تفسير نور الثقلين الجزء ٤

تفسير نور الثقلين6%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 652

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 652 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 300802 / تحميل: 6173
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

تتبعها نوائح، وقول أم كلثوم: لو صليت الليلة داخل الدار وأمرت غيرك يصلّي بالناس فأبى عليها وكثر دخوله وخروجه تلك الليلة بلا سلاح وقد عرفعليه‌السلام ان ابن ملجم لعنه الله قاتله بالسيف كان هذا مما لا يحسن تعرضه؟ فقال: ذلك كان ولكنه خير في تلك الليلة لتمضي مقادير اللهعزوجل .

١٢٠ ـ في كتاب مقتل الحسينعليه‌السلام لأبي مخنف وان الحسين لـمّا نزل كربلاء وأخبر باسمها بكى بكاء شديدا وقال: أرض كرب وبلاء، قفوا ولا تبرحوا وحطوا ولا ترحلوا، فهاهنا والله محط رحالنا وهاهنا والله سفك دمائنا، وهاهنا والله تسبى حريمنا، وهاهنا والله محل قبورنا، وهاهنا والله محشرنا ومنشرنا وبهذا وعدني جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا خلاف لوعده.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من قرأ سورة السجدة في كل ليلة جمعة أعطاه الله كتابه بيمينه ولم يحاسبه بما كان منه، وكان من رفقاء محمد وأهل بيته صلى الله عليهم.

٢ ـ وباسناده عن الصادقعليه‌السلام قال: من اشتاق إلى الجنة والى صفتها فليقرأ الواقعة ومن أحب ان ينظر إلى صفة النار فليقرأ سجدة لقمان.

٣ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ومن قرأ الم تنزيل وتبارك الذي بيده الملك فكأنما أحيى ليلة القدر.

٤ ـ وروى ليث بن أبي الزبير عن جابر قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا ينام حتى يقرأ الم تنزيل وتبارك الذي بيده الملك.

٥ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ العزائم أربع:( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) ، والنجم، وتنزيل السجدة، وحم السجدة.

٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إلى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ )

٢٢١

يعنى الأمور التي يدبرها والأمر والنهى الذي أمر به، وأعمال العباد كل هذا يظهر يوم القيامة فيكون مقدار ذلك اليوم ألف سنة من سنى الدنيا.

٧ ـ في أمالي شيخ الطائفةقدس‌سره باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال في كلام طويل: فان في القيامة خمسين موقفا كل موقف مثل الف سنة مما تعدون، ثم تلا هذه الآية:( فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) .

قال مؤلف هذا الكتاب عفي عنه: قد نقلنا طرفا من الاخبار فيه بيان شاف عند قولهعزوجل :( وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ) في سورة الحج(١) .

٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ ) قال: هو آدم.

٩ ـ في عيون الأخبار في باب مجلس الرضاعليه‌السلام مع سليمان المروزي يقول فيه المأمون بعد كلام طويل: يا عمران هذا سليمان المروزي متكلم خراسان، قال عمران: يا أمير المؤمنين انه يزعم انه واحد خراسان في النظر وينكر البداء؟ قال.

فلم تناظره؟ قال عمران: ذلك إليك، فدخل الرضاعليه‌السلام فقال: في أي شيء أنتم؟قال عمران: يا بن رسول الله هذا سليمان المروزي فقال له سليمان: أترضى بأبى الحسن وبقوله فيه؟ فقال عمران: قد رضيت بقول أبي الحسن في البداء على ان يأتيني فيه بحجة احتج بها على نظرائى من أهل النظر، قال المأمون: يا أبا الحسن ما تقول فيما تشاجرا فيه؟ قال: وما أنكرت من البداء يا سليمان، واللهعزوجل يقول:( أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً ) ويقولعزوجل :( وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ) ويقول:( بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) ويقولعزوجل :( يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ ) ويقول:( وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ ) ويقولعزوجل :( وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ ) ويقولعزوجل :( وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ ) أي ولده من سلالة وهو الصفوة من الطعام والشراب( مِنْ ماءٍ مَهِينٍ ) قال: النطفة المنى ثم سواه أي استحاله من نطفة الى

__________________

(١) راجع صفحة ٥٠٩ من الجزء الثالث.

٢٢٢

علقة، ومن علقة إلى مضغة، حتى نفخ فيه الروح.

١١ ـ في جوامع الجامع وروى عن عليٍّعليه‌السلام وابن عباس «صللنا» بالصاد وكسر اللام من صل اللحم وأصل إذا أنتن.

١٢ ـ في كتاب التوحيد عن عليٍّعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات فأما قوله:( بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ ) يعنى البعث، فسماه اللهعزوجل لقاه، واما قوله:( قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ) وقوله:( اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها ) وقوله:( تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ ) وقوله:( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ ) وقوله:( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ) فان الله تبارك وتعالى يدبر الأمور كيف يشاء، ويوكل من خلقه من يشاء بما يشاء، اما ملك الموت فان الله يوكله بخاصة من يشاء من خلقه، ويوكل رسله من يشاء من خاصته بمن يشاء من خلقه، يدبر الأمور كيف يشاء. وليس كل العلم يستطيع صاحب العلم أن يفسره لكل الناس، لان فيهم القوى والضعيف، ولان منه ما يطاق حمله ومنه ما لا يطاق حمله، إلّا أنْ يسهّل الله له حمله وأعانه عليه من خاصّة أوليائه، وانما يكفيك أنْ تعلم أنّ الله لمحيي المميت، وانه يتوفّى الأنفس على يدي من يشاء من خلقه من ملائكته وغيرهم.

١٣ ـ في مَنْ لا يحضره الفقيه وسئل الصادقعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها ) وعن قول اللهعزوجل :( قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ) وعن قول اللهعزوجل :( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ ) وعن قول اللهعزوجل :( تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا ) وعن قولهعزوجل :( وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ ) وقد يموت في الدنيا في الساعة الواحدة في جميع الافاق ما لا يحصيه إلّا اللهعزوجل ، فكيف هذا؟ فقال: إنّ الله تبارك وتعالى جعل لملك الموت أعوانا من الملائكة يقبضون الأرواح بمنزلة صاحب الشرطة

٢٢٣

له أعوان من الانس يبعثهم في حوائجه، فتتوفاهم الملائكة ويتوفاهم ملك الموت من الملائكة مع ما يقبض هو، ويتوفاها الله تعالى من ملك الموت.

١٤ ـ في الكافي أبو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن ابن فضال عن علي بن عقبة عن أسباط بن سالم مولى أبان قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام جعلت فداك يعلم ملك الموت بقبض(١) من يقبض؟ قال: لا انما هي صكاك تنزل من السماء: اقبض نفس فلان بن فلان.

١٥ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن عمر بن عثمان عن المفضل بن صالح عن زيد الشحام قال: سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن ملك الموت يقال: الأرض بين يديه كالقصعة يمد يديه منها حيث يشاء؟ فقال: نعم.

١٦ ـ محمد عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن الحسين بن علوان عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سألته عن لحظة ملك الموت؟ قال: أما رأيت الناس يكونون جلوسا فتعتريهم السكينة فما يتكلم أحد منهم فتلك لحظة ملك الموت حيث يلحظهم.

١٧ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن بعض أصحابه عن محمد بن سكين قال: سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يقول: استأثر الله بفلان، فقال: ذا مكروه فقيل: فلان يجود بنفسه؟ فقال: لا بأس أما تراه يفتح فاه عند موته مرتين أو ثلاثا، فذلك حين يجود بها لما يرى من ثواب اللهعزوجل وقد كان بها ضنينا.

١٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن هشام عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لـمّا أسرى بي إلى السماء رأيت ملكا من الملائكة بيده لوح من نور لا يلتفت يمينا ولا شمالا مقبلا عليه كهيئة الحزين، فقلت: من هذا يا جبرئيل؟ قال: هذا ملك الموت مشغول في قبض الأرواح فقلت: أدنني منه يا جبرئيل لأكلمه فأدنانى منه. فقلت له: يا ملك الموت أكل من مات أو هو ميت فيما بعد أنت تقبض روحه؟ قال: نعم، قلت: تحضرهم بنفسك؟ قال: نعم ما الدنيا كلها عندي فيما سخرها

__________________

(١) وفي بعض النسخ «نفس من يقبض».

٢٢٤

اللهعزوجل لي ومكننى منها إلّا كالدرهم في كف الرجل يقلبه كيف شاء، وما من دار في الدنيا إلّا وأدخلها في كل يوم خمس مرات وأقول إذا بكى أهل الميت على ميتهم: لا تبكوا عليه فان لي إليكم عودة وعودة حتى لا يبقى منكم أحد، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كفي بالموت طامة يا جبرئيل(١) . فقال جبرئيل: ما بعد الموت أطم وأعظم من الموت.

١٩ ـ في نهج البلاغة هل يحس به أحد إذا دخل منزلا أم هل تراه إذا توفي أحدا، بل كيف يتوفى الجنين في بطن امه أيلج عليه من بعض جوارحها، أم الروح اجابته بإذن ربها، أم هو ساكن معه في أحشائها، كيف يصف إلهه من يعجز عن صفة مخلوق مثله.

٢٠ ـ في مجمع البيان وروى عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الأمراض والأوجاع كلها بريد الموت ورسل الموت، فاذا حان الأجل أتى ملك الموت بنفسه فقال: يا ايها العبد كم خبر بعد خبر. وكم رسول بعد رسول، وكم بريد بعد بريد؟ انا الخبر الذي ليس بعدي خبر، وانا الرسول أجب ربك طائعا أو مكرها، فاذا قبض روحه وتصارخوا عليه قال: على من تصرخون وعلى من تبكون؟ فو الله ما ظلمت له أجلا ولا أكلت له رزقا، بل دعاه ربه فليبك الباكي على نفسه، وان لم فيكم عودات وعودات حتى لا أبقى منكم أحدا.

٢١ ـ في من لا يحضره الفقيه وقال أبو جعفرعليه‌السلام : إنّ آية المؤمن إذا حضره الموت ان يبيض وجهه أشد من بياض لونه، ويرشح جبينه ويسيل من عينه كهيئة الدموع فيكون ذلك آية خروج روحه، وان الكافر تخرج روحه سيلا من شدقه كزبدا البعير كما يخرج نفس الحمار.

٢٢ ـ وسئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كيف يتوفى ملك الموت المؤمن؟ فقال: إنّ ملك الموت ليقف من المؤمن عند موته موقف العبد الذليل من المولى، فيقوم هو وأصحابه لا يدنو منه حتى يبدأ بالتسليم ويبشره بالجنة.

٢٣ ـ وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : إنّ المؤمن إذا حضره الموت وثقه ملك

__________________

(١) الطامة: الداهية تغلب ما سواها قيل لها ذلك لأنها تطم كل شيء أي تعلوه وتغطيه.

٢٢٥

الموت فلو لا ذلك لم يستقر.

٢٤ ـ في عوالي اللئالى وفي الحديث ان إبراهيمعليه‌السلام لقى ملكا فقال له: من أنت؟ قال: انا ملك الموت، فقال: أتستطيع ان تريني الصورة التي تقبض فيها روح المؤمن؟ قال: نعم أعرض عنى فأعرض عنه فاذا شاب حسن الصورة حسن الثياب حسن الشمائل طيب الرائحة فقال: يا ملك الموت لو لم يلق المؤمن الأحسن صورتك لكان حسبه ثم قال: هل تستطيع ان تريني الصورة التي تقبض فيها روح الفاجر؟ فقال: لا تطيق فقال: بلى، قال: أعرض عنى فأعرض عنه ثم التفت إليه فاذا هو رجل اسود قائم الشعر منتن الرائحة أسود الثياب يخرج من فيه ومن مناخره النيران والدخان، فغشى على إبراهيم ثم أفاق وقد عاد ملك الموت إلى حالته الاولى، فقال: يا ملك الموت لو لم يلق الفاجر إلّا صورتك هذه لكفته.

٢٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل : ولو ترى إذا( الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا ) في الدنيا ولم نعمل به فارجعنا إلى الدنيا( نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها ) قال: لو شئنا ان نجعلهم كلهم معصومين لقدرنا.

٢٦ ـ وقولهعزوجل :( فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا إِنَّا نَسِيناكُمْ ) أي تركناكم.

٢٧ ـ وقولهعزوجل :( تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ ) فانه حدّثني أبي عن عبد الرحمان بن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ما من عمل حسن يعمله العبد إلّا وله ثواب في القرآن إلّا صلوة الليل فان اللهعزوجل لم يبين ثوابها العظيم خطره عنده، فقال جل ذكره:( تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ ) إلى قوله تعالى «يعملون» ثم قال: إنّ للهعزوجل كرامة في عباده المؤمنين في كل يوم جمعة، فاذا كان يوم الجمعة بعث الله إلى المؤمن ملكا معه حلة(١) فينتهي إلى باب الجنة، فيقول استأذنوا إليِّ على فلان فيقال له: هذا

__________________

(١) وفي بعض النسخ «حلتان».

٢٢٦

رسول ربك على الباب فيقول لأزواجه: أي شيء ترين على أحسن؟ فيقلن: يا سيدنا والذي أباحك الجنة ما رأينا عليك أحسن من هذا قد بعث إليك ربك فيتزر بواحدة ويتعطف بالأخرى، فلا يمر بشيء إلّا أضاء له حتى ينتهى إلى الموعد، فاذا اجتمعوا تجلى لهم الرب تبارك وتعالى، فاذا نظروا إليه أي إلى رحمته خروا سجدا فيقول: عبادي ارفعوا رؤسكم ليس هنا يوم سجود ولا عبادة، قد رفعت عنكم المؤنة، فيقولون: يا رب وأيّ شيء أفضل مما أعطيتنا؟ أعطيتنا الجنة فيقول: لكم مثل ما في أيديكم سبعين ضعفا، فيرجع المؤمن في كل جمعة بسبعين ضعفا مثل ما في يديه وهو قوله:( وَلَدَيْنا مَزِيدٌ ) وهو يوم الجمعة انها ليلة غراء، ويوم أزهر(١) فأكثروا فيها من التسبيح والتهليل والتكبير والثناء على اللهعزوجل ، والصلوة على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: فيمر المؤمن فلا يمر بشيء إلّا أضاء له حتى ينتهى إلى أزواجه، فيقلن: والذي أبا حنا الجنة يا سيدنا ما رأيناك أحسن منك الساعة، فيقول: انى قد نظرت إلى نور ربي ثم قال: إنّ أزواجه لا يغرن ولا يحضن ولا يصلفن قال قلت: جعلت فداك انى أردت ان أسألك عن شيء أستحيى منه، ثم قلت: أفي الجنة غناء؟ قال: إنّ في الجنة شجرا يأمر الله رياحها فتهب فتضرب تلك الشجر بأصوات لم يسمع الخلائق مثلها حسنا، ثم قال: هذا عوض لمن ترك السماع للغناء في الدنيا مخافة الله قال: قلت: جعلت فداك زدني فقال: إنّ الله تعالى خلق جنة بيده ولم ترها عين ولم يطلع عليها مخلوق يفتحها الرب كل صباح فيقول: ازدادي ريحا ازدادي طيبا وهو قول الله( فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ ) .

٢٨ ـ في كتاب الخصال عن يونس بن ظبيان قال: قال الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام : إنّ الناس يعبدون الله على ثلثة أوجه: فطبقة تعبده رغبة في ثوابه فتلك عبادة الحرصاء وهو الطمع، وآخرون يعبدونه فرقا فتلك عبادة العبيد وهي الرهبة، ولكني أعبده حبا له فتلك عبادة الكرام وهو الأمن والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٩ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى أبي عبيدة الحذاء عن أبي جعفرعليه‌السلام

__________________

(١) وفي نسخة البحار «ان ليلها ليلة فراء ويومها يوم أزهر».

٢٢٧

قال:( تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً ) لعلك ترى ان القوم لم يكونوا ينامون؟ قال قلت: الله ورسوله وابن رسوله أعلم قال: فقال: لا بد لهذا البدن أن تريحه حتى يخرج نفسه، فاذا خرج النفس استراح البدن ورجع الروح قوة على العمل، فانما ذكرهم( تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً ) أنزلت في أمير المؤمنينعليه‌السلام وأتباعه من شيعتنا ينامون في أول الليل فاذا ذهب ثلثا الليل أو ما شاء الله فزعوا إلى ربهم راغبين مرهبين طامعين فيما عنده، فذكر الله في كتابه فأخبرك بما أعطاهم انه أسكنهم في جواره وأدخلهم جنته وآمنهم خوفه، وأذهب رعبهم، قال: قلت: جعلت فداك ان أنا قمت في آخر الليل أي شيء أقول إذا قمت؟ قال: قل الحمد لله رب العالمين واله المرسلين والحمد لله الذي يحيى الموتى ويبعث من في القبور فانك إذا قلتها ذهب عنك رجز الشيطان ووسواسه إنشاء الله.

٣٠ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن النعمان عن ابن مسكان عن سليمان بن خالد عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: ألآ أخبرك بالإسلام أصله وفرعه وذروة سنامه(١) ؟ قلت: بلى جعلت فداك قال: أما أصله فالصلاة وفرعه الزكاة وذروة سنامه الجهاد، ثمّ قال: إنْ شئت أخبرتك بأبواب الخير؟ قلت: نعم جعلت فداك، قال: الصوم جنة والصدقة تذهب بالخطيئة وقيام الرجل في جوف الليل يذكر الله، ثم قرأ( تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ )

٣١ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن جميل عن هارون بن خارجة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: العبادة ثلاثة: قوم عبدوا اللهعزوجل خوفا فتلك عبادة العبيد، وقوم عبدوا الله تبارك وتعالى طلبا للثواب فتلك عبادة الاجراء، وقوم عبدوا اللهعزوجل حباله فتلك عبادة الأحرار، وهي أفضل العبادة.

٣٢ ـ في محاسن البرقي عنه عن الحسن بن علي بن فضال عن ثعلبة بن ميمون عن علي بن عبد العزيز قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : ألآ أخبرك بأصل الإسلام وفرعه وذروته وسنامه؟ قال: قلت: بلى جعلت فداك قال: أصله الصلوة وفرعه الزكاة وذروته

__________________

(١) الذرورة: المكان المرتفع. والسفام: حدبة في ظهر البعير. واللفظ كناية.

٢٢٨

وسنامه الجهاد في سبيل الله، ألآ أخبرك بأبواب الخير: الصوم جنة والصدقة تحط الخطيئة، وقيام الرجل في جوف الليل يناجي ربه، ثم قرء( تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ ) .

٣٣ ـ في مجمع البيان وروى الواحدي بالإسناد عن معاذ بن جبل قال: بينا نحن مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في غزوة تبوك وقد أصابنا الحر فتفرق القوم فاذا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أقربهم منى فدنوت منه فقلت: يا رسول الله انبئنى بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار، قال: لقد سألت عن عظيم وانه ليسير على من يسره الله عليه تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلوة المكتوبة وتؤدى الزكاة المفروضة، وتصوم شهر رمضان، قال: وان شئت انبأتك عن أبواب الخير؟ قال: قلت: أجل يا رسول الله، قال الصوم جنة من النار، والصدقة تكفر الخطيئة، وقيام الرجل في جوف الليل يبتغى وجه الله ثم قرأ هذه الآية:( تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ ) .

٣٤ ـ في أمالي شيخ الطائفةقدس‌سره باسناده قال: قال الصادقعليه‌السلام في قوله:( تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ ) قال: كانوا لا ينامون حتى يصلوا العتمة.

٣٥ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب كلام طويل في تزويج فاطمةعليها‌السلام من عليّعليه‌السلام وفيه: وباتت عندها أسماء بنت عميس أسبوعا بوصية خديجة إليها فدعا لها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في دنياها وآخرتها. ثم أتاها في صبيحتها وقال: السلام عليكم أدخل رحمكم الله؟ ففتحت له الأسماء الباب وكانا نائمين تحت كساء، فقال: على ـ حالكما فادخل رجليه بين أرجلهما فأخبر الله عن أورادهما( تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ ) الآية فسأل عليا كيف وجدت أهلك؟ قال: نعم العون على طاعة الله، وسأل فاطمة فقال: خير بعل، فقال: أللّهمّ اجمع شملهما والف بين قلوبهما واجعلهما وذريتهما من ورثة جنة النعيم، وارزقهما ذرية طاهرة طيبة مباركة، واجعل في ذريتهما البركة واجعلهم أئمة يهدون بأمرك إلى طاعتك، ويأمرون بما يرضيك، ثم أمر بخروج أسماء قال: جزاك الله خيرا ثم خلا بها بإشارة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٢٢٩

٣٦ ـ في مجمع البيان وروى في الشواذ عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله «قرأت أعين».

٣٧ ـ وروى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال: ما من حسنة إلّا ولها ثواب مبين في القرآن إلّا صلوة الليل، فان الله عز اسمه لم يبين ثوابها لعظم خطرها، قال: «فلا تعلم نفس» الآية.

٣٨ ـ في جوامع الجامع في الحديث يقول الله تعالى أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، بله ما اطلعتكم اقرأ وان شئتم «فلا تعلم نفس» الآية.

٣٩ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن الحسن بن علي بن فضال عن علي بن النعمان عن الحارث بن محمد الأحول عمن حدثه عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام قالا: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليٍّ: انه لـمّا أسرى بي رأيت في الجنة نهرا أبيض من اللبن وأحلى من العسل، وأشد استقامة من السهم، فيه أباريق عدد النجوم على شاطئه قباب الياقوت الأحمر والدر الأبيض. فضرب جبرئيل بجناحيه فاذا هو مسكة ذفره، ثم قال: والذي نفس محمد بيده ان في الجنة لشجرا يتصفق بالتسبيح بصوت لم يسمع الأولون والآخرون، يثمر ثمرا كالرمان. يلقى ثمره إلى الرجل فيشقها عن سبعين حلة، والمؤمنون على كراسي وهم الغر المحجلون حيث شاءوا من الجنة، فبيناهم كذلك إذا شرقت عليهم امرأة من فوقه تقول: سبحان الله يا عبد الله أما لنا منك دولة فيقول: من أنت؟ فتقول: انا من اللواتي قال الله:( فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ ) ثم قال: والذي نفس محمد بيده انه ليجيئه كل يوم سبعون ألف ملك ما يسمونه باسمه واسم أبيه.

٤٠ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد الأشعري عن عبد الله بن ميمون القداح عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من أطعم مؤمنا حتى يشبعه لم يدر أحد من خلق الله جل وعز ما له من الأجر في الاخرة، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل إلّا الله رب العالمين.

قال مؤلف هذا الكتاب عفي عنه: قد سبق في تفسير علي بن إبراهيم قريبا حديث في بيان قولهعزوجل :( فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ ) (١)

__________________

(١) راجع الحديث ـ ٢٧ ـ.

٢٣٠

٤١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن الحسن بن عليعليهما‌السلام حديث طويل وفيه يقولعليه‌السلام : واما أنت يا وليد بن عقبة فو الله ما ألومك ان تبغض عليا وقد جلدك في الخمر ثمانين جلدة وقتل أباك صبرا بيده يوم بدر، أم كيف تسبه فقد سماه الله مؤمنا في عشر آيات من القرآن، وسماك فاسقا وهو قول اللهعزوجل :( أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ ) .

٤٢ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحاق عن عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفر حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : ونزل بالمدينة( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) فبرأه الله ما كان مقيما على الفرية من ان يسمى بالايمان في قوله اللهعزوجل :( أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ ) .

٤٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قولهعزوجل :( أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ ) قال: إنّ عليّ بن أبي طالب والوليد بن عقبة بن أبي معيط تشاجرا، فقال الفاسق وليد بن عقبة: انا والله ابسط منك لسانا وأحد منك سنانا وأمثل منك جثوا في الكتيبة، فقال على صلوات الله عليه: اسكت انما أنت فاسق فأنزل الله:( أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ ) فهو عليُّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

٤٤ ـ وقال علي بن إبراهيمرحمه‌الله في قولهعزوجل :( وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها ) قال: إنّ جهنم إذا دخلوها هووا فيها مسيرة سبعين عاما، فاذا بلغوا أسفلها زفرت بهم جهنم فاذا بلغوا أعلاها قمعوا بمقامع الحديد، فهذه حالهم وأما قولهعزوجل :( وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ ) الآية قال: العذاب الأدنى عذاب الرجعة بالسيف معنى قوله لعلهم يرجعون يعنى فإنهم يرجعون في الرجعة حتى يعذبوا.

٢٣١

٤٥ ـ في مجمع البيان واما العذاب الأدنى ففي الدنيا، واختلف فيه إلى قوله: وقيل هو عذاب القبر عن مجاهد، وروى أيضا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، والأكثر في الرواية عن أبي جعفر وابى عبد اللهعليهما‌السلام أنّ العذاب الأدنى الدابة والدجال.

٤٦ ـ في جوامع الجامع:( وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ ) وقيل: الضمير في لقائه لموسى، والتقدير من لقائك موسى أو من لقاء موسى إياك ليلة الإسراء بك إلى السماء، فقد روى انهعليه‌السلام قال: رأيت ليلة أسري بي إلى السماء موسى بن عمران رجلا آدم طوالا جعدا كأنه من رجال شنوءة(١) .

٤٧ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه وعلى بن محمد القاساني جميعا عن القاسم بن محمد الاصبهانى عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : يا حفص إنّ من صبر صبر قليلا، وانّ من جزع جزع قليلا، ثم قال: عليك بالصبر في جميع أمورك فانّ اللهعزوجل بعث محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله فأمره بالصبر والرفق، إلى قوله فصبرصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى نالوه العظائم فضاق صدره فأنزل اللهعزوجل :( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ) ثم كذبوه ورموه فحزن لذلك فانزل اللهعزوجل :( قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ* وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا ) فالزم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نفسه الصبر فتعدوا وذكروا الله تبارك وتعالى وكذبوه فقال: قد صبرت في نفسي وأهلى وعرضي ولا صبر لي على ذكر الهى فانزل اللهعزوجل :( وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ ) فصبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في جميع أحواله ثم بشر في عترته بالأئمة ووصفوا بالصبر فقال جل ثناؤه:( وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ ) فعند ذلك قالصلى‌الله‌عليه‌وآله الصبر من الايمان كالرأس من الجسد، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا )

__________________

(١) شنوءة: موضع باليمن تنسب إليها قبائل من الأزد يقال لهم أزد شنوءة.

٢٣٢

قال كان في علم الله انهم يصبرون على ما يصيبهم فجعلهم أئمة.

٤٩ ـ حدّثنا حميد بن زياد قال: حدّثنا محمد بن الحسين عن محمد بن يحيى عن طلحة بن زياد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائهعليهم‌السلام قال: الائمة في كتاب الله إمامان: قال الله تعالى:( وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا ) لا بأمر الناس يقدمون أمر الله قبل أمرهم، وحكم الله قبل حكمهم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥٠ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله دعا لعليٍّ وفاطمةعليهما‌السلام فقال: أللّهمّ اجمع شملهما وألف بين قلوبهما وذريتهما من ورثة جنة النعيم، وارزقهما ذرية طاهرة طيبة مباركة، واجعل في ذريتهما البركة، واجعلهم أئمة يهدون بأمرك إلى طاعتك ويأمرون بما يرضيك.

٥١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيمرحمه‌الله في قولهعزوجل :( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إلى الْأَرْضِ الْجُرُزِ ) قال: الأرض الخراب، وهو مثل ضربه اللهعزوجل في الرجعة والقائم صلوات الله عليه، فلما أخبرهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بخبر الرجعة قالوا( مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ) وهذه معطوفة على قوله( وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ ) فقالوا:( مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ) فقال اللهعزوجل .

( قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ ) يا محمد و( انْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ ) .

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من كان كثير القرائة لسورة الأحزاب كان يوم القيامة في جوار محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وأزواجه، ثم قال سورة الأحزاب فيها فضائح الرجال والنساء من قريش وغيرهم، يا ابن سنان سورة الأحزاب فضحت نساء قريش من العرب، وكانت أطول من سورة البقرة ولكن نقصوها وحرفوها.

٢ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ومن قرأ سورة الأحزاب

٢٣٣

وعلمها أهله وما ملكت يمينه أعطى الامان من عذاب القبر.

٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً ) وهذا هو الذي قال الصادقعليه‌السلام : إنّ الله بعث نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله بإياك اعنى واسمعي يا جارة(١) فالمخاطبة للنبي والمعنى للناس.

٤ ـ في مجمع البيان نزلت في أبي سفيان بن حرب وعكرمة بن أبي جهل وأبى الأعور السلمي قدموا المدينة ونزلوا على عبد الله بن أبي بعد غزوة أحد بأمان من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليكلموه فقاموا وقام معهم عبد الله بن أبي وعبد الله بن سعيد بن أبي سرح وطعمة بن أبيرق فدخلوا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا: يا محمّد ارفض ذكر آلهتنا اللّات والعُزّى ومَنوة وقل: إنّ لها شفاعة لمن عبدها، وندعك وربك، فشقّ ذلك على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال عمر بن الخطاب: ائذن لنا يا رسول الله في قتلهم، فقال: إنّي أعطيتهم الامان وأمرصلى‌الله‌عليه‌وآله فاخرجوا من المدينة، ونزلت الآية «و( فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ ) من أهل مكّة أبا سفيان وأبا الأعور وعكرمة والمنافقين ابن أبي وابن سعيد وطعمة.

٥ ـ في مصباح الشريعة قال الصادقعليه‌السلام : في كلام طويل فمن كان قلبه متعلقا في صلوته بشيء دون الله فهو قريب من ذلك الشيء بعيد، عن حقيقة ما أراد الله منه في صلوته قال اللهعزوجل :( ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ) .

٦ ـ في أمالي شيخ الطائفةقدس‌سره باسناده إلى صالح بن ميثم التماررحمه‌الله قال: وجدت في كتاب ميثم رضى الله عنه يقول: تمسينا ليلة عند أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال لنا إنّ عبدا لن يقصّر في حبنا لخير جعله في قلبه، ولن يحبنا من يحب مبغضنا إنّ ذلك لا يجتمع في قلب واحد، و( ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ) ، يحب بهذا قوما ويحب بالآخر عدوهم، والذي يحبنا فهو يخلص حبنا كما يخلص الذهب لا غش فيه، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله( ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ) قال عليُّ بن أبي طالب صلوات الله عليه: لا يجتمع

__________________

(١) قد مر منعاه في صفحة ١٤٧.

٢٣٤

حبنا وحب عدونا في جوف إنسان، إنّ الله لم يجعل لرجل قلبين في جوفه فيحب بهذا ويبغض بهذا. فاما محبنا فيخلص الحب لنا كما يخلص الذهب بالنار لا كدر فيه، فمن أراد أنْ يعلم فليمتحن قلبه، فان شارك في حبنا حب عدونا فليس منا، ولسنا منه، والله عدوهم وجبرئيل وميكائيل والله عدو للكافرين.

٨ ـ في مجمع البيان وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام :( ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ) ، يحب بهذا قوما، ويحب بهذا أعدائهم.

٩ ـ وفيه قوله:( ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ) نزل في أبي معمر حميد بن معمر بن حبيب الفهدي، وكان لبيبا حافظا لما يسمع، وكان يقول: إنّ في جوفي لقلبين أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد، وكانت قريش تسميه ذا القلبين فلما كان يوم بدر وهزم المشركون وفيهم أبو معمر تلقاه أبو سفيان بن حرب وهو آخذ بيده احدى نعليه، فقال له: يا أبا معمر ما حال الناس؟ قال: انهزموا قال: فما بالك احدى نعليك في يدك والاخرى في رجلك؟ فقال أبو معمر: ما شعرت إلّا انهما في رجلي، فعرفوا يومئذ انه لم يكن له إلّا قلب واحد لما نسي نعله في يده.

١٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيمرحمه‌الله في قولهعزوجل وما جعل ادعيائكم أبنائكم فانه حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان سبب ذلك أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّا تزوج بخديجة بنت خويلد خرج إلى سوق عكاظ في تجارة، وراى زيدا يباع ورآه غلاما كيسا حصينا، فاشتراه فلما نبئ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله دعاه إلى الإسلام فأسلم، وكان يدعى زيد مولى محمد فلما بلغ حارثة بن شراحيل الكلبي خبر ولده زيد قدم مكة، وكان رجلا جليلا فأتى أبا طالب فقال: يا أبا طالب إنّ إبني وقع عليه السبي وبلغني انه صار إلى ابن أخيك تسأله اما أنْ يبيعه واما أنْ يفاديه واما أنْ يعتقه، فكلم أبو طالب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال رسول الله: هو حر فليذهب حيث شاء، فقام حارثة فأخذ بيد زيد فقال له: يا بنى الحق بشرفك وحسبك فقال زيد: لست أفارق رسول الله فقال له أبوه: فتدع حسبك ونسبك وتكون عبدا لقريش؟ فقال زيد: لست أفارق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما دمت حيا، فغضب أبوه فقال: يا معشر قريش اشهدوا انى قد برئت منه وليس هو

٢٣٥

إبني، فقال رسول الله: اشهدوا أنّ زيدا إبني أرثه ويرثني، فكان زيد يدعى ابن محمّد، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يحبه وسماه زيد الحب، فلما هاجر رسول الله إلى المدينة زوجه زينب بنت جحش وأبطأ عنه يوما، فأتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله منزله يسأل عنه فاذا زينب جالسة وسط حجرتها يسحق طيبها بفهر لها(١) فدفع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الباب ونظر إليها وكانت جميلة حسنة فقال: سبحان الله خالق النور وتبارك الله أحسن الخالقين، ثم رجع رسول الله إلى منزله ووقعت زينب في قلبه موقعا عجيبا. وجاء زيد إلى منزله فأخبرته زينب بما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لها زيد: هل لك أنْ أطلقك حتى يتزوجك رسول الله فلعلك قد وقعت في قلبه؟ فقالت: أخشى إنْ تطلقني ولا يتزوجني رسول الله، فجاء زيد إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: بأبى أنت وأمي يا رسول الله أخبرتنى زينب بكذا وكذا فهل لك أنْ أطلقها حتى تتزوجها؟ فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا، إذهب واتّق الله وأمسك عليك زوجك، ثمّ حكى اللهعزوجل فقال:( أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها ) إلى قوله تعالى:( وَكانَ أمر اللهِ مَفْعُولاً ) فزوجه اللهعزوجل من فوق عرشه فقال المنافقون: يحرم علينا نساء أبنائنا ويتزوج امرأة ابنه زيد؟ فأنزل اللهعزوجل في هذا: وما جعل ادعيائكم انبائكم إلى قوله تعالى: يهدى السبيل.

١١ ـ في عيون الأخبار في باب ذكر ما كتب به الرضاعليه‌السلام إلى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل: وعلة تحليل مال الوليد لوالده بغير اذنه وليس ذلك للولد لان الولد موهوب للوالد في قول الله تعالى:( يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ ) مع انه الموجود بمؤنته صغيرا أو كبيرا والمنسوب إليه والمدعو له لقولهعزوجل : ادعوهم لابائهم هو اقسط عند الله وقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنت ومالك لأبيك وليس الوالدة كذلك لا تأخذ من ماله إلّا باذنه أو بإذن الأب، لأنه مأخوذ بنفقة الولد ولا تؤخذ المرئة بنفقة ولدها.

__________________

(١) الفهر ـ بالكسر ـ: الحجر قدر ما يدق به الجوز ويستعمل عند الأطباء للحجر الرقيق الذي تسحق به الادوية على الصلاية.

٢٣٦

١٢ ـ في كتاب الخصال عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه الكبائر يقول فيهعليه‌السلام واما عقوق الوالدين في كتابه:( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ ) فعقوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في ذريته وعقوا أمهم خديجة في ذريتها.

١٣ ـ في مجمع البيان وروى أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّا أراد غزوة تبوك وأمر الناس بالخروج قال قوم: نستأذن آبائنا وأمهاتنا، فنزلت هذه الآية.

١٤ ـ وروى عن أبي وابن مسعود وابن عباس انهم كانوا يقرؤن: «النبي اولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم» وكذلك هو في مصحف أبي وروى ذلك عن أبي جعفر وأبى عبد اللهعليهما‌السلام .

١٥ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاوسرحمه‌الله روى عنه صلوات الله عليه: انا وعلى أبوا هذه الامة.

١٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل :( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ ) قال: نزلت «وهو أب لهم» ومعنى أزواجه أمهاتهم فجعلعزوجل المؤمنين أولاد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وجعل رسول الله أباهم لمن لم يقدر أنْ يصون نفسه ولم يكن له مال، وليس له على نفسه ولاية، فجعل الله تبارك وتعالى نلبيه الولاية على المؤمنين من أنفسهم، وقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بغدير خم: ايها الناس الست اولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى، ثم أوجب لأمير المؤمنين صلوات الله عليه ما أوجبه لنفسه عليهم من الولاية، فقال: ألآ من كنت مولاه فعلى مولاه فلما جعل اللهعزوجل النبي أبا للمؤمنين الزمه مؤنتهم وتربية أيتامهم، فعند ذلك صعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المنبر فقال: من ترك مالا فلورثته، ومن ترك دينا أو ضياعا فعلى والى، فألزم اللهعزوجل نبيه للمؤمنين ما يلزم الوالد، والزم المؤمنين من الطاعة له ما يلزم الولد للوالد، فكذلك ألزم أمير المؤمنين صلوات الله عليه ما الزم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من بعد ذلك وبعده الائمة صلوات الله عليهم واحدا واحدا، والدليل على أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين صلوات الله عليه هما والدان قوله:( وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ

٢٣٧

بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً ) فالوالدان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنينعليه‌السلام وقال الصادقعليه‌السلام : فكان إسلام عامة اليهود بهذا السبب لأنهم آمنوا على أنفسهم وعيالاتهم.

١٧ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سعيد بن عبد الله القمى عن الحجة القائمعليه‌السلام حديث طويل وفيه قلت: فأخبرنى يا مولاي عن معنى الطلاق الذي فرض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حكمه إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: إنّ الله تقدس اسمه عظم شأن نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فخصهن بشرف الأمهات فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أبا الحسن إنّ هذا الشرف باق لهن ما من الله على الطاعة فأيتهن عصت الله بعدي بالخروج عليك، فأطلق لها في الأزواج. وأسقطها من تشرف الأمهات ومن شرف امومة المؤمنين.

١٨ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى عليّ بن الحسن بن فضال عن أبيه قال: سألت أبا الحسنعليه‌السلام فقلت له: لم كنى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بابى القاسم؟ فقال: لأنه كان له ابن يقال له قاسم فكنى به، قال: فقلت: يا ابن رسول الله فهل تراني أهلا للزيادة؟ فقال: نعم أما علمت أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: أنا وعليٌّ أبوا هذه الامّة؟ قلت: بلى، قال: أما علمت أنّ علياعليه‌السلام قاسم الجنة والنار؟ قلت: بلى: قال: فقيل له أبو القاسم لا أبو القسيم الجنة والنار، فقلت: وما معنى ذلك؟ فقال: إنّ شفقة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على أمته كشفقة الاباء على ـ الأولاد وأفضل أمته عليٌّعليه‌السلام ومن بعده شفقة عليٍّ عليهم كشفقتهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأنه وصيه وخليفته والامام بعده، فلذلك قالعليه‌السلام : أنا وعليٌّ أبوا هذه الامة، وصعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله المنبر فقال: من ترك دينا أو ضياعا فعلى والى ومن ترك مالا فلورثته، فصار بذلك أولى من آبائهم وأمهاتهم وصار أولى بهم منهم بأنفسهم، وكذلك أمير المؤمنينعليه‌السلام بعده جرى ذلك له مثل ما جرى لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٩ ـ وباسناده إلى عبد الرحمان القصير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سألته عن قول اللهعزوجل :( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ ) فيمن نزلت هذه الآية؟ قال: نزلت في الامرة إنّ هذه الآية جرت في الحسين بن عليّعليهما‌السلام وفي ولد الحسين من بعده، فنحن اولى بالأمر وبرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من المؤمنين والمهاجرين، قلت: لولد جعفر فيها

٢٣٨

نصيب؟ فقال: لا، فعددت عليه بطون بنى عبد المطلب كل ذلك يقول: لا، ونسيت ولد الحسن فدخلت عليه بعد ذلك فقلت: هل لولد الحسنعليه‌السلام فيها نصيب؟ فقال: لا، يا أبا عبد الرحمن ما لمحمدي فيها نصيب غيرنا.

٢٠ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن ابن مسكان عن عبد الرحيم بن روح القصير عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ ) فيمن نزلت؟ قال: نزلت في الامرة إنّ هذه الآية جرت في ولد الحسين من بعده فنحن اولى بالأمر وبرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من المؤمنين والمهاجرين والأنصار، قلت: فولد جعفرعليه‌السلام لهم فيها نصيب؟ قال: لا، قلت: فولد العباس لهم فيها نصيب؟ قال: لا، فعددت عليه بطون بنى عبد المطلب كل ذلك يقول: لا، قال: ونسيت ولد الحسنعليه‌السلام فدخلت بعد ذلك عليه فقلت له: هل لولد الحسن فيها نصيب؟ فقال: لا، يا عبد الرحيم، ما لمحمدي فيها نصيب غيرنا.

٢١ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن حمّاد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة. وعلى بن محمد عن أحمد بن هلال عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن ابن أبي عياش عن سليم بن قيس قال: سمعت عبد الله بن جعفر الطيّار يقول كنا عند معاوية أنا والحسن والحسين وعبد الله بن عباس وعمر بن أم سلمة وأسامة بن زيد، فجرى بيني وبين معاوية كلام فقلت لمعاوية: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثمّ أخي عليّ بن أبي طالب أولى بالمؤمنين من أنفسهم فاذا استشهدعليه‌السلام فالحسن بن عليٍّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثمّ ابني الحسين من بعده اولى بالمؤمنين من أنفسهم فاذا استشهد فابنه عليّ بن الحسين اولى بالمؤمنين من أنفسهم وستدركه يا علىُّ، ثمّ ابنه محمد بن عليٍّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وستدركه يا حسين ثمّ تكملّه اثنى عشر إماما تسعة من ولد الحسين، قال عبد الله بن جعفر: واستشهدت الحسن والحسين وعبد الله بن عباس وعمر بن أم سلمة واسامة بن زيد فشهدوا لي عند معاوية: قال سليم: وقد سمعت ذلك من

٢٣٩

سلمان وابى ذر والمقداد وذكروا لي انهم سمعوا ذلك من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٢٢ ـ علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمان قال: حدّثنا حماد عن عبد الأعلى قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول العامة أنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من مات وليس له امام مات ميتة جاهلية؟ قال: الحق والله، قلت فانّ إماما هلك ورجل بخراسان لا يعلم من وصيه لم يسعه ذلك؟ قال: لا تسعه إنّ الامام إذا هلك رفعت حجّة وصيه على من هو معه في البلد، وحق النفر على من ليس بحضرته إذا بلغهم، إنّ اللهعزوجل يقول:( فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) قلت. فنفر قوم فهلك بعضهم قبل أنْ يصل فيعلم قال: إنّ اللهعزوجل يقول:( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إلى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ ) قلت: فبلغ البلد بعضهم فوجدك مغلقا عليك بابك ومرخى عليك سترك لا تدعوهم إلى نفسك ولا يكون من يدلهم عليك فبما يعرفون ذلك قال: بكتاب الله المنزل، قلت: فيقول الله جل وعز كيف؟ قال: أراك قد تكلمت في هذا قبل اليوم قلت: أجل، قال: فذكر ما أنزل الله في علىعليه‌السلام وما قال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حسن وحسينعليهما‌السلام وما خص الله به عليا وما قال فيه رسول الله من وصيته إليه ونصبه إياه، وما يصيبهم وإقرار الحسن والحسين بذلك ووصيته إلى الحسن وتسليم الحسين له يقول الله:( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٣ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد البرقي وعلى بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن القاسم بن محمد الاصبهانى عن سليمان بن داود المنقري عن سفيان بن عيينة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنَّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: انا اولى بكل مؤمن من نفسه وعليٌّ أولى به من بعدي، فقيل له: ما معنى ذلك فقال: قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من ترك دينا أو ضياعا فعلى ومن ترك مالا فلورثته فالرجل ليست له على نفسه ولاية إذا لم يكن له مال، وليس له على عياله أمر ولا نهى إذا لم يجر عليهم النفقة، والنبي وأمير المؤمنين ومن بعدهما سلام الله عليهم الزمهم هذا، فمن هناك صاروا اولى بهم من أنفسهم، وما كان سبب إسلام عامة اليهود إلّا من بعد هذا

٢٤٠

القول من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وانهم أمنوا على أنفسهم وعيالاتهم.

٢٤ ـ في روضة الكافي باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل وفي آخره يقول كان على أفضل الناس بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله واولى الناس بالناس حتى قالها ثلاثا.

٢٥ ـ في نهج البلاغة قالعليه‌السلام : فو الله انى لاولى الناس بالناس.

٢٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن عبد الله بن جعفر بن أبي ـ طالب حديث طويل وفيه قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: انا اولى بالمؤمنين من أنفسهم، من كنت اولى به من نفسه فأنت اولى به من نفسه، وعلى بين يديهعليهما‌السلام في البيت.

٢٧ ـ في الكافي محمد بن يحيى وغيره عن أحمد بن محمد عن الحسن بن الجهم عن حنان قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أي شيء للموالي؟ فقال: ليس لهم من الميراث إلّا ما قال اللهعزوجل ( إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً )

٢٨ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن ابن أبي الحمراء قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أي شيء للموالي من الميراث؟ فقال: ليس لهم شيء إلّا الترباء يعنى التراب.

قال عز من قائل:( وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً ) .

٢٩ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان عن إسماعيل الجعفي عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: كانت شريعة نوح صلى الله عليه أنْ يعبد الله بالتوحيد والإخلاص وخلع الأنداد، وهي الفطرة التي فطر الناس عليها، وأخذ الله ميثاقه على نوح وعلى النبيين صلى الله عليهم أجمعين أنْ يعبدوا الله تعالى ولا يشركوا به شيئا، وأمر بالصلوة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والحلال والحرام ولم يفرض عليه احكام حدود ولا فرائض مواريث، فهذه شريعته والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل :( وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ

٢٤١

مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ) قال: هذه الواو زيادة في قوله: «ومنك» وانما هو منك ومن نوح فأخذ اللهعزوجل الميثاق لنفسه على الأنبياء ثم أخذ لنبيه على الأنبياء والائمة صلوات الله عليهم ثم أخذ للأنبياء على رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٣١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليعليهم‌السلام قال: إنّ يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنينعليه‌السلام : فان هذا هود قد انتصر الله له من أعدائه بالريح فهل فعل لمحمد شيئا من هذا؟ قال له عليٌّعليه‌السلام : لقد كان ذلك كذلك ومحمدعليه‌السلام اعطى ما هو أفضل من هذا، إنّ الله عز ذكره انتصر له من أعدائه بالريح يوم الخندق إذا أرسل عليهم ريحا تذرو الحصا، وجنودا لم يروها فزاد الله تبارك وتعالى محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله على هود بثمانية آلاف ملك، وفضله على هود بأن ريح عاد سخط وريح محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله رحمة، قال الله تبارك وتعالى:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها ) .

٣٢ ـ في مجمع البيان وقال أبو سعيد الخدري: قلنا يوم الخندق يا رسول الله هل من شيء نقوله فقد بلغت القلوب الحناجر؟ فقال: قولوا أللّهمّ استر عوراتنا وآمن روعاتنا؟ قال: فقلناها فضرب وجوه أعداء الله بالريح فهزموا.

٣٣ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن عليٍّعليه‌السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات: واما قوله:( إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ ) وقوله:( يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ ) وقوله للمنافقين:( وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا ) فان قوله:( إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ ) يقول: إنّي ظننت انى ابعث فأحاسب وقوله للمنافقين( وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا ) فهذا الظن ظن شك وليس الظن ظن يقين، والظن ظنان، ظن شك وظن يقين، فما كان من أمر معاد من الظن فهو ظن يقين، وما كان من أمر الدنيا فهو ظن شك. فافهم ما فسرت لك.

٣٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن أمير المؤمنين حديث

٢٤٢

طويل يقول فيهعليه‌السلام : اما انه سيأتى على الناس زمان يكون الحق فيه مستورا والباطل ظاهرا مشهورا، وذلك إذا كان اولى الناس به أعدائهم له،( وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُ ) وعظم الإلحاد، وظهر الفساد( هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً ) ونحلهم الأخيار أسماء الأشرار، فيكون جهد المؤمن أن يحفظ مهجته من أقرب الناس اليه، ثم يفتح الله الفرج لأوليائه ويظهر صاحب الأمر على أعدائه.

٣٥ ـ في مجمع البيان:( يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ ) بل ـ رفيعة السمك حصينة عن الصادقعليه‌السلام .

٣٦ ـ في تفسير العياشي عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ ) فقال: النساء، انهم قالوا:( إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ ) وكان بيوتهم في أطراف البيوت حيث ينفرد الناس فأكذبهم قال:( وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً ) وهي رفيعة السمك حصينة.

٣٧ ـ في نهج البلاغة من كتاب لهعليه‌السلام إلى معاوية جوابا ثم ذكرت ما كان من أمري وامر عثمان ولك أنْ تجاب عن هذه لرحمك منه، فأينا كان أعدى له وأهدى إلى مقاتله، امن بذل له نصرته فاستنقذه واستكفه أم من استنصره فتراخى عنه وبث المنون إليه حتى أتى قدره عليه؟ كلا والله لقد علم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلّا قليلا.

٣٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قولهعزوجل :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً* إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ ) الآية فانها نزلت في قصة الأحزاب من قريش والعرب الذين تحزبوا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: وذلك أنّ قريشا تجمعت في سنة خمس من الهجرة وساروا في العرب وجلبوا واستنفروهم لحرب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فوافوا في عشرة آلاف ومعهم كنانة وسليم وفزارة، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين اجلى بنى النضير وهم بطن من اليهود من المدينة وكان رئيسهم حبى ابن أخطب وهم يهود من بنى هارون على نبينا وعليه‌السلام فلما اجلاهم من المدينة صاروا الى

٢٤٣

خيبر وخرج حيي بن أخطب إلى قريش بمكة وقال لهم: إنّ محمدا قد وتركم وترنا وأجلانا من المدينة من ديارنا وأموالنا وأجلا بنى عمنا بنى قينقاع فسيروا في الأرض واجمعوا حلفاءكم وغيرهم وسيروا إليهم فانه قد بقي من قومي بيثرب سبعمائة مقاتل وهم بنو قريظة، وبينهم وبين محمد عهد وميثاق وانا أحملهم على نقض العهد بينهم وبين محمد، ويكونوا معنا عليهم فتأتون أنتم من فوق وهم من أسفل، وكان موضع بنى قريظة من المدينة على قدر ميلين، وهو الموضع الذي يسمى بئر بنى المطلب، فلم يزل يسير معهم حيي بن أخطب في قبائل العرب حتى اجتمعوا قدر عشرة آلاف من قريش وكنانة والأقرع بن حابس في قومه، والعباس بن مرداس في بنى سليم فبلغ ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فاستشار أصحابه وكانوا سبعمائة رجل فقال سلمان رضى الله عنه: يا رسول الله إنّ القليل لا يقاوم الكثير في المطاولة(١) ولا يمكنهم أنْ يأتونا من كل وجه، فانا كنا معاشر العجم في بلاد فارس إذا دهمنا دهم(٢) من عدونا نحفر الخنادق فيكون الحرب من مواضع معروفة، فنزل جبرئيلعليه‌السلام على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: أشار بصواب، فأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بحفرة من ناحية أحد إلى راتج(٣) وجعل على كل عشرين خطوة وثلثين خطوة قوما من المهاجرين والأنصار يحفرونه فأمر فحملت المساحي والمعاول، وبدأ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأخذ معولا فحفر في موضع المهاجرين بنفسه، وأمير المؤمنين صلوات الله عليه ينقل التراب من الحفرة حتى عرق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعيي وقال: لا عيش إلّا عيش الاخرة، أللّهمّ ارحم للأنصار والمهاجرين فلما نظر الناس إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يحفر اجتهدوا في الحفر ونقل التراب، فلما كان في اليوم الثاني بكروا إلى الحفر وقعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مسجد الفتح، فبينا المهاجرين والأنصار يحفرون إذ عرض لهم جبل لم تعمل المعاول فيه، فبعثوا جابر بن عبد الله الأنصار رضى الله عنه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يعلمه بذلك، قال جابر: فجئت إلى المسجد

__________________

(١) المطاولة هنا بمعنى المقاتلة.

(٢) دهمه: غشيه، والدهم: الداهية.

(٣) اسم موضع.

٢٤٤

ورسول الله مستلقى على قفاه ورداءه تحت رأسه وقد شد على بطنه حجرا، فقلت: يا رسول الله انه قد عرض لنا جبل لم تعمل المعاول فيه، فقام مسرعا حتى جاءه ثم دعا بماء في إناء فغسل وجهه وذراعيه ومسح على رأسه ورجليه ثم شرب ومج في ذلك الماء ثم صبه على ذلك الحجر، ثم أخذ معولا فضرب ضربة فبرقت برقة فنظرنا فيها إلى قصور الشام، ثم ضرب اخرى فبرقت برقة نظرنا فيها إلى قصور المدائن، ثم ضرب اخرى فبرقت برقة اخرى فنظرنا فيها إلى قصور اليمن، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اما انه سيفتح الله عليكم هذه المواطن التي برقت فيها البرق ثم انهال علينا الجبل(١) كما ينهال علينا الرمل، فقال جابر: فعلمت أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مقو، أي جائع لما رأيت على بطنه الحجر، فقلت: يا رسول الله هل لك في الغذاء؟ قال: ما عندك يا جابر؟ فقلت عناق(٢) وصاع من شعير. فقال: تقدم وأصلح ما عندك، قال جابر: فجئت إلى أهلي فأمرتها فطحنت الشعير وذبحت العنز وسلختها وأمرتها أنْ تخبز وتطبخ وتشوى.

فلما فرغت من ذلك جئت إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت: بأبى أنت وأمي يا رسول الله قد فرغنا فاحضر مع من أحببت. فقامصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى شفير الخندق ثم قال: يا معاشر المهاجرين والأنصار أجيبوا جابرا قال جابر: فكان في الخندق سبعمائة رجل، فخرجوا كلهم ثم لم يمر بأحد من المهاجرين والأنصار إلّا قال: أجيبوا جابرا قال جابر: فتقدمت وقلت لأهلي: قد والله أتاك محمّد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بما لا قبل به(٣) فقالت: أعلمته أنت بما عندنا؟ قال: نعم قالت: فهو أعلم بما أتى، قال جابر: فدخل رسول الله فنظر في القدر ثم قال: أغر في وأبقى، ثم نظر في التنور ثم قال: اخرجى

__________________

(١) يقال هال عليه التراب فانهال أي صبه فانصب.

(٢) لعناق كسحاب: الأنثى من أولاد المعز قبل استكمالها الحول.

(٣) لا قبل به أي لا طاقة به.

٢٤٥

وأبقى، ثم دعا بصحفة(١) فثرد فيها وغرف، فقال: يا جابر ادخل عشرة عشرة، فأدخلت عشرة فأكلوا حتى نهلوا(٢) وما يرى في القصعة إلّا آثار أصابعهم ثم قال: يا جابر على.

بالذراع فأتيته بالذراع فأكلوا وخرجوا ثم قال: ادخل على عشرة فأدخلتهم فأكلوا حتى نهلوا ولم ير في القصعة إلّا آثار أصابعهم، ثم قال: يا جابر على بالذراع فأكلوا وخرجوا ثم قال: ادخل على عشرة فأدخلتهم فأكلوا حتى نهلوا ولم ير في القصعة الا آثار أصابعهم، ثم قال: يا جابر على بالذراع فأتيته بالذراع فقلت: يا رسول الله كم للشاة من ذراع؟ قال: ذراعان قلت: والذي بعثك بالحق نبيا لقد أتيتك بثلاثة، فقال: لو سكت يا جابر لأكل الناس كلهم من الذراع، قال جابر: فأقبلت ادخل عشرة عشرة فيأكلون حتى أكلوا كلهم وبقي والله لنا من ذلك الطعام ما عشنا به أياما قال: وحفر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الخندق وجعل له ثمانية أبواب وجعل على كل باب رجلا من المهاجرين ورجلا من الأنصار مع جماعة يحفظونه، وقدمت قريش وكنانة وسليم وهلال فنزلوا الزغابة(٣) ففرغ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من حفر الخندق قبل قدوم قريش بثلاثة أيام، وأقبلت قريش ومعهم حيي بن أخطب، فلما نزلوا العقيق(٤) جاء حيي بن أخطب إلى بنى قريظة في جوف الليل وكانوا في حصنهم قد تمسكوا بعهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فدق باب الحصن فسمع كعب بن أسد قرع الباب، فقال لأهله: هذا أخوك قد شأم قومه(٥) وجاء الآن يشأمنا ويهلكنا ويأمرنا بنقض العهد بيننا و

__________________

(١) الصحفة: قصعة كبيرة منبسطة تشبع الخمسة قال الكسائي: أعظم القصاع: الجفنة ثم القصعة تشبع العشرة ثم الصحفة تشبع الخمسة ثم المئكلة تشبع الرجلين والثلاثة ثم الصحيفة تشبع الرجل.

(٢) النهل: ما أكل من الطعام. والناهل بمعنى الريان والمراد هنا الشبع.

(٣) الزغابة ـ بالضم ـ: موضع بقرب المدينة.

(٤) العقيق: اسم عدة مواضع بلاد العرب منها عقيق المدينة وهو على ثلثة أميال أو ميلين منها.

(٥) شأمهم وعليهم أي صادر شوما عليه.

٢٤٦

بين محمد، وقد وفي لنا محمد وأحسن جوارنا، فنزل إليه من غرفته فقال له: من أنت؟ قال: حيي بن أخطب، قد جئتك بعز الدهر، فقال كعب: بل جئتني بذل الدهر، فقال: يا كعب هذه قريش في قادتها وسادتها قد نزلت بالعقيق مع حلفائهم من كنانة، وهذه فزارة مع قادتها وسادتها قد نزلت الزغابة، وهذه سليم وغيرهم قد نزلوا حصن بنى ذبيان، ولا يفلت محمد من هذا الجمع أبدا فافتح الباب وانقض العهد الذي بينك وبين محمد، فقال كعب: لست بفاتح لك الباب ارجع من حيث جئت، فقال حيي: ما يمنعك من فتح الباب إلّا جشيشتك(١) التي في التنور تخاف أنْ أشركك فيها فافتح فانك آمن من ذلك فقال له كعب: لعنك الله قد دخلت عليَّ من باب دقيق ثمّ قال: افتحوا له الباب، ففتح له فقال: ويلك يا كعب انقض العهد الذي بينك وبين محمّد ولا ترد رأيى فانّ محمّدا لا يفلت من هذه الجموع أبدا، فانْ فاتك هذا الوقت لا تدرك مثله أبدا.

قال: واجتمع كل من كان في الحصن من رؤساء اليهود مثل غزال بن شمول وياسر بن قيس ورفاعة بن زيد والزبير بن باطا فقال لهم كعب: ما ترون؟ قالوا: أنت سيدنا والمطاع فينا وصاحب عهدنا، فان نقضت نقضنا وان أقمت أقمنا معك، وان خرجت خرجنا معك، فقال الزبير بن باطا ـ وكان شيخا كبيرا مجريا وقد ذهب بصره ـ: قد قرأت التوراة التي أنزلها الله في سفرنا بأنه يبعث نبيا في آخر الزمان يكون مخرجه بمكة ومهاجرته إلى المدينة في هذه البحيرة(٢) يركب الحمار العرى ويلبس الشملة ويجتزى بالكسيرات والتميرات وهو الضحوك القتال، في عينيه الحمرة وبين كتفيه خاتم النبوة، يضع سيفه على عاتقه لا يبالي من لاقى، يبلغ سلطانه منقطع الخف والحافر، فان كان هذا هو فلا يهولنه هؤلاء جمعهم ولو ناوته(٣)

__________________

(١) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر والبحار ومن كتب العامة كالسيرة لابن هشام وفي الأصل «حسيسك» بالسين والجشيشة: طعام يصنع من الجشيش وهو البر يطحن غليظا.

(٢) قال الجزري: البحيرة: مدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

(٣) المناواة: المعاداة.

٢٤٧

هذه الجبال الرواسي لغلبها، فقال حيي: ليس هذا وذاك ذاك النبي من بنى إسرائيل وهذا من العرب من ولد إسماعيل، ولا يكون بنو إسرائيل اتباعا لولد إسماعيل أبدا لان الله قد فضلهم على الناس جميعا، وجعل فيهم النبوة والملك، وقد عهد إلينا موسى( أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ ) ، وليس مع محمّد آية وانما جمعهم جمعا وسخرهم ويريد أنْ يغلبهم بذلك فلم يزل يقلبهم عن رأيهم حتى أجابوه فقال لهم: اخرجوا الكتاب الذي بينكم وبين محمد فأخرجوه فأخذه حيي بن أخطب ومزقه وقال: قد وقع الأمر فتجهزوا وتهيأوا للقتال وبلغ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك فغمه غما شديدا، وفزع أصحابه فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لسعد بن معاذ وأسيد بن حصين وكانا من الأوس وكانت بنو قريظة حلفاء الأوس فانظرا ما صنعوا فان كانوا نقضوا العهد فلا تعلما أحدا إذا رجعتما إلى وقولا عضل والقارة(١) فجاء سعد بن معاذ وأسيد بن حصين إلى باب الحصن فأشرف عليهما كعب من الحصن فشتم سعدا وشتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . فقال له سعد: انما أنت ثعلب في جحر لتولين قريش وليحاصرنك رسول الله ثم لينرلنك على الصغر والقماء(٢) وليضربن عنقك، ثم رجعا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: عضل والقارة(٣) فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لعنا نحن أمرناهم بذلك وذلك انه كان على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عيون لقريش يتجسسون أخباره(٤) وكانت

__________________

(١) عضل والقارة: قبيلتان من كنانة غدروا بأصحاب الرجيع خبيب وأصحابه، حيث طلبت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نفرا من المسلمين ليعلموهم فقالوا: يا رسول الله فينا إسلاما فابعث معنا نفرا من أصحابك يفقهوننا في الدين فبعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عشرة من أصحابه فيهم خبيب بن عدى سنة من المهاجرين وأربعة من الأنصار فخرجوا حتى إذا كانوا على الرجيع وهو ماء غدروا بهم وقتلوا منهم ستة أو ثمانية وأسروا خبيب إلى آخر ما ذكره المؤرخون وسيأتى من المصنف بيان في ذلك.

(٢) القماء: الذل والصفار.

(٣) أي غدروا كغدر عضل والقارة بأصحاب الرجيع.

(٤) قوله «لعنا» قال المجلسي (ره) أي لعن العضل والقارة والمراد كل من غدر ثم قال:صلى‌الله‌عليه‌وآله على سبيل التورية. نحن امرناهم بذلك أي نحن أمرنا بنى قريظة أنْ يظهر والغدر للمصلحة ـ

٢٤٨

عضل والقارة قبيلتان من العرب دخلا في الإسلام ثم غدرا فكان إذا عدل أحد ضرب بهما المثل فيقال: عضل والقارة.

ورجع حيي بن أخطب إلى أبي سفيان وقريش فأخبرهم بنقض بنى قريظة العهد بينهم وبين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ففرحت قريش بذلك، فلما كان في جوف الليل جاء نعيم بن مسعود الأشجعي إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد كان أسلم قبل قدوم قريش بثلاثة أيام فقال: يا رسول الله قد آمنت بالله وصدقتك وكتمت إيماني عن الكفرة، فان أمرتنى أن آتيك بنفسي وأنصرك بنفسي فعلت، وان أمرتنى أنْ أخذل بين اليهود وبين قريش فانه أوقع عندي، قال: فتأذن لي أنْ أقول فيك ما أريد؟ قال: قل ما بدا لك، فجاء إلى أبي سفيان فقال له: أتعرف مودّتى لكم ونصحى ومحبّتي أنْ ينصركم الله على عدوكم، وقد بلغني أنّ محمّدا قد وافق اليهود أنْ يدخلوا بين عسكركم ويميلوا عليكم ووعدهم إذا فعلوا ذلك أن يرد عليهم جناحهم الذي قطعه بنى النضير وقينقاع، فلا أرى أنْ تدعوهم أن يدخلوا عسكركم حتى تأخذوا منهم رهنا تبعثوا به إلى مكّة فتأمنوا مكرهم وغدرهم، فقال أبو سفيان: وفقك الله وأحسن جزاك منك من أهدى النصائح، ولم يعلم أبو سفيان بإسلام نعيم ولا أحد من اليهود، ثم جاء من فوره ذلك إلى بنى قريظة فقال له: يا كعب تعلم مودتى لكم وقد بلغني أنّ أبا سفيان قال: نخرج بهؤلاء اليهود فنضعهم في نحر محمّد فان ظفروا كان الذكر لنادونهم، وان كانت علينا كانوا هؤلاء مقاديم الحرب فما ارى لكم أن تدعوهم يدخلوا عسكركم حتى تأخذوا منهم عشرة من أشرافهم يكونون في حصنكم، انهم إنْ لم يظفروا بمحمّد لم يبرحوا حتى يردوا عليكم عهدكم وعقدكم بين محمّد وبينكم، لأنه إنْ ولت قريش ولم تظفروا بمحمّد غزاكم محمّد فيقتلكم، فقالوا: أحسنت وأبلغت في النصيحة لا نخرج من حصننا حتى نأخذ منهم رهنا يكونون في حصننا.

__________________

وهم موافقون لنا في الباطن وانما قال ذلك لئلا يكون هنا لك عين من عيون قريش فيعلموا بالغدر فيصير سببا لجرأتهم.

٢٤٩

وأقبلت قريش فلما نظروا إلى الخندق قالوا: هذه مكيدة ما كانت العرب تعرفها قبل ذلك، فقيل لهم: هذا من تدبير الفارسي الذي معه، فوافى عمرو بن عبد ود وهبيرة بن وهب وضرار بن الخطاب إلى الخندق، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد صف أصحابه بين يديه فصاحوا بخيلهم حتى ظفروا الخندق(١) إلى جانب رسول الله فصاروا أصحاب رسول الله كلهم خلف رسول الله وقدموا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بين أيديهم، وقال رجل من المهاجرين وهو فلان لرجل بجنبه من إخوانه: اما ترى هذا الشيطان عمروا لا والله ما يفلت من يديه أحد، فهلموا ندفع إليه محمدا ليقتله ونلحق نحن بقومنا، فأنزل اللهعزوجل : على نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك الوقت:( قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ ) إلى قوله تعالى:( أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمالَهُمْ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً ) وركز عمرو بن عبد ود رمحه في الأرض وأقبل يجول جولة ويرتجز ويقول :

ولقد بححت من النداء لجمعكم هل من مبارز

ووقفت إذ جبن الشجاع مواقف القرن المناجز(٢)

انى كذلك لم أزل متسرعا نحو الهزاهز

ان الشجاعة في الفتى والجود من خير الغرايز(٣)

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من لهذا الكلب؟ فلم يجبه أحد فوثب إليه أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال: أنا له يا رسول الله، فقال: يا عليُّ هذا عمرو بن عبد ود فارس يليل(٤)

__________________

(١) الطفرة ـ: الوثبة في ارتفاع.

(٢) بح بححا: اخذه بحة وخشونة وغلظ في صوته والمناجزة في الحرب: المبارزة والمقاتلة.

(٣) الهزاهز: البلايا والحروب والشدائد التي تهز أي تحرك الناس والغريزة الطبيعة.

(٤) يليل: واد قرب من بدر وقيل له فارس يليل لأنه أقبل في ركب من قريش حتى إذ هو ـ

٢٥٠

فقال: أنا عليُّ بن أبي طالب، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ادن منى فدنا منه فعممه بيده ودفع إليه سيفه ذا الفقار وقال له: اذهب وقاتل بهذا وقال: أللّهمّ احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته، فمر أمير المؤمنين صلوات الله عليه يهرول في مشيه وهو يقول :

لا تعجلن فقد أتاك مجيب صوتك غير عاجز

ذو نية وبصيرة والصدق منجى كل فائز

انى لأرجو أنْ أقيم عليك نائحة الجنائز

من ضربة نجلاء يبقى صيتها بعد الهزاهز(١)

فقال له عمرو: من أنت؟ قال: انا عليّ بن أبي طالب ابن عم رسول الله وختنه فقال: والله إنّ أباك كان لي صديقا ونديما وانى أكره أنْ أقتلك. ما آمن ابن عمّك حين بعثك إليَّ أنْ اختطفك برمحي هذا فاتركك شائلا(٢) بين السماء والأرض لا حي ولا ميت، فقال له أمير المؤمنين صلوات الله عليه: قد علم ابن عمّى انك إنْ قتلتني دخلت الجنة وأنت في النار، وان قتلتك فأنت في النار وأنا في الجنة. فقال عمروا: كلتاهما لك يا عليُّ، تلك إذا قسمة ضيزى فقال عليٌّ صلوات الله عليه: دع هذا يا عمرو انى سمعت منك وأنت متعلّق بأستار الكعبة تقول: لا يعرضنّ عليَّ أحد في الحرب ثلاث خصال إلّا أجبته إلى واحدة منها، وانا أعرض إليك ثلاث خصال فأجبنى إلى واحدة قال: هات يا عليُّ، قال: أحدها تشهد أنْ لا إله إلّا الله وانّ محمّدا رسول الله، قال: نح عنى هذا فاسأل الثانية، فقال: أنْ ترجع وترد هذا الجيش عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فانْ يك صادقا فأنتم أعلى به عينا وانْ يك كاذبا كفتكم ذؤبان العرب أمره(٣) قال: إذا

__________________

ـ بيليل عرضت لهم بنو بكر في عدد فقال لأصحابه: امضوا فمضوا فقام في وجوه بنى بكر حتى منعهم من أنْ يصلوا إليه فعرف بذلك.

(١) طعنة نجلاء أي واسعة.

(٢) شائلا أي مرتفعا.

(٣) قولهعليه‌السلام أعلى به عينا أي أبصر به وأعلم بحاله. وذؤبان العرب، صعاليكها ولصوصها.

٢٥١

تتحدث نساء قريش وتنشد الشعراء في أشعارها انى جبنت ورجعت على عقبى من الحرب وخذلت قوما رأسونى عليهم؟ فقال له أمير المؤمنين: فالثالثة أنْ تنزل إلى قتالي فانك فارس وانا راجل حتى أنابذك(١) فوثب عن فرسه وعرقبه(٢) وقال: هذه خصلة ما ظننت أنّ أحدا من العرب يسومني عليها(٣) ثمّ بدأ فضرب أمير المؤمنين صلوات الله عليه بالسيف على رأسه فاتقاه أمير المؤمنين بالدَّرْقة(٤) فقطعها وثبت السيف على رأسه فقال له عليٌّ صلوات الله عليه: يا عمرو ما كفاك انى بارزتك وأنت فارس العرب حتى استعنت عليَّ بظهير؟ فالتفت عمرو إلى خلفه فضربه أمير المؤمنين صلوات الله عليه مسرعا إلى ساقيه فقطعهما جميعا وارتفعت بينهما عجاجة(٥) فقال المنافقون: قتل عليُّ بن أبي طالب، ثمّ انكشفت العجاجة ونظروا فاذا أمير المؤمنين صلوات الله عليه على صدره قد أخذ بلحيته يريد أن يذبحه ثمّ أخذ رأسه وأقبل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والدماء تسيل على رأسه من ضربة عمرو، وسيفه يقطر منه الدم وهو يقول والرأس بيده :

انا ابن عبد المطّلب(٦)

الموت خير للفتى من الهرب

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يا عليُّ ما كرته؟ قال: نعم يا رسول الله الحرب خديعة وبعث رسول الله الزبير إلى هبيرة بن وهب فضربه على رأسه ضربة فلق هامته وأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عمر بن الخطاب أن يبارز ضرار بن الخطاب، فلما برز إليه ضرار انتزع له عمر سهما فقال له ضرار: ويلك يا ابن صهاك أترميني في مبارزة والله لئن رميتني لا تركت عدويّا بمكة إلّا قتلته، فانهزم عند ذلك عمر، ومر نحو ضرار وضربه ضرار على رأسه

__________________

(١) المنابذة: المكاشفة والمقاتلة.

(٢) عرقبه أي قطع عرقوبه والعرقوب: عصب غليظ فوق العقب.

(٣) سام فلانا الأمر: كلفه إياه.

(٤) الدَّرقة ـ محركة ـ: التـّـرس من جلود ليس فيها خشب ولا عَقَب.

(٥) العجاج ـ كسحاب ـ: الغبار.

(٦) في المصدر «انا على وابن عبد المطلب».

٢٥٢

بالقناة ثم قال: احفظها يا عمر فانى آليت ألّا أقتل قرشيا ما قدرت عليه فكان عمر يحفظ له ذلك بعد ما ولّى وولّاه.

فبقي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يحاربهم في الخندق خمسة عشر يوما، فقال أبو سفيان لحيي بن أخطب: ويلك يا يهودي أين قومك؟ فصار حيي بن أخطب إليهم فقال: ويلكم اخرجوا فقد نابذكم الحرب فلا أنتم مع محمّد ولا أنتم مع قريش؟ فقال كعب: لسنا خارجين حتى تعطينا قريش عشرة من أشرافهم رهنا يكونون في حصننا انهم ان لم يظفروا بمحمّد لم يبرحوا حتى يرد محمّد علينا خلاف عهدنا وعقدنا فانا لا نأمن أنْ تمر قريش ونبقى نحن في عقر دارنا ويغزونا محمّد فيقتل رجالنا ويسبى نسائنا وذرارينا، وان لم نخرج لعلّه يرد علينا عهدنا، فقال له حيي بن أخطب: تطمع في غير مطمع، قد نابذت العرب محمّدا الحرب فلا أنتم مع محمّد ولا أنتم مع قريش، فقال كعب: هذا من شؤمك انما أنت طائر تطير مع قريش غدا وتتركنا في عقر دارنا ويغزونا محمّد، فقال له: لك عهد الله عليّ وعهد موسى انه لم يظفر قريش بمحمّد انى أرجع معك إلى حصنك يصيبني ما يصيبك فقال كعب: هو الذي قد قلته لك إنْ أعطتنا قريش رهنا يكونون عندنا والا لم نخرج، فرجع حيي بن اخطب إلى قريش فأخبرهم فلما قال: يسألون الرهن قال أبو سفيان: هذا والله أول الغدر قد صدق نعيم بن مسعود لا حاجة في اخوان القردة والخنازير، فلما طال على أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الأمر واشتد عليهم الحصار وكانوا في وقت برد شديد وأصابتهم مجاعة وخافوا من اليهود خوفا شديدا، وتلكم المنافقون بما حكى اللهعزوجل عنهم ولم يبق أحد من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلّا نافق إلّا القليل، وقد كان رسول الله أخبر أصحابه أنّ العرب تتحزب عليَّ ويجيئونا من فوق وتغدر اليهود ونخافهم من أسفل وانه يصيبهم جهد شديد ولكن يكون العاقبة لي عليهم، فلما جاءت قريش وغدرت اليهود قال المنافقون:( ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً ) وكان قوم لهم دور في أطراف المدينة فقالوا: يا رسول الله تأذن لنا أنْ نرجع إلى دورنا فانها في أطراف المدينة وهي عورة، ونخاف اليهود أنْ يغيروا عليها؟ وقال قوم: هلموا فنهرب ونصبر في البادية ونستجير بالاعراب، فانّ الذي

٢٥٣

يعدنا محمّد كان باطلا كلّه، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أصحابه أنْ يحرسوا المدينة بالليل وكان أمير المؤمنين صلوات الله عليه على العسكر كله بالليل يحرسهم، فان تحرك أحد من قريش نابذهم، وكان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يجوز الخندق ويصير إلى قرب قريش حيث يراهم فلا يزال الليل كله قائما وحده يصلّي فاذا أصبح رجع إلى مركزه، ومسجد أمير المؤمنين صلوات الله عليه هناك معروف يأتيه من يعرفه فيصلى فيه وهو من مسجد الفتح إلى العقيق أكثر من غلوة نشاب، فلما رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من أصحابه الجزع لطول الحصار صعد إلى مسجد الفتح وهو الجبل الذي عليه مسجد الفتح اليوم.

فدعا اللهعزوجل وناجاه فيما وعده وكان مما دعاه أن قال: يا صريخ المكروبين ويا مجيب دعوة المضطرين ويا كاشف الكرب العظيم أنت مولاي ووليي وولى آبائي الأولين، اكشف عنا غمنا وهمنا وكربنا، واكشف عنا شر هؤلاء القوم بقوتك وحولك وقدرتك، فنزل عليه جبرئيلعليه‌السلام فقال: يا محمّد إنَّ اللهعزوجل قد سمع مقالتك وأجاب دعوتك وأمر الدبور وهي الريح مع الملائكة ان تهزم قريشا والأحزاب وبعث اللهعزوجل على قريش الدبور فانهزموا وقلعت أخبيتهم، ونزل جبرئيل فأخبره بذلك فنادى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حذيفة بن اليمان رضى الله عنه وكان قريبا منه فلم يجبه، ثم ناداه ثانيا فلم يجبه، ثم ناداه الثالثة فقال: لبيك يا رسول الله، قال: أدعوك فلا تجيبني؟! قال: يا رسول الله بأبى أنت وأمي من الخفوف والبرد والجوع فقال: ادخل في القوم وائتنا بأخبارهم ولا تحدثن حدثا حتى ترجع إليَّ فان الله قد أخبرنى انه قد أرسل الرياح على قريش وهزمهم، قال حذيفة: فمضيت وانا انتفض من البرد، فو الله ما كان إلّا بقدر ما جزت الخندق حتى كأنى في حمام فقصدت خباء عظيما فاذا نار تخبو وتوقد، وإذا خيمة فيها أبو سفيان قد دلا خصيتيه على النار وهو ينتفض من شدة البرد ويقول: يا معشر قريش ان كنا نقاتل أهل السماء بزعم محمّد فلا طاقة لنا بأهل السماء وان كنا نقاتل أهل الأرض فنقدر عليهم، ثم قال: لينظر كل رجل منكم إلى جليسه لا يكون لمحمد عين فيما بيننا قال حذيفة: فبادرت أنا فقلت للذي عن يميني: من أنت؟ فقال: أنا عمرو بن العاص، ثم قلت للذي عن يساري: من أنت؟ قال: انا معاوية، و

٢٥٤

انما بادرت إلى ذلك لئلا يسألني أحد من أنت، ثم ركب أبو سفيان راحلته وهي معقولة ولولا أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: لا تحدث حدثا حتى ترجع إليَّ لقدرت ان أقتله ثم قال أبو سفيان لخالد بن الوليد: يا أبا سليمان لا بد من ان أقيم أنا وأنت على ضعفاء الناس، ثم قال: ارتحلوا انا مرتحلون ففروا منهزمين، فلما أصبح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لأصحابه: لا تبرحوا فلما طلعت الشمس دخلوا المدينة وبقي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في نفر يسير وكان أبو عرقد الكناني رمى سعد بن معاذ بسهم في الخندق فقطع أكحله فنزفه الدم(١) فقبض سعد على أكحله بيده ثم قال: أللّهمّ ان كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فابقنى لها فلا أحد أحب إلى محاربتهم من قوم حاربوا الله ورسوله، وان كانت الحرب قد وضعت أوزارها بين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبين قريش فاجعلها لي شهادة ولا تمتنى حتى تقر عيني من بنى قريظة، فأمسكت الدم وتورمت يده وضرب له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في المسجد خيمة وكان يتعاهده بنفسه. فأنزل اللهعزوجل ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ ) يعنى بنى قريظة حين غدروا وخافوهم أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ ) إلى قوله:( إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً ) وهم الذين قالوا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تأذن لنا نرجع إلى منازلنا فانها في أطراف المدينة، ونخاف اليهود عليها. فانزل اللهعزوجل فيهم:( إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً ) إلى قوله تعالى( وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً ) ونزلت هذه الآية في الثاني لـمّا قال لعبد الرحمن بن عوف: هلم ندفع محمدا إلى قريش ونلحق نحن بقومنا.

٣٨ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل وفيه:ولان الصبر على ولاة الأمر مفروض لقول اللهعزوجل لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ) وإيجابه مثل ذلك على أوليائه وأهل طاعته بقوله:( لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) .

__________________

(١) نزفه الدم أي سال كثيرا حتى أضعفه.

٢٥٥

٣٩ ـ وفيه أيضا عن أمير المؤمنينعليه‌السلام كلام طويل وفيه واما قولكم انى جعلت الحكم إلى غيري وقد كنت عندكم أحكم الناس فهذا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد جعل الحكم إلى سعد يوم بنى قريظة وكان احكم الناس. وقد قال الله:( لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) فتأسيت برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٤٠ ـ في مجمع البيان قال ثعلبة بن حاطب وكان رجلا من الأنصار للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ادع الله أن يرزقني مالا، فقال: يا ثعلبة قليل تؤدى شكره خير من كثير لا تطيقه أما لك في رسول الله أسوة حسنة، والذي نفسي بيده لو أردت ان تسير الجبال معى ذهبا وفضة لسارت.

٤١ ـ في أصول الكافي أحمد بن مهرانرحمه‌الله رفعه وأحمد بن إدريس ومحمد بن عبد الجبار الشيباني قال: حدّثني القاسم بن محمد الرازي قال: حدّثني علي بن محمد الهرمزاني عن أبي عبد الله الحسين بن عليّعليهما‌السلام قال: لـمّا قبضت فاطمةعليها‌السلام دفنها أمير المؤمنينعليه‌السلام سرا وعفي على موضع قبرها(١) ثم قال: فحول وجهه إلى قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: السلام عليك يا رسول الله عنى والسلام عليك عن ابنتك والبائنة في الثرى ببقعتك، والمختار الله لها سرعة اللحاق(٢) بك قل يا رسول الله عن صفيتك صبري وعفي عن سيدة نساء العالمين تجلدي(٣) إلّا أنّ في التأسى لي بسنتك في فرقتك موضع تعزو والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٢ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن النعمان عن سعيد الأعرج قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: نام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن الصبح واللهعزوجل أنامه حتى طلعت الشمس عليه، وكان ذلك رحمة من ربك للناس، ألآ ترى لو أنّ رجلا نام حتى تطلع الشمس لعيّره الناس وقالوا: لا تتورّع لصلوتك فصارت أسوة وسنة، فان قال رجل لرجل: نمت عن الصلوة، قال: قد نام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فصارت أسوة

__________________

(١) العفو: المحو: وعفى على الأرض: غطاها بالنبات.

(٢) في الوافي: والمختار الله اضافة إلى الفاعل ومفعول سرعة اللحاق.

(٣) عفى عن الشيء: أمسك عنه. والتجلد: تكلف الجلد ـ بالتحريك ـ وهو القوة والشدة.

٢٥٦

ورحمة، رحم الله سبحانه بها هذه الامة.

٤٣ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن النعمان عن سعيد الأعرج قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: صلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم سلم في ركعتين فسأله من خلفه يا رسول الله أحدث في الصلوة شيء؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: انما صليت ركعتين قال: أكذلك يا ذا اليدين وكان يدعى ذا الشمالين، فقال: نعم فبنى على صلوته فأتم الصلوة أربعا وقال: إنّ الله هو أنساه رحمة للامة، ألآ ترى لو أنّ رجلا صنع هذا لعير وقيل: ما تقبل صلوتك، فمن دخل عليه اليوم ذاك قال: قد من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وصارت أسوة وسجد سجدتين لمكان الكلام.

٤٤ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا صلى العشاء الاخرة أمر بوضوئه وسواكه يوضع عند رأسه مخمرا(١) فيرقد ما شاء الله ثم يقوم فيستاك ويتوضأ ويصلى أربع ركعات، ثم يرقد ثم يقوم فيستاك ويتوضأ ويصلى أربع ركعات ثم يرقد، حتى إذا كان في وجه الصبح قام فأوتر ثم صلى الركعتين ثم قال:( لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ )

٤٥ ـ في كتاب الخصال عن عتبة بن عمر الليثي عن أبي ذررحمه‌الله قال: دخلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو في المسجد جالس إلى أنْ قال: قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : عليك بتلاوة كتاب الله، وذكر الله كثيرا، فانه ذكر لك في السماء، ونور لك في الأرض.

٤٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم ثم وصف اللهعزوجل المؤمنين أي المصدقين بما أخبرهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما يصيبهم في الخندق من الجهد فقال جل ذكره:( وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً ) يعنى ذلك الجهد والخوف وتسليما.

٤٧ ـ في الكافي حميد عن ابن سماعة عن عبد الله بن جبلة عن محمد بن مسعود الطائي عن عنبسة بن مصعب عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

__________________

(١) خمر الشيء: ستره.

٢٥٧

من استقبل جنازة أو رءاها فقال: الله أكبر( هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ ) وصدق الله أللّهمّ زدنا ايمانا وتسليما، الحمد لله الذي تعزز بالقدرة وقهر العباد بالموت لم يبق في السماء ملك إلّا بكى رحمة لصوته.

٤٨ ـ في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن أبيه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال لأبي بصير: يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه فقال:( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) انكم وفيتم بما أخذ الله عليه ميثاقكم من ولايتنا. وانكم لم تبدلوا بنا غيرنا، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٩ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد الأشعري عن عبد الله بن ميمون القداح عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليُّ من أحبّك ثم مات فقد قضى نحبه، ومن أحبّك ولم يمت فهو ينتظر، وما طلعت شمس ولا غربت إلّا طلعت عليه برزق وايمان وفي نسخة نور.

٥٠ ـ في كتاب الخصال عن جابر الجعفي عن أبي جعفرعليه‌السلام عن أمير المؤمنين حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : ولقد كنت عاهدت الله تعالى ورسوله انا وعمى حمزة وأخى جعفر وابن عمى عبيدة على أمر وفينا به لله تعالى ولرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله فتقدمني أصحابى وتخلفت بعدهم لما أراد الله تعالى فأنزل الله فينا( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) حمزة وجعفر وعبيدة وانا والله المنتظر يا أخا اليهود وما بدلت تبديلا.

٥١ ـ عن الأعمش عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام قال: هذه شرائع الدين إلى أنْ قالعليه‌السلام : والولاية للمؤمنين الذين لم يغيروا ولم يبدلوا بعد نبيهمعليه‌السلام وأحبته مثل سلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري والمقداد بن الأسود الكندي وعمار بن ياسر وجابر بن عبد الله الأنصاري وحذيفة بن اليمان وأبي الهيثم بن التيهان وسهل بن حنيف وأبي أيوب الأنصاري وعبد الله بن الصامت وعبادة بن الصامت وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين وأبي سعيد الخدري ومن نحى نحوهم وفعل مثل فعلهم، والولاية

٢٥٨

لاتباعهم والمقتدمين بهم وبهداهم واجبة.

٥٢ ـ في عيون الأخبار في باب ما كتبه الرضاعليه‌السلام للمأمون من محض الإسلام وشرائع الدين والولاية لأمير المؤمنينعليه‌السلام والذين مضوا على منهاج نبيهم، ولم يغيروا ولم يبدلوا مثل سلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري، وذكر نحو ما نقلنا عن الخصال بتغيير يسير.

٥٣ ـ في مجمع البيان وروى أبو القاسم الحسكاني عن عمرو بن ثابت عن أبي إسحاق عن عليٍّعليه‌السلام قال: فينا نزلت:( رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ ) فانا والله المنتظر ما بدلت تبديلا.

٥٤ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاوسرحمه‌الله فصل فيما نذكره من مجلد قالب الثمن عتيق عليه مكتوب الاول من تفسير أبي جعفر بن محمد بن علي بن الحسين صلوات الله عليهما رواية أبي الجارود عنه وقال بعد هذا: فصل فيما نذكره من الجزء الثالث من تفسير الباقرعليه‌السلام من وجهة ثانية من ثانى سطر بلفظه واما قوله:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) يقول: كونوا مع عليّ بن أبي طالب وآل محمّد، قال الله:( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ ) وهو حمزة بن عبد المطلب( وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ) وهو عليّ بن أبي طالب يقول الله( وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) وقال الله:( اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) وهم هاهنا آل محمد.

٥٥ ـ في إرشاد المفيدرحمه‌الله في مقتل الحسينعليه‌السلام : إنَّ الحسين مشى إلى مسلم بن عوسجة لـمّا صرع فاذا به رمق فقال: رحمك الله يا مسلم( فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) .

٥٦ ـ في كتاب مقتل الحسين لأبي مخنف ان الحسينعليه‌السلام لـمّا أخبر بقتل رسوله عبد الله بن يقطر تغرغرت عينه بالدموع(١) وفاضت على خديه ثم قال :

__________________

(١) أي ترددت فيها الدموع.

٢٥٩

( فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) .

٥٧ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب ان أصحاب الحسينعليه‌السلام بكربلا كانوا كل من أراد الخروج ودع الحسينعليه‌السلام وقال: السلام عليك يا ابن رسول الله فيجيبه: وعليك السلام ونحن خلفك ويقرأ( فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ) .

٥٨ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن نصير أبي الحكم الخثعمي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: المؤمن مؤمنان فمؤمن صدق بعهد الله جل وعز ووفي بشرطه، وذلك قول اللهعزوجل :( رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ ) وذلك الذي لا يصيبه أهوال الدنيا ولا أهوال الاخرة، وذلك ممن يشفع ولا يشفع له، ومؤمن كخامة الزرع(١) يعوج أحيانا ويقوم أحيانا، فذلك ممن يصيبه أهوال الدنيا وأهوال الاخرة وذلك ممن يشفع له ولا يشفع.

٥٩ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن عبد الله عن خالد القمى عن خضر بن عمرو عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: المؤمن مؤمنان: مؤمن وفي للهعزوجل بشروطه التي اشترطها عليه، فذلك مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، فذلك ممن يشفع ولا يشفع له وذلك ممن لا يصيبه أهوال الدنيا ولا أهوال الاخرة، ومؤمن زلت به قدم، وذلك كخامة الزرع كيف ما كفته الريح انكفأ، وذلك ممن يصيبه أهوال الدنيا وأهوال الاخرة ويشفع له وهو على خير.

٦٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن الحسن بن عليعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه لمعاوية: لعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أبا سفيان في سبعة مواطن إلى قوله: والرابع يوم حنين جاء أبو سفيان بجمع من قريش وهوازن وجاء عيينة بغطفان واليهود فردهم اللهعزوجل ( بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً ) ، هذا قول اللهعزوجل الذي أنزله في سورتين في كلتيهما يسمى أبا سفيان وأصحابه كفارا، وأنت يا معاوية يومئذ

__________________

(١) الخامة من الزرع: أول ما ينبت على ساق، وقيل: الطاقة الغضة وقيل: الشجرة الغضة.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652