تفسير نور الثقلين الجزء ٣

تفسير نور الثقلين6%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 643

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 643 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 266711 / تحميل: 8766
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

آيته في يده وعصاه، وفي الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم وفلق البحر وغرق اللهعزوجل فرعون وجنوده وعملت البشرية فيه حتّى قال في نفسه ما أرى أنَّ اللهعزوجل خلق خلقا أعلم منى، فأوحى اللهعزوجل إلى جبرئيل يا جبرئيل أدرك عبدي موسى قبل أنْ يهلك، وقل له: أنّ عند ملتقى البحرين رجلا عابدا فاتبعه وتعلّم منه، فهبط جبرئيل على موسى بما أمر الله به ربهعزوجل ، فعلم موسى أنَّ ذلك لما حدثت به نفسه، فمضى هو وفتاه يوشع بن نونعليهما‌السلام ، حتّى انتهيا إلى ملتقى البحرين، فوجدا هنالك الخضرعليه‌السلام يتعبد اللهعزوجل ، كما قال اللهعزوجل في كتابه:( فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً قالَ ) له الخضرعليه‌السلام :( إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً ) لأني وكلت بعلم لا تطيقه، ووكلت بعلم لا أطيقه، قال موسى: بل أستطيع معك صبرا، فقال له الخضر: إنّ القياس لا يحال له في علم الله وأمره( وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً ) قال موسى( سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً ) فلما استثنى المشية قبله( قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حتّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً ) فقال موسى: لك ذلك علىّ( فَانْطَلَقا حتّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها ) الخضرعليه‌السلام فقال له موسىعليه‌السلام :( أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً قالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً ) قال موسى لا( تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً فَانْطَلَقا حتّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ ) الخضرعليه‌السلام فغضب موسى وأخذ بتلبيبه(١) وقال له:( أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً قالَ ) له الخضر: إنّ العقول لا تحكم على أمر الله تعالى ذكره، بل أمر الله يحكم عليها، فسلم لما ترى منى واصبر عليه فقد كنت علمت( إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً فَانْطَلَقا حتّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ ) وهي الناصرة وإليها تنسب النصارى( اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَ ) فوضع الخضرعليه‌السلام يده فأقامه فقال له موسى( لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً ) .

__________________

(١) التبيب: ما في موضع اللبب وهو المنجر من الثوب ويعرف بالطوق.

٢٨١

١٥٥ ـ في مجمع البيان ( فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما ) روى أبي بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: كانوا أهل قرية لئام. وفي الشواذ قراءة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ( يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ ) بضم الياء وقراءة عليّ بن أبي طالب «ينقاص» بالصاد غير معجمة وبالألف.

١٥٦ ـ في تفسير العيّاشي عن ليث بن سليم عن أبي جعفرعليه‌السلام شكى موسى إلى ربه الجوع في ثلثة مواضع( آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً ) «رب لما( أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ) .

١٥٧ ـ في مجمع البيان ( إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ ) الآية وروى أنَّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله تلا هذه الآية فقال: استحيا نبي الله موسى ولو صبر لرأى ألفا من العجائب.

١٥٨ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم متصلا بما نقلنا عنه سابقا من قصة الخضر وموسى ويوشععليهم‌السلام فمروا ثلاثتهم حتّى انتهوا إلى ساحل البحر وقد شحنت سفينة(١) وهي تريد أنْ تعبر، فقال أرباب السفينة: نحمل هؤلاء الثلاثة نفر، فإنهم قوم صالحون فحملوهم، فلما جنحت السفينة في البحر قام الخضرعليه‌السلام إلى جوانب السفينة فكسرها وحشاها بالخرق والطين، فغضب موسىعليه‌السلام غضبا شديدا وقال للخضرعليه‌السلام :( أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً ) فقال له الخضرعليه‌السلام :( أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً ) قال موسى( لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً ) فخرجوا من السفينة فنظر الخضرعليه‌السلام إلى غلام يلعب بين الصبيان حسن الوجه كأنه قطعة قمر وفي أذنيه درتان فتأمله الخضرعليه‌السلام ثم اخذه فقتله فوثب موسى على الخضرعليهما‌السلام وجلد به الأرض «فقال( أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً ) فقال الخضرعليه‌السلام :( أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً ) قال موسى( إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً فَانْطَلَقا حَتَّى ) «قال»( إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها ) وكان وقت العشى والقرية تسمى الناصرة وإليها ينسب النصارى ولم يضيفوا أحدا قط ولم يطعموا غريبا فاستطعموهم فلم يطعموهم، ولم

__________________

(١) شحنت السفينة: ملأها.

٢٨٢

يضيفوهم، فنظر الخضرعليه‌السلام إلى حائط قد زال لينهدم فوضع الخضرعليه‌السلام يده عليه وقال: قم بإذن الله فقام، فقال موسىعليه‌السلام : لم ينبغ أنْ تضم الجدار حتّى يطعمونا ويأوونا، وهو قولهعزوجل :( لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً ) فقال له الخضرعليه‌السلام :( هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً أَمَّا السَّفِينَةُ ) التي فعلت بها ما فعلت فانها كانت لقوم مساكين( يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ ) ، أي وراء السفينة( مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ ) صالحة غصبا هكذا نزلت وإذا كانت السفينة معيوبة لم يأخذ منها شيئا و( أَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ ) وهو طبع كافرا كذا نزلت، فنظرت إلى جبينه وعليه مكتوب طبع كافرا( فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً ) فأبدل اللهعزوجل والديه بنتا ولدت سبعين نبيا، واما الجدار الذي اقمنه( فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ، وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما، وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما ) إلى قوله تعالى:( ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً ) .

١٥٩ ـ حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان ذلك الكنز لوح من ذهب مكتوب: بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلّا الله محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عجبت لمن يعلم أنَّ الموت حقٌّ كيف يفرح وعجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يفرق(١) وعجبت لمن يذكر النار كيف يضحك، وعجبت لمن يرى الدنيا وتصرّف أهلها حالا بعد حال كيف يطمئن إليها.

١٦٠ ـ في كتاب علل الشرائع متصل بآخر ما نقلنا اعنى قوله:( لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً ) قال له الخضر( هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً ) فقال:( أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ ) صالحة غصبا» فأردت بما فعلت أنْ تبقى لهم ولا يغصبهم الملك عليها فنسب الانانية في هذا الفعل إلى نفسه لعلة ذكر التعبيب لأنه(٢) أراد ان

__________________

(١) أي يخاف.

(٢) أي إنّما لم ينسب الفعل إليه تعالى رعاية للأدب، لان نسبة التعبيب إليه تعالى غير*

٢٨٣

يعيبها عند الملك إذا شاهدها فلا يغصب المساكين عليها، وأراد اللهعزوجل صلاحهم بما أمره به من ذلك، ثم قال: و( أَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ ) وطبع كافرا وعلم الله تعالى ذكره أنّه إنْ بقي كفّر أبواه وافتتنا به، وضلا بإضلاله إياهما، فأمرني الله تعالى ذكره بقتله، وأراد بذلك نقلهم إلى محل كرامته في العاقبة، فاشترك بالانانية بقوله:( فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً ) فأراد( أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً ) وانما اشترك في الانانية لأنه خشي والله لا يخشى، لأنه لا يفوته شيء ولا يمتنع عليه أحد أراده. وانما خشي الخضر من أنْ يحال بينه وبين ما أمر فيه فلا يدرك ثواب الإمضاء فيه ووقع في نفسه أنَّ الله تعالى ذكره جعله سببا لرحمة أبوى الغلام، فعمل فيه وسط الأمرين من البشرية مثل ما كان عمل في موسىعليه‌السلام لأنه صار في الوقت مخبرا، وكليم الله موسىعليه‌السلام مخبرا(١) ولم يكن ذلك باستحقاق للخضر للرتبة على موسىعليهما‌السلام وهو أفضل من الخضر، بل كان لاستحقاق موسى للتبيين.

ثم قال: و( أَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما ) ولم يكن ذلك الكنز بذهب ولا فضة، ولكن كان لوحا من ذهب فيه مكتوب: عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح؟ عجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن؟، عجبت لمن أيقن أنْ البعث حقٌّ كيف يظلم؟ عجبت لمن يرى الدنيا وتصرّف أهلها حالا بعد حال كيف يطمئن إليها؟ و( كانَ أَبُوهُما صالِحاً ) كان بينهما وبين هذا الأب الصالح سبعون أبا فحفظهما الله بصلاحه، ثم قال:( فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما ) فتبرء من الأنانية في آخر القصص، ونسب الارادة كلها إلى الله تعالى ذكره في ذلك، لأنه لم يكن بقي شيء مما فعله فيخبر به بعد، ويصير موسىعليه‌السلام به مخبرا ومصغيا إلى كلامه تابعا له، فتجرد من الأنانية، والارادة تجرد العبد المخلص ثم صار متنصلا(٢) مما

__________________

* مناسب، واما ما يناسب أنْ ينسب إليه تعالى فهو ارادة صلاحهم بهذا التعييب.

(١) بكسر الاول وفتح الثاني.

(٢) من تنصل إلى فلان من الجناية إذا اعتذر وتبرء عنده منها.

٢٨٤

أتاه من نسبة الأنانية في أول القصة، ومن ادعاء الاشتراك في ثانى القصة فقال:( رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً ) .

١٦١ ـ في تفسير العيّاشي عن حريز عن أبي عبد اللهعليه‌السلام انه كان يقرء( وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ ) يعنى امامهم( يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ ) صالحة غصبا».

١٦٢ ـ في مجمع البيان وروى أصحابنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام انه كان يقرأ «كل سفينة صالحة غصبا» وروى ذلك أيضا عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: وهي قراءة أمير المؤمنينعليه‌السلام .

١٦٣ ـ في كتاب تلخيص الأقوال في تحقيق أحوال الرجال في ترجمة زرارة ابن أعين روى في الصحيح أنَّ أبا عبد اللهعليه‌السلام أرسل إليه إنّما أعيبك دفاعا منى عنك، فان الناس والعدو يسارعون إلى كل من قربناه وحمدنا مكانه، لادخال الأذى فيمن نحبه ونقربه، ويذمونه لمحبتنا له وقربه ودنوه منا، ويرون إدخال الأذى عليه وقتله، ويحمدون كل من عبناه، فانما أعيبك لأنك رجل اشتهرت بنا وبميلك إلينا، وأنت في ذلك مذموم عند الناس، فيكون ذلك دافع شرهم عنك، لقول اللهعزوجل : «واما( السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً ) هذا الرسل من عند الله صالحة لا والله ما عابها إلّا لكي تسلم من الملك، فإنهم المثل يرحمك الله فانك والله أحب الناس إلى، وأحب أصحاب أبي إلى حيا وميتا، فانك أفضل سفن ذلك البحر القمقام، وان من ورائك لملكا ظلوما غصوبا يرقب عبور كل سفينة صالحة ترد من بحر الهدى ليغصبها وأهلها، فرحمة الله عليك حيا، ورحمته ورضوانه عليك ميتا.

١٦٤ ـ في مجمع البيان وروى عن أبي وابن عباس انهما كانا يقرآن «اما الغلام فكان كافرا وأبواه مؤمنين» وروى ذلك عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

١٦٥ ـ في تفسير العيّاشي عن حريز عمن ذكره عن أحدهما انه قرء «وكان أبواه مؤمنين فطبع كافرا».

٢٨٥

١٦٦ ـ عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنَّ نجدة الحروري كتب إلى ابن عباس يسأله عن سبى الذراري؟ فكتب اليه: اما الذراري فلم يكن رسول الله يقتلهم، وكان الخضر يقتل كافرهم ويترك مؤمنهم، فان كنت تعلم ما يعلم الخضر فاقتلهم.

١٦٧ ـ عن إسحق بن عمار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: بينما العالم يمشى مع موسى إذ هم بغلام يلعب [فاقله](١) قال فوكزه العالم فقتله، قال له موسى( أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً ) قال: فادخل العالم يده فاقتلع كتفه فاذا عليه مكتوب: كافر مطبوع.

١٦٨ ـ عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله: «فخشينا» خشي إنْ أدرك الغلام أنْ يدعو أبويه إلى الكفر فيجيبانه.

١٦٩ ـ عن عبد الله بن خلف رفعه قال: كان في كتف الغلام الذي قتله العالم مكتوب: كافر.

١٧٠ ـ عن عثمان عن رجل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله( فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً ) قال: أبدلوا جارية فولدت غلاما وكان نبيا.

١٧١ ـ عن أبي يحيى الواسطي رفعه إلى أحدهما في قول الله:( وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ ) إلى قوله:( وَأَقْرَبَ رُحْماً ) قال: أبدلهما مكان الابن بنتا، فولدت سبعين نبيا

١٧٢ ـ في من لا يحضره الفقيه وقال: في قول اللهعزوجل :( وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً ) قال: أبدلهما اللهعزوجل مكان الابن ابنة، فولد منها سبعون نبيا.

١٧٣ ـ في مجمع البيان وروى انها الغلام المقتول جارية، فولدت سبعين نبيا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

١٧٤ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عدة من أصحابه

__________________

(١) كذا في النسخ وما بين المعقفتين غير موجود في المصدر والمنقول عنه في البحار.

٢٨٦

عن الحسن بن علي بن يوسف عن الحسن بن سعيد اللخمي قال: ولد لرجل من أصحابنا جارية فدخل على أبي عبد اللهعليه‌السلام فرآه مسخطا، فقال له أبو عبد اللهعليه‌السلام : أرأيت لو أنَّ الله تبارك وتعالى أوحى إليك أنْ اختار لك أو تختار لنفسك ما كنت تقول؟ قال: كنت أقول يا رب تختار لي، قال: فان اللهعزوجل قد اختار لك، ثم قال: إنّ الغلام الذي قتله العالم الذي كان مع موسىعليه‌السلام في قوله اللهعزوجل ( فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً ) أبدلهما الله به جارية ولدت سبعين نبيا.

١٧٥ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أحمد ابن محمد بن أبي نصر عن صفوان الجمال، قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما ) فقال: اما انه ما كان ذهبا ولا فضة، وانما كان أربع كلمات: لا إله إلّا انا، من أيقن بالموت لم تضحك سنه، ومن أيقن بالحساب لم يفرح قلبه، ومن أيقن بالقدر لم يخش إلّا الله.

١٧٦ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن علي بن أسباط قال: سمعت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام يقول: كان في الكنز الذي قال اللهعزوجل :( وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما ) كان فيه بسم الله الرحمن الرحيم عجبت لمن أيقن بالموت كيف يضحك، وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن، وعجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يركن إليها، وينبغي لمن عقل عن الله أنْ لا يتهم الله في قضائه ولا يستبطيه في رزقه، فقلت: جعلت فداك أريد أنْ أكتبه، قال: فضرب والله يده إلى الدواة ليضعها بين يدي، فتناولت يده فقبلتها وأخذت الدواة فكتبته.

١٧٧ ـ في عوالي اللئالى روى الفضل بن أبي قرة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لما أقام العالم الجدار أوحى الله تعالى إلى موسىعليه‌السلام إنّي مجازي الأبناء بسعى الآباء إنْ خيرا فخير وإنْ شرا فشر لا تزنوا فتزني نساؤكم، من وطأ فراش امرء مسلم وطئ فراشه كما تدين تدان.

٢٨٧

١٧٨ ـ في قرب الاسناد للحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سمعت الرضاعليه‌السلام يقول: وكان في الكنز الذي قال: و( كانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما ) لوح من ذهب فيه بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلّا الله، محمد رسول الله، عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح، وعجبا لمن أيقن بالقدر كيف يحزن، وعجبا لمن راى الدنيا وفعلها بأهلها كيف يركن إليها، وينبغي لمن عقل عن الله أنْ لا يهتم الله تبارك وتعالى في قضائه، ولا يستبطيه في رزقه.

١٧٩ ـ في تهذيب الأحكام في دعاء مروي عنهمعليهم‌السلام أللهمّ انك حفظت الغلامين بصلاح أبويهما.

١٨٠ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده إلى جعفر بن حبيب النهدي انه سمع جعفر بن محمد يقول: احفظوا فينا ما حفظ العبد الصالح في اليتيمين، وكان أبو هما صالحا.

١٨١ ـ وباسناده إلى أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: كم من إنسان له حق، لا يعلم به، قلت: وما ذاك أصلحك الله؟ قال: إنّ صاحبي الجدار كان لهما كنز تحته لا يعلمان به، اما انه لم يكن بذهب ولا فضة. قلت: فما كان؟ قال: كان علما، قلت فأيهما أحق به؟ قال: الكبير كذلك نقول نحن.

١٨٢ ـ في كتاب الخصال عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول الله تعالى:( وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما ) قال: والله ما كان من ذهب ولا فضة، وما كان إلّا لوح فيه كلمات أربع، إنّي انا الله لا إله إلّا أنا ومحمّد رسولي، عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح قلبه، وعجبت لمن أيقن بالحساب كيف يضحك سنه، وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف يستبطى الله في رزقه، وعجبت لمن يرى النشأة الاولى كيف ينكر النشأة الآخرة؟

١٨٣ ـ في كتاب معاني الأخبار حدّثنا محمد بن الحسنرحمه‌الله قال: حدّثنا محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد قال: حدّثنا الحسن بن عليّ رفعه إلى عمرو بن جميع رفعه إلى عليٍّعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما ) قال: كان

٢٨٨

ذلك الكنز لوحا من ذهب فيه مكتوب بسم الله لا إله إلّا الله محمد رسول الله، عجبت لمن يعلم أنَّ الموت حق كيف يفرح، عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن، عجبت لمن يذكر النار كيف يضحك، عجبت لمن يرى الدنيا وتصرف أهلها حالا بعد حال كيف يطمئن إليها؟

١٨٤ ـ في مجمع البيان ( وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما ) قيل: كان كنزا من الذهب والفضة ورواه أبو الدرداء عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٨٥ ـ وقيل: كان لوحا من ذهب وفيه مكتوب: عجبا لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن، عجبا لمن أيقن بالرزق كيف يتعب، عجبا لمن أيقن بالموت كيف يفرح، عجبا لمن يؤمن بالحساب كيف يعتل، عجبا لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها؟ لا إله إلّا الله محمد رسول الله، وروى ذلك عن أبي عبد اللهعليه‌السلام، وفي بعض الروايات زيادة ونقصان.

١٨٦ ـ( وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً ) روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام انه كان بينهما وبين ذلك الأب الصالح سبعة آباء.

١٨٧ ـ في تفسير العيّاشي عن محمد بن عمر عن رجل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الله ليحفظ ولد المؤمن إلى ألف سنة، وان الغلامين كان بينهما وبين أبويهما سبعمائة سنة.

١٨٨ ـ عن إسحق بن عمار قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: إنّ الله ليصلح بصلاح الرجل المؤمن ولده وولد ولده، ويحفظه في دويرته ودويرات حوله، فلا يزالون في حفظ الله لكرامته على الله، ثم ذكر الغلامين فقال:( وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً ) ألم تر أنَّ الله شكر صلاح أبويهما لهما.

١٨٩ ـ عن بريد بن رويان قال: قال الحسينعليه‌السلام لنافع بن الأزرق: يا بن الأزرق إنّي أخبرت أنك تكفر أبي وأخى وتكفرني؟ قال له نافع: لئن قلت ذلك لقد كنتم الحكام ومعالم الإسلام، فلما بدلتم استبدلنا بكم، فقال له الحسين: يا بن الأزرق أسئلك عن مسئلة فأجبنى عن قول الله لا إله إلّا هو:( وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ

٢٨٩

يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما ) إلى قوله: «كنزهما» من حفظ فيهما؟ قال: فأيهما أفضل، أبويهما أم رسول الله وفاطمة؟ قال: لا بل رسول الله وفاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: فما حفظهما حتّى خلى بينهما وبين الكفر؟ فنهض ثم نفض ثوبه ثم قال: نبأنا الله عنكم معشر قريش أنتم قوم خصمون، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٩٠ ـ عن زرارة وحمران عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام قالا: يحفظ الله الأطفال باعمال آبائهم، كما حفظ الله الغلامين بصلاح أبيهما.

١٩١ ـ عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن آبائهعليهم‌السلام ، أنَّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إنّ الله ليخلف العبد الصالح من بعد موته في أهله وماله، وإنْ كان أهله أهل السوء ثمّ قرء هذه الآية إلى آخرها:( وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً ) .

١٩٢ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى أبي سعيد عقيصا قال: قلت للحسن ابن عليّ بن أبي طالب، يا بن رسول الله لم داهنت معاوية وصالحته وقد علمت أنَّ الحق لك دونه وان معاوية ضال باغ؟ فقال: يا أبا سعيد ألست حجة الله تعالى ذكره على خلقه وإماما عليهم بعد أبيعليه‌السلام ؟ قلت: بلى، قال: ألست الذي قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لي ولأخي الحسين: إمامان قاما أو قعدا؟ قلت: بلى، قال: انا فاذن امام لو قمت، وانا امام إذا قعدت، يا أبا سعيد علة مصالحتي لمعاوية علة مصالحة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لبني ضمرة وبنى أشجع ولأهل مكة حين انصرف من الحديبية، أولئك كفار بالتنزيل، ومعاوية وأصحابه كفار بالتأويل، يا أبا سعيد إذا كنت إماما من قبل الله تعالى ذكره لم يجب أنْ يسفه رأيى فيما أتيته من مهادنة أو محاربة، وان كان وجه الحكمة فيما أتيته ملتبسا ألآ ترى إلى الخضرعليه‌السلام ، لما أخرق السفينة وقتل الغلام وأقام الجدار سخط موسىعليه‌السلام فعله لاشتباه وجه الحكمة عليه حتّى أخبره فرضي، هكذا انا سخطتم على بجهلكم بوجه الحكمة فيه، ولو لا ما أتيت لما ترك من شيعتنا على وجه الأرض أحد إلّا قتل.

١٩٣ ـ وباسناده إلى عبد الله بن الفضل الهاشمي قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد

٢٩٠

عليهما‌السلام يقول: إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة لا بد منها، يرتاب فيها كل مبطل، فقلت له: ولم جعلت فداك؟ قال: لأمر لم يأذن في كشفه لكم، قلت: فما وجه الحكمة في غيبته؟ قال: وجه الحكمة في غيبات من تقدمه من حجج الله تعالى ذكره، أنَّ وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلّا بعد ظهوره، كما لا ينكشف وجه الحكمة لما أتاه الخضرعليه‌السلام من خرق السفينة وقتل الغلام واقامة الجدار لموسىعليه‌السلام ، إلّا وقت افتراقهما، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٩٤ ـ وباسناده إلى إسحق الليثي عن الباقرعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام أنكر موسى على الخضر واستفضع أفعاله حتّى قال له الخضر: يا موسى ما فعلته عن أمري إنّما فعلته عن أمر اللهعزوجل .

١٩٥ ـ في أصول الكافي محمد بن عيسى عن يونس عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال موسى للخضرعليه‌السلام : قد تحرمت بصحبتك فأوصنى، قال: الزم ما لا يضرك معه شيء كما لا ينفعك مع غيره شيء.

١٩٦ ـ في أمالي الصدوق (ره) باسناده إلى الصادقعليه‌السلام ، قال: إنّ موسى بن عمرانعليه‌السلام ، حين أراد أنْ يفارق الخضرعليه‌السلام قال: أوصني فكان مما أوصاه أنْ قال له إياك واللجاجة، وان تمشي في غير حاجة، أو أنْ تضحك من غير عجب، واذكر خطيئتك وإياك وخطايا الناس.

١٩٧ ـ في كتاب الخصال عن الزهري عن علي بن الحسينعليه‌السلام قال: كان آخر ما أوصى به الخضر، موسى بن عمرانعليهما‌السلام أنْ قال: لا تعير أحدا بذنب، وأنَّ أحبَّ الأمور إلى الله تعالى ثلثة: القصد في الشدة، والعفو في القدرة، والرفق بعباد الله وما رفق أحد بأحد في الدنيا إلّا رفق الله تعالى به يوم القيمة، ورأس الحكمة مخافة الله تبارك الله وتعالى.

١٩٨ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم : حدثني أبي عن يوسف بن أبي حماد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لـمّـا أسري برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى السماء وجد ريحا مثل ريح المسك الأذفر ،

٢٩١

فسأل جبرئيل عنها فأخبره جبرئيلعليه‌السلام انها تخرج من بيت عذب فيه قوم في الله حتّى ماتوا، ثم قال له: إنّ الخضرعليه‌السلام كان من أبناء الملوك فآمن بالله. وتخلى في بيت دار أبيه يعبد اللهعزوجل ولم يكن لأبيه ولد غيره فأشاروا على أبيه أنْ يزوجه، فلعل الله أنْ يرزقه ولدا فيكون الملك فيه وفي عقبه فخطب له امرأة بكرا وأدخلها عليه، فلم يلتفت الخضر إليها فلما كان في اليوم الثاني قال لها: تكتمين على أمرى؟ فقالت: نعم قال لها: إنْ سئلك أبي هل كان منى إليك ما يكون من الرجال إلى النساء فقولي: نعم فقالت: أفعل، فسألها الملك عن ذلك فقالت: نعم وأشار عليه الناس أنْ يأمر النساء أنْ يفتشنها، فأمر وكانت على حالتها فقالوا: أيها الملك زوجت العز من العزة زوجه امرأة ثيبا، فزوجه فلما أدخلت عليه سألها الخضر أن تكتم عليه أمره فقالت: نعم، فلما أنَّ الملك سألها قالت: أيها الملك إنّ ابنك امرأة فهل تلد المرأة من المرأة؟ فغضب عليه وأمر بردم الباب عليه فردم فلما كان يوم الثالث حركته رقة الآباء، فأمر بفتح الباب ففتح فلم يجدوه فيه، وأعطاه اللهعزوجل من القوة أن يتصور كيف يشاء ثمّ كان على مقدّمة ذي القرنين وشرب من الماء الذي من شرب منه وبقي إلى الصيحة.

قال: فخرج من مدينة أبيه رجلان في تجارة في البحر حتّى وقعا إلى جزيرة من جزائر البحر، فوجدا فيها الخضرعليه‌السلام قائما يصلى فلما انفتل دعا هما فسألهما عن خبرهما فأخبراه فقال لهما: هل يكتمان على أمرى انْ أنا رددتكما في يومكما هذا إلى منازلكما؟ فقالا: نعم، فنوى أحدهما أن يكتم أمره ونوى الآخر إنْ رده إلى منازله أخبر أباه بخبره، فدعا الخضر سحابة وقال: احملي هذين إلى منازلهما، فحملتهما السحابة حتّى وضعتهما في بلدهما من يومهما، فكتم أحد هما أمره، وذهب الآخر إلى الملك فأخبره بخبره، فقال له الملك: من يشهد لك بذلك؟ قال: فلان التاجر فدل على صاحبه، فبعث الملك إليه فلما أحضره أنكره وأنكر معرفة صاحبه، فقال له الاول: أيها الملك ابعث معى خيلا إلى هذه الجزيرة واحبس هذا حتّى آتيك بابنك فبعث معه

٢٩٢

خيلا فلم يجده فأطلق عن الرجل الذي كتم عليه، ثمّ إنَّ القوم عملوا بالمعاصي فأهلكهم اللهعزوجل وجعل مدينتهم عاليها سافلها وابتدرت الجارية التي كتمت عليه أمره والرجل الذي كتم عليه كل واحد منهما ناحية من المدينة فلما أصبحا التقيا فأخبر كل واحد منهما صاحبه بخبره، فقالا: ما نجونا إلّا بذلك، فآمنا برب الخضرعليه‌السلام وحسن إيمانهما، وتزوج بها الرجل ووقعا إلى مملكة ملك آخر، ودخلت المرأة إلى بيت الملك وكانت تزين بنت الملك، فبينما هي تمشطها يوما إذ سقط من يدها المشط، فقالت: لا حول ولا قوة إلّا بالله، فقالت لها بنت الملك: ما هذه الكلمة؟ فقالت لها: إنّ لي إلها تجري الأمور كلها بحوله وقوته، فقالت لها بنت الملك: ألك اله غير أبي؟

قالت: نعم وهو إلهك وإله أبيك. فدخلت بنت الملك إلى أبيها فأخبرت أباها بما سمعت من هذه المرئة، فدعاها الملك فسألها عن خبرها فأخبرته، فقال لها: من على دينك؟ قالت: زوجي وولدي فدعاهما الملك فأمرهما بالرجوع عن التوحيد فأبوا عن ذلك، فدعا بمرجل(١) من ماء فاسخنه وألقاهم فيه، فأدخلهم بيتا وهدم عليهم البيت، فقال جبرئيلعليه‌السلام لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فهذه الرائحة التي شممتها من ذلك البيت.

١٩٩ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده إلى موسى بن جعفرعليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه آيات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وفيه: ومن ذلك ان نفرا من اليهود أتوه فقالوا لأبي الحسن جدي: استأذن لنا على ابن عمك نسأله، قال: فدخل على فأعلمه، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : وما يريدون منى؟ فانى عبد من عبيد الله لا أعلم إلّا ما علمني ربي، ثم قال: ائذن لهم فدخلوا، فقال: اسئلونى عما جئتم له أم أنبئكم؟ قالوا: نبئنا، قال: جئتم تسئلونى عن ذي القرنين؟ قالوا: نعم، قال كان غلاما من أهل الروم، ثم ملك وأتى مطلع الشمس ومغربها، ثم بنى السد فيها، قالوا: نشهد ان هذا كذا وكذا.

__________________

(١) المرجل: القدر من الحجارة والنحاس.

٢٩٣

٢٠٠ ـ في أصول الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن بريد بن معاوية عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام قال: قلت: له ما منزلتكم ومن تشبهون ممن مضى؟ قال: صاحب موسى وذو القرنين، كانا عالمين ولم يكونا نبيين.

٢٠١ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار عن الحارث بن مغيرة قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : إنّ عليّاعليه‌السلام كان محدثا، فقلت: فيقول نبي؟ فحرك بيده هكذا ثم قال أو كصاحب سليمان، أو كصاحب موسى، أو كذي القرنين، أو ما بلغكم أنّه قال: وفيكم مثله.

٢٠٢ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ ذي القرنين لم يكن نبيا ولكنه كان عبدا صالحا أحب الله فأحبه، وناصح لله فناصحه، أمر قومه بتقوى الله فضربوه على قرنه، فغاب عنهم زمانا ثم رجع إليهم، فضربوه على قرنه الآخر، وفيكم من هو على سنته.

٢٠٣ ـ وباسناده إلى الأصبغ بن نباته قال: قام ابن الكوا إلى عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام وهو على المنبر فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنى عن ذي القرنين أنبيا كان أو ملكا؟ وأخبرنى عن قرنيه أذهب أو فضة؟ فقالعليه‌السلام : لم يكن نبيا ولا ملكا، ولا قرناه من ذهب ولا فضة، ولكنه كان عبدا أحب الله فأحبه، ونصح لله فنصحه الله، وانما سمى ذا القرنين لأنه دعا قومه فضربوه على قرنه، فغاب عنهم حينا، ثم عاد إليهم فضرب على قرنه الآخر وفيكم مثله.

٢٠٤ ـ وباسناده إلى جابر بن عبد الله الأنصارى قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: إنّ ذا القرنين كان عبدا صالحا جعله اللهعزوجل حجة على عباده، فدعا قومه إلى الله وأمرهم بتقواه، فضربوه على قرنه فغاب عنهم زمانا حتّى قيل مات أو هلك، بأيّ واد سلك، ثمّ ظهر ورجع إلى قومه فضربوه على قرنه الآخر، وفيكم من هو على سنته، وإنّ اللهعزوجل مكن لذي القرنين في الأرض، وجعل له من كل شيء سببا، وبلغ

٢٩٤

المغرب والمشرق، وأنّ اللهعزوجل سيجرى سنته في القائم من ولدي، فيبلغه مشرق الأرض وغربها حتّى لا يبقى منها ولا موضعا منها من سهل أو جبل وطاه ذو القرنين إلّا وطاه ويظهر الله لهعزوجل كنوز الأرض ومعادنها، وينصره بالرعب، ويملأ الأرض به عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما.

٢٠٥ ـ في تفسير العيّاشي عن أبي الطفيل قال: سمعت عليّاعليه‌السلام يقول: إنّ ذا القرنين لم يكن نبيا ولا رسولا كان عبدا أحب الله فأحبه، وناصح الله فنصحه، دعا قومه فضربوه على أحد قرنيه فقتلوه، ثم بعثه الله فضربوه على قرنه الآخر فقتلوه.

٢٠٦ ـ عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ الله لم يبعث أنبياء ملوكا في الأرض إلّا أربعة بعد نوح، أولهم ذو القرنين واسمه عياش، وداود وسليمان ويوسف، فأما عياش فملك ما بين المشرق والمغرب، واما داود فملك ما بين الشامات إلى بلاد إصطخر، وكذلك كان ملك سليمان، واما يوسف فملك مصر وبراريها لم يجاوزها إلى غيرها، وفي كتاب الخصال مثله.

٢٠٧ ـ في كتاب الخصال عن محمد بن خالد باسناده رفعه قال: ملك الأرض كلها أربعة، مؤمنان وكافران، فاما المؤمنان فسليمان بن داود وذو القرنين، واما الكافران نمرود وبخت نصر، واسم ذي القرنين عبد الله بن ضحاك بن معد.

٢٠٨ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده إلى أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر محمد بن عليّعليهما‌السلام قال: أول اثنين تصافحا على وجه الأرض ذو القرنين وإبراهيم الخليلعليه‌السلام استقبله إبراهيم فصافحه.

٢٠٩ ـ في تفسير العيّاشي بعد ان ذكر أبا عبد اللهعليه‌السلام ونقل عنه حديثا طويلا قال: وفي خبر آخر عنه جاء يعقوب إلى نمرود في حاجة، فلما وثب عليه وكان أشبه الناس بإبراهيم، قال له: أنت إبراهيم خليل الرحمن؟ قال: لا.

٢١٠ ـ في عيون الاخبار عن الرضاعليه‌السلام عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لكل امة صديق وفاروق، وصديق هذه

٢٩٥

الامة وفاروقها عليّ بن أبي طالب إنّ عليّا سفينة نجاتها وباب حطّتها، إنّه يوشعها وشمعونها وذو قرنيها.

٢١١ ـ في الخرائج والجرائح قال الحسن العسكري: وسئل عليٌّعليه‌السلام عن ذي القرنين كيف استطاع أن يبلغ المشرق والمغرب؟ فقال: سخر الله السحاب ويسر له الأسباب وبسط له النور وكان الليل والنهار على سواء، وانه رأى في المنام كأنه دنا من الشمس حتّى أخذ بقرنها في شرقها وغربها، فلما قصَّ رؤياه على قومه عرفهم وسموه ذا القرنين فدعاهم إلى الله فأسلموا، ثم أمرهم ان يبنوا له مسجدا فأجابوه اليه، فامر أن يجعلوا طوله اربعمأة ذراع، وعرضه مأتى ذراع وعلوه إلى السماء مأة ذراع، فقالوا: كيف لك بخشبات تبلغ ما بين الحائطين؟ قال: إذا فرغتم من بنيان الحائطين فاكبسوه بالتراب(١) حتّى يستوي مع حيطان المسجد، فاذا فرغتم من ذلك أخذتم من الذهب والفضة على قدره، ثم قطعتموه مثل قلامة الظفر ثم خلطتموه مع ذلك الكبس وعملتم له خشبا من نحاس وصفائح من نحاس تذوبون ذلك، وأنتم متمكنون من العمل كيف شئتم، وأنتم على الأرض مستوية فاذا فرغتم من ذلك دعوتم المساكين لنقل ذلك التراب، فيسارعون فيه لأجل ما فيه من الذهب والفضة فبنوا المسجد واخرج المساكين ذلك التراب وقد استقل السقف واستغنى المساكين فجندهم اربعة أجناد، في كل جند عشرة آلاف، ونشرهم في البلاد.

٢١٢ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سماك بن حرب عن رجل من بنى أسد قال: سأل رجل عليّاعليه‌السلام أرأيت ذا القرنين كيف استطاع ان بلغ الشرق والغرب؟ قال: سخر له السحاب ومد له في الأسباب، وبسط له النور فكان الليل والنهار عليه سواء.

٢١٣ ـ في تفسير العيّاشي عن أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ ذا القرنين خير بين السحاب الصعب والسحاب الذلول فاختار الذلول، فركب الذلول، فكان إذا انتهى إلى قوم كان رسول نفسه إليهم لكي لا يكذب الرسل.

__________________

(١) كبس البئر: طمها بالتراب أي سواها ودفنها.

٢٩٦

٢١٤ ـ عن حارث بن حبيب قال: أتى رجل عليّاعليه‌السلام فقال له: يا أمير المؤمنين أخبرنى عن ذي القرنين، فقال: سخر له الحساب وقربت له الأسباب، وبسط له في النور، فقال له الرجل: كيف بسط له في النور؟ فقال عليعليه‌السلام : كان يضيء بالليل كما يضيء بالنهار(١) ثم قال عليٌّعليه‌السلام للرجل: أزيدك فيه فسكت.

٢١٥ ـ عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: سأل عن ذي القرنين؟ قال: كان عبدا صالحا واسمه عياش، اختاره الله وابتعثه إلى قرن من القرون الاولى في ناحية المغرب وذلك بعد طوفان نوح، فضربوه على قرن رأسه الأيمن فمات منها، ثم أحياه الله بعد مأة عام، ثم بعثه الله إلى قرن من القرون الاولى في ناحية المشرق، فكذبوه وضربوه ضربة على قرن رأسه الأيسر فمات منها، ثم أحياه الله بعد مأة عام وعوضه من الضربتين اللتين على رأسه قرنين في موضع الضربتين، أجوفين وجعل عين ملكه وآية نبوته في قرنيه.

ثم رفعه إلى السماء الدنيا فكشط له(٢) عن الأرض كلها جبالها وسهولها وفجاجها، حتّى أبصر ما بين المشرق والمغرب، وآتاه الله من كل شيء يعرف به الحق والباطل، وأيده في قرنيه بكشف من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق، ثم اهبط إلى الأرض وأوحى اليه: أنْ سر في ناحية غربي الأرض وشرقيها، فقد طويت لك البلاد، وذللت لك العباد فأرهبتهم منك فسار ذو القرنين إلى ناحية المغرب، فكان إذا مر بقرية زأر فيها كما يزأر الأسد المغضب(٣) فينبعث من قرنه ظلمات ورعد وبرق وصواعق تهلك من ناواه وخالفه فلم يبلغ مغرب الشمس حتّى دان له أهل المشرق والمغرب، قال: وذلك قول الله( إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً فَأَتْبَعَ سَبَباً حتّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ )

__________________

(١) في المصدر «يبصر» بدل «يضيء» في الموضعين.

(٢) كشط عن الشيء: كشف عنه.

(٣) زأر الأسد: صات من صدره.

٢٩٧

الى قوله: اما من ظلم ولم يؤمن بربه فسوف يعذبه في الدنيا بعذاب الدنيا( ثُمَّ يُرَدُّ إلى رَبِّهِ ) في مرجعه( فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً ) إلى قوله( وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً ثُمَّ أَتْبَعَ ) ذو القرنين من الشمس «سببا».

ثم قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : إنّ ذا القرنين لما انتهى مع الشمس إلى العين الحامية وجد الشمس تغرب فيها ومعها سبعون ألف ملك يجرونها بسلاسل الحديد والكلاليب يجرونها من قعر البحر في قطر الأرض الأيمن، كما تجري السفينة على ظهر الماء فلما انتهى معها إلى مطلع الشمس سببا( وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ ) إلى قوله «بما لديه خيرا» فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : إنّ ذا القرنين ورد على قوم قد أحرقتهم الشمس وغيرت أجسادهم وألوانهم حتّى صيرتهم كالظلمة ثم اتبع ذو القرنين سببا في ناحية الظلمة( حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ) خلف هذين الجبلين وهم يفسدون في الأرض، إذا كان إبان(١) زروعنا وثمارنا خرجوا علينا من هذين السدين فرعوا من ثمارنا وزروعنا حتّى لا يبقون منها شيئا( فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً ) نؤديه إليك في كل عام( عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ) إلى قوله( زُبَرَ الْحَدِيدِ ) قال: فاحتفر له جبل حديد فقلعوا له أمثال اللبن، فطرح بعضهم على بعض فيما بين الصدفين، وكان ذو القرنين هو أول من بنى ردما على الأرض ثم جعل عليه الحطب وألهب فيه النار، ووضع عليه المنافخ فنفخوا عليه، فلما داب قال: ايتوني بقطر وهو المس الأحمر قال: فاحتفروا له جبلا من مس فطرحوه على الحديد فذاب معه واختلط به، قال:( فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً ) يعنى يأجوج ومأجوج،( قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ) إلى هنا رواية علي بن الحسين ورواية محمد بن نضر.

وزاد جبرئيل بن أحمد في حديثه عن الأصبغ بن نباتة عن عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه( وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ ) يعنى يوم القيمة، وكان ذو القرنين

__________________

(١) أبان الشيء: حينه وأوله.

٢٩٨

عبدا صالحا، كان من الله بمكان نصح الله فنصح له، وأحب الله فأحبه، وكان قد سبب له في البلاد ومكن له فيها حتّى ملك ما بين المشرق والمغرب، وكان له خليل من الملائكة يقال له رقائيل ينزل إليه فيحدثه ويناجيه فبينا هو ذات يوم عنده إذ قال له ذو القرنين: يا رقائيل كيف عبادة أهل السماء وأين هي من عبادة أهل الأرض؟ فقال: اما عبادة أهل السماء ما في السموات موضع قدم إلّا وعليه ملك قائم لا يقعد أبدا أو راكع لا يسجد أبدا، أو ساجد لا يرفع رأسه أبدا، فبكى ذو القرنين بكاء شديدا وقال: يا رقائيل إنّي أحب ان أعيش حتّى أبلغ من عبادة ربي وحق طاعته بما هو أهله فقال له رقائيل: يا ذا القرنين ان لله في الأرض عينا تدعى عين الحيوة، فيها عزيمة من الله انه من يشرب منها لم يمت حتّى يكون هو يسئل الله الموت، فان ظفرت بها تعيش ما شئت قال: وأين ذلك العين وهل تعرفها؟ قال: لا، غير انا نجد في السماء ان لله في الأرض ظلمة لم يطأها انس ولا جان فقال ذو القرنين: واين تلك الظلمة؟ قال رقائيل ما أدري ثم صعد رقائيل فدخل ذا القرنين حزن طويل من قول رقائيل ومما أخبره عن العين والظلمة ولم يخبره بعلم ينتفع به منهما.

فجمع ذو القرنين فقهاء أهل مملكته وعلمائهم وأهل دراسة الكتب وآثار النبوة، فلما اجتمعوا عنده قال ذو القرنين: يا معشر الفقهاء وأهل الكتب وآثار النبوة هل وجدتم فيما قرأتم من كتب الله أو من كتب من كان قبلكم من الملوك ان لله عينا تدعى عين الحيوة، فيها من الله عزيمة انه من يشرب منها لم يمت حتّى يكون هو الذي يسئل الله الموت؟ قالوا: لا يا أيها الملك قال: فهل وجدتم فيما قرأتم من الكتب ان لله في الأرض ظلمة لم يطأها انس ولا جان؟ قالوا: لا أيها الملك فحزن عليه ذو القرنين حزنا شديدا وبكى إذ لم يخبر عن العين والظلمة بما يحب، وكان فيمن حضره غلام من الغلمان من أولاد الأوصياء أوصياء الأنبياء وكان ساكتا لا يتكلم، حتّى إذا أيس ذو القرنين منهم قال له الغلام: أيها الملك انك تسئل هؤلاء عن أمر ليس لهم به علم، وعلم ما تريد عندي، ففرح ذو القرنين فرحا شديدا حتّى نزل عن فراشه وقال له: أدن

٢٩٩

منى، فدنا منه فقال: أخبرنى قال: نعم أيها الملك إنّي وجدت في كتاب آدم الذي كتب يوم سمّي له ما في الأرض من عين أو شجر، فوجدت فيه أنّ لله عينا تدعى عين الحيوة فيها من الله عزيمة أنّه من يشرب منها لم يمت حتّى يكون هو الذي يسئل الله الموت، بظلمة لم يطأها انس ولا جان ففرح ذو القرنين وقال: ادن منى يا أيها الغلام تدري أين موضعها؟ قال: نعم، وجدت في كتاب آدم انها على قرن الشمس يعنى مطلعها.

ففرح ذو القرنين وبعث إلى أهل مملكته فجمع أشرافهم وفقهاءهم وعلماءهم وأهل الحكم منهم، فاجتمع إليه ألف حكيم وعالم وفقيه فلما اجتمعوا إليه تهيأ للسير وتأهب له بأعد العدة وأقوى القوة، فسار بهم يريد مطلع الشمس يخوض البحار ويقطع الجبال والفيافي(١) والأرضين والمفاوز فسار اثنى عشر سنة حتّى انتهى إلى طرف الظلمة، فاذا هي ليست بظلمة الليل ولا دخان ولكنها هواء يفور فسد ما بين الأفقين فنزل بطرفها وعسكر عليها وجمع علماء أهل عسكره وفقهائهم وأهل الفضل منهم، فقال: يا معشر الفقهاء والعلماء أنّي أريد أن أسلك هذه الظلمة فخروا له سجدا وقالوا: يا أيها الملك انك لتطلب امرا ما طلبه ولا سلكه أحد كان قبلك من النبيين والمرسلين، ولا من الملوك؟ قال: إنّه لا بدّ لي من طلبها، قالوا: أيها الملك انا لنعلم انك إذا سلكتها ظفرت بحاجتك منها بغير عنت عليك لأمرنا ولكنا نخاف أن يعلق بك منها أمر يكون فيه هلاك ملكك وزوال سلطانك وفساد من في الأرض، فقال: لا بد من أن أسلكها، فخروا سجدا وقالوا: انا نتبرأ إليك مما يريد ذو القرنين.

فقال ذو القرنين: يا معشر العلماء أخبرونى بأبصر الدواب؟ قالوا: الخيل الإناث البكارة أبصر الدواب، فانتخب من عسكره فأصاب ستة آلاف فرس إناثا أبكارا، وانتخب من أهل العلم والفضل والحكمة ستة آلاف رجل فدفع إلى كل رجل وعقد لأفسحر وهو الخضر على ألف فرس، فجعلهم على مقدمته وأمرهم أن يدخلوا الظلمة، وسار ذو القرنين في أربعة آلاف وأمر أهل عسكره أن يلزموا معسكره اثنى عشر سنة، فان

__________________

(١) خاض الماء: دخله. والفيافي كصحارى لفظا ومعنى.

٣٠٠

رجع هو إليهم إلى ذلك الوقت والا تفرقوا في البلاد ولحقوا ببلادهم أو حيث شاؤا، فقال الخضر: أيها الملك انا نسلك في الظلمة لا يرى بعضنا بعضا كيف نصنع بالضلال إذا أصابنا؟ فأعطاه ذو القرنين خرزة حمراء(١) كأنها مشعل لها ضوء، فقال: خذ هذه الخرزة فاذا أصاب بكم الضلال فارم بها إلى الأرض فانها تصيح، فاذا صاحت رجع أهل الضلال إلى صوتها، فأخذها الخضر ومضى في الظلمة، وكان الخضر يرتحل وينزل ذو القرنين، فبينا الخضر يسير ذات يوم إذ عرض له واد في الظلمة فقال لأصحابه: قفوا هذا الموضع لا يتحركن أحد منكم عن موضعه، ونزل عن فرسه فتناول الخرزة فرمى بها في الوادي فابطأت عنها بالإجابة حتّى ساء ظنه وخاف أن لا يجيبه ثم أجابته، فخرج إلى صوتها فاذا هي العين بقعرها، وإذا ماؤها أشد بياضا من اللبن وأصفى من الياقوت، وأحلى من العسل، فشرب منه ثم خلع ثيابه فاغتسل منها، ثم لبس ثيابه ثم رمى بالخرزة نحو أصحابه فأجابته فخرج إلى أصحابه وركب وأمرهم بالمسير، فساروا.

ومر ذو القرنين بعده فاخطأ الوادي فسلكوا تلك الظلمة بأربعين يوما وأربعين ليلة ثم خرجوا بضوء ليس بضوء نهار ولا شمس ولا قمر ولكنه نور، فخرجوا إلى أرض حمراء رملة خشخاشة فركة(٢) كان حصاها اللؤلؤ فاذا هو بقصر مبني على طوله فرسخ، فجاء ذو القرنين إلى الباب فعسكر عليه ثم توجه بوجهه وحده إلى القصر، فاذا طائر وإذا حديدة طويلة قد وضع طرفاها على جانبي القصر. والطير اسود معلق بأنفه في تلك الحديدة بين السماء والأرض مزموم كأنه الخطاف أو صورة الخطاف أو شبيه بالخطاف أو هو خطاف، فلما سمع خشخشة ذي القرنين قال: من هذا؟ قال: انا ذو القرنين، قال: اما كفاك ما وراك حتّى وصلت إلى حد بابى هذا؟ ففرق ذو القرنين فرقا شديدا(٣) فقال: يا ذا القرنين لا تخف وأخبرنى ،

__________________

(١) الخرزة ـ واحد الخرز محركة ـ: الحب المثقوب من الزجاج ونحوه تنظم منه المسابح والقائد ونحوها. فصوص من حجارةكالماس والياقوت.

(٢) قال في البحار: الخشخشة: صوت السلاح وكل شيء يابس إذا حل بعضه ببعض والدخول في الشيء «انتهى» وقولهعليه‌السلام «فركة» أي كانت لينة بحيث كان يمكن فركها باليد.

(٣) فرق ـ كعلم ـ: فزع.

٣٠١

قال: سل، قال: هل كثر بنيان الآجر والجص؟ قال: نعم، قال: فانتفض الطير وامتلأ حتّى ملأ من الحديدة ثلثها ففرق ذو القرنين فقال: لا تخف وأخبرنى، قال: سل، قال: هل كثرت المعازف؟(١) قال: نعم قال: فانتفض الطير وامتلاء حتّى ملاء من الحديدة ثلثيها، ففرق ذو القرنين، فقال: لا تخف وأخبرنى، قال: سل، قال: هل ارتكب الناس شهادة الزور في الأرض؟ قال: نعم، فانتفض انتفاضة وانتفخ فسد ما بين جداري القصر قال: فامتلأ ذو القرنين فرقا منه فقال له: لا تخف وأخبرنى، قال: سل، قال: هل ترك الناس شهادة ان لا إله إلّا الله؟ قال: لا، فانضم ثلثه، ثم قال: يا ذا القرنين لا تخف وأخبرنى، قال: سل، قال: هل ترك الناس الصلاة المفروضة؟ قال: لا قال: فانضم ثلث آخر ثم قال: يا ذا القرنين لا تخف وأخبرنى، قال: سل، قال: هل ترك الناس الغسل من الجنابة؟ قال: لا، قال: فانضم حتّى عاد إلى حاله الاول.

وإذا هو بدرجة مدرجة إلى أعلى القصر، قال: فقال الطير: يا ذا القرنين اسلك هذه الدرجة فسلكها وهو خائف لا يدرى ما هو عليه حتّى استوى على ظهرها، فاذا هو بسطح ممدود البصر، وإذا رجل شاب ابيض مضيء الوجه عليه ثياب بيض حتّى كأنه رجل أو في صورة رجل أو شبيه بالرجل أو هو رجل، وإذا هو رافع رأسه ينظر إلى السماء ينظر إليها واضع يده على فيه، فلما سمع خشخشة ذي القرنين، قال: من هذا؟ قال: أنا ذو القرنين، قال: يا ذا القرنين أما كفاك ما وراك حتّى وصلت الى؟ قال ذو القرنين: ما لي أراك واضعا يدك على فيك؟ قال: يا ذا القرنين انا صاحب الصور، وان الساعة قد اقتربت وانا انتظر أن أومر بالنفخ فانفخ، ثم ضرب بيده فتناول حجرا فرمى به إلى ذي القرنين كأنه حجر أو شبه حجر أو هو حجر، فقال: يا ذا القرنين خذ هذا، فان جاع جعت وان شبع شبعت فارجع فرجع ذو القرنين بذلك الحجر حتّى خرج به إلى أصحابه فأخبرهم بالطير وما سأله عنه وما قال له، وما كان من أمره، وأخبرهم بصاحب السطح وما قال له وما أعطاه، ثم قال لهم :

__________________

(١) المعازف: الملاهي كالعود والطنبور.

٣٠٢

انه أعطانى هذا الحجر وقال لي: إنْ جاع جعت، وان شبع شبعت ـ وقال: أخبرونى بأمر هذا الحجر فوضع الحجر في احدى الكفتين، ووضع حجرا مثله في الكفة الاخرى ثم رفع الميزان فاذا الحجر الذي جاء به أرجح بمثل الآخر، فوضعوا آخر فمال به حتّى وضعوا ألف حجر كلها مثله، ثم رفعوا الميزان فمال بها ولم يستمل به الألف حجر فقالوا: يا أيها الملك لا علم لنا بهذا.

فقال له الخضر: أيها الملك انك تسئل هؤلاء عما لا علم لهم به، وقد أوتيت علم هذا الحجر، فقال ذو القرنين: فأخبرنا وبينه لنا، فتناول الخضر الميزان فوضع الحجر الذي جاء به ذو القرنين في كفة الميزان، ثم وضع حجرا آخر في كفة اخرى، ثم وضع كف تراب على حجر ذي القرنين يزيده ثقلا، ثم رفع الميزان فاعتدل وعجبوا وخروا سجدا لله وقالوا: أيها الملك هذا امر لم يبلغه علمنا، وانا لنعلم ان الخضر ليس بساحر فكيف هذا وقد وضعنا معه ألف حجر كلها مثله، فمال بها وهذا قد اعتدل به وزاده ترابا؟ قال ذو القرنين: بين يا خضر لنا أمر هذا الحجر، فقال الخضر: أيها الملك ان أمر الله نافذ في عباده، وسلطانه قاهر، وحكمه فاصل، وان الله ابتلى عباده بعضهم ببعض، وابتلى العالم بالعالم، والجاهل بالجاهل، والعالم بالجاهل، والجاهل بالعالم، وانه ابتلاني بك وابتلاك بى، فقال: يرحمك الله يا خضر إنّما تقول: ابتلاني بك حين جعلت أعلم منى، وجعلت تحت يدي، أخبرنى يرحمك الله عن أمر هذا الحجر؟ فقال الخضر: أيها الملك ان هذا الحجر مثل ضربه لك صاحب الصور، يقول: إنّ مثل بنى آدم مثل هذا الحجر الذي وضع ووضع معه ألف حجر فمال بها، ثم إذا وضع عليه التراب شبع وعاد حجرا مثله، فيقول: كذلك مثلك أعطاك الله من الملك ما أعطاك فلم ترض به حتّى طلبت أمرا لم يطلبه أحد كان قبلك(١) ودخلت مدخلا لم يدخله انس ولا جان، يقول: كذلك ابن آدم لا يشبع حتّى يحثى عليه التراب.

قال: فبكى ذو القرنين بكاء شديدا وقال: صدقت يا خضر، ضرب لي هذا

__________________

(١) وفي نسخة كنسخة البحار ـ: «أبدا من كان قبلك اه».

٣٠٣

المثل: لا جرم انّي لا أطلب أثرا في البلاد بعد مسلكي هذا، ثم انصرف راجعا في الظلمة، فبيناهم كذلك يسيرون إذ سمعوا خشخشة تحت سنابك(١) خيلهم فقالوا: أيها الملك ما هذا؟ فقال: خذوا منه، فمن أخذ منه ندم ومن تركه ندم، فأخذ بعض وترك بعض، فلما خرجوا من الظلمة إذا هم بالزبرجد، فندم الآخذ والتارك، ورجع ذو القرنين إلى دومة الجندل(٢) وكان بها منزله فلم يزل بها حتّى قبضه الله.

قال: وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا حدث بهذا الحديث قال: رحم الله أخى ذا القرنين ما كان مخطئا إذ سلك ما سلك وطلب ما طلب، ولو ظفر بوادي الزبرجد في مذهبه لما ترك فيه سنة الزهاد إلّا أخرجه للناس، لأنه كان راغبا ولكنه ظفر به بعد ما رجع فقد زهد.

٢١٦ ـ جبرئيل بن أحمد عن موسى بن جعفر رفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ ذا القرنين عمل صندوقا من قوارير ثم حمل في مسيره ما شاء الله، ثم ركب البحر فلما انتهى إلى موضع منه، قال لأصحابه: دلوني فاذا حركت الحبل فأخرجونى فان لم أحرك الحبل فأرسلونى إلى آخره، فأرسلوا الحبل مسيرة أربعين يوما، فاذا ضارب يضرب خشب الصندوق ويقول: يا ذا القرنين أين تريد؟ قال: أريد ان أنظر إلى ملكوت ربي في البحر كما رأيته في البر، فقال: يا ذا القرنين ان هذا الموضع الذي أنت فيه مر فيه نوح زمان الطوفان، فسقط منه قدوم(٣) فهو يهوى في قعر البحر إلى الساعة لم يبلغ قعره، فلما سمع ذو القرنين ذلك حرك الحبل وخرج.

٢١٧ ـ عن جميل بن دراج عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن الزلزلة؟ فقال: أخبرنى أبي عن أبيه عن آبائه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ ذا القرنين

__________________

(١) السنابك جمع السنبك ـ بالضم ـ طرف الحافر.

(٢) دومة الجندل: موضع على سبع مراحل من دمشق بينها وبين مدينة الرسول (ص) يقرب من تبوك، وهي أحد حدود فدك، قيل: سميت بدوم بن إسماعيل، وسميت دومة الجندل لان حصنها مبني بالجندل.

(٣) القدوم: آلة للنحت والنجر.

٣٠٤

لما انتهى إلى السد جاوزه فدخل الظلمة، فاذا بملك قائم طوله خمسمائة ذراع، فقال له الملك: يا ذا القرنين أما كان خلفك مسلك؟ فقال له ذو القرنين: ومن أنت؟ قال انا ملك من ملائكة الرحمن موكل بهذا الجبل، وليس من جبل خلقه الله إلّا وله عرق إلى هذا الجبل، فاذا أراد الله ان يزلزل مدينة أوحى إلى فزلزلتها.

٢١٨ ـ عن ابن هشام عن أبيه عمن حدثه عن بعض آل محمد عليه وعليهم‌السلام قال: إنّ ذا القرنين كان عبدا صالحا طويت له الأسباب، ومكن له في البلاد، وكان قد وصفت له عين الحيوة، وقيل له: من يشرب منها شربة لم يمت حتّى يسمع الصوت، وانه خرج في طلبها حتّى أتى موضعها، وكان في ذلك الموضع ثلاثمائة وستون عينا، وكان الخضر على مقدمته، وكان من أشد أصحابه عنده. فدعاه وأعطاه وأعطى قوما من أصحابه كل رجل منهم حوتا مملحا فقال: انطلقوا إلى هذه المواضع فليغسل كل رجل منكم حوته عند عين، ولا يغسل معه أحد، فانطلقوا فلزم كل رجل منهم فغسل فيها حوته، وان الخضر انتهى إلى عين من تلك العيون فلما غمس الحوت ووجد الحوت ريح الماء حيي فانساب في الماء(١) فلما رأى ذلك الخضر رمى بثيابه وسقط وجعل يرتمس في الماء ويشرب ويجتهد أن يصيبه، فلما رأى ذلك رجع فرجع أصحابه وأمر ذو القرنين بقبض السمك. فقال: انظروا فقد تخلفت سمكة فقالوا: الخضر صاحبها، قال: فدعاه فقال: ما خلف سمكتك؟ قال: فأخبره الخبر فقال له: فصنعت ماذا؟ قال: سقطت عليها فجعلت أغوص واطلبها فلم أجدها، قال: فشربت من الماء؟ قال: نعم، قال: فطلب ذو القرنين العين فلم يجدها، فقال للخضر: أنت صاحبها.

٢١٩ ـ عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: تغرب الشمس في عين حمئة في بحر دون المدينة التي مما يلي المغرب يعنى جابلقا(٢) .

٢٢٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل

__________________

(١) أي دخل فيه.

(٢) وفي نسخة «باجلقا».

٣٠٥

وفيه قال السائل: أخبرنى عن الشمس أين تغيب؟ قال: إنّ بعض العلماء قال: إذا انحدرت أسفل القبة دار بها الفلك إلى بطن السماء صاعدة أبدا إلى أن تنحط إلى موضع مطلعها، يعنى انها تغيب في عين حمئة ثم تخرق الأرض راجعة إلى موضع مطلعها، فتحير تحت العرش حتّى يؤذن لها بطلوع، ويسلب نورها كل يوم ويتجلل نورا أحمر.

٢٢١ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن أبي ذر (ره) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: كنت آخذا بيد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن نتماشى جميعا، فما زلنا ننظر إلى الشمس حتّى غابت فقلت: يا رسول الله أين تغيب؟ قال: في السماء ثم ترفع من سماء إلى سماء حتّى ترفع إلى السماء السابعة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٢٢ ـ في تفسير العيّاشي عن أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً كَذلِكَ ) قال: لم يعلموا صنعة البيوت.

٢٢٣ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قال: لم يعلموا صنعة الثياب.

٢٢٤ ـ في كتاب الخصال في سؤال بعض اليهود عليّاعليه‌السلام عن الواحد إلى المأة، قال له اليهودي: فالشمس من أين تطلع؟ قال له: من بين قرني شيطان، قال: فأين تغرب؟ قال: في عين حامية. قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: سبق في تفسير العيّاشي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام بيان لقولهعزوجل ( تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) .

٢٢٥ ـ في الكافي أبو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن العلا بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: يصلى على الجنازة في كل ساعة انها ليست بصلوة ركوع ولا سجود وانما تكره الصلوة عند طلوع الشمس وعند غروبها التي فيها الخشوع والركوع والسجود، لأنها تغرب بين قرني شيطان وتطلع بين قرني شيطان.

٢٢٦ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن جعفر الأسدي رضى الله عنه قال: كان فيما يورد على من الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان

٣٠٦

العمرى قدس الله روحه في جواب مسائلي إلى صاحب الزمان: واما سألت عنه من الصلوة عند طلوع الشمس وعند غروبها، ولئن كان كما يقولون ان الشمس تطلع بين قرني الشيطان وتغيب بين قرني الشيطان، فلا شيء أفضل من الصلوة وأرغم أنف الشيطان.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: قولهعزوجل ( حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ ) إلى قوله:( وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ) قد سبق في تفسير العيّاشي له بيان.

٢٢٧ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى سهل بن زياد عن عبد العظيم الحسنى عن علي بن محمد العسكريعليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه نوحاعليه‌السلام وأولاده ساما وحاما ويافثا حين سارت بهم السفينة: ودعا نوحعليه‌السلام أن يغير الله ماء صلب حام ويافث، وقد كتبناه بتمامه عند قوله تعالى:( وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ ) وفيه يقولعليه‌السلام : جميع الترك والصقالب ويأجوج ومأجوج والصين من يافث حيث كانوا.

٢٢٨ ـ في روضة الكافي الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن أحمد بن محمد بن عبد الله عن العباس بن العلا عن مجاهد عن ابن عباس قال: سئل أمير المؤمنينعليه‌السلام عن الخلق، فقال: خلق الله ألفا ومأتين في البر وألفا ومأتين في البحر، وأجناس بنى آدم سبعون جنسا، والناس ولد آدم ما خلا يأجوج ومأجوج.

٢٢٩ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : ليس منهم رجل يموت حتّى يولد له من صلبه ألف ولد ذكر، ثم قال: هم أكثر خلق خلقوا بعد الملائكة.

٢٣٠ ـ في كتاب الخصال عن الصادقعليه‌السلام قال: الدنيا سبعة أقاليم، يأجوج ومأجوج، والروم، والصين، والزنج وقوم موسى وإقليم بابل.

٢٣١ ـ في مجمع البيان ورد في خبر الحذيفة قال: سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن يأجوج ومأجوج، فقال: يأجوج أمّة، ومأجوج أمّة كل أمّة أربعمائة امة لا يموت الرجل منهم حتّى ينظر إلى الف ذكر من صلبه كل قد حمل السلاح قلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال: هم ثلثة أصناف، منهم أمثال الأرز، قلت: يا رسول الله وما الأرز؟ قال: شجر بالشام طويل وصنف منهم طولهم وعرضهم سواء، وهؤلاء الذين لا يقوم لهم جبل ولا حديد وصنف منهم

٣٠٧

يفترش أحدهم احدى أذنيه ويلتحف بالأخرى، ولا يمرون بعين ولا وحش ولا جمل ولا خنزير إلّا أكلوه ومن مات منهم أكلوه، مقدمتهم بالشام وساقتهم بخراسان، يشربون أنهار المشرق وبحيرة طبرية.

٢٣٢ ـ في تفسير العيّاشي عن المفضل قال: سألت الصادقعليه‌السلام عن قوله اجعل بينكم وبينهم ردما قال: التقية( فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً ) إذا عملت بالتقية لم يقدروا لك على حيلة وهو الحصن الحصين، وصار بينك وبين أعداء الله سدا لا يستطيعون له نقبا.

٢٣٣ ـ عن جابر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال:( أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ ) سدا( فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً ) قال: هو التقية.

٢٣٤ ـ في الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام لا قوام يظهرون الزهد ويدعون الناس أن يكونوا معهم على مثل الذي هم عليه من التقشف(١) أخبرونى اين أنتم عن سليمان بن داود ثم ذو القرنينعليه‌السلام عبد أحب الله فأحبه الله طوى له الأسباب، وملكه مشارق الأرض ومغاربها، وكان يقول الحق ويعمل به ثم لم نجد أحدا عاب ذلك عليه.

٢٣٥ ـ في تفسير العيّاشي عن المفضل قال: سألت الصادقعليه‌السلام عن قوله إلى قوله قال: وسألته عن قوله:( فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ ) قال: رفع التقية عند الكشف، فانتقم من أعداء الله.

٢٣٦ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم ( فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ) قال: إذ كان قبل يوم القيامة في آخر الزمان انهدم ذلك السد وخرج يأجوج ومأجوج إلى الدنيا وأكلوا الناس.

__________________

(١) قشف الرجل وتقشف: قذر جلده ولم يتعهد النظافة وان كان مع ذلك يطهر نفسه بالماء والاغتسال.

٣٠٨

٢٣٧ ـ في مجمع البيان وجاء في الحديث انهم يدأبون في حفره نهارهم حتّى إذا أمسوا، وكادوا يبصرون شعاع الشمس، قالوا: نرجع غدا ونفتحه ولا يستثنون فيعودون من الغد وقد استوى كما كان، حتّى إذا جاء وعد الله. قالوا: غدا نفتح ونخرج إنشاء الله، فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه بالأمس، فيحفرونه(١) فيخرجون على الناس، فينشفون المياه ويتحصن الناس في حصونهم منهم، فيرمون سهامهم إلى السماء فترجع وفيها كهيئة الدماء، فيقولون: قد قهرنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء فيبعث الله عليهم نغفا(٢) في أقفائهم فيدخل في آذانهم فيهلكون بها، قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : والذي نفس محمد بيده ان دواب الأرض لتسمن وتسكر من لحومهم سكرا.

٢٣٨ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده إلى حذيفة بن اليمان عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن أهل يأجوج ومأجوج قال: إنّ القوم لينقرون بمعاولهم(٣) دائبين فاذا كان الليل قالوا: غدا نفرغ، فيصبحون وهو أقوى منه بالأمس، حتّى يسلم منهم رجل حين يريد الله ان يبلغ أمره، فيقول المؤمن: غدا نفتحه ان شاء الله، فيصبحون ثم يغدون عليه فيفتحه الله، فو الذي نفسي بيده ليمرن الرجل منهم على شاطئ الوادي الذي بكوفان وقد شربوه حتّى نزحوه، فيقول: والله لقد رأيت هذا الوادي مرة، وان الماء ليجرى في عرضه، قيل: يا رسول الله ومتى هذا؟ قال: حين لا يبقى من الدنيا إلّا مثل صبابة الإناء.

٢٣٩ ـ في كتاب الخصال عن أبي الطفيل عامر بن واثلة عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: كنا جلوسا في المدينة في ظل حائط، قال: وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في غرفة، فاطلع إلينا فقال: فيم أنتم؟ قلنا: نتحدث، قال: عماذا؟ قلنا: عن الساعة، فقال: انكم لا ترون الساعة حتّى تروا قبلها عشر آيات: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض، وثلثة خسوف

__________________

(١) وفي المصدر «فيخرقونه».

(٢) النغف ـ محركة ـ: دود في انوف الإبل والغنم.

(٣) معاول جمع المعول: الفاس العظيمة ينقر بها الصخر.

٣٠٩

يكون في الأرض خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب وخروج عيسى بن مريم وخروج يأجوج ومأجوج، ويكون في آخر الزمان نار تخرج من اليمن من قعر الأرض، لا تدع خلفها أحدا إلّا تسوق الناس إلى المحشر، كلما قاموا قامت، ثم تسوقهم إلى المحشر.

٢٤٠ ـ عن حذيفة بن أسيد قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: عشر آيات بين يدي الساعة: خمس بالمشرق، وخمس بالمغرب، فذكر الدابة والدجال، وطلوع الشمس من مغربها، وعيسى بن مريم، ويأجوج ومأجوج، وانه يغلبهم ويغرقهم في البحر ولم يذكر تمام الآيات.

٢٤١ ـ في تفسير العيّاشي عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، و( تَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ ) يعنى يوم القيمة.

٢٤٢ ـ عن محمد بن حكيم قال: كتبت رقعة إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فيها: أتستطيع النفس المعرفة؟ قال فقال: لا، فقلت: يقول الله:( الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً ) قال: هو كقوله: «و( ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ ) قلت: فعابهم؟ قال: لم يعتبهم بما صنع هو بهم، ولكن عابهم بما صنعوا، ولو لم يتكلفوا لم يكن عليهم شيء.

٢٤٣ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من الاخبار في التوحيد حدّثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي، قال: حدّثنا أبي عن أحمد بن عليّ الأنصاري عن أبي الصلت عن عبد الله بن صالح الهروي قال: سأل المأمون أبا الحسن علي بن موسى الرضاعليه‌السلام عن قول الله تعالى:( الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً ) فقال: إنّ غطاء العين لا يمنع من الذكر، والذكر لا يرى بالعين، ولكن اللهعزوجل شبه الكافرين بولاية عليّ بن أبي طالب بالعميان، لأنهم كانوا يستثقلون قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فيه «و( لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً ) فقال المأمون: فرجت عنى فرج الله عنك والحديث طويل

٣١٠

أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٤٤ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قال: كانوا لا ينظرون إلى ما خلق الله من الآيات والسموات والأرض.

٢٤٥ ـ وباسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل وفيه قلت: قولهعزوجل :( الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي ) قال: يعنى بالذكر ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وهو قوله «ذكرى» قلت: قولهعزوجل : «لا يستطيعون سمعا» قال: كانوا لا يستطيعون إذا ذكر على صلوات الله عليه عندهم أن يسمعوا ذكره، لشدة بغض له وعداوة منهم، له ولأهل بيته، قلت: قولهعزوجل : أفحسب( الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلاً ) قال: يعنيهما وأشياعهما الذين اتخذوهما من دون الله أولياء، وكانوا يرون انهم بحبهم إياهما ينجيانهم من عذاب اللهعزوجل ، وكانوا بحبهما كافرين، قلت قولهعزوجل :( إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلاً ) أي منزلا وهي لهما ولأشياعهما معدة عند الله تعالى، قلت: قولهعزوجل : «نزلا» قال: مأوى ومنزلا.

٢٤٦ ـ في مجمع البيان قرء أبو بكر في رواية الأعشى والبرجمي عنه، وزيد عن يعقوب: «أفحسب الذين كفروا» برفع الباء وسكون السين، وهو قراءة أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٢٤٧ ـ في عوالي اللئالى وروى محمد بن الفضل عن الكاظمعليه‌السلام في قوله تعالى:( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً ) انهم الذين يتمادون بحج الإسلام ويسوفونه.

٢٤٨ ـ في عيون الاخبار في باب ما كتبه الرضاعليه‌السلام للمأمون من محض الإسلام وشرايع الدين والبرائة من أهل الاستيشار ومن أبي موسى الأشعري وأهل ولايته( الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ ) بولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام ولقائه كفروا بأن لقوا الله بغير إمامته( فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ ) القيمة وزنا فهم كلاب أهل النار.

٣١١

٢٤٩ ـ في أصول الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن أسباط عن أحمد بن عمر الحلال عن علي بن سويد عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: سألته عن العجب الذي يفسد العمل؟ فقال: العجب درجات، منها ان يزين للعبد سوء عمله فيراه حسنا، ويحسب أنّه يحسن صنعا، ومنها ان يؤمن العبد بربه فيمنّ على اللهعزوجل ، ولله عليه فيه المنة.

٢٥٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن الأصبغ بن نباتة قال: قال ابن الكوا لأمير المؤمنينعليه‌السلام : أخبرني عن قول اللهعزوجل :( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً ) الآية قال: كفرة أهل الكتاب اليهود والنصارى، وقد كانوا على الحق فابتدعوا في أديانهم( وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ) .

٢٥١ ـ في تفسير العيّاشي عن امام بن ربعي قال: قام ابن الكوا إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام وقال أخبرني عن قول الله:( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ) قال: أولئك أهل الكتاب كفروا بربهم، وابتدعوا في دينهم، فحبطت أعمالهم وما أهل النهر منهم ببعيد.

في مجمع البيان وروى العيّاشي باسناده قال: قام ابن الكوا إلى أمير المؤمنين وذكر إلى آخر ما سبق وزاد بعد قوله ببعيد، يعنى الخوارج.

٢٥٢ ـ وفيه( فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً ) وروى في الصحيح أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إنّه ليأتى الرجل السمين يوم القيامة لا يزن جناح بعوضة.

٢٥٣ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه أهل الموقف وأحوالهم وفيه: ومنهم أئمة الكفر وقادة الضلالة فأولئك لا يقيم لهم يوم القيمة وزنا ولا يعبأ بهم، لأنهم لم يعبئوا بامره ونهيه يوم القيمة فهم في جهنم خالدون، تلفح وجوهم النار وهم فيها كالحون.

٢٥٤ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قولهعزوجل :( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ) قال: هم النصارى والقسيسون والرهبان وأهل الشبهات و

٣١٢

الأهواء من أهل القبلة والحرورية وأهل البدع.

٢٥٥ ـ وقال عليّ بن إبراهيمرحمه‌الله : نزلت في اليهود وجرت في الخوارج، وقولهعزوجل ( أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً ) قال: أي حسنة( ذلِكَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِما كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً ) يعنى بالآيات الأوصياء التي اتخذوها هزوا.

٢٥٦ ـ حدّثنا محمد بن أحمد(١) عن عبد الله بن موسى عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قولهعزوجل :( خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً ) قال: خالدين فيها لا يخرجون منها «و( لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً ) قال: لا يريدون بها بدلا، قلت قولهعزوجل :( قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً ) قال: قد أخبرك ان كلام اللهعزوجل ليس له آخر ولا غاية ولا ينقطع أبدا، قلت: قولهعزوجل :( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً ) قال: هذه نزلت في أبي ذر والمقداد وسلمان الفارسي وعمار بن ياسر، جعل اللهعزوجل ( لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً ) ، أي مأوى ومنزلا.

٢٥٧ ـ في مجمع البيان ( كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً ) وروى عن عبادة بن صامت عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: الجنة مأة درجة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض الفردوس.

٢٥٨ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدّثنا جعفر بن أحمد عن عبد الله بن موسى عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه والحسين بن أبي العلا وعبد الله بن وضاح وشعيب العقرقوفي جميعهم عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قولهعزوجل :( إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ) قال يعنى في الخلق أنّه مثلهم مخلوق( يُوحى إِلَيَّ إنّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) قال: لا يتخذ مع ولاية آل

__________________

(١) وفي المصدر «جعفر بن أحمد» مكان «محمد بن احمد».

٣١٣

محمد صلوات الله عليهم غيرهم، وولايتهم العمل الصالح. فمن أشرك بعبادة ربه فقد أشرك بولايتنا وكفر بها، وجحد أمير المؤمنين صلوات الله عليه حقه وولايته.

٢٥٩ ـ وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن تفسير قولهعزوجل : «من كان يرجو لقاء ربه» الآية فقال: من صلى مراياة الناس فهو مشرك، ومن زكى مراياة الناس فهو مشرك، ومن صام مراياة الناس فهو مشرك ومن حج مراياة الناس فهو مشرك، ومن عمل عملا بما امره اللهعزوجل مراياة الناس فهو مشرك، ولا يقبل اللهعزوجل عمل مراء.

٢٦٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) وعن أبي محمد الحسن العسكريعليه‌السلام قال: قلت لأبي علي بن محمدعليهما‌السلام : هل كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يناظر اليهود والمشركين إذا عاتبوه ويحاجهم؟ قال: مرارا كثيرة، ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان قاعدا ذات يوم بمكة بفناء الكعبة إذا ابتدأ عبد الله بن أبي امية المخزومي فقال: يا محمّد لقد ادعيت دعوى عظيمة، وقلت مقالا هائلا، زعمت انك رسول رب العالمين، وما ينبغي لرب العالمين وخالق الخلق أجمعين أن يكون مثلك رسوله بشرا مثلنا تأكل كما نأكل، وتمشي في الأسواق كما نمشي، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أللهمّ أنت السامع لكل صوت، والعالم بكل شيء، تعلم ما قاله عبادك، فأنزل الله عليه يا محمّد:( وَقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ ) إلى قوله:( رَجُلاً مَسْحُوراً ) ثم انزل عليه يا محمّد:( قُلْ إنّما أَنَا بَشَرٌ ) يعنى آكل الطعام( مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ إنّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ ) يعنى قل لهم انا في البشرية مثلكم، ولكن ربي خصنى بالنبوة دونكم، كما يخص بعض البشر بالغنى والصحة والجمال دون بعض من البشر، فلا تنكروا ان يخصني أيضا بالنبوة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٦١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول: ما من عبد يقرأ( قُلْ إنّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ) إلى آخر السورة إلّا كان له نور من مضجعه إلى بيت الله الحرام، وان من كان له نور في بيت الله الحرام كان له نور

٣١٤

الى بيت المقدس.

٢٦٢ ـ في كتاب التوحيد عن عليٍّعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات: فاما قوله( بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ ) يعنى بالبعث، فسماه اللهعزوجل لقاه، وكذلك ذكر المؤمنين( الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ ) يعنى انهم يؤمنون انهم يبعثون ويحشرون ويجزون بالثواب والعقاب والظن هنا اليقين وكذلك قوله:( فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً ) وقوله: «من كان يرجو( لِقاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ ) يعنى بقوله( مَنْ كانَ يُؤْمِنُ ) بأنه مبعوث، فان وعد الله لآت، من الثواب والعقاب فاللقاء هاهنا ليس بالرؤية، واللقاء هو البعث، فافهم جميع ما في كتاب الله من لقائه، فانه يعنى بذلك البعث.

٢٦٣ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى شهاب بن عبد ربه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان أمير المؤمنينعليه‌السلام إذا توضأ لم يدع أحدا يصب عليه الماء، قال: لا أحب أن أشرك في صلوتى أحدا.

٢٦٤ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن جراح المداينى عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) قال: الرجل يعمل شيئا من الثواب لا يطلب به وجه الله إنّما يطلب تزكية الناس يشتهي أن تسمع به الناس، فهذا الذي أشرك بعبادة ربه، ثم قال: ما من عبد أسر خيرا فذهبت الأيام أبدا حتّى يظهر الله له خيرا، وما من عبد يسر شرا فذهبت الأيام حتّى يظهر الله له شرا.

٢٦٥ ـ عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سألته عن الرجل يعمل الشيء من الخير فيراه إنسان فيسره ذلك؟ قال: لا بأس، ما من أحد إلّا ويحب ان يظهر له في الناس الخير، إذا لم يصنع ذلك لذلك.

٢٦٦ ـ أحمد بن محمد بن أحمد عن محمد بن أحمد النهدي عن محمد بن

٣١٥

الوليد عن أبان عن عامر بن عبد الله بن خزاعة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ما من عبد يقرء آخر الكهف إلّا تيقظ في الساعة التي يريد.

٢٦٧ ـ في الكافي علي بن محمد بن عبد الله عن إبراهيم بن إسحق الأحمر عن الحسن بن عليّ الوشاء قال: دخلت على الرضاعليه‌السلام وبين يديه إبريق يريد أن يتهيأ للصلوة، فدنوت منه لأصب عليه فأبى ذلك، وقال: مه يا حسن فقلت له: لم تنهاني أن أصب عليك تكره أن أوجر؟ قال: توجر أنت وأوزارنا، قلت له: وكيف ذلك؟ قال، أما سمعت اللهعزوجل يقول: «فمن كان يرجو( لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) وها انا ذا أتوضأ للصلوة وهي العبادة، فأكره ان يشركني فيها أحد

٢٦٨ ـ في من لا يحضره الفقيه وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : من قرء هذه الآية عند منامه:( قُلْ إنّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ إنّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ ) إلى آخرها سطع له نور من المسجد الحرام، حشو ذلك النور ملائكة يستغفرون له حتّى يصبح.

٢٦٩ ـ في مجمع البيان ( فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ ) الآية عن سعيد بن جبير قال مجاهد: جاء رجل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: انّي أتصدق وأصل الرحم ولا اصنع ذلك إلّا لله فيذكر ذلك منى واحمد عليه فيسرني ذلك وأعجب به؟ فسكت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يقل شيئا فنزلت الآية.

٢٧٠ ـ وروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: قال اللهعزوجل : انا اغنى الشركاء عن الشرك فمن عمل عملا أشرك فيه غيري فانا منه برىء، فهو للذي أشرك. أورده مسلم في الصحيح.

٢٧١ ـ وروى عن عبادة بن الصامت وشداد بن أوس قالا: سمعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: من صلى صلوة يرائى بها فقد أشرك، ومن صام صوما يرائى به فقد أشرك، ثم قرء هذه الآية.

٢٧٢ ـ وروى ان أبا الحسن الرضاعليه‌السلام دخل يوما على المأمون فرآه يتوضأ للصلوة والغلام يصب على يده الماء، فقال: لا تشرك بعبادة ربك أحدا، فصرف المأمون

٣١٦

الغلام، وتولى إتمام وضوئه بنفسه.

٢٧٣ ـ أبي بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: وان قرء الآية التي في آخرها( قُلْ إنّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ) حين يأخذ مضجعه، كان له نور يتلألأ إلى الكعبة حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه حتّى يقوم من مضجعه، فان كان في مكة تلاها كان له نورا يتلألأ إلى البيت المعمور، حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه حتّى يستيقظ.

٢٧٤ ـ وروى الشيخ أبو جعفر بن بابويه رضى الله عنه باسناده عن عيسى بن عبد الله عن أبيه عن جدّه عن عليٍّعليه‌السلام قال: ما من عبد يقرأ( قُلْ إنّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ) إلى آخره إلّا كان له نورا في مضجعه إلى بيت الله الحرام، فان كان من أهل بيت الله الحرام كان له نورا إلى بيت المقدس.

٢٧٥ ـ في تفسير العيّاشي عن العلا بن الفضيل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن تفسير هذه الآية:( فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) قال: من صلى أو صام أو أعتق أو حج يريد محمدة الناس فقد أشرك في عمله، فهو مشرك مغفور(١) .

٢٧٦ ـ عن علي بن سالم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال الله تبارك وتعالى: انا خير شريك: من أشرك في عمله لن أقبله إلّا ما كان لي خالصا.

٢٧٧ ـ وفي رواية اخرى قال: إنّ الله يقول: انا خير شريك من عمل لي ولغيري فهو لمن عمل له دوني.

٢٧٨ ـ عن زرارة وحمران عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام قالا: لو ان عبدا عمل عملا يطلب به رحمة الله والدار الآخرة، ثم ادخل فيه رضا أحد من الناس كان مشركا.

٢٧٩ ـ عن سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله( فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) قال: العمل الصالح المعرفة بالأئمة

__________________

(١) قال الفيض (ره): يعنى أنّه ليس من الشرك الذي قال الله تعالى:( إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ) لانّ المراد بذلك، الشرك الجلّي، وهذا هو الشرك الخفي.

٣١٧

( وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) التسليم لعليٍّ لا يشرك معه في الخلافة من ليس ذلك له، ولا هو من اهله(١) .

__________________

(١) هذا آخر الجزء الثاني على حسب تجزئة المؤلف (قده): وهذا صورة خطه (ره) على ما في هامش بعض النسخ: تم الجزء الثاني من التفسير المسمى بنور الثقلين على يد مؤلفه البعد المقصر الجاني غريق بحار الذنوب عبد علي بن جمعة العروسى نسبا والحويزي بلدا ببلدة شيراز صانها الله عن الإعواز عصر يوم الاثنين الرابع والشعرين من شهر رمضان المبارك أحد شهور السنة السادسة بعد الستين والف من هجرة سيد الأولين والآخرين صلوات الله عليه وآله أجمعين.

٣١٨

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من أدمن قراءة سورة مريم لم يمت حتّى يصيبه ما يغنيه في نفسه وما له وولده، وكان في الآخرة من أصحاب عيسى بن مريمعليهما‌السلام ، واعطى من الأجر مثل ملك سليمان بن داود في الدنيا.

٢ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من قرأها اعطى من الأجر بعدد من صدق بزكريا وكذب به، ويحيى ومريم وموسى وعيسى وهارون وإبراهيم واسحق ويعقوب واسمعيل عشر حسنات، وبعدد من ادعى لله ولدا، وبعدد من لم يدع له ولدا.

٣ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سعد بن عبد الله القمى عن الحجة القائمعليه‌السلام حديث طويل وفيه: قلت: فأخبرنى يا بن رسول الله عن تأويل كهيعص قال: هذه الحروف من أنباء الغيب، اطلع الله عبده زكريا عليها، ثم قصها على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذلك ان زكرياعليه‌السلام سأل ربه ان يعلمه أسماء الخمسة، فأهبط الله عليه جبرئيلعليه‌السلام فعلمه إياها، فكان زكريا إذا ذكر محمدا وعليا وفاطمة والحسن سرى عنه همه(١) وانجلى كربه، وإذا ذكر الحسينعليه‌السلام خنقته العبرة ووقعت عليه البهرة(٢) فقال ذات يوم: إلهي ما بالي إذا ذكرت أربعا منهمعليهم‌السلام تسليت بأسمائهم من همومي، وإذا ذكرت الحسينعليه‌السلام تدمع عيني وتثور زفرتي؟(٣) فأنبأه تبارك و

__________________

(١) سرى عنه الشيء: كشف عنه ما يجده من الهم والغضب.

(٢) خنقته العبرة أي غص بالبكاء حتّى كأن الدموع أخذت بمخنقته وهو الحلق. والبهر: تتابع النفس.

(٣) الزفرة: استيعاب النفس من شدة الهم والحزن.

٣١٩

تعالى عن قصته، فقال: «كهيعص» فالكاف اسم كربلاء، والهاء هلاك العترة، والياء يزيد لعنه الله وهو ظالم الحسين، والعين عطشه، والصاد صبره، فلما سمع بذلك زكرياعليه‌السلام لم يفارق مسجده ثلثة أيام، ومنع فيها الناس من الدخول عليه، وأقبل على البكاء والنحيب، وكانت ندبته: إلهي أتفجع خير خلقك بولده؟ أتنزل بلوى هذه الرزية بفناءه؟ أتلبس عليّا وفاطمة ثياب هذه المصيبة؟ إلهي أتحل كربة هذه الفجيعة بساحتهما؟ ثم كان يقول: إلهي ارزقني ولدا تقر به عيني عند الكبر، واجعله وارثا ووصيا، واجعل محله منى محل الحسينعليه‌السلام فاذا رزقتنيه فافتنى بحبه وبه أفجعنى به كما تفجع محمدا حبيبكصلى‌الله‌عليه‌وآله بولده، فرزقه الله يحيىعليه‌السلام وفجعه به، وكان حمل يحيى ستة أشهر، وحمل الحسينعليه‌السلام كذلك.

في كتاب المناقب لابن شهر آشوب عن إسحق الأحمري عن الحجة القائمعليه‌السلام مثل ما في كتاب كمال الدين وتمام النعمة سواء.

٤ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادقعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : «وكهيعص» معناه أنا الكافي الهادي الولي العالم الصادق الوعد.

٥ ـ وباسناده إلى محمد بن عمارة قال: حضرت عند جعفر بن محمدعليهما‌السلام فدخل عليه رجل فسأله عن «كهيعص»! فقالعليه‌السلام : «كاف» كاف بشيعتنا، «ها» هاد لهم، «يا» ولى لهم، «عين» عالم بأهل طاعتنا، «صاد» صادق لهم وعد حتّى يبلغ بهم المنزلة التي وعدهم إياها في بطن القرآن.

٦ ـ في مجمع البيان وروى عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّه قال في دعائه: أسألك يا كهيعص.

٧ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم «كهيعص» جعفر بن أحمد عن عبيد عن الحسن ابن على عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: هذه أسماء الله مقطعة، واما قوله: «كهيعص» قال: الله هو الكافي الهادي العالم الصادق ذو الأيادي العظام ،

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643