تفسير نور الثقلين الجزء ٤

تفسير نور الثقلين9%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 652

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 652 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 300603 / تحميل: 6166
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

الاخبار في الرجعة على رجوع الدولة والأمر والنهى دون رجوع الأشخاص واحياء الأموات، وأوّلوا الأخبار في ذلك لـمّا ظنوا أنّ الرجعة تنافي التكليف، وليس كذلك لأنه ليس فيها ما يلجئ إلى فعل الواجب والامتناع من القبيح، والتكليف يصح معها كما يصح مع ظهور المعجزات الباهرة والآيات القاهرة كفلق البحر وقلب العصا ثعبانا وما أشبه ذلك، ولان الرجعة لم تثبت بظواهر الاخبار المنقولة فيتطرق التأويل عليها وانما المعول في ذلك على إجماع الشيعة الامامية وان كانت الاخبار تعضده وتؤيده.

١١٥ ـ في جوامع الجامع وقد استدل بعض الامامية بهذه الآية على صحة الرجعة وقال: أنّ المذكور فيها يوم يحشر فيه من كل جماعة فوج وصفة يوم القيامة انه يحشر فيه الخلائق بأسرهم كما قال سبحانه:( وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً ) وورد عن آل محمد صلوات الله عليهم أنّ الله تعالى يحيى عند قيام المهدي قوما من أعدائهم قد بلغوا الغاية في ظلمهم واعتدائهم، وقوما من مخلصى أوليائهم قد ابتلوا بمعاناة كل عناء ومحنة في ولايتهم لينتقم هؤلاء من أولئك ويتشفوا مما تجرعوه من الغموم بذلك، وينال كلا من الفريقين بعض ما استحقه من الثواب والعقاب.

١١٦ ـ وروى عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : سيكون في أمّتي كل ما كان في بنى إسرائيل حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة، وعلى هذا فيكون المراد بالآيات الائمة الهاديةعليهم‌السلام .

١١٧ ـ في إرشاد المفيدرحمه‌الله وروى عن عبد الكريم الخثعمي قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : كم يملك القائمعليه‌السلام ؟ قال: سبع سنين يطول الله له الأيام والليالي يكون السنة من سنيه مقدار عشر سنين من سنيكم، فيكون سنى ملكه سبعين سنة من سنيكم هذه، وإذا آن قيامه مطر الناس جمادى الاخرة وعشرة أيام من رجب مطرا لم ير الخلائق مثله، فينبت الله به لحوم المؤمنين وأبدانهم في قبورهم، وكأنى انظر إليهم مقبلين من قبل جهينة ينفضون شعورهم عن التراب.

١١٨ ـ في مجمع البيان( يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ ) واختلف في معنى الصور الى

١٠١

قوله: وقيل: هو قرن ينفخ فيه شبه البوق، وقد ورد ذلك في الحديث: إلّا من شاء الله من الملائكة الذين يثبت الله قلوبهم إلى قوله: وقيل: يعنى الشهداء فإنهم لا يفزعون ذلك اليوم وروى ذلك في خبر مرفوع.

١١٩ ـ في مصباح شيخ الطائفةرحمه‌الله في دعاء أم داود المنقول عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام : أللّهمّ صل على إسرافيل حامل عرشك وصاحب الصور المنتظر لأمرك.

١٢٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل :( وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ) قال: فعل الله الذي أحكم كل شيء وقولهعزوجل :( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ ) قال: الحسنة والله ولاية أمير المؤمنين صلوات الله عليه والسيئة والله عداوته.

١٢١ ـ حدّثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن منصور بن يونس عن عمر بن شيبة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سمعته يقول ابتداء منه: إنّ الله إذا بدا له أنْ يبين خلقه ويجمعهم لما لا بد منه أمر مناديا ينادى، فاجتمع الجن والانس في أسرع من طرفة عين إلى أنْ قالعليه‌السلام : رسول الله وعلى وشيعته على كثبان من المسك الأذفر، على منابر من نور يحزن الناس ولا يحزنون، وتفزع الناس ولا يفزعون، ثم تلا هذه الآية:( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ) فالحسنة والله ولاية عليٍّعليه‌السلام .

١٢٢ ـ حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار عن أبي العباس المكبر قال: دخل مولى لامرأة علي بن الحسينعليهما‌السلام على أبي جعفرعليه‌السلام فقال له أبو أيمن: يا أبا جعفر تغرون الناس وتقولون: شفاعة محمّد شفاعة محمّد؟ فغضب أبو جعفرعليه‌السلام حتى تربد وجهه(١) ثم قال: ويحك يا أبا أيمن أغرك أنْ عفّ بطنك وفرجك؟ أما لو قد رأيت افزاع القيامة لقد احتجت إلى شفاعة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويلك

__________________

(١) تريد لونه، تغير.

١٠٢

فهل يشفع إلّا لمن وجبت له النار؟والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٢٣ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاوسرحمه‌الله قال وقد نقل عن الفراء قوله:( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ ) لا إله إلّا الله والسيئة الشرك، أقول: هذا تأويل غريب غير مطابق للمعقول والمنقول لان لفظ لا إله إلّا الله يقع من الصادق والمنافق، ولان اليهود تقول: لا إله إلّا الله وكل فرق الإسلام تقول ذلك وواحدة منها ناجية واثنان وسبعون في النار، وهذه الآية وردت مورد الامان لمن جاء بالحسنة، فكيف تناولها على ما لا يقتضيه ظاهرها؟ أقول: وقد رأيت النقل متظاهرا أنّ الحسنة معرفة الله ورسوله ومعرفته الذين يقومون مقامه صلوات الله عليه وعليهم انتهى ما أردناه.

١٢٤ ـ في كتاب الخصال عن يونس بن ظبيان قال: قال الصادق جعفر بن محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الناس يعبدون الله تعالى على ثلاثة أوجه فطبقة يعبدونه رغبة في ثوابه فتلك عبادة الحرصاء وهو الطمع وآخرون يعبدونه فرقا من النار فتلك عبادة العبيد وهي الرهبة، ولكني أعبده حبا له فتلك عبادة الكرام وهو الأمن، لقوله تعالى:( وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ) ولقوله تعالى:( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ) فمن أحب الله أحبه الله، ومن أحبه الله كان من المؤمنين.

١٢٥ ـ عن حمزة بن يعلى يرفعه باسناده قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من مقت نفسه دون مقت الناس آمنه الله من فزع يوم القيامة.

١٢٦ ـ في كتاب معاني الأخبار حدّثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدّثنا محمد بن يحيى العطار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عثمان بن عيسى عن أبي أيوب الخزاز قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: لـمّا نزلت هذه الآية على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها ) قال رسول الله: أللّهمّ زدني فانزل اللهعزوجل :( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً ) فعلم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ الكثير من الله لا يحصى وليس له منتهى.

١٢٧ ـ في أصول الكافي الحسن بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن

١٠٣

اورمة ومحمد بن عبد الله عن علي بن حسان عن عبد الرحمان بن كثير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : دخل أبو عبد الله الجدلي على أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال يا أبا عبد الله ألآ أخبرك بقول اللهعزوجل :( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ* وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) قال: بلى يا أمير المؤمنين جعلت فداك، فقال: الحسنة معرفة الولاية وحبنا أهل البيت، والسيئة انكار الولاية وبغضنا أهل البيت ثم قرأعليه‌السلام الآية.

١٢٨ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من وقر ذا شيبة في الإسلام آمنه الله من فزع يوم القيامة.

١٢٩ ـ في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن علي بن حماد عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً ) قال: من تولى الأوصياء من آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله واتبع آثارهم فذاك يزيده ولاية من النبيين والمؤمنين الأولين حتى يصل ولايتهم إلى آدمعليه‌السلام ، وهو قول الله:( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها ) تدخله الجنة والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٣٠ ـ في أمالي شيخ الطائفةقدس‌سره باسناده إلى عمار بن موسى الساباطي قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : لا يقبل الله من العباد الأعمال الصالحة التي يعملونها إذا تولوا الامام الجائر الذي ليس من الله تعالى، فقال له عبد الله بن أبي يعفور: أليس الله تعالى قال:( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ) فكيف لا ينفع العمل الصالح ممن تولى أئمة الجور؟ فقال له أبو عبد اللهعليه‌السلام : وهل تدري ما الحسنة التي عناها الله تعالى في هذه الآية؟ هي معرفة الامام وطاعته وقد قال اللهعزوجل :( وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) وانما أراد بالسيئة انكار الامام الذي هو من الله تعالى ثم قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : من جاء يوم القيامة بولاية امام جائر ليس من الله وجاء منكرا لحقنا جاحدا لولايتنا أكبه الله تعالى يوم القيامة في النار.

١٠٤

١٣١ ـ وباسناده إلى أبي عبد الله الجدلي قال: قال لي علي بن أبي طالبعليه‌السلام : ألآ أحدثك يا أبا عبد الله بالحسنة التي من جاء بها آمن من فزع يوم القيامة، وبالسيئة التي من جاء بها أكب الله وجهه في النار؟ قلت: بلى يا أمير المؤمنين. قال: الحسنة حبنا والسيئة بغضنا.

١٣٢ ـ في روضة الواعظين للمفيدرحمه‌الله قال الباقرعليه‌السلام :( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ ) الحسنة ولاية عليٍّ وحبه، والسيئة عداوته وبغضه، ولا يرفع معها عمل.

١٣٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيمرحمه‌الله في قولهعزوجل :( إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها ) قال: مكة( وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) .

١٣٤ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن النعمان عن سعيد الأعرج عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ قريشا لـمّا هدموا الكعبة وجدوا في قواعده حجرا فيه كتاب لم يحسنوا قراءته، حتى دعوا رجلا فقرأه فاذا فيه: انا الله ذو بكة حرمتها يوم حللت السموات والأرض، ووضعتها بين هذين الجبلين وحففتها بسبعة أملاك حفا.

١٣٥ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن ابن بكير عن زرارة قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: حرم الله حرمه أنْ يختلى خلاه ويعضد شجره إلّا الإذخر، أو يصاد طيره.

١٣٦ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لـمّا قدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مكة يوم افتتحها فتح باب الكعبة فأمر بصور في الكعبة فطمست، فأخذ بعضادتي الباب فقال: ألآ إنّ الله قد حرم مكة يوم خلق السموات والأرض، فهي حرام بحرام الله إلى يوم القيامة لا ينفر صيدها ولا يعضد شجرها، ولا يختلى خلاها، ولا تحل لقطتها إلّا لمنشد فقال العباس: يا رسول الله إلّا

١٠٥

الإذخر(١) فانه للقبر والبيوت فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إلّا الإذخر.

١٣٧ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن اسمعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم فتح مكة: إنّ الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض وهي حرام إلى أنْ تقوم الساعة، لم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي ولم تحل لي إلّا ساعة من نهار.

١٣٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها ) قال: الآيات أمير المؤمنين والائمةعليهم‌السلام إذا رجعوا يعرفهم أعدائهم إذا رأوهم، والدليل على أنّ الآيات هم الائمة قول أمير المؤمنينعليه‌السلام : والله ما لله آية أكبر منى فاذا رجعوا إلى الدنيا يعرفهم أعداؤهم إذا رأوهم في الدنيا «انتهى».

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من قرأ سور الطواسين الثلاث في ليلة الجمعة كان من أولياء الله وفي جواره وكنفه، لم يصبه في الدنيا بؤس أبدا، وأعطى في الاخرة حتى يرضى وفوق رضاه، وزوجه الله مأة زوجة من الحور العين.

٢ ـ في مجمع البيان وروى أبو بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من قرأ الطواسين الثلاث وذكر مثله وزاد في آخره: وأسكنه الله في جنة عدن وسط الجنة مع النبيين والمرسلين والوصيين الراشدين.

٣ ـ أبي بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ومن قرء طسم القصص اعطى من الأجر عشر حسنات بعدد من صدق بموسى وكذب به، ولم يبق ملك في السموات والأرض إلّا شهد له يوم القيامة انه كان صادقا، إنْ كل شيء هالك إلّا وجهه.

__________________

(١) الإذخر: نبات طيب الرائحة.

١٠٦

٤ ـ وعن ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أعطيت طه والطواسين من ألواح موسى.

٥ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادقعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : واما طسم فمعناه أنا الطالب السميع المبدئ المعيد.

٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم ثم خاطب اللهعزوجل نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: نتلو عليك يا محمد من نبأ موسى وفرعون بالحق القوم( يُؤْمِنُونَ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ ) أبنائهم( وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ) فأخبر اللهعزوجل نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله بما لقى موسىعليه‌السلام وأصحابه من فرعون من القتل والظلم، ليكون تعزية له فيما يصيبه في أهل بيته صلوات الله عليهم من أمته، ثم بشره بعد تعزيته انه يتفضل عليهم بعد ذلك ويجعلهم خلفاء في الأرض وأئمة على أمته، ويردهم إلى الدنيا مع أعدائهم حتى ينتصفوا منهم، فقال جل ذكره:( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ* وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما ) وهم الذين غصبوا آل محمد حقهم وقوله منهم أي من آل محمد ما كانوا يحذرون أي من القتل والعذاب ولو كانت هذه نزلت في موسىعليه‌السلام وفرعون لقال( وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما ) منه ما كانوا يحذرون أي من موسى ولم يقل منهم، فلما تقدم قوله:( نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ) علمنا أنّ المخاطبة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وما وعد الله به رسوله فانما يكون بعده. والائمة يكونون من ولده، وانما ضرب الله هذا المثل لهم في موسى وبنى إسرائيل وفي أعدائهم بفرعون وهامان وجنودهما، فقال: إنّ فرعون قتل بنى إسرائيل فظفر الله موسى بفرعون وأصحابه حتى أهلكهم الله، وكذلك أهل بيت رسول الله أصابهم من أعدائهم القتل والغصب ثم يردهم الله ويرد أعدائهم إلى الدنيا حتى يقتلوهم.

قال مؤلف هذا الكتاب عفي عنه يمكن ارادة موسى وفرعون وارادة أهل البيت

١٠٧

وأعدائهم، وما قيل انه مانع لا منع فيه كما يظهر بأدنى تأمل على ارادة كل من المعنيين في الظاهر والباطن، كما نطقت به الاخبار الكثيرة عنهمعليهم‌السلام وقد ذكرنا في هذا الكتاب من ذلك ما فيه كفاية لمن تتبعه، ووقف على طريقهمعليهم‌السلام ويؤيد ذلك ما رواه في الكافي باسناده إلى حفص بن غياث قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : يا حفص إنّ من صبر صبر قليلا، وإنّ من جزع جزع قليلا إلى أنْ قالعليه‌السلام : ثم بشر في عترته بالأئمة ووصفوا بالصبر فقال جل ثناؤه:( وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ ) فعند ذلك قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : الصبر من الايمان كالرأس من الجسد فشكر اللهعزوجل ذلك له فأنزل اللهعزوجل :( وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ ) فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : انه بشرى وانتقام مع ما رواه في أصول الكافي في كتاب فضل القرآن مسندا عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من قوله وقد ذكر القرآن وله ظهر وبطن فظاهره حكم وباطنه علم ظاهره أنيق وباطنه عميق.

٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم متصل بقوله: حتى يقتلوهم وقد ضرب أمير المؤمنينعليه‌السلام في أعدائه مثلا ما ضرب الله لهم في أعدائهم بفرعون وهامان، فقال: يا ايها الناس إنّ أول من بغى على اللهعزوجل على وجه الأرض عناق بنت آدمعليه‌السلام خلق الله لها عشرين إصبعا لكل إصبع منها ظفران طويلان كالمنجلين العظيمين(١) وكان مجلسها في الأرض موضع جريب، فلما بغت بعث اللهعزوجل لها أسدا كالفيل، وذئبا كالبعير، ونسرا كالحمار، وكان ذلك في الخلق الاول فسلطهم اللهعزوجل عليها فقتلوها، ألآ وقد قتل اللهعزوجل فرعون وهامان وخسف الله تعالى بقارون، وانما هذا المثل لاعدائه الذين غصبوا حقه فأهلكهم الله، ثم قال على صلوات الله عليه على أثر هذا المثل الذي ضربه: وقد كان لي حق حازه دوني من لم يكن له ولم أكن أشركه فيه ولا توبة له إلّا بكتاب منزل أو برسول مرسل، وانى له بالرسالة بعد

__________________

(١) المنجل: كمنبر: آلة من حديد عكفاء يقضب به الزرع.

١٠٨

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا نبي بعد محمد، فان يتوب وهو في برزخ القيامة، غرته الأماني وغره بالله الغرور، وقد أشفي على( جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) ، وكذلك مثل القائمعليه‌السلام في غيبته وهربه واستتاره مثل موسىعليه‌السلام خائفا مستترا إلى أنْ يأذن الله في خروجه، وطلب حقه وقتل أعدائه في قوله:( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ* الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ ) وقد ضرب الحسين بن عليعليهما‌السلام مثلا في بنى إسرائيل بذلتهم من أعدائهم.

٨ ـ حدّثني أبي عن النضر بن سويد عن عاصم بن حميد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لقى المنهال بن عمر علي بن الحسينعليهما‌السلام فقال له: كيف أصبحت يا ابن رسول ـ الله؟ فقال: ويحك اما آن لك أنْ تعلم كيف أصبحت؟ أصبحنا في قومنا مثل بنى إسرائيل في آل فرعون، يذبحون أبنائنا ويستحيون نسائنا، وأصبح خير البرية بعد محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله يلعن على المنابر، وأصبح عدونا يعطى المال والشرف، وأصبح من يحبنا محقورا منقوصا حقه، وكذلك لم يزل المؤمنون، وأصبحت العجم تعرف للعرب حقها بان محمدا كان منها، وأصبحت العرب تعرف لقريش بأن محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله كان منها، وأصبحت قريش تفتخر على العرب بان محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله كان منها، وأصبحت العرب تفتخر على العجم بأن محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله كان منها، وأصبحنا أهل البيت لا يعرف لنا حق فهكذا أصبحنا يا منهال.

٩ ـ في مجمع البيان وقال سيد العابدين علي بن الحسينعليهما‌السلام : والذي بعث محمدا بالحق بشيرا ونذيرا إنّ الأبرار منا أهل البيت وشيعتهم بمنزلة موسى وشيعته وان عدونا وأشياعهم بمنزلة فرعون وأشيائه.

١٠ ـ في نهج البلاغة قالعليه‌السلام : لتعطفن الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها(١) وتلا عقيب ذلك( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً )

__________________

(١) الشماس: مصدر شمس الفرس: إذا منع من ظهره: والضروس: التافه السيئة الخلق تعض حالبها.

١٠٩

ونجعلهم الوارثين».

١١ ـ في كتاب الغيبة لشيخ الطائفةقدس‌سره باسناده إلى محمد بن الحسين عن أبيه عن جده عن عليٍّعليه‌السلام في قوله:( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ ) قال: هم آل محمد يبعث الله مهديهم بعد جهدهم فيعزهم ويذل عدوهم.

١٢ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشا عن أبان بن عثمان عن أبي الصباح الكناني قال: نظر أبو جعفرعليه‌السلام إلى أبي عبد الله عليهما ـ السلام يمشى فقال: ترى هذا؟ هذا من الذين قال اللهعزوجل :( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ ) .

١٣ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى حكيمة قالت: لـمّا كان اليوم السابع من مولد القائمعليه‌السلام جئت إلى أبي محمدعليه‌السلام فسلمت عليه وجلست فقال: هلمي إلى إبني، فجئت بسيدي وهو في الخرقة ففعل به كفعله الاول ثم أدلى لسانه في فيه كأنما يغذيه لبنا وعسلا، ثم قال: تكلم يا بنى قال: أشهد أنْ لا إله إلّا الله وثنى بالصلوة على محمد وعلى أمير المؤمنين وعلى الائمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين حتى وقف على أبيهعليه‌السلام ثم تلا هذه:( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ* وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٤ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى محمد بن سنان عن مفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نظر إلى عليٍّ والحسن والحسينعليهم‌السلام فبكى وقال: أنتم المستضعفون بعدي. قال المفضل: فقلت له: ما معنى ذلك يا ابن رسول الله؟ قال قال: معناه انكم الائمة بعدي إنّ اللهعزوجل يقول:( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ ) فهذه الآية جارية فينا إلى يوم القيامة.

١١٠

١٥ ـ في أمالي الصدوقرحمه‌الله باسناده إلى عليٍّعليه‌السلام قال: هي لنا أو فينا هذه الآية( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ ) .

١٦ ـ في كتاب الغيبة لشيخ الطائفة نور الله مرقده باسناده إلى حكيمة حديث طويل تذكر فيه مولد القائمعليه‌السلام تقول فيه: وقد ذكرت أم القائمعليه‌السلام وجلست منها حيث تقعد المرأة من المرأة للولادة، فقبضت على كفي وغمزته غمزة شديدة ثم أنت أنة وتشهدت ونظرت تحتها فاذا أنا بولي الله صلى الله عليه متلقيا الأرض بمساجده، فأخذت بكتفيه فأجلسته في حجري وإذا هو نظيف مفروغ منه، فناداني أبو محمدعليهما‌السلام يا عمة هلمي فايتينى بابني، فأتيته به فتناوله وأخرج لسانه فمسحه على عينيه ففتحها، ثم أدخله في فيه فحنكه ثم أدخله في أذنيه وأجلسه في راحته اليسرى فاستوى ولي الله جالسا فمسح يده على رأسه وقال له: يا بنى انطق فقدره الله، فاستعاذ ولي الله من الشيطان الرجيم واستفتح:( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) ( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ ) وصلى على رسول الله وأمير المؤمنين والائمةعليهم‌السلام واحدا واحدا حتى انتهى إلى أبيه، فناولنيه أبو محمدعليه‌السلام وقال: يا عمة ردية إلى امه حتى( تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) .

١٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم واما قولهعزوجل :( وَأَوْحَيْنا إلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ) فانه حدّثني أبي عن الحسن بن محبوب عن العلا بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: انه لـمّا حملت به امه لم يظهر حملها إلّا عند وضعها له، وكان فرعون قد وكل بنساء بنى إسرائيل نساء من القبط يحفظونهن وذلك انه كان لـمّا بلغه عن بنى إسرائيل انهم يقولون انه يولد فينا رجل يقال له موسى بن عمران يكون هلاك فرعون وأصحابه على يده فقال فرعون عند ذلك: لأقتلن ذكور أولادهم

١١١

حتى لا يكون ما يريدون، وفرق بين الرجال والنساء، وحبس الرجال في المجالس فلما وضعت أم موسى بموسىعليه‌السلام نظرت إليه وحزنت عليه واغتمت وبكت وقال: يذبح الساعة؟ فعطف اللهعزوجل قلب الموكلة بها عليه فقالت لام موسى: ما لك قد اصفّر لونك؟ فقالت: أخاف أنْ يذبح ولدي، فقالت: لا تخافي وكان موسى لا يراه أحد إلّا أحبه، وهو قول الله( وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي ) فأحبته القبطية الموكلة بها وأنزل على أم موسى التابوت. ونوديت امه ضعيه في التابوت فاقذ فيه في اليم وهو البحر( وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ) فوضعته في التابوت وأطبقته عليه وألقته في النيل.

١٨ ـ في روضة الواعظين للمفيدرحمه‌الله عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يقول فيهصلى‌الله‌عليه‌وآله مخاطبا لجمع من أصحابه: وعلمتم أنّ موسى بن عمران كان فرعون في طلبه يشق بطون الحوامل ويذبح الأطفال ليقتل موسى، فلما ولدته امه أمرت أنْ تأخذه من تحتها وتقذفه في التابوت، وتلقى بالتابوت في اليم، فقالت وهي ذعرة من كلامه: يا بنى إنّي أخاف عليك الغرق، فقال لها: لا تحزني إنّ الله رادنى إليك فبقيت حيرانة حتى كلمها موسى فقال لها: يا أم اقذفيني في التابوت وألقي التابوت في اليم فقال: ففعلت ما أمرت به فبقي في التابوت في اليم إلى أنْ قذفه في الساحل ورده إلى امه برمته لا يطعم طعاما ولا يشرب شرابا معصوما وروى أنّ المدة كانت سبعين يوما وروى سبعة أشهر.

١٩ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سدير الصيرفي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل وفيه يقولعليه‌السلام اما مولد موسىعليه‌السلام فان فرعون لـمّا وقف على أنّ زوال ملكه على يده أمر بإحضار الكهنة فدلوه على نسبه، وانه يكون من بنى إسرائيل. ولم يزل يأمر أصحابه بشق بطون الحوامل من نساء بنى إسرائيل حتى قتل في طلبه نيفا وعشرين ألف مولود، وبعد عليه الوصول إلى قتل موسىعليه‌السلام بحفظ الله تبارك وتعالى إياه.

٢٠ ـ وباسناده إلى حكيمة بنت محمد بن علي بن موسى الرضا عمة أبي محمد الحسنعليهم‌السلام انها قالت كنت عند أبي محمدعليه‌السلام فقال: بيتي الليلة عندنا فانه سيلد

١١٢

الليلة المولود الكريم على اللهعزوجل الذي يحيى به اللهعزوجل الأرض بعد موتها، فقلت: ممن يا سيدي؟ ولست أرى بنرحبس شيئا من أثر الجعل، فقال: من نرجس لا من غيرها، قالت: فوثبت إليها فقلبتها ظهر البطن فلم أر بها أثر الحبل، فعدت إليهعليه‌السلام فأخبرته بما فعلت فتبسم ثم قال لي: إذا كان وقت الفجر يظهر لك الحبل لان مثلها مثل أم موسى لم يظهر بها الحبل ولم يعلم بها أحد إلى وقت ولادتها، لان فرعون كان يشق بطون الحبالى في طلب موسى وهذا نظير موسىعليه‌السلام وقالت حكيمة في أواخر هذا الحديث: لـمّا ولد القائمعليه‌السلام صاح بي أبو محمد فقال: يا عمتاه هاتيه فتناولته وأتيت به نحوه، فلما مثلته بين يدي أبيه وهو على يدي سلم على أبيه فتناوله الحسنعليه‌السلام منى والطير ترفرف على رأسه، فصاح بطير منها فقال: احمله واحفظه ورده إلينا في كل أربعين يوما، فتناوله الطير وطار به في جو السماء واتبعه الطير فسمعت أبا محمدعليه‌السلام يقول: استودعك الذي أودعته أم موسى فبكت نرجس فقال: اسكتي فان الرضاع محرم عليه الأمن ثديك وسيعاد إليك كما رد موسى إلى امه، وذلك قول اللهعزوجل :( فَرَدَدْناهُ إلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ ) .

٢١ ـ وباسناده إلى محمد الحلبي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ يوسف بن يعقوب صلوات الله عليهما حين حضرته الوفاة جمع آل يعقوب وهم ثمانون رجلا، فقال: إنّ هؤلاء سيظهرون عليكم و( يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ ) وانما ينجيكم الله من أيديهم برجل من ولد لاوى بن يعقوب اسمه موسى بن عمران غلام طوال جعد آدم، فجعل الرجل من بنى إسرائيل يسمى ابنه عمران ويسمى عمران ابنه موسى.

فذكر أبان بن عثمان أبي الحصين عن أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام أنّه قال: ما خرج موسى حتى خرج قبله خمسون كذابا من بنى إسرائيل كلهم يدعى انه موسى بن عمران، فبلغ فرعون انهم يرجفون به(١) ويطلبون هذا الغلام، فقال له كهنته وسحرته: إنّ هلاك دينك وقومك على يدي هذا الغلام يولد العام من بنى إسرائيل ،

__________________

(١) أي يخوضون في ذكره واخباره قصد أنْ يهبجوا الناس به.

١١٣

فوضع القوابل على النساء وقال: لا يولد العام ولد إلّا ذبح، ووضع على أم موسى قابلة فلما رأى ذلك بنو إسرائيل قالوا: إذا ذبح الغلمان واستحيى النساء هلكنا فلم نبق فتعالوا ألآ نقرب النساء فقال عمران أبو موسىعليه‌السلام : بل ائتوهن فانّ أمر الله واقع ولو كره المشركون، أللّهمّ من حرمه فانى لا أحرمه ومن تركه فانى لا اتركه، ووقع على أم موسى فحملت فوضع على أم موسى قابلة تحرسها إذا قامت قامت وإذا قعدت قعدت، فلما حملته امه وقعت عليها لمحبة وكذلك بحجج الله على خلقه، فقالت لها القابلة: ما لك يا بنية تصفرين وتذوبين؟ قالت: لا تلوميني فانى إذا ولدت أخذ ولدي فذبح، قالت: لا تحزني فانى سوف اكتم عليك فلم تصدقها، فلما أنْ ولدت التفتت إليها وهي مقبلة فقالت: ما شاء الله، فقالت لها: الم أقل: إنّي سوف اكتم عليك ثم حملته فأدخلته المخدع(١) وأصلحت أمره، ثم خرجت إلى الحرس فقالت: انصرفوا ـ وكانوا على الباب ـ فانما خرج دم مقطع، فانصرفوا فأرضعته، فلما خافت عليه الصوت أوحى الله إليها أنْ اعملي التابوت ثم اجعليه فيه ثم أخرجيه ليلا فاطرحيه في نيل مصر، فوضعته في التابوت ثم دفعته في اليم فجعل يرجع إليها وجعلت تدفعه في الغمر(٢) وان الريح ضربته فانطلقت، به فلما رأته قد ذهب به الماء همت أنْ تصيح، فربط الله على قلبها.

قال: وكانت المرأة الصالحة امرأة فرعون وهي من بنى إسرائيل قالت لفرعون: انها أيام الربيع فأخرجني واضرب لي قبة على شط النيل حتى أتنزه هذه الأيام، فضربت لها قبة على شط النيل إذ أقبل التابوت يريدها، فقالت: هل ترون ما أرى على الماء؟ قالوا: أي والله يا سيدتنا انا لنرى شيئا. فلما دنى منها ثارت(٣)

__________________

(١) المخدع ـ بكسر الميم وضمها ـ بيت يكون داخل البيت الكبير يحرز فيه الشيء وضم الميم بناء على انه اسم مكان من الخدع ،: إذا أخفاه، وكسرها بناء على انه اسم آلة من الخدع بمعنى الإخفاء.

(٢) الغمر: معظم الماء.

(٣) كذا في النسخ لكن في المصدر وكذا المنقول عنه في البحار «قامت» بدل «ثارت».

١١٤

الى الماء فتناولته بيدها، وكان الماء يغمرها حتى تصايحوا عليها فجذبته وأخرجته من الماء فأخذته ووضعته في حجرها، فاذا هو غلام أجمل الناس وأسرهم فوقعت عليها منه محبة فوضعته في حجرها وقالت: هذا إبني فقالوا: أي والله يا سيدتنا، يا والله مالك ولد ولا للملك فاتخذي هذا ولدا، فقامت إلى فرعون وقالت: إنّي أصبت غلاما طيبا حلوا نتخذه ولدا فيكون قرة عين لي ولك فلا تقتله، فقال: من أين هذا الغلام؟ فقالت: والله لا أدرى إلّا أنّ الماء قد جاء به، فلم تزل به حتى رضى، فلما سمع الناس أنّ الملك قد تبنى ابنا لم يبق أحد من رؤس من كان مع فرعون إلّا بعث إليه امرأته ليكون له ظئرا وتحضنه فأبى أنْ يأخذ من امرأة منهنّ ثديا، فقالت امرأة فرعون: اطلبوا لا بنى ظئرا ولا تحقروا أحدا فجعل لا يقبل من امرأة منهنّ فقالت أمّ موسى لأخته: قصيه انظري أترين له أثرا فانطلقت حتى أتت باب الملك فقالت: قد بلغني أنّكم تطلبون ظئرا وهاهنا امرأة صالحة تأخذ ولدكم وتكفله لكم، فقالت: أدخلوها فلمّا دخلت قالت لها امرأة فرعون: ممن أنت؟ قالت: من بنى إسرائيل قالت: اذهبي يا بنية فليس لنا فيك حاجة فقالت لها النساء: أنظري عافاك الله يقبل أم لا؟ فقالت امرأة فرعون: أرأيتم لو قبل هل يرضى فرعون أنْ يكون الغلام من بنى إسرائيل والمرأة من بنى إسرائيل تغني الظئر فلا يرضى، قلن: فانظرى يقبل اولا؟ قالت امرأة فرعون: فاذهبي فادعيها فجاءت إلى أمّها وقالت: إنّ امرأة الملك تدعوك فدخلت عليها فدفع إليها موسى فوضعته في حجرها ثمّ ألقمته ثديها فازدحم اللبن في حلقه فلمّا رأت امرأة فرعون أنّ ابنها قد قبل قامت إلى فرعون فقالت: إنى قد أصبت لا بنى ظئرا وقد قبل منها، فقال: ممن هي؟ قالت: من بنى إسرائيل. قال فرعون: هذا مما لا يكون أبدا. الغلام من بنى إسرائيل والظئر من بنى إسرائيل؟ فلم تزل تكلمه فيه وتقول: لا تخف من هذا الغلام انما هو ابنك ينشو في حجرك حتى قلبته عن رأيه ورضى.

٢٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم متصل بقوله: وألقيه في النيل آخر ما نقلنا عنه، اولا: وكان لفرعون قصر على شط النيل منزها فنظر من قصره ومعه آسية

١١٥

امرأته إلى سواد في النيل ترفعه الأمواج والرياح تضربه حتى جاءت به إلى باب قصر فرعون، فأمر فرعون بأخذه فأخذ التابوت ورفع إليه فلما فتحه وجد فيه صبيا فقال: هذا اسرائيلى فألقى الله في قلب فرعون لموسى محبة شديدة وكذلك في قلب آسية رحمة الله عليها، وأراد فرعون أنْ يقتله فقالت آسية: لا تقتله عسى أنْ ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون انه موسى.

٢٣ ـ في مجمع البيان( قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ ) الآية قال ابن عباس: إنّ أصحاب فرعون لـمّا علموا بموسى جاؤا ليقتلوه فمنعتهم وقالت لفرعون:( قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ ) قال فرعون: قرة عين لك فاما لي فلا، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : والذي يحلف به لو أقر فرعون بان يكون له قرة عين كما أقرت امرأته لهداه الله به كما هداها. ولكنه أبي للشقاء الذي كتبه الله عليه.

٢٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم متصل بقوله انه موسى ولم يكن لفرعون ولد فقال: اطلبوا له ظئرا تربيه، فجاؤا بعدة نساء قد قتل أولادهن فلم يشرب لبن أحد من النساء وهو قول الله:( وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ ) وبلغ امه أنّ فرعون قد أخذه فحزنت وبكت كما قال الله تعالى:( وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ ) قال: كادت أنْ تخبر بخبره أو تموت ثم حفظت نفسها فكانت كما قال الله:( لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) ثم( قالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ ) أي اتبعيه فجاءت أخته إليه( فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ ) أي عن بعدوهم لا يشعرون فلما لم يقبل موسى يأخذ ثدي أحد من النساء اغتم فرعون غما شديدا فقالت أخته:( هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ ) فقال: نعم فجاءت بامه فلما أخذته في حجرها وألقمته ثديها التقمه وشرب، ففرح فرعون وأهله وأكرموا امه فقالوا لها ربيه لنا ولك من الكرامة ما تختارين، وذلك قول الله تعالى:( فَرَدَدْناهُ إلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) .

وفيه قال الراوي: فقلت لأبي جعفرعليه‌السلام : فكم مكث موسى غائبا عن امه

١١٦

حتى رده الله إليها؟ قال: ثلثة أيام

٢٥ ـ في جوامع الجامع وروى انها لـمّا قالت:( وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ ) قال هامان: انها لتعرفه وتعرف أهله فقالت: انما أردت وهم للملك ناصحون.

٢٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم متصل بقوله:( وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) قريب آخر ما نقلنا عنه قريبا، وكان فرعون يقتل أولاد بنى إسرائيل كلما يلدون ويربى موسى ويكرمه وهو لا يعلم أنّ هلاكه على يده، فلما درج موسى كان يوما عند فرعون فعطس موسى فقال:الحمد لله رب العالمين فأنكر فرعون ذلك عليه ولطمه وقال: ما هذا الذي يقول فوثب موسى على لحيته وكان طويل اللحية فهلبها أي قلعها فألمه ألما شديدا فهم فرعون بقتله فقالت له امرأته: هذا غلام حدث لا يدرى ما يقول وقد لطمته بلطمتك إياه فقال فرعون: بلى يدرى، فقالت له: ضع بين يديه تمرا وجمرا فان ميز بين التمر والجمر فهو الذي تقول، فوضع بين يديه تمرا وجمرا وقال له: كل فمد يده إلى التمر فجاء جبرئيلعليه‌السلام فصرفها إلى الجمر فأخذ الجمر في فيه فاحترق لسانه وصاح وبكى، فقالت آسية لفرعون: الم أقل لك انه لم يعقل؟ فعفي عنه.

٢٧ ـ في كتاب معاني الأخبار حدّثنا أبيرحمه‌الله قال: حدّثنا محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد عن أحمد بن هلال عن محمد بن سنان عن محمد بن عبد الله بن رباط عن محمد بن النعمان الأحول عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل : فلما بلغ أشده واستوى قال: أشده ثمان عشر سنة «واستوى» التحى.

٢٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قال: فلم يزل موسىعليه‌السلام عند فرعون في أكرم كرامة حتى بلغ مبلغ الرجال وكان ينكر عليه ما يتكلم به موسىعليه‌السلام من التوحيد حتى هم به، فخرج موسى من عنده ودخل المدينة، فاذا رجلان يقتتلان أحدهما يقول بقول موسى، والاخر يقول بقول فرعون، فاستغاثه الذي من شيعته فجاء موسى فوكز صاحب فرعون فقضى عليه وتوارى في المدينة.

٢٩ ـ في مجمع البيان وروى أبو بصير عن أبي عبد الله انهعليه‌السلام أنّه قال: ليهنكم

١١٧

الاسم. قال: قلت وما الاسم؟ قال: الشيعة اما سمعت الله سبحانه يقول:( فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ) .

٣٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم متصل بقوله في المدينة فلما كان الغد جاء آخر فتشبث بذلك الرجل الذي يقول بقول موسىعليه‌السلام فاستغاث بموسى، فلما نظر صاحبه إلى موسى قال له:( أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ ) فخلى عن صاحبه وهرب.

٣١ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة متصل بقوله حتى قلبته عن رأيه ورضى آخر ما نقلنا عنه قريبا، فنسي موسى صلى الله عليه في آل فرعون وكتمت امه خبره وأخته والقابلة حتى هلكت امه والقابلة التي قبلته، فنسيعليه‌السلام لا يعلم به بنو إسرائيل قال: وكانت بنو إسرائيل تطلبه وتسأل عنه فعمي عليهم خبره، قال: فبلغ فرعون انهم يطلبونه ويسألون عنه فأرسل إليهم وزاد عليهم في العذاب وفرق بينهم ونهاهم عن الاخبار به والسؤال عنه. قال: فخرجت بنو إسرائيل ذات ليلة مقمرة إلى شيخ لهم عنده علم. فقالوا: كنا نستريح إلى الأحاديث فحتى متى والى متى نحن في هذا البلاء؟ قال: والله انكم لا تزالون فيه حتى يجيء الله تعالى ذكره بغلام من ولد لاوى بن يعقوب اسمه موسى بن عمران، غلام طوال جعد، فبيناهم كذلك إذ أقبل موسىعليه‌السلام يسير على بغلة حتى وقف عليهم، فرفع الشيخ رأسه فعرفه بالصفة فقال له: ما اسمك يرحمك الله؟ قال: موسى. قال: ابن من؟قال: ابن عمران، قال: فوثب إليه الشيخ فأخذ بيده فقبلها وثاروا إلى رجله فقبلوها فعرفهم وعرفوه واتخذ شيعة، فمكث بعد ذلك ما شاء الله ثم خرج فدخل مدينة لفرعون فيها رجل من شيعته يقاتل رجلا من آل فرعون من القبط( فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ) القبطي( فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ ) وكان موسىعليه‌السلام قد اعطى بسطة في الجسم وشدة في البطش فذكره الناس وشاع أمره، وقالوا إنّ موسى قتل رجلا من آل فرعون( فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ ) فلما أصبحوا من الغد إذا الرجل الذي استنصره بالأمس يستصرخه على آخر( قالَ لَهُ مُوسى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ )

١١٨

بالأمس رجل واليوم رجل،( فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما قالَ: يا مُوسى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ ) .

٣٢ ـ في عيون الأخبار باسناده إلى علي بن محمد بن الجهم قال: حضرت مجلس المأمون وعنده الرضاعليه‌السلام فقال له المأمون: يا ابن رسول الله أليس من قولك أنّ الأنبياء معصومون؟ قال: بلى، قال: فأخبرنى عن قول الله تعالى( فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ ) قال الرضاعليه‌السلام : إنّ موسىعليه‌السلام دخل مدينة من مدائن فرعون على حين غفلة من أهلها وذلك بين المغرب والعشاء( فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ، فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى ) عليه‌السلام على العدو بحكم الله تعالى ذكره فوكزه فمات( قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ ) يعنى الاقتتال الذي وقع بين الرجل لا ما فعله موسىعليه‌السلام من قتله «انه» يعنى الشيطان( عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ ) قال المأمون. فما معنى قول موسى( رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي ) قال: يقول: وضعت نفسي غير موضعها بدخول هذه المدينة «فاغفر لي» أي استرني من أعدائك لئلا يظفروا بي فيقتلوني( فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) قال موسى:( رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ ) من القوة حتى قتلت رجلا بوكزة( فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ ) بل أجاهدهم في سبيلك بهذه القوة حتى ترضى «فأصبح» موسىعليه‌السلام ( فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ ) على آخر( قالَ لَهُ مُوسى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ ) قاتلت رجلا بالأمس وتقاتل هذا اليوم لأؤدبنك وأراد أنْ يبطش به( فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما ) وهو من شيعته( قالَ يا مُوسى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ ) قال المأمون: جزاك الله عن أنبيائه خيرا يا أبا الحسن.

٣٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم متصل بقوله عن صاحبه وهرب وكان خازن فرعون مؤمنا بموسىعليه‌السلام قد كتم ايمانه ستمائة سنة، وهو الذي قال اللهعزوجل :( وَقالَ

١١٩

رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ ) أتقتلون( رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ ) وبلغ فرعون خبر قتل موسى الرجل فطلبه ليقتله فبعث المؤمن إلى موسىعليه‌السلام ( إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ فَخَرَجَ مِنْها ) كما حكى اللهعزوجل ( خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ ) : يلتفت يمنة ويسرة ويقول( رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) .

٣٤ ـ في إرشاد المفيدرحمه‌الله في مقتل الحسين فسار الحسينعليه‌السلام إلى مكة وهو يقرأ( فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) ولزم الطريق الأعظم فقال له أهل بيته: لو تنكبت الطريق الأعظم كما صنع ابن الزبير لئلا يلحق الطلب فقال: لا والله لا أفارقه حتى يقضى الله ما هو قاض، ولما دخل الحسينعليه‌السلام مكة كان دخوله إليها ليلة الجمعة لثلاث مضين من شعبان دخلها وهو يقول:( وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ ) .

٣٥ ـ في مجمع البيان وروى عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول كانت عصى موسى قضيب آس من الجنة أتاه به جبرئيل( لَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ ) .

٣٦ ـ في من لا يحضره الفقيه قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من خرج في سفر ومعه عصا لو زمر وتلا هذه الآية( وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ ) إلى قوله( وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ ) آمنه الله من كل سبع ضار، ومن كل لص عاد ومن كل ذات حمة حتى يرجع إلى أهله ومنزله، وكان معه سبعة وسبعون من المعقبات(١) يستغفرون له حتى يرجع ويضعها. وفي كتاب ثواب الأعمال مثله سواء.

٣٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم متصل بقوله:( مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) ومر نحو مدين وكان بنيه وبين مدين مسيرة ثلاثة أيام، فلما بلغ باب مدين راى بئرا يستقى الناس منها لاغنامهم ودوابهم، فقعد ناحية ولم يكن أكل منذ ثلاثة أيام شيئا فنظر الى

__________________

(١) الحمة: السم أو لا برة نضرب بها الزنبور والحية ونحو ذلك أو تلدغ بها، قاله الفيض (ره) في الوافي. وقال (ره) أيضا: والمعقبات: ملائكة الليل والنهار.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

القول من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وانهم أمنوا على أنفسهم وعيالاتهم.

٢٤ ـ في روضة الكافي باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل وفي آخره يقول كان على أفضل الناس بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله واولى الناس بالناس حتى قالها ثلاثا.

٢٥ ـ في نهج البلاغة قالعليه‌السلام : فو الله انى لاولى الناس بالناس.

٢٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن عبد الله بن جعفر بن أبي ـ طالب حديث طويل وفيه قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: انا اولى بالمؤمنين من أنفسهم، من كنت اولى به من نفسه فأنت اولى به من نفسه، وعلى بين يديهعليهما‌السلام في البيت.

٢٧ ـ في الكافي محمد بن يحيى وغيره عن أحمد بن محمد عن الحسن بن الجهم عن حنان قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أي شيء للموالي؟ فقال: ليس لهم من الميراث إلّا ما قال اللهعزوجل ( إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً )

٢٨ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن ابن أبي الحمراء قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أي شيء للموالي من الميراث؟ فقال: ليس لهم شيء إلّا الترباء يعنى التراب.

قال عز من قائل:( وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً ) .

٢٩ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان عن إسماعيل الجعفي عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: كانت شريعة نوح صلى الله عليه أنْ يعبد الله بالتوحيد والإخلاص وخلع الأنداد، وهي الفطرة التي فطر الناس عليها، وأخذ الله ميثاقه على نوح وعلى النبيين صلى الله عليهم أجمعين أنْ يعبدوا الله تعالى ولا يشركوا به شيئا، وأمر بالصلوة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والحلال والحرام ولم يفرض عليه احكام حدود ولا فرائض مواريث، فهذه شريعته والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل :( وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ

٢٤١

مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ) قال: هذه الواو زيادة في قوله: «ومنك» وانما هو منك ومن نوح فأخذ اللهعزوجل الميثاق لنفسه على الأنبياء ثم أخذ لنبيه على الأنبياء والائمة صلوات الله عليهم ثم أخذ للأنبياء على رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٣١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليعليهم‌السلام قال: إنّ يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنينعليه‌السلام : فان هذا هود قد انتصر الله له من أعدائه بالريح فهل فعل لمحمد شيئا من هذا؟ قال له عليٌّعليه‌السلام : لقد كان ذلك كذلك ومحمدعليه‌السلام اعطى ما هو أفضل من هذا، إنّ الله عز ذكره انتصر له من أعدائه بالريح يوم الخندق إذا أرسل عليهم ريحا تذرو الحصا، وجنودا لم يروها فزاد الله تبارك وتعالى محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله على هود بثمانية آلاف ملك، وفضله على هود بأن ريح عاد سخط وريح محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله رحمة، قال الله تبارك وتعالى:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها ) .

٣٢ ـ في مجمع البيان وقال أبو سعيد الخدري: قلنا يوم الخندق يا رسول الله هل من شيء نقوله فقد بلغت القلوب الحناجر؟ فقال: قولوا أللّهمّ استر عوراتنا وآمن روعاتنا؟ قال: فقلناها فضرب وجوه أعداء الله بالريح فهزموا.

٣٣ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن عليٍّعليه‌السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات: واما قوله:( إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ ) وقوله:( يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ ) وقوله للمنافقين:( وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا ) فان قوله:( إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ ) يقول: إنّي ظننت انى ابعث فأحاسب وقوله للمنافقين( وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا ) فهذا الظن ظن شك وليس الظن ظن يقين، والظن ظنان، ظن شك وظن يقين، فما كان من أمر معاد من الظن فهو ظن يقين، وما كان من أمر الدنيا فهو ظن شك. فافهم ما فسرت لك.

٣٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن أمير المؤمنين حديث

٢٤٢

طويل يقول فيهعليه‌السلام : اما انه سيأتى على الناس زمان يكون الحق فيه مستورا والباطل ظاهرا مشهورا، وذلك إذا كان اولى الناس به أعدائهم له،( وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُ ) وعظم الإلحاد، وظهر الفساد( هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً ) ونحلهم الأخيار أسماء الأشرار، فيكون جهد المؤمن أن يحفظ مهجته من أقرب الناس اليه، ثم يفتح الله الفرج لأوليائه ويظهر صاحب الأمر على أعدائه.

٣٥ ـ في مجمع البيان:( يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ ) بل ـ رفيعة السمك حصينة عن الصادقعليه‌السلام .

٣٦ ـ في تفسير العياشي عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ ) فقال: النساء، انهم قالوا:( إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ ) وكان بيوتهم في أطراف البيوت حيث ينفرد الناس فأكذبهم قال:( وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً ) وهي رفيعة السمك حصينة.

٣٧ ـ في نهج البلاغة من كتاب لهعليه‌السلام إلى معاوية جوابا ثم ذكرت ما كان من أمري وامر عثمان ولك أنْ تجاب عن هذه لرحمك منه، فأينا كان أعدى له وأهدى إلى مقاتله، امن بذل له نصرته فاستنقذه واستكفه أم من استنصره فتراخى عنه وبث المنون إليه حتى أتى قدره عليه؟ كلا والله لقد علم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلّا قليلا.

٣٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قولهعزوجل :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً* إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ ) الآية فانها نزلت في قصة الأحزاب من قريش والعرب الذين تحزبوا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: وذلك أنّ قريشا تجمعت في سنة خمس من الهجرة وساروا في العرب وجلبوا واستنفروهم لحرب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فوافوا في عشرة آلاف ومعهم كنانة وسليم وفزارة، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين اجلى بنى النضير وهم بطن من اليهود من المدينة وكان رئيسهم حبى ابن أخطب وهم يهود من بنى هارون على نبينا وعليه‌السلام فلما اجلاهم من المدينة صاروا الى

٢٤٣

خيبر وخرج حيي بن أخطب إلى قريش بمكة وقال لهم: إنّ محمدا قد وتركم وترنا وأجلانا من المدينة من ديارنا وأموالنا وأجلا بنى عمنا بنى قينقاع فسيروا في الأرض واجمعوا حلفاءكم وغيرهم وسيروا إليهم فانه قد بقي من قومي بيثرب سبعمائة مقاتل وهم بنو قريظة، وبينهم وبين محمد عهد وميثاق وانا أحملهم على نقض العهد بينهم وبين محمد، ويكونوا معنا عليهم فتأتون أنتم من فوق وهم من أسفل، وكان موضع بنى قريظة من المدينة على قدر ميلين، وهو الموضع الذي يسمى بئر بنى المطلب، فلم يزل يسير معهم حيي بن أخطب في قبائل العرب حتى اجتمعوا قدر عشرة آلاف من قريش وكنانة والأقرع بن حابس في قومه، والعباس بن مرداس في بنى سليم فبلغ ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فاستشار أصحابه وكانوا سبعمائة رجل فقال سلمان رضى الله عنه: يا رسول الله إنّ القليل لا يقاوم الكثير في المطاولة(١) ولا يمكنهم أنْ يأتونا من كل وجه، فانا كنا معاشر العجم في بلاد فارس إذا دهمنا دهم(٢) من عدونا نحفر الخنادق فيكون الحرب من مواضع معروفة، فنزل جبرئيلعليه‌السلام على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: أشار بصواب، فأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بحفرة من ناحية أحد إلى راتج(٣) وجعل على كل عشرين خطوة وثلثين خطوة قوما من المهاجرين والأنصار يحفرونه فأمر فحملت المساحي والمعاول، وبدأ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأخذ معولا فحفر في موضع المهاجرين بنفسه، وأمير المؤمنين صلوات الله عليه ينقل التراب من الحفرة حتى عرق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعيي وقال: لا عيش إلّا عيش الاخرة، أللّهمّ ارحم للأنصار والمهاجرين فلما نظر الناس إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يحفر اجتهدوا في الحفر ونقل التراب، فلما كان في اليوم الثاني بكروا إلى الحفر وقعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مسجد الفتح، فبينا المهاجرين والأنصار يحفرون إذ عرض لهم جبل لم تعمل المعاول فيه، فبعثوا جابر بن عبد الله الأنصار رضى الله عنه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يعلمه بذلك، قال جابر: فجئت إلى المسجد

__________________

(١) المطاولة هنا بمعنى المقاتلة.

(٢) دهمه: غشيه، والدهم: الداهية.

(٣) اسم موضع.

٢٤٤

ورسول الله مستلقى على قفاه ورداءه تحت رأسه وقد شد على بطنه حجرا، فقلت: يا رسول الله انه قد عرض لنا جبل لم تعمل المعاول فيه، فقام مسرعا حتى جاءه ثم دعا بماء في إناء فغسل وجهه وذراعيه ومسح على رأسه ورجليه ثم شرب ومج في ذلك الماء ثم صبه على ذلك الحجر، ثم أخذ معولا فضرب ضربة فبرقت برقة فنظرنا فيها إلى قصور الشام، ثم ضرب اخرى فبرقت برقة نظرنا فيها إلى قصور المدائن، ثم ضرب اخرى فبرقت برقة اخرى فنظرنا فيها إلى قصور اليمن، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اما انه سيفتح الله عليكم هذه المواطن التي برقت فيها البرق ثم انهال علينا الجبل(١) كما ينهال علينا الرمل، فقال جابر: فعلمت أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مقو، أي جائع لما رأيت على بطنه الحجر، فقلت: يا رسول الله هل لك في الغذاء؟ قال: ما عندك يا جابر؟ فقلت عناق(٢) وصاع من شعير. فقال: تقدم وأصلح ما عندك، قال جابر: فجئت إلى أهلي فأمرتها فطحنت الشعير وذبحت العنز وسلختها وأمرتها أنْ تخبز وتطبخ وتشوى.

فلما فرغت من ذلك جئت إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت: بأبى أنت وأمي يا رسول الله قد فرغنا فاحضر مع من أحببت. فقامصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى شفير الخندق ثم قال: يا معاشر المهاجرين والأنصار أجيبوا جابرا قال جابر: فكان في الخندق سبعمائة رجل، فخرجوا كلهم ثم لم يمر بأحد من المهاجرين والأنصار إلّا قال: أجيبوا جابرا قال جابر: فتقدمت وقلت لأهلي: قد والله أتاك محمّد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بما لا قبل به(٣) فقالت: أعلمته أنت بما عندنا؟ قال: نعم قالت: فهو أعلم بما أتى، قال جابر: فدخل رسول الله فنظر في القدر ثم قال: أغر في وأبقى، ثم نظر في التنور ثم قال: اخرجى

__________________

(١) يقال هال عليه التراب فانهال أي صبه فانصب.

(٢) لعناق كسحاب: الأنثى من أولاد المعز قبل استكمالها الحول.

(٣) لا قبل به أي لا طاقة به.

٢٤٥

وأبقى، ثم دعا بصحفة(١) فثرد فيها وغرف، فقال: يا جابر ادخل عشرة عشرة، فأدخلت عشرة فأكلوا حتى نهلوا(٢) وما يرى في القصعة إلّا آثار أصابعهم ثم قال: يا جابر على.

بالذراع فأتيته بالذراع فأكلوا وخرجوا ثم قال: ادخل على عشرة فأدخلتهم فأكلوا حتى نهلوا ولم ير في القصعة إلّا آثار أصابعهم، ثم قال: يا جابر على بالذراع فأكلوا وخرجوا ثم قال: ادخل على عشرة فأدخلتهم فأكلوا حتى نهلوا ولم ير في القصعة الا آثار أصابعهم، ثم قال: يا جابر على بالذراع فأتيته بالذراع فقلت: يا رسول الله كم للشاة من ذراع؟ قال: ذراعان قلت: والذي بعثك بالحق نبيا لقد أتيتك بثلاثة، فقال: لو سكت يا جابر لأكل الناس كلهم من الذراع، قال جابر: فأقبلت ادخل عشرة عشرة فيأكلون حتى أكلوا كلهم وبقي والله لنا من ذلك الطعام ما عشنا به أياما قال: وحفر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الخندق وجعل له ثمانية أبواب وجعل على كل باب رجلا من المهاجرين ورجلا من الأنصار مع جماعة يحفظونه، وقدمت قريش وكنانة وسليم وهلال فنزلوا الزغابة(٣) ففرغ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من حفر الخندق قبل قدوم قريش بثلاثة أيام، وأقبلت قريش ومعهم حيي بن أخطب، فلما نزلوا العقيق(٤) جاء حيي بن أخطب إلى بنى قريظة في جوف الليل وكانوا في حصنهم قد تمسكوا بعهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فدق باب الحصن فسمع كعب بن أسد قرع الباب، فقال لأهله: هذا أخوك قد شأم قومه(٥) وجاء الآن يشأمنا ويهلكنا ويأمرنا بنقض العهد بيننا و

__________________

(١) الصحفة: قصعة كبيرة منبسطة تشبع الخمسة قال الكسائي: أعظم القصاع: الجفنة ثم القصعة تشبع العشرة ثم الصحفة تشبع الخمسة ثم المئكلة تشبع الرجلين والثلاثة ثم الصحيفة تشبع الرجل.

(٢) النهل: ما أكل من الطعام. والناهل بمعنى الريان والمراد هنا الشبع.

(٣) الزغابة ـ بالضم ـ: موضع بقرب المدينة.

(٤) العقيق: اسم عدة مواضع بلاد العرب منها عقيق المدينة وهو على ثلثة أميال أو ميلين منها.

(٥) شأمهم وعليهم أي صادر شوما عليه.

٢٤٦

بين محمد، وقد وفي لنا محمد وأحسن جوارنا، فنزل إليه من غرفته فقال له: من أنت؟ قال: حيي بن أخطب، قد جئتك بعز الدهر، فقال كعب: بل جئتني بذل الدهر، فقال: يا كعب هذه قريش في قادتها وسادتها قد نزلت بالعقيق مع حلفائهم من كنانة، وهذه فزارة مع قادتها وسادتها قد نزلت الزغابة، وهذه سليم وغيرهم قد نزلوا حصن بنى ذبيان، ولا يفلت محمد من هذا الجمع أبدا فافتح الباب وانقض العهد الذي بينك وبين محمد، فقال كعب: لست بفاتح لك الباب ارجع من حيث جئت، فقال حيي: ما يمنعك من فتح الباب إلّا جشيشتك(١) التي في التنور تخاف أنْ أشركك فيها فافتح فانك آمن من ذلك فقال له كعب: لعنك الله قد دخلت عليَّ من باب دقيق ثمّ قال: افتحوا له الباب، ففتح له فقال: ويلك يا كعب انقض العهد الذي بينك وبين محمّد ولا ترد رأيى فانّ محمّدا لا يفلت من هذه الجموع أبدا، فانْ فاتك هذا الوقت لا تدرك مثله أبدا.

قال: واجتمع كل من كان في الحصن من رؤساء اليهود مثل غزال بن شمول وياسر بن قيس ورفاعة بن زيد والزبير بن باطا فقال لهم كعب: ما ترون؟ قالوا: أنت سيدنا والمطاع فينا وصاحب عهدنا، فان نقضت نقضنا وان أقمت أقمنا معك، وان خرجت خرجنا معك، فقال الزبير بن باطا ـ وكان شيخا كبيرا مجريا وقد ذهب بصره ـ: قد قرأت التوراة التي أنزلها الله في سفرنا بأنه يبعث نبيا في آخر الزمان يكون مخرجه بمكة ومهاجرته إلى المدينة في هذه البحيرة(٢) يركب الحمار العرى ويلبس الشملة ويجتزى بالكسيرات والتميرات وهو الضحوك القتال، في عينيه الحمرة وبين كتفيه خاتم النبوة، يضع سيفه على عاتقه لا يبالي من لاقى، يبلغ سلطانه منقطع الخف والحافر، فان كان هذا هو فلا يهولنه هؤلاء جمعهم ولو ناوته(٣)

__________________

(١) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر والبحار ومن كتب العامة كالسيرة لابن هشام وفي الأصل «حسيسك» بالسين والجشيشة: طعام يصنع من الجشيش وهو البر يطحن غليظا.

(٢) قال الجزري: البحيرة: مدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

(٣) المناواة: المعاداة.

٢٤٧

هذه الجبال الرواسي لغلبها، فقال حيي: ليس هذا وذاك ذاك النبي من بنى إسرائيل وهذا من العرب من ولد إسماعيل، ولا يكون بنو إسرائيل اتباعا لولد إسماعيل أبدا لان الله قد فضلهم على الناس جميعا، وجعل فيهم النبوة والملك، وقد عهد إلينا موسى( أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ ) ، وليس مع محمّد آية وانما جمعهم جمعا وسخرهم ويريد أنْ يغلبهم بذلك فلم يزل يقلبهم عن رأيهم حتى أجابوه فقال لهم: اخرجوا الكتاب الذي بينكم وبين محمد فأخرجوه فأخذه حيي بن أخطب ومزقه وقال: قد وقع الأمر فتجهزوا وتهيأوا للقتال وبلغ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك فغمه غما شديدا، وفزع أصحابه فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لسعد بن معاذ وأسيد بن حصين وكانا من الأوس وكانت بنو قريظة حلفاء الأوس فانظرا ما صنعوا فان كانوا نقضوا العهد فلا تعلما أحدا إذا رجعتما إلى وقولا عضل والقارة(١) فجاء سعد بن معاذ وأسيد بن حصين إلى باب الحصن فأشرف عليهما كعب من الحصن فشتم سعدا وشتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . فقال له سعد: انما أنت ثعلب في جحر لتولين قريش وليحاصرنك رسول الله ثم لينرلنك على الصغر والقماء(٢) وليضربن عنقك، ثم رجعا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: عضل والقارة(٣) فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لعنا نحن أمرناهم بذلك وذلك انه كان على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عيون لقريش يتجسسون أخباره(٤) وكانت

__________________

(١) عضل والقارة: قبيلتان من كنانة غدروا بأصحاب الرجيع خبيب وأصحابه، حيث طلبت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نفرا من المسلمين ليعلموهم فقالوا: يا رسول الله فينا إسلاما فابعث معنا نفرا من أصحابك يفقهوننا في الدين فبعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عشرة من أصحابه فيهم خبيب بن عدى سنة من المهاجرين وأربعة من الأنصار فخرجوا حتى إذا كانوا على الرجيع وهو ماء غدروا بهم وقتلوا منهم ستة أو ثمانية وأسروا خبيب إلى آخر ما ذكره المؤرخون وسيأتى من المصنف بيان في ذلك.

(٢) القماء: الذل والصفار.

(٣) أي غدروا كغدر عضل والقارة بأصحاب الرجيع.

(٤) قوله «لعنا» قال المجلسي (ره) أي لعن العضل والقارة والمراد كل من غدر ثم قال:صلى‌الله‌عليه‌وآله على سبيل التورية. نحن امرناهم بذلك أي نحن أمرنا بنى قريظة أنْ يظهر والغدر للمصلحة ـ

٢٤٨

عضل والقارة قبيلتان من العرب دخلا في الإسلام ثم غدرا فكان إذا عدل أحد ضرب بهما المثل فيقال: عضل والقارة.

ورجع حيي بن أخطب إلى أبي سفيان وقريش فأخبرهم بنقض بنى قريظة العهد بينهم وبين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ففرحت قريش بذلك، فلما كان في جوف الليل جاء نعيم بن مسعود الأشجعي إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد كان أسلم قبل قدوم قريش بثلاثة أيام فقال: يا رسول الله قد آمنت بالله وصدقتك وكتمت إيماني عن الكفرة، فان أمرتنى أن آتيك بنفسي وأنصرك بنفسي فعلت، وان أمرتنى أنْ أخذل بين اليهود وبين قريش فانه أوقع عندي، قال: فتأذن لي أنْ أقول فيك ما أريد؟ قال: قل ما بدا لك، فجاء إلى أبي سفيان فقال له: أتعرف مودّتى لكم ونصحى ومحبّتي أنْ ينصركم الله على عدوكم، وقد بلغني أنّ محمّدا قد وافق اليهود أنْ يدخلوا بين عسكركم ويميلوا عليكم ووعدهم إذا فعلوا ذلك أن يرد عليهم جناحهم الذي قطعه بنى النضير وقينقاع، فلا أرى أنْ تدعوهم أن يدخلوا عسكركم حتى تأخذوا منهم رهنا تبعثوا به إلى مكّة فتأمنوا مكرهم وغدرهم، فقال أبو سفيان: وفقك الله وأحسن جزاك منك من أهدى النصائح، ولم يعلم أبو سفيان بإسلام نعيم ولا أحد من اليهود، ثم جاء من فوره ذلك إلى بنى قريظة فقال له: يا كعب تعلم مودتى لكم وقد بلغني أنّ أبا سفيان قال: نخرج بهؤلاء اليهود فنضعهم في نحر محمّد فان ظفروا كان الذكر لنادونهم، وان كانت علينا كانوا هؤلاء مقاديم الحرب فما ارى لكم أن تدعوهم يدخلوا عسكركم حتى تأخذوا منهم عشرة من أشرافهم يكونون في حصنكم، انهم إنْ لم يظفروا بمحمّد لم يبرحوا حتى يردوا عليكم عهدكم وعقدكم بين محمّد وبينكم، لأنه إنْ ولت قريش ولم تظفروا بمحمّد غزاكم محمّد فيقتلكم، فقالوا: أحسنت وأبلغت في النصيحة لا نخرج من حصننا حتى نأخذ منهم رهنا يكونون في حصننا.

__________________

وهم موافقون لنا في الباطن وانما قال ذلك لئلا يكون هنا لك عين من عيون قريش فيعلموا بالغدر فيصير سببا لجرأتهم.

٢٤٩

وأقبلت قريش فلما نظروا إلى الخندق قالوا: هذه مكيدة ما كانت العرب تعرفها قبل ذلك، فقيل لهم: هذا من تدبير الفارسي الذي معه، فوافى عمرو بن عبد ود وهبيرة بن وهب وضرار بن الخطاب إلى الخندق، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد صف أصحابه بين يديه فصاحوا بخيلهم حتى ظفروا الخندق(١) إلى جانب رسول الله فصاروا أصحاب رسول الله كلهم خلف رسول الله وقدموا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بين أيديهم، وقال رجل من المهاجرين وهو فلان لرجل بجنبه من إخوانه: اما ترى هذا الشيطان عمروا لا والله ما يفلت من يديه أحد، فهلموا ندفع إليه محمدا ليقتله ونلحق نحن بقومنا، فأنزل اللهعزوجل : على نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك الوقت:( قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ ) إلى قوله تعالى:( أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمالَهُمْ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً ) وركز عمرو بن عبد ود رمحه في الأرض وأقبل يجول جولة ويرتجز ويقول :

ولقد بححت من النداء لجمعكم هل من مبارز

ووقفت إذ جبن الشجاع مواقف القرن المناجز(٢)

انى كذلك لم أزل متسرعا نحو الهزاهز

ان الشجاعة في الفتى والجود من خير الغرايز(٣)

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من لهذا الكلب؟ فلم يجبه أحد فوثب إليه أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال: أنا له يا رسول الله، فقال: يا عليُّ هذا عمرو بن عبد ود فارس يليل(٤)

__________________

(١) الطفرة ـ: الوثبة في ارتفاع.

(٢) بح بححا: اخذه بحة وخشونة وغلظ في صوته والمناجزة في الحرب: المبارزة والمقاتلة.

(٣) الهزاهز: البلايا والحروب والشدائد التي تهز أي تحرك الناس والغريزة الطبيعة.

(٤) يليل: واد قرب من بدر وقيل له فارس يليل لأنه أقبل في ركب من قريش حتى إذ هو ـ

٢٥٠

فقال: أنا عليُّ بن أبي طالب، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ادن منى فدنا منه فعممه بيده ودفع إليه سيفه ذا الفقار وقال له: اذهب وقاتل بهذا وقال: أللّهمّ احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته، فمر أمير المؤمنين صلوات الله عليه يهرول في مشيه وهو يقول :

لا تعجلن فقد أتاك مجيب صوتك غير عاجز

ذو نية وبصيرة والصدق منجى كل فائز

انى لأرجو أنْ أقيم عليك نائحة الجنائز

من ضربة نجلاء يبقى صيتها بعد الهزاهز(١)

فقال له عمرو: من أنت؟ قال: انا عليّ بن أبي طالب ابن عم رسول الله وختنه فقال: والله إنّ أباك كان لي صديقا ونديما وانى أكره أنْ أقتلك. ما آمن ابن عمّك حين بعثك إليَّ أنْ اختطفك برمحي هذا فاتركك شائلا(٢) بين السماء والأرض لا حي ولا ميت، فقال له أمير المؤمنين صلوات الله عليه: قد علم ابن عمّى انك إنْ قتلتني دخلت الجنة وأنت في النار، وان قتلتك فأنت في النار وأنا في الجنة. فقال عمروا: كلتاهما لك يا عليُّ، تلك إذا قسمة ضيزى فقال عليٌّ صلوات الله عليه: دع هذا يا عمرو انى سمعت منك وأنت متعلّق بأستار الكعبة تقول: لا يعرضنّ عليَّ أحد في الحرب ثلاث خصال إلّا أجبته إلى واحدة منها، وانا أعرض إليك ثلاث خصال فأجبنى إلى واحدة قال: هات يا عليُّ، قال: أحدها تشهد أنْ لا إله إلّا الله وانّ محمّدا رسول الله، قال: نح عنى هذا فاسأل الثانية، فقال: أنْ ترجع وترد هذا الجيش عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فانْ يك صادقا فأنتم أعلى به عينا وانْ يك كاذبا كفتكم ذؤبان العرب أمره(٣) قال: إذا

__________________

ـ بيليل عرضت لهم بنو بكر في عدد فقال لأصحابه: امضوا فمضوا فقام في وجوه بنى بكر حتى منعهم من أنْ يصلوا إليه فعرف بذلك.

(١) طعنة نجلاء أي واسعة.

(٢) شائلا أي مرتفعا.

(٣) قولهعليه‌السلام أعلى به عينا أي أبصر به وأعلم بحاله. وذؤبان العرب، صعاليكها ولصوصها.

٢٥١

تتحدث نساء قريش وتنشد الشعراء في أشعارها انى جبنت ورجعت على عقبى من الحرب وخذلت قوما رأسونى عليهم؟ فقال له أمير المؤمنين: فالثالثة أنْ تنزل إلى قتالي فانك فارس وانا راجل حتى أنابذك(١) فوثب عن فرسه وعرقبه(٢) وقال: هذه خصلة ما ظننت أنّ أحدا من العرب يسومني عليها(٣) ثمّ بدأ فضرب أمير المؤمنين صلوات الله عليه بالسيف على رأسه فاتقاه أمير المؤمنين بالدَّرْقة(٤) فقطعها وثبت السيف على رأسه فقال له عليٌّ صلوات الله عليه: يا عمرو ما كفاك انى بارزتك وأنت فارس العرب حتى استعنت عليَّ بظهير؟ فالتفت عمرو إلى خلفه فضربه أمير المؤمنين صلوات الله عليه مسرعا إلى ساقيه فقطعهما جميعا وارتفعت بينهما عجاجة(٥) فقال المنافقون: قتل عليُّ بن أبي طالب، ثمّ انكشفت العجاجة ونظروا فاذا أمير المؤمنين صلوات الله عليه على صدره قد أخذ بلحيته يريد أن يذبحه ثمّ أخذ رأسه وأقبل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والدماء تسيل على رأسه من ضربة عمرو، وسيفه يقطر منه الدم وهو يقول والرأس بيده :

انا ابن عبد المطّلب(٦)

الموت خير للفتى من الهرب

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يا عليُّ ما كرته؟ قال: نعم يا رسول الله الحرب خديعة وبعث رسول الله الزبير إلى هبيرة بن وهب فضربه على رأسه ضربة فلق هامته وأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عمر بن الخطاب أن يبارز ضرار بن الخطاب، فلما برز إليه ضرار انتزع له عمر سهما فقال له ضرار: ويلك يا ابن صهاك أترميني في مبارزة والله لئن رميتني لا تركت عدويّا بمكة إلّا قتلته، فانهزم عند ذلك عمر، ومر نحو ضرار وضربه ضرار على رأسه

__________________

(١) المنابذة: المكاشفة والمقاتلة.

(٢) عرقبه أي قطع عرقوبه والعرقوب: عصب غليظ فوق العقب.

(٣) سام فلانا الأمر: كلفه إياه.

(٤) الدَّرقة ـ محركة ـ: التـّـرس من جلود ليس فيها خشب ولا عَقَب.

(٥) العجاج ـ كسحاب ـ: الغبار.

(٦) في المصدر «انا على وابن عبد المطلب».

٢٥٢

بالقناة ثم قال: احفظها يا عمر فانى آليت ألّا أقتل قرشيا ما قدرت عليه فكان عمر يحفظ له ذلك بعد ما ولّى وولّاه.

فبقي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يحاربهم في الخندق خمسة عشر يوما، فقال أبو سفيان لحيي بن أخطب: ويلك يا يهودي أين قومك؟ فصار حيي بن أخطب إليهم فقال: ويلكم اخرجوا فقد نابذكم الحرب فلا أنتم مع محمّد ولا أنتم مع قريش؟ فقال كعب: لسنا خارجين حتى تعطينا قريش عشرة من أشرافهم رهنا يكونون في حصننا انهم ان لم يظفروا بمحمّد لم يبرحوا حتى يرد محمّد علينا خلاف عهدنا وعقدنا فانا لا نأمن أنْ تمر قريش ونبقى نحن في عقر دارنا ويغزونا محمّد فيقتل رجالنا ويسبى نسائنا وذرارينا، وان لم نخرج لعلّه يرد علينا عهدنا، فقال له حيي بن أخطب: تطمع في غير مطمع، قد نابذت العرب محمّدا الحرب فلا أنتم مع محمّد ولا أنتم مع قريش، فقال كعب: هذا من شؤمك انما أنت طائر تطير مع قريش غدا وتتركنا في عقر دارنا ويغزونا محمّد، فقال له: لك عهد الله عليّ وعهد موسى انه لم يظفر قريش بمحمّد انى أرجع معك إلى حصنك يصيبني ما يصيبك فقال كعب: هو الذي قد قلته لك إنْ أعطتنا قريش رهنا يكونون عندنا والا لم نخرج، فرجع حيي بن اخطب إلى قريش فأخبرهم فلما قال: يسألون الرهن قال أبو سفيان: هذا والله أول الغدر قد صدق نعيم بن مسعود لا حاجة في اخوان القردة والخنازير، فلما طال على أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الأمر واشتد عليهم الحصار وكانوا في وقت برد شديد وأصابتهم مجاعة وخافوا من اليهود خوفا شديدا، وتلكم المنافقون بما حكى اللهعزوجل عنهم ولم يبق أحد من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلّا نافق إلّا القليل، وقد كان رسول الله أخبر أصحابه أنّ العرب تتحزب عليَّ ويجيئونا من فوق وتغدر اليهود ونخافهم من أسفل وانه يصيبهم جهد شديد ولكن يكون العاقبة لي عليهم، فلما جاءت قريش وغدرت اليهود قال المنافقون:( ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً ) وكان قوم لهم دور في أطراف المدينة فقالوا: يا رسول الله تأذن لنا أنْ نرجع إلى دورنا فانها في أطراف المدينة وهي عورة، ونخاف اليهود أنْ يغيروا عليها؟ وقال قوم: هلموا فنهرب ونصبر في البادية ونستجير بالاعراب، فانّ الذي

٢٥٣

يعدنا محمّد كان باطلا كلّه، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أصحابه أنْ يحرسوا المدينة بالليل وكان أمير المؤمنين صلوات الله عليه على العسكر كله بالليل يحرسهم، فان تحرك أحد من قريش نابذهم، وكان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يجوز الخندق ويصير إلى قرب قريش حيث يراهم فلا يزال الليل كله قائما وحده يصلّي فاذا أصبح رجع إلى مركزه، ومسجد أمير المؤمنين صلوات الله عليه هناك معروف يأتيه من يعرفه فيصلى فيه وهو من مسجد الفتح إلى العقيق أكثر من غلوة نشاب، فلما رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من أصحابه الجزع لطول الحصار صعد إلى مسجد الفتح وهو الجبل الذي عليه مسجد الفتح اليوم.

فدعا اللهعزوجل وناجاه فيما وعده وكان مما دعاه أن قال: يا صريخ المكروبين ويا مجيب دعوة المضطرين ويا كاشف الكرب العظيم أنت مولاي ووليي وولى آبائي الأولين، اكشف عنا غمنا وهمنا وكربنا، واكشف عنا شر هؤلاء القوم بقوتك وحولك وقدرتك، فنزل عليه جبرئيلعليه‌السلام فقال: يا محمّد إنَّ اللهعزوجل قد سمع مقالتك وأجاب دعوتك وأمر الدبور وهي الريح مع الملائكة ان تهزم قريشا والأحزاب وبعث اللهعزوجل على قريش الدبور فانهزموا وقلعت أخبيتهم، ونزل جبرئيل فأخبره بذلك فنادى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حذيفة بن اليمان رضى الله عنه وكان قريبا منه فلم يجبه، ثم ناداه ثانيا فلم يجبه، ثم ناداه الثالثة فقال: لبيك يا رسول الله، قال: أدعوك فلا تجيبني؟! قال: يا رسول الله بأبى أنت وأمي من الخفوف والبرد والجوع فقال: ادخل في القوم وائتنا بأخبارهم ولا تحدثن حدثا حتى ترجع إليَّ فان الله قد أخبرنى انه قد أرسل الرياح على قريش وهزمهم، قال حذيفة: فمضيت وانا انتفض من البرد، فو الله ما كان إلّا بقدر ما جزت الخندق حتى كأنى في حمام فقصدت خباء عظيما فاذا نار تخبو وتوقد، وإذا خيمة فيها أبو سفيان قد دلا خصيتيه على النار وهو ينتفض من شدة البرد ويقول: يا معشر قريش ان كنا نقاتل أهل السماء بزعم محمّد فلا طاقة لنا بأهل السماء وان كنا نقاتل أهل الأرض فنقدر عليهم، ثم قال: لينظر كل رجل منكم إلى جليسه لا يكون لمحمد عين فيما بيننا قال حذيفة: فبادرت أنا فقلت للذي عن يميني: من أنت؟ فقال: أنا عمرو بن العاص، ثم قلت للذي عن يساري: من أنت؟ قال: انا معاوية، و

٢٥٤

انما بادرت إلى ذلك لئلا يسألني أحد من أنت، ثم ركب أبو سفيان راحلته وهي معقولة ولولا أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: لا تحدث حدثا حتى ترجع إليَّ لقدرت ان أقتله ثم قال أبو سفيان لخالد بن الوليد: يا أبا سليمان لا بد من ان أقيم أنا وأنت على ضعفاء الناس، ثم قال: ارتحلوا انا مرتحلون ففروا منهزمين، فلما أصبح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لأصحابه: لا تبرحوا فلما طلعت الشمس دخلوا المدينة وبقي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في نفر يسير وكان أبو عرقد الكناني رمى سعد بن معاذ بسهم في الخندق فقطع أكحله فنزفه الدم(١) فقبض سعد على أكحله بيده ثم قال: أللّهمّ ان كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فابقنى لها فلا أحد أحب إلى محاربتهم من قوم حاربوا الله ورسوله، وان كانت الحرب قد وضعت أوزارها بين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبين قريش فاجعلها لي شهادة ولا تمتنى حتى تقر عيني من بنى قريظة، فأمسكت الدم وتورمت يده وضرب له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في المسجد خيمة وكان يتعاهده بنفسه. فأنزل اللهعزوجل ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ ) يعنى بنى قريظة حين غدروا وخافوهم أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ ) إلى قوله:( إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً ) وهم الذين قالوا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تأذن لنا نرجع إلى منازلنا فانها في أطراف المدينة، ونخاف اليهود عليها. فانزل اللهعزوجل فيهم:( إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً ) إلى قوله تعالى( وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً ) ونزلت هذه الآية في الثاني لـمّا قال لعبد الرحمن بن عوف: هلم ندفع محمدا إلى قريش ونلحق نحن بقومنا.

٣٨ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل وفيه:ولان الصبر على ولاة الأمر مفروض لقول اللهعزوجل لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ) وإيجابه مثل ذلك على أوليائه وأهل طاعته بقوله:( لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) .

__________________

(١) نزفه الدم أي سال كثيرا حتى أضعفه.

٢٥٥

٣٩ ـ وفيه أيضا عن أمير المؤمنينعليه‌السلام كلام طويل وفيه واما قولكم انى جعلت الحكم إلى غيري وقد كنت عندكم أحكم الناس فهذا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد جعل الحكم إلى سعد يوم بنى قريظة وكان احكم الناس. وقد قال الله:( لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) فتأسيت برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٤٠ ـ في مجمع البيان قال ثعلبة بن حاطب وكان رجلا من الأنصار للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ادع الله أن يرزقني مالا، فقال: يا ثعلبة قليل تؤدى شكره خير من كثير لا تطيقه أما لك في رسول الله أسوة حسنة، والذي نفسي بيده لو أردت ان تسير الجبال معى ذهبا وفضة لسارت.

٤١ ـ في أصول الكافي أحمد بن مهرانرحمه‌الله رفعه وأحمد بن إدريس ومحمد بن عبد الجبار الشيباني قال: حدّثني القاسم بن محمد الرازي قال: حدّثني علي بن محمد الهرمزاني عن أبي عبد الله الحسين بن عليّعليهما‌السلام قال: لـمّا قبضت فاطمةعليها‌السلام دفنها أمير المؤمنينعليه‌السلام سرا وعفي على موضع قبرها(١) ثم قال: فحول وجهه إلى قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: السلام عليك يا رسول الله عنى والسلام عليك عن ابنتك والبائنة في الثرى ببقعتك، والمختار الله لها سرعة اللحاق(٢) بك قل يا رسول الله عن صفيتك صبري وعفي عن سيدة نساء العالمين تجلدي(٣) إلّا أنّ في التأسى لي بسنتك في فرقتك موضع تعزو والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٢ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن النعمان عن سعيد الأعرج قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: نام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن الصبح واللهعزوجل أنامه حتى طلعت الشمس عليه، وكان ذلك رحمة من ربك للناس، ألآ ترى لو أنّ رجلا نام حتى تطلع الشمس لعيّره الناس وقالوا: لا تتورّع لصلوتك فصارت أسوة وسنة، فان قال رجل لرجل: نمت عن الصلوة، قال: قد نام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فصارت أسوة

__________________

(١) العفو: المحو: وعفى على الأرض: غطاها بالنبات.

(٢) في الوافي: والمختار الله اضافة إلى الفاعل ومفعول سرعة اللحاق.

(٣) عفى عن الشيء: أمسك عنه. والتجلد: تكلف الجلد ـ بالتحريك ـ وهو القوة والشدة.

٢٥٦

ورحمة، رحم الله سبحانه بها هذه الامة.

٤٣ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن النعمان عن سعيد الأعرج قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: صلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم سلم في ركعتين فسأله من خلفه يا رسول الله أحدث في الصلوة شيء؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: انما صليت ركعتين قال: أكذلك يا ذا اليدين وكان يدعى ذا الشمالين، فقال: نعم فبنى على صلوته فأتم الصلوة أربعا وقال: إنّ الله هو أنساه رحمة للامة، ألآ ترى لو أنّ رجلا صنع هذا لعير وقيل: ما تقبل صلوتك، فمن دخل عليه اليوم ذاك قال: قد من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وصارت أسوة وسجد سجدتين لمكان الكلام.

٤٤ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا صلى العشاء الاخرة أمر بوضوئه وسواكه يوضع عند رأسه مخمرا(١) فيرقد ما شاء الله ثم يقوم فيستاك ويتوضأ ويصلى أربع ركعات، ثم يرقد ثم يقوم فيستاك ويتوضأ ويصلى أربع ركعات ثم يرقد، حتى إذا كان في وجه الصبح قام فأوتر ثم صلى الركعتين ثم قال:( لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ )

٤٥ ـ في كتاب الخصال عن عتبة بن عمر الليثي عن أبي ذررحمه‌الله قال: دخلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو في المسجد جالس إلى أنْ قال: قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : عليك بتلاوة كتاب الله، وذكر الله كثيرا، فانه ذكر لك في السماء، ونور لك في الأرض.

٤٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم ثم وصف اللهعزوجل المؤمنين أي المصدقين بما أخبرهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما يصيبهم في الخندق من الجهد فقال جل ذكره:( وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً ) يعنى ذلك الجهد والخوف وتسليما.

٤٧ ـ في الكافي حميد عن ابن سماعة عن عبد الله بن جبلة عن محمد بن مسعود الطائي عن عنبسة بن مصعب عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

__________________

(١) خمر الشيء: ستره.

٢٥٧

من استقبل جنازة أو رءاها فقال: الله أكبر( هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ ) وصدق الله أللّهمّ زدنا ايمانا وتسليما، الحمد لله الذي تعزز بالقدرة وقهر العباد بالموت لم يبق في السماء ملك إلّا بكى رحمة لصوته.

٤٨ ـ في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن أبيه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال لأبي بصير: يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه فقال:( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) انكم وفيتم بما أخذ الله عليه ميثاقكم من ولايتنا. وانكم لم تبدلوا بنا غيرنا، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٩ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد الأشعري عن عبد الله بن ميمون القداح عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليُّ من أحبّك ثم مات فقد قضى نحبه، ومن أحبّك ولم يمت فهو ينتظر، وما طلعت شمس ولا غربت إلّا طلعت عليه برزق وايمان وفي نسخة نور.

٥٠ ـ في كتاب الخصال عن جابر الجعفي عن أبي جعفرعليه‌السلام عن أمير المؤمنين حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : ولقد كنت عاهدت الله تعالى ورسوله انا وعمى حمزة وأخى جعفر وابن عمى عبيدة على أمر وفينا به لله تعالى ولرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله فتقدمني أصحابى وتخلفت بعدهم لما أراد الله تعالى فأنزل الله فينا( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) حمزة وجعفر وعبيدة وانا والله المنتظر يا أخا اليهود وما بدلت تبديلا.

٥١ ـ عن الأعمش عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام قال: هذه شرائع الدين إلى أنْ قالعليه‌السلام : والولاية للمؤمنين الذين لم يغيروا ولم يبدلوا بعد نبيهمعليه‌السلام وأحبته مثل سلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري والمقداد بن الأسود الكندي وعمار بن ياسر وجابر بن عبد الله الأنصاري وحذيفة بن اليمان وأبي الهيثم بن التيهان وسهل بن حنيف وأبي أيوب الأنصاري وعبد الله بن الصامت وعبادة بن الصامت وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين وأبي سعيد الخدري ومن نحى نحوهم وفعل مثل فعلهم، والولاية

٢٥٨

لاتباعهم والمقتدمين بهم وبهداهم واجبة.

٥٢ ـ في عيون الأخبار في باب ما كتبه الرضاعليه‌السلام للمأمون من محض الإسلام وشرائع الدين والولاية لأمير المؤمنينعليه‌السلام والذين مضوا على منهاج نبيهم، ولم يغيروا ولم يبدلوا مثل سلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري، وذكر نحو ما نقلنا عن الخصال بتغيير يسير.

٥٣ ـ في مجمع البيان وروى أبو القاسم الحسكاني عن عمرو بن ثابت عن أبي إسحاق عن عليٍّعليه‌السلام قال: فينا نزلت:( رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ ) فانا والله المنتظر ما بدلت تبديلا.

٥٤ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاوسرحمه‌الله فصل فيما نذكره من مجلد قالب الثمن عتيق عليه مكتوب الاول من تفسير أبي جعفر بن محمد بن علي بن الحسين صلوات الله عليهما رواية أبي الجارود عنه وقال بعد هذا: فصل فيما نذكره من الجزء الثالث من تفسير الباقرعليه‌السلام من وجهة ثانية من ثانى سطر بلفظه واما قوله:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) يقول: كونوا مع عليّ بن أبي طالب وآل محمّد، قال الله:( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ ) وهو حمزة بن عبد المطلب( وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ) وهو عليّ بن أبي طالب يقول الله( وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) وقال الله:( اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) وهم هاهنا آل محمد.

٥٥ ـ في إرشاد المفيدرحمه‌الله في مقتل الحسينعليه‌السلام : إنَّ الحسين مشى إلى مسلم بن عوسجة لـمّا صرع فاذا به رمق فقال: رحمك الله يا مسلم( فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) .

٥٦ ـ في كتاب مقتل الحسين لأبي مخنف ان الحسينعليه‌السلام لـمّا أخبر بقتل رسوله عبد الله بن يقطر تغرغرت عينه بالدموع(١) وفاضت على خديه ثم قال :

__________________

(١) أي ترددت فيها الدموع.

٢٥٩

( فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) .

٥٧ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب ان أصحاب الحسينعليه‌السلام بكربلا كانوا كل من أراد الخروج ودع الحسينعليه‌السلام وقال: السلام عليك يا ابن رسول الله فيجيبه: وعليك السلام ونحن خلفك ويقرأ( فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ) .

٥٨ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن نصير أبي الحكم الخثعمي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: المؤمن مؤمنان فمؤمن صدق بعهد الله جل وعز ووفي بشرطه، وذلك قول اللهعزوجل :( رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ ) وذلك الذي لا يصيبه أهوال الدنيا ولا أهوال الاخرة، وذلك ممن يشفع ولا يشفع له، ومؤمن كخامة الزرع(١) يعوج أحيانا ويقوم أحيانا، فذلك ممن يصيبه أهوال الدنيا وأهوال الاخرة وذلك ممن يشفع له ولا يشفع.

٥٩ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن عبد الله عن خالد القمى عن خضر بن عمرو عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: المؤمن مؤمنان: مؤمن وفي للهعزوجل بشروطه التي اشترطها عليه، فذلك مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، فذلك ممن يشفع ولا يشفع له وذلك ممن لا يصيبه أهوال الدنيا ولا أهوال الاخرة، ومؤمن زلت به قدم، وذلك كخامة الزرع كيف ما كفته الريح انكفأ، وذلك ممن يصيبه أهوال الدنيا وأهوال الاخرة ويشفع له وهو على خير.

٦٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن الحسن بن عليعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه لمعاوية: لعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أبا سفيان في سبعة مواطن إلى قوله: والرابع يوم حنين جاء أبو سفيان بجمع من قريش وهوازن وجاء عيينة بغطفان واليهود فردهم اللهعزوجل ( بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً ) ، هذا قول اللهعزوجل الذي أنزله في سورتين في كلتيهما يسمى أبا سفيان وأصحابه كفارا، وأنت يا معاوية يومئذ

__________________

(١) الخامة من الزرع: أول ما ينبت على ساق، وقيل: الطاقة الغضة وقيل: الشجرة الغضة.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652