تفسير نور الثقلين الجزء ٣

تفسير نور الثقلين6%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 643

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 643 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 266552 / تحميل: 8764
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

يعقوب بن إسحق بن إبراهيم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة هنا.

١٠٧ ـ وفي كتاب المناقب لابن شهر آشوب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل في فضل على وفاطمةعليهما‌السلام وفيه قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : وارزقهما ذرية طاهرة طيبة مباركة واجعل في ذريتهما البركة، واجعلهم أئمة يهدون بأمرك إلى طاعتك ويأمران بما يرضيك.

١٠٨ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد ومحمد بن الحسين عن محمد بن يحيى عن طلحة بن زيد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال: إنّ الائمة في كتاب اللهعزوجل إمامان: قال الله تبارك وتعالى:( وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا ) لا بأمر الناس، يقدمون ما امر الله قبل أمرهم وحكم الله قبل حكمهم، قال:( وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إلى النَّارِ ) يقدمون أمرهم قبل امر الله وحكمهم قبل حكم الله ويأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب الله.

١٠٩ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقوله: ونجيناه يعنى لوطا من القرية التي كانت تعمل الخبائث قال: كانوا ينكحون الرجال.

١١٠ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن بعض أصحابنا عن المعلى أبي عثمان عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ ) فقال: لا يكون النفش إلّا بالليل، ان على صاحب الحرث ان يحفظ الحرث بالنهار، وليس على صاحب الماشية حفظها بالنهار، إنّما رعاها بالنهار وأرزاقها، فما أفسدت فليس عليها، وعلى صاحب الماشية حفظ الماشية بالليل عن حرث الناس، فما أفسدت بالليل فقد ضمنوا وهو النفش، وان داودعليه‌السلام حكم للذي أصاب زرعه رقاب الغنم وحكم سليمانعليه‌السلام الرسل والثلاثة وهو اللبن والصوف في ذلك العام.

١١١ ـ أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن عبد الله بن بحر عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قلت له قول اللهعزوجل :

٤٤١

( وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ ) قلت: حين حكما في الحرث كان قضية واحدة؟ فقال: إنّه كان أوحى اللهعزوجل إلى النبيين قبل داود إلى أن بعث الله داود: أي غنم نفشت في الحرث فلصاحب الحرث رقاب الغنم، ولا يكون النقش إلّا بالليل، فان على صاحب الزرع أن يحفظ بالنهار، وعلى صاحب الغنم حفظ الغنم بالليل، فحكم داود بما حكمت به الأنبياءعليهم‌السلام من قبله، وأوحى اللهعزوجل إلى سليمان (ع): واى غنم نفشت في زرع فليس لصاحب الزرع إلّا ما خرج من بطونها، وكذلك جرت السنة بعد سليمان (ع) وهو قول اللهعزوجل :( وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً ) فحكم كل واحد منهما بحكم اللهعزوجل .

١١٢ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن يزيد بن إسحق شعر عن هارون ابن حمزة قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن البقر والإبل والغنم يكون في الرعي فتفسد شيئا هل عليها ضمان؟ فقال: إنْ أفسدت نهارا فليس عليها ضمان من أجل ان أصحابه يحفظونه، وان أفسدت ليلا فانه عليها ضمان.

١١٣ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن حماد بن عيسى عن منهال عن عمرو بن صالح عن محمد بن سليمان عن عيثم بن أسلم عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال: إنّ الامامة عهد من اللهعزوجل معهود لرجال مسمين، ليس للإمام ان يزويها عن الذي يكون من بعده، ان الله تبارك وتعالى اوحى إلى داود (ع) ان اتخذ وصيا من أهلك، فانه قد سبق في علمي أن لا ابعث نبيا إلّا وله وصيّ من اهله، وكان لداودعليه‌السلام أولاد عدة، وفيهم غلام كانت امه عند داود وكان لها محبا، فدخل داود حين أتاه الوحي فقال لها: إنّ اللهعزوجل اوحى إلى يأمرني ان أتخذ وصيا من أهلي، فقالت له امرأته: فليكن إبني، قال: ذاك أريد وكان السابق في علم الله المحتوم عنده أنّه سليمان، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى داود: أنْ لا تجعل دون أن يأتيك أمري، فلم يلبث داود ان ورد عليه رجلان يختصمان في الغنم والكرم، فأوحى اللهعزوجل إلى داود: أنْ أجمع ولدك فمن قضى بهذه القضية فأصاب

٤٤٢

فهو وصيّك من بعدك، فجمع داودعليه‌السلام ولده فلما ان قصَّ الخصمان قال سليمانعليه‌السلام : يا صاحب الكرم متى دخلت غنم هذا الرجل كرمك؟ قال: دخلته ليلا، قال: قد قضيت عليك يا صاحب الغنم بأولاد غنمك وأصوافها في عامك هذا، ثم قال له داود: فكيف لم تقض برقاب الغنم وقد قوم ذلك علماء بنى إسرائيل فكان ثمن الكرم قيمة الغنم؟ فقال سليمان: إنّ الكرم لم تجتث من أصله وانما أكل حمله(١) وهو عائد في قابل، فأوحى اللهعزوجل إلى داود: إنّ القضاء في هذه القضية ما قضى سليمان به. يا داود أردت امرا وأردنا امرا غيره، فدخل داود على امرأته فقال: أردنا أمرا وأراد الله أمرا غيره، ولم يكن إلّا ما أراد اللهعزوجل ، فقد رضينا بأمر اللهعزوجل وسلمنا، وكذلك الأوصياء ليس لهم ان يتعدوا بهذا الأمر فيجاوزن صاحبه إلى غيره.

١١٤ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدثني أبي عن عبد الله بن يحيى عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان في بنى إسرائيل رجل وكان له كرم ونفشت فيه الغنم بالليل وقضمته(٢) وأفسدته، فجاء صاحب الكرم إلى داود فاستعدى على صاحب الغنم. فقال داودعليه‌السلام : اذهبا إلى سليمانعليه‌السلام ليحكم بينكما، فذهبا إليه فقال سليمانعليه‌السلام : إنْ كان الغنم أكلت الأصل والفرع فعلى صاحب الغنم ان يدفع إلى صاحب الكرم الغنم وما في بطنها، وان كانت ذهبت بالفرع ولم تذهب بالأصل فانه يدفع ولدها إلى صاحب الكرم، وكان هذا حكم داود، وانما أراد ان يعرف بنى إسرائيل ان سليمان وصيه بعده ولم يختلفا في الحكم، ولو اختلف حكمهما لقال: كنا لحكمهما شاهدين.

١١٥ ـ في من لا يحضره الفقيه روى جميل بن دراج عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ ) قال لم يحكما إنّما كانا يتناظران ففهمها سليمان.

١١٦ ـ وروى الوشاء عن أحمد بن عمر الحلبي قال: سألت أبا الحسن

__________________

(١) الجث: انتزاع لشجرة من أصله والحمل ـ بالكسر ـ ما يحمله الشجر من الثمرة.

(٢) أي أكلته.

٤٤٣

عليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ ) قال: كان حكم داود رقاب الغنم، والذي فهم اللهعزوجل سليمان ان الحكم لصاحب الحرث باللبن والصوف ذلك العام كله.

١١٧ ـ في مجمع البيان واختلف في الحكم الذي حكما به، فقيل إنّه كان كرما قد بدت عناقيده(١) فحكم داود بالغنم لصاحب الكرم، فقال سليمان عن هذا يا نبي الله أرفق(٢) قال: وما ذاك؟ قال: تدفع الكرم إلى صاحب الغنم فيقوم عليه حتّى يعود كما كان، وتدفع الغنم إلى صاحب الكرم فيصيب منها حتّى إذا عاد الكرم كما كان، ثم دفع كل واحد منهما إلى صاحبه ماله وروى ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام .

١١٨ ـ وروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ان سليمان قضى بحفظ المواشي على أربابها ليلا وقضى بحفظ الحرث على أربابه نهارا. قال عز من قائل:( وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فاعِلِينَ وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ ) .

١١٩ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى هشام بن سالم عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال في حديث يذكر فيه قصة داودعليه‌السلام أنّه خرج يقرء الزبور، وكان إذا قرأ الزبور لا يبقى جبل ولا حجر ولا طائر إلّا جاوبه.

١٢٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليّعليهم‌السلام قال: إنّ يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنينعليه‌السلام : فان هذا داود بكى على خطيئته حتّى سارت الجبال معه لخوفه؟ قال له عليٌّعليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله أعطى ما هو أفضل من

__________________

(١) العناقيد جمع العنقود وهو من العنب وغيره: ما تعقد وتراكم من حبه في عرق واحد وبالفارسية «خوشه».

(٢) كذا في النسخ وفي المصدر «فقال سليمان: غير هذا يا نبي الله».

٤٤٤

هذا، إنّه كان إذا قام إلى الصلوة سمع لصدره وجوفه أزيز كأزيز المرجل على الأثافي(١) من شدة البكاء، وقد امنه اللهعزوجل من عذابه، فأراد ان يتخشع لربه ببكائه ويكون إماما لمن اقتدى به، ولئن سارت الجبال وسبحت معه لقد عمل لمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ما هو أفضل من هذا، إذ كنا معه على جبل حراء إذ تحرك له الجبل فقال له: قر فليس عليك إلّا نبي أو صديق شهيد، فقر الجبل مجيبا لأمره، منتهيا إلى طاعته ولقد مررنا معه بجبل، وإذا الدموع تخرج من بعضه، فقال له: ما يبكيك يا جبل؟ فقال: يا رسول الله كان المسيح مر بي وهو يخوف الناس بنار وقودها الناس والحجارة فأنا أخاف ان أكون من تلك الحجارة، قال: لا تخف تلك الحجارة الكبريت، فقر الجبل وسكن وهدأ(٢) وأجاب لقوله.

١٢١ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب كتاب الإرشاد للزهري قال سعيد ابن المسيب: كان الناس لا يخرجون إلى مكة حتّى يخرج علي بن الحسينعليه‌السلام فخرج وخرجت معه فنزل في بعض المنازل فصلى ركعتين فسبح في سجوده، فلم يبق شجر ولا مدر إلّا سبحوا معه، ففزعت منه فرفع رأسه فقال: يا سعيد أفزعت؟ قلت: نعم يا ابن رسول الله، فقال: هذا التسبيح الأعظم.

وفي رواية سعيد بن المسيب قال: كان القراء لا يحجون حتّى يحج زين العابدينعليه‌السلام ، وكان يتخذ لهم السويق الحلو والحامض، ويمنع نفسه، فسبق يوما إلى الرحل فألفيته وهو ساجد، فو الذي نفس سعيد بيده لقد رأيت الشجر والمدر والرحل والراحلة يردون عليه مثل كلامه.

١٢٢ ـ في الكافي أحمد بن أبي عبد الله عن شريف بن سابق عن الفضل بن أبي

__________________

(١) قال الجزري وفيه «انه كان يصلى ولجوفه أزيز كأريز المرجل من البكاء» أي خنين من الجوف بالخاء المعجمة وهو صوت البكاء وقيل هو ان يجيش جوفه ويغلي بالبكاء «انتهى» والمرجل ـ كمنبر ـ: القدر. والأثافي: الأحجار التي يوضع عليها القدر.

(٢) هدأ بمعنى سكن أيضا.

٤٤٥

قرة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ان أمير المؤمنين صلى الله عليه قال: اوحى اللهعزوجل إلى داودعليه‌السلام انك نعم العبد لو لا انك تأكل من بيت المال، ولا تعمل بيدك شيئا قال: فبكى داودعليه‌السلام أربعين صباحا فأوحى اللهعزوجل إلى الحديد ان: لن لعبدي داود، فالان اللهعزوجل له الحديد فكان يعمل في كل يوم درعا فيبيعها بألف درهم، فعمل ثلاثمائة وستين درعا فباعها بثلاثمأة وستين ألفا، واستغنى عن بيت المال.

١٢٣ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقولهعزوجل :( وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً ) قال: تجري من كل جانب إلى الأرض التي باركنا فيها قال: إلى بيت المقدس والشام.

١٢٤ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قام رجل إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام في الجامع بالكوفة فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنى عن يوم الأربعاء والتطير منه وثقله وأى أربعاء هو؟ فقالعليه‌السلام : آخر أربعاء في الشهر وهو المحاق، وفيه قتل قابيل هابيل أخاه، ويوم الأربعاء القى إبراهيم في النار، ويوم الأربعاء ابتلى أيوبعليه‌السلام بذهاب ما له وولده.

١٢٥ ـ عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ابتلى أيوب سبع سنين بلا ذنب.

١٢٦ ـ عن جعفر بن محمد عن أبيهعليهما‌السلام قال: إنّ أيوبعليه‌السلام ابتلى بغير ذنب، وان الأنبياء معصومون لا يذنبون ولا يزيغون ولا يرتكبون ذنبا صغيرا ولا كبيرا وقالعليه‌السلام : إنّ أيوب مع جميع ما ابتلى به لم تنتن له رائحة، ولا قبحت له صورة ولا خرجت منه مدة من دم ولا قيح، ولا استقذره أحد رآه، ولا استوحش منه أحد شاهده ولا تدود شيء من جسده، وهكذا يصنع اللهعزوجل بجميع من يبليه من أنبيائه وأوليائه المكرمين عليه وانما اجتنبه الناس لفقره وضعفه في ظاهر أمره، لجهلهم بما له عند ربه تعالى ذكره من التأييد والفرح، وقد قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أعظم الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، وانما ابتلاه الله بالبلاء العظيم الذي يهون معه على جميع الناس، لئلا يدعوا له معه الربوبية إذا شاهدوا ما أراد الله تعالى ذكره ان يوصله

٤٤٦

اليه من عظائم نعمه متى شاهدوه، ليستدلوا بذلك على ان الثواب من الله تعالى على ضربين: استحقاق واختصاص، ولئلا يحقروا ضعيفا لضعفه، ولا فقيرا لفقره، ولا مريضا لمرضه، وليعلموا أنّه يسقم من يشاء ويشفى من يشاء، متى شاء كيف شاء بأيّ شيء شاء، ويجعل ذلك عبرة لمن يشاء، وشقاوة لمن يشاء، وهوعزوجل في جميع ذلك عدل في قضاءه، وحكيم في أفعاله، لا يفعل بعباده إلّا الأصلح لهم ولا قوة إلّا بالله.

١٢٧ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّما كانت بلية أيوب التي ابتلى بها في الدنيا لنعمة أنعم الله بها عليه فأدى شكرها، وكان إبليس في ذلك الزمان لا يحجب دون العرش، فلما صعد عمل أيوب بأداء شكر النعمة حسده إبليس، فقال: يا رب ان أيوب لم يؤد شكر هذه النعمة إلّا بما أعطيته من الدنيا فلو حلت بينه وبين دنياه ما أدى إليك شكر نعمة، فقال: قد سلطتك على دنياه، فلم يدع له دنيا ولا ولدا إلّا أهلك كل شيء له، وهو يحمد اللهعزوجل ثم رجع إليه فقال: يا رب ان أيوب يعلم أنك سترد إليه دنياه التي أخذتها منه، فسلطني على بدنه تعلم أنّه لا يؤدي شكر نعمة، قال اللهعزوجل : قد سلطتك على بدنه ما عدا عينه وقلبه ولسانه وسمعه، فقال أبو بصير: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : فانقض مبادرا خشية أن تدركه رحمة اللهعزوجل فتحول بينه وبينه، فنفخ في منخريه من نار السموم فصار جسده نقطا نقطا.

١٢٨ ـ حدّثنا أبي رضى الله عنه قال: حدّثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن عبد الله بن يحيى البصري عن عبد الله بن مسكان عن أبي بصير قال: سألت أبا الحسن الماضيعليه‌السلام عن بلية أيوب التي ابتلى بها في الدنيا لأيِّ علّة كانت؟ قال: لنعمة أنعم الله عليه بها فأدى شكرها، وذكر كالسابق إلى قوله: فتحول بينه وبينه، ويتصل بذلك فلما اشتد به البلاء وكان في آخر بليته جاءه أصحابه فقالوا: يا أيّوب ما نعلم أحدا ابتلى بمثل هذه البلية إلّا لسريرة سوء، فلعلّك أسررت سوءا في الذي تبدي لنا قال: فعند ذلك ناجى أيّوب ربّهعزوجل : ربّ ابتليتني بهذه البليّة وأنت تعلم

٤٤٧

أنّه لم يعرض لي أمران قطُّ إلّا لزمت أخشنهما على بدني ولم آكل أكلة قطُّ إلّا وعلى خوانى يتيم، فلو أنَّ لي منك مقعد الخصم لأدليت بحجّتي(١) قال: فعرضت سحابة فنطق فيها ناطق فقال: يا أيّوب أدل بحجّتك، قال: فشدّ عليه منزره وجثا على ركبتيه وقال: ابتليتني وأنت تعلم أنّه لم يعرض لي أمران قط إلّا ألزمت أخشنهما على بدني، ولم آكل أكلة من طعام إلّا وعلى خوانى يتيم. قال: فقيل له: يا أيوب من حبب إليك الطاعة؟ قال: فأخذ كفا من تراب فوضعه في فيه ثم قال: أنت يا رب.

١٢٩ ـ وباسناده إلى الحسن الربيع عمن ذكره عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الله تبارك وتعالى ابتلى أيوبعليه‌السلام بلا ذنب فصبر حتّى عير، وان الأنبياء لا يصبرون على التعيير.

١٣٠ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سنان عن عثمان النوا عمن ذكره عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ اللهعزوجل يبتلى المؤمن بكل بلية، ويميته بكل ميتة، ولا يبتليه بذهاب عقله أما ترى أيوبعليه‌السلام كيف سلط إبليس على ماله وعلى أهله، وكل شيء منه، ولم يسلط على عقله، ترك له يوحد اللهعزوجل به.

١٣١ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدّثنا محمد بن جعفر قال: حدّثنا محمد ابن عيسى بن زياد عن الحسن بن علي بن فضال عن عبد الله بن بكير وغيره عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ ) قال: أحيى اللهعزوجل له أهله الذين كانوا قبل البلية، وأحيى له الذين ماتوا وهو في البلية.

١٣٢ ـ في روضة الكافي يحيى بن عمران عن هارون بن خارجة عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ ) قلت: ولده كيف أوتى مثلهم معهم؟ قال: أحيى الله له من ولده الذين كانوا ماتوا قبل ذلك بآجالهم مثل الذين هلكوا يومئذ.

١٣٣ ـ علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسن بن عبد الرحمن عن منصور ابن يونس عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قلت له :

__________________

(١) أدلى بحجته: أصغرها واحتج بها.

٤٤٨

( فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) فقال: يا أبا محمد يسلط والله من المؤمن على بدنه، ولا يسلط على دينه، قد سلط على أيوبعليه‌السلام فشوه خلقه، ولم يسلط على دينه، وقد يسلط من المؤمنين على أبدانهم ولا يسلط على دينهم.

١٣٤ ـ في إرشاد المفيد رحمه‌الله عن أمير المؤمنين حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : انا سيد الشيب، وفي سنة من أيوب.

١٣٥ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب في حديث أبي حمزة الثمالي ان علي بن الحسينعليهما‌السلام دعا حوت يونس بن متى، فاطلع الحوت رأسه من البحر مثل الجبل العظيم، وهو يقول: لبيك لبيك يا ولى الله، فقال: من أنت؟ قال: حوت يونس يا سيدي، قال: ايتنا بالخبر، قال: يا سيدي ان الله تعالى لم يبعث نبيا من آدم إلى ان صار جدك محمد، إلّا وقد عرض عليه ولايتكم أهل البيت، فمن قبلها من الأنبياء سلم وتخلص، ومن توقف عنها وتتعتع في حملها لقى ما لقى آدم من المصيبة، وما لقى نوح من الغرق، وما لقى إبراهيم من النار، وما لقى يوسف من الجب، وما لقى أيوب من البلاء، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٣٦ ـ في عيون الاخبار في باب ذكر مجلس الرضاعليه‌السلام عند المأمون مع أهل الملل والمقالات وما أجاب به علي بن جهم في عصمة الأنبياء باسناده إلى أبي الصلت الهروي قال: لما جمع المأمون لعليِّ بن موسى الرضاعليه‌السلام إلى أن حكى قولهعليه‌السلام : واما قوله:( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) إنّما طن بمعنى استيقن ان الله لن يضيق عليه رزقه، ألا تسمع قول اللهعزوجل :( وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ ) أي ضيق عليه رزقه، ولو ظن ان الله لا يقدر عليه لكان قد كفر.

١٣٧ ـ وباسناده إلى علي بن محمد الجهم قال: حضرت مجلس المأمون وعنده الرضاعليه‌السلام فقال له المأمون: يا ابن رسول الله أليس من قولك ان الأنبياء معصومون؟ قال: بلى، قال فما معنى قول اللهعزوجل :( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً

٤٤٩

فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) ؟ فقال الرضاعليه‌السلام ، ذاك يونس بن متىعليه‌السلام ، ذهب مغاضبا لقومه فظن بمعنى استيقن( أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) أي لن نضيق عليه رزقه ومنه قول اللهعزوجل :( وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ ) أي ضيق عليه وقتر( فَنادى فِي الظُّلُماتِ ) : ظلمة الليلة وظلمة البحر، وظلمة بطن الحوت( أَنْ لا إله إلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) بتركى مثل هذه لعبادة التي فرغتني لها في بطن الحوت، فاستجاب الله وقالعزوجل :( فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) فقال المأمون: لله درك يا أبا الحسن.

١٣٨ ـ في الكافي أحمد بن محمد العاصمي عن علي بن الحسن التيملي عن عمرو بن عثمان عن أبي جميلة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال له رجل من أهل خراسان بالربذة: جعلت فداك لم أرزق ولدا، فقال له: إذا رجعت إلى بلادك فأردت ان تأتى أهلك فاقرأ إذا أردت ذلك:( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إله إلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) إلى ثلاث آيات فانك سترزق ولدا إنشاء الله.

١٣٩ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقوله:( فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) قال: أنزله الله على أشد الأمرين، وظن به أشد الظن وقال: إنّ جبرئيل استثنى في هلاك قوم يونس ولم يسمعه يونس، قلت: ما كان حال يونس لما ظن ان الله لن يقدر عليه؟ قال: كان من أمر شديد، قلت: وما كان سببه حتّى ظن ان الله لن يقدر عليه؟ قال: وكله الله إلى نفسه طرفة عين.

١٤٠ ـ قال: وحدثني أبي عن ابن أبي عمير عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في بيت أم سلمة في ليلتها ففقدته من الفراش، فدخلها من ذلك ما يدخل النساء، فقامت تطلبه في جوانب البيت حتّى انتهت إليه وهو في جانب من البيت قائم، رافع يديه يبكى وهو يقول: أللهمّ لا تنزع منى صالح ما أعطيتنى أبدا، أللهمّ لا تشمت بي عدوى ولا حاسدا أبدا، أللهمّ لا تردني في سوء استنقذتني منه

٤٥٠

أبدا، أللهمّ ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا، قال: وانصرفت أم سلمة تبكي حتّى انصرف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لبكائها، فقال لها: ما يبكيك يا أم سلمة؟ قالت بأبي أنت وأمّي يا رسول الله ولم لا أبكى وأنت بالمكان الذي أنت به من الله، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، تسأله ان لا يشمت بك عدوا أبدا، وان لا يردك في سوء استنقذك منه أبدا، وان لا ينزع منك صالح ما أعطاك أبدا، وان لا يكلك إلى نفسك طرفة عين أبدا؟ فقال: يا أم سلمة وما يؤمنني وانما وكل الله يونس بن متى إلى نفسه طرفة عين، فكان منه ما كان.

١٤١ ـ وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله: و( ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً ) يقول: من اعمال قومه( فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) يقول: ظن أن لن يعاقب بما صنع.

١٤٢ ـ حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن جميل قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : ما رد الله العذاب إلّا عن قوم يونس، فكان يونس يدعوهم إلى الإسلام فيأبون ذلك، فهم أن يدعو عليهم وكان فيهم رجلان: عابد وعالم، وكان اسم أحدهما مليخا والاخر اسمه روبيل، وكان العابد يشير على يونس بالدعاء عليهم، وكان العالم ينهاه ويقول: لا تدعن عليهم فان الله يستجيب لك، ولا يحب هلاك عباده فتقبل قول العابد ولم يقبل من العالم، فدعا عليهم فأوحى الله اليه: يأتيهم العذاب في سنة كذا في شهر كذا في يوم كذا، فلما قرب الوقت خرج يونس من بينهم مع العابد وبقي العالم فيها، فلما كان اليوم الذي نزل العذاب قال العالم لهم: يا قوم أفزعوا إلى الله فلعله يرحمكم فيرد العذاب عنكم، فقالوا: كيف نصنع؟ فقال: اجتمعوا واخرجوا إلى المفازة وفرقوا بين النساء والأولاد، وبين الإبل وأولادها، وبين البقر وأولادها، وبين الغنم وأولادها، ثم ابكوا وادعوا، فذهبوا وفعلوا ذلك وضجوا وبكوا، فرحمهم‌الله وصرف عنهم العذاب وفرق العذاب على الجبال، وقد كان نزل وقرب منهم، فأقبل يونس لينظر كيف أهلكهم الله فرأى الزارعين يزرعون في أرضهم فقال لهم: ما فعل قوم يونس؟ قالوا ـ ولم يعرفوه ـ: إنّ يونس دعا عليهم

٤٥١

فاستجاب الله له ونزل العذاب عليهم فاجتمعوا وبكوا ودعوا فرحمهم‌الله وصرف ذلك عنهم، وفرق العذاب على الجبال، فهم إذا يطلبون يونس ليؤمنوا به، فغضب ومر على وجهه مغاضبا لله كما حكى الله عنه والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٤٣ ـ وفيه أيضا وسئل بعض اليهود أمير المؤمنين صلوات الله عليه عن سجن طاف أقطار الأرض بصاحبه فقال: يا يهودي أما السجن الذي طاف أقطار الأرض بصاحبه فانه الحوت الذي حبس يونس في بطنه، فدخل في بحر القلزم، ثم خرج إلى بحر مصر ثم دخل بحر طبرستان، ثم خرج في دجلة الغور، قال: ثم مرت به تحت الأرض حتّى لحقت بقارون، وكان قارون هلك في أيام موسى، ووكل الله به ملكا يدخله في الأرض كل يوم قامة، وكان يونس في بطن الحوت يسبح الله ويستغفره، فسمع قارون صوته فقال للملك الموكل به: أنظرنى فانى اسمع كلام آدمي، فأوحى الله إلى الملك: أنظره فأنظره، ثم قال قارون: من أنت؟ قال: أنا المذنب العاصي الخاطئ يونس بن متى، قال: فما فعل الشديد الغضب لله موسى بن عمران؟ قال: هيهات هلك، قال: فما فعل الرءوف الرحيم على قومه هارون بن عمران؟ قال: هلك، قال: فما فعلت كلثم بنت عمران التي كانت سميت لي؟ قال: هيهات ما بقي من آل عمران أحد، فقال قارون: وا أسفا على آل عمران، فشكر الله له ذلك فأمر الملك الموكل به أن يرفع عنه العذاب أيام الدنيا، فرفع عنه، فلما راى يونس ذلك نادى في الظلمات( أَنْ لا إله إلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) فاستجاب الله له، وأمر الحوت أن يلفظه(١) ، فلفظه على ساحل البحر، وقد ذهب جلده ولحمه وأنبت الله( عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ) ، وهي الدباء فأظلته من الشمس فسكن.

١٤٤ ـ وفيه أيضا وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: لبث يونس في بطن الحوت ثلاثة أيام، ونادى في الظلمات ظلمة بطن الحوت، وظلمة الليل، وظلمة البحر،( أَنْ لا إله إلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) فاستجاب له ربه ،

__________________

(١) لفظ فلان الشيء من فيه: رمى به.

٤٥٢

فأخرجته الحوت إلى الساحل، ثم قذفه فألقاه بالساحل، وأنبت الله عليه شجرة من يقطين وهو القرع. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٤٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن أمير المؤمنين حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام مجيبا لبعض الزنادقة وقد قال: وأجده قد شهر هفوات أنبياءه بحبسه يونس في بطن الحوت، حيث ذهب مغاضبا مذنبا: وأما هفوات الأنبياءعليهم‌السلام وما بينه الله في كتابه، فان ذلك من أدل الدلائل على حكمة اللهعزوجل الباهرة، وقدرته القاهرة، وعزته الظاهرة، لأنه علم ان براهين الأنبياءعليهم‌السلام تكبر في صدور أممهم، وان يتخذ بعضهم إلها كالذي كان من النصارى في ابن مريم، فذكرها دلالة على تخلفهم عن الكمال الذي انفرد بهعزوجل .

١٤٦ ـ في تفسير العيّاشي عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي جعفرعليه‌السلام كتب أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: حدثني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ان جبرئيل حدثه ان يونس بن متىعليه‌السلام بعثه الله إلى قومه، وذكر حديثا طويلا يذكر فيه ما فعل قوم يونس وخروج يونس وتنوخا العابد من بينهم، ونزول العذاب عليهم وكشفه عنهم وفيه: فلما راى قوم يونس ان العذاب قد صرف عنهم هبطوا إلى منازلهم من رؤس الجبال، وضموا إليهم نساءهم وأولادهم وأموالهم، وحمدوا الله على ما صرف عنهم، وأصبح يونس وتنوخا يوم الخميس في موضعهما الذي كانا فيه، لا يشكان ان العذاب قد نزل بهم وأهلكهم جميعا، لما خفيت أصواتهم عنهما، فأقبلا ناحية القرية يوم الخميس مع الشمس ينظران إلى ما صار إليه القوم، فلما دنوا من القوم واستقبلتهم الحطابون والحمارة والرعاة بأعناقهم، ونظرا إلى أهل القرية مطمئنين، قال يونس لتنوخا: يا تنوخا كذبني الوحي وكذبت وعدي لقومي، لا وعزة ربي لا يرون لي وجها أبدا بعد ما كذبني الوحي، فانطلق يونس هاربا على وجهه مغاضبا لربه ناحية بحرايلة(١) مستنكرا فرارا من أن يراه أحد من قومه، فيقول له: يا كذاب! فلذلك قال :

__________________

(١) مر في الجزء الثاني صفحة ٣٢٦ بيان للحديث وشرح بعض اللغات فراجع.

٤٥٣

( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) الآية ورجع تنوخا إلى القرية.

١٤٧ ـ عن الثمالي عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ يونس لما آذاه قومه دعا الله عليهم فأصبحوا أول يوم، ووجوههم صفر، وأصبحوا اليوم الثاني ووجوههم سود، قال وكان الله وأعدهم ان يأتيهم العذاب حتّى نالوه برماحهم، ففرقوا بين النساء وأولادهن والبقر وأولادها، ولبسوا المسوح(١) والصوف ووضعوا الحبال في أعناقهم، والرماد على رؤسهم، وضجوا ضجة واحدة إلى ربهم، وقالوا: آمنا باله يونس، قال: فصرف الله عنهم العذاب إلى جبال آمد(٢) قال: وأصبح يونس وهو يظن انهم هلكوا، فوجدهم في عافية فغضب وحرج كما قال الله:( مُغاضِباً ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٤٨ ـ عن معمر قال: قال أبو الحسن الرضاعليه‌السلام : إنّ يونس لما أمره اللهعزوجل بما أمره فأعلم قومه فأظلهم العذاب ففرقوا بينهم وبين أولادهم، وبين البهائم وأولادها ثم عجوا إلى الله وضجوا، فكف الله العذاب عنهم، فذهب يونس مغاضبا والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٤٩ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب وفي حديث أبي حمزة الثمالي أنّه دخل عبد الله بن عمر على زين العابدينعليه‌السلام وقال له: يا ابن الحسين أنت الذي تقول: إنّ يونس بن متى إنّما لقى من الحوت ما لقى لأنّه عرضت عليه ولاية جدّي فتوقّف عندها؟ قال: بلى ثكلتك أمّك، قال: فأرني آية ذلك إنْ كنت من الصادقين، فأمر بشدّ عينه بعصابة وعيني بعصابة، ثمّ أمر بعد ساعة بفتح أعيننا، فاذا نحن على شاطئ يضرب أمواجه بها، فقال ابن عمر: يا سيّدي دمي في رقبتك الله الله في نفسي، قال هنيئة وأريه ان كنت من الصادقين، ثمّ قال: يا أيتها الحوت قال: فاطلع الحوت رأسه من البحر مثل الجبل العظيم، وهو يقول: لبيك لبيك يا وليّ الله، فقال: من أنت؟ قال: حوت يونس يا

__________________

(١) المسوح جمع المسح ـ بالكسر ـ: الكساء من شعر.

(٢) قال الحموي: آمد ـ بكسر الميم ـ أعظم ديار بكر.

٤٥٤

سيّدي، قال: إيتنا بالخبر، قال: يا سيّدي إنَّ الله تعالى لم يبعث نبيّا من آدم إلى أن صار جدّك محمّد إلّا وقد عرض عليه ولايتكم أهل البيت، فمن قبلها من الأنبياء سلِّم وتخلَّص، ومَن توقّف عنها وتتعتع في حملها لقى ما لقى آدم من المصيبة، وما لقى نوح من الغرق، وما لقى إبراهيم من النار، وما لقى يوسف من الجب، وما لقى أيّوب من البلاء، وما لقى داود من الخطيئة، إلى ان بعث الله يونس فأوحى الله إليه أن يا يونس: توّل أمير المؤمنين عليّا والائمّة الراشدين من صلبه في كلام له.

قال: فكيف أتوّلى من لم أره ولم أعرفه؟ وذهب مغتاظا فأوحى الله تعالى إليَّ: أنْ التقمي يونس ولا توهني له عظما، فمكث في بطني أربعين صباحا يطوف معى في البحار في ظلمات ثلاث، ينادى أنّه لا إله إلّا أنت سبحانك إنّي كنت من الظالمين، قد قبلت ولاية عليّ بن أبي طالب والائمّة الراشدين من ولدهعليهم‌السلام ، فلمّا ان آمن بولايتكم أمرني ربي فقذفته على ساحل البحر، فقال زين العابدينعليه‌السلام : إرجع أيها الحوت إلى وكرك(١) فرجع الحوت واستوى الماء.

١٥٠ ـ في مصباح شيخ الطائفة قدس‌سره في دعاء يوم الأربعاء: يا من سمع الهمس من ذي النون في بطن الحوت في الظلمات الثلاث: ظلمة الليل، وظلمة قعر البحر وظلمة بطن الحوت.

١٥١ ـ في تهذيب الأحكام باسناده إلى الحسن بن علي بن عبد الملك الزيات عن رجل عن كرام عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: أربع لأربع، إلى قوله: والرابعة للغم واللهم( لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) قال الله سبحانه:( فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ) .

١٥٢ ـ في كتاب الخصال عن الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام قال: عجبت لمن يفزع من اربع كيف لا يفزع إلى اربع، إلى قولهعليه‌السلام وعجبت لمن اغتم كيف لا يفزع إلى قوله تعالى:( لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) فانى سمعت

__________________

(١) الوكر: عش الطائر.

٤٥٥

الله يقول بعقبها:( فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ) .

١٥٣ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده إلى علي بن محمد الصيمري الكاتب قال: تزوجت ابنة جعفر بن محمد الكاتب فأحببتها حبا لم يحب أحد أحدا مثله، وابطأ على الولد فصرت إلى أبي الحسن عليّ بن محمّد بن الرضا (ع) فذكرت ذلك له فتبسم، وقال: اتخذ خاتما فضة فيروزج واكتب عليه:( رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ ) قال: ففعلت فما أتى على حول حتّى رزقت منها ولدا ذكرا.

١٥٤ ـ في عوالي اللئالى روى عن سيد العابدينعليه‌السلام أنّه قال لبعض أصحابه: قل لطلب الولد:( رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ ) واجعل لي من لدنك وليا يرثني» في حيوتى ويستغفر لي بعد وفاتي واجعله خلقا سويا ولا تجعل للشيطان فيه نصيبا أللهمّ إنّي أستغفرك وأتوب إليك انك أنت التواب الرحيم سبعين مرة.

١٥٥ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن رجل عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: من أراد أن يحبل له فليصل ركعتين بعد الجمعة يطيل فيهما الركوع والسجود، ثم يقول: أللهمّ إنّي أسئلك بما سئلك به زكريا إذ قال:( رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ ) ، أللهمّ هب لي ذرية طيبة انك سميع الدعاء أللهمّ باسمك استحللتها، وفي أمانتك أخذتها، فان قضيت في رحمها ولدا فاجعله غلاما مباركا زكيا، ولا تجعل للشيطان فيه نصيبا ولا شركا.

١٥٦ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي عن الحارث النضري قال قلت لابي عبد اللهعليه‌السلام : إنّي من أهل بيت قد انقرضوا وليس لي ولد؟ فقال: ادع وأنت ساجد: رب هب لي من لدنك وليا( رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ ) قال: ففعلت فولد لي على والحسين.

١٥٧ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وفي رواية عليّ بن إبراهيم في قوله:( وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ ) قال: كانت لا تحيض فحاضت.

٤٥٦

١٥٨ ـ في كتاب الخصال عن يونس بن ظبيان قال: قال الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام : إنّ الناس يعبدون الله تعالى على ثلثة أوجه، فطبقة يعبدونه رغبة في ثوابه فتلك عبادة الحرصاء وهي الطمع، وآخرون يعبدونه فرقا من النار فتلك عبادة العبيد وهي الرهبة، ولكني أعبده حبا له فتلك عبادة الكرام.

١٥٩ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفرعليهما‌السلام قال: الرغبة ان تستقبل براحتيك السماء وتستقبل بهما وجهك والرهبة أن تلقى كفيك وترفعهما إلى الوجه.

١٦٠ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن إسماعيل بن مهران عن سيف بن عميرة عن أبي إسحاق عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: الرغبة ان تستقبل ببطن كفيك إلى السماء، والرهبة ان تجعل ظهر كفيك إلى السماء.

١٦١ ـ وباسناده إلى مروك بياع اللؤلؤ عمن ذكره عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ذكر الرغبة وأبرز باطن راحتيه إلى السماء، وهكذا الرهبة وجعل ظهر كفيه إلى السماء.

١٦٢ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن فضالة عن العلا عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: مر بي رجل وانا ادعو في صلوتى بيساري فقال: يا عبد الله بيمينك! فقلت: يا عبد الله ان الله تبارك وتعالى حقه على هذه كحقه على هذه، وقال: الرغبة تبسط يديك وتظهر باطنهما والرهبة تظهر ظهرهما والأحاديث الثلاث طوال أخذنا منها موضع الحاجة.

١٦٣ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم : ( وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً ) قال: راغبين راهبين، وقوله:( الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها ) قال: مريم لم ينظر إليها شيء وقوله:( فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا ) قال: روح مخلوقة يعنى من أمرنا.

١٦٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث أجاب فيه بعض الزنادقة وقد قال معترضا: وأجده يقول:( وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ

٤٥٧

مُؤْمِنٌ ) فلا كفران لسعيه ويقول:( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ) اعلم في الآية الاولى ان الأعمال الصالحة لا تكفر، واعلم في الثانية ان الايمان والأعمال الصالحة لا تنفع إلّا بعد الاهتداء قالعليه‌السلام : واما قوله:( وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ) فلا كفران لسعيه» وقوله:( إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ) فان ذلك كله لا يغني إلّا مع الاهتداء وليس كل من وقع عليه اسم الايمان كان حقيقا بالنجاة مما هلك به الغواة ولو كان ذلك كذلك لنجت اليهود مع اعترافها بالتوحيد وإقرارها بالله، ونجى ساير المقرين بالوحدانية من إبليس فمن دونه في الكفر، وقد بين الله ذلك بقوله:( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ) وبقوله:( الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ ) .

١٦٥ ـ في مجمع البيان و( حَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ ) وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام أنّه قال: كل قرية أهلكها الله بعذاب فإنهم لا يرجعون.

١٦٦ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقولهعزوجل :( وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ ) فانه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن ابن سنان عن أبي بصير عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله وأبى جعفرعليهما‌السلام قالا: كل قرية أهلك اللهعزوجل أهلها بالعذاب لا يرجعون في الرجعة، فهذه الآية من أعظم الدلالة في الرجعة لان أحدا من أهل الإسلام لا ينكران الناس كلهم يرجعون إلى القيامة، من هلك ومن لم يهلك «انتهى كلامه».

١٦٧ ـ وفيه أيضا قال الصادقعليه‌السلام : كل قرية أهلك الله أهلها بالعذاب لا يرجعون في الرجعة، فاما إلى القيامة فيرجعون ومحضوا الايمان محضا وغيرهم ممن لم يهلكوا بالعذاب ومحضوا الكفر محضا يرجعون. وقولهعزوجل :( حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ ) قال: إذا كان في آخر الزمان خرج يأجوج ومأجوج إلى الدنيا ويأكلون ثم احتجعزوجل على عبدة الأوثان فقال:( إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ

٤٥٨

جَهَنَّمَ ) إلى قوله:( وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ ) .

١٦٩ ـ وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: لما نزلت هذه الآية وجد منها أهل مكة وجدا شديدا، فدخل عليهم عبد الله بن الزبعرى وكفار قريش يخوضون في هذه الآية فقال ابن الزبعرى: أمحمد تكلم بهذه الاية؟ فقالوا: نعم، قال ابن الزبعرى: لئن اعترف بها لأخصمنه فجمع بينهما فقال: يا محمّد أرأيت الآية التي قرأت آنفا، فينا وفي آلهتنا خاصة أم الأمم وآلهتهم؟ فقال: بل فيكم وفي آلهتكم وفي الأمم وفي آلهتهم، إلّا من استثنى الله فقال ابن الزبعرى: خصمتك والله ألست تثنى على عيسى خيرا وقد عرفت ان النصارى يعبدون عيسى وامه، وان طائفة من الناس يعبدون الملائكة؟ أفليس هؤلاء مع الآلهة في النار؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا، فضحت قريش وضحكوا، قالت قريش: خصمك ابن الزبعرى، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : قلتم الباطل اما قلت: إلّا من استثنى الله وهو قوله تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ ) وقوله:( حَصَبُ جَهَنَّمَ ) يقول: يقذفون فيها قذفا وقوله:( أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ ) يعنى الملائكة وعيسى بن مريمعليهما‌السلام .

١٧٠ ـ في مجمع البيان وقراءة عليٍّعليه‌السلام «حطب» بالطاء.

١٧١ ـ في كتاب علل الشرائع أبيرحمه‌الله قال: حدّثنا سعد بن عبد الله عن إبراهيم بن مهزيار عن أخيه عن أحمد بن محمد عن حماد بن عيسى عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إذا كان يوم القيمة أتى بالشمس والقمر في صورة ثورين عقيرين(١) فيقذفان بهما وبمن يعبدهما في النار، وذلك انهما عبدا فرضيا.

١٧٢ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام عن أبيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إنّ الله تبارك وتعالى يأتى يوم القيامة بكل شيء يعبد من دونه من شمس أو قمر أو غير ذلك، ثم يسأل كل إنسان عما كان يعبد، فيقول كل من عبد غير

__________________

(١) العقير: المقطوع القوائم.

٤٥٩

الله: ربنا انا كنا نعبدها لتقربنا إليك زلفى، قال: فيقول الله تبارك وتعالى للملائكة: اذهبوا بهم وبما كانوا يعبدون إلى النار ما خلا من استثنيت، فأولئك عنها مبعدون.

١٧٣ ـ في محاسن البرقي وروى ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الله يأتى بكل شيء يعبد من دونه شمس أو قمر أو تمثال أو صورة؟ فيقال: اذهبوا بهم وبما كانوا يعبدون إلى النار.

١٧٤ ـ عنه عن أبيه عن حمزة بن عبد الله الجعفري الدهني أو عن جميل بن دراج عن أبان بن تغلب قال: قال: إنّ الله يبعث بشيعتنا يوم القيامة على ما فيهم من الذنوب أو غيره مبيضة وجوههم، مستورة عوراتهم، آمنة روعتهم، قد سهلت لهم الموارد، وذهبت عنهم الشدائد، يركبون نوقا من ياقوت، فلا يزالون يدورون خلال الجنة عليهم شرك من نور يتلالأ، توضع لهم الموائد فلا يزالون يطعمون والناس في الحساب وهو قول الله تبارك وتعالى:( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ ) .

١٧٥ ـ في أمالي الصدوق رحمه‌الله عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل وفيه يقول لعليٍّعليه‌السلام : يا عليُّ أنت وشيعتك على الحوض تسقون من أحببتم وتمنعون من كرهتم، وأنتم الآمنون يوم الفزع الأكبر في ظل العرش، يفزع الناس ولا تفزعون ويحزن الناس ولا تحزنون. فيكم نزلت هذه الاية:( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ ) وفيكم نزلت:( لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ) .

١٧٦ ـ في نهج البلاغة فبادروا بأعمالكم تكونوا مع جيران الله في داره رافق بهم رسله، وأزارهم ملائكته، وأكرم أسماعهم عن أن تسمع حسيس نار أبدا، وصان أجسادهم ان تلقى لغوبا ونصبا، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

١٧٧ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقوله:( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا ) يعنى في البحار إذا

٤٦٠

تحولت نيرانا يوم القيامة، وفي حديث آخر قال: هي منسوخة بقوله:( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ ) .

١٧٨ ـ حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن منصور بن يونس عن عمر بن شيبة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سمعته يقول ابتداء منه: إنّ الله إذا بدا له ان يبين خلقه ويجمعهم لما لا بد منه امر مناديا فنادى فاجتمع الانس والجن في أسرع من طرفة عين، ثم اذن لسماء الدنيا فتنزل وكان من وراء الناس، واذن للسماء الثانية فتنزل وهي ضعف التي تليها، فاذا رآها أهل سماء الدنيا قالوا: جاء ربنا؟ قالوا: لا وهو آت يعنى امره، حتّى تنزل كل سماء يكون كل واحدة منها من وراء الاخرى وهي ضعف التي تليها، ثم ينزل امر الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضى الأمر والى ربكم ترجع الأمور، ثم يأمر الله مناديا ينادى( يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ ) قال: وبكى حتّى إذا سكت قلت: جعلني الله فداك يا أبا جعفر وأين رسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما وشيعته؟ فقال أبو جعفر: رسول الله وشيعته على كثبان(١) من المسك الأذفر على منابر من نور، يحزن الناس ولا يحزنون، ويفزع الناس ولا يفزعون، ثم تلا هذه الاية:( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ) فالحسنة والله ولاية على، ثم قال:( لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ) .

١٧٩ ـ في مجمع البيان وروى أبو سعيد الخدري عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ثلاثة على كثبان مسك( لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ ) ولا يكترثون للحساب: رجل قرأ القرآن محتسبا ثم أم به قوما محتسبا، ورجل أذن محتسبا، ومملوك ادى حق اللهعزوجل وحق مواليه.

١٨٠ ـ في إرشاد المفيد رحمه‌الله ولما عاد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من تبوك إلى المدينة قدم عليه عمرو بن معديكرب الزبيدي فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أسلم يا عمرو يؤمنك الله من

__________________

(١) الكثبان جمع الكثيب: التل من الرمل.

٤٦١

الفزع الأكبر، فقال: يا محمّد وما الفزع الأكبر فانى لا أفزع؟ فقال: إنّه ليس كما تظن وتحسب، ان الناس يصاح بهم صيحة واحدة فلا يبقى ميت إلّا نشر، ولا حي إلّا مات إلّا ما شاء الله، ثم يصاح بهم صيحة اخرى فينشر من مات، ويصفون جميعا وتنشق السماء وتهد الأرض وتخر الجبال وتزفر النار بمثل الجبال شررا، فلا يبقى ذو روح إلّا انخلع قلبه وطاش لبه، وذكر ذنبه وشغل بنفسه إلّا ما شاء الله، فأين أنت يا عمرو من هذا؟ قال: ألا أنّي أسمع أمرا عظيما، فآمن بالله ورسوله وآمن معه من قومه ناس، ورجعوا إلى قومهم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٨١ ـ في من لا يحضره الفقيه باسناده إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ومن خرج من الدنيا لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، ثم تلا هذه الآية :

( إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ ) من شيعتك ومحبيك يا عليّ. قال أمير المؤمنينعليه‌السلام فقلت: يا رسول الله هذا لشيعتي؟ قال: أي وربي إنّه لشيعتك وانهم ليخرجون من قبورهم، وهم يقولون: لا إله إلّا الله محمد رسول الله عليّ بن أبي طالب حجة الله فيؤتون بحلل خضر من الجنة، وتيجان من الجنة، ونجائب من الجنة فيلبس كل واحد منهم حلة خضراء، ويوضع على رأسه تاج الملك، وإكليل الكرامة، ثم يركبون النجائب فتطير بهم إلى الجنة،( لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ، وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ) .

١٨٢ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن إسماعيل عن أبي إسماعيل السراج عن هارون بن خارجة قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: من دفن في الحرام امن من الفزع الأكبر، فقلت له: من بر الناس وفاجرهم؟ قال: من بر الناس وفاجرهم.

١٨٣ ـ في أصول الكافي باسناده إلى أبي خالد الكابلي عن أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل وفيه: والله يا أبا خالد لا يحبنا عبد ويتولانا حتّى يطهر الله قلبه، ولا يطهر الله قلب عبد حتّى يسلم لنا ويكون سلما لنا، فاذا كان سلما لنا سلمه الله من شديد

٤٦٢

الحساب، وآمنه من فزع يوم القيمة الأكبر.

١٨٤ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عمر بن عبد العزيز عن جميل بن دراج عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من كسا أخاه كسوة شتاء أو صيف كان حقا على الله أن يكسوه من ثياب الجنة، وأن يهون عليه من سكرات الموت، وأن يوسع عليه في قبره، وان تلقى الملائكة إذا خرج من قبره بالبشرى، وهو قول اللهعزوجل في كتابه:( وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ) .

١٨٥ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم واما قوله:( يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ) قال: السجل اسم الملك الذي يطوى الكتب، ومعنى يطويها يفنيها فتتحول دخانا والأرض نيرانا.

١٨٦ ـ في كتاب جعفر بن محمد الدوريستي باسناده إلى ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً ) غشي عليه وحمل إلى حجرة أم سلمة فانتظره أصحابه وقت الصلوة فلم يخرج، فاجتمع المسلمون فقالوا: ما لنبي الله؟ فقالت أم سلمة: إنّ نبي الله عنكم مشغول ثم خرج بعد ذلك فرقى المنبر، فقال: أيها الناس انكم تحشرون إلى الله كما خلقتم حفاة عراة، ثم قرأ على أصحابه:( وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً ) ثم قرأ:( كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ ) .

١٨٧ ـ في نهج البلاغة استبدلوا بظهر الأرض بطنا، وبالسعة ضيقا وبالأهل غربة، وبالنور ظلمة، فجاءوها كما فارقوها حفاة عراة، قد ظعنوا عنها بأعمالهم إلى الحيوة الدائمة، والدار الباقية كما قال سبحانه:( كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ ) .

١٨٨ ـ في مجمع البيان وروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: تحشرون يوم القيامة عراة حفاة غرلا(١) ( كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ ) .

__________________

(١) الغرل جمع الأغرل: الأقلف وهو الذي لم يختن.

٤٦٣

١٨٩ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقوله: و( لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ ) قال: الكتب كلها ذكر( أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ ) قال: القائم وأصحابه قال: والزبور فيه ملاحم وتحميد وتمجيد ودعاء.

١٩٠ ـ وفيه قال: أعطى الله داود وسليمانعليهما‌السلام ما لم يعط أحد من أنبياء الله من الآيات علمهما منطق الطير، وألان الله لهما الحديد، والصفر من غير نار وجعلت الجبال يسبحن مع داودعليه‌السلام ، فأنزل اللهعزوجل إليه الزبور فيه توحيد وتمجيد ودعاء، واخبار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين والائمة صلوات الله عليهم من ذريتهماعليهما‌السلام ، واخبار الرجعة وذكر القائم صلوات الله عليه.

١٩١ ـ في تفسير العيّاشي عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل وفيه يقولعليه‌السلام : فلما دنى عمر آدم هبط عليه ملك الموت ليقبض روحه فقال له آدم: يا ملك الموت قد بقي من عمرى ثلاثون سنة، فقال له ملك الموت: الم تجعلها لابنك داود النبي وطرحتها من عمرك حيث عرض عليك أسماء الأنبياء من ذريتك وعرض عليك أعمارهم وأنت يومئذ بوادي دخنا؟ فقال آدم: يا ملك الموت ما اذكر هذا، فقال له ملك الموت: يا آدم لا تجهل ألم تسأل الله أن يثبتها لداود في الزبور ومحاها من عمرك من الذكر؟

١٩٢ ـ في أصول الكافي محمد عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه سأله عن قول اللهعزوجل :( وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ ) ما الزبور وما الذكر؟ قال: الذكر عند الله والزبور الذي انزل على داود وكل كتاب نزل فهو عند أهل العلم ونحن هم.

١٩٣ ـ في مجمع البيان ( أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ ) وقال أبو جعفرعليه‌السلام : هم أصحاب المهدي في آخر الزمان، ويدل على ذلك ما رواه الخاص والعام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتّى يبعث رجلا من أهل بيتي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، وقد أورد

٤٦٤

الامام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي في كتاب البعث والنشور أخبارا كثيرة في هذا المعنى حدّثنا بجميعها عنه حافده أبو الحسن عبيد الله بن محمد بن أحمد في شهور سنة ثماني عشرة وخمسمائة، ثم قال في آخر الباب: فأما الحديث الذي أخبرنا به أبو عبد الله الحافظ بالإسناد عن محمد بن خالد الجندي عن أبان بن صالح عن الحسن عن أنس بن مالك ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: لا يزداد الأمر إلّا شدة، ولا الناس إلّا شحا، ولا الدنيا إلّا إدبارا، ولا تقوم الساعة إلّا على شرار الناس، ولا مهدي إلّا عيسى بن مريم، فهذا حديث تفرد به محمد بن خالد الجندي، قال أبو عبد الله الحافظ: ومحمد بن خالد رجل مجهول، واختلف عليه في اسناده فرواه مرة عن أبان بن صالح عن الحسن عن أنس بن مالك عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مرة، ومرة عن أبان بن أبي عياش وهو متروك عن الحسن عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو منقطع، والأحاديث في التنصيص على خروج المهدي أصلح اسنادا، وفيها بيان كونه من عترة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله . هذا لفظه.

١٩٤ ـ ومن جملتها ما حدّثنا أبو الحسن حافده عنه قال: أخبرنا أبو على الرودبارى قال: أخبرنا أبو بكر بن داسة قال: حدّثنا أبو داود السجستاني في كتاب السنن عن طرق كثيرة ذكرها ثم قال: كلهم عن عاصم المقري عن زر(١) عن عبد الله عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم لطول الله ذلك اليوم حتّى يبعث فيه رجلا منى أو من أهل بيتي وفي بعضها يواطي اسمه اسمى يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.

١٩٥ ـ وبالإسناد قال: حدّثنا أبو داود قال: حدّثنا أحمد بن إبراهيم قال حدّثنا عبد الله بن جعفر الرقى قال: حدثني أبو المليح الحسن بن عمر عن زياد بن بيان عن علي بن ثقيل عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة قالت: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: المهدي من عترتي من ولد فاطمة.

١٩٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن أمير المؤمنين حديث طويل وفيه يقولعليه‌السلام مجيبا لبعض الزنادقة: واما قوله لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ )

__________________

(١) وفي المصدر «زيد» بدل «زر».

٤٦٥

وانك ترى أهل الملل المخالفة للايمان ومن يجرى مجراهم من الكفار مقيمين على كفرهم إلى هذه الغاية، وانه لو كان رحمة عليهم لاهتدوا جميعا ونجوا من عذاب السعير، فان الله تبارك اسمه إنّما عنى بذلك أنّه جعله سبيلا لانظار أهل هذه الدار، لان الأنبياء قبله بعثوا بالتصريح لا بالتعريض، وكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله منهم إذا صدع بأمر الله وأجابه قومه سلموا وسلم أهل دارهم من ساير الخليقة، وان خالفوه هلكوا وهلك أهل دارهم بالآفة التي كانت بينهم يتوعدهم بها ويخوفهم حلولها ونزولها بساحتهم، من خسف أو قذف أو رجف أو ريح أو زلزلة وغير ذلك من أصناف العذاب الذي هلكت به الأمم الخالية، ان الله علم من نبينا ومن الحجج في الأرض الصبر على ما لم يطق من تقدمهم من الأنبياء الصبر على مثله، فبعثه الله بالتعريض لا بالتصريح، وأثبت حجة الله تعريضا لا تصريحا بقوله في وصيه: من كنت مولاه فهذا مولاه وهو منى بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي، وليس من خليقة النبي ولا من شيمته ان يقول قولا لا معنى له، فلزم الامة ان تعلم أنّه لما كانت النبوة والاخوة موجودتين في خليفة هارون وموسى معدومتين في من جعله النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بمنزلته أنّه قد استخلفه على أمته، كما استخلف موسى هارون حيث قال: اخلفني في قومي، ولو قال لهم: لا تقلدوا الامامة إلّا فلانا بعينه والا نزل بكم العذاب لأتاهم العذاب، وزال باب الانظار والامهال.

١٩٧ ـ في مجمع البيان وروى ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لجبرئيل لما نزلت هذه الآية: هل أصابك من هذه الرحمة شيء؟ قال: نعم إنّي كنت أخشى عاقبة الأمر فآمنت بك لما أثنى الله على بقوله:( ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ) وقد قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّما أنا رحمة مهداة.

١٩٨ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن بعض أصحابنا عن أبي الحسن الاولعليه‌السلام قال: بعث اللهعزوجل محمدا رحمة للعالمين في سبع وعشرين من رجب، فمن صام ذلك اليوم كتب الله له صيام ستين شهرا.

١٩٩ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى عبد الرحمن القصير قال قال

٤٦٦

لي أبو جعفرعليه‌السلام : اما لو قام قائمنا ردت الحميراء حتّى يجلدها الحد، وحتى ينتقم لابنة محمد فاطمةعليها‌السلام منها، قلت: جعلت فداك ولم يجلدها؟ قال: لفريتها على أم إبراهيم، قلت: فكيف أخره الله للقائم؟ فقال: لان الله تبارك وتعالى بعث محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله رحمة وبعث القائمعليه‌السلام نقمة.

٢٠٠ ـ في كتاب المناقب لابن شهرآشوب أبو بصير عن الصادقعليه‌السلام في قوله تعالى:( قُلْ إنّما يُوحى إِلَيَّ إنّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ ) مسلمون الوصية بعدي نزلت مشددة.

٢٠١ ـ في عيون الاخبار في باب جمل من أخبار موسى بن جعفرعليه‌السلام مع هارون الرشيد ومع موسى بن المهدي حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : رأيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ليلة الأربعاء في النوم فقال لي: يا موسى أنت محبوس مظلوم؟ فقلت: نعم يا رسول الله محبوس مظلوم، فكرر ذلك على ثلاثا ثم قال: و( إِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إلى حِينٍ ) .

٢٠٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله وروى أنّه لما قدم معاوية إلى الكوفة قيل له: إنّ الحسن بن عليّعليهما‌السلام يرتفع على أنفس الناس فلو أمرته أن يقوم دون مقامك على المنبر فتدركه الحداثة والعي فيسقط من أعين الناس، فأبى عليهم وأبوا عليه إلّا أن يأمره بذلك، فأمره فقام دون مقامه في المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: اما بعد فانكم لو طلبتم ما بين كذا وكذا لتجدوا رجلا جده نبي لم تجدوه غيري وغير أخي، وانا أعطينا صفقتنا هذه الطاغية وأشار بيده إلى أعلى المنبر إلى معاوية وهو في مقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ورأينا حقن دماء المسلمين أفضل من إهراقها( وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إلى حِينٍ ) وأشار بيده إلى معاوية، فقال له معاوية: ما أردت بقولك هذا؟ فقال: أردت به ما أراد اللهعزوجل .

٢٠٣ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب وروى أنّه قال الحسنعليه‌السلام في صلح معاوية: أيها الناس لو طلبتم ما بين جابلق وجابرس رجلا جده رسول الله

٤٦٧

ما وجدتموه غيري وغير أخى، وان معاوية نازعنى حقا هو لي فتركته لصلاح الامة وحقن دمائها، وقد بايعتموني على أن تسالموا من سالمت، وقد رأيت ان أسالمه وان يكون ما صنعته حجة على من كان يتمنى هذا الأمر( وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إلى حِينٍ ) .

٢٠٤ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقوله:( قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِ ) قال: معناه لا تدع للكفار الحق الانتقام من الظالمين، ومثله في سورة آل عمران( لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ ) .

٤٦٨

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من قرأ سورة الحج في كل ثلاثة أيام لم تخرج سنة حتّى يخرج إلى بيت الله الحرام وان مات في سفره دخل الجنة قلت: فان كان مخالفا؟ قال: يخفف عنه بعض ما هو فيه.

٢ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : من قرأ سورة الحج أعطى من الأجر كحجة حجها وعمرة اعتمرها بعدد من حج واعتمر فيما مضى وفيما بقي.

٣ ـ وفيه قال عمران بن الحصين وأبو سعيد الخدري: نزلت الآيتان من أول السورة ليلا في غزاة بنى المصطلق وهم حي من خزاعة، والناس يسيرون فنادى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فحثوا المطى حتّى كانوا حول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقرأها عليهم فلم ير أكثر باكيا من تلك الليلة، فلما أصبحوا لم يحطوا السرج عن الدواب ولم يضربوا الخيام والناس بين باك أو جالس حزين متفكر، فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أتدرون أي يوم ذاك؟ قالوا: الله ورسوله اعلم، قال: ذلك يوم يقول الله لادم: ابعث بعث النار من ولدك، فيقول آدم: من كم كم؟ فيقولعزوجل : من كل الف تسعمأة وتسعة وتسعين إلى النار وواحدا إلى الجنة، فكبر ذلك على المسلمين وبكوا فقالوا: فمن ينجو يا رسول الله؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : أبشروا فان معكم خليقتين: يأجوج ومأجوج ما كانتا في شيء إلّا كثرتاه، ما أنتم في الناس إلّا كشعرة بيضاء في الثور الأسود، أو كرقم في ذراع البكر، أو كشامة في جنب البعير، ثم قال: إنّي لأرجو ان تكونوا ربع أهل الجنة فكبروا، ثم قال: إنّي لأرجو ان تكونوا ثلث أهل الجنة ثم قال: إنّي لأرجو ان تكونوا ثلثي أهل الجنة فان أهل الجنة مأة وعشرون صفا ثمانون منها أمتي ثم قال: ويدخل من أمتي سبعون ألفا الجنة بغير حساب، وفي بعض الروايات ان عمر بن

٤٦٩

الخطاب قال: يا رسول الله سبعون ألفا؟ قال: نعم ومع كل واحد سبعون ألفا، فقام عكاشة بن محصن فقال: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: أللهمّ اجعله منهم، فقام رجل من الأنصار فقال: ادع الله ان يجعلني منهم، فقالعليه‌السلام سبقك بها عكاشة، قال ابن عباس: كان الأنصاري منافقا فلذلك لم يدع له.

٤ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم ( يا أيها النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ) قال: مخاطبة للناس عامة وقوله:( وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها ) قال: كل امرأة تموت حاملة عند زلزلة الساعة تضع حملها يوم القيامة.

٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل وفيه معاشر الناس. التقوى التقوى احذروا الساعة كما قال اللهعزوجل ( إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ) .

٦ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى عبد الله بن سلام مولى رسول الله عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل وفيه يقولصلى‌الله‌عليه‌وآله : فيأمر اللهعزوجل نارا يقال لها الفلق أشد شيء في جهنم عذابا، فتخرج من مكانها سوداء مظلمة بالسلاسل والأغلال، فيأمر اللهعزوجل أن تنفخ في وجوه الخلائق نفخة، فمن شدة نفختها تنقطع السماء وتنطمس النجوم وتخمد البحار، وتزول الجبال وتظلم الأبصار، وتضع الحوامل حملها، ويشيب الولدان من هولها يوم القيامة.

٧ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله: وترى الناس سكارى قال: يعنى ذاهبة عقولهم من الحزن والفزع متحيرين.

٨ ـ في كتاب طب الائمةعليهم‌السلام باسناده إلى سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال: إنّي لأعرف آيتين من كتاب الله المنزل تكتبان للمرأة إذا عسر عليها، تكتبان في ورق ظبي وتعلقه عليها في حقويها(١) : بسم الله وبالله ان مع العسر يسرا سبع مرات( يا أيها النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ

__________________

(١) الحقو: الخصر.

٤٧٠

يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ ) مرة واحدة.

٩ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقولهعزوجل :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) أي يخاصم( وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ ) قال: المريد الخبيث، ثم خاطب اللهعزوجل الدهرية واحتج عليهم فقال:( يا أيها النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ ) أي في شك( فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ) قال: المخلقة إذا صارت تاما، وغير مخلقة قال: السقط.

١٠ ـ وقال في رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام لنبين لكم انكم كنتم كذلك في الأرحام ونقر في الأرحام ما نشاء فلا يخرج سقطا.

١١ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وعلى بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن الحسن بن محبوب عن محمد بن النعمان عن سلام بن المستنير قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ) قال: المخلقة هم الذر الذين خلقهم الله في صلب آدم صلى الله عليه، أخذ عليهم الميثاق ثم أجراهم في أصلاب الرجال وأرحام النساء، وهم الذين يخرجون إلى الدنيا حتّى يسألوا عن الميثاق، واما قوله: «وغير مخلقة» فهم كل نسمة لم يخلقهم اللهعزوجل في صلب آدم حين خلق الذر، وأخذ عليهم الميثاق وهم النطف من العزل والسقط قبل أن ينفخ فيه الروح والحياة والبقاء.

١٢ ـ في قرب الاسناد للحميري أحمد بن محمد عن أحمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: سألته ان يدعو اللهعزوجل لامرأة من أهلنا لها حمل، فقال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : الدعا ما لم تمض أربعة أشهر فقلت له: إنّما لها أقل من هذا فدعا لها ثم قال: إنّ النطفة تكون في الرحم ثلاثين يوما، ويكون علقة ثلاثين يوما، ويكون مضغة ثلاثين يوما، ويكون( مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ) ثلاثين يوما، فاذا تمت الاربعة الأشهر بعث الله تبارك وتعالى إليها ملكين خلاقين يصورانه ويكتبان رزقه وأجله وشقيا أو سعيدا.

٤٧١

١٣ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدّثنا محمد بن جعفر قال حدّثنا محمد بن أحمد عن العباس عن ابن أبي نجران عن محمد بن أبي القاسم عن علي بن المغيرة عن أبي عبد الله عن أبيه صلوات الله عليهما قال: إذا بلغ العبد مأة سنة فذلك أرذل العمر.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: قد ذكرنا طرفا من الاخبار في النحل عند قولهعزوجل : «أرذل العمر» فمن أراد الوقوف عليها فليطلبها ثمة.

١٤ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده إلى صفوان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لجبرئيل: يا جبرئيل أرنى كيف يبعث الله تبارك وتعالى العباد يوم القيامة، قال: نعم فخرج إلى مقبرة بنى ساعدة فأتى قبرا فقال له: اخرج بإذن الله فخرج رجل ينفض رأسه من التراب وهو يقول: وا لهفاه، واللهف هو الثبور ثم قال: ادخل فدخل، ثم قصد به إلى قبر آخر فقال: اخرج بإذن الله، فخرج شاب ينفض رأسه من التراب وهو يقول: أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وأشهد ان محمدا عبده ورسوله، وأشهد( أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ) ثم قال: هكذا يبعثون يوم القيمة يا محمّد.

١٥ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إذا أراد الله ان يبعث الخلق أمطر السماء على الأرض أربعين صباحا فاجتمعت الأوصال ونبتت اللحوم. وفي أمالى الصدوقرحمه‌الله مثله سواء.

١٦ ـ في مصباح الشريعة قال الصادقعليه‌السلام : ومن خاصم الخلق في غير ما يؤمر فقد نازع الخالقية والربوبية، قال الله تعالى: و( مِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ ) وليس أحد أشد عقابا ممن لبس قميص النسك بالدعوى بلا حقيقة ولا معنى.

١٧ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ ) قال: نزلت هذه الآية في أبي جهل ثانى عطفه قال :

٤٧٢

تولى عن الحق ليضل عن سبيل الله قال: عن طريق اللهعزوجل بالايمان.

١٨ ـ في أصول الكافي عليّ بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن بكير عن ضريس عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ ) قال: إنّ الآية تنزل في الرجل، ثم يكون في أتباعه، ثم قلت: كل من نصب دونكم شيئا فهو ممن عبد الله على حرف؟ فقال: نعم وقد يكون محضا.

١٩ ـ عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن الفضيل وزرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ) قال زرارة: سألت عنها أبا جعفرعليه‌السلام فقال هؤلاء قوم عبدوا الله وخلعوا عبادة من يعبد من دون الله وشكوا في محمد وما جاء به، فتكلموا بالإسلام وشهدوا أن لا إله إلّا الله وان محمدا رسول الله، وأقروا بالقرآن وهم في ذلك شاكون في محمد وما جاء به، وليسوا شكاكا في الله قال اللهعزوجل :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ ) يعنى على شك في محمد وما جاء به فان أصابه خير يعنى عافية في نفسه وماله وولده اطمأن به ورضى به وان اصابته فتنة بلاء في جسده أو ماله تطير وكره المقام على الإقرار بالنبي، فرجع إلى الوقف والشك فنصب العداوة لله ولرسوله والجحود بالنبي وما جاء به.

٢٠ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن موسى بن بكر عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سألته عن قول اللهعزوجل :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ ) قال: هم قوم وحدوا الله وخلعوا عبادة من يعبد من دون الله، فخرجوا من الشرك ولم يعرفوا ان محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله رسول الله، فهم يعبدون الله على شك في محمد وما جاء به، فأتوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقالوا: ننظر فان كثرت أموالنا وعوفينا في أنفسنا وأولادنا علمنا أنّه صادق وانه رسول الله، وان كان غير ذلك نظرنا، قال اللهعزوجل :( فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ) يعنى عافية في الدنيا( وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ )

٤٧٣

يعنى بلاء في نفسه( انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ ) انقلب على شكه إلى الشرك خسر الدنيا والاخرة( ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ ) قال ينقلب مشركا يدعو غير الله ويعبد غيره، فمنهم من يعرف فيدخل الايمان قلبه فيؤمن ويصدق ويزول عن منزلته من الشك إلى الايمان، ومنهم من يثبت على شكه ومنهم من ينقلب إلى الشرك. عليّ بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن رجل عن زرارة مثله.

٢١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن الرضاعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : فان في الناس من خسر الدنيا والاخرة بترك الدنيا للدنيا، ويرى ان لذة الرياسة الباطلة أفضل من لذة الأموال والنعم المباحة المحللة فيترك ذلك أجمع طلبا للرياسة الباطلة.

٢٢ ـ في مصباح الشريعة قال الصادقعليه‌السلام في كلام طويل: واما السائر في مفاوز الاعتداء، والخائض في مراتع الغى وترك الحيا باستحباب السمعة والريا والشهوة والتصنع إلى الخلق المتزيي بزي الصالحين، المظهر بكلامه عمارة باطنه وهو في الحقيقة خال عنها، قد غمرتها وحشة حب المحمدة وغشيتها ظلمة الطمع فما افتنه بهواه، وأضل الناس بمقالته، قال اللهعزوجل :( لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ ) .

٢٣ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم واما قولهعزوجل :( مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ ) فان الظن في كتاب اللهعزوجل على وجهين: ظن يقين علم وظن شك فهذا ظن شك قال: من شك ان اللهعزوجل لن يثيبه في الدنيا ولا في الآخرة فليمدد بسبب إلى السماء أي يجعل بينه وبين الله دليلا، والدليل على ان السبب هو الدليل قول اللهعزوجل في سورة الكهف:( وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً فَأَتْبَعَ سَبَباً ) أي دليلا وقال: ثم ليقطع أي تميز والدليل على ان القطع هو التميز قوله تعالى:( وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ ) امما أسباطا» أي ميزنا هم فقولهعزوجل :( ثُمَّ لْيَقْطَعْ ) أي يميز( فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ ) أي حيلته والدليل على ان الكيد هو الحيلة قوله

٤٧٤

تعالى:( كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ ) أي احتلنا له حتّى حبس أخاه وقوله تعالى يحكى قول فرعون:( فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ) أي حيلتكم قال: فاذا وضع لنفسه سببا ومميزا دله على الحق، واما العامة فإنهم رووا في ذلك أنّه من لم يصدق بما قال اللهعزوجل فليلق حبلا إلى سقف البيت فليختنق. قال عز من قائل: إنّ الذين آمنوا إلى قوله: والمجوس.

٢٤ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل وفيه قالعليه‌السلام : سلوني قبل أن تفقدوني، فقام إليه الأشعث بن قيس فقال: يا أمير المؤمنين كيف تؤخذ من المجوس الجزية ولم ينزل إليهم كتاب ولم يبعث إليهم نبي؟ قال: بلى يا أشعث قد أنزل الله إليهم كتابا وبعث إليهم رسولا حتّى كان لهم ملك سكر ذات ليلة، فدعا بابنته إلى فراشه فارتكبها، فلما أصبح تسامع به قومه فاجتمعوا إلى بابه فقالوا: أيها الملك دنست علينا ديننا وأهلكته فاخرج نطهرك ونقيم عليك الحد، فقال لهم: اجتمعوا واسمعوا قولي فان يكن لي مخرج مما ارتكبت والا فشأنكم، فاجتمعوا فقال لهم: هل علمتم ان الله لم يخلق خلقا أكرم عليه من أبينا آدم وامنا حوا؟

قالوا: صدقت أيها الملك قال: أو ليس قد زوج بنيه بناته وبناته من بنيه؟ قالوا: صدقت هذا هو الدين، فتعاقدوا على ذلك فمحا الله ما في صدورهم من العلم، ورفع عنهم الكتاب فهم الكفرة يدخلون النار بلا حساب والمنافقون أشد حالا منهم قال الأشعث: والله ما سمعت بمثل هذا الجواب والله لاعدت إلى مثلها أبدا.

٢٥ ـ في روضة الكافي عليّ بن إبراهيم وعدة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعا عن محمد بن عيسى عن يونس عن أبي الصباح الكناني عن الأصبغ بن نباته قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : إنّ للشمس ثلاثمائة وستين برجا كل برج منها مثل جزيرة من جزائر العرب، وتنزل كل يوم على برج منها، فاذا غابت انتهت إلى حد بطنان العرش، فلم تزل ساجدة إلى الغد ثم ترد إلى موضع مطلعها، ومعها ملكان معها! وان وجهها لأهل السماء وقفا ها لأهل الأرض، ولو كان وجهها لأهل الأرض لاحترقت الأرض ومن

٤٧٥

عليها من شدة حرها، ومعنى سجودها ما قال سبحانه وتعالى:( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ) .

٢٦ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى عبد الله بن ميمون القداح عن جعفر بن محمد عن أبيهعليهما‌السلام قال: قيل لعليٍّعليه‌السلام : إنّ رجلا يتكلم في المشية، فقال: ادعه لي، قال: فدعاه له فقال له: يا عبد الله خلقك الله لما شاء أو لما شئت؟ قال: لما شاء قال: فيمرضك إذا شاء أو إذا شئت قال: إذا شاء. قال: فيشفيك إذا شاء أو إذا شئت قال: إذا شاء قال: فيدخلك حيث يشاء أو حيث شئت؟ قال: حيث يشاء قال: فقال له عليعليه‌السلام : لو قلت غير هذا لضربت الذي فيه عيناك.

٢٧ ـ وباسناده إلى سليمان بن جعفر الجعفري قال: قال الرضاعليه‌السلام : المشية من صفات الأفعال، فمن زعم ان الله لم يزل مريدا شائيا فليس بموحد. قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: استقصاء الكلام في تحقيق المشية والارادة يحتاج إلى بسط وبيان، والشافي في ذلك الكافي.

٢٨ ـ في كتاب الخصال عن النضر بن مالك قال: قلت للحسين بن عليّعليهما‌السلام : يا أبا عبد الله حدثني عن قوله تعالى:( هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ) فقال: نحن وبنو امية اختصمنا في الله تعالى قلنا صدق الله وقالوا كذب، فنحن الخصمان يوم القيامة.

٢٩ ـ في أصول الكافي عليّ بن إبراهيم عن أحمد بن محمد البرقي عن أبيه عن محمد بن الفضيل عن ابن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله تعالى:( هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا ) بولاية عليٍّعليه‌السلام ( قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ ) .

٣٠ ـ في مجمع البيان قيل: نزلت الآية( هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا ) في ستة نفر من المؤمنين والكفار تبادروا يوم بدر، وهم حمزة بن عبد المطلب قتل عتبة بن ربيعة، وعلى بن أبي طالب قتل الوليد بن عتبة وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب قتل شيبة بن ربيعة عن أبي ذر الغفاري وعطاء وكان أبو ذر يقسم بالله تعالى انها نزلت فيهم، ورواه البخاري في الصحيح.

٤٧٦

٣١ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقولهعزوجل :( هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ) قال: نحن وبنو امية، نحن قلنا: صدق الله ورسوله، وقالت بنو امية: كذب الله ورسوله فالذين كفروا يعنى بني أميّة قطعت لهم ثياب من النار إلى قوله تعالى حديد وقال: تشوية النار فتسترخى شفته حتّى تبلغ سرته، وتتقلص شفته العليا حتّى تبلغ وسط رأسه( وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ ) قال: الاعمدة التي يضربون بها.

٣٢ ـ وقولهعزوجل :( كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها ) ضربا بتلك الاعمدة( وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ ) فانه حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قلت له: يا ابن رسول الله خوفني فان قلبي قد قسى، فقال: يا أبا محمد استعد للحيوة الطويلة فان جبرئيل جاء إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو قاطب(١) وقد كان قبل ذلك يجيء متبسما، فقال رسول الله: يا جبرئيل جئتني اليوم قاطبا فقال: يا محمّد قد وضعت منافخ النار، فقال: وما منافخ النار يا جبرئيل؟ فقال: يا محمّد ان اللهعزوجل أمر بالنار فنفخ عليها ألف عام حتّى ابيضت، ثم نفخ عليها ألف عام حتّى احمرت، ثم نفخ عليها ألف عام حتّى اسودت، فهي سوداء مظلمة لو أن قطرة من الضريع قطرت في شراب أهل الدنيا لمات أهلها من نتنها، ولو ان حلقة واحدة من السلسلة التي طولها سبعون ذراعا وضعت على الدنيا لذابت الدنيا من حرها، ولو ان سربالا من سرابيل أهل النار علق بين السماء والأرض لمات أهل الأرض من ريحه ووهجه(٢) قال: فبكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبكى جبرئيل فبعث الله إليهما ملكا فقال لهما: إنّ ربكما يقرئكما السلام ويقول: قد امنتكما ان تذنبا ذنبا أعذبكما عليه، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : فما رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله متبسما بعد ذلك ثم قال: إنّ أهل النار يعظمون النار، وان أهل الجنة يعظمون الجنة والنعيم، وان جهنم إذا دخلوها هووا فيها مسيرة سبعين عاما، فاذا بلغوا أعلاها قمعوا بمقامع الحديد، وأعيدوا في دركها، هذه حالهم وهو قول اللهعزوجل :( كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ )

__________________

(١) قطب: زوي ما بين عينيه وعبس.

(٢) الوهج ـ متحركة ـ: حر النار.

٤٧٧

ثم تبدل جلودهم غير الجلود التي كانت عليهم فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : حسبك يا أبا محمد؟ قلت: حسبي حسبي.

٣٣ ـ في مجمع البيان وقد روى ان الله تعالى يجوعهم حتّى ينسوا عذاب النار من شدة الجوع، فيصرخون إلى مالك فيحملهم إلى تلك الشجرة وفيهم أبو جهل فيأكلون منها فتغلى بطونهم كغلى الحميم، فيسقون شربة من الماء الحار الذي بلغ نهايته في الحرارة، فاذا قربوها من وجوههم شوت وجوههم، فذلك قوله،( يَشْوِي الْوُجُوهَ ) فاذا وصل إلى بطونهم صهر ما في بطونهم كما قال سبحانه( يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ ) وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من شرب الخمر لم يقبل له صلوة أربعين يوما. فان مات وفي بطنه شيء من ذلك كان حقا على اللهعزوجل أن يسقيه من طينة خبال وهو صديد أهل النار، وما يخرج من فروج الزناة، فتجتمع ذلك في قدور جهنم فيشربه أهل النار، فيصهر به ما في بطونهم والجلود، رواه شبيب بن واقد عن الحسين بن زيد عن الصادق عن آبائهعليهم‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٣٤ ـ وروى أبو سعيد الخدري قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ ) لو وضع مقمع(١) من حديد في الأرض ثم اجتمع عليه الثقلان ما اقلوه في الأرض.

٣٥ ـ وعن العلا بن سيابة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قلت له: إنّ الناس يتعجبون منا إذا قلنا: يخرج قوم من النار فيدخلون الجنة، فيقولون لنا فيكونون مع أولياء الله في الجنة فقال: يا علا ان الله يقول:( وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ ) لا والله ما يكونون مع أولياء الله، قلت: كانوا كافرين؟ قال: لا والله لو كانوا كافرين ما دخلوا الجنة، قلت: كانوا مؤمنين؟ قال: لا والله لو كانوا مؤمنين ما دخلوا النار، ولكن بين ذلك، وتأويل هذا لو صح الخبر: انهم لم يكونوا من أفاضل المؤمنين وخيارهم «انتهى».

٣٦ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم ثم ذكر سبحانه ما أعده للمؤمنين فقال جل ذكره :

__________________

(١) المقمع: العمود من حديد.

٤٧٨

( إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ) إلى قوله تعالى( وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ ) حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : جعلت فداك شوقني فقال: يا أبا محمد ان من أدنى نعيم الجنة أن يوجد ريحها من مسيرة ألف عام من مسافة الدنيا، وأن ادنى أهل الجنة منزلا لو نزل به الثقلان الجن والانس لوسعهم طعاما وشرابا، ولا ينقص مما عنده شيئا، وان أيسر أهل الجنة منزلة من يدخل الجنة فيرفع له ثلاث حدائق، فاذا دخل أدناهن راى فيها من الأزواج والخدم والأنهار والثمار ما شاء الله مما يملأ عينه قرة وقلبه مسرة، فاذا شكر الله وحمده قيل له: ارفع رأسك إلى الحديقة الثانية ففيها ما ليس في الاولى، فيقول: يا رب أعطني هذه، فيقول الله تعالى: إنّ أعطيتكها سألتنى غيرها، فيقول: رب هذه هذه فاذا هو دخلها شكر الله وحمده، قال: فيقال: افتحوا له بابا إلى الجنة ويقال له: ارفع رأسك فاذا قد فتح له باب من الخلد ويرى أضعاف ما كان فيما قبل فيقول عند مضاعف مسراته: رب لك الحمد الذي لا يحصى إذ مننت على بالجنان، وأنجيتنى من النيران، قال أبو بصير: فبكيت وقلت له: جعلت فداك زدني قال: يا أبا محمد ان في الجنة نهرا في حافتيه جوارنا بتات، إذا مر المؤمن بجارية أعجبته قلعها وأنبت اللهعزوجل مكانها اخرى، قلت: جعلت فداك زدني قال: يا أبا محمد المؤمن يزوج ثمانمأة عذراء، واربعة آلاف ثيب، وزوجتين من الحور العين، قلت: جعلت فداك من أي شيء خلقن الحور العين؟ قال: من تربة الجنة النورانية ويرى مخ ساقها من وراء سبعين حلة كبدها مراته وكبده مراتها، قلت: جعلت فداك ألهن كلام يتكلمن به في الجنة قال: نعم كلام لم يسمع الخلايق اعذب منه، قلت: ما هو؟ قال يقلن بأصوات رحيمة: نحن الخالدات فلا نموت، ونحن الناعمات فلا نبؤس، ونحن المقيمات فلا نظعن، ونحن الراضيات فلا نسخط، طوبى لمن خلق لنا، وطوبى لمن خلقنا له، ونحن اللواتي لو أن قرن أحد بنا، علق في جو السماء لأغشى نوره الأبصار، فهاتان الآيتان وتفسيرهما رد على من أنكر خلق الجنة والنار.

٤٧٩

قولهعزوجل :( وَهُدُوا إلى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ ) قال: التوحيد والإخلاص( وَهُدُوا إلى صِراطِ الْحَمِيدِ ) قال: الولاية.

٣٧ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه عمن ذكره عن حنان أبي على عن ضريس الكناسي قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله: و( هُدُوا إلى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إلى صِراطِ الْحَمِيدِ ) فقال: هو والله هذا الأمر الذي أنتم عليه.

٣٨ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن اورمة عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( وَهُدُوا إلى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إلى صِراطِ الْحَمِيدِ ) قال: ذاك حمزة وجعفر وعبيدة وسلمان وأبو ذر والمقداد بن الأسود وعمار، هدوا إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٣٩ ـ في مجمع البيان وروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: ما أحد أحب إليه الحمد من الله عز ذكره.

٤٠ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقوله:( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ ) قال: نزلت في قريش حين صدوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن مكة وقوله:( سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ ) قال: أهل مكة ومن جاء من البلدان، فهم سواء لا يمنع من النزول ودخول الحرم.

٤١ ـ في نهج البلاغة من كتبه إلى قثم بن العباسرحمهما‌الله وهو عامله على مكة وأمر أهل مكة ان لا يأخذوا من ساكن أجرا، فان الله سبحانه يقول:( سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ ) والعاكف المقيم به، والبادي الذي يحج إليه من غير أهله.

٤٢ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده إلى أبي جعفر عن أبيه عن عليّعليهم‌السلام كره إجارة بيوت مكّة، وقرء( سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ ) .

٤٣ ـ في تهذيب الأحكام موسى بن القاسم عن صفوان بن يحيى عن حسين بن أبي العلا قال: ذكر أبو عبد اللهعليه‌السلام هذه الآية( سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ ) فقال: كانت مكّة ليس على شيء منها باب، وكان أوّل من علّق على بابه المصراعين معاوية بن

٤٨٠

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643