تفسير نور الثقلين الجزء ٤

تفسير نور الثقلين9%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 652

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 652 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 300730 / تحميل: 6167
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

العصر وقوموا لله قانتين قالت عائشة : سمعتها من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي داود في المصاحف وابن المنذر عن أُمّ حميد بنت عبد الرحمان أنّها سألت عائشة عن الصّلاة الوسطى ، فقالت : كنّا نقرؤها في الحرف الأوّل على عهد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : حافظوا على الصّلوات والصّلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين )(١) .

وروى ابن حجر في (فتح الباري ) :

( روى مسلم وأحمد من طريق أبي يونس عن عائشة أنّها أمرته أن يكتب لها مصحفاً ، فلمّا بلغتُ :

( حافِظُوا عَلَى الصّلَوَاتِ وَالصّلاَةِ الْوُسْطَى)

قال : فأملَتْ عليّ : وصلاة العصر

قالت : سمعتها من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وروى مالك عن عمرو بن رافع قال : كتبت مصحفاً لحفصة ، فقالت : إذا أتيت هذه الآية فآذنّي ، فأملَتْ عليّ : حافظوا على الصّلوات والصّلاة الوسطى وصلاة العصر .

أخرجه ابن جرير ـ من وجه آخر حسن ـ عن عمرو بن رافع .

وروى ابن المنذر من طريق عبيد الله بن رافع : أمرتني أُم سلمة أن أكتبَ لها مصحفاً ، نحوه .

ومن طريق نافع : إنّ حفصة أمرت مولىً لها أن يكتب لها مصحفاً ، فذكر مثله وزاد : كما سمعت من رسول الله ـصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ يقولها )(٢) .

ـــــــــــــــــ

(١) الدر المنثور ١ : ٧٢١ ـ ٧٢٢ وفيه : في عملنا ونواضحنا ، بدل : في عملنا لو أصبحنا .

(٢) فتح الباري ـ شرح صحيح البخاري ٨ : ١٥٨ ـ ١٥٩ .

١٢١

وفي (الموطّأ ) :

( مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن القعقاع بن حكيم بن أبي يونس مولى عائشة أمّ المؤمنين أنّه قال : أمرتني عائشة أن أكتبَ لها مصحفاً ، ثمّ قالت : إذا بلغتَ هذه الآية فآذنّي :

( حافِظُوا عَلَى الصّلَوَاتِ وَالصّلاَةِ الْوُسْطَى‏ وَقُومُوا للّهِ‏ِ قَانِتِينَ)

فلمّا بلغتها آذنتُها ، فأملت عليّ : حافظوا على الصّلوات والصّلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين ، ثمّ قالت : سمعتها من رسول الله ـصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ )(١) .

وفيه :

( مالك عن زيد بن أسلم عن عمرو بن نافع أنّه قال : كنتُ أكتبُ مصحفاً لحفصة أُمّ المؤمنين ، فقالت : إذا بلغتَ هذه الآية فآذنّي :

( حافِظُوا عَلَى الصّلَوَاتِ وَالصّلاَةِ الْوُسْطَى‏ وَقُومُوا للّهِ‏ِ قَانِتِين)

فلمّا بلغتها آذنتها ، فأملت عليّ : حافظوا على الصّلوات والصّلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين )(٢) .

آية صلاة الجمعة

وفيه :

( مالك ، إنّه سأل ابن شهاب عن قول الله تبارك وتعالى :( إِذَا نُودِيَ لِلصّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى‏ ذِكْرِ اللّهِ ) (٣)

فقال ابن شهاب : كان عمر بن الخطّاب يقرؤها : إذا نودي للصّلاة من يوم الجمعة فامضوا إلى ذكر الله )(٤) .

ـــــــــــــــــ

(١) الموطّأ ١ : ١٣٨ ـ ١٣٩ .

(٢) الموطّأ ١ : ١٣٩ .

(٣) سورة الجمعة ٦٢ : ٩ .

(٤) الموطّأ : ١٢٩ .

١٢٢

وقال في (الدر المنثور ) :

( أخرج أبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف عن خَرَشَة بن الحُررضي‌الله‌عنه قال : رأى معي عمر بن الخطّابرضي‌الله‌عنه لوحاً مكتوباً فيه :

( إِذَا نُودِيَ لِلصّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى‏ ذِكْرِ اللّهِ ) (١)

فقال : من أملى عليك هذا ؟

قلت : أُبيّ بن كعب

قال : إنّ أُبيّاً أقرؤنا للمنسوخ ، اقرأها : فامضوا إلى ذكر الله .

وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيمرضي‌الله‌عنه قال : قيل لعمررضي‌الله‌عنه : إنّ أُبيّاً يقرأ فاسعوا إلى ذكر الله قال عمررضي‌الله‌عنه : أُبيّ أعلمني بالمنسوخ وكان يقرؤها : فامضوا إلى ذكر الله .

وأخرج الشافعي في الأُمّ وعبد الرزاق والفِريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن جرير وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف والبيهقي في سننه عن ابن عمر قال : ما سمعت عمر يقرأ قطّ إلاّ : فامضوا إلى ذكر الله .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن ابن عمررضي‌الله‌عنه قال : لقد توفي عمررضي‌الله‌عنه وما يقرأ هذه الآية التي في سورة الجمعة إلاّ : فامضوا إلى ذكر الله .

وأخرج عبد الرزاق والفِريابي وأبو عبيد وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري والطبراني من طرقٍ عن ابن مسعودرضي‌الله‌عنه أنّه كان يقرأ : فامضوا إلى ذكر الله قال : ولو كان

ـــــــــــــــــ

(١) سورة الجمعة ٦٢ : ٩ .

١٢٣

فاسعوا لَسَعَيْتُ حتّى يسقط ردائي )(١) .

آية أُخرى

وفي (صحيح الترمذي ) :

( حدّثنا عبد بن حميد ، نا عبيد الله ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمان بن يزيد ، عن عبد الله بن مسعود قال : أقرأني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّي أنا الرزّاق ذو القوّة المتين ؛ هذا حديث حسن صحيح )(٢) .

وفي (مسند ) أحمد بن حنبل :

( حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، ثنا يحيى بن آدم ويحيى بن أبي بكر قالا : حدّثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمان بن يزيد ، عن عبد الله بن مسعود قال : أقرأني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّي أنا الرزّاق ذو القوّة المتين )(٣) .

آية الطلاق

وفي (الدر المنثور ) :

( أخرج مالك والشافعي وعبد الرزّاق في المصنَّف وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وأبو يعلى وابن مردويه والبيهقي في سننه ، عن ابن عمررضي‌الله‌عنه أنّه : طلّق امرأته وهي حائض ، فذكر ذلك عمررضي‌الله‌عنه لرسول الله ، فتغيّظ فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ قال : ليراجعها ثمّ يمسكها حتّى

ـــــــــــــــــ

(١) الدر المنثور ١ : ١٦١ .

(٢) صحيح الترمذي ٥ : ١٩١/٢٩٤٠ .

(٣) مسند أحمد بن حنبل ١ : ٦٥١/٣٧٣٣ .

١٢٤

تطهر ثمّ تحيض فتطهر، فإن بدا له أن يطلّقها فليطلّقها طاهراً قبل أن يمسكها ، فتلك العدّة التي أمر الله تعالى أن يطلّق بها النساء ، وقرأصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أيّها النّبيّ إذا طلّقتم النساء فطلّقوهنّ في قبل عدّتهنّ.

وأخرج عبد الرزّاق في المصنَّف وابن المنذر والحاكم وابن مردويه عن ابن عمررضي‌الله‌عنه أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قرأ : فطلّقوهنّ في قبل عدّتهنّ .

وأخرج عبد الرزّاق وأبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن مردويه والبيهقي عن ابن عبّاسرضي‌الله‌عنه أنّه كان يقرأ : وطلّقوهنّ لقبل عدّتهنّ .

وأخرج ابن الأنباري عن ابن عمررضي‌الله‌عنه أنّه قرأ : فطلّقوهنّ لقبل عدّتهنّ .

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي عن مجاهدرضي‌الله‌عنه أنّه كان يقرأ : فطلّقوهنّ لقبل عدّتهنّ )(١) .

آية التبليغ

وفيه : ( أخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : كنّا نقرأ على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أيّها الرّسول بلّغ ما أُنزل إليك من ربّك أنّ عليّاً مولى المؤمنين وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته والله يعصمك من النّاس )(٢) .

وقال محمّد بن معتمد خان البدخشاني :

ـــــــــــــــــ

(١) الدر المنثور ٨ : ١٨٩ ـ ١٩٠ مع اختلاف .

(٢) الدر المنثور ٣ : ١١٧ .

١٢٥

 ( وأخرج ـ أي ابن مردويه ـ عن زرّ عن عبد الله قال : كنّا نقرأ على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أيّها الرّسول بلّغ ما أُنزل إليك من ربّك أنّ عليّاً مولى المؤمنين وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته والله يعصمك من النّاس )(١) .

آية : كفى الله المؤمنين

وفي (الدر المنثور ) :

( أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن ابن مسعود أنّه كان يقرأ هذا الحرف : وكفى الله المؤمنين القتال بعليّ بن أبي طالب )(٢) .

وفي (مفتاح النجا ) :

( وأخرج ـ أي ابن مردويه ـ عن ابن مسعودرضي‌الله‌عنه أنّه كان يقرأ هذا الحرف : وكفى الله المؤمنين القتال بعليّ بن أبي طالب وكان الله قويّاً عزيزاً )(٣) .

وفي (تفسير الثعلبي ) :

( أخبرني أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن عبد الله القايني ، نا أبو الحسين محمّد بن عثمان بن الحسين النصيبي ، نا أبوبكر محمّد بن الحسين بن صالح السبيعي ، نا أحمد بن محمّد بن سعيد ، نا أحمد بن ميثم بن أبي نعيم ، نا أبو جنادة السلولي ، عن الأعمش ، عن أبي وائل قال : قرأت في مصحف عبد الله ابن مسعود : إنّ الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران وآل محمّد

ـــــــــــــــــ

(١) مفتاح النجا في مناقب آل العبا ـ مخطوط .

(٢) الدر المنثور ٦ : ٥٩٠ .

(٣) مفتاح النجا في مناقب آل العبا ـ مخطوط .

١٢٦

على العالمين )(١) .

عثمان : إنّ في القرآن لحناً !

وقال ابن قتيبة :

( إنّ عثمان قال في قوله تعالى :( إِنْ هذَانِ لَسَاحِرَانِ ) إنّ في القرآن لحناً فقال رجل : صحّح ذلك الغلط

فقال : دعوه فإنّه لا يُحلّل حراماً ولا يُحرِّم حلالاً )(٢) .

وفي بعض الروايات :

( قال عثمان : إنّ في المصحف لحناً وسيقيمه العرب بألسنتهم ، فقيل له : ألا تغيّره ؟

فقال : دعوه ، فلا يحلّل حراماً ولا يحرّم حلالاً ) فقد جاء في (معالم التنزيل ) للبغوي بتفسير الآية :

( لكِنِ الرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصّلاَةَ ) ما نصّه :

( واختلفوا في وجه انتصابه فحكي عن عائشة وأبان بن عثمان أنّه غلط من الكاتب ينبغي أن يصلح ويكتب : والمقيمون الصلاة، وكذلك قوله في سورة المائدة :( إِنّ الّذِينَ آمَنُوا وَالّذِينَ هَادُوا وَالصّابِئُونَ )

وقوله :( إِنْ هذَانِ لَسَاحِرَانِ )

قالوا : ذلك خطأ من الكُتّاب ، وقال عثمانرضي‌الله‌عنه : إنّ في المصحف لحناً وسيقيمه العرب بألسنتها ، فقيل له : ألا تُغيّره ؟

فقال : دعوه فإنّه لا يحلّ حراماً ولا يحرّم حلالاً )(٣) .

وقد ذكر ابن تيمية في (منهاجه ) تفسير البغوي ، فقال بالنسبة إلى

ــــــــــــــ

(١) تفسير الثعلبي ٣ : ٥٣ .

(٢) تأويل مشكل القرآن : ٥٠ ـ ٥١ .

(٣) تفسير البغوي معالم التنزيل ٢ : ١٨٧ ـ ١٨٨ .

١٢٧

الأحاديث المروية فيه :

( وأمّا الأحاديث ، فلم يذكر في تفسيره شيئاً من الموضوعات التي رواها الثعلبي ، بل يذكر منها الصحيح ولم يذكر الأحاديث التي يظهر لعلماء الحديث أنّها موضوعة كما يفعله غيره من المفسّرين كالواحدي )(١) .

وفي (الدر المنثور ) :

( أخرج ابن أبي داود ، عن عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر القرشي قال : لمّا فرغ من المصحف أُتي به عثمان فنظر فيه فقال : قد أحسنتم وأجملتم ، أرى شيئاً من لحن ستقيمه العرب بألسنتها قال ابن أبي داود : وهذا عندي يعني بلغتها فينا ، وإلاّ فلو كان فيه لحن لا يجوز في كلام العرب جميعاً ؛ لما استجاز أن يبعث إلى قوم يقرؤونه .

وأخرج ابن أبي داود عن عكرمة قال : لمّا أُتي عثمان بالمصحف رأى فيه شيئاً من لحن ، فقال : لو كان المملي من هُذيل والكاتب من ثقيف لم يوجد فيه هذا .

وأخرج ابن أبي داود عن قتادة : إنّ عثمان لمّا رفع إليه المصحف فقال : إنّ فيه لحناً وستقيمه العرب بألسنتها .

وأخرج ابن أبي داود عن يحيى بن يَعمر قال : قال عثمان : إنّ في القرآن لحناً وستقيمه العرب بألسنتها )(٢) .

وفي (الإتقان ) :

( حدّثنا حجّاج ، عن هارون بن موسى ، أخبرني الزبير بن الخِرّيت ، عن

ـــــــــــــــــ

(١) منهاج السنّة ٤ : ٣٩ .

(٢) الدر المنثور ٢ : ٧٤٥ .

١٢٨

عكرمة قال : لمّا كُتبت المصاحف عُرضَت على عثمان ، فوجد فيها حروفاً من اللحن ، فقال : لا تغيّروها فإنّ العرب ستغيّرها ـ أو قال : ستعربها ـ بألسنتها ، لو كان الكاتب من ثقيف والمملي من هذيل لم يوجد فيه هذه الحروف أخرجه من هذه الطريق ابن الأنباري في كتاب الردّ على من خالف مصحف عثمان ، وابن أشتة في كتاب المصاحف.

ثمّ أخرج ابن الأنباري نحوه من طريق عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر وابن أشتة نحوه من طريق يحيى بن يعمر )(١) .

وفي (تفسير ) أبي الليث :

( قال ـ أي أبو عبيد ـ : وروي عن عثمانرضي‌الله‌عنه أنّه عُرِض عليه المصحف فوجد فيه حروفاً من اللحن ، فقال : لو كان الكاتب من ثقيف والمملي من هذيل لم يوجد فيه هذه الحروف )(٢) .

وقال ابن روزبهان بجواب العلاّمة الحلّي :

( وأمّا عدم تصحيح لفظ القرآن ؛ لأنّه كان يجب عليه متابعة صورة الخط ، وهكذا كان مكتوباً في المصاحف ، ولم يكن التغيير له جائزاً فتركه ؛ لأنّه لغة بعض العرب ) .

ولنعم ما أفاده العلاّمة التستري في جوابه حيث قال :

( وأمّا ما ذكره في إصلاح إطلاق عثمان اللّحن على القرآن فلا يصدر إلاّ عن محجوج مبهوت ، فإنّ المصنّف اعترض على عثمان بأنّه أطلق على القرآن اشتماله على اللحن المذموم المخلّ بالفصاحة ، وهذا النّاصب يغمض العين

ـــــــــــــــــ

(١) الإتقان في علوم القرآن ٢ : ٣٢٠ .

(٢) تفسير أبي الليث السمرقندي ١ : ٤٠٤ و ٤٥٠ و ٢ : ٣٤٧ ـ ٣٤٨ .

١٢٩

عن جواب هذا الذي هو محطّ الطعن ، ويتعرّض بوجه ترك عثمان لتغييره وإصلاحه بقوله : دعوه .

وما أشبه جوابه هذا بما أجاب به أهل خراسان عمداً عن سؤال أهل ماوراء النهر ، بأنّ النبّال إذا أراد استعلام استقامة النبل واعوجاجه لِمَ يغمض أحد عينيه ؟

وبأنّ الطير المسمّى باللقلق إذا قام لِمَ يرفع إحدى رجليه ؟

فأجاب أهل خراسان بأنّ النبّال إنّما يغمض إحدى عينيه ؛ لأنّه لو أغمض العين الأُخرى لا يرى شيئاً ، والطّير المذكور إنّما يرفع إحدى رجليه ؛ لأنّه لو رفع الرجل الآخر لسقط على الأرض ، فليضحك أولياؤه كثيراً .

ومن العجب : أنّ عثمان صرّح بأنّ تلك العبارة من القرآن لا تقبل الإصلاح ، وأنّه لا حاجة إلى إصلاحه ، لعدم تحليله حراماً وتحريمه حلالاً ، وهذا الناصب المرواني ـ الذي غلب عليه هوى عثمان ـ لمّا علم أنّ ما قاله عثمان طعن لا مدفع له ، عَدَل عن دفعه عنه وقال : تركه لأنّه كان لغة بعض العرب ، فإنّ كونه لغة بعض العرب هو الوجه الذي ذكره العلماء لدفع وهم عثمان لا لدفع الطعن عنه ، وأنّى يندفع الطعن عنه بذلك ، ولو كان عثمان عالماً بموافقة ذلك للغة بعض العرب ، كيف صحّ له ـ مع كثرة حياءه عند القوم ـ أن لا يستحيي من الله ويطلق على بعض كلماته التامّات أنّه لحن وخطأ في القول ؟

مع ظهور أنّ بعض ألفاظ القرآن واردٌ على لغة قريش ، وبعضها على لغة بني تميم ، وبعضها على لغة غيرهم ) .

نقد القول بوقوع اللحن في القرآن

هذا ، وقد قال صاحب (الكشّاف ) : ( لا يلتفت إلى ما زعموا من وقوعه

١٣٠

لحناً في [ خطّ ] المصحف )(١) .

ونصّ النيسابوري صاحب (التفسير ) على ركاكة القول المذكور حيث قال : ( ولا يخفى ركاكة هذا القول ؛ لأنّ هذا المصحف منقول بالنّقل المتواتر )(٢) .

وهكذا الفخر الرازي فإنّه بعد حكاية القول بذلك عن عثمان وعائشة قال : ( واعلم أنّ هذا بعيد )(٣) .

ولا استبعاد في استبعاده ، بل في كفر قائله بإجماع أهل العلم على ما في (الشفاء ) للقاضي عياض(٤) .

والسيوطي تحيَّر بعد نقل تلك الآثار في حلّها ، فإنّه قال :

( وهذه الآثار مشكلة جدّاً ، وكيف يظنّ بالصّحابة :

أوّلاً : إنّهم يلحنون في الكلام فضلاً عن القرآن وهم الفصحاء اللّد ، ثمّ كيف يظنّ بهم.

ثانياً : في القرآن الذي تلقّوه من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما أُنزل وحفظوه وضبطوه وأتقنوه ، ثمّ كيف يظنّ بهم .

ثالثاً : اجتماعهم كلّهم على الخطأ وكتابته ، ثمّ كيف يظنّ بهم .

رابعاً : عدم تنبّههم ورجوعهم عنه

ثمّ كيف يظنّ بعثمان إنّه ينهى عن تغييره ؟

ثمّ كيف يظنّ أنّ القرآن استمرّ على مقتضى ذلك الخطأ ، وهو مرويّ بالتّواتر خلفاً عن سلف ، هذا ممّا يستحيل شرعاً وعقلاً وعادةً )(٥) .

ثمّ إنّ السيوطي حاول الإجابة عن الإشكالات فقال :

( وقد أجاب العلماء عن ذلك بثلاثة أوجه :

ـــــــــــــــــ

(١) الكشّاف في تفسير القرآن ١ : ٥٨٢ .

(٢) تفسير النيسابوري غرائب القرآن ٦ : ٥٢٩ .

(٣) تفسير الفخر الرازي ١١ : ١٠٦ .

(٤) الشفا بتعريف حقوق المصطفى ٢ : ٦٤٦ ـ ٦٤٧ .

(٥) الإتقان في علوم القرآن ٢ : ٣٢١ .

١٣١

أحدها : أنّ ذلك لا يصحّ عن عثمان ، فإنّ إسناده ضعيف مضطرب منقطع ، ولأنّ عثمان جعل للنّاس إماماً يقتدون به ، فكيف يرى فيه لحناً ، ويتركه ليقيمه العرب بألسنتها ؟

فإذا كان الذين تولّوا جمعه وكتابته لم يقيموا ذلك وهم الخيار، فكيف يقيمه غيرهم ؟

وأيضاً ، فإنّه لم يكتب مصحفاً واحداً ، بل كتب عدّة مصاحف ، فإن قيل : إنّ اللحن وقع في جميعها ، فبعيد اتّفاقها على ذلك أو في بعضها فهو اعتراف بصحّة البعض ، ولم يذكر أحد من النّاس أنّ اللّحن كان في مصحفٍ دون مصحف ، ولم تأت المصاحف قطّ مختلفة إلاّ فيما هو من وجوه القراءة وليس ذلك بلحن .

الوجه الثاني : على تقدير صحّة الرواية ، إنّ ذلك مأوّل على الرّمز والإشارة ومواضع الحذف نحو الكتب والصابرين وما أشبه ذلك .

الثّالث : إنّه مأوّل على أشياء خالف لفظها رسمها كما كتبوا (لأوضعوا ) و (لأذبحنّه ) بألف بعد لا (لا اوضعوا ) و (لا اذبحنّه ) و (جزاؤ الظالمين ) بواو وألف ، و (بأيد ) بيائين ، فلو قرئ ذلك بظاهر الخط لكان لحناً

وبهذا الجواب وما قبله جزم ابن أشتة في كتاب المصاحف )(١) .

هذا ، ولا يجدي شيء من هذه الوجوه نفعاً ، فالروايات تلقّاها العلماء بالقبول ونسبوها إلى قائليها عن جزم ، كما في (معالم التنزيل ) : ( قال عثمان : إنّ في المصحف لحناً وستقيمه العرب بألسنتها )(٢) .

وأمّا الجواب بالحمل على التأويل ، فواضح ما فيه ، وقد ذكره السيوطي فقال :

ـــــــــــــــــ

(١) الإتقان في علوم القرآن ٢ : ٣٢١ ـ ٣٢٢ وفيه اختلاف .

(٢) تفسير البغوي معالم التنزيل ٢ : ١٨٨ .

١٣٢

 ( ومن زعم أنّ عثمان أراد بقوله : أرى فيه لحناً : أرى في خطّه لحناً إذا أقمناه بألسنتنا كان لحن الخط غير مفسد ولا محرّف من جهة تحريف الألفاظ وإفساد الإعراب ، فقد أبطل ولم يصب ؛ لأنّ الخط منبئ عن النطق ؛ فمن لحن في كتبه فهو لاحن في نطقه ، ولم يكن عثمان ليؤخّر فساداً في هجاء ألفاظ القرآن من جهة كتب ولا نطق ، ومعلوم أنّه كان مواصلاً لدرس القرآن ، متقناً لألفاظه ، موافقاً على ما رُسم في المصاحف المنفذة إلى الأمصار والنواحي )(١) .

وقال :

( أخرج ـ أي ابن أشتة ـ عن إبراهيم النخعي أنّه قال : آية و (إنّ هذين ساحران ) سواء ، لعلّهم كتبوا الألف مكان الياء ، والواو في قوله : (والصابئون ) و (الرّاسخون ) مكان الياء

قال ابن أشتة : يعني إنّه من إبدال حرف في الكتابة بحرف ، مثل الصّلاة والزّكاة والحياة .

وأقول :

هذا الجواب إنّما يحسن لو كانت القراءة بالياء فيها والكتابة بخلافها ، وأمّا والقراءة على مقتضى الرسم فلا )(٢) .

ثمّ ذكر السيوطي جواباً آخر جعله أقوى ما يجاب به ، قال :

( ثمّ قال ابن أشتة : أنبأنا محمّد بن يعقوب ، حدّثنا أبو داود سليمان بن الأشعث ، ثنا حميد بن مسعدة ، ثنا إسماعيل أخبرني الحارث بن عبد الرحمن ، عن عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر قال : لمّا فرغ من هذا المصحف أُتي به عثمان فنظر فيه ، فقال : أحسنتم وأجملتم ، أرى شيئاً سنقيمه بألسنتنا .

فهذا الأثر لا إشكال فيه وبه يتّضح معنى ما تقدّم ، فكأنّه عرض عليه

ـــــــــــــــــ

(١) الإتقان في علوم القرآن ٢ : ٣٢٢ .

(٢) الإتقان في علوم القرآن ٢ : ٣٢٤ ـ ٣٢٥ .

١٣٣

عقب الفراغ من كتابته ، فرأى فيه شيئاً كتب على غير لسان قريش ، كما وقع لهم في التابوت والتابوة ، فوعد بأنّه سيقيمه على لسان قريش ، ثمّ وفى بذلك عند العرض والتقويم ولم يترك شيئاً .

ولعلّ من روى الآثار السابقة عنه حرّفها ولم يتقن اللّفظ الذي صدر من عثمان ، فلزم منه ما لزم من الإشكال ، فهذا أقوى ما يجاب به عن ذلك ، ولله الحمد )(١) .

وأمّا أبو القاسم الراغب الأصفهاني ، فلم يرتض شيئاً من هذه الوجوه ، فقال:

( كأن القوم الذين كتبوا المصحف لم يكونوا قد حذقوا الكتابة ، فلذلك وضعت أحرف على غير ما يجب أن تكون عليه

وقيل : لمّا كتبت المصاحف وعرضت على عثمان فوجد فيها حروفاً من اللّحن في الكتابة قال : لا تغيّروها ، فإنّ العرب ستغيّرها ـ أو ستعربها ـ بألسنتها ولو كان الكاتب من ثقيف والممل من هذيل لم يوجد فيه هذه الحروف )(٢) .

عائشة : أخطأوا في الكتب !

وقال السيوطي في (الإتقان ) :

( قال أبو عبيد في فضائل القرآن : ثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن جدّه قال : سألت عائشة عن لحن القرآن عن قوله :( إِنْ هذَانِ لَسَاحِرَانِ ) وعن قوله :( وَالْمُقِيمِينَ الصّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزّكَاةَ ) وعن قوله :( إِنّ الّذِينَ آمَنُوا وَالّذِينَ هَادُوا وَالصّابِئُونَ وَالنّصَارَى ) قالت : يا ابن أخي هذا عمل

ـــــــــــــــــ

(١) الإتقان في علوم القرآن ٢ : ٣٢٣ ـ ٣٢٤ .

(٢) محاضرات الأُدباء ٢ : ٤٣٤ .

١٣٤

الكتّاب أخطأوا في الكتاب هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين )(١) .

وقال في (الدر المنثور ) :

( أخرج أبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي داود وابن المنذر عن عروة قال : سألت عائشة عن لحن القرآن :( إِنّ الّذِينَ آمَنُوا وَالّذِينَ هَادُوا وَالصّابِئُونَ ) ( وَالْمُقِيمِينَ الصّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزّكَاةَ ) و ( إِنْ هذَانِ لَسَاحِرَانِ ) فقالت : يا ابن اُختي ! هذا عمل الكتّاب أخطأوا في الكتاب )(٢) .

وقال أبو عمرو الداني في (المقنع ) :

( نا الخاقاني قال : نا أحمد بن محمّد قال : نا علي بن عبد العزيز قال : نا أبو عبيد قال : نا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه قال : سألت عائشة ( رضي الله عنها ) عن لحن القرآن عن قول الله عزّ وجلّ :( إِنْ هذَانِ لَسَاحِرَانِ ) وعن قوله :

( وَالْمُقِيمِينَ الصّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزّكَاةَ)

وعن قوله تعالى :( إِنّ الّذِينَ آمَنُوا وَالّذِينَ هَادُوا وَالصّابِئُونَ )

فقالت : يا ابن اُختي ! هذا عمل الكتّاب أخطأوا في الكتاب )(٣) .

والحقُّ : أن الحديث الصحيح المتقدّم ونحوه لا يمكن الجواب عنه بما ذكروه ، وهذا ما اعترف به الحافظ السيوطي بالتالي ؛ حيث قال بعد ذكر الأجوبة التي تقدّمت وما استحسنه من جوابه :

( وبعد ؛ فهذه الأجوبة لا يصح شيء منها عن حديث عائشة ؛ أمّا الجواب

ــــــــــــــ

(١) الإتقان في علوم القرآن ٢ : ٣٢٠ .

(٢) الدر المنثور ٢ : ٧٤٤ ـ ٧٤٥ .

(٣) المقنع لأبي عمرو الداني : ١١٩ .

١٣٥

بالتضعيف ؛ فلأنّ إسناده صحيح كما ترى ، وأمّا الجواب بالرمز وما بعده ؛ فلأنّ سؤال عروة عن الأحرف المذكورة لا يطابقه )(١) .

ولقد أنصفالقاضي ثناء الله الهندي ـ وهو أكبر تلامذة شاه ولي الله ـ إذ خطّأ عائشة وجعل قولها خرقاً للإجماع ، حيث قال في (تفسيره ) في تفسير قوله تعالى :( إِنْ هذَانِ لَسَاحِرَانِ ) :

( واختلفوا في توجيهه ، فروى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنّه خطأ من الكاتب وهذا القول خطأ خارق للإجماع ) .

وكذا ابن السمين في تفسيره (الدر المصون ) حيث قال :

( ذهب جماعة ـ منهم عائشة ( رضي الله عنها ) وأبو عمرو ـ إلى أنّ هذا ممّا لحن فيه الكاتب وأُقيم بالصواب ، يعنون أنّه كان من حقّه أن يكتب بالياء ، فلم يفعل ولم يقرأه النّاس إلاّ بالياء على الصواب )(٢) .

وقال السيوطي في (الإتقان ) :

( تذنيب : يقرب ممّا تقدّم عن عائشة ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده وابن أشتة في المصاحف ، من طريق إسماعيل المكّي عن أبي خلف مولى بني جمح : أنّه دخل مع عبيد بن عمير على عائشة ، فقال : جئت أسألك عن آية من كتاب الله كيف كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقرؤها

قالت : أيّة آيةٍ ؟

قال : الذين يؤتون ما آتوا أو الذين يأتون ما آتوا

فقالت : أيّهما أحبّ إليك ؟

قلت : والذي نفسي بيده لإحداهما أحبّ إليّ من الدنيا جميعاً

قالت : أيّهما ؟

قلت : الذين يأتون ما آتوا

فقالت : أشهد أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

ـــــــــــــــــ

(١) الإتقان في علوم القرآن ٢ : ٣٢٤ .

(٢) الدر المصون تفسير ابن السمين ٥ : ٣٤ ـ ٣٥ .

١٣٦

كذلك كان يقرؤها وكذلك أُنزلت ولكن الهجاء حُرّف )(١) .

وقال في (الدر المنثور ) :

( أخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد والبخاري في تاريخه ، وابن المنذر وابن أبي شيبة وابن الأنباري معاً في المصاحف ، والدّار قطني في الإفراد ، والحاكم وصحّحه وابن مردويه عن عبيد بن عميررضي‌الله‌عنه : أنّه سأل عائشة ( رضي الله عنها ) : كيف كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقرأ هذه الآية : والذين يؤتون ما آتوا والذين يأتون ما آتوا ، فقالت : أيّتهما أحبّ إليك ؟

قلت : والذي نفسي بيده لإحداهما أحبّ إليّ من الدنيا جميعاً

قالت : أيّهما ؟

قلت : الذين يأتون ما آتوا

فقالت : أشهد أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كذلك كان يقرؤها ، وكذلك أُنزلت ولكن الهجاء حرّف )(٢) .

ابن عبّاس : أخطأ الكاتب

وقال في (الإتقان ) عاطفاً على ما تقدم :

( وما أخرجه ابن جرير وسعيد بن منصور في سننه من طريق سعيد بن جُبير عن ابن عبّاس في قوله :

( حَتّى‏ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلّمُوا)

قال : إنّما هي خطأ من الكاتب : حتّى تستأذنوا وتسلّموا ؛ أخرجه ابن أبي حاتم بلفظٍ هو فيما أحسب ممّا أخطأ به الكتّاب )(٣) .

وأخرج الحاكم :

(عن مجاهد عن ابن عبّاس في قوله : ( لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتّى‏ تَسْتَأْنِسُوا)

ـــــــــــــــــ

(١) الإتقان في علوم القرآن ٢ : ٣٢٧ .

(٢) الدر المنثور في التفسير بالمأثور ٦ : ١٠٦ وفيه : ابن اشته بدل ابن أبي شيبة .

(٣) الإتقان في علوم القرآن ٢ : ٣٢٧ .

١٣٧

قال : أخطأ الكاتب ، تستأذنوا )

ثمّ قال : ( هذا حديث صحيح على شرط الشيخين )(١) .

وفي (الدر المنثور ) :

( أخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف ، وابن مندة في غرائب شعبة والحاكم وصحّحه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان ، والضياء في المختارة من طرق عن ابن عبّاس ( رضي الله عنهما ) في قوله تعالى :( حَتّى‏ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلّمُوا عَلَى‏ أَهْلِهَا )

قال : أخطأ الكاتب ، إنّما هي : حتّى تستأذنوا )(٢) .

والعجب : أن الحكيم الترمذي يجعل هذا الحديث وأمثاله ـ ممّا أخرجه كبار الأئمّة كما عرفت وصحّحوه ـ من مكائد الزنادقة ، وفي ذلك فضيحة لثقات المحدثين ، بل لأعلام الصحابة وغيرهم من أركان الدين إنّه يقول :

( والعجب من هؤلاء الرواة ، أحدهم يروي عن ابن عبّاس أنّه قال في قوله :( حَتّى‏ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلّمُوا ) هو خطأ من الكاتب ، إنّما هو : تستأذنوا وتسلّموا ، وما أرى مثل هذه الروايات إلاّ من كيد الزنادقة في هذه الأحاديث ، إنّما يريدون أن يكيدوا الإسلام بمثل هذه الروايات ، فيا سبحان الله ، كان كتاب الله بين ظهرانيّ أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مَضِيعةٍ حتّى كتب الكتّاب فيها ما شاؤوا وزادوا ونقصوا !!

وروي عنه أيضاً أنّه قال : خطأ من الكتّاب قوله :( أَفَلَمْ يَيَأْسِ الّذِينَ آمَنوا أَن لَوْ يَشَاءُ اللّهُ لَهَدَي النّاسَ جَمِيعاً )

ـــــــــــــــــ

(١) المستدرك على الصحيحين ٢ : ٣٩٦ .

(٢) الدر المنثور : ٦ : ١٧١ .

١٣٨

إنّما هو : أفلم يتبيّن ، فهذه اللُّغات إنّما يتغيّر معانيها بزيادة حرفٍ ونقصان حرف ، أفيحسب ذو عقلٍ أنّ أصحاب محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أهملوا أمر دينهم ، حتّى فوّضوا عهد ربّهم إلى كاتبٍ يخطئ فيه ، ثمّ يقرّه أبوبكر وعمر وأُبيّ بن كعب ( رضي الله عنهم أجمعين ) ، حيث جمعوه في خلافة أبي بكر ثمّ من بعده مرّةً أُخرى في زمن عثمان ـ رضي الله عنه ـ ) .

وقد أشار الحكيم إلى ما رواه السيوطي في (الإتقان ) إذ قال :

( وما أخرجه ابن الأنباري من طريق عكرمة عن ابن عبّاس أنّه قرأ : أفلم يتبيّن الذين آمنوا أن لو يشاء اله لهدى الناس جميعاً ، فقيل له : إنّها في المصحف : أفلم ييأس الذين آمنوا ، قال : أظنّ الكاتب كتبها وهو ناعس )(١) .

وهو في (الدر المنثور ) :

( أخرج ابن جرير وابن الأنباري في المصاحف عن ابن عبّاس ( رضي الله عنهما ) أنّه قرأ : أفلم يتبيّن الذين آمنوا ، فقيل له : إنّها في المصحف : أفلم ييأس الذين آمنوا ، فقال : أظنّ الكاتب كتبها وهو ناعس )(٢) .

ونصّ الحافظ ابن حجر على صحّته في (فتح الباري ) :

( روى الطبري وعبد بن حميد بإسنادٍ صحيح ، كلّهم من رجال البخاري ، عن ابن عبّاس أنّه كان يقرؤها : أفلم يتبيّن ، ويقول : كتبها الكاتب وهو ناعس )(٣) .

ـــــــــــــــــ

(١) الإتقان في علوم القرآن ٢ : ٣٢٧ .

(٢) الدر المنثور ٤ : ٦٥٣ .

(٣) فتح الباري في شرح البخاري ٨ : ٣٠٠ .

١٣٩

ثمّ تعرّض ابن حجر لإنكار من أنكر هذه الأحاديث وردّ عليهم بشدّة فقال :

( وأمّا ما أسنده الطبري عن ابن عبّاس ، فقد اشتدّ إنكار جماعة ممّن لا علم له بالرجال صحّته ، وبالغ الزمخشري في ذلك كعادته ـ إلى أن قال ـ وهي والله فِرية بلا مرية ، وتبعه جماعة بعده والله المستعان

وقد جاء عن ابن عبّاس نحو ذلك في قوله تعالى :( وَقَضَى‏ رَبّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ ) أخرجه سعيد بن منصور بإسنادٍ جيّدٍ عنه

وهذه الأشياء وإن كان غيرها المعتمد ، لكنّ تكذيب المنقول بعد صحّته ليس من دأب أهل التحصيل ، فلينظر في تأويله بما يليق [ به ] )(١) .

وقد روى السيوطي ما ذكره ابن حجر :

( أخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف ، من طريق سعيد بن جُبير عن ابن عبّاسرضي‌الله‌عنه في قوله :( وَقَضَى‏ رَبّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ ) قال : التزقت الواو بالصاد وأنتم تقرؤونها : وقضى ربّك .

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحّاك عن ابن عبّاسرضي‌الله‌عنه مثله .

وأخرج أبو عبيد وابن منيع وابن المنذر وابن مردويه من طريق ميمون ابن مهران عن ابن عبّاس قال : أنزل الله هذا الحرف على لسان نبيّكم : ووصّى ربّك ألاّ تعبدوا إلاّ إيّاه ، فلصقت إحدى الواوين بالصاد فقرأ النّاس : وقضى

ـــــــــــــــــ

(١) فتح الباري في شرح البخاري ٨ : ٣٠٠ ـ ٣٠١ مع بعض الاختلاف .

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

تعالى:( يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) فمن عنى بقوله: يس؟ قالت العلماء: يس محمّدعليه‌السلام لم يشكَّ فيه أحد، قال أبو الحسنعليه‌السلام : فانّ اللهعزوجل أعطى محمّدا وآل محمّد من ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه إلّا من عقله وذلك أنّ اللهعزوجل لم يسلم على أحد إلّا على الأنبياء صلوات الله عليهم فقال تبارك وتعالى:( سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ ) وقال:( سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ ) وقال:( سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ ) ولم يقل: سلام على آل نوح ولم يقل سلام على آل إبراهيم، ولم يقل: سلام على آل موسى وهارون، وقال: سلام على آل ياسين يعنى آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال المأمون: قد علمت أنّ في معدن النبوة شرح هذا وبيانه فهذه السابعة.

٢١٤ ـ وفي باب ما كتبه الرضاعليه‌السلام للمأمون من محض الإسلام وشرايع الدين: والصلوة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله واجبة في كل موطن وعند العطاس والذبائح وغير ذلك.

٢١٥ ـ في أصول الكافي أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان ابن يحيى عن حسين بن زيد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما من قوم اجتمعوا في مجلس فلم يذكروا اسم اللهعزوجل ولم يصلوا على نبيهم إلّا كان ذلك المجلس حسرة ووبالا عليهم.

٢١٦ ـ في كتاب الخصال عن الأعمش عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام قال: هذه شرائع الدين إلى أنْ قالعليه‌السلام : والصلوة عن النبي وآلهصلى‌الله‌عليه‌وآله واجبة في كل المواطن وعند العطاس والرياح وغير ذلك.

٢١٧ ـ وفيه فيما علم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه من الاربعمأة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه: صلوا على محمد وآل محمد، فان الله تعالى يقبل دعاءكم عند ذكر محمد ودعاءكم وحفظكم إياه إذا قرأتم( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ) فصلوا عليه في الصلوة كنتم أو في غيرها.

٢١٨ ـ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: أربعة أوتوا سمع الخلائق: النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وحور العين، والجنة والنار، فما من عبد يصلّي على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أو يسلم عليه إلّا بلغه ذلك

٣٠١

والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢١٩ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : إذا أذنت فافصح بالألف والهاء، وصل على النبي كلما ذكرته أو ذكره ذاكر في أذان أو في غيره.

٢٢٠ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام أنّه قال: وصلى على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كلما ذكرته أو ذكره ذاكر عندك في أذان أو غيره، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٢١ ـ في كتاب ثواب الأعمال عن أبي المغرا قال: سمعت أبا الحسنعليه‌السلام : يقول: من قال في دبر صلوة الصبح وصلوة المغرب قبل أنْ يثنى رجليه أو يكلم أحدا:( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) أللّهمّ صل على محمد وذريته» قضى الله له مأة حاجة سبعين في الدنيا وثلاثين في الاخرة، قال: قلت: ما معنى صلوة الله وصلوة ملائكته وصلوة المؤمن؟ قال: صلوة الله رحمة من الله، وصلوة الملائكة تزكية منهم له، وصلوة المؤمنين دعاء منهم له، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٢٢ ـ في إرشاد المفيدرحمه‌الله باسناده إلى أنس بن مالك قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : صلت الملائكة عليَّ وعلى عليٍّ سبع سنين، وذلك انه لم يرفع إلى السماء شهادة أنْ لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله إلّا منى ومن عليٍّ.

٢٢٣ ـ في مجمع البيان وفي مسند السيد أبي طالب الهروي مرفوعا إلى أبي أيوب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: صلت الملائكة عليَّ وعلى عليٍّ سبع سنين، وذلك انه لم يصل فيها أحد غيري وغيره.

٢٢٤ ـ في كتاب التوحيد خطب لعليٍّعليه‌السلام وفيها: وبالشهادتين تدخلون الجنة وبالصلوة تنالون الرحمة، فأكثروا من الصلوة على نبيكم وآله،( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) .

٢٢٥ ـ في كتاب معاني الأخبار حدّثنا جعفر بن محمد بن مسرور قال: حدثنا

٣٠٢

الحسين بن محمد بن عامر قال: حدّثنا المعلى بن محمد البصري عن محمد بن جمهور القمى عن أحمد بن حفص البزاز الكوفي عن أبيه عن ابن أبي حمزة عن أبيه قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) فقال: الصلوة من اللهعزوجل رحمة ومن الملائكة تزكية، ومن الناس دعاء، واما قولهعزوجل : «سلموا تسليما» فيما ورد عنه قال: فقلت له: فكيف نصلي على محمد وآله؟ قال: تقولون: صلوات الله وصلوات ملائكته وأنبيائه ورسله وجميع خلقه على محمّد وآل محمّد عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته، قال: قلت: فما ثواب من صلى على النبي وآله بهذه الصلوات؟ قال: الخروج من الذنوب والله كهيئة يوم ولدته امه.

٢٢٦ ـ في الكافي أبو علي الأشعري عن الحسن بن علي الكوفي عن علي بن مهزيار عن موسى بن القاسم قال: قلت لأبي جعفر الثانيعليه‌السلام طفت يوما عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال ثلاث مرات: صلى الله على رسول الله. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٢٧ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن صفوان ابن يحيى قال: كنت عند الرضاعليه‌السلام فعطس فقلت: صلى الله عليك ثم عطس فقلت: صلى الله عليك وقلت له: جعلت فداك إذا عطس مثلك(١) يقال له كما يقول بعضنا لبعض: يرحمك الله أو كما نقول؟ قال: نعم أليس تقول: صلى الله على محمد وآل محمد؟ قلت: بلى، قال: ارحم الله محمدا وآل محمد؟(٢) قال: بلى وقد صلى الله عليه ورحمه، وانما صلوتنا عليه رحمة لنا وقربة.

٢٢٨ ـ محمد بن الحسين (الحسن خ ل) عن سهل بن زياد عن ابن فضال عن علي بن النعمان عن أبي مريم الأنصاري عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قلت له: كيف

__________________

(١) أي من المعصومين.

(٢) كذا في النسخ وتوافقها المصدر أيضا وقال بعض المحشين: لعل هنا سقطا أو السائل سكت عن الجواب.

٣٠٣

كانت الصلوة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال: لما غسله أمير المؤمنينعليه‌السلام وكفنه سجاه(١) ثم أدخل عليه عشرة، فداروا حوله ثم وقف أمير المؤمنينعليه‌السلام في وسطهم وقال:( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) فيقول القوم كما يقول حتى صلى عليه أهل المدينة وأهل العوالي.(٢)

٢٢٩ ـ محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن علي بن سيف عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: لما قبض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله صلت عليه الملائكة والمهاجرون والأنصار فوجا فوجا، قال: وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول في صحته وسلامته: انما أنزلت هذه الآية على بعد قبض الله لي:( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) .

٢٣٠ ـ في الكافي أبو علي الأشعري عن الحسن بن علي الكوفي عن علي بن مهزيار عن حماد بن عيسى عن محمد بن مسعود قال: رأيت أبا عبد اللهعليه‌السلام انهى إلى قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فوضع يده عليه وقال: اسأل الله الذي اجتباك واختارك وهداك وهدى بك أنْ يصلّي عليك ؛ ثم قال:( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) .

٢٣١ ـ في روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنينعليه‌السلام وهي خطبة الوسيلة قال فيهاعليه‌السلام : أكثروا من الصلوة على نبيكم( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) .

٢٣٢ ـ وخطبة لهعليه‌السلام يقول فيها:( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) أللّهمّ صل على محمد وآل محمد، وبارك على محمد وآل محمد، وتحنن على محمّد وآل محمّد وسلم على محمد وآل محمد، كأفضل ما صليت وباركت وترحمت وتحننت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد.

٢٣٣ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن عمرو بن عثمان عن علي بن عيسى رفعه قال:

__________________

(١) سجي الميت: مد عليه ثوبا وغطاه به.

(٢) العوالي: قرى بظاهر المدينة.

٣٠٤

ان موسى صلى الله عليه ناجاه الله تبارك وتعالى فقال له في مناجاته وقد ذكر محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله فصل عليه يا ابن عمران فانى أصلي عليه وملائكتى.

٢٣٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل وفيه: فاما ما علمه الجاهل والعالم من فضل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من كتاب الله فهو قول الله سبحانه:( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) ولهذه الآية ظاهر وباطن، فالظاهر قوله: «صلوا عليه» والباطن قوله: «وسلموا تسليما» أي سلموا لمن وصاه واستخلفه عليكم فضله وما عهد به إليه تسليما، وهذا مما أخبرتك انه لا يعلم تأويله إلّا من لطف حسه وصفا دهنه وصح تميزه.

٢٣٥ ـ في محاسن البرقي عن محمد بن سنان عمن ذكره عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) قال: فقال: اثنوا عليه وسلموا له.

٢٣٦ ـ في الصحيفة السجادية في دعائهعليه‌السلام في طلب الحوائج وصل على محمد وآله صلوة دائمة نامية لا انقطاع لابدها، ولا منتهى لأمدها، واجعل ذلك عونا لي وسببا لنجاح طلبتي انك واسع كريم.

٢٣٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل :( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً ) قال: نزلت فيمن غصب أمير المؤمنين صلوات الله عليه حقه، وأخذ حق فاطمة صلوات الله عليها وأذاها، وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أذاها في حيوتى كمن أذاها بعد موتى ومن أذاها بعد موتى كمن أذاها في حيوتى، ومن آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله وهو، قول اللهعزوجل :( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ ) الآية.

٢٣٨ ـ في مجمع البيان حدّثنا السيد أبو الحمد قال: حدّثنا الحاكم أبو القاسم الحسكاني قال: حدّثنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ قال: حدّثنا أحمد بن أبي دارم الحافظ قال: حدّثنا علي بن أحمد العجلي قال: حدّثنا عباد بن يعقوب قال: حدّثنا ارطاة بن حبيب قال: حدّثني أبو خالد الواسطي وهو آخذ بشعره، قال: حدّثني زيد

٣٠٥

بن عليّ بن الحسين وهو آخذ بشعره، قال حدّثني عليّ بن الحسين وهو آخذ بشعره قال: حدّثني الحسين بن عليّ وهو آخذ بشعره قال: حدّثني عليّ بن أبي طالب وهو آخذ بشعره قال حدّثني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو آخذ بشعره فقال: من آذى شعرة منك فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله فعليه لعنة الله.

٢٣٩ ـ في تهذيب الأحكام الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: أخر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليلة من الليالي العشاء الاخرة ما شاء الله، فجاء عمر فدق الباب فقال: يا رسول الله نام النساء نام الصبيان فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال ليس لكم أنْ تؤذوني ولا تأمرونى انما عليكم أنْ تسمعوا وتطيعوا.

٢٤٠ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن أحمد بن إسحق عن سعدان بن مسلم عن عبد الله بن سنان قال: كان رجل عند أبي عبد اللهعليه‌السلام فقرأ هذه الآية:( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً ) قال: فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام فما ثواب من ادخل عليه السرور؟ فقلت: جعلت فداك عشر حسنات؟ قال: أي والله وألف ألف حسنة.

٢٤١ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن سنان عن منذر بن يزيد عن المفضل بن عمر قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إذا كان يوم القيامة نادى مناد: اين الصدود لأوليائي(١) فيقوم قوم ليس على وجوههم لحم فيقال: هؤلاء الذين آذوا المؤمنين ونصبوا لهم وعاندوهم وعنفوهم في دينهم ثم يؤمر بهم إلى جهنم.

٢٤٢ ـ في كتاب الخصال عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفرعليه‌السلام قال الناس رجلان مؤمن وجاهل فلا تؤذي المؤمن ولا تجهل على الجاهل فتكون مثله.

٢٤٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل :( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ) يعنى عليا وفاطمة صلوات الله عليهما( بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً

__________________

(١) صد عنه أي اعرض وصده عن الأمر: منعه وصرفه عنه أي اين المعرضون عن الأولياء المعادون لهم أو أين المانعون لهم عن حقوقهم أو أين المستهزؤن بهم قاله المولى صالح قده.

٣٠٦

وَإِثْماً مُبِيناً ) وهي جارية في الناس كلهم.

٢٤٤ ـ وفيه قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من بهت مؤمنا أو مؤمنة أقيم في طينة خبال(١) أو يخرج مما قال.

٢٤٥ ـ واما قولهعزوجل :( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَ ) فانه كان سبب نزولها أنّ النساء كن يخرجن إلى المسجد ويصلين خلف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فاذا كان بالليل وخرجن إلى صلوة المغرب والعشاء الاخرة يقعد الشباب لهن في طريقهن فيؤذونهن ويتعرضوا لهن فانزل اللهعزوجل :( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ ) إلى قوله تعالى( ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً ) .

٢٤٦ ـ واما قولهعزوجل :( لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ) أي شك( وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَّا قَلِيلاً ) فانها نزلت في قوم منافقين كانوا في المدينة يرجفون برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا خرج في بعض غزواته يقولون: قتل وأسر فيغتم المسلمون لذلك. ويشكون إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأنزل اللهعزوجل في ذلك:( لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ) أي شك( وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَّا قَلِيلاً ) أي نأمرك بإخراجهم من المدينة( إِلَّا قَلِيلاً مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً ) وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: «ملعونين» فوجبت عليهم اللعنة بعد اللعنة بقول الله.

٢٤٧ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحق عن عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : ولا يلعن الله مؤمنا قال اللهعزوجل :( إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً ) .

__________________

(١) بهته بهتا: قذفه بالباطل وافترى عليه الكذب. وطينة خبال فسر في الحديث بصديد أهل النار وما يخرج من فروج الزناة.

٣٠٧

٢٤٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيمرحمه‌الله في قولهعزوجل :( يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ ) فانها كناية عن الذين غصبوا آل محمد حقهم( يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا ) يعنى في أمير المؤمنين صلوات الله عليه( وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ) وهما رجلان والسادة والكبراء هما أول من بدأ بظلمهم وغصبهم، وقولهعزوجل : «فأضلونا السبيلا» أي طريق الجنة والسبيل أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

٢٤٩ ـ في مصباح شيخ الطائفةقدس‌سره خطبة لأمير المؤمنينعليه‌السلام خطب بها يوم الغدير وفيها يقولعليه‌السلام : وتقربوا إلى الله بتوحيده وطاعة من أمركم أنْ تطيعوه ولا تمسكوا بعصم الكوافر، ولا يخلج بكم الغى فتضلوا عن سبيل الرشاد باتباع أولئك الذين ضلوا وأضلوا، قال الله عز من قائل في طائفة ذكرهم بالذم في كتابه:( إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا* رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً ) .

٢٥٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن النضر بن سويد عن صفوان عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّ بنى إسرائيل كانوا يقولون ليس لموسى ما للرجال، وكان موسى إذا أراد الاغتسال ذهب إلى موضع لا يراه فيه أحد، فكان يوما يغتسل على شط نهر وقد وضع ثيابه على صخرة، فأمر اللهعزوجل الصخرة فتباعدت عنه حتى نظر بنوا إسرائيل إليه فعلموا أنْ ليس كما قالوا، فأنزل الله:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى ) الآية.

٢٥١ ـ أخبرنا الحسين بن محمد عن المعلى بن محمد عن أحمد بن النضر عن محمد بن مروان رفعه إليهم قال: يا ايها الذين آمنوا لا تؤذوا رسول الله في عليٍّ والائمة صلوات الله عليهم كما آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا.

٢٥٢ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن أحمد بن النضر عن محمد بن مروان رفعه إليهم في قول اللهعزوجل :( وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ ) في عليٍّ والائمة( كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا ) .

٣٠٨

٢٥٣ ـ في أمالي الصدوقرحمه‌الله باسناده إلى الصادقعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام لعلقمة: يا علقمة إنَّ رضا الناس لا يملك، وألسنتهم لا تضبط، ألم ينسبوا موسىعليه‌السلام إلى انه عنين وآذوه حتى برأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها.

٢٥٤ ـ في مجمع البيان واختلفوا في ما أوذي به موسى على أقوال: أحدها أنّ موسى وهارون صعدا الجبل فمات هارون فقالت بنو إسرائيل: قتلته فأمر الله الملائكة فحملته حتى مروا به على بنى إسرائيل، وتكلمت الملائكة بموته حتى عرفوا انه قد مات، وبرأه الله من ذلك عن عليٍّعليه‌السلام .

٢٥٥ ـ وثانيها أنّ موسىعليه‌السلام كان حييا ستيرا(١) يغتسل وحده، فقالوا: ما يتستر منا إلّا لعيب بجلده اما برص واما أدرة(٢) فذهب مرة يغتسل فوضع ثوبه على حجر، فمر الحجر بثوبه فطلبه موسى فرآه بنوا إسرائيل عريانا كأحسن الرجال خلقا فبرأه الله مما قالوا، رواه أبو هريرة مرفوعا.

٢٥٦ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لعباد بن كثير البصري الصوفي: ويحك يا عباد غرك إنْ عفّ بطنك وفرجك إنَّ اللهعزوجل يقول في كتابه:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ ) اعلم انه لا يقبل اللهعزوجل منك شيئا حتى تقول قولا عدلا.

٢٥٧ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن علي بن أسباط عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ ) في ولاية عليٍّ والائمة من بعده( فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً ) هكذا نزلت.

٢٥٨ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من الاخبار المتفرقة باسناده إلى الحسين بن خالد قال: سألت أبا الحسن عليّ بن موسى الرضاعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ

__________________

(١) الحيي: ذو الحياء. والستير. العفيف.

(٢) الأدرة: نفخة في الخصية.

٣٠٩

يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها ) الآية فقال: الامانة الولاية من ادعاها بغير حق كفر.

٢٥٩ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى محمد بن سنان عن المفضل بن عمر قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إنّ الله تبارك وتعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام، فجعل أعلاها وأشرفها محمد وعلى والحسن والحسينعليهم‌السلام والائمة صلوات الله عليهم، فعرضها على السموات والأرض والجبال فغشيها نورهم، فقال الله تبارك وتعالى للسموات والأرض والجبال: هؤلاء احبائى وأوليائى وحججي على خلقي وأئمة بريتي، ما خلقت خلقا هو أحب إلى منهم، لهم ولمن تولاهم خلقت جنتي، ولمن خالفهم وعاداهم خلقت ناري، فمن ادعى منزلتهم منى ومحلهم من عظمتي عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين وجعلته مع المشركين في أسفل درك من ناري، ومن أقر بولايتهم ولم يدع منزلتهم منى ومكانهم من عظمتي جعلته معهم في روضات جناتى وكان لهم فيها ما يشاؤن عندي، وأبحتهم كرامتي، وأحللتهم جواري، وشفعتهم في المذنبين من عبادي وإمائي فولايتهم أمانة عند خلقي، فأيكم يحملها بأثقالها ويدعيها لنفسه؟ فأبت السموات والأرض والجبال أنْ يحملنها وأشفقن منها من ادعاء منزلتها وتمنى محلها من عظمة ربهم، فلما أسكن اللهعزوجل آدم وزوجته الجنة قال لهما( كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ ) يعنى شجرة الحنطة( فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ ) فنظرا إلى منزلة محمد وعلى وفاطمة والحسن والحسين والائمة بعدهم فوجداها أشرف منازل أهل الجنة فقالا: ربنا لمن هذه المنزلة؟ فقال الله جل جلاله ارفعا رؤسكما إلى ساق العرش فرفعا رؤسهما فوجدا أسماء محمد وعلى وفاطمة والحسن والحسين والائمةعليهم‌السلام مكتوبة على ساق العرش بنور من نور الله الجبار جل جلاله، فقالا: يا ربنا ما أكرم أهل هذه المنزلة عليك وما أحبهم إليك وما أشرفهم لديك؟ فقال الله جل جلاله: لولاهم ما خلقتكما، هؤلاء خزنة علمي وأمنائي على سرى، أياكما أنْ تنتظرا إليهم بعين الحسد وتمنيا منزلتهم عندي ومحلهم من كرامتي، فتدخلان بذلك في نهيي وعصياني فتكونا من الظالمين قالا: ربنا ومن الظالمون؟ قال: المدعون لمنزلتهم بغير حق، قالا: ربنا فأرنا منزلة ظالميهم في نارك حتى

٣١٠

نراها كما رأينا منزلتهم في جنتك، فأمر الله تبارك وتعالى النار فأبرزت جميع ما فيها من ألوان النكال والعذاب وقالعزوجل : مكان الظالمين لهم المدعين لمنزلتهم في أسفل درك منها،( كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها ) ، و( كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ ) ، يا آدم ويا حوا لا تنظرا إلى أنواري وحججي بعين الحسد فأهبطكما عن جواري، وأحل بكما عن هواني( فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ* وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ* فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ ) «وحملهما على تمنى منزلتهم فنظر إليهم بعين الحسد فخذلا حتى اكلا من شجرة الحنطة، فعاد مكان ما اكلا شعيرا فأصل الحنطة كلها مما لهم يأكلاه، وأصل الشعير كله مما عاد مكان ما اكلاه، فلما اكلا من الشجرة طار الحلي ولحلل عن أجسادهما وبقيا عريانين»( وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ* قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ* قالَ اهْبِطُوا ) من جواري فلا يجاورني في جنتي من يعصيني، فهبطا موكولين إلى أنفسهما في طلب المعاش، فلما أراد اللهعزوجل أنْ يتوب عليهما جاءهما جبرئيلعليه‌السلام فقال لهما انكما إنْ ظلمتما أنفسكما بتمني منزلة من فضل عليكما فجزاء كما ما قد عوقبتما به من الهبوط من جوار اللهعزوجل إلى أرضه، فسلا ربكما بحق السماء التي رأيتموها على ساق العرش حتى يتوب عليكما، فقال: أللّهمّ انا نسألك بحق الأكرمين عليك محمّد وعليٍّ وفاطمة والحسن والحسين والائمة إلّا تبت علينا ورحمتنا، فتاب الله عليهما انه هو التواب الرحيم، فلم يزل أنبياء الله بعد ذلك يحفظون هذه الامانة ويخبرون بها أوصياءهم والمخلصين من أمتهم فيأبون حملها ويشفقون من ادعائها، وحملها الإنسان الذي قد عرف بأصل كل ظلم منه إلى يوم القيامة: وذلك قول اللهعزوجل :( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً ) .

٢٦٠ ـ حدّثنا موسى بن المتوكل رضى الله عنه قال: حدّثنا عبد الله بن جعفر

٣١١

الحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال عن مروان بن مسلم عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً ) قال: الامانة الولاية والإنسان أبو الشرور المنافق.

٢٦١ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن الحكم بن مسكين عن إسحاق بن عمار عن رجل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً ) قال: هي ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٢٦٢ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن أبي حمزة عن عقيل الخزاعي أنّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان إذا حضر الحرب يوصى المسلمين بكلمات يقول: تعاهدوا الصلوة وحافظوا عليها واستكثروا منها وتقربوا بها، ثم إنّ الزكاة جعلت مع الصلوة قربانا لأهل الإسلام على أهل الإسلام، ومن لم يعطها طيب النفس بها يرجو بها من الثمن ما هو أفضل منها فانه جاهل بالسنة، مغبون الأجر، ضال العمر، طويل الندم بترك أمر الله تعالى والرغبة عما عليه، صالحوا عباد الله يقول اللهعزوجل :( وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى ) من الامانة فقد خسر من ليس من أهلها، وضل عمله، عرضت على السماوات المبنية والأرض المهاد والجبال المنصوبة فلا أطول ولا أعرض ولا أعلى ولا أعظم منها لو امتنعت من طول أو عرض أو قوة أو عزة امتنعن، ولكن أشفقن من العقوبة والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٦٣ ـ في نهج البلاغة ثم أداء الامانة فقد خاب من ليس من أهلها انها عرضت على السموات المبنية والأرض المدحوة: والجبال ذات الطول المنصوبة، فلا أطول ولا أعرض ولا أعلى ولا أعظم منها، ولو امتنع شيء بطول أو عرض أو قوة أو عز لامتنعن ولكن أشفقن من العقوبة وعقلن ما جهل من أضعف منهن وهو الإنسان انه كان ظلوما جهولا.

٢٦٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن أمير المؤمنينعليه‌السلام

٣١٢

حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام لبعض الزنادقة وقد قال: وأجده يقول:( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً ) فما هذه الامانة ومن هذا الإنسان؟ وليس من صفة العزيز الحكيم التلبيس على عباده؟ واما الامانة التي ذكرتها فهي الامانة التي لا تجب ولا تجوز أنْ تكون إلّا في الأنبياء وأوصيائهم. لان الله تبارك وتعالى ائتمنهم على خلقه وجعلهم حجا في أرضه، فبالسامري ومن اجتمع معه وأعانه من الكفار على عبادة العجل عند غيبة موسىعليه‌السلام ما تم انتحال مجلس موسى من الطعام، والاحتمال لتلك الامانة التي لا ينبغي إلّا لطاهر من الرجس فاحتمل وزرها ووزر من سلك سبيله من الظالمين وأعوانهم، ولذلك قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : من استن سنة حق كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن استن سنة باطل كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة.

٢٦٥ ـ في عوالي اللئالى وفي الحديث أنّ علياعليه‌السلام إذا حضر وقت الصلوة يتململ ويتزلزل ويتلون، فيقال له: ما لك يا أمير المؤمنين؟ فيقول: جاء وقت الصلوة، وقت أمانة عرضها الله على السموات والأرض فأبين أنْ يحملنها وأشفقن منها.

٢٦٦ ـ في تهذيب الأحكام الحسين بن سعيد عن الحسن بن علي عن علي بن النعمان وأبى المعزا والوليد بن مدرك عن إسحق قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يبعث إلى الرجل يقول له: ابتع لي ثوبا فيطلب له في السوق فيكون عنده مثل ما يجد له في السوق فيعطيه من عنده؟ قال: لا يقربن هذا ولا يدنس نفسه، إنَّ اللهعزوجل يقول:( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً ) وان كان عنده خير مما يجد له في السوق فلا يعطيه من عنده.

٢٦٧ ـ في بصائر الدرجات أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن عثمان ابن سعيد عن مفضل بن صالح عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى:( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها ) قال: الولاية أبين

٣١٣

أن يحملنها كفرا وحملها الإنسان والإنسان الذي حملها أبو فلان.

٢٦٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم في قولهعزوجل :( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها ) قال: الامانة هي الامامة والأمر والنهى، والدليل على أنّ الامانة هي الامامة قول اللهعزوجل للائمة صلوات الله عليهم:( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إلى أَهْلِها ) يعنى الامامة، فالامانة هي الامامة عرضت على السموات والأرض والجبال فأبين أنْ يحملنها قال: أبين أنْ يدعوها أو يغصبوها أهلها( وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ ) أي الاول( إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً* لِيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً ) .

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى ابن أذينة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: الحمدين جميعا حمد سبأ وحمد فاطر، من قرأهما في ليلة لم يزل في ليلته في حفظ الله وكلائته، فان قرأهما في نهاره لم يصبه في نهاره مكروه، وأعطى من خير الدنيا والاخرة ما لم يخطر على قلبه ولم يبلغ مناه.

٢ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من قرأ سورة سبأ لم يبق نبي ولا رسول إلّا كان له يوم القيامة رفيقا ومصافحا.

٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل :( يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ ) ما يدخل فيها وما يخرج منها قال من النبات وما يعرج فيها قال: من اعمال العباد.

٤ ـ في أصول الكافي عنه عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ ) فقال: هو واحد واحدى الذات بائن من خلقه، وبذلك وصف نفسه وهو بكل شيء محيط، بالإشراف والاحاطة

٣١٤

والقدرة( لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ ) بالإحاطة والعلم لا بالذات، لان الأماكن محدودة تحويها حدود أربعة فاذا كان بالذات لزمها الحواية.

٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن هشام عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: أول ما خلق اللهعزوجل القلم فقال له: أكتب فكتب ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة.

٦ ـ قولهعزوجل :( وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَ ) فقال: هو أمير المؤمنينعليه‌السلام صدق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بما انزل عليه ثم ذكر ما اعطى داودعليه‌السلام فقال جل ذكره:( وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلاً يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ ) أي سبحي لله و( الطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ) قال: كان داودعليه‌السلام إذا مر في البراري يقرأ الزبور تسبح الجبال والطير معه والوحوش وألان اللهعزوجل له الحديد مثل الشمع حتى كان يتخذ منه ما أحب وقال الصادقعليه‌السلام : اطلبوا الحوائج يوم الثلثاء فانه اليوم الذي ألان الله فيه الحديد لداودعليه‌السلام .

٧ ـ وفيه: قال اعطى داود وسليمانعليهما‌السلام ما لم يعط أحد من أنبياء الله من الآيات علمهما منطق الطير، وألان لهما الحديد والصفر من غير نار، وجعلت الجبال يسبحن مع داودعليه‌السلام .

٨ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب كتاب الإرشاد للزهري قال سعيد ابن المسيب: كان الناس لا يخرجون إلى مكة حتى يخرج علي بن الحسين، فخرج وخرجت معه، فنزل في بعض المنازل فصلى ركعتين فسبح في سجوده فلم يبق شجر ولا مدر إلّا سبحوا معه، ففزعت منه فرفع رأسه فقال: يا سعيد أفزعت؟ قلت: نعم يا ابن رسول الله، فقال: هذا التسبيح الأعظم.

٩ ـ وفي رواية سعيد بن المسيب قال: كان القراء لا يحجون حتى يحج زين العابدينعليه‌السلام وكان يتخذ لهم السويق الحلو والحامض ويمنع نفسه. فسبق يوما إلى الرحل فألفيته وهو ساجد، فو الذي نفس سعيد بيده لقد رأيت الشجر والمدر والرحل والراحلة

٣١٥

يردون عليه مثل كلامه.

١٠ ـ في أصول الكافي باسناده إلى سالم بن أبي حفصة العجلي عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: كان في رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثة لم يكن في أحد غيره: لم يكن له فيء وكان لا يمر في طريق فيمر فيه بعد يومين أو ثلاثة إلّا عرف انه قد مر فيه لطيب عرفه، وكان لا يمر بحجر ولا شجر إلّا سجد له.

١١ ـ في كتاب الخصال عن علي بن جعفر قال: جاء رجل إلى أخى موسى بن جعفرعليه‌السلام فقال له: جعلت فداك أريد الخروج إلى السفر فادع فقالعليه‌السلام : ومتى تخرج؟ إلى أنْ قالعليه‌السلام : ألآ أدلّك على يوم سهلٍ الْأن الله فيه الحديد لداودعليه‌السلام ؟ قال الرجل: بلى جعلت فداك، قال: اخرج يوم الثلثاء.

١٢ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه وعلى بن محمد جميعا عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : ومن تعذرت عليه الحوائج فليلتمس طلبها يوم الثلثاء، فانه اليوم الذي ألان الله فيه الحديد لداودعليه‌السلام .

١٣ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى هشام بن سالم عن ـ الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام أنّه قال في حديث يذكر فيه قصة داودعليه‌السلام انه خرج يقرأ الزبور وكان إذا قرأ الزبور لا يبقى جبل ولا حجر ولا طائر إلّا أجابه.

١٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليعليهم‌السلام قال: إنّ يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنينعليه‌السلام : فان هذا داود بكى على خطيئته حتى سارت الجبال معه لخوفه؟ قال له عليٌّعليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله أعطى ما هو أفضل من هذا، انه كان إذا قام إلى الصلوة سمع لصدره وجوفه أزيز كأزيز المرجل على الاثافي من شدة البكاء(١) وقد آمنه اللهعزوجل من عقابه، فأراد أنْ يتخشع لربه ببكائه، ويكون

__________________

(١) قال الجزري وفي الحديث: انه كان يصلّي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء ـ

٣١٦

إماما لمن اقتدى به، ولقد قامصلى‌الله‌عليه‌وآله عشر سنين على أطراف أصابعه حتى تورمت قدماه واصفر وجهه، يقوم الليل اجمع حتى عوتب في ذلك فقال اللهعزوجل :( طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى ) بل لتسعد به ولقد كان يبكى حتى يغشى عليه، فقيل له: يا رسول الله أليس اللهعزوجل قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: بلى أفلا أكون عبدا شكورا، ولئن سارت الجبال وسبحت معه لقد عمل لمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ما هو أفضل من هذا إذ كنا معه على جبل حراء إذ تحرك الجبل فقال له: قر فانه ليس عليك إلّا نبي أو صديق شهيد(١) فقر الجبل مجيبا لأمره ومنتهيا إلى طاعته، ولقد مررنا معه بجبل وإذا الدموع تجري من بعضه، فقال له: ما يبكيك يا جبل؟ فقال: يا رسول الله كان المسيح مر بي وهو يخوف الناس بنار وقودها الناس والحجارة وأنا أخاف أنْ أكون من تلك الحجارة قال له: لا تخف تلك حجارة الكبريت. فقر الجبل وسكن وهدأ(٢) وأجاب لقوله قال له اليهودي: فهذا داودعليه‌السلام : قد لين اللهعزوجل له الحديد قد يعمل منه الدروع قال له عليٌّعليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله أعطى ما هو أفضل من هذا؟ لين اللهعزوجل له الصم الصخور الصلاب وجعلها غارا ولقد غارت الصخرة تحت يده ببيت المقدس لينة حتى صارت كهيئة العجين، قد رأينا ذلك والتمسناه تحت رايته.(٣)

__________________

ـ أي حنين من الجوف بالخاء المعجمة وهو صوت البكاء، وقيل: هو أنْ يجيش جوفه ويغلي بالبكاء «انتهى» والمرجل كنبر: القدر. والأثافي: لا حجار يوضع عليها القدر.

(١) كذا في النسخ لكن في المصدر والمنقول عنه في البحار «الا نبي وصديق شهيد» بالواو بدل «أو».

(٢) هدأ بمعنى سكن أيضا.

(٣) الغار: الغبار. ذكره ابن منظور وغيره في مادة «غور» وقال المجلسي (ره): قولهعليه‌السلام وجعلها غارا يدل على انهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليلة الغار أحدث الغار ودخل فيه ولم يكن ثمة غار، وأما صخرة بيت المقدس فكان ليلة المعراج واما قولهعليه‌السلام : قد رأينا ذلك والتمسناه تحت رايته أي رأينا تحت رايته عليه الصلاة والسلام أمثال ذلك كثيرا والمراد بالراية العلامة أي راى بعض الصحابة ذلك تحت علامته في بيت المقدس، ويلوح لي أنّ فيه ـ

٣١٧

١٥ ـ في الكافي أحمد بن أبي عبد الله عن شريف بن سابق عن الفضل بن أبي قرة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّ أمير المؤمنين صلى الله عليه قال: أوحى اللهعزوجل إلى داودعليه‌السلام انك نعم العبد لولا انك تأكل من بيت المال ولا تعمل بيدك شيئا، قال: فبكى داودعليه‌السلام أربعين صباحا فأوحى اللهعزوجل إلى الحديد أن لن لعبدي داود، فألان اللهعزوجل له الحديد، فكان يعمل في كل يوم درعا فيبيعها بألف درهم، فعمل ثلاثمأة وستين درعا فباعها بثلاثمأة وستين ألفا واستغنى عن بيت المال.

١٦ ـ في قرب الاسناد للحميري أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: قال: سألت الرضاعليه‌السلام هل أحد من أصحابكم يعالج السلاح؟ فقلت: رجل من أصحابنا زراد فقال: انما هو سراد، اما تقرأ كتاب اللهعزوجل في قوله لداودعليه‌السلام :( أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ ) الحلقة بعد الحلقة.

١٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل :( أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ ) قال: الدروع( وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ ) قال: المسامير التي في الحلقة وقولهعزوجل :( وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ ) قال: كانت الريح تحمل كرسي سليمان فتسير به في الغداة مسيرة شهر، وبالعشي مسيرة شهر.

١٨ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب الأصبغ بن نباتة قال: سألت الحسينعليه‌السلام فقلت: يا سيدي أسألك عن شيء أنا به موقن وانه من سر الله وأنت المسرور إليه ذلك السر فقال: يا اصبغ أتريد أنْ ترى مخاطبة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأبي دون(١) يوم مسجد قبا؟ قال: هو الذي أردت قال: قم فاذا أنا وهو بالكوفة فنظرت فاذا المسجد من قبل

__________________

ـ تصحيفا وكان في الأصل «وجعلها هارا» فيكون اشارة إلى ما سيأتى في أبواب معجزاته أنّ في غزوة الأحزاب بلغوا إلى أرض صلبة لا تعمل فيها المعاول، فصبصلى‌الله‌عليه‌وآله عليها ماءا فصارت هائرة متساقطة، فقوله: قد رأينا ذلك اشارة إلى هذا «انتهى كلامه رفع مقامه» أقول: ما ذكره (ره) وما لاح له انما هو على ما فسر الغار بالكهف واما على ما ذكرناه من تفسيره بالغبار وهو التراب كما ذكره اللغويون فلا نحتاج إلى تكلف في المراد والانطباق.

(١) قال المجلسي (ره): المراد بأبى دون أبو بكر عبر به عنه تقية، والدون: الخسيس.

٣١٨

ان يرتد إلى بصرى فتبسم في وجهي ثم قال: يا اصبغ إنَّ سليمان بن داود اعطى الريح غدوها شهر ورواحها شهر، وانا قد أعطيت أكثر مما أعطى سليمان، فقلت: صدقت والله يا ابن رسول الله فقال: نحن الذين عندنا علم الكتاب وبيان ما فيه، وليس عند أحد من خلقه ما عندنا، لأنا أهل سر الله ثم تبسم في وجهي ثم قال: نحن آل الله وورثة رسول الله فقلت: الحمد لله على ذلك ثم قال لي: ادخل فدخلت فاذا أنا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله محتب(١) في المحراب بردائه، فنظرت فاذا أنا بأمير المؤمنينعليه‌السلام قابض على تلابيب الأعسر(٢) فرأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يعض على الأنامل وهو يقول: بئس الخلف خلفتني أنت وأصحابك عليكم لعنة الله ولعنتي. الخبر. انتهى.

١٩ ـ في عيون الأخبار عن الرضا عن أبيه موسى بن جعفر بن محمد عليهم ـ السلام حديث طويل وقد سبق عند قوله تعالى: «قالت نملة» الآية وفيه ثم قالت النملة: هل تدري لم سخرت لك الريح من بين سائر المملكة؟ قال سليمانعليه‌السلام ما لي بهذا علم، قالت النملة: يعنىعزوجل بذلك لو سخرت لك جميع المملكة كما سخرت لك هذه الريح لكان زوالها من يديك كزوال الريح، فحينئذ تبسم ضاحكا من قولها.

٢٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليعليهم‌السلام أنّ يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير ـ المؤمنينعليه‌السلام فانّ هذا سليمان قد سخرت له الرياح فسارت في بلاده غدوها شهر ورواحها شهر فقال له عليٌّعليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله أعطى ما هو أفضل من هذا، انه أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسيرة شهر، وعرج به في ملكوت السموات مسيرة خمسين ألف عام في أقل من ثلث ليلة حتى انتهى إلى ساق العرش، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢١ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاوسرحمه‌الله نقلا عن تفسير أبى

__________________

(١) احتبى بالثوب: اشتمل به.

(٢) التلابيب جمع التلبيب: ما في موضع اللبب من الثياب ويعرف بالطوق. والأعسر: الشديد أو الشوم والمراد به الاول أو الثاني كما ذكره المجلسي (ره)

٣١٩

اسحق إبراهيم بن أحمد القزويني باسناده إلى أنس بن مالك قال: أهدي لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بساط من قرية يقال لها بهندف فقعد عليه عليٌّ وأبو بكر وعمر وعثمان والزبير وعبد الرحمان بن عوف وسعد فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليٍّ: يا عليُّ قل: يا ريح احمل لنا. فقال عليٌّ: يا ريح احمل بنا، فحمل بهم حتى أتوا أصحاب الكهف فسلم أبو بكر وعمر فلم يردواعليهم‌السلام ، ثم قام عليٌّ فسلم فردواعليه‌السلام ، فقال أبو بكر: يا عليُّ ما بالهم ردوا عليك ولم يردوا علينا؟ فقال لهم على، فقالوا: انا لا نرد بعد الموت إلّا على نبي أو وصى نبي، ثم قال على: يا ريح احملينا فحملتنا، ثم قال: يا ريح ضعينا فوضعتنا، فوكز برجله الأرض فتوضأ عليٌّ وتوضأنا ثم قال: يا ريح احملينا فحملتنا فوافينا المدينة والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في صلوة الغداة وهو يقرأ:( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً ) فلما قضى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الصلوة قال: يا عليُّ أخبرونى عن مسيركم أم تحبون أنْ أخبركم؟ قالوا: بل تخبرنا يا رسول الله،صلى‌الله‌عليه‌وآله قال انس بن مالك: فقص القصة كأنه معنا.

٢٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل :( وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ ) قال الصفر( وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ ) .

٢٣ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب أبو جعفرعليه‌السلام خدم أبو خالد الكابلي علي بن الحسينعليهما‌السلام دهرا من عمره، ثمّ أراد أنْ ينصرف إلى أهله فأتى عليّ بن الحسين وشكى إليه شدة شوقه إلى والديه، فقال: يا أبا خالد يقدم غدا رجل من أهل الشام له قدر ومال كثير وقد أصاب بنتا له عارض من أهل الأرض ويريدون أنْ يطلبوا معالجا يعالجها فاذا أنت سمعت قدومه فائته وقل له: أنا أعالجها لك على أنْ اشترط لك انى أعالجها على ديتها عشرة آلاف فلا تطمأن إليهم وسيعطونك ما تطلب منهم فلما أصبحوا قدم الرجل ومن معه وكان من عظماء أهل الشام في المال والقدرة فقال: اما من معالج يعالج بنت هذا الرجل؟ فقال له أبو خالد: انا أعالجها على عشرة آلاف درهم، فأقبل إلى عليّ بن الحسينعليه‌السلام فأخبره الخبر، فقال: انى أعلم انهم سيغدرون

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652