تفسير نور الثقلين الجزء ٤

تفسير نور الثقلين6%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 652

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 652 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 300750 / تحميل: 6170
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

المأساة الخالدة

ولم تبقَ كارثة من كوارث الدنيا ولا رزية من رزايا الدنيا إلاّ جرت على حفيدة الرسول (صلّى الله عليه وآله) وعقيلة بني هاشم في كربلاء؛ فقد أحاطت بها المصائب يتبع بعضها بعضاً؛ فقد شاهدت أعداء الله وجيوش آل أبي سفيان قد اجتمعت على إبادة أهلها، وقد احتلّوا ماء الفرات ومنعوا ذرّية رسول الله (صلّى الله عليه وآله) من الانتهال منه، وقد عجّت أطفال أهل البيت (عليهم السّلام) ونساؤهم بالصراخ والعويل من شدّة الظمأ، وقد أحاطوا بالعقيلة يطلبون منها الماء وهي حائرة مذهولة تأمرهم بالصبر، كيف الصبر والعطش قد مزّق قلوبهم؟!

وقد زحفت جيوش الاُمويِّين نحو الإمام الحسين (عليه السّلام) في ليلة التاسع من المحرّم، كان سيّد الشهداء جالساً أمام بيته محتبياً بسيفه، إذ خفق برأسه، فسمعت اُخته العقيلة أصوات الجيش قد تدانت نحو أخيها، فانبرت إليه وهي مذهولة مرعوبة فأيقظته، وقالت له: إنّ العدو قد دنا منّا.

فقال لها:«إنّي رأيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في المنام فقال: إنّك تروح إلينا» .

وكانت هذه الكلمات كالصاعقة على رأس العقيلة، فقد خرقت قلبها الرقيق المعذّب، فلطمت وجهها وقالت: يا وليتاه(١) !

____________________

(١) تاريخ ابن الأثير ٣ / ٣٨٤.

٢٤١

وكان أبو الفضل العباس (عليه السّلام) إلى جانب أخيه لا يفارقه، فقال له: يا أخي، أتاك القوم.

وطلب منه الإمام (عليه السّلام) أن يتعرّف على خبرهم، فقال له:«اركب بنفسي أنت يا أخي حتّى تلقاهم، فتقول لهم: ما بدا لكم؟ وما تريدون؟» .

وبادر قمر بني هاشم ومعه عشرون فارساً نحو القوم، وفيهم حبيب بن مظاهر، وزهير بن القين، فسألهم العباس عن زحفهم، فقالوا له: جاء أمر الأمير أن نعرض عليكم النزول على حكمه أو نناجزكم(١) .

وقفل أبو الفضل (عليه السّلام) إلى أخيه فعرّفه ما عرضوه عليهم، فقال (عليه السّلام) له:«ارجع إليهم، فإن استطعت أن تؤخّرهم إلى غدوة لعلّنا نصلّي لربّنا هذه الليلة وندعوه ونستغفره؛ فهو يعلم أنّي اُحبّ الصلاة، وتلاوة كتابه، وكثرة الدعاء والاستغفار» . وكان ذكر الله والدعاء والصلاة من أهمّ ما يصبوا إليه الإمام (عليه السّلام) في هذه الحياة(٢) .

وقفل قمر بني هاشم راجعاً إلى تلك الوحوش الكاسرة، فعرض عليهم مقالة أخيه، وتردّد القوم في إجابته، فأنكر عليهم عمرو بن الحجّاج الزبيدي إحجامهم، وقال: سبحان الله! والله لو كان من الديلم ثمّ سألكم هذه المسألة لكان ينبغي أن تجيبوه.

ولم يزد ابن الحجّاج على ذلك، ولم يقل: إنّه ابن رسول الله؛ خوفاً أن يُنقل كلامه إلى ابن مرجانة فينال العقاب والحرمان. وأيّد ابن الأشعث مقالة ابن الحجّاج، فقال له ابن سعد:

____________________

(١) أنساب الأشراف / ١٨٤.

(٢) تاريخ ابن الأثير ٣ / ٢٨٥.

٢٤٢

أجبهم إلى ما سألوا، فلعمري ليصبحنك بالقتال غداً.

واستجاب ابن سعد إلى تأجيل الحرب بعد أن رضيت به الأكثرية من قادة جيشه، وأوعز ابن سعد إلى رجل من أصحابه أن يعلن ذلك أمام معسكر الحسين (عليه السّلام)، فدنا منه وقال رافعاً صوته: يا أصحاب الحسين بن عليّ، قد أجّلناكم يومكم هذا إلى غد، فإن استسلمتم ونزلتم على حكم الأمير وجّهنا بكم إليه، وإن أبيتم ناجزناكم.

واُرجئ القتال إلى اليوم الثاني المصادف يوم العاشر من المحرّم.

الإمام (عليه السّلام) يأذن لأصحابه بالتفرّق

وجمع سيّد الشهداء أصحابه وأهل بيته في غلس الليل، وطلب منهم أن يتفرّقوا في سواده ليلقى مصيره المحتوم وحده، فقال لهم:«اُثني على الله أحسن الثناء، وأحمده على السرّاء والضرّاء. اللّهمّ إنّي أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوّة، وعلّمتنا القرآن، وفهّمتنا في الدين، وجعلت لنا أسماعاً وأفئدة، ولم تجعلنا من المشركين.

أمّا بعد، فإنّي لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي، فجزاكم الله جميعاً عنّي خيراً، ألا وإنّي لأظنّ يومنا من هؤلاء الأعداء غداً، وإنّي قد أذنت لكم جميعاً، فانطلقوا في حلّ ليس عليكم منّي ذمام، وهذا الليل قد غشيكم فاتّخذوه جملاً، وليأخذ كلّ رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي، فجزاكم الله جميعاً خيراً، ثمّ تفرّقوا في سوادكم ومدائنكم حتّى يفرّج الله؛ فإنّ القوم إنّما يطلبونني، ولو أصابوني للهوا عن طلب غيري» (١) .

لقد جعل الإمام أصحابه وأهل بيته أمام الأمر الواقع، وهي الشهادة التي لا بدّ

____________________

(١) تاريخ ابن الأثير ٣ / ٢٨٥.

٢٤٣

منها في مصاحبته، وليس شيء آخر غيرها، قد سمح لهم بالتفرّق عنه في سواد الليل فيتخذونه ستاراً لهم دون كلّ عين، كما عرّفهم أنّه هو المطلوب للحكم الاُموي دون غيره، فإذا قتلوه فلا إرب لهم في غيره.

وعلى أيّ حال، فإنّ الإمام (عليه السّلام) لم يكد ينتهي من خطابه حتّى هبّت الصفوة الطاهرة من أهل بيته وأصحابه وهي تعلن ولاءها الكامل له، وأنّهم جميعاً يلاقون المصير الذي يلقاه، وقد بدأهم بالكلام قمر بني هاشم وفخر عدنان أبو الفضل العباس (عليه السّلام) قائلاً: لِمَ تفعل ذلك؟ لنبقى بعدك؟! لا أرانا الله ذلك أبداً(١) .

وتتابعت أصوات أصحابه والفتية من بني هاشم وهم يرحّبون بالموت والشهادة في سبيله، حقّاً لقد كانوا من خيرة بني آدم صدقاً ووفاءً وشهامةً ونبلاً.

لوعة السيدة زينب (عليها السّلام)

وفزعت عقيلة بني هاشم كأشدّ ما يكون الفزع وأقساه حينما سمعت أخاها وبقية أهلها يُعالج سيفه ويصلحه، وهو ينشد هذه الأبيات التي ينعى فيها نفسه:

يا دهرُ أُفّ لكَ من خليلِ = كم لكَ بالإشراقِ والأصيلِ

من طالبٍ وصاحبٍ قتيلِ = والدهرُ لا يقنعُ بالبديلِ

وكلُّ حيٍّ سالكٌ سبيلِ = ما أقربُ الوعد إلى الرحيلِ

وإنّما الأمرُ إلى الجليلِ

وكان مع الإمام (عليه السّلام) في خيمته الإمام زين العابدين (عليه السّلام) والعقيلة؛ أمّا الإمام زين العابدين (عليه السّلام) فإنّه لمّا سمع هذه الأبيات خنقته العبرة ولزم السكوت، وعلم أنّ البلاء قد نزل، وأمّا العقيلة (عليها السّلام) فقد أيقنت أنّ أخاها عازم على الموت، فأمسكت قلبها الرقيق

____________________

(١) حياة الإمام الحسين (عليه السّلام) ٣ / ١٦٧.

٢٤٤

المعذّب ووثبت وهي تجرّ ذيلها وقد غامت عيناها بالدموع، فقالت لأخيها: وا ثكلاه! وا حزناه! ليت الموت أعدمني الحياة. يا حسيناه! يا سيّداه! يا بقيّة أهل بيتاه! استسلمتَ للموت ويئستَ من الحياة؟! اليوم مات جدّي رسول الله، اليوم ماتت أُمّي فاطمة الزهراء، وأبي عليّ المرتضى، وأخي الحسن الزكيّ، يا بقيّة الماضين وثمال الباقين(١) !

وذاب قلب الإمام (عليه السّلام) أسىً وحزناً، والتفت إلى شقيقته فقال لها الإمام بحنان:«يا اُخيّة، لا يذهبنّ بحلمك الشيطان» .

وسرت الرعدة والفزع بقلب الصدّيقة وطافت بها آلام مبرحة فخاطبت أخاها بأسى والتياع قائلة: أتغتصب نفسك اغتصاباً؟! فذاك أطول لحزني وأشجى لقلبي.

ولم تملك صبرها بعدما أيقنت أن أخاها وبقيّة أهلها سيستشهدون لا محالة، فعمدت إلى جيبها فشقّته، ولطمت وجهها، وخرّت إلى الأرض فاقدة لوعيها(٢) .

وأثّر منظرها الرهيب في نفس الإمام (عليه السّلام) فالتاع كأشدّ ما تكون اللوعة، ورفع يديه بالدعاء أن يلهم شقيقته الصبر والسلوان، وأن يعينها على تحمّل المحن الشاقّة التي أحاطت بها.

إحياء الليل بالعبادة

وأقبل الإمام (عليه السّلام) مع أهل بيته وأصحابه على العبادة؛ فقد علموا أنّ تلك الليلة هي آخر ليالي حياتهم، ولم يذق أيّ واحد منهم طعم الرقاد؛ فقد اتّجهوا بقلوبهم وعواطفهم نحو الله وهم يمجّدونه، ويتلون كتابه، ويقيمون الصلاة، ويسألونه العفو والغفران.

____________________

(١) مقاتل الطالبيّين / ١١٣.

(٢) حياة الإمام الحسين (عليه السّلام) ٣ / ١٧٣.

٢٤٥

وكانوا يترقّبون بشوق لا حدّ له طلوع الفجر؛ ليكونوا قرابينَ للإسلام، وفداءً لابن رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

وكان حبيب بن مظاهر، وهو من ألمع أصحاب الحسين (عليه السّلام)، وقد خرج إلى أصحابه وهو يضحك، فأنكر عليه بعض أصحابه وقال له: يا حبيب، ما هذه ساعة ضحك! فأجابه حبيب عن إيمانه العميق قائلاً: أيّ موضع أحقّ من هذا بالسرور؟ والله ما هو إلاّ أن تميل علينا هذه الطغاة بسيوفهم فنعانق الحور العين(١) .

وداعب برير عبد الرحمن الأنصاري، فاستغرب من مداعبته قائلاً: ما هذه ساعة باطل!

انظروا إلى جواب برير فقد قال: لقد علم قومي أنّي ما أحببت الباطل كهلاً ولا شاباً، ولكنّي مستبشر بما نحن لاقون، والله ما بيننا وبين الحور العين إلاّ أن يميل علينا هؤلاء بأسيافهم، وددت أنّهم مالوا علينا الساعة(٢) .

أيّ إيمان هذا الذي تسلّح به أصحاب الحسين (عليه السّلام)؛ فقد فاقوا جميع شهداء الحقّ والفضيلة في جميع الأعصار والآباد.

رؤيا الإمام الحسين (عليه السّلام)

وخفق الإمام الحسين (عليه السّلام) خفقة ثمّ انتبه، والتفت إلى أصحابه وأهل بيته فقال لهم:«أتعلمون ما رأيت في منامي؟» .

- ما رأيت يابن رسول الله؟

«رأيت كأنّ كلاباً قد شدّت عليَّ تنهشني، وفيها كلب أبقع أشدّها عليَّ، وأظنّ

____________________

(١) رجال الكشي / ٥٣.

(٢) تاريخ الطبري ٦ / ٢٤١.

٢٤٦

الذي يتولّى قتلي رجل أبرص من هؤلاء القوم. ثمّ إنّي رأيت جدّي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ومعه جماعة من أصحابه وهو يقول لي: أنت شهيد آل محمّد، وقد استبشرت بك أهل السماوات وأهل الصفيح الأعلى، فليكن إفطارك عندي الليلة، عجّل ولا تؤخّر. هذا ما رأيت، وقد أزف الأمر واقترب الرحيل من هذه الدنيا» (١) .

وخيّم على أهل البيت (عليهم السّلام) حزن عميق، وأيقنوا بنزول الرزء القاصم والاقتراب من دار الآخرة.

فزع عقائل الوحي

وفزعت عقائل الوحي، وخيّم عليهنَّ الذعر والخوف، ولم يهدأن في تلك الليلة؛ فقد طافت بهنَّ موجات من الهواجس وتمثّل أمامهنَّ المستقبل المليء بالخطوب والكوارث، وقد خلدنَ إلى الدعاء والبكاء، وكان من أشدّهنَّ عقيلة النبوّة السيّدة زينب؛ فقد كانت تراقب الأحداث وهي على علم لا يخامره شكّ أنّ المسؤولية الكبرى سوف تنتقل عن كاهل الحسين (عليه السّلام) إليها لو قُتل، كما علمت أنّه لا يبقى من أهلها أحد، لقد فزعت وذهلت من الأحداث الجسام التي أحاطت بها.

العقيلة (عليها السّلام) مع الهاشميّين والأصحاب

ولم تهدأ عقيلة الرسالة؛ فقد هامت في تيارات مذهلة من الأسى والشجون، فكانت على علم أنّ ليلة العاشر من المحرّم هي آخر ليلة لأهلها وهم على قيد الحياة، وقد وجلت على أخيها، فمضت تراقب خيم الهاشميّين والأصحاب لتسمع ما يدور عندهم من حديث.

فانبرت إلى خيمة أخيها قمر بني هاشم وقد اجتمع بها فتيان بني هاشم، وقد أحاطوا بسيّدهم أبي الفضل، فسمعته يخاطب

____________________

(١) حياة الإمام الحسين (عليه السّلام) ٣ / ١٧٧.

٢٤٧

الهاشميّين قائلاً: إخوتي وبني إخوتي وأبناء عمومتي، إذا كان الصباح فما تصنعون؟

فهبّوا جميعاً قائلين: الأمر إليك.

- إنّ أصحابنا وأنصارنا قوم غرباء، والحمل ثقيل لا يقوم إلاّ بأهله، فإذا كان الصباح كنتم أوّل مَنْ يبرز للقتال، فنسبق أنصارنا إلى الموت؛ لئلاّ يقول الناس: قدّموا أصحابهم.

ولم ينتهِ من مقالته حتّى هبّوا قائلين: نحن على ما أنت عليه.

ثمّ مضت العقيلة إلى خيمة حبيب بن مظاهر عميد أصحاب الإمام وقد أحاط به الأصحاب، فسمعت يحدّثهم قائلاً: يا أصحابي، إذا كان الصباح ماذا تفعلون؟

- الأمر إليك.

إذا صار الصباح كنّا أوّل مَنْ يبرز إلى القتال، نسبق بني هاشم إلى الموت، فلا نرى هاشمياً مضرّجاً بدمه؛ لئلاّ يقول الناس: قد بدؤوهم إلى القتال، وبخلنا عليهم بأنفسنا.

واستجابت الصفوة الطاهرة لمقالة زعيمهم حبيب، وراحوا يقولون: نحن على ما أنت عليه.

وسُرّت زينب بوفاء الأنصار وتصميمهم على نصرة أخيها والذبّ عنه حتّى النفس الأخير من حياته، وانطلقت العقيلة إلى أخيها فأخبرته بما سمعت من الهاشميّين والأنصار من الذود عنه، وحمايته من كلّ سوء ومكروه.

وأخبرها الإمام (عليه السّلام) أنّهم من أنبل الناس، ومن أكثرهم شهامة وإيماناً، وأنّ الله تعالى قد اختارهم من بين عباده لنصرته، والوقوف معه لمناجزة القوى المنحرفة والمعادية للإسلام.

٢٤٨

يوم عاشوراء

ويوم عاشوراء من أفجع الأيام وأقساها وأشدّها محنة على العقيلة زينب (عليها السّلام) وعلى أهل البيت (عليهم السّلام)، فلم تبقَ رزيّة من رزايا الدهر إلاّ جرت عليهم، ونتحدّث - بإيجاز - عن فصول هذه المأساة الخالدة في دنيا الأحزان.

خطاب الإمام الحسين (عليه السّلام)

ولمّا تهيّأت عساكر ابن سعد لحرب الإمام، فرأى (عليه السّلام) من الواجب أن يعظهم ويرشدهم حتّى يكونوا على بصيرة من أمرهم، فخطب فيهم خطاباً مؤثّراً، وقد نشر كتاب الله العظيم، واعتمّ بعمامة جدّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، ولبس لامته، فقال لهم:«تبّاً لكم أيّتها الجماعة وترحاً! حين استصرختمونا والهين فأصرخناكم موجفين (١) ، سللتم علينا سيفاً لنا في أيمانكم، وحششتم (٢) علينا ناراً اقتدحناها على عدوّنا وعدوّكم، فأصبحتم إلباً (٣) لأعدائكم على أوليائكم، بغير عدل أفشوه فيكم، ولا أمل أصبح لكم فيهم.

مهلاً - لكم الويلات! - تركتمونا والسيف مشيم(٤) ، والجأش طامن، والرأي لمّا يستحصف، ولكن أسرعتم إليها كطيرة الدّبا(٥) ، وتداعيتم إليها كتهافت الفراش.

____________________

(١) موجفين: أي مسرعين في السير إليكم.

(٢) حششتم النار التي توقد.

(٣) إلباً: أي مجتمعين.

(٤) مشيم السيف: غمده.

(٥) الدّبا: الجراد قبل أن يطير.

٢٤٩

فسحقاً لكم يا عبيد الاُمّة، وشذاذ الأحزاب، ونبذة الكتاب، ومحرّفي الكلم، وعصبة الأثام، ونفثة الشيطان، ومطفئ السنن!

أهؤلاء تعضدون وعنّا تتخاذلون؟! أجل والله غدر فيكم قديم، وشجت إليه اُصولكم، وتأزّرت(١) عليه فروعكم، فكنتم أخبث شجر شجى للناظر، وأكلة للغاصب.

ألا وإنّ الدعيّ ابن الدعيّ قد ركز بين اثنتين؛ بين السلّة(٢) والذلّة، وهيهات منّا الذلّة! يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وحجور طابت وطهرت، واُنوف حميّة، ونفوس أبيّة من أن تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام.

ألا وإنّي زاحف بهذه الأسرة مع قلّة العدد وخذلان الناصر» . ثمّ أنشد أبيات فروة بن مسيك المرادي:

فإن نُهزم فهزّامون قدماً = وإن نُُغلَب فغيرُ مغَلّبينا

وما إن طِبُّنا جبنٌ ولكن = منايانا ودولةُ آخرينا

إذا ما الموتُ رفّع عن أُناس = كلاكله أناخَ بآخرينا

فأفنى ذلكم سروات قومي = كما أفنى القرونَ الأوّلينا

فلو خلدَ الملوكُ إذاً خلدنا = ولو بقي الكرامُ إذاًً بقينا

فقل للشامتينَ بنا أفيقوا = سيلقى الشامتونَ كما لقينا

«أما والله لا تلبثون بعدها إلاّ كريث ما يُركب الفرس حتّى يدور

____________________

(١) تأزّرت: أي نبتت عليه فروعكم.

(٢) السلّة: استلال السيوف.

٢٥٠

بكم دور الرحى، وتقلق بكم قلق المحور؛ عهد عهده إليّ أبي عن جدّي، ( فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلاَ تُنْظِرُونِ ) ، ( إنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) ».

ورفع يديه بالدعاء على اُولئك السفكة المجرمين قائلاً:«اللّهمّ احبس عنهم قطر السماء، وابعث عليهم سنين كسِنيِّ يوسف، وسلّط عليهم غلام ثقيف يسومهم كاساً مصبرةً؛ فإنّهم كذّبونا وخذلونا، وأنت ربّنا عليك توكّلنا وإليك أنبنا وإليك المصير» (١) .

لقد انفجر أبو الأحرار في خطابه كالبركان، وأبدى من صلابة العزم وعزّة النفس ما لم يشاهد مثله؛ فقد استهان بالموت، ولا يخضع لاُولئك الأقزام الذين سوّدوا وجه التأريخ، وكانوا سوءة عار لمجتمعهم.

استجابة الحرّ

واستيقظ ضمير الحرّ حينما سمع خطاب الإمام (عليه السّلام)، وجعل يتأمّل ويفكّر في مصيره، وأنّه لا محالة يصير إلى النار خالداً فيها، واختار الدار الآخرة والالتحاق بآل النبي (صلّى الله عليه وآله).

وقبل أن يتوجّه إلى الإمام الحسين (عليه السّلام) أسرع نحو ابن سعد فقال له: أمقاتل أنت هذا الرجل؟

فأجابه بلا تردد ليظهر أمام قادة الفرق إخلاصه لسيّده ابن مرجانة قائلاً: إي والله، قتالاً أيسره أن تسقط فيه الرؤوس وتطيح الأيدي.

فقال له الحرّ برنّة المستريب:

____________________

(١) تاريخ ابن عساكر ١٣ / ٧٤ - ٧٥.

٢٥١

أفما لكم في واحدة من الخصال التي عرضها عليكم رضاً؟

فأجابه ابن سعد: لو كان الأمر لي لفعلت، ولكن أميرك أبى ذلك.

وأيقن الحرّ أنّ القوم مصمّمون على حرب ابن رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فمضى يشقّ الصفوف وقد سرت الرعدة بأوصاله، فأنكر عليه ذلك المهاجر بن أوس، وهو من شرطة ابن زياد، فقال له: والله إنّ أمرك لمريب! والله ما رأيت منك في موقف قطّ مثل ما أراه الآن، ولو قيل لي: مَن أشجع أهل الكوفة؟ لما عدوتك.

وكشف له الحرّ عن عزمه فقال له: إنّي والله اُخيّر نفسي بين الجنّة والنار، ولا أختار على الجنّة شيئاً ولو قُطّعت واُحرقت. ولوى بعنان فرسه صوب الإمام (عليه السّلام)(١) ، وهو مُطرق برأسه إلى الأرض حياءً وندماً على ما فرّط في حقّ الإمام، ولمّا دنا منه رفع صوته قائلاً: اللّهمّ إليك اُنيب؛ فقد أرعبت قلوب أوليائك وأولاد نبيك. يا أبا عبد الله، إنّي تائب فهل لي من توبة؟

ونزل عن فرسه ووقف قبال الإمام (عليه السّلام) ودموعه تتبلور على سحنات وجهه قائلاً: جعلني الله فداك يابن رسول الله!أنا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع، وجعجعت بك في هذا المكان، ووالله الذي لا إله إلاّ هو ما ظننت أنّ القوم يردّون عليك ما عرضت عليهم أبداً، ولا يبلغون منك هذه المنزلة أبداً، فقلت في نفسي: لا اُبالي أن اُطيع القوم في بعض أمرهم، ولا يرون أنّي خرجت من طاعتهم،

____________________

(١) تاريخ الطبري ٦ / ٢٤٤.

٢٥٢

وأمّا هم فيقبلون بعض ما تدعوهم إليه، ووالله لو ظننت أنّهم لا يقبلونها منك ما ركبتها منك. وإنّي قد جئتك تائباً ممّا كان منّي إلى ربّي، مواسياً لك بنفسي حتّى أموت بين يديك، أفترى لي توبة؟

واستبشر به الإمام (عليه السّلام)، ومنحه الرضا والعفو، وقال له:«نعم، يتوب الله عليك ويغفر» (١) .

وانطلق الحرّ بعد أن منحه الإمام (عليه السّلام) العفو وقبل توبته، فخطب في أهل الكوفة ودعاهم إلى التوبة، ونُغَب عليهم حصارهم للإمام، ومنعه مع أهل بيته وأصحابه عن ماء الفرات الذي هو حقّ مشاع للجميع، ولم يستجيبوا له، ورموه بالنبال.

الحرب

وارتبك ابن سعد من التحاق الحرّ بالإمام (عليه السّلام)، وخاف أن يحصل التمرّد في جيشه، فزحف الباغي الأثيم نحو معسكر الحسين (عليه السّلام)، وأخذ سهماً فأطلقه صوب الإمام، وقد رفع صوته قائلاً: اشهدوا لي عند الأمير أنّي أوّل مَنْ رمى الحسين.

وفتح ابن سعد من السهم الذي أطلقه باب الحرب، وطلب من الجيش أن يشهدوا له عند سيّده ابن مرجانة بأنّه أوّل مَنْ رمى معسكر ابن رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

وتتابعت السهام كأنّها المطر على معسكر الإمام الحسين (عليه السّلام)، فلم يبقَ أحد منهم إلاّ أصابه سهم، فالتفت الإمام إلى أصحابه قائلاً:«قوموا يا كرام، فهذه رسل القوم إليكم» .

وتقدّمت طلائع الحقّ من أصحاب أبي الأحرار إلى ساحة الشرف والمجد وهي تعلن ولاءها للإسلام، وتفانيها في الذبّ عن إمام المسلمين وسيّد شباب أهل

____________________

(١) الكامل في التاريخ ٣ / ٢٨٩.

٢٥٣

الجنّة، وبذلك بدأت المعركة واحتدم القتال كأشدّه وأعنفه.

ومن المقطوع به أنّه لم تكن مثل المعركة في جميع الحروب التي جرت في الأرض؛ فقد تقابل اثنان وثلاثون فارساً وأربعون راجلاً مع عشرات الاُلوف، وقد أبدى أصحاب الإمام من الشجاعة والبسالة ما يبهر العقول ويحيّر الألباب.

مصارع أصحاب الإمام (عليه السّلام)

وشنّت قوات ابن سعد هجوماً عاماً وعنيفاً على أصحاب الإمام (عليه السّلام)، وخاضوا معهم معركة رهيبة، وقد ثبت لهم أصحاب الإمام (عليه السّلام)، فهزموا جموعهم بقلوب أقوى من الحديد، وأنزلوا بهم أفدح الخسائر، وقد استشهد في هذه الحملة نصف أصحاب الإمام (عليه السّلام).

ثمّ بدأت بعد ذلك المبارزة بين العسكرين، فكان الرجل من أصحاب الإمام يبرز ويُقاتل ثمّ يُقتل، وهكذا حتّى فنوا عن آخرهم، وقد أبلوا في المعركة بلاءً يقصر عنه كلّ وصف وإطراء؛ فقد خاضوا تلك المعركة الرهيبة ولم تضعف لأيّ رجل منهم عزيمة ولم تلن لهم قناة، وقد سمت أرواحهم الطاهرة إلى الرفيق الأعلى وهي أنضر ما تكون تفانياً في مرضاة الله تعالى وطاعته.

وإنّ أعطر ما نقدّمه لهم من تحية كلمات الإمام الصادق (عليه السّلام) عملاق الفكر الإسلامي في حقّهم، قال مخاطباً لهم:«بأبي أنتم واُمّي! طبتم وطابت الأرض التي فيها دفنتم، وفزتم فوزاً عظيماً» .

مصارع أهل البيت (عليهم السّلام)

وبعدما نالت الشهادة الصفوة الطاهرة من أصحاب الإمام (عليه السّلام) هبّ أبناء الاُسرة النبويّة شباباً وأطفالاً إلى التضحية والفداء، فكانوا كالليوث وكالصاعقة على جيوش الكفر والضلال، وأخذ بعضهم يودّع البعض الآخر وهم يذرفون الدموع على وحدة سيّدهم أبي الأحرار؛ حيث يرونه وحيداً قد أحاطت به من كلّ جانب جيوش الاُمويِّين

٢٥٤

ليتقرّبوا بقتله إلى ابن مرجانة، وفي طليعة الذين استشهدوا من آل البيت (عليهم السّلام):

عليّ الأكبر (عليه السّلام)

وكان عليّ الأكبر شبيه جدّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في ملامحه وفي أخلاقه التي امتاز بها على سائر النبيّين، وكانت الاُسرة النبويّة والصحابة إذا اشتاقوا إلى رؤية رسول الله (صلّى الله عليه وآله) نظروا إلى وجه عليّ الأكبر، وكان دنيا من الفضائل والمواهب والعبقريات؛ فقد تسلّح بكلّ فضيلة وأدب، وكان أعزّ أبناء الإمام الحسين (عليه السّلام) لعمّته العقيلة وسائر بني عمومته وأعمامه.

وهو أوّل هاشمي اندفع بحماس بالغ إلى الحرب، وكان عمره الشريف ثماني عشر سنة(١) ، وقد وقف أمام أبيه طالباً منه الرخصة لمناجزة أعداء الله، فلمّا رآه الإمام (عليه السّلام) ذابت نفسه أسى وحسرات، وأشرف على الاحتضار؛ فقد رأى فلذة كبده قد ساق نفسه إلى الموت، فرفع الإمام شيبته الكريمة نحو السماء، وهو يقول بنبرات قد لفظ فيها شظايا قلبه:«اللّهمّ اشهد على هؤلاء القوم، فقد برز إليهم غلام أشبه الناس برسولك محمّد (صلّى الله عليه وآله) خَلقاً وخُلقاً ومنطقاً، وكنّا إذا اشتقنا إلى رؤية نبيّك نظرنا إليه. اللّهمّ امنعهم بركات الأرض، وفرّقهم تفريقاً، ومزّقهم تمزيقاً، واجعلهم طرائق قدداً، ولا ترضي الولاة عنهم أبداً؛ فإنّهم دعونا لينصرونا ثمّ عدوا علينا يقاتلوننا» .

والتفت الإمام (عليه السّلام) إلى المجرم الأثيم عمر بن سعد عبد ابن مرجانة، فصاح به:«ما لك؟! قطع الله رحمك، ولا بارك لك في أمرك، وسلّط عليك مَنْ يذبحك بعدي على فراشك كما قطعت رحمي، ولم تحفظ قرابتي من رسول الله (صلّى الله عليه وآله)». وتلا قوله تعالى:( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحاً وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) .

____________________

(١) حياة الإمام الحسين (عليه السّلام) ٣ / ٢٤٤.

٢٥٥

وشيّع الإمام (عليه السّلام) ولده بدموع مشفوعة بالأسى والحزن، وخلفه عمّته العقيلة وسائر عقائل الوحي، وقد علا منهم الصراخ والعويل على شبيه رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

وانطلق فخر هاشم إلى ساحة الحرب وقد امتلأ قلبه حزماً وعزماً، ووجهه الشريف يتألق نوراً؛ فقد حكى بهيبته هيبة جدّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وبشجاعته شجاعة جدّه الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام)، وتوسّط حراب الأعداء وسيوفهم وهو يرتجز قائلاً:

أنا عليُّ بنُ الحسين بنِ علي = نحن وربُّ البيت أولى بالنبي

تالله لا يحكم فينا ابنُ الدعي

أنت يا شرف هذه الاُمّة أولى بالنبي وأحق بمقامه من هؤلاء الأدعياء الذين سلّطتهم عليكم الطغمة الحاكمة من قريش التي أبت أن تجتمع الخلافة والنبوّة فيكم.

والتحم عليّ الأكبر (عليه السّلام) مع أعداء الله، وقد ملأ قلوبهم خوفاً ورعباً، وأبدى من البسالة والشجاعة ما يقصر عنه كلّ وصف؛ فقد ذكّرهم ببطولات جدّه الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام)، ومحطّم أوثان القرشيّين، وقد قتل مئة وعشرين فارساً(١) سوى المجروحين، وألحّ عليه العطش وأضرّ به، فقفل راجعاً إلى أبيه يشكو ظمأه القاتل قائلاً: يا أبتِ، العطش قد قتلني، وثقل الحديد قد أجهدني، فهل إليّ شربة ماء من سبيل أتقوى بها على الأعداء؟

والتاع الإمام (عليه السّلام)، فقال له بصوت خافت، وعيناه تفيضان دموعاً:«واغوثاه! ما أسرع الملتقى بجدّك فيسقيك بكأسه شربة لا تظمأ بعدها أبداً» .

وأخذ لسانه فمصّه ليريه شدّة عطشه، فكان كشقّة مبرد من شدّة العطش.

____________________

(١) حياة الإمام الحسين (عليه السّلام) ٣ / ٢٤٦.

٢٥٦

يقول الحجّة الشيخ عبد الحسين صادق في رائعته:

يشكو لخيرِ أبٍ ظمأه وما اشتكى = ظمأ الحشا إلاّ إلى الظامي الصدي

كلٌّ حشاشته كصاليةِ الغضا = ولسانُه ظمأ كشقةِ مبردِ

فانصاعَ يؤثرهُ عليهِ بريقهِ = لو كانَ ثمةَ ريقه لم يجمدِ

لقد كان هذا المنظر الرهيب لعليّ الأكبر من أفجع وأقسى ما رُزئ به أبو الأحرار؛ فقد رأى ولده الذي هو من أنبل وأشرف ما خلق الله، وهو في غضارة العمر وريعان الشباب قد أشرف على الهلاك من شدّة العطش، وهو لم يستطع أن يسعفه بجرعة ماء ليروي عطشه.

وقفل فخر الإسلام عليّ الأكبر (عليه السّلام) راجعاً إلى حومة الحرب، قد فتكت الجراح بجسمه، وفتّت العطش فؤاده، وجعل يُقاتل كأشدّ ما يكون القتال وأعنفه حتّى ضجّ العسكر من كثرة مَنْ قتل منهم.

ولمّا رأى ذلك الوضر الخبيث مرّة بن منقذ العبدي قال: عليَّ آثام العرب إن لم أثكل أباه. وأسرع الخبيث الدنس إلى شبيه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فطعنه بالرمح في ظهره، وضربه ضربة منكرة على رأسه ففلق هامته، واعتنق فرسه يظنّ أنّه يرجعه إلى أبيه، إلاّ أنّ الفرس حمله إلى معسكر الأعداء فأحاطوا به من كلّ جانب، ومزّقوا جسده الشريف بالسيوف، ونادى فخر هاشم ومجد عدنان رافعاً صوته: عليك منّي السّلام أبا عبد الله، هذا جدّي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قد سقاني بكأسه شربة لا أظمأ بعدها أبداً، وهو يقول:«إنّ لك كأساً مذخورة» .

وحمل الأثير هذه الكلمات إلى أبيه الثاكل الحزين فقطّعت قلبه، ومزّقت أحشاءه، ففزع إليه وهو خائر القوى، منهدّ الركن، فانكب عليه فوضع خدّه على خدّه وهو جثة هامدة، قد قطّعت شلوه السيف إرباً إرباً، وأخذ الإمام (عليه السّلام) يذرف أحرّ الدموع على ولده الذي لا يشابهه أحد في كمال فضله، وجعل يلفظ شظايا قلبه

٢٥٧

بهذه الكلمات:«قتل الله قوماً قتلوك يا بُني، ما أجرأهم على الله وعلى انتهاك حرمة الرسول! على الدنيا بعدك العفا» (١) .

وما كاد الخبر يبلغ الخيام حتّى هرعت حفيدة الرسول (صلّى الله عليه وآله) زينب من خدرها، وكان ذلك أوّل ما خرجت إلى المعركة فأكبت بنفسها على ابن أخيها الذي كان أعزّ ما عندها من أبنائها، وجعلت تضمّخه بدموعها وقد انهارت قواها، وانبرى إليها الإمام (عليه السّلام) وجعل يعزّيها بمصابها الأليم، وهو يردّد هذه الكلمات:«على الدنيا بعدك العفا» .

وأخذ الإمام (عليه السّلام) بيد اُخته وردّها إلى الفسطاط، وأمر فتيانه بحمل ولده إلى الفسطاط.

لقد كان علي بن الحسين (عليه السّلام) الرائد والزعيم لكلّ حرّ شريف مات أبيّاً على الضيم في دنيا الإباء، فسلام الله عليه غادية ورائحة، ونودعه بالأسى والحزن، ونردّد كلمات أبيه:«على الدنيا بعدك العفا» .

مصارع آل البيت (عليهم السّلام)

وبرزت الفتية من آل الرسول (صلّى الله عليه وآله) وهي تذرف الدموع على وحدة سيّدهم أبي الأحرار، وكان من بينهم القاسم بن الحسن، وكان كالقمر في بهائه وجماله، وقد ربّاه عمّه وغذّاه بمواهبه وآدابه، وأفرغ عليه أشعة من روحه حتّى صار صورة عنه، وكان أحبّ إليه من أبناء إخوته وأعمامه.

وكان القاسم يتطلّع إلى محنة عمّه، وينظر إلى جيوش الكفر قد أحاطت به وقد ذابت نفسه أسىً وحسرات، وجعل يردد:

____________________

(١) العفا: التراب.

٢٥٨

لا يُقتل عمّي وأنا أنظر إليه(١) .

واندفع بلهفة نحو عمّه يطلب منه الإذن ليكون فداءً له، فاعتنقه عمّه وعيناه تفيضان دموعاً، وجعل القاسم يُقبّل يديه طالباً منه الإذن، فسمح له بعد إلحاحه وترجّيه، وبرز القاسم إلى حومة الحرب وهو بشوق عارم إلى الشهادة، ولم يضف على جسده لامة الحرب، وإنّما صحب معه سيفه.

والتحم مع اُولئك القرود، فجعل يحصد رؤوسهم بسيفه، وبينما هو يُقاتل إذ انقطع شسع نعله، فأنف سليل النبوّة أن تكون أحد رجليه بلا نعل، فوقف يشدّه متحدّياً الوحوش الكاسرة التي لا تساوي نعله، واغتنم هذه الفرصة الوغد الخبيث عمرو بن سعد الأزدي، فقال: والله لأشدنَّ عليه.

فأنكر عليه حميد بن مسلم وقال له: سبحان الله! وما تريد بذلك؟! يكفيك هؤلاء القوم الذين ما يبقون على أحد منهم. فلم يعن به، وشدّ الخبيث عليه فعلاه بالسيف على رأسه الشريف، فهوى الفتى إلى الأرض صريعاً كما تهوي النجوم، ونادى رافعاً صوته: يا عمّاه!

وذاب قلب الإمام (عليه السّلام) وأسرع إليه، فعمد إلى القاتل الأثيم فضربه بالسيف فاتّقاها بساعده فقطعها من المرفق وطرحه أرضاً، فحملت خيل أهل الكوفة لاستنقاذه، إلاّ أنّه هلك تحت حوافرها.

وانعطف الإمام نحو ابن أخيه فجعل يقبّله والفتى يفحص بيديه ورجليه، وهو يعاني آلام الاحتضار، فخاطبه الإمام (عليه السّلام):«بُعداً لقوم قتلوك، ومَنْ خصمهم يوم القيامة فيك جدّك! عزّ والله على عمّك أن تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك فلا ينفعك صوته. والله هذا يوم كثر واتره، وقلّ ناصره» .

____________________

(١) حياة الإمام الحسين (عليه السّلام) ٣ / ٢٥٥.

٢٥٩

وحمله الإمام والفتى يفحص برجليه كالطير المذبوح(١) ، وجاء به فألقاه بجوار ولده عليّ الأكبر وسائر الشهداء من أهل البيت (عليهم السّلام)، وأخذ يطيل النظر إليهم، وجعل يدعو على السفكة المجرمين قائلاً:«اللّهمّ أحصهم عدداً، ولا تغادر منهم أحداً، ولا تغفر لهم أبداً. صبراً يا بني عمومتي، صبراً يا أهل بيتي، لا رأيتم هواناً بعد هذا اليوم أبداً» .

وكلّ هذه المناظر المفجعة التي تميد بالصبر وتعصف كانت بمرأى من عقيلة بني هاشم (عليها السّلام)، فكانت تستقبل في كلّ لحظة فتى من الاُسرة النبويّة وهو مضرّج بدمائه، لها الله ولأخيها على هذه الرزايا التي تميد من هولها الجبال.

مصرع عون (عليه السّلام)

وبرز إلى حومة الحرب عون بن عبد الله بن جعفر، واُمه الصدّيقة الطاهرة زينب بنت أمير المؤمنين (عليها السّلام)، فجعل يُقاتل على صغر سنه قتال الأبطال وهو يرتجز:

إن تنكروني فأنا ابنُ جعفرْ = شهيدِ صدقٍ في الجنانِ أزهرْ

يطيرُ فيها بجناحٍ أخضرْ = كفى بهذا شرفاً من معشرْ

أنت أيّها الشهم حفيد الشهيد الخالد جعفر الطيار الذي قُطعت يداه في سبيل الدعوة الإسلاميّة، فأبدله الله بهما جناحين يطير بهما في الفردوس الأعلى.

وجعل الفتى يُقاتل قتال الأبطال، فحمل عليه الوغد الأثيم عبد الله بن قطبة الطائي فقتله، وحُمل إلى المخيّم فاستقبلته اُمّه الصدّيقة الطاهرة، ونظرت إليه وهو جثة هامدة فاحتسبته عند الله.

وحلّ بعده أبناء الاُسرة الهاشمية فاستشهدوا جميعاً قرابين للإسلام، وفداءً لريحانة رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

____________________

(١) حياة الإمام الحسين (عليه السّلام) ٣ / ٢٥٦.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

يطوفون بنا فيها.

١٠ ـ في أصول الكافي باسناده إلى أبي جعفر الباقرعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : فان قالوا: من الراسخون في العلم؟ فقال: من لا يختلف في علمه فان قالوا: فمن هو ذاك؟ فقل: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله صاحب ذلك فهل بلغ أولا؟ فان قالوا: قد بلغ، فقل: فهل ماتصلى‌الله‌عليه‌وآله والخليفة من بعده يعلم علما ليس فيه اختلاف فان قالوا: لا، فقل: إنّ خليفة رسول الله مؤيد ولا يستخلف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلّا من يحكم بحكمه و الّا من يكون مثله إلّا النبوة وإنْ كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يستخلف في علمه أحدا فقد ضيع من في أصلاب الرجال ممن يكون بعده، فان قالوا: فان علم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان من القرآن(١) فقل:( حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ ) إلى قوله( إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ) فان قالوا لك: لا يرسل اللهعزوجل إلّا إلى نبي(٢) فقل: أهذا الأمر الحكيم الذي يفرق فيه هو من الملائكة والروح التي تنزل من سماء إلى سماء أو من سماء إلى الأرض، فان قالوا: من سماء إلى سماء، فليس في السماء أحد يرجع من طاعة إلى معصية، فان قالوا: من سماء إلى أرض وأهل الأرض أحوج الخلق إلى ذلك، فقل: فهل لهم بد من سيد يتحاكمون اليه؟ فان قالوا: فان الخليفة هو حكمهم فقل:(٣) ( اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى )

__________________

(١) قال المحدث الكاشاني (ره): هذا إيراد سؤال على الحجة، تقريره: إنّ علم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعله كان من القرآن فحسب ليس ما يتجدد في شيء؟ فأجاب بان الله سبحانه يقول:( فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أمر حَكِيمٍ أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ) فهذه الاية تدل على تجدد الفرق والإرسال في تلك الليلة المباركة بانزال الملائكة والروح فيها من السماء إلى الأرض دائما، فلا بد من وجود من يرسل إليه الأمر دائما.

(٢) قال المجلسي (ره) هذا سئوال آخر تقريره انه يلزم مما ذكرتم جواز إرسال الملك إلى غير النبي مع انه لا يجوز ذلك فأجاب عنه بمدلول الآية التي لأمر دلها.

(٣) يعنى فقل: إذا لم يكن الخليفة مؤيدا محفوظا من الخطاء فكيف يخرجه الله ويخرج به عباده من الظلمات إلى النور وقد قال الله سبحانه:( «اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا ) اه».

٦٢١

النور» إلى قوله «خالدون» ولعمري ما في الأرض ولا في السماء ولي لله عزّ ذكره إلّا وهو مؤيد ومن أيد لم يخط، وما في الأرض عدو لله عز ذكره إلّا وهو مخذول، ومن خذل لم يصب كما أنّ الأمر لا بد من تنزيله من السماء يحكم به أهل الأرض، كذلك لا بد من وال فان قالوا: لا نعرف هذا، فقل لهم قالوا: ما أحببتم أبي اللهعزوجل بعد محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله أنْ يترك العباد ولا حجة عليهم.

١١ ـ وباسناده إلى أبي جعفرعليه‌السلام قال قال اللهعزوجل في ليلة القدر:( فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أمر حَكِيمٍ ) يقول: ينزل فيها كل أمر حكيم، والمحكم ليس بشيئين انما هو شيء واحد، فمن حكم بما ليس فيه اختلاف فحكمه من حكم اللهعزوجل ، ومن حكم بأمر فيه اختلاف فرأى أنه مصيب فقد حكم بحكم الطاغوت، انه لينزل في ليلة القدر إلى ولي الله(١) تفسير الأمور سنة سنة، يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا. وفي أمر الناس بكذا وكذا، وانه ليحدث لولى الأمر سوى ذلك كل يوم علم اللهعزوجل الخاص والمكنون العجيب المخزون مثل ما ينزل في تلك الليلة من الأمر ثم قرأ:( وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) .

١٢ ـ وباسناده إلى أبي جعفرعليه‌السلام قال: يا معشر الشيعة خاصموا بسورة انا أنزلناه تفلحوا فو الله انها لحجة الله تبارك وتعالى على الخلق بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وانها لسيدة دينكم وانها لغاية علمنا، يا معشر الشيعة خاصموا ب( حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ) فانها لولاة الأمر خاصة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يا معشر الشيعة يقول الله تبارك وتعالى:( وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ ) قيل: يا أبا جعفر نذيرها محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال: صدقت فهل كان نذير وهو حي من البعثة في أقطار الأرض؟ فقال السائل: لا، قال أبو جعفرعليه‌السلام : أرأيت بعيثه أليس نذيره كما أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في بعثته من اللهعزوجل ونذير؟ فقال: بلى قال: فكذلك لم يمت محمّد إلّا وله بعيث نذير، قال: فان قلت: لا، فقد ضيع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من في أصلاب

__________________

(١) وفي المصدر «ولى الأمر» مكان «ولى الله».

٦٢٢

الرجال من أمّته، قال: وما يكفيهم القرآن؟ قال: بلى إنْ وجدوا له مفسّرا، قال: وما فسّره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال: بلى قد فسّره لرجل واحد، وفسّر للامّة شأن ذلك الرجل وهو عليُّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٣ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وعلى بن محمد عن سهل بن زياد جميعا عن ابن محبوب عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: لـمّا قبض أمير المؤمنينعليه‌السلام قام الحسن بن علي في مسجد الكوفة فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم قال: ايها الناس انه قد قبض في هذه الليلة رجل ما سبقه الأولون ولا يدركه الآخرون، والله لقد قبض في الليلة التي قبض فيها وصى موسى يوشع بن نون، والليلة التي عرج فيها بعيسى بن مريم، والليلة التي نزل فيها القرآن والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٤ ـ أحمد بن مهران وعلى بن إبراهيم جميعا عن محمد بن علي عن الحسن بن راشد عن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم قال: كنت عند أبي الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام إذا أتاه رجل نصراني فقال: انى أسئلك أصلحك الله فقال: سل، فقال: أخبرني عن كتاب الله الذي انزل على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ونطق به ثم وصفه بما وصفه فقال:( حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ) ما تفسيرها في الباطن؟ فقال: أما حم فهو محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو في كتاب هود الذي أنزل عليه، وهو منقوص الحروف وأما الكتاب المبين فهو أمير المؤمنين عليٌّعليه‌السلام ، واما الليلة ففاطمة صلوات الله عليها واما قوله:( فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أمر حَكِيمٍ ) يقول: يخرج منها خير كثير، فرجل حكيم ورجل حكيم ورجل حكيم، فقال الرجل: صف لي الاول والاخر من هؤلاء الرجال فقال: إنّ الصفات تشتبه ولكن الثالث من القوم أصف لك ما يخرج من نسله وانه عندكم لفي الكتب التي نزلت عليكم، إنْ لم تغيروا وتحرفوا وتكفروا وقديما ما فعلتم، قال له النصراني: لا أستر عنك ما علمت ولا أكذبك وأنت تعلم ما أقول في صدق ما أقول وكذبه، والله لقد أعطاك الله من فضله وقسم عليك من نعمه ما لا يخطره الخاطرون ولا يستره الساترون، ولا يكذب فيه من كذب، فقولي لك في ذلك الحق كلما ذكرت فهو كما ذكرت، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦٢٣

١٥ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينه عن الفضيل وزرارة ومحمد بن مسلم عن حمران أنه سأل أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله تعالى:( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ ) قال: نعم ليلة القدر وهي في كل سنة في شهر رمضان في العشر الأواخر، فلم ينزل القرآن إلّا في ليلة القدر قال الله تعالى:( فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أمر حَكِيمٍ ) قال: يقدر في ليلة القدر كل شيء يكون في تلك السنة التي مثلها من قابل خير وشر، وطاعة ومعصية، ومولود وأجل ورزق، فما قدر في تلك السنة وقضى فهو المحتوم ولله تعالى فيه المشية، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة وستقف عليه بتمامه في سورة القدر إنْ شاء الله تعالى.

١٦ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد عن محمد بن عيسى عن أبي عبد الله المؤمن عن إسحاق بن عمار قال: سمعته يقول وناس يسألونه يقولون: الأرزاق تقسم ليلة النصف من شعبان؟ قال: فقال: لا والله ما ذلك إلّا في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان واحدى وعشرين وثلاث وعشرين فان في تسعة عشر يلتقي الجمعان، وفي ليلة احدى وعشرين( يُفْرَقُ كُلُّ أمر حَكِيمٍ ) ، وفي ليلة ثلاث وعشرين يمضى ما أراد الله تعالى من ذلك، وهي ليلة القدر التي قال الله تعالى:( خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) قال: قلت: ما معنى قوله: يلتقي الجمعان؟ قال: يجمع الله فيها ما أراد من تقديمه وتأخيره وإرادته وقضائه، قال: قلت: فما معنى يمضيه في ثلاث عشرين؟ قال: انه يفرقه في ليلة احدى وعشرين أمضاه ويكون له فيه البداء فاذا كانت ليلة ثلاث وعشرين أمضاه فيكون من المحتوم الذي لا يبدو له فيه تبارك وتعالى.

١٧ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد بن الحسين بن علي عن عمرو بن سعيد عن مصدق بن صدقة عن عمار بن موسى الساباطي قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إذا كان أول ليلة من شهر رمضان فقال: أللّهمّ... إلى أنْ قال: واجعل فيما تقضى وتقدر من الأمر المحتوم فيما يفرق من الأمر الحكيم في ليلة القدر من القضاء الذي لا يرد ولا يبدل أنْ تكتبني من حجاج بيتك.

١٨ ـ في روضة الكافي حميد بن زياد عن الحسن بن محمد الكندي عن أحمد بن عديس عن أبان عن يعقوب بن شعيب قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : يفرق في كل ليلة القدر

٦٢٤

ما كان من شدة أو رخاء أو مطر يقدر ما يشاءعزوجل أنْ يقدر إلى مثلها من قابل.

١٨ ـ في تهذيب الأحكام باسناده إلى زرارة عن أحدهماعليهما‌السلام قال: في ليلة تسع عشرة يكتب وفد الحاج، و( فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أمر حَكِيمٍ ) ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٩ ـ أبو الصباح الكناني عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إذا كان ليلة القدر و( فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أمر حَكِيمٍ ) نادى مناد في تلك الليلة من بطنان العرش: إنّ الله تعالى قد غفر لمن أتى قبر الحسينعليه‌السلام في هذه الليلة.

٢٠ ـ في بصائر الدرجات أحمد بن محمد عن عمر بن عبد العزيز عن يونس عن الحارث بن المغيرة البصري [عن عمرو] عن ابن أبي عمير عمن رواه عن هشام قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : قول الله تبارك وتعالى:( فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أمر حَكِيمٍ ) ؟ قال: تلك ليلة القدر يكتب فيها وفد الحاج، وما يكون فيها من طاعة أو معصية أو حيوة أو ممات، ويحدث الله في الليل والنهار ما يشاء ثم يلقاه إلى صاحب الأرض قال ابن الحارث: فقلت: ومن صاحب الأرض؟ قال: صاحبكم.

٢١ ـ العباس بن معروف عن سعدان بن مسلم عن عبد الله بن سنان قال: سئلته عن النصف من شعبان؟ فقال: ما عندي فيه شيء ولكن إذا كانت ليلة تسع عشرة من شهر رمضان قسم فيها الأرزاق وكتب فيها الآجال وخرج فيها صكاك الحاج(١) واطلع الله إلى عباده فغفر الله لهم إلّا شارب الخمر مسكر، فاذا كانت ليلة ثلاث وعشرين( فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أمر حَكِيمٍ ) ، ثم ينهى ذلك ويمضى ذلك، قلت: إلى من؟ قال: إلى صاحبكم ولولا ذلك لم يعلم.

٢٢ ـ في عيون الأخبار في باب العلل التي ذكر الفضل بن شاذان في آخرها أنه سمعها من الرضاعليه‌السلام مرة بعد مرة وشيئا بعد شيء، فان قيل: فلم جعل الصوم في شهر رمضان دون ساير الشهور؟ قيل: لان شهر رمضان هو الشهر الذي أنزل الله تعالى( فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ ) ، وفيه نبئ محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفيه

__________________

(١) الصكاك جمع الصك: الكتاب، والصكاك بمعنى الأرزاق أيضا.

٦٢٥

ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وفيها يفرق كل أمر حكيم، وفيه رأس السنة يقدر فيها ما يكون في السنة من خير أو شر أو مضرة أو منفعة أو رزق أو أجل، ولذلك سميت بليلة القدر.

٢٣ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى الحسين بن يزيد النوفلي عن علي بن سالم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من نام في الليلة التي يفرق كل أمر حكيم ولم يحج تلك السنة وهي ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان، لان فيها يكتب وفد الحاج وفيها تكتب الأرزاق والآجال وما يكون من السنة إلى السنة.

٢٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن أمير المؤمنينعليه‌السلام في حديث طويل وفيه بعد أنْ ذكرعليه‌السلام الحجج قال السائل: من هؤلاء الحجج؟ قال: هم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومن حل محله من أصفياء الله الذين قرنهم الله بنفسه ورسوله، وفرض على العباد من طاعتهم مثل الذي فرض عليهم ميثاقا لنفسه، وهم ولاة الأمر الذين قال الله فيهم:( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) وقال فيهم:( وَلَوْ رَدُّوهُ إلى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) وقال السائل: ما ذاك الأمر؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : الذي تنزل به الملائكة في الليلة التي يفرق كل أمر حكيم من رزق وأجل وعمل وحيوة وموت وعلم غيب السماوات والأرض، والمعجزات التي لا تنبغي إلّا لله وأصفيائه والسفرة بينه وبين خلقه وهم وجه الله الذي قال:( فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ) هم بقية الله يعنى المهديعليه‌السلام الذي يأتى عند انقضاء هذه النظرة فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، ومن آياته الغيبة والاكتتام عند عموم الطغيان وحلول الانتقام، ولو كان هذا الأمر الذي عرفتك بيانه للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله دون غيره لكان الخطاب يدل على فعل ماض غير دائم ولا مستقبل ولقال نزلت الملائكة وفرق كل أمر حكيم، ولم يقل: «تنزل الملائكة ويفرق كل أمر حكيم».

٢٥ ـ في جوامع الجامع( فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ ) واختلف في الدخان فقيل انه دخان يأتى من السماء قبل قيام الساعة يدخل في اسماع الكفرة حتى

٦٢٦

يكون رأس الواحد كالرأس الحنيذ(١) ويعترى المؤمن منه كهيئة الزكام، وتكون الأرض كلها كبيت أوقد فيه ليس فيه خصاص(٢) يمد ذلك أربعين يوما وروى ذلك عن عليٍّ وابن عباس والحسن.

٢٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( فَارْتَقِبْ ) أي اصبر( يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ ) قال: ذلك إذا خرجوا في الرجاعة من القبر يغشى الناس كلهم الظلمة، فيقولون:( هذا عَذابٌ أَلِيمٌ رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا ) موقنون فقال الله ردا عليهم:( أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى ) في ذلك اليوم و( قَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ ) أي رسول قد بين لهم( ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ ) قال: قالوا ذلك لـمّا نزل الوحي على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأخذه الغشي، فقالوا هو مجنون ثم قالعزوجل :( إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ ) يعنى إلى يوم القيامة، ولو كان قولهعزوجل :( يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ ) في القيامة لم يقل( إِنَّكُمْ عائِدُونَ ) لأنه ليس بعد الآخرة والقيامة حالة يعودون إليها وقولهعزوجل : ومقام كريم أي حسن ونعمة كانوا فيها فاكهين قال: النعمة في الأبدان، وقوله فاكهين أي فاكهين للنساء( كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ ) يعنى بنى إسرائيل فما بكت عليهم السماء( وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ )

٢٧ ـ قال حدّثني أبي عن حنان بن سدير عن عبد الله بن الفضل الهمداني عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال: مر عليه رجل عدو لله ولرسوله فقال:( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ ) ثم مر عليه الحسين بن عليعليه‌السلام فقال: لكن هذا لتبكين عليه السماء والأرض، وما بكت السماء والأرض إلّا على يحيى بن زكريا، وعلى الحسين بن عليعليهما‌السلام .

٢٨ ـ قال: وحدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن العلاء عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: كان علي بن الحسينعليهما‌السلام يقول: أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل

__________________

(١) الحنيذ (كما في أكثر النسخ وكذا في المصدر ومجمع البيان والمنقول عنه في البحار) المشوى من قولهم: حنذ اللحم إذا شواه وأنضجه بين حجرين.

(٢) الخصاص ـ بفتح الخاء ـ: الفرجة والخلة.

٦٢٧

الحسين بن عليعليه‌السلام دمعة حتى تسيل على خده بوأه الله بها في الجنة غرفا يسكنه أحقابا(١) وأيما مؤمن دمعت عيناه دمعا حتى يسيل على خديه لاذى مسنا من عدونا في الدنيا بوأه اللهعزوجل مبوء صدق في الجنة، وأيما مؤمن مسه أذى فينا فدمعت عيناه حتى يسيل دمعه على خديه من مضاضة(٢) ما أوذى فينا صرف الله عن وجهه الأذى وآمنه يوم القيامة من سخطه والنار.

٢٩ ـ وحدثني أبي عن بكر بن محمد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينه دمع مثل جناح بعوضة غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر.

٣٠ ـ في مجمع البيان وروى زرارة بن أعين عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال: بكت السماء على يحيى بن زكريا وعلى الحسين بن عليعليهما‌السلام أربعين صباحا قلت: فما بكاءها؟ قال: كانت تطلع حمراء وتغيب حمراء.

٣١ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب ـ الباقرعليه‌السلام في قوله تعالى:( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ ) يعنى علي بن أبي طالبعليه‌السلام وذلك أنّ علياعليه‌السلام خرج قبل الفجر متوكئا على عنزة(٣) والحسين خلفه يتلوه حتى أتى حلقة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله [فرمى بالعنزة](٤) ثم قال: إنّ الله تعالى ذكر أقواما فقال:( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ ) والله ليقتلنه ولتبكين السماء عليه.

٣٢ ـ وقال الصادقعليه‌السلام : بكت السماء على الحسينعليه‌السلام أربعين يوما بالدم.

٣٣ ـ عن إسحاق الأحمر عن الحجةعليه‌السلام حديث طويل وفي أواخره وذبح يحيىعليه‌السلام كما ذبح الحسين ولم تبك السماء والأرض إلّا عليهما.

__________________

(١) الاحقاب جمع حقب وهو ثمانون سنة من سنين الاخرة وقيل: الاحقاب ثلثة وأربعون حقبا كل حقب سبعون خريفا، كل خريف سبعمائة سنة كل سنة ثلاثمائة وستون يوما كل يوم الف سنة قاله الطريحي (ره) في مجمع البحرين.

(٢) المضاضة: وجع المصيبة.

(٣) العنزة ـ محركة ـ: شبية العكازة أطول من العصا وأقصر من الرمح.

(٤) ما بين العلامتين غير موجود في المصدر.

٦٢٨

٣٤ ـ في مجمع البيان وروى عن أنس عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ما من مؤمن إلّا وله باب يصعد منه عمله وباب ينزل منه رزقه، فاذا مات بكيا عليه.

٣٥ ـ فيمن لا يحضره الفقيه بعد أنْ نقل حديثا عن الصادقعليه‌السلام قال: (ع) إذا مات المؤمن بكت عليه بقاع الأرض التي كان يعبد اللهعزوجل فيها، والباب الذي كان يصعد منه عمله وموضع سجوده.

قال عز من قائل:( وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ ) .

٣٦ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام في هاروت وماروت قال الامام الحسن بن عليعليهما‌السلام : حدّثني أبي عن أبيه عن جده عن الرضا عن آبائه عن علىعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ اللهعزوجل اختارنا معاشر آل محمد واختار النبيين واختار الملائكة المقربين، وما اختارهم إلّا على علم منه بهم أنهم لا يواقعون ما يخرجون به عن ولايته، وينقطعون به عن عصمته، وينقمون به إلى المستخفين بعذابه ونعمته.

٣٧ ـ في مجمع البيان:( أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ ) وروى سهل بن سعد عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: لا تسبوا تبعا، فانه كان قد أسلم.

٣٨ ـ وروى الوليد بن صبيح عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ تبعا قال للأوس والخزرج: كونوا هاهنا حتى يخرج هذا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أما أنا فلو أدركته لخدمته وخرجت معه.

٣٩ ـ في أصول الكافي أحمد بن مهرانرحمه‌الله عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى عن علي بن أسباط عن إبراهيم بن عبد الحميد عن زيد الشحام قال: قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام ونحن في الطريق في ليلة الجمعة: اقرأ فانها ليلة الجمعة قرآنا فقرأت:( إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ ) فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : نحن والله الذي استثنى الله فكنا نغني عنهم.

٤٠ ـ في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد بن سليمان عن أبيه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال لأبي بصير: يا أبا محمد والله ما استثنى الله عز ذكره بأحد من أوصياء الأنبياء ولا أتباعهم ما خلا أمير المؤمنين وشيعته فقال في كتابه وقوله

٦٢٩

الحق( يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ ) يعنى بذلك علياعليه‌السلام وشيعته والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل :( يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً ) قال: من والى غير أولياء الله لا يغني بعضهم عن بعض، ثم استثنى من والى آل محمد فقال:( إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ) ثم قال:( إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ ) نزلت في أبي جهل بن هشام وقولهعزوجل : كالمهل قال: المهل الصفر المذاب( يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ ) وهو الذي قد حمى وبلغ المنتهى.

٤٢ ـ في مجمع البيان وروى أنّ أبا جهل أتى بتمر وزبد فجمع بينهما وأكل وقال: هذا هو الزقوم الذي يخوفنا محمّد به.

٤٣ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أبي ـ يحيى الواسطي عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من أشبع مؤمنا وجبت له الجنة، ومن أشبع كافرا كان حقا على الله أنْ يملأ جوفه من الزقوم، مؤمنا كان أو كافرا.

٤٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم ثم قال: خذوه فاعتلوه أي فأضغطوه من كل جانب ثم انزلوا به إلى سواء الجحيم ثم يصب عليه ذلك الحميم ثم يقال له:( ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ) فلفظه خبر ومعناه حكاية عمن يقول له ذلك، وذلك أنّ أبا جهل كان يقول أنا العزيز الكريم فيعير بذلك في النار.

٤٥ ـ في جوامع الجامع روى أنّ أبا جهل قال لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما بين جبليها أعز ولا أكرم منى.

٤٦ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أيما عبد أقبل قبل ما يحب اللهعزوجل اقبل الله قبل ما يحب، ومن اعتصم بالله عصمه الله، ومن أقبل الله قبله وعصمه لم يبال لو سقطت السماء على الأرض أو كانت نازلة نزلت على أهل الأرض فشملتهم بلية، كان في حزب الله بالتقوى من كل بلية(١) أليس اللهعزوجل يقول:( إِنَّ الْمُتَّقِينَ

__________________

(١) قال المجلسي (ره) بعد ذكر الخبر في كتاب بحار الأنوار ما لفظه: بيان في القاموس ـ

٦٣٠

فِي مَقامٍ أَمِينٍ ) .

قال عز من قائل:( وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ) .

٤٧ ـ في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل ابن زياد عن محمد بن سنان عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال: إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار بعث رب العزة علياعليه‌السلام ، فأنزلهم منازلهم من الجنة فزوجهم، فعلى والله الذي يزوج أهل الجنة في الجنة، وما ذاك إلى أحد غيره كرامة من الله عز ذكره، وفضلا فضله الله ومن به عليه، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٨ ـ أحمد بن محمد عن علي بن الحسن التيمي عن محمد بن عبد الله عن زرارة عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول لرجل من الشيعة: أنتم الطيبون ونساؤكم الطيبات، كل مؤمنة حوراء عيناه، وكل مؤمن صديق، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

__________________

ـ وإذا قبل قبلك بالضم اقصد قصدك وقبالته بالضم: تجاهه، والقبل ـ محركة ـ: المحجة الواضحة، ولى قبله بكسر القاف أي عند انتهى والمراد إقبال العبد نحو ما يحبه الله وكون ذلك مقصوده دائما، وإقبال الله نحو ما يحبه العبد توجيه أسباب ما يحبه العبد من مطلوبات الدنيا والاخرة. والاعتصام بالله: الاعتماد والتوكل عليه.

«ومن اقبل الله إلخ» هذه الجمل تحتمل وجهين (الاول) أنْيكون «لم يبال» خبرا للموصول وقوله: «لو سقطت» جملة اخرى استينافية، أو قوله «كان في حزب الله» جزاء الشرط (الثاني) أنْيكون «لم يبال» جزاء الشرط ومجموع الشرط والجزاء خبر الموصول، وقوله «كان في حزب الله» استينافا.

«فشملتهم بلية» بالنصب على التميز أو بالرفع إنْ شملتهم بلية بسبب النازلة أو يكون من قبيل وضع الظاهر موضع المضمر. «بالتقوى» أي بسببه كما هو ظاهر الاية، فقوله: «من كل بلية» متعلق بمحذوف أي محفوظا من كل بلية أو الباء للملابسة و «من كل» متعلق بالتقوى أي يقيه من كل بلية والاول أظهر.

٦٣١

٤٩ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن أبي نصر عن الحسين بن خالد وعلى بن إبراهيم عن أبيه عن عمرو بن عثمان الخزاز عن رجل عن الحسين بن خالد قال: سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن مهر السنة كيف صار خمسمائة؟ فقال: إنّ الله تبارك وتعالى أوجب على نفسه أنْ لا يكبره مؤمن مأة تكبيرة ويسبحه مأة تسبيحة، ويحمده مأة تحميدة، ويهلله مأة تهليلة، ويصلى على محمّد وآل محمّد مأة مرة، ثم يقول: أللّهمّ زوجني من الحور العين، إلّا زوجه الله حورا، وجعل ذلك مهرها، ثم أوحى الله إلى نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنْ سن مهور المؤمنات خمسمائة درهم ففعل ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأيما مؤمن خطب إلى أخيه حرمته فقال خمسمائة درهم فلم يزوجه، فقد عقه واستحق من اللهعزوجل ألّا يزوجه حورا.

٥٠ ـ في صحيفة الرضا وباسناده قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الذي يسقط من المائدة مهور الحور العين.

٥١ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: أربعة أوتوا سمع الخلايق(١) النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والحور العين، والجنة، والنار، فما من عبد يصلّي على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أو يسلم عليه إلّا بلغه ذلك وسمعه، وما من أحد قال: أللّهمّ زوجني من الحور العين إلّا سمعته وقلن: يا رب إنّ فلانا خطبنا إليك فزوجنا منه، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال: المؤمن يزوج ثمانمأة عذراء، وألف ثيب، وزوجتين من الحور العين، قلت: جعلت فداك ثمانمأة عذراء؟ قال: نعم، ما يفترش منهن شيئا إلّا وجدها كذلك، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥٣ ـ في مجمع البيان عن زيد بن أرقم قال: جاء رجل من أهل الكتاب إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا أبا القاسم تزعم أنّ أهل الجنة يأكلون ويشربون؟ قال: والذي نفسي بيده إنّ الرجل ليؤتى قوة مأة رجل في الاكل والشرب والجماع، و

__________________

(١) أي أوتوا سمعا يسمعون بها كلام الخلائق كلهم.

٦٣٢

الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥٤ ـ في روضة الكافي باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : أنّ خيرا نهر في الجنة مخرجه من الكوثر، والكوثر مخرجه من ساق العرش، عليه منازل الأوصياء وشيعتهم، على حافتي ذاك النهر جواري نابتات، كلما قلعت واحدة نبتت أخرى.

٥٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل وفيه قال السائل: فكيف تكون الحوراء في كل ما أتاها زوجها عذراء؟ قال: خلقت من الطيب لا تعتريها عاهة، ولا يخالط جسمها آفة، ولا يجرى في ثقبها شيء، ولا يدنسها حيض، فالرحم ملتزقة إذ ليس فيه لسوى الا حليل مجرى قال: فهي تلبس سبعين حلة ويرى زوجها مخ ساقها من وراء حللها وبدنها؟ قال: نعم كما يرى أحدكم الدرهم إذا ألقى في ماء صاف قدره قيد رمح(١) .

٥٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم ثم وصف ما أعده للمتقين من شيعة أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال:( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ ) إلى قوله تعالى:( إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى ) يعنى في الجنة غير الموتة التي في الدنيا وو فيهم عذاب الجحيم إلى قوله تعالى:( فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ ) أي انتظر انهم منتظرون.

٥٧ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسين بن عبد الرحمن عن سفيان الحريري عن أبيه عن سعد الخفاف عن أبي جعفرعليه‌السلام أنّه قال حاكيا عن القرآن: يأتى الرجل من شيعتنا الذي كان يعرفه ويجادل به أهل الخلاف فيقوم بين يديه فيقول: ما تعرفني؟ فينظر إليه الرجل فيقول: ما أعرفك يا عبد الله، قال: فيرجع في صورته التي كانت في الخلق الاول، فيقول: ما تعرفني؟ فيقول: نعم، فيقول القرآن: انا الذي أسهرت ليلك وأنصبت عيشك، وفي سمعت الأذى، ورجمت بالقول في، ألآ وان كل تاجر قد استوفى تجارته وانا وراءك اليوم، قال: فينطلق به إلى رب العزة تبارك وتعالى فيقول: يا رب عبدك وأنت أعلم به قد كان نصبا

__________________

(١) القيد ـ بالفتح والكسر ـ: القدر.

٦٣٣

في(١) مواظبا على يعادى لسبب، ويحب في ويبغض، فيقول اللهعزوجل : أدخلوا عبدي جنتي واكسوه حلة من حلل الجنة، وتوجوه بتاج، فاذا فعل به ذلك عرض على القرآن، فيقال: له هل رضيت بما صنع بوليك؟ فيقول: يا رب انى أستقل هذا له فزده مزيد الخير كله، فيقولعزوجل : وعزتي وجلالي وعلوي وارتفاع مكاني. لأنحلن له اليوم خمسة أشياء مع المزيد له ولمن كان بمنزلته، ألا انهم شباب لا يهرمون، وأصحاء لا يسقمون، وأغنياء لا يفتقرون، وفرحون لا يحزنون، وأحياء لا يموتون، ثم تلا هذه الآية:( لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

__________________

(١) نصب الرجل نصبا ـ بالكسر ـ: تعب.

٦٣٤

قدتم الجزء الرابع حسب تجزئتنا ويتلوه الجزء الخامس إنشاء الله تعالى وقد فرغت من تصحيحه والتعليق عليه في اليوم الرابع والعشرين من شهر رمضان المعظم ١٣٨٤ من الهجرة النبوية والحمد لله اولا وآخرا وظاهرا وباطنا

وانا العبد الفاني :

السيد هاشم الرسولى المحلاتى

٦٣٥

الفهرست

سورة الفرقان وفيها ١٤٩ حديثا فضلها ٢

قوله تعالى :( تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ (الى)تَقْدِيراً ) (١ ـ ٢) ٢

قوله تعالى:( وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا (الى)رَحِيماً ) (٤ ـ ٦) ٥

قوله تعالى:( وَقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ (الى)قُصُوراً ) (٧ ـ ١٠) ٦

قوله تعالى:( بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ (الى)زَفِيراً ) (١١ ـ ١٢) ٧

قوله تعالى:( وَإِذا أُلْقُوا مِنْها (الى)بُوراً ) (١٣ ـ ١٨) ٨

قوله تعالى:( وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (الى)مَنْشُوراً ) (١٠ ـ ٢٣) ٩

قوله تعالى:( أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ (الى)سَبِيلاً ) (٢٤ ـ ٢٧) ١١

قوله تعالى:( لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي ) (٢٩) ١٢

قوله تعالى:( وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي ) (٣٠) ١٣

قوله تعالى:( وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا (الى)سَبِيلاً ) (٣٢ ـ ٣٤) ١٥

قوله تعالى:( وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِّ ) (٣٨) ١٦

قوله تعالى:( وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ (الى)وَكِيلاً ) (٣٩ ـ ٤٣) ٢٠

قوله تعالى:( ... إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ) (٤٤) ٢١

قوله تعالى:( أَلَمْ تَرَ إلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ (الى)كَبِيراً ) (٤٥ ـ ٥٢) ٢٢

قوله تعالى:( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً ) (٥٤) ٢٣

قوله تعالى:( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ (الى)مُنِيراً ) (٥٥ ـ ٦١) ٢٥

قوله تعالى:( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ (الى)سَلاماً ) (٦٢ ـ ٦٣) ٢٦

قوله تعالى:( وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا ) (٦٧) ٢٧

٦٣٦

قوله تعالى:( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ ) (٦٨) ٣١

قوله تعالى:( إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ ) (٧٠) ٢٢

قوله تعالى:( وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا ) (٧٢) ٤١

قوله تعالى:( وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ (الى)إِماماً ) (٧٣ ـ ٧٤) ٤٣

قوله تعالى:( أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا (الى)لِزاماً ) (٧٥ ـ ٧٧) ٤٤

سورة الشعراء وفيها ١٢٣ حديثا ـ فضلها ٤٥

قوله تعالى:( طسم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ ) (١ ـ ٢) ٤٥

قوله تعالى:( إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً ) (٤) ٤٦

قوله تعالى:( وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) (١٠) ٤٧

قوله تعالى:( قالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً (الى)مِنَ الْمُرْسَلِينَ ) (١٨ ـ ٢١) ٤٨

قوله تعالى:( قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ (الى)لِلنَّاظِرِينَ ) (٢٣ ـ ٣٣) ٩

قوله تعالى:( قالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ ) (٣٤) ٥١

قوله تعالى:( قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا (الى)الْغالِبُونَ ) (٤٣ ـ ٤٤) ٥٢

قوله تعالى:( فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ (الى)لَمُدْرَكُونَ ) (٤٥ ـ ٦١) ٥٣

قوله تعالى:( قالَ كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ ) (٦٢) ٥٥

قوله تعالى:( وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ (الى)سَلِيمٍ ) (٨٤ ـ ٨٩) ٥٧

قوله تعالى:( وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ (الى)الْمُجْرِمُونَ ) (٩١ ـ ٩٩) ٥٨

قوله تعالى:( فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ ـ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) (١٠٠ ـ ١٠١) ٦٠

قوله تعالى:( كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (الى)الْمَشْحُونِ ) (١٠٥ ـ ١١٩) ٦٢

قوله تعالى:( كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ (الى)يَوْمٍ مَعْلُومٍ ) (١٢٣ ـ ١٥٥) ٦٣

قوله تعالى:( كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (الى)زُبُرِ الْأَوَّلِينَ ) (١٧٦ ـ ١٩٦) ٦٤

قوله تعالى:( وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ ) (١٩٨) ٦٥

قوله تعالى:( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) (٢١٤) ٦٦

قوله تعالى:( وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ (الى)السَّاجِدِينَ ) (٢١٥ ـ ٢١٩) ٦٩

٦٣٧

قوله تعالى:( هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ (الى)الْغاوُونَ ) (٢٢١ ـ ٢٢٤) ٧٠

قوله تعالى:( أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ (الى)ما لا يَفْعَلُونَ ) (٢٢٥ ـ ٢٢٦) ٧٢

قوله تعالى:( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ) (٢٢٧) ٧٣

سورة النمل وفيها ١٣٨ حديثا ـ فضلها ٧٤

قوله تعالى:( طس ـ (الى)فاسِقِينَ ) (١ ـ ١٢) ٧٤

قوله تعالى:( فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً (الى)الْمُفْسِدِينَ ) (١٣ ـ ١٤) ٧٥

قوله تعالى:( وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا ) (١٦) ٧٥

قوله تعالى:( وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ (الى)لا يَشْعُرُونَ ) (١٧ ـ ١٨) ٨٢

قوله تعالى:( وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ (الى)مُبِينٍ ) (٢٠ ـ ٢١) ٨٣

قوله تعالى:( قالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ (الى)يَرْجِعُونَ ) (٢٧ ـ ٢٨) ٨٥

قوله تعالى:( قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ (الى)يَفْعَلُونَ ) (٢٩ ـ ٣٤) ٨٦

قوله تعالى:( فَلَمَّا جاءَ سُلَيْمانَ قالَ أَتُمِدُّونَنِ ) (٣٦) ٨٧

قوله تعالى:( قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ ) (٤٠) ٨٧

قوله تعالى:( فَلَمَّا جاءَتْ قِيلَ أَهكَذا عَرْشُكِ (الى)الْعالَمِينَ ) (٤٢ ـ ٤٤) ٩٢

قوله تعالى:( وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إلى ثَمُودَ أَخاهُمْ (الى)أَجْمَعِينَ ) (٤٥ ـ ٥١) ٩٣

قوله تعالى:( فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا (الى)ما تَذَكَّرُونَ ) (٥٢ ـ ٦٢) ٩٤

قوله تعالى:( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) (٦٥) ٩٥

قوله تعالى:( بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ (الى)فِي كِتابٍ مُبِينٍ ) (٦٦ ـ ٧٥) ٩٦

قوله تعالى:( وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ ) (٨٢) ٩٧

قوله تعالى:( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً ) (٨٣) ٩٩

قوله تعالى:( وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً (الى)تَعْمَلُونَ ) (٨٨ ـ ٩٠) ١٠٢

قوله تعالى:( إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ ) (٩٢) ١٠٥

قوله تعالى:( وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها ) (٩٣) ١٠٦

سورة القصص وفيها ١٣٧ حديثا ـ فضلها ١٠٦

٦٣٨

قوله تعالى:( طسم (الى)الْمُفْسِدِينَ ) (١ ـ ٤) ١٠٧

قوله تعالى:( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا ) (٥) ١٠٧

قوله تعالى:( وَأَوْحَيْنا إلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ ) (٧) ١١١

قوله تعالى:( فَرَدَدْناهُ إلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ ) (١٣) ١١٣

قوله تعالى:( وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها ) (١٥) ١١٧

قوله تعالى:( فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ (الى)مِنَ الْمُصْلِحِينَ ) (١٨ ـ ١٩) ١١٨

قوله تعالى:( وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً (الى)فَقِيرٌ ) (٢٣ ـ ٢٤) ١٢١

قوله تعالى:( فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ ) (٢٥) ١٢٢

قوله تعالى:( قالَتْ إِحْداهُما يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ) (٢٦) ١٢٣

قوله تعالى:( قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ ) (٢٧) ١٢٤

قوله تعالى:( فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ ) (٢٩) ١٢٦

قوله تعالى:( وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها (الى)فاسِقِينَ ) (٣١ ـ ٣٢) ١٢٧

قوله تعالى:( قالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً ) (٣٣) ١٢٨

قوله تعالى:( وَقالَ فِرْعَوْنُ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ ) (٣٨) ١٢٩

قوله تعالى:( وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إلى النَّارِ (الى)مُرْسِلِينَ ) (٤١ ـ ٤٥) ١٣٠

قوله تعالى:( وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا (الى)كافِرُونَ ) (٤٦ ـ ٤٨) ١٣١

قوله تعالى:( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ (الى)يَتَذَكَّرُونَ ) (٥٠ ـ ٥١) ١٣٢

قوله تعالى:( أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ (الى)بِالْمُهْتَدِينَ ) (٥٤ ـ ٥٦) ١٣٣

قوله تعالى:( وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا ) (٥٧) ١٣٥

قوله تعالى:( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ) (٦٨) ١٣٦

قوله تعالى:( وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً (الى)الْفَرِحِينَ ) (٧٥ ـ ٧٦) ١٣٨

قوله تعالى:( وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ (الى)الصَّابِرُونَ ) (٧٧ ـ ٨٠) ١٣٩

قوله تعالى:( فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ ) (٨١) ١٤٠

٦٣٩

قوله تعالى:( وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ (الى)لِلْمُتَّقِينَ ) (٨٢ ـ ٨٣) ١٤٣

قوله تعالى:( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إلى مَعادٍ ) (٨٥) ١٤٤

قوله تعالى:( وَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا إله إلّا هُوَ ) (٨٨) ١٤٥

سورة العنكبوت وفيها ٩٣ حديثا فضلها ١٤٧

قوله تعالى:( الم أحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا (الى)الْكاذِبِينَ ) (١ ـ ٣) ١٤٧

قوله تعالى:( مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ (الى)لَكاذِبُونَ ) (٥ ـ ١٢) ١٥٣

قوله تعالى:( وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إلى قَوْمِهِ ) (١٤) ١٥٤

قوله تعالى:( وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً ) (٢٥) ١٥٥

قوله تعالى:( وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ (الى)الصَّادِقِينَ ) (٢٧ ـ ٢٩) ١٥٧

قوله تعالى:( وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ ) (٣٩) ١٥٩

قوله تعالى:( مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ (الى)الْعالِمُونَ ) (٤١ ـ ٤٣) ١٦٠

قوله تعالى:( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ ) (٤٥) ١٦١

قوله تعالى:( وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) (٤٦) ١٦٢

قوله تعالى:( وَكَذلِكَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ (الى)الْمُبْطِلُونَ ) (٤٧ ـ ٤٨) ١٦٤

قوله تعالى:( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) (٤٩) ١٦٥

قوله تعالى:( أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ ) (٥١) ١٦٦

قوله تعالى:( يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ (الى)تُرْجَعُونَ ) (٥٦ ـ ٥٧) ١٦٧

قوله تعالى:( وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا (الى)لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) (٦٠ ـ ٦٩) ١٦٨

سورة الروم وفيها ٩٣ حديثا ـ فضلها ١٦٩

قوله تعالى:( الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ ) (١ ـ ٣) ١٦٩

قوله تعالى:( فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ (الى)يَسْتَهْزِؤُنَ ) (٤ ـ ١٠) ١٧٠

قوله تعالى:( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (الى)يُحْبَرُونَ ) (١٢ ـ ١٥) ١٧١

قوله تعالى:( فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ) (١٧) ١٧٢

٦٤٠

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652