تفسير نور الثقلين الجزء ٣

تفسير نور الثقلين6%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 643

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 643 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 266754 / تحميل: 8767
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

٣٩ ـ في مجمع البيان ( هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي ) قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : يعنى بذكر من معى ما هو كائن، وبذكر من قبلي ما قد كان.

٤٠ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقولهعزوجل :( وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ ) قال: هو ما قالت النصارى ان المسيح ابن الله، وما قالت اليهود عزير بن الله، وقالوا في الائمة ما قالوا، فقال اللهعزوجل : سبحانه انفة له(١) بل عباد مكرمون، يعنى هؤلاء الذين زعموا انهم ولد الله، وجواب هؤلاء الذين زعموا ذلك في سورة الزمر في قولهعزوجل :( لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ ) .

٤١ ـ في عيون الاخبار في الزيارة الجامعة للائمةعليهم‌السلام المنقولة عن الجوادعليه‌السلام : السلام على الدعاة إلى الله إلى قوله: والمظهرين لأمر الله ونهيه، وعباده المكرمين الذين( لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) .

٤٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل: وفيه والزمهم الحجة بان خاطبهم خطابا يدل على انفراده وتوحيده وبأن لهم أولياء تجري أفعالهم وأحكامهم مجرى فعله، فهم العباد المكرمون( لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) ، قال السائل: من هؤلاء الحجج؟ قال: هم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومن حل محله أصفياء الله الذين قال:( فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ) الذين قرنهم الله بنفسه وبرسوله، وفرض على العباد من طاعتهم مثل الذي فرض عليهم منها لنفسه.

٤٣ ـ في الخرائج والجرائح في أعلام أمير المؤمنينعليه‌السلام في روايات الخاصة اختصم رجل وامرأة اليه، فعلا صوت الرجل على المرئة، فقال له علىعليه‌السلام : اخسأ وكان خارجيا، فاذا رأسه رأس الكلب، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين صحت بهذا الخارجي فصار رأسه رأس الكلب فما يمنعك عن معاوية؟ فقال: ويحك لو أشاء أن آتى بمعاوية إلى هاهنا على سريره لدعوت الله حتّى فعل، ولكن لله خزان لا على

__________________

(١) أنفة له أي تنزيه.

٤٢١

ذهب ولا فضة ولا انكار على اسرار، هذا تدبير الله أما تقرأ:( بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) .

٤٤ ـ وروى الأصبغ بن نباتة قال: كنا نمشي خلف عليٍّعليه‌السلام ومعنا رجل من قريش فقال: يا أمير المؤمنين قد قتلت الرجال وأيتمت الأطفال وفعلت وفعلت؟ فالتفت إليهعليه‌السلام وقال: اخسأ فاذا هو كلب اسود فجعل يلوذ به ويبصبص(١) فرآهعليه‌السلام فرحمه فحرك شفتيه فاذا هو رجل كما كان، فقال رجل من القوم: يا أمير المؤمنين أنت تقدر على مثل هذا ويناويك معاوية(٢) فقال: نحن عباد مكرمون لا نسبقه بالقول ونحن بأمره عاملون.

٤٥ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قال الصادقعليه‌السلام : ما أتى جبرئيل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلّا كئيبا حزينا، ولم يزل كذلك منذ أهلك الله فرعون، فلما أمره الله بنزول هذه الآية:( آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ) نزل عليه وهو ضاحك مستبشر فقال رسول الله: ما أتيتني يا جبرئيل إلّا وتبينت الحزن في وجهك حتّى الساعة قال: نعم يا محمّد لما غرق الله فرعون قال:( آمَنْتُ أَنَّهُ لا إله إلّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) فأخذت حمأة(٣) فوضعتها في فيه، ثم قلت له:( آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ) وعملت ذلك من غير أمر الله خفت ان تلحقه الرحمة من الله ويعذبني الله على ما فعلت، فلما كان الآن وأمرني الله ان أؤدي إليك ما قلته أنا لفرعون امنت وعلمت ان ذلك كان لله رضى.

٤٦ ـ في مصباح شيخ الطائفة قدس‌سره في خطبة مروية عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: وان الله اختص لنفسه بعد نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله من بريته خاصة علاهم بتعليته، وسما بهم إلى رتبته، وجعلهم الدعاة بالحق إليه والأدلاء بالرشاد عليه لقرن قرن، و

__________________

(١) بصبص الكلب: تحرك بذنبه.

(٢) ناواه: عاداه.

(٣) الحمأة: الطين الأسود.

٤٢٢

زمن زمن، انشأهم في القدم قبل كل مذرو ومبرو أنوارا أنطقها بتمجيده بتحميده، وألهمها شكره وتمجيده، وجعلها الحجج على كل معترف له بملكة الربوبية وسلطان العبودية، واستنطق بها الخرسات بأنواع اللغات بخوعا له بأنه فاطر الأرضين والسموات، وأشهدهم خلقه، وولاهم ما شاء من أمره، جعلهم تراجمة مشيته وألسن إرادته، عبيدا( لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ) .

٤٧ ـ في تهذيب الأحكام باسناده إلى أبي الحسن الثالثعليه‌السلام زيارة لأمير المؤمنينعليه‌السلام وفيها يقول الزائر: يا ولى الله ان لي ذنوبا كثيرة فاشفع لي إلى ربكعزوجل ، فان لك عند الله مقاما محمودا، وان لك عند الله جاها وشفاعة، وقال الله:( لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى ) . وفي الكافي مثله سواء.

٤٨ ـ في عيون الاخبار باسناده إلى الحسين بن خالد عن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من لم يؤمن بحوضي فلا أورده الله حوضي، ومن لم يؤمن بشفاعتي فلا أنا له الله شفاعتي، ثم قالعليه‌السلام : إنّما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي، فأما المحسنون فما عليهم من سبيل. قال الحسين بن خالد: فقلت للرضاعليه‌السلام : يا ابن رسول الله فما معنى قول اللهعزوجل :( وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى ) ؟ قال:( لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى ) الله دينه.

٤٩ ـ في كتاب الخصال عن الأعمش عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام : قال: هذه شرائع الدين إلى أن قال: وأصحاب الحدود فساق لا مؤمنون ولا كافرون، لا يخلدون في النار، ويخرجون منها يوما والشفاعة جائزة لهم وللمستضعفين، إذا ارتضى الله دينهم.

٥٠ ـ في كتاب التوحيد حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضى الله عنه قال: حدّثنا إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن موسى بن جعفرعليه‌السلام حديث طويل وفيه قلت له: يا ابن رسول الله فالشفاعة لمن تجب من المذنبين؟

٤٢٣

فقال: حدثني أبي عن آبائه عن عليّعليهم‌السلام قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: إنّما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي، فأما المحسنون منهم فما عليهم من سبيل، قال ابن أبي عمير: فقلت له: يا ابن رسول الله كيف يكون الشفاعة لأهل الكبائر والله تعالى يقول:( وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى ) ومن يرتكب الكبيرة لا يكون مرتضى؟ فقال: يا أبا محمد ما من مؤمن يرتكب ذنبا إلّا ساءه ذلك وندم عليه، وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : كفى بالندم توبة، وقالعليه‌السلام : من سرته حسنته وسائته سيئته فهو مؤمن، فمن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن، ولم تجب له الشفاعة، وكان ظالما والله تعالى ذكره يقول:( ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ ) فقلت له: يا ابن رسول الله وكيف لا يكون مؤمنا من لم يندم على ذنب يرتكبه؟ فقال: يا أبا أحمد ما من أحد يرتكب كبيرة من المعاصي وهو يعلم أنّه سيعاقب عليها إلّا ندم على ما ارتكب، ومتى ندم كان تائبا مستحقا للشفاعة، ومتى لم يندم عليها كان مصرا والمصر لا يغفر له، لأنه غير مؤمن بعقوبة ما ارتكب، ولو كان مؤمنا بالعقوبة لندم، وقد قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا كبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة مع الإصرار، واما قول اللهعزوجل :( وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى ) فإنهم( لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى ) الله دينه، والدين الإقرار بالجزاء على الحسنات والسيئات، فمن ارتضى الله دينه ندم على ما ارتكبه من الذنوب لمعرفته بعاقبته في القيامة.

٥١ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم : قوله:( وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ ) قال: من زعم أنّه امام وليس بإمام.

٥٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله وروى ان عمرو بن عبيد وفد على محمد بن عليّ الباقرعليهما‌السلام لامتحانه بالسؤال عنه، فقال له: جعلت فداك ما معنى قول الله تعالى( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما ) ما هذا الرتق والفتق؟ فقال أبو جعفرعليه‌السلام : كانت السماء رتقا لا ينزل القطر، وكانت الأرض رتقا لا يخرج النبات ففتق الله السماء بالقطر، وفتق الأرض بالنبات فانقطع

٤٢٤

عمرو ولم يجد اعتراضا ومضى.

٥٣ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدثني أبي عن علي بن الحكم عن سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: خرج هشام بن عبد الملك حاجا ومعه الأبرش الكلبي، فلقيا أبا عبد اللهعليه‌السلام في المسجد الحرام فقال: هشام للأبرش: تعرف هذا؟ قال: لا، قال: هذا الذي تزعم الشيعة أنّه نبي من كثرة علمه فقال: الأبرش، لاسألنه عن مسئلة لا يجيبني فيها نبي أو وصيّ نبي، فقال هشام: وددت انك فعلت ذلك، فلقي الأبرش أبا عبد اللهعليه‌السلام فقال: يا أبا عبد الله أخبرني عن قول الله:( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما ) فما كان رتقهما وما كان فتقهما؟ فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : يا أبرش هو كما وصف نفسه،( كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ ) ، والماء على الهواء، والهواء لا يحد، ولم يكن يومئذ خلق غيرهما، والماء يومئذ عذب فرات، فلما أراد الله أن يخلق الأرض أمر الرياح فضربت الماء حتّى صار موجا ثم أزبد فصار زبدا واحدا، فجمعه في موضع البيت، ثم جعله جبلا من زبد، ثم دحى الأرض من تحته فقال الله تبارك وتعالى:( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً ) ثم مكث الرب تبارك وتعالى ما شاء، فلما أراد أن يخلق السماء أمر الرياح فضربت البحور حتّى أزبدتها، فخرج من ذلك الموج والزبد من وسطه دخان ساطع من غير نار، فخلق منه السماء وجعل فيها البروج والنجوم ومنازل الشمس والقمر و، وأجراها في الفلك، وكانت السماء خضراء على لون الماء الأخضر، وكانت الأرض غبراء على لون الماء العذب، وكانتا مرتوقتين ليس لهما أبواب، ولم يكن للأرض أبواب وهو النبت، ولم تمطر السماء عليها فتنبت، ففتق السماء بالمطر، وفتق الأرض بالنبات وذلك قوله( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما ) فقال الأبرش: والله ما حدثني بمثل هذا الحديث أحد قط أعده على، فأعاد عليه وكان الأبرش ملحدا، فقال: وانا أشهد انك ابن نبي ثلاث مرات.

٥٤ ـ في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن

٤٢٥

سعيد عن محمد بن داود عن محمد بن عطية قال: قال رجل من أهل الشام لأبي جعفرعليه‌السلام يا أبا جعفر قول اللهعزوجل :( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما ) فقال له أبو جعفرعليه‌السلام فلعلك تزعم انهما كانتا رتقا ملتزقتان ملتصقتان ففتقت إحداهما من الاخرى؟ فقال: نعم، فقال أبو جعفرعليه‌السلام : استغفر ربك فان قول اللهعزوجل :( كانَتا رَتْقاً ) يقول: كانت السماء رتقا لا تنزل المطر، وكانت الأرض رتقا لا تنبت الحب، فلما خلق الله تبارك وتعالى الخلق وبث فيها من كل دابة، فتق السماء بالمطر، والأرض بنبات الحب، فقال الشامي: اشهد انك من ولد الأنبياء، وان علمك علمهم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥٥ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن الحسن بن محبوب عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي وأبو منصور عن أبي الربيع قال حججنا مع أبي جعفرعليه‌السلام في السنة التي كان حج فيها هشام بن عبد الملك، وكان معه نافع مولى عمر بن الخطاب، فقال: يا أبا جعفر فأخبرنى عن قول اللهعزوجل :( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما ) قال: إنّ الله تبارك وتعالى اهبط آدم إلى الأرض وكانت السماء رتقا لا تمطر شيئا، وكانت الأرض رتقا لا تنبت شيئا، فلما تاب اللهعزوجل على آدم صلى الله عليه أمر السماء فتفطرت بالغمام، ثم أمرها فأرخت عزاليها(١) ثم أمر الأرض فأنبتت الأشجار وأثمرت الثمار، وتفيهت بالأنهار(٢) فكان ذلك رتقها وهذا فتقها، فقال نافع: صدقت يا ابن رسول الله، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

__________________

(١) أرخى الستر: أسد له. أرسله والعزالى جمع العزلاء: مصب الماء من الراوية وأرخى السماء عزاليها كناية عن شدة وقع المطر على التشبيه بنزوله من أفواه القرب.

(٢) أي فتحت أفوامها والقياس «تفوهت» بالواو ويحتمل كونه «تفتقت» فصحف، وفي روضة الكافي «تفهقت» من فهق الإناء: امتلأ.

٤٢٦

٥٦ ـ في نهج البلاغة قالعليه‌السلام : وفتق بعد الارتتاق صوامت أبوابها.

٥٧ ـ في كتاب طب الائمةعليهم‌السلام عبد الله بن بسطام قال: حدّثنا ابن إسحق ابن إبراهيم عن أبي الحسن العسكريعليه‌السلام قال: حضرته يوما وقد شكى إليه بعض، إخواننا، فقال: يا ابن رسول الله ان أهلى كثيرا يصيبهم هذا الوجع الملعون، قال: وما هو؟ قال: وجع الرأس، قال، خذ قدحا من ماء واقرأ عليه:( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ ) ثم اشربه فانه لا يضره إنشاء الله تعالى.

٥٨ ـ وباسناده إلى حماد بن عيسى يرفعه إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: إذا شكى أحدكم وجع الفخذين فليجلس في تور كبير وطست، في الماء المسخن، وليضع يده عليه وليقرأ:( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ ) .

٥٩ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله:( وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ ) قال: نسب كل شيء إلى الماء ولم ينسب الماء إلى غيره.

٦٠ ـ في تفسير العيّاشي عن شيخ من أصحابنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كنا عنده فسأله شيخ فقال: لي وجع وأنا أشرب له النبيذ ووصفه له الشيخ، فقال له: ما يمنعك من الماء «الذي جعل الله من كل شيء حي» قال: لا يوافقني، الحديث وقد كتب في النحل عند قوله تعالى:( فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ ) .

٦١ ـ في مجمع البيان وروى العيّاشي باسناده إلى الحسين بن علوان قال: سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن طعم الماء؟ فقال: سل تفقها ولا تسأل تعنتا، طعم الماء طعم الحيوة، قال الله سبحانه:( وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ) .

٦٢ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده إلى الحسين بن علوان عن جعفرعليه‌السلام قال: كنت عنده جالسا إذ جاءه رجل فسأله عن طعم الماء وكانوا يظنون أنّه زنديق

٤٢٧

فأقبل أبو عبد اللهعليه‌السلام يضرب فيه ويصعد ثمّ قال له: ويلك طعم الماء طعم الحيوة، ان اللهعزوجل يقول:( وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ ) .

٦٣ ـ في مصباح الشريعة قال الصادقعليه‌السلام : وقال اللهعزوجل :( وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ) فلما أحيى به كل شيء من نعيم الدنيا كذلك بفضله ورحمته حيوة القلوب والطاعات.

٦٤ ـ في نهج البلاغة قالعليه‌السلام ، بعد ذكره السماوات السبع: جعل سفلاهن موجا مكفوفا، وعليا هن سقفا محفوظا وسمكا مرفوعا.

٦٥ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله:( وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً ) يعنى من الشياطين أي لا يسترقون السمع واما قولهعزوجل :( وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ ) فانه لما أخبر اللهعزوجل نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله بما يصيب أهل بيته بعده صلوات الله عليهم، وادعاء من ادعى الخلافة دونهم، اغتم رسول الله فأنزل اللهعزوجل :( وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَلْخَيْرِ فِتْنَةً ) أي نختبر كم( وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ ) فأعلم ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه لا بد ان تموت كل نفس.

٦٦ ـ وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه يوما وقد تبع جنازة فسمع رجلا يضحك فقال: كأن الموت فيها على غيرنا كتب، وكأن الحق فيها على غيرنا وجب، وكأن الذي نسمع من الأموات سفر عما قليل إلينا راجعون نريهم أجداثهم، ونأكل تراثهم كأنا مخلدون بعد هم، قد نسينا كل واعظة ورمينا بكل جائحة(١) .

٦٧ ـ في تفسير العيّاشي عن زرارة قال: كرهت أن أسأل أبا جعفرعليه‌السلام عن الرجعة واستخفيت ذلك، قلت: لا سألن مسئلة لطيفة أبلغ فيها حاجتي، فقلت: أخبرني عمن قتل أمات؟ قال: لا، الموت موت والقتل قتل، قلت: ما أحد يقتل إلّا وقد مات فقال: قول الله اصدق من قولك فرق بينهما في القرآن قال:( أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ ) وقال :

__________________

(١) الجائحة: النازلة. الشدة.

٤٢٨

ـ( لَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ ) وليس كما قلت يا زرارة الموت موت والقتل قتل قلت: فان الله يقول:( كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ) قال: من قتل لم يذق الموت، ثم قال: لا بد من ان يرجع حتّى يذوق الموت.

٦٨ ـ في مجمع البيان وروى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ان أمير المؤمنينعليه‌السلام مرض فعاده إخوانه، فقالوا: كيف نجدك يا أمير المؤمنين؟ قال: بشر، قالوا: ما هذا كلام مثلك؟ قال: إنّ الله تعالى يقول: ونبلوكم بالخير والشر فتنة فالخير الصحة والغنى، والشر المرض والفقر.

٦٩ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقوله:( خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ ) قال: لما أجرى في آدم الروح من قدميه فبلغت إلى ركبتيه أراد أن يقوم فلم يقدر، فقال اللهعزوجل :( خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ ) .

٧٠ ـ في مجمع البيان قيل في «عجل» ثلاثة تأويلات: منها أن آدم لما خلق وجعلت الروح في أكثر جسده وثب عجلان مبادرا إلى ثمار الجنة، وقيل: هم بالوثوب فهذا معنى قوله: «من عجل» وروى ذلك عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

٧١ ـ في نهج البلاغة قالعليه‌السلام إياك والعجلة بالأمور قبل أوانها والتساقط فيها عند إمكانها، أو اللجاجة فيها إذا تنكرت، أو الوهن عنها إذا استوضعت، فضع كل أمر موضعه، وأوقع كل عمل موقعه.

٧٢ ـ في كتاب الخصال عن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: مع التثبت يكون السلامة، ومع العجلة يكون الندامة، ومن ابتدأ العمل في غير وقته كان بلوغه في غير حينه.

٧٣ ـ وعن عليٍّعليه‌السلام قال في كلام طويل: لا تعاجلوا الأمر قبل بلوغه فتندموا

٧٤ ـ في مجمع البيان ( أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها ) وقيل بموت العلماء، وروى ذلك عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: نقصانها ذهاب عالمها.

٧٥ ـ في روضة الكافي كلام لعليِّ بن الحسينعليهما‌السلام في الوعظ والزهد

٤٢٩

في الدنيا ذكرنا في هذه السورة بعضه عند قوله تعالى:( وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ ) الآية ويتصل به قولهعليه‌السلام ثم رجع القول من الله في الكتاب على أهل المعاصي والذنوب، فقالعزوجل :( وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ ) فان قلتم أيها الناس ان اللهعزوجل إنّما عنى بهذا أهل الشرك فكيف ذلك وهو يقول:( وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ ) اعلموا عباد الله ان أهل الشرك لا تنصب لهم الموازين ولا تنصب لهم الدواوين، وانما يحشرون إلى جهنم. وانما نصب الموازين ونشر الدواوين لأهل الإسلام فاتقوا الله عباد الله.

٧٦ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن عليٍّعليه‌السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات: واما قوله تبارك وتعالى:( وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً ) فهو ميزان العدل يؤخذ به الخلائق يوم القيمة، يدين الله تبارك وتعالى الخلق بعضهم من بعض بالموازين، وفي غير هذا الحديث: الموازين هم الأنبياء والأوصياءعليهم‌السلام ، وقولهعزوجل :( فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً ) فان ذلك خاصة.

٧٧ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى هشام قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً ) قال: هم الأنبياء والأوصياء.

٧٨ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن إبراهيم الهمداني يرفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله تعالى:( وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ ) قال: الأنبياء والأوصياءعليهم‌السلام .

٧٩ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله:( وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ ) قال: المجازاة( وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها ) أي جازينا بها، وهي ممدودة أتينا بها، ثم حكىعزوجل قول إبراهيم لقومه وأبيه: فقال و( لَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ ) إلى قوله:( بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ ) قال: فلما نهاهم إبراهيمعليه‌السلام واحتج

٤٣٠

عليهم في عبادتهم الأصنام فلم ينتهوا، فحضر عيد لهم فخرج نمرود وجميع أهل مملكته إلى عيد لهم وكره أن يخرج إبراهيم معه، فوكله ببيت الأصنام، فلما ذهبوا به عمد إبراهيمعليه‌السلام إلى طعام فأدخله بيت أصنامهم، فكان يدنو من صنم صنم فيقول له: كل فاذا لم يجبه أخذ القدوم(١) فكسر يده ورجله حتّى فعل ذلك بجميع الأصنام ثم علق القدوم في عنق الكبير منهم الذي كان في الصدر، فلما رجع الملك ومن معه من العيد نظروا إلى الأصنام مكسرة فقالوا:( مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ ) وهو ابن آزر فجاؤا به إلى نمرود، فقال نمرود لآزر: خنتني وكتمت هذا الولد عنى؟ فقال: أيها الملك هذا عمل امه وذكرت انها تقوم بحجته، فدعا نمرود أم إبراهيم فقال: ما حملك على ما كتمت أمر هذا الغلام حتّى فعل بآلهتنا ما فعل؟ فقالت: أيها الملك نظرا منى لرعيتك، قال: وكيف ذلك؟ قالت: رأيتك تقتل أولاد رعيتك فكان يذهب النسل، فقلت: إنْ كان هذا الذي تطلبه دفعته إليه ليقتله وتكف عن قتل أولاد الناس، وان لم يكن ذلك بقي لنا ولدنا وقد ظفرت به فشأنك فكف عن أولاد الناس وصوب رأيها، ثم قال لإبراهيم:( مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا ) يا إبراهيم قال إبراهيم: فعله كبير هم هذا فاسئلوهم ان كانوا ينطقون فقال الصادقعليه‌السلام : والله ما فعله كبير هم وما كذب إبراهيم، فقيل: فكيف ذلك؟ فقال: إنّما قال: فعله كبير هم هذا ان نطق، وان لم ينطق فلم يفعل كبير هم هذا شيئا، فاستشار قومه في إبراهيم فقالوا( حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ ) فقال الصادقعليه‌السلام : كان فرعون إبراهيم لغير رشده وأصحابه لغير رشدهم فإنهم قالوا لنمرود:( حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ ) وكان فرعون موسى وأصحابه لرشدهم فانه لما استشار أصحابه في موسىعليه‌السلام :( قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ ) .

فحبس إبراهيم وجمع له الحطب حتّى إذا كان اليوم الذي ألقى فيه نمرود إبراهيم

__________________

(١) القدوم: آلة النجر والبحت.

٤٣١

في النار برز نمرود وجنوده وقد كان بنى لنمرود بناء ينظر منه إلى إبراهيمعليه‌السلام كيف تأخذه النار، فجاء إبليس واتخذ لهم المنجنيق لأنه لم يقدر أحد أن يتقارب من النار، وكان الطائر إذا مر في الهواء يحترق، فوضع إبراهيم في المنجنيق وجاء أبوه فلطمه لطمة وقال له: ارجع عما أنت عليه، وأنزل الرب تبارك وتعالى ملئكة إلى السماء الدنيا ولم يبق شيء إلّا طلب إلى ربه، وقالت الأرض: يا رب ليس على ظهري أحد يعبدك غيره فيحرق؟ وقال الملائكة: يا رب خليلك إبراهيم يحرق؟ فقال اللهعزوجل : أنّه ان دعاني كفيته، وقال جبرئيل: يا رب خليلك إبراهيم ليس في الأرض أحد يعبدك غيره سلطت عليه عدوه يحرقه بالنار؟ فقال: اسكت إنّما يقول هذا عبد مثلك يخاف الفوت، هو عبدي آخذه إذا شئت، فان دعاني أجبته فدعا إبراهيمعليه‌السلام ربه بسورة الإخلاص: يا الله يا واحد يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد نجني من النار برحمتك، قال: فالتقى معه جبرئيل في الهواء وقد وضع في المنجنيق، فقال: يا إبراهيم هل لك إلى من حاجة؟ فقال إبراهيمعليه‌السلام : اما إليك فلا، واما إلى رب العالمين فنعم، فدفع إليه خاتما عليه مكتوب لا إله إلّا الله محمد رسول الله ألجأت ظهري إلى الله، وأسندت أمرى إلى الله، وفوضت أمري إلى الله، فأوحى اللهعزوجل إلى النار: كوني بردا فاضطربت أسنان إبراهيم من البرد حتّى قال: وسلاما على إبراهيم وانحط جبرئيلعليه‌السلام وجلس معه يحدثه في النار ونظر نمرود فقال: من اتخذ إلها فليتخذ مثل اله إبراهيم، فقال عظيم من عظماء أصحاب نمرود: إنّي عزمت على النار ان لا تحرقه، فخرج عمود من النار نحو الرجل فأحرقه فآمن له لوط، فخرج مهاجرا إلى الشام، ونظر نمرود إلى إبراهيمعليه‌السلام في روضة خضراء في النار مع شيخ يحدثه فقال لآزر: يا آزر ما أكرم ابنك على ربه قال: وكان الوزغ ينفخ في نار إبراهيم، وكان الضفدع(١) يذهب بالماء ليطفئ به النار، قال: ولما قال اللهعزوجل للنار( كُونِي بَرْداً وَسَلاماً ) ، لم تعمل

__________________

(١) الضفدع: دابة مائية دقيقة العظام وهي كثيرة الأنواع وبالفارسية «غوك».

٤٣٢

النار في الدنيا ثلاثة أيام، ثم قال اللهعزوجل :( وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ ) فقال اللهعزوجل :( وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ ) إلى الشام وسواد الكوفة.

٨٠ ـ في مجمع البيان وروى العيّاشي بالإسناد عن الأصبغ بن نباتة أنّ عليّاعليه‌السلام مر بقوم يلعبون بالشطرنج، فقال:( ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ ) ؟.

٨١ ـ في عوالي اللئالى وانهصلى‌الله‌عليه‌وآله مر بقوم يلعبون بالشطرنج فقال:( ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ ) ؟.

٨٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليّعليهم‌السلام قال: إنّ يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين: فان هذا إبراهيم حد أصنام قومه غضبا للهعزوجل قال له علىعليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله قد نكس عن الكعبة ثلاثمائة وستين صنما، ونفاها من جزيرة العرب، وأذل من عبدها بالسيف، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٣ ـ في عيون الاخبار في باب جمل من أخبار موسى بن جعفرعليهما‌السلام مع هارون الرشيد ومع موسى المهدي حديث طويل وفيه قال (ع) لما قال له هارون: كيف تكون ذرية رسول الله وأنتم أولاد ابنته؟ بعد ما نقلعليه‌السلام آية المباهلة، واحتج بها على ان العلماء قد اجمعوا على ان جبرئيل قال يوم أحد: يا محمّد ان هذه لهي المواساة من على، قال: لأنه منى وانا منه، فقال جبرئيل وانا منكما يا رسول الله ثم قال: لا فتى إلّا عليٌّ لا سيف إلّا ذو الفقار، فكان كما مدح اللهعزوجل خليلهعليه‌السلام إذ يقول:( فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ ) انا معشر بنى عمك نفتخر بقول جبرئيل أنّه منا.

٨٤ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى صالح بن سعيد عن رجل من أصحابنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ثم قال: سألته عن قول اللهعزوجل في قصة إبراهيم:( قالَ بَلْ فَعَلَهُ

٤٣٣

كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ ) قال: ما فعله كبير هم وما كذب إبراهيمعليه‌السلام فقلت: وكيف ذاك؟ قال: إنّما قال إبراهيم:( فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ ) فكبيرهم فعل، وان لم ينطقوا فلم يفعل كبير هم شيئا فما نطقوا وما كذب إبراهيمعليه‌السلام والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٥ ـ في أصول الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد عن أبي نصر عن حماد بن عثمان عن الحسن الصيقل قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : انا قد روينا عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول يوسف:( أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ ) فقال: والله ما سرقوا وما كذب، وقال إبراهيم:( بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ ) فقال: والله ما فعلوا وما كذب، قال فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : ما عند كم يا صيقل؟ قال: قلت: ما عندنا فيها إلّا التسليم، قال: فقال: إنّ الله أحب اثنين وأبغض اثنين: أحب الخطو فيما بين الصفين، وأحب الكذب في الإصلاح، وأبغض الخطو في الطرقات، وأبغض الكذب في غير الإصلاح ان إبراهيمعليه‌السلام إنّما قال:( بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا ) ارادة الإصلاح، ودلالة على انهم لا يفعلون، وقال يوسف ارادة الإصلاح.

٨٦ ـ أبو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن الحجال عن ثعلبة عن معمر ابن عمرو عن عطاء عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا كذب على مصلح ثم تلا:( أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ ) قال: والله ما سرقوا وما كذب، ثم تلا:( بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ ) ثم قال: والله ما فعلوه وما كذب.

٨٧ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أبي يحيى الواسطي عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: الكلام ثلاثة: صدق وكذب وإصلاح بين الناس.

٨٨ ـ في روضة الكافي الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن الوشاء عن أبان بن عثمان عن أبي بصير قال: قيل لابي جعفرعليه‌السلام وانا عنده: إنّ سالم بن أبي حفصة وأصحابه يروون عنك انك تكلم على سبعين وجها لك منها المخرج؟

٤٣٤

فقال: ما يريد سالم منى؟ أيريد ان أجيء بالملائكة، والله ما جاءت بهذا النبيون، ولقد قال إبراهيمعليه‌السلام :( بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا ) وما فعله وما كذب.

٨٩ ـ وفي حديث أبي حمزة الثمالي أنّه دخل عبد الله بن عمر على زين العابدينعليه‌السلام وقال: يا ابن الحسين أنت الذي تقول: إنّ يونس بن متى إنّما لقى من الحوت ما لقى لأنه عرضت عليه ولاية جدي فتوقف عندها؟ قال: بلى ثكلتك أمك، قال: فأرنى آية ذلك ان كنت من الصادقين؟ فأمر بشد عينيه بعصابة وعيني بعصابة، ثم أمر بعد ساعة بفتح أعيننا، فاذا نحن على شاطئ البحر تضرب أمواجه، فقال ابن عمر: يا سيدي دمي في رقبتك الله الله في نفسي! فقال: هنيئة وأريه ان كنت من الصادقين؟ ثم قال: يا أيتها الحوت، قال: فاطلع الحوت رأسه من البحر مثل الجبل العظيم وهو يقول: لبيك لبيك يا ولى الله، فقال: من أنت؟ قال: حوت يونس يا سيدي، قال: ايتنا بالخبر، قال: يا سيدي ان الله تعالى لم يبعث نبيا من آدم إلى ان صار جدك محمد إلّا وقد عرض عليه ولايتكم أهل البيت، فمن قبلها من الأنبياء سلم وتخلص، ومن توقف عنها وتتعتع في حملها لقى ما لقى آدم من المصيبة، وما لقى نوح من الغرق، وما لقى إبراهيم من النار، وما لقى يوسف من الجب، وما لقى أيوب من البلاء، وما لقى داود من الخطيئة، إلى ان بعث الله يونس، فأوحى الله اليه: أنْ يا يونس تول أمير المؤمنين.

٩٠ ـ في عيون الاخبار عن الرضاعليه‌السلام حديث طويل وفيه قالعليه‌السلام وان إبراهيمعليه‌السلام لما وضع في المنجنيق غضب جبرئيل، فأوحى الله تعالى اليه: ما يبغضك يا جبرئيل؟ فقال: خليلك ليس من يعبدك على وجه الأرض غيره سلطت عليه عدوك وعدوه؟ فأوحى اللهعزوجل : اسكت إنّما يعجل الذي يخاف الفوت مثلك فاما انا فانه عبدي آخذه إذا شئت، قال: فطابت نفس جبرئيل فالتفت إلى إبراهيمعليه‌السلام فقال: هل لك من حاجة؟ قال: اما إليك فلا، فأهبط اللهعزوجل عندها خاتما فيه ستة أحرف: لا إله إلّا الله محمد رسول الله لا حول ولا قوة إلّا بالله العليّ العظيم، فوضت

٤٣٥

أمرى إلى الله أسندت ظهري إلى الله حسبي الله، فأوحى الله جل جلاله اليه: أنْ تختم بهذا الخاتم فانى أجعل النار عليك بردا وسلاما.

في كتاب الخصال عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام مثله سواء.

٩١ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من خبر الشامي وما سأل عنه أمير المؤمنينعليه‌السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه: فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنى عن يوم الأربعاء والتطير منه وثقله وأى أربعاء هو؟ فقالعليه‌السلام : آخر أربعاء في الشهر وهو المحاق، وفيه قتل قابيل هابيل ويوم الأربعاء القى إبراهيمعليه‌السلام في النار ويوم الأربعاء وضعوه في المنجنيق.

٩٢ ـ في كتاب الخصال عن داود بن كثير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن قتل ستة: النخلة والنحلة والضفدع والصرد والهدهد والخطاف، إلى أن قالعليه‌السلام : واما الضفدع فانه لما أضرمت النار على إبراهيم شكت هوام الأرض إلى الله تعالى، واستأذنته ان تصب عليها الماء، فلم يأذن الله لشيء منها إلّا الضفدع، فاحترق ثلثاه وبقي الثلث، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٩٣ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبان بن تغلب عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه القائمعليه‌السلام وفيه: فاذا نشر راية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله انحط عليه ثلاثة عشر ألف ملك، وثلاثة عشر ملكا، كلهم ينظرون القائمعليه‌السلام ، وهم الذين كانوا مع نوحعليه‌السلام في السفينة، والذين كانوا مع إبراهيمعليه‌السلام حيث ألقى في النار.

٩٤ ـ وباسناده إلى مفضل بن عمر عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام قال: سمعته يقول أتدري ما كان قميص يوسفعليه‌السلام ؟ قال: قلت: لا، قال: إنّ إبراهيمعليه‌السلام لما أوقدت له النار نزل إليه جبرئيل بالقميص، وألبسه إياه، فلم يضر معه حر ولا برد، والحديث، طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٣٦

٩٥ ـ في مجمع البيان وروى الواحدي بالإسناد مرفوعا إلى أنس بن مالك عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ان نمرود الجبار لما القى إبراهيم في النار نزل إليه جبرئيل بقميص من الجنة وطنفسة من الجنة(١) فألبسه القميص، وأقعده على الطنفسة وقعد معه يحدثه.

٩٦ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى عبد الله بن هلال قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : لما القى إبراهيمعليه‌السلام في النار تلقاه جبرئيل في الهواء وهو يهوى، فقال: يا إبراهيم ألك حاجة؟ فقال: اما إليك فلا.

٩٧ ـ وباسناده إلى محمد بن اورمة عن الحسن بن عليّ عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لما القى إبراهيم في النار اوحى اللهعزوجل إليها: وعزتي وجلالي لئن آذيته لأعذبنك، وقال: لما قال اللهعزوجل :( يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ ) ما انتفع أحد بها ثلثة أيام وما سخنت ماءهم.

٩٨ ـ في أصول الكافي إسحق قال: حدثني الحسن بن ظريف قال: اختلج في صدري مسئلتان أردت الكتاب فيهما إلى أبي محمّدعليه‌السلام فكتبت أسأله عن القائم إذا قام بما يقضى واين مجلسه الذي يقضى فيه بين الناس؟ وأردت ان أسأله عن شيء لحمى الربع فأغفلت خبر الحمى، فجاء الجواب: سألت عن القائم إذا قام، قضى بين الناس بعلمه كقضاء داودعليه‌السلام . لا يسأل البينة، وكنت أردت ان تسأل الحمى الربع فأنسيت فاكتب في ورقة وعلقه على المحموم فانه يبرأ بإذن الله ان شاء الله:( يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ ) فعلقنا عليه ما ذكر أبو محمدعليه‌السلام فأفاق.

٩٩ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : قولنا ان إبراهيم خليل الله فانما هو مشتق من الخلة، والخلة إنّما معناها الفقر والفاقة، وقد كان خليلا إلى ربه فقيرا واليه منقطعا، وعن غيره متعففا معرضا مستغنيا، وذلك لما أريد قذفه في النار فرمى به في المنجنيق، فبعث اللهعزوجل إلى جبرئيلعليه‌السلام وقال له: أدرك عبدي، فجاءه فلقيه في الهواء فقال

__________________

(١) الطنفسة: البساط.

٤٣٧

: كلفنى ما بدا لك فقد بعثني الله لنصرتك فقال: بل حبسي الله ونعم الوكيل إنّي لا اسأل غيره، ولا حاجة إلّا إليه فسمى خليله أي فقيره ومحتاجه، والمنقطع إليه عمن سواه.

١٠٠ ـ وعن معمر بن راشد قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ إبراهيمعليه‌السلام لما القى في النار قال: أللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد لما أنجيتنى منها، فجعلها الله عليه بردا وسلاما، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠١ ـ وروى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليّعليهم‌السلام قال: إنّ يهوديا من يهود الشام وأحبار هم قال لأمير المؤمنينعليه‌السلام : فان إبراهيم قد أسلمه قومه على الحريق فصبر فجعل اللهعزوجل النار عليه بردا وسلاما فهل فعل بمحمد شيئا من ذلك؟ قال له علىعليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله لما نزل بخيبر سمته الخيبرية، فصير الله السم في جوفه بردا وسلاما إلى منتهى أجله، فالسم يحرق إذا استقر في الجوف، كما ان النار تحرق فهذا من قدرته لا تنكره(١) .

١٠٢ ـ في روضة الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان عن حجر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: خالف إبراهيم صلى الله عليه قومه وعاب آلهتهم، إلى قوله: فلما تولوا عنه مدبرين إلى عيد لهم، دخل إبراهيم صلى الله عليه إلى آلهتهم بقدوم فكسرها إلّا كبيرا لهم، ووضع القدوم في عنقه، فرجعوا إلى آلهتهم فنظروا إلى ما صنع بها، فقالوا: لا والله ما اجترى عليها ولا كسرها الا الفتى الذي

__________________

(١) «في كتاب الرجعة لبعض المعاصرين عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام لأصحابه قبل أن يقتل: قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لي: يا بنى انك ستساق إلى العراق وهي أرض قد التقى فيها النبيون وأوصياء النبيين، وهي أرض تدعى غمروا، وانك تستشهد معك جماعة من أصحابك لا يجدون الم مس الحديد، وتلا( يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً ) يكون الحرب عليك وعليهم بردا وسلاما والحديث طويل أحذنا منه موضع الحاجة.» منه (ره)

٤٣٨

كان يعيبها ويبرأ منها، فلم يجدوا له قتلة أعظم من النار، فجمع له الحطب واستجادوه حتّى إذا كان اليوم الذي يحرق فيه برز له نمرود وجنوده وقد بنى له بناء لينظر إليه كيف تأخذه النار. ووضع إبراهيمعليه‌السلام في منجنيق وقالت الأرض: يا رب ليس على ظهري أحد يعبدك غيره يحرق بالنار؟ قال الرب: إنْ دعاني كفيته.

فذكر أبان عن محمد بن مروان عمن رواه عن أبي جعفرعليه‌السلام أن دعاء إبراهيم صلى الله عليه يومئذ كان: يا أحد يا أحد يا صمد يا صمد، يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ثم قال: توكلت على الله، فقال الرب تبارك وتعالى: كفيت، فقال للنار:( كُونِي بَرْداً ) قال: فاضطربت أسنان إبراهيم صلى الله عليه من البرد حتّى قال اللهعزوجل :( وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ ) وانحط جبرئيلعليه‌السلام فاذا هو جالس مع إبراهيم يحدثه في النار، قال نمرود: من اتخذ إلها فليتخذ مثل اله إبراهيم، قال: فقال عظيم من عظمائهم: إنّي عزمت على النار ان لا تحرقه، فأخذ عنق من النار نحوه حتّى أحرقه، قال: فآمن له لوط فخرج مهاجرا إلى الشام هو وسارة ولوط.

١٠٣ ـ عليّ بن إبراهيم عن أبيه وعدة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعا عن الحسن بن محبوب عن إبراهيم بن أبي زياد الكرخي قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: إنّ إبراهيم صلى الله عليه لما كسر أصنام نمرود أمر به نمرود، فأوثق وعمل له حيرا(١) وجمع له فيه الحطب وألهب فيه النار، ثم قذف إبراهيم صلى الله عليه في النار لتحرقه، ثم اعتزلوها حتّى خمدت النار، ثم أشرفوا على الحير فاذا هم بإبراهيمعليه‌السلام سليما مطلقا من وثاقه، فأخبر نمرود خبره فأمر أن ينفوا إبراهيم من بلاده وان يمنعوه من الخروج بماشيته وماله، فحاجهم إبراهيم عند ذلك، فقال: إنْ أخذتم ماشيتي ومالي فحقى عليكم أن تردوا على ما ذهب من عمرى في بلادكم، واختصموا إلى قاضى نمرود وقضى على إبراهيم ان يسلم إليهم جميع ما أصاب في بلادهم، وقضى على أصحاب نمرود ان يردوا على إبراهيم صلى الله عليه ما ذهب من عمره في بلادهم، فأخبر بذلك نمرود فأمر هم ان يخلوا سبيله و

__________________

(١) الحير: شبه الحظيرة.

٤٣٩

سبيل ماشيته وماله وأن يخرجوه، وقال: إنّه ان بقي في بلاد كم أفسد دينكم وأضرّ بآلهتكم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠٤ ـ في كتاب معاني الأخبار أبيرحمه‌الله قال: حدّثنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن عيسى بن محمد عن علي بن مهزيار عن أحمد بن محمد البزنطي عن يحيى بن عمران عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل : ووهبنا له إسحق ويعقوب نافلة قال: ولد الولد نافلة.

١٠٥ ـ في عيون الاخبار عن الرضاعليه‌السلام حديث طويل في وصف الامامة والامام وذكر فضل الامام يقول فيهعليه‌السلام : ثم أكرمه اللهعزوجل بأن جعلها في ذريته وأهل الصفوة والطهارة فقالعزوجل :( وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ ) فلم تزل في ذريته يرثها بعض عن بعض قرنا قرنا حتّى ورثها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال الله جل جلاله:( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ) فكانت خاصة، فقلدهاصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاعليه‌السلام بأمر اللهعزوجل على رسم ما فرض الله تعالى، فصارت في ذريته الأصفياء الذين آتاهم الله العلم والايمان، بقوله تعالى:( قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللهِ إلى يَوْمِ الْبَعْثِ ) فهي في ولد عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام خاصة إلى يوم القيامة إذ لا نبي بعد محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

في أصول الكافي مثله سواء.

١٠٦ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه‌الله نقلا عن تفسير أبي العباس ابن عقدة عثمان بن عيسى عن المفضل عن جابر قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام ما الصبر الجميل؟ قال: ذاك صبر ليس شكوى إلى الناس، ان إبراهيم بعث يعقوب إلى راهب من الرهبان عابد من العباد في حاجة، فلما رآه الراهب حسبه إبراهيم فوثب إليه فاعتنقه وقال: مرحبا بك يا خليل الرحمن، فقال يعقوب: لست بإبراهيم ولكني

٤٤٠

يعقوب بن إسحق بن إبراهيم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة هنا.

١٠٧ ـ وفي كتاب المناقب لابن شهر آشوب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل في فضل على وفاطمةعليهما‌السلام وفيه قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : وارزقهما ذرية طاهرة طيبة مباركة واجعل في ذريتهما البركة، واجعلهم أئمة يهدون بأمرك إلى طاعتك ويأمران بما يرضيك.

١٠٨ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد ومحمد بن الحسين عن محمد بن يحيى عن طلحة بن زيد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال: إنّ الائمة في كتاب اللهعزوجل إمامان: قال الله تبارك وتعالى:( وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا ) لا بأمر الناس، يقدمون ما امر الله قبل أمرهم وحكم الله قبل حكمهم، قال:( وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إلى النَّارِ ) يقدمون أمرهم قبل امر الله وحكمهم قبل حكم الله ويأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب الله.

١٠٩ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقوله: ونجيناه يعنى لوطا من القرية التي كانت تعمل الخبائث قال: كانوا ينكحون الرجال.

١١٠ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن بعض أصحابنا عن المعلى أبي عثمان عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ ) فقال: لا يكون النفش إلّا بالليل، ان على صاحب الحرث ان يحفظ الحرث بالنهار، وليس على صاحب الماشية حفظها بالنهار، إنّما رعاها بالنهار وأرزاقها، فما أفسدت فليس عليها، وعلى صاحب الماشية حفظ الماشية بالليل عن حرث الناس، فما أفسدت بالليل فقد ضمنوا وهو النفش، وان داودعليه‌السلام حكم للذي أصاب زرعه رقاب الغنم وحكم سليمانعليه‌السلام الرسل والثلاثة وهو اللبن والصوف في ذلك العام.

١١١ ـ أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن عبد الله بن بحر عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قلت له قول اللهعزوجل :

٤٤١

( وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ ) قلت: حين حكما في الحرث كان قضية واحدة؟ فقال: إنّه كان أوحى اللهعزوجل إلى النبيين قبل داود إلى أن بعث الله داود: أي غنم نفشت في الحرث فلصاحب الحرث رقاب الغنم، ولا يكون النقش إلّا بالليل، فان على صاحب الزرع أن يحفظ بالنهار، وعلى صاحب الغنم حفظ الغنم بالليل، فحكم داود بما حكمت به الأنبياءعليهم‌السلام من قبله، وأوحى اللهعزوجل إلى سليمان (ع): واى غنم نفشت في زرع فليس لصاحب الزرع إلّا ما خرج من بطونها، وكذلك جرت السنة بعد سليمان (ع) وهو قول اللهعزوجل :( وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً ) فحكم كل واحد منهما بحكم اللهعزوجل .

١١٢ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن يزيد بن إسحق شعر عن هارون ابن حمزة قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن البقر والإبل والغنم يكون في الرعي فتفسد شيئا هل عليها ضمان؟ فقال: إنْ أفسدت نهارا فليس عليها ضمان من أجل ان أصحابه يحفظونه، وان أفسدت ليلا فانه عليها ضمان.

١١٣ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن حماد بن عيسى عن منهال عن عمرو بن صالح عن محمد بن سليمان عن عيثم بن أسلم عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال: إنّ الامامة عهد من اللهعزوجل معهود لرجال مسمين، ليس للإمام ان يزويها عن الذي يكون من بعده، ان الله تبارك وتعالى اوحى إلى داود (ع) ان اتخذ وصيا من أهلك، فانه قد سبق في علمي أن لا ابعث نبيا إلّا وله وصيّ من اهله، وكان لداودعليه‌السلام أولاد عدة، وفيهم غلام كانت امه عند داود وكان لها محبا، فدخل داود حين أتاه الوحي فقال لها: إنّ اللهعزوجل اوحى إلى يأمرني ان أتخذ وصيا من أهلي، فقالت له امرأته: فليكن إبني، قال: ذاك أريد وكان السابق في علم الله المحتوم عنده أنّه سليمان، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى داود: أنْ لا تجعل دون أن يأتيك أمري، فلم يلبث داود ان ورد عليه رجلان يختصمان في الغنم والكرم، فأوحى اللهعزوجل إلى داود: أنْ أجمع ولدك فمن قضى بهذه القضية فأصاب

٤٤٢

فهو وصيّك من بعدك، فجمع داودعليه‌السلام ولده فلما ان قصَّ الخصمان قال سليمانعليه‌السلام : يا صاحب الكرم متى دخلت غنم هذا الرجل كرمك؟ قال: دخلته ليلا، قال: قد قضيت عليك يا صاحب الغنم بأولاد غنمك وأصوافها في عامك هذا، ثم قال له داود: فكيف لم تقض برقاب الغنم وقد قوم ذلك علماء بنى إسرائيل فكان ثمن الكرم قيمة الغنم؟ فقال سليمان: إنّ الكرم لم تجتث من أصله وانما أكل حمله(١) وهو عائد في قابل، فأوحى اللهعزوجل إلى داود: إنّ القضاء في هذه القضية ما قضى سليمان به. يا داود أردت امرا وأردنا امرا غيره، فدخل داود على امرأته فقال: أردنا أمرا وأراد الله أمرا غيره، ولم يكن إلّا ما أراد اللهعزوجل ، فقد رضينا بأمر اللهعزوجل وسلمنا، وكذلك الأوصياء ليس لهم ان يتعدوا بهذا الأمر فيجاوزن صاحبه إلى غيره.

١١٤ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدثني أبي عن عبد الله بن يحيى عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان في بنى إسرائيل رجل وكان له كرم ونفشت فيه الغنم بالليل وقضمته(٢) وأفسدته، فجاء صاحب الكرم إلى داود فاستعدى على صاحب الغنم. فقال داودعليه‌السلام : اذهبا إلى سليمانعليه‌السلام ليحكم بينكما، فذهبا إليه فقال سليمانعليه‌السلام : إنْ كان الغنم أكلت الأصل والفرع فعلى صاحب الغنم ان يدفع إلى صاحب الكرم الغنم وما في بطنها، وان كانت ذهبت بالفرع ولم تذهب بالأصل فانه يدفع ولدها إلى صاحب الكرم، وكان هذا حكم داود، وانما أراد ان يعرف بنى إسرائيل ان سليمان وصيه بعده ولم يختلفا في الحكم، ولو اختلف حكمهما لقال: كنا لحكمهما شاهدين.

١١٥ ـ في من لا يحضره الفقيه روى جميل بن دراج عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ ) قال لم يحكما إنّما كانا يتناظران ففهمها سليمان.

١١٦ ـ وروى الوشاء عن أحمد بن عمر الحلبي قال: سألت أبا الحسن

__________________

(١) الجث: انتزاع لشجرة من أصله والحمل ـ بالكسر ـ ما يحمله الشجر من الثمرة.

(٢) أي أكلته.

٤٤٣

عليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ ) قال: كان حكم داود رقاب الغنم، والذي فهم اللهعزوجل سليمان ان الحكم لصاحب الحرث باللبن والصوف ذلك العام كله.

١١٧ ـ في مجمع البيان واختلف في الحكم الذي حكما به، فقيل إنّه كان كرما قد بدت عناقيده(١) فحكم داود بالغنم لصاحب الكرم، فقال سليمان عن هذا يا نبي الله أرفق(٢) قال: وما ذاك؟ قال: تدفع الكرم إلى صاحب الغنم فيقوم عليه حتّى يعود كما كان، وتدفع الغنم إلى صاحب الكرم فيصيب منها حتّى إذا عاد الكرم كما كان، ثم دفع كل واحد منهما إلى صاحبه ماله وروى ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام .

١١٨ ـ وروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ان سليمان قضى بحفظ المواشي على أربابها ليلا وقضى بحفظ الحرث على أربابه نهارا. قال عز من قائل:( وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فاعِلِينَ وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ ) .

١١٩ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى هشام بن سالم عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال في حديث يذكر فيه قصة داودعليه‌السلام أنّه خرج يقرء الزبور، وكان إذا قرأ الزبور لا يبقى جبل ولا حجر ولا طائر إلّا جاوبه.

١٢٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليّعليهم‌السلام قال: إنّ يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنينعليه‌السلام : فان هذا داود بكى على خطيئته حتّى سارت الجبال معه لخوفه؟ قال له عليٌّعليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله أعطى ما هو أفضل من

__________________

(١) العناقيد جمع العنقود وهو من العنب وغيره: ما تعقد وتراكم من حبه في عرق واحد وبالفارسية «خوشه».

(٢) كذا في النسخ وفي المصدر «فقال سليمان: غير هذا يا نبي الله».

٤٤٤

هذا، إنّه كان إذا قام إلى الصلوة سمع لصدره وجوفه أزيز كأزيز المرجل على الأثافي(١) من شدة البكاء، وقد امنه اللهعزوجل من عذابه، فأراد ان يتخشع لربه ببكائه ويكون إماما لمن اقتدى به، ولئن سارت الجبال وسبحت معه لقد عمل لمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ما هو أفضل من هذا، إذ كنا معه على جبل حراء إذ تحرك له الجبل فقال له: قر فليس عليك إلّا نبي أو صديق شهيد، فقر الجبل مجيبا لأمره، منتهيا إلى طاعته ولقد مررنا معه بجبل، وإذا الدموع تخرج من بعضه، فقال له: ما يبكيك يا جبل؟ فقال: يا رسول الله كان المسيح مر بي وهو يخوف الناس بنار وقودها الناس والحجارة فأنا أخاف ان أكون من تلك الحجارة، قال: لا تخف تلك الحجارة الكبريت، فقر الجبل وسكن وهدأ(٢) وأجاب لقوله.

١٢١ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب كتاب الإرشاد للزهري قال سعيد ابن المسيب: كان الناس لا يخرجون إلى مكة حتّى يخرج علي بن الحسينعليه‌السلام فخرج وخرجت معه فنزل في بعض المنازل فصلى ركعتين فسبح في سجوده، فلم يبق شجر ولا مدر إلّا سبحوا معه، ففزعت منه فرفع رأسه فقال: يا سعيد أفزعت؟ قلت: نعم يا ابن رسول الله، فقال: هذا التسبيح الأعظم.

وفي رواية سعيد بن المسيب قال: كان القراء لا يحجون حتّى يحج زين العابدينعليه‌السلام ، وكان يتخذ لهم السويق الحلو والحامض، ويمنع نفسه، فسبق يوما إلى الرحل فألفيته وهو ساجد، فو الذي نفس سعيد بيده لقد رأيت الشجر والمدر والرحل والراحلة يردون عليه مثل كلامه.

١٢٢ ـ في الكافي أحمد بن أبي عبد الله عن شريف بن سابق عن الفضل بن أبي

__________________

(١) قال الجزري وفيه «انه كان يصلى ولجوفه أزيز كأريز المرجل من البكاء» أي خنين من الجوف بالخاء المعجمة وهو صوت البكاء وقيل هو ان يجيش جوفه ويغلي بالبكاء «انتهى» والمرجل ـ كمنبر ـ: القدر. والأثافي: الأحجار التي يوضع عليها القدر.

(٢) هدأ بمعنى سكن أيضا.

٤٤٥

قرة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ان أمير المؤمنين صلى الله عليه قال: اوحى اللهعزوجل إلى داودعليه‌السلام انك نعم العبد لو لا انك تأكل من بيت المال، ولا تعمل بيدك شيئا قال: فبكى داودعليه‌السلام أربعين صباحا فأوحى اللهعزوجل إلى الحديد ان: لن لعبدي داود، فالان اللهعزوجل له الحديد فكان يعمل في كل يوم درعا فيبيعها بألف درهم، فعمل ثلاثمائة وستين درعا فباعها بثلاثمأة وستين ألفا، واستغنى عن بيت المال.

١٢٣ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقولهعزوجل :( وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً ) قال: تجري من كل جانب إلى الأرض التي باركنا فيها قال: إلى بيت المقدس والشام.

١٢٤ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قام رجل إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام في الجامع بالكوفة فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنى عن يوم الأربعاء والتطير منه وثقله وأى أربعاء هو؟ فقالعليه‌السلام : آخر أربعاء في الشهر وهو المحاق، وفيه قتل قابيل هابيل أخاه، ويوم الأربعاء القى إبراهيم في النار، ويوم الأربعاء ابتلى أيوبعليه‌السلام بذهاب ما له وولده.

١٢٥ ـ عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ابتلى أيوب سبع سنين بلا ذنب.

١٢٦ ـ عن جعفر بن محمد عن أبيهعليهما‌السلام قال: إنّ أيوبعليه‌السلام ابتلى بغير ذنب، وان الأنبياء معصومون لا يذنبون ولا يزيغون ولا يرتكبون ذنبا صغيرا ولا كبيرا وقالعليه‌السلام : إنّ أيوب مع جميع ما ابتلى به لم تنتن له رائحة، ولا قبحت له صورة ولا خرجت منه مدة من دم ولا قيح، ولا استقذره أحد رآه، ولا استوحش منه أحد شاهده ولا تدود شيء من جسده، وهكذا يصنع اللهعزوجل بجميع من يبليه من أنبيائه وأوليائه المكرمين عليه وانما اجتنبه الناس لفقره وضعفه في ظاهر أمره، لجهلهم بما له عند ربه تعالى ذكره من التأييد والفرح، وقد قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أعظم الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، وانما ابتلاه الله بالبلاء العظيم الذي يهون معه على جميع الناس، لئلا يدعوا له معه الربوبية إذا شاهدوا ما أراد الله تعالى ذكره ان يوصله

٤٤٦

اليه من عظائم نعمه متى شاهدوه، ليستدلوا بذلك على ان الثواب من الله تعالى على ضربين: استحقاق واختصاص، ولئلا يحقروا ضعيفا لضعفه، ولا فقيرا لفقره، ولا مريضا لمرضه، وليعلموا أنّه يسقم من يشاء ويشفى من يشاء، متى شاء كيف شاء بأيّ شيء شاء، ويجعل ذلك عبرة لمن يشاء، وشقاوة لمن يشاء، وهوعزوجل في جميع ذلك عدل في قضاءه، وحكيم في أفعاله، لا يفعل بعباده إلّا الأصلح لهم ولا قوة إلّا بالله.

١٢٧ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّما كانت بلية أيوب التي ابتلى بها في الدنيا لنعمة أنعم الله بها عليه فأدى شكرها، وكان إبليس في ذلك الزمان لا يحجب دون العرش، فلما صعد عمل أيوب بأداء شكر النعمة حسده إبليس، فقال: يا رب ان أيوب لم يؤد شكر هذه النعمة إلّا بما أعطيته من الدنيا فلو حلت بينه وبين دنياه ما أدى إليك شكر نعمة، فقال: قد سلطتك على دنياه، فلم يدع له دنيا ولا ولدا إلّا أهلك كل شيء له، وهو يحمد اللهعزوجل ثم رجع إليه فقال: يا رب ان أيوب يعلم أنك سترد إليه دنياه التي أخذتها منه، فسلطني على بدنه تعلم أنّه لا يؤدي شكر نعمة، قال اللهعزوجل : قد سلطتك على بدنه ما عدا عينه وقلبه ولسانه وسمعه، فقال أبو بصير: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : فانقض مبادرا خشية أن تدركه رحمة اللهعزوجل فتحول بينه وبينه، فنفخ في منخريه من نار السموم فصار جسده نقطا نقطا.

١٢٨ ـ حدّثنا أبي رضى الله عنه قال: حدّثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن عبد الله بن يحيى البصري عن عبد الله بن مسكان عن أبي بصير قال: سألت أبا الحسن الماضيعليه‌السلام عن بلية أيوب التي ابتلى بها في الدنيا لأيِّ علّة كانت؟ قال: لنعمة أنعم الله عليه بها فأدى شكرها، وذكر كالسابق إلى قوله: فتحول بينه وبينه، ويتصل بذلك فلما اشتد به البلاء وكان في آخر بليته جاءه أصحابه فقالوا: يا أيّوب ما نعلم أحدا ابتلى بمثل هذه البلية إلّا لسريرة سوء، فلعلّك أسررت سوءا في الذي تبدي لنا قال: فعند ذلك ناجى أيّوب ربّهعزوجل : ربّ ابتليتني بهذه البليّة وأنت تعلم

٤٤٧

أنّه لم يعرض لي أمران قطُّ إلّا لزمت أخشنهما على بدني ولم آكل أكلة قطُّ إلّا وعلى خوانى يتيم، فلو أنَّ لي منك مقعد الخصم لأدليت بحجّتي(١) قال: فعرضت سحابة فنطق فيها ناطق فقال: يا أيّوب أدل بحجّتك، قال: فشدّ عليه منزره وجثا على ركبتيه وقال: ابتليتني وأنت تعلم أنّه لم يعرض لي أمران قط إلّا ألزمت أخشنهما على بدني، ولم آكل أكلة من طعام إلّا وعلى خوانى يتيم. قال: فقيل له: يا أيوب من حبب إليك الطاعة؟ قال: فأخذ كفا من تراب فوضعه في فيه ثم قال: أنت يا رب.

١٢٩ ـ وباسناده إلى الحسن الربيع عمن ذكره عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الله تبارك وتعالى ابتلى أيوبعليه‌السلام بلا ذنب فصبر حتّى عير، وان الأنبياء لا يصبرون على التعيير.

١٣٠ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سنان عن عثمان النوا عمن ذكره عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ اللهعزوجل يبتلى المؤمن بكل بلية، ويميته بكل ميتة، ولا يبتليه بذهاب عقله أما ترى أيوبعليه‌السلام كيف سلط إبليس على ماله وعلى أهله، وكل شيء منه، ولم يسلط على عقله، ترك له يوحد اللهعزوجل به.

١٣١ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدّثنا محمد بن جعفر قال: حدّثنا محمد ابن عيسى بن زياد عن الحسن بن علي بن فضال عن عبد الله بن بكير وغيره عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ ) قال: أحيى اللهعزوجل له أهله الذين كانوا قبل البلية، وأحيى له الذين ماتوا وهو في البلية.

١٣٢ ـ في روضة الكافي يحيى بن عمران عن هارون بن خارجة عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ ) قلت: ولده كيف أوتى مثلهم معهم؟ قال: أحيى الله له من ولده الذين كانوا ماتوا قبل ذلك بآجالهم مثل الذين هلكوا يومئذ.

١٣٣ ـ علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسن بن عبد الرحمن عن منصور ابن يونس عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قلت له :

__________________

(١) أدلى بحجته: أصغرها واحتج بها.

٤٤٨

( فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) فقال: يا أبا محمد يسلط والله من المؤمن على بدنه، ولا يسلط على دينه، قد سلط على أيوبعليه‌السلام فشوه خلقه، ولم يسلط على دينه، وقد يسلط من المؤمنين على أبدانهم ولا يسلط على دينهم.

١٣٤ ـ في إرشاد المفيد رحمه‌الله عن أمير المؤمنين حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : انا سيد الشيب، وفي سنة من أيوب.

١٣٥ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب في حديث أبي حمزة الثمالي ان علي بن الحسينعليهما‌السلام دعا حوت يونس بن متى، فاطلع الحوت رأسه من البحر مثل الجبل العظيم، وهو يقول: لبيك لبيك يا ولى الله، فقال: من أنت؟ قال: حوت يونس يا سيدي، قال: ايتنا بالخبر، قال: يا سيدي ان الله تعالى لم يبعث نبيا من آدم إلى ان صار جدك محمد، إلّا وقد عرض عليه ولايتكم أهل البيت، فمن قبلها من الأنبياء سلم وتخلص، ومن توقف عنها وتتعتع في حملها لقى ما لقى آدم من المصيبة، وما لقى نوح من الغرق، وما لقى إبراهيم من النار، وما لقى يوسف من الجب، وما لقى أيوب من البلاء، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٣٦ ـ في عيون الاخبار في باب ذكر مجلس الرضاعليه‌السلام عند المأمون مع أهل الملل والمقالات وما أجاب به علي بن جهم في عصمة الأنبياء باسناده إلى أبي الصلت الهروي قال: لما جمع المأمون لعليِّ بن موسى الرضاعليه‌السلام إلى أن حكى قولهعليه‌السلام : واما قوله:( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) إنّما طن بمعنى استيقن ان الله لن يضيق عليه رزقه، ألا تسمع قول اللهعزوجل :( وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ ) أي ضيق عليه رزقه، ولو ظن ان الله لا يقدر عليه لكان قد كفر.

١٣٧ ـ وباسناده إلى علي بن محمد الجهم قال: حضرت مجلس المأمون وعنده الرضاعليه‌السلام فقال له المأمون: يا ابن رسول الله أليس من قولك ان الأنبياء معصومون؟ قال: بلى، قال فما معنى قول اللهعزوجل :( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً

٤٤٩

فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) ؟ فقال الرضاعليه‌السلام ، ذاك يونس بن متىعليه‌السلام ، ذهب مغاضبا لقومه فظن بمعنى استيقن( أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) أي لن نضيق عليه رزقه ومنه قول اللهعزوجل :( وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ ) أي ضيق عليه وقتر( فَنادى فِي الظُّلُماتِ ) : ظلمة الليلة وظلمة البحر، وظلمة بطن الحوت( أَنْ لا إله إلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) بتركى مثل هذه لعبادة التي فرغتني لها في بطن الحوت، فاستجاب الله وقالعزوجل :( فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) فقال المأمون: لله درك يا أبا الحسن.

١٣٨ ـ في الكافي أحمد بن محمد العاصمي عن علي بن الحسن التيملي عن عمرو بن عثمان عن أبي جميلة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال له رجل من أهل خراسان بالربذة: جعلت فداك لم أرزق ولدا، فقال له: إذا رجعت إلى بلادك فأردت ان تأتى أهلك فاقرأ إذا أردت ذلك:( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إله إلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) إلى ثلاث آيات فانك سترزق ولدا إنشاء الله.

١٣٩ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقوله:( فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) قال: أنزله الله على أشد الأمرين، وظن به أشد الظن وقال: إنّ جبرئيل استثنى في هلاك قوم يونس ولم يسمعه يونس، قلت: ما كان حال يونس لما ظن ان الله لن يقدر عليه؟ قال: كان من أمر شديد، قلت: وما كان سببه حتّى ظن ان الله لن يقدر عليه؟ قال: وكله الله إلى نفسه طرفة عين.

١٤٠ ـ قال: وحدثني أبي عن ابن أبي عمير عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في بيت أم سلمة في ليلتها ففقدته من الفراش، فدخلها من ذلك ما يدخل النساء، فقامت تطلبه في جوانب البيت حتّى انتهت إليه وهو في جانب من البيت قائم، رافع يديه يبكى وهو يقول: أللهمّ لا تنزع منى صالح ما أعطيتنى أبدا، أللهمّ لا تشمت بي عدوى ولا حاسدا أبدا، أللهمّ لا تردني في سوء استنقذتني منه

٤٥٠

أبدا، أللهمّ ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا، قال: وانصرفت أم سلمة تبكي حتّى انصرف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لبكائها، فقال لها: ما يبكيك يا أم سلمة؟ قالت بأبي أنت وأمّي يا رسول الله ولم لا أبكى وأنت بالمكان الذي أنت به من الله، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، تسأله ان لا يشمت بك عدوا أبدا، وان لا يردك في سوء استنقذك منه أبدا، وان لا ينزع منك صالح ما أعطاك أبدا، وان لا يكلك إلى نفسك طرفة عين أبدا؟ فقال: يا أم سلمة وما يؤمنني وانما وكل الله يونس بن متى إلى نفسه طرفة عين، فكان منه ما كان.

١٤١ ـ وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله: و( ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً ) يقول: من اعمال قومه( فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) يقول: ظن أن لن يعاقب بما صنع.

١٤٢ ـ حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن جميل قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : ما رد الله العذاب إلّا عن قوم يونس، فكان يونس يدعوهم إلى الإسلام فيأبون ذلك، فهم أن يدعو عليهم وكان فيهم رجلان: عابد وعالم، وكان اسم أحدهما مليخا والاخر اسمه روبيل، وكان العابد يشير على يونس بالدعاء عليهم، وكان العالم ينهاه ويقول: لا تدعن عليهم فان الله يستجيب لك، ولا يحب هلاك عباده فتقبل قول العابد ولم يقبل من العالم، فدعا عليهم فأوحى الله اليه: يأتيهم العذاب في سنة كذا في شهر كذا في يوم كذا، فلما قرب الوقت خرج يونس من بينهم مع العابد وبقي العالم فيها، فلما كان اليوم الذي نزل العذاب قال العالم لهم: يا قوم أفزعوا إلى الله فلعله يرحمكم فيرد العذاب عنكم، فقالوا: كيف نصنع؟ فقال: اجتمعوا واخرجوا إلى المفازة وفرقوا بين النساء والأولاد، وبين الإبل وأولادها، وبين البقر وأولادها، وبين الغنم وأولادها، ثم ابكوا وادعوا، فذهبوا وفعلوا ذلك وضجوا وبكوا، فرحمهم‌الله وصرف عنهم العذاب وفرق العذاب على الجبال، وقد كان نزل وقرب منهم، فأقبل يونس لينظر كيف أهلكهم الله فرأى الزارعين يزرعون في أرضهم فقال لهم: ما فعل قوم يونس؟ قالوا ـ ولم يعرفوه ـ: إنّ يونس دعا عليهم

٤٥١

فاستجاب الله له ونزل العذاب عليهم فاجتمعوا وبكوا ودعوا فرحمهم‌الله وصرف ذلك عنهم، وفرق العذاب على الجبال، فهم إذا يطلبون يونس ليؤمنوا به، فغضب ومر على وجهه مغاضبا لله كما حكى الله عنه والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٤٣ ـ وفيه أيضا وسئل بعض اليهود أمير المؤمنين صلوات الله عليه عن سجن طاف أقطار الأرض بصاحبه فقال: يا يهودي أما السجن الذي طاف أقطار الأرض بصاحبه فانه الحوت الذي حبس يونس في بطنه، فدخل في بحر القلزم، ثم خرج إلى بحر مصر ثم دخل بحر طبرستان، ثم خرج في دجلة الغور، قال: ثم مرت به تحت الأرض حتّى لحقت بقارون، وكان قارون هلك في أيام موسى، ووكل الله به ملكا يدخله في الأرض كل يوم قامة، وكان يونس في بطن الحوت يسبح الله ويستغفره، فسمع قارون صوته فقال للملك الموكل به: أنظرنى فانى اسمع كلام آدمي، فأوحى الله إلى الملك: أنظره فأنظره، ثم قال قارون: من أنت؟ قال: أنا المذنب العاصي الخاطئ يونس بن متى، قال: فما فعل الشديد الغضب لله موسى بن عمران؟ قال: هيهات هلك، قال: فما فعل الرءوف الرحيم على قومه هارون بن عمران؟ قال: هلك، قال: فما فعلت كلثم بنت عمران التي كانت سميت لي؟ قال: هيهات ما بقي من آل عمران أحد، فقال قارون: وا أسفا على آل عمران، فشكر الله له ذلك فأمر الملك الموكل به أن يرفع عنه العذاب أيام الدنيا، فرفع عنه، فلما راى يونس ذلك نادى في الظلمات( أَنْ لا إله إلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) فاستجاب الله له، وأمر الحوت أن يلفظه(١) ، فلفظه على ساحل البحر، وقد ذهب جلده ولحمه وأنبت الله( عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ) ، وهي الدباء فأظلته من الشمس فسكن.

١٤٤ ـ وفيه أيضا وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: لبث يونس في بطن الحوت ثلاثة أيام، ونادى في الظلمات ظلمة بطن الحوت، وظلمة الليل، وظلمة البحر،( أَنْ لا إله إلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) فاستجاب له ربه ،

__________________

(١) لفظ فلان الشيء من فيه: رمى به.

٤٥٢

فأخرجته الحوت إلى الساحل، ثم قذفه فألقاه بالساحل، وأنبت الله عليه شجرة من يقطين وهو القرع. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٤٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن أمير المؤمنين حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام مجيبا لبعض الزنادقة وقد قال: وأجده قد شهر هفوات أنبياءه بحبسه يونس في بطن الحوت، حيث ذهب مغاضبا مذنبا: وأما هفوات الأنبياءعليهم‌السلام وما بينه الله في كتابه، فان ذلك من أدل الدلائل على حكمة اللهعزوجل الباهرة، وقدرته القاهرة، وعزته الظاهرة، لأنه علم ان براهين الأنبياءعليهم‌السلام تكبر في صدور أممهم، وان يتخذ بعضهم إلها كالذي كان من النصارى في ابن مريم، فذكرها دلالة على تخلفهم عن الكمال الذي انفرد بهعزوجل .

١٤٦ ـ في تفسير العيّاشي عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي جعفرعليه‌السلام كتب أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: حدثني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ان جبرئيل حدثه ان يونس بن متىعليه‌السلام بعثه الله إلى قومه، وذكر حديثا طويلا يذكر فيه ما فعل قوم يونس وخروج يونس وتنوخا العابد من بينهم، ونزول العذاب عليهم وكشفه عنهم وفيه: فلما راى قوم يونس ان العذاب قد صرف عنهم هبطوا إلى منازلهم من رؤس الجبال، وضموا إليهم نساءهم وأولادهم وأموالهم، وحمدوا الله على ما صرف عنهم، وأصبح يونس وتنوخا يوم الخميس في موضعهما الذي كانا فيه، لا يشكان ان العذاب قد نزل بهم وأهلكهم جميعا، لما خفيت أصواتهم عنهما، فأقبلا ناحية القرية يوم الخميس مع الشمس ينظران إلى ما صار إليه القوم، فلما دنوا من القوم واستقبلتهم الحطابون والحمارة والرعاة بأعناقهم، ونظرا إلى أهل القرية مطمئنين، قال يونس لتنوخا: يا تنوخا كذبني الوحي وكذبت وعدي لقومي، لا وعزة ربي لا يرون لي وجها أبدا بعد ما كذبني الوحي، فانطلق يونس هاربا على وجهه مغاضبا لربه ناحية بحرايلة(١) مستنكرا فرارا من أن يراه أحد من قومه، فيقول له: يا كذاب! فلذلك قال :

__________________

(١) مر في الجزء الثاني صفحة ٣٢٦ بيان للحديث وشرح بعض اللغات فراجع.

٤٥٣

( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) الآية ورجع تنوخا إلى القرية.

١٤٧ ـ عن الثمالي عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ يونس لما آذاه قومه دعا الله عليهم فأصبحوا أول يوم، ووجوههم صفر، وأصبحوا اليوم الثاني ووجوههم سود، قال وكان الله وأعدهم ان يأتيهم العذاب حتّى نالوه برماحهم، ففرقوا بين النساء وأولادهن والبقر وأولادها، ولبسوا المسوح(١) والصوف ووضعوا الحبال في أعناقهم، والرماد على رؤسهم، وضجوا ضجة واحدة إلى ربهم، وقالوا: آمنا باله يونس، قال: فصرف الله عنهم العذاب إلى جبال آمد(٢) قال: وأصبح يونس وهو يظن انهم هلكوا، فوجدهم في عافية فغضب وحرج كما قال الله:( مُغاضِباً ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٤٨ ـ عن معمر قال: قال أبو الحسن الرضاعليه‌السلام : إنّ يونس لما أمره اللهعزوجل بما أمره فأعلم قومه فأظلهم العذاب ففرقوا بينهم وبين أولادهم، وبين البهائم وأولادها ثم عجوا إلى الله وضجوا، فكف الله العذاب عنهم، فذهب يونس مغاضبا والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٤٩ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب وفي حديث أبي حمزة الثمالي أنّه دخل عبد الله بن عمر على زين العابدينعليه‌السلام وقال له: يا ابن الحسين أنت الذي تقول: إنّ يونس بن متى إنّما لقى من الحوت ما لقى لأنّه عرضت عليه ولاية جدّي فتوقّف عندها؟ قال: بلى ثكلتك أمّك، قال: فأرني آية ذلك إنْ كنت من الصادقين، فأمر بشدّ عينه بعصابة وعيني بعصابة، ثمّ أمر بعد ساعة بفتح أعيننا، فاذا نحن على شاطئ يضرب أمواجه بها، فقال ابن عمر: يا سيّدي دمي في رقبتك الله الله في نفسي، قال هنيئة وأريه ان كنت من الصادقين، ثمّ قال: يا أيتها الحوت قال: فاطلع الحوت رأسه من البحر مثل الجبل العظيم، وهو يقول: لبيك لبيك يا وليّ الله، فقال: من أنت؟ قال: حوت يونس يا

__________________

(١) المسوح جمع المسح ـ بالكسر ـ: الكساء من شعر.

(٢) قال الحموي: آمد ـ بكسر الميم ـ أعظم ديار بكر.

٤٥٤

سيّدي، قال: إيتنا بالخبر، قال: يا سيّدي إنَّ الله تعالى لم يبعث نبيّا من آدم إلى أن صار جدّك محمّد إلّا وقد عرض عليه ولايتكم أهل البيت، فمن قبلها من الأنبياء سلِّم وتخلَّص، ومَن توقّف عنها وتتعتع في حملها لقى ما لقى آدم من المصيبة، وما لقى نوح من الغرق، وما لقى إبراهيم من النار، وما لقى يوسف من الجب، وما لقى أيّوب من البلاء، وما لقى داود من الخطيئة، إلى ان بعث الله يونس فأوحى الله إليه أن يا يونس: توّل أمير المؤمنين عليّا والائمّة الراشدين من صلبه في كلام له.

قال: فكيف أتوّلى من لم أره ولم أعرفه؟ وذهب مغتاظا فأوحى الله تعالى إليَّ: أنْ التقمي يونس ولا توهني له عظما، فمكث في بطني أربعين صباحا يطوف معى في البحار في ظلمات ثلاث، ينادى أنّه لا إله إلّا أنت سبحانك إنّي كنت من الظالمين، قد قبلت ولاية عليّ بن أبي طالب والائمّة الراشدين من ولدهعليهم‌السلام ، فلمّا ان آمن بولايتكم أمرني ربي فقذفته على ساحل البحر، فقال زين العابدينعليه‌السلام : إرجع أيها الحوت إلى وكرك(١) فرجع الحوت واستوى الماء.

١٥٠ ـ في مصباح شيخ الطائفة قدس‌سره في دعاء يوم الأربعاء: يا من سمع الهمس من ذي النون في بطن الحوت في الظلمات الثلاث: ظلمة الليل، وظلمة قعر البحر وظلمة بطن الحوت.

١٥١ ـ في تهذيب الأحكام باسناده إلى الحسن بن علي بن عبد الملك الزيات عن رجل عن كرام عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: أربع لأربع، إلى قوله: والرابعة للغم واللهم( لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) قال الله سبحانه:( فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ) .

١٥٢ ـ في كتاب الخصال عن الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام قال: عجبت لمن يفزع من اربع كيف لا يفزع إلى اربع، إلى قولهعليه‌السلام وعجبت لمن اغتم كيف لا يفزع إلى قوله تعالى:( لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) فانى سمعت

__________________

(١) الوكر: عش الطائر.

٤٥٥

الله يقول بعقبها:( فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ) .

١٥٣ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده إلى علي بن محمد الصيمري الكاتب قال: تزوجت ابنة جعفر بن محمد الكاتب فأحببتها حبا لم يحب أحد أحدا مثله، وابطأ على الولد فصرت إلى أبي الحسن عليّ بن محمّد بن الرضا (ع) فذكرت ذلك له فتبسم، وقال: اتخذ خاتما فضة فيروزج واكتب عليه:( رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ ) قال: ففعلت فما أتى على حول حتّى رزقت منها ولدا ذكرا.

١٥٤ ـ في عوالي اللئالى روى عن سيد العابدينعليه‌السلام أنّه قال لبعض أصحابه: قل لطلب الولد:( رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ ) واجعل لي من لدنك وليا يرثني» في حيوتى ويستغفر لي بعد وفاتي واجعله خلقا سويا ولا تجعل للشيطان فيه نصيبا أللهمّ إنّي أستغفرك وأتوب إليك انك أنت التواب الرحيم سبعين مرة.

١٥٥ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن رجل عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: من أراد أن يحبل له فليصل ركعتين بعد الجمعة يطيل فيهما الركوع والسجود، ثم يقول: أللهمّ إنّي أسئلك بما سئلك به زكريا إذ قال:( رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ ) ، أللهمّ هب لي ذرية طيبة انك سميع الدعاء أللهمّ باسمك استحللتها، وفي أمانتك أخذتها، فان قضيت في رحمها ولدا فاجعله غلاما مباركا زكيا، ولا تجعل للشيطان فيه نصيبا ولا شركا.

١٥٦ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي عن الحارث النضري قال قلت لابي عبد اللهعليه‌السلام : إنّي من أهل بيت قد انقرضوا وليس لي ولد؟ فقال: ادع وأنت ساجد: رب هب لي من لدنك وليا( رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ ) قال: ففعلت فولد لي على والحسين.

١٥٧ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وفي رواية عليّ بن إبراهيم في قوله:( وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ ) قال: كانت لا تحيض فحاضت.

٤٥٦

١٥٨ ـ في كتاب الخصال عن يونس بن ظبيان قال: قال الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام : إنّ الناس يعبدون الله تعالى على ثلثة أوجه، فطبقة يعبدونه رغبة في ثوابه فتلك عبادة الحرصاء وهي الطمع، وآخرون يعبدونه فرقا من النار فتلك عبادة العبيد وهي الرهبة، ولكني أعبده حبا له فتلك عبادة الكرام.

١٥٩ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفرعليهما‌السلام قال: الرغبة ان تستقبل براحتيك السماء وتستقبل بهما وجهك والرهبة أن تلقى كفيك وترفعهما إلى الوجه.

١٦٠ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن إسماعيل بن مهران عن سيف بن عميرة عن أبي إسحاق عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: الرغبة ان تستقبل ببطن كفيك إلى السماء، والرهبة ان تجعل ظهر كفيك إلى السماء.

١٦١ ـ وباسناده إلى مروك بياع اللؤلؤ عمن ذكره عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ذكر الرغبة وأبرز باطن راحتيه إلى السماء، وهكذا الرهبة وجعل ظهر كفيه إلى السماء.

١٦٢ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن فضالة عن العلا عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: مر بي رجل وانا ادعو في صلوتى بيساري فقال: يا عبد الله بيمينك! فقلت: يا عبد الله ان الله تبارك وتعالى حقه على هذه كحقه على هذه، وقال: الرغبة تبسط يديك وتظهر باطنهما والرهبة تظهر ظهرهما والأحاديث الثلاث طوال أخذنا منها موضع الحاجة.

١٦٣ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم : ( وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً ) قال: راغبين راهبين، وقوله:( الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها ) قال: مريم لم ينظر إليها شيء وقوله:( فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا ) قال: روح مخلوقة يعنى من أمرنا.

١٦٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث أجاب فيه بعض الزنادقة وقد قال معترضا: وأجده يقول:( وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ

٤٥٧

مُؤْمِنٌ ) فلا كفران لسعيه ويقول:( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ) اعلم في الآية الاولى ان الأعمال الصالحة لا تكفر، واعلم في الثانية ان الايمان والأعمال الصالحة لا تنفع إلّا بعد الاهتداء قالعليه‌السلام : واما قوله:( وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ) فلا كفران لسعيه» وقوله:( إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ) فان ذلك كله لا يغني إلّا مع الاهتداء وليس كل من وقع عليه اسم الايمان كان حقيقا بالنجاة مما هلك به الغواة ولو كان ذلك كذلك لنجت اليهود مع اعترافها بالتوحيد وإقرارها بالله، ونجى ساير المقرين بالوحدانية من إبليس فمن دونه في الكفر، وقد بين الله ذلك بقوله:( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ) وبقوله:( الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ ) .

١٦٥ ـ في مجمع البيان و( حَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ ) وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام أنّه قال: كل قرية أهلكها الله بعذاب فإنهم لا يرجعون.

١٦٦ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقولهعزوجل :( وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ ) فانه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن ابن سنان عن أبي بصير عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله وأبى جعفرعليهما‌السلام قالا: كل قرية أهلك اللهعزوجل أهلها بالعذاب لا يرجعون في الرجعة، فهذه الآية من أعظم الدلالة في الرجعة لان أحدا من أهل الإسلام لا ينكران الناس كلهم يرجعون إلى القيامة، من هلك ومن لم يهلك «انتهى كلامه».

١٦٧ ـ وفيه أيضا قال الصادقعليه‌السلام : كل قرية أهلك الله أهلها بالعذاب لا يرجعون في الرجعة، فاما إلى القيامة فيرجعون ومحضوا الايمان محضا وغيرهم ممن لم يهلكوا بالعذاب ومحضوا الكفر محضا يرجعون. وقولهعزوجل :( حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ ) قال: إذا كان في آخر الزمان خرج يأجوج ومأجوج إلى الدنيا ويأكلون ثم احتجعزوجل على عبدة الأوثان فقال:( إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ

٤٥٨

جَهَنَّمَ ) إلى قوله:( وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ ) .

١٦٩ ـ وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: لما نزلت هذه الآية وجد منها أهل مكة وجدا شديدا، فدخل عليهم عبد الله بن الزبعرى وكفار قريش يخوضون في هذه الآية فقال ابن الزبعرى: أمحمد تكلم بهذه الاية؟ فقالوا: نعم، قال ابن الزبعرى: لئن اعترف بها لأخصمنه فجمع بينهما فقال: يا محمّد أرأيت الآية التي قرأت آنفا، فينا وفي آلهتنا خاصة أم الأمم وآلهتهم؟ فقال: بل فيكم وفي آلهتكم وفي الأمم وفي آلهتهم، إلّا من استثنى الله فقال ابن الزبعرى: خصمتك والله ألست تثنى على عيسى خيرا وقد عرفت ان النصارى يعبدون عيسى وامه، وان طائفة من الناس يعبدون الملائكة؟ أفليس هؤلاء مع الآلهة في النار؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا، فضحت قريش وضحكوا، قالت قريش: خصمك ابن الزبعرى، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : قلتم الباطل اما قلت: إلّا من استثنى الله وهو قوله تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ ) وقوله:( حَصَبُ جَهَنَّمَ ) يقول: يقذفون فيها قذفا وقوله:( أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ ) يعنى الملائكة وعيسى بن مريمعليهما‌السلام .

١٧٠ ـ في مجمع البيان وقراءة عليٍّعليه‌السلام «حطب» بالطاء.

١٧١ ـ في كتاب علل الشرائع أبيرحمه‌الله قال: حدّثنا سعد بن عبد الله عن إبراهيم بن مهزيار عن أخيه عن أحمد بن محمد عن حماد بن عيسى عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إذا كان يوم القيمة أتى بالشمس والقمر في صورة ثورين عقيرين(١) فيقذفان بهما وبمن يعبدهما في النار، وذلك انهما عبدا فرضيا.

١٧٢ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام عن أبيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إنّ الله تبارك وتعالى يأتى يوم القيامة بكل شيء يعبد من دونه من شمس أو قمر أو غير ذلك، ثم يسأل كل إنسان عما كان يعبد، فيقول كل من عبد غير

__________________

(١) العقير: المقطوع القوائم.

٤٥٩

الله: ربنا انا كنا نعبدها لتقربنا إليك زلفى، قال: فيقول الله تبارك وتعالى للملائكة: اذهبوا بهم وبما كانوا يعبدون إلى النار ما خلا من استثنيت، فأولئك عنها مبعدون.

١٧٣ ـ في محاسن البرقي وروى ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الله يأتى بكل شيء يعبد من دونه شمس أو قمر أو تمثال أو صورة؟ فيقال: اذهبوا بهم وبما كانوا يعبدون إلى النار.

١٧٤ ـ عنه عن أبيه عن حمزة بن عبد الله الجعفري الدهني أو عن جميل بن دراج عن أبان بن تغلب قال: قال: إنّ الله يبعث بشيعتنا يوم القيامة على ما فيهم من الذنوب أو غيره مبيضة وجوههم، مستورة عوراتهم، آمنة روعتهم، قد سهلت لهم الموارد، وذهبت عنهم الشدائد، يركبون نوقا من ياقوت، فلا يزالون يدورون خلال الجنة عليهم شرك من نور يتلالأ، توضع لهم الموائد فلا يزالون يطعمون والناس في الحساب وهو قول الله تبارك وتعالى:( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ ) .

١٧٥ ـ في أمالي الصدوق رحمه‌الله عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل وفيه يقول لعليٍّعليه‌السلام : يا عليُّ أنت وشيعتك على الحوض تسقون من أحببتم وتمنعون من كرهتم، وأنتم الآمنون يوم الفزع الأكبر في ظل العرش، يفزع الناس ولا تفزعون ويحزن الناس ولا تحزنون. فيكم نزلت هذه الاية:( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ ) وفيكم نزلت:( لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ) .

١٧٦ ـ في نهج البلاغة فبادروا بأعمالكم تكونوا مع جيران الله في داره رافق بهم رسله، وأزارهم ملائكته، وأكرم أسماعهم عن أن تسمع حسيس نار أبدا، وصان أجسادهم ان تلقى لغوبا ونصبا، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

١٧٧ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقوله:( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا ) يعنى في البحار إذا

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643