تفسير نور الثقلين الجزء ٣

تفسير نور الثقلين9%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 643

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 643 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 266761 / تحميل: 8767
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

١١٣ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن علي بن الحسين الدقاق عن عبد الله ابن محمد عن أحمد بن عمر عن زيد القتات عن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: ما من عبد أذنب ذنبا فندم عليه إلّا غفر الله له قبل أن يستغفر، وما من عبد أنعم الله عليه نعمة فعرف انها من عند الله إلّا غفر الله له قبل أن يحمده.

١١٤ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم ( وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ ) قال: قالت قريش، ان الملائكة هم بنات الله فنسبوا ما لا يشتهون إلى الله، فقال الله تبارك وتعالى:( وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ ) يعنى من البنين.

١١٥ ـ في كتاب ثواب الأعمال عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: البنات حسنات، والبنون نعمة، والحسنات يثاب عليها والنعمة يسئل عنها، وقال: إنّه بشرّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بفاطمةعليها‌السلام ، فنظر في وجوه أصحابه فرأى الكراهية فيهم، فقال: مالكم ريحانة أشمها ورزقها على الله.

١١٦ ـ في تفسير العيّاشي عن انس بن مالك قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أنس اسكب لي وضوءا(١) قال فعمدت فسكبت له وضوءا فأعلمته، فخرج فتوضأ ثم عاد إلى البيت إلى مجلسه ثم رفع رأسه فقال: يا أنس أول من يدخل علينا أمير المؤمنين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين، قال انس: فقلت بيني وبين نفسي: أللهمّ اجعله رجلا من قومي، قال: فاذا أنا بباب الدار يقرع، فخرجت ففتحت فاذا علي بن أبى طالب، فدخل فتمشي فرأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين رآه وثب على قدميه مستبشرا فلم يزل قائما وعلى يتمشى حتّى دخل عليه البيت، فاعتنقه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فرأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يمسح بكفه وجهه فيمسح به وجه على، ويمسح عن وجه على بكفه فيمسح به وجهه يعنى وجه نفسه فقال له على: يا رسول الله لقد صنعت بي اليوم شيئا ما صنعت بي قطّ؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وما يمنعني وأنت وصيي وخليفتي، والذي يبين لهم الذي يختلفون فيه بعدي وتسمعهم نبوتي.

__________________

(١) سكب الماء: صبه.

٦١

١١٧ ـ في الكافي عليّ بن إبراهيم عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليس أحد يغص(١) بشرب اللبن، لان اللهعزوجل يقول:( لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ ) .

١١٨ ـ الحسين بن محمد عن السياري عن عبد الله بن أبي عبد الله الفارسي عمن ذكره عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال لي رجل: إنّي أكلت لبنا فضرّني، قال: فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : لا والله ما يضر لبن قطّ، ولكنك أكلته مع غيره فضرّك الذي أكلته، فظننت انّ اللبن الذي ضرك.

١١٩ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن خالد بن نجيح عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: اللبن طعام المرسلين.

١٢٠ ـ محمد بن يحيى عن سلمة بن خطاب عن عباد بن يعقوب عن عبيد بن ابن محمد عن محمد بن قيس عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: لبن الشاة السوداء خير من لبن حمراء ولبن بقرة حمراء خير من لبن سوداوين.

١٢١ ـ عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ألبان البقر دواء.

١٢٢ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد عن أبيه عن جده قال: شكوت إلى أبي جعفرعليه‌السلام ذربا(٢) وجدته، فقال لي: ما يمنعك من شرب ألبان البقر؟ وقال لي: أشربتها قط؟ فقلت له نعم مرارا، فقال لي: كيف وجدتها؟ فقلت: وجدتها تدبغ المعدة وتكسو الكليتين الشحم، وتشهي الطعام، فقال لي: لو كانت أيامه لخرجت أنا وأنت إلى ينبع(٣) حتّى نشربه.

١٢٣ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن بكر بن صالح عن الجعفري قال: سمعت أبا الحسن موسىعليه‌السلام يقول: أبوال الإبل خير من ألبانها ،

__________________

(١) عض بالماء: اعترض في حلقه شيء منه فمنعه التنفس.

(٢) الذرب: فساد المعدة.

(٣) قرية كبيرة على سبع مراحل من المدينة.

٦٢

ويجعل اللهعزوجل الشفاء في ألبانها.

١٢٤ ـ في كتاب الخصال عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: حسو اللبن(١) شفاء من كل داء إلّا الموت.

١٢٥ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله:( وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً ) قال: الخل( وَرِزْقاً حَسَناً ) الزبيب.

١٢٦ ـ في تفسير العيّاشي عن سعيد بن يسار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الله أمر نوحا أن يحمل في السفينة من كل زوجين اثنين، فحمل الفحل والعجوة(٢) فكانا زوجا، فلما نضب الماء(٣) أمر الله نوحا أن يغرس الجبلة وهي الكرم، فأتاه إبليس فمنعه عن غرسها وأبى نوح إلّا أن يغرسها، وأبى إبليس أن يدعه يغرسها وقالت ليس لك ولا لأصحابك إنّما هي لي ولأصحابي، فتنازعا ما سألته، ثم انهما اصطلحا على ان جعل نوح لإبليس سهما ولنوح ثلثة، وقد أنزل الله لنبيه في كتابه ما قد قرأتموه( وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً ) فكان المسلمون بذلك ثم أنزل الله آية التحريم:( إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ ) إلى «منتهون» يا سعيد فهذه آية التحريم، وهي نسخت الآية الاخرى(٤) .

١٢٧ ـ عن محمد بن يوسف عن أبيه قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله :

__________________

(١) الحسو: طعام يعمل من الدقيق واللبن أو الماء.

(٢) الفحل: ذكر النخل. وفي المصدر «النخل» بدل «الفحل» والعجوة: ضرب من أجود التمر.

(٣) نضب الماء: غار وذهب في الأرض.

(٤) «في الكافي أبو على الأشعري عن الحسن بن عليّ الكوفي عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ إبليس لعنه الله نازع نوحاعليه‌السلام في الكرم، فأتاه جبرئيلعليه‌السلام فقال: إنّ له حقا. فأعطاه الثلث فلم يرض إبليس لعنه الله، ثم أعطاه النصف فلم يرض فطرح جبرئيلعليه‌السلام نارا فأحرقت الثلثين وبقي الثلث، فقال: ما أحرقت النار فهو نصيبه وبقي فهو لك يا نوح وفيه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل*

٦٣

( وَأَوْحى رَبُّكَ إلى النَّحْلِ ) قال: الهام.

١٢٨ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله:( وَأَوْحى رَبُّكَ إلى النَّحْلِ ) قال: وحي الهام يأخذ النحل من جميع النور(١) ثم يتخذه عسلا، وحدثني أبي عن الحسن بن عليّ الوشاء عن رجل عن حريز بن عبد الله عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( وَأَوْحى رَبُّكَ إلى النَّحْلِ ) قال: نحن والله النحل الذي أوحى الله إليه( أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً ) أمرنا أن نتخذ من العرب شيعة ومن الشجر يقول: من العجم ومما يعرشون يقول: من الموالي والذي( يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ ) اعنى العلم الذي يخرج منا إليكم.

١٢٩ ـ في كتاب الخصال عن داود بن كثير الرقى قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : لقد أخبرنى أبي عن جديعليه‌السلام ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن قتل ستة: النحلة والنملة والضفدع والصرد والهدهد والخطاف، فاما النحلة فإنها تأكل طيبا وتضع طيبا وهي التي أوحى الله إليها ليست من الجن ولا من الانس، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٣٠ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من خبر الشامي وما سأل عنه أمير المؤمنينعليه‌السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه وسأله عن شيء أوحى إليه ليس من الجن ولا من الانس؟ فقال: أوحى الله تعالى إلى النحل.

١٣١ ـ في أصول الكافي أبو على الأشعري عن الحسن بن عليّ الكوفي عن العباس بن عامر عن جابر المكفوف عن عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :

__________________

* وفي آخره فقال له: اجعل لي منها نصيبا فجعل له الثلث فأبى أن يرضى، فجعل له النصف فأبى أن يرضى، فأبى نوح أن يزيد، فقال جبرئيل لنوحعليه‌السلام : يا رسول الله أحسن فان منك الإحسان، فعلم نوحعليه‌السلام أنّه قد جعل عليها سلطان فجعل نوح له الثلثين: فقال أبو جعفرعليه‌السلام : إذا أخذت عصير أفا طبخه حتّى يذهب الثلثان فكل واشرب فذلك نصيب الشيطان (منه عفى عنه) وعن هامش بعض النسخ.

(١) النور ـ بفتح النون ـ: زهر النبات.

٦٤

اتقوا على دينكم واحجبوه بالتقية، فانه لا ايمان لمن لا تقية له، إنّما أنتم في الناس كالنحل في الطير، ولو أنّ الطير يعلم ما في أجواف النحلة ما بقي منها شيء إلّا أكلته، ولو أنّ الناس علموا ما في أجوافكم انكم تحبونا أهل البيت لأكلوكم بألسنتهم، ونحلوكم(١) في السر والعلانية، رحم الله عبدا منكم كان على ولايتنا.

١٣٢ ـ في تفسير العيّاشي عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله( وَأَوْحى رَبُّكَ إلى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ) الى»( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) فالنحل الائمة، والجبال العرب، والشجر الموالي عتاقه، ومما يعرشون يعنى الأولاد والعبيد ممن لم يعتق وهو يتولى الله ورسوله والائمة، والثمرات المختلفة ألوانه فنون العلم الذي قد يعلمهم الائمة(٢) شيعتهم، وفيه شفاء للناس يقول في العلم شفاء للناس والشيعة هم الناس، وغير هم الله أعلم بهم ما هم، ولو كان كما تزعم أنّه العسل الذي يأكله الناس إذا ما أكل منه وما شرب ذو عاهة إلّا شفى، لقول الله( فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ ) ولا خلف لقول الله، وانما الشفاء في علم القرآن لقوله:( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ [لِلْمُؤْمِنِينَ ) فهو شفاء ورحمة] لأهله لا شك فيه ولا مرية، وأهله أئمة الهدى الذين قال الله:( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا ) .

١٣٣ ـ وفي رواية أبي الربيع الشامي عنه في قول الله( وَأَوْحى رَبُّكَ إلى النَّحْلِ ) فقال: رسول الله( أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً ) قال تزوج من قريش،( وَمِنَ الشَّجَرِ ) قال في العرب( وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ) قال: في الموالي( يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ ) قال: أنواع العلم،( فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ ) .

١٣٤ ـ عن سيف بن عميرة عن شيخ من أصحابنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كنا عنده فسأله شيخ فقال: بي وجع وانا أشرب له النبيذ ووصفه له الشيخ، فقال له: ما يمنعك من الماء الذي جعل الله منه( كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ ) ؟ قال: لا يوافقني، قال: فما يمنعك من العسل؟ قال الله:( فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ ) قال: لا أجده قال: فما يمنعك من اللبن الذي نبت

__________________

(١) نحل فلانا: سابه.

(٢) كذا في النسخ وفي المصدر «قد يعلم الشيعة اه».

٦٥

لحمك واشتد عظمك؟ قال: لا يوافقني، قال له أبو عبد اللهعليه‌السلام : أتريد أن آمرك بشرب الخمر؟ [لا آمرك] لا والله لا آمرك.

١٣٥ ـ في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه: لعق العسل شفاء من كل داء قال الله تعالى:( يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ )

١٣٦ ـ في عيون الاخبار عن الرضاعليه‌السلام باسناده قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنْ يكن في شيء شفاء ففي شرطة الحجام(١) أو في شربة عسل.

١٣٧ ـ وباسناده قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تردوا شربة عسل من أتاكم بها.

١٣٨ ـ وباسناده قال قال عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام : ثلثة يزدن في الحفظ ويذهبن بالبلغم: القرآن، والعسل، واللبان.

١٣٩ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن بن راشد عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : لعق العسل شفاء من كل داء، قال اللهعزوجل :( يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ ) وهو مع قراءة القرآن ومضغ اللبان يذيب البلغم.

١٤٠ ـ في محاسن البرقي عنه عن بعض أصحابنا عن عبد الرحمن بن شعيب عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لعق العسل فيه شفاء قال الله:( يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ ) .

١٤١ ـ في تفسير العيّاشي عن عبد الله بن القداح عن أبي عبد اللهعليه‌السلام عن أبيه قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال: يا أمير المؤمنين بي وجع في بطني، فقال له أمير المؤمنين: ألك زوجة؟ قال: نعم، قال: استوهب منها [شيئا] طيبة به نفسها من مالها، ثم اشتر به عسلا ثم اسكب(٢) عليه من ماء السماء، ثم اشربه، فأنى اسمع الله يقول في كتابه:( وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً ) وقال:( يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ ) وقال:( فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً ) فاذا

__________________

(١) شرطة الحجام بالضم: الآلة التي يحجم بها ـ على ما قيل.

(٢) سكب الماء ونحوه: صبه.

٦٦

اجتمعت البركة والشفاء والهنيء والمريء شفيت إنشاء الله تعالى ففعل ذلك فشفى.

١٤٢ ـ في مجمع البيان وفي النحل والعسل وجوه من الاعتبار، منها اختصاصه بخروج العسل من فيه، ومنها جعل الشفاء من موضع السم، فان النحل يلسع، ومنها ما ركب الله من البدائع والعجائب فيه وفي طباعه، ومن أعجبها ان جعل سبحانه لكل فئة منه يعسوبا هو أميرها يقدمها ويحامى عنها ويدبر أمرها ويسوسها، وهي تبعه وتقتفى أثره ومتى فقدته انحل نظامها وزال قوامها، وتفرقت شذر مذر، والى هذا المعنى أشار على أمير المؤمنينعليه‌السلام في قوله: أنا يعسوب المؤمنين.

١٤٣ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه رفعه عن محمد بن داود الغنوي عن الأصبغ بن نباته عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل ستقف عليه بتمامه في سورة الواقعة إنشاء الله تعالى، يقول فيه: ثم ذكر أصحاب الميمنة وهم المؤمنون حقا بأعيانهم، جعل فيهم أربعة أرواح: روح الايمان، وروح القوة وروح الشهوة وروح البدن وقال قبل ذلك: وبروح الايمان عبدوا الله ولم يشركوا به وبروح القوة جاهدوا عدوهم، وعالجوا معاشهم وبروح الشهوة أصابوا لذيذ الطعام ونكحوا الحلال من شباب النساء، وبروح البدن دبوا ودرجوا، وقالعليه‌السلام : متصلا بقوله وروح البدن: فلا يزال العبد يستكمل هذه الأرواح الاربعة حتّى تأتى عليه حالات، فقال الرجل: يا أمير المؤمنين ما هذه الحالات؟ فقال: اما أولهن فهو كما قال اللهعزوجل :( وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً ) فهذا ينتقص منه جميع الأرواح، وليس بالذي يخرج من دين الله، لان الفاعل به رده إلى أرذل عمره، فهو لا يعرف للصلوة وقتا، ولا يستطيع التهجد بالليل ولا بالنهار، ولا القيام في الصف مع الناس فهذا نقصان من روح الايمان وليس يضره شيئا.

١٤٤ ـ في كتاب الخصال بعد ان ذكر حال الإنسان في بلوغ الأربعين والخمسين إلى التسعين قال: وفي حديث آخر فاذا بلغ إلى المأة فذلك أرذل العمر وقد روى أنّ أرذل العمر، ان يكون عقله عقل ابن سبع سنين.

٦٧

١٤٥ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله: و( اللهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ ) إلى قوله( لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً ) قال: إذا كبر لا يعلم ما علمه قبل ذلك.

١٤٦ ـ في مجمع البيان وروى عن عليٍّعليه‌السلام أنّ أرذل العمر خمس وسبعون سنة، وروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مثل ذلك.

١٤٧ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله:( وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَواءٌ ) قال: لا يجوز للرجل ان يخص نفسه بشيء من المأكول دون عياله.

١٤٨ ـ في جوامع الجامع ويحكى عن أبي ذر رضى الله عنه أنّه سمع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: إنّما هم إخوانكم فاكسوهم مما تكسون وأطعموهم مما تطعمون فما رؤي عبده بعد ذلك إلّا وردائه ردائه وإزاره إزاره من غير تفاوت.

١٤٩ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله:( وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً ) يعنى حوا خلقت من آدم وحفدة قال: الأختان.

١٥٠ ـ في تفسير العيّاشي عن عبد الرحمن الأشل قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : في قول الله:( وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً ) قال: الحفدة بنو البنت، ونحن حفدة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٥١ ـ عن جميل بن دراج عن أبي عبد اللهعليه‌السلام عن قوله:( وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً ) قال: هم الحفدة وهم العون منهم يعنى البنين.

١٥٢ ـ في مجمع البيان وفي رواية الوالبي هم اختان الرجل على بناته وهو المروي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

١٥٣ ـ في الكافي محمد بن أحمد عن ابن فضال عن مفضل بن صالح عن ليث المرادي قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن العبد هل يجوز طلاقه؟ فقال: إنْ كان أمتك فلا، ان اللهعزوجل يقول:( عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ ) وان كانت امة قوم آخرين أو حرة جاز طلاقه.

١٥٤ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى ابن أذينة عن زرارة عن أبي جعفر و

٦٨

ابى عبد اللهعليهما‌السلام قالا: المملوك لا يجوز طلاقه ولا نكاحه إلّا بإذن سيده، قلت: فان السيد كان زوجه بيد من الطلاق؟ قال: بيد السيد( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ ) أفشيء الطلاق؟

١٥٥ ـ في تهذيب الأحكام الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن حريز عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل ينكح أمته من رجل آخر يفرق بينهما إذا شاء؟ فقال ان كان مملوكه فليفرق بينهما إذا شاء، ان الله تعالى يقول:( عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ ) فليس للعبد شيء من الأمر، وان كان زوجها حرا فان طلاقها صفقتها.

١٥٦ ـ الحسين بن عليّ عن الحسن بن علي بن فضال عن ابن بكير عن الحسن العطار قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل أمر مملوكه أن يتمتع بالعمرة إلى الحج أعليه أن يذبح عنه؟ قال: لا ان الله يقول:( عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ ) .

١٥٧ ـ محمد بن يعقوب عن أبي العباس محمد بن جعفر عن أيوب بن نوح عن صفوان عن سعيد بن يسار قال: سئلت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن امرأة حرة تكون تحت المملوك فتشتريه هل يبطل نكاحه؟ قال: نعم لأنه عبد مملوك لا يقدر على شيء.

١٥٨ ـ في تفسير العيّاشي عن أبي بصير في الرجل ينكح أمته لرجل له ان يفرق بينهما إذا شاء؟ قال: إنْ كان مملوكا فليفرق بينهما إذا شاء، لان الله يقول:( عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ ) فليس للعبد من الأمر شيء، وان كان زوجها حرا فرق بينهما إذا شاء المولى.

١٥٩ ـ عن أحمد بن عبد الله العلوي عن الحسن بن الحسين عن الحسين بن زيد بن (عن خ) على عن جعفر بن محمدعليه‌السلام قال: كان عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام يقول:( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ ) ويقول: للعبد لا طلاق ولا نكاح، ذلك إلى سيده والناس يروون خلاف ذلك، إذا اذن السيد لعبده لا يرون له أن يفرق بينهما.

١٦٠ ـ عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: مر عليه غلام له فدعاه اليه

٦٩

ثمّ قال: يا فتى أرد عليك وتطعمنا بدرهم ضربت؟ قال: فقلت: جعلت فداك إنّا نروى عندنا أنّ عليّاعليه‌السلام أهديت له واشتريت جارية فسألها أفارغة أنت أم مشغولة؟ قالت: مشغولة، قال: فأرسل فاشترى بعضها من زوجها بخمسمأة درهم، فقال كذبوا على عليٍّ ولم يحفظوا، أما تسمع إلى قول الله وهو يقول:( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ ) .

١٦١ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم ( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ ) قال: لا يتزوج ولا يطلق ثم ضرب الله مثلا في الكفار، ثم قال: و( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ أَيْنَما يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) قال: كيف يستوي هذا وهذا الذي يأمر بالعدل أمير المؤمنين والائمة صلوات الله عليهم. قال عز من قائل: و( اللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) .

١٦٢ ـ في أصول الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن إبراهيم عن يونس بن يعقوب قال: كان عند أبي عبد اللهعليه‌السلام جماعة من أصحابه منهم حمران بن أعين ومحمد بن أعين ومحمد بن النعمان وهشام بن سالم والطيار وجماعة فيهم هشام بن الحكم وهو شاب، فقال أبو عبد الله: يا هشام ألا تخبرني كيف صنعت بعمرو بن عبيد وكيف سألته؟ فقال هشام: يا بن رسول الله إنّي أجلك وأستحييك ولا يعمل لساني بين يديك، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إذا أمرتكم بشيء فافعلوا، قال هشام: بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد وجلوسه في مسجد البصرة فعظم ذلك على وخرجت إليه ودخلت البصرة يوم الجمعة فأتيت مسجد البصرة فاذا أنا بحلقة كبيرة فيها عمرو بن عبيد، وعليه شملة سوداء متزرا بها من صوف وشملة مرتديا بها والناس يسألونه، فاستفرجت الناس فأفرجوا لي ثم قعدت في آخر القوم على ركبتي، ثم قلت: أيها العالم إنّي رجل غريب تأذن لي في مسئلة؟ فقال لي: نعم، فقلت: ألك عين؟ فقال: يا بنى أي شيء هذا من السؤال وشيء تراه كيف تسأل عنه؟ فقلت: هكذا مسئلتي، فقال: يا بنى سل وان كانت مسئلتك حمقاء قلت :

٧٠

أجبنى فيها قال لي: سل، قلت: ألك عين؟ قال: نعم، قلت: فما تصنع بها؟ قال: أرى بها الألوان والأشخاص، قلت: ألك أنف؟ قال: نعم، قلت: فما تصنع به؟ قال: أشم به الرائحة، قلت: ألك فم؟ قال: نعم، قلت: فما تصنع به؟ قال: أذوق به الطعم. قلت: فلك اذن؟ قال: نعم. قلت: فما تصنع بها؟ قال: أسمع بها الصوت، قلت: ألك قلب؟ قال: نعم، قلت: فما تصنع به؟ قال: أميز به كلما ورد على هذه الجوارح والحواس، قلت: أوليس في هذه الجوارح والحواس غنى عن القلب؟ فقال: لا، قلت: وكيف ذلك وهي صحيحة سليمة؟ فقال: يا بنى ان الجوارح إذا شكت في شيء شمته أو رأته أو ذاقته أو سمعته ردته إلى القلب فيستبين اليقين ويبطل الشك، قال هشام: فقلت له: فانما أقام الله القلب لشك الجوارح؟ قال: نعم، قلت: لا بد من القلب والألم تستيقن الجوارح؟ قال: نعم.

فقلت: يا أبا مروان فان الله تبارك وتعالى لم يترك جوارحك حتّى جعل لها إماما يصحح لها الصحيح ويتيقن به ما شككت فيه ويترك هذا الخلق كلهم في حيرتهم وشكهم واختلافهم لا يقيم لهم إماما يردون إليهم شكهم وحيرتهم ويقيم ذلك إماما لجوارحك ترد إليه حيرتك وشكك؟ قال: فسكت ولم يقل شيئا. ثم التفت إلى وقال لي: أنت هشام بن الحكم؟ فقلت: لا، فقال: من جلسائه؟ قلت: لا، قال: فمن أين أنت؟ قال: قلت: من أهل الكوفة، قال: فأنت إذا هو، ثم ضمني إليه وأقعدنى في مجلسه وما زال عن مجلسه وما نطق حتّى قمت، قال: فضحك أبو عبد اللهعليه‌السلام وقال: يا هشام من علمك هذا؟ قلت: شيء أخذته منك وألفته، فقال: هذا والله مكتوب في صحف إبراهيم وموسى.

١٦٣ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود في قوله: أثاثا قال: المال ومتاعا قال: المنافع إلى حين إلى بلاغها وقال عليّ بن إبراهيم في قوله:( وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً ) قال: ما يستظل به. قال عز من قائل:( وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ ) .

١٦٤ ـ في روضة الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن مالك بن

٧١

عطية عن سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الحر والبرد مما يكون؟ قال: لي يا أبا أيوب ان المريخ كوكب حار وزحل كوكب بارد، فاذا بدء المريخ في الارتفاع انحط زحل وذلك في الربيع، فلا يزالان كذلك كلما ارتفع المريخ درجة انحط زحل درجة ثلثة أشهر حتّى ينتهى المريخ في الارتفاع وينتهى زحل في الهبوط فيجلو المريخ، فلذلك يشتد الحر، فاذا كان آخر الصيف وأول الخريف بدء زحل في الارتفاع وبدء المريخ في الهبوط، فلا يزالان كذلك كلما ارتفع زحل درجة انحط المريخ درجة حتّى ينتهى المريخ في الهبوط وينتهى زحل في الارتفاع، فيجلو زحل، وذلك في أول الشتاء وآخر الخريف، فلذلك يشتد البرد وكلما ارتفع هذا هبط هذا، وكلما هبط هذا ارتفع هذا فاذا كان في الصيف يوم بارد فالفعل في ذلك للقمر، وإذا كان في الشتاء يوم حار فالفعل في ذلك للشمس هذا تقدير العزيز العليم وأنا عبد رب العالمين(١)

١٦٥ ـ في تفسير العيّاشي عن جعفر بن أحمد عن العمر كى عن النيسابوري عن علي بن جعفر بن محمد عن أخيه موسى بن جعفرعليه‌السلام أنّه سئل عن هذه الآية( يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها ) قال: عرفوه ثم أنكروه.

١٦٦ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله:( يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها ) قال: نعمة الله هم الائمة، والدليل على أنّ الائمة نعمة الله قول الله:( أَلَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً ) قال الصادقعليه‌السلام : نحن والله نعمة الله التي أنعم بها على عباده، وبنا فاز من فاز.

١٦٧ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محمد الهاشمي قال: حدثني أبي عن أحمد بن عيسى قال: حدثني جعفر بن محمد عن أبيه عن جدهعليهم‌السلام في قولهعزوجل :( يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها ) قال: لما نزلت( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) اجتمع نفر من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مسجد المدينة فقال بعضهم لبعض: ما تقولون

__________________

(١) قال المجلسي (ره): لعله كان في المجلس من يذهب مذهب الغلاة أو علم (ع) أنّ في قلب الراوي شيئا من ذلك فنفاه وأذعن بعبودية نفسه وان الله رب العالمين.

٧٢

في هذه الآية؟ فقال بعضهم: إنْ كفرنا بهذه الآية نكفر بسايرها وان آمنا فان هذا ذل حين يسلط علينا ابن أبي طالب، فقالوا: قد علمنا أنّ محمدا صادق فيما يقول ولكنا نتولاه ولا نطيع عليّا فيما أمرنا، قال: فنزلت هذه الآية( يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها ) يعرفون يعنى ولاية عليّعليه‌السلام ،( وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ ) بالولاية.

١٦٨ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله تعالى:( وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ) قال: نحن الشهود على هذه الامة.

١٦٩ ـ في مجمع البيان قوله:( وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ) يعنى يوم القيامة بين سبحانه أنّه يبعث فيه( مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ) وهم الأنبياء والعدول من كل عصر يشهدون على الناس بأعمالهم، وقال الصادقعليه‌السلام : لكل زمان وامة امام تبعث كل امة مع امامها.

١٧٠ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله:( وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ) قال لكل زمان وامة امام تبعث كل امة مع امامها.

١٧١ ـ قوله:( الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ ) قال: كفروا بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وصدوا عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ( زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ بِما كانُوا يُفْسِدُونَ ) ثم قال:( وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) يعنى من الائمة، ثم قال لنبيه: وجئنا بك يا محمّد( شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ ) يعنى على الائمة فرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شهيدا على الائمة وهم شهداء على الناس.

١٧٢ ـ في تفسير العيّاشي عن منصور عن حماد اللحام قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : نحن والله نعلم ما في السموات وما في الأرض وما في الجنة وما في النار وما بين ذلك، قال فبقيت أنظر إليه فقال: يا حماد ان ذلك في كتاب الله ثلث مرات قال: ثم تلا هذه الآية:( وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ ) آية من كتاب الله فيه تبيان كل شيء.

١٧٣ ـ عن عبد الله بن الوليد قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : قال الله لموسى:( وَكَتَبْنا لَهُ

٧٣

فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ) فعلمنا أنّه لم يكتب لموسى الشيء كله وقال الله لعيسى:( لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ ) وقال الله لمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله :( وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ ) .

١٧٤ ـ عن يونس عن عدة من أصحابنا قالوا: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إنّي لا علم خبر السموات وخبر الأرض وخبر ما كان وخبر ما هو كائن كأنه في كفى، قال: من كتاب الله أعلمه، ان الله يقول: «فيه تبيان كل شيء».

١٧٥ ـ في عيون الاخبار في باب مجلس الرضاعليه‌السلام مع أهل الأديان والمقالات في التوحيد قال الرضاعليه‌السلام في أثناء المحاورات: وكذلك أمر محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وما جاء به وأمر كل نبي بعثه الله، ومن آياته أنّه كان يتيما فقيرا راعيا أجيرا لم يتعلم كتابا، ولم يختلف إلى معلم، ثم جاء بالقرآن الذي فيه قصص الأنبياءعليهم‌السلام وأخبار هم حرفا حرفا، واخبار من مضى ومن بقي إلى يوم القيامة.

١٧٦ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن حديد عن مرازم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الله تبارك وتعالى أنزل في القرآن تبيان كل شيء حتّى والله ما ترك شيئا تحتاج إليه العباد حتّى لا يستطيع عبد يقول لو كان هذا انزل في القرآن ألآ وقد أنزله الله فيه.

١٧٧ ـ عليّ بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن الحسين بن منذر عن عمر بن قيس عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سمعته يقول: إنّ الله تبارك وتعالى لم يدع شيئا تحتاج إليه الامة إلّا أنزله في كتابه وبينه لرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وجعل لكل شيء حدا وجعل عليه دليلا يدل عليه، وجعل على من تعدى ذلك الحد حدا.

١٧٨ ـ على عن محمد بن عيسى عن يونس عن حماد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: ما من شيء إلّا وفيه كتاب أو سنة.

١٧٩ ـ عليّ بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن حماد عن عبد الله بن سنان عن أبي الجارود قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : إذا حدثتكم بشيء فاسئلونى من كتاب الله، ثم

٧٤

قال في بعض حديثه: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن القيل والقال، وفساد المال وكثرة السؤال، فقيل له: يا بن رسول الله اين هذا من كتاب الله؟ قال: إنّ اللهعزوجل يقول:( لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ) وقال:( وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً ) وقال:( لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ) .

١٨٠ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن ثعلبة بن ميمون عمن حدثه عن المعلى بن خنيس قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : ما من أمر يختلف فيه اثنان إلّا وله أصل في كتاب اللهعزوجل ، ولكن لا تبلغه عقول الرجال.

١٨١ ـ محمد بن يحيى عن بعض أصحابه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : أيها الناس ان الله تبارك وتعالى أرسل إليكم الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أن قال: فجاء هم بنسخة ما في الصحف الاولى وتصديق الذي بين يديه، وتفصيل الحلال من ريب الحرام، ذلك القرآن فاستنطقوه ولن ينطق لكم، أخبركم عنه أنّ فيه علم ما مضى وعلم ما يأتى إلى يوم القيمة، وحكم ما بينكم وبيان ما أصبحتم فيه تختلفون، فلو سألتمونى عنه لعلمتكم(١) .

١٨٢ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن عبد الجبار عن ابن فضال عن حماد بن عثمان عن عبد الأعلى بن أعين قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: قد ولدني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وانا أعلم كتاب الله، وفيه بدو الخلق وما هو كائن إلى يوم القيمة، وفيه خبر السماء وخبر الأرض وخبر الجنة وخبر النار، وخبر ما كان وخبر ما هو كائن، أعلم ذلك كما أنظر إلى كفى، ان الله يقول: «فيه تبيان كل شيء».

١٨٣ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن النعمان عن إسمعيل بن جابر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وفصل ما بينكم ونحن نعلمه.

١٨٤ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن إسمعيل بن مهران عن سيف

__________________

(١) وفي نسخة «لأخبرتكم» والمختار هو الموافق للمصدر أيضا.

٧٥

ابن عميرة عن أبي المغرا عن سماعة عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام قال: قلت له: أكل شيء في كتاب الله وسنة نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله أو يقولون فيه؟ قال: بل كل شيء في كتاب الله وسنة نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٨٥ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن عيسى عن أبي عبد الله المؤمن عن عبد الأعلى مولى آل سام قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: والله أنّي لأعلم كتاب الله من أوله إلى آخره كأنه في كفي، فيه خبر السماء وخبر الأرض، وخبر ما كان وخبر ما هو كائن قال اللهعزوجل : «فيه تبيان كل شيء».

١٨٦ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن يونس بن يعقوب عن الحارث بن المغيرة وعدة من أصحابنا منهم عبد الأعلى وأبو عبيدة وعبد الله بن بشر الخثعمي سمعوا أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: إنّي لأعلم ما في السموات وما في الأرض واعلم ما في الجنة وأعلم ما في النار، وأعلم ما كان وما يكون، قال: ثم سكت هنيئة فرأى أنّ ذلك كبر على من سمعه منه فقال: علمت ذلك من كتاب اللهعزوجل ان اللهعزوجل يقول: «فيه تبيان كل شيء»(١) .

١٨٧ ـ محمد بن يحيى الأشعري عن أحمد بن محمد عن البرقي عن النضر بن سويد عن يحيى بن عمران الحلبي عن أيوب بن الحرقال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: إنّ الله عز ذكره ختم بنبيكم النبيين فلا نبي بعده أبدا، وختم بكتابكم الكتب فلا كتاب بعده أبدا، وانزل فيه تبيان كل شيء، وخلقكم وخلق السموات والأرض ونبأ ما قبلكم وفصل ما بينكم وخبر ما بعدكم، وأمر الجنة والنار وما أنتم صائرون اليه.

١٨٨ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن عبد الأعلى قال :

سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: وانا امرء من قريش قد ولدني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعلمت كتاب الله وفيه تبيان كل شيء به، والخلق وأمر السماء وأمر الأرض وأمر الأولين

__________________

(١) «في بصائر الدرجات: وما يكون إلى أن يقوم الساعة، ثم سكت. ثم قال: أعلم من كتاب الله أنظر إليه هكذا، ثم بسط كفيه ثم قال: إنّ الله يقول:( إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ ) فيه تبيان كل شيء منه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)

٧٦

وأمر الآخرين وأمر ما كان وما يكون، كأني أنظر إلى ذلك نصب عيني.

١٨٩ ـ على عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن سماعة بن مهران قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إنّ العزيز الجبار انزل عليكم كتابه وهو الصادق البار، فيه خبركم وخبر من قبلكم وخبر من بعد كم وخبر السماء والأرض، ولو أتا كم من يخبر كم عن ذلك لتعجبتم.

١٩٠ ـ في نهج البلاغة في كلام لهعليه‌السلام في ذم اختلاف العلماء في الفتيا: أم أنزل الله دينا ناقصا فاستعان بهم على إتمامه، أم كانوا شركاء له؟ فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى، أم أنزل دينا تاما فقصر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله عن تبليغه وأدائه والله سبحانه يقول:( ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ) وفيه تبيان لكل شيء».

١٩١ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى عمر بن عثمان التيمي القاضي قال: خرج أمير المؤمنينعليه‌السلام على أصحابه وهم يتذاكرون المروة، فقال: أين أنتم من كتاب الله؟ قالوا: يا أمير المؤمنين في أي موضع؟ فقال: في قولهعزوجل :( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ ) والعدل الإنصاف والإحسان التفضل.

١٩٢ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن بريد بن معاوية عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام في خطبة يوم الجمعة الخطبة الاولى: الحمد لله نحمده ونستعينه. وذكر خطبة طويلة وآخرها ويكون آخر كلامه ان يقول:( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) ثم يقول: أللهمّ اجعلنا ممن يذكر فتنفعه الذكرى ثم ينزل.

١٩٣ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله:( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ) قال: العدل شهادة أنْ لا إله إلّا الله وانّ محمّدا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والإحسان أمير المؤمنين صلوات الله عليه، والفحشاء والمنكر والبغي فلان وفلان وفلان.

٧٧

١٩٤ ـ حدّثنا محمد بن أبي عبد الله قال: حدّثنا موسى بن عمران قال: حدثني الحسن بن يزيد عن إسمعيل بن مسلم قال: جاء رجل إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام وانا عنده فقال: يا بن رسول الله( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) وقوله:( أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ) فقال: نعم ليس لله في عباده امر إلّا العدل والإحسان، فالدعاء من الله عام والهدى خاص، مثل قوله:( يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) ولم يقل ويهدى جميع من دعا( إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) .

١٩٥ ـ في مجمع البيان وجاءت الرواية أنّ عثمان بن مظعون قال: كنت أسلمت استحياء من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لكثرة ما كان يعرض على الإسلام ولم يقر الإسلام في قلبي، فكنت ذات يوم عنده حال تأمله فشخص بصره نحو السماء كأنّه يستفهم شيئا فلما سرى عنه، سألته عن حاله: فقال نعم بينا انا أحدّثكم إذ رأيت جبرئيل في الهواء أتانى بهذه الآية( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ ) وقرأها إلى آخرها، فقرّ الإسلام في قلبي وأتيت عمّه أبا طالب فأخبرته، فقال: يا آل قريش اتبعوا محمّدا ترشدوا، فانّه لا يأمر كم إلّا بمكارم الأخلاق، وأتيت الوليد بن المغيرة وقرأت عليه هذه الآية فقال: إنْ كان محمّد قاله فنعم ما قاله، وان قاله ربّه فنعم ما قال، فأنزل الله:( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى وَأَعْطى قَلِيلاً ) يعنى قوله نعم ما قال، ومعنى قوله: «وأكدى» أنّه لم يقم على ما قاله وقطعه.

١٩٦ ـ وعن عكرمة قال: إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قرء هذه الآية على الوليد بن المغيرة فقال: يا بن أخى أعد فأعاد، فقال: إنّ له حلاوة، وان عليه لطلاوة، وان أعلاه لمثمر، وان أسفله لمغدق(١) وما هو قول البشر.

١٩٧ ـ في روضة الواعظين (ره) وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : جماع التقوى في قوله:( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ ) .

__________________

(١) الطلاوة: الحسن والبهجة. والغدق من الغدق المطر الكثير ـ العلم.

٧٨

١٩٨ ـ في كتاب الخصال عن السكوني عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن عليّعليهم‌السلام قال: تكلم النار يوم القيمة ثلثة أميرا وقاريا وذا ثروة من المال، تقول للأمير: يا من وهب الله له سلطانا ولم يعدل فتزدرده كما تزدرد الطير حب السمسم(١) وتقول للقاري (الحديث).

١٩٩ ـ عن جعفر بن محمد عن أبيهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ أسرع الخير ثوابا البر، وان أسرع الشر عقابا البغي.

٢٠٠ ـ عن أبي مالك قال: قلت لعليّ بن الحسينعليه‌السلام : أخبرني بجميع شرايع الدين، قال: قول الحق والحكم بالعدل والوفاء بالعهد، هذه جميع شرايع الدين

٢٠١ ـ عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: في كتاب علىعليه‌السلام : ثلث خصال لا يموت صاحبهن حتّى يرى وبالهن: البغي وقطيعة الرحم واليمين الكاذبة يبارز الله بها، الحديث.

٢٠٢ ـ في كتاب التوحيد حدّثنا محمد بن القاسم المفسر رضى الله عنه قال: حدّثنا يوسف بن محمد بن زياد وعلى بن محمد بن سيار عن أبويهما عن الحسن بن علي بن محمد بن عليّ الرضا عن أبيه عن جدهعليهم‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: ما عرف الله من شبهه بخلقه، ولا وصفه بالعدل من نسب إليه ذنوب عباده.

٢٠٣ ـ في تفسير العيّاشي عن سعد عن أبي جعفرعليه‌السلام ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ ) قال سعد:( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ) وهو محمد، «والإحسان، «وهو على» و( إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى ) وهو قرابتنا، أمر الله العباد بمودتنا وايتائنا ونهاهم عن الفحشاء والمنكر، من بغى على أهل البيت ودعا إلى غيرنا.

٢٠٤ ـ عن إسمعيل الحريري قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام قول الله:( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ) قال: اقرء كما أقول لك يا اسمعيل:( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى ) حقه قال(٢) أداء امام إلى امام بعد امام،( وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ ) قال ولاية

__________________

(١) ازدرد اللقمة، ابتلعها.

(٢) وفي المصدر بعد قوله «حقه» زيادة وهي: «قلت: جعلت فداك انا لا نقرأ هكذا في قراءة زيد*

٧٩

فلان وفلان.

٢٠٥ ـ عن عامر بن كثير وكان داعية الحسين بن عليّ(١) عن موسى بن ابى الغدير عن عطاء الهمداني عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول الله:( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى ) قال: العدل شهادة ان لا إله إلّا الله، والإحسان ولاية أمير المؤمنين،( وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ ) ، الفحشاء الاول، والمنكر الثاني، البغي الثالث.

٢٠٦ ـ وفي رواية سعد الإسكاف عنه قال: يا سعد( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ) وهو محمد فمن أطاعه فقد عدل، و «الإحسان» على، فمن تولاه فقد أحسن والمحسن في الجنة، و( إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى ) قرابتنا أمر الله العباد بمودتنا وايتائنا، ونهاهم عن الفحشاء والمنكر، من بغى علينا أهل البيت، ودعا إلى غيرنا.

٢٠٧ ـ عن زيد بن الجهم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: لما سلموا على عليعليه‌السلام بإمرة المؤمنين قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله للأول: قم فسلم على على بإمرة المؤمنين فقال: امن الله أو من رسوله قال: نعم من الله ومن رسوله؟ ثم قال لصاحبه: قم فسلم على على بامرة المؤمنين، فقال: من الله ومن رسوله؟(٢) قال: نعم من الله ومن رسوله، قال: يا مقداد قم فسلم على على بامرة المؤمنين قال: فلم يقل ما قال صاحباه، ثم قال: قم يا أبا ذر فسلم على على بامرة المؤمنين ،

__________________

* قال: ولكنا نقرؤها هكذا في قراءة على (ع)، قال: فما يعنى بالعدل؟ قال شهادة أنْ لا إله إلّا الله قلت: والإحسان؟ قال: شهادة أنّ محمّداً رسول الله، قلت فما يعنى بإتاء ذي القربى حقّه؟ قال: أداء اه» والظاهر سقوطها من النسخ.

(١) أي الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب (ع) صاحب فخ والخارج على بنى عباس، وقصة خروجه وقتله مشهورة مدونة في كتب التواريخ والسير.

(٢) وفي بعض النسخ «من الله أو من رسوله» وكذا في المواضع الآتية ومثله فيما يأتى في رواية الكافي.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

172 و من كلام له ع لما عزم على لقاء القوم بصفين

اَللَّهُمَّ رَبَّ اَلسَّقْفِ اَلْمَرْفُوعِ وَ اَلْجَوِّ اَلْمَكْفُوفِ اَلَّذِي جَعَلْتَهُ مَغِيضاً لِلَّيْلِ وَ اَلنَّهَارِ وَ مَجْرًى لِلشَّمْسِ وَ اَلْقَمَرِ وَ مُخْتَلَفاً لِلنُّجُومِ اَلسَّيَّارَةِ وَ جَعَلْتَ سُكَّانَهُ سِبْطاً مِنْ مَلاَئِكَتِكَ لاَ يَسْأَمُونَ مِنْ عِبَادَتِكَ وَ رَبَّ هَذِهِ اَلْأَرْضِ اَلَّتِي جَعَلْتَهَا قَرَاراً لِلْأَنَامِ وَ مَدْرَجاً لِلْهَوَامِّ وَ اَلْأَنْعَامِ وَ مَا لاَ يُحْصَى مِمَّا يُرَى وَ مَا لاَ يُرَى وَ رَبَّ اَلْجِبَالِ اَلرَّوَاسِي اَلَّتِي جَعَلْتَهَا لِلْأَرْضِ أَوْتَاداً وَ لِلْخَلْقِ اِعْتِمَاداً إِنْ أَظْهَرْتَنَا عَلَى عَدُوِّنَا فَجَنِّبْنَا اَلْبَغْيَ وَ سَدِّدْنَا لِلْحَقِّ وَ إِنْ أَظْهَرْتَهُمْ عَلَيْنَا فَارْزُقْنَا اَلشَّهَادَةَ وَ اِعْصِمْنَا مِنَ اَلْفِتْنَةِ أَيْنَ اَلْمَانِعُ لِلذِّمَارِ وَ اَلْغَائِرُ عِنْدَ نُزُولِ اَلْحَقَائِقِ مِنْ أَهْلِ اَلْحِفَاظِ اَلْعَارُ وَرَاءَكُمْ وَ اَلْجَنَّةُ أَمَامَكُمْ السقف المرفوع السماء و الجو المكفوف السماء أيضا كفه أي جمعه و ضم بعضه إلى بعض و يمر في كلامه نحو هذا و إن السماء هواء جامد أو ماء جامد.و جعلته مغيضا لليل و النهار أي غيضة لهما و هي في الأصل الأجمة يجتمع إليها الماء

٣٠١

فتسمى غيضة و مغيضا و ينبت فيها الشجر كأنه جعل الفلك كالغيضة و الليل و النهار كالشجر النابت فيها.و وجه المشاركة أن المغيض أو الغيضة يتولد منهما الشجر و كذلك الليل و النهار يتولدان من جريان الفلك.ثم عاد فقال و مجرى للشمس و القمر أي موضعا لجريانهما.و مختلفا للنجوم السيارة أي موضعا لاختلافها و اللام مفتوحة.ثم قال جعلت سكانه سبطا من ملائكتك أي قبيلة قال تعالى اِثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً.لا يسأمون لا يملون و قرارا للأنام أي موضع استقرارهم و سكونهم و مدرجا للهوام أي موضع دروجهم و سيرهم و حركاتهم و الهوام الحشرات و المخوف من الأحناش.و ما لا يحصى أي لا يضبط بالإحصاء و العد مما نراه و نعرفه و ما لا نراه و لا نعرفه.و قال بعض العلماء إن أردت أن تعرف حقيقة قوله مما يرى و ما لا يرى فأوقد نارا صغيرة في فلاة في ليلة صيفية و انظر ما يجتمع عليها من الأنواع الغريبة العجيبة الخلق التي لم تشاهدها أنت و لا غيرك قط.قوله و للخلق اعتمادا لأنهم يجعلونها كالمساكن لهم فينتفعون بها و يبنون منازل إلى جانبها فيقوم مقام جدار قد استغنوا عن بنيانه و لأنها أمهات العيون و منابع المياه باعتماد الخلق على مرافقهم و منافعهم و مصالحهم عليها.

٣٠٢

قوله و سددنا للحق أي صوبنا إليه من قولك منهم سديد أي مصيب و سدد السنان إلى القرن أي صوبه نحوه.و الذمار ما يحامى عنه و الغائر ذو الغيرة و نزول الحقائق نزول الأمور الشديدة كالحرب و نحوها.ثم قال العار وراءكم أي إن رجعتم القهقرى هاربين.و الجنة أمامكم أي إن أقدمتم على العدو مجاهدين و هذا الكلام شريف جدا

٣٠٣

173 و من خطبة له ع

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي لاَ تُوَارِي عَنْهُ سَمَاءٌ سَمَاءً وَ لاَ أَرْضٌ أَرْضاً هذا الكلام يدل على إثبات أرضين بعضها فوق بعض كما أن السماوات كذلك و لم يأت في الكتاب العزيز ما يدل على هذا إلا قوله تعالى( اَللَّهُ اَلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ اَلْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ ) و هو قول كثير من المسلمين.و قد تأول ذلك أرباب المذهب الآخر القائلون بأنها أرض واحدة فقالوا إنها سبعة أقاليم فالمثلية هي من هذا الوجه لا من تعدد الأرضين في ذاتها.و يمكن أن يتأول مثل ذلك كلام أمير المؤمنين ع فيقال إنها و إن كانت أرضا واحدة لكنها أقاليم و أقطار مختلفة و هي كرية الشكل فمن على حدبة الكرة لا يرى من تحته و من تحته لا يراه و من على أحد جانبيها لا يرى من على الجانب الآخر و الله تعالى يدرك ذلك كله أجمع و لا يحجب عنه شي‏ء منها بشي‏ء منها.فأما قوله ع لا تواري عنه سماء سماء فلقائل أن يقول و لا يتوارى شي‏ء من السماوات عن المدركين منا لأنها شفافة فأي خصيصة للباري تعالى في ذلك فينبغي أن يقال هذا الكلام على قاعدة غير القاعدة الفلسفية بل هو على قاعدة

٣٠٤

الشريعة الإسلامية التي تقتضي أن السماوات تحجب ما وراءها عن المدركين بالحاسة و أنها ليست طباقا متراصة بل بينها خلق من خلق الله تعالى لا يعلمهم غيره و اتباع هذا القول و اعتقاده أولى منها : وَ قَدْ قَالَ قَائِلٌ إِنَّكَ عَلَى هَذَا اَلْأَمْرِ يَا اِبْنَ أَبِي طَالِبٍ لَحَرِيصٌ فَقُلْتُ بَلْ أَنْتُمْ وَ اَللَّهِ لَأَحْرَصُ وَ أَبْعَدُ وَ أَنَا أَخَصُّ وَ أَقْرَبُ وَ إِنَّمَا طَلَبْتُ حَقّاً لِي وَ أَنْتُمْ تَحُولُونَ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ وَ تَضْرِبُونَ وَجْهِي دُونَهُ فَلَمَّا قَرَّعْتُهُ بِالْحُجَّةِ فِي اَلْمَلَإِ اَلْحَاضِرِينَ هَبَّ كَأَنَّهُ بُهِتَ لاَ يَدْرِي مَا يُجِيبُنِي بِهِ اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَعْدِيكَ عَلَى قُرَيْشٍ وَ مَنْ أَعَانَهُمْ فَإِنَّهُمْ قَطَعُوا رَحِمِي وَ صَغَّرُوا عَظِيمَ مَنْزِلَتِيَ وَ أَجْمَعُوا عَلَى مُنَازَعَتِي أَمْراً هُوَ لِي ثُمَّ قَالُوا أَلاَ إِنَّ فِي اَلْحَقِّ أَنْ تَأْخُذَهُ وَ فِي اَلْحَقِّ أَنْ تَتْرُكَهُ هذا من خطبة يذكر فيها ع ما جرى يوم الشورى بعد مقتل عمر و الذي قال له إنك على هذا الأمر لحريص سعد بن أبي وقاص مع روايته فيه أنت مني بمنزلة هارون من موسى و هذا عجب فقال لهم بل أنتم و الله أحرص و أبعد...الكلام المذكور و قد رواه الناس كافة.و قالت الإمامية هذا الكلام يوم السقيفة و الذي قال له إنك على هذا الأمر لحريص أبو عبيدة بن الجراح و الرواية الأولى أظهر و أشهر.

٣٠٥

و روي فلما قرعته بالتخفيف أي صدمته بها.و روي هب لا يدري ما يجيبني كما تقول استيقظ و انتبه كأنه كان غافلا ذاهلا عن الحجة فهب لما ذكرتها.أستعديك أطلب أن تعديني عليهم و أن تنتصف لي منهم.قطعوا رحمي لم يرعوا قربه من رسول الله ص.و صغروا عظيم منزلتي لم يقفوا مع النصوص الواردة فيه.و أجمعوا على منازعتي أمرا هو لي أي بالأفضلية أنا أحق به منهم هكذا ينبغي أن يتأول كلامه.و كذلك قوله إنما أطلب حقا لي و أنتم تحولون بيني و بينه و تضربون وجهي دونه.قال ثم قالوا ألا إن في الحق أن تأخذه و في الحق أن تتركه قال لم يقتصروا على أخذ حقي ساكتين عن الدعوى و لكنهم أخذوه و ادعوا أن الحق لهم و أنه يجب علي أن أترك المنازعة فيه فليتهم أخذوه معترفين بأنه حقي فكانت المصيبة به أخف و أهون.و اعلم أنه قد تواترت الأخبار عنه ع بنحو من هذا القول نحو قوله ما زلت مظلوما منذ قبض الله رسوله حتى يوم الناس هذا و قوله اللهم أخز قريشا فإنها منعتني حقي و غصبتني أمري و قوله فجزى قريشا عني الجوازي فإنهم ظلموني حقي و اغتصبوني سلطان ابن أمي

٣٠٦

و قوله و قد سمع صارخا ينادي أنا مظلوم فقال هلم فلنصرخ معا فإني ما زلت مظلوما و قوله و إنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى و قوله أرى تراثي نهبا و قوله أصغيا بإنائنا و حملا الناس على رقابنا و قوله إن لنا حقا إن نعطه نأخذه و إن نمنعه نركب أعجاز الإبل و إن طال السرى و قوله ما زلت مستأثرا علي مدفوعا عما أستحقه و أستوجبه و أصحابنا يحملون ذلك كله على ادعائه الأمر بالأفضلية و الأحقية و هو الحق و الصواب فإن حمله على الاستحقاق بالنص تكفير أو تفسيق لوجوه المهاجرين و الأنصار و لكن الإمامية و الزيدية حملوا هذه الأقوال على ظواهرها و ارتكبوا بها مركبا صعبا و لعمري إن هذه الألفاظ موهمة مغلبة على الظن ما يقوله القوم و لكن تصفح الأحوال يبطل ذلك الظن و يدرأ ذلك الوهم فوجب أن يجري مجرى الآيات المتشابهات الموهمة ما لا يجوز على البارئ فإنه لا نعمل بها و لا نعول على ظواهرها لأنا لما تصفحنا أدلة العقول اقتضت العدول عن ظاهر اللفظ و أن تحمل على التأويلات المذكورة في الكتب.و حدثني يحيى بن سعيد بن علي الحنبلي المعروف بابن عالية من ساكني قطفتا بالجانب الغربي من بغداد و أجد الشهود المعدلين بها قال كنت حاضرا مجلس الفخر إسماعيل بن علي الحنبلي الفقيه المعروف بغلام بن المنى و كان الفخر إسماعيل بن علي هذا مقدم

٣٠٧

الحنابلة ببغداد في الفقه و الخلاف و يشتغل بشي‏ء في علم المنطق و كان حلو العبارة و قد رأيته أنا و حضرت عنده و سمعت كلامه و توفي سنة عشر و ستمائة.قال ابن عالية و نحن عنده نتحدث إذ دخل شخص من الحنابلة قد كان له دين على بعض أهل الكوفة فانحدر إليه يطالبه به و اتفق أن حضرت زيارة يوم الغدير و الحنبلي المذكور بالكوفة و هذه الزيارة هي اليوم الثامن عشر من ذي الحجة و يجتمع بمشهد أمير المؤمنين ع من الخلائق جموع عظيمة تتجاوز حد الإحصاء.قال ابن عالية فجعل الشيخ الفخر يسأل ذلك الشخص ما فعلت ما رأيت هل وصل مالك إليك هل بقي لك منه بقية عند غريمك و ذلك يجاوبه حتى قال له يا سيدي لو شاهدت يوم الزيارة يوم الغدير و ما يجري عند قبر علي بن أبي طالب من الفضائح و الأقوال الشنيعة و سب الصحابة جهارا بأصوات مرتفعة من غير مراقبة و لا خيفة فقال إسماعيل أي ذنب لهم و الله ما جراهم على ذلك و لا فتح لهم هذا الباب إلا صاحب ذلك القبر فقال ذلك الشخص و من صاحب القبر قال علي بن أبي طالب قال يا سيدي هو الذي سن لهم ذلك و علمهم إياه و طرقهم إليه قال نعم و الله قال يا سيدي فإن كان محقا فما لنا أن نتولى فلانا و فلانا و إن كان مبطلا فما لنا نتولاه ينبغي أن نبرأ إما منه أو منهما.قال ابن عالية فقام إسماعيل مسرعا فلبس نعليه و قال لعن الله إسماعيل الفاعل إن كان يعرف جواب هذه المسألة و دخل دار حرمه و قمنا نحن و انصرفنا : مِنْهَا فِي ذِكْرِ أَصْحَابِ اَلْجَمَلِ فَخَرَجُوا يَجُرُّونَ حُرْمَةَ رَسُولِ اَللَّهِ ص كَمَا تُجَرُّ اَلْأَمَةُ عِنْدَ شِرَائِهَا

٣٠٨

مُتَوَجِّهِينَ بِهَا إِلَى اَلْبَصْرَةِ فَحَبَسَا نِسَاءَهُمَا فِي بُيُوتِهِمَا وَ أَبْرَزَا حَبِيسَ رَسُولِ اَللَّهِ ص لَهُمَا وَ لِغَيْرِهِمَا فِي جَيْشٍ مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلاَّ وَ قَدْ أَعْطَانِيَ اَلطَّاعَةَ وَ سَمَحَ لِي بِالْبَيْعَةِ طَائِعاً غَيْرَ مُكْرَهٍ فَقَدِمُوا عَلَى عَامِلِي بِهَا وَ خُزَّانِ بَيْتِ مَالِ اَلْمُسْلِمِينَ وَ غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِهَا فَقَتَلُوا طَائِفَةً صَبْراً وَ طَائِفَةً غَدْراً فَوَاللَّهِ إِنْ لَوْ لَمْ يُصِيبُوا مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ إِلاَّ رَجُلاً وَاحِداً مُعْتَمِدِينَ لِقَتْلِهِ بِلاَ جُرْمٍ جَرَّهُ لَحَلَّ لِي قَتْلُ ذَلِكَ اَلْجَيْشِ كُلِّهِ إِذْ حَضَرُوهُ فَلَمْ يُنْكِرُوا وَ لَمْ يَدْفَعُوا عَنْهُ بِلِسَانٍ وَ لاَ بِيَدٍ دَعْ مَا إِنَّهُمْ أَنَّهُمْ قَدْ قَتَلُوا مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ مِثْلَ اَلْعِدَّةِ اَلَّتِي دَخَلُوا بِهَا عَلَيْهِمْ حرمة رسول الله ص كناية عن الزوجة و أصله الأهل و الحرم و كذلك حبيس رسول الله ص كناية عنها.و قتلوهم صبرا أي بعد الأسر و قوله فو الله إن لو لم يصيبوا إن هاهنا زائدة و يجوز أن تكون مخففة من الثقيلة.و يسأل عن قوله ع لو لم يصيبوا إلا رجلا واحدا لحل لي قتل ذلك الجيش بأسره لأنهم حضروه فلم ينكروا فيقال أ يجوز قتل من لم ينكر المنكر مع تمكنه من إنكاره.و الجواب أنه يجوز قتلهم لأنهم اعتقدوا ذلك القتل مباحا فإنهم إذا اعتقدوا إباحته فقد اعتقدوا إباحة ما حرم الله فيكون حالهم حال من اعتقد أن الزنا مباح أو أن شرب الخمر مباح.

٣٠٩

و قال القطب الراوندي يريد أنهم داخلون في عموم قوله تعالى( إِنَّما جَزاءُ اَلَّذِينَ يُحارِبُونَ اَللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي اَلْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا ) .و ل قائل أن يقول الإشكال إنما وقع في قوله لو لم يصيبوا من المسلمين إلا رجلا واحدا لحل لي قتل ذلك الجيش بأسره لأنهم حضروا المنكر و لم يدفعوه بلسان و لا يد فهو علل استحلاله قتلهم بأنهم لم ينكروا المنكر و لم يعلل ذلك بعموم الآية.و أما معنى قوله دع ما إنهم قد قتلوا من المسلمين مثل العدة التي دخلوا بها عليهم فهو أنه لو كان المقتول واحدا لحل لي قتلهم كلهم فكيف و قد قتلوا من المسلمين عدة مثل عدتهم التي دخلوا بها البصرة و ما هاهنا زائدة.و صدق ع فإنهم قتلوا من أوليائه و خزان بيت المال بالبصرة خلقا كثيرا بعضهم غدرا و بعضهم صبرا كما خطب به ع

ذكر يوم الجمل و مسير عائشة إلى القتال

و روى أبو مخنف قال حدثنا إسماعيل بن خالد عن قيس بن أبي حازم و روى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس و روى جرين بن يزيد عن عامر الشعبي و روى محمد بن إسحاق عن حبيب بن عمير قالوا جميعا لما خرجت عائشة و طلحة و الزبير من مكة إلى البصرة طرقت ماء الحوأب و هو ماء لبني عامر بن صعصعة فنبحتهم الكلاب فنفرت صعاب إبلهم فقال قائل منهم لعن الله الحوأب فما أكثر كلابها فلما سمعت عائشة ذكر الحوأب قالت أ هذا ماء الحوأب قالوا نعم فقالت ردوني ردوني فسألوها ما شأنها ما بدا لها فقالت إني سمعت رسول الله ص يقول كأني بكلاب

٣١٠

ماء يدعى الحوأب قد نبحت بعض نسائي ثم قال لي إياك يا حميراء أن تكونيها فقال لها الزبير مهلا يرحمك الله فإنا قد جزنا ماء الحوأب بفراسخ كثيرة فقالت أ عندك من يشهد بأن هذه الكلاب النابحة ليست على ماء الحوأب فلفق لها الزبير و طلحة خمسين أعرابيا جعلا لهم جعلا فحلفوا لها و شهدوا أن هذا الماء ليس بماء الحوأب فكانت هذه أول شهادة زور في الإسلام فسارت عائشة لوجهها.

قال أبو مخنف و حدثنا عصام بن قدامة عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله ص قال يوما لنسائه و هن عنده جميعا ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأدبب تنبحها كلاب الحوأب يقتل عن يمينها و شمالها قتلى كثيرة كلهم في النار و تنجو بعد ما كادت.قلت و أصحابنا المعتزلة رحمهم الله يحملون قوله ع و تنجو على نجاتها من النار و الإمامية يحملون ذلك على نجاتها من القتل و محملنا أرجح لأن لفظة في النار أقرب إليه من لفظة القتلى و القرب معتبر في هذا الباب أ لا ترى أن نحاة البصريين أعملوا أقرب العاملين نظرا إلى القرب.قال أبو مخنف و حدثني الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن الزبير و طلحة أغذا السير بعائشة حتى انتهوا إلى حفر أبي موسى الأشعري و هو قريب من البصرة و كتبا إلى عثمان بن حنيف الأنصاري و هو عامل علي ع على البصرة أن أخل لنا دار الإمارة فلما وصل كتابهما إليه بعث الأحنف بن قيس فقال له إن هؤلاء القوم قدموا علينا و معهم زوجة رسول الله و الناس إليها سراع كما ترى فقال الأحنف

٣١١

إنهم جاءوك بها للطلب بدم عثمان و هم الذين ألبوا على عثمان الناس و سفكوا دمه و أراهم و الله لا يزايلون حتى يلقوا العداوة بيننا و يسفكوا دماءنا و أظنهم و الله سيركبون منك خاصة ما لا قبل لك به إن لم تتأهب لهم بالنهوض إليهم فيمن معك من أهل البصرة فإنك اليوم الوالي عليهم و أنت فيهم مطاع فسر إليهم بالناس و بادرهم قبل أن يكونوا معك في دار واحدة فيكون الناس لهم أطوع منهم لك.فقال عثمان بن حنيف الرأي ما رأيت لكنني أكره الشر و أن أبدأهم به و أرجو العافية و السلامة إلى أن يأتيني كتاب أمير المؤمنين و رأيه فأعمل به ثم أتاه بعد الأحنف حكيم بن جبلة العبدي من بني عمرو بن وديعة فأقرأه كتاب طلحة و الزبير فقال له مثل قول الأحنف و أجابه عثمان بمثل جوابه للأحنف فقال له حكيم فأذن لي حتى أسير إليهم بالناس فإن دخلوا في طاعة أمير المؤمنين و إلا نابذتهم على سواء.فقال عثمان لو كان ذلك رأيي لسرت إليهم نفسي قال حكيم أما و الله إن دخلوا عليك هذا المصر لينتقلن قلوب كثير من الناس إليهم و ليزيلنك عن مجلسك هذا و أنت أعلم فأبى عليه عثمان.

قال و كتب علي إلى عثمان لما بلغه مشارفة القوم البصرة من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى عثمان بن حنيف أما بعد فإن البغاة عاهدوا الله ثم نكثوا و توجهوا إلى مصرك و ساقهم الشيطان لطلب ما لا يرضى الله به و الله أشد بأسا و أشد تنكيلا فإذا قدموا عليك فادعهم إلى الطاعة و الرجوع إلى الوفاء بالعهد و الميثاق الذي فارقونا عليه فإن أجابوا فأحسن جوارهم ما داموا

٣١٢

عندك و إن أبو إلا التمسك بحبل النكث و الخلاف فناجزهم القتال حتى يحكم الله بينك و بينهم و هو خير الحاكمين و كتبت كتابي هذا إليك من الربذة و أنا معجل المسير إليك إن شاء الله.و كتبه عبيد الله بن أبي رافع في سنة ست و ثلاثين.قال فلما وصل كتاب علي ع إلى عثمان أرسل إلى أبي الأسود الدؤلي و عمران بن الحصين الخزاعي فأمرهما أن يسيرا حتى يأتياه بعلم القوم و ما الذي أقدمهم فانطلقا حتى إذا أتيا حفر أبي موسى و به معسكر القوم فدخلا على عائشة فنالاها و وعظاها و أذكراها و ناشداها الله فقالت لهما القيا طلحة و الزبير فقاما من عندها و لقيا الزبير فكلماه فقال لهما إنا جئنا للطلب بدم عثمان و ندعو الناس إلى أن يردوا أمر الخلافة شورى ليختار الناس لأنفسهم فقالا له إن عثمان لم يقتل بالبصرة ليطلب دمه فيها و أنت تعلم قتلة عثمان من هم و أين هم و إنك و صاحبك و عائشة كنتم أشد الناس عليه و أعظمهم إغراء بدمه فأقيدوا من أنفسكم و أما إعادة أمر الخلافة شورى فكيف و قد بايعتم عليا طائعين غير مكرهين و أنت يا أبا عبد الله لم يبعد العهد بقيامك دون هذا الرجل يوم مات رسول الله ص و أنت آخذ قائم سيفك تقول ما أحد أحق بالخلافة منه و لا أولى بها منه و امتنعت من بيعة أبي بكر فأين ذلك الفعل من هذا القول.فقال لهما اذهبا فالقيا طلحة فقاما إلى طلحة فوجداه أخشن الملمس شديد العريكة قوي العزم في إثارة الفتنة و إضرام نار الحرب فانصرفا إلى عثمان بن حنيف فأخبراه و قال له أبو الأسود:

يا ابن حنيف قد أتيت فانفر

و طاعن القوم و جالد و اصبر

٣١٣

و ابرز لها مستلئما و شمر

فقال ابن حنيف إي و الحرمين لأفعلن و أمر مناديه فنادى في الناس السلاح السلاح فاجتمعوا إليه و قال أبو الأسود:

أتينا الزبير فدانى الكلام

و طلحة كالنجم أو أبعد

و أحسن قوليهما فادح

يضيق به الخطب مستنكد

و قد أوعدونا بجهد الوعيد

فأهون علينا بما أوعدوا

فقلنا ركضتم و لم ترملوا

و أصدرتم قبل أن توردوا

فإن تلقحوا الحرب بين الرجال

فملقحها حده الأنكد

و إن عليا لكم مصحر

ألا إنه الأسد الأسود

أما إنه ثالث العابدين

بمكة و الله لا يعبد

فرخوا الخناق و لا تعجلوا

فإن غدا لكم موعد

قال و أقبل القوم فلما انتهوا إلى المربد قام رجل من بني جشم فقال أيها الناس أنا فلان الجشمي و قد أتاكم هؤلاء القوم فإن كانوا أتوكم خائفين لقد أتوكم من المكان الذي يأمن فيه الطير و الوحش و السباع و إن كانوا إنما أتوكم بطلب دم عثمان فغيرنا ولي قتله فأطيعوني أيها الناس و ردوهم من حيث أقبلوا فإنكم إن لم تفعلوا لم تسلموا من الحرب الضروس و الفتنة الصماء التي لا تبقي و لا تذر.قال فحصبه ناس من أهل البصرة فأمسك.قال و اجتمع أهل البصرة إلى المربد حتى ملئوه مشاة و ركبانا فقام طلحة فأشار إلى الناس بالسكون ليخطب فسكتوا بعد جهد فقال أما بعد فإن عثمان بن عفان كان من أهل السابقة و الفضيلة و من المهاجرين الأولين الذيرضي‌الله‌عنه م و رضوا عنه

٣١٤

و نزل القرآن ناطقا بفضلهم و أحد أئمة المسلمين الوالين عليكم بعد أبي بكر و عمر صاحبي رسول الله ص و قد كان أحدث أحداثا نقمنا عليه فأتيناه فاستعتبناه فأعتبنا فعدا عليه امرؤ ابتز هذه الأمة أمرها غصبا بغير رضا منها و لا مشورة فقتله و ساعده على ذلك قوم غير أتقياء و لا أبرار فقتل محرما بريئا تائبا و قد جئناكم أيها الناس نطلب بدم عثمان و ندعوكم إلى الطلب بدمه فإن نحن أمكننا الله من قتلته قتلناهم به و جعلنا هذا الأمر شورى بين المسلمين و كانت خلافة رحمة للأمة جميعا فإن كل من أخذ الأمر من غير رضا من العامة و لا مشورة منها ابتزازا كان ملكه ملكا عضوضا و حدثا كثيرا.ثم قام الزبير فتكلم بمثل كلام طلحة.فقام إليهما ناس من أهل البصرة فقالوا لهما أ لم تبايعا عليا فيمن بايعه ففيم بايعتما ثم نكثتما فقالا ما بايعنا و ما لأحد في أعناقنا بيعة و إنما استكرهنا على بيعة فقال ناس قد صدقا و أحسنا القول و قطعا بالثواب و قال ناس ما صدقا و لا أصابا في القول حتى ارتفعت الأصوات.قال ثم أقبلت عائشة على جملها فنادت بصوت مرتفع أيها الناس أقلوا الكلام و اسكتوا فأسكت الناس لها فقالت إن أمير المؤمنين عثمان قد كان غير و بدل ثم لم يزل يغسل ذلك بالتوبة حتى قتل مظلوما تائبا و إنما نقموا عليه ضربه بالسوط و تأميره الشبان و حمايته موضع الغمامة فقتلوه محرما في حرمة الشهر و حرمة البلد ذبحا كما يذبح الجمل ألا و إن قريشا رمت غرضها بنبالها و أدمت أفواهها بأيديها و ما نالت بقتلها إياه شيئا و لا سلكت به سبيلا

٣١٥

قاصدا أما و الله ليرونها بلايا عقيمة تنتبه النائم و تقيم الجالس و ليسلطن عليهم قوم لا يرحمونهم و يسومونهم سوء العذاب.أيها الناس إنه ما بلغ من ذنب عثمان ما يستحل به دمه مصتموه كما يماص الثوب الرحيض ثم عدوتم عليه فقتلتموه بعد توبته و خروجه من ذنبه و بايعتم ابن أبي طالب بغير مشورة من الجماعة ابتزازا و غصبا تراني أغضب لكم من سوط عثمان و لسانه و لا أغضب لعثمان من سيوفكم ألا إن عثمان قتل مظلوما فاطلبوا قتلته فإذا ظفرتم بهم فاقتلوهم ثم اجعلوا الأمر شورى بين الرهط الذين اختارهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب و لا يدخل فيهم من شرك في دم عثمان.قال فماج الناس و اختلطوا فمن قائل القول ما قالت و من قائل يقول و ما هي و هذا الأمر إنما هي امرأة مأمورة بلزوم بيتها و ارتفعت الأصوات و كثر اللغط حتى تضاربوا بالنعال و تراموا بالحصى.ثم إن الناس تمايزوا فصاروا فريقين فريق مع عثمان بن حنيف و فريق مع عائشة و أصحابها.قال و حدثنا الأشعث بن سوار عن محمد بن سيرين عن أبي الخليل قال لما نزل طلحة و الزبير المربد أتيتهما فوجدتهما مجتمعين فقلت لهما ناشدتكما الله و صحبة رسول الله ص ما الذي أقدمكما أرضنا هذه فلم يتكلما فأعدت عليهما فقالا بلغنا أن بأرضكم هذه دنيا فجئنا نطلبها.

٣١٦

قال و قد روى محمد بن سيرين عن الأحنف بن قيس أنه لقيهما فقالا له مثل مقالتهما الأولى إنما جئنا لطلب الدنيا.و قد روى المدائني أيضا نحوا مما روى أبو مخنف قال بعث علي ع ابن عباس يوم الجمل إلى الزبير قبل الحرب فقال له إن أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام و يقول لكم أ لم تبايعني طائعا غير مكره فما الذي رابك مني فاستحللت به قتالي قال فلم يكن له جواب إلا أنه قال لي إنا مع الخوف الشديد لنطمع لم يقل غير ذلك

قال أبو إسحاق فسألت محمد بن علي بن الحسين ع ما تراه يعني بقوله هذا فقال أما و الله ما تركت ابن عباس حتى سألته عن هذا فقال يقول إنا مع الخوف الشديد مما نحن عليه نطمع أن نلي مثل الذي وليتم و قال محمد بن إسحاق حدثني جعفر بن محمد ع عن أبيه عن ابن عباس قال بعثني علي ع يوم الجمل إلى طلحة و الزبير و بعث معي بمصحف منشور و إن الريح لتصفق ورقه فقال لي قل لهما هذا كتاب الله بيننا و بينكم فما تريدان فلم يكن لهما جواب إلا أن قالا نريد ما أراد كأنهما يقولان الملك فرجعت إلى علي فأخبرته.و قد روى قاضي القضاةرحمه‌الله في كتاب المغني عن وهب بن جرير قال قال رجل من أهل البصرة لطلحة و الزبير إن لكما فضلا و صحبة فأخبراني عن مسيركما

٣١٧

هذا و قتالكما أ شي‏ء أمركما به رسول الله ص أم رأي رأيتماه فأما طلحة فسكت و جعل ينكت في الأرض و أما الزبير فقال ويحك حدثنا أن هاهنا دراهم كثيرة فجئنا لنأخذ منها.و جعل قاضي القضاة هذا الخبر حجة في أن طلحة تاب و أن الزبير لم يكن مصرا على الحرب و الاحتجاج بهذا الخبر على هذا المعنى ضعيف و إن صح هو و ما قبله إنه لدليل على حمق شديد و ضعف عظيم و نقص ظاهر و ليت شعري ما الذي أحوجهما إلى هذا القول و إذا كان هذا في أنفسهما فهلا كتماه.ثم نعود إلى خبرهما قال أبو مخنف فلما أقبل طلحة و الزبير من المربد يريدان عثمان بن حنيف فوجداه و أصحابه قد أخذوا بأفواه السكك فمضوا حتى انتهوا إلى موضع الدباغين فاستقبلهم أصحاب ابن حنيف فشجرهم طلحة و الزبير و أصحابهما بالرماح فحمل عليهم حكيم بن جبلة فلم يزل هو و أصحابه يقاتلونهم حتى أخرجوهم من جميع السكك و رماهم النساء من فوق البيوت بالحجارة فأخذوا إلى مقبرة بني مازن فوقفوا بها مليا حتى ثابت إليهم خيلهم ثم أخذوا على مسناة البصرة حتى انتهوا إلى الرابوقة ثم أتوا سبخة دار الرزق فنزلوها.قال و أتاهما عبد الله بن حكيم التميمي لما نزلا السبخة بكتب كانا كتباها إليه فقال لطلحة يا أبا محمد أ ما هذا كتبك إلينا قال بلى قال فكتبت أمس تدعونا إلى خلع عثمان و قتله حتى إذا قتلته أتيتنا ثائرا بدمه فلعمري ما هذا رأيك لا تريد إلا هذه الدنيا مهلا إذا كان هذا رأيك فلم قبلت من علي ما عرض عليك من البيعة

٣١٨

فبايعته طائعا راضيا ثم نكثت بيعتك ثم جئت لتدخلنا في فتنتك فقال إن عليا دعاني إلى بيعته بعد ما بايع الناس فعلمت لو لم أقبل ما عرضه علي لم يتم لي ثم يغرى بي من معه.قال ثم أصبحنا من غد فصفا للحرب و خرج عثمان بن حنيف إليهما في أصحابه فناشدهما الله و الإسلام و أذكرهما بيعتهما عليا ع فقالا نطلب بدم عثمان فقال لهما و ما أنتما و ذاك أين بنوه أين بنو عمه الذين هم أحق به منكم كلا و الله و لكنكما حسدتماه حيث اجتمع الناس عليه و كنتما ترجوان هذا الأمر و تعملان له و هل كان أحد أشد على عثمان قولا منكما فشتماه شتما قبيحا و ذكرا أمه فقال للزبير أما و الله لو لا صفية و مكانها من رسول الله فإنها أدنتك إلى الظل و أن الأمر بيني و بينك يا ابن الصعبة يعني طلحة أعظم من القول لأعلمتكما من أمركما ما يسوءكما اللهم إني قد أعذرت إلى هذين الرجلين.ثم حمل عليهم و اقتتل الناس قتالا شديدا ثم تحاجزوا و اصطلحوا على أن يكتب بينهم كتاب صلح فكتب.هذا ما اصطلح عليه عثمان بن حنيف الأنصاري و من معه من المؤمنين من شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب و طلحة و الزبير و من معهما من المؤمنين و المسلمين من شيعتهما أن لعثمان بن حنيف دار الإمارة و الرحبة و المسجد و بيت المال و المنبر و أن لطلحة و الزبير و من معهما أن ينزلوا حيث شاءوا من البصرة و لا يضار بعضهم بعضا في طريق و لا فرضة و لا سوق و لا شرعة و لا مرفق حتى يقدم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فإن أحبوا دخلوا فيما دخلت فيه الأمة و إن أحبوا لحق كل قوم بهواهم و ما أحبوا من

٣١٩

قتال أو سلم أو خروج أو إقامة و على الفريقين بما كتبوا عهد الله و ميثاقه و أشد ما أخذه على نبي من أنبيائه من عهد و ذمة.و ختم الكتاب و رجع عثمان بن حنيف حتى دخل دار الإمارة و قال لأصحابه ألحقوا رحمكم الله بأهلكم و ضعوا سلاحكم و داووا جرحاكم فمكثوا كذلك أياما.ثم إن طلحة و الزبير قالا إن قدم علي و نحن على هذه الحال من القلة و الضعف ليأخذن بأعناقنا فأجمعا على مراسلة القبائل و استمالة العرب فأرسلا إلى وجوه الناس و أهل الرئاسة و الشرف يدعوانهم إلى الطلب بدم عثمان و خلع علي و إخراج ابن حنيف من البصرة فبايعهم على ذلك الأزد و ضبة و قيس بن عيلان كلها إلا الرجل و الرجلين من القبيلة كرهوا أمرهم فتواروا عنهم و أرسلوا إلى هلال بن وكيع التميمي فلم يأتهم فجاءه طلحة و الزبير إلى داره فتوارى عنهما فقالت له أمه ما رأيت مثلك أتاك شيخا قريش فتواريت عنهما فلم تزل به حتى ظهر لهما و بايعهما و معه بنو عمرو بن تميم كلهم و بنو حنظلة إلا بني يربوع فإن عامتهم كانوا شيعة علي ع و بايعهم بنو دارم كلهم إلا نفرا من بني مجاشع ذوي دين و فضل.فلما استوسق لطلحة و الزبير أمرهما خرجا في ليلة مظلمة ذات ريح و مطر و معهما أصحابهما قد ألبسوهم الدروع و ظاهروا فوقها بالثياب فانتهوا إلى المسجد وقت الصلاة الفجر و قد سبقهم عثمان بن حنيف إليه و أقيمت الصلاة فتقدم عثمان ليصلي بهم فأخره أصحاب طلحة و الزبير و قدموا الزبير فجاءت السبابجة و هم الشرط حرس بيت المال فأخرجوا الزبير و قدموا عثمان فغلبهم أصحاب الزبير فقدموا الزبير و أخروا عثمان فلم يزالوا كذلك حتى كادت الشمس تطلع و صاح بهم أهل المسجد أ لا تتقون أصحاب محمد و قد طلعت الشمس فغلب الزبير فصلى بالناس فلما انصرف من

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643