تفسير نور الثقلين الجزء ٤

تفسير نور الثقلين9%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 652

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 652 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 301389 / تحميل: 6173
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

بك ولا يفون لك، انطلق يا أبا خالد فخذ بإذن الجارية اليسرى ثمّ قل: يا خبيث يقول لك عليّ بن الحسين اخرج من هذه الجارية ولا تعد، ففعل أبو خالد ما أمره وخرج منها فأفاقت الجارية وطلب أبو خالد الذي شرطوا له فلم يعطوه، فرجع مغتما كئيبا فقال له عليّ بن الحسين: ما لي أراك كئيبا يا أبا خالد ألم أقل لك انهم يغدرون بك؟ دعهم، فإنهم سيعودون إليك، فاذا القوك فقل لست أعالجها حتى تضعوا المال على يدي عليّ بن الحسين فانه لي ولكم ثقة، فرضوا ووضعوا المال على يدي عليّ بن الحسينعليهما‌السلام ورجع أبو خالد إلى الجارية فأخذ بأذنها اليسرى ثمّ قال: يا خبيث يقول لك عليّ بن الحسين: اخرج من هذه الجارية ولا تعرض لها إلّا بسبيل خير، فانك إنْ عدت أحرقتك بنار الله الموقدة التي تطلع على الافئدة، فخرج منها ودفع المال إلى أبي خالد فخرج إلى بلاده.

٢٤ ـ في كتاب الاحتجاج ـ للطبرسيرحمه‌الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليّعليهم‌السلام أنّ يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنينعليه‌السلام : فانّ هذا سليمان سخرت له الشياطين( يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ ) قال له عليٌّعليه‌السلام : لقد كان كذلك ولقد اعطى محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله أفضل من هذا أنّ الشياطين سخّرت لسليمان وهي مقيمة على كفرها، وقد سخرت لنبوّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله الشياطين بالايمان، فأقبل إليه الجن التسعة من أشرافهم من جن نصيبين واليمن من بنى عمرو بن عامر من الاحجة منهم شضاة ومضاة والهملكان والمرزبان والمازمان ونفات وهاضب وهاصب وعمرو(١) وهم الذين يقول الله تبارك وتعالى اسمه فيهم:( وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ ) وهم التسعة يستمعون القرآن، فأقبل إليه الجن والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ببطن النخلة، فاعتذروا بأنهم ظنوا كما ظننتم أنْ لن يبعث الله أحدا، ولقد أقبل إليه أحد وسبعون ألفا منهم يبايعوه على الصوم والصلوة والزكاة والحج والجهاد ونصح المسلمين، واعتذروا بأنهم قالوا على الله شططا وهذا أفضل مما

__________________

(١) في ضبط تلك الأسماء خلاف ذكره في هامش البحار (الطبعة الحديثة ج ١٠ ص ٤٤)

٣٢١

أعطى سليمان، سبحان من سخرها لنبوة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد أنْ كانت تتمرد وتزعم أنّ لله ولدا فلقد شمل مبعثه من الجن والانس ما لا يحصى.

٢٥ ـ وفيه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل وفيه قال السائل: كيف صعدت الشياطين إلى السماء وهم أمثال الناس في الخلقة والكثافة وقد كانوا يبنون لسليمان، ابن داودعليهما‌السلام من البناء ما يعجز عنه ولد آدم؟ قال: غلظوا لسليمان لما سخروا، وهم خلق دقيق، غذاءهم التنسم، والدليل على ذلك صعودهم إلى السماء لاستراق السمع، ولا يقدر الجسم الكثيف على الارتقاء إلّا بسلم أو سبب.

٢٦ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن داود بن الحصين عن الفضل أبي العباس قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام ( يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ ) قال: ما هي تماثيل الرجال والنساء، ولكنها تماثيل الشجر وشبهه.

٢٧ ـ علي بن إبراهيم عن صالح بن السندي عن جعفر بن بشير عمن ذكره عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كانت لعليّ بن الحسين صلوات الله عليهما وسائد وأنماط(١) فيها تماثيل يجلس عليها.

٢٨ ـ محمد بن يحيى عن أحمد وعبد الله إبني محمد عن علي بن الحكم عن أبان بن عثمان عن أبي العباس عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ ) فقال: والله ما هي تماثيل الرجال والنساء ولكنها الشجر وشبهه.

٢٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل :( يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ ) قال: في الشجر وقولهعزوجل : وجفان كالجواب أي جفنة كالحفرة وقدور راسيات أي ثابتات ثم قال جل ذكره:( اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً ) قال: اعملوا ما تشكروا عليه ثم قال سبحانه:( وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ ) .

٣٠ ـ في أصول الكافي بعض أصحابنا رفعه عن هشام بن الحكم قال: قال

__________________

(١) الوسائد جمع الوسادة: المخدة. والأنماط جمع النمط: ضرب من البساط.

٣٢٢

أبو الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام : يا هشام ثم مدح الله القلة فقال:( وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ ) .

٣١ ـ في روضة الكافي سهل بن عبيد الله(١) عن أحمد بن عمر قال: دخلت على أبي الحسن الرضاعليه‌السلام انا وحسين بن ثوير بن أبي فاختة فقلت له: جعلت فداك انا كنا في سعة من الرزق وغضارة من العيش(٢) فتغيرت الحال بعض التغير، فادع اللهعزوجل أنْ يرد ذلك إلينا، فقال: أي شيء تريدون تكونون ملوكا؟ أيسرك أنْ تكون مثل طاهر وهرثمة(٣) وانك على خلاف ما أنت عليه؟ قلت: لا والله ما يسرني أنّ لي الدنيا بما فيها ذهبا وفضة وانى على خلاف ما أنا عليه، قال: فقال: فمن أيسر منكم فليشكر الله إنَّ اللهعزوجل يقول:( لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ) وقال سبحانه وتعالى:( اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٢ ـ في نهج البلاغة أوصيكم عباد الله بتقوى الله فانها حق الله عليكم، والموجبة على الله حقكم، وان تستعينوا عليها بالله وتستعينوا بها على الله فان التقوى في اليوم الحرز والجنة(٤) ، وفي غد الطريق إلى الجنة، مسلكها واضح وسالكها رابح ومستودعها حافظ لم تبرح عارضة نفسها على الأمم الماضين والغابرين لحاجتهم إليها غدا إذا أعاد الله ما أبدى وأخذ ما اعطى وسأل عما أسدى فما أقل من قبلها وحملها حق حملها(٥)

__________________

(١) وفي بعض النسخ «سهل عن عبيد الله اه» وهو الظاهر.

(٢) الغضارة: طيب العيش.

(٣) الطاهر هو أبو الطيب أو أبو طلحة طاهر بن الحسين المعروف بذو اليمينين والى خراسان وهرثمة هو هرثمة بن أعين وهو من أصحاب الرضاعليه‌السلام وكلاهما من قواد المأمون وخدمته، وقد مر الحديث في المجلد الثاني صفحة ٥٢٧ وقد ذكر ما ترجمة الرجلين مختصرا في الذيل فراجع.

(٤) الجنة ـ بضم الجيم ـ: ما يستتر به.

(٥) قولهعليه‌السلام : «مستودعها حافظه يعنى الله سبحانه لأنه مستودع الأعمال كما قال الله ـ

٣٢٣

أولئك الأقلون وهم أهل صفة الله سبحانه إذ يقول:( وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ )

٣٣ ـ في مصباح الشريعة قال الصادقعليه‌السلام : ولو كان عند الله عبادة يتعبد بها عباده المخلصين أفضل من الشكر على كل حال لأطلق لفظه فيهم من جميع الخلق بها، فلما لم يكن أفضل منها خصها من بين العبادات، وخص أربابها، فقال:( وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ ) .

٣٤ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من الاخبار النادرة في فنون شتى باسناده إلى الحسين بن خالد عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن عليعليهم‌السلام قال: إنّ سليمان بن داودعليهما‌السلام قال ذات يوم لأصحابه: إنّ الله تعالى وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعد، سخر لي الريح والانس والجن والطير والوحوش، وعلمني منطق الطير، وآتاني من كل شيء ومع جميع ما أوتيت من الملك ما تم لي سرور يوم إلى الليل وقد أحببت أن أدخل قصرى في غد فأصعد أعلاه وأنظر إلى ممالكي، ولا تأذنوا لأحد على ما ينغص عليَّ يومى(١) قالوا: نعم فلما كان من الغد أخذ عصاه بيده وصعد إلى أعلى موضع من قصره، ووقف متكئا على عصاه ينظر إلى ممالكه سرورا بما

__________________

سبحانه( إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً ) قاله المحقق الخوئى والشارح المعتزلي وعن الراوندي (قده) انه أراد بالمستودع قلب الإنسان ويجوز ان يراد بالمستودع الملائكة الحفظة التي هي وسائط بين الخلق وبين الله وقولهعليه‌السلام «لم تبرح عارضة نفسها اه» قال الشارح المعتزلي: كلام فصيح لطيف يقول: إنَّ التقوى لم تزل عارضة نفسها على من سلف من القرون فقبلها القابل منهم شبهها بالمرئة العارضة نفسها نكاحا على قوم فرغب فيها مر رغب وزهد من زهد.

وأسدى اليه: أحسن وقوله عليه‌السلام «وسأل عما أسدى» أي سئل أرباب الثروة عما أسدى وأحسن إليهم من النعم والآلاء فيم صرفوها وفيم أنفقوها؟ قوله عليه‌السلام «فما أقل من قبلها» يعنى ما أفل من قبل التقوى العارضة نفسه على الناس.

(١) نفص فلانا: كدر عينه.

٣٢٤

أعطى، إذا نظر إلى شاب حسن الوجه واللباس قد خرج عليه من بعض زوايا قصره، فلمّا بصر به سليمانعليه‌السلام قال له: من أدخلك إلى هذا القصر وقد أردت أنْ أخلو فيه اليوم فبإذن من دخلت؟ قال الشاب: أدخلني هذا القصر ربه وباذنه دخلت، قال: ربه أحق به منى فمن أنت؟ قال: أنا ملك الموت قال: وفيما جئت؟ قال: جئت لأقبض روحك قال: امض لما أمرت به فهذا يوم سروري وأبى اللهعزوجل أنْ يكون لي سرور دون لقائه فقبض ملك الموت روحه وهو متكئ على عصاه، فبقي سليمان متكئا على عصاه وهو ميت ما شاء الله، والناس ينظرون إليه وهم يقدرون انه حي فافتنوا فيه واختلفوا فمنهم من قال: إنّ سليمان قد بقي متكئا على عصاه هذه الأيام الكثيرة ولم يتعب ولم ينم ولم يأكل ولم يشرب، انه لربنا الذي يجب علينا أنْ نعبده، وقال قوم: إنَّ سليمان ساحر وانه يرينا انه وقف متكئ على عصاه يسحر أعيننا وليس كذلك، فقال المؤمنون: إنَّ سليمان هو عبد الله ونبيه يدبر الله أمره بما يشاء فلما اختلفوا بعث اللهعزوجل دابة الأرض فدبت في عصاه، فلما أكلت جوفها انكسرت العصا وخر سليمان من قصره على وجهه، فشكرت الجن للارضة صنيعها، فلأجل ذلك لا توجد الارضة في مكان إلّا وعندها ماء وطين، وذلك قول اللهعزوجل :( فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ ) ثم قال الصادقعليه‌السلام : والله ما نزلت هذه الآية هكذا وانما نزلت:( فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الإنْسُ أنَّ الْجِنُّ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ ) .

٣٥ ـ في كتاب علل الشرائع مثل ما نقلناه عن عيون الأخبار إلّا أنّ آخرها وانما نزلت:( فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ الإنس لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ ) .

٣٦ ـ حدّثنا أبي رضى الله عنه قال: حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه إبراهيم بن هاشم عن ابن أبي عمير عن أبان عن أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: أمر سليمان بن داود الجن فصنعوا له قبة من قوارير، فبينا هو متكئ على عصاه في القبة ينظر إلى الجن كيف ينظرون إليه إذ حانت منه التفاتة فاذا رجل معه في القبة، قال له: من أنت؟ قال :

٣٢٥

انا الذي لا أقبل الرشا ولا أهاب الملوك، انا ملك الموت فقبضه وهو قائم متكئ على عصاه في القبة والجن ينظرون اليه، قال: فمكثوا سنة يدأبون له(١) حتى بعث اللهعزوجل الارضة فأكلت منسأته وهي العصا،( فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ ) قال أبو جعفرعليه‌السلام إنَّ الجن يشكرون الارضة ما صنعت بعصا سليمان، فما تكاد تراها في مكان إلّا وعندها ماء وطين.

٣٧ ـ وباسناده إلى الحسن بن علي بن عقبة عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لقد شكرت الشياطين الارضة حين أكلت عصا سليمانعليه‌السلام حتى سقط وقالوا عليك الخراب وعلينا الماء والطين، فلا تكاد تراها في موضع إلّا رأيت ماء أو طينا.

٣٨ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن جعفر عن أبيه عن جده عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: عاش سليمان بن داود سبعمائة سنة واثنى عشر سنة.

٣٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبان بن عثمان عن أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ سليمان بن داودعليهما‌السلام أمر الجن فبنوا له بناء من قوارير، قال: فبينما هو متك على عصاه ينظر إلى الشياطين كيف يعملون وينظرون إليه إذ حانت منه التفاتة، فاذا هو برجل معه في القبة ففزع منه فقال: من أنت؟ فقال: أنا الذي لا أقبل الرشا ولا أهاب الملوك انا ملك الموت فقبضه وهو متكئ على عصاه، فمكثوا سنة يبنون وينظرون إليه ويدأبون له ويعملون حتى بعث الله تعالى الارضة، فأكلت منسأته وهي العصا،( فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ ) فالجن تشكر الارضة بما عملت بعصا سليمان قال: فلا تكاد تراها في مكان إلّا وعندها ماء وطين.

٤٠ ـ في روضة الكافي ابن محبوب عن جميل بن صالح عن الوليد بن صبيح عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ اللهعزوجل أوحى إلى سليمان بن داودعليه‌السلام أنّ آية موتك أنّ شجرة تخرج من بيت المقدس يقال لها الخرنوبة، قال: فنظر سليمان يوما فاذا الشجرة الخرنوبة قد طلعت من بيت المقدس فقال لها: ما اسمك؟ قالت: الخرنوبة

__________________

(١) دأب في عمله: جد وتعب واستمر عليه.

٣٢٦

قال: فولى سليمان مدبرا إلى محرابه، فقام فيه متكيا على عصاه فقبض روحه من ساعته، قال: فجعلت الجن والانس يخدمونه ويسعون في أمره كما كانوا، وهم يظنون انه حي لم يمت يغدون ويروحون وهو قائم ثابت حتى دبت الأرض من عصاه، فأكلت منسأته، فانكسرت وخر سليمان إلى الأرض، أفلا تسمع لقولهعزوجل :( فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ ) .

٤١ ـ في مجمع البيان وفي الشواذ تبينت الانس وهي قراءة علي بن الحسين وأبى عبد اللهعليهما‌السلام .

٤٢ ـ وفيه وفي حديث آخر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان آصف بن برحيا يدبر أمره حتى دبت الارضة.

٤٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ ) قال فان بحرا كان من اليمن وكان سليمانعليه‌السلام أمر جنوده أنْ يجروا لهم خليجا من البحر العذب إلى بلاد الهند ففعلوا ذلك وعقدوا له عقدة من الصخر والكلس(١) حتى يفيض على بلادهم وجعلوا للخليج مجاريا، فكانوا إذا أرادوا أنْ يرسلوا منه الماء أرسلوا بقدر ما يحتاجون اليه، وكانت لهم عن يمين وشمال عن مسيرة عشرة أيام فيها يمر(٢) لا يقع عليه الشمس من التفافها، فلما عملوا بالمعاصي وعتوا عن أمر ربهم ونهاهم الصالحون فلم ينتهوا بعث اللهعزوجل على ذلك السد الجرذ وهي الفارة الكبيرة، وكانت تقلع الصخرة التي لا يستقلها الرجال وترمى بها، فلما راى ذلك قوم منهم هربوا وتركوا البلاد، فما زال الجرذ تقلع الحجر حتى خرب ذلك السد، فلم يشعروا حتى غشيهم السيل وخرب بلادهم وقلع أشجارهم.

٤٤ ـ في مجمع البيان وفي الحديث عن فروة بن مسيك قال: سألت رسول الله

__________________

(١) الكلس: الصاروج يبنى به.

(٢) كذا في النسخ وفي المصدر «فيما يمر» وفي البحار «فيمن يمر» وفي تفسير البرهان «فيها ثمر لا يقع عليها الشمس».

٣٢٧

صلى‌الله‌عليه‌وآله عن سبأ أرجل هو أم امرأة؟ فقال: هو رجل من الغرب ولد عشرة، تيامن منهم ستة، وتشأم منهم أربعة، فاما الذين تيامنوا فالأزد وكندة ومذحج والأشعرون وأنمار وحمير، فقال رجل من القوم: ما أنمار؟ قال: الذين منهم خثعم وبجلية واما الذين تشأموا فعاملة وجذام ولخم وغسان.

٤٥ ـ في روضة الكافي محمد عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن جميل ابن صالح عن سدير قال: سأل رجل أبا جعفرعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ) فقال: هؤلاء قوم، كانت لهم قرى متصلة ينظر بعضهم إلى بعض، وأنهار جارية وأموال ظاهرة فكفروا بأنعم الله وغيروا ما بأنفسهم فأرسل اللهعزوجل عليهم سيل العرم ففرق قراهم وأخرب ديارهم وأبدلهم مكان جناتهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل ثم قال اللهعزوجل ( ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ ) .

٤٦ ـ وباسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام خطبة لأمير المؤمنين وفيها يقولعليه‌السلام : وا أسفا من فعلات شيعتي من بعد قرب مودتها اليوم كيف يستذل بعدي بعضها بعضا، وكيف يقتل بعضها بعضا المتشتتة غدا عن الأصل، النازلة بالفرع، المؤملة الفتح من غير جهته، كل حزب منهم آخذ بغصن، أينما مال الغصن مال معه، مع أنّ الله - وله الحمد- سيجمع هؤلاء لشر يوم لبني امية كما يجمع قزع الخريف يؤلف بينهم ثم يجعلهم ركاما(١) كركام السحاب، ثم يفتح لهم أبوابا يسيلون من مستشارهم(٢) كسيل الجنتين سيل العرم، حيث بعث إليه فارة فلم يثبت عليه أكمة ولم يرد سننه رض طود يذعذعهم في

__________________

(١) القزع: قطع السحاب المتفرقة وانما خص الخريف لأنه أول الشتاء والسحاب يكونه فيه متفرقة غير متراكم قاله في النهاية. والركام: المتراكب بعضه فوق بعض.

(٢) أي محل انبعاثهم وتهييجهم، قال الفيض (ره) في الوافي: وكأنه أشارعليه‌السلام بذلك إلى فتن أبي مسلم المروزي واستئصالهم لبني امية، وانما شبههم بسيل العرم لتخريبهم البلاد وأهلها الذين كانوا في خفض ودعة.

٣٢٨

بطون أودية(١) ثم يسلكهم ينابيع في الأرض يأخذ بهم من قوم حقوق قوم، ويمكن من قوم لديار قوم تشريدا لبني امية(٢) .

٤٧ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن جميل بن صالح عن سدير قال: سأل رجل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ) الآية فقال: هؤلاء قوم كانت لهم قرى متصلة ينظر بعضهم إلى بعض، وأنهار جارية وأموال ظاهرة، فكفروا نعم اللهعزوجل وغيروا ما بأنفسهم من عافية الله، فغير الله ما بهم من نعمة، و( إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ ) فأرسل الله عليهم سيل العرم، ففرق قراهم وخرب ديارهم، وأذهب بأموالهم وأبدلهم مكان جناتهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل، ثم قال:( ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ ) .

٤٨ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله وعن أبي حمزة الثمالي قال: دخل قاض من قضاة أهل الكوفة على عليِّ بن الحسينعليهما‌السلام فقال له جعلني الله فداك أخبرنى عن قول اللهعزوجل :( وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ ) فقال له: ما يقول الناس فيها قبلكم بالعراق؟ قال: يقولون انها مكة، قال: وهل رأيت السرق في موضع أكثر منه بمكة قال: فما هو؟ قال: انما عنى الرجال، قال: وان ذلك في كتاب الله أو ما تسمع إلى قولهعزوجل :( وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أمر رَبِّها وَرُسُلِهِ ) وقال:( وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ ) وقال:( وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها ) فليسأل القرية أو الرجال أو العير؟ قال: وتلا عليه آيات في هذا المعنى قال: جعلت فداك فمن هم؟ قال: نحن هم قال: أو لم تسمع إلى قوله:( سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ ) قال: آمنين من الزيغ.

__________________

(١) الأكمة: النل. والرض: الدق الجريش والطود: الجبل. والمجرور في «سننه» كما قاله في الوافي يرجع إلى السيل أو إلى الله تعالى والذعذعة بالذالين: التفريق.

(٢) التشريد: التنغير.

٣٢٩

٤٩ ـ وعن أبي حمزة الثمالي قال: أتى الحسن البصري(١) أبا جعفرعليه‌السلام فقال: لا سألك عن أشياء من كتاب الله فقال له أبو جعفر: الست فقيه أهل البصرة؟ قال قد يقال ذلك فقال له أبو جعفرعليه‌السلام : هل بالصبرة أحد تأخذ عنه؟ قال: لا قال فجميع أهل البصرية يأخذون عنك؟ قال: نعم فقال أبو جعفرعليه‌السلام : سبحان الله لقد تقلدت عظيما من الأمر بلغني عنك أمر فما أدرى أكذاك أنت أم يكذب عليك؟ قال: ما هو؟ قال: زعموا انك تقول أنّ الله خلق العباد ففوض إليهم أمورهم؟ قال: فسكت فقال: أرأيت من قال له الله في كتابه: انك آمن، هل عليك خوف بعد هذا القول منه؟ فقال أبو جعفرعليه‌السلام : انى اعرض إليك آية وانهى إليك خطبا ولا أحسبك إلّا وقد فسرته على غير وجهه، فان كنت فعلت ذلك فقد هلكت وأهلكت فقال له: وما هو؟ فقال: أرأيت حيث يقول( وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ ) يا حسن بلغني انك أفتيت الناس فقلت: هي مكة! فقال أبو جعفرعليه‌السلام : فهل يقطع على من حج مكة وهل يخاف أهل مكة وهل تذهب أموالهم فمتى يكونوا آمنين؟ بل فينا ضرب الله الأمثال في القرآن فنحن القرى التي بارك الله فيها، وذلك قول اللهعزوجل فيمن أقر بفضلنا حيث أمرهم أنْ يأتونا فقال:( وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً ) والقرى الظاهرة الرسل والنقلة عنا إلى شيعتنا وفقهاء شيعتنا إلى شيعتنا وقوله:( وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ ) والسير مثل للعلم( سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً ) مثل لما يسير من العلم في الليالي والأيام عنا إليهم في الحلال والحرام و

__________________

(١) هو رئيس القدرية أبو سعيد بن أبي الحسن يسار مولى زيد بن ثابت الأنصاري أخو سعيد وعمارة وأمهم خيرة مولاة أم سلمة زوج النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وكان أحد الزهاد الثمانية عند الناس وكان يلقى الناس بما يهوون ويتصنع للرياسة قال ابن أبي الحديد: وممن قيل انه يبغض عليا ويذمه الحسن بن أبي الحسن البصري وروى انه كان من المخذلين عن نصرته عليه‌السلام وكان ممن دعا عليه أمير المؤمنين عليه‌السلام بقوله: أطال الله حزنك، قال أيوب السجستاني: فما رأينا الحسن قطّ إلّا حزينا كأنه رجع عن دفن حميم أو خربندج ـ أي مكارى ـ ضل حماره فقلت له في ذلك؟ فقال: عمل في دعوة الرجل الصالح.

٣٣٠

الفرائض والأحكام «آمنين» فيها إذا أخذوا عن معدنها الذي أمروا أنْ يأخذوا منه آمنين من الشك والضلال، والنقلة من الحرام إلى الحلال، لأنهم أخذوا العلم ممن وجب لهم يأخذهم إياه عنهم المغفرة، لأنهم أهل ميراث العلم من آدم إلى حيث انتهوا ذرية مصفاة بعضها من بعض فلم ينته الاصطفاء إليكم بل إلينا انتهى، ونحن تلك الذرية المصطفاة لا أنت وأشباهك يا حسن، فلو قلت لك حين ادعيت ما ليس لك وليس إليك يا جاهل أهل البصرة لم أقل فيك إلّا ما علمته منك، وظهر لي عنك، وإياك أنْ تقول بالتفويض، فانّ الله جلّ وعزّ لم يفوّض الأمر إلى خلقه وهنا منه وضعفا، ولا أجبرهم على معاصيه ظلما والخبر طويل أخذنا منه موضع الحاجة «انتهى».

٥٠ ـ في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن محمد بن سنان عن زيد الشحام قال: دخل قتادة بن دعامة البصري(١) على أبي جعفرعليه‌السلام فقال: يا قتادة أنت فقيه أهل البصرة؟ فقال: هكذا يزعمون فقال أبو جعفرعليه‌السلام : بلغني انك تفسر القرآن؟ قال له قتادة: نعم. قال أبو جعفر: بعلم تفسره أم بجهل؟ قال: لا، بعلم فقال له أبو جعفرعليه‌السلام : فان تفسره بعلم فأنت أنت(٢) والا أنا أسألك، فقال لقتادة: سل، قال: أخبرنى عن قول اللهعزوجل في سبأ: «و( قَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ ) فقال قتادة: ذاك من خرج من بيته بزاد وراحلة وكراء حلال يريد هذا البيت كان آمنا حتى يرجع إلى أهله، فقال أبو جعفرعليه‌السلام : نشدتك بالله يا قتادة هل تعلم انه قد يخرج الرجل من بيته بزاد حلال وكراء حلال يريد هذا البيت فيقطع عليه الطريق فتذهب نفقته ويضرب مع ذلك ضربة فيها اجتياحه(٣) قال قتادة: أللّهمّ نعم، فقال أبو جعفرعليه‌السلام : ويحك يا قتادة إنْ كنت انما فسّرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت، وإنْ كنت قد أخذته من

__________________

(١) هو من مشاهير محدثي العامّة ومفسّريهم.

(٢) قال المجلسي (ره): أي فأنت العالم المتوحد الذي لا يحتاج إلى المدح والوصف وينبغي أنْ يرجع إليك في العلوم.

(٣) الاجتياح: الإهلاك.

٣٣١

الرجال فقد هلكت وأهلكت ويحك يا قتادة ذلك من خرج من بيته بزاد وراحلة وكراء حلال يروم(١) هذا البيت عارفا بحقنا يهوانا بقلبه، كما قال اللهعزوجل :( فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ) ولم يعن البيت فيقول: «اليه» فنحن والله دعوة إبراهيم صلى الله عليه من هوانا قلبه قبلت حجته والا فلا، يا قتادة فاذا كان كذلك كان آمنا من عذاب جهنم يوم القيامة، قال قتادة: لا جرم والله لا فسرتها إلّا هكذا فقال أبو جعفرعليه‌السلام ويحك يا قتادة انما يعرف القرآن من خوطب به.

٥١ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن صالح الهمداني قال: كتبت إلى صاحب الزمانعليه‌السلام أنّ أهل بيتي يؤذوننى ويقرعوني بالحديث الذي روي عن آبائكعليهم‌السلام انهم قالوا: خدامنا وقوامنا شرار خلق الله فكتبعليه‌السلام : ويحكم ما تعرفون ما قال اللهعزوجل :( وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً ) نحن والله القرى التي بارك الله فيها وأنتم القرى الظاهرة. قال عبد الله بن جعفر: وحدثنا بهذا الحديث علي بن محمد الكليني عن محمد بن صالح عن صاحب الزمانعليه‌السلام .

٥٢ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى أبي زهر شيب بن أنس عن بعض أصحاب أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال أبو عبد الله لأبي حنيفة: يا أبا حنيفة تعرف كتاب الله حق معرفته وتعرف الناسخ والمنسوخ؟ قال: نعم قال: يا أبا حنيفة لقد ادعيت علما ويلك ما جعل الله إلّا عند أهل الكتاب الذين انزل عليهم: ويلك ولا هو إلّا عند الخاص من ذرية نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله وما ورثك الله من كتابه حرفا، فان كنت كما تقول ولست كما تقول فأخبرنى عن قول اللهعزوجل :( سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ ) اين ذلك من الأرض؟ قال: احسبه ما بين مكة والمدينة، فالتفت أبو عبد اللهعليه‌السلام إلى أصحابه فقال: تعلمون ان الناس يقطع عليهم ما بين المدينة ومكة فتؤخذ أموالهم ولا يؤمنون على أنفسهم ويقتلون؟ قالوا: نعم، قال: فسكت أبو حنيفة، فقال: يا أبا حنيفة أخبرنى عن قول

__________________

(١) يروم أي يقصد.

٣٣٢

اللهعزوجل :( وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً ) اين ذلك من الأرض؟ قال: الكعبة قال: أفتعلم ان الحجاج بن يوسف حين وضع المنجنيق على ابن الزبير فقتله كان آمنا فيها؟ قال: فسكت، فقال أبو بكر الحضرمي: جعلت فداك الجواب في المسئلتين؟ فقال: يا أبا بكر( سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ ) فقال: مع قائمنا أهل البيت، واما قوله:( وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً ) فمن بايعه ودخل معه ومسح على يده ودخل في عقدة أصحابه كان آمنا، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥٣ ـ وباسناده إلى أبي سعيد الخدري عن النبي حديث طويل يقول فيهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا بلال اصعد أبا قبيس فناد عليه أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حرم الجري(١) والضب والحمر الاهلية، ألآ فاتقوا الله ولا تأكلوا من السمك إلّا ما كان له قشر، ومع القشر فلوس، إنَّ الله تبارك وتعالى مسخ سبعمائة امة عصوا الأوصياء بعد الرسل، فأخذ أربعمائة امة منهم برا وثلاثمأة امة منهم بحرا، ثم تلا هذه الآية وجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق.

٥٤ ـ في مجمع البيان وفي الحديث عن فروة بن مسيك قال: سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن سبأ، أرجل هو أم امرأة(٢) الحديث وقد تقدم أوائل قصة سبأ.

٥٥ ـ في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن سليمان عن عبد الله بن محمد اليماني عن مسمع بن الحجاج عن صباح الحذاء عن صباح المزني عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: لما أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيد عليٍّعليه‌السلام يوم الغدير صرخ إبليس في جنوده صرخة، فلم يبق منهم في بر ولا بحر إلّا أتاه، فقالوا: يا سيدهم ومولاهم(٣) ماذا دهاك فيما سمعنا لك صرخة أوحش من صرختك هذه؟ فقال لهم: فعل

__________________

(١) الجري: صنف من السمك في ظهره طول وفي فمه سعة وليس له عظم الأعظم اللحيين والسلسلة.

(٢) مرّ الحديث تحت رقم ٤٤ فراجع.

(٣) قال المجلسي (ره) في كتاب مرآة العقول: أي قالوا يا سيدنا ويا مولانا وانما غيره لئلا يوهم انصرافه إليه (عليه السلام) وهذا شايع في كلام البلغاء في نقل أمر لا يرضى القائل لنفسه كما في قوله تعالى( أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ ) . وقوله: ماذا دهاك يقال: دهاه إذا اصابته داهية.

٣٣٣

هذا النبي فعلا إنْ تمَّ لم يعص الله أبدا، فقالوا: يا سيدهم أنت كنت لآدم، فلمّا قال المنافقون: انه ينطق عن الهوى وقال أحدهما لصاحبه: اما ترى عينيه تدوران في رأسه كأنه مجنون ـ يعنون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ صرخ إبليس صرخة بطرب فجمع أوليائه فقال: أما علمتم انى كنت لادم من قبل؟ قالوا: نعم قال: آدم نقض العهد ولم يكفر بالرب، وهؤلاء نقضوا العهد وكفروا بالرسول: فلما قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأقام الناس غير عليٍّ لبس إبليس تاج الملك ونصب منبرا وقعد في الزينة(١) وجمع خيله ورجله ثم قال لهم: اطربوا لا يطاع الله حتى يقوم امام وتلا أبو جعفر:عليه‌السلام ( وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) قال أبو جعفرعليه‌السلام : كان تأويل هذه الآية لما قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والظن من إبليس حين قالوا لرسول الله انه ينطق عن الهوى، فظن بهم إبليس ظنا فصدقوا ظنه.

٥٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن ابن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لما أمر الله نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنْ ينصب أمير المؤمنين للناس في قوله:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) في عليٍّ» بغدير خم فقال: من كنت مولاه فعليٌّ مولاه، فجاء الأبالسة إلى إبليس الأكبر وحثوا التراب على رؤسهم فقال لهم إبليس: ما لكم؟ قالوا إنَّ هذا الرجل قد عقد اليوم عقدة لا يحلها شيء إلى يوم القيامة فقال لهم إبليس: كلا إنّ الذين حوله قد وعدوني فيه عدة لن يخلفوني فأنزل اللهعزوجل على رسوله:صلى‌الله‌عليه‌وآله ( وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ ) الآية.

٥٧ ـ وقولهعزوجل :( وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ) قال: لا يشفع أحد من أنبياء الله ورسله يوم القيامة حتى يأذن الله له إلّا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فان اللهعزوجل قد اذن له في الشفاعة من قبل يوم القيامة، والشفاعة له وللائمة صلوات الله عليهم ثم بعد ذلك للأنبياءعليهم‌السلام .

قال: حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار عن أبي العباس المكبر قال: دخل مولى لامرأة علي بن الحسين صلوات الله عليهما على أبي جعفر صلوات الله عليه يقال له أبو أيمن فقال له: يا أبا جعفر تغرون الناس وتقولون شفاعة محمد

__________________

(١) وفي المصدر «وقعد في الوثبة» والوثبة: الوسادة.

٣٣٤

شفاعة محمد؟! فغضب أبو جعفرعليه‌السلام حتى تربد وجهه(١) ثم قال: ويحك يا أبا أيمن أغرك إنْ عف بطنك وفرجك؟ أما لو قد رأيت افزاع القيامة لقد احتجت إلى شفاعة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ويلك وهل يشفع إلّا لمن وجبت له؟ ثم قال: ما من أحد من الأولين والآخرين إلّا وهو محتاج إلى شفاعة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم القيامة، ثم قال أبو جعفرعليه‌السلام : إنَّ لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الشفاعة في أمته، ولنا الشفاعة في شيعتنا، ولشيعتنا شفاعة في أهاليهم، ثم قال: وإنَّ المؤمن ليشفع في مثل ربيعة ومضر، وإنَّ المؤمن ليشفع حتى لخادمه، يقول: يا ربّ حقّ خدمتي كان يقيني الحرّ والبرد.

٥٨ ـ وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ما ذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ) وذلك أنّ أهل السموات لم يسمعوا وحيا فيما بين أنْ بعث عيسى بن مريم إلى أنْ بعث محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلما بعث الله جبرئيل إلى محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله سمع أهل السموات صوت وحي القرآن كوقع الحديد على الصفا، فصعق أهل السموات فلما فرغ عن الوحي انحدر جبرئيلعليه‌السلام كلما مر بأهل سماء فزع عن قلوبهم، يقول كشف عن قلوبهم، فقال بعض لبعض: ماذا قال ربكم؟ قالوا الحق وهو العلى الكبير.

٥٩ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن أمير المؤمنينعليه‌السلام كلام طويل وفيه: واما قولكم انى شككت في نفسي حيث قلت للحكمين: انظرا فان كان معاوية أحق بها منى فأثبتاه، فان ذلك لم يكن شكا منى ولكني أنصفت في القول قال الله :( وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) ولم يكن ذلك شكا وقد علم الله أنّ نبيه على الحق.

٦٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثنا علي بن جعفر قال: حدّثني محمد بن عبد الله الطائي قال: حدّثنا محمد بن أبي عمير قال: حدّثنا حفص الكناني قال: سمعت عبد الله بن بكير الرجالي قال: قال لي الصادق جعفر بن محمد صلوات الله عليهما: أخبرنى عن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله كان عاما للناس أليس قد قال اللهعزوجل في محكم كتابه :

__________________

(١) تربد لونه: تغير.

٣٣٥

( وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ ) لأهل الشرق والغرب وأهل السماء والأرض من الجن والانس هل بلغ رسالته إليهم كلهم؟ قلت: لا أدرى، قال: يا ابن بكير إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يخرج من المدينة فكيف أبلغ أهل الشرق والغرب؟ قلت: لا أدرى، قال: إنّ الله تعالى أمر جبرئيلعليه‌السلام فاقتلع الأرض بريشة من جناحه ونصبها لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فكانت بين يديه مثل راحة في كفه ينظر إلى أهل الشرق والغرب، ويخاطب كل قوم بألسنتهم، ويدعوهم إلى اللهعزوجل والى نبوته بنفسه، فما بقيت قرية ولا مدينة إلّا ودعاهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بنفسه.

٦١ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد عن أبي نصر وعدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن محمد بن مروان جميعا عن أبان عن عثمان عمن ذكره عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الله تبارك وتعالى اعطى محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله شرايع نوح وإبراهيم وموسى وعيسى، إلى أنْ قال: وأرسله كافة إلى الأبيض والأسود والجن والانس.

٦٢ ـ في كتاب الخصال عن أبي أمامة قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فضلت بأربع خصال: جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، إلى قوله: وأرسلت إلى الناس كافة.

٦٣ ـ في مجمع البيان عن ابن عباس عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أعطيت خمسا ولا أقول فخرا بعثت إلى الأحمر والأصفر (الأسود خ) الحديث.

٦٤ ـ في روضة الواعظين للمفيدرحمه‌الله قال علي بن الحسينعليهما‌السلام كان أبو طالب يضرب عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بسيفه ويقيه بنفسه، إلى أنْ قال: فقالوا: يا أبا طالب سله: أرسله الله إلينا خاصة أم إلى الناس كافة؟ فقال أبو طالب: يا ابن أخ إلى الناس كافة أرسلت أم إلى قومك خاصة؟ قال: لا، بل إلى الناس أرسلت كافة الأبيض والأسود والعربي والعجمي، والذي نفسي بيده لا دعون إلى هذا الأمر الأبيض والأسود ومن على رؤس الجبال ومن في لجج البحار، ولا دعون السنة فارس والروم.

٦٥ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام حديث طويل وفيه: وان الأنبياء بعثوا خاصة وعامة، فاما نوح :

٣٣٦

فانه أرسل إلى من في الأرض بنبوة عامة ورسالة عامة. واما هود: فانه أرسل إلى عاد بنبوة خاصة، واما صالح: فانه أرسل إلى ثمود وهي قرية واحدة لا تكمل أربعين بيتا على ساحل البحر صغيرة، واما شعيب: فانه أرسل إلى مدين وهي لا تكمل أربعين بيتا، واما إبراهيم: نبوته بكوثا وهي قرية من قرى السواد فيها بدا أول امره، ثم هاجر منها وليست بهجرة، فقال في ذلك قولهعزوجل :( إِنِّي مُهاجِرٌ إلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) وكانت هجرة إبراهيم بغير قتال، واما إسحق: فكانت نبوته بعد إبراهيم، واما يعقوب: فكانت نبوته بأرض كنعان ثم هبط إلى الرض مصر فتوفي فيها، ثم حمل بعد ذلك جسده حتى دفن بأرض كنعان، والرؤيا التي راى يوسف الأحد عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدين، وكانت نبوته بأرض مصر بدوها، ثم إنّ الله تبارك وتعالى أرسل الأسباط اثنى عشر بعد يوسف، ثم موسى وهارون إلى فرعون وملائه إلى أرض مصر وحدها، ثم إنّ الله تبارك وتعالى أرسل يوشع بن نون إلى بنى إسرائيل من بعد موسى فنبوته بدوها في البرية التي تاه فيها بنوا إسرائيل، ثم كانت أنبياء كثيرة منهم من قصه اللهعزوجل على محمد ومنهم من لم يقصصه على محمد، ثم إنّ اللهعزوجل أرسل عيسىعليه‌السلام إلى بنى إسرائيل خاصة وكانت نبوته ببيت المقدس، وكانت من بعده الحواريون اثنا عشر، فلم يزل الايمان يستتر في بقية أهله منذ رفع الله عيسىعليه‌السلام ، ثم أرسل الله محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الجن والانس عامة وكان خاتم الأنبياء.

٦٦ ـ وباسناده إلى محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام حديث طويل وفيه يقولعليه‌السلام : فمكث نوح ألف سنة إلّا خمسين عاما لم يشاركه في نبوته أحد.

٦٧ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام مثل ما نقلنا عن كتاب كمال الدين وتمام النعمة أخيرا سواء.

٦٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: وأسروا الندامة لما رأوا العذاب قال: يسرون الندامة في النار إذا رأوا اولى الله، فقيل: يا رسول الله وما يغنيهم اسرارهم

٣٣٧

الندامة وهم في العذاب؟ قال: يكرهون شماتة الأعداء.

٦٨ ـ في نهج البلاغة واما الأغنياء من مترفة الأمم فتعصبوا لآثار مواقع النعم فقالوا:( نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ) فان كان لا بد من العصبية فليكن تعصبكم لمكارم الخصال ومحامد الأفعال ومحاسن الأمور التي تفاضلت فيها المجداء والنجداء من بيوتات العرب ويعاسيب القبائل(١) بالأخلاق الرغيبة والأحلام العظيمة والاخطار(٢) الجليلة والآثار المحمودة.

٦٩ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى أبي بصير قال: ذكرنا عند أبي جعفرعليه‌السلام من الأغنياء من الشيعة فكأنه كره ما سمع منا فيهم، قال: يا أبا محمد إذا كان المؤمن غنيا رحيما وصولا له معروف إلى أصحابه، أعطاه الله أجر ما ينفق في البر أجره مرتين ضعفين، لان اللهعزوجل يقول في كتابه:( وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ ) .

٧٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وذكر رجل عند أبي عبد اللهعليه‌السلام الأغنياء ووقع فيهم فقال أبو عبد الله: اسكت فان الغنى إذا كان وصولا لرحمه، بارا بإخوانه، أضعف الله له الأجر ضعفين، لان الله يقول:( وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ ) .

٧١ ـ في أمالي شيخ الطائفةقدس‌سره باسناده إلى أمير المؤمنين حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : حتى إذا كان يوم القيامة حسب لهم ثم أعطاهم بكل واحدة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال اللهعزوجل :( جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً ) وقال:( فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ ) .

__________________

(١) تفاضلت فيها أي تزايدت والمجداء جمع ماجد والمجد: الشرف في الاباء والنجداء: الشجعان والواحد: النجد. ويعاسيب القبائل رؤساؤها.

(٢) الرغيبة. الخصلة يرغب فيها، والأحلام: العقول. والاخطار: الأقدار.

٣٣٨

٧٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل :( وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) قال :فانه حدّثني أبي عن حماد عن حريز عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الرب تبارك وتعالى ينزل أمره كل ليلة جمعة إلى السماء الدنيا من أول الليل، وفي كل ليلة في الثلث الأخير وامامه ملك ينادى: هل من تائب يتاب عليه، هل من مستغفر يغفر له، هل من سائل فيعطى سؤله أللّهمّ أعط كل منفق خلفا وكل ممسك تلفا، إلى أنْ يطلع الفجر، فاذا طلع الفجر عاد أمر الرب تبارك وتعالى إلى عرشه فيقسم أرزاق العباد، ثم قال للفضيل بن يسار: يا فضيل يصيبك من ذلك وهو قول الله:( وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ) إلى قوله: «أكثرهم بهم يؤمنون».

٧٣ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن عثمان بن عيسى عمن حدثه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قلت آيتين في كتاب الله أطلبهما فلا أجدهما قال: وما هما؟ قلت: قول اللهعزوجل :( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) إلى أنْ قال: ثم قال: وما الآية الاخرى؟ قلت: قول اللهعزوجل :( وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) وانى أنفق ولا أرى خلفا قال: افترىعزوجل أخلف وعده؟ قلت: لا قال فمم ذلك؟ قلت: لا أدرى، قال: لو أنّ أحدكم اكتسب المال من حله وأنفقه في حله لم ينفق درهما إلّا اخلف عليه.

٧٤ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن يحيى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : من بسط يده بالمعروف إذا وجده يخلف الله له ما أنفق في دنياه، ويضاعف له في آخرته، والحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة.

٧٥ ـ في من لا يحضره الفقيه باسناده إلى أبان الأحمر عن الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام انه جاء إليه رجل فقال له: بأبى أنت وأمي عظني موعظة. فقالعليه‌السلام : وان كان الحساب حقا فالجمع لماذا وإذا كان الخلف من اللهعزوجل حقا فالبخل لماذا؟ الحديث.

٧٦ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من صدق بالخلف جاد بالعطية.

٣٣٩

٧٧ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن موسى بن راشد عن سماعة عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أيقن بالخلف سخت نفسه بالنفقة.

٧٨ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن بعض من حدثه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في كلام له: ومن بسط يده بالمعروف إذا وجده يخلف الله له ما أنفق في دنياه ويضاعف له في آخرته.

٧٩ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن عمر بن أذينة رفعه إلى أبي عبد الله وأبي جعفرعليهما‌السلام قال: ينزل الله المعونة من السماء إلى العبد بقدر المؤنة، ومن أيقن بالخلف سخت نفسه بالنفقة.

٨٠ ـ أحمد بن محمد عن أبيه عن الحسين بن أيمن عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال: يا حسين أنفق وأيقن بالخلف من الله، فانه لم يبخل عبد ولا امة بنفقة فيما يرضى اللهعزوجل إلّا أنفق أضعافها فيما يسخط الله.

٨١ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن صفوان بن يحيى عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: دخل عليه مولى فقال له: هل أنفقت اليوم شيئا؟ فقال: لا والله، فقال أبو الحسنعليه‌السلام : فمن أين يخلف الله علينا؟.

٨٢ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى وأحمد بن محمد بن خالد جميعا عن الحسن بن محبوب عن إبراهيم بن مهزم عن رجل عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ الشمس ليطلع ومعها أربعة أملاك: ملك ينادى: يا صاحب الخير أتم وأبشر وملك ينادى: يا صاحب الشر أنزع وأقصر، وملك ينادى أعط منفقا خلفا، وآت ممسكا تلفا، وملك ينضحها بالماء ولولا ذلك اشعلت الأرض.

٨٣ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن معاوية بن وهب عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من يضمن أربعة بأربعة أبيات في الجنة: أنفق ولا تخف فقرا وأنصف الناس من نفسك، وأفش السلام في العالم واترك المراء وان كنت محقا.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

[كالبرص والقرن وغير ذلك مما لا يطلع عليها الرجال، ويقبل فيه شهادة النساء منفردات اجماعا، ويقبل الرجال فيه ان اتفق، وعبارة القاضي يعطي المنع من قبول شهادة الرجال فيه(١) .

وشرط ابن ادريس في قبول شهادتهن في هذه المواضع تعذر الرجال(٢) . وهما نادران.

تحقيق وينقسم ما يقبل فيه شهادتهن إلى قسمين: أحدهما: ما يعتبر فيه كمال الاربع، ولا يمضي الاقل منهن. ومنه ما لا يعتبر فيه ذلك، بل يثبت كمال الحق بالاربع، ويثبت بكل واحدة الربع، ولا يشترط الاجتماع، فيمضي شهادة الواحدة في ربع ما شهدت به، والاثنين في النصف، والثلاثة في ثلاثة ارباع ويأخذ المدعي ذلك من غير يمين، وهو الوصية، وميراث المستهل. وان شهد مادون الاربع لتعذر الاربع لم يستحق المدعي الا بنسبة الشهادة.

وقال المفيد، وتلميذه: يقبل الواحدة المأمونة في الجميع مع تعذر الاربع(٣)(٤) ]

____________________

(١)المهذب: ج ٢ كتاب الشهادة ص ٥٥٨ س ١٣ قال: وثالثها: يجوز ذلك أيضا ولا يجوز ان يكون منهن احد من الرجال.

(٢)السرائر: باب شهادة النساء ص ١٨٧ س ٢٤ قال: وتقبل شهادة امرأة واحدة في ربع الوصية إلى قوله: وذلك لا يجوز الا عند عدم الرجال.

(٣)المقنعة: باب البينات ص ١١٢ س ٣٢ قال: واذا لم يوجد على ذلك الا شهادة امرأة واحدة مأمونة قبلت شهادتها فيه.

(٤)المراسم: ذكر احكام البينات ص ٢٣٣ س ١٧ قال: وتقبل فيه شهادة امرأة واحدة اذا كانت مأمونة.

٥٢١

وتقبلن منفردات في العذرة وعيوب النساء الباطنة. وتقبل شهادة القابلة في ربع ميراث المستهل، وامرأة واحدة في ربع الوصية، وكذا كل امرأة يثبت شهادتها في الربع حتى تكملن اربعا، فتقبل شهادتهن في الوصية اجمع. ولا ترد شهادة ارباب الصنائع المكروهة كالصياغة، ولا الصنائع الدنية كالحياكة والحجامة، ولو بلغت الدناء‌ة كالزبال والوقاد، ولا ذوي العاهات كالاجذم والابرص.

الثاني: فيما يصير به شاهدا وضابطه: العلم، ومستنده المشاهدة او السماع.

فالمشاهدة للافعال: كالغضب، والقتل، والسرقة، والرضاع، والولادة، والزنا، واللواط.

اما السماع: فيثبت به النسب، والملك، والوقف، والزوجية، ويصير الشاهد متحملا بالمشاهدة لما يكفي فيه المشاهدة، والسماع لما [وهو نادر.

وقال الحسن: يمضي شهادة القابلة وحدها اذا كانت عدلة(١) ولم يشترط التعذر، وهو غريب.

واما عدى الوصية والاستهلال يعتبر فيه كمال الاربع، ولا يمضي الثلاث منهن في شئ منه، هذا في المشهور، وقال ابوعلي: يقبل ما دون الاربع ويمضي بحسابه(٢) وهو متروك].

____________________

(١)و(٢) المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٦٤ س ١١ قال: وقال ابن أبي عقيل: اذا شهدت القابلة وحدها في الولادة فشهادتها جائزة وقال قبل ذلك باسطر: وقال ابن الجنيد: وكل امر لا يحضره الرجال إلى قوله: فان شهد بعضهن فبحساب ذلك.

٥٢٢

يكفي فيه السماع، وان لم يستدعه المشهود عليه. وكذا لو قيل له: لا تشهد فسمع من القائل مايوجب حكما. وكذا لو خبئ فنطق المشهود عليه. واذا دعي الشاهد للاقامة وجب الا مع ضرر غير مستحق، ولا يحل الامتناع مع التمكن. ولو دعي للتحمل فقولان: المروي الوجوب، ووجوبه على الكفاية، ويتعين مع عدم من يقوم بالتحمل.

[قال طاب ثراه: ولو دعى للتحمل فقولان: المروي الوجوب، ووجوبه على الكفاية.

أقول: ذهب الشيخ في النهاية والمبسوط إلى وجوبه على الكفاية(١) (٢) وبه قال التقي(٣) والمفيد(٤) وابوعلي(٥) وسلار(٦) وابن زهرة(٧) واختاره المصنف(٨) ]

____________________

(١)النهاية: باب كيفية الشهادة وكيفية اقامتها ص ٣٢٨ س ٢ قال: لا يجوز ان يمتنع الانسان من الشهادة اذا دعي اليها الخ.

(٢)المبسوط: ج ٨ فصل فيما يجب على المؤمن من القيام بالشهادة ص ١٨٦ س ٤ قال: اما التحمل فانه فرض في الجملة الخ.

(٣)الكافي: التكليف الثاني من الشهادات ص ٤٣٦ س ١٥ قال: يلزم من دعي من اهل الشهادة إلى قوله: الاجابة إلى ذلك.

(٤)المقنعة: باب البينات ص ١١٣ س ٤ قال: وليس لاحد ان يدعي إلى شئ ليسهد به او عليه فيمتنع من الاجابة الخ.

(٥)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧٠ س ٢٦ قال: وقال ابن الجنيد: ولا اختار للشاهد ان يمنع من الشهادة اذا دعي اليها الخ.

(٦)المراسم: ذكر احكام البينات ص ٢٣٤ س ٢ قال: ولا يجوز ان يمتنع من الشهادة الا ان يضر بالدين الخ.

(٧)الغنية (في ضمن الجوامع الفقهية) ص ٦٢٥ س ١٦ قال: واعلم: ان ادعي إلى تحمل الشهادة وهو من اهلها فعليه الاجابة.

(٨)لاحظ عبارة النافع.

٥٢٣

[والعلامة(١) .

وذهب ابن ادريس إلى عدمه(٢) .

احتج الاولون بوجوه: (الاول) قوله تعالى: " ولا يأب الشهداء اذا مادعوا "(٣) .

وقال ابن ادريس: انما يصير شاهدا بعد التحمل(٤) .

واجيب: بان الآية وردت في معرض الارشاد بالاشهاد، لانه تعالى أمر بالكتابة حال المداينة ونهى الكاتب عن الآباء، ثم أمر بالاشهاد، ونهى الشهداء عن الآباء.

(الثاني) رواية هشام بن سالم عن الصادق في قوله تعالى: " ولا يأب الشهداء " قال: قبل الشهادة، وقوله تعالى: " ومن يكتمها فانه اثم قلبه " قال: بعد الشهادة(٥) وهو نص في الباب، والتصريح يحمل الآية على التحمل لا الاداء.

(الثالث) صحيحة أبي الصباح عن الصادقعليه‌السلام في قوله تعالى: " ولا يأب الشهداء اذا مادعوا " قال: لا ينبغي لاحد اذا دعي إلى هادة ليشهد عليها، ان يقول: لا اشهد لكم عليها(٦) ].

____________________

(١)القواعد: ج ٢ ص ٢٤٠ س ١٧ قال: الفصل الرابع في التحمل، التحمل واجب لمن له اهلية الشهادة على الكفاية.

(٢)و(٤) السرائر: باب كيفية الشهادة وكيفية اقامتها ص ١٨٤ س ٢١ قال: والذي يقوى في نفسي: انه لا يجب التحمل، وللانسان ان يمتنع، اذ لا دليل على وجوب ذلك عليه، وما ورد في ذلك فهو اخبار احاد، واما الاستشهاد بالآية إلى قوله: انما يسمى شاهدا بعد تحملها، فالآية بالاداء اشبه.

(٣)البقرة: ٢٨٢.

(٥)التهذيب: ج ٦(٩١) باب البينات ص ٢٧٥ الحديث ١٥٥.

(٦)التهذيب: ج ٦(٩١) باب البينات ص ٢٧٥ الحديث ١٥٦.

٥٢٤

ولا يشهد الا مع المعرفة، او شهادة عدلين بالمعرفة. ويجوز ان تسفر المرأة ليعرفها الشاهد. ويشهد على الاخرس بالاشارة، ولا يقيمها بالاقرار.

مسائل (الاولى) قيل: يكفي بالشهادة بالملك، مشاهدته يتصرف فيه، وبه رواية، والاولى الشهادة بالتصرف، لانه دلالة الملك وليس بملك.

(الثانية) يجوز الشهادة على ملك لا يعرفه الشاهد، اذا عرفه المتبايعان.

[والروايات في هذا المعنى كثيرة لا نطول بذكرها الكتاب(١) .

(الرابع) انه من الامور الضرورية التي لا ينفك الانسان عنها، لوقوع الحاجة إلى المعاملات والمناكحات وغير ذلك من الامور الضرورية، فلو لم يجب تحمل الشهادة لادى ذلك إلى التنازع غالبا، وعدم التخلص، وذلك ينافي الحكمة، فيكون واجبا.

احتج ابن ادريس: باصالة البرائة، وعدم الدليل، والآية يراد بها بعد الشهادة، والاخبار احاد(٢) .

قال طاب ثراه: قيل: يكفي بالشهادة بالملك مشاهدته يتصرف فيه، وبه رواية، والاولى الشهادة بالتصرف، لانه دلالة الملك وليس بملك.

أقول: العلم بالملك المطلق ليس مما يدرك بحس البصر، ولا يقف على المشاهدة، وكمال الشهادة به مبني على امور ثلاثة: اليد، والتصرف، والسماع].

____________________

(١)لاحظ التهذيب: ج ٦ ص ٢٧٥ الحديث ١٥٧ و ١٥٨ و ١٥٩ و ١٦٠.

(٢)تقدم نقل استدلاله.

٥٢٥

[وهذا الاجتماع هو غاية منتهى الامكان. وانما قلنا (المطلق) لان ذا السبب مستنده العلم بسببه. وان لم يجمع الثلاثة، ففيه مسألتان.

(الاولى) فوات السماع، وحصول اليد والتصرف، كالبناء والهدم، والاجارة المتكررة بغير منازع.

فعدم المنازع قيد في الكل، واما التكرار فقيد في الاجارة، لجواز صدور المرة من المستأجر.

ويجوز ان يشهد لهذا المتصرف باليد اجماعا، وهل يجوز ان يشهد له بالملك المطلق؟ قال في الخلاف: نعم(١) وبه قال التقي(٢) والقاضي(٣) وابن ادريس(٤) والمصنف في الشرائع(٥) .

ومنع في النافع(٦) وتوقف الشيخ في المبسوط(٧) لان اليد تختلف، فتكون يد]

____________________

(١)الخلاف: كتاب الشهادات، مسألة ١٤ قال: من كان في يده شئ يتصرف فيه بلا دافع إلى قوله: جاز ان يشهد له بالملك.

(٢)الكافي: التكليف الثاني من الشهادات ص ٤٣٧ س ٦ قال: وان كانت بملك فبعد العلم بسببه إلى قوله: او ظاهر تصرف لا مانع منه.

(٣)المهذب: ج ٢ كتاب الشهادة ص ٥٦١ س ٦ قال: واذا راى انسان في يد غيره شيئا وهو متصرف فيه تصرف الملاك، جاز ان يشهد بانه ملكه.

(٤)السرائر: باب كيفية الشهادة وكيفية اقامتها ص ١٨٥ س ٢١ قال: ومن راى في غيره شيئا وراه يتصرف فيه تصرف الملاك، جاز له ان يشهد الخ.

(٥)الشرائع: كتاب الشهادات، مسائل ثلاث، الاولى قال: لا ريب ان المتصرف بالبناء والهدم والاجارة بغير منازع يشهد له بالملك المطلق.

(٦)لاحظ عبارة النافع.

(٧)المبسوط: ج ٨ فصل في التحفظ في الشهادة ص ١٨٢ س ١ قال: وما بالملك المطلق فلا، لان اليد يختلف الخ.

٥٢٦

[مستعير ويد مستأجر، ومالك، ووكيل، ووصي والتصرف واحد، فيكون اعم من الملك، والعام لا يدل على الخاص بشئ من الدلالات، فلا يشهد بالملك، بل بالتصرف.

(الثانية) فوات السماع والتصرف وحصول اليد خاصة، هل يجوز له ان يشهد له بالمك مطلقا؟ توقف في المبسوط(١) وتردد فيه المصنف(٢) وقواه العلامة في القواعد(٣) وقال في المختلف: ولا بأس بهذا القول عندي(٤) .

احتج المانعون: بان اليد لو اوجبت ملكا لم تسمع الدعوى ممن يقول: الدار التي في يد فلان لي، كما لا يسمع لو قال: ملك هذا لي، ولما سمعت دل على ان اليد لا تدل على الملك.

احتج المسوغون: بجواز شرائه منه.

وبما رواه الصدوق عن حفص بن غياث عن الصادقعليه‌السلام قال: قال له رجل: أرأيت اذا رأيت شيئا ي يدي رجل، أيجوز لي ان أشهد انه له؟ فقال: نعم، قلت: فلعله لغيره؟ قال: ومن اين جاز لك ان تشتريه ويصير ملكا لك، ثم تقول بعد الملك: هو لي وتحلف عليه، ولا يجوز ان تنسبه إلى من صار ملكه اليك من قبله؟ ثم قال ابوعبداللهعليه‌السلام : لو لم يجز هذا، ما قامت للمسلمين سوق(٥) ].

____________________

(١)المبسوط: ج ٨ فصل في التحفظ في الشهادة ص ١٨١ س ١٩ قال: فاما ان يكون في يده دار إلى قوله: فيسوغ للشاهد ان يشهد له باليد، واما بالملك المطلق الخ.

(٢)لاحظ عبارة النافع.

(٣)القواعد: ج ٢ في الشهادات ص ٢٤٠ س ١١ قال: والاقرب ان مجرد اليد والتصرف إلى قوله: يكفي.

(٤)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧٧ س ٧ قال: ولا بأس بهذا القول عندي.

(٥)من لا يحضره الفقيه: ج ٣(١٨) باب من يجب رد شهادته ومن يجب قبول شهادته ص ٣١ الحديث ٢٧.

٥٢٧

(الثالثة) لا يجوز اقامة الشهادة الا مع الذكر، ولو رأى خطه.

وفي رواية: ان شهد معه آخر جاز اقامتها، وفي الرواية تردد.

[واجاب العلامة: بان ادعاء الملكية من المشترى لوجود سببه، وهو الشراء ممن يظن انه مالك، باعتبار اليد، ومثل هذا مما يتساهل فيه، بخلاف الشهادة التي لا يجوز الا على القطع والبت، ولا يجوز التعويل فيها على الظن(١) .

واورد الشهيد عليها اشكالا: بانه لو ادعى عليه، فانكر صح ان يحلف، مع ان الحلف على القطع في جميع الصور اجماعا(٢) .

قلت: الحلف هنا تابع لثبوت السبب، وهو قطعي الثبوت.

قال طاب ثراه: لا يحوز اقامة الشهادة الا مع الذكر، ولو واى خطه.

وفي رواية ان شهد معه آخر جاز اقامتها، وفي الرواية تردد.

أقول: الاول اطلاق التقي(٣) ومذهب الشيخ في الاستبصار(٤) واختاره ابن ادريس(٥) .

لقوله تعالى: " ولا تقف ما ليس لك به علم "(٦) وقولهعليه‌السلام : على مثلها]

____________________

(١)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧٧ س ٣ قال: وادعاء الملك لوجود سببه الخ.

(٢)لم اعثر عليه في الكتب المتوفرة.

(٣)الكافي: التكليف الثاني من الشهادات ص ٤٣٦ س ١٧ قال: ولا يحل له ان يتحمل ولا يقيم شهادة لا يعلم مقتضاها من احد طرق العلم وان راى خطه.

(٤)الاستبصار: ج ٣(١٦) باب انه لا يجوز اقامة الشهادة الا بعد الذكر، ثم صدر الباب، بالاخبار الدالة على ذلك، وانهقدس‌سره يصدر الباب بالاخبار الذي يعتقده مذهبا كما قاله في المختلف: ج ٢ ص ١٧٢ س ٣٥ واضف إلى ذلك ماقاله بعد نقل حديث عمر بن يزيد: قد بينا ان الشهادة لا تجوز اقامتها الا بعد العلم.

(٥)السرائر: باب كيفية الشهادة ص ١٨٥ س ٢٩ قال: واذا اراد اقامة شهادة لم يجز له ان يقمها الا على ما يعلمه ويتقنه ويقطع عليه الخ.

(٦)الاسراء: ٣٦.

٥٢٨

[فاشهد او دع(١) واختاره المصنف(٢) والعلامة(٣) .

والثاني: قول الشيخ في النهاية(٤) وبه قال الصدوقان(٥) (٦) والمفيد(٧) وتلميذه(٨) والقاضي(٩) وابوعلي(١٠) .

احتج الاولون: بما رواه ادريس بن الحسن، عن علي، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: لا تشهدوا بشهادة حتى تعرفوها كما تعرف كفك(١١) .

ومثلها رواية السكوني عنهعليه‌السلام : لا تشهد بشهادة لم تذكرها، فانه من شاء كتب كتابا ونقش خاتما(١٢) ].

____________________

(١)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٥٢٨ لحديث ١ ولاحظ ماعلق عليه.

(٢)لاحظ عبارة النافع.

(٣)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧٣ س ٢ قال: والمعتمد ما قاله الشيخ في الاستبصار.

(٤)النهاية: باب كيفية الشهادة وكيفية اقامتها ص ٣٢٩ س ١٩ قال: واذا اراد اقامة شهادة إلى قوله: الا على مايعلم.

(٥)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧٢ س ٢١ قال: وقال علي بن بابويه: واذا اتى رجل بكتاب فيه خطه إلى قوله فلا يشهد الخ.

(٦)الفقيه: ج ٣(٣٢) باب الاحتياط في اقامة الشهادة، وفي الباب روايات منها: وروي انه لا تكون الشهادة الا بعلم.

(٧)المقنعة: باب البينات ص ١١٣ س ٥ قال: واذا نسي الشاهد الشهادة، او شك فيها لم يجز له اقامتها.

(٨)المراسم: ذكر احكام البينات ص ٢٣٤ س ٣ قال: وان نسي الشهادة او شك فيها فلا يقيمها.

(٩)المهذب: ج ٢ الشهادة على الشهادة، ص ٥٦١ س ١٠ قال: واذا اراد اقامة شهادة لم يجز له اقامتها الا على ما يعلم.

(١٠)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧٢ س ١٨ قال: وقال ابن الجنيد: ولا اختار لاحد ان يشهد بشهادة إلى قوله: الا بعد التيقن.

(١١)الفقيه: ج ٣(٣٢) باب الاحتياط في اقامة الشهادة ص ٤٢ الحديث ١.

(١٢)الاستبصار: ج ٣(١٦) باب انه لا يجوز اقامة الشهادة الا بعد الذكر ص ٢٢ الحديث ٢.

٥٢٩

[وعن الحسين بن سعيد قال: كتب اليه جعفر بن عيسى: جعلت فداك، جائني جيران لنا بكتاب زعموا انهم يشهدوني على مافيه، وفي الكتاب اسمي بخطي قد عرفته، ولست اذكر الشهادة، وقد دعوني اليها، فاشهد لهم على معرفتي ان اسمي في الكتاب ولست اذكر الشهادة؟ او لا يجب لهم الشهادة حتى اذكرها، كان اسمي في الكتاب بخطيان لم يكن؟ فكتبعليه‌السلام : لا تشهد(١) .

ورواه الشيخ في الاستبصار في اول الباب، وهو انما يصدر الباب بما يعتمده من الاخبار ويعتقده مذهبا(٢) ، ثم قال: فاما ما رواه احمد بن محمد، عن الحسين بن علي بن النعمان، عن حماد بن عثمان، عن عمر بن يزيد قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام الرجل يشهدني على الشهادة فاعرف خطي وخاتمي، ولا اذكر من الباقي قليلا ولا كثيرا، قال: فقال لي: اذا كان صاحبك ثقة ومعه رجل ثقة فاشهد له(٣) .

فهذا الخبر ضعيف مخالف للاصول، لانا قد بينا: ان الشهادة لا تجوز اقامتها الا مع العلم، وقد قدمنا أيضا الاخبار التي تقدمت من انه لا تجوز اقامة الشهادة مع وجود الخط والختم اذا لم يذكرها.

والوجه في هذه الرواية: انه اذا كان الشاهد الآخر يشهد وهو ثقة مأمون جاز له ان يشهد اذا غلب على ظنه صحة خطه لانضمام شهادته اليه، وان كان الاحوط ما تضمنته الاخبار الاولة(٤) ].

____________________

(١)الاستبصار: ج ٣(١٦) باب انه لايجوز اقامة الشهادة الا بعد الذكر ص ٢٢ الحديث ٣.

(٢)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧٢ س ٣٥ قال: مع انهرحمه‌الله انما يصدر الباب في الكتاب من الاخبار المختلفة بما يعتقده مذهبا.

(٣)الاستبصار: ج ٣(١٦) باب انه لا يجوز اقامة الشهادة الا بعد الذكر ص ٢٢ الحديث ٤.

(٤)قاله الشيخ في الاستبصار بعد نقل حديث ٤.

٥٣٠

(الرابعة) من حضر حسابا، او سمع شهادة، ولم يستشهد كان بالخيار في الاقامة مالم يخش بطلان الحق ان امتنع، وفيه تردد. ويكره ان يشهد لمخالف اذا خشي انه لو استدعاه إلى الحاكم يرد شهادته.

الثالث: في الشهادة على الشهادة وهي مقبولة في الديون، والاموال، والحقوق، ولا تقبل في الحدود، ولا يجزي الاثنان على شاهد الاصل.

[قال العلامة في المختلف: والمعتمد ما قاله الشيخ في الاستبصار، ويحمل قول علمائنا المشهور بينهم، وهذه الرواية: على ما اذا حصل من القرائن الحاليه والمقالية للشاهد ما استفاد به العلم، وحينئذ يشهد مستندا إلى العلم الحاصل له، لا باعتبار الوقوف على خطه ومعرفته به(١) .

قال طاب ثراه: من حضر حسابا، أو سمع شهادة ولم يستشهد كان بالخيار في الاقامة مالم يخش بطلان الحق ان امتنع، وفيه تردد.

أقول: قال في النهاية: ومن علم شيئا ولم يكن اشهد عليه، ثم ادعي إلى ان يشهد كان بالخيار في اقامتها وفي الامتناع، اللهم الا ان يعلم انه ان لم يقمها بطل حق مؤمن، فحينئذ يجب عليه اقامة الشهادة(٢) وبه قال القاضي(٣) هو ظاهر كلام]

____________________

(١)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧٣ س ٢ قال: والمعتمد ماقاله الشيخ في الاستبصار، ويحمل قول علمائنا الخ.

(٢)النهاية: باب كيفية الشهادة وكيفية اقامتها ص ٣٣٠ س ٣ قال: ومن علم شيئا من الاشياء إلى قوله: يجب عليه اقامة الشهادة.

(٣)المهذب: ج ٢ الشهادة على الشهادة ص ٥٦١ س ١٢ قال: واذا علم شيئا ولم يكن قد اشهد عليه إلى قوله: جب عليه اقامتها.

٥٣١

وتقبل الشهادة على شهادة النساء في الموضع الذي تقبل فيه شهادتهن على تردد.

[ابن حمزة(١) .

وقال ابوعلي: اذا حضر حساب اثنين فأقر احدهما للآخر بشئ ثم جحده اياه فاحتاج إلى شهادة الحاضر كان ذلك إلى الشاهد، ان شاء حكى ما حضر من غير ان يثبت الشهادة، وان شاء تأخر، لان صاحب الحق لم يسترعه الشهادة(٢) وقال التقي: هو مخير فيما يسمعه ويشاهده بين تحمله واقامته، وتركهما(٣) .

وقال ابن ادريس: يجب عليه الاداء لقوله تعالى: " ومن يكتمها فانه اثم قلبه "(٤) ولا يكون له الخيار في اقامتها(٥) .

والظاهر انه لا منافاة بين كلام الشيخ وابن ادريس، لان الشيخ جعل الاقامة على الكفاية، وان كان قصد ابن ادريس وجوبها عينا منعنا ذلك.

قال طاب ثراه: وتقبل الشهادة على شهادة النساء في الموضع الذي تقبل فيه شهادتهن على تردد.

أقول: المراد ان شهادة النساء، هل تسمع في باب الشهادة على الشهادة؟].

____________________

(١)الوسيلة: فصل في بيان كيفية تحمل الشهادة ص ٢٣٢ س ١٩ قال: واذا شاهد المتعاقدين وسمع كلام العقد منهما وعرفهما بالمشاهدة جاز له ان يشهد بذلك اذا حضرا الخ.

(٢)المختلف: في الشهادات ص ١٧٣ س ٥ قال: وقال ابن الجنيد: واذا حضر الانسان حساب اثنين إلى آخر.

(٣)الكافي: التكليف الثاني من الشهادات ص ٤٣٦ س ١٦ قال: وهو محير فيما يسمعه ويشاهده بين تحمله واقامته وتركهما.

(٤)البقرة: ٢٨٣.

(٥)السرائر: باب كيفية الشهادة وكيفية اقامته ص ١٨٦ س ٨ قال: ومن علم شيئا من الاشياء إلى قوله: فالواجب عليه الاداء.

٥٣٢

واجلى الالفاظ أن يقول: أشهد على شهادتي أني اشهد على كذا. ولا تقبل شهادة الفرع الا مع تعذر حضور شاهد الاصل لمرض أو غيبة أو موت.

[معناه: ان المرأة هل يجوز ان تكون فرعا، سواء كانت فرعيتها على امرأة او رجل.

فنقول: أما ما لا يقبل فيه شهادة النساء مطلقا، لا يقبل فيه فرعيتها قطعا.

وما عدا ذلك قسمان: (الاول) مايقبل فيه شهادتهن منفردات كالعيوب تحت الثياب، والوصية، فهل يقبل فرعيتها، فيه مذهبان: أحدهما: نعم، وهو مذهب الشيخ في الخلاف(١) وهو اختيار أبي علي(٢) ومذهب العلامة في المختلف(٣) .

احتجوا بوجوه:

(أ) ما رواه السكوني عن الصادق وعن الباقرعليهما‌السلام ، عن عليعليه‌السلام : شهادة النساء لا يجوز في نكاح ولا طلاق ولا في حدود الا في الديون وما لا يستطيع الرجال النظر اليه(٤) .وهو شامل للشهادة بالاصالة والفرعية.

(ب) ان شهادة امرأتين تساوي شهادة الرجل، فاذا شهد رجلان على رجل، جاز ان يشهد اربع نساء على ذلك الرجل، قضية للتساوي].

____________________

(١)الخلاف: كتاب الشهادات مسألة ٦٦ قال: لا تقبل شهادة النساء على الشهادة الا في الديون والاملاك والعقود.

(٢)و(٣) المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧٢ س ١٠ قال: وقال ابن الجنيد: واذا شهد شاهدان إلى قوله: وكذا في شهادتهما على شهادة المرأة إلى قوله: والوجه ماقاله الشيخ في الخلاف.

(٤)التهذيب: ج ٦(٩١) باب البينات ص ٢٨١ الحديث ١٧٨ وفيه (مالا يستطع الرجل).

٥٣٣

[(ج) ان الفرع اضعف من الاصل، واذا جاز قبول شهادتهن في القوي، ففي الضعيف اولى.

والآخر المنع: وهو مذهب ابن ادريس(١) واختاره المصنف(٢) والعلامة في القواعد(٣) وفخر المحققين(٤) .

احتجوا: بان الرخصة المسوغة لشهادة النساء منفردات، عدم اطلاع الرجال عليه، او عدم حضورهم في الوصية وفوات غرض الموصي بترك الاشهاد وتضرره به دينا ودنيا، فجازت شهادتهن منفردات، وهذان المعنيان معدومان في الشهادة على الشهادة، فتنتفي الرخصة.

اما الاول: فظاهر، لان الشهادة على شهادتهن ليس مما يتعذر اطلاع الرجال عليه.

واما الثاني: فلان الرخصة انما هو خوف الوفات، وتعذر الرجال على الوصية، وليس هذا موجودا في صورة النزاع، وأيضا: السبب الشرعي لا يتعدى فيه النص.

(الثاني) ما يقبل فيه شهادتهن مع الرجال.

والحكم فيه كالاول لا يختلف].

____________________

(١)السرائر: باب كيفية الشهادة وكيفية اقامتها ص ١٨٥ س ١٠ قال: لا مدخل للنساء في الشهادة على الشهادة سواء كان الحق مما يشهد فيه النساء، اولا يشهدن فيه.

(٢)الشرائع، في الشهادة على الشهادة قال: وتقبل شهادة النساء على الشهادة إلى قوله: وفيه تردد، اشبهه المنع.

(٣)القواعد: ج ٢ في الشهادات، المطلب الثالث في العدد ص ٢٤٢ س ٨ قال: وهل تقبل شهادة النساء على الشهادة إلى قوله: الاقرب المنع.

(٤)الايضاح: ج ٤ في الشهادات، المطلب الرابع، ص ٤٤٨ س ٩ قال: والاقوى عندي اختيار والدي في هذا الكتاب وهو انه لا مدخل لشهادة النساء على الشهادة مطلقا.

٥٣٤

ولو شهد الفرع فانكر شاهد الاصل، فالمروي: العمل باعدلهما، فان تساويا اطرح الفرع، وفيه اشكال، لان قبول شهادة الفرع مشروط بعدم شاهد الاصل. ولا تقبل شهادة على شهادة على شهادة في شئ.

[قال طاب ثراه: ولو شهد الفرع فانكر شاهد الاصل، فالمروي العمل باعدلهما، فان تساويا اطرح الفرع، وفيه اشكال، لان قبول الفرع مشروط بعدم شاهد الاصل.

أقول: اذا شهد الفرع فحضر شاهد الاصل وانكر اشهاده على شهادته، فلا يخلو اما أن يكون ذلك قبل الحكم بالفرع، او بعده، فهنا قسمان: (الاول) ان يكون قبل الحكم، وفيه ثلاثة أقوال: الاول بطلان الشهادة ووقوف الحكم، لان الفرع انما يحكم به لتعذر الاصل، فمع حضوره لا حكم له.

قاله الشيخ في المبسوط(١) وبه قال ابن حمزة(٢) وابن ادريس(٣) واختاره المصنف(٤) والعلامة(٥) .

واحتجوا بوجوه:]

____________________

(١)المبسوط: ج ٨ في الشهادة على الشهادة ص ٢٣٣ س ١١ قال: وان كان قبل حكم الحاكم بشهادة الفرع: لم يحكم بشهادة الفرع الخ.

(٢)الوسيلة فصل في بيان كيفية تحمل الشهادة ص ٢٣٤ س ٢ قال: وان لم يحكم بقوله، سمع من الاصل وحكم به.

(٣)السرائر: باب كيفية اقامتها ص ١٨٤ س ٣٤ قال: ومن شهد على شهادة آخر إلى قوله: روي انه تقبل شهادة اعدلهما، إلى قوله: فالاولى ان يبطل شهادة الفرع الخ.

(٤)لاحظ عبارة النافع.

(٥)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧١ س ٢٥ قال: والوجه ان نقول: إلى قوله: وان كان قبل الحكم بطلت شهادة الفرع.

٥٣٥

[(أ) ان الثاني فرع والاول اصل، والاصل اقوى من الفرع، فلا يعمل بالضعيف ويهمل القوى.

(ب) ان الاصل يشهد على علمه، والفرع يشهد على شئ لا يحققه ولا يعلمه، فالظن الحاصل من شهادة الاول اقوى من الثاني.

(ج) ان الفرع يثبت شهادة الاصل، فشهادته مبنية على شهادته، فيكف يعمل بها مع تنافيهما.

(د) ان الفرع انما يحكم به لتعذر الاصل، ومع وجوده لا يقبل قول الفرع اصلا.

(الثاني) العمل باعدلهما ومع التساوي يعمل بالاصل، قاله الشيخ في النهاية(١) وبه قال الصدوقان(٢) (٣) والقاضي(٤) .

لصحيحة عبدالرحمان بن أبي عبدالله عن أبي عبداللهعليه‌السلام : في رجل شهد على شهادة رجل، فجاء الرجل فقال: اني لم اشهد، قال: يجوز: شهادة اعدلهما، وان كانت عدالتهما واحدة لم يجز شهادته(٥) .

(الثالث) قال ابوعلي: لو كان عدلا - يعني شاهد الاصل - ولم يكن تغيرت حاله، فانكر الشهادة عليه، لم يقبل قول شاهد واحد عليه حتى يكونا شاهدين،]

____________________

(١)النهاية: باب كيفية الشهادة وكيفية اقامتها ص ٣٢٩ س ١ قال: ومن شهد على شهادة آخر إلى قوله: قبلت شهادة اعدلهما الخ.

(٢)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧١ س ١٣ قال: وقال علي بن بابويه في رسالته: إلى قوله: فانه يقبل قول اعدلهما لخ.

(٣)المقنع: باب القضاء والاحكام ص ١٣٣ س ١٧ قال: واذا حضرا إلى قوله: فانه يقبل قول اعدلهما.

(٤)المهذب: ج ٢، الشهادة على الشهادة ص ٥٦١ س ٢ قال: واذا شهد انسان على شهادة آخر إلى قوله: قبلت شهادة أعدلهما.

(٥)الفقيه: ج ٣(٣١) باب الشهادة على الشهادة ص ٤١ الحديث ٣.

٥٣٦

الرابع: في اللواحق

وفيه مسائل: (الاولى) اذا رجع الشاهدان قبل القضاء لم يحكم، ولو رجعا بعد القضاء لم ينقض الحكم وضمن الشهود.

وفي النهاية: ان كانت العين قائمة ارتجعت ولم يغرما، وان كانت تالفة ضمن الشهود.

(الثانية) اذا ثبت انهما شاهدا زور نقض الحكم واستعيدت العين مع بقائها، ومع تلفها، او تعذرها، يضمن الشهود.

[فحينئذ لا يلتفت إلى جحوده(١) ، فلم يعتبر الاعدل.

(القسم الثاني) ان يكون بعد الحكم، فلا ينقض قطعا، وقال ابن حمزة: يأخذ باعدلهما، وان تساويا نقض الحكم، وان كان ذلك قبل الحكم سمع من الاصل وحكم به(٢) .

قال طاب ثراه: اذا رجع الشاهدان قبل القضاء لم يحكم، ولو رجعا بعد القضاء لم ينقض الحكم وضمن الشهود وفي النهاية: ان كانت العين قائمة ارتجعت ولم يغرما، وان كانت تالفة ضمن الشهود.

أقول: اذا رجع الشاهدان بعد الحكم لم ينقض الحكم، لاصالة الصحة، وعدم التسلط على ابطال حق المسلم بقول الشاهد لتكذيبه لهذا الاقرار بشهادته أولا،]

____________________

(١)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧١ س ١٦ قال: وقال ابن الجنيد: لو كان عدلا إلى قوله: لا يلتفت إلى جحوده.

(٢)الوسيلة: فصل في بيان كيفية تحمل الشهادة ص ٢٣٤ س ١ قال: وان كذبه وتساويا في العدالة نقض الحكم، وان تفاوتا اخذ بقول اعدلهما.

٥٣٧

[وأيضا اذا تناقض قولا الشاهد ووجد الترجيح في احدهما عمل به، والترجيح موجود في الاول لان الاصل صحة الحكم وثبوت حق المحكوم له، ولهذا لا يحكم لو كان الرجوع قبل الحكم، لعدم الترجيح، فيتساقطان، ويرجع بالبطلان.

هذا مذهب الشيخ في كتابي الفروع(١) (٢) وبه قال ابن ادريس(٣) واختاره المصنف(٤) والعلامة(٥) .

ولا فرق بين ان يكون ذلك قبل الاستيفاء او بعده وقال في النهاية: اذا كان قبل الاستيفاء، او بعده والعين قائمة، نقض الحكم وردت العين إلى مالكها ولا ضمان(٦) وبه قال القاضي(٧) وابن حمزة(٨) .

احتجوا: بان الحق ثبت بشهادتهما، فيسقط برجوعهما كالقصاص والحد].

____________________

(١)المبسوط: ج ٨ فصل في الرجوع عن الشهادة ص ٢٤٦ س ٣ قال: اذا شهد الشهود ثم رجعوا، إلى قوله: فان رجعوا قبل الحكم لم يحكم الخ.

(٢)الخلاف: كتاب الشهادات مسألة ٧٤ قال: اذا شهد شاهدان بحق وعرف عدالتهما ثم رجعا إلى قوله: لم يحكم.

(٣)السرائر: باب الحكم بالشاهد الواحد مع اليمين ص ١٩٠ س ١ قال: ومتى شهدا على رجل ثم رجعا إلى قوله: طرحت شهادتها الخ.

(٤)لاحظ عبارة النافع.

(٥)القواعد: ج ٢ ص ٢٤٥ قال: والمطلب الثالث في المال: اذا رجع الشاهدان او احدهما قبل الحكم، لم يجز الحكم ولا غرم.

(٦)النهاية: باب شهادات الزور ص ٣٣٦ س ١٢ قال: ومتى شهدا على رجل بدين ثم رجعا قبل ان يحكم الحاكم طرحت شهادتهما.

(٧)المهذب: ج ٢ باب شهادة الزور ص ٥٦٤ س ٧ قال: واذا شهد اثنان على رجل ثم رجعا عن ذلك قبل ان يحكم الحاكم طرحت شهادتهما.

(٨)الوسيلة: فصل في بيان حكم الرجوع عن الشهادة ص ٢٣٤ س ٨ قال: فان رجعوا قبل الحكم بطلت شهادتهم.

٥٣٨

(الثالثة) لو كان المشهود به قتلا، أو رجما، او قطعا، فاستوفى ثم رجع الشهود، فان قالوا تعمدنا اقتص منهم او من بعضهم، ويرد البعض ما وجب عليهم، ويتم الولي ان بقي عليه شئ.

ولو قالوا: أخطأنا لزمتهم الدية.

ولو قال بعضهم: أخطأنا لزمه نصيبه من الدية، ولم يمض اقراره على غيره.

ولو قال: تعمدت رد عليه الولي مايفضل، ويقتص منه ان شاء.

وفي النهاية: يرد الباقون من شهود الزنا ثلاثة ارباع الدية، ويقتل، والرواية صحيحة السند، غير ان فيها تسلطا على الاموال المعصومة بقول واحد].

واجيب: بالفرق فان القصاص يسقط بالشبهة، بخلاف المال(١) .

احتج الاولون بوجوه:

(أ) ان الحكم نفذ باجتهاد الحاكم، فلا ينقض بالاحتمال، لجواز كذبهم في الرجوع.

(ب) ان الرجوع بعد الشهادة كالانكار بعد الاقرار، وهو غير مسموع.

(ج) ان الرجوع ليس بشهادة، ولهذا لا يفتقر إلى لفظ الشهادة، فلا يسقط حق المشهود له بما ليس بشهادة، لانحصار المبطل للحق، في الشهادة والاقرار، ولم يحصل منه اقرار.

(د) ان الشهادة تثبت الحق، فلا يزول بالطارئ كالفسق، ويضمنان للمشهود عليه، لاعترافهما باتلاف حقه.

قال طاب ثراه: وفي النهاية يرد الباقون من شهود الزنا ثلاثة ارباع الدية]

____________________

(١)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧٥ س ١٧ قال: احتجوا بان الحق الخ.

٥٣٩

[ويقتل، والرواية صحيحة السند غير ان فيها تسلطا على الاموال المعصومة بقول واحد.

أقول: اذا قال بعض شهود الزنا بعد الرجم: تعمدت الكذب (او تعمدنا، أو أخطأت، أو أخطأنا، أو وهمت، أو وهمنا)(١) .

قال الشيخ في النهاية: كان لاولياء المقتول قتله، ويؤدي إلى ورثته، الثلاثة ثلاثة ارباع الدية(٢) فاجاز اقراره على باقي الشهود.

وكذا لو كان المقر اثنان مضى اقرارهما على الجميع، نعم ليس لاولياء المقتول الا قتل المقرين خاصة، وعلى الباقين الدية، فان قتلوا اكثر من واحد اتم ورثة المشهود عليه ما يعوز، وتبعه القاضي(٣) وهو مذهب أبي علي(٤) .

وقال ابن ادريس: اقرار الراجع عل نفسه لا يتعداه إلى غيره، ولا ينقض الحكم، لانه لا دليل عليه(٥) خصوصا وقد تلف المشهود عليه.

وحمل العلامة قول الشيخ، على رجوع الجميع، لكن بعضهم قال: تعمدت، وبعضهم أخطانا، فيكون الغرم على الشهود دون اولياء المقتول(٦) واختاره]

____________________

(١)بين الهلالين موجود في نسخة واحدة من النسخ الموجودة، واما الباقية فخالية عنها.

(٢)النهاية: باب شهادة الزور ص ٣٣٥ س ١٠ قال: فان شهد اربعة رجال على رجل بالزنا وكان محصنا فرجم ثم رجع احدهم فقال: تعمدت ذلك، قتل، وادى إلى ورثته الثلاثة الباقون ثلاثة ارباع الدية.

(٣)المهذب: ج ٢ باب شهادة الزور، ص ٥٦٣ س ٧ قال: فان شهد اربعة رجال على رجل إلى آخره كما قاله الشيخ.

(٤)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧٤ س ٧ قال: وقال ابن الجنيد: وان قالوا: تعمدنا في الرجم وكان قائل ذلك واحدا قتل به ان شاء ولي المقتول إلى آخره.

(٥)السرائر: باب شهادة الزور ص ١٨٩ س ٨ قال: والذي يقوى في نفسي: ان اقراره جائز على نفسه لا يتعداه إلى غيره الخ.

(٦)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧٤ س ١١ قال: ويحمل قول الشيخ وابن الجنيد على انهم رجعوا باجمعهم الخ.

٥٤٠

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652