تفسير نور الثقلين الجزء ٤

تفسير نور الثقلين9%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 652

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 652 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 300627 / تحميل: 6166
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

أبوه انظر فيقول: لا، ثم مروا عليه بأحدهما بعد جمع كثير فقال: هذا أحدهما وأشار بيده اليه، ثم مروا أيضا بقوم كثيرين حتى رأى صاحبه الآخر فقال: وهذا الآخر قال: فقال النبي صاحب الرجلين اما انا فقد آمنت بإلهكما وعلمت أنّ ما جئتما به هو الحق. قال: فقال الملك: وانا أيضا وآمن من أهل مملكته كلهم.

٣١ ـ في مجمع البيان قال وهب بن منبه بعث عيسى هذين الرسولين إلى انطاكية فأتياها ولم يصلا إلى ملكها وطالت مدة مقامهما، فخرج الملك ذات يوم فكبرا وذكر الله، فغضب وأمر بحبسهما وجلد كل واحد منهما مأة جلدة، فلما كذب الرسولان وضربا بعث عيسىعليه‌السلام شمعون الصفا رأس الحواريين على اثرهما لينصرهما، فدخل شمعون البلدة متنكرا، فجعل يعاشر حاشية الملك حتى أنسوا به، فرفعوا خبره إلى الملك فدعاه فرضي عشرته وانس به وأكرمه، ثم قال له ذات يوم: ايها الملك بلغني انك حبست رجلين في السجن وضربتهما حين دعواك إلى غير دينك فهل سمعت قولهما؟ قال الملك: حال الغضب بيني وبين ذلك قال: فان رأى الملك دعاهما حتى نطلع ما عندهما فدعاهما الملك فقال لهما شمعون: ما أرسلكما إلى هاهنا؟ قالا: الله الذي خلق كل شيء لا شريك له، قال: وما آيتكما؟ قالا: ما تتمناه، فأمر الملك حتى جاؤا بغلام مطموس العينين وموضع عينيه كالجبهة، فما زالا يدعوان الله حتى انشق موضع البصر، فأخذا بندقتين(١) من الطين فوضعاهما في حدقتيه، فصارا مقلتين(٢) يبصر بهما، فتعجب الملك فقال شمعون للملك: رأيت لو سألت إلهك حتى يصنع صنيعا مثل هذا فيكون لك ولإلهك شرفا فقال الملك: ليس لي عنها سر إنّ إلهنا الذي نعبده لا يضر ولا ينفع، ثم قال الملك للرسولين: إنْ قدر إلهكما على احياء ميت آمنا به وبكما، قالا: إلهنا قادر على كل شيء، فقال الملك: إنَّ هنا ميتا مات منذ سبعة أيام لم ندفنه حتى يرجع أبوه وكان غائبا، فجاؤا بالميت وقد تغير وأروح(٣) فجعلا

__________________

(١) البندقة: كل ما يرمى به من رصاص كروى وسواه.

(٢) المقلة: شحمة العين أو هي السواد والبياض منها.

(٣) من أروح الماء: تغير ريحه وأنتن.

٣٨١

يدعوان ربهما علانية وجعل شمعون يدعو ربه سرا، فقام الميت وقال لهم: انى قد متُّ منذ سبعة أيام وادخلت في سبعة اودية من النار، وأنا أحذركم ما أنتم فيه فآمنوا بالله، فتعجب الملك، فلما علم شمعون أنّ قوله أثر في الملك دعاه إلى الله فآمن وآمن من أهل مملكته قوم وكفر آخرون، وقد روى مثل ذلك العياشي باسناده عن الثمالي وغيره عن أبي جعفر وأبى عبد اللهعليهما‌السلام إلّا أنّ في بعض الروايات: بعث الله الرسولين إلى انطاكية ثم بعث الثالث، وفي بعضها أنّ عيسى اوحى الله إليه أنْ يبعثهما ثمّ بعث وصيه شمعون ليخلصهما، وإنّ الميت الذي أحياه الله بدعائه كان ابن الملك، وأنه قد خرج من قبره ينفض التراب عن رأسه فقال: يا بنيّ ما حالك؟ قال: كنت ميتا فرأيت رجلين ساجدين يسألان الله أنْ يحييني، قال: يا بنيّ فتعرفهما إذا رأيتهما؟ قال: نعم، فأخرج الناس إلى الصحراء فكان يمر عليه رجل بعد رجل فمر أحدهما بعد جمع كثير، فقال: هذا أحدهما، ثمّ مرّ الاخر فعرفهما وأشار بيده إليهما فآمن الملك وأهل مملكته.

قال عزّ من قائل:( قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ ) إلى قوله مسرفون.

٣٢ ـ في كتاب الخصال فيما علّم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه من الأربعمأة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه في كل أمر واحدة من ثلث: الكبر والطيرة والتمني، فاذا تطير أحدكم فليمض على طيرته وليذكر اللهعزوجل ، وإذا خشي الكبر فليأكل مع عبده وخادمه وليحلب الشاة، وإذا تمنى فليسأل اللهعزوجل وليبتهل إليه ولا تنازعه نفسه إلى الإثم.

٣٣ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن عمرو بن حريث قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : الطيرة على ما تجعلها إنْ هوّنتها تهوّنت، وإنْ شددتها تشددت، وان لم تجعلها شيئا لم يكن شيئا.

٣٤ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن السكوني عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كفارة الطيرة التوكل.

٣٥ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب قالوا: أخبرنا النضر بن قرواش الحمال قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا

٣٨٢

عدوى ولا طيرة ولا شوم، وهذا الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٦ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى سليمان بن جعفر الجعفري عن أبي ـ الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام قال: الشوم للمسافر في طريقه في خمسة: الغراب الناعق عن يمينه، والكلب الناشر لذنبه، والذئب العاوي الذي يعوى في وجه الرجل وهو مقع على ذنبه يعوى ثم يرتفع ثم ينخفض ثلاثا، والظبي السانح من يمين إلى شمال، والبومة الصارخة والمرأة الشمطاء(١) تلقى فرجها، والأتان العضباء يعنى الجذعاء(٢) فمن أوجس في نفسه منهن شيئا فليقل: اعتصمت بك يا رب من شر ما أجد في نفسي فاعصمني من ذلك قال: فيعصم من ذلك.

٣٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل :( إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ ) قالوا بأسمائكم، وقولهعزوجل :( وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ) قال: نزلت في حبيب النجار إلى قوله تعالى:( وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ) .

٣٨ ـ في كتاب الخصال عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلاثة لم يكفروا بالوحي طرفة عين: مؤمن آل ياسين، وعلى بن أبي طالب، وآسية امرأة فرعون.

٣٩ ـ في جوامع الجامع وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : سباق الأمم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين: علي بن أبي طالب، وصاحب ياسين، ومؤمن آل فرعون، فهم الصديقون وعلى أفضلهم.

٤٠ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن مالك بن عطية عن يونس بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : جعلت فداك إنَّ هذا الذي قد ظهر بوجهي(٣) يزعم الناس أنّ اللهعزوجل لم يبتل به عبدا له فيه حاجة ،

__________________

(١) الشمطاء: التي خالط بياض أسها سواد.

(٢) الجذءاء: مقطوعة الاذن.

(٣) الآثار التي ظهرت بوجهه كان برصا ويحتمل الجذام. قاله المجلسي (ره)

٣٨٣

فقال لي: [لا] لقد كان مؤمن آل فرعون مكنع الأصابع(١) فكان يقول هكذا ـ ويمد بيده ـ ويقول:( يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤١ ـ في أمالي الصدوق باسناده إلى عبد الرحمان بن أبي ليلى رفعه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الصديقون ثلاثة: حبيب النجار مؤمن آل ياسين الذي يقول:( اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ ) وحزقيل مؤمن آل فرعون، وعلى ابن أبي طالب وهو أفضلهم.

٤٢ ـ في جوامع الجامع:( قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ) وورد في حديث مرفوع أنه نصح قومه حيا وميتا.

٤٣ ـ وروى عن علي بن الحسين زين العابدينعليه‌السلام ( يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ) على الاضافة إليهم لاختصاصها بهم من حيث انها موجهة إليهم.

٤٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ ) قال: فانه حدّثني أبي عن النضر بن سويد عن الحلبي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ النطفة تقع من السماء إلى الأرض على النبات والثمر والشجر، فيأكل الناس منه والبهائم فيجري فيهم.

٤٥ ـ في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن علي بن حماد عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: فضرب الله مثل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله الشمس ومثل الوصي القمر، وهو قول اللهعزوجل :( جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً ) وقوله:( وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ ) وقولهعزوجل :( ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ ) يعنى قبض محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وظهرت الظلمة فلم يبصروا أفضل أهل بيته، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٦ ـ في الكافي علي بن محمد ومحمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن أبي ولاد قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إنّ الله خلق حجابا من ظلمة مما يلي

__________________

(١) المكنع: هو الذي وقعت أصابعه.

٣٨٤

المشرق ووكل به ملكا، فاذا غابت الشمس اغترف ذلك الملك غرفة بيده ثم استقبل بها المغرب تتبع الشفق، ويخرج من بين يديه قليلا قليلا، ويمضى فيوافي المغرب عند سقوط الشمس فيسرح الظلمة ثم يعود إلى المشرق، فاذا طلع الفجر نشر جناحيه واستاق الظلمة من المشرق إلى المغرب حتى يوافي بها المغرب عند طلوع الشمس.

٤٧ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى أبي ذر الغفاري رحمة الله عليه قال: كنت آخذا بيد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن نتماشى جميعا، فما زلنا ننظر إلى الشمس حتى غابت، فقلت: يا رسول الله أين تغيب؟ قال: في السماء، ثم ترفع من سماء إلى سماء حتى ترفع إلى السماء السابغة العليا حتى تكون تحت العرش فتخر ساجدة فتسجد معها الملائكة الموكلون بها، ثم تقول: يا رب من أين تأمرنى أنْ اطلع؟ امن مغربي أم من مطلعي؟ فذلك قولهعزوجل :( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) يعنى بذلك صنع الرب العزيز في ملكه بخلقه قال: فيأتيها جبرئيل بحلة ضوء من نور العرش على مقادير ساعات النهار في طوله في الصيف، وفي قصره في الشتاء أو ما بين ذلك في الخريف والربيع، قال: فتلبس تلك الحلة كما يلبس أحدكم ثيابه ثم تنطلق بها في جو السماء حتى تطلع من مطلعها، قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : كأنى بها قد حبست مقدار ثلاث ليال، ثم لا تكسى ضوءا وتؤمر أنْ تطلع من مغربها، فذلك قولهعزوجل :( إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ) والقمر كذلك من مطلعه ومجراه في أفق السماء ومغربه، وارتفاعه إلى السماء السابعة، ويسجد تحت العرش ثم يأتيه جبرئيل بالحلة من نور الكرسي، فذلك قولهعزوجل :( جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً ) .

٤٨ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد قال سأل العالمعليه‌السلام كيف علم الله؟ قال: علم وشاء وأراد وقدر وقضى وامضى، فأمضى ما قضى وقضى ما قدر وقدر ما أراد، فبعلمه كانت المشية وبمشية كانت الارادة وبإرادته كان التقدير، وبتقديره كان القضاء وبقضائه كان الإمضاء، والعلم متقدم المشية والمشية ثانية والارادة ثالثة

٣٨٥

والتقدير واقع على القضاء بالإمضاء، فلله تبارك وتعالى البداء فيما علم متى شاء وفيما أراد، لتقدير الأشياء، فاذا وقع القضاء بالإمضاء فلا بداء، فالعلم في المعلوم قبل كونه، والمشية في المنشأ قبل عينه، والارادة في المراد قبل قيامه، والتقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها وتوصيلها عيانا ووقتا، والقضاء بالإمضاء هو المبرم من المفعولات ذوات الأجسام المدركات بالحواس من ذوي لون وريح ووزن وكيل، وما دب ودرج من انس وجن وطير وسباع وغير ذلك مما يدرك بالحواس، فلله تبارك وتعالى فيه البداء مما لا عين له فاذا وقع العين المفهوم المدرك فلا بداء والله يفعل ما يشاء، فبالعلم علم الأشياء قبل كونها، وبالمشية عرف صفاتها وحدودها، وانشأها قبل إظهارها وبالإرادة ميز أنفسها في ألوانها وصفاتها، وبالتقدير قدر أقواتها وعرف أولها وآخرها، وبالقضاء أبان للناس أماكنها ودلهم عليها، وبالإمضاء شرح عللها وأبان أمرها وذلك تقدير العزيز العليم.

٤٩ ـ في مجمع البيان وروى عن علي بن الحسين زين العابدين وأبى جعفر الباقر وجعفر الصادقعليهم‌السلام «لا مستقر لها» بنصب الراء.

٥٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن داود بن محمد النهدي قال: دخل أبو سعيد المكاري على أبي الحسن الرضاعليه‌السلام فقال له: أبلغ من قدرك أنْ تدعى ما ادعاه أبوك؟ فقال له الرضاعليه‌السلام : ما لك اطفأ الله نورك وادخل الفقر بيتك، أما علمت أنّ اللهعزوجل أوحى إلى عمران انى واهب لك ذكرا، فوهب له مريم ووهب لمريم عيسى فعيسى من مريم ومريم من عيسى، ومريم وعيسى واحد، وأنا من أبي وأبى منى وانا وأبي شيء واحد، فقال له أبو سعيد: فاسئلك عن مسئلة؟ قال: سل ولا إخالك تقبل منى ولست من غنمي ولكن هاتها، فقال له: ما تقول في رجل قال عند موته كل مملوك لي قديم فهو حر لوجه الله؟ قال: نعم ما كان لستة أشهر فهو قديم حر، لان اللهعزوجل يقول( وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ) فما كان لستة أشهر فهو قديم حر، قال: فخرج من عنده وافتقر وذهب بصره ثم مات لعنه الله وليس عنده مبيت ليلة.

٥١ ـ في إرشاد المفيدرحمه‌الله وقضى عليّعليه‌السلام في رجل وصى فقال: أعتقوا عنى كل عبد قديم في ملكي، فلما مات لم يعرف الوصي ما يصنع فسأله عن ذلك، فقال: يعتق عنه كل

٣٨٦

عبد له في ملكه ستة أشهر، وتلا قوله:( وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ) .

٥٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قولهعزوجل :( لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) يقول: الشمس سلطان النهار، والقمر سلطان الليل، لا ينبغي للشمس أنْ تكون مع ضوء القمر، ولا يسبق الليل النهار، يقول: لا يذهب الليل حتى يدركه النهار( وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) يقول يجيء وراء (يجرى ذاخ ل) الفلك الاستدارة.

٥٣ ـ في مجمع البيان وروى العياشي في تفسيره بالإسناد عن الأشعث بن حاتم قال كنت بخراسان حيث اجتمع الرضا والفضل بن سهل والمأمون في الإيوان بمرو، فوضعت المائدة، فقال الرضاعليه‌السلام : إنَّ رجلا من بنى إسرائيل سألنى بالمدينة فقال: النهار خلق قبل أم الليل فما عندكم؟ قال: وأداروا الكلام فلم يكن عندهم في ذلك شيء فقال الفضل للرضاعليه‌السلام : أخبرنا بها أصلحك الله، قال: نعم من القرآن أم من الحساب؟ قال له الفضل: من جهة الحساب، فقال: قد علمت يا فضل أنّ طالع الدنيا السرطان والكواكب في موضع شرفها فزحل في الميزان والمشترى في السرطان والشمس في الحمل والقمر في الثور، فذلك يدل على كينونة الشمس في الحمل في العاشر من الطالع في وسط الدنيا، فالنهار خلق قبل الليل وفي قوله تعالى:( لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ ) أي قد سبقه النهار.

٥٤ ـ في روضة الكافي ابن محبوب عن أبي جعفر الأحول عن سلام بن المستنير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ اللهعزوجل خلق الشمس قبل القمر وخلق النور قبل الظلمة.

٥٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل وفيه قال السائل: فخلق النهار قبل الليل، قال: نعم خلق النهار قبل الليل والشمس والقمر والأرض قبل السماء.

٥٦ ـ في كتاب الخصال عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل وفيه قال: فما التسعون؟ قال: الفلك المشحون، اتخذ نوحعليه‌السلام فيه تسعين بيتا للبهائم.

٥٧ ـ في مجمع البيان:( ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ ) وروى الحلبي عن أبي ـ

٣٨٧

عبد اللهعليه‌السلام قال: معناه اتقوا ما بين أيديكم من الذنوب، وما خلفكم من العقوبة.

٥٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم، قولهعزوجل :( وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ ) قال ذلك في آخر الزمان يصاح فيهم صيحة وهم في أسواقهم يتخاصمون، فيموتون كلهم في مكانهم لا يرجع أحد منهم إلى منزله، ولا يوصى بوصية، وذلك قولهعزوجل :( فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ ) .

٥٩ ـ في مجمع البيان وفي الحديث تقوم الساعة والرجلان قد نشرا ثوبهما يتبايعان فما يطويانه حتى تقوم الساعة والرجل يرفع أكلته إلى فيه فما تصل إلى فيه حتى تقوم، والرجل يليط حوضه(١) ليسقى ماشيته فما يسقيها حتى تقوم.

٦٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل :( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ ) قال: من القبور، وفي رواية أبي الجارود عن أبي ـ جعفرعليه‌السلام في قوله:( يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا ) فان القوم كانوا في القبور فلما قاموا حسبوا أنهم كانوا نياما،( قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا ) قالت الملائكة( هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ ) .

٦١ ـ في جوامع الجامع وروى عن عليٍّعليه‌السلام انه قرأ «من بعثنا» على مِن الجارة والمصدر.

٦٢ ـ في روضة الكافي الحسين بن محمد ومحمد بن يحيى عن محمد بن سالم عن أبي سلمة عن الحسن بن شاذان الواسطي قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضاعليه‌السلام أشكو جفاء أهل واسط وحملهم على، وكانت عصابة من العثمانية تؤذيني، فوقع بخطه: إنّ الله جل ذكره أخذ ميثاق أوليائنا على الصبر في دولة الباطل فاصبر لحكم ربك، فلو قد قام سيد الخلق لقالوا( يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ ) .

٦٣ ـ في أصول الكافي باسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان أبو ذر،رحمه‌الله يقول في خطبته وما بين الموت والبعث إلّا كنومة نمتها ثم استيقظت منها

__________________

(١) لاط الحوض: ماره لئلا ينشف الماء.

٣٨٨

والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن زيد النرسي عن عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله صلوات الله عليه يقول: إذا أمات الله أهل الأرض لبث كمثل ما خلق الله الخلق ومثل ما أماتهم وأضعاف ذلك، ثم أمات أهل سماء الدنيا ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ما أمات أهل الأرض وأهل سماء الدنيا وأضعاف ذلك ثم أمات أهل السماء الثانية ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ما أمات أهل الأرض وأهل السماء الدنيا والسماء الثانية وأضعاف ذلك، ثم أمات أهل السماء الثالثة ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ما أمات أهل الأرض وأهل السماء الدنيا والسماء الثانية والثالثة وأضعاف ذلك، في كل سماء مثل ذلك وأضعاف ذلك، ثم أمات ميكائيل ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ذلك كله وأضعاف ذلك، ثم أمات جبرئيلعليه‌السلام ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ذلك كله وأضعاف ذلك ثم أمات إسرافيلعليه‌السلام ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ذلك كله وأضعاف ذلك ثم أمات ملك الموتعليه‌السلام ، ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ذلك كله وأضعاف ذلك ثم يقول اللهعزوجل :( لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ) ؟ فيرد على نفسه( لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ ) أين الجبارون؟ وأين المتكبرون؟ وأين الذين ادعوا معى إلها آخر ونحوهم؟ ثمّ يبعث الخلق قال عبيد بن زرارة: فقلت: إنَّ هذا الأمر كائن طولت ذلك؟ فقال: أرأيت ما كان هل علمت به؟ فقال: لا، قال: فكذلك هذا، وقولهعزوجل :( إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ ) قال: في افتضاض العذارى فاكهون، قال: يفاكهون النساء ويلاعبونهن.

٦٥ ـ في مجمع البيان( فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ ) وقيل: شغلوا بافتضاض العذارى عن ابن عباس وابن مسعود وهو المروي عن الصادقعليه‌السلام ، قال: وحواجبهن كالاهلة(١) وأشفار أعينهن كقوادم النسور.

٦٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قولهعزوجل :( فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ ) متكئون الأرائك السرر عليها الحجال

__________________

(١) جمع الهلال.

٣٨٩

٦٧ ـ حدّثني أبي عن الحسن بن محبوب عن محمد بن إسحق عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وذكر حديثا طويلا يذكر فيه حال المؤمن إذا دخل الجنة: فاذا جلس المؤمن على سريره اهتز سريره فرحا، فاذا استقرت بولي الله منازله في الجنة استأذن عليه الملك الموكل بجنانه ليهنئه بكرامة الله إياه، فيقول له خدام المؤمن ووصفاؤه: مكانك فان ولي الله قد اتكى على أرائكه فزوجته الحوراء العيناء قد هيئت فاصبر لولى الله حتى يفرغ من شغله، قال: فتخرج عليه زوجته الحوراء من خيمتها تمشي مقبلة وحولها وصفائها تحجبنها، عليها سبعون حلة منسوجة بالياقوت واللؤلؤ والزبرجد صبغن بمسك وعنبر، وعلى رأسها تاج الكرامة، وفي رجلها نعلان من ذهب مكللان بالياقوت واللؤلؤ، شراكهما ياقوت أحمر، فاذا دنت من ولي الله وهم يقوم إليها شوقا تقول له: يا ولي الله ليس هذا يوم تعب ولا نصب، لا تقم، انا لك وأنت لي، فيعتنقان قدر خمسمائة عام من أعوام الدنيا لا يملها ولا تمله، قال: فينظر إلى عنقها فاذا عليها قلادة من قضيب ياقوت أحمر، وسطها لوح مكتوب: أنت يا ولي الله حبيبي وانا الحوراء حبيبتك إليك تتأهب نفسي والى تتأهب نفسك، ثم يبعث الله ألف ملك يهنونه بالجنة ويزوجونه بالحوراء.

٦٨ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن محمد بن إسحاق المدني عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونقل عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله حديثا طويلا يقول فيه حاكيا حال أهل الجنة: والمؤمن ساعة مع الحوراء، وساعة مع الادمية، وساعة يخلو بنفسه على الأرائك متكئا ينظر بعض المؤمنين إلى بعض.

٦٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيمرحمه‌الله في قولهعزوجل :( سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ) قال: السلام منه هو الامان، وقوله:( وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ) قال: إذا جمع الله الخلق يوم القيامة بقوا قياما على أقدامهم حتى يلجمهم العرق فينادون: يا رب حاسبنا ولو إلى النار، قال: فيبعث اللهعزوجل رياحا فتضرب بينهم وينادى مناد:( امْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ) فيميز بينهم فصار المجرمون في النار ومن كان في قلبه الايمان صار إلى الجنة.

٣٩٠

قال عز من قائل( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ ) الآية.

٧٠ ـ في كتاب الاعتقادات الامامية للصدوقرحمه‌الله وقالعليه‌السلام : من أصغى إلى ناطق فقد عبده، فان كان الناطق عن الله فقد عبد الله، وان كان الناطق عن إبليس فقد عبد إبليس.

٧١ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم ابن بريد قال: حدّثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيهعليه‌السلام بعد أنْ قال إنّ الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها وفرقه فيها، وقال فيها شهدت الأيدي والأرجل على أنفسهما وعلى أربابهما من تضييعهما لما أمر اللهعزوجل وفرضه عليهما( الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ ) فهذا أيضا مما فرض الله على اليدين وعلى الرجلين وهو عملهما وهو من الايمان.

٧٢ ـ علي بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحاق عن عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفرعليه‌السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيهعليه‌السلام : وليست تشهد الجوارح على مؤمن انما تشهد على من حقت عليه كلمة العذاب فأما المؤمن فيعطى كتابه بيمينه قال اللهعزوجل :( فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً ) .

٧٣ ـ في من لا يحضره الفقيه قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في وصيته لابنه محمد ابن الحنفية رضى الله عنه: وقال اللهعزوجل :( الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ ) فأخبر عنها انها تشهد على صاحبها يوم القيامة.

٧٤ ـ في تفسير العياشي عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام عن جده قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في خطبة يصف هول يوم القيامة: ختم على الأفواه فلا نكلم وتكلمت الأيدى وشهدت الأرجل ونطقت الجلود بما عملوا فلا يكتمون الله حديثا.

٧٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل :( الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ ) إلى قوله تعالى:( بِما كانُوا يَكْسِبُونَ ) قال: إذا جمع اللهعزوجل الخلق يوم القيامة

٣٩١

دفع إلى كل إنسان كتابه فينظرون فيه فينكرون أنهم عملوا من ذلك شيئا فتشهد عليهم الملائكة فيقولون: يا رب ملائكتك يشهدون لك ثم يحلفون أنهم لم يعملوا من ذلك شيئا وهو قول اللهعزوجل :( يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ ) فاذا فعلوا ذلك ختم الله على ألسنتهم وتنطق جوارحهم بما كانوا يكسبون.

٧٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : وقوله:( الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ ) قال: ذلك في مواطن غير واحد من مواطن ذلك اليوم الذي كان مقداره خمسين ألف سنة. يكفر أهل المعاصي بعضهم ببعض، ويلعن بعضهم بعضا والكفر في هذه الآية بالبراءة يقول يتبرأ بعضهم من بعض ونظيرها في سورة إبراهيم قول الشيطان:( إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ ) وقول إبراهيم خليل الرحمان: «كفرنا بكم يعنى تبرأنا منكم ثم يجتمعون في مواطن أخر فيستنطقون فيه فيقولون:( وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ ) وهؤلاء خاصة هم المقرون في دار الدنيا بالتوحيد فلم ينفعهم ايمانهم مع مخالفتهم رسله، وشكهم فيما أتوا به من ربهم، ونقضهم عهوده في أوصيائه، واستبدالهم( الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ) ، فكذبهم الله فيما انتحلوه من الايمان بقوله:( انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ ) فيختم الله على أفواههم ويستنطق الأيدي والأرجل والجلود، فتشهد بكل معصية كانت منه، ثم يرفع عن ألسنتهم الختم فيقولون لجلودهم:( لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ ) .

٧٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل ( وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ ) فانه رد على الزنادقة الذين يبطلون التوحيد ويقولون إنّ الرجل إذا نكح المرأة وصارت النطفة في رحمها تلقيه الاشكال من الغذاء ودار عليه الفلك، ومر عليه الليل والنهار [فيولد الإنسان بالطبايع من الغذاء ومرور الليل والنهار] فنقض اللهعزوجل عليهم قولهم في حرف واحد فقال جل ذكره:( وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ ) قال: لو كان هذا كما يقولون لكان ينبغي أنْ يزيد الإنسان أبدا ما دامت الاشكال قائمة والليل والنهار قائمان والفلك يدور، فكيف صار يرجع إلى النقصان كلما ازداد في الكبر

٣٩٢

الى حد الطفولية ونقصان السمع والبصر والقوة والعلم والمنطق حتى ينتقص وينتكس في الخلق، ولكن ذلك من خلق العزيز العليم وتقديره، وقولهعزوجل :( وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ ) قال: كانت قريش تقول إنّ هذا الذي يقوله محمّد شعر، فرد اللهعزوجل عليهم فقال:( وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ ) ولم يقل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شعرا قط.

٧٨ ـ في مجمع البيان روى عن الحسن أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يتمثل بهذا البيت «كفي الإسلام والشيب للمرء ناهيا» فقال له أبو بكر: يا رسول الله انما قال: «كفي الشيب والإسلام للمرء ناهيا» وأشهد انك رسول الله وما علمك الله الشعر وما ينبغي لك.

٧٩ ـ وعن عائشة انها قالت: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يتمثل ببيت أخي بنى قيس: ستبدى لك الأيام ما كنت جاهلا* ويأتيك بالاخبار من لم تزود فجعل يقول: «وما يأتيك من لم تزود بالاخبار» فيقول أبو بكر: ليس هكذا يا رسول الله فيقول: انى لست بشاعر وما ينبغي لي، فأما قولهعليه‌السلام .

انا النبي لا كذب* انا ابن عبد المطلب فقد قال: قوم أنّ هذا ليس بشعر، وقال آخرون: انما هو اتفاق منه وليس يقصد إلى قول الشعر، وقد صح انهعليه‌السلام كان يسمعه ويحثّ عليه، وقال للحسّان بن ثابت: لا تزال يا حسّان مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك.

٨٠ ـ في أصول الكافي ـ علي بن محمد عن صالح بن أبي حماد عن الحسين بن زيد عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن إبراهيم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : وقال اللهعزوجل :( يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ) فالحي المؤمن الذي تخرج طينته من طينة الكافر، والميت الذي يخرج من الحي هو الكافر الذي يخرج من طينة المؤمن، فالحي المؤمن، والميت الكافر، وذلك قولهعزوجل :( أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ ) فكان موته اختلاط طينته مع طينة الكافر، وكان حيوته حين فرق اللهعزوجل بينهما بكلمته، كذلك يخرج الله جل وعز المؤمن في

٣٩٣

الميلاد من الظلمة بعد دخوله فيها إلى النور، ويخرج الكافر من النور إلى الظلمة بعد دخوله إلى النور، وذلك قولهعزوجل :( لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ )

٨١ ـ في مجمع البيان ويجوز أنْ يكون المراد بمن كان حيا عاقلا وروى ذلك عن علىعليه‌السلام .

٨٢ ـ في كتاب طب الائمةعليهم‌السلام باسناده إلى جابر بن راشد عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام قال: بينما هو في سفر إذ نظر إلى رجل عليه كآبة وحزن، فقال له: ما لك؟ قال: دابتي حرون(١) قال: ويحك اقرء هذه الآية في أذنه( وَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُونَ وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ )

٨٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم في رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله( وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ ) يقول: لا تستطيع الآلهة لهم نصرا وهم للآلهة جند محضرون.

٨٤ ـ في تفسير العياشي عن الحلبي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: جاء أبي بن خلف فأخذ عظما باليا من حائط ففته ثم قال: يا محمد( إِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً ) فأنزل الله( مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ) .

٨٥ ـ في من لا يحضره الفقيه حديث طويل وفيه قالوا وقد رممت يا رسول الله يعنون صرت رميما؟ فقال: كلا إنّ اللهعزوجل حرم لحومنا على الأرض أن تطعم منها شيئا.

٨٦ ـ وقال الصادقعليه‌السلام : إنّ اللهعزوجل حرم عظامنا على الأرض وحرم لحومنا على الدواب أنْ تطعم منها شيئا.

٨٧ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله في احتجاج أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام : قال السائل: أفيتلاشى الروح بعد خروجه عن قالبه أم هو باق؟ قال: بل هو باق إلى وقت ينفخ في الصور، فعند ذلك تبطل الأشياء وتفنى فلا حس ولا محسوس، ثم أعيدت الأشياء كما بدأها مدبرها، وذلك أربع مأة سنة يسبت فيها الخلق وذلك بين ـ النفختين، قال: وانى له بالبعث والبدن قد بلى والأعضاء قد تفرقت فعضو ببلدة يأكله

__________________

(١) الحرون: الذي لا ينقاد.

٣٩٤

سباعها، وعضو بأخرى تمزقة هو أمها، وعضو قد صار ترابا يبنى به مع الطير في حائط؟ قال: إنّ الذي انشأه من غير شيء وصوره على غير مثال كان سبق إليه قادر أنْ يعيده كما بدأه قال: أوضح لي ذلك، قال: إنّ الروح مقيمة في مكانها روح المحسن في ضياء وفسحة، وروح المسيء في ضيق وظلمة، والبدن يصير ترابا كما منه خلق، وما تقذف به السباع والهوام من أجوافها، فما أكلته ومزقته كل ذلك في التراب محفوظ عند من لا يعزب عنه مثقال ذرة في ظلمات الأرض ويعلم عدد الأشياء ووزنها، وان تراب الروحانيين بمنزلة الذهب في التراب، فاذا كان حين البعث مطرت الأرض مطر النشور، فتربوا الأرض ثم يمخض مخض السقاء فيصير تراب البشر كمصير الذهب من التراب إذا غسل بالماء، والزبد من اللبن إذا مخض، فيجتمع تراب كل قالب إلى قالبه. فينتقل بإذن الله تعالى القادر إلى حيث الروح، فتعود الصور بإذن الله المصور كهيئتها وتلج الروح فيها فاذا قد استوى لا ينكر من نفسه شيئا.

٨٨ ـ وروى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليعليهم‌السلام أنّ يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين: فان إبراهيمعليه‌السلام قد بهت الذي كفر ببرهان على نبوته؟ قال له عليّعليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله أتاه مكذب بالبعث بعد الموت وهو أبي بن خلف الجمحي معه عظم نخر ففركه(١) ثم «قال»: يا محمد( مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ) فأنطق الله محمدا بمحكم آياته وبهته ببرهان نبوته، فقال:( يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ) فانصرف مبهوتا.

٨٩ ـ وفيه أيضا قال أبو محمد العسكريعليه‌السلام : قال الصادقعليه‌السلام : وأما الجدال بالتي هي أحسن فهو ما أمر الله تعالى به نبيه أنْ يجادل به من جحد البعث بعد الموت وأحياه له فقال حاكيا عنه:( وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ) فقال الله في الرد عليه: «قل» يا محمد( يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ ) فأراد من نبيه أنْ يجادل

__________________

(١) نخر العظم: بلى وتفتت. وفرك الشيء: دلكه وفرك ـ بالتشديد: بالغ في فركه.

٣٩٥

المبطل الذي قال كيف يجوز أنْ يبعث هذه العظام وهي رميم؟ قال:( قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ ) أفيعجز من ابتدئ به لا من شيء أنْ يعيده بعد أنْ يبلى، بل ابتداؤه أصعب عندكم من إعادته، ثم قال:( الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً ) أي إذا كمن النار الحارة في الشجر الأخضر الرطب ثم يستخرجها فصرفكم انه على اعادة من بلى أقدر.

٩٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن سعد بن أبي سعيد عن إسحاق ابن جرير قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : أي شيء يقول أصحابك في قول إبليس( خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ) ؟ قلت: جعلت فداك قد قال ذلك وذكره الله في كتابه، قال: كذب إبليس يا إسحاق ما خلقه إلّا من طين، ثمّ قال: قال الله( الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ ) خلقه الله من ذلك النار ومن تلك الشجرة، والشجرة أصلها من طين.

٩١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله متصل بقوله سابقا انه على إعادة من بلى أقدر ثم قال:( أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ) أي إذا كان خلق السموات والأرض أعظم وأبعد في أوهامكم وقدركم أنْ تقدروا عليه من إعادة البالي فكيف جوزتم من الله خلق هذا الأعجب عندكم والأصعب لديكم، ولم تجوزوا منه ما هو أسهل عندكم من اعادة البالي، قال الصادقعليه‌السلام : فهذا الجدال بالتي هي أحسن، لان فيها قطع عذر الكافرين وازالة شبههم، واما الجدال بغير التي هي أحسن فان تجحد حقا لا يمكنك أنْ تفرق بينه وبين باطل من تجادله، وانما تدفعه عن باطله بأن يجحد الحق، فهذا هو المحرم لأنك مثله جحد هو حقا وجحدت أنت حقا آخر، قال أبو محمدعليه‌السلام : فقام إليه رجل آخر فقال: يا بن رسول الله أيجادل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال الصادقعليه‌السلام : مهما ظننت برسول الله من شيء فلا تظنن به مخالفة الله تعالى، أليس الله قال:( وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) و( قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ ) لمن ضرب الله مثلا، فتظن أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خالف ما أمرته الله به فلم يجادل ما أمره الله به، ولم يخبر عن أمر الله بما أمره أنْ يخبر

٣٩٦

به، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٩٢ ـ وعن يعقوب بن جعفر عن أبي إبراهيمعليه‌السلام أنّه قال: ولا أحده بلفظ بشق فم ولكن كما قال اللهعزوجل :( إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) بمشيته من غير تردد في نفس!

٩٣ ـ في نهج البلاغة يقول لما أراد كونه: كن فيكون لا بصوت يقرع ولا نداء يسمع، وانما كلامه سبحانه فعل منه انشأه ومثله لم يكن من قبل ذلك كائنا، ولو كان قديما لكان إلها ثانيا.

٩٤ ـ وفيه أيضا يقول ولا يلفظ ويريد ولا يضمر.

٩٥ ـ وفيه أيضا يريد بلا همة.

٩٦ ـ في كتاب الاهليلجة المنقول عن الصادق عليه الصلوة والسلام إنّ الارادة من العباد الضمير وما يبد وبعد ذلك من الفعل، واما من اللهعزوجل فالارادة للفعل احداثه انما يقول له كن فيكون بلا تعب ولا كيف.

٩٧ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى العطار عن أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري عن الحسين بن سعيد الأهوازي عن النضر بن سويد عن عاصم بن حميد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قلت: لم يزل الله مريدا؟ قال: إنّ المريد لا يكون إلّا المراد معه لم يزل عالما قادرا، ثمّ أراد.

٩٨ ـ أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى قال: قلت لأبي الحسنعليه‌السلام : أخبرنى عن الارادة من الله ومن الخلق؟ قال: فقال: الارادة من الخلق الضمير وما يبد ولهم بعد ذلك من الفعل واما من الله فإرادته احداثه لا غير ذلك لأنه لا يروى ولا يهم ولا يتفكر وهذه الصفات منفية عنه وهي صفات الخلق، فارادة الله الفعل لا غير ذلك( يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) بلا لفظ ولا نطق بلسان، ولا همة ولا تفكر، ولا كيف لذلك كما أنه لا كيف له.

٩٩ ـ في عيون الأخبار في باب مجلس الرضاعليه‌السلام مع أهل الأديان والمقالات في التوحيد كلام الرضاعليه‌السلام مع عمران يقول فيه: واعلم أنّ الإبداع والمشية والارادة

٣٩٧

واحدة، وأسماءها ثلاثة، وكان أول ابداعه وإرادته ومشيته الحروف التي جعلها أصلا لكل شيء، ودليلا على كل مدرك، وفاصلا لكل مشكل، وتلك الحروف تعرف كل شيء من اسم حق وباطل، أو فعل أو مفعول، أو معنى أو غير معنى، وعليها اجتمعت الأمور كلها، ولم يجعل للحروف في ابداعه لها معنى غير أنفسها يتناهى ولا وجود لها لأنها مبدعة بالإبداع، والنور في هذا الموضع أول فعل الله الذي هو نور السماوات والأرض، والحروف هي المفعول بذلك الفعل، وهي الحروف التي عليها الكلام والعبارات كلها من اللهعزوجل علمها خلقه وهي ثلاثة وثلاثون حرفا، فمنها ثمانية وعشرون حرفا تدل على لغات العربية، ومن الثمانية والعشرين اثنان وعشرون حرفا تدل على لغات السريانية والعبرانية، ومنها خمسة أحرف متحرفة في ساير اللغات من العجم الأقاليم اللغات كلها(١) وهي خمسة أحرف تحرفت من الثمانية والعشرين حرفا من اللغات، فصارت الحروف ثلاثة وثلاثين حرفا، وأما الخمسة المختلفة «فتجحخ»(٢) لا يجوز ذكرها أكثر مما ذكرناه، ثم جعل الحروف بعد إحصائها وأحكام عدتها فعلا منه كقولهعزوجل «كن فيكون» وكن منه صنع وما يكون به المصنوع، فالخلق الاول من اللهعزوجل : الإبداع، لا وزن له ولا حركة ولا سمع ولا لون ولا حس، والخلق الثاني حروف لا وزن لها ولا لون، وهي مسموعة موصوفة غير منظور إليها، والخلق الثالث ما كان من الأنواع كلها محسوسا ملموسا ذا ذوق منظورا اليه، والله تبارك وتعالى سابق بالإبداع لأنه ليس قبلهعزوجل ولا كان معه شيء، والإبداع سابق للحروف والحروف لا تدل على غير نفسها، قال المأمون: كيف لا تدل على غير نفسها؟ قال الرضاعليه‌السلام لان الله تبارك وتعالى لا يجمع منها شيئا بغير معنى أبدا فاذا ألف منها أحرفا أربعة أو خمسة أو ستة أو أكثر من ذلك أو أقل

__________________

(١) كذا في النسخ لكن في المصدر «من العجم والأقاليم واللغات كلها».

(٢) والمراد بها الفاء، والتاء، والجيم، والحاء المهملة، والخاء المعجمة، وقد اختلفت النسخ في ضبط هذه الكلمة وقال المجلسي (ره): الظاهر أنّ العبارة قد صحفت ولم تكن بهذه الصورة.

٣٩٨

لم يؤلفها لغير معنى. ولم يك إلّا لمعنى محدث لم يكن قبل ذلك شيئا، قال عمران: فكيف لنا بمعرفة ذلك؟ قال الرضاعليه‌السلام : اما المعرفة فوجه ذلك وبيانه انك تذكر الحروف إذا لم ترد بها غير نفسها، ذكرتها فردا [فقلت] أب ت ث ج ح خ حتى تأتى على آخرها، فلم تجد لها غير أنفسها وإذا ألفت وجمعت منها وجعلتها اسما وصفة لمعنى ما طلبت ووجه ما عنيت كانت دليلة على معانيها، داعية إلى الموصوف بها، أفهمته؟ قال: نعم.

١٠٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم ثم قالعزوجل :( أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ) إلى قوله تعالى:( كُنْ فَيَكُونُ ) قال: خزائنه في كاف والنون.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من قرء سورة الصافات في كل يوم جمعة لم يزل محفوظا من كل آفة مدفوعا عنه كل بلية في الحيوة الدنيا مرزوقا في الدنيا في أوسع ما يكون من الرزق، ولم يصبه الله في ماله وولده ولا بدنه بسوء من شيطان رجيم، ولا من جبار عنيد، وان مات في يومه أو ليلته بعثه الله شهيدا وأماته شهيدا، وأدخله الجنة مع الشهداء في درجة من الجنة.

٢ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ومن قرء سورة الصافات أعطى من الأجر عشر حسنات بعدد كل جنى وشيطان، وتباعدت عنه مردة الشياطين، وبرىء من الشرك، وشهد له حافظاه يوم القيامة انه كان مؤمنا بالمرسلين.

٣ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن موسى بن الحسن عن سليمان الجعفري قال: رأيت أبا الحسنعليه‌السلام يقول لابنه القاسم: قم فأقرأ عند رأس أخيك( وَالصَّافَّاتِ صَفًّا ) حتى تستتمها، فقرأه فلما بلغ( أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا ) قضى الفتى، فلما سجي(١) وخرجوا أقبل عليه يعقوب بن جعفر، فقال له: كنا نعهد الميت إذا نزل به الموت يقرأ

__________________

(١) قال في الصحاح: سجيت الميت تسجية: إذا مددت عليه ثوبا.

٣٩٩

عنده( يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ) فصرت تأمرنا بالصافات؟ فقال: يا بنى لم تقرأ عند(١) مكروب من موت قطّ إلّا عجل الله راحته.

٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم والصافات صفا قال: الملائكة والأنبياءعليهم‌السلام ، ومن وصف اللهعزوجل عبده فالزاجرات زجرا الذين يزجرون الناس فالتاليات ذكرا الذين يقرؤن الكتاب من الناس فهو قسم وجوابه( إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ )

٥ ـ قال: وحدثني أبي ويعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: إنّ هذه النجوم التي في السماء مدائن مثل المداين التي في الأرض مربوطة كل بعمود من نور، طول ذلك العمود في السماء مسيرة مأتين وخمسين سنة.

٦ ـ وقولهعزوجل ( وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ ) : المارد الخبيث.

٧ ـ وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: عذاب واصب أي دائم موجع قد وصل إلى قلوبهم.

٨ ـ وفيه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل قال: فصعد جبرئيل وصعدت معه إلى سماء الدنيا، وعليها ملك يقال له اسمعيل، وهو صاحب الخطفة التي قال اللهعزوجل :( إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ ) وتحته سبعون ألف ملك تحت كل ملك سبعون ألف ملك، فقال: يا جبرئيل من هذا معك؟ قال: محمد، قال وقد بعث؟ قال: نعم، ففتح الباب فسلمت عليه وسلم عليّ واستغفرت له واستغفر لي، وقال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح.

٩ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن الحسن عن النضر بن شعيب عن عبد الغفار الجازي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الله خلق المؤمن من طينة الجنة، وخلق الكافر من طينة النار، قال: وسمعته يقول: الطينات ثلاثة: طينة الأنبياء، والمؤمن من تلك الطينة، إلّا أنّ الأنبياء هم من صفوتها هم الأصل ولهم فضلهم ،

__________________

(١) كذا في النسخ لكن في المصدر «عبد» مكان «عند».

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

٩٦ ـ في أصول الكافي عنه(١) عن أبيه عن النضر بن سويد عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: اما انه ليس من عرق يضرب ولا نكبة ولا صداع ولا مرض إلّا بذنب وذلك قول اللهعزوجل في كتابه:( وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ) قال: ثم قال: وما يعفوا الله أكثر مما يؤاخذ به.

٩٧ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمعون عن عبد الله ابن عبد الرحمان عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : في قول اللهعزوجل :( وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ) ليس من التواء عرق ولا نكبة حجر، ولا عثرة قدم، ولا خدش عود، إلّا بذنب ولما يعفو الله أكثر، فمن عجل الله عقوبة ذنبه في الدنيا فان الله أجل وأكرم وأعظم من أنْ يعود في عقوبته في الآخرة.

٩٨ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد وعلى بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن ابن محبوب عن علي بن رئاب قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ) أرأيت ما أصاب عليا وأهل بيتهعليهم‌السلام من بعده اهو بما كسبت أيديهم وهم أهل بيت طهارة معصومون؟ فقال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يتوب إلى الله ويستغفر في كل يوم وليلة مأة مرة من غير ذنب، إنّ الله يخص أولياءه بالمصائب ليأجرهم عليها من غير ذنب.

٩٩ ـ في قرب الاسناد للحميري محمد بن الوليد عن عبد الله بن بكير قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ) فقال: هو( وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ) قال: قلت: ما أصاب عليا وأشياعه من أهل بيته من ذلك؟ فقال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يتوب إلى الله تعالىعزوجل كل يوم سبعين مرة من غير ذنب.

١٠٠ ـ في مجمع البيان روى عن عليٍّعليه‌السلام أنّه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : خير آية في كتاب الله هذه الآية، يا عليُّ ما من خدش عود ولا نكبة قدم إلّا بذنب وما عفي الله

__________________

(١) لم يتقدم إلّا عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيسى (منه ره)

٥٨١

عنه في الدنيا فهو أكرم من أنْ يعود فيه وما عاقب عليه في الدنيا فهو أعدل من أنْ يثنى على عبده.

١٠١ ـ في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه من الاربعمأة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه: توقوا الذنوب فما من نكبة ولا نقص رزق إلّا بذنب حتى الخدش والكبوة(١) والمصيبة، قال الله تعالى:( وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ) وأوفوا بالعهد إذا عاهدتم، فما زالت نعمة ولا نضارة عيش إلّا بذنوب اجترحوها(٢) ( أَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ) ، ولو أنهم استقبلوا ذلك بالدعاء والانابة لما نزلت، ولو أنهم إذا نزلت بهم النقم وزالت عنهم النعم فزعوا إلى اللهعزوجل بصدق من نياتهم ولم يهنوا ولم يسرفوا لاصلح لهم كل فاسد ولرد عليهم كل صالح.

١٠٢ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من أخبار هذه المجموعة وباسناده قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليُّ كرامة المؤمن على الله أنه لم يجعل لأجله وقتا حتى يهم ببائقة(٣) فاذا هم ببائقة قبضه اليه.

١٠٣ ـ قال: وقال جعفر بن محمدعليهما‌السلام تجنبوا البوائق يمد لكم في الاعمار.

١٠٤ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن حريز عن الفضيل ابن يسار عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: ما من نكبة تصيب العبد إلّا بذنب، وما يعفو الله عنه أكثر.

١٠٥ ـ عنه عن أبيه عن ابن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي أسامة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: تعوذوا بالله من سطوات الله بالليل والنهار، قال: قلت: وما سطوات الله؟ قال: الأخذ على المعاصي.

١٠٦ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن أبان عن الفضيل بن

__________________

(١) كبا كبوا: انكب على وجهه والكبوة: المرة.

(٢) نضارة العيش: حسنه ورونقه. واجترح الذنب: اكتسبه.

(٣) البائقة: الشر.

٥٨٢

يسار عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ العبد ليذنب الذنب فيزوى(١) عنه الرزق.

١٠٧ ـ أبو عليّ الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن ابن فضال عن ثعلبة عن سليمان بن ظريف عن ابن محبوب محمد بن مسلم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: إنّ الذنب يحرم العبد الرزق.

١٠٨ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن أبي أيوب عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ العبد يسأل الله الحاجة فيكون من شأنه قضائها إلى أجل قريب أو إلى وقت بطيء فيذنب العبد ذنبا فيقول الله تبارك وتعالى للملك: لا تقض حاجته واحرمه إياها فانه تعرض لسخطي واستوجب الحرمان منى.

١٠٩ ـ الحسين بن محمد عن محمد بن أحمد النهدي عن عمرو بن عثمان عن رجل عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: حق على الله أنْ لا يعصى في دار إلّا أضحاها للشمس حتى تطهرها.

قال عز من قائل:( وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ )

١١٠ ـ في محاسن البرقي عنه عن الحسين بن يزيد النوفلي عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني عن أبي عبد الله عن آبائهعليهم‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أحب أنْ يعلم ما له عند الله فليعلم ما لله عنده.

١١١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل :( وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ) قال أبو جعفرعليه‌السلام : من كظم غيظا وهو يقدر على إمضائه حشا الله قلبه أمنا وايمانا يوم القيامة، قال: ومن ملك نفسه إذا رغب وإذا رهب وإذا غضب حرم جسده على النار.

١١٢ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عبد ابن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : قال رسول الله صلى عليه وآله في خطبة: ألآ أخبركم بخير خلائق(٢) الدنيا والآخرة: العفو عمن ظلمك وتصل من قطعك، والإحسان إلى من أساء إليك، وإعطاء من حرمك.

__________________

(١) أي يمنع.

(٢) جمع الخليقة: الطبيعة والسجية.

٥٨٣

١١٣ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن أبي خالد القماط عن حمران عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: الندامة على العفو أفضل وأيسر من الندامة على العقوبة.

١١٤ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن إسماعيل بن مهران عن سيف بن عميرة قال: حدّثني من سمع أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: من كظم غيظا ولو شاء أنْ يمضيه أمضاه ملاء الله قلبه يوم القيامة رضاه.

١١٥ ـ علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن حفص بياع السابري عن أبي حمزة عن علي بن الحسينعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أحب السبيل إلى اللهعزوجل جرعتان: جرعة غيظ تردها بحلم، وجرعة مصيبة تردها بصبر.

١١٦ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: كان علي بن الحسينعليهما‌السلام يقول: انه ليعجبني الرجل أنْ يدركه حلمه عند غضبه.

١١٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ ) قال: في اقامة الامام.

١١٨ ـ في مجمع البيان:( وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ ) وفي هذه الآية دلالة على فضل المشاورة في الأمور. وقد روى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: ما من رجل يشاور أحدا إلّا هدى إلى الرشد.

١١٩ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى سليمان بن داود المنقري عن حماد بن عيسى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال:( قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ ) : إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك وأمورهم إلى قوله: واجهد رأيك لهم إذا استشاروك، ثم لا تعزم حتى تثبت وتنظر ولا تجب في مشورة حتى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلى وأنت مستعمل فكرتك وحكمتك في مشورتك، فان من لم يمحض النصيحة لمن استشاره سلبه الله رأيه ونزع عنه الامانة.

١٢٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ ) أي يقبلون ما أمروا به

٥٨٤

ويشاورون الامام فيما يحتاجون إليه من أمر دينهم.

١٢١ ـ في مجمع البيان:( فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ ) روى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إذا كان يوم القيمة نادى مناد: من كان أمره على الله فليدخل الجنة فيقال: من ذا الذي أجره على الله؟ فيقال: العافون عن الناس فيدخلون الجنة بغير حساب.

١٢٢ ـ في أصول الكافي باسناده إلى أبي حمزة الثمالي عن علي بن الحسينعليهما‌السلام قال: سمعته يقول: إذا كان يوم القيامة جمع الله تبارك وتعالى الأولين والآخرين في صعيد واحد ثم ينادى مناد: أين أهل الفضل؟ قال: فيقوم عنق من الناس فتلقاهم الملائكة فيقولون: وما كان فضلكم؟ فيقولون: كنا نصل من قطعنا ونعطى من حرمنا، ونعفو عمن ظلمنا، فيقال لهم: صدقتم ادخلوا الجنة.

١٢٣ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن جهم بن الحكم المداينى عن اسمعيل بن أبي زياد السكوني عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : عليكم بالعفو، فان العفو لا يزيد العبد إلّا عزا فتعافوا يعزكم الله.

١٢٤ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ثلاث من كن فيه فقد استكمل خصال الايمان، من صبر على الظلم وكظم غيظه واحتسب وعفي وغفر، كان ممن يدخله الله الجنة بغير حساب، ويشفعه في مثل ربيعة ومضر.

١٢٥ ـ وفيه في الحقوق المروية عن علي بن الحسينعليهما‌السلام : وحق من أساءك أنْ تعفو عنه، وإنْ علمت أنّ العفو يضرّ انتصرت، قال الله تبارك وتعالى:( وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ ) .

١٢٦ ـ عن أبي عبد الله عن آبائهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلاثة إنْ لم تظلمهم ظلموك: السفلة والزوجة والمملوك.

١٢٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثنا جعفر بن محمد قال: حدّثنا عبد ـ الكريم عن عبد الرحيم عن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سمعته يقول:( وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ ) يعنى القائم صلوات الله عليه وأصحابه( فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ ) والقائم إذا قام انتصر من بنى أمية والمكذبين والنصاب

٥٨٥

هو وأصحابه، وهو قول الله تبارك وتعالى:( إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ ) إلى قوله: وترى الظالمين لآل محمّد (صلى‌الله‌عليه‌وآله )حقّهم لـمّا رأوا العذاب وعليّ صلوات الله هو العذاب في هذه الرجعة( يَقُولُونَ هَلْ إلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ ) فنوالى عليّا صلوات الله عليه( وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِ ) لعليّ ينظرون إلى عليٍّ( مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا ) يعنى آل محمّد صلوات الله عليه وعليهم وشيعتهم( إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ ) لال محمد حقهم( فِي عَذابٍ مُقِيمٍ ) قال: والله يعنى النصاب الذين نصبوا العداوة لأمير المؤمنين وذريته صلوات الله عليه وعليهم والمكذبين( وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ. )

١٢٨ ـ وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قولهعزوجل :( يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً ) يعنى ليس معهن ذكور( وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ ) يعنى ليس معهم أنثى( أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً ) أي يهب لمن يشاء ذكرانا وإناثا جميعا يجمع له البنين والبنات أي يهبهم جميعا لواحد.

١٢٩ ـ حدّثني أبي عن المحمودي ومحمد بن عيسى بن عبيد عن محمد بن إسماعيل الرازي عن محمد بن سعيد، أنّ يحيى بن أكثم سأل موسى بن محمد عن مسائل وفيها: أخبرنا عن قول اللهعزوجل ( أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً ) فهل يزوج الله عباده الذكران وقد عاقب قوما فعلوا ذلك؟ فسأل موسى أخاه أبا الحسن العسكري صلوات الله عليه، وكان من جواب أبي الحسنعليه‌السلام أما قولهعزوجل :( أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً ) فان الله تبارك وتعالى يزوج ذكران المطيعين إناثا من الحور العين، وإناث المطيعات من الانس من ذكران المطيعين، ومعاذ الله أنْ يكون الجليل عنى ما لبست على نفسك تطلب الرخصة لارتكاب المآثم،( وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً ) إنْ لم يتب.

١٣٠ ـ في عيون الأخبار في باب ذكر ما كتب به الرضاعليه‌السلام إلى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل وعلة تحليل مال الولد لوالده بغير اذنه وليس ذلك للولد

٥٨٦

لان الولد موهوب للوالد في قول الله تعالى( يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ ) مع انه المأخوذ بمؤنته صغيرا أو كبيرا أو المنسوب إليه والمدعو له لقولهعزوجل :( ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ ) وقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت ومالك لأبيك، وليس الوالدة كذلك، لا تأخذ من ماله إلّا باذنه أو بإذن الأب لأنه مأخوذ بنفقة الولد ولا تؤخذ المرأة بنفقة ولدها.

١٣١ ـ في تهذيب الأحكام أحمد بن محمد بن عيسى إلى أنْ قال: وعنه عن محمد ابن الحسين عن أبي الجوزاء عن الحسين بن علوان عن زيد بن علي عن آبائه عن عليٍّعليهم‌السلام قال: أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله رجل فقال: يا رسول إنّ أبي عمد إلى مملوك لي فأعتقه كهيئة المضرة لي؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت وما لك من هبة الله لأبيك، أنت سهم من كنانته( يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً ) جازت عتاقة أبيك يتناول والدك من مالك وبدنك. وليس لك أنْ تتناول من ماله ولا من بدنه شيئا إلّا باذنه.

قال عز من قائل:( وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً ) .

١٣٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله قال أبو محمد الحسن العسكريعليه‌السلام : سئل عبد الله بن صوريا رسول الله فقال: أخبرنى عمن لا يولد له ومن يولد له؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا اصفرت النطفة لم يولد له أي إذا احمرت وكدرت، وإذا كانت صافية ولد له، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٣٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل :( وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ ) قال: وحي مشافهة ووحي الهام، وهو الذي يقع في القلب أو من وراء حجاب، كما كلم الله نبيه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وكما كلم اللهعزوجل موسىعليه‌السلام من الناس،( أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ ) ، قال: وحي مشافهة يعنى إلى الناس.

١٣٤ ـ في كتاب توحيد المفضل بن عمر المنقول عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام في الرد على الدهرية قالعليه‌السلام بعد أنْ ذكر اللهعزوجل والعجز عن أنْ يدرك: فانْ قالوا ولم استتر؟ قيل لهم ما يستتر بحيلة يخلص إليها كمن يحتجب عن الناس بالأبواب و

٥٨٧

الستور، وانما معنى قولنا استتر أنه لطف عن مدى ما تبلغه الأوهام، كما لطف النفس وهي خلق من خلقه، وارتفعت عن إدراكها بالنظر.

١٣٥ ـ في كتاب التوحيد عن الرضاعليه‌السلام كلام طويل في التوحيد وفيه لا تشمله المشاعر ولا يحجبه الحجاب فالحجاب بينه وبين خلقه لامتناعه مما يمكن في ذواتهم ولإمكان ذواتهم مما يمتنع منه ذاته، ولافتراق الصانع والمصنوع والرب والمربوب والحاد والمحدود.

١٣٦ ـ وفيه عن الرضاعليه‌السلام أيضا كلام وفيه قال الرجل: فلم احتجب؟ فقال أبو الحسنعليه‌السلام : إنّ الحجاب على الخلق لكثرة ذنوبها، فاما هو فلا تخفي عليه خافية في آناء الليل والنهار.

١٣٧ ـ وفيه حديث طويل عن عليٍّعليه‌السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات: فأما قوله:( وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ) ما ينبغي لبشر أنْ يكلمه الله إلّا وحيا، وليس بكائن إلّا من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحى باذنه ما يشاء كذلك قال الله تبارك وتعالى علوا كبيرا قد كان الرسول يوحى إليه من رسل السماء فتبلغ رسل السماء رسل الأرض وقد كان الكلام بين رسل أهل الأرض وبينه من غير أن يرسل الكلام مع رسل أهل السماء وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا جبرئيل هل رأيت ربك؟ فقال جبرئيل: إنّ ربي لا يرى فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من اين تأخذ الوحي فقال: آخذه من إسرافيل فقال: ومن أين يأخذه إسرافيل؟ قال يأخذه من ملك فوقه من الروحانيين قال: فمن أين يأخذه ذلك الملك؟ قال يقذف في قلبه قذفا فهذا وحي وهو كلام اللهعزوجل وكلام الله ليس بنحو واحد، منه ما كلم الله به الرسل ومنه ما قذفه في قلوبهم ومنه رؤيا يراها الرسل ومنه وحي وتنزيل يتلى ويقرأ فهو كلام الله فاكتف بما وصفت لك من كلام الله فان معنى كلام الله ليس بنحو واحد فان منه ما تبلغ به رسل السماء رسل الأرض.

١٣٨ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام لبعض الزنادقة وقد جاء إليه مستدلا بآي من القرآن متوهما

٥٨٨

فيها التناقض والاختلاف وأما قوله تعالى:( ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً ) وليس بكاين إلّا من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحى باذنه ما يشاء كذلك قال الله تعالى قد كان الرسول يوحى إليه وذكر نحوما نقلنا من كتاب التوحيد إلّا أنه ليس هنا «فاكتف إلى آخره».

١٣٩ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن أبي الصباح الكناني عن أبي بصير قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله تبارك وتعالى:( وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ ) قال: خلق من خلق اللهعزوجل أعظم من جبرئيل وميكائيل كان مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يخبره ويسدده وهو مع الائمة من بعده.

١٤٠ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن علي بن أسباط عن أسباط بن سالم قال: سئله رجل من أهل هيت(١) وأنا حاضر عن قول اللهعزوجل :( وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ) فقال: منذ أنزل اللهعزوجل ذلك الروح على محمد ما صعد إلى السماء وانه لفينا.

١٤١ ـ محمد بن يحيى عن عمران بن موسى عن موسى بن جعفر عن علي بن أسباط عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن العلم أهو شيء يتعلمه العالم من أفواه الرجال أم في الكتاب عندكم تقرؤنه فتعلمون منه؟ قال: الأمر أعظم من ذلك وأوجب أما سمعت قول اللهعزوجل :( وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ ) ثم قال: أي شيء يقول أصحابكم في هذه الآية أيقولون:(٢) انه كان في حال لا يدرى ما الكتاب ولا الايمان؟ فقلت: لا أدرى جعلت فداك ما يقولون؟ فقال: بلى قد كان في حال لا يدرى ما الكتاب ولا الايمان حتى بعث اللهعزوجل الروح التي ذكر في الكتاب، فلما أوحاها إليه علم بها

__________________

(١) هيت: بلد بالعراق.

(٢) وفي المصدر «أيقرءون» بدل «أيقولون».

٥٨٩

العلم والفهم وهي الروح التي يعطيها اللهعزوجل من شاء، فاذا أعطاها عبدا علمه الفهم.

١٤٢ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن علي بن الحكم عن معاوية بن وهب عن زكريا بن إبراهيم قال: كنت نصرانيا فأسلمت وحججت فدخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام فقلت: انى كنت على النصرانية وانى أسلمت، فقال: وأيّ شيء رأيت في الإسلام؟ قلت: قول اللهعزوجل :( ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ ) فقال: لقد هداك الله، ثم قال: أللّهمّ اهده ثلاثا والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٤٣ ـ في مجمع البيان:( رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ) يعنى الوحي بأمرنا إلى قوله: وقيل: هو ملك أعظم من جبرئيل وميكائيل كان مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، قال: ولم يصعد إلى السماء وانه لفينا.

١٤٤ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام وقال في نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) يقول تدعو.

١٤٥ ـ في بصائر الدرجات عبد الله بن عامر عن أبي عبد الله البرقي عن الحسين ابن عثمان عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله تبارك وتعالى( وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ ) قال: تفسيرها في بطن القرآن «من يكفر بولاية على» وعلى هو الايمان، إلى قوله: واما قوله:( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) يعنى انك لتأمر بولاية عليّ وتدعو إليها وهو الصراط المستقيم.

١٤٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم ثم كنى عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال:( وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا ) والدليل على أنّ النور أمير المؤمنين صلوات الله عليه قولهعزوجل :( وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ ) الآية حدّثنا جعفر ابن أحمد قال حدّثنا عبد الكريم بن الرحيم قال: حدّثنا محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول اللهعزوجل لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً ) يعنى عليا، وعلى صلوات الله عليه هو النور

٥٩٠

فقال:( نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا ) يعنى عليا هدى به من هدى من خلقه، قال: وقال اللهعزوجل لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) يعنى انك لتأمر بولاية عليّ وتدعو إليها، وعلى هو الصراط المستقيم صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض يعنى عليّا انه جعل خازنه على ما في السماوات وما في الأرض ومن شيء وائتمنه عليه ألآ إلى الله تصير الأمور.

١٤٧ ـ في أصول الكافي عنه عن الحسين عن النضر عن القاسم بن سليمان عن أبي مريم الأنصاري عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سمعته يقول: وقع مصحف في البحر فوجده وقد ذهب ما فيه إلّا هذه الآية( أَلا إلى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ ) .

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: من أد من قراءة حم الزخرف آمنه الله في قبره من هوام الأرض وضغطة القبر حتى يقف بين يدي اللهعزوجل ثم جاءت حتى تدخله الجنة بأمر الله تبارك وتعالى.

٢ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من قرء سورة الزخرف كان ممن يقال له يوم القيامة:( يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ ) ادخلوا الجنة بغير حساب.

٣ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادقعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : وأما حم فمعناه الحميد المجيد.

٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم «حم» حرف من الاسم الأعظم وقولهعزوجل :( وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ) يعنى أمير المؤمنين صلوات الله عليه مكتوب في الفاتحة في قول اللهعزوجل :( اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ) قال أبو عبد اللهعليه‌السلام هو أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

٥ ـ في تهذيب الأحكام في الدعاء المنقول بعد صلوة يوم الغدير عن أبي ـ

٥٩١

عبد اللهعليه‌السلام ربنا آمنا واتبعنا مولانا وولينا وهادينا وداعينا وداعي الأنام وصراطك المستقيم السوي وحجتك وسبيلك الداعي إليك على بصيرة هو ومن اتبعه( سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) بولايته وبما يلحدون باتخاذ الولائج دونه، فاشهد يا الهى انه الامام الهادي المرشد الرشيد عليّ أمير المؤمنين الذي ذكرته في كتابك، فقلت:( وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ) لا أشركه إماما ولا اتخذ من دونه وليجة.

٦ ـ في كتاب معاني الأخبار حدّثنا أحمد بن عبد الله بن إبراهيم بن هاشمرحمه‌الله قال حدّثنا أبي عن جدي عن حماد بن عيسى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ) قال: هو أمير المؤمنين ومعرفته، والدليل على انه أمير المؤمنين قولهعزوجل :( وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ) وهو أمير المؤمنين (ع) في أم الكتاب في قوله تعالى:( اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ) .

٧ ـ في مجمع البيان:( ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ ) وروى العياشي باسناده عن أبي ـ عبد اللهعليه‌السلام قال: ذكر النعمة أنْ تقول: الحمد لله الذي هدانا للإسلام وعلمنا القرآن ومن علينا بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتقول بعده:( سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا ) إلى آخره.

٨ ـ وروى عن ابن عمر أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا استوى على بعيره خارجا في سفر كبر ثلاثا وقال:( سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ ) أللّهمّ انا نسئلك في سفرنا هذا البر والتقوى والعمل بما ترضى، أللّهمّ هون علينا سفرنا واطو عنا بعده أللّهمّ أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل أللّهمّ انى أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب(١) وسوء المنظر في الأهل والمال وإذا رجع قال: آئبون تائبون لربنا حامدون أورده مسلم في الصحيح.

٩ ـ في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه من الاربعمأة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه: إذا ركبتم الدواب فاذكروا الله تعالى، وقولوا( سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ ) .

١٠ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن اسمعيل

__________________

(١) الوعثاء: المشقة والتعب والكآبة: الحزن الشديد والغم.

٥٩٢

ابن مهران عن سيف بن عميرة عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : هل للشكر حد إذا فعله العبد كان شاكرا؟ قال: نعم، قلت: ما هو؟ قال: يحمد الله على كل نعمة عليه في أهل ومال وان كان فيما أنعم عليه في ماله حق أداه، ومنه قولهعزوجل :( سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١١ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أسباط ومحمد بن أحمد عن موسى بن القاسم البجلي عن علي بن أسباط عن أبي الحسنعليه‌السلام حديث طويل نقول فيهعليه‌السلام وان خرجت برا فقل الذي قال اللهعزوجل :( سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ ) فانه ليس من عبد يقولها عند ركوبه فيقع من بعير أو دابة فيصيبه شيء بإذن الله.

١٢ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير ومحمد بن اسمعيل عن الفضل ابن شاذان عن ابن أبي عمير عن صفوان بن يحيى جميعا عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إذا استويت على راحلتك واستوى بك محملك فقال: الحمد لله الذي هدينا للإسلام ومن علينا بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله( سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) أللّهمّ أنت الحامل على الظهور والمستعان على الأمر، أللّهمّ بلغنا بلاغا يبلغ إلى خير، بلاغا إلى مغفرتك ورضوانك، أللّهمّ لا طير إلّا طيرك(١) ولا خيرا إلّا خيرك ولا حافظ غيرك، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٣ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن أسباط عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: فان ركبت الظهر فقل( سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ ) .

١٤ ـ علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن الدهقان عن درست عن إبراهيم ابن عبد الحميد عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا ركب الرجل إلى أنْ قال: وقال: من قال إذا ركب الدابة: بسم الله لا حول ولا قوة إلّا بالله( الْحَمْدُ

__________________

(١) الطير: الاسم من التطير وهو ما يتشأم به الإنسان من الفال الردى، قال الفيض (ره): وهذا كما يقال: لا أمر إلّا أمرك، يعنى لا يكون إلّا ما تريد.

٥٩٣

لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ ) الآية( سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ) حفظت له دابته ونفسه حتى ينزل.

١٥ ـ في من لا يحضره الفقيه وسئل سعد بن سعد الرضاعليه‌السلام عن سجدة الشكر فقال: أرى أصحابنا يسجدون بعد الفريضة سجدة واحدة ويقولون: هي سجدة الشكر، فقال: انما الشكر إذا أنعم اللهعزوجل على عبده أنْ يقول:( سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ ) ( وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) .

١٦ ـ وكان الصادقعليه‌السلام إذا وضع رجله في الركاب يقول:( سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ) ويسبح الله سبعا ويحمد الله سبعا ويهلل الله سبعا.

١٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ ) إلى قوله( وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ) قال: فانه حدّثني أبي عن ابن فضال عن الفضل بن صالح عن سعد ابن طريف عن الأصبغ بن نباته قال: أمسكت لأمير المؤمنين صلوات الله عليه بالركاب وهو يريد أنْ يركب، فرفع رأسه ثم تبسم فقلت له: يا أمير المؤمنين رأيتك رفعت رأسك ثم تبسمت؟ قال: نعم يا اصبغ أمسكت أنا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كما أمسكت أنت لي الركاب فرفع رأسه ثم تبسم فسألته عن تبسمه كما سألتنى، وسأخبرك كما أخبرنى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمسكت لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بلغته الشهباء فرفع رأسه إلى السماء وتبسم فقلت: يا رسول الله رفعت رأسك إلى السماء وتبسّمت لماذا؟ فقال: يا عليُّ ليس من أحد يركب فيقرأ آية الكرسي ثم يقول: استغفر الله الذي لا إله إلّا هو الرحمن الرحيم الحي القيوم وأتوب إليه أللّهمّ اغفر لي ذنوبي فانه لا يغفر الذنوب إلّا أنت، إلّا قال السيد الكريم: يا ملائكتى عبدي يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري، اشهدوا أنى قد غفرت له ذنوبه.

١٨ ـ حدّثني أبي عن علي بن أسباط قال: حملت متاعا إلى مكّة فكسد عليّ فجئت إلى المدينة فدخلت إلى أبي الحسن الرضاعليه‌السلام فقلت: جعلت فداك انى قد حملت متاعا إلى مكة وكسد عليّ وقد أردت مصرا فأركب بحرا أو برا؟ فقال: مصر الحتوف يقبض إليها، وهم أقصر الناس أعمارا، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تغسلوا رؤسكم بطينها ،

٥٩٤

ولا تشربوا في فخارها، فانه يورث الذلة ويذهب بالغيرة، ثم قال: لا عليك أنْ تأتى مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وتصلى فيه ركعتين، وتستخير اللهعزوجل مأة مرة [ومرة] فاذا عزمت على شيء وركبت البر فاذا استويت(١) على راحلتك فقال:( سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ ) فانه ما ركب أحد ظهرا فقال هذا وسقط إلّا لم يصبه كسر ولا ونى ولا وهن، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

وقولهعزوجل :( أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ ) أي ينشأو في الذهب( وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ ) قال إنّ موسىعليه‌السلام أعطاه اللهعزوجل من القوة أنْ أريَ فرعون صورته على فرس من ذهب رطب عليه ثياب من ذهب رطب فقال فرعون «أو من ينشأو في الحلية» أي ينشأو بالذهب( وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ ) قال: لا يبين الكلام ولا يتبين من الناس، ولو كان نبيا لكان خلاف الناس.

١٩ ـ في بصائر الدرجات أحمد بن الحسين عن أبيه عن بكر بن صالح عن عبد الله بن إبراهيم بن عبد العزيز بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر الجعفري قال: حدّثنا يعقوب بن جعفر قال: كنت مع أبي الحسنعليه‌السلام بمكة فقال له رجل انك لتفسر من كتاب الله ما لم يسمع، فقال: علينا نزل قبل الناس، ولنا فسر قبل من القوة ان ارى فرعون صورته على فرس من ذهب رطب عليه ثياب من ذهب رطب فقال فرعون يفسر في الناس فنحن نعرف حلاله وحرامه، وناسخه ومنسوخه، ومتفرقه وحضرته وفي أي ليلة نزلت من آية وفيمن نزلت وفيما أنزلت، فنحن حكماء الله في أرضه، وشهداؤه على خلقه، وهو قول الله تبارك وتعالى:( سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ ) فالشهادة لنا والمسئلة للمشهود عليه، فهذا علم قد أنهيته.

٢٠ ـ في أصول الكافي باسناده إلى عبد الله بن إبراهيم الجعفري قال: كتب يحيى بن عبد الله بن الحسن إلى موسى بن جعفرعليه‌السلام : اما بعد فانى أوصى نفسي بتقوى الله وبها أوصيك فانها وصية الله في الأولين ووصيته في الآخرين خبرني من ورد على من

__________________

(١) كذا في النسخ ولكن في المصدر «فاذا عزمت على شيء وركبت البحر أو إذا استويت على راحلك اه».

٥٩٥

أعوان الله على دينه ونشر طاعته بما كان من تحننك(١) مع خذلانك، وقد شاورت في الدعوة للرضا من آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد احتجبتها واحتجبها أبوك من قبلك(٢) وقديما ادعيتم ما ليس لكم وبسطتم آمالكم إلى ما لم يعطكم الله فاستهويتم وأضللتم وأنا محذرك ما حذرك الله من نفسه، فكتب إليه أبو الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام : من موسى بن عبد الله ابن جعفر وعلى مشتركين في التذلل الله وطاعته، إلى يحيى بن عبد الله بن الحسن اما بعد فانى أحذرك الله ونفسي وأعلمك اليم عذابه وشديد عقابه، وتكامل نقماته، وأوصيك ونفسي بتقوى الله فانها زين الكلام، وتثبيت النعم أتاني كتابك تذكر فيه انى مدع وأبي من قبل وما سمعت ذلك منى و «ستكتب شهادتهم ويسألون».

٢١ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى هشام بن سالم عن الصادقعليه‌السلام حديث طويل وفي آخره قال هشام: قلت: فهل يكون الامامة في الآخرين بعد الحسن والحسين؟ قال: لا انما هي جارية في عقب الحسينعليه‌السلام كما قال اللهعزوجل : وجعلهما كلمة باقية في عقبه ثم هي جارية في الأعقاب وأعقاب الأعقاب إلى يوم القيامة.

٢٢ ـ وباسناده إلى محمد بن قيس عن ثابت الثمالي عن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالبعليهم‌السلام أنّه قال: فينا نزلت هذه الآية:( وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) والامامة في عقب الحسينعليه‌السلام إلى يوم القيامة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٣ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول الله

__________________

(١) أي ترحمك على واشفاقك من قتلى مع خذلانك وعدم نصرتك لي قاله المجلسي (ره)

(٢) وقال (ره) هنا: لعل فيه حذفا وإيصالا إنْ احتجبت بها والضمير للمشورة كناية عما هو مقتضى المشورة من الاجابة إلى البيعة، أو الضمير راجع إلى البيعة بقرينة المقام والدعوة أي إجابتها أو المعنى شاورت الناس في الدعوة فاحتيجت عن مشاورتي ولم تحضرها وصار ذلك سببا لتفرق الناس عنى «واحتجبها أبوك» أي عند دعوة محمد بن عبد الله «انتهى» وقصة محمد بن عبد الله مذكورة في أصول الكافي قبل هذا بحديث فراجع باب ما يفصل به بين دعوى المحق والمبطل في أمر الامامة إنْ شئت.

٥٩٦

عزوجل :( وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) قال: في عقب الحسينعليه‌السلام ، فلم يزل هذا الأمر منذ أفضى إلى الحسين ينقل من ولد إلى ولد لا يرجع إلى أخ وعم، ولم يتم بعلم أحد منهم إلّا وله ولد وان عبد الله خرج من الدنيا ولا ولد له ولم يمكث بين ظهراني أصحابه إلّا شهرا.

٢٤ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى علي بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي ـ بصير قال: سئلت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) قال: هي الامامة جعلها اللهعزوجل في عقب الحسينعليه‌السلام باقية إلى يوم القيامة.

٢٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يقول فيه في خطبة الغدير: معاشر الناس القرآن يعرفكم أنّ الائمة من بعده ولده، وعرفتكم أنه منى وأنا منه حيث يقول اللهعزوجل :( كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) وقلت: لن تضلوا ما إنْ تمسكتم بهما.

٢٦ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب الأعرج عن أبي هريرة قال: سئلت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن قوله:( وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) قال: جعل الامامة في عقب الحسين، يخرج من صلبه تسعة من الائمة منهم مهدي هذه الامة.

٢٧ ـ المفضل بن عمر قال: سئلت الصادقعليه‌السلام عن هذه الآية قال: يعنى بذلك الامامة جعلها في عقب الحسين إلى يوم القيامة، فقلت: كيف صارت في ولد الحسينعليه‌السلام دون ولد الحسنعليه‌السلام ؟ فقال: إنّ موسى وهارون كانا نبيين ومرسلين أخوين فجعل الله النبوة في صلب هارون دون صلب موسى، ثم ساق الحديث إلى قوله: هو الحكيم في أفعاله( لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ ) .

٢٨ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله وعن أبي محمد الحسن العسكريعليه‌السلام عن أبيه قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان قاعدا ذات يوم بفناء الكعبة إذ قال له عبد الله بن أمية المخزومي: لو أراد الله أنْ يبعث إلينا رسولا لبعث أجل من فيما بيننا مالا وأحسنه حالا فهلا نزل هذا القران الذي تزعم أنّ الله أنزله عليك وانبعثك به رسولا على رجل من القريتين عظيم: اما الوليد بن المغيرة بمكة واما عروة بن مسعود

٥٩٧

الثقفي بالطائف، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : أما قولك( لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ) الوليد بن المغيرة بمكة أو عروة بالطايف، فان الله ليس يستعظم مال الدنيا كما تستعظم أنت، ولا خطر له عنده كما له عندك، بل لو كانت الدنيا عنده تعدل جناح بعوضة ما سقى كافرا به مخالفا شربة ماء، وليس قسمة رحمة الله إليك بل الله القاسم للرحمات والفاعل لما يشاء في عبيده وإمائه، وليس هوعزوجل ممن يخاف أحدا كما تخافه أنت لما له وحاله، فعرفته بالنبوة لذلك، ولا ممن يطمع في أحد في ماله أو حاله كما تطمع أنت فتخصه بالنبوة لذلك، ولا ممن يحب أحدا محبة الهوى كما تحب فيقدم من لا يستحق التقديم، وانما معاملته بالعدل، فلا يؤثر لأفضل مراتب الدين وخلاله إلّا الأفضل في طاعته والأجد في خدمته، وكذا لا يؤخر في مراتب الدين وجلاله إلّا أشدهم تباطئا عن طاعته، وإذا كان هذا صفته لم ينظر إلى مال ولا إلى حال، بل هذا المال والحال من تفضله، وليس لأحد اكراهه من عباده عليه ضريبة لازب(١) فلا يقال له: إذا تفضلت بالمال على عبد فلا بد أنْ تتفضل عليه بالنبوة أيضا لأنه ليس لأحد اكراهه على خلاف مراده، ولا إلزامه تفضلا، لأنه تفضل قبله بنعمة ألآ ترى يا عبد الله كيف أعنى واحدا وقبح صورته، وكيف حسن صورة واحد وأفقره، وكيف شرف واحدا وأفقره، وكيف أغنى واحدا ووضعه. ثم ليس لهذا الغنى أنْ يقول: هلا أضيف إلى يساري جمال فلان. ولا للجميل أنْ يقول: هلا أضيف إلى جمالي مال فلان؟ ولا للشريف أنْ يقول: هلا أضيف إلى شرفي مال فلان؟ ولا للوضيع أنْ يقول: هلا أضيف إلى مالي شرف فلان؟ ولكن الحكم لله يقسم كيف يشاء ويفعل كما يشاء وهو حكيم في أفعاله محمود في أعماله، وذلك قوله: وقالوا( لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ) قال الله أهم يقسمون رحمة ربك يا محمد( نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي ) الحيوة الدنيا فأحوجنا بعضا إلى بعض أحوج هذا إلى مال ذلك وأحوج ذلك إلى سلعة هذا وإلى خدمته فترى أجل الملوك وأغنى الأغنياء محتاجا إلى أفقر الفقراء في ضرب من الضروب اما سلعة، معه ليست

__________________

(١) الضريبة: الجزية. واللازب: الثابت.

٥٩٨

معه، واما خدمة يصلح لها يتهيأ لذلك الملك أنْ يستغنى إلّا به، واما باب من العلوم والحكم هو فقير إلى أنْ يستفيدها من هذا الفقير الذي يحتاج إلى مال ذلك الملك الغنى، وذلك الملك يحتاج إلى علم هذا الفقير أو رأيه أو معرفته، ثم ليس للملك أنْ يقول: هلا اجتمع إلى مالي علم هذا الفقير؟ ولا للفقير أنْ يقول: هلا اجتمع إلى رأيى ومعرفتي وعلمي وما أتصرف فيه من فنون الحكم مال هذا الملك الغنى؟

٢٩ ـ في مصباح الشريعة قال الصادقعليه‌السلام : لو حلف القانع بتملكه على الدارين لصدقه اللهعزوجل بذلك ولا بره، لعظم شأن مرتبته في القناعة، ثم كيف لا يقنع العبد بما قسم اللهعزوجل له وهو يقول:( نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ) فمن أذعن وصدقه بما شاء ولما شاء بلا غفلة وأيقن بربوبيته أضاف تولية الأقسام إلى نفسه بلا سبب، ومن قنع بالمقسوم استراح من الهم والكرب والتعب.

٣٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله متصل بآخر ما نقلنا عنه أعنى قوله: مال هذا الملك الغنى، ثم قال:( وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا ) ثم قال: يا محمد( وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ) أي ما يجمعه هؤلاء من أموال الدنيا. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل :( وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً ) أي على مذهب واحد( لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ ) قال: المعارج الذي يظهرونها( وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْواباً وَسُرُراً عَلَيْها ) يتكئون وزخرفا قال: البيت المزخرف بالذهب، قال الصادقعليه‌السلام : لو فعل الله ذلك لما آمن أحد، ولكنه جعل في المؤمنين أغنياء وفي الكافرين فقراء وجعل في الكافرين أغنياء وفي المؤمنين فقراء ثم امتحنهم بالأمر والنهى، والصبر والرضا.

٣٢ ـ في كتاب علل الشرائع أبيرحمه‌الله قال: حدّثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن عبد الله بن غالب عن أبيه عن سعيد بن المسيب قال: سألت علي بن الحسينعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً

٥٩٩

واحِدَةً ) قال: عنى بذلك أمة محمد أنْ يكونوا على دين واحد كفارا كلهم( لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ ) ولو فعل ذلك بأمة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله لحزن المؤمنين وغمهم ذلك ولم يناكحوهم ولم يوارثوهم.

٣٣ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن عبد الله بن غالب عن أبيه عن سعيد بن المسيب قال: سألت علي بن الحسينعليهما‌السلام وذكر كما نقلنا عن كتاب العلل إلى قوله:( وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ ) فانه ليس في أصول الكافي.

٣٤ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى منصور بن يونس قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : قال اللهعزوجل : لولا أنْ يجد عبدي المؤمن في نفسه(١) لعصبت الكافر بعصابة من ذهب.

٣٥ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن محمد بن سنان عن العلا عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ فقراء المؤمنين يتقلبون في رياض الجنة قبل أغنيائهم أربعين خريفا(٢) ، قال: سأضرب لك مثل ذلك، انما مثل ذلك مثل سفينتين مر بهما على عاشر(٣) فنظر في إحديهما فلم ير فيها شيئا فقال: أسربوها(٤) ونظر في الاخرى فاذا هي موقرة(٥) فقال احبسوها.

٣٦ ـ وباسناده قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : لولا الحاج المؤمنين على الله في طلب الرزق لنقلهم من الحال التي هم فيها إلى حال أضيق منها.

٣٧ ـ وباسناده إلى سعدان قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إنّ اللهعزوجل يلتفت يوم ـ

__________________

(١) أي يخطر بباله شيء.

(٢) الخريف: سبعون سنة كما في رواية الصدوق (قده) في معاني الأخبار وقيل: أربعون سنة كما في النهاية. وفسره صاحب المعالم (ره) في المحكي عنه بأكثر من سبعين أيضا.

(٣) العاشر: من يأخذ العشر.

(٤) «اسربوها» أي خلوا سبيلها.

(٥) أي مملوة.

٦٠٠

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652