تفسير نور الثقلين الجزء ٣

تفسير نور الثقلين6%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 643

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 643 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 266717 / تحميل: 8766
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

رجع هو إليهم إلى ذلك الوقت والا تفرقوا في البلاد ولحقوا ببلادهم أو حيث شاؤا، فقال الخضر: أيها الملك انا نسلك في الظلمة لا يرى بعضنا بعضا كيف نصنع بالضلال إذا أصابنا؟ فأعطاه ذو القرنين خرزة حمراء(١) كأنها مشعل لها ضوء، فقال: خذ هذه الخرزة فاذا أصاب بكم الضلال فارم بها إلى الأرض فانها تصيح، فاذا صاحت رجع أهل الضلال إلى صوتها، فأخذها الخضر ومضى في الظلمة، وكان الخضر يرتحل وينزل ذو القرنين، فبينا الخضر يسير ذات يوم إذ عرض له واد في الظلمة فقال لأصحابه: قفوا هذا الموضع لا يتحركن أحد منكم عن موضعه، ونزل عن فرسه فتناول الخرزة فرمى بها في الوادي فابطأت عنها بالإجابة حتّى ساء ظنه وخاف أن لا يجيبه ثم أجابته، فخرج إلى صوتها فاذا هي العين بقعرها، وإذا ماؤها أشد بياضا من اللبن وأصفى من الياقوت، وأحلى من العسل، فشرب منه ثم خلع ثيابه فاغتسل منها، ثم لبس ثيابه ثم رمى بالخرزة نحو أصحابه فأجابته فخرج إلى أصحابه وركب وأمرهم بالمسير، فساروا.

ومر ذو القرنين بعده فاخطأ الوادي فسلكوا تلك الظلمة بأربعين يوما وأربعين ليلة ثم خرجوا بضوء ليس بضوء نهار ولا شمس ولا قمر ولكنه نور، فخرجوا إلى أرض حمراء رملة خشخاشة فركة(٢) كان حصاها اللؤلؤ فاذا هو بقصر مبني على طوله فرسخ، فجاء ذو القرنين إلى الباب فعسكر عليه ثم توجه بوجهه وحده إلى القصر، فاذا طائر وإذا حديدة طويلة قد وضع طرفاها على جانبي القصر. والطير اسود معلق بأنفه في تلك الحديدة بين السماء والأرض مزموم كأنه الخطاف أو صورة الخطاف أو شبيه بالخطاف أو هو خطاف، فلما سمع خشخشة ذي القرنين قال: من هذا؟ قال: انا ذو القرنين، قال: اما كفاك ما وراك حتّى وصلت إلى حد بابى هذا؟ ففرق ذو القرنين فرقا شديدا(٣) فقال: يا ذا القرنين لا تخف وأخبرنى ،

__________________

(١) الخرزة ـ واحد الخرز محركة ـ: الحب المثقوب من الزجاج ونحوه تنظم منه المسابح والقائد ونحوها. فصوص من حجارةكالماس والياقوت.

(٢) قال في البحار: الخشخشة: صوت السلاح وكل شيء يابس إذا حل بعضه ببعض والدخول في الشيء «انتهى» وقولهعليه‌السلام «فركة» أي كانت لينة بحيث كان يمكن فركها باليد.

(٣) فرق ـ كعلم ـ: فزع.

٣٠١

قال: سل، قال: هل كثر بنيان الآجر والجص؟ قال: نعم، قال: فانتفض الطير وامتلأ حتّى ملأ من الحديدة ثلثها ففرق ذو القرنين فقال: لا تخف وأخبرنى، قال: سل، قال: هل كثرت المعازف؟(١) قال: نعم قال: فانتفض الطير وامتلاء حتّى ملاء من الحديدة ثلثيها، ففرق ذو القرنين، فقال: لا تخف وأخبرنى، قال: سل، قال: هل ارتكب الناس شهادة الزور في الأرض؟ قال: نعم، فانتفض انتفاضة وانتفخ فسد ما بين جداري القصر قال: فامتلأ ذو القرنين فرقا منه فقال له: لا تخف وأخبرنى، قال: سل، قال: هل ترك الناس شهادة ان لا إله إلّا الله؟ قال: لا، فانضم ثلثه، ثم قال: يا ذا القرنين لا تخف وأخبرنى، قال: سل، قال: هل ترك الناس الصلاة المفروضة؟ قال: لا قال: فانضم ثلث آخر ثم قال: يا ذا القرنين لا تخف وأخبرنى، قال: سل، قال: هل ترك الناس الغسل من الجنابة؟ قال: لا، قال: فانضم حتّى عاد إلى حاله الاول.

وإذا هو بدرجة مدرجة إلى أعلى القصر، قال: فقال الطير: يا ذا القرنين اسلك هذه الدرجة فسلكها وهو خائف لا يدرى ما هو عليه حتّى استوى على ظهرها، فاذا هو بسطح ممدود البصر، وإذا رجل شاب ابيض مضيء الوجه عليه ثياب بيض حتّى كأنه رجل أو في صورة رجل أو شبيه بالرجل أو هو رجل، وإذا هو رافع رأسه ينظر إلى السماء ينظر إليها واضع يده على فيه، فلما سمع خشخشة ذي القرنين، قال: من هذا؟ قال: أنا ذو القرنين، قال: يا ذا القرنين أما كفاك ما وراك حتّى وصلت الى؟ قال ذو القرنين: ما لي أراك واضعا يدك على فيك؟ قال: يا ذا القرنين انا صاحب الصور، وان الساعة قد اقتربت وانا انتظر أن أومر بالنفخ فانفخ، ثم ضرب بيده فتناول حجرا فرمى به إلى ذي القرنين كأنه حجر أو شبه حجر أو هو حجر، فقال: يا ذا القرنين خذ هذا، فان جاع جعت وان شبع شبعت فارجع فرجع ذو القرنين بذلك الحجر حتّى خرج به إلى أصحابه فأخبرهم بالطير وما سأله عنه وما قال له، وما كان من أمره، وأخبرهم بصاحب السطح وما قال له وما أعطاه، ثم قال لهم :

__________________

(١) المعازف: الملاهي كالعود والطنبور.

٣٠٢

انه أعطانى هذا الحجر وقال لي: إنْ جاع جعت، وان شبع شبعت ـ وقال: أخبرونى بأمر هذا الحجر فوضع الحجر في احدى الكفتين، ووضع حجرا مثله في الكفة الاخرى ثم رفع الميزان فاذا الحجر الذي جاء به أرجح بمثل الآخر، فوضعوا آخر فمال به حتّى وضعوا ألف حجر كلها مثله، ثم رفعوا الميزان فمال بها ولم يستمل به الألف حجر فقالوا: يا أيها الملك لا علم لنا بهذا.

فقال له الخضر: أيها الملك انك تسئل هؤلاء عما لا علم لهم به، وقد أوتيت علم هذا الحجر، فقال ذو القرنين: فأخبرنا وبينه لنا، فتناول الخضر الميزان فوضع الحجر الذي جاء به ذو القرنين في كفة الميزان، ثم وضع حجرا آخر في كفة اخرى، ثم وضع كف تراب على حجر ذي القرنين يزيده ثقلا، ثم رفع الميزان فاعتدل وعجبوا وخروا سجدا لله وقالوا: أيها الملك هذا امر لم يبلغه علمنا، وانا لنعلم ان الخضر ليس بساحر فكيف هذا وقد وضعنا معه ألف حجر كلها مثله، فمال بها وهذا قد اعتدل به وزاده ترابا؟ قال ذو القرنين: بين يا خضر لنا أمر هذا الحجر، فقال الخضر: أيها الملك ان أمر الله نافذ في عباده، وسلطانه قاهر، وحكمه فاصل، وان الله ابتلى عباده بعضهم ببعض، وابتلى العالم بالعالم، والجاهل بالجاهل، والعالم بالجاهل، والجاهل بالعالم، وانه ابتلاني بك وابتلاك بى، فقال: يرحمك الله يا خضر إنّما تقول: ابتلاني بك حين جعلت أعلم منى، وجعلت تحت يدي، أخبرنى يرحمك الله عن أمر هذا الحجر؟ فقال الخضر: أيها الملك ان هذا الحجر مثل ضربه لك صاحب الصور، يقول: إنّ مثل بنى آدم مثل هذا الحجر الذي وضع ووضع معه ألف حجر فمال بها، ثم إذا وضع عليه التراب شبع وعاد حجرا مثله، فيقول: كذلك مثلك أعطاك الله من الملك ما أعطاك فلم ترض به حتّى طلبت أمرا لم يطلبه أحد كان قبلك(١) ودخلت مدخلا لم يدخله انس ولا جان، يقول: كذلك ابن آدم لا يشبع حتّى يحثى عليه التراب.

قال: فبكى ذو القرنين بكاء شديدا وقال: صدقت يا خضر، ضرب لي هذا

__________________

(١) وفي نسخة كنسخة البحار ـ: «أبدا من كان قبلك اه».

٣٠٣

المثل: لا جرم انّي لا أطلب أثرا في البلاد بعد مسلكي هذا، ثم انصرف راجعا في الظلمة، فبيناهم كذلك يسيرون إذ سمعوا خشخشة تحت سنابك(١) خيلهم فقالوا: أيها الملك ما هذا؟ فقال: خذوا منه، فمن أخذ منه ندم ومن تركه ندم، فأخذ بعض وترك بعض، فلما خرجوا من الظلمة إذا هم بالزبرجد، فندم الآخذ والتارك، ورجع ذو القرنين إلى دومة الجندل(٢) وكان بها منزله فلم يزل بها حتّى قبضه الله.

قال: وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا حدث بهذا الحديث قال: رحم الله أخى ذا القرنين ما كان مخطئا إذ سلك ما سلك وطلب ما طلب، ولو ظفر بوادي الزبرجد في مذهبه لما ترك فيه سنة الزهاد إلّا أخرجه للناس، لأنه كان راغبا ولكنه ظفر به بعد ما رجع فقد زهد.

٢١٦ ـ جبرئيل بن أحمد عن موسى بن جعفر رفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ ذا القرنين عمل صندوقا من قوارير ثم حمل في مسيره ما شاء الله، ثم ركب البحر فلما انتهى إلى موضع منه، قال لأصحابه: دلوني فاذا حركت الحبل فأخرجونى فان لم أحرك الحبل فأرسلونى إلى آخره، فأرسلوا الحبل مسيرة أربعين يوما، فاذا ضارب يضرب خشب الصندوق ويقول: يا ذا القرنين أين تريد؟ قال: أريد ان أنظر إلى ملكوت ربي في البحر كما رأيته في البر، فقال: يا ذا القرنين ان هذا الموضع الذي أنت فيه مر فيه نوح زمان الطوفان، فسقط منه قدوم(٣) فهو يهوى في قعر البحر إلى الساعة لم يبلغ قعره، فلما سمع ذو القرنين ذلك حرك الحبل وخرج.

٢١٧ ـ عن جميل بن دراج عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن الزلزلة؟ فقال: أخبرنى أبي عن أبيه عن آبائه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ ذا القرنين

__________________

(١) السنابك جمع السنبك ـ بالضم ـ طرف الحافر.

(٢) دومة الجندل: موضع على سبع مراحل من دمشق بينها وبين مدينة الرسول (ص) يقرب من تبوك، وهي أحد حدود فدك، قيل: سميت بدوم بن إسماعيل، وسميت دومة الجندل لان حصنها مبني بالجندل.

(٣) القدوم: آلة للنحت والنجر.

٣٠٤

لما انتهى إلى السد جاوزه فدخل الظلمة، فاذا بملك قائم طوله خمسمائة ذراع، فقال له الملك: يا ذا القرنين أما كان خلفك مسلك؟ فقال له ذو القرنين: ومن أنت؟ قال انا ملك من ملائكة الرحمن موكل بهذا الجبل، وليس من جبل خلقه الله إلّا وله عرق إلى هذا الجبل، فاذا أراد الله ان يزلزل مدينة أوحى إلى فزلزلتها.

٢١٨ ـ عن ابن هشام عن أبيه عمن حدثه عن بعض آل محمد عليه وعليهم‌السلام قال: إنّ ذا القرنين كان عبدا صالحا طويت له الأسباب، ومكن له في البلاد، وكان قد وصفت له عين الحيوة، وقيل له: من يشرب منها شربة لم يمت حتّى يسمع الصوت، وانه خرج في طلبها حتّى أتى موضعها، وكان في ذلك الموضع ثلاثمائة وستون عينا، وكان الخضر على مقدمته، وكان من أشد أصحابه عنده. فدعاه وأعطاه وأعطى قوما من أصحابه كل رجل منهم حوتا مملحا فقال: انطلقوا إلى هذه المواضع فليغسل كل رجل منكم حوته عند عين، ولا يغسل معه أحد، فانطلقوا فلزم كل رجل منهم فغسل فيها حوته، وان الخضر انتهى إلى عين من تلك العيون فلما غمس الحوت ووجد الحوت ريح الماء حيي فانساب في الماء(١) فلما رأى ذلك الخضر رمى بثيابه وسقط وجعل يرتمس في الماء ويشرب ويجتهد أن يصيبه، فلما رأى ذلك رجع فرجع أصحابه وأمر ذو القرنين بقبض السمك. فقال: انظروا فقد تخلفت سمكة فقالوا: الخضر صاحبها، قال: فدعاه فقال: ما خلف سمكتك؟ قال: فأخبره الخبر فقال له: فصنعت ماذا؟ قال: سقطت عليها فجعلت أغوص واطلبها فلم أجدها، قال: فشربت من الماء؟ قال: نعم، قال: فطلب ذو القرنين العين فلم يجدها، فقال للخضر: أنت صاحبها.

٢١٩ ـ عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: تغرب الشمس في عين حمئة في بحر دون المدينة التي مما يلي المغرب يعنى جابلقا(٢) .

٢٢٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل

__________________

(١) أي دخل فيه.

(٢) وفي نسخة «باجلقا».

٣٠٥

وفيه قال السائل: أخبرنى عن الشمس أين تغيب؟ قال: إنّ بعض العلماء قال: إذا انحدرت أسفل القبة دار بها الفلك إلى بطن السماء صاعدة أبدا إلى أن تنحط إلى موضع مطلعها، يعنى انها تغيب في عين حمئة ثم تخرق الأرض راجعة إلى موضع مطلعها، فتحير تحت العرش حتّى يؤذن لها بطلوع، ويسلب نورها كل يوم ويتجلل نورا أحمر.

٢٢١ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن أبي ذر (ره) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: كنت آخذا بيد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن نتماشى جميعا، فما زلنا ننظر إلى الشمس حتّى غابت فقلت: يا رسول الله أين تغيب؟ قال: في السماء ثم ترفع من سماء إلى سماء حتّى ترفع إلى السماء السابعة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٢٢ ـ في تفسير العيّاشي عن أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً كَذلِكَ ) قال: لم يعلموا صنعة البيوت.

٢٢٣ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قال: لم يعلموا صنعة الثياب.

٢٢٤ ـ في كتاب الخصال في سؤال بعض اليهود عليّاعليه‌السلام عن الواحد إلى المأة، قال له اليهودي: فالشمس من أين تطلع؟ قال له: من بين قرني شيطان، قال: فأين تغرب؟ قال: في عين حامية. قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: سبق في تفسير العيّاشي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام بيان لقولهعزوجل ( تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) .

٢٢٥ ـ في الكافي أبو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن العلا بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: يصلى على الجنازة في كل ساعة انها ليست بصلوة ركوع ولا سجود وانما تكره الصلوة عند طلوع الشمس وعند غروبها التي فيها الخشوع والركوع والسجود، لأنها تغرب بين قرني شيطان وتطلع بين قرني شيطان.

٢٢٦ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن جعفر الأسدي رضى الله عنه قال: كان فيما يورد على من الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان

٣٠٦

العمرى قدس الله روحه في جواب مسائلي إلى صاحب الزمان: واما سألت عنه من الصلوة عند طلوع الشمس وعند غروبها، ولئن كان كما يقولون ان الشمس تطلع بين قرني الشيطان وتغيب بين قرني الشيطان، فلا شيء أفضل من الصلوة وأرغم أنف الشيطان.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: قولهعزوجل ( حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ ) إلى قوله:( وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ) قد سبق في تفسير العيّاشي له بيان.

٢٢٧ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى سهل بن زياد عن عبد العظيم الحسنى عن علي بن محمد العسكريعليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه نوحاعليه‌السلام وأولاده ساما وحاما ويافثا حين سارت بهم السفينة: ودعا نوحعليه‌السلام أن يغير الله ماء صلب حام ويافث، وقد كتبناه بتمامه عند قوله تعالى:( وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ ) وفيه يقولعليه‌السلام : جميع الترك والصقالب ويأجوج ومأجوج والصين من يافث حيث كانوا.

٢٢٨ ـ في روضة الكافي الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن أحمد بن محمد بن عبد الله عن العباس بن العلا عن مجاهد عن ابن عباس قال: سئل أمير المؤمنينعليه‌السلام عن الخلق، فقال: خلق الله ألفا ومأتين في البر وألفا ومأتين في البحر، وأجناس بنى آدم سبعون جنسا، والناس ولد آدم ما خلا يأجوج ومأجوج.

٢٢٩ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : ليس منهم رجل يموت حتّى يولد له من صلبه ألف ولد ذكر، ثم قال: هم أكثر خلق خلقوا بعد الملائكة.

٢٣٠ ـ في كتاب الخصال عن الصادقعليه‌السلام قال: الدنيا سبعة أقاليم، يأجوج ومأجوج، والروم، والصين، والزنج وقوم موسى وإقليم بابل.

٢٣١ ـ في مجمع البيان ورد في خبر الحذيفة قال: سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن يأجوج ومأجوج، فقال: يأجوج أمّة، ومأجوج أمّة كل أمّة أربعمائة امة لا يموت الرجل منهم حتّى ينظر إلى الف ذكر من صلبه كل قد حمل السلاح قلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال: هم ثلثة أصناف، منهم أمثال الأرز، قلت: يا رسول الله وما الأرز؟ قال: شجر بالشام طويل وصنف منهم طولهم وعرضهم سواء، وهؤلاء الذين لا يقوم لهم جبل ولا حديد وصنف منهم

٣٠٧

يفترش أحدهم احدى أذنيه ويلتحف بالأخرى، ولا يمرون بعين ولا وحش ولا جمل ولا خنزير إلّا أكلوه ومن مات منهم أكلوه، مقدمتهم بالشام وساقتهم بخراسان، يشربون أنهار المشرق وبحيرة طبرية.

٢٣٢ ـ في تفسير العيّاشي عن المفضل قال: سألت الصادقعليه‌السلام عن قوله اجعل بينكم وبينهم ردما قال: التقية( فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً ) إذا عملت بالتقية لم يقدروا لك على حيلة وهو الحصن الحصين، وصار بينك وبين أعداء الله سدا لا يستطيعون له نقبا.

٢٣٣ ـ عن جابر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال:( أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ ) سدا( فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً ) قال: هو التقية.

٢٣٤ ـ في الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام لا قوام يظهرون الزهد ويدعون الناس أن يكونوا معهم على مثل الذي هم عليه من التقشف(١) أخبرونى اين أنتم عن سليمان بن داود ثم ذو القرنينعليه‌السلام عبد أحب الله فأحبه الله طوى له الأسباب، وملكه مشارق الأرض ومغاربها، وكان يقول الحق ويعمل به ثم لم نجد أحدا عاب ذلك عليه.

٢٣٥ ـ في تفسير العيّاشي عن المفضل قال: سألت الصادقعليه‌السلام عن قوله إلى قوله قال: وسألته عن قوله:( فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ ) قال: رفع التقية عند الكشف، فانتقم من أعداء الله.

٢٣٦ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم ( فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ) قال: إذ كان قبل يوم القيامة في آخر الزمان انهدم ذلك السد وخرج يأجوج ومأجوج إلى الدنيا وأكلوا الناس.

__________________

(١) قشف الرجل وتقشف: قذر جلده ولم يتعهد النظافة وان كان مع ذلك يطهر نفسه بالماء والاغتسال.

٣٠٨

٢٣٧ ـ في مجمع البيان وجاء في الحديث انهم يدأبون في حفره نهارهم حتّى إذا أمسوا، وكادوا يبصرون شعاع الشمس، قالوا: نرجع غدا ونفتحه ولا يستثنون فيعودون من الغد وقد استوى كما كان، حتّى إذا جاء وعد الله. قالوا: غدا نفتح ونخرج إنشاء الله، فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه بالأمس، فيحفرونه(١) فيخرجون على الناس، فينشفون المياه ويتحصن الناس في حصونهم منهم، فيرمون سهامهم إلى السماء فترجع وفيها كهيئة الدماء، فيقولون: قد قهرنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء فيبعث الله عليهم نغفا(٢) في أقفائهم فيدخل في آذانهم فيهلكون بها، قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : والذي نفس محمد بيده ان دواب الأرض لتسمن وتسكر من لحومهم سكرا.

٢٣٨ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده إلى حذيفة بن اليمان عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن أهل يأجوج ومأجوج قال: إنّ القوم لينقرون بمعاولهم(٣) دائبين فاذا كان الليل قالوا: غدا نفرغ، فيصبحون وهو أقوى منه بالأمس، حتّى يسلم منهم رجل حين يريد الله ان يبلغ أمره، فيقول المؤمن: غدا نفتحه ان شاء الله، فيصبحون ثم يغدون عليه فيفتحه الله، فو الذي نفسي بيده ليمرن الرجل منهم على شاطئ الوادي الذي بكوفان وقد شربوه حتّى نزحوه، فيقول: والله لقد رأيت هذا الوادي مرة، وان الماء ليجرى في عرضه، قيل: يا رسول الله ومتى هذا؟ قال: حين لا يبقى من الدنيا إلّا مثل صبابة الإناء.

٢٣٩ ـ في كتاب الخصال عن أبي الطفيل عامر بن واثلة عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: كنا جلوسا في المدينة في ظل حائط، قال: وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في غرفة، فاطلع إلينا فقال: فيم أنتم؟ قلنا: نتحدث، قال: عماذا؟ قلنا: عن الساعة، فقال: انكم لا ترون الساعة حتّى تروا قبلها عشر آيات: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض، وثلثة خسوف

__________________

(١) وفي المصدر «فيخرقونه».

(٢) النغف ـ محركة ـ: دود في انوف الإبل والغنم.

(٣) معاول جمع المعول: الفاس العظيمة ينقر بها الصخر.

٣٠٩

يكون في الأرض خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب وخروج عيسى بن مريم وخروج يأجوج ومأجوج، ويكون في آخر الزمان نار تخرج من اليمن من قعر الأرض، لا تدع خلفها أحدا إلّا تسوق الناس إلى المحشر، كلما قاموا قامت، ثم تسوقهم إلى المحشر.

٢٤٠ ـ عن حذيفة بن أسيد قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: عشر آيات بين يدي الساعة: خمس بالمشرق، وخمس بالمغرب، فذكر الدابة والدجال، وطلوع الشمس من مغربها، وعيسى بن مريم، ويأجوج ومأجوج، وانه يغلبهم ويغرقهم في البحر ولم يذكر تمام الآيات.

٢٤١ ـ في تفسير العيّاشي عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، و( تَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ ) يعنى يوم القيمة.

٢٤٢ ـ عن محمد بن حكيم قال: كتبت رقعة إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فيها: أتستطيع النفس المعرفة؟ قال فقال: لا، فقلت: يقول الله:( الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً ) قال: هو كقوله: «و( ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ ) قلت: فعابهم؟ قال: لم يعتبهم بما صنع هو بهم، ولكن عابهم بما صنعوا، ولو لم يتكلفوا لم يكن عليهم شيء.

٢٤٣ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من الاخبار في التوحيد حدّثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي، قال: حدّثنا أبي عن أحمد بن عليّ الأنصاري عن أبي الصلت عن عبد الله بن صالح الهروي قال: سأل المأمون أبا الحسن علي بن موسى الرضاعليه‌السلام عن قول الله تعالى:( الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً ) فقال: إنّ غطاء العين لا يمنع من الذكر، والذكر لا يرى بالعين، ولكن اللهعزوجل شبه الكافرين بولاية عليّ بن أبي طالب بالعميان، لأنهم كانوا يستثقلون قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فيه «و( لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً ) فقال المأمون: فرجت عنى فرج الله عنك والحديث طويل

٣١٠

أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٤٤ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قال: كانوا لا ينظرون إلى ما خلق الله من الآيات والسموات والأرض.

٢٤٥ ـ وباسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل وفيه قلت: قولهعزوجل :( الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي ) قال: يعنى بالذكر ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وهو قوله «ذكرى» قلت: قولهعزوجل : «لا يستطيعون سمعا» قال: كانوا لا يستطيعون إذا ذكر على صلوات الله عليه عندهم أن يسمعوا ذكره، لشدة بغض له وعداوة منهم، له ولأهل بيته، قلت: قولهعزوجل : أفحسب( الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلاً ) قال: يعنيهما وأشياعهما الذين اتخذوهما من دون الله أولياء، وكانوا يرون انهم بحبهم إياهما ينجيانهم من عذاب اللهعزوجل ، وكانوا بحبهما كافرين، قلت قولهعزوجل :( إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلاً ) أي منزلا وهي لهما ولأشياعهما معدة عند الله تعالى، قلت: قولهعزوجل : «نزلا» قال: مأوى ومنزلا.

٢٤٦ ـ في مجمع البيان قرء أبو بكر في رواية الأعشى والبرجمي عنه، وزيد عن يعقوب: «أفحسب الذين كفروا» برفع الباء وسكون السين، وهو قراءة أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٢٤٧ ـ في عوالي اللئالى وروى محمد بن الفضل عن الكاظمعليه‌السلام في قوله تعالى:( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً ) انهم الذين يتمادون بحج الإسلام ويسوفونه.

٢٤٨ ـ في عيون الاخبار في باب ما كتبه الرضاعليه‌السلام للمأمون من محض الإسلام وشرايع الدين والبرائة من أهل الاستيشار ومن أبي موسى الأشعري وأهل ولايته( الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ ) بولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام ولقائه كفروا بأن لقوا الله بغير إمامته( فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ ) القيمة وزنا فهم كلاب أهل النار.

٣١١

٢٤٩ ـ في أصول الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن أسباط عن أحمد بن عمر الحلال عن علي بن سويد عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: سألته عن العجب الذي يفسد العمل؟ فقال: العجب درجات، منها ان يزين للعبد سوء عمله فيراه حسنا، ويحسب أنّه يحسن صنعا، ومنها ان يؤمن العبد بربه فيمنّ على اللهعزوجل ، ولله عليه فيه المنة.

٢٥٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن الأصبغ بن نباتة قال: قال ابن الكوا لأمير المؤمنينعليه‌السلام : أخبرني عن قول اللهعزوجل :( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً ) الآية قال: كفرة أهل الكتاب اليهود والنصارى، وقد كانوا على الحق فابتدعوا في أديانهم( وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ) .

٢٥١ ـ في تفسير العيّاشي عن امام بن ربعي قال: قام ابن الكوا إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام وقال أخبرني عن قول الله:( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ) قال: أولئك أهل الكتاب كفروا بربهم، وابتدعوا في دينهم، فحبطت أعمالهم وما أهل النهر منهم ببعيد.

في مجمع البيان وروى العيّاشي باسناده قال: قام ابن الكوا إلى أمير المؤمنين وذكر إلى آخر ما سبق وزاد بعد قوله ببعيد، يعنى الخوارج.

٢٥٢ ـ وفيه( فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً ) وروى في الصحيح أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إنّه ليأتى الرجل السمين يوم القيامة لا يزن جناح بعوضة.

٢٥٣ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه أهل الموقف وأحوالهم وفيه: ومنهم أئمة الكفر وقادة الضلالة فأولئك لا يقيم لهم يوم القيمة وزنا ولا يعبأ بهم، لأنهم لم يعبئوا بامره ونهيه يوم القيمة فهم في جهنم خالدون، تلفح وجوهم النار وهم فيها كالحون.

٢٥٤ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قولهعزوجل :( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ) قال: هم النصارى والقسيسون والرهبان وأهل الشبهات و

٣١٢

الأهواء من أهل القبلة والحرورية وأهل البدع.

٢٥٥ ـ وقال عليّ بن إبراهيمرحمه‌الله : نزلت في اليهود وجرت في الخوارج، وقولهعزوجل ( أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً ) قال: أي حسنة( ذلِكَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِما كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً ) يعنى بالآيات الأوصياء التي اتخذوها هزوا.

٢٥٦ ـ حدّثنا محمد بن أحمد(١) عن عبد الله بن موسى عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قولهعزوجل :( خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً ) قال: خالدين فيها لا يخرجون منها «و( لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً ) قال: لا يريدون بها بدلا، قلت قولهعزوجل :( قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً ) قال: قد أخبرك ان كلام اللهعزوجل ليس له آخر ولا غاية ولا ينقطع أبدا، قلت: قولهعزوجل :( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً ) قال: هذه نزلت في أبي ذر والمقداد وسلمان الفارسي وعمار بن ياسر، جعل اللهعزوجل ( لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً ) ، أي مأوى ومنزلا.

٢٥٧ ـ في مجمع البيان ( كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً ) وروى عن عبادة بن صامت عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: الجنة مأة درجة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض الفردوس.

٢٥٨ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدّثنا جعفر بن أحمد عن عبد الله بن موسى عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه والحسين بن أبي العلا وعبد الله بن وضاح وشعيب العقرقوفي جميعهم عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قولهعزوجل :( إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ) قال يعنى في الخلق أنّه مثلهم مخلوق( يُوحى إِلَيَّ إنّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) قال: لا يتخذ مع ولاية آل

__________________

(١) وفي المصدر «جعفر بن أحمد» مكان «محمد بن احمد».

٣١٣

محمد صلوات الله عليهم غيرهم، وولايتهم العمل الصالح. فمن أشرك بعبادة ربه فقد أشرك بولايتنا وكفر بها، وجحد أمير المؤمنين صلوات الله عليه حقه وولايته.

٢٥٩ ـ وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن تفسير قولهعزوجل : «من كان يرجو لقاء ربه» الآية فقال: من صلى مراياة الناس فهو مشرك، ومن زكى مراياة الناس فهو مشرك، ومن صام مراياة الناس فهو مشرك ومن حج مراياة الناس فهو مشرك، ومن عمل عملا بما امره اللهعزوجل مراياة الناس فهو مشرك، ولا يقبل اللهعزوجل عمل مراء.

٢٦٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) وعن أبي محمد الحسن العسكريعليه‌السلام قال: قلت لأبي علي بن محمدعليهما‌السلام : هل كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يناظر اليهود والمشركين إذا عاتبوه ويحاجهم؟ قال: مرارا كثيرة، ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان قاعدا ذات يوم بمكة بفناء الكعبة إذا ابتدأ عبد الله بن أبي امية المخزومي فقال: يا محمّد لقد ادعيت دعوى عظيمة، وقلت مقالا هائلا، زعمت انك رسول رب العالمين، وما ينبغي لرب العالمين وخالق الخلق أجمعين أن يكون مثلك رسوله بشرا مثلنا تأكل كما نأكل، وتمشي في الأسواق كما نمشي، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أللهمّ أنت السامع لكل صوت، والعالم بكل شيء، تعلم ما قاله عبادك، فأنزل الله عليه يا محمّد:( وَقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ ) إلى قوله:( رَجُلاً مَسْحُوراً ) ثم انزل عليه يا محمّد:( قُلْ إنّما أَنَا بَشَرٌ ) يعنى آكل الطعام( مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ إنّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ ) يعنى قل لهم انا في البشرية مثلكم، ولكن ربي خصنى بالنبوة دونكم، كما يخص بعض البشر بالغنى والصحة والجمال دون بعض من البشر، فلا تنكروا ان يخصني أيضا بالنبوة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٦١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول: ما من عبد يقرأ( قُلْ إنّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ) إلى آخر السورة إلّا كان له نور من مضجعه إلى بيت الله الحرام، وان من كان له نور في بيت الله الحرام كان له نور

٣١٤

الى بيت المقدس.

٢٦٢ ـ في كتاب التوحيد عن عليٍّعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات: فاما قوله( بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ ) يعنى بالبعث، فسماه اللهعزوجل لقاه، وكذلك ذكر المؤمنين( الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ ) يعنى انهم يؤمنون انهم يبعثون ويحشرون ويجزون بالثواب والعقاب والظن هنا اليقين وكذلك قوله:( فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً ) وقوله: «من كان يرجو( لِقاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ ) يعنى بقوله( مَنْ كانَ يُؤْمِنُ ) بأنه مبعوث، فان وعد الله لآت، من الثواب والعقاب فاللقاء هاهنا ليس بالرؤية، واللقاء هو البعث، فافهم جميع ما في كتاب الله من لقائه، فانه يعنى بذلك البعث.

٢٦٣ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى شهاب بن عبد ربه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان أمير المؤمنينعليه‌السلام إذا توضأ لم يدع أحدا يصب عليه الماء، قال: لا أحب أن أشرك في صلوتى أحدا.

٢٦٤ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن جراح المداينى عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) قال: الرجل يعمل شيئا من الثواب لا يطلب به وجه الله إنّما يطلب تزكية الناس يشتهي أن تسمع به الناس، فهذا الذي أشرك بعبادة ربه، ثم قال: ما من عبد أسر خيرا فذهبت الأيام أبدا حتّى يظهر الله له خيرا، وما من عبد يسر شرا فذهبت الأيام حتّى يظهر الله له شرا.

٢٦٥ ـ عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سألته عن الرجل يعمل الشيء من الخير فيراه إنسان فيسره ذلك؟ قال: لا بأس، ما من أحد إلّا ويحب ان يظهر له في الناس الخير، إذا لم يصنع ذلك لذلك.

٢٦٦ ـ أحمد بن محمد بن أحمد عن محمد بن أحمد النهدي عن محمد بن

٣١٥

الوليد عن أبان عن عامر بن عبد الله بن خزاعة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ما من عبد يقرء آخر الكهف إلّا تيقظ في الساعة التي يريد.

٢٦٧ ـ في الكافي علي بن محمد بن عبد الله عن إبراهيم بن إسحق الأحمر عن الحسن بن عليّ الوشاء قال: دخلت على الرضاعليه‌السلام وبين يديه إبريق يريد أن يتهيأ للصلوة، فدنوت منه لأصب عليه فأبى ذلك، وقال: مه يا حسن فقلت له: لم تنهاني أن أصب عليك تكره أن أوجر؟ قال: توجر أنت وأوزارنا، قلت له: وكيف ذلك؟ قال، أما سمعت اللهعزوجل يقول: «فمن كان يرجو( لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) وها انا ذا أتوضأ للصلوة وهي العبادة، فأكره ان يشركني فيها أحد

٢٦٨ ـ في من لا يحضره الفقيه وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : من قرء هذه الآية عند منامه:( قُلْ إنّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ إنّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ ) إلى آخرها سطع له نور من المسجد الحرام، حشو ذلك النور ملائكة يستغفرون له حتّى يصبح.

٢٦٩ ـ في مجمع البيان ( فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ ) الآية عن سعيد بن جبير قال مجاهد: جاء رجل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: انّي أتصدق وأصل الرحم ولا اصنع ذلك إلّا لله فيذكر ذلك منى واحمد عليه فيسرني ذلك وأعجب به؟ فسكت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يقل شيئا فنزلت الآية.

٢٧٠ ـ وروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: قال اللهعزوجل : انا اغنى الشركاء عن الشرك فمن عمل عملا أشرك فيه غيري فانا منه برىء، فهو للذي أشرك. أورده مسلم في الصحيح.

٢٧١ ـ وروى عن عبادة بن الصامت وشداد بن أوس قالا: سمعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: من صلى صلوة يرائى بها فقد أشرك، ومن صام صوما يرائى به فقد أشرك، ثم قرء هذه الآية.

٢٧٢ ـ وروى ان أبا الحسن الرضاعليه‌السلام دخل يوما على المأمون فرآه يتوضأ للصلوة والغلام يصب على يده الماء، فقال: لا تشرك بعبادة ربك أحدا، فصرف المأمون

٣١٦

الغلام، وتولى إتمام وضوئه بنفسه.

٢٧٣ ـ أبي بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: وان قرء الآية التي في آخرها( قُلْ إنّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ) حين يأخذ مضجعه، كان له نور يتلألأ إلى الكعبة حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه حتّى يقوم من مضجعه، فان كان في مكة تلاها كان له نورا يتلألأ إلى البيت المعمور، حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه حتّى يستيقظ.

٢٧٤ ـ وروى الشيخ أبو جعفر بن بابويه رضى الله عنه باسناده عن عيسى بن عبد الله عن أبيه عن جدّه عن عليٍّعليه‌السلام قال: ما من عبد يقرأ( قُلْ إنّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ) إلى آخره إلّا كان له نورا في مضجعه إلى بيت الله الحرام، فان كان من أهل بيت الله الحرام كان له نورا إلى بيت المقدس.

٢٧٥ ـ في تفسير العيّاشي عن العلا بن الفضيل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن تفسير هذه الآية:( فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) قال: من صلى أو صام أو أعتق أو حج يريد محمدة الناس فقد أشرك في عمله، فهو مشرك مغفور(١) .

٢٧٦ ـ عن علي بن سالم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال الله تبارك وتعالى: انا خير شريك: من أشرك في عمله لن أقبله إلّا ما كان لي خالصا.

٢٧٧ ـ وفي رواية اخرى قال: إنّ الله يقول: انا خير شريك من عمل لي ولغيري فهو لمن عمل له دوني.

٢٧٨ ـ عن زرارة وحمران عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام قالا: لو ان عبدا عمل عملا يطلب به رحمة الله والدار الآخرة، ثم ادخل فيه رضا أحد من الناس كان مشركا.

٢٧٩ ـ عن سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله( فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) قال: العمل الصالح المعرفة بالأئمة

__________________

(١) قال الفيض (ره): يعنى أنّه ليس من الشرك الذي قال الله تعالى:( إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ) لانّ المراد بذلك، الشرك الجلّي، وهذا هو الشرك الخفي.

٣١٧

( وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) التسليم لعليٍّ لا يشرك معه في الخلافة من ليس ذلك له، ولا هو من اهله(١) .

__________________

(١) هذا آخر الجزء الثاني على حسب تجزئة المؤلف (قده): وهذا صورة خطه (ره) على ما في هامش بعض النسخ: تم الجزء الثاني من التفسير المسمى بنور الثقلين على يد مؤلفه البعد المقصر الجاني غريق بحار الذنوب عبد علي بن جمعة العروسى نسبا والحويزي بلدا ببلدة شيراز صانها الله عن الإعواز عصر يوم الاثنين الرابع والشعرين من شهر رمضان المبارك أحد شهور السنة السادسة بعد الستين والف من هجرة سيد الأولين والآخرين صلوات الله عليه وآله أجمعين.

٣١٨

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من أدمن قراءة سورة مريم لم يمت حتّى يصيبه ما يغنيه في نفسه وما له وولده، وكان في الآخرة من أصحاب عيسى بن مريمعليهما‌السلام ، واعطى من الأجر مثل ملك سليمان بن داود في الدنيا.

٢ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من قرأها اعطى من الأجر بعدد من صدق بزكريا وكذب به، ويحيى ومريم وموسى وعيسى وهارون وإبراهيم واسحق ويعقوب واسمعيل عشر حسنات، وبعدد من ادعى لله ولدا، وبعدد من لم يدع له ولدا.

٣ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سعد بن عبد الله القمى عن الحجة القائمعليه‌السلام حديث طويل وفيه: قلت: فأخبرنى يا بن رسول الله عن تأويل كهيعص قال: هذه الحروف من أنباء الغيب، اطلع الله عبده زكريا عليها، ثم قصها على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذلك ان زكرياعليه‌السلام سأل ربه ان يعلمه أسماء الخمسة، فأهبط الله عليه جبرئيلعليه‌السلام فعلمه إياها، فكان زكريا إذا ذكر محمدا وعليا وفاطمة والحسن سرى عنه همه(١) وانجلى كربه، وإذا ذكر الحسينعليه‌السلام خنقته العبرة ووقعت عليه البهرة(٢) فقال ذات يوم: إلهي ما بالي إذا ذكرت أربعا منهمعليهم‌السلام تسليت بأسمائهم من همومي، وإذا ذكرت الحسينعليه‌السلام تدمع عيني وتثور زفرتي؟(٣) فأنبأه تبارك و

__________________

(١) سرى عنه الشيء: كشف عنه ما يجده من الهم والغضب.

(٢) خنقته العبرة أي غص بالبكاء حتّى كأن الدموع أخذت بمخنقته وهو الحلق. والبهر: تتابع النفس.

(٣) الزفرة: استيعاب النفس من شدة الهم والحزن.

٣١٩

تعالى عن قصته، فقال: «كهيعص» فالكاف اسم كربلاء، والهاء هلاك العترة، والياء يزيد لعنه الله وهو ظالم الحسين، والعين عطشه، والصاد صبره، فلما سمع بذلك زكرياعليه‌السلام لم يفارق مسجده ثلثة أيام، ومنع فيها الناس من الدخول عليه، وأقبل على البكاء والنحيب، وكانت ندبته: إلهي أتفجع خير خلقك بولده؟ أتنزل بلوى هذه الرزية بفناءه؟ أتلبس عليّا وفاطمة ثياب هذه المصيبة؟ إلهي أتحل كربة هذه الفجيعة بساحتهما؟ ثم كان يقول: إلهي ارزقني ولدا تقر به عيني عند الكبر، واجعله وارثا ووصيا، واجعل محله منى محل الحسينعليه‌السلام فاذا رزقتنيه فافتنى بحبه وبه أفجعنى به كما تفجع محمدا حبيبكصلى‌الله‌عليه‌وآله بولده، فرزقه الله يحيىعليه‌السلام وفجعه به، وكان حمل يحيى ستة أشهر، وحمل الحسينعليه‌السلام كذلك.

في كتاب المناقب لابن شهر آشوب عن إسحق الأحمري عن الحجة القائمعليه‌السلام مثل ما في كتاب كمال الدين وتمام النعمة سواء.

٤ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادقعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : «وكهيعص» معناه أنا الكافي الهادي الولي العالم الصادق الوعد.

٥ ـ وباسناده إلى محمد بن عمارة قال: حضرت عند جعفر بن محمدعليهما‌السلام فدخل عليه رجل فسأله عن «كهيعص»! فقالعليه‌السلام : «كاف» كاف بشيعتنا، «ها» هاد لهم، «يا» ولى لهم، «عين» عالم بأهل طاعتنا، «صاد» صادق لهم وعد حتّى يبلغ بهم المنزلة التي وعدهم إياها في بطن القرآن.

٦ ـ في مجمع البيان وروى عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّه قال في دعائه: أسألك يا كهيعص.

٧ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم «كهيعص» جعفر بن أحمد عن عبيد عن الحسن ابن على عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: هذه أسماء الله مقطعة، واما قوله: «كهيعص» قال: الله هو الكافي الهادي العالم الصادق ذو الأيادي العظام ،

٣٢٠

وهو كما وصف نفسه تبارك وتعالى.

٨ ـ وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله: ذكر رحمة ربك عبده زكريا يقول: ذكر ربك زكريا فرحمه.

٩ ـ في مجمع البيان: ( إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا ) وفي الحديث: خير الدعاء الخفي: وخير الرزق ما يكفى.

١٠ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم : ( قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي ) يقول: ضعف.

قال عز من قائل:( وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً ) .

١١ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى حفص بن البختري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان الناس لا يشيبون، فأبصر إبراهيمعليه‌السلام شيبا في لحيته فقال: يا رب ما هذا؟ فقال: هذا وقار، فقال: يا رب زدني وقارا.

١٢ ـ وباسناده إلى الحسين بن عمار عن نعيم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: أصبح إبراهيم فرأى في لحيته شيبا شعرة بيضاء، فقال: الحمد لله الذي بلغني هذا المبلغ ولم أعص الله طرفة عيني.

١٣ ـ وباسناده إلى خالد بن إسماعيل عن أيوب المخزومي عن جعفر بن محمدعليه‌السلام أنّه سمع أبا الطفيل يحدّث أنّ عليّاعليه‌السلام يقول: كان الرجل يموت وقد بلغ الهرم ولم يشب فكان الرجل يأتى النادي(١) فيه الرجل وبنوه، فلا يعرف الأب من الابن فقال: أيكم أبوكم؟ فلما كان زمان إبراهيمعليه‌السلام ، قال: أللهمّ اجعل لي شيبا أعرف به، فقال: فشاب وابيض رأسه ولحيته.

١٤ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب وفي العقدان مروان بن الحكم قال للحسن بن عليّعليهما‌السلام بين يدي معاوية: أسرع الشيب إلى شاربك يا حسن ويقال: إنّ ذلك من الخرق؟(٢) فقالعليه‌السلام : ليس كما بلغك ولكنا معشر بنى هاشم طيبة

__________________

(١) النادي: مجلس القوم ومتحدثهم نهارا، وقيل: المجلس ما داموا مجتمعين فيه، فاذا تفرقوا زال عنه هذا الاسم.

(٢) الخرق: الكذب.

٣٢١

أفواهنا، عذبة شفاهنا، فنساؤنا يقبلن علينا بأنفاسهن، وأنتم معشر بني أميّة فيكم بخر شديد(١) فنساؤكم يصرفن أفواههن وأنفاسهن إلى أصداغكم(٢) فانما يشيب منكم موضع العذار.

١٥ ـ محاسن البرقي قال عمرو بن العاص للحسينعليه‌السلام : ما بال الشيب إلى شواربنا أسرع منه إلى شواربكم؟ فقالعليه‌السلام : إنّ نسائكم بخرة فاذا دنا أحدكم من امرأته نكهته في وجهه(٣) فشاب منه شاربه.

١٦ ـ في كتاب الخصال عن الرضا عن أبيه عن آبائه عن عليّعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الشيب في مقدم الرأس يمن، وفي العارضين وفي الذوائب شجاعة، وفي القفا شؤم.

١٧ ـ وفيما علم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه: لا تنتفوا الشيب فانه نور المسلم، ومن شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة.

١٨ ـ عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: ثلثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم: الناتف شيبة، والناكح نفسه، والمنكوح في دبره.

١٩ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم : ولم أكن بدعائك رب شقيا يقول: لم يكن دعائى خائبا عندك.

٢٠ ـ في تفسير العيّاشي أبو إسماعيل الجعفي عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ امرأة عمران لما نذرت ما في بطنها محررا قال: والمحرر للمسجد إذا وضعته، أو دخل المسجد فلم يخرج من المسجد أبدا، فلما ولدت مريم( قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ )

__________________

(١) بخر الفم: أنتن ريحه.

(٢) أصداغ جمع الصدغ ـ بالضم ـ: ما بين العين والاذن والشعر المتدلى على هذا الموضع.

(٣) قولهعليه‌السلام «بخرة» أي نتنة. والنكهة ريح الفم.

٣٢٢

فساهم عليها البتول(١) فأصاب القرعة زكريا، وهو زوج أختها وكفلها وأدخلها المسجد، فلما بلغت ما تبلغ النساء من الطمث وكانت أجمل النساء وكانت تصلى فيضيء المحراب لنورها، فدخل عليها زكريا فاذا عندها فاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء، فقال:( أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ ) ( إِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي ) إلى ما ذكر الله من قصة زكريا ويحيى

٢١ ـ في مجمع البيان: و( إِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ ) قيل: هم العمومة وبنو العم عن أبي جعفرعليه‌السلام .

٢٢ ـ وقرأ علي بن الحسين ومحمد بن عليّ الباقرعليهم‌السلام :( وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ ) بفتح الخاء وتشديد الفاء وكسر التاء.

٢٣ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم ( وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي ) يقول: خفت الورثة من بعدي( وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً ) ولم يكن يومئذ لزكريا ولد يقوم مقامه ويرثه وكانت هدايا بنى إسرائيل ونذورهم للأحبار، وكان زكريا رئيس الأحبار وكانت امرأة زكريا أخت مريم بنت عمران بن ماثان، ويعقوب بن ماثان وبنو ماثان إذ ذاك رؤساء بنى إسرائيل وبنو ملوكهم من ولد سليمان بن داود، فقال زكريا:( فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ) .

٢٤ ـ في بصائر الدرجات علي بن إسماعيل عن محمد بن عمر الزيات عن ابن بابا قال: دخلت على أبي الحسن الرضاعليه‌السلام وقد ولد له أبو جعفرعليه‌السلام فقال: إنّ الله قد وهب لي من يرثني ويرث آل داود.

٢٥ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن شريف بن سابق عن الفضل بن أبي قرة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : مر عيسى ابن مريمعليهما‌السلام بقبر يعذب صاحبه، ثم مر به من قابل فاذا هو لا يعذب؟ فقال: يا رب مررت بهذا القبر عام أول فكان يعذب ومررت به العام فاذا هو ليس يعذب

__________________

(١) المساهمة: المقارعة.

٣٢٣

فأوحى اللهعزوجل اليه: أنّه أدرك له ولد صالح فأصلح طريقا وآوى يتيما، فلهذا غفرت بما عمل ابنه، ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ميراث اللهعزوجل من عبده المؤمن ولد يعبده من بعده، ثم تلا أبو عبد اللهعليه‌السلام آية زكريا( فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ) .

٢٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله وروى عبد الله بن الحسن باسناده عن آبائهعليهم‌السلام أنّه لما أجمع أبو بكر على منع فاطمة فدك، وبلغها ذلك، جاءت إليه وقالت له: يا ابن أبي قحافة أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي؟ لقد جئت شيئا فريا؟ أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم، إذ يقول فيما اقتص من خبر يحيى بن زكرياعليه‌السلام : إذ قال رب( فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٧ ـ في مجمع البيان وقرأ عليّ بن أبي طالب وجعفر بن محمدعليهم‌السلام ( يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا ) قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : وكذلك الحسينعليه‌السلام لم يكن له من قبل سمى ولم تبك السماء إلّا عليهما أربعين صباحا، قيل له: وما كان بكاؤها؟ قال: كانت تطلع حمراء وتغيب حمراء، وكان قاتل يحيى ولد زنا وقاتل الحسين ولد زنا.

٢٨ ـ في إرشاد المفيد رحمه‌الله وروى سفيان بن عيينة عن علي بن يزيد عن علي بن الحسينعليهما‌السلام قال: خرجنا مع الحسين بن عليّعليهما‌السلام فما نزل منزلا ولا رحل منه إلّا ذكر يحيى بن زكريا وقتله، وقال: ومن هوان الدنيا على الله ان رأس يحيى بن زكريا أهدى إلى بغى من بغايا بنى إسرائيل. وفي مجمع البيان مثله إلّا ان فيه وقال يوما: ومن هو ان الدنيا «إلخ».

٢٩ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم : ( يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا ) يقول: لم يسم باسم يحيى أحد قبله،( قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا ) فهو اليبس( قالَ كَذلِكَ قالَ

٣٢٤

رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا ) صحيح من غير مرض.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: ما نقلنا من تفسير عليّ بن إبراهيم ، متفرقا من قوله( كهيعص ) جعفر بن أحمد إلى هنا متصل فيه وفيه بعد قوله: من غير مرض: من هاهنا عن عليّ بن إبراهيم قال: ثم قصَّ الله قصة مريم وهو ظاهر في ان جميع ذلك رواية.

٣٠ ـ في روضة الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن أسباط عنهمعليهم‌السلام قال: فيما وعظ اللهعزوجل به عيسى: ونظيرك يحيى من خلقي وهبته لامه بعد الكبر من غير قوة بها، أردت بذلك أن يظهر لها سلطاني وتظهر فيك قدرتي.

٣١ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن بريد الكناسي عن أبي جعفرعليه‌السلام في حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : مات زكريا فورثه ابنه يحيى الكتاب والحكمة وهو صبي صغير، أما تسمع لقولهعزوجل :( يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) فلما بلغ عيسىعليه‌السلام سبع سنين تكلم بالنبوة والرسالة حين أوحى الله اليه، فكان عيسى الحجة على يحيى وعلى الناس أجمعين.

٣٢ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن علي بن أسباط قال: رأيت أبا جعفرعليه‌السلام وقد خرج على فأجدت النظر إليه وجعلت انظر إلى رأسه ورجليه لأصف قامته لأصحابنا بمصر، فبينا انا كذلك حتّى قعد فقال: يا عليُّ ان الله احتج في الامامة بمثل ما احتج به في النبوة، فقال:( وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) ولما بلغ أشده وبلغ أربعين سنة» فقد يجوز أن يؤتى الحكمة وهو صبي، ويجوز أن يؤتى الحكمة وهو ابن أربعين سنة.

٣٣ ـ في مجمع البيان وعن معمر قال: إنّ الصبيان قالوا ليحيي: اذهب بنا نلعب، قال: ما للعب خلقنا فأنزل الله تعالى:( وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) وروى ذلك عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام .

٣٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله وروى عن موسى بن جعفر

٣٢٥

عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليّعليهم‌السلام قال: إنّ يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنينعليه‌السلام : فهذا يحيى بن زكريا يقال: إنّه أوتي الحكم صبيا والحلم والفهم، وأنّه كان يبكى من غير ذنب وكان يواصل الصوم؟ قال له عليٌّعليه‌السلام لقد كان كذلك ومحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله أعطى أفضل من هذا، ان يحيى بن زكريا كان في عصر لا أوثان فيه ولا جاهلية، ومحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله اوتى الحكم والفهم صبيا بين عبدة الأوثان وحزب الشيطان، فلم يرغب لهم في صنم قط ولم ينشط لأعيادهم، ولم ير منه كذب قطصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان أمينا صدوقا حليما، وكان يواصل صوم الأسبوع والأقل والأكثر فيقال له في ذلك فيقول: انّي لست كأحدكم، انّي أظل عند ربي فيطعمني ويسقين، وكان يبكىصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى يبتل مصلاه خشية من اللهعزوجل من غير جرم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٥ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب (ره) محمد بن إسحق بالإسناد جاء أبو سفيان إلى عليٍّعليه‌السلام فقال: يا أبا الحسن جئتك في حاجة، قال: وفيم جئتني؟ قال: تمشي معى إلى ابن عمك محمد فنسأله أن يعقد لنا عقدا، ويكتب لنا كتابا، فقال: يا أبا سفيان لقد عقد لك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عقدا لا يرجع عنه أبدا، وكانت فاطمةعليها‌السلام من وراء الستر، والحسن يدرج بين يديها، وهو طفل من أبناء أربعة عشر شهرا، فقال لها: يا بنت محمد قولي لهذا الطفل يكلم لي جده فيسود بكلامه العرب والعجم، فأقبل الحسنعليه‌السلام إلى أبي سفيان وضرب احدى يديه على أنفه، والاخرى على لحيته، ثم أنطقه اللهعزوجل بأن قال: يا أبا سفيان قل: لا إله إلّا الله محمد رسول الله حتّى أكون شفيعا فقالعليه‌السلام : الحمد لله الذي جعل من ذرية محمد المصطفى نظير يحيى بن زكريا( آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) .

٣٦ ـ في محاسن البرقي وفي رواية أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : قوله في كتابه( حَناناً مِنْ لَدُنَّا ) قال: إنّه كان يحيى إذا قال في دعائه يا ربّ يا الله، ناداه الله من السماء لبيك يا يحيى سل حاجتك.

٣٢٦

٣٧ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابه عن محمد بن سنان عن أبي سعيد المكاري عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قلت: فما عنى بقوله في يحيى:( وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً ) قال: تحنن الله، قلت: فما بلغ من تحنن الله عليه؟ قال: كان إذا قال: يا رب، قال اللهعزوجل : لبيك يا يحيى، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٨ ـ في عيون الاخبار باسناده إلى ياسر الخادم قال: سمعت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام يقول: إنّ أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلثة مواطن: يوم يولد ويخرج من بطن امه فيرى الدنيا، ويوم يموت فيعاين الآخرة وأهلها، ويوم يبعث فيرى احكاما لم يرها في دار الدنيا وقد سلم اللهعزوجل على يحيى في هذه الثلاثة المواطن وآمن روعته فقال: و( سَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ) وقد سلم عيسى بن مريم على نفسه في هذه الثلاثة المواطن فقال:( وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ) .

٣٩ ـ في أصول الكافي أحمد بن مهران وعلى بن إبراهيم جميعا عن محمد بن عليّ عن الحسن بن راشد عن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام أنّه قال لرجل نصراني سأله عن مسائل فأجابهعليه‌السلام فيها: أعجلك أيضا خبرا لا يعرفه إلّا قليل ممن قرأ الكتب أخبرني ما اسم أم مريم واي يوم نفخت فيه مريم، ولكم ساعة من النهار، واى يوم وضعت مريم فيه عيسى، ولكم ساعة من النهار؟ فقال النصراني، لا أدري، فقال أبو إبراهيمعليه‌السلام : اما أم مريم فاسمها مرتا وهي وهيبة بالعربية، واما اليوم الذي حملت فيه مريم فهو يوم الجمعة للزوال، وهو اليوم الذي هبط فيه الروح الأمين وليس للمسلمين عيد كان اولى منه، عظمه الله تبارك وتعالى وعظمه محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأمر ان يجعله عيدا فهو يوم الجمعة، واما اليوم الذي ولدت فيه مريم فهو يوم الثلثاء لأربع ساعات ونصف من النهار، والنهر الذي ولدت عليه مريم عيسى هل تعرفه؟ قال: لا، قال: هو الفرات، وعليه شجر النخل والكرم، وليس

٣٢٧

يساوى بالفرات شيء للكروم والنخل، فأما اليوم الذي حجبت فيه لسانها ونادى قيدوس(١) ولده وأشياعه فأعانوه، واخرجوا آل عمران لينظروا إلى مريم، فقالوا لها ما قصَّ الله عليك في كتابه وعلينا في كتابه فهل فهمته؟ وقرأته اليوم الأحدث، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٠ ـ في تهذيب الأحكام محمد بن أحمد بن داود عن محمد بن همام قال: حدّثنا جعفر بن محمد بن مالك قال: حدّثنا سعد بن عمرو الزهري قال: حدثني بكر بن سالم عن أبيه عن أبي حمزة الثمالي عن علي بن الحسينعليهما‌السلام في قوله تعالى:( فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا ) قال: خرجت من دمشق حتّى أتت كربلا، فوضعت في موضع قبر الحسينعليه‌السلام ثم رجعت من ليلتها.

٤١ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى عبد الرحمن بن المثنى الهاشمي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام وقد ذكر فاطمةعليها‌السلام : فعلقت وحملت بالحسينعليه‌السلام ، فحملت ستة أشهر، ثم وضعت ولم يعش ولد قط لستة أشهر غير الحسين بن عليّعليهما‌السلام وعيسى بن مريمعليه‌السلام .

٤٢ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن علي بن إسمعيل عن محمد بن عمرو الزيات عن رجل من أصحابنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : ولم يولد لستة أشهر إلّا عيسى بن مريم والحسين بن عليّعليهم‌السلام .

٤٣ ـ في مجمع البيان وروى عن الباقرعليه‌السلام أنّه تناول جيب مدرعتها(٢) فنفخ فيه نفخة فكمل الولد في الرحم من ساعته، كما يكمل الولد في أرحام النساء تسعة أشهر، فخرجت من المستحم(٣) وهي حامل فحج مثقل، فنظرت إليها خالتها فأنكرتها ومضت مريم على وجهها مستحية من خالتها ومن زكريا، وقيل: كانت مدة حملها تسع ساعات، وهذا مروي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

__________________

(١) قيدوس: اسم رجل من بنى إسرائيل.

(٢) المدرعة: جبة مشقوقة المقدم.

(٣) المستحم: موضع الاستحمام.

٣٢٨

٤٤ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن الحسين بن الحسن بن يزيد عن بدر عن أبيه قال: حدثني سلام أبو على الخراساني عن سلام بن سعيد المخزومي قال: بينا أنا جالس عند أبي عبد اللهعليه‌السلام إذ دخل عليه عباد بن كثير عابد أهل البصرة، وابن شريح فقيه أهل مكة وعند أبي عبد الله ميمون القداح مولى أبي جعفرعليه‌السلام ، فسأله عباد بن كثير فقال: يا أبا عبد الله في كم ثوب كفن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال: في ثلثة أثواب، ثوبين صحاريين وثوب حبرة(١) وكان في البرد قلة، فكأنما ازور(٢) عباد بن كثير من ذلك، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إنّ نخلة مريم إنّما كانت عجوة(٣) ونزلت من السماء فما نبت من أصلها كان عجوة، وما كان من لقاط(٤) فهو لون، فلما خرجوا من عنده قال عباد بن كثير لابن شريح: والله ما أدرى ما هذا المثل الذي ضربه لي أبو عبد اللهعليه‌السلام ، فقال ابن شريح: هذا الغلام يخبرك فانه منهم ـ يعنى ميمون ـ فسأله، فقال ميمون: أما تعلم ما قال لك؟ قال: لا والله، قال: إنّه ضرب لك مثل نفسه فأخبرك أنّه ولد من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعلم رسول الله عندهم، فما جاء من عندهم فهو صواب، وما جاء من عند غيرهم فهو لقاط.

٤٥ ـ في كتاب طب الائمةعليهم‌السلام باسناده إلى جابر بن يزيد الجعفي ان رجلا أتى أبا جعفر محمد بن عليّ الباقرعليهما‌السلام فقال: يا ابن رسول الله أغثنى، قال: وما ذاك؟ قال: امرأتى قد أشرفت على الموت من شدة الطلق(٥) قال: اذهب واقرأ عليها:( فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا )

__________________

(١) حبرة ـ كعنبة ـ: ثوب يصبغ باليمن طن أو كتان مخطط.

(٢) أي انحرف.

(٣) العجوة: نوع من التمر.

(٤) قيل: اللقاط بالكسر جمع لقط ـ بالتحريك ـ: ما يلتقط من هاهنا وهاهنا من النوى ونحوه بالضم: الساق الردى.

(٥) الطلق: وجع الو لادة.

٣٢٩

ثم ارفع صوتك بهذه الاية:( وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ ) قليلا ما تشكرون» كذلك اخرج أيها الطلق فاخرج بإذن الله، فانها تبرأ من ساعتها بإذن الله تعالى.

٤٦ ـ في مجمع البيان ( يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا ) إنّما تمنتعليها‌السلام الموت استحياء من الناس ان يظنوا بها سوءا عن السدي، وروى عن الصادقعليه‌السلام لأنها لم تر في قومها رشيدا ذا فراسة ينزهها من السوء.

٤٧ ـ في تهذيب الأحكام علي بن الحسن عن محمد بن عبد الله بن زرارة عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان الأحمر عن كثير النوا عن أبي جعفرعليه‌السلام أنّه قال: وقد ذكر يوم عاشورا وهذا اليوم الذي ولد فيه عيسى بن مريمعليهما‌السلام ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٨ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى الحسن بن عليّ الوشا عن الرضاعليه‌السلام قال: ليلة خمس وعشرين من ذي القعدة ولد فيها إبراهيمعليه‌السلام ، وولد فيها عيسى بن مريمعليهما‌السلام ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٩ ـ في مجمع البيان ( قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا ) قيل: ضرب جبرئيل برجله، فظهر ماء عذب يجرى وهو المروي عن أبي جعفرعليه‌السلام .

٥٠ ـ في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه من الاربعمأة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه، ما تأكل الحامل من شيء ولا تتداوى به أفضل من الرطب، قال الله تعالى لمريم:( وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً ) .

٥١ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عدة من أصحابه عن علي بن أسباط عن عمه يعقوب بن سالم رفعه إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ليكن أول ما تأكل النفساء الرطب، فان اللهعزوجل قال لمريمعليها‌السلام :( وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا ) قيل: يا رسول الله

٣٣٠

ـ فان لم يكن إبان الرطب؟(١) قال: سبع تمرات من تمر المدينة، فان لم يكن فسبع تمرات من تمر أمصاركم، فان اللهعزوجل يقول: وعزتي وجلالي وعظمتي وارتفاع مكاني لا تأكل النفساء يوم تلد الرطب فيكون غلاما إلّا كان حليما، وان كانت جارية كانت حليمة.

٥٢ ـ في روضة الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه وعلى بن محمد جميعا عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص قال: رأيت أبا عبد اللهعليه‌السلام يتخلل بساتين الكوفة فانتهى إلى نخلة فتوضى عندها ثم ركع وسجد، فأحصيت في سجدة خمسمائة تسبيحة، ثم استند إلى النخلة، فدعا بدعوات ثم قال: يا حفص انها والله النخلة التي قال الله جل ذكره لمريمعليها‌السلام :( وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا ) .

٥٣ ـ في مجمع البيان وقال الباقرعليه‌السلام : لم تستشف النفساء بمثل الرطب، ان الله أطعمه مريم.

٥٤ ـ وروى أنّه لم يكن للجذع رأس فضربتها برجلها فأورقت وأثمرت، وانتشر عليها الرطب.

٥٥ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب عبد الله بن كثير قال: نزل أبو جعفرعليه‌السلام بواد فضرب خباه فيه ثم خرج يمشى حتّى انتهى إلى نخلة يابسة، فحمد الله عندها ثم تكلم بكلام لم اسمع بمثله ثم قال: أيتها النخلة أطعمينا ما جعل الله فيك، فتساقطت رطبا أحمر وأصفر فأكل ومعه أبو أمية الأنصاري، فقال: يا أبا امية هذه الآية فينا كالآية في مريم ان هزت إليها النخلة فتساقطت رطبا جنيا.

٥٦ ـ في بصائر الدرجات أحمد بن محمد بن يحيى عن سليمان بن خالد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: وكان أبو عبد الله البلخي معه فانتهى إلى نخلة خاوية فقال: أيتها النخلة السامعة الطيبة المطيعة لربها أطعمينا مما جعل الله فيك، قال: فتساقط علينا رطبا

__________________

(١) أبان الشيء: حينه.

٣٣١

مختلفا ألوانه فأكلنا حتّى تضلعنا(١) فقال: إليكم سنة كسنة مريمعليها‌السلام .

٥٧ ـ الهيثم النهدي عن إسمعيل بن مهران عن عبد الله الكناسي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: خرج الحسن بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام في بعض عمره ومعه رجل من ولد الزبير كان يقول بإمامته، قال: فنزلوا في منزل من تلك المنازل تحت نخل يابس قد يبس من العطش، قال: ففرش للحسن تحت نخلة وللزبيري بحذاه تحت نخلة اخرى قال: فقال الزبيري ورفع رأسه: لو كان في هذا النخل رطب لأكلنا منه؟ فقال الحسنعليه‌السلام : وانك لتشتهي الرطب؟ قال: نعم، فرفع الحسنعليه‌السلام يده إلى السماء ودعا بكلام لم يفهمه الزبيري، فاخضرت النخلة ثم صارت إلى حالها فأورقت وحملت رطبا، قال: فقال الجمال الذي اكتروا منه: سحر والله! فقال الحسنعليه‌السلام : ويلك ليس بسحر ولكن دعوة ابن نبي مجاب، قال: فصعدوا إلى النخلة حتّى تصرموا(٢) ما كان فيها فأكفاهم.

٥٨ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن جراح المداينى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الصيام ليس من الطعام والشراب وحده، ثم قال: قالت مريم:( إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً ) أي صوما صمتا ـ وفي نسخة اخرى أي صمتا ـ فاذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم، وغضوا أبصاركم، ولا تنازعوا ولا تحاسدوا، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥٩ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى أبو بصير عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال: إنّ الصوم ليس من الطعام والشراب وحده، ان مريم قالت( إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً ) أي صمتا فاحفظوا ألسنتكم وغضوا أبصاركم ولا تحاسدوا ولا تنازعوا، فان الحسد يأكل الايمان كما يأكل النار الحطب.

٦٠ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب في مناقب أبي جعفر الباقرعليه‌السلام

__________________

(١) تضلع الرجل: امتلأ شبعا وريا.

(٢) صرم الشيء: قطعه.

٣٣٢

وسأل طاوس اليماني أبا جعفرعليه‌السلام عن صوم لا يحجز عن أكل وشرب؟ فقالعليه‌السلام : الصوم من قوله تعالى:( إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً )

٦١ ـ في محاسن البرقي وعنه عن أبيه عن محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ستة كرهها الله لي فكرهتها للائمة من ذريتي، وليكرهها الائمة أتباعهم إلى قوله: قلت وما الرفث في الصيام؟ قال: ما كره الله لمريم في قوله:( إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ) قال: قلت من أي شيء؟ قال: من الكذب.

٦٢ ـ في مجمع البيان يا أخت هرون قيل فيه أقوال: «أحدها» أن هارون هذا كان رجلا صالحا في بنى إسرائيل ينسب إليه كل من عرف بالصلاح عن ابن عباس وقتادة وكعب وابن زيد والمغيرة بن شعبة يرفعه إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٦٣ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه‌الله من كتاب عبد الرحمن بن محمد الأزدي وحدثني سماك بن حرب عن المغيرة بن شعبة ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بعثه إلى نجران فقالوا: ألستم تقرؤن «يا أخت هرون» وبينهما كذا وكذا؟ فذكر ذلك للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: ألآ قلت لهم: انهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين منهم.

٦٤ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى عبد الله بن جبلة عن رجل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل : وجعلني مباركا أينما كنت قال: نفاعا. وفي أصول الكافي مثله سواء.

٦٥ ـ في روضة الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن أسباط عنهمعليهم‌السلام قال: فيما وعظ اللهعزوجل به عيسىعليه‌السلام : يا عيسى إلى قوله: فبوركت كبيرا وبوركت صغيرا حيث ما كنت، أشهد انك عبدي ابن أمتي.

٦٦ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن بريد الكناسي قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام أكان عيسى ابن مريم حين يكلم في المهد حجة الله على أهل زمانه؟ فقال: كان يومئذ نبيا حجة الله

٣٣٣

غير مرسل، أما تسمع لقوله حين( قالَ: إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبارَكاً ) أينما كنت وأوصاني بالصلوة والزكاة ما دمت حيا؟ قلت: فكان يومئذ حجة لله على زكريا في تلك الحال وهو في المهد؟ فقال: كان عيسى في تلك الحال آية لله ورحمة من الله لمريم حين يكلم فعبر عنها، وكان نبيا حجة على من سمع كلامه في تلك الحال، ثم صمت فلم يتكلم حتّى مضت له سنتان، وكان زكريا الحجة للهعزوجل بعد صمت عيسى بسنتين، ثم مات زكريا فورثه ابنه يحيى الكتاب والحكمة وهو صبي صغير، اما تسمع لقولهعزوجل :( يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) فلما بلغعليه‌السلام سبع سنين تكلم بالنبوة والرسالة حين أوحى الله اليه، فكان عيسى الحجة على يحيى وعلى الناس أجمعين، وليس تبقى الأرض يا أبا خالد يوما واحدا بغير حجة لله على الناس منذ يوم خلق الله آدمعليه‌السلام ، وأسكنه الأرض، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦٧ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن صفوان بن يحيى قال: قلت للرضاعليه‌السلام قد كنا نسألك قبل أن يهب الله لك أبا جعفر فكنت تقول: يهب الله لي غلاما، فقد وهب الله لك فقر عيوننا فلا أرانا الله يومك فان كان كون فالى من؟ فأشار بيده إلى أبي جعفر وهو قائم بين يديه فقلت: جعلت فداك هذا ابن ثلث سنين! قال وما يضره من ذلك شيء قد قام عيسىعليه‌السلام بالحجة وهو ابن ثلث سنين.

٦٨ ـ الحسين بن محمد الخيراني عن أبيه قال: كنت واقفا بين يدي أبي الحسنعليه‌السلام بخراسان فقال له قائل: يا سيدي ان كان كون فالى من؟ قال: إلى أبي جعفر إبني فكأن القائل استصغر سن أبي جعفرعليه‌السلام فقال أبو الحسن: إنّ الله تبارك وتعالى بعث عيسى ابن مريم رسولا نبيا صاحب شريعة مبتداة في أصغر من السن الذي فيه أبو جعفرعليه‌السلام .

٦٩ ـ في الكافي حدثني محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى ربهم، وأحب ذلك إلى اللهعزوجل ما هو؟ فقال: ما أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل

٣٣٤

من هذه الصلوة، ألآ ترى ان العبد الصالح عيسى بن مريمعليهما‌السلام قال: وأوصاني بالصلوة والزكاة ما دمت حيا.

٧٠ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قال الصادقعليه‌السلام في قوله:( وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ) قال: زكوة الرؤس لان كل الناس ليست لهم أموال، وانما الفطرة على الفقير والغنى والصغير والكبير.

٧١ ـ في عيون الاخبار باسناده عن الصادقعليه‌السلام حديث طويل في تعداد الكبائر يقول فيهعليه‌السلام : ومنها عقوق الوالدين، لان اللهعزوجل جعل العاق جبارا شقيا في قوله تعالى حكاية عن عيسىعليه‌السلام :( وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا ) .

٧٢ ـ في كتاب الخصال عن سماعة بن مهران عن الصادقعليه‌السلام حديث طويل وفيه يقولعليه‌السلام : وبرا الوالدين وضده العقوق.

٧٣ ـ في أصول الكافي باسناده إلى الحكم بن مسكين عن محمد بن مروان قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : ما يمنع الرجل ان يبر والديه حيين أو ميتين يصلى عنهما، ويتصدق عنهما، ويحج عنهما ويصوم عنهما، فيكون الذي صنع لهما وله مثل ذلك، فيزيده الله جل وعز بره وصلته كثيرا.

٧٤ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : بروا آباءكم يبركم أبناءكم، وعفوا عن نساء الناس تعف نسائكم.

٧٥ ـ في عيون الاخبار باسناده إلى ياسر الخادم قال: سمعت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام يقول: إنّ أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلث مواطن: يوم يولد ويخرج من بطن امه فيرى الدنيا، ويوم يموت فيعاين الآخرة، ويوم يبعث فيرى أحكاما لم يرها في دار الدنيا: وقد سلم اللهعزوجل على يحيى في هذه الثلاثة المواطن وأمن روعته فقال:( وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ) وقد سلم عيسى بن مريم في هذه الثلاثة المواطن فقال:( وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ) .

٣٣٥

٧٦ ـ في كتاب علل الشرائع عن وهب اليماني قال: إنّ يهوديا سأل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا محمّد كنت في أم الكتاب نبيا قبل أن يخلق آدم؟ قال: نعم قال وهؤلاء أصحابك المؤمنون مثبتون معك قبل أن يخلقوا؟ قال: نعم، قال: فما شأنك لم تتكلم بالحكمة حين خرجت من بطن أمك كما تكلم عيسى بن مريم على زعمك وقد كنت قبل ذلك نبيا؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّه ليس أمرى كأمر عيسى بن مريم، إنَّ عيسى بن مريم خلقه اللهعزوجل من أمّ ليس له أب كما خلق آدم من غير أب ولا أمّ، ولو انّ عيسى حين خرج من أمّه لم ينطق بالحكمة لم يكن لأمّه عذر عند الناس، وقد أتت به من غير أب وكانوا يأخذونها كما يؤخذ به مثلها من المحصنات، فجعل اللهعزوجل منطقه عذرا لأمّه.

٧٧ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن أحمد بن محمد بن عبد الله عن أبي مسعود عن عبد الله بن إبراهيم الجعفري قال: سمعت إسحق ابن جعفر يقول: الأوصياء إذا حملت بهم أمهاتهم إلى قوله: فاذا كان الليلة التي تلد فيها ظهر لها في البيت نور تراه ولا يراه غيرها إلّا أبوه، فاذا ولدته ولدته قاعدا وتفسحت له حتّى يخرج متربعا ثم يستدير بعد وقوعه إلى الأرض فلا يخطى القبلة حيث كانت بوجهه، ثم يعطس ثلثا يشير بإصبعه بالتحميد، ويقع مسرورا(١) مختونا ورباعيتاه من فوق وأسفل وناباه وضاحكاه، ومن بين يديه مثل سبيكة الذهب نور، ويقيم يومه وليلته تسيل يداه ذهبا، وكذلك الأنبياء إذا ولدوا وانما الأوصياء أعلاق من الأنبياء.

٧٨ ـ في أمالي الصدوق رحمه‌الله باسناده إلى أبي الجارود زياد بن المنذر عن أبي جعفر محمد بن عليّ الباقرعليهما‌السلام قال: لما ولد عيسى بن مريمعليه‌السلام كان ابن يوم كأنه ابن شهرين، فلما كان ابن سبعة أشهر أخذته والدته وجاءت به إلى الكتاب وأقعدته بين يدي المؤدب، فقال له المؤدب: قل: بسم الله الرحمن الرحيم، فقال عيسىعليه‌السلام : بسم الله الرحمن الرحيم، فقال له المؤدب: قل أبجد فرفع عيسىعليه‌السلام

__________________

(١) أي مقطوع السرة.

٣٣٦

رأسه فقال: وهل تدري ما أبجد؟ فعلاه بالدرة(١) ليضربه فقال: يا مؤدب لا تضربني ان كنت تدري والا فسلني حتّى أفسر لك، قال: فسر لي، فقال عيسىعليه‌السلام : الالف آلاء الله، والباء بهجة الله، والجيم جمال الله، والدال دين الله، «هوز» ها هول جهنم، والواو ويل لأهل النار، والزاء زفير جهنم «حطي» حطت الخطايا عن المستغفرين «كلمن» كلام الله لا مبدل لكلماته «سعفص» صاع بصاع والجزا بالجزا «قرشت» قرشهم(٢) فحشرهم فقال المؤدب: أيتها المرأة خذي بيد ابنك فقد علم ولا حاجة له في المؤدب.

٧٩ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحق عن عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : وأنزل في الكيل( وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ) ولم يجعل الويل لأحد حتّى يسميه كافرا، قال اللهعزوجل :( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) .

٨٠ ـ في كتاب معاني الأخبار أبيرحمه‌الله قال: حدّثنا سعد بن عبد الله عن القاسم بن محمد الاصفهانى عن داود عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: يوم الحسرة يوم يؤتى بالموت فيذبح.

٨١ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن أبي ولاد الحناط عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سئل عن قوله:( وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ ) قال: ينادى مناد من عند اللهعزوجل وذلك بعد ما صار أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار: يا أهل الجنة ويا أهل النار هل تعرفون الموت في صورة من الصور؟ فيقولون: لا، فيؤتى بالموت في صورة كبش أملح(٣) فيوقف بين الجنة والنار ثم، ينادون جميعا أشرفوا وانظروا إلى الموت، فيشرفون ثم يأمر اللهعزوجل به فيذبح، ثم يقال: يا أهل الجنة خلود فلا موت أبدا، ويا أهل النار خلود فلا موت أبدا، وهو قولهعزوجل

__________________

(١) الدرة: السوط.

(٢) قرش الشيء: جمعه من هنا ومن هنا وضم بعضه إلى بعض.

(٣) يقال كبش أملح: إذا كان اسود شعره بياض. أو يخالط بياضه سواد.

٣٣٧

( وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ ) أي قضى على أهل الجنة بالخلود فيها، وقضى على أهل النار بالخلود فيها.

٨٢ ـ في مجمع البيان وروى مسلم في الصحيح بالإسناد عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار قيل: يا أهل الجنة فيشرفون وينظرون، وقيل: يا أهل النار فيشرفون وينظرون. فيجاء بالموت كأنه كبش أملح فيقال لهم: تعرفون الموت؟ فيقولون: هذا هذا وكل قد عرفه، قال: فيقدم فيذبح، ثم يقال: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت، قال: فذلك قوله:( وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ ) الآية ورواه أصحابنا عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، ثم جاء في آخره فيفرح أهل الجنة فرحا لو كان أحد يومئذ ميتا لماتوا فرحا، ويشهق أهل النار شهقة لو كان أحد ميتا لماتوا.

٨٣ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقولهعزوجل :( إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها ) قال: كل شيء خلقه الله يرثه الله يوم القيمة.

٨٤ ـ في مجمع البيان: ( يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا ) وقد بينا في ما مضى ان الذي يقوله أصحابنا ان هذا الخطاب من إبراهيمعليه‌السلام إنّما توجه إلى من سماه الله أبا له، لأنه كان جد إبراهيم لامه، وان أباه الذي ولده كان اسمه تارخ، لإجماع الطائفة على أن آباء الأنبياء إلى آدمعليه‌السلام مسلمون موحدون، وبما روى عنهعليه‌السلام أنّه قال: لم يزل ينقلني الله سبحانه من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات حتّى أخرجنى في عالمكم هذا، والكافر غير موصوف بالطهارة لقوله تعالى:( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ) .

٨٥ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى ابن مسعود قال: احتجّوا في مسجد الكوفة فقالوا: ما بال أمير المؤمنينعليه‌السلام لم ينازع الثلاثة كما نازع طلحة والزبير وعائشة ومعاوية؟ فبلغ ذلك عليّاعليه‌السلام فأمر أن ينادى: الصلوة الجامعة

٣٣٨

فلما اجتمعوا صعد المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم قال: معاشر الناس انه بلغني عنكم كذا وكذا؟ قالوا: صدق أمير المؤمنين قد قلنا ذلك. قال ان لي بستة من الأنبياء أسوة في ما فعلت، قال الله تعالى في محكم كتابه:( لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) قالوا: ومن هم يا أمير المؤمنين؟ قال: أولهم إبراهيمعليه‌السلام إذ قال لقومه:( وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ) فان قلتم: إنّ إبراهيم اعتزل قومه لغير مكروه أصابه منهم فقد كفرتم، وان قلتم: اعتزلهم لمكروه رآه منهم فالوصى أعذر، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٦ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد الأشعري عن ابن القداح عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : رحم الله عبدا طلب من اللهعزوجل حاجة فألح في الدعاء استجيب له أولم يستجب، وتلا هذه الآية( وَأَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا ) .

٨٧ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم فلما اعتزلهم يعنى إبراهيمعليه‌السلام ( وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا ) يعنى لإبراهيم واسحق ويعقوب من رحمتنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا ) يعنى أمير المؤمنين صلوات الله عليه حدثني بذلك أبي عن الحسن بن عليّ العسكريعليه‌السلام .

٨٨ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن يحيى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : لسان الصدق للمرء يجعله الله في الناس خيرا من المال يأكله ويورثه، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٩ ـ في نهج البلاغة قالعليه‌السلام : أو ان اللسان الصالح يجعله الله للمرء في الناس خير له من المال يورثه من لا يحمده.

٩٠ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن ثعلبة بن ميمون عن زرارة قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :

٣٣٩

( وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا ) : ما الرسول وما النبي؟ قال: النبي الذي يرى في منامه ويسمع الصوت ولا يعاين الملك، والرسول الذي يسمع الصوت ويرى في المنام ويعاين الملك، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة. قال عز من قائل: وقربناه نجيا.

٩١ ـ في بصائر الدرجات أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن عمرو بن أبان عن أديم أخى أيوب عن حمران قال: قلت لابي عبد اللهعليه‌السلام : جعلت فداك بلغني ان الله تبارك وتعالى ناجى عليّاعليه‌السلام ؟ قال: أجل قد كان بينهما مناجاة بالطائف نزل بينهما جبرئيل.

٩٢ ـ إبراهيم بن هشام عن يحيى بن عمران عن يونس عن حماد بن عثمان عن محمد بن مسلم قال: قلت لابي عبد اللهعليه‌السلام : إنّ سلمة بن كهيل يروى في على أشياء قال: ما هي؟ قلت: حدثني ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان محاصر أهل الطائف وانه خلا بعلى يوما فقال رجل من أصحابه: عجبا لما نحن فيه من الشدة وانه يناجي هذا الغلام مثل اليوم؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أنا بمناج له إنّما يناجي ربه، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : هذه أشياء يعرف بعضها من بعض.

٩٣ ـ محمد بن عيسى عن القاسم بن عروة عن عاصم عن معاوية عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: لما كان يوم الطائف ناجى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّا فقال أبو بكر وعمر: انتجيته دوننا؟ فقال: ما انتجيته، بل الله ناجاه.

٩٤ ـ علي بن محمد قال: حدثني حمدان بن سليمان قال: حدثني عبد الله بن محمد اليماني عن منيع عن يونس عن علي بن أعين عن أبي رافع قال: لما دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّا يوم خيبر فتفل في عينيه ثم قال له: إذا أنت فتحتها فقف بين الناس فان الله أمرنى بذلك، قال أبو رافع: فمضى على وانا معه، فلما أصبح بخيبر وقف بين الناس وأطال الوقوف، فقال الناس: إنّ عليّا يناجي ربه، فلما مكث امر بانتهاب المدينة التي افتتحها، قال أبو رافع فأتيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت: إنّ عليّا وقف بين الناس كما أمرته، فقال قوم :

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643