تفسير نور الثقلين الجزء ٥

تفسير نور الثقلين10%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 749

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 749 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 357028 / تحميل: 4860
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

٣٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليعليهم‌السلام عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه مناقب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وفيه أنّ الشياطين سخرت لسليمان وهي مقيمة على كفرها، وقد سخرت لنبوة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الشياطين بالايمان فأقبل إليه من الجن التسعة من أشرافهم، أحد من جن نصيبين والثمان من بنى عمرو بن عامر من الاحجة منهم سفاة ومضاة والهملكان والمرزبان والمازمان وهاضب وهضب وعمرو وهم الذين يقول الله تبارك اسمه فيهم:( وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ ) وهم التسعة يستمعون القرآن فأقبل إليه الجن والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ببطن النخل فاعتذروا بأنهم ظنوا كما ظننتم أنْ لن يبعث الله أحدا، ولقد أقبل إليه أحد وسبعون ألفا منهم، فبايعوه على الصوم والصلوة والزكاة والحج والجهاد ونصح المسلمين، فاعتذروا بأنهم قالوا على الله شططا، وهذا أفضل مما اعطى سليمان فسبحان من سخرها لنبوة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد أنْ كانت تتمرد وتزعم أنّ لله ولدا، فلقد شمل مبعثه من الجن والانس ما لا يحصى.

٣٣ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه [عن] البرقي عن محمد بن أبي القاسم ما جيلويه عن [على بن] سليمان بن رشيد عن علي بن الحسين القلانسي عن محمد بن سنان عن عمر بن يزيد قال: ضللنا سنة من السنين ونحن في طريق مكة فأقمنا ثلاثة أيام نطلب الطريق فلم نجده، فلما أنْ كان في اليوم الثالث وقد نفد ما كان معنا من الماء عدنا إلى ما كان معنا من ثياب الإحرام ومن الحنوط، فتحنطنا وتكفنا بإزار إحرامنا، فقام رجل من أصحابنا فنادى: يا صالح يا أبا الحسن، فأجابه مجيب من بعد فقلنا له: من أنت يرحمك الله؟ فقال: انا من النفر الذي قال اللهعزوجل في كتابه:( وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ ) إلى آخر الآية ولم يبق منهم غيري، فانا مرشد الضال إلى الطريق، قال: فلم نزل نتبع الصوت حتى خرجنا إلى الطريق.

٣٤ ـ في روضة الواعظين للمفيدرحمه‌الله بعد أنْ ذكر الصادقعليه‌السلام ونقل عنه حديثا طويلا وقالعليه‌السلام : إنّ امرأة من الجن كان يقال لها عفرا فأتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فتسمع من كلامه فتأتى صالحي الجن فيسلمون على يديها وأنها

٢١

فقدها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسأل عنها جبرئيلعليه‌السلام فقال زارت اختالها لحبها في الله.

٣٥ ـ في أمالي الصدوقرحمه‌الله عن الباقرعليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه خروج الحسنينعليهما‌السلام من عند جدهما صلوات الله عليهم ونومهما في حديقة بنى النجار وطلب النبي لهما حتى لقيهما، وفيه: وقد اكتنفتهما حية لها شعرات كآجام القصب، وجناحان جناح قد غطت به الحسن، وجناح قد غطت به الحسين، فلما أنْ بصر بها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تنحنح فانسابت الحية(١) وهى تقول: أللّهم إني أشهدك واشهد ملائكتك أنّ هذين شبلا نبيك قد حفظتهما عليه ودفعتهما إليه سالمين، صحيحين فقال لها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أيتها الحية ممن أنت؟ قالت: انا رسول الجن إليك، قال: واى الجن؟ قالت: جن نصيبين نفر من بنى مليح، نسينا آية من كتاب اللهعزوجل فبعثوني إليك لتعلمنا ما نسينا من كتاب الله، فلما بلغت هذا الموضع سمعت مناديا ينادى: أيتها الحية هذان شبلا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فاحفظهما من العاهات والآفات ومن طوارق الليل والنهار فقد حفظتهما وسلمتهما إليك سالمين صحيحين وأخذت الحية الآية وانصرفت.

٣٦ ـ في مجمع البيان بعد أنْ نقل كلاما في سبب وورد الجن إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال آخرون أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنْ ينذر الجن ويدعوهم إلى الله ويقرأ عليهم القرآن، فصرف الله إليه نفرا من الجن من نينوى، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إني أمرت أنْ اقرأ على الجن الليلة فأيكم يتبغى؟ فاتبعه عبد الله بن مسعود قال عبد الله: ولم يحضر معه أحد غيري، فانطلقنا حتى إذا كنا بأعلى مكة ودخل نبي الله شعبا يقال له شعب الحجون، وخط لي خطا ثم أمرني أنْ اجلس فيه، وقال: لا تخرج منه حتى أعود إليك، ثم انطلق حتى قام فافتتح القرآن فغشيته اسودة كثيرة حتى حالت بيني وبينه حتى لم اسمع صوته، ثم انطلقوا وطفقوا يتقطعون مثل قطع السحاب ذاهبين حتى بقي منهم رهط، وفرغ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع الفجر فانطلق فبرز ثم قال: هل رأيت شيئا؟ فقلت: نعم رأيت رجالا سودا مستثفري(٢) ثياب بيض، قال: أولئك

__________________

(١) انسابت الحية: جرت وتدافعت في مشيها.

(٢) الاستشفار هو أنْ يدخل الرجل ثوبه بين رجليه كما يفعل الكلب بذنبه.

٢٢

جن نصيبين وروى علقمة عن عبد الله قال: لم أكن مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليلة الجن وودت أني كنت معه.

وروى عن ابن عباس انهم كانوا سبعة نفر من جن نصيبين فجعلهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله رسلا إلى قومهم. قال زرين بن حبيش كانوا تسعة منهم زوبعة.

٣٧ ـ وروى محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: فلما قرأ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الرحمن على الناس سكتوا فلم يقولوا شيئا فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الجن كانوا أحسن جوابا منكم، فلما قرأت عليهم:( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ) قالوا: لا ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب.

٣٨ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيسى عن سماعة بن مهران قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ ) الرسول فقال: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قلت: كيف صاروا أولوا العزم؟ قال: لان نوحا بعث بكتاب وشريعة، وكل من جاء بعد نوح أخذ بكتاب نوح وشريعته ومنهاجه، حتى جاء إبراهيمعليه‌السلام بالصحف وبعزيمة ترك كتاب نوح لا كفرا به فكل نبي جاء بعد إبراهيم أخذ بشريعته ومنهاجه وبالصحف حتى جاء موسى بالتوراة وشريعته ومنهاجه حتى جاء المسيحعليه‌السلام بالإنجيل وبعزيمة ترك شريعة موسى ومنهاجه، فكل نبي جاء بعد المسيح أخذ بشريعته ومنهاجه حتى جاء محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فجاء بالقرآن وبشريعته ومنهاجه، فحلاله حلال إلى يوم القيامة، وحرامه حرام إلى يوم القيامة فهؤلاء أولوا العزم من الرسلعليهم‌السلام .

٣٩ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن أبي يحيى الواسطي عن هشام بن سالم ودرست بن أبي منصور عنه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال في حديث طويل يذكر فيه طبقات الأنبياء والمرسلين: والذي يرى في منامه ويسمع الصوت ويعاين في اليقظة وهو امام مثل اولى العزم.

٢٣

٤٠ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن محمد بن يحيى الخثعمي عن هشام عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: سادة النبيين والمرسلين خمسة، وهم اولو العزم من الرسل، وعليهم دارت الرحى، نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى جميع الأنبياء.

٤١ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن عبد الرحمان بن كثير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ أول وصيّ كان على وجه الأرض هبة الله بن آدم وما من نبي مضى إلّا وله وصيٌّ، وكان جميع الأنبياء مائة الف نبي وأربعة وعشرون الف نبي، منهم خمسة أولوا العزم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٢ ـ في روضة الكافي حدّثني علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فضال عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال في رسالة طويلة إلى أصحابه: انه لا يتم الأمر حتى دخل عليكم مثل ما دخل على الصالحين قبلكم، وحتى تبتلوا في أنفسكم وأموالكم، وحتى تسمعوا من أعداء الله أذى كثيرا وتصبروا وتعركوا بجنوبكم(١) وحتى يستذلوكم ويبغضوكم وحتى تحملوا الضيم(٢) فتحتملوه منهم تلتمسون بذلك وجه الله والدار الآخرة وحتى تكظموا الغيظ الشديد في الأذى في الله جل وعز يجترمونه(٣) إليكم وحتى يكذبوكم بالحق ويعادوكم فيه ويبغضوكم عليه فتصبروا على ذلك منهم ومصداق ذلك كله في كتاب الله الذي أنزله جبرئيل على نبيكم سمعتم قول اللهعزوجل لنبيكمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ ) .

٤٣ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث

__________________

(١) عرك الأذى بجنبه أي احتمله

(٢) الضيم: الظلم

(٣) اجترم عليهم وإليهم جريمة: جنى جناية.

٢٤

طويل يقول فيهعليه‌السلام : ولان الصبر على ولاة الأمر مفروض لقول اللهعزوجل لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ) وإيجابه مثل ذلك على أوليائه وأهل طاعته بقوله:( لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) .

٤٤ ـ في الخرائج والجرائح باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الله فضل أولى العزم من الرسل على الأنبياء بالعلم، وأورثنا علمهم وفضلنا عليهم في فضلهم، وعلم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما لا يعلمون، وعلمنا علم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فروينا لشيعتنا فمن قبله منهم فهو أفضلهم، وأينما تكون فشيعتنا معنا.

٤٥ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من العلل باسناده إلى علي بن الحسين بن علي بن فضال عن أبيه عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: انما سمى أولوا العزم لأنهم كانوا أصحاب العزايم والشرائع وذلك أن ّكل نبي كان بعد نوحعليه‌السلام كان على شريعته ومنهاجه وتابعا لكتابه إلى زمن إبراهيم الخليلعليه‌السلام ، وكل نبي كان في أيام إبراهيمعليه‌السلام وبعده كان على شريعة إبراهيم ومنهاجه وتابعا لكتابه إلى زمن موسىعليه‌السلام ، وكل نبي كان في زمن موسىعليه‌السلام ، وبعده كان على شريعة موسى ومنهاجه وتابعا لكتابه إلى أيام عيسىعليه‌السلام ، وكل نبي كان في أيام عيسىعليه‌السلام وبعده كان على منهاجعليه‌السلام وشريعته وتابعا لكتابه إلى زمن محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فهؤلاء الخمسة أولوا العزم وهو أفضل الأنبياء والرسل وشريعتة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله لا تنسخ إلى يوم القيامة ولا نبي بعده إلى يوم القيامة، فمن ادعى بعده نبيا، أو أتى بعد القرآن بكتاب فدمه مباح لكل من سمع ذلك منه.

٤٦ ـ في كتاب الخصال عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: أولوا العزم من الرسل خمسة نوحعليه‌السلام وإبراهيمعليه‌السلام وموسىعليه‌السلام وعيسىعليه‌السلام ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله

٤٧ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى جابر بن يزيد عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول اللهعزوجل ( وَلَقَدْ عَهِدْنا إلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ) قال: عهد إليه في محمد والائمة من بعده فترك ولم يكن له عزم فيهم انهم هكذا، وإنّما سمى أولوا العزم لأنهم عهد إليهم في محمّد والأوصياء من بعده والمهدي وسيرته، فأجمع

٢٥

عزمهم أنّ ذلك كذلك والإقرار به. وفى أصول الكافي كذلك سواء.

٤٨ ـ في مجمع البيان( أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ) وقيل: أنّ من هنا للتبعيض وهو قول أكثر المفسرين، والظاهر في رواية أصحابنا، ثم اختلفوا فقيل أولوا العزم من الرسل من أتى بشريعة مستأنفة نسخت شريعة من تقدمه وهم خمسة أولهم نوحعليه‌السلام ثم إبراهيمعليه‌السلام ثم موسىعليه‌السلام ثم عيسىعليه‌السلام ثم محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو المروي عن أبي جعفر وأبى عبد اللهعليهما‌السلام ، وقال: وهم سادة النبيين وعليهم دارت رحى المرسلين.

٤٩ ـ في روضة الواعظين للمفيد ره وقيل للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كم ما بين الدنيا والاخرة: قال غمضة عين، قال اللهعزوجل :( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ ) الاية.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من قرء سورة الذين كفروا لم يرتب أبدا ولم يدخله شك في دينه أبدا ولم يبتله الله بفقر أبدا، ولا خوف سلطان أبدا، ولم يزل محفوظا من الشرك والكفر أبدا حتّى يموت، فاذا مات وكّل الله به في قبره ألف ملك يصلون في قبره، ويكون ثواب صلواتهم له ويشيعونه حتى يوقفوه موقف الأمن من عند اللهعزوجل ، ويكون في أمان الله وأمان محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٢ ـ في مجمع البيان بعد أنْ نقل حديث ثواب الأعمال وقالعليه‌السلام : من أراد أنْ يعرف حالنا وحال أعدائنا فليقرأ سورة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فانه يراها آية فينا وآية فيهم.

٣ ـ أبيّ بن كعب قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : من قرأ سورة محمد كان حقا على الله أنْ يسقيه من أنهار الجنة.

٤ ـ في أصول الكافي «في كتاب فضل القرآن» علي بن إبراهيم عن صالح بن السندي عن جعفر بن بشير عن سعد الإسكاف قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أعطيت السور الطوال مكان التوراة، وأعطيت المئين مكان الإنجيل، وأعطيت المثاني مكان

٢٦

الزبور(١) وفضلت بالمفصل ثمان وستون سورة وهو مهيمن على ساير الكتب، فالتوراة لموسى والإنجيل لعيسى، والزبور لداودعليه‌السلام .

٥ ـ وفي الأصول أيضا في باب الشرائع علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر وعدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن محمد بن مروان جميعا عن أبان بن عثمان عمن ذكره عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الله تبارك وتعالى اعطى محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله شرايع نوحعليه‌السلام وإبراهيمعليه‌السلام وموسىعليه‌السلام وعيسىعليهم‌السلام إلى أنْ قال: وفضله بفاتحة الكتاب وبخواتيم سورة البقرة والمفصل.

٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ ) نزلت في أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الذين ارتدوا بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وغصبوا أهل بيته حقهم وصدوا عن أمير المؤمنينعليه‌السلام وعن ولاية الائمة «أضل أعمالهم» أي أبطل ما كان تقدم منهم مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الجهاد.

٧ ـ أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن الحسن بن العباس الخرشنى عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام بعد وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المسجد والناس مجتمعون بصوت عال:( الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ ) فقال: قال له ابن عباس: يا أبا الحسن لم قلت ما قلت؟ قال: قرأت شيئا من القرآن، قال: لقد قلته لأمر؟ قال: نعم إنّ الله يقول في كتابه:( ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) فنشهد على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله انه استخلف أبا بكر، قال: ما سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اوصى إلّا إليك، قال: فهلا بايعتني!

__________________

(١) السور الطوال هي السبع الاوّل بعد الفاتحة على أنْ تعد الأنفال والتوبة واحدة، والمثاني هي السبع التي بعد هذا السبع سميت بها لأنها ثنتها، واحدها مثنى مثل معاني ومعنى وقد تطلق المثاني على سور، القرآن كلها طوالها وقصارها، وأمّا المئون فهي من بني إسرائيل سبع سور، سميت بها لان كلا منها على نحو من مأة آية، قاله الطبرسي (ره) وغيره من المفسرين.

٢٧

قال اجتمع الناس على أبي بكر فكنت منهم، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : كما اجتمع أهل العجل على العجل هاهنا فتنتم، ومثلكم( كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ ) .

٨ ـ أخبرنا الحسين بن محمد عن المعلى بن محمد باسناده عن إسحق بن عمار قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام و( الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ ) في عليٍّ( وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بالَهُمْ ) هكذا نزلت.

٩ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى الحسن بن عبد الله عن آبائه عن جده الحسن بن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام قال: جاء نفر من اليهود إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسأله أعلمهم فيما سأله فقال: لأي شيء سميت محمدا واحمدا وابو القاسم وبشيرا ونذيرا وداعيا؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمّا محمّد فإنّي محمود في الأرض، وأمّا أحمد فإنّي محمود في السماء، الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم في قوله:( الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ) نزلت في أبي ذر وسلمان وعمار والمقداد لم ينقضوا العهد «( وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ ) صلى‌الله‌عليه‌وآله » أي ثبتوا على الولاية التي أنزلها الله( وَهُوَ الْحَقُّ ) يعنى أمير المؤمنين صلوات الله عليه( مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ * الَهُمْ ) أي حالهم.

١١ ـ في روضة الواعظين للمفيدرحمه‌الله قال أبو جعفر الباقرعليه‌السلام : إذا قام القائم من آل محمد ضرب فساطيط لمن يعلم الناس القرآن على ما انزل اللهعزوجل فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم لأنه يخالف فيه التأليف.

١٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: في سورة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله آية فينا وآية في أعدائنا( ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا

٢٨

اتَّبَعُوا الْباطِلَ ) وهم الذين اتبعوا أعداء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما وان الذين( اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ ) إلى قوله تعالى( لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ ) فهذا السيف الذي [هو علىعليه‌السلام ] على مشركي العجم من الزنادقة ومن ليس معه كتاب من عبدة النيران والكواكب وقولهعزوجل :( فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ ) فالمخاطبة للجماعة والمعنى لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وللإمام من بعده صلوات الله عليه.

١٣ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سأل رجل أبيعليه‌السلام عن حروب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وكان السائل من محبنا، فقال له ابى: إنّ الله تعالى بعث محمّدا بخمسة أسياف ثلاثة منها شاهرة لا تغمد إلى أنْ تضع الحرب أوزارها حتى تطلع الشمس من مغربها، إلى قوله: وسيف على مشركي العجم يعنى الترك والخزر(١) قال الله تعالى في سورة الذين كفروا:( فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ) يعنى المفاداة بينهم وبين أهل الإسلام، فهؤلاء لا يقبل منهم إلّا القتل أو الدخول في الإسلام، ولا يحل لنا نكاحهم ما داموا في دار الحرب.

١٤ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد قال حدّثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيهعليه‌السلام بعد أنْ قال الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها وفرقه فيها، وفرض على اليدين أنْ لا يبطش بهما إلى ما حرم الله وأنْ يبطش بهما إلى ما أمر اللهعزوجل وفرض عليها من الصدقة وصلة الرحم والجهاد في سبيل الله والطهور للصلوة، فقال:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إلى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إلى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إلى الْكَعْبَيْنِ ) وقال:( فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً

__________________

(١) الخزر ـ بالخاء وبعدها الزاء المعجمتين ثمّ الراء المهملة: جيل من الناس خزر العيون.

٢٩

حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ) فهذا ما فرض الله على اليدين لان الضرب من علاجهما.(١)

١٥ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن يحيى عن طلحة بن زيد قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: كان أبيعليه‌السلام يقول: إنّ للحرب حكمين، إذا كانت الحرب قائمة لم تضع أوزارها ولم يغن أهلها، لكل أسيرا خذ فكل أسير أخذ في تلك الحال فان الامام فيه بالخيار، إنْ شاء ضرب عنقه وإنْ شاء قطع يده ورجله من خلاف بغير حسم وتركه يتشحط في دمه حتى يموت(٢) وهو قول اللهعزوجل :( إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ ) ألآ ترى أنّ المخير الذي خير الله الامام على شيء واحد وهو الكفر(٣) وليس هو على أشياء مختلفة فقلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : قول اللهعزوجل : «أو ينفوا من الأرض» قال: ذلك الطلب أنْ تطلبه الخيل حتى يهرب فان أخذته الخيل حكم عليه ببعض الأحكام التي وصفت لك، والحكم الآخر إذا وضعت الحرب أوزارها واثخن أهلها، فكل أسير أخذ في تلك الحال فكان في أيديهم فالإمام فيه بالخيار إنْ شاء منّ عليهم فأرسلهم وان شاء فاداهم أنفسهم، وان شاء استعبدهم فصاروا عبيدا.

١٦ ـ في روضة الكافي يحيى الحلبي عن أبي المستهل عن سليمان بن خالد قال: سألنى أبو عبد اللهعليه‌السلام فقال: أي شيء كنتم يوم خرجتم مع زيد؟ فقلت: مؤمنين، قال: فما كان عدوكم؟ قلت: كفارا، قال فإنّي أجد في كتاب اللهعزوجل : «يا ايها ـ الذين آمنوا( فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ) فابتدأتم أنتم بتخلية من أسرتم، سبحان الله ما استطعتم أنْ تسيروا بالعدل ساعة.

١٧ ـ في مجمع البيان والمروي عن أئمة الهدىعليهم‌السلام أنّ الأسارى

__________________

(١) العلاج: المزاولة.

(٢) الجسم: الكلى بعد قطع العرق لئلا يسيل دمه، والتشحظ: التمرغ في الدم.

(٣) الكفر بمعنى الإهلاك بحيث لا يرى اثره.

٣٠

ضربان ضرب يؤخذون قبل انقضاء القتال والحرب قائمة فهؤلاء يكون الامام مخيرا بين أنْ يقتلهم أو يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ويتركهم حتى ينزفوا، ولا يجوز المن ولا الفداء والضرب الآخر الذين يؤخذون بعد أنْ وضعت الحرب أوزارها، وانقضى القتال، فالإمام مخير فيهم بين المن والفداء اما بالمال أو بالنفس وبين الاسترقاق وضرب الرقاب، فان أسلموا في الحالين سقط جميع ذلك وكان حكمهم حكم المسلمين.

١٨ ـ( حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ) وقيل لا يبقى دين غير الإسلام، والمعنى حتى يضع حربكم وقتالكم أوزار المشركين وقبايح أعمالهم بان يسلموا، فلا يبقى إلّا الإسلام خير الأديان، ولا تعبد الأوثان، وهذا كما جاء في الحديث والجهاد ماض منذ بعثني الله إلى أنْ يقاتل آخر أمتي الدجال.

١٩ ـ في نهج البلاغة وخذوا من أجسادكم فجودوا بها على أنفسكم ولا تبخلوا بها عنها، فقد قال الله سبحانه:( إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ ) فلم يستنصركم من ذل وله جنود السموات والأرض وهو العزيز الحكيم، وإنّما أراد أنْ يبلوكم أيكم أحسن عملا وبادروا بأعمالكم تكونوا مع جيران الله في داره رافق بهم رسله وأزارهم ملائكته وأكرم أسماعهم عن أنْ تسمع حسيس نار أبدا وصان أجسادهم أنْ تلقى لغوبا ونصبا( ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) وفي كلامهعليه‌السلام غير هذا لكنا أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٠ ـ في روضة الواعظين للمفيدرحمه‌الله قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : إنّ الجهاد باب فتحه لخاصة أوليائه وسوغهم كرامة منهم ونعمة ذخرها، والجهاد لباس التقوى ودرع الله الحصينة وجنته الوثيقة، فمن تركه رغبة عنه ألبسه الله ثوب الذلة وشمله البلاء وفارق الرجا وضرب على قلبه بالاسهاب وديث بالصغار والقماءة وسيم الخسف ومنع النصف(١) وأزيل فيه الحق بتضييعه الجهاد، وغضب الله

__________________

(١) الإسهاب: ذهاب العقل. و «ديث بالصفار» أي ذلل بغير مديث أي مذل. والصغار: الذل والضيم والقماد مصدر قمؤ الرجل: أي صار قميئا وهو الصغير الذيل. «وسيم الخسف» من قوله تعالى:( يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ ) . والخسف: الذل والمشقة والنصف الإنصاف.

٣١

بتركه نصرته، وقد قال اللهعزوجل في محكم كتابه:( إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ ) .

٢١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثنا جعفر بن أحمد قال: حدّثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم عن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: نزل جبرئيل على محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله بهذه الآية هكذا: «( ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللهُ ) في على» إلّا أنه كشط الاسم( فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ ) .

٢٢ ـ في مجمع البيان وقال أبو جعفرعليه‌السلام : كرهوا ما أنزل الله في حق عليٍّعليه‌السلام .

٢٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قال علي بن إبراهيمرحمه‌الله : في قولهعزوجل :( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) أي أو لم ينظروا في أخبار الأمم الماضية وقولهعزوجل :( دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ ) أي أهلكهم وعذبهم ثم قال: وللكافرين يعنى الذين كفروا و( كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللهُ ) في عليٍّ أمثالها أي لهم مثل ما كان للأمم الماضية من العذاب والهلاك ثم ذكر المؤمنين الذين ثبتوا على إمامة أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال:( ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ ) .

٢٤ ـ( أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ ) يعنى أمير المؤمنينعليه‌السلام ( كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ ) يعنى الذين غصبوه واتبعوا أهوائهم.

٢٥ ـ في مجمع البيان( كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ ) وقيل: هم المنافقون وهو المروي عن أبي جعفرعليه‌السلام .

٢٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن بعض أصحابه رفعه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لـمّا دخلت الجنة رأيت في الجنة شجرة طوبى، وتجري نهر في أصل تلك الشجرة ينفجر منها الأنهار الاربعة، نهر( مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ ) ، ونهر( مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ ) ، ونهر( مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ ) ، ونهر( مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى ) ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٢

٢٧ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن محمد بن إسحاق المدني عن أبي جعفرعليه‌السلام أنه قال: نقل عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حديثا طويلا في بيان حال أهل الجنة وفيه يقولصلى‌الله‌عليه‌وآله : وليس من مؤمن في الجنة إلّا وله جنان كثيرة، معروشات وغير معروشات، وأنهار من خمر وأنهار من ماء وأنهار من لبن وأنهار من عسل.

٢٨ ـ في مجمع البيان:( مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ) وقرأ علىعليه‌السلام أمثال الجنة على الجمع.

٢٩ ـ في كتاب الخصال عن عليٍّعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أربعة أنهار من الجنة الفرات والنيل وسيحان وجيحان، فالفرات الماء في الدنيا والاخرة، والنيل العسل، وسيحان الخمر، وجيحان اللبن.

٣٠ ـ في بصاير الدرجات الحسن بن أحمد بن سلمة عن الحسين بن علي بن نباح عن ابن جبلة عن عبدالله بن سنان قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الحوض، فقال: حوض ما بين بصرى إلى صنعا تحب أنْ تراه؟ قلت له: نعم جعلت فداك، فأخذ بيدي وأخرجنى إلى ظهر المدينة ثم ضرب برجله فنظرت إلى نهر يجرى لا تدرك حافتاه إلّا الموضع الذي أنا فيه قائم ؛ وأنه شبيه بالجزيرة، فكنت أنا وهو وقوفا فنظرت إلى نهر جانباه ماء أبيض من الثلج، ومن جانبيه لبن أبيض من الثلج، وفي وسطه خمر أحسن من الياقوت، فما رأيت شيئا أحسن من تلك الخمر بين اللبن والماء، فقلت: جعلت فداك ومن أين يخرج هذا ومجراه؟ قال: هذه العيون التي ذكرها في الجنة عين من ماء وعين من لبن وعين من خمر تجري في هذا النهر، ورأيت حافتيه عليها شجرة فيهن جوار معلقات برؤسهن ما رأيت شيئا أحسن منهن، وبأيديهن آنية ما رأيت، أحسن منها، ليست من آنية الدنيا، فدنا من إحديهن فأومى بيده لنفسه فنظرت إليها وقد مالت لتعرف من النهر فمال الشجر معها فاغترفت ثم ناولته ثم شربت ثم ناولها، فأومى إليها فمالت فاغترفت ومالت الشجرة معها، ثم ناولته فناولني فشربت فما رأيت شرابا كان ألين عنه ولا ألذ منه وكانت رائحة المسك، فنظرت في الطاس فاذا فيه ثلاثة ألوان من

٣٣

الشراب، فقلت له: جعلت فداك ما رأيت كاليوم قط ولا كنت ارى أنّ الأمر هكذا، فقال لي: هذا أقل ما أعده الله لشيعتنا إنّ المؤمن إذا توفى طارت روحه إلى هذا النهر، فرعت في رياضه وشربت من شرابه وأنّ عدونا إذا توفى صارت روحه إلى برهوت فأخذت في عذابه وأطعمت من زقومه وأسقيت من حميمه، فاستعيذوا بالله من ذلك النار.

٣١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم ثم ضرب لأوليائه وأعدائه مثلا فقال لأوليائه:( مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ ) إلى قوله تعالى:( لِلشَّارِبِينَ ) ومعنى الخمر أي خمرة إذا تناولها ولي الله وجد رائحة المسك فيها و( أَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ ) ثم ضرب لاعدائهم مثلا فقال:( كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ ) امعائهم قال: ليس من هو في هذه الجنة الموصوفة كمن هو في هذه النار، كما أنْ ليس عدو الله كوليّه.

٣٢ ـ في مجمع البيان روى أبو أمامة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في قوله( وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ ) قال يقرب إليه فيكرهه فاذا أدنى منه شوى وجهه، ووقع فروة رأسه فاذا شرب قطع أمعائه حتى يخرج من دبره يقول اللهعزوجل :( وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ ) .

٣٣ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وعدة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعا عن ابن محبوب عن خالد بن جرير عن أبي الربيع الشامي عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اقسم ربي ألآ يشرب عبد لي في الدنيا خمرا إلّا سقيته مثل ما شرب منها من الحميم يوم القيامة معذبا أو مغفورا له، ولا يسقيها عبد لي صبيا صغيرا أو مملوكا إلّا سقيته مثل ما سقاه من الحميم يوم القيامة معذبا بعد أو مغفورا له.

٣٤ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن أبي عمير عن جعفر بن محمد البختري ودرست وهشام بن سالم جميعا عن عجلان أبي صالح قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: قال اللهعزوجل : من شرب مسكرا أو سقاه صبيا لا يعقل سقيته من ماء الحميم معذبا أو مغفورا.

٣٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثنا محمد بن أحمد بن ثابت قال

٣٤

حدثنا الحسن بن محمد بن سماعة عن وهب بن حفص عن أبي بصير عن أبي جعفر صلوات الله عليه قال: سمعته يقول: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يدعو أصحابه فمن أراد الله به خيرا سمع وعرفوا ما يدعوه اليه. ومن أراد الله به شرا طبع على قلبه لا يسمع ولا يعقل، وهو قول الله تبارك وتعالى:( حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) ماذا قال آنفا فإنها نزلت في المنافقين من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومن كان إذا سمع شيئا لم يكن يؤمن به ولم يعد فاذا خرج قال للمؤمنين ماذا قال محمد آنفا فقال اللهعزوجل :( أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ ) .

٣٦ ـ في مجمع البيان عن الأصبغ بن نباتة عن عليٍّعليه‌السلام قال: انا كنا عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيخبرنا بالوحي فأعيه أنا ومن يعيه فاذا خرجنا قالوا: ماذا قال آنفا.

٣٧ ـ في كتاب الخصال عن أبي الحسين قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: سئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن الساعة فقال عند ايمان بالنجوم وتكذيب بالقدر.

٣٨ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى أنس بن مالك عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يقول فيهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعبد الله بن سلام وقد سأله عن مسائل أما أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب.

٣٩ ـ في الكافي على عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من أشراط الساعة أنْ يفشو الفالج وموت الفجاءة.

٤٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن سليمان بن مسلم الخشاب عن عبد الله بن جريح المكي عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس قال: حججنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حجة الوداع، فأخذ بحلقة باب الكعبة ثم أقبل علينا بوجهه فقال: ألا أخبركم بأشراط الساعة وكان أدنى الناس منه يومئذ سلمانرحمه‌الله فقال: بلى يا رسول الله فقال: من أشراط القيامة اضاعة

٣٥

الصلوات واتباع الشهوات، والميل مع الأهواء، وتعظيم أصحاب المال وبيع الدين بالدنيا، فعندها يذاب قلب المؤمن في جوفه كما يذاب الملح في الماء مما ترى من المنكر، فلا يستطيع أنْ يغيره، قال سلمان: وانّ هذا لكائن يار سول الله؟ قال: أي والذي نفسي بيده يا سلمان. إنْ عندها يليهم أمراء جورة ووزراء فسقة، وعرفاء ظلمة وأمناء خونة، قال سلمان: وان هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: أي والذي نفسي بيده، يا سلمان، إنْ عندها يكون المنكر معروفا والمعروف منكرا، ويؤتمن الخائن ويخون الأمين، ويصدق الكاذب ويكذب الصادق، قال سلمان: وان هذا الكائن يا رسول الله؟ قال: أي والذي نفسي بيده يا سلمان، فعندها تكون إمارة النساء ومشاورة الإماء وقعود الصبيان على المنابر، ويكون الكذب ظرفا والزكاة مغرما والفيء مغنما، ويجفو الرجل والديه ويبر صديقه ويطلع الكواكب المذنب، قال سلمان: وان هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: أي والذى نفسي بيده يا سلمان ؛ وعندها تشارك المرأة زوجها في التجارة ويكون المطر قيظا ويغيظ الكرام غيظا ويحتقر الرجل المعسر فعندها تقارب الأسواق إذ قال هذا لم أبع شيئا وقال: هذا لم أربح شيئا، فلا ترى إلّا ذاما لله، قال سلمان: وان هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: أي والذي نفسي بيده يا سلمان، فعندها يليهم أقوام إنْ تكلموا قتلوهم، وان سكتوا استباحوهم ليستأثرون بفيئهم وليطأن حرمتهم ؛ وليسفكن دمائهم، ولتملئن قلوبهم غلا ورعبا فلا تراهم إلّا وجلين خائفين مرهوبين قال سلمان: وان هذا الكائن يا رسول الله؟ قال: أي والذي نفسي بيده يا سلمان إنْ عندها يؤتى بشيء من المشرق وشيء من المغرب يلون أمتى فالويل لضعفاء أمتى منهم والويل لهم من الله لا يرحمون صغيرا ولا يوقرون كبيرا ولا يخافون عن مسيئ(١) جثتهم جثة الآدميين وقلوبهم قلوب الشياطين، قال سلمان: وان هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: أي والذي نفسي بيده يا سلمان، وعندها يكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء ويغار على الغلمان كما يغار على الجارية في بيت أهلها، وتشبه الرجال بالنساء والنساء

__________________

(١) وفي نسخة البحار «ولا يتجاوزون عن مسئ».

٣٦

بالرجال، وتركبن الفروج السروج، فعليهن من أمتى لعنة الله، قال سلمان: وان هذا لكائن يا رسول الله؟ فقال: أي والذي نفسي بيده يا سلمان، إنْ عندها تزخرف المساجد كما تزخرف البيع والكنايس، وتحلى المصاحف وتطول المنارات وتكثر الصفوفات والقلوب متباغضة، والألسن مختلفة، قال سلمان: وان هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: والذى نفسي بيده يا سلمان، وعندها تحلى ذكور أمتى بالذهب، ويلبس الحرير والديباج، ويتخذون جلود النمور صفاقا(١) قال سلمان: وان هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: أي والذي نفسي بيده يا سلمان، وعندها يظهر الزنا ويتعاملون بالغيبة والرشى ويوضع الدين وترفع الدنيا، قال سلمان: وان هذا لكائن يا رسول الله؟ قال أي والذي نفسي بيده يا سلمان، وعندها يكثر الطلاق فلا يقام لله حد ولن يضروا الله شيئا، قال سلمان: وان هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: أي والذي نفسي بيده يا سلمان، وعندها تظهر القينات والمعازف(٢) ويليهم أشرار أمتى قال سلمان: وان هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: أي والذي نفسي بيده يا سلمان، وعندها يحج أغنياء أمتى للنزهة ويحج أوساطها للتجارة ويحج فقراؤهم للرياء والسمعة، فعندها يكون أقواما يتعلمون القرآن لغير الله ويتخذونه مزامير، ويكون أقواما يتفقهون لغير الله، وتكثر أولاد الزنا ويتغنون بالقرآن ويتهافتون بالدنيا، قال سلمان: وان هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: أي والذي نفسي بيده يا سلمان، ذاك إذا انتهكت المحارم واكتسبت المآثم وتسلط الأشرار على الأخيار ويفشو الكذب وتظهر اللجاجة وتفشو الفاقة ويتباهون في اللباس، ويمطرون في غير أوان المطر ويستحسنون الكوبة(٣) والمعازف وينكرون

__________________

(١) النمور جمع النمرة من السباع أصغر من الأسد وبالفارسية «پلنگ» والثوب الصفيق: ضد السخيف، أو المراد انهم يعملونها للدف والعود وسائر آلات اللهو يقال صفق العود أي حرك أو تارة، والصفق: الضرب يسمع له صوت، قاله في البحار ،

(٢) القينة: الامة المغنية. والمعازف: الملاهي كالعود والطنبور.

(٣) الكوبة، النرد والشطرنج والطبل الصغير والبربط.

٣٧

الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر حتى يكون المؤمن في ذلك الزمان أذل من في الامة ويظهر قراؤهم وعبادهم فيما بينهم التلاوم فأولئك يدعون في ملكوت السماوات الارجاس الأنجاس، قال سلمان وان هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: أي والذي نفسي بيده يا سلمان، فعندها لا يخشى الغنى على الفقير حتى أنّ السائل يسئل فيما بين الجمعتين لا يصيب أحدا يضع في كفه شيئا، قال سلمان: وان هذا لكائن يا رسول الله؟ فقال: أي والذي نفسي بيده يا سلمان، فعندها يتكلم الرويبضة ؛ فقال سلمان: وما الرويبضة يا رسول الله فداك أبي وأمّي؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يتكلم في أمر العامة من لم يكن يتكلم فلم يلبثوا إلّا قليلا حتى تخور الأرض خورة فلا نظن كل قوم إلّا انها خارت في ناحيتهم فيمكثون ما شاء الله، ثم ينكتون في مكثهم فتلقى لهم الأرض أفلاذ كبدها(١) قال ذهب وفضة ـ ثمّ أومى بيده إلى الأساطين ـ فقال: مثل هذا، فيومئذ لا ينفع ذهب ولا فضة، فهذا معنى قوله:( فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها )

٤١ ـ في روضة الواعظين للمفيدرحمه‌الله وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من أشراط الساعة أنْ يرفع العلم ويظهر الجهل ويشرب الخمر ويفشو الزنا وتقل الرجال وتكثر النساء حتى أنّ الخمسين امرأة فيهن واحد من الرجال.

٤٢ ـ في أصول الكافي أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن حسين بن زيد عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الاستغفار وقول لا إله إلّا الله خير العبادة، قال الله العزيز الجبار:( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إله إلّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ) (٢) .

٤٣ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي ـ حمزة قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: ما من شيء أعظم ثوابا من شهادة أنْ لا إله إلّا الله، إنّ اللهعزوجل لا يعدله شيء ولا يشركه في الأمور.

__________________

(١) أي تخرج كنوزها المدفونة.

(٢) الخطاب في هذه الآية للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمراد جمعى الامة وإنّما خوطب بذلك لنستن أمته بسنته.

٣٨

٤٤ ـ عنه عن الفضيل بن عبدالوهاب عن إسحاق بن عبدالله عن عبيد الله بن الوليد الوصافي رفعه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من قال لا إله إلّا الله غرست له شجرة في الجنة من ياقوتة حمراء منبتها في مسك ابيض أحلى من العسل، وأشد بياضا من الثلج، وأطيب ريحا من المسك، فيها أمثال ثدي الأبكار تفلق(١) عن سبعين حلة، وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : خير العبادة قول لا إله إلّا الله. وقال: خير العبادة الاستغفار، وذلك قول اللهعزوجل في كتاب:( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إله إلّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ) .

٤٥ ـ في مجمع البيان وقد صح الحديث بالإسناد عن حذيفة بن اليمان قال: كنت رجلا ذرب اللسان على أهلي فقلت: يا رسول الله إني لأخشى أنْ يدخلني لساني النار، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فأين أنت من الاستغفار، إني لاستغفر الله في اليوم مأة مرة.

٤٦ ـ وروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال: من مات وهو يعلم أنْ لا إله إلّا الله دخل الجنة أورده مسلم في الصحيح.

٤٧ ـ في محاسن البرقي وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : خير العبادة الاستغفار، وذلك قول الله في كتابه:( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إله إلّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ) .

٤٨ ـ في عيون الأخبار في باب العلل التي ذكر الفضل بن شاذان في آخرها انه سمعها من الرضاعليه‌السلام مرة بعد مرة وشيئا بعد شيء فان قال: فلم وجب عليهم الإقرار والمعرفة بان الله واحد أحد؟ قيل: لعلل منها انه لو لم يجب عليهم الإقرار والمعرفة لجاز [لهم] أنْ يتوهموا مدبرين أو أكثر من ذلك، وإذا جاز ذلك لم يهتدوا إلى الصانع لهم من غيره، لان كل إنسان منهم كان لا يدرى لعله انما يعبد غير الذي خلقه، ويطيع غير الذي امره، فلا يكونون على حقيقة من صانعهم وخالقهم، ولا يثبت عندهم أمر آمر ولا نهى ناه إذا لم يعرف الآمر بعينه، ولا الناهي من غيره، ومنها أنْ لو جاز أنْ يكون اثنين لم يكن أحد الشريكين اولى بأن يعبد ويطاع من الاخر، وفي اجازة أنْ يطاع ذلك الشريك اجازة أنْ لا يطاع الله وفي اجازة أنْ لا يطاع اللهعزوجل كفر بالله

__________________

(١) وفي المصدر «تعلو» مكان «تفلق» ويحتمل التصحيف.

٣٩

وبجميع كتبه ورسله، وإثبات كل باطل وترك كل حق، وتحليل كل حرام وتحريم كل حلال، والدخول في كل معصية والخروج من كل طاعة، وإباحة كل فساد وابطال كل حق، ومنها انه لو جاز أنْ يكون أكثر من واحد لجاز لإبليس أنْ يدعى انه ذلك الاخر حتى يضاد الله تعالى في جميع حكمه، ويصرف العباد إلى نفسه، فيكون في ذلك أعظم الكفر وأشد النفاق.

٤٩ ـ وباسناده إلى إسحق بن راهويه قال: لـمّا وافى أبو الحسن الرضاعليه‌السلام نيشابور وأراد أنْ يخرج منها إلى المأمون اجتمع إليه أصحاب الحديث فقالوا: يا ابن رسول الله ترحل عنا ولا تحدثنا بحديث فنستفيده منك وكان قعد في العمارية فاطلع رأسه وقال: سمعت أبي موسى بن جعفر يقول: سمعت أبي جعفر بن محمّد يقول: سمعت أبي محمّد بن عليّ يقول: سمعت أبي عليّ بن الحسين يقول: سمعت أبي الحسين بن عليّ يقول: سمعت أبي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام يقول: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: سمعت جبرئيل يقول: سمعت الله يقول: لا إله إلّا الله حصني فمن دخل حصني امن من عذابي، فلمّا مرت الراحلة نادى: بشروطها وانا من شروطها.

٥٠ ـ وباسناده إلى علي بن بلال عن عليِّ بن موسى الرضا عن موسى بن جعفر عن جعفر بن محمّد عن محمّد بن عليّ عن عليِّ بن الحسين عن حسين بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن جبرئيل ومكائيل عن إسرافيل عن اللوح عن القلم قال: يقول اللهعزوجل : ولاية عليِّ بن أبي طالب حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي.

٥١ ـ وفي باب ما جاء عن الرضا من أخبار هذه المجموعة قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله التوحيد نصف الدين.

٥٢ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبدالله عن أبيهعليهما‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ أربع خصال من كن فيه كان في نور الله الأعظم، من كانت عصمة أمره شهادة أنْ لا إله إلّا الله وأنى رسول الله، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

الله ناجاه؟ فقال: نعم يا أبا رافع، ان الله ناجاه يوم الطائف ويوم عقبة تبوك ويوم خيبر.

٩٥ ـ وعنه بهذا الاسناد عن منيع عن يونس عن علي بن أعين قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأهل الطائف: لأبعثن إليكم رجلا كنفسي يفتح الله به الخيبر، سوطه سيفه، فتشرف الناس لها، فلما أصبح دعا عليّا فقال: اذهب إلى الطائف ثم أمر الله النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ان يدخل إليها بعد أن دخله على، فلما صار إليها كان على رأس الجبل فقال له رسول الله: اثبت فثبت، فسمعنا مثل صرير الرحا فقيل: ما هذا يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال ان الله يناجي عليّاعليه‌السلام . قال عز من قائل:( وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا )

٩٦ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة حدّثنا محمد بن إبراهيم بن إسحق رضى الله عنه قال: أخبرنا أحمد بن محمد الهمداني قال: حدّثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه عن هشام بن سالم قال: قلت للصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام : الحسن أفضل أم الحسينعليه‌السلام ؟ فقال: الحسن أفضل من الحسين. قلت: فكيف صارت الامامة من بعد الحسين في عقبه دون ولد الحسن؟ فقال: إنّ الله تبارك وتعالى لم يرد بذلك إلّا أن يجعل سنة موسى وهارون جارية في الحسن والحسينعليهما‌السلام ، ألآ ترى انهما كانا شريكين في النبوة كما كان الحسن والحسين شريكين في الامامة، وان اللهعزوجل جعل النبوة في ولد هارون ولم يجعلها في ولد موسى وان كان موسى أفضل من هارونعليهما‌السلام .

٩٧ ـ وباسناده إلى محمد بن جعفر عن أبيه عن جده عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: عاش موسىعليه‌السلام مأة وستة وعشرين سنة، وعاش هارونعليه‌السلام مأة وثلاثة وثلثين سنة

٩٨ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن بعض أصحابه عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلاث من كن فيه كان منافقا وان صام وصلى وزعم انه مسلم: من إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، ان اللهعزوجل يقول في كتابه:( إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ ) وقال :

٣٤١

( أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ ) وفي قوله تعالى:( وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا ) .

٩٩ ـ ابن أبي عمير عن منصور بن حازم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّما سمى إسمعيل صادق الوعد لأنه وعد رجلا في مكان فانتظره سنة، فسماه اللهعزوجل صادق الوعد، ثمّ إنَّ الرجل أتاه بعد ذلك فقال له اسمعيل: ما زلت منتظرا لك.

١٠٠ ـ في عيون الاخبار باسناده إلى سليمان الجعفري عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: أتدري لم سمى إسمعيل صادق الوعد؟ قال: قلت: لا أدرى، قال: وعد رجلا فجلس له حولا ينتظره.

١٠١ ـ في كتاب علل الشرائع في باب العلة التي من أجلها سمى إسمعيل بن حزقيل صادق الوعد، حدّثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال: حدّثنا محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن أبي عمير ومحمد ابن سنان عمن ذكره عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ إسمعيل الذي قال اللهعزوجل في كتابه:( وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا ) لم يكن إسمعيل بن إبراهيم، بل كان نبيا من الأنبياء بعثه اللهعزوجل إلى قومه، فأخذوه فسلخوا فروة رأسه(١) ووجهه، فأتاه ملك فقال: إنّ الله جل جلاله بعثني إليك فمرني بما شئت، فقال: لي أسوة بما يصنع بالأنبياءعليهم‌السلام .

١٠٢ ـ وباسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ان إسمعيل كان رسولا نبيا سلط عليه قومه فقشروا جلدة وجهه وفروة رأسه، فأتاه رسول من رب العالمين فقال له: ربك يقرئك السلام ويقول قد رأيت ما صنع بك وقد أمرني بطاعتك فمرني بما شئت فقال: يكون لي بالحسين بن عليّعليهما‌السلام أسوة.

١٠٣ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ ) قال: وعد وعدا فانتظر صاحبه سنة، وهو إسمعيل بن حزقيلعليه‌السلام .

__________________

(١) الفروة: جلدة الرأس بشعرها.

٣٤٢

١٠٤ ـ في مجمع البيان ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ ) الذي هو القرآن «اسمعيل» بن إبراهيم( إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ ) وكان إذا وعد بشيء وفي ولم يخلف «وكان» مع ذلك( رَسُولاً نَبِيًّا ) إلى جرهم وقد مضى معناه، قال ابن عباس انه واعد رجلا أن ينتظره في مكان ونسي الرجل، فانتظره سنة حتّى أتاه الرجل، وروى ذلك عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

١٠٥ ـ وقيل: إنّ إسمعيل بن إبراهيم مات قبل أبيه، وان هذا هو إسمعيل بن حزقيل بعثه الله إلى قوله، ورواه أصحابنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام . وذكر نحوه ما ذكرنا عن كتاب علل الشرائع.

١٠٦ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: عاش إسمعيل بن إبراهيمعليه‌السلام مأة وعشرين سنة.

١٠٧ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى إبراهيم بن أبي البلاد عن أبيه عن أبي جعفر محمد بن عليّ الباقرعليهم‌السلام قال: كان بدو نبوة إدريسعليه‌السلام انه كان في زمانه ملك جبار، وانه ركب ذات يوم في بعض نزهه فمر بأرض خضرة نضرة لعبد مؤمن من الرافضة(١) فأعجبته فسأل وزرائه لمن هذه الأرض؟ قالوا: لعبد مؤمن من عبيد الملك فلان الرافضي، فدعا به فقال له: أمتعني بأرضك هذه، فقال له: عيالي أحوج إليها منك، قال: فسمني بها اثمن لك(٢) قال: لا أمتعك بها ولا أسومك دع عنك ذكرها فغضب الملك عند ذلك وأسف وانصرف إلى أهله وهو مغموم متفكر في أمره، وكانت له امرأة من الازارقة(٣) وكان بها معجبا يشاورها في الأمر إذا نزل به، فلما استقر في

__________________

(١) قال المسعودي في إثبات الوصية (ص: ١٢ ط طهران): وكان من يتبعه على كفره ويرفضه يسمى رافضيا «انتهى» وقال بعض: انهعليه‌السلام عبر بذلك لئلا يتهم أصحابه مما ينابزهم العامة بهذا اللقب، ويعلموا ان ذلك كان ديدن أهل الدنيا سلفا وخلفا وعادتهم.

(٢) أي بعنى أعطيك الثمن.

(٣) الازارقة من الخوارج أصحاب نافع بن الأزرق كفروا عليّاعليه‌السلام وأصحابه وجوزوا

٣٤٣

مجلسه بعث إليها يشاورها في أمر صاحب الأرض، فخرجت إليه فرأت في وجهه الغضب فقالت: أيها الملك ما الذي دهاك(١) حتّى بدا الغضب في وجهك قبل فعلك؟ فأخبرها بخبر الأرض وما كان من قوله لصاحبها ومن قول صاحبها له، فقالت: أيها الملك إنّما يغتم ويهتم ويأسف من لا يقدر على التغيير والانتقام، فان كنت تكره ان تقتله بغير حجة فانا أكفيك امره وأصير أرضه إليك بحجة، لك فيها العذر عند أهل مملكتك، قال: وما هي؟ قالت: أبعث إليه أقواما من أصحابى أزارقة حتّى يأتوك به، فيشهدون عليه عندك انه قد برأ من دينك، فيجوز لك قتله وأخذ أرضه. قال: فافعلي.

قال: وكان لها أصحاب من الازارقة على دينها يرون قتل الرافضة من المؤمنين، فبعثت إلى قوم من الازارقة فأتوها فأمرتهم أن يشهدوا على فلان الرافضي عند الملك انه قد برأ من دين الملك فشهدوا عليه انه قد برىء من دين الملك فقتله واستخلص أرضه، فغضب الله تعالى للمؤمن عند ذلك، فأوحى إلى إدريس: أنْ ائت عبدي هذا الجبار فقل له: أما رضيت أن قتلت عبدي المؤمن ظلما حتّى استخلصت أرضه خالصة لك، فاحوجت عياله من بعده وأجعتهم؟ أما وعزتي لأنتقمنَّ له منك في الآجل، ولأسلبنَّك ملكك في العاجل، ولأخربن مدينتك ولأذلن عزك، ولأطعمن الكلاب لحم امرأتك، فقد غرك يا مبتلى حلمي عنك؟ فأتاه إدريسعليه‌السلام برسالة ربه وهو في مجلسه وحوله أصحابه، فقال: أيها الجبار انّي رسول الله إليك وهو يقول لك: أما رضيت ان قتلت عبدي المؤمن حتّى استخلصت أرضه خالصة لك، وأحوجت عياله من بعده وأجعتهم؟ أما وعزتي لأنتقمن له منك في الآجل، ولأسلبنك ملكك في العاجل ولأخربن مدينتك ولأذلن عزك ولأطعمن الكلاب لحم امرأتك، فقال الجبار: اخرج

__________________

قتل مخالفيهم وسبى نسائهم فقيل: إنّ المراد في الحديث ان المرأة كانت بصفة الازارقة فكما ان الازارقة يرون غير أهل نحلتهم مشركا ويستحلون دمه وأمواله فكذلك هذه المرأة.

(١) دهى فلانا: أصابه بداهية والداهية: الأمر العظيم.

٣٤٤

ـ عنى يا إدريس فلن تسبقني بنفسك(١) ثم أرسل إلى امرأته فأخبرها بما جاء به إدريس فقالت: لا يهولنك رسالة اله إدريس انا أكفيك أمر إدريس، انا أرسل إليه من يقتله فتبطل رسالة إلهه وكلما جاء به، قال: فافعلي قال: وكان لإدريس أصحاب من الروافض مؤمنون يجتمعون إليه في مجلس له فيأنسون به ويأنس بهم، فأخبرهم إدريس بما كان من وحي اللهعزوجل إليه ورسالته إلى الجبار وما كان من تبليغه رسالة اللهعزوجل إلى الجبار، فأشفقوا على إدريس وأصحابه وخافوا عليه القتل وبعثت امرأة الجبار إليه أربعين رجلا من الازارقة ليقتلوه. فأتوه في مجلسه الذي كان يجتمع إليه فيه أصحابه فلم يجدوه، فانصرفوا وقد رآهم أصحاب إدريس فحسبوا أنهم أتوا إدريس ليقتلوه فتفرقوا في طلبه فلقوه فقالوا له: خذ حذرك يا إدريس فان الجبار قاتلك، قد بعث اليوم أربعين رجلا من الازارقة ليقتلوك فاخرج من هذه القرية.

فتنحى إدريس عن القرية من يومه ذلك، ومعه نفر من أصحابه، فلما كان في السحر ناجى إدريس ربه فقال: يا رب بعثتني إلى جبار فبلغت رسالتك وقد توعدني هذا الجبار بالقتل بل هو قاتلي ان ظفر بى؟ فأوحى اللهعزوجل اليه: أنْ تنح عنه واخرج من قريته، وخلنى وإياه فو عزتي لأنفذن فيه أمرى، ولأصدقن قولك فيه، وما أرسلتك به اليه، فقال إدريس: يا رب ان لي حاجة، قال اللهعزوجل : سل تعطها.

قال: اسألك ان لا تمطر السماء على هذه القرية وما حولها وما حوت عليه حتّى اسألك ذلك، قال اللهعزوجل : يا إدريس إذاً تخرب القرية ويشتد جهد أهلها ويجوعون! قال إدريس: وان خربت وجهدوا وجاعوا؟ قال اللهعزوجل : قد أعطيتك ما سألت ولن أمطر السماء عليهم حتّى تسألنى ذلك، وأنا أحق من وفى بوعده.

فأخبر إدريس أصحابه بما سأل الله من حبس المطر عنهم وبما أوحى الله إليه ووعده

__________________

(١) قال المجلسي (ره): فلن تسبقني بنفسك هو تهديد بالقتل، أي لا يمكنك الفرار بنفسك والتقدم بحيث لا يمكنني اللحوق بك لاهلاكها، أو لا تغلبني في أمر نفسك بأن تتخلصها منى ويحتمل أن يكون المراد: لا تغلبني متفردا بنفسك من غير معاون فلم تتعرض لي.

٣٤٥

أن لا يمطر السماء على قريتهم حتّى يسأله ذلك فاخرجوا أيها المؤمنون من هذه القرية إلى غيرها من القرى، فخرجوا منها وعدّتهم يومئذ عشرون رجلا، فتفرقوا في القرى وشاع خبر إدريس في القرى بما سأل ربه، وتنحى إدريس إلى كهف من الجبل شاهق(١) فلجأ إليه ووكل اللهعزوجل به ملكا يأتيه بطعامه عند كل مساء وكان يصوم النهار فيأتيه الملك بطعامه عند كل مساء، وسلب اللهعزوجل عند ذلك ملك الجبار وقتله وأخرب مدينته وأطعم الكلاب لحم امرأته غضبا للمؤمن، فظهر في المدينة جبار آخر عاص، فمكثوا بذلك بعد خروج إدريس من القرية عشرين سنة لم تمطر السماء عليهم قطرة من مائها فجهد القوم واشتدت حالهم وصاروا يمتارون الاطعمة(٢) من القرى من بعد، فلما جهدوا مشى بعضهم إلى بعض، فقالوا: إنّ الذي نزل بنا مما ترون لسؤال إدريس ربه أن لا يمطر السماء علينا حتّى يسأله هو، وقد تنحى إدريس عنا ولا علم لنا بموضعه والله أرحم بنا منه، فأجمع أمرهم على ان يتوبوا إلى الله ويدعوه ويفزعوا إليه ويسألوه أن يمطر السماء عليهم وعلى ما حوت قريتهم، فقاموا على الرماد ولبسوا المسوح وحثوا على رؤسهم التراب(٣) وعجوا إلى الله بالتوبة والاستغفار والبكاء والتضرع اليه.

فأوحى اللهعزوجل إلى إدريس: يا إدريس ان أهل قريتك قد عجوا إليَّ بالتوبة والاستغفار والبكاء والتضرع، وانا الله الرحمن الرحيم اقبل التوبة وأعفو عن السيئة وقد رحمتهم ولم يمنعني من اجابتهم إلى ما سألونى من المطر إلّا مناظرتك فيما سألتنى أن لا أمطر السماء عليهم حتّى تسألنى، فاسألنى يا إدريس حتّى أغيثهم وأمطر السماء عليهم. قال إدريس: أللهمّ انّي لا أسئلك ذلك. قال اللهعزوجل : ألم تسألنى يا إدريس

__________________

(١) الشاهق: المرتفع من الجبال.

(٢) أي يجمعونها.

(٣) المسوح جمع المسح: الكساء من شعر كثوب الرهبان، ومنه يقال من نسيج الشعر على البدن تقشفا وقهرا للجسد مسح. وحثا التراب: صبه.

٣٤٦

فأجبتك إلى ما سألت، وأنا اسألك ان تسألنى فلم لا يجيب مسألتى؟ قال إدريس: أللهمّ لا اسألك، قال: فأوحى اللهعزوجل إلى الملك الذي أمره أن يأتى إدريس بطعامه كل مساء أن احبس عن إدريس طعامه ولا تأته به، فلما أمسى إدريس في ليلة يومه ذلك فلم يؤت بطعامه حزن وجاع، فصبر فلما كان في ليلة اليوم الثاني فلم يؤت بطعامه اشتد حزنه وجوعه، فلما كانت الليلة من اليوم الثالث فلم يؤت بطعامه اشتد جهده وجوعه وحزنه وقل صبره، فنادى ربه: يا رب حبست عنى رزقي من قبل أن تقبض روحي؟ فأوحى اللهعزوجل اليه: يا إدريس جزعت ان حبست عنك طعامك ثلثة أيام ولياليها، ولم تجزع وتذكر جوع أهل قريتك وجهدهم منذ عشرين سنة، ثم سألتك عند جهدهم ورحمتي إياهم ان تسألنى فأمطر السماء عليهم فلم تسألنى وبخلت عليهم بمسألتك إياي! فأدبتك بالجوع، فقل عند ذلك صبرك وظهر جزعك فاهبط من موضعك فاطلب المعاش لنفسك فقد وكلتك في طلبه إلى جبلتك.

فهبط إدريسعليه‌السلام من موضعه إلى قرية يطلب أكله من جوع، فلما دخل القرية نظر إلى دخان في بعض منازلها فأقبل نحوه، فهجم على عجوز كبيرة وهي ترفق قرصتين لها على مقلاة(١) فقال لها: أيتها المرأة أطعمينى فانى مجهود من الجوع، فقالت له: يا عبد الله ما تركت لنا دعوة إدريس فضلا نطعمه أحدا ـ وحلفت انها ما تملك غيره شيئا ـ فاطلب المعاش من غير أهل هذه القرية، فقال لها: أطعميني ما أمسك به روحي وتحملني به رجلي إلى أن أطلب، قالت: انهما قرصتان واحدة لي والاخرى لابني فان أطعمتك قوتي مت، وان أطعمتك قوت إبني مات، وما هاهنا فضل أطعمك، فقال لها: إنّ ابنك صغير يجزيه نصف قرصة فيحيا به، ويجزيني النصف الاخر فأحيى به وفي ذلك بلغة لي وله، فأكلت المرئة قرصتها وكسرت الاخرى بين إدريس وبين ابنها، فلما راى ابنها إدريس يأكل من قرصته اضطرب حتّى مات، قالت امه: يا عبد الله قتلت على إبني جزعا على قوته، فقال لها إدريس: فأنا أحييه

__________________

(١) المقلاة: وعاء يقلى فيه الطعام.

٣٤٧

بإذن الله فلا تجزعي، ثم أخذ إدريس بعضدي الصبى ثم قال: أيتها الروح الخارجة عن بدن هذا الغلام بأمر الله ارجعي إلى بدنه بإذن الله وأنا إدريس النبي، فرجعت روح الغلام إليه بإذن الله، فلما سمعت امه كلام إدريس وقوله: أنا إدريس، ونظرت إلى ابنها قد عاش بعد الموت، قالت: اشهد انك إدريس النبي وخرجت تنادي بأعلى صوتها في القرية: أبشروا بالفرج قد دخل إدريس في قريتكم، ومضى إدريس حتّى جلس على موضع مدينة الجبار الاول فوجدها وهي تل، فاجتمع إليه أناس من أهل قريته فقالوا له: يا إدريس أما رحمتنا في هذه العشرين سنة التي جهدنا فيها ومسنا الجوع والجهد فيها؟ فادع الله ان يمطر السماء علينا. قال: لا، حتّى يأتيني جباركم هذا وجميع أهل قريتكم مشاة حفاة فيسألوني ذلك، فبلغ الجبار قوله، فبعث إليه أربعين رجلا يأتوه بإدريس فأتوه فقالوا له: إنّ الجبار بعثنا إليك لنذهب بك إليه فدعا عليهم فماتوا، فبلغ ذلك الجبار فبعث إليه خمسمائة رجل ليأتوه به فأتوه فقالوا له: يا إدريس ان الجبار بعثنا إليك لنذهب بك اليه، فقال لهم إدريس: انظروا إلى مصارع أصحابكم فقالوا له: يا إدريس قتلتنا بالجوع منذ عشرين سنة ثم تريد أن تدعو علينا بالموت؟ أما لك رحمة؟ فقال: ما أنا بذاهب إليه وما انا بسائل الله أن يمطر السماء عليكم حتّى يأتيني جباركم ماشيا حافيا وأهل قريتكم، فانطلقوا إلى الجبار فأخبروه بقول إدريس وسألوه أن يمضى معهم وجميع أهل قريتهم إلى إدريس مشاة حفاة، فأتوه حتّى وقفوا بين يديه خاضعين له طالبين إليه أن يسأل اللهعزوجل أن يمطر السماء عليهم، فقال لهم إدريس: اما الآن فنعم فسأل اللهعزوجل إدريس عند ذلك ان يمطر السماء عليهم وعلى قريتهم ونواحيها، فأظلتهم سحابة من السماء وأرعدت وأبرقت وهطلت عليهم من ساعتهم(١) حتّى ظنوا انه الغرق، فما رجعوا إلى منازلهم حتّى أهمتهم أنفسهم من الماء(٢)

__________________

(١) هطل المطر: نزل متتابعا متفرقا عظيم القطر.

(٢) قال في البحار: أي خوف أنفسهم أوقعهم في الهموم، أو لم يهتمهم الأهم أنفسهم وطلب خلاصها. ثم اعلم ان الظاهر ان أمره تعالى إدريسعليه‌السلام بالدعاء لهم لم يكن على سبيل الحتم

٣٤٨

١٠٨ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى عبد الله بن يزيد بن سلام انه قال لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد سأله عن الأيام: فالخميس؟ قال: هو يوم خامس من الدنيا وهو يوم أنيس لعن فيه إبليس ورفع فيه إدريس، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠٩ ـ في الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن عمرو بن عثمان عن مفضل بن صالح عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أخبرنى جبرئيل ان ملكا من الملائكة كانت له عند الله منزلة عظيمة فتعتب عليه فأهبطه من السماء إلى الأرض، فأتى إدريسعليه‌السلام فقال له: إنّ لك من الله منزلة فاشفع لي عند ربك، فصلى ثلاث ليال لا يفتر وصام(١) أيامها لا يفطر، ثم طلب إلى اللهعزوجل في السحر في الملك، فقال الملك: انك قد أعطيت سؤلك وقد أطلق الله لي جناحي وانا أحب ان أكافيك فاطلب إلى حاجة، فقال تريني ملك الموت لعلّي آنس به فانه ليس يهنينى مع ذكره شيء. فبسط جناحه ثم قال: اركب، فصعد به يطلب ملك الموت في السماء الدنيا، فقيل له: اصعد فاستقبله بين السماء الرابعة والخامسة، فقال الملك: يا ملك الموت ما لي أراك قاطبا؟(٢) قال: العجب أنّي تحت ظل العرش حيث أمرت ان أقبض روح آدمي بين السماء الرابعة والخامسة؟ فسمع إدريسعليه‌السلام فامتعض(٣) فخر من جناح الملك فقبض روحه مكانه وقال اللهعزوجل :( وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا ) .

١١٠ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن أحمد بن أبي داود عن عبد الله بن أبان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال في حديث طويل يذكر فيه مسجد السهلة: أما علمت انه

__________________

والوجوب بل على الندب والاستحباب، وكان غرضهعليه‌السلام في الأخير وفي طلب القوم أن يأتوا، متذللين تنبيههم وزجرهم عن الطغيان والفساد لئلا يخالفوا ربهم بعدد هو له بينهم، وان أولياء الله يغضبون لربهم أكثر من سخطه تعالى لنفسه لسعة رحمته وعظم حلمه تعالى شأنه.

(١) فتر فلان عن عمله قصر فيه.

(٢) قطب: زوي ما بين عينيه وكلح.

(٣) امتعض منه: غضب وشق عليه.

٣٤٩

موضع بيت إدريس النبيعليه‌السلام الذي كان يخيط فيه؟

١١١ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدّثني أبي عن محمد بن أبي عمير عمن حدثه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الله تبارك وتعالى غضب على ملك من الملائكة فقطع جناحه وألقاه في جزيرة من جزائر البحر، فبقي ما شاء اللهعزوجل في ذلك البحر، فلما بعث اللهعزوجل إدريسعليه‌السلام جاء ذلك الملك إليه فقال: يا نبي الله ادع الله أن يرضى عنى ويرد جناحي، قال: نعم فدعا إدريس فرد اللهعزوجل عليه جناحه ورضى عنه، قال الملك لإدريس: ألك حاجة؟ قال: نعم أحب ان ترفعني إلى السماء حتّى انظر إلى ملك الموت فانه لا عيش لي مع ذكره، فأخذه الملك على جناحه حتّى انتهى به إلى السماء الرابعة فاذا ملك الموت يحرك رأسه تعجبا، فسلم إدريسعليه‌السلام على ملك الموت، فقال له: مالك تحرك رأسك؟

قال: إنّ رب العزة أمرنى ان أقبض روحك بين السماء الرابعة والخامسة، فقلت: يا رب وكيف يكون هذا وغلظ السماء الرابعة مسيرة خمسمائة عام، ومن السماء الرابعة إلى السماء الثالثة مسيرة خمسمائة عام، وكل سمائين وما بينهما كذلك فكيف يكون هذا؟ ثم قبض روحه بين السماء الرابعة والخامسة، وهو قولهعزوجل :( وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا ) وسمى إدريس لكثرة دراسته الكتب.

١١٢ ـ وفيه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل ذكرناه أول الإسراء وفيه: ثم صعدنا إلى السماء الرابعة وإذا فيها رجل فقلت: من هذا يا جبرئيل؟ فقال: هذا إدريس رفعه الله مكانا عليا، فسلمت عليه وسلم على واستغفرت له واستغفر لي.

١١٣ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليّعليهم‌السلام قال: إنّ يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لعليٍّعليه‌السلام في كلام طويل: هذا إدريسعليه‌السلام أعطاه اللهعزوجل «مكانا عليا» قال له عليعليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله اعطى ما هو أفضل من هذا. ان الله جل ثناؤه قال فيه:( وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ ) فكفى بهذا من الله رفعة.

٣٥٠

١١٤ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب في مناقب زين العابدينعليه‌السلام قالعليه‌السلام في قوله تعالى:( وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا ) : نحن عنينا بها.

١١٥ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن داود بن فرقد قال: قلت لابي عبد اللهعليه‌السلام قوله تعالى:( إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً ) قال: كتابا ثابتا، وليس ان عجلت قليلا أو أخرت قليلا بالذي يضرك ما لم تضيع تلك الاضاعة. فان اللهعزوجل يقول لقوم:( أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ) .

١١٦ ـ في مجمع البيان وقيل: أضاعوها بتأخيرها عن مواقيتها من غير أن تركوها أصلا. وهو المروي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

١١٧ ـ في جوامع الجامع ( وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ ) رووا عن عليّعليه‌السلام : من بنى الشديد وركب المنظور ولبس المشهور.

١١٨ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من سلم من أمتي من أربع خصال فله الجنة: من الدخول في الدنيا، واتباع الهوى، وشهوة البطن، وشهوة الفرج.

١١٩ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله:( لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً ) يعنى في الجنة( إِلَّا سَلاماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا ) قال: ذلك في جنات الدنيا قبل القيمة، والدليل على ذلك قوله تعالى:( بُكْرَةً وَعَشِيًّا ) فالبكرة والعشى لا يكون في الآخرة في جنات الخلد وانما يكون الغدو والعشى في جنات الدنيا التي تنتقل إليها أرواح المؤمنين وتطلع فيها الشمس والقمر.

١٢٠ ـ في محاسن البرقي عنه عن النضر بن سويد عن علي بن صامت عن ابن أخى شهاب بن عبد ربه قال: شكوت إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام ما ألقى من الأوجاع والتخم، فقال: تغد وتعش ولا تأكل بينهما شيئا فان فيه فساد البدن، أما سمعت قول اللهعزوجل يقول:( لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا ) .

٣٥١

١٢١ ـ في كتاب طب الائمةعليهم‌السلام محمد بن عبد الله العسقلاني قال: حدّثنا النضر بن سويد عن علي بن أبي الصلت عن أخى شهاب بن عبد ربه قال: كأنى شكوت إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام ما القى من الأوجاع والتخم وذكر إلى آخر ما في كتاب المحاسن. قال عز من قائل:( تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا )

١٢٢ ـ في تهذيب الأحكام في ادعية نوافل شهر رمضان: سبحان من خلق الجنة لمحمد وآل محمد، سبحان من يورثها محمدا وآل محمد وشيعتهم.

١٢٣ ـ في مجمع البيان وقال ابن عباس: أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لجبرئيل: ما منعك ان تزورنا أكثر مما تزورنا؟ فنزل( وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ ) الآية.

١٢٤ ـ في عيون الاخبار عن الرضاعليه‌السلام حديث وفيه يقولعليه‌السلام : إنّ الله تعالى لا يسهو ولا ينسى وانما ينسى ويسهو المخلوق والمحدث، ألآ تسمعهعزوجل يقول:( وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ) .

١٢٥ ـ في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه لرجل سأله عما اشتبه عليه من آيات الكتاب: واما قوله:( وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ) فان ربنا تبارك وتعالى علوا كبيرا ليس بالذي ينسى، ولا يغفل بل هو الحفيظ العليم.

ويقول فيهعليه‌السلام للسائل أيضا: واما قوله:( هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ) فان تأويله: هل يعلم أحد اسمه الله غير الله تبارك وتعالى، فإياك ان تفسر القرآن برأيك حتّى تفقه عن العلماء، فانه رب تنزيل يشبه بكلام البشر وهو كلام الله وتأويله لا يشبه كلام البشر، كما ليس شيء من خلقه يشبهه كذلك لا يشبه فعله تبارك وتعالى شيئا من أفعال البشر، ولا يشبه شيء من كلامه بكلام البشر، فكلام الله تبارك وتعالى صفته، وكلام البشر أفعالهم، فلا تشبه كلام الله بكلام البشر فتهلك وتضل.

١٢٦ ـ في أصول الكافي أحمد بن مهران عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى عن علي بن أسباط عن خلف بن حماد عن ابن مسكان عن مالك الجهني قال: سألت(١)

__________________

(١) أي انها يأتى لتهيئة منزل الموت ولاعلام الناس بنزوله، لان الرائد من هو يأتى قبل المسافر في طلب الكلاء.

٣٥٢

أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل : أو لم ير( الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً ) قال: فقال: لا مقدرا ولا مكونا.

١٢٧ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن إسمعيل بن إبراهيم ومحمد بن أبي عمير عن عبد الله بن بكير عن زرارة عن حمران قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قوله:( أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً ) قال: لم يكن شيئا في كتاب ولا علم.

١٢٨ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم ( أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً ) أي لم يكن ذكره، ثم أقسمعزوجل بنفسه فقال: «فو ربك يا محمّد( لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا ) قال: على ركبهم وقولهعزوجل :

( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا ) يعنى في البحار إذا تحولت نيرانا يوم القيمة.

١٢٩ ـ وفي حديث آخر: هي منسوخة بقولهعزوجل :( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ ) .

١٣٠ ـ أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدّثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن الحسين بن أبي العلا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قولهعزوجل :( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها ) قال: أما تسمع الرجل يقول: وردنا بنى فلان فهو الورود ولم يدخله.

١٣١ ـ في مجمع البيان قال السدي: سألت مرة الهمداني عن هذه الآية فحدثني ان عبد الله بن مسعود حدثهم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: يرد الناس النار ثم يصدرون بأعمالهم، فأولهم كلمع البرق، ثم كمر الريح ثم كحضر الفرس، ثم كالراكب ثم كشد الرجل، ثم كمشيه.

١٣٢ ـ وروى أبو صالح غالب بن سليمان عن كثير بن زياد عن أبي سمية قال: اختلفنا في الورود، فقال قوم: لا يدخلها مؤمن، وقال آخرون: يدخلونها جميعا ثم ينجى الله الذين اتقوا، فلقيت جابر بن عبد الله فسألته فأومى بإصبعيه إلى أذنيه وقال: صمتا ان لم أكن سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: الورود الدخول، لا يبقى بر ولا

٣٥٣

فاجر إلّا يدخلها، فيكون على المؤمنين بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم حتّى ان للنار ـ أو قال لجهنم: ـ ضجيجا من بردها، ثم ينجى الله الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثيا.

١٣٣ ـ وروى مرفوعا عن يعلى بن منبه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: تقول النار للمؤمن يوم القيامة: جزيا مؤمن فقد اطفأ نورك لهبى.

١٣٤ ـ وروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه سئل عن المعنى فقال: إنّ الله تعالى يجعل النار كالسمن الجامد، ويجمع عليها الخلق ثم ينادى المنادي: أنْ خذي أصحابك وذرى أصحابي فو الذي نفسي بيده لهي أعرف بأصحابها من الوالدة بولدها.

١٣٥ ـ في اعتقادات الامامية للصدوقرحمه‌الله وروى انه لا يصيب أحدا من أهل التوحيد الم في النار إذا دخلوها، وانما يصيبهم الألم عند الخروج منها، فتكون تلك الآلام جزاء بما كسبت أيديهم وما الله بظلام للعبيد.

١٣٦ ـ في مجمع البيان متصل بقوله: من الوالدة بولدها وقيل: إنّ الفائدة في ذلك ما روى في بعض الاخبار ان الله تعالى لا يدخل أحدا الجنة حتّى يطلعه على النار وما فيها من العذاب، ليعلم تمام فضل الله عليه وكمال لطفه وإحسانه اليه، فيزداد لذلك فرحا وسرورا بالجنة ونعيمها، ولا يدخل أحدا النار حتّى يطلعه على الجنة وما فيها من أنواع النعيم والثواب ليكون ذلك زيادة عقوبة له وحسرة على ما فاته من الجنة ونعيمها، وقد ورد في الخبر أن الحمى من قيح جهنم.

١٣٧ ـ وروى ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عاد مريضا فقال: أبشر ان اللهعزوجل يقول: الحمى هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن في الدنيا لتكون حظه من النار.

١٣٨ ـ في الكافي محمد عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسمعيل عن سعدان عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: الحمى رائد الموت(١)

__________________

(١) أي انها يأتى لتهيئة منزل الموت ولاعلام الناس بنزوله، لان الرائد من هو يأتى قبل المسافر في طلب الكلاء.

٣٥٤

وهي سجن المؤمن في الأرض، وهي حظ المؤمن من النار.

١٣٩ ـ محمد بن يحيى عن موسى بن الحسن عن الهيثم بن أبي مسروق عن شيخ من أصحابنا يكنى بابى عبد الله عن رجل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الحمى رائد الموت، وسجن الله تعالى في أرضه، وفورها من جهنم، وهي حظ كل مؤمن من النار.

١٤٠ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن الحسن ابن عبد الرحمن عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا ) قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله دعا قريشا إلى ولايتنا فتنفروا وأنكروا «فقال الذين كفروا» من قريش «للذين آمنوا» الذين أقروا لأمير المؤمنين ولنا أهل البيت:( أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا ) تعييرا منهم، فقال الله ردا عليهم:( وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ ) من الأمم السابقة( هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً ) .

١٤١ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقال عليّ بن إبراهيمرحمه‌الله في قولهعزوجل :( وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً ) قال: عنى به الثياب والاكل والشراب وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: الأثاث المتاع، واما رئيا فالجمال والمنظر الحسن.

١٤٢ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن الحسن بن عبد الرحمن عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قلت: قوله( مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا ) قال: كلهم كانوا في ضلالة لا يؤمنون بولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام ولا بولايتنا، فكانوا ضالين مضلين فليمد لهم في ضلالتهم وطغيانهم حتّى يموتوا. فيصيرهم الله شرا مكانا وأضعف جندا، قلت: قوله:( حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً ) قال: اما قوله:( حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ ) فهو خروج القائم وهو الساعة، فسيعلمون

٣٥٥

ذلك اليوم وما نزل بهم من الله على يدي قائمه. فذلك قوله:( مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً ) يعنى عند القائمعليه‌السلام ( وَأَضْعَفُ جُنْداً ) قلت: قوله:( وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً ) قال: يزيدهم ذلك اليوم هدى على هدى باتباعهم القائمعليه‌السلام ، حيث لا يجحدونه ولا ينكرونه.

١٤٣ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقوله:( وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ مَرَدًّا ) قال: الباقيات هو قول المؤمن: سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر.

١٤٤ ـ وحدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن جميل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لـمّـا أسري بي إلى السماء دخلت الجنة فرأيت فيها قيعانا يققا(١) ورأيت فيها ملئكة يبنون لبنة من ذهب ولبنة من فضة، وربما أمسكوا، فقلت لهم: ما لكم ربما بنيتم وربما أمسكتم؟ فقالوا: حتّى تجيئنا النفقة، فقلت لهم: وما نفقتكم؟ قالوا: قول المؤمن في الدنيا: سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر. فاذا قال بنينا وإذا أمسك أمسكنا.

قال مؤلف هذا الكتاب عفي عنه: وفي بعض النسخ دخلت الجنة فرأيت فيها ملئكة يبنون إلخ وقد نقلنا في تفسير «الباقيات الصالحات» في سورة الكهف جملة شافية من الاخبار فراجع.

١٤٥ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قولهعزوجل :( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً ) ان العاص بن وائل بن هشام القرشي ثم السهمي وهو أحد المستهزئين وكان لخباب بن الأرت على العاص بن وائل حق، فأتاه يتقاضاه، فقال له العاص: ألستم تزعمون ان في الجنة الذهب والفضة والحرير؟ قال: بلى، قال: فموعد ما بيني وبينك الجنة فو الله لأوتين فيها خيرا مما أوتيت في الدنيا، يقول اللهعزوجل :

__________________

(١) القيعان جمع القاع: الأرض السهلة المطمئنة قد انفرجت عنها الآكام والجبال. ويقق: شديد البياض.

٣٥٦

( أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً كَلَّا سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وَيَأْتِينا فَرْداً وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا ) والضد القرين الذي يقرن به.

١٤٦ ـ حدّثنا جعفر بن أحمد قال: حدّثنا عبيد الله بن موسى قال: حدّثنا الحسين ابن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا ) يوم القيامة أي يكون هؤلاء الذين اتخذوهم آلهة من دون الله ضدا يوم القيمة ويتبرءون منهم ومن عبادتهم إلى يوم القيمة، ثم قال: ليس العبادة هي السجود ولا الركوع وانما هي طاعة الرجال، من أطاع مخلوقا في معصية الخالق فقد عبده، وقولهعزوجل :( أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ) قال: لما طغوا فيها وفي فتنتها وفي طاعتهم ومد لهم في طغيانهم وضلالتهم أرسل عليهم شياطين الانس والجن( تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ) أي تنخسهم نخسا، وتحضهم على طاعتهم وعبادتهم، فقال اللهعزوجل :( فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إنّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا ) أي في طغيانهم وفتنتهم وكفرهم.

١٤٧ ـ وفي تفسيره متصل بقوله «وإذا أمسك أمسكنا» عند قوله: «والباقيات الصالحات» وقوله:( أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ) قال: نزلت في مانعي الزكاة والمعروف، يبعث الله عليهم سلطانا أو شيطانا فينفق ما يجب عليه من الزكاة في غير طاعة الله ويعذبه على ذلك، وقوله تبارك وتعالى:( فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إنّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا ) فقال لي: ما هو عندك؟ قلت: عندي عدد الأيام، قال: لا، ان الاباء والأمهات ليحصون ذلك ولكن عدد الأنفاس.

١٤٨ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن الحسين بن إسحق عن علي بن مهزيار عن علي بن إسمعيل الميثمي عن عبد الأعلى مولى آل سام قال: قلت لابي عبد اللهعليه‌السلام : قول اللهعزوجل :( إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا ) قال: ما هو عندك؟ قلت: عدد الأيام، قال: إنّ الاباء والأمهات يحصون ذلك ولكنه عدد الأنفاس.

٣٥٧

١٤٩ ـ في نهج البلاغة من كلامهعليه‌السلام : نفس المرء خطاه إلى أجله.

١٥٠ ـ وقالعليه‌السلام : كل معدود متنقص وكل متوقع آت.

١٥١ ـ في عيون الاخبار حدّثنا أبو على محمد بن أحمد بن يحيى المعاذي قال: حدّثنا أبو عمر محمد بن عبد الله الحكمي الحاكم بنوقان، قال: خرج علينا رجلان من الري برسالة بعض السلاطين بها إلى الأمر نصر بن أحمد ببخارا وكان أحدهما من أهل الري والاخر من أهل قم، وكان القمى على المذهب الذي كان قديما بقم في النصب وكان الرازي متشيعا، فلما بلغا نيسابور قال الرازي للقمي: ألآ نبدأ بزيارة الرضاعليه‌السلام ثم نتوجه إلى بخارا؟ فقال القمى: قد بعثنا سلطاننا برسالة إلى الحضرة ببخارا فلا يجوز لنا أن نشتغل بغيرها حتّى نفرغ منها، فقصدا بخارا وأديا ورجعا حتّى حاذيا طوى، فقال الرازي للقمي: ألآ نزور الرضاعليه‌السلام ؟ فقال: خرجت من قم مرجئا ولا أرجع إليها رافضيا، قال: فسلم الرازي أمتعته ودوابه إليه وركب حمارا وقصد مشهد الرضاعليه‌السلام وقال لخدام المشهد: خلوا إلى المشهد هذه الليلة، وادفعوا إلى مفتاحه ففعلوا ذلك، قال: فدخلت المشهد وغلقت الباب وزرت الرضاعليه‌السلام ثم قمت عند رأسه وصليت ما شاء الله تعالى، وابتدأت في قراءة القرآن من أوله قال: فكنت أسمع صوتا بالقرآن كما أقرأ، فقطعت صلوتى ودرت المشهد كله وطلبت نواحيه فلم أر أحدا، فعدت إلى مكاني وأخذت في القرائة من أول القرآن فكنت أسمع مثل ما اقرأ حتّى بلغت آخر مريم فقرأت:( يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إلى الرَّحْمنِ وَفْداً ) فسمعت الصوت من القبر: «يوم يحشر المتقون إلى الرحمن وفدا ويساق المجرمون إلى جهنم وردا» حتّى ختمت القرآن وختم، فلما أصبحت رجعت إلى نوقان فسألت من بها من المقرئين عن هذه القرائة، فقالوا هذا في اللفظ والمعنى مستقيم لكنا لا نعرف في قراءة أحد قال فرجعت إلى نيسابور فسئلت من المقرئين عن هذه القرائة فلم يعرفها أحد منهم حتّى رجعت إلى الري فسئلت بعض المقرئين عن هذه القرائة فقلت: من قرء «يوم يحشر المتقون إلى الرحمن وفدا ويساق المجرمون إلى جهنم وردا»؟ فقالوا لي: اين جئت بهذا؟ فقلت: وقع لي احتياج إلى معرفتها في أمر

٣٥٨

حدث، فقال: هذه قراءة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من رواية أهل البيتعليهم‌السلام ثم استحكاني السبب الذي من أجله سألت عن هذه القرائة فقصيت عليه القصة وصحت لي القرائة.

١٥٢ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد ابن سنان عن أبي الجارود قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا أول وافد على العزيز الجبار يوم القيامة وكتابه وأهل بيتي ثم أمتي ثم أسألهم ما فعلتم بكتاب الله وأهل بيتي؟.

١٥٣ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن عبد الله بن شريك العامري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سأل على صلوات الله عليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن تفسير قولهعزوجل :( يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إلى الرَّحْمنِ وَفْداً ) قال: يا عليُّ الوفد لا يكون إلّا ركبانا، أولئك رجال اتقوا اللهعزوجل فأحبهم، واختصهم ورضى أعمالهم، فسماهم الله متقين، ثم قال: يا عليُّ أما والذي فلق الحبة وبرىء النسمة انهم ليخرجون من قبورهم وبياض وجوههم كبياض الثلج، عليهم ثياب بياضها كبياض اللبن، عليهم نعال الذهب شراكها من لؤلؤ يتلالأ.

١٥٤ ـ وفي حديث آخر قال: إنّ الملائكة لتستقبلهم بنوق من نوق الجنة، عليها رحائل الذهب مكللة بالدر والياقوت، وجلالها(١) الإستبرق والسندس وخطامها جذل الأرجوان(٢) وأزمتهم من زبرجد، فتطير بهم إلى المحشر، مع كل رجل منهم ألف ملك من قدامه وعن يمينه وعن شماله، يزفونهم(٣) حتّى ينتهوا بهم إلى باب الجنة الأعظم، وعلى باب الجنة شجرة، الورقة منها يستظل تحتها مأة ألف

__________________

(١) جلال ـ ككتاب ـ جمع الجل وهو للدابة كالثوب للإنسان تصان به.

(٢) الجذل: أصل الشجر الخشبي والأرجوان: شجرة صغيرة الحجم من فصيلة القرنيات زهرها وردي يظهر في مطلع الربيع قبل الأوراق.

(٣) زف العروس إلى زوجها: أهداها، قال المجلسي (ره) في مرآة العقول أي يذهبون بهم على غاية الكرامة كما يزف العروس إلى زوجها.

٣٥٩

من الناس، وعن يمين الشجرة عين مطهرة مكوكبة(١) قال: فيسقون منها شربة فيطهر اللهعزوجل قلوبهم من الحسد ويسقط عن أبشارهم الشعر. وذلك قولهعزوجل :( وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً ) من تلك العين المطهرة، ثم يرجعون إلى عين اخرى عن يسار الشجرة فيغتسلون منها، وهي عين الحيوة، فلا يموتون أبدا.

ثم قال: يوقف بهم قدام العرش وقد سلموا من الآفات والأسقام والحر والبرد، قال فيقول الجبار جل ذكره للملائكة الذين معهم: احشروا أوليائى إلى الجنة ولا تقفوهم مع الخلائق، قد سبق رضائى عنهم ووجبت لهم رحمتي، فكيف أريد أن أوقفهم مع أصحاب الحسنات والسيئات، فتسوقهم الملائكة إلى الجنة، فاذا انتهوا إلى باب الجنة الأعظم ضربوا الملائكة الحلقة ضربة فتصر صريرا(٢) فيبلغ صوت صريرها كل حوراء خلقها اللهعزوجل وأعدها لأوليائه، فيتباشروا إذ سمعوا صوت صرير الحلقة ويقول بعضهم لبعض: قد جاءنا أولياء الله فيفتح لهم الباب، فيدخلون الجنة ويشرف عليهم أزواجهم من الحور العين والآدميين، فيقلن: مرحبا بكم فما كان أشد شوقنا إليكم، ويقول لهم أولياء الله مثل ذلك، فقال على صلوات الله عليه: من هؤلاء يا رسول الله؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليُّ هؤلاء شيعتك المخلصون في ولايتك، وأنت امامهم وهو قول اللهعزوجل :( يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إلى الرَّحْمنِ وَفْداً ) على الرحائل،( وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إلى جَهَنَّمَ وِرْداً ) .

في روضة الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن محمد بن إسحق المدني عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سئل عن قول اللهعزوجل :( يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إلى الرَّحْمنِ وَفْداً ) فقال: يا عليُّ ان الوفد لا يكونون إلّا ركبانا، وذكر نحو ما في تفسير عليّ بن إبراهيم إلى قوله: ويقول لهن أولياء الله مثل ذلك.

__________________

(١) كذا في النسخ لكن في المصدر وكتاب الروضة والمنقول عنهما في البحار «مزكية» وهو الظاهر.

(٢) صر صريرا: صوت وصاح شديدا.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749