تفسير نور الثقلين الجزء ٥

تفسير نور الثقلين5%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 749

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 749 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 356876 / تحميل: 4854
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

٣٠ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن يحيى بن أبي عمران عن يونس عن بكار بن بكر عن موسى بن أشيم قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام فسأله رجل عن آية من كتاب اللهعزوجل فأخبره، ثم دخل عليه داخل فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبر الاول، فدخلني من ذلك ما شاء الله، حتى كأن قلبي يشرح بالسكاكين، فقلت في نفسي: تركت أبا قتادة بالشام لا يخطى في الواو وشبهه، وجئت إلى هذا يخطى هذا الخطاء كله؟ فبينا انا كذلك إذ دخل عليه آخر فسئله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبرنى وأخبر صاحبي، فسكنت نفسي، فعلمت ان ذلك منه تقية قال: ثم التفت إلى فقال لي: يا ابن أشيم ان اللهعزوجل فوض إلى سليمان بن داود فقال:( هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ ) وفوض إلى نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال:( ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) فما فوض إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقد فوضه إلينا.

٣١ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحجال عن ثعلبة عن زرارة قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول:(١) ان اللهعزوجل فوض نبيه أمر خلقه لينظر طاعتهم، ثم تلا هذه الآية( ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا )

٣٢ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن فضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول لبعض أصحاب قيس الماصر(٢) ان اللهعزوجل أدب نبيه فأحسن أدبه فلما أكمل له الأدب قال:( إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) ثم فوض إليه أمر الدين والامة ليسوس عباده، فقالعزوجل :

__________________

(١) وفي المصدر «عن أبي جعفر وأبى عبد الله (عليه السلام) يقولان اه».

(٢) قيس الماصر من المتكلمين تعلمه من علي بن الحسين (عليه السلام) وصحب الصادق (عليه السلام) وهو من أصحاب مجلس الشامي الذي ناظره جمع من متكلمي أصحابه (عليه السلام) ونقل حديثه الطبرسي (ره) في كتاب الاحتجاج والكليني (ره) في الكافي ج ١: ١٧١، وفيه كلام للصادق (عليه السلام)قاله لقيس بعد مناظرته الشامي والحديث بشرحه مذكور في كتاب بحار الأنوار ج ٧ صفحة ٤ ط كمبانى فراجع ان شئت.

٢٨١

( ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) وان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان مسددا موفقا مؤيدا بروح القدس، لا يزل ولا يخطى في شيء مما يسوس به الخلق، فتأدب بآداب الله ثمّ إنّ اللهعزوجل فرض الصلوة ركعتين ركعتين عشر ركعات، فأضاف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الركعتين ركعتين، والى المغرب ركعة، فصارت عديل الفريضة لا يجوز تركها إلّا في السفر، وأفرد الركعة في المغرب فتركها قائمة في السفر والحضر. فأجاز اللهعزوجل له ذلك كله، فصارت الفريضة سبع عشرة ركعة، ثم سن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله النوافل أربعا وثلثين ركعة مثلي الفريضة، فأجاز اللهعزوجل له ذلك والفريضة والنافلة احدى وخمسون ركعة، منها ركعتان بعد العتمة جالسا تعد بركعة مكان الوتر، وفرض الله في السنة صوم شهر رمضان ؛ وسن رسول الله صوم شعبان وثلثة أيام في كل شهر مثلي الفريضة، فأجاز اللهعزوجل له ذلك وحرم اللهعزوجل الخمر بعينها، وحرم رسول الله المسكر من كل شراب فأجاز الله له ذلك وعاف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أشياء وكرهها ولم ينه عنها نهى حرام، انما نهى عنها نهى اعافة وكراهة، ثم رخص فيها فصار الأخذ برخصته واجبا على العباد كوجوب ما يأخذون بنهيه وعزائمه ولم يرخص لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيما نهاهم عنه نهى حرام، ولا فيما أمر به أمر فرض لازم، فكثير المسكر من الاشربة نهاهم عنه نهى حرام لم يرخص فيه لأحد، ولم يرخص رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأحد تقصير الركعتين اللتين ضمهما إلى ما فرض اللهعزوجل ، بل الزمهم ذلك إلزاما واجبا لم يرخص لأحد في شيء من ذلك إلّا للمسافر، وليس لأحد أن يرخص ما لم يرخصه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فوافق أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر اللهعزوجل ، ونهيه نهى اللهعزوجل ، ووجب على العباد التسليم له كالتسليم لله تبارك وتعالى.

٣٣ ـ أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن ابن فضال عن ثعلبة بن ميمون عن زرارة انه سمع أبا جعفر وأبا عبد اللهعليهما‌السلام يقولان: ان الله تبارك وتعالى فوض إلى نبيه أمر خلقه لينظر كيف طاعتهم ثم تلا هذه الآية( ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) .

٢٨٢

٣٤ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن سنان عن إسحق بن عمار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الله تبارك وتعالى أدب نبيه، فلما انتهى به إلى ما أراد قال له:( إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) ففوض إليه دينه، فقال:( وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) وان اللهعزوجل فرض الفرائض ولم يقسم للجد شيئا، وان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أطعمه السدس، فأجاز الله جل ذكره له ذلك، وذلك قول اللهعزوجل :( هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ ) .

٣٥ ـ وباسناده إلى الميثمي عن أبي عبد الله قال: سمعته يقول: إنّ اللهعزوجل أدب رسوله حتى قومه على ما أراد ثم فوض إليه فقال عن ذكره:( ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) فما فوض الله إلى رسوله فقد فوضه إلينا.

٣٦ ـ علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن الحسين بن عبد الرحمن عن صندل الخياط عن زيد الشحام قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ ) قال: اعطى سليمان ملكا عظيما ثم جرت هذه الآية في رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكان له أن يعطى ما شاء ويمنع من شاء ما شاء وأعطاه أفضل مما اعطى سليمان بقوله:( ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) .

٣٧ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن ربعي عن زرارة عن أبي جعفر قال: سمعته يقول: إنّ النبي لا يوصف وكيف يوصف عبد احتجب الله بسبع(١) وجعل طاعته في الأرض كطاعته في السماء، فقال:( وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) ومن أطاع هذا فقد أطاعنى، ومن عصاه فقد عصاني، وفوض اليه، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٨ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن بعض أصحابنا قال: أو لم أبو الحسن موسىعليه‌السلام وليمة على بعض ولده، فأطعم أهل المدينة ثلاثة أيام الفالوذجات في الجفان في المساجد والازقة(٢) فعابه

__________________

(١) كذا في النسخ ولم اظفر على الحديث في مظانه في كتاب الأصول.

(٢) الجفان جمع الجفنة: القصعة والازقة جمع الزقاق: السكة. والطريق الضيق.

٢٨٣

بذلك بعض أهل المدينة، فبلغهعليه‌السلام ذلك فقال: ما أتى اللهعزوجل نبي من أنبيائه شيئا إلّا وقد آتى الله محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله مثله، وزاده ما لم يؤتهم قال لسليمانعليه‌السلام :( هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ ) وقال لمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ( وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) .(١)

٣٩ ـ في بصائر الدرجات يعقوب بن يزيد عن محمد بن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي اسامة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الله خلق محمدا فأدبه حتى إذا بلغ أربعين سنة اوحى الله وفوض إليه الأشياء فقال( ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) .

٤٠ ـ وباسناده إلى القاسم بن محمد قال: إنّ الله تعالى أدب نبيه فأحسن تأديبه فقال:( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ ) فلما كان ذلك فأنزل( إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) وفوض إليه أمر دينه فقال:( ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) فحرم الله الخمر بعينها، وحرم رسول الله كل مسكر، فأجاز الله ذلك له ولم يفوض إلى أحد من الأنبياء غيره.

٤١ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن يونس بن عبد الرحمن عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سارعوا إلى طلب العلم، فو الذي نفسي بيده لحديث في حلال وحرام يأخذه عن صادق خير من الدنيا وما حملت من ذهب وفضة، وذلك ان الله يقول:( ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) وان كان علىعليه‌السلام ليأمر بقرائة المصحف.

٤٢ ـ في مجمع البيان وروى زيد الشحام عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ما أعطى الله

__________________

(١) لعل مراده (عليه السلام) ان الإطعام على النحو المذكور ليس مما نهاه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيكون، مباحا، أو هو في جملة ما آتاه فيكون سنة فلا عيب فيه، ويحتمل أن يكون المراد يجب عليكم متابعتنا والأخذ بأوامرنا ونواهينا كما يجب عليكم متابعة النبي والأخذ بأوامره ونواهيه وليس عليكم أن تعيبوا علينا أفعالنا لأنا أوصياؤه ونوابه وإنّما أبهم ذلك وأجمله لمكان التقية، قاله الفيض (ره) في الوافي.

٢٨٤

نبيا من الأنبياء وقد اعطى محمدا مثله، قال لسليمان:( فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ ) وقال لرسول( ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) .

٤٣ ـ في تفسير العياشي عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل يقول في آخره: وكيف لا يكون له من الأمر شيء وقد فوض الله إليه ان جعل ما أحل فهو حلال، وما حرم فهو حرام قوله:( ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) .

٤٤ ـ في كتاب الخصال عن سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه: وان أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مثل القرآن ناسخ ومنسوخ، وخاص وعام، ومحكم ومتشابه، وقد يكون من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الكلام له وجهان كلام عام وكلام خاص، مثل القرآن وقد قال الله تعالى في كتابه:( ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنى الله به ورسوله.

٤٥ ـ في عيون الأخبار عن الرضاعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : لا ترخص فيما لم يرخص فيه رسول الله، ولا تأمر بخلاف ما أمر رسول الله إلّا لعلة خوف وضرورة، وان تستحل ما حرم رسول الله أو تحرم ما استحله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلا يكون ذلك أبدا لأنا تابعون لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تابع لأمر ربهعزوجل مسلم له، وقال اللهعزوجل :( ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) .

٤٦ ـ في روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنينعليه‌السلام يقول فيها و( ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا، وَاتَّقُوا اللهَ ) في ظلم آل محمد،( إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ ) لمن ظلمهم.

قال عز من قائل( وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ ) .

٤٧ ـ في أصول الكافي باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه: والايمان بعضه من بعض ؛ وهو دار وكذلك الإسلام دار والكفر دار

٢٨٥

٤٨ ـ في مجمع البيان وقيل في موضع قوله:( وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ ) قولان (أحدهما) انه رفع على الابتداء وخبره( يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ ) إلى آخره، لان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يقسم لهم شيئا من الفيء إلّا لرجلين أو لثلاثة على خلاف في الرواية ؛ والاخر انه موضع جر عطفا على الفقراء والمهاجرين.

٤٩ ـ في محاسن البرقي عنه عن أحمد بن أبي نصر عن صفوان الجمال عن أبي عبيدة عن أبي جعفرعليه‌السلام في حديث له قال: يا زياد ويحك وهل الدين إلّا الحب؟ ألا ترى إلى قول الله:( إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ) أولا ترون قول الله لمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ( حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ) وقال:( يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ ) وقال: الدين هو الحب، والحب هو الدين.

٥٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه للقوم بعد موت عمر بن الخطاب: نشدتكم بالله هل فيكم أحد أنزلت فيه هذه، الآية( وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) غيري؟ قالوا: لا.

٥١ ـ في مجمع البيان وقيل نزلت في رجل جاء إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال: أطعمنى فإنّي جائع، فبعث إلى اهله فلم يكن عندهم شيء ؛ فقال: من يضيفه هذه الليلة فأضافه رجل من الأنصار وأتى به منزله ولم يكن عنده إلّا قوت صبية له، فأتوا بذلك إليه واطفأوا السراج وقامت المرئة إلى الصبية فعللتهم حتى ناموا وجعلا يمضغان ألسنتهما لضيف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فظن الضيف انهما يأكلان معه حتى شبع الضيف وباتا طاويين(١) فلما أصبحا غدوا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فنظر إليهما وتبسم وتلا هذه الاية.

٥٢ ـ وروى عن أبي الطفيل قال: اشترى علىعليه‌السلام ثوبا فأعجبه فتصدق به، وقال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: من آثر على نفسه آثره الله يوم القيمة الجنة، الحديث.

٥٣ ـ في أمالي شيخ الطائفةقدس‌سره باسناده إلى أبي هريرة قال: جاء رجل الى

__________________

(١) الطاوى بمعنى الجائع.

٢٨٦

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فشكا إليه الجوع فبعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى بيوت أزواجه فقلن: ما عندنا إلّا الماء فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من لهذا الرجل الليلة؟ فقال عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام : أنا له يا رسول الله وأتى فاطمةعليها‌السلام ، فقال لها: ما عندك يا ابنة رسول الله؟ فقالت: ما عندنا إلّا قوت العشية لكنا نؤثر ضيفنا، فقالعليه‌السلام : يا ابنة محمد نومى الصبية وأطفئي المصباح، فلما أصبح علىعليه‌السلام غدا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبره الخبر فلم يبرح حتى أنزل اللهعزوجل ( وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) .

٥٤ ـ في كتاب الخصال عن جميل بن دراج قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : خياركم سمحائكم وشراركم بخلائكم، ومن صالح الأعمال البر بالإخوان، والسعي في حوائجهم، وفي ذلك مرغمة الشيطان، وتزحزح عن النيران ودخول الجنان. يا جميل أخبر بهذا الحديث غرر أصحابك، قال: قلت جعلت فداك من غرر أصحابى؟ قال: هم البارون بالإخوان في العسر واليسر، ثم قال: يا جميل ان صاحب الكثير يهون عليه، وقد مدح اللهعزوجل صاحب القليل، فقال:( وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) .

٥٥ ـ عن أبي جعفرعليه‌السلام قال الله تعالى جنة لا يدخلها إلّا ثلثة: رجل حكم ...إلى قوله ورجل آثر أخاه المؤمن في الله تعالى.

٥٦ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن عمر بن عبد ـ العزيز عن جميل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: إنّ مما خص اللهعزوجل به المؤمن أن يعرفه من إخوانه وان قل، وليس البر بالكثر، وذلك ان اللهعزوجل يقول في كتابه:( وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ ) ثم قال:( وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) ومن عرفه اللهعزوجل بذلك أحبه الله، ومن أحبه الله تبارك وتعالى وفاه اجره يوم القيامة بغير حساب، ثم قال: يا جميل ارو هذا الحديث لإخوانك فانه ترغيب في البر.

٥٧ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير عن أبى

٢٨٧

على صاحب الكلل(١) عن أبان بن تغلب عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته فقلت: أخبرني عن حق المؤمن على المؤمن؟ فقال: يا أبان دعه لا ترده، قلت: بلى جعلت فداك فلم أزل أرد عليه، فقال: يا أبان تقاسمه شطر ما لك. ثم نظر إلى فرأى ما دخلني، فقال: يا أبان اما تعلم ان اللهعزوجل قد ذكر المؤثرين على أنفسهم؟ قلت: بلى جعلت فداك، فقال: اما إذا أنت قاسمته فلم تؤثره بعد انما أنت وهو سواء، انما تؤثره إذا أعطيته من النصف، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥٨ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل ليس عنده إلّا قوت يومه أيعطف من عنده قوت يومه على من ليس عنده شيء ويعطف من عنده قوت شهر على من دونه، والسنة على نحو ذلك، أم ذلك كله الكفاف الذي لا يلام عليه؟ فقال: هو أمر ان أفضلكم فيه أحرصكم على الرغبة، والاثرة على نفسه، فان اللهعزوجل يقول:( وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ ) والأمر الاخر لا يلام على الكفاف واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول.

سهل بن زياد عمن حدثه عن جميل بن دراج قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول خياركم سمحائكم وذكره نحو ما نقلنا عن كتاب الخصال.

٥٩ ـ وباسناده إلى سويد السبائى عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام قال: قلت له: أوصنى قال: آمرك بتقوى الله ثم سكت فشكوت إليه قلة ذات يدي، وقلت: والله لقد عريت حتى بلغ من عريى ان أبا فلان نزع ثوبين كانا عليه، فكسانيهما فقال: صم وتصدق، قلت: أتصدق ما وصلني به وإخواني وان كان قليلا؟ قال: تصدق مما رزقك الله ولو آثرت على نفسك.

٦٠ ـ وباسناده إلى أبي بصير عن أحدهماعليهما‌السلام قال: قلت أي الصدقة أفضل؟

__________________

(١) «صاحب الكلل» أي بايعها والكلل جمع كلة: الستر الرقيق يتوقى به من البعوض.

٢٨٨

قال: جهد المقل(١) اما سمعت قول اللهعزوجل ( وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ ) ترى هاهنا فضلا.

٦١ ـ علي بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة قال: دخل سفيان الثوري على أبي عبد اللهعليه‌السلام فرأى عليه ثياب بيض كأنها غرقئ البيض(٢) فقال له: ان هذا اللباس ليس من لباسك فقال: اسمع منى وع ما أقول لك، فانه خير لك عاجلا وآجلا، ان أنت ميت على السنة والحق ولم تمت على بدعة(٣) ، أخبرك ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان في زمان مقفر جدب(٤) فاما إذا أقبلت الدنيا فأحق أهلها أبرارها لا فجارها، ومؤمنوها لا منافقوها، ومسلموها لا كفارها، فما أنكرت يا ثوري فو الله اننى لمع ما ترى ما أتى على مذ عقلت صباح ولا مساء ولله في مالي حق أمرنى ان أضعه موضعا إلّا وضعته.

قال: وأتاه قوم ممن يظهر الزهد ويدعو الناس ان يكونوا معهم على مثل الذي هم عليه من التقشف(٥) فقالوا له ان صاحبنا حصر عن كلامك(٦) ولم تحضره حججه فقال لهم: فهاتوا حججكم؟ فقالوا له: ان حججنا من كتاب الله فقال لهم: فأدلوا بها(٧) فانها أحق ما اتبع وعمل به، فقالوا: يقول الله تبارك وتعالى مخبر عن قوم من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ( وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) فمدح فعلهم وقال في موضع آخر( وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ

__________________

(١) الجهد ـ بضم الجيم ـ: الطاقة. والمقل: القليل المال، أي قدر ما يحتمله حال القليل المال.

(٢) الغرقئ: بياض البيض الذي يؤكل.

(٣) أي انتفاعك بما أقول آجلا انما يكون إذا تركت البدع قال له المجلسي (ره)

(٤) القفر: خلو الأرض من الماء. والجدب: انقطاع المطر ويبس الأرض.

(٥) التقشف: قذارة الجلد ورثاثة الهيئة وترك النظافة وسوء الحال.

(٦) الحصر: العي في المنطق والعجز عن الكلام.

(٧) أي أحضروها.

٢٨٩

مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ) فنحن نكتفي بهذا، فقال رجل من الجلساء: انا رأيناكم تزهدون في الاطعمة الطيبة ومع ذلك تأمرون الناس بالخروج من أموالهم حتى تمتعوا أنتم منها، فقال له أبو عبد اللهعليه‌السلام : دعوا عنكم ما لا ينتفع به، أخبرونى أيها النفر ألكم علم بناسخ القرآن من منسوخه ومحكمه من متشابهه، الذي في مثله ضل من ضل وهلك من هلك من هذه الامة؟ فقالوا: أو بعضه فاما كله فلا، فقال لهم: فمن هنا أتيتم(١) وكذلك أحاديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فاما ما ذكرتم من اخبار اللهعزوجل إيانا في كتابه عن القوم الذين أخبر عنهم بحسن فعالهم فقد كان مباحا جائزا، ولم يكونوا نهوا عنه وثوابهم منه على اللهعزوجل ؛ وذلك ان الله جل وتقدس أمر بخلاف ما عملوا به، فصار امره ناسخا لفعلهم، وكان نهى الله تبارك وتعالى رحمة منه للمؤمنين ونظرا لكي لا يضروا بأنفسهم وعيالاتهم، ومنهم الضعفة الصغار والولدان، وشيخ الفاني والعجوزة الكبيرة الذين لا يصبرون على الجوع، فان تصدقت برغيفي ولا رغيف لي غيره ضاعوا وهلكوا جوعا فمن ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خمس تمرات أو خمس قرص أو دنانير أو دراهم يملكها الإنسان وهو يريد ان يمضيها فأفضلها ما أنفقه الإنسان على والديه، ثم الثانية على نفسه وعياله، ثم الثالثة على قرابته الفقراء، ثم الرابعة على جيرانه الفقراء، ثم الخامسة في سبيل الله وهو أحسنها اجرا، وقال للأنصاري حين أعتق عند موته خمسة أو ستة من الرقيق ولم يكن يملك غيرهم وله أولاد صغار لو أعلمتمونى امره ما تركتكم تدفنوه مع المسلمين بترك صبية صغارا يتكففون الناس(٢) .

ثم قال: حدّثني أبي ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ابدأ بمن تعول الأدنى، ثم هذا ما نطق به الكتاب ردا لقولكم، ونهيا عنه مفروضا من الله العزيز الحكيم، قال:( وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً ) أفلا ترون ان الله تبارك وتعالى قال غير ما أراكم تدعون الناس إليه ؛ من الاثرة على

__________________

(١) أي دخل عليكم البلاء وأصابكم ما أصابكم.

(٢) يقال: تكفف: إذا سئل كفا من الطعام.

٢٩٠

أنفسهم، وسمى من فعل ما تدعون إليه سرفا، وفي غير آية من كتاب اللهعزوجل يقول:( إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) فنهاهم عن الإسراف، ونهاهم عن التقتير(١) لكن أمر بين أمرين لا يعطى جميع ما عنده ثم يدعو الله أن يرزقه فلا يستجيب له للحديث الذي جاء عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ان أصنافا من أمتي لا يستجاب لهم دعائهم، رجل يدعو على والديه، ورجل يدعو على غريم ذهب له بمال فلم يكتب عليه ولم يشهد عليه ورجل يدعو على امرأته وقد جعل اللهعزوجل تخلية سبيلها بيده. ورجل يقعده في بينه ويقول: رب ارزقني ولا يخرج ولا يطلب الرزق، فيقول اللهعزوجل له: عبدي ألم أجعل لك السبيل إلى الطلب والضرب في الأرض بجوارح صحيحة، فتكون قد أعذرت فيما بيني وبينك في الطلب لاتباع أمري، ولئلا يكون كلا على أهلك، فان شئت رزقتك وان شئت قترت عليك وأنت معذور عندي، ورجل رزقه اللهعزوجل مالا كثيرا فأنفقه ثم أقبل يدعو يا رب ارزقني فيقول اللهعزوجل : ألم أرزقك رزقا واسعا فهلا اقتصدت فيه كما أمرتك ولم تسرف كما نهيتك عن الإسراف، ورجل يدعو في قطيعة رحم.

ثم علم اللهعزوجل نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله كيف ينفق، وذلك انه كان عنده أوقية(٢) من الذهب فكره أن يبيت عنده فتصدق بها فأصبح وليس عنده شيء، وجاء من يسأله فلم يكن عنده ما يعطيه، فلامه السائل واغتم هو حيث لم يكن عنده شيء وكان رحيما رفيقاصلى‌الله‌عليه‌وآله : فأدب اللهعزوجل نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأمره فقال:( وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً ) يقول: إنّ الناس قد يسألونك ولا يعذرونك، فاذا أعطيت جميع ما عندك من المال كنت خسرت من المال، فهذه أحاديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يصدقها الكتاب، والكتاب يصدق أهله من المؤمنين، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦٢ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى أبي بصير قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يتعوذ من البخل؟ فقال: نعم يا أبا محمد في كل صباح و

__________________

(١) قتر فلان على عياله أي ضيق عليهم في النفقة.

(٢) الاوقية: سبعة مثاقيل.

٢٩١

مساء، ونحن نتعوذ بالله من البخل لقول الله:( وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) .

٦٣ ـ في مجمع البيان وفي الحديث لا يجتمع الشح والايمان في قلب رجل مسلم، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في جوف رجل مسلم.

٦٤ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى الفضل بن أبي قرة السمندي انه قال: قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : أتدري من الشحيح؟ قلت: هو البخيل، فقال الشح أشد من البخل ان البخيل يبخل بما في يده والشحيح يشح بما في أيدى الناس وعلى ما في يده حتى لا يرى في أيدى الناس شيئا إلّا تمنى ان يكون له بالحل والحرام، ولا يقنع بما رزقه اللهعزوجل .

٦٥ ـ وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما محق الإسلام محق الشح شيء، ثم قال: إنّ لهذا الشح دبيبا(١) كدبيب النمل، وشعبا كشعب الشرك.

٦٦ ـ وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : إذا لم يكن للهعزوجل في العبد حاجة ابتلاه بالبخل.

٦٧ ـ وسمع أمير المؤمنينعليه‌السلام رجلا يقول: الشحيح أعذر من الظالم، فقال له: كذبت ان الظالم قد يتوب ويستغفر ويرد الظلامة على أهلها ؛ والشحيح إذا شح منع الزكاة والصدقة وصلة الرحم وإقراء الضيف والنفقة في سبيل الله وأبواب البر، وحرام على الجنة أن يدخلها شحيح.

٦٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن الفضل بن أبي قرة قال: رأيت أبا عبد اللهعليه‌السلام يطوف من أول الليل إلى الصباح وهو يقول: أللّهم قنى شح نفسي فقلت: جعلت فداك ما سمعتك تدعو بغير هذا الدعاء؟ قال: واى شيء أشد من النفس، ان الله يقول:( وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )

٦٩ ـ في مجمع البيان: والذين جاؤا من بعدهم يعنى من المهاجرين والأنصار إلى قوله: ويجوز ان يكون المراد «من بعدهم» في الفضل، وقد يعبر بالقبل

__________________

(١) الدبيب: المشي على هنيئة.

٢٩٢

والبعد عن الفضل كقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : نحن الآخرون السابقون، يعنى الآخرون في الزمان، السابقون في الفضل.

قال عز من قائل:( أَلَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ نافَقُوا ) إلى قوله تعالى:( لا يُنْصَرُونَ ) وقد تقدم بيانه في أول السورة عن تفسير علي بن إبراهيم.

وقولهعزوجل :( كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) قد تقدم له بيان كذلك.

وقوله:( كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ ) قد سبق بيانه أيضا في التفسير المذكور.

قال عز من قال:( وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ )

٧٠ ـ في الكافي غير واحد من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن غير واحد عن أبي جميلة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : تصدقوا ولو بصاع من تمر، ولو ببعض صاع، ولو بقبضة، ولو ببعض قبضة، ولو بتمرة ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة فان أحدكم لاقى الله فيقال له: الم أفعل بك؟ الم افعل بك؟ الم أجعلك سميعا بصيرا؟ الم أجعل لك مالا وولدا؟ فيقول: بلى، فيقول الله تبارك وتعالى: فانظر ما قدمت لنفسك، قال: فينظر قدامه وخلفه وعن يمينه وعن شماله فلا يجد شيئا بقي به وجهه من النار.

٧١ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من الأخبار في التوحيد حديث طويل عن الرضاعليه‌السلام وفيه يقولعليه‌السلام : وإنّما يجازى من نسيه ونسي لقاء يومه، بأن ينسيهم أنفسهم كما قال الله تعالى:( وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ) وقالعزوجل :( فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا ) أي نتركهم كما تركوا الاستعداد للقاء يومهم هذا.

٧٢ ـ في عيون الأخبار باسناده عن الرضاعليه‌السلام قال: حدّثني أبي عن آبائه عن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تلا هذه الاية:( لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ ) فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : أصحاب الجنة من أطاعنى وسلم لعليِّ بن أبي طالب بعدي وأقر بولايته، وأصحاب النار من سخط الولاية

٢٩٣

ونقض العهد وقاتله بعدي.

٧٣ ـ في أمالي شيخ الطائفةقدس‌سره باسناده إلى مجدوح بن زيد الذهلي وكان في وفد قرية أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تلا هذه الآية( لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ ) قال: فقلنا يا رسول الله مَن أصحاب الجنة؟ قال: من أطاعنى وسلّم لهذا من بعدي ؛ وأخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بكفّ عليٍّ وهو يومئذ إلى جنبه فرفعها فقال: ألآ إنّ عليّا منّي وأنا منه، فمن حادّه حادّني ومن حادّني أسخط اللهعزوجل .

٧٤ ـ في مجمع البيان وعن أنس عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من قرأ( لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ ) إلى آخرها فمات من ليلته مات شهيدا.

٧٥ ـ وعن أنس عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من قرأ آخر الحشر غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.

٧٦ ـ وعن معقل بن يسار ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من قال حين يصبح ثلاث مرات: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وقرأ الثلاث آيات من آخر الحشر وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسى، فان مات في ذلك اليوم مات شهيدا، ومن قال حين يمسى كان بتلك المنزلة.

٧٧ ـ وعن أبي هريرة قال: سألت حبيبي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن اسم الله الأعظم، فقال: عليك بآخر الحشر وأكثر قراءتها فأعدت عليه فعاد على.

٧٨ ـ وعن أبي أمامة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من قرأ خواتيم الحشر من ليل أو نهار فقبض في ذلك اليوم أو الليلة فقد أوجبت له الجنة.

٧٩ ـ في كتاب طب الائمةعليهم‌السلام باسناده إلى ميسر عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام قال: إنّ هذه الآية لكل ورم في الجسد يخاف الرجل ان يؤول إلى شيء فاذا قرأتها فاقرأها وأنت طاهر قد أعددت وضوئك لصلوة الفريضة فعوذ بها ورمك قبل الصلوة ودبرها وهي:( لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ ) إلى آخر السورة فانك إذا فعلت ذلك على ما حد لك سكن الورم.

٢٩٤

٨٠ ـ وباسناده إلى عبد الله بن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: يا ابن سنان لا بأس بالرقية والعوذة والنشرة(١) إذا كانت من القرآن، ومن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله وهل شيء أبلغ في هذه الأشياء من القرآن؟ أليس الله تعالى يقول جل ذكره:( لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ ) .

٨١ ـ وباسناده إلى جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام ان رجلا شكا إليه صمما(٢) فقال: امسح يدك عليها واقرأ عليها:( لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ هُوَ اللهُ الَّذِي لا إله إلّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ هُوَ اللهُ الَّذِي لا إله إلّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) .

٨٢ ـ وباسناده إلى جابر بن يزيد الجعفي عن محمد بن علي بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: قال لي: يا جابر! قلت لبيك يا ابن رسول الله قال: اقرأ على كل ورم آخر سورة الحشر:( لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ هُوَ اللهُ الَّذِي لا إله إلّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ هُوَ اللهُ الَّذِي لا إله إلّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) واتفل عليها ثلاثا فانه يسكن بإذن الله تعالى.

٨٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم باسناده إلى يعقوب بن جعفر قال: سمعت

__________________

(١) النشرة ـ بضم النون ـ: رقية يعالج بها المجنون أو المريض سميت بذلك لأنه ينشر بها عنه ما خامرة من الداء أي يكشف ويزال.

(٢) الصمم: الانسداد في الأذان.

٢٩٥

موسى بن جعفرعليهما‌السلام يقول: إنّ الله تبارك وتعالى أنزل على عبده محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه لا إله إلّا هو الحي القيوم ويسمى بهذه الأسماء: الرحمن، الرحيم، العزيز، الجبار، العليّ، العظيم، فتاهت هناك عقولهم واستخف حلومهم(١) فضربوا له الأمثال، وجعلوا له أندادا وشبهوه بالأمثال ؛ ومثلوه وأشباها، وجعلوه يزول وبحول، فتاهوا في بحر عميق لا يدرون ما غوره ولا يدركون كنه بعده.

٨٤ ـ في أصول الكافي باسناده إلى ابن سنان قال: سألت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام هل كان اللهعزوجل عارفا بنفسه قبل أن يخلق الخلق؟ قال: نعم، قلت: يراها ويسمعها؟ قال: ما كان محتاجا إلى ذلك لأنه لم يكن سألها ولا يطلب منها هو نفسه، ونفسه هو، قدرته نافذة فليس يحتاج أن يسمى نفسه، ولكنه اختار لنفسه أسماء لغيره يدعوه بها، لأنه إذا لم يدع باسمه لم يعرف.

٨٥ ـ وباسناده إلى أبي جعفرعليه‌السلام حديث يقول فيهعليه‌السلام : وان كنت تقول هذه الصفات والأسماء لم تزل ؛ فان «لم تزل» محتمل معنيين، فان قلت: لم تزل عنده في علمه وهو مستحقها فنعم، وان كنت تقول: لم يزل تصويرها وهجاؤها وتقطيع حروفها فمعاذ الله أن يكون معه شيء غيره، بل كان الله ولا خلق، ثم خلقها وسيلة بينه وبين خلقه يتضرعون بها اليه، ويعبدونه وهي ذكره(٢) وكان الله ولا ذكر.

٨٦ ـ وباسناده إلى هشام بن الحكم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل وفيه قال: لله تسعة وتسعون اسما، فلو كان الاسم هو المسمى لكان كل اسم منها إلها، ولكن الله معنى يدل عليه بهذه الأسماء وكأنها غيره.

٨٧ ـ وباسناده إلى هشام بن الحكم أنه سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن أسماء الله واشتقاقها: الله مما هو مشتق؟ فقال: يا هشام الله مشتق من أله، وأله يقتضي مألوها، والاسم

__________________

(١) تاه: ضل وتحير. وحلوم جمع الحلم ـ بالكسر ـ: العقل.

(٢) قال المجلسي (ره): «وهي ذكره» بالضمير أي يذكر بها والمذكور بالذكر قديم والذكر حادث.

٢٩٦

غير المسمى، فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ولم يعبد شيئا، ومن عبد السلام والمعنى فقد أشرك وعبد اثنين، ومن عبد المعنى دون الاسم فذاك التوحيد.

٨٨ ـ وباسناده إلى الحسن بن راشد عن أبي الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام قال: سئل عن معنى الله؟ فقال: استولى على ما دق وجل.

٨٩ ـ في مجمع البيان:( عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ ) عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: الغيب ما لم يكن والشهادة ما كان.

٩٠ ـ في أصول الكافي باسناده إلى عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن تفسير( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) فقال: الباء بهاء الله، والسين سناء الله والميم ملك والله اله كل شيء، والرحمن بجميع خلقه والرحيم بالمؤمنين خاصة.

٩١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم باسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن تفسير( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) الباء بهاء الله والسين سناء الله والميم ملك والله اله كل شيء والر حمن بجميع خلقه والرحيم بالمؤمنين خاصة.

٩٢ ـ في الصحيفة السجادية: يا فارج الهم وكاشف الغم، يا رحمن الدنيا والاخرة ورحيمهما، صل على محمد وآل محمد.

٩٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قال: القدوس هو البريء من شوائب الآفات الموجبات للجهل. السلام المؤمن قال: يؤمن أوليائه من العذاب.

٩٤ ـ في أصول الكافي باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كانعليه‌السلام يقول: أفشوا السلام وأطيبوا الكلام وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام، ثم تلا عليهم قول اللهعزوجل :( السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ ) .

٩٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قوله: «المهيمن» أي الشاهد.

٩٦ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام وذكر حديثا طويلا وفيه لم يزل حيا بلا حيوة، وملكا قادرا قبل أن ينشئ شيئا، وملكا جبارا بعد إنشائه للكون.

٢٩٧

٩٧ ـ وفيه خطبة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول فيها: وفي أزليته متعظما بالالهية، متكبرا بكبريائه وجبروته.

٩٨ ـ في أصول الكافي باسناده إلى هشام بن الحكم قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن سبحان الله فقال: انفة الله(١) .

٩٩ ـ وباسناده إلى هشام الجواليقي قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله: سبحان الله ما يعنى به؟ قال: تنزيه.

١٠٠ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى يزيد بن الأصم قال: سال رجل عمر بن الخطاب فقال ؛ يا أمير المؤمنين ما تفسير سبحان الله؟ ان في هذا الحائط رجلا إذا كان سئل أنبأ وإذا سكت ابتدأ، فدخل الرجل وإذا هو عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام فقال: يا أبا الحسن ما تفسير سبحان الله؟ قال: هو تعظيم جلال اللهعزوجل وتنزيهه عما قال فيه كل مشرك، فاذا قالها العبد صلى عليه كل ملك.

١٠١ ـ وفيه كلام للرضاعليه‌السلام في التوحيد وفيه الخالق لا بمعنى حركة، وخالق إذ لا مخلوق.

١٠٢ ـ في نهج البلاغة والخالق لا بمعنى حركة ونصب.

١٠٣ ـ في أصول الكافي باسناده إلى الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسنعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه: وان كان صانع شيء فمن شيء صنع، والله الخالق اللطيف الجليل خلق وصنع لا من شيء.

١٠٤ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن صفوان بن يحيى عن إسحاق بن عمار عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ للهعزوجل ثلاث ساعات في الليل وثلاث ساعات في النهار، يمجد فيهن نفسه، فأول ساعات النهار حين تكون الشمس هذا الجانب يعنى من المشرق مقدارها من العصر، يعنى من المغرب إلى صلوة الاولى، وأول ساعات الليل في الثلث الباقي من الليل إلى ان ينفجر الصبح، يقول: إني انا الله رب العالمين، إني انا الله العليُّ العظيم، إني انا الله العزيز الحكيم، انى

__________________

(١) أي تنزيه الله.

٢٩٨

انا الله الغفور الرحيم، إني انا الله الرحمن الرحيم، إني انا الله مالك يوم الدين، إني انا الله لم أزل ولا أزال، إني انا الله خالق الخير والشر، إني انا الله خالق الجنة والنار، إني انا الله أبدئ كل شيء وإليَّ يعود، إني أنا الله الواحد الصمد، إني انا الله عالم الغيب والشهادة، إني انا الله الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر، إني انا الله، الخالق البارئ المصور لي الأسماء الحسنى، إني انا الله الكبير، قال: ثم قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : من عنده والكبرياء رداؤه. فمن نازعه شيئا من ذلك أكبه الله في النار ثم قال: ما من عبد مؤمن يدعو بهن، مقبلا قلبه إلى اللهعزوجل إلّا قضى حاجته، ولو كان شقيا رجوت ان يحول سعيدا.

١٠٥ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى سليمان بن مهران عن الصادق عن أبيه محمّد بن عليّ عن أبيه عليّ بن الحسين عن أبيه الحسين بن عليٍّ عن أبيه عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ان لله تبارك وتعالى تسعة وتسعين اسما -مائة إلّا واحدا- من أحصاها(١) دخل الجنة. وهي: الله، الإله، الواحد، الأحد الصمد، الاول، الاخر، السميع، البصير، القدير، القاهر، العليّ، الأعلى، الباقي، البديع، البارئ، الأكرم، الظاهر، الباطن، الحي، الحكيم، العليم، الحليم، الحفيظ، الحق، الحسيب، الحميد، الحفي، الرب، الرحمن، الرحيم الذارى، الرازق، الرقيب، الرءوف، الرائي، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، السيد، السبوح، الشهيد، الصادق، الصانع، الظاهر العدل، العفو، الغفور، الغنى، الغياث، الفاطر ؛ الفرد، الفتاح، الفالق القديم، الملك، القدوس، القوى، القريب ؛ القيوم، القابض، الباسط، قاضى الحاجات، المجيد، الولي، المنان، المحيط، المبين، المقيت، المصور، الكريم، الكبير، الكافي، كاشف الضر، الوتر، النور، الوهاب، الناصر، الواسع الودود، الهادي، الوفي، الوكيل، الوارث، البر، الباعث، التواب ،

__________________

(١) في كتاب التوحيد معنى قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لله تبارك وتعالى تسعة وتسعون اسما من أحصاها دخل الجنة إحصاءها هو الاحاطة بها والوقوف على معانيها، وليس معنى الإحصاء عدّها وبالله التوفيق «انتهى» (منه عفى عنه)

٢٩٩

الجليل، الجواد، الخبير، الخالق، خير الناصرين، الديان، الشكور، العظيم، اللطيف، الشافي.

١٠٦ ـ وباسناده إلى عبد السلام بن صالح الهروي عن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن عليٍّعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : للهعزوجل تسعة وتسعون اسما من دعا الله بها استجاب له، ومن أحصاها دخل الجنة.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن علي بن الحسينعليهما‌السلام قال: من قرأ سورة الممتحنة في فرائضه ونوافله امتحن الله قلبه للايمان ونور له بصره ولا يصيبه فقر أبدا ولا جنون في بدنه ولا في ولده.

٢ ـ في مجمع البيان أبيّ بن كعب قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من قرأ سورة الممتحنة كان المؤمنون والمؤمنات شفعاء له يوم القيامة.

٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ ) أيديهم بالمودة نزلت [في حاطب بن أبي بلتعة ولفظ الآية عام ومعناها خاص، وكان سبب ذلك ان حاطب بن أبي بلتعة قد أسلم وهاجر إلى المدينة وكان عياله بمكة وكانت](١) قريش تخاف أن يغزوهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فصاروا إلى عيال حاطب، وسئلوه ان يكتبوا إلى حاطب يسألوه عن خبر محمد هل يريد ان يغزو مكة؟ فكتبوا إلى حاطب يسألوه عن ذلك، فكتب إليهم حاطب ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يريد ذلك ودفع الكتاب إلى امرأة تسمى صفية، فوضعته في قرونها(٢) ومرت فنزل جبرئيل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأخبره بذلك، فبعث رسول الله أمير المؤمنين

__________________

(١) بين المعقفتين انما هو في المصدر دون الأصل.

(٢) القرن: الخصلة من الشعر. الذؤابه.

٣٠٠

عليه‌السلام والزبير بن العوام في طلبها، فلحقوها فقال لها أمير المؤمنينعليه‌السلام : أين الكتاب؟ فقالت: ما معى شيء ؛ ففتشوها فلم يجدوا معها شيئا، فقال الزبير: ما ترى معها شيئا، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : والله ما كذبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا كذب رسول الله على جبرئيل، ولا كذب جبرئيل على الله جل ثناؤه، والله لتظهرن الكتاب أو لاردن رأسك إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: تنحيا عنى حتى أخرجه، فأخرجت الكتاب من قرونها، فأخذه أمير المؤمنينعليه‌السلام وجاء به إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا حاطب ما هذا؟ فقال حاطب: والله يا رسول الله ما نافقت ولا غيرت ولا بدلت، وانى أشهد أنْ لا إله إلّا الله وانك رسول الله حقا. ولكن أهلي وعيالي كتبوا إلى بحسن صنيع قريش إليهم فأحببت ان أجازي قريشا بحسن معاشهم فأنزل اللهعزوجل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ) إلى قوله:( لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) .

٤ ـ في مجمع البيان نزلت في حاطب بن أبي بلتعة وذلك ان سارة مولاة أبي عمرو بن صيفي بن هشام أتت رسول الله من مكّة إلى المدينة بعد بدر بسنتين، فقال لها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أمسلمة جئت؟ قالت: لا قال: فما جاء بك؟ قال: كنتم الأصل والعشيرة والموالي، وقد ذهب موالي واحتجب حاجة شديدة فقدمت عليكم لتعطوني وتكسوني وتحملوني، قال: فأين أنت من شباب مكة؟ وكانت مغنية نائحة قالت: ما طلب منى بعد وقعة بدر أحد، فحث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بنى عبد المطلب فكسوها وحملوها وأعطوها نفقة، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يتجهز لفتح مكة وأتاها حاطب بن أبي بلتعة فكتب معها إلى أهل مكة وأعطاها عشرة دنانير عن ابن عباس ؛ وعشرة دراهم عن مقاتل بن حيان، وكساها بردا على أن توصل الكتاب إلى أهل مكة: أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يريدكم فخذوا حذركم، فخرجت سارة ونزل جبرئيلعليه‌السلام فأخبر النبي بما فعل فأرسل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليا وعمارا وعمرو الزبير وطلحة والمقداد بن الأسود وأبا مرثد وكانوا

٣٠١

كلهم فرسانا وقال لهم: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فان فيها ظعينة(١) معها كتاب من حاطب إلى المشركين فخذوه منها، فخرجوا حتى أدركوها في ذلك المكان الذي ذكره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا لها: أين الكتاب؟ فحلفت بالله ما معها من كتاب، فنحوها وفتشوا متاعها فلم يجدوا معها كتابا فهموا بالرجوع، فقال عليعليه‌السلام : والله ما كذبنا ولا كذبنا وسل سيفه وقال: أخرجى الكتاب والا والله لأضربن عنقك فلما رأت الجد أخرجه من ذوابتها قد أخبأته في شعرها، فرجعوا بالكتاب إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأرسل إلى حاطب فأتاه فقال له: هل تعرف الكتاب؟ قال: نعم، قال: فما حملك على ما صنعت؟ فقال: يا رسول الله والله ما كفرت مذ أسلمت، ولاغششتك مذ نصحتك ؛ ولا أحببتهم مذ فارقتهم، ولكن لم يكن أحد من المهاجرين الاول بمكة من يمنع عشيرته، وكنت عريرا أي غريبا وكان أهلى بين ظهرانيهم فخشيت على أهلى فأردت أن اتخذ عندهم يدا، وقد قلت: ان الله ينزل بهم بأسه وان كتابي لا يغني عنهم شيئا، فصدقه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعذره. فقام عمر بن الخطاب وقال: دعني يا رسول الله اضرب عنق هذا المنافق؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فغفر لهم، فقال لهم: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.

٥ ـ وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبد الله بن أبي رافع قال: سمعت علياعليه‌السلام يقول: بعثنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنا والمقداد والزبير وقال: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فان بها ظعينة معها كتاب فخرجنا وذكر نحوه.

٦ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى الأصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام لرجل: ان كنت لا تطيع خالقك فلا تأكل رزقه، وان كنت واليت عدوه فاخرج من ملكه، وان كنت غير قانع برضاه(٢) وقدره فاطلب ربا سواه.

٧ ـ وفيه عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه وقد ذكر قوله تعالى:( يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً ) والكفر في هذه الآية البرائة يقول :

__________________

(١) الظعينة: المرأة ما دامت في الهودج أو عموما.

(٢) وفي بعض النسخ «بقضاه» مكان «برضاه».

٣٠٢

فيبرأ بعضكم من بعض: ونظيرها في هذه سورة إبراهيم قول الشيطان:( إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ ) وقول إبراهيم خليل الرحمن: كفرنا بكم يعنى تبرأنا منكم.

٨ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قلت له: أخبرنى عن وجوه الكفر في كتاب اللهعزوجل ، قال: الكفر في كتاب الله على خمسة أوجه إلى ان قالعليه‌السلام : والوجه الخامس من الكفر كفر البرائة، وذلك قول اللهعزوجل يحكى قول إبراهيم:( كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ ) يعنى تبرأنا منكم.

٩ ـ وباسناده إلى أبي عبيدة الحذاء عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله جل وعز فهو ممن كمل ايمانه.

١٠ ـ ابن محبوب عن مالك بن عطية عن سعيد الأعرج عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من أوثق عرى الايمان أن يحب في الله ويبغض في الله، ويعطى في الله ويمنع في الله جل وعز.

١١ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم وحفص بن البختري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الرجل ليحبكم وما يعرف ما أنتم عليه، فيدخله اللهعزوجل الجنة بحبكم، وان الرجل ليبغضكم وما يعرف ما أنتم عليه فيدخله الله ببغضكم النار.

١٢ ـ وباسناده إلى الحسين بن أبان عمن ذكره عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: ولو أن رجلا أبغض رجلا لله لأثابه اللهعزوجل على بغضه إياه، وان كان المبغض في علم الله من أهل الجنة.

١٣ ـ وباسناده إلى إسحق بن عمار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كل من لم يحب على الدين ولم يبغض على الدين فلا دين له.

١٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قوله:( عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللهُ قَدِيرٌ وَاللهُ

٣٠٣

غَفُورٌ رَحِيمٌ ) فان الله أمر نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله والمؤمنين بالبرائة من قولهم ما داموا كفارا، فقال:( قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ) إلى قوله:( وَاللهُ قَدِيرٌ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) الآية قطع اللهعزوجل ولاية المؤمنين منهم، وأظهر لهم العداوة، فقال:( عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً ) فلما أسلم أهل مكة خالطهم أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وناكحوهم، وتزوج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أم حبيب بنت أبي سفيان بن حرب.

١٥ ـ في أصول الكافي عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن إبراهيم بن عقبة عن إسماعيل بن عباد يرفع الحديث إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ما كان من ولد آدم مؤمن إلّا فقيرا ولا كافر إلّا غنيا، حتى جاء إبراهيمعليه‌السلام فقال:( رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا ) فصير الله في هؤلاء أموالا وحاجة، وفي هؤلاء أموالا وحاجة.

١٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله( عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ ) إلى آخره وقد تقدم قريبا.

١٧ ـ في مجمع البيان:( لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ ) إلى قوله:( يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) أي ليس ينهاكم الله عن مخالطة أهل العهد ؛ وقيل: من آمن من أهل مكة ولم يهاجروا، وقيل: هي عامة في كل من كان بهذه الصفة، والذي عليه الإجماع ان بر الرجل من يشاء من أهل الحرب قرابة كان أو غير قرابة ليس بمحرم، وإنّما الخلاف في اعطائهم مال الزكاة والفطرة والكفارات. فلم يجوزه أصحابنا وفيه خلاف بين الفقهاء.

١٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم في قوله( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إلى الْكُفَّارِ ) قال إذا لحقت امرأة من المشركين بالمسلمين تمتحن بان تحلف بالله انه لم يحملها على اللحوق بالمسلمين بغض لزوجها الكافر، ولأحب لأحد من المسلمين، وإنّما حملها على ذلك الإسلام فاذا حلفت على ذلك قبل إسلامها ثم قال اللهعزوجل :( فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا

٣٠٤

تَرْجِعُوهُنَّ إلى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا ) يعنى ترد المسلمة على زوجها الكافر صداقها. ثم يتزوجها المسلم، وهذا هو قوله:( وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَ ) .

١٩ ـ في الكافي أحمد بن محمد عن ابن فضال عن علي بن يعقوب عن مروان بن مسلم عن الحسين بن الحناط عن الفضيل بن يسار قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : ان لامرأتى أختا عازمة على ديننا وليس على ديننا بالبصيرة إلّا قليل، فان زوجها ممن لا يرى رأيها، قال: لا ولا نعمة ؛ ان اللهعزوجل يقول: «و( فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إلى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ) .

٢٠ ـ في مجمع البيان قال ابن عباس: صالح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالحديبية مشركي مكة على أن من أتاه من أهل مكة رده عليهم، ومن أتى أهل مكة من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فهو لهم ولم يردوه عليهم، وكتبوا بذلك كتابا وختموا عليه، فجاءت سبيعة بنت الحارث الاسلمية مسلمة بعد الفراغ من الكتاب، والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بالحديبية، فجاء زوجها مسافر من بنى مخزوم وقال مقاتل هو صيفي بن الواهب في طلبها وكان كافرا، فقال: يا محمد اردد على امرأتى فانك شرطت لنا أن ترد علينا من أتاك منا وهذه طينة الكتاب لم تجف بعد، فنزلت: «( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ ) من دار الكفر إلى دار الإسلام فامتحنوهن» قال ابن عباس: امتحانهن أن يستحلفن ما خرجت من بغض زوج، ولا رغبة عن أرض إلى ارض، ولا التماس دنيا انما خرجت حبا لله ولرسوله فاستحلفها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما خرجت بغضا لزوجها ولا عشقا لرجل منا ؛ وما خرجت إلّا رغبة في الإسلام، فحلفت بالله الذي لا إله إلّا هو على ذلك، فأعطى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله زوجها مهرها وما أنفق عليها ولم يردها عليه، فتزوجها عمر بن الخطاب وكان رسولاللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يرد من جاء من الرجال.

ويحبس من جاء من النساء إذا امتحن ويعطى أزواجهن مهورهن. قال الجبائي: لم يدخل في شرط صلح الحديبية إلّا رد الرجال دون النساء ولم يجز للنساء ذكر، وان أم كلثوم بنت عتبة بن أبي معيط جاءت مسلمة مهاجرة من مكّة فجاء أخواها

٣٠٥

إلى المدينة وسألا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ردّها عليهما، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الشرط بيننا في الرجال لا في النساء، فلم يردها عليهما، قال الجبائي: وإنّما لم يجر هذا الشرط في النساء لانّ المرأة إذا أسلمت لم تحل لزوجها الكافر، فكيف ترد عليه وقد وقعت الفرقة بينهما؟

٢١ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن أحمد بن عمر عن درست الواسطي عن علي بن رئاب عن زرارة بن أعين عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: لا ينبغي نكاح أهل الكتاب، قلت: جعلت فداك وأين تحريمه؟ قال: قوله:( وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ ) .

٢٢ ـ علي بن إبراهيم عن أبي جعفر عن أبيه عن ابن محبوب عن علي بن رئاب عن زرارة بن أعين قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ) فقال: هذه منسوخة بقوله:( وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ ) .

٢٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم في رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ ) يقول: من كانت عنده امرأة كافرة يعنى على غير ملة الإسلام، وهو على ملة الإسلام، فليعرضعليها‌السلام ، فان قبلت فهي امرأته والا فهي برية، فنهى الله أن يمسك بعصمتها.

٢٤ ـ في مجمع البيان عند قوله تعالى:( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ ) وروى أبو الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام انه منسوخ بقوله:( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ) وبقوله:( وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ ) .

٢٥ ـ في مصباح شيخ الطائفة (ره) خطبة لأمير المؤمنينعليه‌السلام خطب بها يوم الغدير وفيها يقول: وتقربوا إلى الله بتوحيده وطاعة من أمركم أن تطيعوه،( وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ ) .

٢٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم في قوله: وأسألوا ما أنفقتم يعنى إذا لحقت امرأة من المسلمين بالكفار، فعلى الكافر ان يرد على المسلم صداقها ،

٣٠٦

فان لم يفعل الكافر وغنم المسلمون غنيمة أخذ منها قبل القسمة صداق المرأة اللاحقة بالكفار، وقال في قوله:( وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إلى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ ) يقول: يعنى يلحقن بالكفار من أهل عقدكم فاسئلوهم صداقها، وان لحقوا بكم من نسائهم شيء فأعطوهم صداقها ذلكم حكم الله يحكم بينكم. وأمّا قوله:( وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ ) يقول: يلحقن بالكفار الذين لا عهد بينكم وبينهم فأصبتم غنيمة فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون قال: وكان سبب نزول ذلك ان عمر بن الخطاب كانت عنده فاطمة بنت أبي امية بن المغيرة، فكرهت الهجرة معه وأقامت مع المشركين. فنكحها معاوية بن أبي سفيان، فأمر الله رسوله أن يعطى عمر مثل صداقها.

وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام ( وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ ) فلحقن بالكفار من أهل عهدكم فاسئلوهم صداقها، وان لحقن بكم من نسائهم شيء فأعطوهم صداقها( ذلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ) .

٢٧ ـ في كتاب علل الشرائع حدّثنا محمد بن الحسن رضى الله عنه قال حدّثنا محمد بن الحسن الصفاررحمه‌الله عن إبراهيم بن هاشم عن صالح بن سعيد وغيره من أصحاب يونس عن يونس عن أصحابه عن أبي جعفر وأبى عبد اللهعليهما‌السلام قال قلت: رجل لحقت امرأته بالكفار وقد قال اللهعزوجل في كتابه:( وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إلى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا ) ما معنى العقوبة هاهنا؟ قال: إنّ الذي ذهبت امرأته فعاقب على امرأة اخرى غيرها يعنى تزوجها فاذا هو تزوج امرأة اخرى غيرها، فعلى الامام ان يعطيه مهر امرأته الذاهبة فسألته فكيف صار المؤمنون يردون على زوجها المهر بغير فعل منهم في ذهابها وعلى المؤمنين ان يردوا على زوجها ما أنفق عليها مما يصيب المؤمنين قال: يرد الامام عليه أصابوا من الكافر أو لم يصيبوا، لان على الامام ان يجبر(١) حاجته من تحت يده، وان حضرت القسمة فله أن يسد كل نائبة تنوبه قبل القسمة، وان بقي بعد ذلك

__________________

(١) وفي المصدر «ان ينجز حاجته ....».

٣٠٧

شيء قسمه بينهم، وان لم يبق لهم شيء فلا شيء لهم.

٢٨ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لـمّا فتح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مكة بايع الرجال، ثم جاءت النساء يبايعنه، فأنزل اللهعزوجل :( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) قالت هند: اما الولد فقد ربينا صغارا وقتلتهم كبارا، وقالت أم حكيم بنت الحارث بن هشام وكانت عند عكرمة بن أبي جهل: يا رسول الله ما ذاك المعروف الذي أمرنا الله أن لا نعصينك فيه؟ قال: لا تلطمن خدا، ولا تخمشن وجها، ولا تنتفن شعرا، ولا تشققن جيبا، ولا تسودن ثوبا، ولا تدعين بويل، فبايعهن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على هذا، فقالت: يا رسول الله كيف نبايعك! قال: اننى لا أصافح النساء فدعا بقدح من ماء، فأدخل يده ثم أخرجها، فقال: ادخلن أيديكن في هذا الماء.

٢٩ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن علي عن محمد بن مسلم الجبلي عن عبد الرحمن بن سالم الأشل عن المفضل بن عمر قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : كيف ماسح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله النساء حين بايعهن؟ قال: دعا بمركنه(١) الذي كان يوضى فيه فصب فيه ماء ثم غمس يده اليمنى فكلما بايع واحدة منهن قال: اغمسي يدك فتغمس كما غمس رسول الله، فكان هذا مماسحته اياهن.

على بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام مثله.

٣٠ ـ أبو علي الأشعري عن أحمد بن إسحاق عن سعد بن مسلم قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : أتدري كيف بايع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله النساء؟ قلت: الله اعلم وابن رسوله قال: جمعهن حوله ثم دعا بتور برام(٢) فصب فيه ماء نضوحا ثم غمس

__________________

(١) المركن: الاجانة التي يغسل فيها الثياب.

(٢) التور: إناء يشرب فيه. وبرام: موضع.

٣٠٨

يده فيه ثم قال: اسمعن يا هؤلاء أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئا ولا تسرقن ولا تزنين ولا تقتلن أولادكن، ولا تأتين ببهتان تفترينه بين أيديكن وأرجلكن، ولا تعصين بعولتكن في معروف، أقررتن؟ قلن: نعم ؛ فأخرج يده من التور ثم قال لهن: اغمسن أيديكم: ففعلن فكانت يد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الطاهرة أطيب من أن يمس بها كف أنثى ليست له بمحرم.

٣١ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن أبي أيوب الخزار عن رجل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ) قال: المعروف ان لا يشققن جيبا ولا يلطمن خدا ؛ ولا يدعون ويلا، ولا يتخلفن عند قبر، ولا يسودن ثوبا، ولا ينشرن شعرا.

٣٢ ـ محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن سليمان بن سماعة الخزاعي عن علي بن إسماعيل عن عمر وبن أبي المقدام قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: تدري ما قوله تعالى:( وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ) ؟ قلت: لا قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لفاطمةعليها‌السلام : إذا أنا مت فلا تخمشي على وجها، ولا ترخى على شعرا، ولا تنادي بالويل، ولا تقيمي على نائحة ؛ قال: ثم قال: هذا المعروف الذي قال اللهعزوجل .

٣٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدّثنا أحمد بن محمد عن علي عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله:( وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ) قال: هو ما فرض الله عليهن من الصلوة والزكاة وما أمرهن به من خير.

٣٤ ـ فيمن لا يحضره الفقيه وفي رواية ربعي بن عبد الله انه لـمّا بايع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله النساء وأخذ عليهن، دعا بإناء فملأه ثم غمس يده في الإناء ثم أخرجها ثم أمرهن بان يدخلن أيديهن فتغمس فيه.

٣٥ ـ في مجمع البيان وروى ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بايعن وكان على الصفا وكان عمر أسفل منه، وهند بنت عتبة متنقبة متنكرة مع النساء خوفا أن يعرفها رسول الله

٣٠٩

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال: أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئا، فقالت هند: انك لتأخذ علينا امرا ما رأيناك أخذته على الرجال ؛ وذلك انه بايع الرجال يومئذ على الإسلام والجهاد فقط، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ولا تسرقن فقالت هند: ان أبا سفيان رجل ممسك وانى أصبت من ماله هنات(١) فلا أدرى أيحل لي أم لا؟ فقال أبو سفيان: ما أصبت من مالي فيما مضى وفيما غبر(٢) فهو لك حلال، فضحك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعرفها فقال: وانك لهند بنت عتبة؟ قالت: نعم فاعف عما سلف يا نبي الله عفا الله عنك.

فقال: ولا تزنين فقالت هند: أو تزني الحرة؟ فتبسم عمر بن الخطاب لـما جرى بينه وبينها في الجاهلية فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ولا تقتلن أولادكن فقالت: ربيناهم صغارا وقتلتموهم كبارا فأنتم وهم أعلم، وكان ابنها حنظلة بن أبي سفيان قتله عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام يوم بدر، فضحك عمر حتى استلقى، وتبسم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ولما قال: ولا تأتين ببهتان قالت هند: والله ان البهتان قبيح وما تأمرنا إلّا بالرشد ومكارم الأخلاق. ولما قال: ولا يعصينك في معروف، قالت هند: ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء.

وروى الزهري عن عائشة قال: كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يبايع النساء بالكلام بهذه الآية ان لا يشركن بالله شيئا، وما مست يد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يد امرأة قط إلّا امرأة يملكها رواه البخاري في الصحيح.

٣٦ ـ وروى انهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا بايع النساء دعاء بقدح فغمس يده فيه، ثم غمس أيديهن فيه، وقيل انه كان يبايعهن من وراء الثوب عن الشعبي.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: من قرأ سورة الصف وأدمن قراءتها في فرائضه ونوافله صفه الله مع ملائكته وأنبيائه المرسلين.

٢ ـ في مجمع البيان أبيّ بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من قرأ سورة

__________________

(١) الهنات جمع الهنة بمعنى الشيء.

(٢) غبر بمعنى مضى أيضا.

٣١٠

عيسىعليه‌السلام (١) كان عيسىعليه‌السلام مصليا مستغفرا له ما دام في الدنيا وهو يوم القيامة رفيقه.

٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ ) مخاطبة لأصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الذين وعدوه ان ينصروه ولا يخالفوا امره ولا ينقضون عهده في أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فعلم الله انهم لا يفون بما يقولون، فقال:( لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ ) الآية وقد سماهم الله مؤمنين بإقرارهم وان لم يصدقوا.

٤ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: عدة المؤمن أخاه نذر لا كفارة له، فمن أخلف فبخلف الله بدأ ولمقته تعرض وذلك قوله:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ ) .

٥ ـ في نهج البلاغة والخلف يوجب المقت عند الله والناس، قال الله سبحانه:( كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ ) .

٦ ـ وفيه قالعليه‌السلام : كان لي فيما مضى أخ إلى أن قالعليه‌السلام : وكان يفعل ما يقول ولا يقول ما لا يفعل.

٧ ـ في الكافي في حديث مالك بن أعين قال: حرض أمير المؤمنينعليه‌السلام الناس بصفين فقال: إنّ اللهعزوجل دلكم إلى ان قالعليه‌السلام : وقال جل جلاله:( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ ) فسووا صفوفكم كالبنيان المرصوص، فقدموا الدارع وأخروا الحاسر وعضوا على النواجذ فانه أنبأ للسيوف على الهام، والتووا على أطراف الرماح فانه أمور للاسنة، وغضوا الأبصار فانه اربط للجأش وأسكن للقلوب وأميتوا الأصوات فانه أطرد للفشل وأولى بالوقار ولا تميلوا براياتكم ولا تزيلوها ولا تجعلوها إلّا مع شجعانكم، فان المانع للذمار

__________________

(١) تسمى سورة الصف بسورة عيسى (عليه السلام) وسورة الحواريين أيضا.

٣١١

والصابر عند نزول الحقائق هم أهل الحفاظ(١) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم ثم ذكر المؤمنين الذين جاهدوا وقاتلوا في سبيل الله فقال:( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ ) قال: يصطفون كالبنيان الذي لا يزول.

٩ ـ في مصباح شيخ الطائفةقدس‌سره خطبة لأمير المؤمنينعليه‌السلام خطب بها يوم الغدير يقول فيهاعليه‌السلام واعلموا أيها المؤمنون ان اللهعزوجل قال:( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ ) أتدرون ما سبيله؟ انا سبيل الله الذي نصبني للاتباع بعد نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٠ ـ في مجمع البيان:( وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ

__________________

(١) الدارع: لا بس الدرع. والحاسر ـ بالمهملات ـ: الذي لا مغفر له ولا درع والنواجذ: أقصى الأسنان والضواحك منها. وأنبأ ـ بتقديم النون على الموحدة ـ: أي أبعد وأشد دفعا، قال الفيض (ره) في الوافي: قيل: الوجه في ذلك ان العض على الأضراس يشد شئون الدماغ ورباطاته فلا يبلغ اليف مبلغه. والهام جمع الهامة وهي الرأس، قيل: أمرهم با يلتووا إذا طعنوا لأنهم إذا فعلوا ذلك فبالحرى ان يمور الإنسان أي يتحرك عن موضعه فيخرج زالقا وإذا لم يلتووا لم يمر السنان ولم يتحرك عن موضعه فينخرق وينفذ ويقتل. وأمرهم بغض الأبصار في الحرب لأنه أربط للجأش أي أثبت للقلب لان الغاض بصره في الحرب أحرى أن لا يدهش ولا يرتاع لهول ما ينظر. وأمرهم باماتة الأصوات واخفائها لأنه أطرد للفشل وهو الجبن والخوف وذلك لان الجبان يرعد ويبرق والشجاع صامت وأمرهم بحفظ رآياتهم ان لا تميلوها بأيدي الجبناء كيلا يجنبوا عن إمساكها. والذمار ـ بالكسر ـ: ما يلزم حفظه وحمايته سمى ذمارا لأنه يجب على أهله التذمر له أي الغضب. والحقائق جمع الحاقة وهي الأمر الصعب الشديد ومنه قول تعالى «الحاقة الحاقة».

٣١٢

تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ ) روى في قصة قارون انه دس إليه امرأة وزعم انه زنى بها ورموه بقتل هارون.

١١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قوله( زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ ) أي شكك الله قلوبهم ثم حكى قول عيسىعليه‌السلام لبني إسرائيل: إني رسول الله إليكم مصدقا لـما بين يديّ من التوراة ومبشرا برسول يأتى من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين قال: وسأل بعض اليهود لعنهم الله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لم سميت أحمد ومحمّد وبشيرا ونذيرا؟ فقال: أمّا محمّد فإنّي في الأرض محمود، وأمّا أحمد فإنّي في السماء أحمد منى في الأرض، وأمّا البشير فأبشر من أطاع الله بالجنة، وأمّا النذير فأنذر من عصى الله بالنار.

١٢ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من خبر الشامي وما سأل عنه أمير المؤمنينعليه‌السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه: وقام إليه آخر وسأله عن ستة من الأنبياء لهم اسمان؟ فقال: يوشع بن نون وهو ذو الكفل ويعقوب وهو إسرائيل، والخضر وهو حليقا، ويونس وهو ذو النون، وعيسى وهو المسيح، ومحمد وهو أحمد صلوات الله عليهم أجمعين.

١٣ ـ وباسناده إلى صفوان بن يحيى صاحب السابري قال: سألنى أبو قرة صاحب الجاثليق ان أوصله إلى الرضاعليه‌السلام فاستأذنته في ذلك قال: ادخله على فلما دخل عليه قبل بساطه وقال: هكذا علينا في ديننا أن نفعل بأشراف أهل زماننا، ثم قال: أصلحك الله ما تقول في فرقة ادعت دعوى فشهدت لهم فرقة اخرى معدلون؟ قال: الدعوى لهم قال: فادعت فرقة اخرى دعوى فلم يجدوا شهودا من غيرهم؟ قال: لا شيء لهم، قال: فانا نحن ادعينا أن عيسى روح الله وكلمته فوافقنا على ذلك المسلمون وادعى المسلمون ان محمدا نبي فلم نتابعهم عليه وما أجمعنا عليه خير مما افترقنا فيه، فقال أبو الحسنعليه‌السلام : ما اسمك؟ قال: يوحنا قال: يا يوحنا انا آمنا بعيسى روح الله وكلمته الذي كان يؤمن بمحمد ويبشر به ويقر على نفسه أنه عبد مربوب فان كان عيسى الذي هو عندك روح الله وكلمته ليس هو الذي آمن بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و

٣١٣

بشر به ولا هو الذي أقر اللهعزوجل بالعبودية فنحن منه براء، فأين اجتمعنا؟ فقام وقال لصفوان بن يحيى ؛ قم فما كان أغنانا عن هذا المجلس؟

١٤ ـ في كتاب الخصال عن أبي أمامة قال: قلت: يا رسول الله ما كان بدو أمرك؟ قال: دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى، ورأت أمي انه خرج منها شيء أضاءت منه قصور الشام.

١٥ ـ عن أبي جعفرعليه‌السلام ان لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عشرة أسماء: خمسة في القرآن وخمسة ليست في القرآن، فأما التي في القرآن فمحمد وأحمد وعبد الله ويس وان، الحديث.

١٦ ـ في كتاب التوحيد في باب مجلس الرضاعليه‌السلام مع أصحاب الملل والمقالات قال الجاثليق للرضاعليه‌السلام : ما تقول في نبوة عيسى وكتابهصلى‌الله‌عليه‌وآله هل تنكر منها شيئا قال الرضاعليه‌السلام : انا مقر بنبوة عيسى وكتابه وما بشر به أمته وأقرت به الحواريون وكافر بنبوة كل عيسى لم يقر بنبوة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبكتابه ولم يبشر به أمته، قال الجاثليق: أليس انما تقطع الأحكام بشاهدي عدل؟ قال: بلى قال: فأقم شاهدين من غير أهل ملتك على نبوة محمد لا تنكره النصرانية، وسلنا مثل ذلك من غير أهل ملتنا، قال الرضاعليه‌السلام : الآن جئت بالنصفة يا نصراني، ألا تقبل منى العدل المقدم عند المسيح بن مريم؟ قال الجاثليق: ومن هذا العدل؟ سمه لي، قال: ما تقول في يوحنا الديلمي؟ قال: بخ بخ ذكرت أحب الناس إلى المسيح، قالعليه‌السلام : فأقسمت عليك هل نطق الإنجيل ان يوحنا قال: إنّ المسيح أخبرنى بدين محمد العربي وبشرنى به أن يكون من بعده فبشرت به الحواريين فآمنوا به؟ قال الجاثليق: قد ذكرنا ذلك يوحنا عن المسيح وبشر بنبوة رجل وأهل بيته ووصيه ولم يلخص متى يكون ذلك؟ ولم يسم لنا القوم لنعرفهم، قال الرضاعليه‌السلام : فان جئناك بمن يقرأ الإنجيل فتلا عليك ذكر دين محمد وأهل بيته أتؤمن به؟ قال: سديدا(١) قال الرضاعليه‌السلام : لنسطاس الرومي: كيف حفظك للسفر الثالث من الإنجيل؟

__________________

(١) وفي نسخة البحار «شديدا» بدل «سديدا».

٣١٤

قال: ما أحفظنى له! ثم التفت إلى رأس الجالوت فقال: ألست تقرأ الإنجيل؟ قال: بلى لعمري قال: فخذ على السفر الثالث فانه كان فيه ذكر محمد وأهل بيته وأمته فاشهدوا لي، وان لم يكن فيه ذكره فلا تشهدوا، ثم قرأعليه‌السلام السفر الثالث حتى إذا بلغ ذكر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وقف ثم قال: يا نصراني اسألك بحق المسيح وأمه أتعلم أني عالم بالإنجيل؟ قال: نعم ثمّ تلا علينا ذكر محمّد وأهل بيته وأمته، ثمّ قال: ما تقول يا نصراني؟ هذا قول عيسى بن مريم فان كذبت ما ينطق به الإنجيل فقد كذّبت عيسى وموسى، ومتى أنكرت هذا الذكر وجب عليك القتل لأنك تكون قد كفرت بربك وبنبيك وبكتابك، قال الجاثليق: لا أنكر ما قد بان لي من الإنجيل وانا أقربه، قال الرضاعليه‌السلام : اشهدوا على إقراره، ثم قال: يا جاثليق سل عما بدا لك، قال الجاثليق: أخبرنى عن حواري عيسى بن مريم كم كان عدتهم وعن علماء الإنجيل كم كانوا؟ قال الرضاعليه‌السلام : على الخبير سقطت، أما الحواريون فكانوا اثنى عشر رجلا وكان أعلمهم وأفضلهم ألوقا، وأمّا علماء النصارى فكانوا ثلاثة رجال يوحنا الأكبر بأخ ويوحنا بقرقيسا ويوحنا الديلمي بزجار(١) وعنده كان ذكر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وذكر أهل بيته وأمته، وهو الذي بشر امة عيسى وبنى إسرائيل به في عيون الأخبار مثله سواء.

١٧ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : بقي الناس بعد عيسىعليه‌السلام خمسين ومأتى سنة بلا حجة ظاهرة.

١٨ ـ وباسناده إلى يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان بين عيسى ومحمّد صلى الله عليهما خمسمائة عام منها مأتين وخمسين عاما ليس فيها نبي ولا عالم ظاهر، قلت: فما كانوا؟ قال: كانوا متمسكين بدين عيسىعليه‌السلام قلت: فما كانوا؟ قال: كانوا مؤمنين

__________________

(١) أخ: موضع بالبصرة. وقرقيساء: بلدة: على الفرات سمى بقرقيسا بن طهمورث وزجار ـ كما في الأصل وكذا المصدر ونسخة البحار ـ: مجهول لم نعرف مكانا بهذا الاسم ولعله مصحف «الرجاز» كشداد كما في العيون واد بنجد وموضع بفارس.

٣١٥

ثمّ قالعليه‌السلام : ولا تكون إلّا وفيها عالم.

١٩ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى الحسن بن عبد الله عن آبائه عن جده الحسن بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: جاء نفر من اليهود إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فسأله أعلمهم فيما سأله فقال: لأي شيء سميت محمدا وأحمد وأبا القاسم وبشيرا ونذيرا وداعيا؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : اما محمّد فإنّي محمود في الأرض، وأمّا أحمد فإنّي محمود في السماء، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٠ ـ في أصول الكافي باسناده إلى عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله:عليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : فلما أن بعث اللهعزوجل المسيح قال المسيحعليه‌السلام انه سوف يأتى من بعدي نبي اسمه أحمد من ولد إسماعيلعليه‌السلام يجيء بتصديقي وتصديقكم وعذري وعذركم.

٢١ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن محمد بن الفضل عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: لم تزل الأنبياء تبشر بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى بعث الله تبارك وتعالى المسيح عيسى بن مريم، فبشر بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وذلك قوله تعالى: «يجدونه» يعنى اليهود والنصارى «مكتوبا» يعنى صفة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله «عندهم» يعنى في التوراة والإنجيل( يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ ) وهو قول اللهعزوجل يخبر عن عيسى: و( مُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ) وبشر موسى وعيسى بمحمد كما بشر الأنبياء صلوات الله عليهم بعضهم ببعض، حتى بلغه محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٢ ـ وباسناده إلى علي بن عيسى رفعه قال: إنّ موسىعليه‌السلام ناجاه الله تبارك وتعالى فقال له في مناجاته: أوصيك يا موسى وصية الشفيق والمشفق بابن البتول عيسى بن مريم صاحب الاوتان والبرنس والزيت والزيتون والمحراب ومن بعده بصاحب الجمل الأحمر الطيب الطاهر المطهر(١) فمثله في كتابك انه مؤمن مهيمن على الكتب كلها، راكع ساجد راغب راهب إخوانه المساكين وأنصاره قوم آخرون ،

__________________

(١) مر معناه في صفحة. ٢١١ فراجع.

٣١٦

ويكون في زمانه أزل وزلازل(١) وقتل وقلة من المال، اسمه أحمد محمد الأمين من الباقين من ثلة الأولين الماضين والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٣ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى يونس بن عبد الرحمن عن عاصم بن حميد عن محمد بن قيس عن أبي جعفر محمد بن علي الباقرعليه‌السلام قال: إنّ اسم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في صحف إبراهيم الماحي، وفي توراة موسى الحاد، وفي إنجيل عيسى احمد، وفي الفرقان محمد، قيل: فما تأويل الماحي؟ فقال: الماحي صورة الأصنام وماحي الأزلام والأوثان وكل معبود دون الرحمن، قيل: فما تأويل الحاد؟ قال: يحاد من حاد الله ودينه قريبا كان أو بعيدا، قيل: فما تأويل أحمد قال: حسن ثناء اللهعزوجل في الكتب بما حمد من أفعاله، قيل: فما تأويل محمد؟ قال: إنّ الله وملائكته وجميع أنبيائه ورسله وجميع أممهم يحمدونه ويصلون عليه.

٢٤ ـ في عوالي اللئالى وروى في الحديث أن الله تعالى لـمّا بشر عليه بظهور نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال في صفته: واستوص بصاحب الجمل الأحمر والوجه الأقمر نكاح النساء.

٢٥ ـ في مجمع البيان وصحت الرواية عن الزهري عن محمد بن مسلم عن أبيه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ان لي أسماء أنا أحمد وانا محمد وانا الماحي الذي يمحوا الله بى الكفر وانا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وانا العاقب الذي ليس بعدي نبي أورده البخاري في الصحيح.

٢٦ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن ابن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام قال: سألته عن قول اللهعزوجل : يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم قال: يريدون ليطفئوا نور الله ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام بأفواههم، قلت: والله متم نوره قال: والله متم الامامة لقوله:( الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا ) فالنور هو الامام.

__________________

(١) الأزل: الضيق. والزلازل: البلايا.

٣١٧

٢٧ ـ أحمد بن إدريس عن الحسين بن عبيد الله عن محمد بن الحسن(١) وموسى بن عمر عن الحسن بن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: سألته عن قول الله تبارك وتعالى:( يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ ) قال: ليطفئوا ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام بأفواههم قلت:( وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ ) قال يقول: والله متم الامامة والامامة هي النور وذلك قوله:( فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا ) قال: النور هو الامام.

٢٨ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته وهو يقول: لم تخل الأرض من حجة عالم يحيى فيها ما يميتون من الحق، ثم تلا هذه الاية:( يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ ) .

٢٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قوله:( يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ ) قال: بالقائم من آل محمدعليهم‌السلام حتى إذا خرج يظهره الله على الدين كله حتى لا يعبد غير الله وهو قولهعليه‌السلام : يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.

٣٠ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن ابن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام قال: قلت:( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ ) قال هو الذي أرسل رسوله بالولاية لوصيه، والولاية هي دين الحق قلت:( لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ) قال: يظهر على جميع الأديان عند قيام القائم، يقول الله: «والله متم ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام ولو كره الكافرون بولاية على» قلت: هذا تنزيل؟ قال: نعم اما هذا الحرف فتنزيل وأمّا غيره فتأويل والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

أقول: وهذا متصل بآخر ما نقلنا عن أصول الكافي سابقا اعنى قوله: فالنور هو الامام ؛ ويتصل هذا المتن به قلت: هو الذي إلخ.

__________________

(١) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر ولكتاب جامع الرواة، لكن في الأصل محمد بن الحسين «مصغرا».

٣١٨

٣١ ـ في مجمع البيان وروى العياشي بالإسناد عن عمران بن ميثم عن عباية انه سمع أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول: هو الذي أرسل عبده بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله أظهروا ذلك بعد؟ قالوا: نعم قال: كلا والذي نفسي بيده حتى لا تبقى قرية إلّا وينادى فيها بشهادة أنْ لا إله إلّا الله ومحمّد رسول الله بكرة وعشيا.

٣٢ ـ في الكافي وفي حديث مالك بن أعين قال: حرض أمير المؤمنينعليه‌السلام الناس بصفين فقال: إنّ اللهعزوجل دلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم وتشفى بكم على الخير(١) والايمان بالله والجهاد في سبيل الله، وجعل ثوابه مغفرة للذنب ومساكن طيبة في جنات عدن.

٣٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ ) فقالوا: لو نعلم ما هي لنبذلن فيها الأموال والأنفس والأولاد، فقال الله:( تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ ) إلى قوله( ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) .

٣٤ ـ في مجمع البيان وسأل الحسن عمران بن حصين وأبا هريرة عن تفسير قوله تعالى:( وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ) فقالا: على الخبير سقطت.

سألنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن ذلك فقال: قصر من لؤلؤ في الجنة، في ذلك القصر سبعون دارا من ياقوتة حمراء، في كل دار سبعون بيتا من زمردة خضراء، في كل بيت سبعون سريرا، على كل سرير سبعون فراشا من كل لون، على كل فراش امرأة من الحور العين، في كل بيت سبعون مائدة، على كل مائدة سبعون لونا من الطعام في كل بيت سبعون وصيفة(٢) قال: ويعطى الله المؤمن من القوة في غداة واحدة ما يأتى على ذلك كله.

٣٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ )

__________________

(١) أشفى على الشيء أي أشرف.

(٢) الوصيفة: الجارية. وفي المصدر «في كل بيت سبعون وصيفا ووصيفة».

٣١٩

يعنى في الدنيا بفتح القائمعليه‌السلام ، وأيضا قال فتح مكة.

٣٦ ـ في روضة الكافي حدّثنا ابن محبوب(١) عن أبي يحيى كوكب الدم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ حواري عيسى صلى الله عليه كانوا شيعته، وان شيعتنا حواريونا، وما كان حواري عيسى بأطوع له من حوارينا لنا، وإنّما قال عيسىعليه‌السلام : من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله فلا والله ما نصروه من اليهود، ولا قاتلوهم دونه، وشيعتنا والله لم يزالوا منذ قبض الله عز ذكره ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ينصرونا ويقاتلون دوننا ويخوفون ويحرقون ويعذبون ويشردون في البلاد، جزاهم الله عنا خيرا، وقد قال أمير المؤمنينعليه‌السلام والله لو ضربت خيشوم(٢) محبينا بالسيف ما أبغضونا، والله لو أدنيت إلى مبغضينا وحثوت لهم من المال ما أحبونا(٣) .

٣٧ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل وفيه: ولم يخل أرضه من عالم بما يحتاج الخليقة اليه، ومتعلم على سبيل النجاة.

أولئك هم الأقلون عددا وقد بين الله ذلك من أمم الأنبياء وجعلتهم مثلا لمن تأخر مثل قوله في حواري عيسى حيث قال لساير بنى إسرائيل:( مَنْ أَنْصارِي إلى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) يعنى مسلمون لأهل الفضل فضلهم، ولا يستكبرون عن أمر ربهم، فما أجابه منهم إلّا الحواريون.

٣٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله «( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي * اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ * فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ ) قال: التي كفرت هي التي قتلت شبيه عيسىعليه‌السلام ، وصلبته، والتي آمنت هي التي قبلت فقتلت الطائفة التي قتلته وصلبته وهو قوله:( فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ ) .

__________________

(١) وقبله: «محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وعدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن محبوب اه».

(٢) الخيشوم: أقصى الأنف.

(٣) كناية عن كثرة العطاء قال في القاموس: حثوت له أي أعطيته كثيرا.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749