القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام الجزء ١

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام0%

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام مؤلف:
الناشر: سليمان زاده
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 574

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: آية الله العلّامة السيّد أحمد المستنبط رحمة الله عليه
الناشر: سليمان زاده
تصنيف: الصفحات: 574
المشاهدات: 48768
تحميل: 5660

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 574 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 48768 / تحميل: 5660
الحجم الحجم الحجم
القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام الجزء 1

مؤلف:
الناشر: سليمان زاده
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


تحميل الكتاب القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام ، آية الله العلّامة السيّد أحمد المستنبط رحمة الله عليه ، شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام

الباب الرابع

قطرة من بحار مناقب رضيع الوحي والتنزيل

وفطيم العلم والشرف الجليل الحسن المجتبى

ابن عليّ بن أبي طالب صلوات اللَّه عليهما

١/٢٨٦- روى البرسي في مشارقه : عن حذيفة بن اليمان قال: رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم أخذ بيد الحسن بن عليّ عليه السلام وهو يقول: أيّها النّاس هذا ابن عليّ فاعرفوه، والّذي نفس محمّد بيده إنّه لفي الجنّة، ومحبّه(١) في الجنّة، ومحبّ محبّيه في الجنّة.(٢)

٢/٢٨٧- قال الطريحي في المجمع : روي من طريق الخاصّة والعامّة: أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بأبأ الحسن والحسين عليهما السلام وكذا عليّ عليه السلام.

يقال: بأبأت الصبّي أي قلت له: بأبي أنت واُمّي.(٣)

____________________

(١) في الأصل: و محبّوه في الجنّة، ومحبّوا محبّه في الجنّة.

(٢) مشارق الأنوار: ٥٣.

(٣) مجمع البحرين: ٤٤/١.

٢٨١

٣/٢٨٨- روى أبوجعفر محمّد بن جرير الطبري قال : حدّثنا سفيان، عن أبيه، عن الأعمش، عن القاسم بن إبراهيم الكلابيّ، عن زيد بن أرقم قال:

كنت بمكّة والحسن بن عليّ عليهما السلام بها، فسألناه أن يرينا معجزة لنتحدّث بها عندنا بالكوفة، فرأيته وقد تكلّم ورفع البيت حتّى علا به في الهواء، وأهل مكّة يومئذ غافلون منكرون(١) فمن قائل يقول: ساحر، ومن قائل يقول: اُعجوبة، فجاز(٢) خلق كثير تحت البيت والبيت في الهواء، ثمّ ردّه.(٣)

٤/٢٨٩- في كتاب فضائل أميرالمؤمنين عليه السلام : بأسانيده المفصّلة عن حميد بن عليّ البجليّ قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: لمّا سيق أهل الجنّة إلى الجنّة، قالت الجنّه: يا ربّ أليس قد وعدتني أن تزيّنني بركنين؟ فقال: أليس قد زيّنتك بالحسن والحسين عليهما السلام؟ فتميس(٤) كما تميس العروس.(٥)

٥/٢٩٠- عن أبوجعفر محمّد بن جرير الطبري قال : حدّثنا أبو محمّد قال: حدّثنا وكيع، عن الأعمش، عن مروان، عن جابر قال: رأيت الحسن بن عليّ عليهما السلام وقد علا في الهواء وغاب في السماء، فأقام بها ثلاثاً ثمّ نزل بعد ثلاث، وعليه السكينة والوقار. فقال: بروح آبائي نلتُ ما نلتُ(٦) . (٧)

فإن قيل : كيف يكون ذلك بأجسامهم؟ كيف يرتفع البيت كما في الحديث الثالث؟

أقول : قد سبق الجواب في الحديث السابع والعشرين من الباب الأوّل فراجع.

____________________

(١) معتمرون مكبّرون، خ.

(٢) في المصدر: فحار.

(٣) نوادر المعجزات: ١٠٤ ح ١٠، دلائل الإمامة: ١٦٩ ح ١٥، عنه مدينة المعاجز: ٢٣٨/٤ ح ٢١.

(٤) تميس: تتبختر.

(٥) البحار: ٢٧٦/٤٣ و٢٩٣ و٣٠٤ (نحوه).

(٦) هذه الجملة الأخيرة ليست في النوادر.

(٧) نوادر المعجزات: ١٠٠ ح٣، دلائل الامامة: ١٦٦ ح٧، عنه مدينة المعاجز: ٢٣٣/٤ ح ١٣.

٢٨٢

٦/٢٩١- في كتاب مدينة المعاجز للبحراني قدس سره : بإسناده إلى أبي جعفر عليه السلام قال: قلت للحسن بن عليّ عليهما السلام أرني معجزة خصوصيّة لك، اُحدّث بها عنك، فقال: يابن جرير لعلّك تريد؟ فحلفت له ثلاثاً، فرأيته غاب في الأرض من تحت مصلاّه، ثمّ رجع ومعه حوت عظيم. فقال: جئتك به من البحور السبع، قال: فأخذتها معى إلى مدينة السلام وأطعمت جماعة من أصحابنا.(١)

٧/٢٩٢- روى أبوجعفر محمّد بن جرير الطبري رحمة الله : عن سفيان، عن أبيه، عن الأعمش، عن أبي بريدة، عن محمّد بن حجارة قال: رأيت الحسن بن عليّ عليهما السلام وقد مرّت به صريمة(٢) من الظباء، فصاح بهنّ فأجابته كلّها بالتلبية حتّى ذهبت (٣) بين يديه.

فقلنا: يابن رسول اللَّه هذا وحش، فأرنا آية من أمر السماء، فأومأ نحو السماء ففتحت الأبواب ونزل نور حتّى أحاط بدور المدينة، وتزلزلت الدور حتّى كادت أن تخرب، فقلنا: يابن رسول اللَّه ردّها.

فقال لي: نحن الأوّلون و(٤) الآخرون، ونحن الآمرون، ونحن النور، ننوّر(٥) الروحانيّين، ننوّر بنور اللَّه ونروّح برَوحه، فينا مسكنه وإلينا معدنه، الآخر منّا كالأوّل، والأوّل منّا كالآخر.(٦)

٨/٢٩٣- عنه أيضاً قال : حدّثنا سفيان، عن أبيه، عن الأعمش، عن سُوَيد الأزرق، عن سعد بن منقذ قال: رأيت الحسن بن عليّ عليهما السلام بمكّة وهو يتكلّم بكلام وقد رفع البيت - أو قال حوّل - فتعجّبنا منه، فكنّا نحدّث ولانصدّق حتّى رأيناه في المسجد الأعظم بالكوفة فحدّثناه، فقلنا: يابن رسول اللَّه ألست فعلت كذا وكذا؟!

____________________

(١) مدينة المعاجز: ٢٣٧/٤ ح ٢٠.

(٢) الصَّريمة: القطيعة.

(٣) في الدلائل: أتت.

(٤) في النوادر: ونحن.

(٥) في النوادر: بنور.

(٦) نوادر المعجزات: ١٠٣ ح ٨، دلائل الإمامة: ١٦٨ ح ١٣، عنه مدينة المعاجز: ٢٣٦/٤ ح ١٩.

٢٨٣

فقال: لو شئت لحوّلت مسجدكم إلي [فم بقّة](١) وهو ملتقى النهرين: نهر الفرات ونهر الأعلى، فقلنا: إفعل ففعل ذلك ثمّ ردّه فكنّا نصدّق بعد ذلك بالكوفة بمعجزاته.(٢)

٩/٢٩٤- في جامع الترمذي، وفضائل أحمد، وشرف المصطفى، وفضائل السمعاني، وأمالي ابن شريح، وإبانة ابن بطّة : إنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أخذ بيد الحسن والحسين عليهما السلام فقال: من أحبّني وأحبّ هذين وأباهما واُمّهما كان معي في درجتي في الجنّة يوم القيامة.(٣)

وقد نظّمه أبوالحسين في نظم الأخبار فقال:

أخذ النبيّ يد الحسين وصِنوه

يوماً وقال وصحبُه في مجمع

من ودّني يا قوم أو هذين أو

أبويهما فالخلد مسكنه معي(٤)

١٠/٢٩٥- روي : أنّه عليه السلام كان يحضر مجلس رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم - وهو ابن سبع سنين - فيسمع الوحي فيحفظه، ثمّ يأتي اُمّه فيلقي إليها ما حفظه، وكلّما دخل عليّ عليه السلام وجد عندها علماً بالتنزيل، فيسألها عن ذلك فتقول: من ولدك الحسن فتخفّى عليه السلام يوماً في الدار، حتّى دخل الحسن عليه السلام وقد سمع الوحي فأراد أن يلقيه إليها فارتجّ(٥) فعجبت اُمّه من ذلك فقال: لاتعجبين يا اُمّاه، فإنّ كبيراً يسمعني

____________________

(١) في مدينة المعاجز: «قم بقمه» وما أثبتناه في المتن من الدلائل، وبقّه: مدينة على شاطئ الفرات.

(٢) نوادر المعجزات: ١٠٤ ح ١١، دلائل الامامة: ١٦٩ ح ١٦، عنه مدينة المعاجز: ٢٣٨/٤ ح ٢٢.

(٣) جامع الترمذي: ٦٤١/٥ ح ٣٧٣٣، مسند أحمد: ٧٧/١، شرف المصطفى للخرگوشي: ٢٦٧ الباب ٢٧ (الطبعه الفارسيّة)، العمدة لابن بطريق: ٣٩٥، ميزان الإعتدال: ١١٧/٣، تهذيب الكمال: ٢٧٠/٢، تهذيب التهذيب: ٢٩٧/٢، الإحقاق: ١٧٥/٩.

(٤) مناقب ابن شهراشوب: ٣٨٢/٣، عنه سفينة البحار: ٦١١/١.

(٥) ارتجّ الكلام: اختلط والتبس. وفي البحار: فاُرتج عليه. قال الجوهري: اُرتج على القارئ - على ما لم يسمّ فاعله - إذا لم يقدر على القراءة.

٢٨٤

واستماعه قد أوقفني، فخرج عليّ عليه السلام فقبّله.

وفى رواية اُخرى قال: يا اُمّاه قلّ بياني وكلّ لساني، لعلّ سيّداً يرعاني.(١)

١١/٢٩٦- في معاني الأخبار للصدوق قدس سره : عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام قال: أهدى جبرئيل إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم اسم الحسن بن عليّ عليهما السلام في(٢) خرقة حرير من ثياب الجنّة، واشتقّ اسم الحسين من اسم الحسن. (٣)

ويظهر من خبر عروة البارقي عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: إنّ الحسن والحسين إسمان لشجرتين في رياض الجنّة، أكل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم منها ليلة المعراج.

وحكى اللَّه تعالى حجب هذين الإسمين عن الخلق حتّى يسمّى بها ابنا فاطمة عليها السلام.(٤)

١٢/٢٩٧- في المناقب قال ابن شهراشوب : وكان الحسن عليه السلام إذا توضّأ ارتعدت مفاصله واصفرّ لونه. فقيل له في ذلك، فقال عليه السلام: حقّ على كلّ من وقف بين يدي ربّ العرش أن يصفرّ لونه وترتعد مفاصله.

وكان عليه السلام إذا بلغ باب المسجد يرفع رأسه ويقول: «إلهى ضيفك ببابك يا محسن قد أتاك المسيء فتجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك يا كريم».(٥)

١٣/٢٩٨- في أمالي الشيخ الصدوق : كان الحسن عليه السلام إذا حجّ، حجّ ماشياً وربما مشى حافياً، وكان إذا ذكر الموت بكى، وإذا ذكر القبر بكى، وإذا ذكر البعث والنشور بكى، وإذا ذكر الممرّ على الصراط بكى، وإذا ذكر العرض على اللَّه تعالى

____________________

(١) مناقب ابن شهراشوب: ٨/٤، عنه البحار: ٣٣٨/٤٣ ذ ح ١١، معالي السبطين: ٩.

(٢) في البحار: وخرقة.

(٣) معاني الأخبار: ٥٥ ح٨، علل الشرائع: ١٣٩/١ ح٩، عنهما البحار: ٢٤١/٤٣ ح ١١.

(٤) البحار: ٣١٤/٤٣ ضمن ح ٧٣، تهذيب الأسماء: ١٥٨/١، عنه الإحقاق: ٤٨٨/١٠ وأورده الطريحي في المنتخب: ٣٥١. والظاهر أنّ المؤلّف أخرجه من سفينة البحار: ٦٠١/١ حسن.

(٥) مناقب ابن شهراشوب: ١٤/٤، عنه المستدرك: ٣٥٤/١ ح٤، والبحار: ٣٣٩/٤٣ ح ١٣.

٢٨٥

ذكره شهق شهقة يغشى عليه منها.

وكان عليه السلام إذا قام في صلاته، ترتعد فرائصه بين يدي ربّه عزّوجلّ، وكان إذا ذكر الجنّة والنار اضطرب اضطراب السليم ويسأل اللَّه الجنّة ويعوذ به من النار.(١)

وروي أنّه عليه السلام قاسم ماله مرّتين. وفي اُخرى ثلاث مرّات. وحجّ خمساً وعشرين حجّة ماشياً.(٢)

١٤/٢٩٩- روى أبوجعفر محمّد بن جرير الطبري : بأسانيده المفصّلة عن إبراهيم بن سعد يقول: سمعت محمّد بن إسحاق يقول: كان الحسن والحسين عليهما السلام طفلين يلعبان، فرأيت الحسن عليه السلام وقد صاح بنخلة فأجابته بالتلبية وسعت إليه كما يسعى الولد إلى والده.(٣)

١٥/٣٠٠- عنه قدس سره : بإسناده عن قبيصة بن إياس قال: كنت مع الحسن بن عليّ عليهما السلام وهو صائم ونحن نسير معه إلى الشام، وليس معه زاد ولا ماء ولا شيء إلّا ما هو عليه راكب. فلمّا أن غاب الشفق وصلّى العشاء فتحت أبواب السماء وعلّقت فيها القناديل ونزلت الملائكة ومعهم الموائد والفواكه، وطسوت وأباريق فنصبت الموائد(٤) ونحن سبعون رجلاً، فأكلنا من كلّ حارّ وبارد حتّى امتلأنا وامتلأ، ثمّ رفعت على هيئتها لم تنقص. (٥)

١٦/٣٠١- الطبري قدس سره : بأسانيده المفصّلة عن أبي جعفر الثاني عليه السلام أنّه قال: أقبل أميرالمؤمنين عليه السلام ومعه ابنه أبومحمّد الحسن عليه السلام وسلمان رضي الله عنه فدخل المسجد

____________________

(١) أمالي الصدوق: ٢٢٤ ح ١٠ المجلس الثالث والثلاثون، عنه البحار: ٣٣١/٤٣ ح١، وحلية الأبرار: ٥٣/٣ ح١، ورواه في معالي السبطين: ١٢.

(٢) البحار: ٣٣٩/٤٣ ضمن ح ١٣، عن المناقب المذكور.

(٣) نوادر المعجزات: ١٠٠ ح١، دلائل الإمامة: ١٦٤ ح٤، عنه مدينة المعاجز: ٢٣١/٤ ح ١٠.

(٤) في النوادر: والموائد تنصب.

(٥) نوادر المعجزات: ١٠٢ ح٦، دلائل الإمامة: ١٦٧ ح ١٠، عنه مدينة المعاجز: ٢٣٥/٤ ح ١٦.

٢٨٦

وجلس فاجتمع الناس حوله، إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس، فسلّم على أميرالمؤمنين عليه السلام وجلس. ثمّ قال: يا أميرالمؤمنين عليه السلام أسألك عن ثلاث مسائل إن أجبتني عنهنّ علمت أنّ القوم(١) قد ركبوا منك ما خطر(٢) عليهم وارتكبوا إثماً يوبقهم في دنياهم وآخرتهم، وإن تكن الاُخرى علمتُ أنّك وهُم شَرَع [سواء].(٣)

فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: سلني عمّا بدا لك. قال: أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه؟ وعن الرجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الرجل كيف يشبه ولده الأعمام والأخوال؟ فالتفت أميرالمؤمنين عليه السلام إلى ولده الحسن عليه السلام وقال: أجبه يا أبا محمّد.

فقال الحسن عليه السلام: أمّا ما سألت من أمر الرجل أين تذهب روحه إذا نام، فإنّ روحه معلّقة بالريح، والريح معلّقة بالهواء إلى وقت ما يتحرّك صاحبها لليقظة، فإن أذن اللَّه بردّ الروح إلى صاحبها جذبت تلك الروح الريح إلى صاحبها، وجذبت تلك الريح الهواء، فرجعت الروح واُسكنت في بدن صاحبها، وإن لم يأذن اللَّه تعالى بردّ تلك الروح على صاحبها، جذب الهواء الريح، فجذبت الريح الروح، فلم تردّ لصاحبها إلى وقت ما يبعث.

وأمّا ما سألت من أمر الذكر والنسيان: فإنّ قلب الرجل في حُقّ وعلى الحقّ طبق، فإن صلّى الرجل عند ذلك على محمّد وآل محمّد صلوة تامّة إنكشف ذلك الطبق عن ذلك الحقّ، فينفتح(٤) القلب وذكر الرجل ما كان نسي، وإن لم يصلّ على محمّد وآل محمّد، أو نقص من الصلاة عليهم انطبق ذلك الطبق [على ذلك

____________________

(١) المراد من القوم المخالفون لأميرالمؤمنين عليه السلام، وفي كمال الدين: علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما أقضي عليهم أنّهم ليسوا بمأمونين في دنياهم ولا في آخرتهم.

(٢) في الدلائل: حظر.

(٣) أضفناه من كمال الدين. أي إنّك وهؤلاء متساوون، لا فضل لأحدكم على الآخر.

(٤) في المصدر: فانفتح، وفي كمال الدين: فأضاء.

٢٨٧

الحقّ](١) فأظلم القلب ونسي الرجل ما كان ذكره.

وأمّا ما ذكرت من أمر المولود يشبه أعمامه وأخواله، فإنّ الرجل إذا أتى أهله يجامعها بقلب ساكن وعروق هادئة وبدن غير مضطرب، اُسكنت تلك النطفة في جوف الرحِم وخرج الولد يشبه أباه وأمّه، وإن هو أتاها بقلب غير ساكن وعروق غير هادئة وبدن مضطرب اضطربت النطفة ووقعت في اضطرابها على بعض العروق فإن وقعت على عرق من عروق الأعمام أشبه الولد أعمامه، وإن وقعت على عرق من عروق الأخوال أشبه الولد أخواله.

فقال الرجل: أشهد أن لا إله إلّا اللَّه، ولم أزل أشهد بها، وأشهد أنّ محمّداً صلى الله عليه وآله وسلم رسوله، ولم أزل أشهد بها، وأشهد أنّك وصيّ رسوله، القائم بحجّته (وأشار إلى أميرالمؤمنين عليه السلام) ولم أزل أشهد بها وأشهد أنّك وصيّه، القائم بحجّته (وأشار إلى الحسن عليه السلام) وأشهد أنّ الحسين بن على ابنك، القائم بحجّته بعد أخيه، وأشهد أنّ عليّ بن الحسين القائم بأمر الحسين، وأنّ محمّد بن عليّ القائم بأمر عليّ بن الحسين، وأشهد أنّ جعفر بن محمّد القائم بأمر محمّد بن عليّ، وأشهد أنّ موسى بن جعفر القائم بأمر جعفر بن محمّد، وأشهد أنّ عليّ بن موسى القائم بأمر موسى بن جعفر، وأشهد أن محمّد بن علي القائم بأمر عليّ بن موسى، وأشهد أن عليّ بن محمّد القائم بأمر محمّد بن عليّ، وأشهد أنّ الحسن بن عليّ القائم بأمر عليّ بن محمّد، وأشهد أنّ رجلاً من ولد الحسن بن عليّ لايسمّى ولايكنّى حتّى يظهر أمره فيملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً، والسلام عليك يا أميرالمؤمنين ورحمة اللَّه وبركاته، وقام فمضى.

فقال: أميرالمؤمنين عليه السلام: اتبعه فانظر أين يقصد؟ قال: فخرج الحسن عليه السلام في أثره. قال: فما كان إلّا أن وضع رجله خارج المسجد، فما أدري أين أخذ من

____________________

(١) من كمال الدين.

٢٨٨

الأرض، فرجعت إلى أميرالمؤمنين عليه السلام فأعلمته، فقال: يا أبا محمّد أتعرفه؟ قلت: اللَّه ورسوله وأميرالمؤمنين أعلم. قال عليه السلام: هو الخضر عليه السلام.(١)

١٧/٣٠٢- في المناقب : في تفسير قوله تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ ) (٢) عن الصادق عليه السلام قال: الكفلين: الحسن والحسين عليهما السلام والنور عليّ عليه السلام.(٣)

١٨/٣٠٣- في المناقب : عن موسى بن جعفر عليهما السلام في قوله تعالى:( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ ) (٤) قال: التين والزيتون، الحسن والحسين عليهما السلام وطور سينين عليّ عليه السلام والبلد الأمين محمّد صلى الله عليه وآله وسلم. (٥)

١٩/٣٠٤- في البحار : عن بعض كتب المناقب القديمة بأسانيده عن ابن عبّاس قال: كنت جالساً بين يدي النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم وبين يديه عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام إذ هبط جبرائيل ومعه تفّاحة فحيّا بها النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فتحيّا بها النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وحيّا بها عليّ بن أبي طالب عليه السلام فتحيّا بها عليّ عليه السلام وقبّلها وردّها إلى

____________________

(١) دلائل الإمامة: ١٧٤ ح ٢٦، المحاسن: ٢٧٤ ح ١٩٩، كمال الدين: ٣١٣، عيون الأخبار: ٦٥/١ ح ٣٥، عنهما البحار: ٤١٤/٣٦ ح١، وحلية الأبرار: ٣٣/٣ ح ١، وأورده الديلمي رحمة الله في إرشاد القلوب: ٢٩١/٢.

أقول: نقلناه هذه الرواية من المصدر وكان المؤلّف رحمة الله قد ذكرها اختصاراً.

(٢) الحديد: ٢٨.

(٣) مناقب ابن شهراشوب: ٣٨٠/٣، ورواه في تفسير فرات: ٤٦٨ ح٢ عن ابن عبّاس (مثله)، عنه البحار: ٣١٧/٢٣ ح ٢٦، و٣٠٧/٤٣ ح ٧٠، وأخرجه في تأويل الآيات: ٦٦٩/٢ ح ٢٨ عن جابر بن عبداللَّه عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم (مثله)، عنه البحار: ٣١٩/٢٣ ح ٣٢، والبرهان: ٣٠٠/٤ ح٦.

(٤) التين: ٢و ١.

(٥) مناقب ابن شهراشوب: ٣٩٤/٣ س١، عنه البحار: ٢٩١/٤٣ ح ٥٤، وأخرجه في تأويل الآيات: ٨١٤/٢ ح٤ عن أبي الحسن الرضا عليه السلام (نحوه)، عنه البحار: ١٠٥/٢٤ ح ١٥، والبرهان: ٤٧٧/٤ ح٤.

٢٨٩

رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فتحيّا بها رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم وحيّا بها الحسن عليه السلام فتحيّا بها الحسن عليه السلام وقبّلها وردّها إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فتحيّا بها رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم وحيّا بها الحسين عليه السلام فتحيّا بها الحسين عليه السلام وقبّلها وردّها إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فتحيّا بها وحيّا بها فاطمة عليها السلام فتحيّت بها وقبّلتها وردّتها إلى النبى صلى الله عليه وآله وسلم فتحيّا بها الرابعة وحيّا بها عليّ بن أبي طالب عليه السلام فتحيّا بها عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

فلمّا همّ أن يردّها إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم سقطت التفّاحة من بين أنامله فانفلقت بنصفين فسطع منها نور حتّى بلغ إلى السماء الدنيا، فإذا عليها سطران مكتوبان: «بسم اللَّه الرحمن الرحيم تحيّة من اللَّه إلى محمّد المصطفى وعليّ المرتضى وفاطمة الزهراء والحسن والحسين سبطي رسول اللَّه، وأمان لمحبّيهما يوم القيامة من النار».(١)

٢٠/٣٠٥- في البحار : روي في المراسيل أنّ الحسن والحسين عليهما السلام كانا يكتبان فقال الحسن للحسين عليهما السلام: خطّي أحسن من خطّك وقال الحسين عليه السلام: لا، بل خطّي أحسن من خطّك. فقالا لفاطمة عليها السلام: اُحكمي بيننا، فكرهت فاطمة عليها السلام أن تؤذي أحدهما فقالت عليها السلام لهما: سلا أباكما، فسألاه فكره أن يؤذي أحدهما فقال عليه السلام: سلا جدّكما رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم.

فقال صلى الله عليه وآله وسلم: لا أحكم بينكما حتّى أسأل جبرئيل. فلمّا جاء جبرئيل قال: لا أحكم بينهما ولكن إسرافيل يحكم بينهما. فقال إسرافيل: لا أحكم بينهما ولكن أسأل اللَّه أن يحكم بينهما فسأل اللَّه تعالى ذلك. فقال: لا أحكم بينهما ولكن اُمّهما فاطمة عليها السلام تحكم بينهما.

فقالت فاطمة عليها السلام: أحكم بينهما يا ربّ وكانت لها قلادة فقالت لها: أنا أنثر

____________________

(١) البحار: ٣٠٧/٤٣ ح ٧٢، أورده ابن شاذان رحمة الله في مائة منقبة: ٢٦ المنقبة الثامنة، عنه غاية المرام: ٦٥٩.

٢٩٠

بينكما جواهر هذه القلادة، فمن أخذ منها أكثر فخطّه أحسن، فنثرتها، وكان جبرئيل حينئذ عند قائمة العرش فأمره اللَّه تعالى أن يهبط الى الأرض وينصّف الجواهر بينهما كيلا يتأذّى أحدهما، ففعل ذلك جبرئيل إكراماً لهما وتعظيماً.(١)

____________________

(١) البحار: ٣٠٩/٤٣ س٥، وأورده السيّد الجزائري في الأنوار: ١٩/١ باختلاف يسير.

٢٩١

الباب الخامس

قطرة من بحار مناقب رضيع الوحي

وفطيم العلم والشرف الجليل الحسين الشهيد

سيّدالشهداء صلوات اللَّه عليه

١/٣٠٦- في الخرائج : بإسناده عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال: أتى الحسين عليه السلام رجل فقال: حدّثني بفضلكم الّذي جعل اللَّه لكم.

قال عليه السلام: إنّك لاتطيق حمله، قال: بلى حدّثني يابن رسول اللَّه إنّي أحتمله فحدّثه بحديث، فما فرغ الحسين عليه السلام من حديثه حتّى ابيضّ رأس الرجل ولحيته ونسي الحديث. فقال الحسين عليه السلام: أدركته رحمة اللَّه حيث نسي الحديث.(١)

٢/٣٠٧- روي : أنّ ثلاثة رجال جاؤا إليه صلوات اللَّه عليه وسألوه ذلك فلمّا حدّث أحداً منهم قام طائر العقل ومرّ على وجهه وذهب، وكلّمه صاحباه فلم يردّ عليهما شيئاً(٢) وانصرفوا. (٣)

____________________

(١) الخرائج: ٧٩٥/٢ ح٥، عنه مختصر البصائر: ١٠٨، وإثبات الهداة: ١٩٥/٥ ح ٣٠.

(٢) جواباً، خ.

(٣) الخرائج: ٧٩٥/٢ ح٤ مسنداً ومفصّلاً، عنه مختصر البصائر: ١٠٧.

٢٩٢

٣/٣٠٨- عن كتاب السيّد الجليل الأمير محمّد حسين بن الأمير محمّد صالح سبط المجلسي قدس سره ما هذا لفظه:

فائدة : من وقائع نيّف وتسعين أنّه وجدت حصاة في سبيل واد من بلدة تُستر منقوش عليها هذه الكلمات بخطّ أحمر، فأرسلها حاكم البلدة إلى حضرة السلطان سليمان، وأرسلها السلطان إلى جدّي العلاّمة - يعني المجلسي - وقد رآها أكثر الحذّاق من الحكّاكين والصناعة وأصحاب الصناعات وأهل الفطانة، وبالجملة شاهدها أكثر الناس وتأمّلوا في نقشها فلم يجدوها إلّا مجبولة على تلك الحال بحيث لم يكن لتصنّع الصانعين فيها مجال.

والكلمات المكتوبة عليها هذه: «بسم اللَّه الرحمن الرحيم لا إله إلّا اللَّه محمّد رسول اللَّه عليّ وليّ اللَّه، قتل الإمام الشهيد المظلوم الحسين بن الإمام عليّ بن أبي طالب عليهما السلام وكتب بدمه بإذن اللَّه وحوله على كلّ أرض وحصاة( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ) (١) .

قال: ثمّ أمر السلطان بنصبها على الفضّة وتزيينها ببعض الزينة ليعلّقها على عضده.

ويواطىء هذا الخبر ما نقل شيخنا البهائي: أنّه وجد في أرض كربلا درّ أحمر مكتوب عليه هاتين البيتين:

أنا درّ من السماء نثروني

يوم تزويج والد السبطين

كنت أصفى من اللجين بياضاً

صبغتني دماء نحر الحسين عليه السلام(٢)

٤/٣٠٩- روى ابن بابويه قدس سره : بإسناده عن عبداللَّه بن الفضل الهاشمي قال: كنت

____________________

(١) الشعراء: ٢٢٧.

(٢) كشكول البهائي كما في «رياض المدح والرثاء» للشيخ سليمان البلادي البحراني: ص ٢٢١ عنه «فاطمة الزهراء عليها السلام بهجة قلب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم»: ٤٦٨.

٢٩٣

عند أبي عبداللَّه الصادق عليه السلام فدخل عليه رجل من أهل طوس فقال له: يابن رسول اللَّه ما لمن زار قبر أبي عبداللَّه الحسين بن عليّ عليهما السلام؟

فقال له: يا طوسي، من زار قبر أبي عبداللَّه الحسين بن عليّ عليهما السلام وهو يعلم أنّه إمام [من اللَّه](١) مفترض الطاعة على العباد غفر اللَّه له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر وقبل شفاعته في سبعين مذنباً، ولم يسأل اللَّه عزّوجلّ عند قبره حاجة إلّا قضاها له، الحديث.(٢)

أقول : معنى غفران الذنوب المتأخّرة توفيقه إلى التوبة وحسن العاقبة كيلا يلزم الترخيص في المعصية القبيح عقلاً.

٥/٣١٠- في كتاب الفضائل للشيخ الفقيه أبوالفضل شاذان بن جبرئيل القمي رحمة الله قيل: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم كان جالساً ذات يوم وعنده الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام إذ دخل الحسين بن على عليهما السلام فأخذه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأجلسه في حجره وقبّل بين عينيه وقبّل شفتيه، وكان للحسين عليه السلام ستّ سنين.

فقال عليّ عليه السلام: يا رسول اللَّه أتحبّ ولدي الحسين عليه السلام؟ قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: وكيف لا اُحبّه وهو عضو من أعضائي، فقال عليّ عليه السلام: أيّما أحبّ إليك أنا أم حسين؟ فقال الحسين عليه السلام: يا أبة من كان أعلى شرفاً كان أحبّ إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأقرب إليه منزلة.

فقال علي عليه السلام لولده: أتفاخرني يا حسين؟ قال: نعم يا أبتاه إن شئت.

فقال له الإمام عليّ عليه السلام: يا حسين، أنا أميرالمؤمنين، أنا لسان الصادقين، أنا وزير المصطفى، أنا خازن علم اللَّه ومختاره من خلقه، أنا قائد السابقين إلى الجنّة، أنا قاضي الدين عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم، أنا الّذي عمّه سيّد [الشهداء](٣) في الجنّة، أنا الّذي أخوه جعفر الطيّار في الجنّة عند الملائكة، أنا قاضي الرسول، أنا آخذ له

____________________

(١) ليس في البحار.

(٢) أمالي الصدوق: ٦٨٤ ح ١١ المجلس السادس والثمانون، عنه البحار: ٢٣/١٠١ ح ١٥.

(٣) ليس في المصدر.

٢٩٤

باليمين، أنا حامل سورة التنزيل إلى أهل مكّة بأمر اللَّه تعالى، أنا الّذي اختارني اللَّه تعالى من خلقه.

أنا حبل اللَّه المتين الّذي أمر اللَّه تعالى خلقه أن يعصموا به في قوله تعالى:( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جَمِيعًا ) (١) أنا نجم اللَّه الزاهر، أنا الّذي تزوره ملائكة السماوات، أنا لسان اللَّه الناطق، أنا حجّة اللَّه تعالى على خلقه، أنا يد اللَّه القويّ، أنا وجه اللَّه تعالى في السماوات، أنا جنب اللَّه الظاهر.

أنا الّذي قال سبحانه فيّ وفي حقّي:( بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) (٢) أنا عروة اللَّه الوثقى الّتي لا انفصام لها واللَّه سميع عليم، أنا باب اللَّه الّذي يؤتى منه، أنا علم اللَّه على الصراط، أنا بيت اللَّه [الّذي](٣) من دخله كان آمناً، فمن تمسّك بولايتي ومحبّتي آمن من النار، أنا قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، أنا قاتل الكافرين، أنا أبواليتامى، أنا كهف الأرامل.

أنا عمّ يتساءلون عن ولايتي يوم القيامة، وقوله تعالى:( لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ) (٤) أنا نعمة اللَّه تعالى الّتي أنعم اللَّه بها على خلقه، أنا الّذي قال اللَّه تعالى فيّ وفي حقّي:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) (٥) فمن أحبّني كان مسلماً مؤمناً كامل الدين.

أنا الّذي بي اهتديتم، أنا الّذي قال اللَّه تبارك وتعالى فيّ وفي عدوّي:( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ ) (٦) أي عن ولايتي يوم القيامة، أنا النبأ العظيم، [أنا] الّذي أكمل اللَّه تعالى به الدين يوم غدير خم وخيبر، أنا الّذي قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فيّ: «من كنت مولاه فعليّ مولاه» أنا صلاة المؤمن، أنا حيّ على الصلاة، أنا حيّ على الفلاح، أنا حيّ على خير العمل.

____________________

(١) آل عمران: ١٠٣.

(٢) الأنبياء: ٢٦ و ٢٧.

(٣) ليس في المصدر.

(٤) التكاثر: ٨.

(٥) المائدة: ٣.

(٦) الصافّات: ٢٤.

٢٩٥

أنا الّذي نزل على أعدائي:( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ ) (١) بمعنى من أنكر ولايتي وهو النعمان بن الحارث اليهودي لعنة اللَّه تعالى، أنا داعي الأنام إلى الحوض، فهل داعي المؤمنين إلى الحوض غيري؟ أنا أبوالأئمّة الطاهرين من ولدي، أنا ميزان القسط ليوم القيامة، أنا يعسوب الدين، أنا قائد المؤمنين إلى الخيرات والغفران إلى ربّي.

أنا الّذي أصحابي(٢) يوم القيامة من أوليائي المبرّؤون من أعدائي، وعند الموت لايخافون ولايحزنون، وفي قبورهم لايعذّبون، وهم الشهداء والصدّيقون، وعند ربّهم يفرحون، أنا الّذي شيعتي متوثّقون أن لايوادّوا من حادّ اللَّه ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم، أنا الّذي شيعتي يدخلون الجنّة بغير حساب، أنا الّذي عندى ديوان الشيعة بأسمائهم.

أنا عون المؤمنين وشفيع لهم عند ربّ العالمين، أنا الضارب بالسيفين، أنا الطاعن بالرمحين، أنا قاتل الكافرين يوم بدر وحنين، أنا مردي(٣) الكماة (٤) يوم اُحد، أنا ضارب ابن عبدود لعنة اللَّه تعالى يوم الأحزاب، أنا قاتل عمرو ومرحب، أنا قاتل فرسان خيبر.

أنا الّذي قال فيّ الأمين جبرائيل: «لاسيف إلّا ذوالفقار ولا فتى إلّا عليّ» أنا صاحب فتح مكّة، أنا كاسر اللاّت والعزّى، أنا الهادم هبل الأعلى ومنوة الثالثة الاُخرى، أنا الّذي علوت على كتف النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وكسرت الأصنام، أنا الّذي كسرت يغوث ويعوق ونسراً، أنا الّذي قاتلت الكافرين في سبيل اللَّه، أنا الّذي تصدّق بالخاتم، أنا الّذي نمت على فراش النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ووقيته بنفسي من المشركين، أنا

____________________

(١) المعارج: ١ و ٢.

(٢) في المصدر: أصحاب.

(٣) أردى فلاناً: أهلكه، وأسقطه.

(٤) الكماة: جمع كام، المستور بالدرع والبيضة.

٢٩٦

الّذي يخاف الجنّ من بأسي، أنا الّذي به يعبد اللَّه، أنا ترجمان اللَّه، أنا [خازن](١) علم اللَّه أنا قاتل أهل الجمل وصفّين بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم، أنا قسيم الجنّة والنار.

فعندها سكت عليّ عليه السلام فقال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم للحسين: أسمعت يا أبا عبداللَّه ما قاله أبوك؟ وهو عشر عشير معشار ما قاله من فضائله، ومن ألف ألف فضيلة، وهو فوق ذلك أعلى.

فقال الحسين عليه السلام: الحمدللَّه الّذي فضّلنا على كثير من عباده المؤمنين وعلى جميع المخلوقين، وخصّ جدّنا بالتنزيل والتأويل والصدق، ومناجاة الأمين جبرائيل، وجعلنا خيار من اصطفاه الجليل ورفعنا على الخلق أجمعين. ثمّ قال الحسين عليه السلام: أمّا ما ذكرت يا أميرالمؤمنين فأنت فيه صادق أمين.

فقال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: اُذكر أنت يا ولدي فضائلك، فقال الحسين عليه السلام: يا أبت أنا الحسين بن عليّ بن أبي طالب، واُمّي فاطمة الزهراء، سيّدة نساء العالمين، وجدّي محمّد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم سيّد بني آدم أجمعين لا ريب فيه، يا عليّ اُمّي أفضل من اُمّك عند اللَّه وعند الناس أجمعين، وجدّي خير من جدّك وأفضل عند اللَّه وعند الناس أجمعين، وأنا في المهد ناغاني جبرئيل وتلقاني إسرافيل، يا عليّ أنت عند اللَّه أفضل منّي وأنا أفخر منك بالآباء والاُمّهات والأجداد.

قال: ثمّ إنّ الحسين عليه السلام إعتنق أباه وجعل يقبّله، وأقبل عليّ عليه السلام يقبّل ولده الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهما السلام وهو يقول: زادك اللَّه شرفاً وفخراً وعلماً وحلماً ولعن اللَّه تعالى ظالميك يا أباعبداللَّه، ثمّ رجع الحسين إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.(٢)

٦/٣١١- في كامل الزيارة لابن قولويه قدس سره : عن الصادق عليه السلام قال: كأنّي بسرير من نور قد وضع وقد ضربت عليه قبّة من ياقوته حمراء، مكلّلة بالجواهر، وكأنّي

____________________

(١) في المصدر: أنا علم اللَّه، أنا عيبة علم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم.

(٢) الفضائل لابن شاذان: ٨٣، عنه حلية الأبرار: ١٢٣/٢ ح٦، معالي السبطين: ٥٨.

٢٩٧

بالحسين بن عليّ عليهما السلام جالساً على ذلك السرير، وحوله تسعون ألف قبّة خضراء وكأنّي بالمؤمنين يزورونه ويسلّمون عليه، فيقول اللَّه عزّوجلّ لهم: أوليائي سلوني فطالما اُوذيتم وذللتم واضطهدتم، فهذا يوم لاتسألوني حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلّا قضيتها لكم، فيكون أكلهم وشربهم من الجنّة، فهذه واللَّه الكرامة.(١)

أقول : يحتمل أن يكون ذاك في البرزخ وسؤالهم حوائج الدنيا ليس لهم بل لأقربائهم وجيرانهم وللمؤمنين من الأحياء.

٧/٣١٢- روى بعض مؤلّفي أصحابنا : عن هشام بن عروة، عن اُمّ سلمة قالت: رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم يلبس ولده الحسين عليه السلام حلّة ليست من ثياب الدنيا. فقلت له: يا رسول اللَّه ما هذه الحلّة؟

فقال: هذه هديّة أهداها إليّ ربّي للحسين عليه السلام وإنّ لحمتها(٢) من زغب(٣) جناح جبرائيل، وها أنا اُلبسه إيّاها واُزيّنه بها، فإنّ اليوم يوم الزينة وإنّي اُحبّه.(٤)

٨/٣١٣- النبويّ المشهور : إنّ للحسين عليه السلام في بواطن المؤمنين معرفة مكتومة.(٥)

٩/٣١٤- في كتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام : عن الحسين بن عليّ عليهما السلام قال: دخلت على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم وعنده اُبيّ بن كعب، فقال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: مرحباً بك يا أبا عبداللَّه، يا زين السماوات والأرضين، فقال له اُبيّ: وكيف يكون يا رسول اللَّه

____________________

(١) كامل الزيارة: ٢٥٨ ح٣ باب ٥٠، عنه البحار: ١١٦/٥٣ ح ١٤٠، و٦٥/١٠١ ضمن ح ٥٣ والمستدرك: ٢٤٦/١٠.

(٢) الّلحْمَةُ: خيوط نسج العرضيّة يلحم بها السَّدي، والسَّدي من الثوب: خلاف اللحمة، وهو ما يمدُّ طولاً في النسيج.

(٣) الزَّغَب: صغار الريش والشعر وليّنه.

(٤) البحار: ٢٧١/٤٣ ح ٣٨.

(٥) الخرائج: ٨٤٢/٢ ضمن ح ٦٠، عنه البحار: ٢٧١/٤٣ ضمن ح ٣٩،ورواه في معالي السبطين: ٤١.

٢٩٨

زين السماوات والأرض أحد غيرك؟ فقال: يا اُبيّ، والّذي بعثني بالحقّ نبيّاً إنّ الحسين بن عليّ عليهما السلام في السماء أكبر منه في الأرض، وإنّه لمكتوبٌ عن يمين عرش اللَّه: «حسين مصباح هدى و سفينة نجاة ».(١)

١٠/٣١٥- في علل الشرايع للصدوق قدس سره، وكذا في الكافي : عن الصادق عليه السلام: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم يأتي الحسين عليه السلام في كلّ يوم فيضع لسانه في فمه، فيمصّه حتّى يروى فأنبت اللَّه عزّوجلّ لحمه من لحم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم ولم يرضع من فاطمة عليها السلام ولا من غيرها لبناً قطّ.(٢)

وفى المناقب : إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فعل ذلك أربعين يوماً وليلة، فنبت لحمه من لحم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم.(٣)

١١/٣١٦- في بعض الكتب الأخلاقيّة : قال عصام بن المصطلق: دخلت المدينة فرأيت الحسين بن عليّ عليهما السلام فأعجبني سمته ورواؤه(٤) ، وأثار من الحسد ما كان يخفيه صدري لأبيه من البغض فقلت له: أنت ابن أبي تراب فقال: نعم، فبالغت في شتمه وشتم أبيه نعوذ باللَّه فنظر إليّ نظرة عاطف رؤوف.

ثمّ قال: أعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم، بسم اللَّه الرحمن الرحيم( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ * وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّـهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم

____________________

(١) عيون أخبار الرضا عليه السلام: ٥٩/١ ح ٢٩، عنه البحار: ١٨٤/٩٤ ح١، وأخرجه في ٢٠٤/٣٦ ح ٨، عن كمال الدين: ٢٦٤/١ ح ١١، وأورده الطبرسي رحمة الله في أعلام الورى: ٤٠٠، ورواه البحراني في مدينة المعاجز: ٥١/٤ ح ١٣٣، والطريحي رحمة الله في المنتخب: ١٩٧ وفيه: «إنّ الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة».

(٢) علل الشرايع: ١٩٦/١، عنه البحار: ٢٤٥/٤٣ ضمن ح ٢٠، الكافي: ٤٦٥/١ ح٤، عنه البحار: ١٩٨/٤٤ ح ١٤، وروى الطريحي رحمة الله في المنتخب: ١٥٨ (نحوه).

(٣) مناقب ابن شهراشوب: ٥٠/٤.

(٤) سمته ورواؤه: أي خلقه ومنظره وحركاته وسكناته.

٢٩٩

مُّبْصِرُونَ * وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ ) (١) .

ثمّ قال لي: خفّض عليك(٢) أستغفر اللَّه لي ولك، إنّك لو استعنتنا لأعنّاك، ولو استرفدتنا لرفدناك(٣) ولو استرشدتنا لرشدناك.

قال عصام: فتوسّم منّي الندم على ما فرط منّي فقال:( لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّـهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) (٤) أمن أهل الشام أنت؟ قلت: نعم، فقال: شنشنة(٥) أعرفها من أخزم(٦) ، حيّانا اللَّه وإيّاك، انبسط إلينا في حوائجك وما يعرض لك، تجدني عند أفضل ظنّك إنشاء اللَّه تعالى.

قال عصام: فضاقت عليّ الأرض بما رحبت، و وددت لو ساخت بي، ثمّ سللت منه لواذاً وما على الأرض أحبّ إليّ منه ومن أبيه.(٧)

١٢/٣١٧- روى صاحب كتاب المختصر : عن الباقر، عن أبيه عليهما السلام قال: صار جماعة من الناس بعد الحسن إلى الحسين عليهما السلام فقالوا له: أعندك عجائب أبيك الّتي كان يريناها؟ فقال لهم: تعرفون أبي؟ قالوا: كلّنا نعرفه، فرفع لهم ستراً [كان على باب بيت](٨) ثمّ قال: [اُنظروا في البيت، فنظروا] (٩) فقالوا: هذا أميرالمؤمنين ونشهد أنّك خليفة اللَّه. (١٠)

١٣/٣١٨- روى محمّد بن الحسن الصفّار : بإسناده عن الباقر عليه السلام قال: خرجت مع أبي إلى بعض أمواله، فلمّا صرنا في الصحراء استقبله شيخ، فنزل إليه أبي وسلّم

____________________

(١) الأعراف: ٢٠٢ - ١٩٩.

(٢) خفّض عليك أمرك: هوّنه، وخفّض عليك جأشك: سكّن قلبك.

(٣) الرِّفد: العطاء والصلة.

(٤) يوسف: ٩٢.

(٥) الشَنْشِنة: العادة الغالبة.

(٦) الأخزم: الحيّة الذكر، هذه الجملة تأتي في المثل، يضرب لمن أشبه أباه في خلقه السيّء.

(٧) سفينة البحار: ١١٦/٢ خلق، أمالي السبطين: ٦٠.

(٨، ٩) من الخرائج.

(١٠) الخرائج: ٨١١/٢ ح ٢٠، عنه مختصر البصائر: ١١٠، ومدينة المعاجز: ٧٥/٣ ح ٣٩، ورواه في المحتضر: ١٤.

٣٠٠