تفسير نور الثقلين الجزء ٤

تفسير نور الثقلين9%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 652

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 652 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 301848 / تحميل: 6181
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

بالله شيئا وان حرقت بالنار وعذبت إلّا وقلبك مطمئن بالايمان، ووالديك فأطعهما وبرهما حيين كانا أو ميتين، وإنْ أمراك أن تخرج من أهلك ومالك فافعل، فان ذلك من الايمان.

٢٩ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد وعلى بن محمد عن صالح بن أبي حماد جميعا عن الوشا عن أحمد بن عائذ عن أبي خديجة سالم بن مكرم عن معلى بن خنيس عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: جاء رجل وسأل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن بر الوالدين فقال: ابرر أمك ابرر أمك ابرر أمك، ابرر أباك ابرر أباك ابرر أباك، وبدء بالأم قبل الأب.

٣٠ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن علي بن عقبة عن عمر بن يزيد قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: شكر كل نعمة وان عظمت ان يحمد اللهعزوجل .

٣١ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن اسمعيل بن مهران عن سيف بن عميرة عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : هل للشكر حد إذا فعله العبد كان شاكرا؟ قال: نعم قلت: ما هو؟ قال يحمد الله على كل نعمة عليه في أهل ومال، وان كان فيما أنعم عليه في ماله حق أداه، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٢ ـ أبو على الأشعري عن عيسى بن أيوب عن علي بن مهزيار عن القاسم بن محمد عن إسماعيل بن أبي الحسن عن رجل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من أنعم الله عليه بنعمة فعرفها بقلبه فقد ادى شكرها.

٣٣ ـ على عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي عبد الله صاحب السابري فيما اعلم أو غيره عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: اوحى اللهعزوجل إلى موسىعليه‌السلام : يا موسى اشكرني حق شكري فقال: يا رب وكيف أشكرك حق شكرك وليس من شكر أشكرك به إلّا وأنت أنعمت به عليَّ؟ قال: يا موسى الآن شكرتني حين علمت أنّ ذلك منّي.

٣٤ ـ في عيون الأخبار باسناده إلى الرضاعليه‌السلام حديث طويل وفيه يقولعليه‌السلام : وامر بالشكر له وللوالدين، فمن لم يشكروا لديه لم يشكر الله تعالى.

٣٥ ـ وباسناده إلى محمود بن أبي البلاد قال: سمعت الرضاعليه‌السلام يقول: من لم يشكر المنعم من المخلوقين لم يشكر اللهعزوجل .

٢٠١

٣٦ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن بسطام بن مرة عن إسحاق بن حسان عن الهيثم بن واقد عن علي بن الحسين العبدي عن سعد الإسكاف عن الأصبغ بن نباتة أنه سأل أمير المؤمنينعليه‌السلام عن قوله تعالى:( أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ) فقال الوالدان اللذان أوجب الله لهما الشكر، هما اللذان ولدا العلم وورثا الحكم، وأمر الناس بطاعتهما ثم قال الله: «الى المصير» فمصير العباد إلى الله، والدليل على ذلك الولدان، ثم عطف القول على ابن حنتمة(١) وصاحبه فقال في الخاص والعام:( وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ) تقول في الوصية وتعدل عمن أمرت بطاعته فلا تطعهما ولا تسمع قولهما ثم عطف القول على الوالدين فقال:( وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً ) يقول: عرفت الناس فضلهما وادع إلى سبيلهما، وذلك كقوله:( وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ ) فقال: إلى الله ثم إلينا فاتقوا الله ولا تعصوا الوالدين فان رضاهما رضا الله وسخطهما سخط الله.

٣٧ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن عبد الله بن بحر عن عبد الله بن مسكان عمن رواه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال ـ وأنا عنده ـ لعبد الواحد الأنصاري في بر الوالدين في قول اللهعزوجل ، وبالوالدين إحسانا. فظننا انها الآية التي في بنى إسرائيل:( وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ) فلما كان بعد سألته فقال: هي التي في بنى إسرائيل:( وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ) فلما كان بعد سألته فقال: هي التي في لقمان( وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جاهَداكَ ) ( عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما ) فقال: إنّ ذلك أعظم من أن يأمر بصلتهما وحقهما على كل حال( وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) فقال: لا بل يأمر بصلتهما وان جاهداه على الشرك ما زاد حقهما إلّا عظما.

٣٨ ـ في مصباح الشريعة قال الصادقعليه‌السلام : بر الوالدين من حسن معرفة العبد بالله، إذ لا عبادة أسرع بلوغا بصاحبها إلى رضا الله تعالى من حرمة الوالدين المسلمين لوجه الله، لان حق الوالدين مشتق من حق الله تعالى إذا كانا على منهاج الدين والسنة، ولا يكونان يمنعان الولد من طاعة الله تعالى إلى معصيته، ومن اليقين

__________________

(١) حنتمة بنت ذي الحرمين أم عمر بن الخطاب.

٢٠٢

الى الشك، ومن الزهد إلى الدنيا، ولا يدعو انه إلى خلاف ذلك، فاذا كانا كذلك فمعصيتهما طاعة وطاعتهما معصية، قال الله تعالى:( وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما ) واما في باب العشرة فدارهما واحتمل أذا هما نحوما احتملا عليك في حال صغرك، ولا تضيق عليهما مما قد وسع الله عليك من المال والملبوس، ولا تحول بوجهك عنهما ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما، فان تعظيمهما من الله تعالى وقل لهما بأحسن القول، والطفه فان الله لا يضيع أجر المحسنين.

٣٩ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب مرّ الحسين بن عليّعليهما‌السلام على عبد الرحمان بن عمرو بن العاص فقال عبد الله: من أحبّ أن ينظر إلى أحبّ أهل الأرض إلى أهل السماء فلينظر إلى هذا المجتاز، وما كلمته منذ ليالي صفين، فأتى به أبو سعيد الخدري إلى الحسينعليه‌السلام : فقال له الحسين: أتعلم أنّي أحبّ أهل الأرض إلى أهل السماء وتقاتلني وأبي يوم صفين؟ والله إنّ أبي لخيرٌ منى فاستعذر وقال: إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لي: أطع أباك، فقال له الحسينعليه‌السلام : أما سمعت قول الله تعالى:( وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما ) وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّما الطاعة بالمعروف، وقوله: لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق.

٤٠ ـ في عيون الأخبار في باب ما كتبه الرضاعليه‌السلام للمأمون من محض الإسلام وشرائع الدين: وبر الوالدين واجب وان كانا مشركين، ولا طاعة لهما في معصية الخالق ولا لغيرهما، فانه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

٤١ ـ في كتاب الخصال عن الأعمش عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام قال: هذه شرائع الدين إلى أنْ قالعليه‌السلام : وبر الوالدين واجب، فان كانا مشركين فلا تطعهما ولا غيرهما في المعصية، فانه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

٤٢ ـ عن سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول ـ وذكر كلاما طويلا ـ وفي أثنائه: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولا ينبغي للمخلوق ان يكون جنة لمعصية الله، فلا طاعة في معصية ولا طاعة لمن عصى الله.

٤٣ ـ في من لا يحضره الفقيه في ألفاظهصلى‌الله‌عليه‌وآله الموجزة: لا طاعة لمخلوق في

٢٠٣

معصية الخالق.

٤٣ ـ في محاسن البرقي باسناده عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل وفيه يقول أطيعوا آباءكم فيما أمروكم ولا تطيعوهم في معاصي الله.

٤٤ ـ وفيه حديث آخر عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله وفيه يقول: إنّي لا آمرك بعقوق الوالدين ولكن صاحبهما في الدنيا معروفا.

٤٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله( وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ) يقول: اتبع سبيل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٤٦ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشا عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سمعته يقول: اتقوا المحقرات من الذنوب. فان لها طالبا يقول أحدكم: أذنب واستغفر، إنّ اللهعزوجل يقول( وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ ) وقالعزوجل ( إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ) .

٤٧ ـ في مجمع البيان وروى العياشي بالإسناد عن ابن مسكان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: اتقوا المحقّرات من الذنوب فانّ لها طالبا، لا يقولن أحدكم: أذنب واستغفر الله إنّ الله تعالى يقول:( إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ ) الآية.

٤٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قال علي بن إبراهيمرحمه‌الله : ثمّ عطف على خبر لقمان وقصّته فقال جلّ ذكره:( يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ) قال من الرزق يأتك به الله( يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) .

٤٩ ـ في الكافي باسناده إلى معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى ربهم وأحب ذلك إلى اللهعزوجل ما هو؟ فقال: ما أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل من هذه الصلوة، ألآ ترى أنّ العبد الصالح عيسى بن مريمعليه‌السلام قال :

٢٠٤

( وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا ) .

٥٠ ـ علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن هارون بن خارجة عن زيد الشحام عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: أحب الأعمال إلى اللهعزوجل الصلوة وهي آخر وصايا الأنبياء.

٥١ ـ أبو داود عن الحسين بن سعيد عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام أنّه قال: الصلوة قربان كل تقى.

٥٢ ـ في من لا يحضره الفقيه في وصية أمير المؤمنينعليه‌السلام لابنه محمد بن الحنفية يا بنى اقبل من الحكماء مواعظهم، وتدبر أحكامهم وكن آخذ الناس بما تأمر به، وأكف الناس عما تنهى عنه، وامر بالمعروف تكن من أهله، فان استتمام الأمور عند الله تبارك وتعالى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.

٥٣ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن عيسى عن محمد بن عرفة قال: سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول: لتأمرون بالمعروف ولتنهن عن المنكر أو ليستعملن عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم.

٥٤ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن النعمان عن عبد الله بن مسكان عن داود بن فرقد عن أبي سعيد الزهري عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام قال: ويل لقوم لا يدينون الله بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.

٥٥ ـ وباسناده قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : قال: بئس القوم يعيبون الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.

٥٦ ـ في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه من الاربعمأة باب: ائمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر واصبروا على ما أصابكم.

٥٧ ـ في أصول الكافي باسناده إلى حفص بن غياث قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام يا حفص ان من صبر صبر قليلا ومن جزع جزع قليلا، ثمّ قال: عليك بالصبر في جميع أمورك فانّ اللهعزوجل بعث محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله فأمره بالصبر والرفق، فقال:( وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ ) وقال تبارك

٢٠٥

وتعالى:( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) فصبرصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى نالوه بالعظائم ورموه بها، والحديث وفيما أخذناه منه كفاية ان شاء الله تعالى.

٥٨ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن عبد الله بن بكر عن حمزة بن حمران عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: الجنة محفوظة بالمكاره والصبر، فمن صبر على المكاره في الدنيا دخل الجنة، وجهنم محفوفة باللذات والشهوات فمن أعطى نفسه لذتها وشهوتها دخل النار.

٥٩ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن سنان عن أبي الجارود عن الأصبغ قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : الصبر صبران: صبر عند المصيبة حسن جميل وأحسن من ذلك الصبر عند ما حرم اللهعزوجل عليك.

٦٠ ـ أبو على الأشعري عن الحسن بن علي الكوفي عن العباس بن عامر العزرمي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : سيأتى على الناس زمان لا ينال الملك فيه إلّا بالقتل والتجبر، ولا الغنى إلّا بالغصب والبخل، ولا المحبة إلّا باستخراج الدين واتباع الهوى، فمن أدرك ذلك الزمان فصبر على الفقر وهو يقدر على الغنى وصبر على البغضة وهو يقدر على المحبة، وصبر على الذل وهو يقدر على العز آتاه الله ثواب خمسين صديقا ممن صدق بى.

٦١ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن سيف بن عميرة عن ابن حمزة الثمالي قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : من ابتلى من المؤمنين ببلاء فصبر عليه كان له مثل أجر ألف شهيد.

٦٢ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان عن سماعة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ اللهعزوجل أنعم على قوم فلم يشكروا فصارت عليهم وبالا وابتلى قوما بالمصائب فصبروا فصارت عليهم النعمة.

٦٣ ـ أبو على الأشعري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن العلاء بن الفضيل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد ،

٢٠٦

فاذا ذهب الرأس ذهب الجسد. كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الايمان.

٦٤ ـ في مجمع البيان

( وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ ) من المشقة والأذى في الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر عن عليٍّعليه‌السلام .

٦٥ ـ في جوامع الجامع ان ذلك مما عزمه الله من الأمور أي قطعه قطع إيجاب والزام، ومنه الحديث ان الله يحب ان يؤخذ برخصة كما يحب ان يؤخذ بعزائمه.

٦٦ ـ في مجمع البيان( وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ ) أي ولا تمل وجهك من الناس بكل ولا تعرض عمن يكلمك استخفافا به، وهذا المعنى قول ابن عباس وأبي عبد اللهعليه‌السلام .

٦٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل :( وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ ) أي لا تذل للناس طمعا فيما عندهم( وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً ) أي فرحا وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قولهعزوجل :( وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً ) يقول: بالعظمة( إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ ) .

٦٨ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله اوصى رجلا من بنى تميم فقال له: إياك وإسبال الإزار والقميص: فان ذلك من المخيلة والله لا يحب المخيلة(١) .

٦٩ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى ابن فضال عمن حدثه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من مشى على الأرض اختيالا لعنه الأرض ومن تحتها ومن فوقها.

٧٠ ـ أبيرحمه‌الله قال: حدّثني سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن أبيه رفعه قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ويل لمن يختال في الأرض معارض جبار السماوات والأرض.

٧١ ـ في أمالي الصدوقرحمه‌الله في مناهي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ونهى أن يختال الرجل في مشيته وقال: من لبس ثوبا فاغتال فيه خسف الله به من شفير جهنم، وكان

__________________

(١) المخيلة: الكبر.

٢٠٧

قرين قارون لأنه أول من اختال، فخسف الله به وبداره الأرض، ومن اختال فقد نازع الله في جبروته. وفي من لا يحضره الفقيه مثله سواء.

٧٢ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد قال: حدّثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيهعليه‌السلام بعد أن قال: إنّ الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها وفرقه فيها وفرض على الرجلين ان لا يمشى بهما إلى شيء من معاصي الله، وفرض عليهما المشي إلى ما يرضى اللهعزوجل ، فقال:( وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً ) وقال:( وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ) .

٧٣ ـ في كتاب الخصال عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: سرعة المشي تذهب ببهاء المؤمن.

٧٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم في قوله:( وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ ) أي لا تعجل( وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ ) إلى لا ترفعه( إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ) وروى فيه غير هذا أيضا.

٧٥ ـ في أصول الكافي أحمد بن محمد الكوفي عن علي بن الحسن عن علي بن أسباط عن عمه يعقوب بن سالم عن أبي بكر الحضرمي قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ) قال: العطسة القبيحة.

٧٦ ـ في مجمع البيان( إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ) وروى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: هي العطسة المرتفعة القبيحة، والرجل يرفع صوته بالحديث رفعا قبيحا إلّا أنْ يكون داعيا أو يقرأ القرآن.

٧٧ ـ في من لا يحضره الفقيه ومن ألفاظ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الموجزة التي لم يسبق إليها: اليد العليا خير من اليد السفلى* ما قل وكفي خير مما كثر وألهى* خير الزاد التقوى* رأس الحكمة مخافة اللهعزوجل * خير ما ألقى في القلب اليقين* الارتياب من الكفر* النياحة من عمل الجاهلية* السكر جمر النار* الشعر من إبليس* الخمر جماع الاثام* النساء حبالة الشيطان* الشباب شعبة من الجنون*

٢٠٨

شر المكاسب كسب الربا* شر المآكل أكل مال اليتيم ظلما* السعيد من وعظ بغيره* الشقي من شقي في بطن أمّه* مصيركم إلى أربعة أذرع* أربى الربا الكذب* سباب المؤمن فسوق* قتال المؤمن كفر* أكل لحمه من معصية اللهعزوجل * حرمة ماله كحرمة دمه* من كظم الغيظ يأجره اللهعزوجل * من يصبر على الرزية يعوضه الله* الآن حمى الوطيس(١) * لا يلسع المؤمن من جحر مرتين(٢) * لا يجنى على المرء إلّا يده* الشديد من غلب نفسه* ليس الخبر كالمعاينة* أللّهمّ بارك لأمّتى في بكورها يوم سبتها وخميسها* المجالس بالأمانة* سيد القوم خادمهم* لو بغى جبل على جبل لجعله الله دكا* ابدأ بمن تعول(٣) الحرب خدعة* المسلم مرآة لأخيه* مات حتف أنفه(٤) * البلاء موكل

__________________

(١) الوطيس: التنور. المعركة يضرب مثلا للحرب إذا اشتد قال ابن منظور: وهي كلمة لم تسمع إلا منه. وهو من فصيح الكلام عبر به عن اشتباك الحرب وقيامها على ساق، «انتهى» وهذا من كلامهصلى‌الله‌عليه‌وآله في غزوة حنين حين ما رجع الناس بنداء عباس بن عبد المطلب بعد الهزيمة وشرعوا في القتال فأشرف النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في ركائبه فنظر إلى المعركة وهم يقتتلون فقال: الآن حمى الوطيس.

(٢) قال الجزري: في الحديث: لا يسلع المؤمن من حجر مرتين وفي رواية لا يلدغ اللسع واللدغ سواء والجحر: ثقب الحية وهو استعارة هاهنا أي لا يدهى المؤمن من جهة واحدة مرتين فانه بالأولى يعتبر، قال الخطابي يروى بضم العين وكسرها، فالضم على وجه الخبر ومعناه ان المؤمن هو الكيس الحازم الذي لا يؤتى من جهة الغفلة فيخدع مرة بعد مرة وهو لا يفطن لذلك ولا يشعر به والمراد به الخداع في أمر الدين لا أمر الدنيا واما الكسر فعلى وجه النهى أي لا يخد عن المؤمن ولا يؤتين من ناحية الغفلة فيقع في مكروه أو شر وهو لا يشعر به وليكن فطنا حذرا وهذا التأويل يصلح ان يكون لأمر الدين والدنيا معا.

(٣) أي ابدأ بمن تمؤن وتلزمك نفقته من عيالك، فان فضل شيء فليكن للأجانب.

(٤) الحتف: الموت، ومات حتف أنفه أي بلا ضرب ولا قتل، وقيل إذا مات فجأة، وهذا الكلام ورد في ما روى عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله من قوله: من مات حتف أنفه في سبيل الله فقد

٢٠٩

بالمنطق* الناس كأسنان المشط سواء* أي داء أدوى من البخل* الحياء خير كله* اليمين الفاجرة تدع الديار من أهلها بلاقع(١) * أعجل الشر عقوبة، البغي* أسرع الخير ثوابا بالبر* المسلمون عند شروطهم* إنّ من الشعر الحكمة وإنّ من البيان لسحرا* إرحم مَن في الأرض يرحمك من في السماء* مَنْ قتل دون ماله فهو شهيد* العائد في هبته كالعائد في قيئه(٢) * لا يحل للمؤمن أن يهجر أخاه المؤمن فوق ثلاث* من لا يَرحم لا يُرحم* الندم توبة* الولد للفراش وللعاهر الحجر* الدّال على الخير كفاعله* حبك الشيء يُعمي ويُصم* لا يشكر الله من لا يشكر الناس* لا يؤوى الضّالة إلّا الضّال* اتقوا النار ولو بشقّ تمرة* الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف* مَطلُ الغنيّ ظلم(٣) * السفر قطعة من العذاب* الناس معادن كمعادن الذهب والفضة* صاحب المجلس أحقُّ بصدر مجلسه* احثوا في وجوه المدّاحين التراب* استنزلوا الرزق بالصدقة* ادفعوا البلاء بالدعاء* جبلت القلوب على حبّ من أحسن إليها وبغض من أساء إليها* ما نقص مالٌ من صدقة* لا صدقة وذو رحم محتاج* الصحة والفراغ نعمتان مكفورتان(٤) * عفو الملك عقال الملك* هبة الرجل لزوجته تزيد في عفتها* لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

__________________

( وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ ) قال أبو عبيد على ما حكي عنه هو أن يموت موتا على فراشه من غير قتل ولا غرق ولا سبع ولا غيره، وقال ابن الأثير: هو أن يموت على فراشه كأنه سقط لأنفه فمات. والحتف الهلاك، كانوا يتخيلون ان روح لمريض تخرج من انفه فان جرح خرجت من جراحته.

(١) البلقع: الأرض القفر التي لا شيء بها.

قال الطريحي (ره): في الحديث: اليمين الكاذبة تذر الديار بلاقع أي خالية وهو كناية عن خراجها وابادة أهلها يريد ان الحالف بها يفتقر ويذهب ما في بتيه من الرزق والمال سوى ما ذخر له من الإثم، وقيل: هو أن يفرق الله شمله ويغير عليه ما أولاه من نعمه.

(٢) كذا في الأصل ويوافقه المصدر وفي نسخة «في فيه».

(٣) المطل: التسويف والمدافعة بالعدة والدين وتطويل المدة التي يضربها للغريم.

(٤) أي غير مشكورتين.

٢١٠

٧٨ ـ وفيه وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام في وصية لابنه محمد بن الحنفية: يا بنى إياك والاتكال على الأماني فانها بضائع النوكي وتثبط عن الاخرة(١) يا بنى لا شرف أعلى من الإسلام، ولا كرم أعز من التقوى، ولا معقل أحرز من الورع، ولا شفيع أنجح من التوبة، ولا لباس أجمل من العافية، ولا وقاية أمنع من السلامة، ولا كنز أغنى من القنوع، ولا مال أذهب للفاقة من الرضا بالقوت، ومن اقتصر على بلغة الكفاف فقد انتظم الراحة، وتبوأ خفض الدعة(٢) يا بنى الرزق رزقان: رزق تطلبه ورزق يطلبك، فان لم تأته أتاك، فلا تحمل هم سنتك عليهم يومك كفاك كل يوم ما هو فيه، فان تكن السنة من عمرك فان اللهعزوجل سيأتيك في كل غد بجديد ما قسم لك، وان لم تكن السنة من عمرك فما تصنع بغم وهم ما ليس لك، واعلم انه لن يسبقك إلى رزقك طالب، ولن يغلبك عليه غالب، ولن يحتجب عنك ما قدر لك، فكم رأيت من طالب متعب نفسه مقتر عليه رزقه(٣) ومقتصد في الطلب قد ساعدته المقادير، وكل مقرون به الفناء اليوم لك وأنت من بلوغ غد على غير يقين، ولرب مستقبل يوما ليس بمستدبره ومغبوط في أول ليلة قام في آخرها بواكيه. فلا يغرنكم من الله طول حلول النعم وإبطاء موارد النقم، فانه لو خشي الفوت عاجل بالعقوبة قبل الموت، يا بنى اقبل من الحكماء مواعظهم وتدبر أحكامهم، واعلم ان رأس العقل بعد الايمان باللهعزوجل مداراة الناس، ولا خير فيمن لا يعاشر بالمعروف من لا بد من معاشرته حتى يجعل الله إلى الخلاص منه سبيلا، فانى وجدت جميع ما يتعايش به الناس وبه يتعاشرون(٤) ملء مكيال، ثلثاه استحسان وثلثه تغافل، اعلم يا بنى انه لا بد لك من حسن الارتياد وبلاغك من الزاد مع خفة الظهر، فلا تحمل على ظهرك فوق طاقتك فيكون

__________________

(١) الأنكال: الاعتماد والأماني جمع الامنية: التمني، والنوكي بالفتح جمع الأنوك وهو الأحمق، والتثبيط: التعويق عن الاخرة قال الفيض (ره) في الوافي أي عن عملها وفي بعض النسخ تقنط عن الاخرة والاول أظهر.

(٢) خفض الدعة: سعة العيش.

(٣) قتر على عياله: ضيق عليهم في النفقة.

(٤) الارتياد بمعنى الطلب.

٢١١

عليك ثقلا في حشرك ونشرك في القيامة، فبئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد يا بنى البغي سائق إلى الحين(١) لن يهلك امرء عرف قدره من حصن شهوته صان قدره. قيمة كل امرء ما يحسن. الاعتبار يفيدك الرشاد. يا بنى إذا قويت فاقو على طاعة اللهعزوجل وان ضعفت فاضعف عن معصية اللهعزوجل .

قال مؤلف هذا الكتاب عفي عنه: وهذه الوصية الشريفة طويلة وفيها مناهل خير الدنيا والاخرة لروّاد العلم والعمل وأخذنا منها ما أخذنا تيمنا وتبركا.

قال عزّ من قائل:( أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ) .

٧٩ ـ في أمالي شيخ الطائفةقدس‌سره باسناده إلى أبي جعفر الباقرعليه‌السلام حديث طويل وفيه ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليّعليه‌السلام قل ما أول نعمة أبلاك اللهعزوجل وأنعم عليك بها؟ قال: إنّ خلقني إلى أنْ قال: فما التاسعة؟ قال: إنّ سخر لي سماءه وأرضه وما فيهما وما بينهما من خلقه، قال: صدقت.

٨٠ ـ في أصول الكافي باسناده إلى أبي جعفر قال: كفي لاولى الألباب بخلق الرب المسخر وملك الرب القاهر إلى قوله: وما أنطق به السن العباد وما أرسل به الرسل وما انزل على العباد دليلا على الرب.

٨١ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى حماد بن أبي زياد الأزدي قال: سألت سيدي موسى بن جعفرعليهما‌السلام عن قول اللهعزوجل :( وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً ) فقالعليه‌السلام : النعمة الظاهرة الامام الظاهر والباطنة الامام الغائب.

٨٢ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب محمد بن مسلم عن الكاظمعليه‌السلام الظاهرة الامام الظاهر، والباطنة الامام الغائب.

٨٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن شريك عن جابر قال: قال رجل عند أبي جعفرعليه‌السلام :( وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً ) قال: اما النعمة الظاهرة فالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وما جاء به من معرفة

__________________

(١) الحين بفتح الحاء ـ: الهلاك.

٢١٢

اللهعزوجل وتوحيده، واما النعمة الباطنة فولايتنا أهل البيت وعقد مودتنا فاعتقد والله قوم هذه النعمة الظاهرة والباطنة واعتقدها قوم ظاهرة ولم يعتقدوها باطنة، فأنزل الله:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ ) ففرح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عند نزولها انه لم يقبل الله تبارك وتعالى ايمانهم إلّا بعقد ولايتنا ومحبتنا.

٨٤ ـ في مجمع البيان( وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً ) وفي رواية الضحاك عن ابن عباس قال: سألت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا ابن عباس أما ما ظهر فالإسلام وما سوى الله من خلقك وما أفضل عليك من الرزق، واما ما بطن فستر مساوي عملك ولم يفضحك به، يا ابن عباس إنّ الله تعالى يقول: ثلاثة جعلتهن للمؤمن ولم يكن له: صلوة المؤمنين عليه بعد انقطاع عمله، وجعلت له ثلث ماله يكفر به عنه خطاياه، والثالثة سترت مساوي عمله ولم أفضحه بشيء منه ولو أبديتها عليه لنبذه أهله فمن سواهم.

٨٥ ـ في أمالي شيخ الطائفةقدس‌سره باسناده إلى أبي جعفرعليه‌السلام قال: حدّثني عبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله الأنصاري قالوا: أتينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مسجده في رهط من أصحابه فيهم أبو بكر وأبو عبيدة وعمر وعثمان وعبد الرحمان ورجلان من قراء الصحابة إلى قوله حاكيا عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وقد أوحى إلى ربي جل وتعالى أن أذكركم بالنعمة وأذكركم بما اقتص عليكم من كتابه واملى( وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ) الآية ثم قال لهم: قولوا الآن قولكم ما أول نعمة رغبكم الله وبلاكم بها؟ فخاض القوم جميعا فذكروا نعم الله التي أنعم عليهم وأحسن إليهم بها من المعاش والرياش والذرية والأزواج إلى ساير ما بلاهم اللهعزوجل من أنعمه الظاهرة، فلما أمسك القوم أقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على علىعليه‌السلام فقال: يا أبا الحسن قل فقد قال أصحابك، فقال: وكيف بالقول فداك أبي وأمي وانما هدانا الله بك؟ قال: ومع ذلك فهات قل ما أول نعمة أبلاك اللهعزوجل وأنعم عليك بها؟ قال: أنْ خلقني جل ثناؤه ولم أك شيئا مذكورا، قال: صدقت. فما الثانية؟ قال: أنْ أحسن بي إذ خلقني فجعلني حيا لا مواتا، قال: صدقت. فما الثالثة؟ قال: أنْ انشأنى فله الحمد في

٢١٣

أحسن صورة وأعدل تركيب، قال: صدقت. فما الرابعة؟ قال: أنْ جعلني متفكرا راعيا لابلها ساهيا، قال: صدقت فما الخامسة؟ قال أنْ جعل لي سرا عن ادراك(١) ما ابتغيت بها وجعل لي سراجا منيرا، قال: صدقت. فما السادسة؟ قال: أنْ هداني الله لدينه ولم يضلني عن سبيله، قال: صدقت. فما السابعة؟ قال: أنْ جعل لي مردا في حيوة لا انقطاع لها، قال: صدقت. فما الثامنة؟ قال: أنْ جعلني ملكا مالكا لا مملوكا، قال: صدقت. فما التاسعة؟ قال: أنْ سخر لي سماءه وأرضه وما فيهما وما بينهما من خلقه، قال: صدقت فما العاشرة؟ قال: أنْ جعلنا سبحانه ذكرانا قواما على حلائلنا لا إناثا قال: صدقت. فما بعدها؟ قال: كثرت نعم الله يا نبي الله فطابت( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها ) فتبسم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال ليهنئك الحكمة ليهئنك العلم يا أبا الحسن فأنت وارث علمي والمبين لامتى ما اختلفت فيه من بعدي، من أحبك لدينك وأخذ بسبيلك فهو ممن هدى إلى صراط مستقيم، ومن رغب عن هواك وأبغضك وتخلاك(٢) لقى الله يوم القيامة لا خلاق له والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قولهعزوجل ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أنزل الله قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إلى عَذابِ السَّعِيرِ ) فهو النضر بن الحارث(٣) قال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اتبع ما انزل إليك من

__________________

(١) كذا في النسخ ولا تخلو عن التصحيف وفي البحار (ج ١٥ ـ ج ٢ ـ ص ٢٩) «قال: أنْ جعل لي شواعر أدرك ما ابتغيت اه».

(٢) تخلاه ومنه وعنه: تركه.

(٣) النضر بن حارث بن علقمة بن كندة من شياطين قريش وأعداء رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وممن كان يؤذى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وينصب له العداوة وكان قد قدم الحيرة وتعلم بها أحاديث ملوك الفرس وأحاديث رستم وإسفنديار، فكان إذا جلس رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) «جلسا فذكر فيه بالله وحذر قومه ما أصاب من قبلهم من الأمم من نقمة الله خلفه في مجلسه إذا قام، ثم قال: أنا والله ـ

٢١٤

ربك قال: بل اتبع ما وجدت عليه آبائي.

٨٧ ـ وقولهعزوجل :( وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إلى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى ) قال: بالولاية.

٨٨ ـ في كتاب التوحيد حدّثنا سعد بن عبد الله عن إبراهيم بن هاشم ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ويعقوب بن يزيد جميعا عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل يقول في آخره: وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كل مولود يولد على الفطرة يعنى على المعرفة بان اللهعزوجل خالقه، فذلك قولهعزوجل :( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ ) .

٨٩ ـ وباسناده إلى أبي هاشم الجعفري قال: سألت أبا جعفر الثانيعليه‌السلام ما معنى الواحد؟ قال: الذي اجتماع الألسن عليه بالتوحيد، كما قالعزوجل :( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ ) .

٩٠ ـ في أصول الكافي باسناده إلى أبي جعفرعليه‌السلام قال: انه لينزل في ليلة القدر إلى ولي الأمر تفسير الأمور سنة سنة يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا، وفي أمر الناس بكذا وكذا، وانه ليحدث لولى الأمر سوى ذلك كل يوم عليم اللهعزوجل الخاص والمكنون العجيب المخزون مثل ما ينزل في تلك الليلة من الأمر، ثم قرأ:( وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٩١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) وذلك ان اليهود سألوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن الروح فقال:( الرُّوحُ مِنْ أمر رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ

__________________

يا معشر قريش أحسن حديثا منه فهلموا إلى، فانا أحدثكم أحسن من حديثه، ثم يحدثهم عن ملوك فارس ورستم واسفنديار، وهو الذي قال( سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ ) كما ذكره المفسرون، وكان عاقبة أمره انه قتل ببدر وقد قتله أمير المؤمنين عليه‌السلام صبرا عند رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )كما ذكره ابن هشام في السيرة وغيره.

٢١٥

مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً ) قالوا: نحن خاصة؟ قال: بل الناس عامة، قالوا: فكيف يجتمع هذا يا محمد؟ تزعم انك لم تؤت من العلم إلّا قليلا وقد أوتيت القرآن وأوتينا التوراة وقد قرأت:( وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ ) وهي التوراة( فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ) فانزل الله تبارك وتعالى( وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ ) يقول: علم الله أكبر من ذلك وما أوتيتم كثير فيكم قليل عند الله.

٩٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) سأل يحيى بن أكثم أبا الحسن العالمعليه‌السلام عن قوله تعالى:( سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ ) ما هي؟ فقال: هي عين الكبريت وعين اليمن وعين البرهوت وعين الطبرية وجمة ما سيدان وحمة افريقية وعين بلعوران، ونحن الكلمات التي لا تدرك فضائلنا ولا تستقصى.

٩٣ ـ في مجمع البيان وقرأ جعفر بن محمدعليه‌السلام «والبحر مداده». ٩٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ ) بلغنا والله اعلم انهم قالوا: يا محمد خلقنا أطوارا نطفا ثم علقا ثم أنشأنا خلقا كما تزعم ونزعم انا نبعث في ساعة واحدة فقال الله:( ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ ) انما يقول له كن فيكون.

٩٥ ـ وقولهعزوجل :( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ ) يقول: ما ينقص من الليل يدخل في النهار، وما ينقص من النهار يدخل في الليل.

٩٦ ـ وقولهعزوجل :( الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إلى أَجَلٍ مُسَمًّى ) يقول: كل واحد منهما يجرى إلى منتهاه، لا يقصر عنه ولا يجاوزه.

٩٧ ـ وقولهعزوجل :( أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ ) بنعمة الله قال: السفن تجري في البحر بقدرة الله.

٩٨ ـ وقال علي بن إبراهيمرحمه‌الله في قولهعزوجل :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ) قال: الذي يصبر على الفقر والفاقة، ويشكر اللهعزوجل على جميع أحواله.

٢١٦

٩٩ ـ في مجمع البيان( لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ) وفي الحديث: الايمان نصفان نصف صبر ونصف شكر.

١٠٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل : وإذا غشيهم موج كالظلل يعنى في البحر( دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) إلى قوله تعالى:( فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ ) أي صالح( وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ ) قال: الختار الخداع.

١٠١ ـ وقولهعزوجل :( يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ ) إلى قوله:( إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ ) قال: ذلك القيامة.

١٠٢ ـ في من لا يحضره الفقيه عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل وفيه قال السائل: فأيّ الناس اثبت رأيا؟ قال: من لم يغره الناس من نفسه، ولم تغره الدنيا بتشويقها.

١٠٣ ـ في مجمع البيان وفي الحديث الكيس من حاسب نفسه وعمل لما بعد الموت، والفاجر من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله.

١٠٤ ـ في إرشاد المفيدرحمه‌الله من كلام أمير المؤمنينعليه‌السلام لرجل سمعه يذم الدنيا من غير معرفة بما يجب أن يقول في معناها: الدنيا دار صدق لمن صدقها، ودار عافية لمن فهم عنها، ودار غنى لمن تزود منها، مسجد أنبياء الله ومهبط وحيه، ومصلى ملائكته، ومتجر أوليائه اكتسبوا فيها الرحمة وربحوا فيها الجنة فمن ذا يذمها وقد آذنت ببينها، ونادت بفراقها، ونعت نفسها فشوقت بسرورها إلى السرور، وببلاءها إلى البلاء(١) تخويفا وتحذيرا وترغيبا، وترهيبا، فيا ايها الذام للدنيا والمغتر بتغريرها متى غرتك أبمصارع آبائك في البلى أم بمصارع(٢) أمهاتك تحت الثرى

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المصدر «وحذرت ببلائها البلاء» وفي النهج «فمثلت لهم ببلائها البلاء وشوقتهم بسرورها إلى السرور» قال الشارح المعتزلي فمثلت لهم ببلائها البلاء أي بلاء الاخرة وعذاب جهنم وشوقته بسرورها إلى السرور أي إلى سرور الاخرة ونعيم الجنة (ثم قال): وهذا الفصل كله لمدح الدنيا وهو ينبئ عن اقتداره عليه‌السلام على ما يريد من المعاني لان كلامه كله في ذم الدنيا وهو الآن يمدحها وهو صادق في ذاك وفي هذا.

(٢) كذا في النسخ لكن في المصدر والنهج «أم بمضاجع أمهاتك» وهو الظاهر المناسب لا سلوب الكلام من جهة الفصاحة، ولا يخلو النسخ عن التصحيف.

٢١٧

كم عللت بكفيك ومرضت بيديك تبتغي لهم الشفاء! وتستوصف لهم الأطباء، وتلتمس لهم الدواء، لم تنفعهم بطلبك ولم تشفعهم بشفاعتك، مثلت لهم الدنيا مصرعك(١) ومضجعك حيث لا ينفعك بكاءك، ولا يغني عنك أحباؤك.

١٠٥ ـ في أصول الكافي باسناده إلى محمد بن مسلم بن شهاب قال: سئل عليُّ بن الحسينعليهما‌السلام أي الأعمال أفضل عند اللهعزوجل ؟ فقال: ما من عمل بعد معرفة اللهعزوجل ومعرفة رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله أفضل من بغض الدنيا، وان لذلك لشعبا كثيرة وللمعاصي شعبا، فأول ما عصى الله به الكبر وهي معصية إبليس حين( أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ ) ، والحرص وهي معصية آدم وحوا حين قال اللهعزوجل لهما:( فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ ) فأخذا ما لا حاجة بهما اليه، فدخل ذلك على ذريتهما إلى يوم القيامة، وذلك ان أكثر ما يطلب ابن آدم ما لا حاجة به اليه، ثم الحسد وهي معصية ابن آدم حين حسد أخاه فقتله فتشعب من ذلك حب النساء وحب الدنيا وحب الرياسة وحب الراحة وحب الكلام وحب العلو والثروة، فصرن سبع خصال فاجتمعن كلهن في حب الدنيا، فقال الأنبياء والعلماء بعد معرفة ذلك: حب الدنيا رأس كل خطيئة، والدنيا دنيائان: دنيا بلاغ ودنيا ملعونة.

١٠٦ ـ وباسناده إلى طلحة بن زيد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: مثل الدنيا كمثل ماء البحر، كلما شرب منه العطشان ازداد عطشا.

١٠٧ ـ في بصائر الدرجات محمد بن عبد الحميد وأبو طالب جميعا عن حنان ابن سدير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ لله علما عاما وعلما خاصا، فأما الخاص فالذي لم يطلع عليه ملك مقرب ولا نبي مرسل، واما علمه العام فالذي اطلعت عليه الملائكة المقربون والأنبياء المرسلون، وقد وقع ذلك كله إلينا ثم قال: أو ما تقرأ:( عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ) .

١٠٨ ـ في كتاب الخصال عن أبي اسامة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال: الا

__________________

(١) وفي المصدر «قد مثلت لك الدنيا بهم مصرعك ...».

٢١٨

أخبركم بخمسة لم يطلع الله عليها أحدا من خلقه؟ قال: قلت: بلى، قال:( إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) .

١٠٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) قال الصادقعليه‌السلام : هذه الخمسة أشياء لم يطلع عليها ملك مقرب ولا نبي مرسل وهي من صفات اللهعزوجل .

١١٠ ـ في نهج البلاغة يومى به إلى وصف الأتراك: كأنى أراهم قوما كأن وجوههم المجان المطرقة(١) يلبسون السرق والديباج، ويعتقبون الخيل العتاق، ويكون هناك استحرار قتل حتى يمشى المجروح على المقتول، ويكون المفلت أقل من المأسور، فقال له بعض أصحابه: لقد أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب فضحكعليه‌السلام وقال للرجل ـ وكان كلبيا ـ: يا أخا كلب ليس هو بعلم غيب، وانما هو تعلم من ذي علم، وانما علم الغيب علم الساعة وما عدده الله سبحانه بقوله:( إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ) الآية فيعلم سبحانه ما في الأرحام من ذكر أو أنثى وقبيح أو جميل وسخي أو بخيل، وشقي أو سعيد، ومن يكون للنار حطبا أو في الجنان للنبيين مرافقا، فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه أحد إلّا الله، وما سوى ذلك فعلم علمه الله نبيه صلى الله عليه فعلمنيه، ودعا لي أن يعيه صدري ويضطم عليه جوارحي.

١١١ ـ فيمن لا يحضره الفقيه وقالعليه‌السلام في قولهعزوجل :( وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ) فقال: من قدم إلى قدم.

١١٢ ـ في أمالي الصدوقرحمه‌الله باسناده إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّه لـمّا أراد المسير إلى النهروان أتاه منجم فقال له: يا أمير المؤمنين لا تسر في هذه الساعة وسر في ثلاث ساعات يمضين من النهار، فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : ولم ذاك؟ قال: لأنّك إنْ سرت في هذه الساعة أصابك وأصاب أصحابك أذى وضر شديد، وإنْ سرت في

__________________

(١) مر الحديث مع ما ذيلناه في صفحة ٩٥.

٢١٩

الساعة التي أمرتك ظفرت وظهرت وأصبت كلّما طلبت، فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : تدري ما في بطن هذه الدابّة أذكر أم أنثى؟ قال: إنْ حسبت علمت، قال له أمير المؤمنين: من صدّقك على هذا القول كذب بالقرآن( إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) ما كان محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله يدعى ما ادعيت، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١١٣ ـ في مجمع البيان جاء في الحديث أنّ مفاتيح الغيب خمس لا يعلمهنّ إلّا الله، وقرء هذه الآية.

١١٤ ـ وروى عن أئمة الهدىعليهم‌السلام ان هذه الأشياء الخمسة لا يعلمها على التفصيل والتحقيق غيره تعالى.

١١٥ ـ في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه من الاربعمأة باب: وبنا ينزل الغيث.

١١٦ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى إبراهيم بن أبي محمود عن الرضاعليه‌السلام حديث طويل وفيه: وبنا ينزل الغيث وينشر الرحمة.

١١٧ ـ وباسناده إلى سليمان بن مهران الأعمش عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه عليّ بن الحسينعليهم‌السلام قال: بنا ينزل الله الغيث وينشر الرحمة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١١٨ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الحجال عن ابن بكير عن أبي منهال عن الحارث بن المغيرة قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: إنّ النطفة إذا وقعت في الرحم بعث اللهعزوجل ملكا فأخذ من التربة التي يدفن فيها، فماثها في النطفة(١) فلا يزال قلبه يحن إليها حتى يدفن فيها.

١١٩ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن سهل بن زياد عن محمد بن عبد الحميد عن الحسن بن الجهم قال: قلت للرضاعليه‌السلام : أمير المؤمنين قد عرف قاتله في الليلة التي يقتل فيها والموضع الذي يقتل فيه، وقوله لـمّا سمع صياح الإوز في الدار: صوائح

__________________

(١) مات الشيء في الماء: إذا به فيه.

٢٢٠

قصّة بعض الفضلاء

ومنها : قصّة تغيّر الأمر الإلهي في قبض روح بعض الفضلاء من أهل السنّة ، كما حكاه الشعراني في (لواقح الأنوار ) بترجمة الشيخ محمد الشريبي ، إذ قال :

( وأخبرني والده الشيخ أحمد ـ أيضاً ـ وصدّقه على ذلك الإمام العالم العلاّمة شهاب الدين البهوني الحنبلي ، قال : مرضت مرّةً حتّى أشرفت على الموت ، وحضرني عزرائيل ، ورأيته جالساً عندي لقبض روحي ، فدخل عليّ والدي ، فقال لعزرائيل : راجع ربّك فإنّ ذلك الأمر تغيَّر ، فخرج عزرائيل وأنا أعيش إلى الآن ، والحكاية لها أكثر من ثلاثين سنة )(١) .

تبدّل حال الرجل

ومنها : تبدّل حال الرّجل من الشقاوة إلى السعادة ، كما ذكر القاضي ثناء الله في (تفسيره ) بعد ذكر مذهب ابن مسعود وعمر ، قال :

( ويوافق مذهب عمر وابن مسعود ( رضي الله عنهما ) ما ذكر في المقامات المجدديّة : أنّ المجدّدرضي‌الله‌عنه نظر ببصيرة الكشف مكتوباً في ناصية ملاّ طاهر اللاّهوري ( شقيّ ) ، وكان ملاّ طاهر معلّماً لابنيه الكريمين محمّد سعيد ومحمّد معصوم ( رضي الله عنهما ) ، فذكر المجدّدرضي‌الله‌عنه ما أبصر لولديه الشريفين ، فالتمسا منه ( رضي الله عنهم ) أن يدعو الله سبحانه أن يمحو عنه الشقاوة ويثبت مكانه السعادة ، فقال المجدّدرضي‌الله‌عنه : نظرت في اللّوح المحفوظ ، فإذا فيه : إنّه قضاءٌ مبرم لا يمكن ردّه ، فألجأه ولداه الكريمان في الدعاء لمّا التمسا منه ، فقال المجدّدرضي‌الله‌عنه : تذكّرت ما قال غوث الثقلين السيّد السند محي الدين عبد القادر الجيليرضي‌الله‌عنه : إنّ القضاء المبرم أيضاً يردّ بدعوتي ، فدعوت الله سبحانه ، وقلت : اللّهمّ رحمتك واسعة وفضلك غير مقتصرٍ على أحد ، أرجوك وأسألك من فضلك العظيم أن تجيب دعوتي في محو كتاب الشقاء من ناصية ملاّ طاهر وإثبات السعادة مكانه ، كما أجبت دعوة السيّد السندرضي‌الله‌عنه قال : فكأنّي أنظر إلى ناصية ملاّ طاهر

ـــــــــــــــــ

(١) لواقح الأنوار ـ ترجمة الشيخ محمّد الشريبي .

٢٢١

إنّه مُحِي منها كلمة ( شقيّ ) وكُتب مكانه ( سعيد ) وما ذلك على الله بعزيز ) .

قصّة أبي رومي

ومنها : قصّة أبي رومي ، التي رووها عن ابن عباس ، كما في (الدر المنثور ) قال :

( أخرج ابن مردويه والديلمي عن ابن عبّاسرضي‌الله‌عنه قال : كان أبو رومي من شرّ أهل زمانه ، وكان لا يدع شيئاً من المحارم إلاّ ارتكبه ، وكان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : لئن رأيت أبا رومي في بعض أزقّة المدينة لأضربنّ عنقه .

وإنّ بعض أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتاه ضيف له ، فقال لامرأته : اذهبي إلى أبي رومي فخذي لنا منه بدرهم طعاماً حتّى ييسّر الله تعالى فقالت له : إنّك لتبعثني إلى أبي رومي وهو أفسق أهل المدينة ؟!

فقال : اذهبي فليس عليك منه بأس إنْ شاء الله تعالى ، فانطلقت فضربت عليه الباب ، فقال : من هذا ؟

قالت : فلانة

قال : ما كنت لنا بزوّارة ؟!

ففتح لها الباب فأخذها بكلام رفث ، ومدّ يده إليها فأخذتها رعدة شديدة ، فقال : ما شأنك ؟

قالت : إنّ هذا عمل ما عملته قطّ

قال أبو رومي : ثكلت أبا رومي أُمّه ، هذا عمل عَمِله وهو صغير لا تأخذه رعدة ولا يبالي على أبي رومي ، عهد الله إن عاد لشيء من هذا أبداً .

فلمّا أصبح غدا على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : مرحباً يا أبا رومي وأخذ يوسّع له المكان ، وقال له : يا أبا رومي ما عملت البارحة ؟

فقال : ما عسى أن أعمل يا نبيّ الله ، أنا شرّ أهل الأرض ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ الله قد حوّل مكتبك إلى الجنّة فقال :( يَمْحُوا اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ) ) .

٢٢٢

وأخرج يعقوب بن سفيان وأبو نعيم عن ابن عبّاسرضي‌الله‌عنه قال : كان أبو رومي من شرّ أهل زمانه ، وكان لا يدع شيئاً من المحارم إلاّ ارتكبه ، فلمّا أصبح غدا على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلمّا رآه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بعيد قال : مرحباً يا أبا رومي وأخذ يوسّع له المكان ، فقال له : يا أبا رومي ، ما عملت البارحة ؟

قال : ما عسى أن أعمل يا نبيّ الله ، أنا شرّ أهل الأرض

فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ الله جعل مكتبك إلى الجنّة ، فقال :( يَمْحُوا اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمّ الْكِتَابِ ) (١) .

وبعد :

فهل يبقى المعاندون يشنّعون على الإماميّة رواياتهم في البداء وعقيدتهم في هذه الحقيقة الدينيّة ؟

وهل يستمرّون على التبحّج بكلام سليمان ابن جرير الزيدي(٢) وأمثاله من أعداء أهل البيت ؟

ـــــــــــــــــ

(١) الدر المنثور ٤ : ٦٦٣ .

(٢) انظر الملل والنحل ١ : ١٥٩ ـ ١٦٠ .

٢٢٣

الميثـاق والصّـور

رأي السيّد المرتضى في خبر الميثاق

لقد نسب الشيخ عبد العزيز الدهلوي صاحب كتاب (التحفة الإثني عشريّة ) ـ تبعاً لشيخه الكابلي صاحب (الصواقع ) ـ إلى السيّد المرتضى ـ رضي الله عنه ـ الحكم بوضع خبر الميثاق ، وقد أجاب عن ذلك علماؤنا الأعلام في ردودهم على كتاب (التحفة ) بالجملة والتفصيل ، وكان مجمل كلامهم : إنّ السيّد المرتضى لم يكذّب أخبار الميثاق المرويّة بالطرق المختلفة والأسانيد المتكثّرة ، ونحن نذكر أوّلاً كلام (التحفة ) ثمّ نعقّبه بنصّ عبارة السيّد المرتضىرحمه‌الله ؛ ليتّضح واقع الحال ، ويظهر كذب الدهلوي فيما نُسب إلى السيّد من المقال :

قال الدهلوي في (التحفة ) عند تعداد موارد غلوّ الإماميّة في الأئمّة المعصومين عليهم الصلاة والسلام :

( الثاني ـ قولهم : إنّ الله تعالى أخذ من الملائكة والأنبياء الميثاق على ولاية الأئمّة وطاعتهم .

وهذا ـ أيضاً ـ خلاف العقل تماماً ؛ لأنّ أخذ الميثاق من الأنبياء على ذلك ـ مع العلم القطعي بعدم معاصرتهم للأئمّة ـ عبث محض ، إذ الغرض من أخذ الميثاق هو النصرة والإعانة وبيان المناقب ونشر المدائح ، وأيّ فائدةٍ في ذلك مع عدم اتّحاد الزمان

وأمّا أخذ الميثاق منهم على بيان وصف خاتم الأنبياء كما في القرآن المجيد ؛ فلأنّ نصوص نبوّته وصفاته ونعوته نازلة في الكتب السماويّة ومصرَّح بها فيها ، ووجود أهل الكتاب في زمانه وإظهار تلك النصوص على يده مقطوع به ، فلذا أخذ الميثاق من الأنبياء على تفهيم تلك النصوص وتبليغها إلى أُممهم ، وأخذ ذلك الميثاق من الأُمم أيضاً ؛ حتّى تبقى تلك النصوص قرناً بعد قرن ، من دون تغيير وتبديل ، إلى أنْ يأتي وقت الحاجة إلى إظهارها والاحتجاج بها .

٢٢٤

بخلاف إمامة الأئمّة ، فلا هي ممّا نزل في كتب الأنبياء ، ولا هي ممّا أُبلغ به الأُمم ، ولا ممّا وقعت الحاجة إلى إظهاره ؛ لأنّ الإمامة إنّما تثبت بالنصّ من النبي ؛ لكونها نيابةً عنه ، ولم يراجع أهل الكتاب بشأنها ولم يكن لقولهم فيها اعتبار ، ولو كان أخذ الميثاق في هذا الأمر ضروريّاً ، لأُخذ من أبي بكر وعمر وعثمان ، بل كان على النبيّ أنْ يأخذ منهم كتاباً في أنْ ليس لهم حقٌّ في الإمامة ، ويستشهد على ذلك الثقات ، ويودعه عند الأمير ، لا أنْ يأخذ الميثاق من موسى وعيسى وهارون ، الذين ليس لهم ولا لأتباعهم دخلٌ في غصب الإمامة من الأئمّة أو تقريرها والتسليم بها .

ومستمسك هؤلاء في هذا الغلوّ الباطل ، ما رواه محمّد بن الحسن الصفّار ، عن محمّد بن مسلم ، قال : سمعت أبا جعفر يقول : إنّ الله أخذ ميثاق النبيّين بولاية عليّ بن أبي طالب .

وما رواه محمّد بن بابويه في كتاب التوحيد ، عن داود الرّقي ، عن أبي عبد الله في خبرٍ طويل ، قال : ( لمّا أراد الله أن يخلق الخلق نشرهم بين يديه ، وقال : من أنا ؟

فكان أوّل من نطق رسول الله وأمير المؤمنين والأئمّة ـعليهم‌السلام ـ فقالوا : أنت ربّنا

فحمّلهم العلم والدين ثمّ قال للملائكة : هؤلاء حملة علمي وديني وأمانتي من خلقي ، ثمّ قال لبني آدم : أقرّوا لله بالربوبيّة ولهؤلاء النّفر بالطاعة ، فقالوا : نعم ربّنا أقررنا ) .

في هذه الرواية والرواية السابقة لم يذكر أخذ الميثاق من الملائكة ، وإنّما الغرض من الرواية الثانية مجرّد إظهار فضل الأئمّة ، وشرفهم عند الملائكة ، ومن الواضح أنْ لا معنى لأخذ الميثاق من الملائكة ، ولذا لم يدخل الملائكة في أخذ ميثاقٍ من المواثيق ؛ لأنّ الميثاق إنّما يؤخذ من المكلَّفين ؛ لأنّهم الذين يحتمل منهم الطاعة والعصيان ، بخلاف الملائكة فإنّهم :

( لاَ يَعْصُونَ اللّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)

فأيّ فائدةٍ في أخذ الميثاق منهم ؟

وأيضاً ، فلم يذكر في الرواية الأخيرة أخذ الميثاق من الأنبياء ، إلاّ أنْ يستفاد ذلك من عموم لفظ ( بني آدم ) ولكنْ قد أشتهر أنّه : ما من عام إلاّ وقد خصّ منه البعض .

٢٢٥

وأيضاً ، فإنّ هذه الرواية فيها أخذ ميثاق الطاعة للنبيّ والأمير والأئمّة فقط ، فلابدَّ وأنْ يكون وجوب الطاعة للأنبياء أُولي العزم وغيرهم ـ الذي لا شكّ في ثبوته ـ قد وقع بطريق البداء !

والرواية التي تعجب هؤلاء القوم ، تجدها في مجاميع الشيخ ابن بابويه ، فقد روى ابن بابويه في خبرٍ طويل عن ابن عبّاس عن النبي ، أنّه لمّا أُسري به وكلّمه ربّه ، قال بعد كلامٍ : إنّك رسولي إلى خلقي وإنّ عليّاً وليّ المؤمنين ، أخذت ميثاق النبيّين وملائكتي وجميع خلقي بولايته .

وأحوال الصفّار وابن بابويه ورجالهما ـ خصوصاً محمّد بن مسلم وغيره ـ معروفة ، وركّة ألفاظ هذه الأخبار تشهد بكونها كذباً وافتراءً ، ومع هذا ، فإنّ أهل السنّة ـ والحمد لله ـ في غنىً عن توهين وتضعيف هذه الأخبار أو تأويل هذه المفتريات ؛ لأنّ الشريف المرتضى ـ الملقَّب بزعم الشيعة بـ ( علم الهدى ) ـ قد أثبت جدارته بهذا اللقب في كتابه (الدرر والغرر ) بتكذيب خبر الميثاق بكلّ جزمٍ وحتم ، وكفى الله المؤمنين القتال )(١) .

التحقيق فيما نُسب إلى السيّد المرتضى

حاصل هذا الكلام دعوى موافقة السيّد المرتضى العامّةَ في إنكار أخذ الميثاق على ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام من الأنبياء والملائكة ، وهل هذا إلاّ محض البهتان وصريح الإفك وواضح الهذيان ؟

وتوضيح ذلك :

أوّلاً : إنّ السيّد المرتضى لم يذكر في كتابه (الدرر والغرر ) خبر الميثاق أصلاً ، فضلاً عن أن يكذّب أو يصدّق به ، نعم ، قد ذكر السيّد قوله تعالى( وَإِذْ أَخَذَ رَبّكَ مِن بَنِي آدَمَ ) وأنكر أن يكون المراد منها أنّ الله تعالى أخذ من جميع ذريّة آدم الذين في ظهره الميثاق على الإقرار بمعرفته تعالى ، وأنّه أشهدهم على ذلك ، وإنّما ذكر للآية تأويلاً آخر ، وأيّ ربطٍ لذلك بتكذيب أخبار الميثاق ؟!

ــــــــــــــ

(١) التحفة الاثني عشريّة : ١٦١ .

٢٢٦

وثانياً : إنّه على فرض أنّ السيّد ينكر وقوع أخذ الميثاق في عالم الأرواح ، فأين الدليل من كلامه على إنكار أخذ الميثاق على الإطلاق ، كما يدّعيه الدهلوي ؟

وكيف يثبت بذلك تضعيف خبر الصفّار وخبر ابن بابويه ، الدالّين على مطلق أخذ ميثاق ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام ؟

فظهر أنّ نسبة تكذيب أخبار الميثاق على الإطلاق إلى السيّد المرتضى كذب بحت وبهتان صريح ، وهذا كتاب (الغرر والدرر ) موجود بين أيدي الناس ، ونسخه شائعة في البلاد ...

وبعد ، فإنّ العلماء قد اختلفوا في معنى الآية المباركة على قولين ، فذهب الأكثر إلى الأخذ بظاهرها ، وقالوا : بأنّ ذريّة آدم كانوا في عالم الأرواح ذوي عقولٍ ـ كما هم في هذا العالم ـ وقد أخذ منهم الميثاق ، وقال جماعة ـ منهم السيّد المرتضى ـ بتأويل الآية على معنىً آخر ، وهذا نصُّ عبارة السيّد في الكتاب المذكور :

( إنّه تعالى ، لمّا خلقهم وركّبهم تركيباً يدلّ على معرفته ، ويشهد بقدرته ووجوب عبادته ، وأراهم العبر والآيات والدلائل في غيرهم وفي أنفسهم ، كان بمنزلة المشهد لهم على أنفسهم ، وكانوا ـ في مشاهدة ذلك ومعرفته وظهوره فيهم على الوجه الذي أراده الله تعالى وتعذر امتناعهم منه وانفكاكهم من دلالته ـ بمنزلة المقرّ المعترف ، وإن لم يكن هناك إشهاد ولا اعتراف على الحقيقة ، ويجري ذلك مجرى قوله تعالى :( ثُمّ اسْتَوَى‏ إِلَى السّماءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَللأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ) وإن لم يكن منه تعالى قول على الحقيقة ولا منهما جواب ، ومثله قوله تعالى :( شَاهِدِينَ عَلَى‏ أَنْفُسِهِم بِالْكُفْرِ ) ونحن نعلم أنّ الكفّار لم يعترفوا بالكفر بألسنتهم ، وإنّما لما يظهر منهم ظهوراً لا يتمكّنون من دفعه كانوا بمنزلة المعترفين به )(١) .

فدلَّ هذا الكلام منه على أنّه غير منكرٍ لأصل الميثاق ، وإنّما له كلامٌ في كيفيّته ، وله رأيٌ في تأويل الآية .

ـــــــــــــــــ

(١) الغرر والدرر أمالي السيّد المرتضى ١ : ٣٠ .

٢٢٧

رأي الغزالي في خبر الميثاق

وهذا بخلاف الغزّالي مثلاً ـ من علماء القوم ـ فإنّه ينكر أصل الميثاق ، كما في كتابه (المضنون به على أهله ) :

 ( فقيل له ـ أي للغزالي ـ : إن كانت الأرواح حادثة مع الأجساد ، فما معنى قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ الله خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام ، وقولهعليه‌السلام : أنا أوّل الأنبياء خلقاً وآخرهم بعثاً ، وقالعليه‌السلام : كنت نبيّاً وآدم بين الماء والطين ؟

فقالرضي‌الله‌عنه : شيء من هذه لا يدلّ على قدم الروح ، بل يدلّ على حدوثه وكونه مخلوقاً ، نعم ، ربّما يدلّ بظاهره على تقدّم وجوده على الجسد ، وأمر الظواهر ضعيف وتأويلها يمكن ، والبرهان القاطع لا يدرء بالظواهر ، بل يسلّط على تأويل الظواهر ، كما في ظواهر التشبيه في حقّ الله .

وأمّا قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خلق الله الأرواح قبل الأجساد بألفي عام ، فأراد بالأرواح أرواح الملائكة ، وبالأجساد أجساد العالم من العرش والكرسي والسماوات والكواكب والماء والهواء والأرض ، كما أنّ أجساد الآدميّين بجملتهم صغيرة بالإضافة إلى الأرض ، وجرم الأرض أصغر من الشمس بكثير ، ثمّ لا نسبة لجرم الشمس إلى فلكه ، ولا لفلكه إلى السماوات التي فوقه ، ثمّ كلّ ذلك اتّسع له الكرسي ، إذ وسع كرسيّه السماوات والأرض ، والكرسي صغير بالإضافة إلى العرش ، فإذا تفكّرت في جميع ذلك ، استحقرت جميع أجساد الآدميّين ، ولم تفهمها من مطلق لفظ الأجساد .

فكذلك فاعلم وتحقّق : أنّ أرواح البشر بالإضافة إلى أرواح الملائكة كأجسادهم بالإضافة إلى أجساد العالم ، ولو انفتح لك باب معرفة أرواح الملائكة لرأيت الأرواح البشريّة كسراج اقتبس من نار عظيمة طبّق العالم ، وتلك النار العظيمة هي الروح الأخير من أرواح الملائكة ، ولأرواح الملائكة ترتيب ، ولكلّ واحد انفراد بمرتبة ، ولا يجتمع في مرتبة واحدة اثنان ، بخلاف

٢٢٨

الأرواح البشريّة المتكثّرة مع اتّحاد النوع والمرتبة ، أمّا الملائكة فكلّ واحدٍ نوعٌ برأسه وهو كلّ ذلك النوع ، وإليه الإشارة بقوله تعالى :( وَإِنّا لَنَحْنُ الصّافّونَ ) وبقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ الراكع منهم لا يسجد ، والقائم منهم لا يركع ، وإنّه ما من واحد إلاّ له مقام معلوم ، فلا تفهمنّ إذاً من الأرواح والأجساد المطلقة أرواح الملائكة .

وأمّا قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ : أنا أوّل الأنبياء خلقاً وآخرهم بعثاً ؛ فالخلق هاهنا هو الإيجاد ، فإنّه قبل أن ولدته أُمّه ليس موجوداً مخلوقاً ، ولكنّ الغايات والكمالات سابقة في التقدير لاحقة في الوجود ، وهو معنى قولهم : أوّل الفكرة آخر العمل بيانه : أنّ المقدّر المهندس أوّل ما يتمثّل صورته في تقديره ، وهي دار كاملة ، وآخر ما يوجد في أثر أعماله هي الدار الكاملة ؛ فالدار الكاملة أوّل الأشياء في ذهنه تقديراً وآخرها وجوداً ؛ لأنّ ما قبلها من ضرب اللبنات وبناء الحيطان وتركيب الجذوع وسيلة إلى غاية الكمال وهي الدار ، فالغاية هي الدار ، ولأجلها تُقدّر الآلات والأعمال )(١) .

فإن لم يتيسّر الوقوف على كتاب الغزالي ، فقد نقل المتأخّرون مقالته في كتبهم ، ففي (المواهب اللدنيّة ) ـ مثلاً ـ جاء محصّل المقالة المذكورة ، حيث قال :

( فإن قلت : إنّ النبوّة وصف ، ولابدّ أن يكون الموصوف به موجوداً ، وإنّما يكون بعد بلوغ أربعين سنة أيضاً ، فكيف يوصف به قبل وجوده وإرساله ؟

ـــــــــــــــــ

(١) المضنون به على أهله وهذا الكلام موجود في رسالته ( الأجوبة الغزالية في المسائل الأخروية ) ضمن ( مجموعة رسائل الإمام الغزالي ) : ١٧٨ ـ ١٨٠ .

٢٢٩

قلت : أجاب الغزالي في كتابالنفخ والتسوية عن هذا وعن قوله ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ : أنا أوّل الأنبياء خلقاً وآخرهم بعثاً ، بأنّ المراد بالخلق هنا التقدير دون الإيجاد ، فإنّه قبل أنْ ولدته أُمّه لم يكن موجوداً مخلوقاً ، ولكن الغايات والكمالات سابقة في التقدير لاحقة في الوجود )(١) .

فإنّ هذا الكلام يفيد أنّ الغزالي ينكر تقدّم خلق الأرواح على الأجساد ، ولا يسلّم بأنّ للخلق وجوداً سابقاً على ولادتهم الظاهريّة في هذا العالم ، ولا يرى خلقةً للنبيّ قبل وجوده الظاهري ، فضلاً عن القول بالوجود في عالم الذرّ .

ومن الواضح أنّ أخذ الميثاق في عالم الأرواح فرع على وجودها فيه .

فالغزالي ينكر وقوع الميثاق في ذلك العالم ، مع دلالة الأحاديث الكثيرة الواردة من طرقهم في ذلك ، وكونها مخرّجةً في كتابي البخاري ومسلم ، وفي الموطّأ لمالك(٢) ، وغيرها من كتبهم كما أنّ السيوطي أخرج ما يقارب الخمسين حديثاً في أخذ الميثاق من ذريّة آدم في عالم الأرواح ، بذيل الآية المباركة من (الدرّ المنثور )(٣) .

وقد نصَّ الشعراني في (اليواقيت ) على ابتناء كثيرٍ من الاعتقادات في إثبات الحشر والنشر على مسألة الميثاق(٤) .

وحينئذٍ ، فكلّ جوابٍ يذكرونه من طرف الغزالي ، فهو الجواب من طرف السيّد المرتضى لو صحّت النسبة إليه !

ـــــــــــــــــ

(١) شرح المواهب اللدنيّة بالمنح المحمّدية : ١ : ٣٦ .

(٢) الموطأ ٢ : ٨٩٨ ـ ٨٩٩/٢ كتاب القدر ، باب النهي عن القول بالقدر .

(٣) الدر المنثور ٣ : ٥٩٨ ـ ٦٠٧ .

(٤) اليواقيت والجواهر : ٤٣٩ ـ ٤٤٢ .

٢٣٠

رأي مجاهد في آية الميثاق

هذا ، وقد أنكر مجاهد أخذ الميثاق من الأنبياء ، والتزم بتحريف الآية المباركة الناصّة على ذلك ، كما ذكر السيوطي في (تفسيره ) إذ قال :

( أخرج عبد بن حميد والفريابي وابن جرير وابن المنذر ، عن مجاهد في قوله تعالى :

( وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النّبِيّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ)

قال : هي خطأ من الكتّاب ، وهي في قراءة ابن مسعود : ميثاق الذين أُوتوا الكتاب .

وأخرج ابن جرير عن الربيع ، أنّه قرأ : وإذ أخذ الله ميثاق الذين أُوتوا الكتاب ، قال : وكذلك كان يقرؤها أُبي بن كعب ، قال الربيع : ألا ترى إنّه يقول :( ثُمّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنّ بِهِ وَلَتَنصُرُنّهُ ) لتؤمننّ بمحمّد ولتنصرنّه

قال : هم أهل الكتاب )(١) .

حول كلام الطبرسي في آية الصّور

وقد نُسب إلى الشيخ الطبرسي بل إلى الشيخ المفيد القول بأنّ ( الصور ) في قوله تعالى:

( وَنُفِخَ فِي الصّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السّماوَاتِ وَمَن فِي الأَرْض ِ ) (٢) هو ( جمع صورة ) وليس المراد ( صور إسرافيل ) .

وهذه النسبة باطلة ، وقد نشأت من الخطأ والغلط في فهم عبارة الشيخ المجلسي ...

فإنّ هذا المتوهّم قد نظر إلى قول الشيخ المجلسي :

( وأمّا الصور فيجب الإيمان به ، على ما ورد في النصوص الصريحة ، وتأويله بأنّه جمع الصورة كما

ـــــــــــــــــ

(١) الدر المنثور ٢ : ٢٥٢ .

(٢) سورة الزمر ٣٩ : ٦٨ .

٢٣١

مرَّ من الطبرسي وقد سبقه الشيخ المفيد )(١) وغفل عن كلامه السابق ، حيث قال :

( قال الطبرسي في قوله تعالى :( وَنُفِخَ فِي الصّورِ ) : اختلف في الصور .

فقيل : هو قرن ينفخ فيه عن ابن عباس وابن عمر

وقيل : هو جمع صورة ، فإنّ الله يصوّر الخلق في القبور كما صوّرهم في أرحام الأُمّهات ، ثمّ ينفخ فيهم الأرواح كما نفخ وهم في أرحام أُمّهاتهم عن الحسن وأبي عبيدة

وقيل : إنّه ينفخ إسرافيل في الصور ثلاث نفخات : النفخة الأُولى نفخة الفزع ، والثانية نفخة الصعق يصعق من في السماوات والأرض بها فيموتون ، والثالثة نفخة القيام لربّ العالمين فيحشر الناس بها من قبورهم )(٢) .

فهذا كلام صاحب (مجمع البيان ) ، وأين اختيار القول الذي نسب إليه ؟

فقول الشيخ المجلسي : ( كما مرّ من الطبرسي ) يعني : كما مرَّ نقل هذا القول ـ الذي قاله غير الطبرسي ـ من الطبرسي ، حيث نقله في تفسيره ، لا أنّه قائل به ومعتقد له .

بل لعلّ في تقديمه القول الأوّل إشارة إلى اختياره له بل إنّ كلامه في تفسير الآية المذكورة صريح في ذلك ، فإنّه قال في (مجمع البيان ) :

(( وَنُفِخَ فِي الصّورِ ) وهو قرن ينفخ فيه إسرافيل

ووجه الحكمة في ذلك : إنّها علامة جعلها الله ليعلم بها العقلاء آخر أمرهم في دار التكليف ثمّ تجديد الخلق ، فشبّه ذلك بما يتعارفونه من بوق الرحيل والنزول ، ولا تتصوّره النفوس بأحسن من هذه الطريقة

وقيل : إنّ الصّور جمع صورة ، فكأنّه ينفخ

ـــــــــــــــــ

(١) بحار الأنوار ٦ : ٣٣٦ .

(٢) بحار الأنوار ٦ : ٣١٨ .

٢٣٢

في صور الخلق )(١) .

ثمّ قال ـرحمه‌الله ـ : (( فَصَعِقَ مَن فِي السّماوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ ) أي : يموت من شدّة تلك الصيحة التي يخرج من الصور جميع من في السماوات والأرض ، يُقال : صعق فلان : إذا مات بحال هائلة شبيهةٍ بالصيحة العظيمة ) .

قال : (( ثُمّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى ) يعني : نفخة البعث ، وهي النفخة الثانية

وقال قتادة في حديثٍ رفعه : إنّ ما بين النفختين أربعين سنة

وقيل : إنّ الله تعالى يفني الأجسام كلّها بعد الصعق وموت الخلق ثمّ يعيدها

وقوله :( فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ ) إخبار عن سرعة إيجادهم ؛ لأنّه سبحانه إذا نفخ النفخة الثانية أعادهم عقيب ذلك ، فيقومون من قبورهم أحياء )(٢) .

وعلى هذا المنوال كلامه في تفسيره الآخر (جوامع الجامع ) في قوله تعالى :( يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصّورِ ) (٣) : ( والصور قرن ينفخ فيه إسرافيل نفختين ، فيفنى الخلق بالنفخة الأُولى ويحيون بالثانية وعن الحسن إنّه جمع صورة )(٤) .

وقد قال في (مجمع البيان ) بتفسيرها : ( وأمّا الصور فقيل فيه إنّه قرن ينفخ فيه إسرافيلعليه‌السلام نفختين ، فيفنى الخلائق كلّهم بالنفخة الأُولى ويحيون بالنفخة الثانية ، فتكون الأُولى لانتهاء الدنيا والثانية لابتداء الآخرة

وقال الحسن : هو جمع صورة ، كما أنّ السور جمع سورة ، وعلى هذا فيكون معناه : يوم ينفخ الروح في الصور .

ويؤيّد الأوّل : ما رواه أبو سعيد الخدري عن النبيّ ( صلَّى الله عليه وآله

ـــــــــــــــــ

(١) مجمع البيان في تفسير القرآن ٨ : ٤٥٩ .

(٢) مجمع البيان ٨ : ٤٦٠ .

(٣) سورة الأنعام ٦ : ٧٣ .

(٤) جوامع الجامع ١ : ٥٨٤ .

٢٣٣

وسلَّم ) إنّه قال :

( كيف أنتم وقد التقم صاحب القرن وحنا جبينه وأصغى سمعه ينتظر أنْ يُؤمر فينفخ ؟

قالوا : فكيف نقول يا رسول الله ؟

قال :قولوا : حسبنا الله ونعم الوكيل ) .

والعرب تقول : نفخ الصور ونفخ في الصور ، قال الشاعر :

لولا ابن جعدة لم يفتح قهندزكم

ولا خراسان حتّى ينفخ الصور )(١)

وكما أيّد القول الأوّل هنا بالحديث ، كذلك أيّده به بتفسير( يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصّورِ ) حيث قال : ( وقد ورد ذلك في الحديث ) أي : إنّ القول الآخر لا مؤيّد له في الأحاديث ...

وقال بتفسير( فَإِذَا نُقِرَ فِي النّاقُورِ ) : ( الناقور فاعول من النقر ، كهاضوم من الهضم وحاطوم من الحطم ، وهو الذي من شأنه أن ينقر فيه للتصويت به ) قال :

( معناه : إذا نفخ في الصور ، وهي كهيئة البوق ، عن مجاهد

وقيل : إنّ ذلك في النفخة الأُولى وهو أول الشدّة الهائلة العامّة

وقيل : إنّه النفخة الثانية ، وعندها يحيي الله الخلق ، وتقوم القيامة وهي صيحة الساعة ، عن الجبائي )(٢) .

وعلى الجملة ، فإنّ التتبع في كلمات الشيخ الطبرسي في المواضع المختلفة من تفسيريه ، يفيد أنّ ما نُسب إليه من إنكار الصور بالمعنى بالمذكور من غرائب التوهّمات ، بل من عجائب الافتراءات .

حول كلام المفيد في معنى ( الصور )

وأمّا ما نُسب إلى الشيخ المفيد (رحمه‌الله ) من تأويل (الصور ) ، وأنّه يقول

ـــــــــــــــــ

(١) مجمع البيان ٤ : ٩٥ .

(٢) مجمع البيان ١٠ : ١٩١ و ١٩٥ .

٢٣٤

بأنّه جمع للصّورة ، ففيه كلام كذلك ، ومجرّد قول الشيخ المجلسي ( وسبقه الشيخ المفيد ) لا يكفي ، إذ يحتمل أن يكون مراده أنّ الشيخ المفيد قد سبق الشيخ الطبرسي في نقل القول المذكور عن بعض العامّة .

ولو سلّمنا أنّ الشيخ المفيد يجوّز أنْ يكون (الصور ) جمعاً للصورة ، فإنّه لا ينكر (الصور ) بمعنى (القرن ) الذي ينفخ فيه إسرافيلعليه‌السلام ، لثبوت ذلك في الكتاب والسنّة ، غاية ما هناك أنّه جوّز في بعض تلك الأدلّة أنْ يكون (الصور ) جمعاً للصورة ، وذلك لا يلازم إنكار كون المراد هو (القرن ) في البعض الآخر كما هو واضح ...

فإنْ كان الخصم في شكٍّ من هذا ، ذكرنا له كلام إمامه الفخر الرازي بتفسير قوله تعالى :( يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصّورِ ) فإنّه يصدّق ما قلناه تماماً ، وهذا نصّه :

( المسألة الثالثة : قوله تعالى :( يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصّورِ ) لا شبهة أنّ المراد منه يوم الحشر ، ولا شبهة عند أهل الإسلام أنّ الله سبحانه خلق قرناً ينفخ فيه ملك من الملائكة ، وذلك القرن مسمّى بالصور على ما ذكر الله هذا المعنى في مواضع من الكتاب الكريم ، ولكنّهم اختلفوا في المراد بالصّور في هذه الآية على قولين : الأوّل : إنّ المراد منه ذلك القرن الذي ينفخ فيه وصفته مذكورة في سائر السور ، والقول الثاني : إنّ الصور جمع صورة ، والنفخ في الصور عبارة عن النفخ في صور الموتى )(١) .

فلو فرض تفسير الشيخ المفيد لفظ (الصور ) في بعض الموارد بـ (جمع الصورة ) ، فإنّ هذا لا يستلزم كونه منكراً وجود (الصور ) بمعنى (النفخ ) ، وكيف

ـــــــــــــــــ

(١) تفسير الرازي ١٣ : ٣٣

٢٣٥

يجوز نسبة ذلك إليه ؟ والحال أنّ كلامه في (أجوبة المسائل السروية ) صريح في الاعتقاد بالصور

وهذه عبارة السؤال والجواب على ما نقل في (البحار ) :

( ما قوله ـ أدام الله تأييده ـ في عذاب القبر وكيفيّته ؟

ومتى يكون ؟

وهل تردّ الأرواح إلى الأجساد عند التعذيب أم لا ؟

وهل يكون العذاب في القبر أو يكون بين النفختين ؟

الجواب :

الكلام في عذاب القبر طريقه السمع دون العقل ، وقد ورد عن أئمّة الهدىعليهم‌السلام أنّهم قالوا :

( ليس يعذّب في القبر كلّ ميّت ، وإنّما يعذّب من جملتهم من محّض الكفر محضاً ، ولا ينعم كلّ ماض لسبيله ، وإنّما ينعم منهم من محّض الإيمان محضاً ، فأمّا سوى هذين الصنفين فإنّه يلهى عنهم )

وكذلك روي : أنّه لا يُسئَل في قبره إلاّ هذان الصنفان خاصّة ، فعلى ما جاء به الأثر من ذلك يكون الحكم ما ذكرناه .

فأمّا عذاب الكافر في قبره ، ونعيم المؤمنين فيه ، فإنّ الخبر ـ أيضاً ـ قد ورد بأنّ : الله تعالى يجعل روح المؤمن في قالب مثل قالبه في الدنيا في جنّة من جنانه ينعمه فيها إلى يوم الساعة ، فإذا نُفِخ في الصور أُنشىء جسده الذي بُلي في التراب وتمزّق ، ثمّ أعاده إليه وحشره إلى الموقف وأمر به إلى جنّة الخلد ، فلا يزال منعّماً ببقاء الله عزّ وجلّ ، غير أنّ جسده الذي يُعاد فيه لا يكون على تركيبه في الدنيا ، بل تعدّل طباعه وتحسّن صورته ، فلا يهرم مع تعديل الطباع ، ولا يمسّه نصبٌ في الجنّة ولا لغوب .

والكافر يجعل في قالب كقالبه في الدنيا ، في محلّ عذاب يعاقب به ونار يعذّب بها حتّى الساعة ، ثمّ أُنشئ جسده الذي فارقه في القبر ويعاد إليه ، ثمّ يعذّب به في الآخرة إلى الأبد ، ويركّب ـ أيضاً ـ جسده تركيباً لا يفنى معه ، وقد

٢٣٦

قال الله عزّ وجلّ اسمه :

( النّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدّ الْعَذَابِ)

وقال في قصّة الشهداء :

 ( وَلاَ تَحْسَبَنّ الّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبّهِمْ يُرْزَقُونَ ) .

فدلّ أنّ العذاب والثواب يكونان قبل يوم القيامة وبعدها .

والخبر وارد بأنّه يكون مع فراق الروح الجسد من الدنيا ، والروح هاهنا عبارة عن الفعّال الجوهر البسيط ، وليس بعبارة عن الحياة التي يصحّ معها العلم والقدرة ؛ لأنّ هذه الحياة عرض لا يبقى ولا يصحّ الإعادة فيه .

فهذا ما عوّل عليه بالنقل وجاء به الخبر على ما بيّنّاه )(١) .

هذا كلام الشيخ المفيد ، وهو نصّ قاطع في أنّه غير منكر للصور ، بل ذكر عقيدته على أساس الأخبار المرويّة عن الأئمّة الأطهارعليهم‌السلام وجعلها المعوَّل عليه والمعتَمد .

ولا يتوهّم أنّ هذا الكلام أيضاً ، يحتمل كون المراد من الصور هو نفخ الأرواح في الأجساد ، وأنّ الصور جمع الصورة ؛ لأنّ هذا الإحتمال فاسد قطعاً ، وكلامه صريح في أنّ المراد من (الصور ) هو (القرن ) لا جمع الصورة ، ويدلّ على ذلك وجهان :

الأوّل : قوله : ( فإذا نفخ في الصور أُنشئ جسده ) فإنّه يدلّ بوضوحٍ على أنّ إنشاء الجسد إنّما يكون بعد نفخ الصور ، فنفخ الصور متقدّم على إنشاء الجسد الذي بلي في التراب وتمزّق ، وهذا مقتضى الشرط والجزاء ؛ فإنّ الجزاء متفرّعٌ على وجود الشرط متأخّرٌ عنه

ومن البديهي أنّه لو كان (الصور ) جمع الصّورة ، وكان المراد نفخ الأرواح في الأجساد ، لم يكن تأخّر إنشاء

ـــــــــــــــــ

(١) بحار الأنوار ٦ : ٢٧٢ ـ ٢٧٣ عن أجوبة المسائل السرويّة .

٢٣٧

الجسد ، وإلاّ لزم تأخّر الشيء عن نفسه ؛ لأنّ النفخ في الصور ـ على تقدير كون (الصور ) جمع الصورة ـ هو نفخ الأرواح في الأجساد ، فلابدّ من إنشاء الأجساد قبل النفخ حتى ينفخ فيها الأرواح .

الثاني : إنّ لفظة ( ثمّ ) في قوله : ( ثمّ أعاد إليه وحشره إلى الموقف ) صريحٌ في تأخّر إعادة الروح إلى الجسد ، عن نفخ الصور وإنشاء الجسد ، كما هو ظاهر لفظة ( ثمّ ) الموضوعة للتراخي والبعديّة ، ولا ريب أنّ أعادة الروح إلى الجسد هو عين نفخ الروح فيه فلو كان المراد من( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصّورِ ) هو جمع الصورة ، وكان المراد من النفخ هو نفخ الأرواح في الأجساد ، لزم تأخّر الشيء عن نفسه .

وتلخّص : أنّ الشيخ المفيد (رحمه‌الله ) يقول بوجود الصور بمعنى القرن ، وبوقوع النفخ فيه كما دلّت عليه الأدلّة ، وقد أشار إليها في جواب السؤال ونصَّ على الاعتماد عليها فلا يجوز نسبة غير ذلك إليه ألبتّة .

عقيدة الحسن البصري وأبي عبيدة

لكنّها عقيدة الحسن البصري وأبي عبيدة وغيرهما من أهل السنّة ، وقد نصّ غير واحدٍ من أعلام القوم على أنّها خلاف ما عليه أهل السنّة والجماعة :

قال العيني في (عمدة القاري ) بشرح قول البخاري : ( باب نفخ الصور ) :

( الصور ، وهو بضمّ الصاد وسكون الواو ، وذكر عن الحسن أنّه قرأها بفتح الواو جمع الصورة ، وتأوّله على أنّ المراد النفخ في الأجسام ليعاد إليها الأرواح

قال الأزهري : إنّه خلاف ما عليه أهل السنّة والجماعة )(١) .

ـــــــــــــــــ

(١) عمدة القاري بشرح البخاري ٢٣ : ٩٨ باب نفخ الصور .

٢٣٨

بل هو عقيدة جماعة

وليس هذا قول الحسن وحده ، ففي (فتح الباري ) ما نصّه :

( باب نفخ الصور ، تكرّر ذكره في القرآن ، في الأنعام والمؤمنين والنمل والزمر وقاف وغيرها ، وهو بضمّ المهملة وسكون الواو ، وثبت كذلك في القراآت المشهورة والأحاديث ، وذكر عن الحسن البصري أنّه قرأها بفتح الواو جمع صورة ، وتأوّله على أنّ المراد النفخ في الأجساد ليعاد إليها الأرواح

وقال أبو عبيدة في المجاز : يقال الصور يعني بسكون الواو جمع صورة ، كما يقال سور المدينة جمع سورة

قال الشاعر :

لمّا أتى خــبر الزبير

تواضعت صور المدينة

فيستوي معنى القراءتين .

وحكى مثله الطبري عن قوم وزاد : كالصوف جمع صوفة .

قالوا : والمراد بالنفخ في الصور ـ وهي الأجساد ـ أن تعاد فيها الأرواح ، كما قال تعالى :( وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رّوحِي ) .

وتعقّب قوله : جمع ، بأنّ هذه أسماء أجناس لا جموع .

وبالغ النحّاس وغيره في الردّ على التأويل المذكور .

وقال الأزهري : إنّه خلاف ما عليه أهل السنّة والجماعة )(١) .

وقال الرازي في (تفسيره ) :

( اعلم : إنّ الله سبحانه لمّا قال :( وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى‏ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) ذكر أحوال ذلك اليوم ، فقال :( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصّورِ ) وفيه ثلاثة أقوال :

أحدها : إنّ الصور آلة ، إذا نفخ فيها يظهر صوتٌ عظيم جعله الله علامةً

ـــــــــــــــــ

(١) فتح الباري في شرح البخاري ١١ : ٣٠٨ باب نفخ الصور .

٢٣٩

لخراب الدنيا وإعادة الأموات

روي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنّه قرن ينفخ فيها .

وثانيها : إنّ المراد من الصور مجموع الصور ، والمعنى : فإذا نفخ في الصور أرواحها ، وهو قول الحسن ، وكان يقرأ بفتح الواو ، وبالفتح والكسر عن أبي رزين ، وهو حجّة لمن فسّر الصّور بجمع صورة .

وثالثها : إنّ النفخ في الصور استعارة ، والمراد منه البعث والحشر .

والأولى الأوّل )(١) .

وقال ابن الأثير في (النهاية ) :

( وفيه ذكر النفخ في الصور ، هو القرن الذي ينفخ فيه إسرافيلعليه‌السلام عند بعث الموتى إلى المحشر

وقال بعضهم : إنّ الصور جمع صورة ، يريد صور الموتى ينفخ فيه الأرواح ، والصحيح الأوّل ؛ لأنّ الأحاديث تعاضدت عليه تارةً بالصور وتارةً بالقرن )(٢) .

وقال محمد طاهر في (مجمع البحار ) :

( ونفخ في الصور ، هو قرن ينفخ فيه إسرافيلعليه‌السلام عند بعث الموتى إلى المحشر ، وقيل : هو جمع صورة يريد صور الموتى ينفخ فيها الأرواح ، والصحيح الأوّل لتظاهر الأحاديث فيه )(٣) .

وفي (الصحاح ) :

( الصور القرن قال الراجز :

ـــــــــــــــــ

(١) تفسير الرازي ٢٣ : ١٢١ .

(٢) النهاية في غريب الحديث والأثر ( صور ) .

(٣) مجمع البحار ( صور ) .

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652