تفسير نور الثقلين الجزء ٤

تفسير نور الثقلين6%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 652

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 652 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 300596 / تحميل: 6166
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

القول من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وانهم أمنوا على أنفسهم وعيالاتهم.

٢٤ ـ في روضة الكافي باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل وفي آخره يقول كان على أفضل الناس بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله واولى الناس بالناس حتى قالها ثلاثا.

٢٥ ـ في نهج البلاغة قالعليه‌السلام : فو الله انى لاولى الناس بالناس.

٢٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن عبد الله بن جعفر بن أبي ـ طالب حديث طويل وفيه قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: انا اولى بالمؤمنين من أنفسهم، من كنت اولى به من نفسه فأنت اولى به من نفسه، وعلى بين يديهعليهما‌السلام في البيت.

٢٧ ـ في الكافي محمد بن يحيى وغيره عن أحمد بن محمد عن الحسن بن الجهم عن حنان قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أي شيء للموالي؟ فقال: ليس لهم من الميراث إلّا ما قال اللهعزوجل ( إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً )

٢٨ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن ابن أبي الحمراء قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أي شيء للموالي من الميراث؟ فقال: ليس لهم شيء إلّا الترباء يعنى التراب.

قال عز من قائل:( وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً ) .

٢٩ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان عن إسماعيل الجعفي عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: كانت شريعة نوح صلى الله عليه أنْ يعبد الله بالتوحيد والإخلاص وخلع الأنداد، وهي الفطرة التي فطر الناس عليها، وأخذ الله ميثاقه على نوح وعلى النبيين صلى الله عليهم أجمعين أنْ يعبدوا الله تعالى ولا يشركوا به شيئا، وأمر بالصلوة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والحلال والحرام ولم يفرض عليه احكام حدود ولا فرائض مواريث، فهذه شريعته والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل :( وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ

٢٤١

مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ) قال: هذه الواو زيادة في قوله: «ومنك» وانما هو منك ومن نوح فأخذ اللهعزوجل الميثاق لنفسه على الأنبياء ثم أخذ لنبيه على الأنبياء والائمة صلوات الله عليهم ثم أخذ للأنبياء على رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٣١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليعليهم‌السلام قال: إنّ يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنينعليه‌السلام : فان هذا هود قد انتصر الله له من أعدائه بالريح فهل فعل لمحمد شيئا من هذا؟ قال له عليٌّعليه‌السلام : لقد كان ذلك كذلك ومحمدعليه‌السلام اعطى ما هو أفضل من هذا، إنّ الله عز ذكره انتصر له من أعدائه بالريح يوم الخندق إذا أرسل عليهم ريحا تذرو الحصا، وجنودا لم يروها فزاد الله تبارك وتعالى محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله على هود بثمانية آلاف ملك، وفضله على هود بأن ريح عاد سخط وريح محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله رحمة، قال الله تبارك وتعالى:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها ) .

٣٢ ـ في مجمع البيان وقال أبو سعيد الخدري: قلنا يوم الخندق يا رسول الله هل من شيء نقوله فقد بلغت القلوب الحناجر؟ فقال: قولوا أللّهمّ استر عوراتنا وآمن روعاتنا؟ قال: فقلناها فضرب وجوه أعداء الله بالريح فهزموا.

٣٣ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن عليٍّعليه‌السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات: واما قوله:( إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ ) وقوله:( يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ ) وقوله للمنافقين:( وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا ) فان قوله:( إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ ) يقول: إنّي ظننت انى ابعث فأحاسب وقوله للمنافقين( وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا ) فهذا الظن ظن شك وليس الظن ظن يقين، والظن ظنان، ظن شك وظن يقين، فما كان من أمر معاد من الظن فهو ظن يقين، وما كان من أمر الدنيا فهو ظن شك. فافهم ما فسرت لك.

٣٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن أمير المؤمنين حديث

٢٤٢

طويل يقول فيهعليه‌السلام : اما انه سيأتى على الناس زمان يكون الحق فيه مستورا والباطل ظاهرا مشهورا، وذلك إذا كان اولى الناس به أعدائهم له،( وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُ ) وعظم الإلحاد، وظهر الفساد( هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً ) ونحلهم الأخيار أسماء الأشرار، فيكون جهد المؤمن أن يحفظ مهجته من أقرب الناس اليه، ثم يفتح الله الفرج لأوليائه ويظهر صاحب الأمر على أعدائه.

٣٥ ـ في مجمع البيان:( يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ ) بل ـ رفيعة السمك حصينة عن الصادقعليه‌السلام .

٣٦ ـ في تفسير العياشي عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ ) فقال: النساء، انهم قالوا:( إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ ) وكان بيوتهم في أطراف البيوت حيث ينفرد الناس فأكذبهم قال:( وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً ) وهي رفيعة السمك حصينة.

٣٧ ـ في نهج البلاغة من كتاب لهعليه‌السلام إلى معاوية جوابا ثم ذكرت ما كان من أمري وامر عثمان ولك أنْ تجاب عن هذه لرحمك منه، فأينا كان أعدى له وأهدى إلى مقاتله، امن بذل له نصرته فاستنقذه واستكفه أم من استنصره فتراخى عنه وبث المنون إليه حتى أتى قدره عليه؟ كلا والله لقد علم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلّا قليلا.

٣٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قولهعزوجل :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً* إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ ) الآية فانها نزلت في قصة الأحزاب من قريش والعرب الذين تحزبوا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: وذلك أنّ قريشا تجمعت في سنة خمس من الهجرة وساروا في العرب وجلبوا واستنفروهم لحرب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فوافوا في عشرة آلاف ومعهم كنانة وسليم وفزارة، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين اجلى بنى النضير وهم بطن من اليهود من المدينة وكان رئيسهم حبى ابن أخطب وهم يهود من بنى هارون على نبينا وعليه‌السلام فلما اجلاهم من المدينة صاروا الى

٢٤٣

خيبر وخرج حيي بن أخطب إلى قريش بمكة وقال لهم: إنّ محمدا قد وتركم وترنا وأجلانا من المدينة من ديارنا وأموالنا وأجلا بنى عمنا بنى قينقاع فسيروا في الأرض واجمعوا حلفاءكم وغيرهم وسيروا إليهم فانه قد بقي من قومي بيثرب سبعمائة مقاتل وهم بنو قريظة، وبينهم وبين محمد عهد وميثاق وانا أحملهم على نقض العهد بينهم وبين محمد، ويكونوا معنا عليهم فتأتون أنتم من فوق وهم من أسفل، وكان موضع بنى قريظة من المدينة على قدر ميلين، وهو الموضع الذي يسمى بئر بنى المطلب، فلم يزل يسير معهم حيي بن أخطب في قبائل العرب حتى اجتمعوا قدر عشرة آلاف من قريش وكنانة والأقرع بن حابس في قومه، والعباس بن مرداس في بنى سليم فبلغ ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فاستشار أصحابه وكانوا سبعمائة رجل فقال سلمان رضى الله عنه: يا رسول الله إنّ القليل لا يقاوم الكثير في المطاولة(١) ولا يمكنهم أنْ يأتونا من كل وجه، فانا كنا معاشر العجم في بلاد فارس إذا دهمنا دهم(٢) من عدونا نحفر الخنادق فيكون الحرب من مواضع معروفة، فنزل جبرئيلعليه‌السلام على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: أشار بصواب، فأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بحفرة من ناحية أحد إلى راتج(٣) وجعل على كل عشرين خطوة وثلثين خطوة قوما من المهاجرين والأنصار يحفرونه فأمر فحملت المساحي والمعاول، وبدأ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأخذ معولا فحفر في موضع المهاجرين بنفسه، وأمير المؤمنين صلوات الله عليه ينقل التراب من الحفرة حتى عرق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعيي وقال: لا عيش إلّا عيش الاخرة، أللّهمّ ارحم للأنصار والمهاجرين فلما نظر الناس إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يحفر اجتهدوا في الحفر ونقل التراب، فلما كان في اليوم الثاني بكروا إلى الحفر وقعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مسجد الفتح، فبينا المهاجرين والأنصار يحفرون إذ عرض لهم جبل لم تعمل المعاول فيه، فبعثوا جابر بن عبد الله الأنصار رضى الله عنه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يعلمه بذلك، قال جابر: فجئت إلى المسجد

__________________

(١) المطاولة هنا بمعنى المقاتلة.

(٢) دهمه: غشيه، والدهم: الداهية.

(٣) اسم موضع.

٢٤٤

ورسول الله مستلقى على قفاه ورداءه تحت رأسه وقد شد على بطنه حجرا، فقلت: يا رسول الله انه قد عرض لنا جبل لم تعمل المعاول فيه، فقام مسرعا حتى جاءه ثم دعا بماء في إناء فغسل وجهه وذراعيه ومسح على رأسه ورجليه ثم شرب ومج في ذلك الماء ثم صبه على ذلك الحجر، ثم أخذ معولا فضرب ضربة فبرقت برقة فنظرنا فيها إلى قصور الشام، ثم ضرب اخرى فبرقت برقة نظرنا فيها إلى قصور المدائن، ثم ضرب اخرى فبرقت برقة اخرى فنظرنا فيها إلى قصور اليمن، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اما انه سيفتح الله عليكم هذه المواطن التي برقت فيها البرق ثم انهال علينا الجبل(١) كما ينهال علينا الرمل، فقال جابر: فعلمت أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مقو، أي جائع لما رأيت على بطنه الحجر، فقلت: يا رسول الله هل لك في الغذاء؟ قال: ما عندك يا جابر؟ فقلت عناق(٢) وصاع من شعير. فقال: تقدم وأصلح ما عندك، قال جابر: فجئت إلى أهلي فأمرتها فطحنت الشعير وذبحت العنز وسلختها وأمرتها أنْ تخبز وتطبخ وتشوى.

فلما فرغت من ذلك جئت إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت: بأبى أنت وأمي يا رسول الله قد فرغنا فاحضر مع من أحببت. فقامصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى شفير الخندق ثم قال: يا معاشر المهاجرين والأنصار أجيبوا جابرا قال جابر: فكان في الخندق سبعمائة رجل، فخرجوا كلهم ثم لم يمر بأحد من المهاجرين والأنصار إلّا قال: أجيبوا جابرا قال جابر: فتقدمت وقلت لأهلي: قد والله أتاك محمّد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بما لا قبل به(٣) فقالت: أعلمته أنت بما عندنا؟ قال: نعم قالت: فهو أعلم بما أتى، قال جابر: فدخل رسول الله فنظر في القدر ثم قال: أغر في وأبقى، ثم نظر في التنور ثم قال: اخرجى

__________________

(١) يقال هال عليه التراب فانهال أي صبه فانصب.

(٢) لعناق كسحاب: الأنثى من أولاد المعز قبل استكمالها الحول.

(٣) لا قبل به أي لا طاقة به.

٢٤٥

وأبقى، ثم دعا بصحفة(١) فثرد فيها وغرف، فقال: يا جابر ادخل عشرة عشرة، فأدخلت عشرة فأكلوا حتى نهلوا(٢) وما يرى في القصعة إلّا آثار أصابعهم ثم قال: يا جابر على.

بالذراع فأتيته بالذراع فأكلوا وخرجوا ثم قال: ادخل على عشرة فأدخلتهم فأكلوا حتى نهلوا ولم ير في القصعة إلّا آثار أصابعهم، ثم قال: يا جابر على بالذراع فأكلوا وخرجوا ثم قال: ادخل على عشرة فأدخلتهم فأكلوا حتى نهلوا ولم ير في القصعة الا آثار أصابعهم، ثم قال: يا جابر على بالذراع فأتيته بالذراع فقلت: يا رسول الله كم للشاة من ذراع؟ قال: ذراعان قلت: والذي بعثك بالحق نبيا لقد أتيتك بثلاثة، فقال: لو سكت يا جابر لأكل الناس كلهم من الذراع، قال جابر: فأقبلت ادخل عشرة عشرة فيأكلون حتى أكلوا كلهم وبقي والله لنا من ذلك الطعام ما عشنا به أياما قال: وحفر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الخندق وجعل له ثمانية أبواب وجعل على كل باب رجلا من المهاجرين ورجلا من الأنصار مع جماعة يحفظونه، وقدمت قريش وكنانة وسليم وهلال فنزلوا الزغابة(٣) ففرغ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من حفر الخندق قبل قدوم قريش بثلاثة أيام، وأقبلت قريش ومعهم حيي بن أخطب، فلما نزلوا العقيق(٤) جاء حيي بن أخطب إلى بنى قريظة في جوف الليل وكانوا في حصنهم قد تمسكوا بعهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فدق باب الحصن فسمع كعب بن أسد قرع الباب، فقال لأهله: هذا أخوك قد شأم قومه(٥) وجاء الآن يشأمنا ويهلكنا ويأمرنا بنقض العهد بيننا و

__________________

(١) الصحفة: قصعة كبيرة منبسطة تشبع الخمسة قال الكسائي: أعظم القصاع: الجفنة ثم القصعة تشبع العشرة ثم الصحفة تشبع الخمسة ثم المئكلة تشبع الرجلين والثلاثة ثم الصحيفة تشبع الرجل.

(٢) النهل: ما أكل من الطعام. والناهل بمعنى الريان والمراد هنا الشبع.

(٣) الزغابة ـ بالضم ـ: موضع بقرب المدينة.

(٤) العقيق: اسم عدة مواضع بلاد العرب منها عقيق المدينة وهو على ثلثة أميال أو ميلين منها.

(٥) شأمهم وعليهم أي صادر شوما عليه.

٢٤٦

بين محمد، وقد وفي لنا محمد وأحسن جوارنا، فنزل إليه من غرفته فقال له: من أنت؟ قال: حيي بن أخطب، قد جئتك بعز الدهر، فقال كعب: بل جئتني بذل الدهر، فقال: يا كعب هذه قريش في قادتها وسادتها قد نزلت بالعقيق مع حلفائهم من كنانة، وهذه فزارة مع قادتها وسادتها قد نزلت الزغابة، وهذه سليم وغيرهم قد نزلوا حصن بنى ذبيان، ولا يفلت محمد من هذا الجمع أبدا فافتح الباب وانقض العهد الذي بينك وبين محمد، فقال كعب: لست بفاتح لك الباب ارجع من حيث جئت، فقال حيي: ما يمنعك من فتح الباب إلّا جشيشتك(١) التي في التنور تخاف أنْ أشركك فيها فافتح فانك آمن من ذلك فقال له كعب: لعنك الله قد دخلت عليَّ من باب دقيق ثمّ قال: افتحوا له الباب، ففتح له فقال: ويلك يا كعب انقض العهد الذي بينك وبين محمّد ولا ترد رأيى فانّ محمّدا لا يفلت من هذه الجموع أبدا، فانْ فاتك هذا الوقت لا تدرك مثله أبدا.

قال: واجتمع كل من كان في الحصن من رؤساء اليهود مثل غزال بن شمول وياسر بن قيس ورفاعة بن زيد والزبير بن باطا فقال لهم كعب: ما ترون؟ قالوا: أنت سيدنا والمطاع فينا وصاحب عهدنا، فان نقضت نقضنا وان أقمت أقمنا معك، وان خرجت خرجنا معك، فقال الزبير بن باطا ـ وكان شيخا كبيرا مجريا وقد ذهب بصره ـ: قد قرأت التوراة التي أنزلها الله في سفرنا بأنه يبعث نبيا في آخر الزمان يكون مخرجه بمكة ومهاجرته إلى المدينة في هذه البحيرة(٢) يركب الحمار العرى ويلبس الشملة ويجتزى بالكسيرات والتميرات وهو الضحوك القتال، في عينيه الحمرة وبين كتفيه خاتم النبوة، يضع سيفه على عاتقه لا يبالي من لاقى، يبلغ سلطانه منقطع الخف والحافر، فان كان هذا هو فلا يهولنه هؤلاء جمعهم ولو ناوته(٣)

__________________

(١) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر والبحار ومن كتب العامة كالسيرة لابن هشام وفي الأصل «حسيسك» بالسين والجشيشة: طعام يصنع من الجشيش وهو البر يطحن غليظا.

(٢) قال الجزري: البحيرة: مدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

(٣) المناواة: المعاداة.

٢٤٧

هذه الجبال الرواسي لغلبها، فقال حيي: ليس هذا وذاك ذاك النبي من بنى إسرائيل وهذا من العرب من ولد إسماعيل، ولا يكون بنو إسرائيل اتباعا لولد إسماعيل أبدا لان الله قد فضلهم على الناس جميعا، وجعل فيهم النبوة والملك، وقد عهد إلينا موسى( أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ ) ، وليس مع محمّد آية وانما جمعهم جمعا وسخرهم ويريد أنْ يغلبهم بذلك فلم يزل يقلبهم عن رأيهم حتى أجابوه فقال لهم: اخرجوا الكتاب الذي بينكم وبين محمد فأخرجوه فأخذه حيي بن أخطب ومزقه وقال: قد وقع الأمر فتجهزوا وتهيأوا للقتال وبلغ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك فغمه غما شديدا، وفزع أصحابه فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لسعد بن معاذ وأسيد بن حصين وكانا من الأوس وكانت بنو قريظة حلفاء الأوس فانظرا ما صنعوا فان كانوا نقضوا العهد فلا تعلما أحدا إذا رجعتما إلى وقولا عضل والقارة(١) فجاء سعد بن معاذ وأسيد بن حصين إلى باب الحصن فأشرف عليهما كعب من الحصن فشتم سعدا وشتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . فقال له سعد: انما أنت ثعلب في جحر لتولين قريش وليحاصرنك رسول الله ثم لينرلنك على الصغر والقماء(٢) وليضربن عنقك، ثم رجعا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: عضل والقارة(٣) فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لعنا نحن أمرناهم بذلك وذلك انه كان على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عيون لقريش يتجسسون أخباره(٤) وكانت

__________________

(١) عضل والقارة: قبيلتان من كنانة غدروا بأصحاب الرجيع خبيب وأصحابه، حيث طلبت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نفرا من المسلمين ليعلموهم فقالوا: يا رسول الله فينا إسلاما فابعث معنا نفرا من أصحابك يفقهوننا في الدين فبعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عشرة من أصحابه فيهم خبيب بن عدى سنة من المهاجرين وأربعة من الأنصار فخرجوا حتى إذا كانوا على الرجيع وهو ماء غدروا بهم وقتلوا منهم ستة أو ثمانية وأسروا خبيب إلى آخر ما ذكره المؤرخون وسيأتى من المصنف بيان في ذلك.

(٢) القماء: الذل والصفار.

(٣) أي غدروا كغدر عضل والقارة بأصحاب الرجيع.

(٤) قوله «لعنا» قال المجلسي (ره) أي لعن العضل والقارة والمراد كل من غدر ثم قال:صلى‌الله‌عليه‌وآله على سبيل التورية. نحن امرناهم بذلك أي نحن أمرنا بنى قريظة أنْ يظهر والغدر للمصلحة ـ

٢٤٨

عضل والقارة قبيلتان من العرب دخلا في الإسلام ثم غدرا فكان إذا عدل أحد ضرب بهما المثل فيقال: عضل والقارة.

ورجع حيي بن أخطب إلى أبي سفيان وقريش فأخبرهم بنقض بنى قريظة العهد بينهم وبين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ففرحت قريش بذلك، فلما كان في جوف الليل جاء نعيم بن مسعود الأشجعي إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد كان أسلم قبل قدوم قريش بثلاثة أيام فقال: يا رسول الله قد آمنت بالله وصدقتك وكتمت إيماني عن الكفرة، فان أمرتنى أن آتيك بنفسي وأنصرك بنفسي فعلت، وان أمرتنى أنْ أخذل بين اليهود وبين قريش فانه أوقع عندي، قال: فتأذن لي أنْ أقول فيك ما أريد؟ قال: قل ما بدا لك، فجاء إلى أبي سفيان فقال له: أتعرف مودّتى لكم ونصحى ومحبّتي أنْ ينصركم الله على عدوكم، وقد بلغني أنّ محمّدا قد وافق اليهود أنْ يدخلوا بين عسكركم ويميلوا عليكم ووعدهم إذا فعلوا ذلك أن يرد عليهم جناحهم الذي قطعه بنى النضير وقينقاع، فلا أرى أنْ تدعوهم أن يدخلوا عسكركم حتى تأخذوا منهم رهنا تبعثوا به إلى مكّة فتأمنوا مكرهم وغدرهم، فقال أبو سفيان: وفقك الله وأحسن جزاك منك من أهدى النصائح، ولم يعلم أبو سفيان بإسلام نعيم ولا أحد من اليهود، ثم جاء من فوره ذلك إلى بنى قريظة فقال له: يا كعب تعلم مودتى لكم وقد بلغني أنّ أبا سفيان قال: نخرج بهؤلاء اليهود فنضعهم في نحر محمّد فان ظفروا كان الذكر لنادونهم، وان كانت علينا كانوا هؤلاء مقاديم الحرب فما ارى لكم أن تدعوهم يدخلوا عسكركم حتى تأخذوا منهم عشرة من أشرافهم يكونون في حصنكم، انهم إنْ لم يظفروا بمحمّد لم يبرحوا حتى يردوا عليكم عهدكم وعقدكم بين محمّد وبينكم، لأنه إنْ ولت قريش ولم تظفروا بمحمّد غزاكم محمّد فيقتلكم، فقالوا: أحسنت وأبلغت في النصيحة لا نخرج من حصننا حتى نأخذ منهم رهنا يكونون في حصننا.

__________________

وهم موافقون لنا في الباطن وانما قال ذلك لئلا يكون هنا لك عين من عيون قريش فيعلموا بالغدر فيصير سببا لجرأتهم.

٢٤٩

وأقبلت قريش فلما نظروا إلى الخندق قالوا: هذه مكيدة ما كانت العرب تعرفها قبل ذلك، فقيل لهم: هذا من تدبير الفارسي الذي معه، فوافى عمرو بن عبد ود وهبيرة بن وهب وضرار بن الخطاب إلى الخندق، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد صف أصحابه بين يديه فصاحوا بخيلهم حتى ظفروا الخندق(١) إلى جانب رسول الله فصاروا أصحاب رسول الله كلهم خلف رسول الله وقدموا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بين أيديهم، وقال رجل من المهاجرين وهو فلان لرجل بجنبه من إخوانه: اما ترى هذا الشيطان عمروا لا والله ما يفلت من يديه أحد، فهلموا ندفع إليه محمدا ليقتله ونلحق نحن بقومنا، فأنزل اللهعزوجل : على نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك الوقت:( قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ ) إلى قوله تعالى:( أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمالَهُمْ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً ) وركز عمرو بن عبد ود رمحه في الأرض وأقبل يجول جولة ويرتجز ويقول :

ولقد بححت من النداء لجمعكم هل من مبارز

ووقفت إذ جبن الشجاع مواقف القرن المناجز(٢)

انى كذلك لم أزل متسرعا نحو الهزاهز

ان الشجاعة في الفتى والجود من خير الغرايز(٣)

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من لهذا الكلب؟ فلم يجبه أحد فوثب إليه أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال: أنا له يا رسول الله، فقال: يا عليُّ هذا عمرو بن عبد ود فارس يليل(٤)

__________________

(١) الطفرة ـ: الوثبة في ارتفاع.

(٢) بح بححا: اخذه بحة وخشونة وغلظ في صوته والمناجزة في الحرب: المبارزة والمقاتلة.

(٣) الهزاهز: البلايا والحروب والشدائد التي تهز أي تحرك الناس والغريزة الطبيعة.

(٤) يليل: واد قرب من بدر وقيل له فارس يليل لأنه أقبل في ركب من قريش حتى إذ هو ـ

٢٥٠

فقال: أنا عليُّ بن أبي طالب، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ادن منى فدنا منه فعممه بيده ودفع إليه سيفه ذا الفقار وقال له: اذهب وقاتل بهذا وقال: أللّهمّ احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته، فمر أمير المؤمنين صلوات الله عليه يهرول في مشيه وهو يقول :

لا تعجلن فقد أتاك مجيب صوتك غير عاجز

ذو نية وبصيرة والصدق منجى كل فائز

انى لأرجو أنْ أقيم عليك نائحة الجنائز

من ضربة نجلاء يبقى صيتها بعد الهزاهز(١)

فقال له عمرو: من أنت؟ قال: انا عليّ بن أبي طالب ابن عم رسول الله وختنه فقال: والله إنّ أباك كان لي صديقا ونديما وانى أكره أنْ أقتلك. ما آمن ابن عمّك حين بعثك إليَّ أنْ اختطفك برمحي هذا فاتركك شائلا(٢) بين السماء والأرض لا حي ولا ميت، فقال له أمير المؤمنين صلوات الله عليه: قد علم ابن عمّى انك إنْ قتلتني دخلت الجنة وأنت في النار، وان قتلتك فأنت في النار وأنا في الجنة. فقال عمروا: كلتاهما لك يا عليُّ، تلك إذا قسمة ضيزى فقال عليٌّ صلوات الله عليه: دع هذا يا عمرو انى سمعت منك وأنت متعلّق بأستار الكعبة تقول: لا يعرضنّ عليَّ أحد في الحرب ثلاث خصال إلّا أجبته إلى واحدة منها، وانا أعرض إليك ثلاث خصال فأجبنى إلى واحدة قال: هات يا عليُّ، قال: أحدها تشهد أنْ لا إله إلّا الله وانّ محمّدا رسول الله، قال: نح عنى هذا فاسأل الثانية، فقال: أنْ ترجع وترد هذا الجيش عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فانْ يك صادقا فأنتم أعلى به عينا وانْ يك كاذبا كفتكم ذؤبان العرب أمره(٣) قال: إذا

__________________

ـ بيليل عرضت لهم بنو بكر في عدد فقال لأصحابه: امضوا فمضوا فقام في وجوه بنى بكر حتى منعهم من أنْ يصلوا إليه فعرف بذلك.

(١) طعنة نجلاء أي واسعة.

(٢) شائلا أي مرتفعا.

(٣) قولهعليه‌السلام أعلى به عينا أي أبصر به وأعلم بحاله. وذؤبان العرب، صعاليكها ولصوصها.

٢٥١

تتحدث نساء قريش وتنشد الشعراء في أشعارها انى جبنت ورجعت على عقبى من الحرب وخذلت قوما رأسونى عليهم؟ فقال له أمير المؤمنين: فالثالثة أنْ تنزل إلى قتالي فانك فارس وانا راجل حتى أنابذك(١) فوثب عن فرسه وعرقبه(٢) وقال: هذه خصلة ما ظننت أنّ أحدا من العرب يسومني عليها(٣) ثمّ بدأ فضرب أمير المؤمنين صلوات الله عليه بالسيف على رأسه فاتقاه أمير المؤمنين بالدَّرْقة(٤) فقطعها وثبت السيف على رأسه فقال له عليٌّ صلوات الله عليه: يا عمرو ما كفاك انى بارزتك وأنت فارس العرب حتى استعنت عليَّ بظهير؟ فالتفت عمرو إلى خلفه فضربه أمير المؤمنين صلوات الله عليه مسرعا إلى ساقيه فقطعهما جميعا وارتفعت بينهما عجاجة(٥) فقال المنافقون: قتل عليُّ بن أبي طالب، ثمّ انكشفت العجاجة ونظروا فاذا أمير المؤمنين صلوات الله عليه على صدره قد أخذ بلحيته يريد أن يذبحه ثمّ أخذ رأسه وأقبل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والدماء تسيل على رأسه من ضربة عمرو، وسيفه يقطر منه الدم وهو يقول والرأس بيده :

انا ابن عبد المطّلب(٦)

الموت خير للفتى من الهرب

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يا عليُّ ما كرته؟ قال: نعم يا رسول الله الحرب خديعة وبعث رسول الله الزبير إلى هبيرة بن وهب فضربه على رأسه ضربة فلق هامته وأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عمر بن الخطاب أن يبارز ضرار بن الخطاب، فلما برز إليه ضرار انتزع له عمر سهما فقال له ضرار: ويلك يا ابن صهاك أترميني في مبارزة والله لئن رميتني لا تركت عدويّا بمكة إلّا قتلته، فانهزم عند ذلك عمر، ومر نحو ضرار وضربه ضرار على رأسه

__________________

(١) المنابذة: المكاشفة والمقاتلة.

(٢) عرقبه أي قطع عرقوبه والعرقوب: عصب غليظ فوق العقب.

(٣) سام فلانا الأمر: كلفه إياه.

(٤) الدَّرقة ـ محركة ـ: التـّـرس من جلود ليس فيها خشب ولا عَقَب.

(٥) العجاج ـ كسحاب ـ: الغبار.

(٦) في المصدر «انا على وابن عبد المطلب».

٢٥٢

بالقناة ثم قال: احفظها يا عمر فانى آليت ألّا أقتل قرشيا ما قدرت عليه فكان عمر يحفظ له ذلك بعد ما ولّى وولّاه.

فبقي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يحاربهم في الخندق خمسة عشر يوما، فقال أبو سفيان لحيي بن أخطب: ويلك يا يهودي أين قومك؟ فصار حيي بن أخطب إليهم فقال: ويلكم اخرجوا فقد نابذكم الحرب فلا أنتم مع محمّد ولا أنتم مع قريش؟ فقال كعب: لسنا خارجين حتى تعطينا قريش عشرة من أشرافهم رهنا يكونون في حصننا انهم ان لم يظفروا بمحمّد لم يبرحوا حتى يرد محمّد علينا خلاف عهدنا وعقدنا فانا لا نأمن أنْ تمر قريش ونبقى نحن في عقر دارنا ويغزونا محمّد فيقتل رجالنا ويسبى نسائنا وذرارينا، وان لم نخرج لعلّه يرد علينا عهدنا، فقال له حيي بن أخطب: تطمع في غير مطمع، قد نابذت العرب محمّدا الحرب فلا أنتم مع محمّد ولا أنتم مع قريش، فقال كعب: هذا من شؤمك انما أنت طائر تطير مع قريش غدا وتتركنا في عقر دارنا ويغزونا محمّد، فقال له: لك عهد الله عليّ وعهد موسى انه لم يظفر قريش بمحمّد انى أرجع معك إلى حصنك يصيبني ما يصيبك فقال كعب: هو الذي قد قلته لك إنْ أعطتنا قريش رهنا يكونون عندنا والا لم نخرج، فرجع حيي بن اخطب إلى قريش فأخبرهم فلما قال: يسألون الرهن قال أبو سفيان: هذا والله أول الغدر قد صدق نعيم بن مسعود لا حاجة في اخوان القردة والخنازير، فلما طال على أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الأمر واشتد عليهم الحصار وكانوا في وقت برد شديد وأصابتهم مجاعة وخافوا من اليهود خوفا شديدا، وتلكم المنافقون بما حكى اللهعزوجل عنهم ولم يبق أحد من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلّا نافق إلّا القليل، وقد كان رسول الله أخبر أصحابه أنّ العرب تتحزب عليَّ ويجيئونا من فوق وتغدر اليهود ونخافهم من أسفل وانه يصيبهم جهد شديد ولكن يكون العاقبة لي عليهم، فلما جاءت قريش وغدرت اليهود قال المنافقون:( ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً ) وكان قوم لهم دور في أطراف المدينة فقالوا: يا رسول الله تأذن لنا أنْ نرجع إلى دورنا فانها في أطراف المدينة وهي عورة، ونخاف اليهود أنْ يغيروا عليها؟ وقال قوم: هلموا فنهرب ونصبر في البادية ونستجير بالاعراب، فانّ الذي

٢٥٣

يعدنا محمّد كان باطلا كلّه، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أصحابه أنْ يحرسوا المدينة بالليل وكان أمير المؤمنين صلوات الله عليه على العسكر كله بالليل يحرسهم، فان تحرك أحد من قريش نابذهم، وكان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يجوز الخندق ويصير إلى قرب قريش حيث يراهم فلا يزال الليل كله قائما وحده يصلّي فاذا أصبح رجع إلى مركزه، ومسجد أمير المؤمنين صلوات الله عليه هناك معروف يأتيه من يعرفه فيصلى فيه وهو من مسجد الفتح إلى العقيق أكثر من غلوة نشاب، فلما رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من أصحابه الجزع لطول الحصار صعد إلى مسجد الفتح وهو الجبل الذي عليه مسجد الفتح اليوم.

فدعا اللهعزوجل وناجاه فيما وعده وكان مما دعاه أن قال: يا صريخ المكروبين ويا مجيب دعوة المضطرين ويا كاشف الكرب العظيم أنت مولاي ووليي وولى آبائي الأولين، اكشف عنا غمنا وهمنا وكربنا، واكشف عنا شر هؤلاء القوم بقوتك وحولك وقدرتك، فنزل عليه جبرئيلعليه‌السلام فقال: يا محمّد إنَّ اللهعزوجل قد سمع مقالتك وأجاب دعوتك وأمر الدبور وهي الريح مع الملائكة ان تهزم قريشا والأحزاب وبعث اللهعزوجل على قريش الدبور فانهزموا وقلعت أخبيتهم، ونزل جبرئيل فأخبره بذلك فنادى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حذيفة بن اليمان رضى الله عنه وكان قريبا منه فلم يجبه، ثم ناداه ثانيا فلم يجبه، ثم ناداه الثالثة فقال: لبيك يا رسول الله، قال: أدعوك فلا تجيبني؟! قال: يا رسول الله بأبى أنت وأمي من الخفوف والبرد والجوع فقال: ادخل في القوم وائتنا بأخبارهم ولا تحدثن حدثا حتى ترجع إليَّ فان الله قد أخبرنى انه قد أرسل الرياح على قريش وهزمهم، قال حذيفة: فمضيت وانا انتفض من البرد، فو الله ما كان إلّا بقدر ما جزت الخندق حتى كأنى في حمام فقصدت خباء عظيما فاذا نار تخبو وتوقد، وإذا خيمة فيها أبو سفيان قد دلا خصيتيه على النار وهو ينتفض من شدة البرد ويقول: يا معشر قريش ان كنا نقاتل أهل السماء بزعم محمّد فلا طاقة لنا بأهل السماء وان كنا نقاتل أهل الأرض فنقدر عليهم، ثم قال: لينظر كل رجل منكم إلى جليسه لا يكون لمحمد عين فيما بيننا قال حذيفة: فبادرت أنا فقلت للذي عن يميني: من أنت؟ فقال: أنا عمرو بن العاص، ثم قلت للذي عن يساري: من أنت؟ قال: انا معاوية، و

٢٥٤

انما بادرت إلى ذلك لئلا يسألني أحد من أنت، ثم ركب أبو سفيان راحلته وهي معقولة ولولا أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: لا تحدث حدثا حتى ترجع إليَّ لقدرت ان أقتله ثم قال أبو سفيان لخالد بن الوليد: يا أبا سليمان لا بد من ان أقيم أنا وأنت على ضعفاء الناس، ثم قال: ارتحلوا انا مرتحلون ففروا منهزمين، فلما أصبح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لأصحابه: لا تبرحوا فلما طلعت الشمس دخلوا المدينة وبقي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في نفر يسير وكان أبو عرقد الكناني رمى سعد بن معاذ بسهم في الخندق فقطع أكحله فنزفه الدم(١) فقبض سعد على أكحله بيده ثم قال: أللّهمّ ان كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فابقنى لها فلا أحد أحب إلى محاربتهم من قوم حاربوا الله ورسوله، وان كانت الحرب قد وضعت أوزارها بين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبين قريش فاجعلها لي شهادة ولا تمتنى حتى تقر عيني من بنى قريظة، فأمسكت الدم وتورمت يده وضرب له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في المسجد خيمة وكان يتعاهده بنفسه. فأنزل اللهعزوجل ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ ) يعنى بنى قريظة حين غدروا وخافوهم أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ ) إلى قوله:( إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً ) وهم الذين قالوا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تأذن لنا نرجع إلى منازلنا فانها في أطراف المدينة، ونخاف اليهود عليها. فانزل اللهعزوجل فيهم:( إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً ) إلى قوله تعالى( وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً ) ونزلت هذه الآية في الثاني لـمّا قال لعبد الرحمن بن عوف: هلم ندفع محمدا إلى قريش ونلحق نحن بقومنا.

٣٨ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل وفيه:ولان الصبر على ولاة الأمر مفروض لقول اللهعزوجل لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ) وإيجابه مثل ذلك على أوليائه وأهل طاعته بقوله:( لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) .

__________________

(١) نزفه الدم أي سال كثيرا حتى أضعفه.

٢٥٥

٣٩ ـ وفيه أيضا عن أمير المؤمنينعليه‌السلام كلام طويل وفيه واما قولكم انى جعلت الحكم إلى غيري وقد كنت عندكم أحكم الناس فهذا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد جعل الحكم إلى سعد يوم بنى قريظة وكان احكم الناس. وقد قال الله:( لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) فتأسيت برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٤٠ ـ في مجمع البيان قال ثعلبة بن حاطب وكان رجلا من الأنصار للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ادع الله أن يرزقني مالا، فقال: يا ثعلبة قليل تؤدى شكره خير من كثير لا تطيقه أما لك في رسول الله أسوة حسنة، والذي نفسي بيده لو أردت ان تسير الجبال معى ذهبا وفضة لسارت.

٤١ ـ في أصول الكافي أحمد بن مهرانرحمه‌الله رفعه وأحمد بن إدريس ومحمد بن عبد الجبار الشيباني قال: حدّثني القاسم بن محمد الرازي قال: حدّثني علي بن محمد الهرمزاني عن أبي عبد الله الحسين بن عليّعليهما‌السلام قال: لـمّا قبضت فاطمةعليها‌السلام دفنها أمير المؤمنينعليه‌السلام سرا وعفي على موضع قبرها(١) ثم قال: فحول وجهه إلى قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: السلام عليك يا رسول الله عنى والسلام عليك عن ابنتك والبائنة في الثرى ببقعتك، والمختار الله لها سرعة اللحاق(٢) بك قل يا رسول الله عن صفيتك صبري وعفي عن سيدة نساء العالمين تجلدي(٣) إلّا أنّ في التأسى لي بسنتك في فرقتك موضع تعزو والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٢ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن النعمان عن سعيد الأعرج قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: نام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن الصبح واللهعزوجل أنامه حتى طلعت الشمس عليه، وكان ذلك رحمة من ربك للناس، ألآ ترى لو أنّ رجلا نام حتى تطلع الشمس لعيّره الناس وقالوا: لا تتورّع لصلوتك فصارت أسوة وسنة، فان قال رجل لرجل: نمت عن الصلوة، قال: قد نام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فصارت أسوة

__________________

(١) العفو: المحو: وعفى على الأرض: غطاها بالنبات.

(٢) في الوافي: والمختار الله اضافة إلى الفاعل ومفعول سرعة اللحاق.

(٣) عفى عن الشيء: أمسك عنه. والتجلد: تكلف الجلد ـ بالتحريك ـ وهو القوة والشدة.

٢٥٦

ورحمة، رحم الله سبحانه بها هذه الامة.

٤٣ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن النعمان عن سعيد الأعرج قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: صلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم سلم في ركعتين فسأله من خلفه يا رسول الله أحدث في الصلوة شيء؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: انما صليت ركعتين قال: أكذلك يا ذا اليدين وكان يدعى ذا الشمالين، فقال: نعم فبنى على صلوته فأتم الصلوة أربعا وقال: إنّ الله هو أنساه رحمة للامة، ألآ ترى لو أنّ رجلا صنع هذا لعير وقيل: ما تقبل صلوتك، فمن دخل عليه اليوم ذاك قال: قد من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وصارت أسوة وسجد سجدتين لمكان الكلام.

٤٤ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا صلى العشاء الاخرة أمر بوضوئه وسواكه يوضع عند رأسه مخمرا(١) فيرقد ما شاء الله ثم يقوم فيستاك ويتوضأ ويصلى أربع ركعات، ثم يرقد ثم يقوم فيستاك ويتوضأ ويصلى أربع ركعات ثم يرقد، حتى إذا كان في وجه الصبح قام فأوتر ثم صلى الركعتين ثم قال:( لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ )

٤٥ ـ في كتاب الخصال عن عتبة بن عمر الليثي عن أبي ذررحمه‌الله قال: دخلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو في المسجد جالس إلى أنْ قال: قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : عليك بتلاوة كتاب الله، وذكر الله كثيرا، فانه ذكر لك في السماء، ونور لك في الأرض.

٤٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم ثم وصف اللهعزوجل المؤمنين أي المصدقين بما أخبرهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما يصيبهم في الخندق من الجهد فقال جل ذكره:( وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً ) يعنى ذلك الجهد والخوف وتسليما.

٤٧ ـ في الكافي حميد عن ابن سماعة عن عبد الله بن جبلة عن محمد بن مسعود الطائي عن عنبسة بن مصعب عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

__________________

(١) خمر الشيء: ستره.

٢٥٧

من استقبل جنازة أو رءاها فقال: الله أكبر( هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ ) وصدق الله أللّهمّ زدنا ايمانا وتسليما، الحمد لله الذي تعزز بالقدرة وقهر العباد بالموت لم يبق في السماء ملك إلّا بكى رحمة لصوته.

٤٨ ـ في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن أبيه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال لأبي بصير: يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه فقال:( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) انكم وفيتم بما أخذ الله عليه ميثاقكم من ولايتنا. وانكم لم تبدلوا بنا غيرنا، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٩ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد الأشعري عن عبد الله بن ميمون القداح عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليُّ من أحبّك ثم مات فقد قضى نحبه، ومن أحبّك ولم يمت فهو ينتظر، وما طلعت شمس ولا غربت إلّا طلعت عليه برزق وايمان وفي نسخة نور.

٥٠ ـ في كتاب الخصال عن جابر الجعفي عن أبي جعفرعليه‌السلام عن أمير المؤمنين حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : ولقد كنت عاهدت الله تعالى ورسوله انا وعمى حمزة وأخى جعفر وابن عمى عبيدة على أمر وفينا به لله تعالى ولرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله فتقدمني أصحابى وتخلفت بعدهم لما أراد الله تعالى فأنزل الله فينا( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) حمزة وجعفر وعبيدة وانا والله المنتظر يا أخا اليهود وما بدلت تبديلا.

٥١ ـ عن الأعمش عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام قال: هذه شرائع الدين إلى أنْ قالعليه‌السلام : والولاية للمؤمنين الذين لم يغيروا ولم يبدلوا بعد نبيهمعليه‌السلام وأحبته مثل سلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري والمقداد بن الأسود الكندي وعمار بن ياسر وجابر بن عبد الله الأنصاري وحذيفة بن اليمان وأبي الهيثم بن التيهان وسهل بن حنيف وأبي أيوب الأنصاري وعبد الله بن الصامت وعبادة بن الصامت وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين وأبي سعيد الخدري ومن نحى نحوهم وفعل مثل فعلهم، والولاية

٢٥٨

لاتباعهم والمقتدمين بهم وبهداهم واجبة.

٥٢ ـ في عيون الأخبار في باب ما كتبه الرضاعليه‌السلام للمأمون من محض الإسلام وشرائع الدين والولاية لأمير المؤمنينعليه‌السلام والذين مضوا على منهاج نبيهم، ولم يغيروا ولم يبدلوا مثل سلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري، وذكر نحو ما نقلنا عن الخصال بتغيير يسير.

٥٣ ـ في مجمع البيان وروى أبو القاسم الحسكاني عن عمرو بن ثابت عن أبي إسحاق عن عليٍّعليه‌السلام قال: فينا نزلت:( رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ ) فانا والله المنتظر ما بدلت تبديلا.

٥٤ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاوسرحمه‌الله فصل فيما نذكره من مجلد قالب الثمن عتيق عليه مكتوب الاول من تفسير أبي جعفر بن محمد بن علي بن الحسين صلوات الله عليهما رواية أبي الجارود عنه وقال بعد هذا: فصل فيما نذكره من الجزء الثالث من تفسير الباقرعليه‌السلام من وجهة ثانية من ثانى سطر بلفظه واما قوله:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) يقول: كونوا مع عليّ بن أبي طالب وآل محمّد، قال الله:( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ ) وهو حمزة بن عبد المطلب( وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ) وهو عليّ بن أبي طالب يقول الله( وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) وقال الله:( اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) وهم هاهنا آل محمد.

٥٥ ـ في إرشاد المفيدرحمه‌الله في مقتل الحسينعليه‌السلام : إنَّ الحسين مشى إلى مسلم بن عوسجة لـمّا صرع فاذا به رمق فقال: رحمك الله يا مسلم( فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) .

٥٦ ـ في كتاب مقتل الحسين لأبي مخنف ان الحسينعليه‌السلام لـمّا أخبر بقتل رسوله عبد الله بن يقطر تغرغرت عينه بالدموع(١) وفاضت على خديه ثم قال :

__________________

(١) أي ترددت فيها الدموع.

٢٥٩

( فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) .

٥٧ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب ان أصحاب الحسينعليه‌السلام بكربلا كانوا كل من أراد الخروج ودع الحسينعليه‌السلام وقال: السلام عليك يا ابن رسول الله فيجيبه: وعليك السلام ونحن خلفك ويقرأ( فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ) .

٥٨ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن نصير أبي الحكم الخثعمي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: المؤمن مؤمنان فمؤمن صدق بعهد الله جل وعز ووفي بشرطه، وذلك قول اللهعزوجل :( رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ ) وذلك الذي لا يصيبه أهوال الدنيا ولا أهوال الاخرة، وذلك ممن يشفع ولا يشفع له، ومؤمن كخامة الزرع(١) يعوج أحيانا ويقوم أحيانا، فذلك ممن يصيبه أهوال الدنيا وأهوال الاخرة وذلك ممن يشفع له ولا يشفع.

٥٩ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن عبد الله عن خالد القمى عن خضر بن عمرو عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: المؤمن مؤمنان: مؤمن وفي للهعزوجل بشروطه التي اشترطها عليه، فذلك مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، فذلك ممن يشفع ولا يشفع له وذلك ممن لا يصيبه أهوال الدنيا ولا أهوال الاخرة، ومؤمن زلت به قدم، وذلك كخامة الزرع كيف ما كفته الريح انكفأ، وذلك ممن يصيبه أهوال الدنيا وأهوال الاخرة ويشفع له وهو على خير.

٦٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن الحسن بن عليعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه لمعاوية: لعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أبا سفيان في سبعة مواطن إلى قوله: والرابع يوم حنين جاء أبو سفيان بجمع من قريش وهوازن وجاء عيينة بغطفان واليهود فردهم اللهعزوجل ( بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً ) ، هذا قول اللهعزوجل الذي أنزله في سورتين في كلتيهما يسمى أبا سفيان وأصحابه كفارا، وأنت يا معاوية يومئذ

__________________

(١) الخامة من الزرع: أول ما ينبت على ساق، وقيل: الطاقة الغضة وقيل: الشجرة الغضة.

٢٦٠

مشرك على رأى أبيك بمكة، وعلى يومئذ مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى رأيه ودينه.

٦١ ـ في مجمع البيان( وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ ) قيل بعليِّ بن أبي طالب وقتله عمرو بن عبد ود، وكان ذلك سبب هزيمة القوم وهو المروي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

٦٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيمرحمه‌الله في قولهعزوجل :( وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ ) بعليِّ بن أبي طالب صلوات الله عليه( وَكانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزاً ) ونزل في بنى قريظة( وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً ) فلما دخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المدينة واللواء معقود أراد أن يغتسل من الغبار فناداه جبرئيلعليه‌السلام عذيرك من محارب(١) والله ما وضعت الملائكة لامتها فكيف تضع لامتك؟(٢) إنَّ اللهعزوجل يأمرك ان لا تصلى العصر إلّا ببني قريظة فانى متقدمك ومزلزل بهم حصنهم، انا كنا في آثار القوم نزجرهم زجرا حتى بلغوا حمراء الأسد، فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فاستقبله حارثة بن النعمان فقال له: ما الخبر يا حارثة؟ فقال: بابى أنت وأمي يا رسول الله هذا دحية الكلبي ينادى في الناس ألّا يصلين العصر أحد إلّا في بنى قريظة، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ذاك جبرئيل ادعوا عليا فجاء أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال له: ناد في الناس: لا يصلين أحد العصر إلّا في بنى قريظة، وخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين صلوات الله عليه بين يديه مع الراية العظمى. وكان حيي بن أخطب لـمّا انهزمت قريش جاء فدخل حصن بنى قريظة، فجاء أمير المؤمنين صلوات الله عليه فأحاط بحصنهم فأشرف عليهم كعب بن أسيد(٣) من الحصن يشتمهم ويشتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاقبل رسول الله على حمار فاستقبله أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال: بأبى أنت وأمي يا رسول الله

__________________

(١) عذيرك من فلان أي هات من يعذرك فيه، فعيل بمعنى فاعل.

(٢) اللامة: الدرع.

(٣) في المصدر «أسد» وهو الصحيح وكذا فيما يأتى وقد مر أيضا.

٢٦١

لا تدن من الحصن، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليُّ لعلّهم شتموني انهم لو رأونى لأذلهم الله، ثم دنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من حصنهم فقال: يا اخوة القردة والخنازير وعبدة الطاغوت أتشتمونى إنّا إذا أنزلنا بساحة قوم فساء صباحهم، فأشرف عليهم كعب بن أسيد من الحصن فقال: والله يا أبا القاسم ما كنت جهولا فاستحيى رسول الله حتى سقط الرداء من ظهره حياء مما قاله، وكان حول الحصن نخل كثير فاشار إليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فتباعد عنه وتفرق في المفازة وانزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله العسكر حول حصنهم فحاصرهم ثلاثة أيام فلم يطلع أحد منهم رأسه، فلما كان بعد ثلاثة أيام نزل إليه غزال بن شمول فقال: يا محمد تعطينا ما أعطيت إخواننا من بنى النضير احقن دمائنا ونخلي لك البلاد وما فيها ولا نكتمك شيئا، فقال: لا أو تنزلون على حكمي، فرجع وبقوا أياما فشكا النساء والصبيان إليهم وجزعوا جزعا شديدا، فلما اشتد عليهم الحصار نزلوا على حكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالرجال فكتفوا وكانوا سبعمائة، وامر بالنساء فعزلوا وأقامت الأوس إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا: يا رسول الله حلفاؤنا وموالينا من دون الناس نصرونا على الخزرج في المواطن كلها، وقد وهبت لعبد الله بن أبي سبعمائة دراع وثلاثماة حاسر(١) في صبيحة واحدة وليس نحن بأقل من عبد الله بن أبي، فلما أكثروا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لهم: أما ترضون ان يكون الحكم فيهم إلى رجل منكم؟ فقالوا: بلى ومن هو؟ قال: سعد بن معاذ قالوا: قد رضينا بحكمه، فأتوا به في محفة(٢) واجتمعت الأوس حوله يقولون: يا أبا عمرو اتق الله وأحسن في حلفائك ومواليك فقد نصرونا ببعاث والحدائق والمواطن كلها، فلما أكثروا عليه قال: لقد آن لسعد أن لا يأخذه في الله لومة لائم، فقالت الأوس: وا قوماه ذهبت والله بنو قريظة آخر الدهر وبكى النساء والصبيان إلى سعد، فلما سكتوا قال لهم سعد: يا معشر اليهود أرضيتم بحكمي فيكم؟ قالوا: بلى قد رضينا بحكمك وقد رجونا نصفك وحسن

__________________

(١) الحاسر: الذي لا مغفر عليه ولا درع.

(٢) المحفة: سرير يحمل عليه المريض أو المسافر.

٢٦٢

نظرك، فعاد عليهم القول فقالوا: بلى يا أبا عمرو فالتفت إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إجلالا له فقال: ما ترى بأبى أنت وأمى يا رسول الله؟ قال: أحكم فيهم يا سعد فقد رضيت بحكمك فيهم، فقال: قد حكمت يا رسول الله أن يقتل رجالهم وتسبى نساؤهم وذراريهم وتقسم غنائمهم وأموالهم بين المهاجرين والأنصار، فقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: قد حكمت بحكم اللهعزوجل فوق سبعة أرقعة(١) ثم انفجر جرح سعد بن معاذ فما زال ينزفه الدم حتى قضى، وساقوا الأسارى إلى المدينة فأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بأخدود(٢) فحفرت بالبقيع، فلما أمسى أمر بإخراج رجل رجل فكان يضرب عنقه، فقال حيي بن أخطب لكعب بن أسيد: ما ترى يصنع بهم؟ فقال له: ما يسوءك اما ترى الداعي لا يقلع(٣) والذي يذهب لا يرجع فعليكم بالصبر والثبات على دينكم فاخرج كعب بن أسيد مجموعة يديه إلى عنقه وكان جميلا وسيما(٤) فلما نظر إليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال له: يا كعب اما نفعك وصية ابن الحواس الحبر الذكي الذي قدم عليكم من الشام؟ فقال: تركت الخمر والخمير وجئت إلى البؤس والتمور لنبي يبعث مخرجه بمكة ومهاجرته في هذه البحيرة يجتزى بالكسيرات والتميرات ويركب الحمار العرى، في عينيه حمرة وبين كتفيه خاتم النبوة، يضع سيفه على عاتقه لا يبالي من لاقى منكم يبلغ سلطانه منقطع الخف والحافر؟ فقال: قد كان ذلك يا محمد ولولا ان اليهود يعيروني انى جزعت عند القتل لامنت بك وصدقتك ولكني على دين اليهود عليه أحيى وعليه أموت، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : قدموه فاضربوا عنقه فضربت، ثم قدم حيي

__________________

(١) قال الجزري سبعة ارقعة يعنى سبع سماوات، وكل سماء يقال لها الرقيع والجمع ارقعة. وقيل: الرقيع اسم سماء الدنيا فأعطى كل سماء اسمها.

(٢) الأخدود: الحفرة المستطيلة.

(٣) في البحار «ما يسوؤك» أي لا تحزن من ذلك أو ما استفهامية أي أيّ شيء يعتريك من السوء فصرت بحيث لا تعقل مثل هذا الأمر الواضح أو موصولة أي الذي يسوءك وهو القتل. وقوله «لا يقلع» أي لا يكف عن دعوتهم وإذهابهم، يذهب بواحد بعد واحد.

(٤) الوسيم: الحسن الوجه.

٢٦٣

بن أخطب فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يا فاسق كيف رأيت صنع الله بك؟ فقال: والله يا محمد ما ألوم نفسي في عداوتك ولقد قلقلت كل مقلقل(١) وجهدت كل الجهد ولكن من يخذل الله يخذل، ثم قال حين قدم للقتل :

لعمري ما لام ابن أخطب نفسه

ولكنه من يخذل الله يخذل

فقدم وضرب عنقه، فقتلهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في البردين بالغداوة والعشى في ثلاثة أيام، وكان يقول: اسقوهم العذب وأطعموهم الطيب وأحسنوا أساراهم حتى قتلهم كلهم، فأنزل اللهعزوجل فيهم( وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ ) أي من حصونهم( وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ) إلى قوله تعالى:( وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً ) .

٦٣ ـ واما قولهعزوجل :( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا ) إلى قوله تعالى اجرا عظيما فانه كان سبب نزولها انه لـمّا رجع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من غزوة خيبر وأصاب كنز آل أبي الحقيق قلن أزواجه أعطنا ما أصبت فقال لهنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قسمته بين المسلمين على ما أمر اللهعزوجل ، فغضبن من ذلك وقلن: لعلّك ترى أنّك إنْ طلقتنا أنْ لا نجد الأ كفاء من قومنا يتزوجونا؟ فأنف اللهعزوجل لرسوله فأمره الله ان يعتزلهنّ فاعتزلهنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مشربة أم إبراهيم تسعة وعشرين يوما حتى حضن وطهرن، ثم أنزل اللهعزوجل هذه الآية وهي آية التخيير، فقال:( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ ) إلى قوله تعالى:( أَجْراً عَظِيماً ) فقامت أم سلمة أول من قامت فقالت: قد اخترت الله ورسوله فقمن كلهن فعانقنه وقلن مثل ذلك، فأنزل اللهعزوجل :( تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ ) فقال الصادقعليه‌السلام : من آوى فقد نكح ومن أرجى فقد طلق، وقولهعزوجل :( تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ ) مع هذه الآية قولهعزوجل :( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً ) وقد

__________________

(١) قلقله فتقلقل: أي حركه فتحرك.

٢٦٤

أخرت عنها في التأليف.

٦٤ ـ في الكافي حميد عن ابن سماعة عن ابن رباط عن عيص بن القاسم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن رجل خير امرأته فاختارت نفسها بانت؟ قال: لا انما هذا شيء كان لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خاصة، أمر بذلك ففعل، ولو اخترن أنفسهن لطلقهن وهو قول اللهعزوجل ( قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً ) .

٦٥ ـ حميد عن ابن سماعة عن محمد بن زياد وابن رباط عن أبي أيوب الخزاز قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : انى سمعت أباك يقول: إنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خير نسائه فاخترن الله ورسوله فلم يمسكن على طلاق، ولو اخترن أنفسهن لبن، فقال: إنَّ هذا حديث كان يرويه أبي عن عائشة وما للناس والخيار؟ انما هذا شيء خص الله به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٦٦ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني قال ذكر أبو عبد اللهعليه‌السلام ان زينب قالت لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تعدل وأنت رسول الله، وقالت حفصة: إنْ طلقتنا وجدنا أكفاءنا من قومنا فاحتبس الوحي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عشرين يوما، قال: فأنف الله لرسوله فأنزل:( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها ) إلى قوله( أَجْراً عَظِيماً ) قال: فاخترن الله ورسوله ولو اخترن أنفسهن لبن، وان اخترن الله ورسوله فليس بشيء.

٦٧ ـ حميد عن ابن سماعة عن جعفر بن سماعة عن داود بن سرحان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ زينب بنت جحش قالت: يرى رسول الله إنْ خلى سبيلنا أنْ لا نجد زوجا غيره وقد كان اعتزل نساءه تسعة وعشرين ليلة، فلما قالت زينب الذي قالت، بعث الله جبرئيل إلى محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال:( قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ ) الآيتين كلتيهما فقلن: بل نختار الله ورسوله والدار الاخرة.

٦٨ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن أبي نصر عن حماد بن عثمان عن

٢٦٥

عبد الأعلى بن أعين قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام ان بعض نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قالت أيرى محمد انه لو طلقنا ألّا نجد الأكفاء من قومنا، قال: فغضب اللهعزوجل له من فوق سبع سماواته فأمره فخيرهن حتى انتهى إلى زينب بنت جحش، فقامت فقبلته وقالت اختار الله ورسوله.

٦٩ ـ حميد عن الحسن بن سماعة عن وهيب بن حفص عن أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ زينب بنت جحش قالت لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تعدل وأنت نبي؟ فقال: تربت يداك(١) إذا لم أعدل من يعدل؟ قالت: دعوت الله يا رسول الله ليقطع يداي؟ فقال: لا ولكن لتتربان فقالت: انك ان طلقتنا وجدنا في قومنا أكفاء، فاحتبس الوحي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تسعا وعشرين ليلة، ثم قال أبو جعفرعليه‌السلام فأنف لرسولهعليه‌السلام فانزلعزوجل :( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا ) الآيتين فاخترن الله ورسوله ولم يكن شيئا، ولو اخترن أنفسهن لبن.

وعنه عن عبد الله بن جبلة عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير مثله.

٧٠ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن ابن بكير عن زرارة قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: إنّ اللهعزوجل أنف لرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله مقالة قالتها بعض نسائه، فانزل الله آية التخيير فاعتزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نساءه تسعا وعشرين ليلة في مشربة أم إبراهيم، ثم دعاهن فخيرهن فاخترنه، فلم يك شيئا، ولو اخترن أنفسهن كانت واحدة بائنة، قال: وسألته عن مقالة المرأة ما هي؟ قال: فقال: انها قالت: أيرى محمد انه لو طلقنا ألّا تأتينا الأكفاء من قومنا يتزوجونا؟.

٧١ ـ في مجمع البيان وروى الواحدي بالإسناد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جالسا مع حفصة فتشاجرا بينهما فقال لها: هل لك ان اجعل بيني وبينك رجلا؟ قالت: نعم فأرسل إلى عمر فلما ان دخل عليهما قال لها تكلمي، قالت: يا رسول الله تكلم ولا تقل إلّا حقّا فرفع عمر يده فوجأ وجهها فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : كف. فقال عمر: يا عدوة الله النبي لا يقول إلّا حقا؟ والذي بعثه بالحق

__________________

(١) قال الجوهري: تربت يداك: أي لا أصبت خيرا.

٢٦٦

لولا مجلسه ما رفعت يدي حتى تموتي، فقام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فصعد إلى غرفة فمكث فيها شهرا لا يقرب شيئا من نساءه يتغدى ويتعشى فيها، فانزل اللهعزوجل هذه الآيات.

٧٢ ـ واختلف العلماء في حكم التخيير على أقوال: (أحدها) ان الرجل إذا خير امرأته فاختارت فلا شيء وان اختارت نفسها يقع تطليقة واحدة وهو قول عمر بن الخطاب وابن مسعود، واليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه (وثانيها) انه إذا اختارت نفسها يقطع ثلاث تطليقات وان اختارت زوجها يقع واحدة وهو قول زيد بن ثابت واليه ذهب مالك (وثالثها) انه ان نوى الطلاق كان طلاقا والا فلا وهو مذهب الشافعي (ورابعها) انه لا يقع بالتخيير طلاق وانما كان ذلك للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله خاصة ولو اخترن أنفسهن لما خيرهن لبن منه، فاما غيره فلا يجوز له ذلك، وهو المروي عن أئمتناعليهم‌السلام .

٧٣ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن أبي نجران عن عبد ـ الكريم بن عمرو عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفرعليه‌السلام وذكر حديثا طويلا ثم قال: وعنه عن: عاصم بن حميد عن أبي بصير وغيره في تسمية نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ونسبهن ووصفهن: عائشة وحفصة وأم حبيب بنت أبي سفيان بن حرب، وزينب بنت جحش، وسودة بنت زمعة، وميمونة بنت الحارث، وصفية بنت حيي بن اخطب وأم سلمة بنت أبي امية وجويرية بنت الحارث وكانت عائشة من تيم وحفصة من عدى وأم سلمة من بنى مخزوم، وسودة من بنى أسد، وعدادها من بنى امية، وأم حبيب بنت أبي سفيان من بنى امية، وميمونة بنت الحارث من بنى هلال وصفية بنت حيي بن أخطب من بنى إسرائيل، وماتصلى‌الله‌عليه‌وآله عن تسع، وكان له سواهن التي وهبت نفسها للنبي وخديجة بنت خويلد أم ولده، وزينب بنت أبي الجون التي خدعت والكندية.

٧٤ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادقعليهما‌السلام قال تزوج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بخمس عشرة امرأة ودخل بثلاث عشرا مرأة منهن، وقبض عن تسع فاما اللتان لم يدخل بهما فعمرة والسيفا(١) واما الثلاث عشرة اللاتي دخل

__________________

(١) قد اختلفت نسخ الكتاب والمصدر في اللفظة ففي بعضها «شليباء» وفي اخرى «شباء» وفي ثالثة «سيناء» والمذكور في ذيل السيرة لابن هشام ج ٢ ص ٦٤٨ «سبا بنت أسماء بن الصلت».

٢٦٧

بهن فأولاهن خديجة بنت خويلد، ثم سودة بنت زمعة، ثم أم سلمة واسمها هند بنت أبي امية، ثم أم عبد الله عائشة بنت أبي بكر، ثم حفصة بنت عمر، ثم زينب بنت خزيمة بن الحارث أم المساكين، ثم زينب بنت جحش، ثم أم حبيب رملة بنت أبي سفيان ثم ميمونة بنت الحارث، ثم زينب بنت عميس، ثم جويرية بنت الحارث، ثم صفية بنت حيي بن أخطب، والتي وهبت نفسها للنبي خولة بنت حكيم السلمي، وكان له سريتان يقسم لهما مع أزواجه: مارية القبطية وريحانة الخندقية، والتسع اللاتي قبض عنهن عائشة وحفصة وأم سلمة وزينب بنت جحش وميمونة بنت الحارث أم حبيب بنت أبي سفيان، وجويرية وسودة وأفضلهن خديجة بنت خويلد ثم أم سلمة ثم ميمونة.

٧٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثنا محمد بن أحمد قال: حدّثنا محمد بن عبد الله بن غالب عن عبد الرحمان بن أبي نجران عن حماد عن حريز قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ ) قال: الفاحشة الخروج بالسيف.

٧٦ ـ وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: أجرها مرتين والعذاب ضعفين، كل هذا في الاخرة حيث يكون الأجر ويكون العذاب.

٧٧ ـ في مجمع البيان وروى محمد بن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد عن علي بن عبد الله بن الحسين عن أبيه عن عليّ بن الحسين زين العابدينعليهم‌السلام أنّه قال رجل: انكم أهل بيت مغفور لكم، قال: فغضب وقال: نحن أحرى ان يجرى فينا ما أجرى الله في أزواج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من أن نكون كما تقول، انا نرى لمحسننا ضعفين من الأجر ولمسيئنا ضعفين من العذاب، ثم قرء الآيتين.

٧٨ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى عبد الله بن مسعود عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : إنَّ يوشع بن نون وصى موسىعليه‌السلام عاش بعد موسى ثلاثين سنة وخرجت عليه صفراء بنت شعيب زوجة موسىعليه‌السلام فقالت: انا أحق منك بالأمر، فقاتلها فقتل مقاتليها وأحسن أسرها، وان ابنة أبي بكر ستخرج على عليٍّ في كذا وكذا ألفا من أمتي، فيقاتلها فيقتل مقاتليها ويأسرها فيحسن أسرها، و

٢٦٨

فيها أنزل الله تعالى:( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى ) يعنى صفيراء بنت شعيب.

٧٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثنا حميد بن زياد عن محمد بن الحسين عن محمد بن يحيى عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عن أبيهعليهما‌السلام في هذه الآية:( وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى ) قال: أي ستكون جاهلية اخرى.

٨٠ ـ في عيون الأخبار عن الرضاعليه‌السلام حديث طويل وفيه ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال ـ بعد ان ذكر ليلة أسري به إلى السماء ـ: ورأيت امرأة معلقة برجليها في تنور من نار، إلى قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : واما المعلقة برجليها فانها كانت تخرج من بيتها بغير اذن زوجها.

٨١ ـ في كتاب الخصال عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال في وصيته له: يا عليُّ ليس على النساء جمعة إلى أنْ قال: ولا تخرج من بيت زوجها إلّا باذنه وان خرجت بغير اذنه لعنها الله وجبرئيل وميكائيل.

٨٢ ـ في بصائر الدرجات أحمد بن محمد والحسن بن علي بن النعمان عن أبيه عن علي بن النعمان عن محمد بن سنان يرفعه قال: إنّ عائشة قالت: التمسوا لي رجلا شديد العداوة لهذا الرجل حتى أبعثه اليه، قال: فأتيت به فمثل بين يديها فرفعت إليه رأسها فقالت له: ما بلغ من عداوتك لهذا الرجل؟ فقال لها: كثيرا ما أتمنى على ربي أنه وأصحابه في وسطى فضربت ضربة بالسيف، فسبق السيف الدم، قالت: فأنت له اذهب بكتابي هذا فادفعه إليه ظاعنا رأيته أو مقيما، اما انك ان رأيته رأيته راكبا على بغلة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله منتكبا قوسه معلقا كنانته بقربوس سرجه وأصحابه خلفه كأنهم طير طواف قال: فاستقبله راكبا كما قالت فناوله الكتاب ففص خاتمه ثم قرأه فقال: تبلغ إلى منزلنا فتصيب من طعامنا وشرابنا ونكتب جواب كتابك؟ فقال: هذا والله ما لا يكون، قال: فسار خلفه فأحدق به أصحابه ثم قال له: أسئلك قال: نعم قال: وتجيبني؟ قال: نعم قال: نشدتك هل قالت: التمسوا لي رجلا شديد العداوة لهذا الرجل فأتى بك فقالت لك: ما بلغ من عداوتك لهذا الرجل؟ فقلت: كثيرا ما أتمنى على ربي انه وأصحابه في وسطى وانى ضربت ضربة سبق السيف الدم؟ قال: أللّهمّ نعم قال :

٢٦٩

فنشدتك الله هل قالت لك: اذهب بكتابي هذا فادفعه إليه ظاعنا كان أو مقيما اما انك ان رأيته رأيته راكبا على بغلة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله متنكبا قوسه معلقا كنانته بقربوس سرجه أصحابه خلفه كأنهم طير صواف فتعطيه كتابي هذا؟ قال: أللّهمّ نعم، قال: فنشدتك الله هل قالت لك: ان عرض عليك طعامه وشرابه فلاتنا ولن منه شيئا فان فيه السحر؟ قال: أللّهمّ نعم، قال: فتبلغ عنى؟ قال: أللّهمّ نعم فانى قد أتيتك وما في الأرض خلق أبغض إلى منك وأنا الساعة ما في الأرض خلق أحب إلى منك فمرني بما شئت، قال: ارجع إليها بكتابي هذا وقل لها: ما أطعت الله ولا رسوله حيث أمرك بلزوم بيتك فخرجت ترد دين في العساكر، وقل لهم: ما أنصفتم الله ولا رسوله حيث خلفتم حلائلكم في بيوتكم وأخرجتم حليلة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: فجاء بكتابه فطرحه إليها وأبلغها مقالته ثم رجع إليه فأصيب بصفين، فقالوا: ما نبعث إليه بأحد إلّا أفسده علينا.

٨٣ ـ في كتاب علل الشرائع أبي رضى الله عنه قال: حدّثني سعد بن عبد الله عن محمد بن إسماعيل عن عيسى عن محمد بن أبي عمير عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبد ـ الله عن زرارة بن أعين عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قلت له: المرأة عليها أذان واقامة؟ فقال: ان كان تسمع أذان القبيلة فليس عليها أكثر من الشهادتين، لان الله تبارك وتعالى قال للرجال: «أقيموا الصلوة» وقال للنساء: وأقمن الصلوة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قولهعزوجل( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) قال: نزلت هذه الآية في رسول الله وعلى بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم، وذلك في بيت أم سلمة زوج النبي فدعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليا (أمير المؤمنين خ ل) وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم ثم ألبسهم كساء له خيبريا(١) ودخل معهم فيه، ثم قال: أللّهمّ هؤلاء أهل بيتي وعدتني فيهم ما وعدتني، أللّهمّ اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، فقالت أم سلمة: وانا معهم يا رسول الله؟ قال :

__________________

(١) وفي بعض النسخ «حبريا» مكان «خيبريا».

٢٧٠

أبشري يا أم سلمة فانك إلى خير.

٨٥ ـ في عيون الأخبار في باب ذكر مجلس الرضاعليه‌السلام مع المأمون في الفرق بين العترة والامة حديث طويل وفيه فقال المأمون: من العترة الطاهرة؟ فقال الرضاعليه‌السلام : الذين وصفهم الله تعالى في كتابه فقال تعالى:( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) وهم الذين قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : انى مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ألا وانهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض فانظروا كيف تحلفونى فيهما، ايها الناس لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم.

٨٦ ـ وفيه في هذا الباب يقول الرضاعليه‌السلام في الحديث المذكور والآية الثانية في الاصطفاء قولهعزوجل :( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) وهذا الفضل الذي لا يجهله أحد معاند أصلا، لأنه فضل بعد طهارة تنتظر، فهذه الثانية.

٨٧ ـ وفيه في باب السبب الذي من أجله قبل الرضاعليه‌السلام ولاية العهد من المأمون ووجدت في بعض الكتب نسخة كتاب الحبا والشرط من الرضاعليه‌السلام إلى العمال في شأن الفضل بن سهل وأخيه ولم أرو ذلك عن أحد، أما بعد فالحمد لله البديء البديع إلى أنْ قال: الحمد لله الذي أورث أهل بيته مواريث النبوة واستودعهم العلم والحكمة، وجعلهم معدن الامامة والخلافة، وأوجب ولايتهم وشرف منزلتهم فامر رسوله بمسألة أمته مودتهم، إذ يقول:( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) وما وصفهم به من إذهابه الرجس عنهم وتطهيره إياهم في قوله:( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) .

٨٨ ـ وفيه في الزيارة الجامعة لجميع الائمةعليهم‌السلام المنقولة عن الجوادعليه‌السلام : عصمكم الله من الزلل وآمنكم من الفتن وطهركم من الدنس واذهب عنكم الرجس وطهركم تطهيرا.

٨٩ ـ في كتاب الخصال في احتجاج عليٍّعليه‌السلام على أبي بكر قال: فأنشدك بالله إلى ولأهلي وولدي آية التطهير من الرجس أم لك ولأهل بيتك؟ قال: بل لك ولأهل ـ

٢٧١

بيتك، قال: فأنشدك بالله انا صاحب دعوة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأهلى وولدي يوم الكساء أللّهمّ هؤلاء أهلى إليك لا إلى النار أم أنت؟ قال: بل أنت وأهل بيتك.

٩٠ ـ وفيه أيضا في احتجاجهعليه‌السلام على الناس يوم الشورى قال: أنشدكم الله هل فيكم أحد أنزل الله فيه آية التطهير على رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) فأخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كساء خيبريا فضمني فيه وفاطمة والحسن والحسين، ثم قال: يا رب هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا غيري؟ قالوا: أللّهمّ لا.

٩١ ـ وفيه أيضا في مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام وتعدادها قالعليه‌السلام : وأما السبعون فان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نام ونومنى وزوجتي فاطمة وإبني الحسن والحسين وألقى علينا عباء قطوانية(١) فانزل الله تعالى فينا( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) فقال جبرئيلعليه‌السلام : انا منكم يا محمد فكان سادسنا جبرئيل.

٩٢ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّه قال في أثناء كلام له في جمع من المهاجرين والأنصار في المسجد أيام خلافة عثمان: ايها الناس أتعلمون ان اللهعزوجل أنزل في كتابه( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) فجمعني وفاطمة وإبني حسنا وحسينا وألقى علينا كساه وقال: أللّهمّ إنَّ هؤلاء أهل بيتي ولحمتى يؤلمني ما يولمهم، ويحرجنى ما يحرجهم، فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا فقالت أم سلمة: وانا يا رسول الله؟ فقال: أنت ـ أو انك ـ على خير، انما أنزلت في وفي أخى وابنتي وفي تسعة من ولد إبني الحسين خاصة ليس معنا فيها أحد غيرنا؟ فقالوا كلهم: نشهد ان أم سلمة حدّثنا بذلك، فسألنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فحدثنا كما حدثتنا أم سلمة رضى الله عنها.

٣٩ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى ابن أبي عمير عمن ذكره عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لـمّا منع أبو بكر فاطمةعليها‌السلام فدكا وأخرج وكيلها جاء أمير المؤمنينعليه‌السلام : إلى المسجد وابو بكر جالس وحوله المهاجرون والأنصار فقال :

__________________

(١) قطوان ـ محركة ـ: موضع بالكوفة منه الاكسية القطوانية.

٢٧٢

يا با بكر لم منعت فاطمة ما جعله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لها ووكيلها فيه منذ سنين إلى قوله: فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام لأبي بكر: يا أبا بكر تقرأ القرآن؟ قال: بلى، قال: فأخبرنى عن قول اللهعزوجل :( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) فينا أو في غيرنا نزلت؟ قال: فيكم، قال: فأخبرنى لو أن شاهدين مسلمين شهدا على فاطمةعليها‌السلام بفاحشة ما كنت صانعا؟ قال: كنت أقيم عليها الحد كما أقيم على نساء المسلمين، قال: كنت اذن عند الله من الكافرين، قال: ولم؟ قال: لأنك كنت ترد شهادة الله وتقبل شهادة غيره، لان اللهعزوجل قد شهد لها بالطهارة فاذا رددت شهادة الله وقبلت شهادة غيره كنت عند الله من الكافرين، قال: فبكى الناس وتفرقوا ودمدموا(١) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٩٤ ـ وباسناده إلى عبد الرحمن بن كثير قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام ما عنى اللهعزوجل بقوله تعالى:( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) ؟ قال: نزلت هذه الآية في النبي وأمير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمةعليهم‌السلام ، فلما قبض اللهعزوجل نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان أمير المؤمنين ثم الحسن ثم الحسينعليهم‌السلام ، ثم وقع تأويل هذه الآية:( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ ) وكان عليّ بن الحسينعليهما‌السلام ، ثم جرت في الائمة من ولده الأوصياءعليهم‌السلام فطاعتهم طاعة الله ومعصيتهم معصية اللهعزوجل .

٩٥ ـ في كتاب معاني الأخبار حدّثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قالا: حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب قال: حدّثنا النضر بن شعيب عن عبد الغفار الخازن عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) قال: الرجس هو الشك.

٩٦ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال عن المفضل بن صالح عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله :

__________________

(١) دمدم فلان على فلان: كلمه مغضبا.

٢٧٣

( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) يعنى الائمةعليهم‌السلام من ولايتهم من دخل فيها دخل في بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٩٧ ـ علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس وعلى بن محمد بن سهل بن زياد أبي سعيد عن محمد بن عيسى عن يونس عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيهعليه‌السلام حاكيا عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال: أوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي فانى سألت اللهعزوجل أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما على الحوض فأعطاني ذلك، وقال: لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم، وقال: انهم لن يخرجوكم من باب هدى ولن يدخلوكم في باب ضلالة، فلو سكت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يبين من أهل بيته لادعاها آل فلان وآل فلان، ولكن اللهعزوجل أنزله في كتابه لنبيه( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) فكان على والحسن والحسين وفاطمةعليهم‌السلام ، فأدخلهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تحت الكساء في بيت أم سلمة، ثم قال: أللّهمّ إنَّ لكل نبي أهلا وثقلا وهؤلاء أهل بيتي وثقلي، فقالت أم سلمة: ألست من أهلك؟ فقال: انك إلى خير ولكن هؤلاء أهلى وثقلي، وفي آخر الحديث وقال: الرجس هو الشك والله لا نشك في ربنا أبدا.

محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى بن عمران الحلبي عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام مثل ذلك.

٩٨ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن ربعي عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سمعته يقول: انا لا نوصف وكيف يوصف قوم رفع الله عنهم الرجس وهو الشك، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٩٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن حماد بن عيسى وحماد بن عثمان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لـمّا بويع لأبي بكر واستقام له الأمر على جميع المهاجرين والأنصار بعث إلى فدك من أخرج وكيل فاطمةعليها‌السلام إلى أنْ قال فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : يا أبا بكر تقرأ كتاب الله؟ قال: نعم، قال: فأخبرنى عن قوله الله تعالى:( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ

٢٧٤

تَطْهِيراً ) فيمن نزلت أفينا أم في غيرنا؟ قال: بل فيكم، قال: فلو ان شاهدين شهدا على فاطمة بفاحشة ما كنت صانعا؟ قال: كنت أقيم عليها الحد كما أقيم على ساير المسلمين، قال: كنت إذا عند الله من الكافرين، قال: ولم؟ قال: لأنك رددت شهادة الله لها بالطهارة وقبلت شهادة الناس عليها كما رددت حكم الله وحكم رسوله ان جعل لها فدكا وقبضته في حيوته، ثم قبلت شهادة أعرابي بائل على عقبيه عليها، وأخذت منها فدكا، وزعمت انه فيء للمسلمين؟ وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : البينة على من ادعى واليمين على من ادعى عليه؟ قال: فدمدم الناس وبكى بعضهم فقالوا: صدق والله ورجع عليٌّ إلى منزله، والحديث بتمامه مذكور في الروم عند قوله تعالى:( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) .

١٠٠ ـ وباسناده إلى حذيفة بن اليمان عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وذكر حديثا طويلا وفيه يقولصلى‌الله‌عليه‌وآله : ثم جعل القبائل بيوتا فجعلني في خيرها بيتا، وذلك قوله:( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) .

١٠١ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : ثم ذكر من اذن له في الدعاء بعده وبعد رسوله في كتابه فقال:( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) ثم أخبر عن هذه الامة وممن هي وانها من ذرية إبراهيم ومن ذرية إسماعيل من سكان الحرم ممن لم يعبدوا غير الله قط، الذين وجبت لهم الدعوة دعوة إبراهيم وإسماعيل من أهل المسجد الذين أخبر عنهم في كتابه أنه اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

١٠٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن عليّ بن الحسين عليهما ـ السلام حديث طويل يقول فيه لبعض الشاميين: فهل تجد لنا في سورة الأحزاب حقا خاصة دون المسلمين؟ فقال: لا، قال عليٌّعليه‌السلام : اما قرأت هذه الآية:( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) .

١٠٣ ـ في أمالي الصدوقرحمه‌الله باسناده إلى أبي بصير قال: قلت للصادق

٢٧٥

جعفر بن محمدعليهما‌السلام : من آل محمد؟ قال: ذريته، قلت: من أهل بيته؟ قال: الائمة الأوصياء فقلت: من عترته؟ قال: أصحاب العباء، فقلت: من أمته؟ قال: المؤمنون الذين صدقوا بما جاء به من عند اللهعزوجل المتمسكون بالثقلين الذين أمروا بالتمسك بهما كتاب الله وعترته أهل بيته الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وهما الخليفتان على الامة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٠٤ ـ في مجمع البيان وقال أبو سعيد الخدري وانس بن مالك ووائل بن الأسقع وعائشة وأم سلمة: أنّ الآية مختصة برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليٍّ وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام ، ذكر أبو حمزة الثمالي في تفسيره حدّثني شهر بن حوشب عن أم سلمة قالت: جاءت فاطمة إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله تحمل هريرة لها فقال: ادعى زوجك وابنيك فجاءت بهم فطعموا ثم ألقى عليهم كساء له خيبريا وقال: أللّهمّ إنَّ هؤلاء أهل بيتي وعترتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا فقلت: يا رسول الله: وأنا معهم؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت على خير.

١٠٥ ـ وروى الثعلبي في تفسيره أيضا بالإسناد عن أم سلمة ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان في بيتها فأتته فاطمة ببرمة(١) فيها هريرة فقال لها: ادعى زوجك وابنيك فذكرت الحديث نحو ذلك، ثم قالت: فانزل الله:( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ ) الآية، قالت: فأخذ فضل الكساء فغشاهم به، ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء، ثم قال: أللّهمّ هؤلاء أهل بيتي وحامتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، فأدخلت رأسى البيت وقلت: وأنا معكم يا رسول الله؟ قال: انك إلى خير.

١٠٦ ـ وباسناده قال مجمع: دخلت أمي على عائشة فسألتها أمي أرأيت خروجك يوم الجمل؟ قالت: انها كانت قدرا من الله، فسألتها عن عليٍّ فقالت: تسألينى عن أحب الناس كان إلى رسول الله، وزوج أحب الناس كانت إلى رسول الله، لقد رأيت عليا وفاطمة وحسنا وحسينا قد جمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بثوب عليهم ثم قال: أللّهمّ إنَّ هؤلاء أهل بيتي وحامتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، قالت: فقلت: يا رسول الله

__________________

(١) البرمة: القدر من الحجر.

٢٧٦

أنا من أهل؟ قال: تنحى فانك إلى خير.

١٠٧ ـ وباسناده عن أبي سعيد الخدري عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: نزلت هذه الآية في خمسة فيَّ وفي عليّ وحسن وحسين وفاطمة.

١٠٨ ـ وأخبرنا السيد أبو الحمد قال: حدّثنا الحاكم أبو القاسم الحسكاني قال: حدثونا عن أبي بكر السبيعي قال: حدّثنا أبو عروة الحراني قال: حدّثني ابن مصغى قال: حدّثنا عبد الرحيم بن واقد عن أيوب بن سيار عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: نزلت هذه الآية على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وليس في البيت إلّا فاطمة والحسن والحسين وعلى:( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ) فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أللّهمّ هؤلاء أهلى.

١٠٩ ـ وحدثنا السيد أبو الحمد قال حدّثنا الحاكم أبو القاسم باسناده عن زاذان عن الحسن بن علي قال: لـمّا نزلت آية التطهير جمعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وإياه في كساء لام سلمة خيبرى ثم قال: أللّهمّ هؤلاء أهل بيتي وعترتي.

١١٠ ـ في تفسير العياشي عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: ليس شيء أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن، ان الآية ينزل أولها في شيء وأوسطها في شيء وآخرها في شيء، ثم قال:( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) من ميلاد الجاهلية.

١١١ ـ في بصائر الدرجات محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة عن أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: الرجس هو الشك ولا نشك في ديننا أبدا.

١١٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم ثمّ عطف على نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال:( وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً ) ثمّ عطف على آل محمّد صلوات الله عليهم فقال جل ذكره:( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ) إلى قوله:( وَأَجْراً عَظِيماً ) .

١١٣ ـ في مجمع البيان قال مقاتل بن حيان: لـمّا رجعت أسماء بنت عميس من الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب دخلت على نساء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالت: هل فينا شيء من القرآن؟ قلن: لا، فأتت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالت: يا رسول الله

٢٧٧

ان النساء لفي خيبة وخسارة فقال: ومم ذلك؟ قالت: لأنهن لا يذكرن بخير كما يذكر الرجال، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

١١٤ ـ قال البلخي: فسر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المسلم والمؤمن بقوله: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من آمن جاره بوائقه وما آمن بي من بات شبعان وجاره طاو.(١)

١١٥ ـ في أصول الكافي عليّ عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن فضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: إنَّ الايمان يشارك الإسلام ولا يشاركه الإسلام، إنَّ الايمان ما وقر في القلوب والإسلام ما عليه المناكح والمواريث وحقن الدماء، والايمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الايمان.

١١٦ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن الحسن بن محبوب عن أبي الصباح الكناني قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أيهما أفضل، الايمان أو الإسلام فان من قبلنا يقولون: إنَّ الإسلام أفضل من الايمان؟ فقال: الايمان أرفع من الإسلام قلت: فأوجدنى ذلك قال: ما تقول في من أحدث في المسجد الحرام متعمدا؟ قال: يضرب ضربا شديدا، قال: أصبت، قال: فما تقول في ما أحدث في الكعبة متعمد؟ قلت: يقتل. قال: أصبت ألآ ترى أنّ الكعبة أفضل من المسجد، وأنّ الكعبة تشرك المسجد والمسجد لا يشرك الكعبة، وكذلك الايمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الايمان.

١١٧ ـ علي بن إبراهيم عن العباس بن معروف عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن حماد بن عثمان عن عبد الرحمان القصير قال: كتبت مع عبد الملك بن أعين إلى أبي جعفرعليه‌السلام أسأله عن الايمان ما هو؟ فكتب إلى مع عبد الملك بن أعين سألت رحمك الله عن الايمان، والايمان هو الإقرار باللسان وعقد في القلب وعمل بالأركان، والايمان بعضه من بعض وهو دار، وكذلك الإسلام دار، والكفر دار، فقد يكون العبد مسلما قبل أن يكون مؤمنا، ولا يكون مؤمنا حتى يكون مسلما، فالإسلام قبل الايمان

__________________

(١) البوائق جمع البائقة: الداهية. وطوى يطوى بمعنى جاع فهو طاو أي خالي البطن جائع.

٢٧٨

والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

قال مؤلف هذا الكتاب عفي عنه: الأحاديث الدالة على المغايرة بين الإسلام والايمان كثيرة والأكثر على العمل بها.

١١٨ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد ابن خالد البرقي والحسين بن سعيد جميعا عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن محمد ابن مروان عن سعيد بن طريف عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ خمسين آية كتب من الذاكرين، ومن قرأ مأة آية كتب من القانتين، ومن قرأ مأتى آية كتب من الخاشعين، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١١٩ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن بريد بن معاوية العجلي قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إنَّ الصواعق لا تصيب ذاكرا، قلت: وما الذاكر؟ قال: من قرأ مأة آية.

١٢٠ ـ في مجمع البيان وروى أبو سعيد الخدري عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إذا أيقظ الرجل أهله من الليل وتوضيا وصليا كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات.

١٢١ ـ وروى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال: من بات على تسبيح فاطمة كان من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات.

١٢٢ ـ في أصول الكافي أبو محمد القاسم بن العلارحمه‌الله رفعه عن عبد العزيز بن مسلم قال: كنا مع الرضاعليه‌السلام بمرو فاجتمعنا في الجامع في بدو مقدمنا، فأداروا أمر الامامة وذكروا كثرة اختلاف الناس فيها. فدخلت على سيديعليه‌السلام فأعلمته خوض الناس فيه، فتبسمعليه‌السلام ثم قال: يا عبد العزيز جهل القوم وخدعوا عن أديانهم، إنَّ اللهعزوجل لم يقبض نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى أكمل له الدين إلى قولهعليه‌السلام : ولقد راموا صعبا وقالوا إفكا وضلوا ضلالا بعيدا، ووقعوا في الحيرة إذ تركوا الامام عن بصيرة، و( زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ ) ، رغبوا عن اختيار الله واختيار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى اختيارهم والقرآن يناديهم:( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما

٢٧٩

كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ) من أمرهم( سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) وقالعزوجل :( وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) .

١٢٣ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى الأصبغ بن نباته قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام لرجل: ان كنت لا تطيع خالقك فلا تأكل رزقه، وان كنت واليت عدوه فاخرج من ملكه، وان كنت غير قانع برضاه وقدره فاطلب ربا سواه.

١٢٤ ـ وباسناده إلى الحسين بن خالد عن عليّ بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: قال الله جل جلاله: من لم يرض بقضائي ولم يؤمن بقدري فليلتمس إلها غيري.

١٢٥ ـ وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : في كل قضاء اللهعزوجل خيرة للمؤمن.

١٢٦ ـ وباسناده إلى سليمان بن خالد عن أبي عبد الله الصادق عن أبيه عن جدهعليهم‌السلام قال: ضحك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم حتى بدت نواجذه(١) ثم قال: ألا تسألونى مما ضحكت؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: عجبت للمرء المسلم انه ليس من قضاء يقضيه الله إلّا كان خيرا له في عاقبة أمره.

١٢٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قولهعزوجل :( وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) وذلك ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خطب على زيد بن حارثة زينب بنت جحش الاسدية من بنى أسد بن خزيمة، وهي بنت عمة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالت: يا رسول الله حتى اؤامر نفسي فأنظر، فانزل اللهعزوجل :( وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ ) الآية فقالت: يا رسول الله أمرى بيدك فزوجها إياه فمكثت عند زيد ما شاء الله، ثم انهما تشاجرا في شيء إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فنظر إليها رسول الله فأعجبته فقال زيد: يا رسول الله تأذن لي في طلاقها فان فيها كبرا وانها لتؤذينى بلسانها، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اتق الله وأمسك عليك زوجك وأحسن إليها، ثم إنّ زيدا طلقها وانقضت عدتها فأنزل اللهعزوجل

__________________

(١) النواجذ ـ جمع الناجذ ـ: وهي أقصى الأضراس وهي أربعة وهي اضراس الحلم لأنها تنبت بعد البلوغ وكمال العقل.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652