تفسير نور الثقلين الجزء ٤

تفسير نور الثقلين9%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 652

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 652 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 301390 / تحميل: 6173
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

والمؤمنون الفرع من طين لازب كذلك لا يفرق اللهعزوجل بينهم وبين شيعتهم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠ ـ في نهج البلاغة ثم جمع سبحانه من حزن الأرض وسهلها وعذبها وسبخها تربة سنها بالماء حتى خلصت، ولاطها بالبلة حتى لزبت(١) .

١١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل :( احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ ) قال: الذين ظلموا آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله حقهم «وأزواجهم» قال: أشباههم.

١٢ ـ وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام ( فَاهْدُوهُمْ إلى صِراطِ الْجَحِيمِ ) يقول: أدعوهم إلى طريق الجحيم.

١٣ ـ وقال علي بن إبراهيم في قولهعزوجل :( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) قال: عن ولاية أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

١٤ ـ في أمالي شيخ الطائفةقدس‌سره باسناده إلى أنس بن مالك عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إذا كان يوم القيامة ونصب الصراط على جهنم لم يجز عليه إلّا من معه جواز فيه ولاية عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، وذلك قوله تعالى:( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) يعنى عن ولاية عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

١٥ ـ في اعتقادات الامامية للصدوقرحمه‌الله قال زرارة للصادقعليه‌السلام : ما تقول يا سيدي في القضاء والقدر؟ قالعليه‌السلام : أقول إنّ الله تبارك وتعالى إذا جمع العباد يوم القيامة سئلهم عما عهد إليهم ولم يسألهم عما قضى عليهم.

١٦ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من الاخبار المتفرقة حديث طويل وفي آخره ثم قالعليه‌السلام ـ وقد ذكر علياعليه‌السلام ـ حاكيا عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : وعزة ربي إنّ جميع أمتى لموقوفون يوم القيامة ومسئولون عن ولايته، وذلك قول اللهعزوجل ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) .

١٧ ـ وفيه أيضا في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من الاخبار المجموعة وباسناده

__________________

(١) الحزن: ما غلظ من الأرض. وسبخها: ما ملح منها. وسنها بالماء أي ملسها. ولاطها من قولهم لطت الحوض بالطين ملطته وطينته به. والبلة من البلل. ولزبت أي التصقت.

٤٠١

قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في قوله تعالى:( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) قال: عن ولاية علىعليه‌السلام .

١٨ ـ وفي هذا الباب أيضا باسناده عن عليٍّعليه‌السلام قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أول ما يسأل الله عنه العبد عن حبنا أهل البيت.

١٩ ـ في كتاب الخصال عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تزل قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وشبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين كسبه وفيما أنفقه وعن حبنا أهل البيت.

٢٠ ـ في كتاب علل الشرائع قد روى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال في تفسير قولهعزوجل :( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) انه لا يجاوز قدما عبد حتى يسأل عن أربع: عن شبابه فيما أبلاه، وعمره فيما أفناه، وعن ماله من أين جمعه وفيما أنفقه، وعن حبنا أهل البيت.

٢١ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يحيى بن عقبة الأزدي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان فيما وعظ به لقمان ابنه: واعلم انك ستسأل غدا إذا وقفت بين يدي اللهعزوجل عن أربع: شبابك فيما أبليته، وعمرك فيما أفنيته، وما لك مما اكتسبته وفيما أنفقته، فتأهب لذلك وأعد له جوابا، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٢ ـ أبو عليّ الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن ابن أبي نجران عن أبي جميلة عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا معاشر قراء القرآن اتقوا اللهعزوجل فيما حملكم من كتابه، فانى مسئول وإنكم مسئولون، إنى مسئول عن تبليغ الرسالة، وأما أنتم فتسألون عما حملتم من كتاب الله وسنتي.

٢٣ ـ في نهج البلاغة اتقوا الله في عباده وبلاده فانكم مسئولون حتى عن البقاع والبهائم.

٢٤ ـ في مجمع البيان( إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) روى أنس بن مالك مرفوعا أنهم مسئولون عما دعوا إليه من البدع.

٤٠٢

٢٥ ـ وقيل: عن ولاية علي بن أبي طالب عن أبي سعيد الخدري.

٢٦ ـ في تهذيب الأحكام في الدعاء بعد صلوة الغدير المسند إلى الصادقعليه‌السلام أللّهمّ فكما كان من شأنك يا صادق الوعد يا من لا يخلف الميعاد، يا من هو كل يوم في شأن ان أنعمت علينا بموالاة أوليائك المسئول عنها عبادك، فانك قلت وقولك الحق:( ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ) وقلت:( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) .

٢٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( قالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ ) يعنى فلانا وفلانا( قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) .

٢٨ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن محمد بن إسحاق المدني عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ونقل عنه حديثا طويلا يقول فيه حاكيا حال أهل الجنة وأما قوله:( أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ ) قال: يعلمه الخدام فيأتون به أولياء الله قبل أن يسألوهم إياه أما قولهعزوجل :( فَواكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ ) قال: فإنهم لا يشتهون شيئا في الجنة إلّا أكرموا به.

٢٩ ـ في جوامع الجامع: انا لمدينون أي لمجزيون من الدين الذي هو الجزاء أو ممسوسون مربوبون من ذاته إذا ساسه وفي الحديث: الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت.

٣٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام ( فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ ) يقول في وسط الجحيم.

٣١ ـ قال علي بن إبراهيمرحمه‌الله ثم يقولون في الجنة:( أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) .

قال: فحدثني أبي عن علي بن مهزيار والحسن بن محبوب عن النضر بن سويد عن درست عن أبي بصير عن أبي جعفر صلوات الله عليه قال: إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار جيء بالموت فيذبح كالكبش بين الجنة والنار، ثم يقال: خلود فلا موت أبدا، فيقول أهل الجنة:( أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ ) .

٤٠٣

٣٢ ـ في مجمع البيان( إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ ) الآية روى ان قريشا لما سمعت هذه الآية، قالت: ما نعرف هذه الشجرة، قال ابن الزبعرى: الزقوم بكلام البربر التمر والزبد، وفي رواية بلغة اليمن، فقال أبو جهل لجاريته: يا جارية زقمينا(١) فاتته الجارية بتمر وزبد، فقال لأصحابه: تزقموا بهذا الذي يخوفكم به محمد فيزعم أن النار تنبت الشجر، والنار تحرق الشجر، فأنزل الله سبحانه( إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ ) .

٣٣ ـ وقد روى ان الله تعالى يجوعهم حتى ينسوا عذاب النار من شدة الجوع فيصرخون إلى مالك فيحملهم إلى تلك الشجرة وفيهم أبو جهل فيأكلون منها فتغلى بطونهم كغلى الحميم، فيستسقون فيسقون شربة من الماء الحار الذي بلغ نهايته في الحرارة، فاذا قربوها من وجوههم شوت وجوههم، فذلك قوله: «يشوى الوجوه» فاذا وصل إلى بطونهم صهر ما في بطونهم(٢) كما قال سبحانه:( يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ ) وذلك طعامهم وشرابهم.

٣٤ ـ وفيه عند قوله تعالى:( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ ) وروى أيضا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال هو الطعن في الحق والاستهزاء به، وما كان أبو جهل وأصحابه يجيئون به إذ قال يا معشر قريش: ألآ أطعمكم من الزقوم الذي يخوفكم به صاحبكم ثمّ أرسل إلى زبد وتمر، فقال: هذا هو الزقوم الذي يخوفكم به.

٣٥ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد وعلى بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن ابن محبوب عن علي بن رئاب عن ضريس الكناسي، قال قال أبو جعفرعليه‌السلام : إنّ لله تعالى نارا في المشرق خلقها ليسكنها أرواح الكفار ويأكلون من زقومها ويشربون من حميمها ليلهم فاذا طلع الفجر هاجت إلى واد باليمن يقال له برهوت أشد حرا من نيران الدنيا، كان فيه (فيهما خ ل) يتلاقون ويتعارفون، فاذا كان المساء عادوا إلى النار فهم كذلك إلى يوم القيامة.

__________________

(١) أي أطعمينا الزقوم.

(٢) صهر الشيء: أذابه.

٤٠٤

٣٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قولهعزوجل :( وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ ) يقول: الحق والنبوة والكتاب والايمان في عقبه وليس كل من في الأرض من بنى آدم من ولد نوحعليه‌السلام ، قال اللهعزوجل في كتابه: «و( احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ ) منهم و( مَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ ) وقال اللهعزوجل أيضا:( ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ ) .

٣٧ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام حديث طويل وفيه يقولعليه‌السلام : وبشرهم نوح يهود وأمرهم باتباعه وان يقيموا الوصية كل عام فينظروا فيها، ويكون عيدا لهم كما أمرهم آدمعليه‌السلام ، فظهرت الجبرية من ولد حام ويافث فاستخفي ولد سام بما عندهم من العلم، وجرت على سام بعد نوح الدولة لحام ويافث وهو قول اللهعزوجل :( وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي ـ الْآخِرِينَ ) يقول: تركت على نوح دولة الجبارين، ويعز الله محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك قال: وولد لحام السند والهند والحبش. وولد لسام العرب والعجم، وجرت عليهم الدولة وكانوا يتوارثون الوصية عالم بعد عالم، حتى بعث اللهعزوجل هوداعليه‌السلام .

٣٨ ـ في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه من الاربعمأة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه: من خاف منكم العقرب فليقرأ هذه الآيات:( سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ) .

٣٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثنا أبو العباس قال: حدّثنا محمد بن أحمد بن محمد بن عيسى عن النضر بن سويد عن سماعة عن أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام أنّه قال ليهنئكم الاسم، قلت: وما هو جعلت فداك قال:( وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ ) وقولهعزوجل :( فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ) فليهنئكم الاسم.

٤٠ ـ في مجمع البيان روى أبو بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: ليهنئكم الاسم، قلت: وما هو؟ قال: الشيعة، قلت: إنّ الناس يعيروننا بذلك! قال: اما تسمع قول الله سبحانه:( وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ ) وقوله:( فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ )

٤٠٥

٤١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم في قولهعزوجل :( إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) قال: القلب السليم من الشك، وقد كتبنا خبره في سورة الشعراء.

قال مؤلف هذا الكتاب عفي الله عنه: لم يذكررحمه‌الله في الشعراء عند قوله( إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) سوى قوله: قال القلب السليم الذي يلقى اللهعزوجل وليس فيه أحد سواه وهو أعلم بما قال.

٤٢ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى صالح بن سعيد عن رجل من أصحابنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قلت له قوله تعالى: انى سقيم فقال: ما كان إبراهيم سقيما وما كذب انما عنى سقيما في دينه مرتادا.

٤٣ ـ وقد روى أنه عنى بقوله:( إِنِّي سَقِيمٌ ) أي سأسقم وكل ميت سقيم وقد قال اللهعزوجل لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله : انك ميت أي ستموت.

٤٤ ـ في أصول الكافي علي بن محمد رفعه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله اللهعزوج :( فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ ) قال: حسب فرأى ما يحل بالحسينعليه‌السلام ، فقال: إنى سقيم لما يحل بالحسينعليه‌السلام .

٤٥ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي بصير قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : التقية من دين الله قلت: من دين الله؟ قال: أي والله من دين الله، ولقد قال يوسف:( أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ ) والله ما كانوا سرقوا شيئا، ولقد قال إبراهيم:( إِنِّي سَقِيمٌ ) والله ما كان سقيما.

٤٦ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان عن حجر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : عاب آلهتهم( فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ ) قال أبو جعفرعليه‌السلام : والله ما كان سقيما وما كذب.

٤٧ ـ الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن الوشا عن أبان بن عثمان

٤٠٦

عن أبي بصير قال: قيل لأبى جعفرعليه‌السلام وأنا عنده: ان سالم بن أبي حفصة وأصحابه يروون عنك انك تكلم على سبعين وجها لك منها المخرج؟ فقال: ما يريد سالم منى أيريد أن أجيء بالملائكة، والله ما جاءت بهذا النبيون، ولقد قال إبراهيمعليه‌السلام :( إِنِّي سَقِيمٌ ) وما كان سقيما وما كذب.

٤٨ ـ في تفسير العياشي عن محمد بن عرامة الصير في عمن أخبره عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الله تبارك وتعالى خلق روح القدس فلم يخلق خلقا أقرب إليه منها، وليست بأكرم خلقه عليه، فاذا أراد أمرا ألقاه إليها فألقاه إلى النجوم فجرت [به].

٤٩ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى عن عبد الملك بن أعين قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : انى قد ابتليت بهذا العلم فأريد الحاجة فاذا نظرت إلى الطالع ورأيت طالع الشر جلست ولم أذهب فيها، وإذا رأيت طالع الخير ذهبت في الحاجة؟ فقال لي: تقضى؟ قلت: نعم، قال: أحرق كتبك.

٥٠ ـ في كتاب جعفر بن محمد الدوريستي باسناده إلى ابن مسعود عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: إذا ذكر القدر فأمسكوا، وأذا ذكر أصحابي فأمسكوا وإذا ذكر النجوم فأمسكوا.

٥١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل وفيه قال له السائل: فما تقول في علم النجوم؟ قال: هو علم قلّت منافعه وكثرت مضاره، لأنّه لا يدفع به المقدور ولا يتقى به المحذور، إنّ خبر المنجم بالبلاء لم ينجه التحرز من القضاء، وإنْ خبر هو بخير لم يستطع تعجيله، وان حدث به سوء لم يمكنه صرفه، والمنجم يضاد الله في علمه بزعمه أنه يرد قضاء الله عن خلقه.

٥٢ ـ عن سعيد بن جبير قال: استقبل أمير المؤمنينعليه‌السلام دهقان من دهاقين الفرس فقال له بعد التهنية: يا أمير المؤمنين تناحست النجوم الطالعات، وتناحست السعود بالنحوس، وإذا كان مثل هذا اليوم وجب على الحكيم الاختفاء، ويومك هذا يوم صعب قد انقلب فيه كوكبان، وانقدح من برجك النيران، وليس الحرب لك بمكان، قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: ويحك يا دهقان المنبئ بالآثار، المحذر

٤٠٧

من الأقدار، ما قصة صاحب الميزان وقصة صاحب السرطان؟ وكم المطالع من الأسد والساعات في المحركات، وكم بين السراري والذراري؟ قال: سأنظر أومى بيده إلى كمه وأخرج منه أسطرلابا ينظر فيه فتبسم صلوات الله عليه وقال: أتدري ما حدث البارحة؟ وقع بيت بالصين، وانفرج برج ماجين وسقط سور سرنديب، وانهزم بطريق الروم بأرمنية، وفقد ديان اليهود بابلة، وهاج النمل بوادي النمل وهلك ملك افريقية أكنت عالما بهذا؟ قال: لا يا أمير المؤمنين، فقال: البارحة سعد سبعون ألف عالم، وولد في كل عالم سبعون ألف عالم، والليلة يموت مثلهم وهذا منهم ـ وأومى بيده إلى سعد بن مسعدة الحارثي لعنه الله وكان جاسوسا للخوارج في عسكر أمير المؤمنينعليه‌السلام ـ فظن الملعون أنه يقول خذوها فأخذ بنفسه فمات، فخر الدهقان ساجدا، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ألم أروك من عين التوفيق؟ قال: بلى يا أمير المؤمنين، فقال: أنا وصاحبي لا شرقيون ولا غربيون، نحن ناشئة القطب وأعلام الفلك، اما قولك انقدح من برجك النيران، فكان الواجب ان تحكم به لي لا عليّ اما نوره وضياؤه فعندي، واما حريقه ولهبه فذاهب عنى، وهذه مسئلة عميقة احسبها ان كنت حاسبا.

٥٣ ـ وروى أنهعليه‌السلام لما أراد المسير إلى الخوارج قال له بعض أصحابه: ان سرت في هذا الوقت خشيت ان لا تظفر بمرادك من طريق علم النجوم؟ فقالعليه‌السلام : أتزعم أنك تهدى إلى الساعة التي من سار فيها صرف عنه السوء، وتخوف الساعة التي من سار فيها حاق به الضر، فمن صدقك بهذا فقد كذب القرآن، واستغنى عن الاستعانة بالله في نيل المحبوب ودفع المكروه، وينبغي في قولك للعامل بأمرك أن يوليك الحمد دون ربه، لأنك بزعمك أنت هديته إلى الساعة التي نال فيها النفع وأمن الضر، أيها الناس إياكم وتعلم النجوم إلّا ما يهتدى به في بر أو بحر، فانها تدعوا إلى الكهانة، المنجم كالكاهن والكاهن كالساحر والساحر كالكافر والكافر في النار، سيروا على اسم الله وعونه.

٥٤ ـ في نهج البلاغة قالعليه‌السلام : أيها الناس إياكم وتعلم النجوم إلّا ما يهتدى

٤٠٨

به في بر أو بحر، فانها تدعو إلى الكهانة والمنجم كالكاهن والكاهن كالساحر والساحر كالكافر والكافر في النار.

٥٥ ـ في الكافي علي بن محمد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن غير واحد عن علي بن أسباط إلى قوله وبهذا الاسناد عن علي بن أسباط عمن رواه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان بيني وبين رجل قسمة أرض وكان الرجل صاحب نجوم فكان يتوخى ساعة السعود فيخرج فيها وأخرج أنا في ساعة النحوس فاقتسمنا فخرج لي خير القسمين، فضرب الرجل يده اليمنى على اليسرى ثم قال: ما رأيت كاليوم قط، قلت: ويل الاخر ما ذاك؟ قال: إنّي صاحب نجوم أخرجتك في ساعة النحوس وخرجت أنا في ساعة السعود، ثم قسمنا فخرج لك خير القسمين؟ فقلت: ألآ أحدّثك بحديث حدّثني به أبي قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من سرّه أن يدفع عنه نحس يومه فليفتتح يومه بصدقة يذهب الله بها عنه نحس يومه ومن أحبّ أن يذهب الله عنه نحس ليلته فليفتتح ليلته بصدقة تدفع عنه نحس ليلته، فقلت: وإنّى افتتحت خروجي بصدقة فهذا خير لك من علم النجوم.

٥٦ ـ في روضة الكافي أحمد بن محمد وعلي بن محمد جميعا عن علي بن الحسن التيمي عن محمد بن الخطاب الواسطي عن يونس بن عبد الرحمان عن أحمد بن عمر الحلبي عن حماد الأزدي عن هشام الخفاف قال: قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : كيف بصرك بالنجوم؟ قال: قلت: ما خلفت بالعراق أبصر بالنجوم منى فقال: كيف دوران الفلك عندكم؟ قال: فأخذت قلنسوتي عن رأسى فأدرتها قال: فقال: فان كان الأمر على ما تقول فيما بال بنات نعش والجدي والفرقدين لا يرون يدورون يوما من الدهر في القبلة؟ قال: قلت: والله هذا شيء لا أعرفه ولا سمعته أحدا من أهل الحساب يذكره، فقال لي: كم السكينة من الزهرة جزءا في ضوئها؟ قال: قلت: هذا والله نجم ما سمعت به ولا سمعت أحدا من الناس يذكره، فقال: سبحان الله فأسقطتم نجما بأسره فعلى ما تحسبون؟ ثمّ قال: فكم الزهرة من القمر جزءا في ضوءه؟ قال: فقلت: هذا شيء لا يعلمه إلّا اللهعزوجل ، قال: فكم القمر جزءا من الشمس في ضوئها؟ قال: قلت: ما أعرف هذا، قال: صدقت، ثمّ قال: ما بال العسكرين

٤٠٩

يلتقيان في هذا حاسب وفي هذا حاسب فيحسب هذا لصاحبه بالظفر ويحسب هذا لصاحبه بالظفر ثمّ يلتقيان فيهزم أحدهما الآخر، فأين كانت النحوس؟(١) قال: فقلت: لا والله ما أعلم ذلك قال: فقال: صدقت إنّ أصل الحساب حقّ ولكن لا يعلم ذلك إلّا من علم مواليد الخلق كلهم.

٥٧ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن ابن فضال عن الحسن بن أسباط عن عبد الله بن سيابة قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : جعلت لك الفداء الناس يقولون: إنّ النجوم لا يحل النظر فيها وهي تعجبني؟ فان كانت تضر بديني فلا حاجة لي في شيء يضر بديني، وان كانت لا تضر بديني فو الله انى لأشتهيها وقد أشتهى النظر فيها؟ فقال: ليس كما يقولون لا تضر بدينك، ثم قال: انكم تنظرون في شيء منها كثيره لا يدرك وقليله لا ينتفع به، تحسبون على طالع القمر ثم قال: أتدري كم بين المشترى والزهرة من دقيقة؟ قلت: لا والله، قال: أفتدري كم بين الزهرة وبين القمر من دقيقة؟ قلت: لا قال: أفتدري كم بين الشمس وبين السنبلة من دقيقة؟ قلت: لا والله ما سمعته من المنجمين قط، قال: قال: أفتدري كم بين السكينة(٢) وبين اللوح المحفوظ من دقيقة؟ قلت: لا والله ما سمعته من منجم قط قال: ما بين كل واحد منها(٣) إلى صاحبه ستون أو تسعون دقيقة شك عبد الرحمان ثم قال: يا عبد الرحمان هذا حساب إذا حسبه الرجل ووقع عليه عرف عدد القصبة التي وسط الاجمة، وعدد ما عن يمينها وعدد ما عن يسارها وعدد ما خلفها وعدد ما امامها حتى لا يخفي عليه من قصب الاجمة واحدة.

٥٨ ـ محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب وعدة من أصحابنا عن سهل بن زياد

__________________

(١) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر لكن في بعض النسخ «فأين كانت النجوم.» ثم إنّ المجلسي (ره) قال: هذا بيان لخطأ المنجمين فان كل منجم يحكم لمن يريد ظفره بالظفر، ويزعم ان السعد الذي رآه يتعلق به وهذا العدم احاطتهم بارتباط النجوم بالاشخاص.

(٢) وفي بعض النسخ «السنبلة» بدل «السكينة» لكن المختار هو الأنسب بقوله «ما سمعته من منعجم قط» كما قال المجلسي (ره)

(٣) وفي بعض النسخ كما في المصدر «منهما» فيرجع على الأخيرتين فقط.

٤١٠

جميعا عن علي بن حسان عن علي بن عطية الزيات عن معلى بن خنيس قال: سألت أبا ـ عبد اللهعليه‌السلام عن النجوم أهى حق؟ فقال: نعم، إنّ اللهعزوجل بعث المشترى إلى الأرض في صورة رجل فأخذ رجلا من العجم فعلمه النجوم حتى ظن أنه قد بلغ ثم قال له انظر اين المشترى؟ فقال: ما أراه في الفلك وما أدرى أين هو، قال: فنحاه فأخذ بيد رجل من الهند فعلمه حتى ظن أنه قد بلغ، وقال: انظر المشترى أين هو؟ فقال: اين حسابي ليدل على انك أنت المشترى فقال: فشهق شهقة فمات وورث علمه أهله فالعلم هناك.

٥٩ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل بن صالح عمن أخبره عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سئل عن النجوم؟ فقال: ما يعلمها إلّا أهل بيت من العرب وأهل بيت من الهند.

٦٠ ـ في كتاب الاهليلجة المنقول عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام في الرد على من كان منكرا للصانع جل جلاله زعما منه أنّ الأشياء كلها تدرك بالحواس الخمس ولو كان موجودا لأدرك بها قالعليه‌السلام .

قلت: أخبرنى هل يعلم أهل بلادك علم النجوم؟ قال: انك لغافل من علم أهل بلادي بالنجوم، فليس أحد أعلم بذلك منهم، قال: قلت: أخبرنى كيف وقع علمهم بالنجوم وهي مما لا يدرك بالحواس ولا بالفكر؟ قال: حساب وضعه الحكماء وتوارثته الناس فاذا سألت العالم عن شيء قاس الشمس ونظر في حالها وحال القمر وما الطالع من النحوس في البروج وما الباطن من السعود منها فيحسب فلا يخطى بالمولود، فيخبر بكل علامة فيه بغير معاينة، قلت: وكيف دخل الحساب في مواليد الناس؟ قال: لان جميع الناس انما يولدون بهذه النجوم فمن ثم لا يخطئ الحساب، إذا علمت الساعة واليوم والشهر والسنة التي يولد فيها المولود، قلت: [لقد توصف علما عجيبا ليس في علم الدنيا أدقّ منه ولا أعظم إنْ كان حقّا كما ذكرت يعرف به المولود الصبى وما فيه من العلامات ومنتهى أجله وما يصيبه في حياته، أو ليس هذا حسابا تولد به جميع أهل الدنيا من كان من الناس؟ قال: لا شكّ فيه قلت :](١) فتعال ننظر بعقولنا

__________________

(١) ما بين المعقفتين انما هو في نسخة البحار دون النسخ الموجودة عندي من الكتاب.

٤١١

هل يستقيم أنْ يكون يعلم الناس(١) هذا من بعض الناس إذا كان الناس يولدون بهذه النجوم، وإنْ قلت: إنّ الحكماء من الناس هم الذين وضعوا هذا الحساب وعلم مجاري هذه النجوم وعرفت نحوسها من سعودها ودنوها من بعدها وبطيئها من سريعها ومواقعها من السماء ومواضعها من تحت الأرض، فانّ منها ستة طالعة في السماء وستة باطنة تحت الأرض، وكذلك النجوم السبعة تجري على حساب تلك النجوم، وما يقبل القلب ولا يدل العقل أنّ مخلوقا من الأرض قدر على الشمس حتى يعلم في أيّ البروج هي، وأيّ بروج القمر وأيّ بروج هذه النحوس والسعود، ومتى الطالع ومتى الباطن، وهي معلقة في السماء وهي تحت الأرض، ولا يراها إذا توارت بضوء الشمس إلّا أنْ يزعم أنّ هذا الحكيم رقى إلى السماء حتى علم هذا.

ثمّ قلت: وهبه رقى إلى السماء هل له بدٌّ من أن يخرج(٢) مع كل برج من البروج ونجم من هذه النجوم من حيث يغرب إلى حيث يطلع ثمّ يعود إلى الاخر يفعل ذلك كلها، ومنها ما يقطع السماء في ثلاثين سنة ومنها ما يقطعها في أقل من ذلك، وهل كان له بد أن يجول في أقطارها حتى يعرف مطالع السعود والنحوس منها وتيقنه، وهبه قدر على ذلك حتى فرغ منه كيف كان يستقيم له ما في السماء حتى يحكم حساب ما في الأرض وتيقنه ويعرفه ويعاينه كما قد عاينه في السماء، فقد علمت أنّ مجاريها تحت الأرض على حساب مجاريها في السماء وأنه لا يعرف حسابها ودقايقها إلّا بمعرفة ما غاب منها، لأنه ينبغي أن يعرف أيّ ساعة من الليل يطلع طالعها، وأيّ ساعة من الليل يغيب غائبها، وأنه لا يصلح للمتعلم أنْ يكون واحدا حتى يصح الحساب وكيف يمكنه ذلك وهي تحت الأرض وهو على ظهرها، لا يرى ما تحتها إلّا أنْ يزعم أنّ ذلك الحكيم دخل في ظلمات الأرضين والبحر فسار مع النجوم والشمس والقمر في مجاريها على حساب ما سار في السماء، حتى عاين ما تحت الأرض منها كما عاين منها ما في السماء.

قال: وهل قلت لك: أنّ أحدا رقى إلى السماء وقدر على ذلك حتى أقول أنه

__________________

(١) وفي البحار «وهل يستقيم ان يكون لبعض الناس إذا كان اه».

(٢) وفي البحار «يجرى» بدل «يخرج».

٤١٢

دخل الأرض والظلمات وحتى نظر النجوم ومجاريها؟ قلت: فكيف وقع هذا العلم الذي زعمت أنّ الحكماء من الناس وضعوه، وانّ الناس كلهم مولدون به؟ وكيف عرفوا ذلك الحساب وهو أقدم منهم؟ قال: ما أجده يستقيم أنْ أقول إنّ أحدا من الناس يعلم علم هذه النجوم المعلقة في السماء بتعليم أحد من الناس، قلت: لا بد لك أنْ تقول: انما علمه حكيم عليم بأمر السماء والأرض ومدبرها قال: إنْ قلت هذا فقد أقررت بإلهك الذي تزعم، غير أنى أعلم أنه لا بد لهذا الحساب من معلم وإنْ قلت: إنّ أحدا من أهل الأرض علم ذلك من غير معلم من أهل الأرض لقد أبطلت، إلّا أنّ علم الأرض لا يكون عندنا إلّا بالحواس ولا يقع علم الحواس في علم النجوم وهي معلقة تغيب مرة وتطلع أخرى، تجري تحت الأرض كما تجري في السماء وما زادت الحواس على أكثر من النظر إلى طالعها إذا طلع وإلى غائبها إذا غاب: فأمّا حسابها ودقايقها وسعودها ونحوسها وسريعها وبطيئها فلا يقدر عليه الحواس، قلت: فأخبرنى لو كنت متعلما مستوصفا لهذا الحساب من أهل الأرض أحب إليك أن تستوصفه وتتعلمه أم من أهل السماء، قال: من أهل السماء إذا كانت النجوم معلقة فيها، حيث لا يعلمها أهل الأرض قلت: فافهم ألطف النظر ولا يغلبنك الهوى أليس تعلم أنه إذا كان أهل الدنيا يولدون بهذه النجوم، أنَّ النجوم قبل الناس، فاذا أقررت بذلك انكسر عليك أن تعلم علمها من عالم منهم إذا كان العالم وهم انما ولدوا بها بعدها، وانها قبلهم خلقت؟ قال: بلى، قلت: وكذلك الأرض كانت قبلهم أيضا؟ قال: نعم، قلت: لأنه لو لم يكن الأرض خلقت لما استقام أنْ يكون الناس ولا غيرهم من الخلق عليها إلّا أنْ يكون لها أجنحة، إذ لم يكن لها مستقر تأوى إليه ولا ملسعة ترجع إليها، وكذلك الفلك قبل النجوم والشمس والقمر لأنه لولا الفلك لم تدر البروج ولم تستقل مرة وتهبط أخرى.

قال: نعم هو كما قلت فقد أقررت بانّ خالق النجوم التي يتولد الناس بها هو خالق السماء والأرض، لأنه لو لم يكن سماء ولا ارض لم يكن دوران الفلك، إذ ليس(١) ينبغي لك أنْ يدلك عقلك على أنّ الذي خلق السماء هو الذي خلق الأرض والفلك والدوران

__________________

(١) كذا في النسخ ولعله سقط من الموضع شيء وكأن الصحيح «قلت: أفليس ينبغي لك اه».

٤١٣

والشمس والقمر والنجوم؟ قال: أشهد أنّ الخالق واحد، ولكن لست أدرى كيف سقطوا على هذا الحساب حتى عرفوه وعلى هذا الدور والصواب ولو أعرف من الحساب ما عرفت لأخبرت بالجهل، وكان أهون عليّ غير أنى أريد أن تزيدني شرحا.

قلت: أنبئك من قبل إهليلجتك هذه التي في يدك وما تدعى من الطب الذي هو صناعتك وصناعة آبائك إلى قولهعليه‌السلام قال: فأنا أشهد أنْ لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وانه خالق السمايم القاتلة والهوام العادية وجميع النبت والأشجار ووارثها ومنبتها وبارئ الأجساد وسائق الرياح ومسخر السحاب، وأنه خالق الأدواء التي يهيج بالإنسان كالسمائم القاتلة التي تجري في أعضائه وعظامه مستقر الأدواء، وما يصلحها من الدواء العارف بتسكين الروح ومجرى الدم وأقسامه في العروق واتصاله بالعصب والأعضاء والعقب والجسد، وانه عارف بما يصلح من الحر والبرد عالم بكل عضو وما فيه، وانه هو الذي وضع هذا النجوم وحسابها والعالم بها، والدال على نحوستها وسعودها، وما يكون من المواليد، وأنّ التدبير واحد لم يختلف متصل فيما بين السماء والأرض وما فيهما(١) .

٦١ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد عن أبي نصر عن أبان بن عثمان عن حجر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: خالف إبراهيمعليه‌السلام قومه وعاب آلهتهم حتى أدخل على نمرود فخاصمهم، فقال إبراهيم:( رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) وقال أبو جعفرعليه‌السلام : عاب آلهتهم( فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ ) قال أبو جعفرعليه‌السلام والله ما كان سقيما وما كذب فلما تولوا عنه مدبرين إلى عيد لهم دخل إبراهيمعليه‌السلام إلى آلهتهم بقدوم

__________________

(١) أقول: بين ما ذكره المؤلف (ره) عنا من حديث الاهليلجة وبين ما هو مذكور في كتاب بحار الأنوار اختلاف كثير في الألفاظ والعبائر وكذا في التقديم والتأخير، وذكر المجلسي (ره) بعض ما يتعلق بها فراجع ان شئت. ج ٣ ص ١٧١ ـ ١٨٠ من الطبعة الحديثة.

٤١٤

فكسرها إلّا كبيرا لهم ووضع القدوم(١) في عنقه فرجعوا إلى آلهتهم فنظروا إلى ما صنع بها فقالوا: لا والله ما اجترى عليها ولا كسرها إلّا الفتى الذي كان يعيبها ويبرأ منها فلم يجدوا له قتلة أعظم من النار فجمع له الحطب واستجادوه حتى إذا كان اليوم الذي يحرق فيه برز له نمرود وجنوده وقد بنى له بناء لينظر إليه كيف تأخذه النار، ووضع إبراهيمعليه‌السلام في منجنيق وقالت الأرض: يا رب ليس على ظهري أحد يعبدك غيره يحرق بالنار؟ قال الرب: ان دعاني كفيته فذكر أبان عن محمد بن مروان عمن رواه عن أبي جعفرعليه‌السلام ان دعاء إبراهيم يومئذ كان: يا أحد يا أحد يا صمد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ثم قال: توكلت على الله، فقال الرب تبارك وتعالى: كفيت فقال للنار:( كُونِي بَرْداً ) قال: فاضطربت أسنان إبراهيم من البرد حتى قال اللهعزوجل ( وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ ) وانحط جبرئيلعليه‌السلام فاذا هو يجالس مع إبراهيمعليه‌السلام يحدثه في النار قال نمرود: من اتخذ إلها فليتخذ مثل اله إبراهيم، قال: فقال عظيم من عظمائهم: انى عزمت على النار ان لا تحرقه، فأخذ عنق من النار نحوه حتى أحرقه، قال: فآمن من له لوط، فخرج مهاجرا إلى الشام هو وسارة ولوط.

٦٢ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي أيوب الخزاز عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ آزر أبا إبراهيم صلى الله عليه(٢) كان منجما لنمرود، وذكرعليه‌السلام حديثا طويلا يذكر فيه ولادة إبراهيمعليه‌السلام ، و

__________________

(١) القدوم: آلة للنحت والنجر.

(٢) أقول: الاخبار الدالة على إسلام آباء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من طرق الشيعة مستفيضة بل متواترة، وكذا في خصوص والد إبراهيم قد وردت بعض الاخبار وقال الزجاج كما في مجمع البيان انه لا خلاف بين النسابين ان اسم والد إبراهيمعليه‌السلام تارخ وقال الشيخ الطبرسي (ره) بعد نقل كلامه: وهذا الذي قاله الزجاج يقوى ما قاله أصحابنا ان آزر كان جد إبراهيم لامه أو كان عمه من حيث صح عندهم ان آباء النبي صلوات الله عليهم إلى آدم كلهم كانوا موحدين وأجمعت الطائفة على ذلك «انتهى» فالأخبار الدالة على انه كان أباه حقيقة محمولة على التقية كما قاله المجلسي (ره) وغيره.

٤١٥

فيه يقولعليه‌السلام : فبينما اخوته يعملون يوما من الأيام الأصنام إذ أخذ إبراهيم القدوم وأخذ خشبة فنجر منها صنما لم يروا قط مثله، فقال آزر لامه: انى لأرجو أن نصيب خيرا ببركة ابنك هذا، قال: فبينما هم كذلك إذا أخذ إبراهيمعليه‌السلام القدوم فكسر الصنم الذي عمله، ففزع أبوه من ذلك فزعا شديدا فقال له أي شيء عملت فقال له إبراهيمعليه‌السلام : وما تصنعون به؟ فقال آزر: نعبده، فقال له إبراهيمعليه‌السلام : أتعبدون ما تنحتون فقال آزر: هذا الذي يكون ذهاب ملكنا على يديه.

٦٣ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه وعدة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعا عن الحسن ابن محبوب عن إبراهيم بن أبي زياد الكرخي قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: إنّ إبراهيم كان مولده بكوثى ربا(١) وكان أبوه من أهلها وكانت أمه وأم لوط(٢) صلى الله عليهما سارة وورقة ـ وفي نسخة رقيقة ـ أختين وهما ابنتان للاحج وكان اللاحج نبيا منذرا ولم يكن رسولا، وكان إبراهيمصلى‌الله‌عليه‌وآله في شبيبته(٣) على الفطرة التي فطر اللهعزوجل الخلق عليها حتى هداه الله تبارك وتعالى إلى دينه واجتباه، وانه تزوج سارة ابنة لاحج(٤) وهي ابنة خالته، وكانت سارة صاحبة ماشية كثيرة وأرض واسعة وحال حسنة، وكانت قد ملكت إبراهيمعليه‌السلام جميع ما كانت تملكه، فقام فيه وأصلحه و

__________________

(١) قال الجزري: كوثى: سرة السواد وبهاد ولد إبراهيمعليه‌السلام وقال الفيروزآبادي :كوثى ـ كطوبى ـ: موضع بالعراق. وقال الحموي كوثى بالعراق موضعان: كوثى الطريق وكوثى ربا وبها مشهد إبراهيم الخليل عليه‌السلام وهما قريتان وبينهما تلول من رماد يقال انها رماد النار التي أو قدها نمرود لاحراقه.

(٢) قال في حاشية الكافي: كذا في أكثر النسخ وفي بعض النسخ «امرأة إبراهيم وامرأة لوط» وهو الصواب وفي كامل التواريخ ان لوطا كان ابن أخى إبراهيمعليه‌السلام .

(٣) أي في حداثته.

(٤) قال المجلسي (ره): الظاهر انه كان ابنة ابنة لا حج فتوهم النساخ التكرار فأسقطوا إحداهما وعلى ما في النسخ المراد ابنة الابنة مجازا «انتهى» ثم إنّ سارة ولا حج هنا غير المتقدمين وانما الاشتراك في الاسم واما على نسخة «الامرأة» فلا يحتاج إلى التكلف.

٤١٦

كثرت الماشية والزرع حتى لم يكن بأرض كوثى ربا رجل أحسن حالا منه، وان إبراهيمعليه‌السلام لما كسر أصنام نمرود أمر به نمرود فأوثق وعمل له حيرا و(١) جمع له فيه الحطب وألهب فيه النار، ثم قذف إبراهيمعليه‌السلام في النار لتحرقه ثم اعتزلوها حتى خمدت النار، ثم أشرفوا على الحير فاذا هم بإبراهيمعليه‌السلام سليما مطلقا من وثاقه فأخبر نمرود خبره فأمرهم ان ينفوا إبراهيم من بلاده وان يمنعوه من الخروج بماشيته وماله فحاجهم إبراهيمعليه‌السلام عند ذلك فقال ان أخذتم ماشيتي ومالي فان حقي عليكم ان تردوا على ما ذهب من عمرى في بلادكم، واختصموا إلى قاضى نمرود فقضى على إبراهيم ان يسلم إليهم جميع ما أصاب في بلادهم وقضى على أصحاب نمرود ان يردوا إلى إبراهيمعليه‌السلام ما ذهب من عمره في بلادهم. فأخبر ذلك نمرود فأمرهم ان يخلوا سبيله وسبيل ماشيته وماله وأن يخرجوه، وقال: انه ان بقي في بلادكم أفسد دينكم وأضر بآلهتكم فأخرجوا إبراهيم ولوطا معهعليهما‌السلام من بلادهم إلى الشام، فخرج إبراهيم ومعه لوط لا يفارقه وسارة وقال لهم:( إِنِّي ذاهِبٌ إلى رَبِّي سَيَهْدِينِ ) يعنى بيت المقدس فتحمل إبراهيمعليه‌السلام بماشيته وماله وعمل تابوتا وجعل فيه سارة وشد عليها الاغلاق غيرة منه عليها، ومضى حتى خرج من سلطان نمرود وصار إلى سلطان رجل من القبط يقال له عرارة فمر بعاشر(٢) له فاعترضه العاشر ليعشر ما معه، فلما انتهى إلى العاشر ومعه التابوت قال العاشر لإبراهيم: افتح هذا التابوت حتى نعشر ما فيه، فقال له إبراهيم قل ما شئت فيه من ذهب أو فضة حتى نعطى عشرة ولا تفتحه، قال: فأبى العاشر إلّا فتحه قال: وغضب إبراهيم على فتحه، فلما بدت له سارة وكانت موصوفة بالحسن والجمال قال له العاشر: ما هذه المرأة منك؟ قال إبراهيم: هي حرمتي وابنة خالتي فقال له العاشر فما دعاك إلى أنْ خبيتها في هذا التابوت؟ فقال إبراهيمعليه‌السلام : الغيرة عليها ان يراها أحد، فقال له العاشر: لست أدعك تبرح حتى أعلم الملك حالها وحالك، قال: فبعث رسولا إلى الملك فأعلمه، فبعث الملك رسولا من قبله

__________________

(١) الحير: شبه الحظيرة.

(٢) أي ملتزم أخذ العشر.

٤١٧

ليأتوه بالتابوت، فأتوا ليذهبوا به فقال لهم إبراهيمعليه‌السلام : انى لست أفارق التابوت حتى تفارق روحي جسدي، فأخبروا الملك بذلك فأرسلوا الملك ان احملوه والتابوت معه، فحملوا إبراهيم والتابوت وجميع ما كان معه حتى أدخل على الملك، فقال له الملك: افتح التابوت فقال له إبراهيم: أيها الملك إنّ فيه حرمتي وبنت خالتي وأنا مفتد فتحه بجميع ما معى، قال: فغضب الملك إبراهيم على فتحه فما رأى سارة لم يملك حلمه سفهه ان مد يده إليها، فأعرض إبراهيمعليه‌السلام بوجهه عنها وعن الملك غيرة منه وقال: أللّهمّ احبس يده عن حرمتي وابنة خالتي فلم تصل يده إليها ولم ترجع اليه، فقال له الملك: إنّ إلهلك هو الذي فعل بي هذا؟ فقال له: نعم إنّ إلهى غيور يكره الحرام، وهو الذي حال بينك وبين ما أردت من الحرام، فقال له الملك: فادع إلهك يرد عليَّ يدي فان أجابك فلم أعرض لها، فقال إبراهيمعليه‌السلام : إليه رد عليه يده ليكف عن حرمتي قال فرد اللهعزوجل عليه يده، فأقبل الملك نحوها ببصره ثم عاد بيده نحوها فأعرض إبراهيم عنه بوجهه غيرة منه وقال: أللّهمّ احبس يده عنها، قال: فيبست يده ولم تصل إليها فقال الملك لإبراهيم: إنّ إلهك لغيور و إنّك لغيور: فادع إلهك يرد عليَّ يدي فانه ان فعل لم أعد، فقال له إبراهيمعليه‌السلام : أسأله ذلك على أنك ان عدت لم تسألنى أن أسأله؟ فقال له الملك: نعم، فقال إبراهيم: أللّهمّ ان كان صادقا فرد عليه يده، فرجعت إليه يده فلما رأى ذلك الملك من الغيرة ما رأى ورأى الآية في يده عظم إبراهيمعليه‌السلام وهابه وأكرمه واتقاه، وقال له: قد أمنت من أن أعرض لها أو لشيء مما معك فانطلق حيث شئت ولكن لك إليك حاجة، فقال له إبراهيمعليه‌السلام : ما هي؟ فقال له: أحب أن تأذن لي أن أخدمها قبطية عندي جميلة عاقلة تكون لها خادما، قال: فأذن له إبراهيم فدعا بها فوهبها لسارة وهي هاجر أم اسمعيلعليه‌السلام ، فسار إبراهيمعليه‌السلام بجميع ما معه وخرج الملك معه يمشى خلف إبراهيم إعظاما لإبراهيم وهيبة له.

فأوحى اللهعزوجل إلى إبراهيم: أن قف ولا تمش قدام الجبار المتسلط ويمشى هو خلفك، ولكن اجعله أمامك وامش خلفه وعظمه وهبه فانه مسلط ولا بد من إمرة في الأرض برة أو فاجرة، فوقف إبراهيمعليه‌السلام وقال للملك: امض فان الهى أوحى إلى

٤١٨

الساعة أن أعظمك وأهابك وان أقدمك امامى وأمشى خلفك إجلالا لك، فقال له الملك أوحى إليك بهذا؟ فقال له إبراهيم: نعم، قال له الملك: أشهد أنَّ إلهك لرفيق حليم كريم وانك ترغبني في دينك، وودعه الملك فسار إبراهيم حتى نزل بأعلى الشامات وخلفك لوطا في ادنى الشامات ثم إنّ إبراهيمعليه‌السلام لما أبطى عليه الولد قال لسارة: لو شئت لبعتيني هاجر لعل الله أن يرزقنا منها ولدا فيكون لنا خلفا، فابتاع إبراهيمعليه‌السلام هاجر من سارة فولدت اسمعيلعليه‌السلام .

٦٤ ـ في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات: وقد أعلمتك أنْ ربَّ شيء من كتاب اللهعزوجل تأويله غير تنزيله، ولا يشبه كلام البشر وسأنبئك بطرف منه فتكتفي إنشاء الله، من ذلك قول إبراهيمعليه‌السلام :( إِنِّي ذاهِبٌ إلى رَبِّي سَيَهْدِينِ ) فذهابه إلى ربه بوجهه إليه عبادة واجتهادا وقربة إلى اللهعزوجل ، ألآ ترى أنّ تأويله غير تنزيله؟.

٦٥ ـ في مجمع البيان وروى العياشي باسناده عن يزيد بن معاوية العجلي قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : كم كان بين بشارة إبراهيم بإسماعيلعليه‌السلام وبين بشارته بإسحاق؟ قال: كان بين البشارتين خمس سنين(١) قال الله سبحانه:( فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ ) يعنى إسمعيل وهي أول بشارة بشر الله بها إبراهيم في الولد، الحديث وستقف عليه بتمامه إنشاء الله.

٦٦ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى محمد بن القاسم وغيره عن أبي ـ عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ سارة قالت لإبراهيم يا إبراهيم قد كبرت فلو دعوت الله أن يرزقك ولدا تقر عيننا به فان الله قد اتخذك خليلا وهو مجيب لدعوتك ان شاء؟ قال: فسئل إبراهيم ربه أن يرزقه غلاما عليما، فأوحى اللهعزوجل اليه: انى واهب لك غلاما حليما ثمّ أبلوك بالطاعة لي، قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : فمكث إبراهيم بعد البشارة ثلاث سنين ثم جاءته البشرى من اللهعزوجل ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦٧ ـ في عيون الأخبار حدّثنا أحمد بن الحسن القطان قال: أخبرنا أحمد بن

__________________

(١) كذا في الأصل ويوافقه المصدر أيضا لكن في نسخة «خمسون» بدل «خمس».

٤١٩

محمد بن سعيد الكوفي قال: حدّثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه قال: سألت أبا الحسن عليّ بن موسى الرضاعليه‌السلام عن معنى قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : انا ابن الذبيحين؟ قال: يعنى إسماعيل بن إبراهيم الخليلعليهما‌السلام وعبد الله بن عبد المطلب، أمّا إسماعيل فهو الغلام الحليم الذي بشّر الله تعالى به إبراهيمعليه‌السلام فلمّا بلغ معه السعي وهو لـمّا عمل مثل عمله( قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ ) ولم يقل يا أبت افعل ما رأيت ستجدني إنشاء الله من الصابرين الحديث وستقف على تمامه إنشاء الله تعالى.

٦٨ ـ وفيه في باب ذكر ما كتب به الرضاعليه‌السلام إلى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل والعلة التي من أجلها سميت منى منى أنّ جبرئيلعليه‌السلام قال هناك لإبراهيمعليه‌السلام : تمن على ربك ما شئت، فتمنى إبراهيمعليه‌السلام في نفسه أن يجعل الله مكان ابنه إسماعيل كبشا يأمره بذبحه فداء له، فأعطى مناه.

٦٩ ـ في كتاب الخصال عن الحسن بن عليعليه‌السلام قال: كان علي بن أبي طالبعليه‌السلام بالكوفة في الجامع إذ قام إليه رجل من أهل الشام فسأله عن مسائل، فكان فيما سأله أخبرنى عن ستة لم يركضوا في رحم، فقال: آدم وحواه وكبش اسمعيل الحديث.

٧٠ ـ وفيه عن الحسن بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام حديث طويل مع ملك الروم وفيه أن ملك الروم سأله عن سبعة أشياء خلقها اللهعزوجل لم تخرج من رحم فقال: آدم وحوا وكبش إسماعيل وناقة صالح وحية الجنة والغراب الذي بعثه اللهعزوجل يبحث في ـ الأرض وإبليس لعنه الله.

٧١ ـ في كتاب التوحيد وقد روى من طريق أبي الحسين الأسدي (ره) في ذلك شيء غريب، وو هو أنه روى ان الصادقعليه‌السلام قال: ما بدا لله بداء كما بدا له في إسماعيل إذ أمر أباه بذبحه ثم فداه بذبح عظيم.

٧٢ ـ وباسناده إلى فتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسنعليه‌السلام حديث طويل وفيه يقولعليه‌السلام : يا فتح إنّ لله إرادتين ومشيتين، ارادة حتم، وارادة عزم، ينهى وهو يشاء ذلك ويأمر وهو لا يشاء، أو ما رأيت أنه نهى آدم وزوجته عن أن يأكلا من الشجرة

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

[كالبرص والقرن وغير ذلك مما لا يطلع عليها الرجال، ويقبل فيه شهادة النساء منفردات اجماعا، ويقبل الرجال فيه ان اتفق، وعبارة القاضي يعطي المنع من قبول شهادة الرجال فيه(١) .

وشرط ابن ادريس في قبول شهادتهن في هذه المواضع تعذر الرجال(٢) . وهما نادران.

تحقيق وينقسم ما يقبل فيه شهادتهن إلى قسمين: أحدهما: ما يعتبر فيه كمال الاربع، ولا يمضي الاقل منهن. ومنه ما لا يعتبر فيه ذلك، بل يثبت كمال الحق بالاربع، ويثبت بكل واحدة الربع، ولا يشترط الاجتماع، فيمضي شهادة الواحدة في ربع ما شهدت به، والاثنين في النصف، والثلاثة في ثلاثة ارباع ويأخذ المدعي ذلك من غير يمين، وهو الوصية، وميراث المستهل. وان شهد مادون الاربع لتعذر الاربع لم يستحق المدعي الا بنسبة الشهادة.

وقال المفيد، وتلميذه: يقبل الواحدة المأمونة في الجميع مع تعذر الاربع(٣)(٤) ]

____________________

(١)المهذب: ج ٢ كتاب الشهادة ص ٥٥٨ س ١٣ قال: وثالثها: يجوز ذلك أيضا ولا يجوز ان يكون منهن احد من الرجال.

(٢)السرائر: باب شهادة النساء ص ١٨٧ س ٢٤ قال: وتقبل شهادة امرأة واحدة في ربع الوصية إلى قوله: وذلك لا يجوز الا عند عدم الرجال.

(٣)المقنعة: باب البينات ص ١١٢ س ٣٢ قال: واذا لم يوجد على ذلك الا شهادة امرأة واحدة مأمونة قبلت شهادتها فيه.

(٤)المراسم: ذكر احكام البينات ص ٢٣٣ س ١٧ قال: وتقبل فيه شهادة امرأة واحدة اذا كانت مأمونة.

٥٢١

وتقبلن منفردات في العذرة وعيوب النساء الباطنة. وتقبل شهادة القابلة في ربع ميراث المستهل، وامرأة واحدة في ربع الوصية، وكذا كل امرأة يثبت شهادتها في الربع حتى تكملن اربعا، فتقبل شهادتهن في الوصية اجمع. ولا ترد شهادة ارباب الصنائع المكروهة كالصياغة، ولا الصنائع الدنية كالحياكة والحجامة، ولو بلغت الدناء‌ة كالزبال والوقاد، ولا ذوي العاهات كالاجذم والابرص.

الثاني: فيما يصير به شاهدا وضابطه: العلم، ومستنده المشاهدة او السماع.

فالمشاهدة للافعال: كالغضب، والقتل، والسرقة، والرضاع، والولادة، والزنا، واللواط.

اما السماع: فيثبت به النسب، والملك، والوقف، والزوجية، ويصير الشاهد متحملا بالمشاهدة لما يكفي فيه المشاهدة، والسماع لما [وهو نادر.

وقال الحسن: يمضي شهادة القابلة وحدها اذا كانت عدلة(١) ولم يشترط التعذر، وهو غريب.

واما عدى الوصية والاستهلال يعتبر فيه كمال الاربع، ولا يمضي الثلاث منهن في شئ منه، هذا في المشهور، وقال ابوعلي: يقبل ما دون الاربع ويمضي بحسابه(٢) وهو متروك].

____________________

(١)و(٢) المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٦٤ س ١١ قال: وقال ابن أبي عقيل: اذا شهدت القابلة وحدها في الولادة فشهادتها جائزة وقال قبل ذلك باسطر: وقال ابن الجنيد: وكل امر لا يحضره الرجال إلى قوله: فان شهد بعضهن فبحساب ذلك.

٥٢٢

يكفي فيه السماع، وان لم يستدعه المشهود عليه. وكذا لو قيل له: لا تشهد فسمع من القائل مايوجب حكما. وكذا لو خبئ فنطق المشهود عليه. واذا دعي الشاهد للاقامة وجب الا مع ضرر غير مستحق، ولا يحل الامتناع مع التمكن. ولو دعي للتحمل فقولان: المروي الوجوب، ووجوبه على الكفاية، ويتعين مع عدم من يقوم بالتحمل.

[قال طاب ثراه: ولو دعى للتحمل فقولان: المروي الوجوب، ووجوبه على الكفاية.

أقول: ذهب الشيخ في النهاية والمبسوط إلى وجوبه على الكفاية(١) (٢) وبه قال التقي(٣) والمفيد(٤) وابوعلي(٥) وسلار(٦) وابن زهرة(٧) واختاره المصنف(٨) ]

____________________

(١)النهاية: باب كيفية الشهادة وكيفية اقامتها ص ٣٢٨ س ٢ قال: لا يجوز ان يمتنع الانسان من الشهادة اذا دعي اليها الخ.

(٢)المبسوط: ج ٨ فصل فيما يجب على المؤمن من القيام بالشهادة ص ١٨٦ س ٤ قال: اما التحمل فانه فرض في الجملة الخ.

(٣)الكافي: التكليف الثاني من الشهادات ص ٤٣٦ س ١٥ قال: يلزم من دعي من اهل الشهادة إلى قوله: الاجابة إلى ذلك.

(٤)المقنعة: باب البينات ص ١١٣ س ٤ قال: وليس لاحد ان يدعي إلى شئ ليسهد به او عليه فيمتنع من الاجابة الخ.

(٥)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧٠ س ٢٦ قال: وقال ابن الجنيد: ولا اختار للشاهد ان يمنع من الشهادة اذا دعي اليها الخ.

(٦)المراسم: ذكر احكام البينات ص ٢٣٤ س ٢ قال: ولا يجوز ان يمتنع من الشهادة الا ان يضر بالدين الخ.

(٧)الغنية (في ضمن الجوامع الفقهية) ص ٦٢٥ س ١٦ قال: واعلم: ان ادعي إلى تحمل الشهادة وهو من اهلها فعليه الاجابة.

(٨)لاحظ عبارة النافع.

٥٢٣

[والعلامة(١) .

وذهب ابن ادريس إلى عدمه(٢) .

احتج الاولون بوجوه: (الاول) قوله تعالى: " ولا يأب الشهداء اذا مادعوا "(٣) .

وقال ابن ادريس: انما يصير شاهدا بعد التحمل(٤) .

واجيب: بان الآية وردت في معرض الارشاد بالاشهاد، لانه تعالى أمر بالكتابة حال المداينة ونهى الكاتب عن الآباء، ثم أمر بالاشهاد، ونهى الشهداء عن الآباء.

(الثاني) رواية هشام بن سالم عن الصادق في قوله تعالى: " ولا يأب الشهداء " قال: قبل الشهادة، وقوله تعالى: " ومن يكتمها فانه اثم قلبه " قال: بعد الشهادة(٥) وهو نص في الباب، والتصريح يحمل الآية على التحمل لا الاداء.

(الثالث) صحيحة أبي الصباح عن الصادقعليه‌السلام في قوله تعالى: " ولا يأب الشهداء اذا مادعوا " قال: لا ينبغي لاحد اذا دعي إلى هادة ليشهد عليها، ان يقول: لا اشهد لكم عليها(٦) ].

____________________

(١)القواعد: ج ٢ ص ٢٤٠ س ١٧ قال: الفصل الرابع في التحمل، التحمل واجب لمن له اهلية الشهادة على الكفاية.

(٢)و(٤) السرائر: باب كيفية الشهادة وكيفية اقامتها ص ١٨٤ س ٢١ قال: والذي يقوى في نفسي: انه لا يجب التحمل، وللانسان ان يمتنع، اذ لا دليل على وجوب ذلك عليه، وما ورد في ذلك فهو اخبار احاد، واما الاستشهاد بالآية إلى قوله: انما يسمى شاهدا بعد تحملها، فالآية بالاداء اشبه.

(٣)البقرة: ٢٨٢.

(٥)التهذيب: ج ٦(٩١) باب البينات ص ٢٧٥ الحديث ١٥٥.

(٦)التهذيب: ج ٦(٩١) باب البينات ص ٢٧٥ الحديث ١٥٦.

٥٢٤

ولا يشهد الا مع المعرفة، او شهادة عدلين بالمعرفة. ويجوز ان تسفر المرأة ليعرفها الشاهد. ويشهد على الاخرس بالاشارة، ولا يقيمها بالاقرار.

مسائل (الاولى) قيل: يكفي بالشهادة بالملك، مشاهدته يتصرف فيه، وبه رواية، والاولى الشهادة بالتصرف، لانه دلالة الملك وليس بملك.

(الثانية) يجوز الشهادة على ملك لا يعرفه الشاهد، اذا عرفه المتبايعان.

[والروايات في هذا المعنى كثيرة لا نطول بذكرها الكتاب(١) .

(الرابع) انه من الامور الضرورية التي لا ينفك الانسان عنها، لوقوع الحاجة إلى المعاملات والمناكحات وغير ذلك من الامور الضرورية، فلو لم يجب تحمل الشهادة لادى ذلك إلى التنازع غالبا، وعدم التخلص، وذلك ينافي الحكمة، فيكون واجبا.

احتج ابن ادريس: باصالة البرائة، وعدم الدليل، والآية يراد بها بعد الشهادة، والاخبار احاد(٢) .

قال طاب ثراه: قيل: يكفي بالشهادة بالملك مشاهدته يتصرف فيه، وبه رواية، والاولى الشهادة بالتصرف، لانه دلالة الملك وليس بملك.

أقول: العلم بالملك المطلق ليس مما يدرك بحس البصر، ولا يقف على المشاهدة، وكمال الشهادة به مبني على امور ثلاثة: اليد، والتصرف، والسماع].

____________________

(١)لاحظ التهذيب: ج ٦ ص ٢٧٥ الحديث ١٥٧ و ١٥٨ و ١٥٩ و ١٦٠.

(٢)تقدم نقل استدلاله.

٥٢٥

[وهذا الاجتماع هو غاية منتهى الامكان. وانما قلنا (المطلق) لان ذا السبب مستنده العلم بسببه. وان لم يجمع الثلاثة، ففيه مسألتان.

(الاولى) فوات السماع، وحصول اليد والتصرف، كالبناء والهدم، والاجارة المتكررة بغير منازع.

فعدم المنازع قيد في الكل، واما التكرار فقيد في الاجارة، لجواز صدور المرة من المستأجر.

ويجوز ان يشهد لهذا المتصرف باليد اجماعا، وهل يجوز ان يشهد له بالملك المطلق؟ قال في الخلاف: نعم(١) وبه قال التقي(٢) والقاضي(٣) وابن ادريس(٤) والمصنف في الشرائع(٥) .

ومنع في النافع(٦) وتوقف الشيخ في المبسوط(٧) لان اليد تختلف، فتكون يد]

____________________

(١)الخلاف: كتاب الشهادات، مسألة ١٤ قال: من كان في يده شئ يتصرف فيه بلا دافع إلى قوله: جاز ان يشهد له بالملك.

(٢)الكافي: التكليف الثاني من الشهادات ص ٤٣٧ س ٦ قال: وان كانت بملك فبعد العلم بسببه إلى قوله: او ظاهر تصرف لا مانع منه.

(٣)المهذب: ج ٢ كتاب الشهادة ص ٥٦١ س ٦ قال: واذا راى انسان في يد غيره شيئا وهو متصرف فيه تصرف الملاك، جاز ان يشهد بانه ملكه.

(٤)السرائر: باب كيفية الشهادة وكيفية اقامتها ص ١٨٥ س ٢١ قال: ومن راى في غيره شيئا وراه يتصرف فيه تصرف الملاك، جاز له ان يشهد الخ.

(٥)الشرائع: كتاب الشهادات، مسائل ثلاث، الاولى قال: لا ريب ان المتصرف بالبناء والهدم والاجارة بغير منازع يشهد له بالملك المطلق.

(٦)لاحظ عبارة النافع.

(٧)المبسوط: ج ٨ فصل في التحفظ في الشهادة ص ١٨٢ س ١ قال: وما بالملك المطلق فلا، لان اليد يختلف الخ.

٥٢٦

[مستعير ويد مستأجر، ومالك، ووكيل، ووصي والتصرف واحد، فيكون اعم من الملك، والعام لا يدل على الخاص بشئ من الدلالات، فلا يشهد بالملك، بل بالتصرف.

(الثانية) فوات السماع والتصرف وحصول اليد خاصة، هل يجوز له ان يشهد له بالمك مطلقا؟ توقف في المبسوط(١) وتردد فيه المصنف(٢) وقواه العلامة في القواعد(٣) وقال في المختلف: ولا بأس بهذا القول عندي(٤) .

احتج المانعون: بان اليد لو اوجبت ملكا لم تسمع الدعوى ممن يقول: الدار التي في يد فلان لي، كما لا يسمع لو قال: ملك هذا لي، ولما سمعت دل على ان اليد لا تدل على الملك.

احتج المسوغون: بجواز شرائه منه.

وبما رواه الصدوق عن حفص بن غياث عن الصادقعليه‌السلام قال: قال له رجل: أرأيت اذا رأيت شيئا ي يدي رجل، أيجوز لي ان أشهد انه له؟ فقال: نعم، قلت: فلعله لغيره؟ قال: ومن اين جاز لك ان تشتريه ويصير ملكا لك، ثم تقول بعد الملك: هو لي وتحلف عليه، ولا يجوز ان تنسبه إلى من صار ملكه اليك من قبله؟ ثم قال ابوعبداللهعليه‌السلام : لو لم يجز هذا، ما قامت للمسلمين سوق(٥) ].

____________________

(١)المبسوط: ج ٨ فصل في التحفظ في الشهادة ص ١٨١ س ١٩ قال: فاما ان يكون في يده دار إلى قوله: فيسوغ للشاهد ان يشهد له باليد، واما بالملك المطلق الخ.

(٢)لاحظ عبارة النافع.

(٣)القواعد: ج ٢ في الشهادات ص ٢٤٠ س ١١ قال: والاقرب ان مجرد اليد والتصرف إلى قوله: يكفي.

(٤)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧٧ س ٧ قال: ولا بأس بهذا القول عندي.

(٥)من لا يحضره الفقيه: ج ٣(١٨) باب من يجب رد شهادته ومن يجب قبول شهادته ص ٣١ الحديث ٢٧.

٥٢٧

(الثالثة) لا يجوز اقامة الشهادة الا مع الذكر، ولو رأى خطه.

وفي رواية: ان شهد معه آخر جاز اقامتها، وفي الرواية تردد.

[واجاب العلامة: بان ادعاء الملكية من المشترى لوجود سببه، وهو الشراء ممن يظن انه مالك، باعتبار اليد، ومثل هذا مما يتساهل فيه، بخلاف الشهادة التي لا يجوز الا على القطع والبت، ولا يجوز التعويل فيها على الظن(١) .

واورد الشهيد عليها اشكالا: بانه لو ادعى عليه، فانكر صح ان يحلف، مع ان الحلف على القطع في جميع الصور اجماعا(٢) .

قلت: الحلف هنا تابع لثبوت السبب، وهو قطعي الثبوت.

قال طاب ثراه: لا يحوز اقامة الشهادة الا مع الذكر، ولو واى خطه.

وفي رواية ان شهد معه آخر جاز اقامتها، وفي الرواية تردد.

أقول: الاول اطلاق التقي(٣) ومذهب الشيخ في الاستبصار(٤) واختاره ابن ادريس(٥) .

لقوله تعالى: " ولا تقف ما ليس لك به علم "(٦) وقولهعليه‌السلام : على مثلها]

____________________

(١)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧٧ س ٣ قال: وادعاء الملك لوجود سببه الخ.

(٢)لم اعثر عليه في الكتب المتوفرة.

(٣)الكافي: التكليف الثاني من الشهادات ص ٤٣٦ س ١٧ قال: ولا يحل له ان يتحمل ولا يقيم شهادة لا يعلم مقتضاها من احد طرق العلم وان راى خطه.

(٤)الاستبصار: ج ٣(١٦) باب انه لا يجوز اقامة الشهادة الا بعد الذكر، ثم صدر الباب، بالاخبار الدالة على ذلك، وانهقدس‌سره يصدر الباب بالاخبار الذي يعتقده مذهبا كما قاله في المختلف: ج ٢ ص ١٧٢ س ٣٥ واضف إلى ذلك ماقاله بعد نقل حديث عمر بن يزيد: قد بينا ان الشهادة لا تجوز اقامتها الا بعد العلم.

(٥)السرائر: باب كيفية الشهادة ص ١٨٥ س ٢٩ قال: واذا اراد اقامة شهادة لم يجز له ان يقمها الا على ما يعلمه ويتقنه ويقطع عليه الخ.

(٦)الاسراء: ٣٦.

٥٢٨

[فاشهد او دع(١) واختاره المصنف(٢) والعلامة(٣) .

والثاني: قول الشيخ في النهاية(٤) وبه قال الصدوقان(٥) (٦) والمفيد(٧) وتلميذه(٨) والقاضي(٩) وابوعلي(١٠) .

احتج الاولون: بما رواه ادريس بن الحسن، عن علي، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: لا تشهدوا بشهادة حتى تعرفوها كما تعرف كفك(١١) .

ومثلها رواية السكوني عنهعليه‌السلام : لا تشهد بشهادة لم تذكرها، فانه من شاء كتب كتابا ونقش خاتما(١٢) ].

____________________

(١)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٥٢٨ لحديث ١ ولاحظ ماعلق عليه.

(٢)لاحظ عبارة النافع.

(٣)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧٣ س ٢ قال: والمعتمد ما قاله الشيخ في الاستبصار.

(٤)النهاية: باب كيفية الشهادة وكيفية اقامتها ص ٣٢٩ س ١٩ قال: واذا اراد اقامة شهادة إلى قوله: الا على مايعلم.

(٥)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧٢ س ٢١ قال: وقال علي بن بابويه: واذا اتى رجل بكتاب فيه خطه إلى قوله فلا يشهد الخ.

(٦)الفقيه: ج ٣(٣٢) باب الاحتياط في اقامة الشهادة، وفي الباب روايات منها: وروي انه لا تكون الشهادة الا بعلم.

(٧)المقنعة: باب البينات ص ١١٣ س ٥ قال: واذا نسي الشاهد الشهادة، او شك فيها لم يجز له اقامتها.

(٨)المراسم: ذكر احكام البينات ص ٢٣٤ س ٣ قال: وان نسي الشهادة او شك فيها فلا يقيمها.

(٩)المهذب: ج ٢ الشهادة على الشهادة، ص ٥٦١ س ١٠ قال: واذا اراد اقامة شهادة لم يجز له اقامتها الا على ما يعلم.

(١٠)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧٢ س ١٨ قال: وقال ابن الجنيد: ولا اختار لاحد ان يشهد بشهادة إلى قوله: الا بعد التيقن.

(١١)الفقيه: ج ٣(٣٢) باب الاحتياط في اقامة الشهادة ص ٤٢ الحديث ١.

(١٢)الاستبصار: ج ٣(١٦) باب انه لا يجوز اقامة الشهادة الا بعد الذكر ص ٢٢ الحديث ٢.

٥٢٩

[وعن الحسين بن سعيد قال: كتب اليه جعفر بن عيسى: جعلت فداك، جائني جيران لنا بكتاب زعموا انهم يشهدوني على مافيه، وفي الكتاب اسمي بخطي قد عرفته، ولست اذكر الشهادة، وقد دعوني اليها، فاشهد لهم على معرفتي ان اسمي في الكتاب ولست اذكر الشهادة؟ او لا يجب لهم الشهادة حتى اذكرها، كان اسمي في الكتاب بخطيان لم يكن؟ فكتبعليه‌السلام : لا تشهد(١) .

ورواه الشيخ في الاستبصار في اول الباب، وهو انما يصدر الباب بما يعتمده من الاخبار ويعتقده مذهبا(٢) ، ثم قال: فاما ما رواه احمد بن محمد، عن الحسين بن علي بن النعمان، عن حماد بن عثمان، عن عمر بن يزيد قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام الرجل يشهدني على الشهادة فاعرف خطي وخاتمي، ولا اذكر من الباقي قليلا ولا كثيرا، قال: فقال لي: اذا كان صاحبك ثقة ومعه رجل ثقة فاشهد له(٣) .

فهذا الخبر ضعيف مخالف للاصول، لانا قد بينا: ان الشهادة لا تجوز اقامتها الا مع العلم، وقد قدمنا أيضا الاخبار التي تقدمت من انه لا تجوز اقامة الشهادة مع وجود الخط والختم اذا لم يذكرها.

والوجه في هذه الرواية: انه اذا كان الشاهد الآخر يشهد وهو ثقة مأمون جاز له ان يشهد اذا غلب على ظنه صحة خطه لانضمام شهادته اليه، وان كان الاحوط ما تضمنته الاخبار الاولة(٤) ].

____________________

(١)الاستبصار: ج ٣(١٦) باب انه لايجوز اقامة الشهادة الا بعد الذكر ص ٢٢ الحديث ٣.

(٢)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧٢ س ٣٥ قال: مع انهرحمه‌الله انما يصدر الباب في الكتاب من الاخبار المختلفة بما يعتقده مذهبا.

(٣)الاستبصار: ج ٣(١٦) باب انه لا يجوز اقامة الشهادة الا بعد الذكر ص ٢٢ الحديث ٤.

(٤)قاله الشيخ في الاستبصار بعد نقل حديث ٤.

٥٣٠

(الرابعة) من حضر حسابا، او سمع شهادة، ولم يستشهد كان بالخيار في الاقامة مالم يخش بطلان الحق ان امتنع، وفيه تردد. ويكره ان يشهد لمخالف اذا خشي انه لو استدعاه إلى الحاكم يرد شهادته.

الثالث: في الشهادة على الشهادة وهي مقبولة في الديون، والاموال، والحقوق، ولا تقبل في الحدود، ولا يجزي الاثنان على شاهد الاصل.

[قال العلامة في المختلف: والمعتمد ما قاله الشيخ في الاستبصار، ويحمل قول علمائنا المشهور بينهم، وهذه الرواية: على ما اذا حصل من القرائن الحاليه والمقالية للشاهد ما استفاد به العلم، وحينئذ يشهد مستندا إلى العلم الحاصل له، لا باعتبار الوقوف على خطه ومعرفته به(١) .

قال طاب ثراه: من حضر حسابا، أو سمع شهادة ولم يستشهد كان بالخيار في الاقامة مالم يخش بطلان الحق ان امتنع، وفيه تردد.

أقول: قال في النهاية: ومن علم شيئا ولم يكن اشهد عليه، ثم ادعي إلى ان يشهد كان بالخيار في اقامتها وفي الامتناع، اللهم الا ان يعلم انه ان لم يقمها بطل حق مؤمن، فحينئذ يجب عليه اقامة الشهادة(٢) وبه قال القاضي(٣) هو ظاهر كلام]

____________________

(١)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧٣ س ٢ قال: والمعتمد ماقاله الشيخ في الاستبصار، ويحمل قول علمائنا الخ.

(٢)النهاية: باب كيفية الشهادة وكيفية اقامتها ص ٣٣٠ س ٣ قال: ومن علم شيئا من الاشياء إلى قوله: يجب عليه اقامة الشهادة.

(٣)المهذب: ج ٢ الشهادة على الشهادة ص ٥٦١ س ١٢ قال: واذا علم شيئا ولم يكن قد اشهد عليه إلى قوله: جب عليه اقامتها.

٥٣١

وتقبل الشهادة على شهادة النساء في الموضع الذي تقبل فيه شهادتهن على تردد.

[ابن حمزة(١) .

وقال ابوعلي: اذا حضر حساب اثنين فأقر احدهما للآخر بشئ ثم جحده اياه فاحتاج إلى شهادة الحاضر كان ذلك إلى الشاهد، ان شاء حكى ما حضر من غير ان يثبت الشهادة، وان شاء تأخر، لان صاحب الحق لم يسترعه الشهادة(٢) وقال التقي: هو مخير فيما يسمعه ويشاهده بين تحمله واقامته، وتركهما(٣) .

وقال ابن ادريس: يجب عليه الاداء لقوله تعالى: " ومن يكتمها فانه اثم قلبه "(٤) ولا يكون له الخيار في اقامتها(٥) .

والظاهر انه لا منافاة بين كلام الشيخ وابن ادريس، لان الشيخ جعل الاقامة على الكفاية، وان كان قصد ابن ادريس وجوبها عينا منعنا ذلك.

قال طاب ثراه: وتقبل الشهادة على شهادة النساء في الموضع الذي تقبل فيه شهادتهن على تردد.

أقول: المراد ان شهادة النساء، هل تسمع في باب الشهادة على الشهادة؟].

____________________

(١)الوسيلة: فصل في بيان كيفية تحمل الشهادة ص ٢٣٢ س ١٩ قال: واذا شاهد المتعاقدين وسمع كلام العقد منهما وعرفهما بالمشاهدة جاز له ان يشهد بذلك اذا حضرا الخ.

(٢)المختلف: في الشهادات ص ١٧٣ س ٥ قال: وقال ابن الجنيد: واذا حضر الانسان حساب اثنين إلى آخر.

(٣)الكافي: التكليف الثاني من الشهادات ص ٤٣٦ س ١٦ قال: وهو محير فيما يسمعه ويشاهده بين تحمله واقامته وتركهما.

(٤)البقرة: ٢٨٣.

(٥)السرائر: باب كيفية الشهادة وكيفية اقامته ص ١٨٦ س ٨ قال: ومن علم شيئا من الاشياء إلى قوله: فالواجب عليه الاداء.

٥٣٢

واجلى الالفاظ أن يقول: أشهد على شهادتي أني اشهد على كذا. ولا تقبل شهادة الفرع الا مع تعذر حضور شاهد الاصل لمرض أو غيبة أو موت.

[معناه: ان المرأة هل يجوز ان تكون فرعا، سواء كانت فرعيتها على امرأة او رجل.

فنقول: أما ما لا يقبل فيه شهادة النساء مطلقا، لا يقبل فيه فرعيتها قطعا.

وما عدا ذلك قسمان: (الاول) مايقبل فيه شهادتهن منفردات كالعيوب تحت الثياب، والوصية، فهل يقبل فرعيتها، فيه مذهبان: أحدهما: نعم، وهو مذهب الشيخ في الخلاف(١) وهو اختيار أبي علي(٢) ومذهب العلامة في المختلف(٣) .

احتجوا بوجوه:

(أ) ما رواه السكوني عن الصادق وعن الباقرعليهما‌السلام ، عن عليعليه‌السلام : شهادة النساء لا يجوز في نكاح ولا طلاق ولا في حدود الا في الديون وما لا يستطيع الرجال النظر اليه(٤) .وهو شامل للشهادة بالاصالة والفرعية.

(ب) ان شهادة امرأتين تساوي شهادة الرجل، فاذا شهد رجلان على رجل، جاز ان يشهد اربع نساء على ذلك الرجل، قضية للتساوي].

____________________

(١)الخلاف: كتاب الشهادات مسألة ٦٦ قال: لا تقبل شهادة النساء على الشهادة الا في الديون والاملاك والعقود.

(٢)و(٣) المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧٢ س ١٠ قال: وقال ابن الجنيد: واذا شهد شاهدان إلى قوله: وكذا في شهادتهما على شهادة المرأة إلى قوله: والوجه ماقاله الشيخ في الخلاف.

(٤)التهذيب: ج ٦(٩١) باب البينات ص ٢٨١ الحديث ١٧٨ وفيه (مالا يستطع الرجل).

٥٣٣

[(ج) ان الفرع اضعف من الاصل، واذا جاز قبول شهادتهن في القوي، ففي الضعيف اولى.

والآخر المنع: وهو مذهب ابن ادريس(١) واختاره المصنف(٢) والعلامة في القواعد(٣) وفخر المحققين(٤) .

احتجوا: بان الرخصة المسوغة لشهادة النساء منفردات، عدم اطلاع الرجال عليه، او عدم حضورهم في الوصية وفوات غرض الموصي بترك الاشهاد وتضرره به دينا ودنيا، فجازت شهادتهن منفردات، وهذان المعنيان معدومان في الشهادة على الشهادة، فتنتفي الرخصة.

اما الاول: فظاهر، لان الشهادة على شهادتهن ليس مما يتعذر اطلاع الرجال عليه.

واما الثاني: فلان الرخصة انما هو خوف الوفات، وتعذر الرجال على الوصية، وليس هذا موجودا في صورة النزاع، وأيضا: السبب الشرعي لا يتعدى فيه النص.

(الثاني) ما يقبل فيه شهادتهن مع الرجال.

والحكم فيه كالاول لا يختلف].

____________________

(١)السرائر: باب كيفية الشهادة وكيفية اقامتها ص ١٨٥ س ١٠ قال: لا مدخل للنساء في الشهادة على الشهادة سواء كان الحق مما يشهد فيه النساء، اولا يشهدن فيه.

(٢)الشرائع، في الشهادة على الشهادة قال: وتقبل شهادة النساء على الشهادة إلى قوله: وفيه تردد، اشبهه المنع.

(٣)القواعد: ج ٢ في الشهادات، المطلب الثالث في العدد ص ٢٤٢ س ٨ قال: وهل تقبل شهادة النساء على الشهادة إلى قوله: الاقرب المنع.

(٤)الايضاح: ج ٤ في الشهادات، المطلب الرابع، ص ٤٤٨ س ٩ قال: والاقوى عندي اختيار والدي في هذا الكتاب وهو انه لا مدخل لشهادة النساء على الشهادة مطلقا.

٥٣٤

ولو شهد الفرع فانكر شاهد الاصل، فالمروي: العمل باعدلهما، فان تساويا اطرح الفرع، وفيه اشكال، لان قبول شهادة الفرع مشروط بعدم شاهد الاصل. ولا تقبل شهادة على شهادة على شهادة في شئ.

[قال طاب ثراه: ولو شهد الفرع فانكر شاهد الاصل، فالمروي العمل باعدلهما، فان تساويا اطرح الفرع، وفيه اشكال، لان قبول الفرع مشروط بعدم شاهد الاصل.

أقول: اذا شهد الفرع فحضر شاهد الاصل وانكر اشهاده على شهادته، فلا يخلو اما أن يكون ذلك قبل الحكم بالفرع، او بعده، فهنا قسمان: (الاول) ان يكون قبل الحكم، وفيه ثلاثة أقوال: الاول بطلان الشهادة ووقوف الحكم، لان الفرع انما يحكم به لتعذر الاصل، فمع حضوره لا حكم له.

قاله الشيخ في المبسوط(١) وبه قال ابن حمزة(٢) وابن ادريس(٣) واختاره المصنف(٤) والعلامة(٥) .

واحتجوا بوجوه:]

____________________

(١)المبسوط: ج ٨ في الشهادة على الشهادة ص ٢٣٣ س ١١ قال: وان كان قبل حكم الحاكم بشهادة الفرع: لم يحكم بشهادة الفرع الخ.

(٢)الوسيلة فصل في بيان كيفية تحمل الشهادة ص ٢٣٤ س ٢ قال: وان لم يحكم بقوله، سمع من الاصل وحكم به.

(٣)السرائر: باب كيفية اقامتها ص ١٨٤ س ٣٤ قال: ومن شهد على شهادة آخر إلى قوله: روي انه تقبل شهادة اعدلهما، إلى قوله: فالاولى ان يبطل شهادة الفرع الخ.

(٤)لاحظ عبارة النافع.

(٥)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧١ س ٢٥ قال: والوجه ان نقول: إلى قوله: وان كان قبل الحكم بطلت شهادة الفرع.

٥٣٥

[(أ) ان الثاني فرع والاول اصل، والاصل اقوى من الفرع، فلا يعمل بالضعيف ويهمل القوى.

(ب) ان الاصل يشهد على علمه، والفرع يشهد على شئ لا يحققه ولا يعلمه، فالظن الحاصل من شهادة الاول اقوى من الثاني.

(ج) ان الفرع يثبت شهادة الاصل، فشهادته مبنية على شهادته، فيكف يعمل بها مع تنافيهما.

(د) ان الفرع انما يحكم به لتعذر الاصل، ومع وجوده لا يقبل قول الفرع اصلا.

(الثاني) العمل باعدلهما ومع التساوي يعمل بالاصل، قاله الشيخ في النهاية(١) وبه قال الصدوقان(٢) (٣) والقاضي(٤) .

لصحيحة عبدالرحمان بن أبي عبدالله عن أبي عبداللهعليه‌السلام : في رجل شهد على شهادة رجل، فجاء الرجل فقال: اني لم اشهد، قال: يجوز: شهادة اعدلهما، وان كانت عدالتهما واحدة لم يجز شهادته(٥) .

(الثالث) قال ابوعلي: لو كان عدلا - يعني شاهد الاصل - ولم يكن تغيرت حاله، فانكر الشهادة عليه، لم يقبل قول شاهد واحد عليه حتى يكونا شاهدين،]

____________________

(١)النهاية: باب كيفية الشهادة وكيفية اقامتها ص ٣٢٩ س ١ قال: ومن شهد على شهادة آخر إلى قوله: قبلت شهادة اعدلهما الخ.

(٢)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧١ س ١٣ قال: وقال علي بن بابويه في رسالته: إلى قوله: فانه يقبل قول اعدلهما لخ.

(٣)المقنع: باب القضاء والاحكام ص ١٣٣ س ١٧ قال: واذا حضرا إلى قوله: فانه يقبل قول اعدلهما.

(٤)المهذب: ج ٢، الشهادة على الشهادة ص ٥٦١ س ٢ قال: واذا شهد انسان على شهادة آخر إلى قوله: قبلت شهادة أعدلهما.

(٥)الفقيه: ج ٣(٣١) باب الشهادة على الشهادة ص ٤١ الحديث ٣.

٥٣٦

الرابع: في اللواحق

وفيه مسائل: (الاولى) اذا رجع الشاهدان قبل القضاء لم يحكم، ولو رجعا بعد القضاء لم ينقض الحكم وضمن الشهود.

وفي النهاية: ان كانت العين قائمة ارتجعت ولم يغرما، وان كانت تالفة ضمن الشهود.

(الثانية) اذا ثبت انهما شاهدا زور نقض الحكم واستعيدت العين مع بقائها، ومع تلفها، او تعذرها، يضمن الشهود.

[فحينئذ لا يلتفت إلى جحوده(١) ، فلم يعتبر الاعدل.

(القسم الثاني) ان يكون بعد الحكم، فلا ينقض قطعا، وقال ابن حمزة: يأخذ باعدلهما، وان تساويا نقض الحكم، وان كان ذلك قبل الحكم سمع من الاصل وحكم به(٢) .

قال طاب ثراه: اذا رجع الشاهدان قبل القضاء لم يحكم، ولو رجعا بعد القضاء لم ينقض الحكم وضمن الشهود وفي النهاية: ان كانت العين قائمة ارتجعت ولم يغرما، وان كانت تالفة ضمن الشهود.

أقول: اذا رجع الشاهدان بعد الحكم لم ينقض الحكم، لاصالة الصحة، وعدم التسلط على ابطال حق المسلم بقول الشاهد لتكذيبه لهذا الاقرار بشهادته أولا،]

____________________

(١)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧١ س ١٦ قال: وقال ابن الجنيد: لو كان عدلا إلى قوله: لا يلتفت إلى جحوده.

(٢)الوسيلة: فصل في بيان كيفية تحمل الشهادة ص ٢٣٤ س ١ قال: وان كذبه وتساويا في العدالة نقض الحكم، وان تفاوتا اخذ بقول اعدلهما.

٥٣٧

[وأيضا اذا تناقض قولا الشاهد ووجد الترجيح في احدهما عمل به، والترجيح موجود في الاول لان الاصل صحة الحكم وثبوت حق المحكوم له، ولهذا لا يحكم لو كان الرجوع قبل الحكم، لعدم الترجيح، فيتساقطان، ويرجع بالبطلان.

هذا مذهب الشيخ في كتابي الفروع(١) (٢) وبه قال ابن ادريس(٣) واختاره المصنف(٤) والعلامة(٥) .

ولا فرق بين ان يكون ذلك قبل الاستيفاء او بعده وقال في النهاية: اذا كان قبل الاستيفاء، او بعده والعين قائمة، نقض الحكم وردت العين إلى مالكها ولا ضمان(٦) وبه قال القاضي(٧) وابن حمزة(٨) .

احتجوا: بان الحق ثبت بشهادتهما، فيسقط برجوعهما كالقصاص والحد].

____________________

(١)المبسوط: ج ٨ فصل في الرجوع عن الشهادة ص ٢٤٦ س ٣ قال: اذا شهد الشهود ثم رجعوا، إلى قوله: فان رجعوا قبل الحكم لم يحكم الخ.

(٢)الخلاف: كتاب الشهادات مسألة ٧٤ قال: اذا شهد شاهدان بحق وعرف عدالتهما ثم رجعا إلى قوله: لم يحكم.

(٣)السرائر: باب الحكم بالشاهد الواحد مع اليمين ص ١٩٠ س ١ قال: ومتى شهدا على رجل ثم رجعا إلى قوله: طرحت شهادتها الخ.

(٤)لاحظ عبارة النافع.

(٥)القواعد: ج ٢ ص ٢٤٥ قال: والمطلب الثالث في المال: اذا رجع الشاهدان او احدهما قبل الحكم، لم يجز الحكم ولا غرم.

(٦)النهاية: باب شهادات الزور ص ٣٣٦ س ١٢ قال: ومتى شهدا على رجل بدين ثم رجعا قبل ان يحكم الحاكم طرحت شهادتهما.

(٧)المهذب: ج ٢ باب شهادة الزور ص ٥٦٤ س ٧ قال: واذا شهد اثنان على رجل ثم رجعا عن ذلك قبل ان يحكم الحاكم طرحت شهادتهما.

(٨)الوسيلة: فصل في بيان حكم الرجوع عن الشهادة ص ٢٣٤ س ٨ قال: فان رجعوا قبل الحكم بطلت شهادتهم.

٥٣٨

(الثالثة) لو كان المشهود به قتلا، أو رجما، او قطعا، فاستوفى ثم رجع الشهود، فان قالوا تعمدنا اقتص منهم او من بعضهم، ويرد البعض ما وجب عليهم، ويتم الولي ان بقي عليه شئ.

ولو قالوا: أخطأنا لزمتهم الدية.

ولو قال بعضهم: أخطأنا لزمه نصيبه من الدية، ولم يمض اقراره على غيره.

ولو قال: تعمدت رد عليه الولي مايفضل، ويقتص منه ان شاء.

وفي النهاية: يرد الباقون من شهود الزنا ثلاثة ارباع الدية، ويقتل، والرواية صحيحة السند، غير ان فيها تسلطا على الاموال المعصومة بقول واحد].

واجيب: بالفرق فان القصاص يسقط بالشبهة، بخلاف المال(١) .

احتج الاولون بوجوه:

(أ) ان الحكم نفذ باجتهاد الحاكم، فلا ينقض بالاحتمال، لجواز كذبهم في الرجوع.

(ب) ان الرجوع بعد الشهادة كالانكار بعد الاقرار، وهو غير مسموع.

(ج) ان الرجوع ليس بشهادة، ولهذا لا يفتقر إلى لفظ الشهادة، فلا يسقط حق المشهود له بما ليس بشهادة، لانحصار المبطل للحق، في الشهادة والاقرار، ولم يحصل منه اقرار.

(د) ان الشهادة تثبت الحق، فلا يزول بالطارئ كالفسق، ويضمنان للمشهود عليه، لاعترافهما باتلاف حقه.

قال طاب ثراه: وفي النهاية يرد الباقون من شهود الزنا ثلاثة ارباع الدية]

____________________

(١)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧٥ س ١٧ قال: احتجوا بان الحق الخ.

٥٣٩

[ويقتل، والرواية صحيحة السند غير ان فيها تسلطا على الاموال المعصومة بقول واحد.

أقول: اذا قال بعض شهود الزنا بعد الرجم: تعمدت الكذب (او تعمدنا، أو أخطأت، أو أخطأنا، أو وهمت، أو وهمنا)(١) .

قال الشيخ في النهاية: كان لاولياء المقتول قتله، ويؤدي إلى ورثته، الثلاثة ثلاثة ارباع الدية(٢) فاجاز اقراره على باقي الشهود.

وكذا لو كان المقر اثنان مضى اقرارهما على الجميع، نعم ليس لاولياء المقتول الا قتل المقرين خاصة، وعلى الباقين الدية، فان قتلوا اكثر من واحد اتم ورثة المشهود عليه ما يعوز، وتبعه القاضي(٣) وهو مذهب أبي علي(٤) .

وقال ابن ادريس: اقرار الراجع عل نفسه لا يتعداه إلى غيره، ولا ينقض الحكم، لانه لا دليل عليه(٥) خصوصا وقد تلف المشهود عليه.

وحمل العلامة قول الشيخ، على رجوع الجميع، لكن بعضهم قال: تعمدت، وبعضهم أخطانا، فيكون الغرم على الشهود دون اولياء المقتول(٦) واختاره]

____________________

(١)بين الهلالين موجود في نسخة واحدة من النسخ الموجودة، واما الباقية فخالية عنها.

(٢)النهاية: باب شهادة الزور ص ٣٣٥ س ١٠ قال: فان شهد اربعة رجال على رجل بالزنا وكان محصنا فرجم ثم رجع احدهم فقال: تعمدت ذلك، قتل، وادى إلى ورثته الثلاثة الباقون ثلاثة ارباع الدية.

(٣)المهذب: ج ٢ باب شهادة الزور، ص ٥٦٣ س ٧ قال: فان شهد اربعة رجال على رجل إلى آخره كما قاله الشيخ.

(٤)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧٤ س ٧ قال: وقال ابن الجنيد: وان قالوا: تعمدنا في الرجم وكان قائل ذلك واحدا قتل به ان شاء ولي المقتول إلى آخره.

(٥)السرائر: باب شهادة الزور ص ١٨٩ س ٨ قال: والذي يقوى في نفسي: ان اقراره جائز على نفسه لا يتعداه إلى غيره الخ.

(٦)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧٤ س ١١ قال: ويحمل قول الشيخ وابن الجنيد على انهم رجعوا باجمعهم الخ.

٥٤٠

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652