العشر سنين أحد يشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلّا أدخله الجنة بإقراره، وهو ايمان التصديق ولم يعذب الله أحدا ممن مات وهو متبع لمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله على ذلك إلّا من أشرك بالرحمن وتصديق ذلك أنّ اللهعزوجل أنزل في سورة بنى إسرائيل بمكّة( وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً ) إلى قوله:( إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً ) أدب وعظة وتعليم ونهى خفيف، ولم يعد عليه ولم يتواعد على اجتراح شيء(١) مما نهى عنه، وأنزل نهيا عن أشياء حذر عليها ولم يغلظ فيها ولم يتواعد عليها، وقال:( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حتّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً ذلِكَ مِمَّا أَوْحى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً ) .

١٨٦ ـ في تفسير العيّاشي عن إسحق بن عمار عن أبي إبراهيم قال: لا يملق حاج أبدا، قلت: وما الاملاق؟ قال: قول الله:( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ )

١٨٧ ـ عن إسحق بن عمار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: الحاج لا يملق أبدا قال :

__________________

(١) اجترح: اكتسب.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643