تفسير نور الثقلين الجزء ٥

تفسير نور الثقلين10%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 749

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 749 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 356976 / تحميل: 4859
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

٢٦ ـ في نهج البلاغة قالعليه‌السلام : مع كل شيء لا بمقارنة وغير كل شيء لا بمزايلة.

٢٧ ـ في إرشاد المفيدرحمه‌الله وجاءت الرواية أنّ بعض أحبار اليهود جاء إلى أبي بكر فقال له: أنت خليفة نبي هذه الامة؟ قال له: نعم، فقال له: إنّا نجد في التورية أنّ خلفاء الأنبياء أعلم أممهم فخبرني عن الله اين هو في السماء هو أم في الأرض؟ فقال له أبو بكر: هو في السماء على العرش، فقال اليهودي: فأرى الأرض خالية منه وأراه على هذا القول في مكان دون مكان؟ فقال له أبو بكر: هذا كلام الزنادقة اعزب عنى(١) والا قتلتك، فقال له أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام : يا يهودي قد عرفت ما سألت عنه وأجيب عنه به، وانا نقول أنّ الله جل جلاله أين الأين فلا أين له، وجل أنْ يحويه مكان، هو في كل مكان بغير مماسة ولا مجاورة يحيط علما بما فيها ولا يخلو شيء منها من تدبيره تعالى، وانى مخبرك بما جاء في كتاب من كتبكم تصدق ما ذكرته لك، فان عرفته أتؤمن به؟ قال اليهودي: نعم قال: ألستم تجدون في بعض كتبكم أنّ موسى بن عمران كان ذات يوم جالسا إذ جائه ملك من المشرق فقال له موسى: من اين أقبلت؟ قال: من عند الله. ثم جائه ملك من المغرب فقال له: من اين جئت؟ قال: من عند الله ؛ ثم جاءه ملك فقال له: قد جئتك من السماء السابعة من عند الله، ثم جائه ملك آخر فقال له: قد جئتك من الأرض السفلى من عند الله. فقال له موسى: سبحان من لا يخلو منه مكان، ولا يكون إلى مكان أقرب من مكان، فقال اليهودي: اشهد أنّ هذا هو الحق وأنّك أحقّ بمقام نبيك ممن استولى عليه.

٢٨ ـ في مجمع البيان وقرء حمزة ورويس عن يعقوب «يتنجون» والباقون يتناجون ويشهد لقرائة حمزة قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في عليٍّعليه‌السلام لـمّا قال له بعض أصحابه أتناجيه دوننا؟ ما انا انتجيته بل الله انتجاه.

__________________

(١) عزب عنه: بعد.

٢٦١

٢٩ ـ في روضة الواعظين للمفيدرحمه‌الله وقال تعالى في سورة المجادلة:( وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ ) وروى أنّ اليهود أتت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا: السام عليك يا محمّد، والسام بلغتهم الموت، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليكم فانزل الله تعالى هذه الاية.

٣٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قال علي بن إبراهيم في قوله تعالى:( أَلَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ ) قال: كان أصحاب رسول الله يأتون رسول الله فيسألونه أن يسئل الله لهم، وكانوا يسألون ما لا يحل لهم، فأنزل الله( وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ ) وقولهم له إذا أتوه: أنعم صباحا وأنعم مساء وهي تحية أهل الجاهلية فانزل الله وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله فقال لهم رسول الله قد أبدلنا الله بخير تحية أهل الجنة السلام عليكم.

٣١ ـ وقوله:( إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) قال: فانه حدّثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن أبي بصير عن أبي عبد الله قال: كان سبب نزول هذه الآية ان فاطمةعليها‌السلام رأت في منامها ان رسول الله هم أن يخرج هو وفاطمة وعلى والحسن والحسين صلوات الله عليهم من المدينة، فخرجوا حتى جازوا من حيطان المدينة، فعرض لهم طريقان فأخذ رسول الله ذات اليمين حتى انتهى إلى موضع فيه نخل وماء، فاشترى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شاة ذرعاء وهي التي في احدى أذنيها نقط بيض، فأمر بذبحها، فلما أكلوا ماتوا في مكانهم فانتبهت فاطمة باكية ذعرة(١) فلم تخبر رسول الله بذلك فلما أصبحت جاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بحمار فاركب عليه فاطمة وأمر ان يخرج أمير المؤمنين والحسن والحسينعليهم‌السلام من المدينة كما رأت فاطمة في نومها فلما خرجوا من حيطان المدينة عرض لهم طريقان فأخذ رسول الله ذات اليمين كما رأت فاطمةعليها‌السلام حتى انتهوا إلى موضع فيه نخل وماء فاشترى رسول الله شاة كما رأت فاطمة فأمر بذبحها فذبحت وشويت فلما أرادوا أكلها قامت فاطمة وتنحت ناحية منهم تبكي مخافة ان يموتوا، فطلبها

__________________

(١) ذعر بمعنى خاف.

٢٦٢

رسول الله حتى وقف عليها وهي تبكي، فقال، ما شأنك يا بنية؟ قالت: يا رسول الله رأيت البارحة كذا وكذا في نومى وقد فعلت أنت كما رأيته فتنحيت عنكم لئلا أراكم تموتون، فقام رسول الله فصلى ركعتين ثم ناجى ربه فنزل عليه جبرئيل! فقال: يا محمد هذا شيطان يقال له الرها وهو الذي أرى فاطمة هذه الرؤيا، ويؤذى المؤمنين في نومهم ما يغتمون به، فأمر جبرئيل فجائه إلى رسول الله فقال له: أنت الذي أريت فاطمة هذه الرؤيا؟ فقال: نعم يا محمد فبزق عليه ثلاث بزقات(١) فشجه في ثلاث مواضع ثم قال جبرئيل لمحمد: يا محمد إذا رأيت في منامك شيئا تكرهه أو رأى أحد من المؤمنين فليقل أعوذ بما عاذت به ملائكة الله المقربون وأنبياء الله المرسلون وعباده الصالحون من شر ما رأيت من رؤياى. ويقرء الحمد والمعوذتين وقل هو الله أحد ويتفل عن يساره ثلاث تفلات، فانه ما يضره ما رأى، فأنزل اللهعزوجل على رسوله:( إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ ) «الاية»

٣٢ ـ أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن أبي بكر الحضرمي وبكر بن أبي بكر قال: حدّثنا سليمان بن خالد قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله( إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ ) قال: الثاني.

٣٣ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إذا رأى الرجل منكم ما يكره في منامه فليتحول عن شقه الذي كان عليه نائما وليقل:( إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ ) ثم ليقل: عذت بما عاذت به ملائكة الله المقربون وأنبيائه المرسلون وعباده الصالحون من شر ما رأيت ومن شر الشيطان الرجيم.

٣٤ ـ في مجمع البيان وقيل ان الآية المراد بها أحلام المنام التي يراها الإنسان في نومه فحزنه، وورد في الخبر عن عبد الله بن مسعود قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما فان ذلك يحزنه.

__________________

(١) البزاق: البصاق.

٢٦٣

٣٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قال علي بن إبراهيم في قوله تعالى:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ ) قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا دخل المسجد يقوم له الناس، فنهاهم الله ان يقوموا له، فقال: تفسحوا أي وسعوا له في المجلس،( وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا ) يعنى إذا قال: قوموا فقوموا.

٣٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي روى عن الحسن العسكريعليه‌السلام انه اتصل بأبي الحسن عليّ بن محمّد العسكريعليهما‌السلام أنّ رجلا من فقهاء شيعته كلّم بعض النصاب فأفحمه بحجته(١) حتى أبان عن فضيحته فدخل على عليّ بن محمّدعليهما‌السلام وفي صدر مجلسه دست عظيم(٢) منصوب وهو قاعد خارج الدست، وبحضرته خلق من العلويين وبنى هاشم فما زال يرفعه حتى أجلسه في ذلك الدست وأقبل عليه فاشتد ذلك على أولئك الاشراف فأمّا العلويون فعجلوه عن العتاب، وأمّا الهاشميون فقال له شيخهم: يا ابن رسول الله هكذا تؤثر عاميّا على سادات بنى هاشم من الطالبيين والعباسيين؟ فقالعليه‌السلام : إيّاكم وأن تكونوا من الذين قال الله تعالى:( أَلَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إلى كِتابِ اللهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ ) أترضون بكتاب اللهعزوجل حكما؟ قالوا: بلى. قال: أليس الله يقول:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ ) إلى قوله( وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ ) فلم يرض للعالم المؤمن إلّا أنْ يرفع على المؤمن غير العالم كما لم يرض للمؤمن إلّا أنْ يرفع على من ليس بمؤمن، أخبرونى عنه قال:( يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ ) أو قال يرفع الله الذين أوتوا شرف النسب درجات؟ أو ليس قال اللهعزوجل :( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ) فكيف تنكرون رفعي لهذا لـمّا وفقّه الله أنْ كسّر هذا فلان الناصب بحجج الله التي علمه إياها لأفضل له من كل شرف في النسب؟ والحديث

__________________

(١) أفحمه: أسكته بالحجة.

(٢) الدست: الوسادة.

٢٦٤

طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٧ ـ في مجمع البيان( يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ ) وقد ورد أيضا في الحديث أنّه قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : فضل العالم على الشهيد درجة، وفضل الشهيد على العابد درجة، وفضل النبي على العالم درجة، وفضل القرآن على ساير الكلام كفضل الله على ساير خلقه، وفضل العالم على ساير الناس كفضلى على أدناهم، رواه جابر بن عبد الله.

٣٨ ـ وقال عليٌّعليه‌السلام : من جائته منيته وهو يطلب العلم فبينه وبين الأنبياء درجة

٣٩ ـ في جوامع الجامع وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بين العالم والعابد مأة درجة.

بين كل درجتين حضر الجواد المضمر(١) سبعين سنة.

٤٠ ـ وعنهعليه‌السلام فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على ساير الكواكب.

٤١ ـ وعنهعليه‌السلام تشفع يوم القيامة ثلاثة: الأنبياء، ثمّ العلماء ثمّ الشهداء.

٤٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل في مكالمة بينه وبين اليهود وفيه: فأنزل اللهعزوجل ألا يكلموني حتى يتصدقوا بصدقة، وما كان ذلك لنبي قط قال اللهعزوجل :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ ) نجويكم صدقة ثم وضعها عنهم بعد أن فرضها عليهم برحمته ومنه.

٤٣ ـ وعن أمير المؤمنين حديث طويل يقول فيه للقوم بعد موت عمر بن الخطاب: نشدتكم بالله هل فيكم أحد نزلت فيه هذه الآية( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ) فكنت انا الذي قدم الصدقة غيري؟ قالوا: لا.

__________________

(١) الحضر: الاسم من أحضر الفرس: عدا شديدا. والمضمر: من ضمر بمعنى هزل ودق وكانت العرب تضمر الخيل للغزو والسباق، وذلك بان يربطه ويكثر ماءه وعلفه حتى يسمن ثم يقلل ماءه وعلفه مدة ويركضه في الميدان حتى يهزل ومدة التضمير عندهم أربعون.

٢٦٥

٤٤ ـ في كتاب الخصال في مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام وتعدادها قال: وأمّا الرابع والعشرون فان الله أنزل على رسوله:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ) فكان لي دينار فبعته بعشرة دراهم فكنت إذا ناجيت رسول الله أتصدق قبل ذلك بدرهم، فو الله ما فعل هذا أحد من أصحابه قبلي ولا بعدي، فانزل اللهعزوجل :( أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ ) الآية فهل تكون التوبة إلّا عن ذلك؟

٤٥ ـ وفيه احتجاج عليّعليه‌السلام على أبي بكر قال: فأنشدك بالله أنت الذي قدم بين يدي نجواه لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صدقة فناجاه، وعاتب الله تعالى قوما فقال:( أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ ) الآية أم أنا؟ قال: بل أنت.

٤٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ) قال: إذا سألتم رسول الله حاجة فتصدقوا بين يدي حاجتكم ليكون أقضى لحوائجكم، فلم يفعل ذلك أحد إلّا أمير المؤمنين فانه تصدق بدينار، وناجى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عشر نجوات.

٤٧ ـ حدّثنا أحمد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن صفوان عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سألته عن قول اللهعزوجل :( إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ) قال: قدم عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام بين يدي نجواه صدقة، ثم نسختها بقوله:( أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ ) .

٤٨ ـ وباسناده إلى مجاهد قال: قال عليٌّعليه‌السلام : ان في كتاب الله لاية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها بعدي آية النجوى، انه كان لي دينار فبعته بعشر دراهم، فجعلت أقدم بين يدي كل نجوى أناجيها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله درهما قال: فنسختها قوله:( أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ ) إلى قوله:( وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ )

٤٩ ـ في مجمع البيان وقال عليّعليه‌السلام : بى خفف الله عن هذه الأمّة، لم تنزل في أحد قبلي ولم تنزل في أحد بعدي.

٢٦٦

٥٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قال علي بن إبراهيم: في قوله:( أَلَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ ) قال: نزلت في الثاني لأنه مر به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو جالس عند رجل من اليهود يكتب خبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأنزل الله تعالى:( أَلَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ ) فجاء الثاني إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال رسول الله: رأيتك تكتب عن اليهود، وقد نهى الله عن ذلك فقال: يا رسول الله كتبت عنه ما في التوراة من صفتك وأقبل يقرء ذلك على رسول الله وهو غضبان، فقال له رجل من الأنصار: ويلك أما ترى غضب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عليك؟ فقال: أعوذ بالله من غضب الله وغضب رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إني انما كتبت ذلك لـما وجدت فيه من خبرك، فقال له رسول الله: يا فلان لو أن موسى بن عمران فيهم قائما ثم أتيته رغبة عما جئت به لكنت كافرا بما جئت به وهو قوله( اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً ) أي حجابا بينهم وبين الكفار وأيمانهم، أقروا باللسان خوفا من السيف ودفع الجزية وقوله:( يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ ) قال: إذا كان يوم القيامة جمع الله الذين غصبوا آل محمد حقهم فتعرض عليهم أعمالهم فيحلفون له، انهم لم يعملوا منها شيئا كما حلفوا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الدنيا حين حلفوا ان لا يردوا الولاية في بنى هاشم ؛ وحين هموا بقتل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في العقبة، فلما اطلع الله نبيه وأخبره حلفوا انهم لم يقولوا ذلك ولم يهموا به حين أنزل الله على رسوله «( يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ ) يقولوا( يَكُ خَيْراً لَهُمْ ) قال: ذلك إذا عرضعزوجل ذلك عليهم في القيامة ينكروه ويحلفوا له كما حلفوا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقوله:( يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ ) .

٥١ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب خطبة للحسينعليه‌السلام خطب بها لـمّا رأى صفوف أهل الكوفة بكربلا كالليل والسيل وفيها: فنعم الرب ربنا وبئس العباد أنتم أقررتم بالطاعة وآمنتم بالرسول محمد ثم انكم رجعتم إلى ذريته وعترته تريدون

٢٦٧

قتلهم ؛ لقد استحوذ عليكم الشيطان فانساكم ذكر الله العظيم فتبا لكم ولما تريدون، انا لله وانا إليه راجعون، هؤلاء قوم كفروا بعد ايمانهم فبعدا للقوم الظالمين.

٥٢ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : بينما موسىعليه‌السلام جالسا إذ أقبل إليه إبليس وعليه برنس(١) ذو ألوان، فلما أدنى من موسىعليه‌السلام خلع البرنس وقام إلى موسىعليه‌السلام فسلم عليه فقال له موسى: من أنت؟ قال: أنا إبليس، قال: أنت فلا قرب الله دارك، قال: إني إنمّا جئت لأسلّم عليك لمكانك من الله، قال: فقال له موسى: ما هذا البرنس؟ قال: به اختطف قلوب بنى آدم، فقال له موسى: فأخبرنى بالذنب الذي إذا أذنبه ابن آدم استحوذت عليه؟ قال: إذا أعجبت نفسه ؛ واستكثر عمله وصغر في عينه ذنبه، وقال: قال اللهعزوجل لداود: يا داود بشّر المذنبين وأنذر الصدّيقين. قال: كيف أبشّر المذنبين وانذر الصدّيقين؟ قال: يا داود بشر المذنبين إني أقبل التوبة وأعفو عن الذنب وأنذر الصديقين أن لا يعجبوا بأعمالهم فانه ليس عبد أنصبه للحساب إلّا هلك.

٥٣ ـ الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن الحسن بن علي الوشاء وعدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن فضال جميعا عن عاصم بن حميد عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال خطب أمير المؤمنين الناس فقال: ايها الناس انما بدو وقوع الفتن أهواء تتبع واحكام تبتدع يخالف فيها كتاب الله يتولوا فيها رجال رجالا فلو أنَّ الباطل خلص لم يخف على ذي حجى ؛ ولو أنَّ الحق خلص لم يكن اختلاف، ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان فيجيئان معا فهنالك استحوذ الشيطان على أوليائه ونجى الذين سبقت لهم من الله الحسنى.

٥٤ ـ في مجمع البيان:( كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ )

__________________

(١) البرنس: كل ثوب يكون غطاء الرأس جزءا منه متصلا به.

٢٦٨

وروى ان المسلمين قالوا لـمّا رأوا ما يفتح الله عليهم من القرى ليفتحن الله علينا الروم وفارس ؛ فقال المنافقون أتظنون أنّ فارس والروم كبعض القرى التي غلبتم عليها، فأنزل الله هذه الآية.

٥٥ ـ في عيون الأخبار في باب نسخة وصية موسى بن جعفرعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه موسى بن جعفرعليه‌السلام : وأوصيت إلى عليٍّ إبني إلى قولهعليه‌السلام وأمّهات أولادي ومن أقام منهم في منزله وفي حجابه فله ما كان يجرى عليه في حيوتى إنْ أراد ذلك، ومن خرج منهنّ إلى زوج فليس لها أنْ ترجع إلى حزانتي(١) إلّا أنْ يرى على ذلك، وبناتي مثل ذلك، ولا تزوج بناتي أحد من أحق بهن(٢) من أمهاتهن، ولا سلطان ولا عمل لهن إلّا برأيه ومشورته، فان فعلوا ذلك فقد خالفوا الله تعالى ورسوله وحادوه في ملكه.

٥٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حديث طويل يقول فيه وقد ذكر عليّا وأولادهعليهم‌السلام ألا إنّ أعداء عليٍّعليه‌السلام هم أهل الشقاق هم العادون واخوان الشياطين الذين يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا، ألا إنّ أوليائهم الذين ذكرهم الله في كتابه المؤمنون فقالعزوجل :( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ ) إلى آخر الاية.

٥٧ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد ومحمد بن يحيى عن جعفر بن محمد عن الحسن بن معاوية عن عبد الله بن جبلة عن إبراهيم بن خلف بن عباد الأنماطي عن مفضل بن عمر قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام وعنده في البيت أناس، فظننت انه انما أراد بذلك غيري، فقال: اما والله ليغلبن عنكم صاحب هذا الأمر، وليخملن(٣) حتى يقال مات، هلك، في أي واد سلك، ولتكفأن تكفأ السفينة(٤) في أمواج البحر

__________________

(١) الحزانة ـ بالضم ـ: عيال الرجل الذين يهتم بهم ويتحزن لاجلهم.

(٢) كذا في النسخ وفي المصدر «أخواتهن» مكان «أحق بهن» ويحتمل فيه التصحيف.

(٣) خمل ذكره: خفي.

(٤) التكفي: التمايل إلى قدام. وتكفأ في مشيته: ماد وتمايل.

٢٦٩

لا ينجو إلّا من أخذ الله ميثاقه، وكتب الايمان في قلبه، وأيده بروح منه، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥٨ ـ وباسناده إلى أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سئلته عن قول اللهعزوجل :( وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ) قال: هو الايمان.

٥٩ ـ وباسناده إلى الفضيل قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام :( أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ ) هل لهم فيما( كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ ) صنع؟ قال: لا.

٦٠ ـ علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس عن جميل عن أبي ـ عبد اللهعليه‌السلام قال: قلت:( وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ) قال: هو الايمان.

٦١ ـ وباسناده إلى أبان بن تغلب عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ما من مؤمن إلّا ولقلبه أذنان في جوفه: اذن ينفث فيه الوسواس الخناس، واذن ينفث فيها الملك فيؤيد الله المؤمن بالملك، فذلك قوله:( وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ) .

٦٢ ـ وباسناده إلى محمد بن سنان عن أبي خديجة قال: دخلت على أبي الحسنعليه‌السلام فقال لي: ان الله تبارك وتعالى أيد المؤمن بروح منه تحضره في كل وقت يحسن فيه ويتقى، ويغيب عنه في كل وقت يذنب فيه ويعتدى، فهي معه تهتز سرورا عند إحسانه، وتسيخ في الثرى عند إساءته، فتعاهدوا عباد الله نعمه بإصلاحكم أنفسكم تزدادوا يقينا، وتربحوا نفيسا ثمينا، رحم الله امرأ أهم بخير فعمله، أو هم بشر فارتدع عنه، ثم قال: نحن نؤيد بالروح بالطاعة الله والعمل له.

٦٣ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن ابن بكير قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام في قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا زنى الرجل فارقه روح الايمان، قال: هو قوله:( وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ) ذلك الذي يفارقه.

٦٤ ـ علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن داود قال: سئلت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا زنى الرجل فارقه روح الايمان، قال: فقال: هو مثل قول اللهعزوجل :( وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ) ثم قال غير هذا أبين منه، ذلك قول اللهعزوجل ( وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ) هو الذي فارقه.

٢٧٠

٦٥ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه رفعه عن محمد بن داود الغنوي عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنينعليه‌السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيه فاما ما ذكر من أمر السابقين فإنهم أنبياء مرسلون وغير مرسلين، جعل الله فيهم خمسة أرواح، روح القدس وروح الايمان، وروح القوة، وروح الشهوة وروح البدن، فبروح القدس بعثوا أنبياء مرسلين، وبها علموا الأشياء وبروح الايمان عبدوا الله ولم يشركوا به شيئا، وبروح القوة جاهدوا عدوهم وعالجوا معاشهم، وبروح الشهوة أصابوا لذيذ الطعام ونكحوا الحلال من شباب النساء، وبروح البدن دبوا ودرجوا فهؤلاء مغفور لهم مصفوح عن ذنوبهم، ثم قال: قال اللهعزوجل :( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ) ثم قال في جماعتهم:( وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ) يقول أكرمهم بها، فضلهم على من سواهم، فهؤلاء مغفور لهم مصفوح عن ذنوبهم.

٦٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ) قال: ملك أعظم من جبرئيل وميكائيل وكان مع رسول الله وهو مع الائمة.

٦٧ ـ في محاسن البرقي عنه عن يعقوب بن يزيد وعبد الرحمن بن حماد عن العبدي عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: الايمان في القلب واليقين خطرات.

٦٨ ـ في كتاب الخصال عن سويد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قلت فما الذي ثبت الايمان في العبد؟ قال: الذي يثبته فيه الورع، والذي يخرجه منه الطمع.

٦٩ ـ عن علي بن سالم عن أبيه قال ؛ قال أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادقعليهما‌السلام : ادنى ما يخرج به الرجل من الايمان ان يجلس إلى غال فيستمع إلى حديثه ويصدقه إلى قوله.

٧٠ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام فقلت قول اللهعزوجل ( يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ) فقال: اليد في كلام العرب القوة والنعمة قال الله:( وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ ) وقال :

٢٧١

( وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ ) أي بقوة، وقال:( أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ) أي قوة منه، ويقال لفلان عندي يد بيضاء أي نعمة.

٧١ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أحمد بن إسحق قال: قلت لأبي محمد الحسن بن عليعليه‌السلام وقد ذكر ان غيبة القائم تطول: وان غيبته لتطول؟ قال أي وربي حتى يرجع عن هذا الأمر أكثر القائلين به ولا يبقى إلّا من أخذ اللهعزوجل ميثاقه لولايتنا وكتب في قلبه الايمان( وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٧٢ ـ وباسناده إلى الحسن بن محمد بن صالح البزاز قال: سمعت الحسن بن علي بن محمد العسكريعليه‌السلام يقول: إنّ إبني هو القائم من بعدي، وهو الذي يخرج في سير الأنبياءعليه‌السلام بالتعمير والغيبة، تقسو القلوب بطول الأمد فلا يثبت على القول به إلّا من كتب اللهعزوجل في قلبه الايمان وأيده بروح منه.

٧٣ ـ وباسناده إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام انه قال: التاسع من ولدك يا حسين هو القائم بالحق، والمظهر للدين والباسط للعدل، قال الحسين: فقلت له يا أمير المؤمنين وان ذلك لكائن؟ فقالعليه‌السلام : أي والذي بعث محمدا بالنبوة، واصطفاه على البرية، ولكن بعد غيبة وحيرة، ولا يثبت فيها على دينه إلّا المخلصون المباشرون لروح اليقين، الذين أخذ اللهعزوجل ميثاقهم بولايتنا وكتب في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من قرأ سورة الحشر لم يبق جنة ولا نار ولا عرش ولا كرسي، ولا الحجب والسموات السبع والأرضون السبع والهواء والريح والطير والشجر والجبال والشمس والقمر والملائكة إلّا صلوا عليه، واستغفروا له وان مات في يومه أو ليله مات شهيدا.

٢٧٢

٢ ـ في مجمع البيان أبيّ بن كعب قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من قرء سورة الحشر لم يبق جنة ولا نار ولا عرش ولا كرسي ولا حجاب ولا السماوات السبع والأرضون السبع والهوام والطير والشجر والدواب والشمس والقمر والملائكة إلّا صلوا عليه واستغفروا له، وان مات من يومه أو ليله مات شهيدا.

٣ ـ وعن أبي سعيد المكاري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام من قرأ إذا امسى وكل الله بداره ملكا شاهرا سيفه حتى يصبح.

٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا ) قال: سبب ذلك انه كان بالمدينة ثلثة أبطن من اليهود بنى النضير وقريضة وقينقاع، وكان بينهم وبين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عهد ومدة فنقضوا عهدهم، وكان سبب ذلك بنى النضير في نقض عهدهم انه أتاهم رسول الله يستسلفهم دية رجلين قتلهما رجل من أصحابه غيلة يعنى يستقرض، وكان بينهم كعب بن الأشرف، فلما دخل على كعب قال: مرحبا يا أبا القاسم وأهلا وقام كأنه يصنع له الطعام. وحديث نفسه أن يقتل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ويتبع أصحابه فنزل جبرئيل فأخبره بذلك فرجع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى المدينة وقال لمحمد بن مسلمة الأنصاري، اذهب إلى بنى النضير فأخبرهم أنّ اللهعزوجل قد أخبرنى بما هممتم به من الغدر، فإمّا أنْ تخرجوا من بلدنا وإمّا أنْ تأذنوا بحرب، فقالوا: نخرج من بلادك، فبعث إليهم عبد الله بن أبيّ: لا تخرجوا وتقيموا وتنابذوا محمّدا الحرب فإنّي أنصركم أنا وقومي وحلفائى، فانْ خرجتم خرجت معكم، وإنْ قاتلتم قاتلت معكم ؛ فأقاموا وأصلحوا بينهم حصونهم وتهيئوا للقتال، وبعثوا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّا لا نخرج فاصنع ما أنت صانع، فقام رسول الله وكبر وكبر أصحابه وقال لأمير المؤمنين: تقدم على بنى النضير فأخذ أمير المؤمنين الراية وتقدم وجاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأحاط بحصنهم، وغدر بهم عبد الله بن أبي وكان رسول الله إذا ظهر بمقدم بيوتهم حصنوا اما يليهم وخربوا ما يليه ؛ وكان الرجل منهم ممن كان له بيت حسن خربه، وقد كان رسول الله أمر بقطع نخلهم فجزعوا من ذلك

٢٧٣

وقالوا: يا محمّد إنّ الله يأمرك بالفساد؟ إنْ كان لك هذا فخذه، وإنْ كان لنا فلا تقطعه، فلمّا كان بعد ذلك قالوا: يا محمّد نخرج من بلادك فاعطنا ما لنا، فقال: لا ولكن تخرجون ولكم ما حملت الابل فلم يقبلوا ذلك، فبقوا أياما ثمّ قالوا: فنخرج ولنا ما حملت الإبل، فقال: لا ولكن تخرجون ولا يحمل أحد منكم شيئا، فمن وجدنا معه شيئا من ذلك قتلناه، فخرجوا على ذلك ووقع منهم قوم إلى فدك ووادي القرى وخرج قوم منهم إلى الشام، فأنزل الله فيهم( هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ) إلى قوله( فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ ) وانزل الله عليه فيما عابوه من قطع النخل:( ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ ) إلى قوله( رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ ) وأنزل الله عليه في عبد الله بن أبيّ وأصحابه( أَلَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ ) إلى قوله( ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ ) ثمّ قال:( كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) يعنى بنى قينقاع «( قَرِيباً ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ ) مقيم» ثمّ ضرب في عبد الله بن أبيّ وبنى النضير مثلا فقال:( كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ ) فيه زيادة أحرف لم تكن في رواية علي بن إبراهيم حدّثنا محمد بن أحمد بن ثابت عن أحمد بن ميثم عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبان بن عثمان عن أبي بصير في غزوة بنى النضير وزاد فيه فقال رسول الله للأنصار: إنْ شئتم دفعتها إلى المهاجرين، وان شئتم قسمتها بينكم وبينهم وتركتهم معهم قالوا: قد شئنا ان تقسمها فيهم فقسمها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين المهاجرين، ودفعهم عن الأنصار ولم يعط من الأنصار إلّا رجلين سهل بن حنيف وأبا دجانة فإنهما ذكرا حاجة.

٥ ـ وفيه عن الامام الحسن بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام حديث طويل يقول فيه ثمّ يبعث الله نارا من المشرق ونارا من المغرب، ويتبعهما بريحين شديدين فيحشر

٢٧٤

الناس عند صخرة بيت المقدس، فيحشر أهل الجنة عن يمين الصخرة، ويزلف المتقين وتصير جهنم عن يسار الصخرة في تخوم الأرضين وفيها الفلق والسجين فتفرق الخلائق من عند الصخرة، فمن وجبت له الجنة دخلها ومن وجب له النار دخلها، وذلك قوله:( فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ) .

٦ ـ في مجمع البيان: لاول الحشر اختلف في معناه، فقيل: كان جلائهم ذلك أول حشر اليهود إلى الشام، ثم يحشر الناس يوم القيمة إلى ارض الشام أيضا وذلك الحشر الثاني عن ابن عباس والزهري والجبائي، قال ابن عباس: قال لهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : اخرجوا، قالوا: إلى اين؟ قال: إلى أرض المحشر.

٧ ـ في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات وقال في آية:( فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ) يعنى أرسل عليهم عذابا.

٨ ـ في مصباح الشريعة قال الصادقعليه‌السلام : ولا يصح الاعتبار إلّا لأهل الصفا والبصيرة قال الله تعالى:( فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ ) .

٩ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان أكثر عبادة أبي ذررحمه‌الله التفكر والاعتبار.

١٠ ـ في الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن أحمد بن عائذ عن أبي خديجة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: العجوة أم التمر، وهي التي أنزلها اللهعزوجل من الجنة لادمعليه‌السلام ، وهو قول اللهعزوجل :( ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها ) يعنى العجوة.

١١ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيهعليه‌السلام : ان جميع ما بين السماء والأرض للهعزوجل ولرسوله ولأتباعهما من المؤمنين من أهل هذه الصفة

٢٧٥

فما كان من الدنيا في أيدى المشركين والكفار والظلمة والفجار من أهل الخلاف لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمولى عن طاعتهما، مما كان في أيديهم ظلموا فيه المؤمنين من أهل هذه الصفات وغلبوهم عليه مما أفاء الله على رسوله، فهو حقهم أفاء الله عليهم ورده إليهم وإنّما معنى الفيء كلّما صار إلى المشركين ثم رجع مما كان قد غلب عليه أو فيه، فما رجع إلى مكانه من قول أو فعل فقد فاء مثل قول اللهعزوجل : «فان فاءوا فان الله غفور رحيم» أي رجعوا ثم قال:( وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) وقال:( وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إلى أمْرِ اللهِ ) أي ترجع «فان فاءت» أي رجعت( فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) يعنى بقوله «تفيء» ترجع فدل الدليل على ان الفيء كل راجع إلى مكان قد كان عليه أو فيه، ويقال للشمس إذا زالت قد فاءت الشمس حين يفيء الفيء عند رجوع الشمس إلى زوالها، وكذلك ما أفاء الله على المؤمنين من الكفار فانما هي حقوق المؤمنين رجعت إليهم بعد ظلم الكفار إياهم.

١٢ ـ في عيون الأخبار في باب ذكر مجلس الرضاعليه‌السلام مع المأمون في الفرق بين العترة والامة حديث طويل وفيه: قالت العلماء: فأخبرنا هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضاعليه‌السلام : فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثنى عشر موطنا وموضعا فأول ذلك قولهعزوجل إلى أن قال: والاية الخامسة قول الله تعالى:( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) خصوصية خصهم الله العزيز الجبار واصطفاهم على الامة، فلما نزلت هذه الآية على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: ادعوا إلى فاطمة، فدعيت له فقال: يا فاطمة قالت لبيك يا رسول الله، فقال: هذه فدك هي مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، وهي خاصة لك دون المسلمين، وقد جعلها لك لـما أمرنى الله به فخذيها لك ولولدك فهذه الخامسة.

١٣ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حفص بن البختري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: الأنفال ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب

٢٧٦

أو قوم صالحوا أو قوم أعطوا بأيديهم وكل ارض خربة وبطون الاودية فهو لرسول الله وهو للإمام من بعده يضعه حيث يشاء.

١٤ ـ علي بن محمد عن بعض أصحابنا أظنه السياري عن علي بن أسباط قال: لـمّا ورد أبو الحسن الموسىعليه‌السلام على المهدي رآه يرد المظالم فقال: يا أمير المؤمنين ما بال مظلمتنا لا ترد؟ فقال له وما ذاك يا أبا الحسن؟ قال: إنّ الله تبارك وتعالى لـمّا فتح على نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله فدك وما والاها لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، فأنزل الله على نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) فلم يدر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من هم، فراجع في ذلك جبرئيل وراجع جبرئيلعليه‌السلام ربه فأوحى الله اليه: ان ادفع فدك إلى فاطمةعليها‌السلام فدعاها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال لها: يا فاطمة ان الله أمرني ان أدفع إليك فدك، فقال: قد قبلت يا رسول الله من الله ومنك، فلم يزل وكلائها فيها حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلما ولّى أبو بكر اخرج منها وكلائها، فأتته وسئلته أن يردها عليها فقال لها ائتني بأسود أو أحمر يشهد لك بذلك، فجاءت أمير المؤمنينعليه‌السلام وأم أيمن، فشهدا لها فكتب لها بترك التعرض، فخرجت والكتاب معها فلقيها عمر، فقال: ما هذا معك يا بنت محمد؟ قالت: كتاب كتبه لي ابن أبي قحافة، قال أرينيه فأبت فانتزعه من يدها ونظر فيه، ثم تفل فيه ومحاه وخرقه، وقال لها: هذا لم يوجف عليه أبوك بخيل ولا ركاب، فضعي الحبال(١) في رقابنا، فقال له المهدي: يا أبا الحسن حدها لي، قال: حد منها جبل أحد وحد منها عريش مصر، وحد، منها سيف البحر وحد منها دومة الجندل، فقال له: كل هذا؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين هذا كله ان هذا كله مما لم يوجف على أهله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بخيل ولا ركاب، فقال: كثير وانظر فيه.

__________________

(١) قال المجلسي (ره) في مرآة العقول: أي ضعى الحبال في رقابنا لترفعنا إلى حاكم قاله تحقيرا وتعجزيا، وقاله تفريعا على المحال بزعمه أي انك إذا أعطيت ذلك وضعت الحبل على رقابنا وجعلتنا عبيدا لك، أو انك إذا حكمت على ما لم يوجف عليها أبوك بأنها ملكك فاحكمى على رقابنا أيضا بالملكية، وفي بعض النسخ «الجبال» بالمعجمة أي ان قدرت على وضع الجبال على رقابنا فضعي.

٢٧٧

١٥ ـ في الخرائج والجرائح في روايات الخاصة ان أبا عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خرج في غزاة، فلما انصرف راجعا نزل في بعض الطريق فبينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يطعم والناس معه إذ أتاه جبرئيل فقال: يا محمد قم فاركب. فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فركبت وجبرئيل معنى فطويت له الأرض كطي الثوب: حتى انتهى إلى فدك، فلما سمع أهل فدك وقع الخيل علموا ان عدوهم قد جائهم فغلقوا أبواب المدينة ودفعوا المفاتيح إلى عجوز لهم في بيت خارج من المدينة ولحقوا برؤس الجبال ؛ فأتى جبرئيل العجوز وأخذ المفاتيح ثم فتح أبواب المدينة ودار النبي في بيوتها وقراها، فقال جبرئيل: يا محمد انظر إلى ما خصك الله به وأعطاكه دون الناس وهو قوله( ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ) وذلك قوله( فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ ) ولم يعرف المسلمون ولم يطئوها، ولكن الله أتاها على رسوله وطوف به جبرئيل في دورها وحيطانها وغلق الأبواب ودفع المفاتيح اليه، فجعلها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في غلاف سيفه، وهو معلق بالرحل ؛ ثم ركب وطويت له الأرض كطي السجل فأتاهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهم على مجالسهم ولم يتفرقوا، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : قد انتهيت إلى فدك وانى قد أفاءها الله على، فغمز المنافقون بعضهم بعضا، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هذه مفاتيح فدك، ثم أخرجها من غلاف سيفه، ثم ركب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وركب الناس معه، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٦ ـ في أصول الكافي محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد قال: حدّثنا بعض أصحابنا رفع الحديث قال: الخمس من خمسة أشياء، إلى أن قال: وما كان في القرى من ميراث لا وارث له فهو له خاصة، وهو قولهعزوجل :( ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى ) .

١٧ ـ في تهذيب الأحكام عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس قال: سمعت أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول: نحن والله الذين عنى الله بذي القربى الذين قرنهم الله بنفسه ونبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ فقال :

٢٧٨

( ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ ) منا خاصة ولم يجعل لنا سهما في الصدقة، أكرم الله نبيه وأكرمنا أن يطعمنا أو ساخ ما في أيدي الناس.

١٨ ـ في مجمع البيان روى المنهال بن عمر عن علي بن الحسينعليه‌السلام قال: قلت: قوله:( وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) قال: هم قرباؤنا ومساكيننا وأبناء سبيلنا.

١٩ ـ وقال جميع الفقهاء: هم يتامى الناس عامة، وكذلك المساكين وأبناء السبيل وقد روى ذلك أيضا عنهمعليهم‌السلام .

٢٠ ـ وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: كان أبي يقول: لنا سهم الرسول وسهم ذي القربى ونحن شركاء الناس فيما بقي، وقيل: ان مال الفيء للفقراء من قرابة الرسول وهم بنو هاشم وبنوا المطلب.

٢١ ـ وروى عن الصادقعليه‌السلام قال: نحن قوم فرض الله طاعتنا، ولنا الأنفال ولنا صفو المال.

٢٢ ـ في عيون الأخبار في باب ما كتبه الرضا للمأمون من محض الإسلام وشرايع الدين: والبرائة ممن نفى الأخيار وشردهم، وآوى الطرداء اللعناء وجعل الأموال دولة بين الأغنياء، واستعمل السفهاء مثل معاوية وعمرو بن العاص لعيني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والبراءة من أشياعهم والذين حاربوا أمير المؤمنينعليه‌السلام وقتلوا الأنصار والمهاجرين وأهل الفضل والصلاح من السابقين

٢٣ ـ في جوامع الجامع وقيل: الدولة اسم ما يتداول كالغرفة اسم ما يغترف، أي لكيلا يكون الفيء شيئا يتداوله الأغنياء بينهم ويتعاودونه، ومنه الحديث: اتخذوا عباد الله خولا(١) ومال الله دولا أي غلبة، من غلب منهم سلبه.

٢٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم عن أبي رحمة الله عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: سمعته يقول: إذا بلغ آل أبي العاص ثلاثين صيروا مال الله دولا وكتاب الله دغلا وعباده خولا والفاسقين

__________________

(١) الخول جمع الخولي: العبيد والإماء وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الحديث الآتي «دغلا» أي يخدعون الناس.

٢٧٩

حزبا والصالحين حربا.

٢٥ ـ في عيون الأخبار باسناده إلى ياسر الخادم قال: قلت للرضاعليه‌السلام ما تقول في التفويض؟ قال: إنّ الله تبارك وتعالى فوض إلى نبيه أمر دينه فقال:( ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) ، فاما الخلق والرزق فلا، ثم قالعليه‌السلام : ان اللهعزوجل خالق كل شيء وهو يقول:( الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) .

٢٦ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى ابن عمر اليماني عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ اللهعزوجل خلق الخلق فعلم ما هم صائرون اليه، وأمرهم ونهاهم ؛ فما أمر به من شيء فقد جعل لهم السبيل إلى الأخذ به، وما نهاهم عن شيء فقد جعل لهم السبيل إلى تركه، ولا يكونون آخذين ولا تاركين إلّا بإذن الله.

٢٧ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى أبي الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام انه قال: قد والله أوتينا ما أوتى سليمان وما لم يؤت سليمان، وما لم يؤت أحدا من الأنبياء، قال اللهعزوجل في قصة سليمان:( هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ ) وقالعزوجل في قصة محمد:( ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) .

٢٨ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن أبي ظاهر عن علي بن إسماعيل عن صفوان بن يحيى عن عاصم بن حميد عن أبي إسحاق النحوي قال: دخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام فسمعته يقول: إنّ اللهعزوجل : أدب نبيه على محبته فقال:( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) ثم فوض إليه فقالعزوجل ( ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) وقالعزوجل :( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٩ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن أبي إسحق قال: سمعت أبا جعفر يقول: ثم ذكره نحوه.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

172 و من كلام له ع لما عزم على لقاء القوم بصفين

اَللَّهُمَّ رَبَّ اَلسَّقْفِ اَلْمَرْفُوعِ وَ اَلْجَوِّ اَلْمَكْفُوفِ اَلَّذِي جَعَلْتَهُ مَغِيضاً لِلَّيْلِ وَ اَلنَّهَارِ وَ مَجْرًى لِلشَّمْسِ وَ اَلْقَمَرِ وَ مُخْتَلَفاً لِلنُّجُومِ اَلسَّيَّارَةِ وَ جَعَلْتَ سُكَّانَهُ سِبْطاً مِنْ مَلاَئِكَتِكَ لاَ يَسْأَمُونَ مِنْ عِبَادَتِكَ وَ رَبَّ هَذِهِ اَلْأَرْضِ اَلَّتِي جَعَلْتَهَا قَرَاراً لِلْأَنَامِ وَ مَدْرَجاً لِلْهَوَامِّ وَ اَلْأَنْعَامِ وَ مَا لاَ يُحْصَى مِمَّا يُرَى وَ مَا لاَ يُرَى وَ رَبَّ اَلْجِبَالِ اَلرَّوَاسِي اَلَّتِي جَعَلْتَهَا لِلْأَرْضِ أَوْتَاداً وَ لِلْخَلْقِ اِعْتِمَاداً إِنْ أَظْهَرْتَنَا عَلَى عَدُوِّنَا فَجَنِّبْنَا اَلْبَغْيَ وَ سَدِّدْنَا لِلْحَقِّ وَ إِنْ أَظْهَرْتَهُمْ عَلَيْنَا فَارْزُقْنَا اَلشَّهَادَةَ وَ اِعْصِمْنَا مِنَ اَلْفِتْنَةِ أَيْنَ اَلْمَانِعُ لِلذِّمَارِ وَ اَلْغَائِرُ عِنْدَ نُزُولِ اَلْحَقَائِقِ مِنْ أَهْلِ اَلْحِفَاظِ اَلْعَارُ وَرَاءَكُمْ وَ اَلْجَنَّةُ أَمَامَكُمْ السقف المرفوع السماء و الجو المكفوف السماء أيضا كفه أي جمعه و ضم بعضه إلى بعض و يمر في كلامه نحو هذا و إن السماء هواء جامد أو ماء جامد.و جعلته مغيضا لليل و النهار أي غيضة لهما و هي في الأصل الأجمة يجتمع إليها الماء

٣٠١

فتسمى غيضة و مغيضا و ينبت فيها الشجر كأنه جعل الفلك كالغيضة و الليل و النهار كالشجر النابت فيها.و وجه المشاركة أن المغيض أو الغيضة يتولد منهما الشجر و كذلك الليل و النهار يتولدان من جريان الفلك.ثم عاد فقال و مجرى للشمس و القمر أي موضعا لجريانهما.و مختلفا للنجوم السيارة أي موضعا لاختلافها و اللام مفتوحة.ثم قال جعلت سكانه سبطا من ملائكتك أي قبيلة قال تعالى اِثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً.لا يسأمون لا يملون و قرارا للأنام أي موضع استقرارهم و سكونهم و مدرجا للهوام أي موضع دروجهم و سيرهم و حركاتهم و الهوام الحشرات و المخوف من الأحناش.و ما لا يحصى أي لا يضبط بالإحصاء و العد مما نراه و نعرفه و ما لا نراه و لا نعرفه.و قال بعض العلماء إن أردت أن تعرف حقيقة قوله مما يرى و ما لا يرى فأوقد نارا صغيرة في فلاة في ليلة صيفية و انظر ما يجتمع عليها من الأنواع الغريبة العجيبة الخلق التي لم تشاهدها أنت و لا غيرك قط.قوله و للخلق اعتمادا لأنهم يجعلونها كالمساكن لهم فينتفعون بها و يبنون منازل إلى جانبها فيقوم مقام جدار قد استغنوا عن بنيانه و لأنها أمهات العيون و منابع المياه باعتماد الخلق على مرافقهم و منافعهم و مصالحهم عليها.

٣٠٢

قوله و سددنا للحق أي صوبنا إليه من قولك منهم سديد أي مصيب و سدد السنان إلى القرن أي صوبه نحوه.و الذمار ما يحامى عنه و الغائر ذو الغيرة و نزول الحقائق نزول الأمور الشديدة كالحرب و نحوها.ثم قال العار وراءكم أي إن رجعتم القهقرى هاربين.و الجنة أمامكم أي إن أقدمتم على العدو مجاهدين و هذا الكلام شريف جدا

٣٠٣

173 و من خطبة له ع

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي لاَ تُوَارِي عَنْهُ سَمَاءٌ سَمَاءً وَ لاَ أَرْضٌ أَرْضاً هذا الكلام يدل على إثبات أرضين بعضها فوق بعض كما أن السماوات كذلك و لم يأت في الكتاب العزيز ما يدل على هذا إلا قوله تعالى( اَللَّهُ اَلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ اَلْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ ) و هو قول كثير من المسلمين.و قد تأول ذلك أرباب المذهب الآخر القائلون بأنها أرض واحدة فقالوا إنها سبعة أقاليم فالمثلية هي من هذا الوجه لا من تعدد الأرضين في ذاتها.و يمكن أن يتأول مثل ذلك كلام أمير المؤمنين ع فيقال إنها و إن كانت أرضا واحدة لكنها أقاليم و أقطار مختلفة و هي كرية الشكل فمن على حدبة الكرة لا يرى من تحته و من تحته لا يراه و من على أحد جانبيها لا يرى من على الجانب الآخر و الله تعالى يدرك ذلك كله أجمع و لا يحجب عنه شي‏ء منها بشي‏ء منها.فأما قوله ع لا تواري عنه سماء سماء فلقائل أن يقول و لا يتوارى شي‏ء من السماوات عن المدركين منا لأنها شفافة فأي خصيصة للباري تعالى في ذلك فينبغي أن يقال هذا الكلام على قاعدة غير القاعدة الفلسفية بل هو على قاعدة

٣٠٤

الشريعة الإسلامية التي تقتضي أن السماوات تحجب ما وراءها عن المدركين بالحاسة و أنها ليست طباقا متراصة بل بينها خلق من خلق الله تعالى لا يعلمهم غيره و اتباع هذا القول و اعتقاده أولى منها : وَ قَدْ قَالَ قَائِلٌ إِنَّكَ عَلَى هَذَا اَلْأَمْرِ يَا اِبْنَ أَبِي طَالِبٍ لَحَرِيصٌ فَقُلْتُ بَلْ أَنْتُمْ وَ اَللَّهِ لَأَحْرَصُ وَ أَبْعَدُ وَ أَنَا أَخَصُّ وَ أَقْرَبُ وَ إِنَّمَا طَلَبْتُ حَقّاً لِي وَ أَنْتُمْ تَحُولُونَ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ وَ تَضْرِبُونَ وَجْهِي دُونَهُ فَلَمَّا قَرَّعْتُهُ بِالْحُجَّةِ فِي اَلْمَلَإِ اَلْحَاضِرِينَ هَبَّ كَأَنَّهُ بُهِتَ لاَ يَدْرِي مَا يُجِيبُنِي بِهِ اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَعْدِيكَ عَلَى قُرَيْشٍ وَ مَنْ أَعَانَهُمْ فَإِنَّهُمْ قَطَعُوا رَحِمِي وَ صَغَّرُوا عَظِيمَ مَنْزِلَتِيَ وَ أَجْمَعُوا عَلَى مُنَازَعَتِي أَمْراً هُوَ لِي ثُمَّ قَالُوا أَلاَ إِنَّ فِي اَلْحَقِّ أَنْ تَأْخُذَهُ وَ فِي اَلْحَقِّ أَنْ تَتْرُكَهُ هذا من خطبة يذكر فيها ع ما جرى يوم الشورى بعد مقتل عمر و الذي قال له إنك على هذا الأمر لحريص سعد بن أبي وقاص مع روايته فيه أنت مني بمنزلة هارون من موسى و هذا عجب فقال لهم بل أنتم و الله أحرص و أبعد...الكلام المذكور و قد رواه الناس كافة.و قالت الإمامية هذا الكلام يوم السقيفة و الذي قال له إنك على هذا الأمر لحريص أبو عبيدة بن الجراح و الرواية الأولى أظهر و أشهر.

٣٠٥

و روي فلما قرعته بالتخفيف أي صدمته بها.و روي هب لا يدري ما يجيبني كما تقول استيقظ و انتبه كأنه كان غافلا ذاهلا عن الحجة فهب لما ذكرتها.أستعديك أطلب أن تعديني عليهم و أن تنتصف لي منهم.قطعوا رحمي لم يرعوا قربه من رسول الله ص.و صغروا عظيم منزلتي لم يقفوا مع النصوص الواردة فيه.و أجمعوا على منازعتي أمرا هو لي أي بالأفضلية أنا أحق به منهم هكذا ينبغي أن يتأول كلامه.و كذلك قوله إنما أطلب حقا لي و أنتم تحولون بيني و بينه و تضربون وجهي دونه.قال ثم قالوا ألا إن في الحق أن تأخذه و في الحق أن تتركه قال لم يقتصروا على أخذ حقي ساكتين عن الدعوى و لكنهم أخذوه و ادعوا أن الحق لهم و أنه يجب علي أن أترك المنازعة فيه فليتهم أخذوه معترفين بأنه حقي فكانت المصيبة به أخف و أهون.و اعلم أنه قد تواترت الأخبار عنه ع بنحو من هذا القول نحو قوله ما زلت مظلوما منذ قبض الله رسوله حتى يوم الناس هذا و قوله اللهم أخز قريشا فإنها منعتني حقي و غصبتني أمري و قوله فجزى قريشا عني الجوازي فإنهم ظلموني حقي و اغتصبوني سلطان ابن أمي

٣٠٦

و قوله و قد سمع صارخا ينادي أنا مظلوم فقال هلم فلنصرخ معا فإني ما زلت مظلوما و قوله و إنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى و قوله أرى تراثي نهبا و قوله أصغيا بإنائنا و حملا الناس على رقابنا و قوله إن لنا حقا إن نعطه نأخذه و إن نمنعه نركب أعجاز الإبل و إن طال السرى و قوله ما زلت مستأثرا علي مدفوعا عما أستحقه و أستوجبه و أصحابنا يحملون ذلك كله على ادعائه الأمر بالأفضلية و الأحقية و هو الحق و الصواب فإن حمله على الاستحقاق بالنص تكفير أو تفسيق لوجوه المهاجرين و الأنصار و لكن الإمامية و الزيدية حملوا هذه الأقوال على ظواهرها و ارتكبوا بها مركبا صعبا و لعمري إن هذه الألفاظ موهمة مغلبة على الظن ما يقوله القوم و لكن تصفح الأحوال يبطل ذلك الظن و يدرأ ذلك الوهم فوجب أن يجري مجرى الآيات المتشابهات الموهمة ما لا يجوز على البارئ فإنه لا نعمل بها و لا نعول على ظواهرها لأنا لما تصفحنا أدلة العقول اقتضت العدول عن ظاهر اللفظ و أن تحمل على التأويلات المذكورة في الكتب.و حدثني يحيى بن سعيد بن علي الحنبلي المعروف بابن عالية من ساكني قطفتا بالجانب الغربي من بغداد و أجد الشهود المعدلين بها قال كنت حاضرا مجلس الفخر إسماعيل بن علي الحنبلي الفقيه المعروف بغلام بن المنى و كان الفخر إسماعيل بن علي هذا مقدم

٣٠٧

الحنابلة ببغداد في الفقه و الخلاف و يشتغل بشي‏ء في علم المنطق و كان حلو العبارة و قد رأيته أنا و حضرت عنده و سمعت كلامه و توفي سنة عشر و ستمائة.قال ابن عالية و نحن عنده نتحدث إذ دخل شخص من الحنابلة قد كان له دين على بعض أهل الكوفة فانحدر إليه يطالبه به و اتفق أن حضرت زيارة يوم الغدير و الحنبلي المذكور بالكوفة و هذه الزيارة هي اليوم الثامن عشر من ذي الحجة و يجتمع بمشهد أمير المؤمنين ع من الخلائق جموع عظيمة تتجاوز حد الإحصاء.قال ابن عالية فجعل الشيخ الفخر يسأل ذلك الشخص ما فعلت ما رأيت هل وصل مالك إليك هل بقي لك منه بقية عند غريمك و ذلك يجاوبه حتى قال له يا سيدي لو شاهدت يوم الزيارة يوم الغدير و ما يجري عند قبر علي بن أبي طالب من الفضائح و الأقوال الشنيعة و سب الصحابة جهارا بأصوات مرتفعة من غير مراقبة و لا خيفة فقال إسماعيل أي ذنب لهم و الله ما جراهم على ذلك و لا فتح لهم هذا الباب إلا صاحب ذلك القبر فقال ذلك الشخص و من صاحب القبر قال علي بن أبي طالب قال يا سيدي هو الذي سن لهم ذلك و علمهم إياه و طرقهم إليه قال نعم و الله قال يا سيدي فإن كان محقا فما لنا أن نتولى فلانا و فلانا و إن كان مبطلا فما لنا نتولاه ينبغي أن نبرأ إما منه أو منهما.قال ابن عالية فقام إسماعيل مسرعا فلبس نعليه و قال لعن الله إسماعيل الفاعل إن كان يعرف جواب هذه المسألة و دخل دار حرمه و قمنا نحن و انصرفنا : مِنْهَا فِي ذِكْرِ أَصْحَابِ اَلْجَمَلِ فَخَرَجُوا يَجُرُّونَ حُرْمَةَ رَسُولِ اَللَّهِ ص كَمَا تُجَرُّ اَلْأَمَةُ عِنْدَ شِرَائِهَا

٣٠٨

مُتَوَجِّهِينَ بِهَا إِلَى اَلْبَصْرَةِ فَحَبَسَا نِسَاءَهُمَا فِي بُيُوتِهِمَا وَ أَبْرَزَا حَبِيسَ رَسُولِ اَللَّهِ ص لَهُمَا وَ لِغَيْرِهِمَا فِي جَيْشٍ مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلاَّ وَ قَدْ أَعْطَانِيَ اَلطَّاعَةَ وَ سَمَحَ لِي بِالْبَيْعَةِ طَائِعاً غَيْرَ مُكْرَهٍ فَقَدِمُوا عَلَى عَامِلِي بِهَا وَ خُزَّانِ بَيْتِ مَالِ اَلْمُسْلِمِينَ وَ غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِهَا فَقَتَلُوا طَائِفَةً صَبْراً وَ طَائِفَةً غَدْراً فَوَاللَّهِ إِنْ لَوْ لَمْ يُصِيبُوا مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ إِلاَّ رَجُلاً وَاحِداً مُعْتَمِدِينَ لِقَتْلِهِ بِلاَ جُرْمٍ جَرَّهُ لَحَلَّ لِي قَتْلُ ذَلِكَ اَلْجَيْشِ كُلِّهِ إِذْ حَضَرُوهُ فَلَمْ يُنْكِرُوا وَ لَمْ يَدْفَعُوا عَنْهُ بِلِسَانٍ وَ لاَ بِيَدٍ دَعْ مَا إِنَّهُمْ أَنَّهُمْ قَدْ قَتَلُوا مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ مِثْلَ اَلْعِدَّةِ اَلَّتِي دَخَلُوا بِهَا عَلَيْهِمْ حرمة رسول الله ص كناية عن الزوجة و أصله الأهل و الحرم و كذلك حبيس رسول الله ص كناية عنها.و قتلوهم صبرا أي بعد الأسر و قوله فو الله إن لو لم يصيبوا إن هاهنا زائدة و يجوز أن تكون مخففة من الثقيلة.و يسأل عن قوله ع لو لم يصيبوا إلا رجلا واحدا لحل لي قتل ذلك الجيش بأسره لأنهم حضروه فلم ينكروا فيقال أ يجوز قتل من لم ينكر المنكر مع تمكنه من إنكاره.و الجواب أنه يجوز قتلهم لأنهم اعتقدوا ذلك القتل مباحا فإنهم إذا اعتقدوا إباحته فقد اعتقدوا إباحة ما حرم الله فيكون حالهم حال من اعتقد أن الزنا مباح أو أن شرب الخمر مباح.

٣٠٩

و قال القطب الراوندي يريد أنهم داخلون في عموم قوله تعالى( إِنَّما جَزاءُ اَلَّذِينَ يُحارِبُونَ اَللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي اَلْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا ) .و ل قائل أن يقول الإشكال إنما وقع في قوله لو لم يصيبوا من المسلمين إلا رجلا واحدا لحل لي قتل ذلك الجيش بأسره لأنهم حضروا المنكر و لم يدفعوه بلسان و لا يد فهو علل استحلاله قتلهم بأنهم لم ينكروا المنكر و لم يعلل ذلك بعموم الآية.و أما معنى قوله دع ما إنهم قد قتلوا من المسلمين مثل العدة التي دخلوا بها عليهم فهو أنه لو كان المقتول واحدا لحل لي قتلهم كلهم فكيف و قد قتلوا من المسلمين عدة مثل عدتهم التي دخلوا بها البصرة و ما هاهنا زائدة.و صدق ع فإنهم قتلوا من أوليائه و خزان بيت المال بالبصرة خلقا كثيرا بعضهم غدرا و بعضهم صبرا كما خطب به ع

ذكر يوم الجمل و مسير عائشة إلى القتال

و روى أبو مخنف قال حدثنا إسماعيل بن خالد عن قيس بن أبي حازم و روى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس و روى جرين بن يزيد عن عامر الشعبي و روى محمد بن إسحاق عن حبيب بن عمير قالوا جميعا لما خرجت عائشة و طلحة و الزبير من مكة إلى البصرة طرقت ماء الحوأب و هو ماء لبني عامر بن صعصعة فنبحتهم الكلاب فنفرت صعاب إبلهم فقال قائل منهم لعن الله الحوأب فما أكثر كلابها فلما سمعت عائشة ذكر الحوأب قالت أ هذا ماء الحوأب قالوا نعم فقالت ردوني ردوني فسألوها ما شأنها ما بدا لها فقالت إني سمعت رسول الله ص يقول كأني بكلاب

٣١٠

ماء يدعى الحوأب قد نبحت بعض نسائي ثم قال لي إياك يا حميراء أن تكونيها فقال لها الزبير مهلا يرحمك الله فإنا قد جزنا ماء الحوأب بفراسخ كثيرة فقالت أ عندك من يشهد بأن هذه الكلاب النابحة ليست على ماء الحوأب فلفق لها الزبير و طلحة خمسين أعرابيا جعلا لهم جعلا فحلفوا لها و شهدوا أن هذا الماء ليس بماء الحوأب فكانت هذه أول شهادة زور في الإسلام فسارت عائشة لوجهها.

قال أبو مخنف و حدثنا عصام بن قدامة عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله ص قال يوما لنسائه و هن عنده جميعا ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأدبب تنبحها كلاب الحوأب يقتل عن يمينها و شمالها قتلى كثيرة كلهم في النار و تنجو بعد ما كادت.قلت و أصحابنا المعتزلة رحمهم الله يحملون قوله ع و تنجو على نجاتها من النار و الإمامية يحملون ذلك على نجاتها من القتل و محملنا أرجح لأن لفظة في النار أقرب إليه من لفظة القتلى و القرب معتبر في هذا الباب أ لا ترى أن نحاة البصريين أعملوا أقرب العاملين نظرا إلى القرب.قال أبو مخنف و حدثني الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن الزبير و طلحة أغذا السير بعائشة حتى انتهوا إلى حفر أبي موسى الأشعري و هو قريب من البصرة و كتبا إلى عثمان بن حنيف الأنصاري و هو عامل علي ع على البصرة أن أخل لنا دار الإمارة فلما وصل كتابهما إليه بعث الأحنف بن قيس فقال له إن هؤلاء القوم قدموا علينا و معهم زوجة رسول الله و الناس إليها سراع كما ترى فقال الأحنف

٣١١

إنهم جاءوك بها للطلب بدم عثمان و هم الذين ألبوا على عثمان الناس و سفكوا دمه و أراهم و الله لا يزايلون حتى يلقوا العداوة بيننا و يسفكوا دماءنا و أظنهم و الله سيركبون منك خاصة ما لا قبل لك به إن لم تتأهب لهم بالنهوض إليهم فيمن معك من أهل البصرة فإنك اليوم الوالي عليهم و أنت فيهم مطاع فسر إليهم بالناس و بادرهم قبل أن يكونوا معك في دار واحدة فيكون الناس لهم أطوع منهم لك.فقال عثمان بن حنيف الرأي ما رأيت لكنني أكره الشر و أن أبدأهم به و أرجو العافية و السلامة إلى أن يأتيني كتاب أمير المؤمنين و رأيه فأعمل به ثم أتاه بعد الأحنف حكيم بن جبلة العبدي من بني عمرو بن وديعة فأقرأه كتاب طلحة و الزبير فقال له مثل قول الأحنف و أجابه عثمان بمثل جوابه للأحنف فقال له حكيم فأذن لي حتى أسير إليهم بالناس فإن دخلوا في طاعة أمير المؤمنين و إلا نابذتهم على سواء.فقال عثمان لو كان ذلك رأيي لسرت إليهم نفسي قال حكيم أما و الله إن دخلوا عليك هذا المصر لينتقلن قلوب كثير من الناس إليهم و ليزيلنك عن مجلسك هذا و أنت أعلم فأبى عليه عثمان.

قال و كتب علي إلى عثمان لما بلغه مشارفة القوم البصرة من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى عثمان بن حنيف أما بعد فإن البغاة عاهدوا الله ثم نكثوا و توجهوا إلى مصرك و ساقهم الشيطان لطلب ما لا يرضى الله به و الله أشد بأسا و أشد تنكيلا فإذا قدموا عليك فادعهم إلى الطاعة و الرجوع إلى الوفاء بالعهد و الميثاق الذي فارقونا عليه فإن أجابوا فأحسن جوارهم ما داموا

٣١٢

عندك و إن أبو إلا التمسك بحبل النكث و الخلاف فناجزهم القتال حتى يحكم الله بينك و بينهم و هو خير الحاكمين و كتبت كتابي هذا إليك من الربذة و أنا معجل المسير إليك إن شاء الله.و كتبه عبيد الله بن أبي رافع في سنة ست و ثلاثين.قال فلما وصل كتاب علي ع إلى عثمان أرسل إلى أبي الأسود الدؤلي و عمران بن الحصين الخزاعي فأمرهما أن يسيرا حتى يأتياه بعلم القوم و ما الذي أقدمهم فانطلقا حتى إذا أتيا حفر أبي موسى و به معسكر القوم فدخلا على عائشة فنالاها و وعظاها و أذكراها و ناشداها الله فقالت لهما القيا طلحة و الزبير فقاما من عندها و لقيا الزبير فكلماه فقال لهما إنا جئنا للطلب بدم عثمان و ندعو الناس إلى أن يردوا أمر الخلافة شورى ليختار الناس لأنفسهم فقالا له إن عثمان لم يقتل بالبصرة ليطلب دمه فيها و أنت تعلم قتلة عثمان من هم و أين هم و إنك و صاحبك و عائشة كنتم أشد الناس عليه و أعظمهم إغراء بدمه فأقيدوا من أنفسكم و أما إعادة أمر الخلافة شورى فكيف و قد بايعتم عليا طائعين غير مكرهين و أنت يا أبا عبد الله لم يبعد العهد بقيامك دون هذا الرجل يوم مات رسول الله ص و أنت آخذ قائم سيفك تقول ما أحد أحق بالخلافة منه و لا أولى بها منه و امتنعت من بيعة أبي بكر فأين ذلك الفعل من هذا القول.فقال لهما اذهبا فالقيا طلحة فقاما إلى طلحة فوجداه أخشن الملمس شديد العريكة قوي العزم في إثارة الفتنة و إضرام نار الحرب فانصرفا إلى عثمان بن حنيف فأخبراه و قال له أبو الأسود:

يا ابن حنيف قد أتيت فانفر

و طاعن القوم و جالد و اصبر

٣١٣

و ابرز لها مستلئما و شمر

فقال ابن حنيف إي و الحرمين لأفعلن و أمر مناديه فنادى في الناس السلاح السلاح فاجتمعوا إليه و قال أبو الأسود:

أتينا الزبير فدانى الكلام

و طلحة كالنجم أو أبعد

و أحسن قوليهما فادح

يضيق به الخطب مستنكد

و قد أوعدونا بجهد الوعيد

فأهون علينا بما أوعدوا

فقلنا ركضتم و لم ترملوا

و أصدرتم قبل أن توردوا

فإن تلقحوا الحرب بين الرجال

فملقحها حده الأنكد

و إن عليا لكم مصحر

ألا إنه الأسد الأسود

أما إنه ثالث العابدين

بمكة و الله لا يعبد

فرخوا الخناق و لا تعجلوا

فإن غدا لكم موعد

قال و أقبل القوم فلما انتهوا إلى المربد قام رجل من بني جشم فقال أيها الناس أنا فلان الجشمي و قد أتاكم هؤلاء القوم فإن كانوا أتوكم خائفين لقد أتوكم من المكان الذي يأمن فيه الطير و الوحش و السباع و إن كانوا إنما أتوكم بطلب دم عثمان فغيرنا ولي قتله فأطيعوني أيها الناس و ردوهم من حيث أقبلوا فإنكم إن لم تفعلوا لم تسلموا من الحرب الضروس و الفتنة الصماء التي لا تبقي و لا تذر.قال فحصبه ناس من أهل البصرة فأمسك.قال و اجتمع أهل البصرة إلى المربد حتى ملئوه مشاة و ركبانا فقام طلحة فأشار إلى الناس بالسكون ليخطب فسكتوا بعد جهد فقال أما بعد فإن عثمان بن عفان كان من أهل السابقة و الفضيلة و من المهاجرين الأولين الذيرضي‌الله‌عنه م و رضوا عنه

٣١٤

و نزل القرآن ناطقا بفضلهم و أحد أئمة المسلمين الوالين عليكم بعد أبي بكر و عمر صاحبي رسول الله ص و قد كان أحدث أحداثا نقمنا عليه فأتيناه فاستعتبناه فأعتبنا فعدا عليه امرؤ ابتز هذه الأمة أمرها غصبا بغير رضا منها و لا مشورة فقتله و ساعده على ذلك قوم غير أتقياء و لا أبرار فقتل محرما بريئا تائبا و قد جئناكم أيها الناس نطلب بدم عثمان و ندعوكم إلى الطلب بدمه فإن نحن أمكننا الله من قتلته قتلناهم به و جعلنا هذا الأمر شورى بين المسلمين و كانت خلافة رحمة للأمة جميعا فإن كل من أخذ الأمر من غير رضا من العامة و لا مشورة منها ابتزازا كان ملكه ملكا عضوضا و حدثا كثيرا.ثم قام الزبير فتكلم بمثل كلام طلحة.فقام إليهما ناس من أهل البصرة فقالوا لهما أ لم تبايعا عليا فيمن بايعه ففيم بايعتما ثم نكثتما فقالا ما بايعنا و ما لأحد في أعناقنا بيعة و إنما استكرهنا على بيعة فقال ناس قد صدقا و أحسنا القول و قطعا بالثواب و قال ناس ما صدقا و لا أصابا في القول حتى ارتفعت الأصوات.قال ثم أقبلت عائشة على جملها فنادت بصوت مرتفع أيها الناس أقلوا الكلام و اسكتوا فأسكت الناس لها فقالت إن أمير المؤمنين عثمان قد كان غير و بدل ثم لم يزل يغسل ذلك بالتوبة حتى قتل مظلوما تائبا و إنما نقموا عليه ضربه بالسوط و تأميره الشبان و حمايته موضع الغمامة فقتلوه محرما في حرمة الشهر و حرمة البلد ذبحا كما يذبح الجمل ألا و إن قريشا رمت غرضها بنبالها و أدمت أفواهها بأيديها و ما نالت بقتلها إياه شيئا و لا سلكت به سبيلا

٣١٥

قاصدا أما و الله ليرونها بلايا عقيمة تنتبه النائم و تقيم الجالس و ليسلطن عليهم قوم لا يرحمونهم و يسومونهم سوء العذاب.أيها الناس إنه ما بلغ من ذنب عثمان ما يستحل به دمه مصتموه كما يماص الثوب الرحيض ثم عدوتم عليه فقتلتموه بعد توبته و خروجه من ذنبه و بايعتم ابن أبي طالب بغير مشورة من الجماعة ابتزازا و غصبا تراني أغضب لكم من سوط عثمان و لسانه و لا أغضب لعثمان من سيوفكم ألا إن عثمان قتل مظلوما فاطلبوا قتلته فإذا ظفرتم بهم فاقتلوهم ثم اجعلوا الأمر شورى بين الرهط الذين اختارهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب و لا يدخل فيهم من شرك في دم عثمان.قال فماج الناس و اختلطوا فمن قائل القول ما قالت و من قائل يقول و ما هي و هذا الأمر إنما هي امرأة مأمورة بلزوم بيتها و ارتفعت الأصوات و كثر اللغط حتى تضاربوا بالنعال و تراموا بالحصى.ثم إن الناس تمايزوا فصاروا فريقين فريق مع عثمان بن حنيف و فريق مع عائشة و أصحابها.قال و حدثنا الأشعث بن سوار عن محمد بن سيرين عن أبي الخليل قال لما نزل طلحة و الزبير المربد أتيتهما فوجدتهما مجتمعين فقلت لهما ناشدتكما الله و صحبة رسول الله ص ما الذي أقدمكما أرضنا هذه فلم يتكلما فأعدت عليهما فقالا بلغنا أن بأرضكم هذه دنيا فجئنا نطلبها.

٣١٦

قال و قد روى محمد بن سيرين عن الأحنف بن قيس أنه لقيهما فقالا له مثل مقالتهما الأولى إنما جئنا لطلب الدنيا.و قد روى المدائني أيضا نحوا مما روى أبو مخنف قال بعث علي ع ابن عباس يوم الجمل إلى الزبير قبل الحرب فقال له إن أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام و يقول لكم أ لم تبايعني طائعا غير مكره فما الذي رابك مني فاستحللت به قتالي قال فلم يكن له جواب إلا أنه قال لي إنا مع الخوف الشديد لنطمع لم يقل غير ذلك

قال أبو إسحاق فسألت محمد بن علي بن الحسين ع ما تراه يعني بقوله هذا فقال أما و الله ما تركت ابن عباس حتى سألته عن هذا فقال يقول إنا مع الخوف الشديد مما نحن عليه نطمع أن نلي مثل الذي وليتم و قال محمد بن إسحاق حدثني جعفر بن محمد ع عن أبيه عن ابن عباس قال بعثني علي ع يوم الجمل إلى طلحة و الزبير و بعث معي بمصحف منشور و إن الريح لتصفق ورقه فقال لي قل لهما هذا كتاب الله بيننا و بينكم فما تريدان فلم يكن لهما جواب إلا أن قالا نريد ما أراد كأنهما يقولان الملك فرجعت إلى علي فأخبرته.و قد روى قاضي القضاةرحمه‌الله في كتاب المغني عن وهب بن جرير قال قال رجل من أهل البصرة لطلحة و الزبير إن لكما فضلا و صحبة فأخبراني عن مسيركما

٣١٧

هذا و قتالكما أ شي‏ء أمركما به رسول الله ص أم رأي رأيتماه فأما طلحة فسكت و جعل ينكت في الأرض و أما الزبير فقال ويحك حدثنا أن هاهنا دراهم كثيرة فجئنا لنأخذ منها.و جعل قاضي القضاة هذا الخبر حجة في أن طلحة تاب و أن الزبير لم يكن مصرا على الحرب و الاحتجاج بهذا الخبر على هذا المعنى ضعيف و إن صح هو و ما قبله إنه لدليل على حمق شديد و ضعف عظيم و نقص ظاهر و ليت شعري ما الذي أحوجهما إلى هذا القول و إذا كان هذا في أنفسهما فهلا كتماه.ثم نعود إلى خبرهما قال أبو مخنف فلما أقبل طلحة و الزبير من المربد يريدان عثمان بن حنيف فوجداه و أصحابه قد أخذوا بأفواه السكك فمضوا حتى انتهوا إلى موضع الدباغين فاستقبلهم أصحاب ابن حنيف فشجرهم طلحة و الزبير و أصحابهما بالرماح فحمل عليهم حكيم بن جبلة فلم يزل هو و أصحابه يقاتلونهم حتى أخرجوهم من جميع السكك و رماهم النساء من فوق البيوت بالحجارة فأخذوا إلى مقبرة بني مازن فوقفوا بها مليا حتى ثابت إليهم خيلهم ثم أخذوا على مسناة البصرة حتى انتهوا إلى الرابوقة ثم أتوا سبخة دار الرزق فنزلوها.قال و أتاهما عبد الله بن حكيم التميمي لما نزلا السبخة بكتب كانا كتباها إليه فقال لطلحة يا أبا محمد أ ما هذا كتبك إلينا قال بلى قال فكتبت أمس تدعونا إلى خلع عثمان و قتله حتى إذا قتلته أتيتنا ثائرا بدمه فلعمري ما هذا رأيك لا تريد إلا هذه الدنيا مهلا إذا كان هذا رأيك فلم قبلت من علي ما عرض عليك من البيعة

٣١٨

فبايعته طائعا راضيا ثم نكثت بيعتك ثم جئت لتدخلنا في فتنتك فقال إن عليا دعاني إلى بيعته بعد ما بايع الناس فعلمت لو لم أقبل ما عرضه علي لم يتم لي ثم يغرى بي من معه.قال ثم أصبحنا من غد فصفا للحرب و خرج عثمان بن حنيف إليهما في أصحابه فناشدهما الله و الإسلام و أذكرهما بيعتهما عليا ع فقالا نطلب بدم عثمان فقال لهما و ما أنتما و ذاك أين بنوه أين بنو عمه الذين هم أحق به منكم كلا و الله و لكنكما حسدتماه حيث اجتمع الناس عليه و كنتما ترجوان هذا الأمر و تعملان له و هل كان أحد أشد على عثمان قولا منكما فشتماه شتما قبيحا و ذكرا أمه فقال للزبير أما و الله لو لا صفية و مكانها من رسول الله فإنها أدنتك إلى الظل و أن الأمر بيني و بينك يا ابن الصعبة يعني طلحة أعظم من القول لأعلمتكما من أمركما ما يسوءكما اللهم إني قد أعذرت إلى هذين الرجلين.ثم حمل عليهم و اقتتل الناس قتالا شديدا ثم تحاجزوا و اصطلحوا على أن يكتب بينهم كتاب صلح فكتب.هذا ما اصطلح عليه عثمان بن حنيف الأنصاري و من معه من المؤمنين من شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب و طلحة و الزبير و من معهما من المؤمنين و المسلمين من شيعتهما أن لعثمان بن حنيف دار الإمارة و الرحبة و المسجد و بيت المال و المنبر و أن لطلحة و الزبير و من معهما أن ينزلوا حيث شاءوا من البصرة و لا يضار بعضهم بعضا في طريق و لا فرضة و لا سوق و لا شرعة و لا مرفق حتى يقدم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فإن أحبوا دخلوا فيما دخلت فيه الأمة و إن أحبوا لحق كل قوم بهواهم و ما أحبوا من

٣١٩

قتال أو سلم أو خروج أو إقامة و على الفريقين بما كتبوا عهد الله و ميثاقه و أشد ما أخذه على نبي من أنبيائه من عهد و ذمة.و ختم الكتاب و رجع عثمان بن حنيف حتى دخل دار الإمارة و قال لأصحابه ألحقوا رحمكم الله بأهلكم و ضعوا سلاحكم و داووا جرحاكم فمكثوا كذلك أياما.ثم إن طلحة و الزبير قالا إن قدم علي و نحن على هذه الحال من القلة و الضعف ليأخذن بأعناقنا فأجمعا على مراسلة القبائل و استمالة العرب فأرسلا إلى وجوه الناس و أهل الرئاسة و الشرف يدعوانهم إلى الطلب بدم عثمان و خلع علي و إخراج ابن حنيف من البصرة فبايعهم على ذلك الأزد و ضبة و قيس بن عيلان كلها إلا الرجل و الرجلين من القبيلة كرهوا أمرهم فتواروا عنهم و أرسلوا إلى هلال بن وكيع التميمي فلم يأتهم فجاءه طلحة و الزبير إلى داره فتوارى عنهما فقالت له أمه ما رأيت مثلك أتاك شيخا قريش فتواريت عنهما فلم تزل به حتى ظهر لهما و بايعهما و معه بنو عمرو بن تميم كلهم و بنو حنظلة إلا بني يربوع فإن عامتهم كانوا شيعة علي ع و بايعهم بنو دارم كلهم إلا نفرا من بني مجاشع ذوي دين و فضل.فلما استوسق لطلحة و الزبير أمرهما خرجا في ليلة مظلمة ذات ريح و مطر و معهما أصحابهما قد ألبسوهم الدروع و ظاهروا فوقها بالثياب فانتهوا إلى المسجد وقت الصلاة الفجر و قد سبقهم عثمان بن حنيف إليه و أقيمت الصلاة فتقدم عثمان ليصلي بهم فأخره أصحاب طلحة و الزبير و قدموا الزبير فجاءت السبابجة و هم الشرط حرس بيت المال فأخرجوا الزبير و قدموا عثمان فغلبهم أصحاب الزبير فقدموا الزبير و أخروا عثمان فلم يزالوا كذلك حتى كادت الشمس تطلع و صاح بهم أهل المسجد أ لا تتقون أصحاب محمد و قد طلعت الشمس فغلب الزبير فصلى بالناس فلما انصرف من

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749