تفسير نور الثقلين الجزء ٣

تفسير نور الثقلين9%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 643

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 643 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 266440 / تحميل: 8763
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من قرء سورة الكهف في كل ليلة جمعة لم يمت إلّا شهيدا، ويبعثه الله من الشهداء، ووقف يوم القيامة مع الشهداء.

٢ ـ في الكافي الحسين بن محمد عن عبد الله بن عامر عن علي بن مهزيار عن أيوب بن نوح عن محمد بن أبي حمزة قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : من قرء سورة الكهف في كل ليلة جمعة كانت كفارة ما بين الجمعة إلى الجمعة، قال: وروى غيره أيضا فيمن قرأها يوم الجمعة بعد الظهر والعصر مثل ذلك.

٣ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من قرأها فهو معصوم ثمانية أيام من كل فتنة، فان خرج الدجال في الثمانية أيام عصمه الله من فتنة الدجال.

٤ ـ سمرة بن جندب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من قرء عشر آيات من سورة الكهف لم يضره فتنة الدجال، ومن قرء السورة كلها دخل الجنة.

٥ ـ وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ألآ أدلكم على سورة شيعها سبعون ألف ملك حين نزلت، ملاءت عظمتها ما بين السماء والأرض؟ قالوا: بلى، قال: سورة أصحاب الكهف من قرأها يوم الجمعة غفر الله له إلى الجمعة الاخرى وزيادة ثلثة أيام، واعطى

٢٤١

نورا يبلغ السماء ووقى فتنة الدجال.

٦ ـ وروى الواحدي باسناده عن أبي الدرداء عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من حفظ عشر آيات من سورة الكهف كانت له نورا يوم القيامة.

٧ ـ وروى أيضا باسناده عن سعيد بن محمد الجرمي عن أبيه عن جده عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من قرء الكهف يوم الجمعة فهو معصوم إلى سنة من كل فتنة تكون فان خرج الدجال عصم منه.

٨ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من خبر الشامي وما سئل عنه أمير المؤمنينعليه‌السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه وسأله كم حج آدم من حجة؟ فقال له: سبعين حجة ماشية على قدمه، وأول حجة حجها كان معه الصرد يدله على مواضع الماء، وخرج معه من الجنة وقد نهى عن أكل الصرد والخطاف، وسأله: ما باله لا يمشى؟ فقال: لأنه ناح على بيت المقدس فطاف حوله أربعين عاما يبكى عليه، ولم يزل يبكى مع آدمعليه‌السلام ، فمن هناك سكن البيوت، ومعه تسع آيات من كتاب الله تعالى مما كان آدم يقرأ بها في الجنة، وهي معه إلى يوم القيمة، ثلاث آيات من أول الكهف، وثلاث آيات من سبحان،( فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ ) وثلاث آيات من يس( وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا ) .

٩ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً، قَيِّماً ) قال: هذا مقدم ومؤخر، لان معناه( الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ ) قيما( وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً ) ، فقد قدم حرف، على حرف.

١٠ ـ في تفسير العيّاشي عن البرقي عمن رواه رفعه عن أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام ( لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ ) قال: البأس الشديد على وهو لدن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قاتل معه عدوه، فذلك قوله( لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ ) .

١١ ـ عن الحسن بن صالح قال: قال لي أبو جعفرعليه‌السلام : لا تقرأ يبشر، انما

٢٤٢

ـ البشر بشر الأديم، قال: فصليت بعد ذلك خلف الحسن فقرأ تبشر.

١٢ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم و( يُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ ) قال: قالت قريش حين زعموا ان الملائكة بنات اللهعزوجل وما قالت اليهود والنصارى في قولهم عزير ابن الله والمسيح ابن الله، فرد اللهعزوجل عليهم فقال:( ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً ) .

١٣ ـ وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قولهعزوجل :( فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ ) يقول: قاتل( نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ ) .

١٤ ـ في روضة الكافي كلام لعليّ بن الحسينعليه‌السلام في الوعظ والزهد في الدنيا يقول فيهعليه‌السلام : واعلموا ان الله لم يحب زهرة الدنيا وعاجلها لأحد من أوليائه، ولم يرغبهم فيها وفي عاجل زهرتها وظاهر بهجتها، وانما خلق الدنيا وخلق أهلها ليبلوهم فيها أيهم أحسن عملا لآخرته.

١٥ ـ في الخرائج والجرائح عن المنهال بن عمرو قال: والله أنا رأيت رأس الحسينعليه‌السلام حين حمل وأنا بدمشق، وبين يديه رجل يقرأ الكهف حتّى بلغ قوله:( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً ) فأنطق الله تعالى الرأس بلسان ذرب طلق قال: أعجب من أصحاب الكهف حملي وقتلى.

١٦ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب وروى أبو مخنف عن الشعبي أنّه صلب رأس الحسين بالصياف في الكوفة فتنحنح الرأس وقرء سورة الكهف إلى قوله:( إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً ) وسمع أيضا يقرأ:( أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً ) .

١٧ ـ في أصول الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام ابن سالم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف، أسروا الايمان وأظهروا الشرك، فآتاهم الله أجرهم مرتين.

٢٤٣

١٨ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسن بن عليّ عن درست الواسطي قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : ما بلغت تقية أحد تقية أصحاب الكهف، إذ كانوا يشهدون الأعياد ويشدون الزنانير(١) فأعطاهم الله أجرهم مرتين.

١٩ ـ في تفسير العيّاشي عن عبيد الله بن يحيى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه ذكر أصحاب الكهف فقال: لو كلفكم قومكم ما كلفهم قومهم؟ فقيل له: وما كلفهم قومهم؟ فقال: كلفوهم الشرك بالله العظيم فأظهر والهم الشرك، وأسروا الايمان حتّى جاءهم الفرج.

٢٠ ـ عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ أصحاب الكهف أسرّوا الايمان وأظهروا الكفر فآجرهم الله.

٢١ ـ عن محمد عن أحمد بن عليّ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً ) قال: هم قوم فروا وكتب ملك ذلك الزمان بأسمائهم وأسماء آبائهم وعشائرهم في صحف من رصاص، فهو قوله:( أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ ) .

٢٢ ـ عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: خرج أصحاب الكهف على غير معرفة ولا ميعاد، فلما صاروا في الصحراء أخذ بعضهم على بعض العهود والمواثيق، يأخذ هذا على هذا وهذا على هذا، ثم قالوا: أظهروا أمركم فاظهروه فاذا هم على أمر واحد.

٢٣ ـ عن الكاهلي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ أصحاب الكهف أسرّوا الايمان وأظهروا الكفر، وكانوا على جهار الكفر أعظم أجرا منهم على الأسرار بالايمان.

٢٤ ـ عن سليمان بن جعفر النهدي قال: قال جعفر بن محمد: يا سليمان من الفتى؟ قال: قلت: جعلت فداك الفتى عندنا الشاب، قال لي: أما علمت ان أصحاب الكهف كانوا كلهم كهولا فسماهم الله فتية بايمانهم، يا سليمان من آمن بالله واتقى

__________________

(١) جمع الزنار.

٢٤٤

ـ هو الفتى.

٢٥ ـ في روضة الكافي عليّ بن إبراهيم رفعه قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لرجل: ما الفتى عندكم؟ فقال له: الشاب، فقال: لا، الفتى المؤمن، ان أصحاب الكهف كانوا شيوخا فسما هم اللهعزوجل فتية بايمانهم.

٢٦ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى عن سدير الصيرفي قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : حديث بلغني عن الحسن البصري فان حقا فإنا لله وانا إليه راجعون، قال: وما هو؟ قلت: بلغني ان الحسن كان يقول: لو غلى دماغه من حر الشمس ما استظل بحائط صيرفي ولو تفرثت كبده(١) عطشا لم يستسق من دار صيرفي ماءا وهو عملي وتجارتي، وعليه نبت لحمى ودمي ومنه حجتي وعمرتي قال: فجلسعليه‌السلام ثم قال: كذب الحسن خذ سواء وأعط سواء، وإذا حضرت الصلوة فدع ما بيدك وانهض إلى الصلوة، أما علمت ان أصحاب الكهف كانوا صيارفة يعنى صيارفة الكلام، ولم يعن صيارفة الدراهم(٢) .

__________________

(١) تفرث: تفرق.

(٢) أقول: الصرف هو بيع النقود كبيع الذهب بالفضة أو الدينار بالدرهم وصيارفة جمع الصير في وهو النقاد والهاء للنسبة، ثمّ إنَّ المشهور كراهية بيع الصرف لأنه يفضي إلى المحرم أو المكروه غالبا، ولعل هذا الخبر إنّما ورد ردا على من برى إباحته متمسكا بعمل أصحاب الكهف.

وقال المجلسي (ره) بعد نقل هذا الخبر: لعله عليه‌السلام إنّما ذكر ذلك إلزاما عليهم حيث ظنوا انهم كانوا صيارفة الدراهم «انتهى» قد رواه الصدوق (ره) في الفقيه وليس فيما رواه قوله: «يعنى صيارفة كلام اه» كما ان الظاهر أنّهمن كلام الراوي أو الكليني (ره) نعم ورد في بعضها التصريح بأنهم صيارفة الكلام كما في حديث العيّاشي ثم قال الصدوق (ره) بعد نقل الحديث: يعنى صيارفة الكلام ولم يعن صيارفة الدراهم «انتهى» وذكر المجلسي (ره) في وجه حمل الصدوق (ره) الخبر على هذا المعنى وجوها يطول المقام بذكرها، وعلى الطالب أن يراجع البحار.

وعن بعض شراح الحديث: أنّ المعنى كأنَّ الامام عليه‌السلام قال لسدير: مالك ولقول*

٢٤٥

٢٧ ـ في تفسير العيّاشي عن درست عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه ذكر أصحاب الكهف فقال: كانوا صيارفة كلام، ولم يكونوا صيارفة دراهم.

٢٨ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن إسمعيل القرشي عمن حدثه عن إسمعيل بن أعبل عن أبيه عن أبي رافع عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل قال فيه بعد ان ذكر عيسى، ثم يحيى بن زكريا، ثم العزيز ثم دانيال، ثم مكيخا ابن دانيالعليهم‌السلام وملوك زمانهم، فعند ذلك ملك سابور بن هرمز اثنين وسبعين سنة، وهو أول من عقد التاج ولبسه، وولى أمر اللهعزوجل يومئذ وهو الشواء بن مكيخا، وملك بعد أردشير أخو شابور سنتين، وفي زمانه بعث الله الفتية أصحاب الكهف والرقيم، وولى أمر الله في الأرض يومئذ دستجا بن لشوا بن مكيخا.

٢٩ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقوله:عزوجل :( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً ) يقول: قد اتيناك من الآيات ما هو أعجب منه، وهم فتية كانوا في الفترة بين عيسى بن مريمعليهما‌السلام ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، واما الرقيم فهما لوحان من نحاس مرقوم مكتوب فيهما أمر الفتية وأمر إسلامهم، وما أراد منهم دقيانوس الملك، وكيف كان أمرهم وحالهم وقال عليّ بن إبراهيم فحدثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان سبب نزول سورة الكهف ان قريشا بعثوا ثلثة نفر إلى نجران: النضر بن الحارث بن كلدة، وعقبة بن أبي معيط، والعاص بن وائل السهمي، ليتعلموا من اليهود والنصارى مسائل يسألونها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فخرجوا إلى نجران إلى علماء اليهود، فسألوهم فقالوا: اسألوه عن ثلثة مسائل، فان أجابكم فيها

__________________

* الحسن البصري؟ أما علمت ان أصحاب الكهف كانوا صيارفة الكلام ونقدة الأقاويل، فانتقدوا ما قرع أسماعهم فاتبعوا الحق ورفضوا الباطل ولم يسمعوا أمانى أهل الضلال وأكاذيب رهط النفاهة، فأنت أيضا كن صيرفيا لما يبلغك من الأقاويل فانتقده آخذا بالحق رافضا للباطل وليس المراد انهم كانوا صيارفة الدراهم كما هو المتبادر إلى بعض الأوهام، لأنهم كانوا فتية من أشراف الروم مع عظم شأنهم وكبر خطرهم.

٢٤٦

على ما عندنا فهو صادق، ثم سلوه عن مسئلة واحدة، فان ادعى علمها فهو كاذب قالوا: وما هذه المسائل؟ قالوا: اسألوه عن فتية كانوا في الزمن الأول فخرجوا وغابوا وناموا كم بقوا في نومهم؟ حتّى انتبهوا، وكم كان عددهم، وأى شيء كان معهم من غيرهم وما كان قصتهم؟ واسئلوه عن موسىعليه‌السلام حين أمره اللهعزوجل أن يتبع العالم ويتعلم منه من هو، وكيف تبعه وما كان قصته معه؟ واسئلوه عن طائف طاف مغرب الشمس ومطلعها حتّى بلغ سد يأجوج ومأجوج من هو؟ وكيف كان قصته؟ ثم أملوا عليهم أخبار هذه الثلث المسائل، وقالوا لهم: إنْ أجابكم بما قد أملينا عليكم فهو صادق، وان أخبركم بخلاف ذلك فلا تصدقوه، قالوا: فما المسئلة الرابعة؟ قالوا: سلوه متى تقوم الساعة؟ فان ادعى علمها فهو كاذب، فان قيام الساعة لا يعلمها إلّا الله تبارك وتعالى. فرجعوا إلى مكة واجتمعوا إلى أبي طالب رضى الله عنه فقالوا: يا أبا طالب ان ابن أخيك يزعم ان خبر السماء يأتيه ونحن نسأله عن مسائل فان أجابنا عنها علمنا أنّه صادق وان لم يخبرنا علمنا أنّه كاذب، فقال أبو طالب: سلوه عما بدا لكم، فسألوه عن الثلث المسائل، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : غدا أخبركم ولم يستثن، فاحتبس الوحي عليه أربعين يوما، حتّى اغتم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وشك أصحابه الذين كانوا آمنوا به، وفرحت قريش واستهزؤا وآذوا وحزن أبو طالب، فلما كان بعد أربعين يوما نزل عليه سورة الكهف فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا جبرئيل لقد أبطأت! فقال: انا لا نقدر ان ننزل إلّا بإذن الله تعالى، فأنزل اللهعزوجل : «أم حبست» يا محمّد( أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً ) ثم قصَّ قصتهم فقال:( إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إلى الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً ) .

فقال الصادقعليه‌السلام :( أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا ) في زمن ملك جبار عات وكان يدعو أهل مملكته إلى عبادة الأصنام فمن لم يجبه قتله، وكانوا هؤلاء قوما مؤمنين يعبدون اللهعزوجل ، ووكل الملك بباب المدينة وكلاء ولم يدع أحدا يخرج حتى

٢٤٧

يسجد للأصنام، فخر جوا هؤلاء بعلة الصيد وذلك انهم مروا براع في طريقهم فدعوه إلى أمرهم فلم يجبهم وكان مع الراعي كلب، فأجابهم الكلب وخرج معهم، فقال الصادقعليه‌السلام : لا يدخل الجنة من البهائم إلّا ثلثة حمار بلعم بن باعور، وذئب يوسفعليه‌السلام وكلب أصحاب الكهف.

فخرج أصحاب الكهف من المدينة بعلة الصيد هربا من دين ذلك الملك، فلما أمسوا دخلوا إلى ذلك الكهف، والكلب معهم، فألقى اللهعزوجل عليهم النعاس، كما قال الله تبارك وتعالى:( فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً ) فناموا حتّى أهلك اللهعزوجل الملك وأهل مملكته وذهب ذلك الزمان، وجاء زمان آخر وقوم آخرون ثم انتبهوا، فقال بعضهم لبعض: كم نمنا هاهنا فنظروا إلى الشمس قد ارتفعت فقالوا: نمنا يوما أو بعض يوم، ثم قالوا لواحد منهم: خذ هذه الورق وادخل في المدينة متنكرا لا يعرفوك، فاشتر لنا فإنهم ان علموا بنا وعرفونا قتلونا أو ردونا في دينهم، فجاء ذلك الرجل فرأى المدينة بخلاف الذي عهدها، وراى قوما بخلاف أولئك لم يعرفهم ولم يعرفوا لغته، ولم يعرف لغتهم، فقالوا له: من أنت ومن اين جئت فأخبرهم فخرج ملك تلك المدينة مع أصحابه والرجل معهم حتّى وقفوا على باب الكهف، فأقبلوا يتطلعون فيه فقال بعضهم: هؤلاء ثلثة ورابعهم كلبهم، وقال بعضهم: هم خمسة وسادسهم كلبهم، وقال بعضهم: هم سبعة وثامنهم كلبهم وحجبهم اللهعزوجل بحجاب من الرعب فلم يكن أحد يقدم بالدخول عليهم غير صاحبهم، فانه لما دخل عليهم وجدهم خائفين أن يكون أصحاب دقيانوس شعروا بهم، فأخبرهم صاحبهم انهم كانوا نائمين هذا الزمن الطويل، وأنهم آية للناس، فبكوا وسئلوا الله تعالى ان يعيدهم إلى مضاجعهم نائمين كما كانوا، ثم قال الملك: ينبغي ان يبنى هاهنا مسجد ونزوره فان هؤلاء قوم مؤمنون، فلهم في كل سنة نقلة نقلتان ينامون ستة أشهر على جنوبهم الأيمن وستة أشهر على جنوبهم الأيسر، والكلب معهم قد بسط ذراعيه بفناء الكهف(١) .

__________________

(١) «في كتاب سعد السعود لابن طاوس (ره) نقلا عن تفسير أبي إسحق إبراهيم بن محمّد*

٢٤٨

٣٠ ـ في مجمع البيان وقيل: أصحاب الرقيم هم النفر الثلاثة الذين دخلوا في غار، فانسد عليهم فقالوا: ليدع الله تعالى كل واحد منا بعمله حتّى يفرج الله عنا ففعلوا فنجاهم الله رواه النعمان بن بشير مرفوعا.

٣١ ـ في محاسن البرقي عنه عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن المفضل بن صالح عن جابر الجعفي يرفعه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : خرج ثلثة نفر يسيحون في الأرض، فبينما هم يعبدون الله في كهف في قلة جبل حتّى بدت صخرة من أعلى الجبل حتّى التقمت باب الكهف، فقال بعضهم لبعض: عباد الله والله ما ينجيكم مما وقعتم إلّا أن تصدقوا الله، فهلم ما عملتم لله خالصا، فانما أسلمتم بالذنوب، فقال أحدهم: أللهمّ ان كنت تعلم أنّي طلبت امرأة لحسنها وجمالها فأعطيت فيها ما لا ضخما، حتّى إذا قدرت عليها وجلست منها مجلس الرجل من المرأة وذكرت النار، فقمت عنها فرقا منك، أللهمّ فارفع عنا هذه الصخرة، فانصدعت حتّى نظروا إلى الصدع ثم قال الآخر: أللهمّ ان كنت تعلم أنّي استأجرت قوما يحرثون كل رجل منهم بنصف درهم، فلما فرغوا أعطيتهم أجورهم، فقال أحدهم: قد علمت عمل اثنين والله لا آخذ إلّا درهما واحدا وترك ماله عندي فبذرت بذلك النصف الدرهم في الأرض فأخرج الله من ذلك رزقا، وجاء صاحب النصف

__________________

* القزويني باسناده إلى انس بن مالك قال: أهدى لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بساط من قرية يقال لها بهندف، فقعد عليه على وأبو بكر وعمر وعثمان والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليٍّ: يا عليُّ قل يا ريح احمل بنا، فقال عليٌّ: يا ريح احمل بنا فحمل بهم حتّى أتوا أصحاب الكهف، فسلّم أبو بكر وعمر فلم يردواعليهم‌السلام ، ثم قال عليٌّعليه‌السلام فسلم فردواعليه‌السلام ، فقال أبو بكر: يا عليُّ ما بالهم ردوا عليك ولم يردوا علينا ،؟ فقال لهم عليٌّعليه‌السلام فقالوا: انا لا نرد بعد الموت إلّا على نبي أو وصيّ نبي ثم قال عليٌّ: يا ريح حملينا لملتنا، ثم قال: يا ريح ضعينا فوضعنا، فركز برجله الأرض فتوضأ عليٌّ وتوضأنا ثم قال: يا ريح احملينا فحملتنا، فوافينا المدينة والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في صلوة الغداة وهو يقرأ:( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً ) فلما قضى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الصلوة قال: يا عليُّ أخبرونى عن مسيركم أم تحبون أن أخبركم؟ قالوا: بل تخبرنا يا رسول الله قال انس بن مالك: فقص القصة كأن معنا. منه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)

٢٤٩

الدرهم فأراده فدفعت إليه ثمن عشرة آلاف، فان كنت تعلم إنّما فعلته مخافة منك فارفع عنا هذه الصخرة، قال: فانفرجت منهم حتّى نظر بعضهم إلى بعض، ثمّ إنَّ الآخر قال: أللهمّ ان كنت تعلم ان أبي وأمّي كانا نائمين فأتيتهما بقعب من لبن(١) فخفت ان أضعه أن تمج فيه هامة، وكرهت أن أوقظهما من نومهما، فيشق ذلك عليهما فلم أزل كذلك حتّى استيقظا وشربا، أللهمّ فان كنت تعلم أنّي فعلت ذلك ابتغاء وجهك فارفع عنا هذه الصخرة، فانفرج لهم حتّى سهل لهم طريقهم، ثم قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : من صدق الله نجا.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه قولهعزوجل :( فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً ) قد سبق له بيان في حديث علي بن إبراهيم.

٣٢ ـ في كتاب طب الأئمة عوذة للصبي إذا كثر بكائه ولمن يفزع بالليل، وللمرأة إذا سهرت من وجع( فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً ) حدّثنا أبو المغر الواسطي قال: حدّثنا محمد بن سليمان عن مروان بن الجهم عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام مأثورة عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّه قال ذلك.

٣٣ ـ في أصول الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن يزيد قال: حدّثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وذكر حديثا طويلا وفيه بعد أنْ قالعليه‌السلام : إنّ الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها، وفرقه فيها وبين ذلك، قلت: قد فهمت نقصان الايمان وتمامه فمن أين جاءت زيادته؟ فقال: قول اللهعزوجل :( وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إلى رِجْسِهِمْ ) وقال:( نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً ) ولو كان كله واحدا لا زيادة فيه ولا نقصان، لم يكن لأحد منهم فضل على الآخر، ولاستوت النعم، ولا استوى الناس وبطل التفضيل، ولكن بتمام

__________________

(١) القعب: القدح الضخم الغليظ.

٢٥٠

الايمان دخل المؤمنون الجنة، وبالزيادة في الايمان تفاضل المؤمنون بالدرجات عند الله وبالنقصان دخل المفرطون النار.

٣٤ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قولهعزوجل :( لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً ) يعنى جورا على الله تعالى ان قلنا ان له شريكا.

٣٥ ـ في كتاب التوحيد حدّثنا علي بن عبد الله الوراق ومحمد بن عليّ السناني وعلى بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضى الله عنه قالوا حدّثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدّثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال: حدّثنا تميم بن بهلول عن أبيه عن جعفر بن سليمان النضري عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال: سألت أبا عبد الله جعفر بن محمدعليهم‌السلام عن قول اللهعزوجل :( مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً ) فقال: إنّ الله تبارك وتعالى يضل الظالمين يوم القيمة عن دار كرامته، ويهدى أهل الإيمان والعمل الصالح إلى جنته كما قال اللهعزوجل :( وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ ) وقال اللهعزوجل :( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ) .

قال مؤلف هذا الكتاب قولهعزوجل :( وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ ) وقولهعزوجل :( وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ ) قد سبق لهما بيان في حديث على ابن إبراهيم.

٣٦ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام أنّه قال: لا يدخل الجنة من البهائم إلّا ثلثة: حمارة بلعم، وكلب أصحاب الكهف والذئب، وكان سبب الذئب أنّه بعث ملك ظالم رجلا شرطيا ليحشر قوما من المؤمنين ويعذبهم، وكان للشرطي ابن يحبه، فجاء ذئب فأكل ابنه فحزن الشرطي عليه، فأدخل الله ذلك الذئب الجنة لما احزن الشرطي.

٣٧ ـ في تفسير العيّاشي عن محمد بن سنان البطيخي(١)

__________________

(١) وفي المصدر «عن محمد بن سنان عن البطيخي».

٢٥١

عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً ) قال: إنّ ذلك لم يعن به النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إنّما عنى به المؤمنون بعضهم لبعض لكنه حالهم التي هم عليها.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: قولهعزوجل :( قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إلى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكى طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً ) قد سبق له بيان في حديث علي بن إبراهيم.

٣٨ ـ في محاسن البرقي عن إبراهيم بن عقبة عن محمد بن ميسر عن أبيه عن أبي جعفر أو عن أبي عبد اللهعليهما‌السلام في قول الله:( فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكى طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ ) قال: أزكى طعاما التمر.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: قولهعزوجل :( إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ ) قد سبق له بيان في حديث علي بن إبراهيم.

٣٩ ـ في كتاب الاحتجاج الطبرسي (ره) عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : وقد رجع إلى الدنيا ممن مات خلق كثير، منهم أصحاب الكهف أماتهم الله ثلاثمائة عام، ثم بعثهم في زمان قوم أنكروا البعث ليقطع حجتهم، وليريهم قدرته وليعلموا أنَّ البعث حقّ.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه:( لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً سَيَقُولُونَ ) ثلثة رابعهم كلبهم إلى قولهعزوجل : وثامنهم كلبهم قد سبق له بيان في حديث علي بن إبراهيم.

٤٠ ـ في روضة الواعظين للمفيدرحمه‌الله قال الصادقعليه‌السلام : يخرج مع القائمعليه‌السلام من ظهر الكعبة سبعة وعشرون رجلا، خمسة عشر من قوم موسىعليه‌السلام ، الذين كانوا يهدون بالحق وبه يعدلون، وسبعة من أهل الكهف، ويوشع بن نون وأبا دجانة الأنصاري، ومقداد ومالك الأشتر، فيكونون بين يديه أنصارا وحكاما. قال عز من قائل: فلا تمار فيهم الأمراء ظاهرا.

٤١ ـ في أصول الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة

٢٥٢

ابن صدقة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : إياكم والمراء والخصومة فإنهما يمرضان القلوب على الاخوان وينبت عليهما النفاق.

٤٢ ـ وباسناده قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلاث من لقى اللهعزوجل بهن دخل الجنة من أي باب شاء: من حسن خلقه وخشي الله في المغيب والمحضر، وترك المراء وان كان محقا.

٤٣ ـ وباسناده إلى عمار بن مروان قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : لا تمارين حليما ولا سفيها، فان الحليم يغلبك(١) والسفيه يؤذيك.

٤٤ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى إسمعيل بن أبي زياد عن جعفر بن محمد عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : انا زعيم(٢) ببيت في أعلى الجنة، وبيت في وسط الجنة، وبيت في رياض الجنة لمن ترك المراء وان كان محقا.

٤٥ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من يضمن أربعة بأربعة أبيات في الجنة: من أنفق ولم يخف فقرا، إلى قولهعليه‌السلام : وترك المراء وان كان محقا.

٤٦ ـ عن جعفر بن محمد عن أبيه،عليهما‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أربع خصال تميت القلب: الذنب على الذنب وكثرة منافثة النساء يعنى محادثتهن، ومماراة الأحمق تقول ويقول ولا يرجع إلى خير أبدا، الحديث.

٤٧ ـ في أصول الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن مرازم ابن حكيم قال مر أبو عبد اللهعليه‌السلام بكتاب في حاجة، فكتب ثم عرض عليه ولم يكن فيه استثناء، فقال: كيف رجوتم أنْ يتم هذا وليس فيه استثناء؟ انظروا كل موضع لا يكون فيه استثناء فاستثنوا فيه.

٤٨ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن أبي جميلة عن المفضل بن صالح عن محمد الحلبي وزرارة عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر و

__________________

(١) وفي النسخ «يقليك» ويوافقه المصدر أيضا وهو من القلى بمعنى البغض.

(٢) الزعيم: الكفيل.

٢٥٣

أبي عبد اللهعليهما‌السلام ، في قول اللهعزوجل :( وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ ) قال: إذا حلف الرجل فنسي أنْ يستثني فليستثن.

٤٩ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وعلى بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن ابن محبوب عن أبي جعفر الأحول عن سلام بن المستنير عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَلَقَدْ عَهِدْنا إلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ) قال: فقال: إنّ اللهعزوجل لما قال لآدم: ادخل الجنة قال له: يا آدم لا تقرب هذه الشجرة، قال: وأراه إياها؟ فقال آدم لربه: كيف أقربها وقد نهيتني عنها أنا وزوجتي؟ قال: فقال لهما: لا تقرباها يعنى لا تأكلا منها، فقال آدم وزوجته: نعم يا ربنا لم نقربها ولم نأكل منها ولم يستثنيا في قولهما نعم، فوكلهما الله في ذلك إلى أنفسهما والى ذكرهما، قال: وقد قال اللهعزوجل لنبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الكتاب:( وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ ) أنْ لا أفعله فتسبق مشية الله في أنْ لا افعله، فلا أقدر على أنْ أفعله، فلذلك قال اللهعزوجل :( وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ ) أي استثن مشية الله في فعلك.

٥٠ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن حمزة بن حمران قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ ) قال: ذلك في اليمين، إذا قلت: والله لا أفعل كذا وكذا، فاذا ذكرت انك لم تستثن فقل إنشاء الله.

٥١ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد الأشعرى عن ابن القداح عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : الاستثناء في اليمين متى ما ذكر وان كان بعد أربعين صباحا، ثم تلا هذه الآية:( وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ ) .

٥٢ ـ أحمد بن محمد عن علي بن الحسن عن علي بن أسباط عن الحسن بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ ) فقال: إذا حلفت على يمين ونسيت أنْ تستثنى فاستثن إذا ذكرت.

٥٣ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى حمّاد بن عيسى عن عبد الله بن ميمون عن

٢٥٤

أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: للعبد أنْ يستثني ما بينه وبين أربعين يوما إذا نسي، إنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أتاه أناس من اليهود فسألوه عن أشياء، فقال لهم: تعالوا غدا أحدثكم ولم يستثن فاحتبس جبرئيلعليه‌السلام عنه أربعين يوما ثم أتاه فقال:( وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ ) .

٥٤ ـ في تهذيب الأحكام باسناده إلى علي بن حديد عن مرازم قال: دخل أبو عبد اللهعليه‌السلام يوما إلى منزل معتب وهو يريد العمرة، فتناول لوحا فيه تسمية أرزاق العيال وما يخرج لهم، فاذا فيه لفلان وفلان وفلان وليس فيه استثناء، فقال: من كتب هذا الكتاب ولم يستثن فيه كيف ظن أنّه يتم؟ ثم دعا بالدواة فقال: الحق فيه إنشاء الله، فالحق فيه في كل اسم إنشاء الله.

٥٥ ـ في تفسير العيّاشي عن عبد الله بن ميمون عن أبي عبد اللهعليه‌السلام عن أبيه عن عليّ ابن أبي طالب صلوات الله عليهم قال: إذا حلف الرجل بالله فله ثنيا(١) إلى أربعين يوما، وذلك أنّ قوما من اليهود سئلوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن شيء فقال: ائتوني(٢) غدا ولم يستثن حتّى أخبركم فاحتبس عنه جبرئيلعليه‌السلام أربعين يوما، ثم أتى وقال:( وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ ) .

٥٦ ـ عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام ذكر أنّ آدم لما أسكنه الله الجنة فقال له: يا آدم لا تقرب هذه الشجرة فقال: نعم ولم يستثن فأمر الله نبيه فقال:( وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ ) ولو بعد سنة.

٥٧ ـ وفي رواية عبد الله بن ميمون عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ ) أنْ تقول إلّا من بعد الأربعين فللعبد الاستثناء في اليمين ما بينه وبين أربعين يوما إذا نسي.

٥٨ ـ عن زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام في قول الله:( وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ ) فقال: إذا حلف الرجل فنسي أنْ يستثني فليستثن إذا ذكر.

__________________

(١) الثنيا ـ بالضم مع القصر ـ: الاسم من الاستثناء، وفي المصدر «ثنياها».

(٢) وفي بعض النسخ «ألقونى» مكان «ائتوني».

٢٥٥

٥٩ ـ عن حمزة بن حمران قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله:( وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ ) فقال: أنْ تستثنى ثمّ ذكرت بعد فاستثن حين تذكر.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه وقد سبق لهذه الآية بيان في حديث على ابن إبراهيم.

٦٠ ـ في مجمع البيان وقوله:( وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ ) فيه وجهان أحدهما إنّه كلام متصل بما قبله، ثمّ اختلف في ذلك فقيل: معناه( وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ ) الاستثناء ثم تذكرت فقل إنْ شاء الله، وان كان بعد يوم أو شهر أو سنة عن ابن عباس وقد روى ذلك عن أئمتناعليهم‌السلام، ويمكن أنْ يكون الوجه فيه أنّه إذا استثنى بعد النسيان فانه يحصل ثواب المستثنى من غير أنْ يؤثر الاستثناء بعد انفصال الكلام في الكلام وابطال الحنث وسقوط الكفارة في اليمين، وهو الأشبه بمراد ابن عباس في قوله.

٦١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : وقد رجع إلى الدنيا ممن مات خلق كثير منهم أصحاب الكهف، أماتهم الله ثلاثمائة عام وتسعة، وبعثهم في زمان قوم أنكروا البعث ليقطع حجتهم وليريهم قدرته وليعلموا أنّ البعث حقّ.

٦٢ ـ في مجمع البيان وروى أنّ يهوديا سئل عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام عن مدّة لبثهم فأخبر بما في القرآن، فقال: انا نجد في كتابنا ثلاثماة فقالعليه‌السلام : ذاك بسنى الشمس وهذا بسنى القمر.

٦٣ ـ في كتاب طب الائمة باسناده إلى سالم بن محمد قال: شكوت إلى الصادقعليه‌السلام وجع الساقين، وانه قد أقعدنى عن أمر ربي وأسبابي، فقال: عوذها، قلت: بماذا يا بن رسول الله؟ قال: بهذه الآية سبع مرات فانك تعافى بإذن الله،( وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً ) قال: فعوذتها سبعا كما أمرني، فرفع الوجع عنى رفعا حتّى لم أحس بعد ذلك بشيء منه.

٢٥٦

٦٣ ـ في كتاب الخصال عن محمد بن مسلم رفعه إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: قال عثمان بن عفان: يا رسول الله ما تفسير أبجد؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : تعلموا تفسير ابجد فان فيه الأعاجيب كلها وهل للعالم جهل تفسيره فقال: يا رسول الله ما تفسير أبجد؟ قال: ما الالف فآلاء الله إلى قولهعليه‌السلام : واما كلمن فالكاف كلام الله( لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً ) .

٦٤ ـ عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذررحمه‌الله قال: أوصانى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بسبع أوصاف بحب المساكين والدنو منهم، وأوصاني أنْ أقول الحق وان كان مرا الحديث.

٦٥ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم واما قولهعزوجل ( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا ) فهذه نزلت في سلمان الفارسي رضى الله عنه، كان عليه كساء يكون فيه طعامه وهو دثاره ورداؤه، وكان كساء من صوف، فدخل عيينة بن حصين على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان (ره) عنده فتأذى عيينة بريح كساء سلمان، وقد كان عرق فيه وكان يوما شديد الحر، فعرق في الكساء فقال: يا رسول الله إذا نحن دخلنا عليك فاخرج هذا واصرفه من عندك، فاذا نحن خرجنا فادخل من شئت فأنزل اللهعزوجل :( وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا ) وهو عيينة بن حصين بن حذيفة بن بدر الفزاري.

٦٦ ـ في مجمع البيان عند قوله:( وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ ) إلى قوله: أليس الله بأعلم بالشاكرين عن ابن مسعود حديث طويل وهناك: وقال سلمان وخباب: فينا نزلت هذه الآية، جاء الأقرع بن حابس التميمي وعيينة بن حصين الفزاري وذووهم من المؤلفة، فوجدوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قاعدا مع بلال وصهيب وعثمان وخباب في ناس من ضعفاء المؤمنين، فحقروهم فقالوا: يا رسول الله لو نحيت هؤلاء عنك حتّى نخلو بك؟ إلى قوله: فكنا نقعد معه فاذا أراد أنْ يقوم قام وتركنا فانزل اللهعزوجل :( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ ) الآية قال: فكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقعد معنا ويدنو حتّى كادت ركبتنا تمس ركبته فاذا بلغ الساعة التي يقوم فيها قمنا وتركناه حتّى يقوم.

٢٥٧

٦٧ ـ وفيه هنا نزلت الآية في سلمان وأبي ذر وصهيب وخباب وغيرهم من فقراء أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذلك أنّ المؤلفة قلوبهم جاؤا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : عيينة بن حصين والأقرع بن حابس وذووهم فقالوا: يا رسول الله إنْ جلست في صدر المجلس ونحيت عنا هؤلاء وروائح صنانهم(١) ـ وكانت عليهم جبات الصوف ـ جلسنا نحن إليك وأخذنا عنك فلا يمنعنا من الدخول عليك إلّا هؤلاء، فلما نزلت الآية قام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يلتمسهم، فأصابهم في مؤخر المسجد يذكرون اللهعزوجل فقال: الحمد لله الذي لم يمتني حتّى أمرنى أن أصبر نفسي مع رجال من أمتي، معكم المحيي ومعكم الممات.

٦٨ ـ في تفسير العيّاشي عن زرارة وحمران عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام في قوله:( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ ) قال: إنّما عنى بها الصلوة.

٦٩ ـ عن عاصم الكورى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول في قول الله:( فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ ) قال: وعيد.

٧٠ ـ في أصول الكافي ـ أحمد بن عبد العظيم عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: نزل جبرئيلعليه‌السلام بهذه الآية هكذا:( وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ) ولاية عليّعليه‌السلام ( فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ) آل محمد نارا».

٧١ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : نزلت هذه الآية هكذا:( وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ) يعنى ولاية عليّ( فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ) آل محمّدعليه‌السلام حقهم( ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ ) قال: المهل الذي يبقى في أصل الزيت المغلى،( يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً ) .

٧٢ ـ في تهذيب الأحكام ابن أبي عمير عن بشير عن ابن أبي يعفور قال: كنت

__________________

(١) الصنان: نتن الإبط.

٢٥٨

عند أبي عبد اللهعليه‌السلام إذ دخل عليه رجل من أصحابنا فقال له: أصلحك الله إنّه ربما أصاب الرجل منا الضيق والشدة، فيدعى إلى البناء يبنيه أو النهر يكريه أو المسناة يصلحها(١) فما تقول في ذلك؟ فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : ما أحب أنّي عقدت لهم عقدة، أو وكيت لهم وكاء وان لي ما بين لابتيها(٢) لا ولا مَدّة بقلم، إنّ أعوان الظلمة يوم القيمة في سرادق من نار حتّى يحكم الله بين العباد.

٧٣ ـ محمد بن يعقوب عن الحسين بن الحسن الهاشمي عن صالح بن أبي حماد عن محمد بن خالد عن زياد بن سلمة قال: دخلت على أبي الحسن موسىعليه‌السلام فقال لي: يا زياد انك تعمل عمل السلطان؟ قال: قلت: أجل، قال لي: ولم؟ قلت: أنا رجل لي مروة، وعلى عيال، وليس وراء ظهري شيء، فقال لي: يا زياد لئن أسقط من حالق(٣) فأتقطع قطعة قطعة أحب إليَّ من أنْ أتولى لأحد منهم عملا، وأطأ بساط رجل منهم إلّا لماذا؟ قلت: لا أدرى، قال: إلّا لتفريج كربة عن مؤمن، أو فكّ أسره، أو قضاء دينه، يا زياد إنّ أهون ما يصنع اللهعزوجل بمن تولى لهم عملا أنْ يضرب عليه سرادق من نار إلى أنْ يفرغ اللهعزوجل من حساب الخلايق.

٧٤ ـ في تفسير العيّاشي عن سعد بن طريف عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: الظلم ثلثة: ظلم لا يغفره الله، وظلم يغفره الله، وظلم لا يدعه، فالظلم الذي لا يغفره الله الشرك، واما الظلم الذي يغفره فظلم الرجل نفسه، واما الظلم الذي لا يدعه فالذنب بين العباد.

٧٥ ـ في مجمع البيان «كالمهل» قيل العكر الزيت إذا قرب إليه سقطت فروة رأسه(٤) روى ذلك مرفوعا.

__________________

(١) كرى الأرض: حفرها. والمسناة: العرم وهو ما يبنى في وجه السيل.

(٢) وكى القربة: شدها بالوكاء وهو رباط القربة. واللابة: الحرة وهي ارض ذات حجارة سود كأنها أحرقت بالنار، وقولهعليه‌السلام «لابتيها» أي لابتي المدينة، لأنها ما بين حرتين عظميتين تكتنفانها.

(٣) الحالق: الجبل المنيف العالي، لا يكون إلّا مع عدم نبات كأنه حلق.

(٤) فروة الرأس: جلده.

٢٥٩

٧٦ ـ وفيه عند قوله:( فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ ) وقد روى أنّ الله تعالى يجوعهم حتّى ينسوا عذاب النار من شدة الجوع، فيصرخون إلى مالك، فيحملهم إلى تلك الشجرة وفيهم أبو جهل، فيأكلون منها فتغلى بطونهم، فيسقون شربة من الماء الحار الذي بلغ نهايته في الحرارة فاذا قربوها من وجوههم شوت وجوههم، فذلك قوله: يشوى الوجوه.

٧٧ ـ وروى أبو أمامة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في قوله:( وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ ) قال: يقرب إليه فيتكرهه فاذا ادنى منه شوى وجهه ووقع فروة رأسه، فاذا شرب قطع أمعاءه حتّى يخرج من دبره، يقول اللهعزوجل :( وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ ) ويقول:( وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ) .

٧٨ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن القاسم بن عروة عن عبد الله بن بكير عن زرارة قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ ) قال: تبدل خبزة يأكل الناس منها حتّى يفرغوا من الحساب، فقال له قائل: انهم لفي شغل يومئذ عن الأكل والشرب؟ فقال له: إنّ ابن آدم خلق أجوف لا بد له من طعام وشراب، أهم أشد شغلا أم في النار؟ فقد استغاثوا واللهعزوجل يقول:( وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ ) .

٧٩ ـ في تفسير العيّاشي عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله: «يوم تبدل غير الأرض» قال تبدل خبزة نقية يأكل الناس منها حتّى يفرغ من الحساب، فقال له القائل: انهم يؤمئذ في شغل عن الاكل والشرب؟ فقال له: إنّ ابن آدم خلق أجوف لا بد له من الطعام والشراب أهم أشد شغلا أم هم في النار فقد استغاثوا( وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ ) .

٨٠ ـ عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّهعليهم‌السلام قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام إنّ أهل النار لما غلى الزقوم والضريع في بطونهم كغلي الحميم سألوا الشراب، فأتوا بشراب غسّاق و( صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِ

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

الحضوري، وأمَّا الإضافة بينه وبين الملائكة، فهي إضافة إنباء، وهي درجة نازلة عن العلم، ومن القرائن على تلك المغايرة:

ـ أن الملائكة لو كانت قابلة لتعليم الأسماء لأصبحوا في الشرف سواء مع آدم، ولَمَا كانت لآدم مزية عليهم، فالملائكة لم يستحصلوا على ذلك العلم إلى آخر المطاف، خصوصاً إذا لاحظنا أن الأهلية للخلافة غير منوطة بالأسبقية الزمانية للحصول على العلم، بل الأهلية هي بالعلم، وهي حاصلة لآدم.

ـ فاطلاع الملائكة لم يكن بالعلم اللدني، ولو كان كذلك، لَمَا كانت حاجة لإنباء آدم.

فالخلاصة أن الملائكة بعد إنباء آدم أصبح لديهم علماً حصولياً بتلك المسمَّيات.

* غيب السماوات والأرض: ذكرنا في بحث الأسماء أن الإضافة في غيب السماوات هي إضافة لامية؛ أي غيب للسماوات والأرض، وقد جعل بعض العامة أن المراد بهذا الغيب هو ما كتمته الملائكة، لكنَّه غير تام؛ وذلك لأن قوله تعالى ( وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ) (1) من عطف المغاير زيادة على الجملة السابقة؛ إذ ( مَا تُبْدُونَ ) ليس من الغيب أصلاً، وما كانت تكتمه هو أنها كانت ترى أنه لا يوجد مَن هو أقرب منها إلى اللَّه كما يفهم من مفاضلتها ذواتها على مطلق مَن هو غيرها من المخلوقات، فليس هذا المراد من غيب السماوات والأرض، بل المراد منه أمر ليس بجزء من السماوات والأرض.

ومقابل الإضافة اللامية الإضافةُ التبعيضية، أي خصوص غيب هو جزء من السماوات والأرض، وهو ينطبق على الكونية المستقبلية، لكن المورد ليس من هذه الموارد التي

____________________

(1) البقرة: 133.

٣٢١

تكون الإضافة تبعيضية؛ وذلك لأنه مقام إظهار قدرته تعالى وإحاطته وعجز الملائكة، وتمام العجز أن هذه الأسماء أمور غائبة عن العالم السماوي والأرضي خارج محيط الكون، وممّا يبعد معنى التبعيض وأن الغيب بمعنى المستقبل الذي هو جزء السماوات والأرض، أنه قد عرضهم على الملائكة فهي موجودات بالفعل لا مستقبلية، وهذا ممَّا يعزِّز أيضاً أن المراد غيب فعلي عن السماوات والأرض، فإذن هي موجودات أحياء فعلية خارج إطار السماوات والأرض.

* أية السجود: وفيها موقفان يجب التأمل فيهما؛ أحدهما: أمر اللَّه عزَّ وجل الملائكة بالسجود لآدم، والآخر هو: إباء إبليس واستكباره وكونه من الكافرين.

أمَّا الأمر الأول ، وهو السجود، ففيه عدة نقاط:

ـ أن التساؤل يثار عادة هل أن السجود لغير اللَّه تعالى صحيح أم لا؟ وهذه مسألة كلامية فقهية نتعرض لبعض جوانبها ومن ثم نذكر ما يمكن استيحاؤه من الآية الكريمة.

ذهب بعض الفقهاء إلى أن السجود ذاتيُّه العبادة، فأينما وقع فهو عبادة، فلا يجوز إيقاعه لغير اللَّه تعالى لأنه هو المعبود حقيقة؛ ولذا يذهبون إلى تأويل ما ورد في القرآن الكريم من السجود لغير اللَّه تعالى إلى أنها تحمل على مطلق الخضوع والخشوع، لا أداء تلك الحركة المعينة؛ لأنه من المحال أن يأمر اللَّه تعالى بعبادة مَن ليس أهلاً للعبادة، فهو شرك وقبيح، ويستشهدون بما ورد من الأثر عن النبي‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله : (لو كنت آمراً أحداً بالسجود، لأمرتُ المرأة أن تسجد لزوجها)، وهذا يعني عدم جواز الأمر بالسجود.

والجواب عنه: أن المستدِل يستدل بوجهين؛ أحدهما: أن السجود ذاتيُّه العبادة، والآخر: نهي الشارع عن السجود لغير اللَّه.

أمَّا الأول، فكون السجود - لو كان بمعنى الهيئة الجسمانية المخصوصة - ذاتيُّه

٣٢٢

العبادة أول الكلام، بل إن السجود مُظهِر ومُبرِز للعبادة، وفرق بين الأمرين؛ والشاهد على ذلك: أن تلك الهيئة المعينة قد يوقعها الإنسان و مقصوده الرياضة أو الاستراحة أو أي أمر آخر، وهذا يدل على أن العبادية فيها متقوِّمة بالقصد، لا أن الهيئة متى وقعت كانت عبادة، وعليه نقول: إن تلك الهيئة لو وقعت بقصد الإكرام والاحترام، لا بقصد الخضوع العبادي، فلا تكون عبادة. وقد مورس هذا النوع من التكريم والاحترام في الشعوب القديمة حيث كان يسجد للسلطان والملك كما في عهد النبي يوسف عليه‌السلام ولم يكن في البين عبودية، وهذا يدلِّل على أن تلك الهيئة ليست ماهيتها التكوينية العبادة. مضافاً إلى أن أصحاب هذا الرأي لا يعتبرون الركوع عبادة مطلقاً، ويجوّزون وقوعه لغير اللَّه إذا كان القصد منه الاحترام والتكريم.

وبعبارة أدق: أن الخضوع تارة عبودي وأخرى مطلق الاحترام والتكريم والتعظيم، والفارق بينهما أن الخضوع إن كان بقصد أن المخضوع له ذات واجبة الوجود بنفسه خالق متَّصف بجميع الكمالات بالذات، فهو عبادة، وإن كان لا بقصد منتهى الخضوع ولا أن المخضوع له ذات مستقلة الوجود، فلا يكون عبادة، بل إن القبح يزول عن هذه الهيئة عندما يكون الآمر إلى هذا السجود هو اللَّه عزَّ وجل، بل يعد السجود لهذا الشخص هو منتهى الامتثال والخضوع لأوامر اللَّه، بل هو منتهى الفناء والابتعاد عن أنانية الذات. والحق تعالى عندما يأمر بالسجود لا يكون أمراً بمعنى العبادة لغيره؛ إذ أنه مستحيل، بل العبادة للَّه تعالى بتوسط الاحترام والخضوع لخليفته تعالى، وهذا ما توضحه كثير من الأخبار والآثار الواردة في ذيل السجود ليوسف‏ عليه‌السلام وفي آية ( وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ ) (1) ، إذ ليس

____________________

(1) يونس: 87.

٣٢٣

المراد السجود لبيت موسى، بل هو سجود للَّه وإكرام واحترام للشخص.

أمَّا الوجه الثاني، فابتداءً ليتنبَّه إلى أنه غير الوجه الأول إذ أنه يتم، ولو فرض التنزُّل بأن السجود ليس ذاتيُّه العبادة، فهو منهي عنه من قبل الشارع إيقاعه لغير اللَّه؛ وبذلك لا نحتاج إلى تأويل آيات السجود في القرآن، بل بأن السجود بهذا المعنى لم يكن محرَّماً في شريعة يوسف وموسى عليهما‌السلام ، وعلى كل حال نقول: إن السجود بمعنى العبادة لغير اللَّه منهي عنه من قبل الشارع.

أمَّا الآية الكريمة التي نحن بصددها، فإنه - على ما ذكرنا - لا حاجة لتأويل السجود إلى معنى الخضوع والاحترام وما معناه، ولا حاجة إلى القول أن السجود على معناه الحقيقي ولا مانع منه لأنه لم يكن محرماً إلا في شريعة الخاتم، لا حاجة إلى كل هذا، بل نقول: إن السجود لا مانع منه حيث لم يُوقع بقصد العبادة.

مضافاً إلى أنه لو كان منهياً عنه، فيمكن أن يأمر اللَّه تعالى به في هذا الموضع ويكون تخصيصاً للنهي العام عن السجود لغير اللَّه، ولا مانع من تخصيص العام على الوجه الثاني؛ حيث إن السجود كان تكريما لآدم، وقد أشارت الروايات من الفريقين إلى أن إبليس كان ومازال يستطيع التوبة بالسجود لآدم، فلو سجد لتاب اللَّه عليه، وهذا من سعة حلمه تعالى بعباده، إلاّ أن إبليس أخذته العزة بالإثم فأبى عن السجود.

2 - ومن أجل الوصول إلى المعنى المراد من السجود في الآيات الكريمة نستعرض عدداً من النقاط:

أ - نعيد التذكير بأن القرآن كتاب حقائق، فعندما نلاحظ لفظاً كُرِّر عدة مرات، فلا يمكن القول أن التعبير به أمر أدبي، بل يكون إشارة إلى ماهية معينة أراد الحق تعالى إفهامها لخلقه، وهذا هو ما ذكرناه سابقاً في مقدمة البحث.

ب - عبَّر في آية 29 من سورة الحجر ( فَقَعُوا ) ، حيث لم يكتف بذكر مادة

٣٢٤

السجود، بل عبَّر بالوقوع الفوري، وهذا فيه نوع من التشديد والتأكيد لمعنى الخضوع والتعظيم.

جـ - أن حادثة السجود هي الحلقة المتصلة بين هذه السور السبعة، فقد كُرِّرت في كل الآيات بخلاف بقية مقاطع قصة آدم.

د - أن لفظ السجود ومشتقاته تكرَّر كثيراً حتى في السورة الواحدة؛ مثلاً في سورة الحجر كُرِّر 5 مرَّات وفي الأعراف 4 مرَّات وفي الإسراء وص كُرِّر 3 مرَّات،وهذا التكرار لهذه اللفظة لابد له من وجه، لا أنه مجرد التحسين اللفظي والأدبي، بل يدل على محورية هذه الماهية وجعلها فيصلاً بين الطاعة والمعصية.

هـ - في بعض الآيات ورد التأكيد على أن الأمر بالسجود كان لجميع الملائكة ولم يكتف بدلالة الجمع المحلَّى بالـ ( الْمَلآئِكَةُ ) ، بل أردف بالتأكيد بـ ( أَجْمَعُونَ ) و ( كُلُّهُمْ ) للدلالة على الاستغراق.

و - أنه عندما رفض إبليس السجود لآدم عبَّر عن ذلك بـ ( أَبَى وَاسْتَكْبَرَ ) ؛ أي أن منشأ عصيان إبليس هو الإباء والاستكبار، وفي مقابله طاعة الملائكة، وهو الانقياد والمتابعة والخضوع، فمعنى السجود المأمور به، فيه زيادة على معنى الاحترام والتكريم، بل هو إظهار لمطلق الانقياد (غير العبادي) لآدم، و إبليس لم يستكبر عن عبادة اللَّه في الصورة، بل استكبر عن أمر اللَّه بالانقياد لآدم حيث زعم أن آدم أقل مرتبة منه.

ز - أن قوله تعالى في خطابه لإبليس ( مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ) منطوٍ على ظريفة لا تحصل من التعبير بلفظ الملائكة أو الضمير (ما منعك أن تكون معهم)؛ إذ وصفهم بالساجدين لبيان حالة الانقياد، وهو السجود.

حـ - نسبة آدم للَّه جلَّ وعلا ( وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي ) فيها تشريف لأدم وأنَّ سرَّ خلقته وتسويته مباشرة من اللَّه من دون توسيط الملائكة.

٣٢٥

ط - يظهر من بعض الآيات الحاكية لهذه الواقعة أن الأمر بالسجود وقع مباشرة بعد خلقة آدم من دون وجود تراخي ( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) ؛ وهذا يدل على التلازم والفورية وأن لا تمر فترة من بعد الخلقة من دون انقياد الملائكة به.

ي - أن تكرار هذا المقطع بالذات من دون بقية المقاطع فيه دلالة مؤكَّدة على أن ما جرى من الواقعة هو من باب المقدمة لهذا الأمر، وأن كل ما مضى كان إعداداً لها، وبتعبير آخر: أن المحاورة من إخبار الملائكة بالخلق وغيره كله جَرَت تمهيداً وبياناً لمقام هذا المخلوق الجديد حتى لا يكون الأمر بالسجود مفاجئاً للملائكة ولا تنفر منه ذواتهم.

فهذه عشر قرائن وملاحظات عامة على التعابير الواردة في هذا المقطع. أمَّا ما يمكن استظهاره من المعاني في هذا الشأن، فهو:

1 - كما أن إنباء آدم للملائكة تعبير عن الهداية الإرائية وأنه استكمال لهم؛ لولاه لَمَا حصل لهم ذلك العلم، فإن السجود لآدم هو تعبير عن الهداية الإيصالية والمتابعة العملية التي بدونها لا يحصل لهم أيُّ كمال، وهذا الانقياد لم يكن لمجرد مخلوق، بل إنما هو لمقام الخلافة الذي جعله اللَّه تعالى لآدم، فلازم مقام الخلافة عند اللَّه هو متابعة وانقياد الملائكة والجن (بناء على القول المشهور أن إبليس من الجن) وهذا هو مفاد الإمامة؛ وهي المتابعة العملية والعلمية والهداية الإرائية والإيصالية، ويثبت بذلك أن شؤون الإمامة ليست للناس فقط وإنما هي تشمل الملائكة والجن.

2 - أن حدود إمامة آدم لا تقتصر على البشر، بل تشمل الملائكة والجن أيضاً.

3 - أن القرآن الكريم قد أثبت للملائكة وظائف وشؤون متعدِّد؛ منها: الحفظة، إنزال الذكر، قبض الأرواح، نشر الرياح، اللواقح، المقسمات، نصرة الرسل

٣٢٦

وتأييدهم، تسبيح اللَّه...

ونتيجة أن علمهم كان من آدم وأن عليهم متابعة آدم والانقياد له وأنه حاز مقام الخلافة، فهذه كلها تدل على أن لآدم الولاية التكوينية على الملائكة، وتكون شؤون الملائكة كلها تحت يده وفي تصرفه.

4 - أن خلافة آدم ليست خلافة مقيَّدة، بل خلافة مطلقة، ونستطيع أن نطلق عليها أنها: خلافة اسمائية

للَّه عزَّ وجل؛ وذلك لأنه بالعلم بالأسماء الشاعرة الحية العاقلة استحق مقام الخلافة، وأسماء اللَّه لها تأثير في عالم الخلقة؛ حيث إنها حقائق حيَّة واقعية مهيمنة، حيث أن أفعال اللَّه تعرف باسمائه، وهي آثار وتوابع اسمائه، فتكون بذلك كل القدرات الموجودة في عالم التكوين محاطة بها، وهو ذلك المقام.

وبالطبع ليس هذا الثبوت بنحو التفويض العزلي الباطل، بل هو إقدار من اللَّه سبحانه وتعالى في عين ثبوت القدرة المستقلة الأزلية للَّه عزَّ وجل.

الأمر الثاني: إباء إبليس

* إن من المسلَّم به أن إبليس كان في جمع الملائكة عندما خاطبهم اللَّه وأمرهم بالسجود لآدم. أمَّا أن إبليس هل هو من الجن أو الملائكة، فقد كان موضع خلاف وتعبير القرآن أنه من الجن ( كَانَ مِنَ الْجِنِّ ) وهذا وإن كان له تفسيران؛ أنه كان من الملائكة فصار من الجن وأن (كان) هنا بمعنى صار، أو أن يقال: إنه من الجن، وإنما تواجد في جمع الملائكة لأن اللَّه جلَّ وعلا كان يكلِّفه بوظائف الملائكة، وهذا نوع تشريف لإبليس، والروايات الواردة تشير إلى أن لإبليس قبل الامتحان مقاماً رفيعاً؛ ويدل عليه انضمامه في الخطاب الموجَّه للملائكة، كما أن تشريفه بالخطاب الإلهي يدلِّل على أنه كان من الموحِّدين والمؤمنين باللَّه وبعالم الغيب والمعاد ( أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) . وأمَّا إنباء آدم

للملائكة، فقد كان حاضراً بمقتضى تواجده معهم،

٣٢٧

ومقتضى ذلك أن إبليس استحق الكفر لأنه لم يؤمن بالإمامة؛ مقام خلافة اللَّه، وبالتحديد لعدم طاعته للَّه عزَّ وجل في الائتمام والانقياد لمَن جعله اللَّه إماماً، ولم يذكر لإبليس فعلاً وعصياناً آخر استحق به هذا العقاب، وكانت النتيجة أن مصير إبليس هو جهنم وأن كل ما عمله قد ذهب سدى وهباء.

فهذا يثبت أحد معتقدات الإمامية؛ وهي أن النجاة مرهونة بالائتمام بخليفة اللَّه في أرضه، وقد وصف إبليس بالكفر، وهو على درجات، و يراد منه هاهنا: الكفر الاصطلاحي الذي يقابل أصل الإيمان ويستوجب الخلود في النار.

والكفر على قسمين: أحدهما بحسب الواقع دون الظاهر، والآخر بحسب الواقع والظاهر معاً، والظاهري هو ما عليه الكفَّار الآن. وأمَّا الأول، فهو ما نشاهده من المقصِّرين الذين اطلعوا على الأدلة الحقَّة إلاّ أنهم لم يؤمنوا ( قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ) (1) ، فهؤلاء وإن كانوا في الظاهر غير كافرين إلاّ أنهم بحسب الواقع كافرون، ويعاملون في الآخرة على طبق الواقع الحقيقي. وأمّا في هذه النشأة والدار، فيعاملون معاملة ظاهر الإسلام، فالإمامة مرتبة من مراتب التوحيد والإيمان، فهي توحيد في الطاعة كما ذكرنا ذلك مراراً في الفصل الأول، وبالتعبير الوارد في هذه الواقعة رأينا أن الكفر أُطلق في قبال الائتمام كما أطلق في مقابل الإيمان والتوحيد.

* كما أننا نلاحظ أن من أصعب الامتحانات الإلهية في العقيدة هو الإيمان بالإمامة؛ حيث إن هذين الموجودين (الملائكة والجن) لا يظهر منهما أي تمنُّع من الاستجابة لنداء التوحيد والنبوة بخلاف الإمامة - وهو الانقياد المطلق لخليفة اللَّه والخضوع و السجود إليه - حيث تمنَّع إبليس عن ذلك.

____________________

(1) الحجرات: 14.

٣٢٨

وبتعبير آخر: أن أكمل مراتب التوحيد والإيمان هو الإمامة؛ أي أن بها تمام التوحيد، لا بمعنى أنها الأصل والباقي فرع.

ثانياً: الفوائد

بعد هذا الاستعراض للمقاطع الواردة في هذه الآيات الشريفة نستعرض الفوائد التي نقتطفها من هذه الآيات:

الفائدة الأولى: يمكن القول أن هذه الآيات تعتبر من أمهات الآيات الوارد ذكرها في قوله تعالى ( هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ ) ؛ وذلك لأنها تبيِّن ركناً من أركان النجاة الأخروية، وتبين كيفية بدء الخليقة ومقام خليفة اللَّه.

الفائدة الثانية: أن المفاد الإجمالي هو استخلاف اللَّه عزَّ وجلَّ لخليفةٍ أحد مصاديقه آدم، وهذه الخلافة مطلقة غير مقيدة بقيد، وهي خلافة اسمائية كما بيَّـنَّاه.

الفائدة الثالثة: أن هذا المقام الذي يبينه الحق تعالى في هذه الآيات ليس مقام النبوة والرسالة وإن كان يتصادق

معهما، بل ينطبق على مقام الإمامة، وسوف يأتي مزيد بيان لهذه النقطة في شرح الخطبة القاصعة.

الفائدة الرابعة: أن الخلافة ليست محدودة في الأرض وغير مقيدة بهذه النشأة وإن كان المستخلَف ذا بدن وسنخه أرضيا.

الفائدة الخامسة: الذي يظهر من الآيات الكريمة أن آدم كان قد تلقَّى العلم اللَّدُني قبل نزوله الأرض، بل قبل دخوله الجنة، وهذا يدفعنا للقول أن الموجود الإنساني حقيقته ليست جهته البدنية التي يحيا بها على هذه الأرض، بل إن له مدى أعمق من ذلك، وأن وراء تلك الحقيقة البدنية الأرضية حقيقة بعيدة عن عالم البدن؛ هي الروح، تكون - بشهادة قصة آدم - سابقة على الوجود الأرضي؛ مخلوقة قبل خلق البدن، وهذا هو المقدار الذي اتفق عليه كثير من الفلاسفة من لدن أفلاطون وحتى صدر المتألهين وإن اختلفوا بعد ذلك في كيفية

٣٢٩

التقدم وتفسير ذلك التقدم وحدوثه أو قدمه على نظريات مختلفة، لكن القدر المتَّفق عليه بينهم أن خلق الأرواح كان قبل خلق الأبدان بمعنى ما وإن عبّر المشاؤون بأنها حادثة بحدوث البدن.

فهذه الروح أيضاً ذات درجات مختلفة تبعاً لاختلاف درجات العلم كما يظهر من قصة آدم، ووجود هذه الروح يتلاءم مع تفسير العلم أنه من سنخ المجرَّدات.

وأخيراً نود أن يسائل الإنسان نفسه: إذا كان تلك حال آدم وروحه المقدسة ودرجاتها العالية، فكيف يكون الحال مع مَن تكون حقيقته الأسماء التي أشير إليها بلفظ ( هؤلاء ) ؟!

الفائدة السادسة: أثبتنا سابقاً أن مِلاك استخلاف آدم هو العلم اللدني الذي تلقَّاه من الحق تعالى.

الفائدة السابعة: أن متعلق العلم الذي تلقاه آدم حقائق نورية حية عاقلة شاعرة جامعة للعلوم، وهي غيب السماوات والأرض. وما ورد في بعض روايات العامة والخاصة من أن المراد بالأسماء هي مسميات كل الأشياء في عالم الخلقة، فهو لا يتنافى مع ما نذكره؛ وذلك لأن الفرض أن العلم بالمعلومات التي هي جوامع ومحيطة بما تحتها من مصاديق وأنواع وأجناس، فيكون متعلق العلم اللدني جامع كل العلوم وذلك بجنسية اللام.

الفائدة الثامنة: أن هذه الآيات تقودنا إلى ما يثبته الإمامية من أبدية الخليفة على وجه الأرض ودوام وجود الحجة على هذه الأرض إلى أن يرث اللَّه الأرض وما عليها. ويتضح ذلك من خلال تساؤل الملائكة عن الخليفة الأرضي؛ حيث إنها نظرت إلى الصفات السلبية، فأجاب الحق تعالى: أنه يكفي في صحة الاستخلاف وجود إنسان كامل تتمثَّل فيه الحقيقة البشرية، وهو حاصل العلم اللدني، وهو خليفة اللَّه في أرضه. فلو فرضنا انتفاء ذلك الموجود الكامل على وجه الأرض فترة

٣٣٠

وبرهة زمنية ما، لصح اعتراض الملائكة وتساؤلهم وأن ما ذكره اللَّه عزَّ وجلَّ غير متحقِّق - والعياذ باللَّه.

الفائدة التاسعة: ورد في الروايات أن الإمامة سفارة ربانية إلهية كالنبوة وإن لم تكن نبوة، فآدم حلَّ في مقام الخليفة والسفير، وهو الحجة صاحب التعليم وهم ينقادون إليه، فهو ينطبق عليه الحد الماهوي للإمامة؛ بدليل اكتمال الملائكة بالعلم الحصولي الذي حصلوا عليه وأنبأهم به آدم، وبالانقياد إليه وإلاّ لَمَا أمرهم تعالى بذلك، فهو إمام الإنس والجن.

الفائدة العاشرة: أن الخلافة هنا لا تكون بعزل المستخلف عن الأمر، بل هي خلافة مع وجوده تعالى ولا انحسار لقدرته تعالى، بل هو إقدار من جانبه لآدم. والخليفة هنا حاوٍ وجامع لصفات المستخلِف بنحو التنزُّل في عالم الإمكان، لا أن الاستخلاف هو عين تلك الصفات.

الفائدة الحادية عشر: ذكرنا مراراً أن مراتب التوحيد لا تتم إلاّ بالمرتبة الأخيرة؛ وهي: التوحيد في الطاعة، ومن هنا نجد أن الروايات المختلفة لدى العامة والخاصة تشير إلى أن كفر إبليس ليس كفر شرك، فهو لم يعبد غير اللَّه، وإنما كان جحده واستكباره عن توحيد اللَّه في مقام الطاعة، وقد ورد في بعضها أنه طلب من ربه إعفائه من السجود لآدم وسوف يعبده عبادة لا نظير لها، وجاء الجواب من الحق تعالى: (إني أريد أن أطاع من حيث أريد لا من حيث تريد) (1) ، وفي رواية أخرى: (إني أُريد أن اُعبد من حيث أُريد لا من حيث تريد) (2) ، وهذه هي الضابطة المهمة في بحث الإمامة، فالإمامة هي توحيد في عبادة وطاعة الباري من حيث يريد لا من حيث الذوات الأخرى تريد.

____________________

(1) قصص الأنبياء، 7، 43، وبحار الأنوار، ج2، ص262.

(2) تفسير القمي، ج1، ص41، وبحار الأنوار، ج11، ص141.

٣٣١

الفائدة الثانية عشر: أنه ورد في بعض الروايات عن أهل البيت‏ عليهم‌السلام : (الناس عبيد لنا) وهذه ليست عبادة ربوبية، بل هي خضوع وانقياد وعبودية الطاعة ونكران الذات والانقياد المطلق للسفير الإلهي، وهذا التسليم هو الذي نستفيده من الإسجاد الوارد في هذه الآيات.

الفائدة الثالثة عشر: أن قبول الأعمال مرهون بالتولِّي لخليفة اللَّه وسفيره، وهذا نستفيده من الغضب الإلهي الذي حل على إبليس لامتناعه عن السجود كما أن عبادته السابقة ذهبت هباء لا أثر لها؛ لعدم التولي والانقياد لخليفته. وقد أشرنا فيما سبق أن قبول الأعمال مرهون بالموافاة، أي موت المكلف الحي على موافاة التوحيد؛ أي أن لا يكفر، وقد ذكرنا أن التوحيد المقابل للكفر الاصطلاحي أحد أركانه التوحيد في الطاعة؛ أي تولِّي ولي اللَّه. وهذا الأمر الذي دلت عليه هذه الواقعة القرآنية مُدلَّل عليه أيضا في علم الكلام والتفسير.

وبتعبير آخر: أن الثواب على الأعمال هو التكامل، والتكامل هو السير إلى المقامات المعنوية العالية والإمام هو صاحب ذلك المقام الملكوتي الذي يسير بالنفوس في سيرها التكاملي من كمال إلى كمال.

الفائدة الرابعة عشر: أن الآية تثبت الولاية التكوينية؛ وذلك لأن سجود الملائكة لآدم - كما ذكرنا - لم يكن سجوداً عبادياً، بل طاعتيا، وهذا يعني إقداره عليهم، وهذا يعني ولايته على أهل السماوات والأرضين والغيب، ومن ثُم الإشراف على كل عمل يسند إلى الملائكة في الكتاب المجيد.

ويجب الالتفات إلى أن المقصود بالولاية التكوينية هي إقدار من عند الحق تعالى وفي طوله، من دون أن يوجب ذلك حصر قدرته وعزله عن مخلوقاته، ومن دون أن يؤدي إلى التفويض الباطل، ومن دون أن يحيط المخلوق - الذي أقدره تعالى - بقدرة الباري؛ وحيثية الشرك ناشئة من عزله تعالى وحصر قدرته، بل إن

٣٣٢

الاعتقاد باستقلالية الممكن استقلالية تامة هو شرك وندِّيَّة للَّه تعالى. أمَّا الاعتقاد بالطولية وإقدار اللَّه وأن كل عالم الإمكان هو في حضرته تعالى، فهو ليس بشرك، بل تمام التوحيد في الأفعال.

إذن في هذه الآيات بيان لجانب من جوانب الولاية التكوينية وخصوصاً إذا لاحظنا أن السجود قامت به كل الملائكة وليس بعضهم، بخلاف المواقف الأخرى في الآيات الكريمة حيث إنه كان بمحضر بعض الملائكة كما يظهر من بعض الروايات. أمَّا مقام السجود، فإنه كان بحضور جميع الملائكة كما يظهر من (كلهم، أجمعون، اللام في الملائكة)، ويؤيِّده ما ورد في الحديث أن جبرائيل لا يتقدم على رسول اللَّه‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله وفي كثير من المواطن يخاطبه الرسول‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله عن ذلك؛ فيعلله من أن اللَّه أسجدنا نحن أجمعين لآدم. وفي صحيح عبد اللَّه بن سنان عن أبي عبد اللَّه‏ عليه‌السلام قال: (لمَّا مات آدم‏ عليه‌السلام ، ‏فبلغ إلى الصلاة عليه، فقال هبة اللَّه لجبرئيل: تقدَّم يا رسول اللَّه، فصل على نبي اللَّه، فقال جبرئيل: إن اللَّه أمرنا بالسجود لأبيك، فلسنا نتقدَّم على أبرار ولْده، وأنت من أبرِّهم) (1) .

الفائدة الخامسة عشر: يستفاد من جعل الخليفة سابقاً على الخلق أن الحجة قبل الخلق ومع الخلق وبعد الخلق؛ وهو تفسير لِمَا ورد: (لولا الحجة لساخت الأرض).

الفائدة السادسة عشر: إن إمامة آدم وغيره من خلفاء اللَّه وسفراءه مطلقة وعامة للجميع البشر والملائكة والجن، وهذا يستدعي بيان مقدمات:

ـ أشرنا في الفصل الثاني إلى أن الاستخلاف لبني البشر على نحوين؛ أحدهما: استخلاف اصطفاء، وهو مقام خليفة اللَّه والإمامة، والثاني: الاستخلاف العام لنوع

____________________

(1) التهذيب، ج3، ص330، ح 1033.

٣٣٣

بني الشر، وفي هذا النحو اختلفت الآراء في الهدف من هذا الاستخلاف، فذهب جمع من العامة إلى أن الغاية من هذا الاستخلاف هو إعمار الأرض؛ تمسُّكاً بظاهر قوله تعالى: ( هُوَ أَنشَأَكُم مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيَها ) (1) ، ولكن في هذا الرأي مجانبة للحقيقة والواقع؛ وذلك لأن ظاهر كثير من الآيات القرآنية تدل على خلاف ذلك، أو بالأحرى تدل على أن الغاية من الخلقة والاستخلاف في هذه النشأة لا ينحصر بالإعمار، وأوضح تلك الآيات: ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) ؛ حيث فسَّرت العبادة بالمعرفة، فالغاية النهائية من الاستخلاف في هذه النشأة هو معرفة الحق تعالى حقَّ معرفته وإطاعته وعبادته، بل في قوله تعالى: ( إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّماوَاتِ... وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ) إشارة إلى أن الغاية من خلق الإنسان ليس خصوصيته الأرضية، بل هو أمر أعمق غوراً، وآيات تسخير المخلوقات له وأنَّ أكرم الخلق هم بني آدم التي تدل دلالة قاطعة على أنه حُشِد في هذا المخلوق من الإمكانيات والطاقات ما لا يتناسب مع جعل الغاية هو إعمار جزء عالم الإمكان.

ـ وبتعبير فلسفي عرفاني: أن الإنسان هو المظهر الجامع للأسماء الحسنى، فمظاهر كل اسم من أسماء اللَّه الحسنى يمكن أن تتجلَّى وتظهر في الإنسان وفي أفعاله ودرجات وجوده بخلاف بقيَّة الكائنات؛ ولذا يوصف الإنسان بأنه مظهر الاسم الجامع اللَّه وإنْ كان هناك أبرز أفراد البشر؛ وهو النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، في مظهر اسم الجمع (اللَّه)، أمَّا بقية الأفراد، فقد يكونوا مظهراً لبعض الأسماء كالعليم أو غيره...

وعليه فالإنسان أتمُّ مخلوق وأشرف مخلوق وأكرم مخلوق، ومن غير الممكن أن يُخلق كائن بكل تلك الإمكانيات والقدرات من أجل أمر سافل، بل لا

____________________

(1) هود:61.

٣٣٤

بد أن يكون لأجل شي‏ء أعلى وهدف أسمى.

وهذا الأمر العقلي يتناسب مع ما ذكرنا من ظواهر الآيات القرآنية أن هدف الخلقة ليس هو مجرد إعمار الأرض، بل يجب أن يكون أمراً أسمى وأعلى، وأن المطلوب من الإنسان غير الذي هو مطلوب من غيره، وهذا من باب الكشف الإنِّي.

ـ أشرنا أيضاً إلى أن حادثة السجود حضرها جميع الملائكة بدون استثناء، ومع أن الملائكة هي التي تدير الكون بأمر اللَّه تعالى، وأن رُتبتها تفوق كثير من المخلوقات، فهي - مع ذلك - تنقاد لخليفة اللَّه؛ فيظهر من ذلك أن الجن وما دون الجن تنقاد أيضاً لخليفة اللَّه.

الفائدة السابعة عشر: من الأمور التي رُكّز عليها في قصة آدم هو مسألة خلق آدم من الطين، وأن اللَّه عزَّ وجلَّ تعمَّد إخبار الملائكة بذلك قبل أمرهم بالسجود؛ وهذا يدلِّل على أمر مهم، وهو: أن الملائكة مع أنهم معصومون، إلاّ أن تكاملهم ورُقيِّهم يتوقَّف على الامتحان والابتلاء - كما سوف تأتي الإشارة إلى ذلك في الخطبة القاصعة في نهج البلاغة - وذلك بالأمر بالسجود، مع علمهم أنه مخلوق من طين وهو ليس من جنسهم، وهذا فيه تشديد في الابتلاء والامتحان؛ وما ذلك إلاّ لأن الطاعة - حينئذٍ - سوف تكون خالصة للَّه، لا شائبة فيها، فلو كان في خلق آدم مزية على خلق الملائكة، وكان له من النور ما يخطف به الأبصار، لكانت الطاعة مشوبة لا خالصة. وهذا يرشدنا إلى ما يجب أن تكون عليه الواسطة من كونها لمجرد الإرشاد والعلامتية والحرفية للذات المقدسة، وأن لا يرى فيها الإنسان شيئاً سوى حرفيَّتها؛ ولهذا كان التنبيه الدائم على الطبيعة الأرضية لآدم.

فكمال التوحيد وتمامه هو بالائتمام، وبه يتم الخلوص في العبادة، وهذا ليس شرطاً كمالياً للعبادة، بل يكون شرطاً مقوِّماً للتوحيد والعبادة؛ حيث يرى أن كل

٣٣٥

ما سوى اللَّه مخلوقاً للَّه.

وإذا نظر إليها على نحو الاستقلالية، فإنها سوف تكون ربَّاً، وحال الواسطة حال المعنى الحرفي الذي إذا لوحظ في نفسه فلن ينبأ عن معنى في غيره، وإذا لم يلاحظ كذلك، فسوف ينبأ عن معنى في غيره ويؤدي الغرض منه.

ومن هنا يجب أن تكون الطاعة خالصة للَّه عزَّ وجل؛ لا يُرى فيها إلاّ وجه المعبود، خالية من الزوائد والشوائب. وهذا لا يكفي فيه الخطور الذهني فقط، بل يجب أن يرى في نفسه حقيقة العبودية، والخلوص بهذا المعنى نستفيده من هذه الآية، وأن ما جرى لإبليس أنه كان يرى لنفسه استقلالية، فقال: ( لَمْ أَكُن لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ ) ، فهو رأى أن لا يليق بشأنه أن يسجد لآدم، وهذا نحو من رؤية استقلال الذات ونفي للواسطة التي نصبها اللَّه، أي نفي للحاظ الافتقار إلى الباري. ومن هنا يظهر أن الإيمان أحد محاوره هو الإمامة؛ حيث فيها يظهر كيف يقوم الإنسان بإماتة الذات ودحر الأنانية، وأن عدم الاعتقاد بالإمامة هو بداية الشرك.

الفائدة الثامنة عشر: والحديث حول نفس الوسائط حيث يجب أن يؤمن فيها معنى الحرفية، وهذا يعني أنهم لا يشيرون إلى ذواتهم وغرور ذاتهم، بل هم في حالة خضوع وتذلُّل لباريهم، وهذا لا يكون إلاّ بعصمتهم العلمية والعملية؛ وذلك لأنه إذا نصب واسطة غير معصومة، فإنها سوف لا تكون مشيرة إلى الحق تعالى، وسوف تُظهر نفسها ولا تظهر عظمة اللَّه، ولدينا في بعض الروايات: (أن مَن حكم بغير حكم اللَّه فهو طاغوت).

وهنا يجب التدقيق في: ما هو منشأ عدم حكمه بما حكم به اللَّه؟ والجواب: هو غرائزه النفسية؛ فذاته طغت على ما يجب أن تكون عليه الذات الإنسانية من حقيقة العبودية للَّه والحرفية له تعالى، وطاغوت صيغة مبالغة من الطغيان، وقال

٣٣٦

في المفردات: (أنه كل متعدٍّ، وكل معبود ما سوى اللَّه)، أي تعدَّى حدود نفسه ونظر إليها على نحو الاستقلالية. والإيمان بالطاغوت هو الإيمان بذلك الطاغوت، وهي الذوات التي ليس فيها إراءة للَّه عزَّ وجل، إذن العصمة هي التي تؤمِّن لنا أن يكون الواسطة دائماً مظهراً للَّه يطوِّع إرادته لإرادة ربِّه في كل مكان ولا يرى لنفسه شيئاً.

فيجب على العابد:

1 ـ أن لا يلتفت إلى ذاته، وأن يرى نفسه - دائماً - مخلوقا.

2 - أن تكون الوسائط حقَّة؛ من عند اللَّه، لا أن توسُّطها له من عند المخلوق، بل توسطها منتسب إلى اللَّه ولا استقلالية لها في نفسها، وأن الواسطة دائماً في حالة خضوع وتذلل إلى اللَّه ولا تشير إلى نفسها. ومن هنا كان التنصيب للواسطة من عند اللَّه وكانت الواسطة معصومة؛ حتى لا ترى لنفسها مكاناً سوى مكان الطاعة والخضوع للَّه عزَّ وجل، بل يجب أن تكون - في تمام شؤونها - حاكية عن اللَّه؛ قال تعالى: ( مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِن دُونِ اللّهِ ) (1) .

وإذا لم تكن الواسطة آية، فسوف تكون حجاباً ( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللّهِ ) ؛ إذ من الواضح أن المسيحيين لم يؤلِّهوا أحبارهم، وإنما كانوا مستقلين في أحكامهم؛ يحكمون بهواهم ورغباتهم، ولم يستقوها من عند اللَّه.

وفي كلام بعض أهل المعرفة والتحقيق عند شرحه للسفرين الأولين من الأسفار الأربعة قال: وفي هذين السفرين لو بقي من الأنانية شي‏ء يظهر له شيطانه الذي بين جنبيه بالربوبية ويصدر منه (الشطح)، والشطحات كلها من نقصان السالك والسلوك وبقاء الإنِّيَّة والأنانية؛ ولذلك بعقيدة أهل السلوك لا بدَّ للسالك

____________________

(1) آل عمران: 79.

٣٣٧

من معلم يرشده إلى طريق السلوك، عارفاً كيفيَّاته، غير معوج عن طريق الرياضات الشرعية، فإن طرق السلوك الباطن غير محصور، بل هو بعدد أنفاس الخلائق) (1) .

والأئمة عليهم‌السلام ‏في حالة خضوع وخشوع وتضعضع للَّه دائماً، ومَن اقترب منهم فقد اقترب من الحق تعالى لأنهم مرآة له وآيات له.

الفائدة التاسعة عشر: أن إحدى الشؤون النازلة لمقام سفير اللَّه وحجته هي الزعامة السياسية، وأن غصبها منه لا يعني غصب مقام الإمامة، وهي أدنى شؤون الإمامة، وقد أشرنا أن أعلاها هو الخلافة الأسمائية لأسماء اللَّه حيث يبيَّن في الآيات أن استحقاقه لهذا المقام هو بتعلُّمه لهذه الأسماء؛ فأدني الدرجات اعتبارية كما في نصبه في حديث الغدير وأعلاها تكوينية.

الفائدة العشرون: أن الإمامة أمر اعتقادي ومن أصول الدين وليست مسألة فرعية، ويبتني عليه أن البحث فيها يكون ذا ثمرة خطيرة وليس بحثاً متوسط الفائدة، ولا تنحصر الفائدة منه في كونه مصدراً للأحكام فقط، بل المسألة اعتقادية كمسألة النبوة تناط بالتواجد الفعلي، فيجب بحثها حتى مع غيبة المعصوم، كما أنها ليست مسألة فرعية يكون الحكم فيها دائراً مدار وجود الموضوع، ومن الغفلات الشديدة أن يقال: إن البحث في الإمامة لا محل له الآن.

وهذا الأمر نستفيده من مقام الولاية على الملائكة الوارد في الآية، وأن هذا المقام حقيقة تكوينية، ويحاول البعض من العامة الاستفادة من غفلة البعض ليعترض بأن الإمام الثاني عشر غائب فما الفائدة من البحث في إمامته؟ وهذا الأمر يؤثِّر على المبنى المتبع في تنظير الحكم والحكومة في زماننا هذا؛ حيث إنه مع عدم وجود الإمام فقد يقال بالشورى، وهذا كله غفلة عن حقيقة الإمام و مقامه

____________________

(1) الإمام الخميني، مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية، ص88 عند نقله لكلام الشيخ العارف القمشه أي.

٣٣٨

التكويني وأنه يتصرَّف في النفوس لا من باب الجبر، وقد مضى البحث في هذا مفصَّلا.

الفائدة الحادية والعشرون: إثبات المعرفة النورانية وأنهم كانوا أنواراً، لِمَا تقدم من أن اسم الإشارة (هؤلاء) وضمير الجمع (هم) المتكرِّر ثلاث مرات، إنما يستعمل في الحي الشاعر العاقل، وأن تلك المسمَّيات غيب محيط بالسماوات والأرض، وأنه بالعلم بأسمائهم استُحق مقام الخلافة والتفوق على الملائكة، فهذه المسميات موجود نوري؛ أي حي شاعر لطيف منشأ للقدرة والعلم، وكونهم أعلى وأرفع شأنا من آدم فضلاً عن الملائكة. وفي الحديث عن أمير المؤمنين‏ عليه‌السلام : (إنه لا يستكمل أحد الإيمان حتى يعرفني كنه معرفتي بالنورانية، فإذا عرفني بهذه المعرفة، فقد امتحن اللَّه قلبه للإيمان وشرح صدره للإسلام وصار عارفاً مستبصراً،... معرفتي بالنورانية معرفة اللَّه عزَّ وجل، ومعرفة اللَّه عزَّ وجل معرفتي بالنورانية، وهو الدين الخالص الذي قال اللَّه تعالى: ( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) (1) ) والحديث طويل يتناول فيه معرفتهم بالنورانية وشؤون الإمامة ن وهو وإن كان حديثا مرسلاً إلاّ أن مضمونه عالٍ، وهكذا الرواية التي تليها من نفس الباب عن جابر بن يزيد الجعفي عن الإمام السجاد والباقر عليهما‌السلام وهي كالسابقة عالية المضامين ويشير بعض الأعلام في ذيلها (إنما أفردت لهذه الأخبار باباً؛ لعدم صحة أسانيدها، وغرابة مضامينها، فلا نحكم بصحتها ولا ببطلانها ونرد علمها إليهم - ‏عليهم السلام) وهذا عجيب منه‏(قدس سره‏)؛ حيث إن أحاديث النورانية عنهم كثيرة في غير هذا الباب وليس فيها غرابة، انظر: بحار الأنوار/ المجلدات 25 - 24 - 23 يذكر روايات كثيرة في بيان مقام الإمامة التكوينية

____________________

(1) البيِّنة: 5.

٣٣٩

وعلومهم اللَّدُنيَّة، وكذا من طرق العامة التي بمضمون (أول ما خلق اللَّه نور نبيك يا جابر).

وفي حديث طارق بن شهاب عن أمير المؤمنين المروي في البحار / مج25/ ص169: (يا طارق، الأمام كلمة اللَّه و حجة اللَّه ووجه اللَّه ونور اللَّه وحجاب اللَّه و أية اللَّه، يختاره اللَّه ويجعل فيه ما يشاء ويوجب له بذلك الطاعة والولاية على جميع خلقه، فهو وليه في سماواته وأرضه أخذ له بذلك العهد على جميع عباده، فمَن تقدم عليه كفر باللَّه من فوق عرشه) وهذه الموارد كلها قد ذكرناها في النقاط الماضية حيث إنه يكون حرفياً بالنسبة للَّه مشيراً إليه دائماً، وأن إمامته تشمل جميع الخلائق. و لا نريد الاسترسال في البحث الروائي وإنما أوردنا البعض فقط من باب التأييد لِمَا يستفاد من ظهور الآية الكريمة، ومن أراد الاستزادة فعليه بما ورد عن الإمام الرضا في الكافي حيث يزاوج بين مقامات الإمام العالية وشؤونه النازلة.

الفائدة الثانية والعشرون: أن اللَّه عزَّ وجلَّ بيّن موضوعية الواسطة والوسيلة وضرورة الأخذ منها، فلا يقول قائل: ملك مقرَّب أو عبد ممتحن، وإنه يجب أن يكون كل شي‏ء عن طريقه. وفي نفس الوقت نؤكِّد أن تمام وجودها آية والاقتراب من الحق سبحانه هو بالواسطة، ومن دون الواسطة سوف يكون كفراً إبليسياً وحجابا.

الفائدة الثالثة والعشرون: أن الملائكة على عظم مقاماتهم وخلوصهم وصفائهم ونورانيتهم غير مؤهلين لخلافة اللَّه تعالى.

الفائدة الرابعة والعشرون: أن إضافة الرب إلى ضمير الخطاب (ربك)، يفيد أن هذه السنة الإلهية في هذه الأمة أيضا، بل إن صياغة التعبير المكرَّر في السور لهذه الواقعة آب عن الاختصاص بأمة دون أخرى، بل لنوع البشرية، هذا مضافاً إلى ما ذكرناه من أن عموم جواب الملائكة لدفع اعتراضهم يقتضي التأبيد أيضا.

الفائدة الخامسة والعشرون: أن مقتضى الجملة الاسمية واعتماد هيئة الفاعل في

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643