تفسير نور الثقلين الجزء ٥

تفسير نور الثقلين7%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 749

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 749 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 357322 / تحميل: 4864
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

الله ناجاه؟ فقال: نعم يا أبا رافع، ان الله ناجاه يوم الطائف ويوم عقبة تبوك ويوم خيبر.

٩٥ ـ وعنه بهذا الاسناد عن منيع عن يونس عن علي بن أعين قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأهل الطائف: لأبعثن إليكم رجلا كنفسي يفتح الله به الخيبر، سوطه سيفه، فتشرف الناس لها، فلما أصبح دعا عليّا فقال: اذهب إلى الطائف ثم أمر الله النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ان يدخل إليها بعد أن دخله على، فلما صار إليها كان على رأس الجبل فقال له رسول الله: اثبت فثبت، فسمعنا مثل صرير الرحا فقيل: ما هذا يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال ان الله يناجي عليّاعليه‌السلام . قال عز من قائل:( وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا )

٩٦ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة حدّثنا محمد بن إبراهيم بن إسحق رضى الله عنه قال: أخبرنا أحمد بن محمد الهمداني قال: حدّثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه عن هشام بن سالم قال: قلت للصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام : الحسن أفضل أم الحسينعليه‌السلام ؟ فقال: الحسن أفضل من الحسين. قلت: فكيف صارت الامامة من بعد الحسين في عقبه دون ولد الحسن؟ فقال: إنّ الله تبارك وتعالى لم يرد بذلك إلّا أن يجعل سنة موسى وهارون جارية في الحسن والحسينعليهما‌السلام ، ألآ ترى انهما كانا شريكين في النبوة كما كان الحسن والحسين شريكين في الامامة، وان اللهعزوجل جعل النبوة في ولد هارون ولم يجعلها في ولد موسى وان كان موسى أفضل من هارونعليهما‌السلام .

٩٧ ـ وباسناده إلى محمد بن جعفر عن أبيه عن جده عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: عاش موسىعليه‌السلام مأة وستة وعشرين سنة، وعاش هارونعليه‌السلام مأة وثلاثة وثلثين سنة

٩٨ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن بعض أصحابه عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلاث من كن فيه كان منافقا وان صام وصلى وزعم انه مسلم: من إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، ان اللهعزوجل يقول في كتابه:( إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ ) وقال :

٣٤١

( أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ ) وفي قوله تعالى:( وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا ) .

٩٩ ـ ابن أبي عمير عن منصور بن حازم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّما سمى إسمعيل صادق الوعد لأنه وعد رجلا في مكان فانتظره سنة، فسماه اللهعزوجل صادق الوعد، ثمّ إنَّ الرجل أتاه بعد ذلك فقال له اسمعيل: ما زلت منتظرا لك.

١٠٠ ـ في عيون الاخبار باسناده إلى سليمان الجعفري عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: أتدري لم سمى إسمعيل صادق الوعد؟ قال: قلت: لا أدرى، قال: وعد رجلا فجلس له حولا ينتظره.

١٠١ ـ في كتاب علل الشرائع في باب العلة التي من أجلها سمى إسمعيل بن حزقيل صادق الوعد، حدّثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال: حدّثنا محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن أبي عمير ومحمد ابن سنان عمن ذكره عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ إسمعيل الذي قال اللهعزوجل في كتابه:( وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا ) لم يكن إسمعيل بن إبراهيم، بل كان نبيا من الأنبياء بعثه اللهعزوجل إلى قومه، فأخذوه فسلخوا فروة رأسه(١) ووجهه، فأتاه ملك فقال: إنّ الله جل جلاله بعثني إليك فمرني بما شئت، فقال: لي أسوة بما يصنع بالأنبياءعليهم‌السلام .

١٠٢ ـ وباسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ان إسمعيل كان رسولا نبيا سلط عليه قومه فقشروا جلدة وجهه وفروة رأسه، فأتاه رسول من رب العالمين فقال له: ربك يقرئك السلام ويقول قد رأيت ما صنع بك وقد أمرني بطاعتك فمرني بما شئت فقال: يكون لي بالحسين بن عليّعليهما‌السلام أسوة.

١٠٣ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ ) قال: وعد وعدا فانتظر صاحبه سنة، وهو إسمعيل بن حزقيلعليه‌السلام .

__________________

(١) الفروة: جلدة الرأس بشعرها.

٣٤٢

١٠٤ ـ في مجمع البيان ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ ) الذي هو القرآن «اسمعيل» بن إبراهيم( إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ ) وكان إذا وعد بشيء وفي ولم يخلف «وكان» مع ذلك( رَسُولاً نَبِيًّا ) إلى جرهم وقد مضى معناه، قال ابن عباس انه واعد رجلا أن ينتظره في مكان ونسي الرجل، فانتظره سنة حتّى أتاه الرجل، وروى ذلك عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

١٠٥ ـ وقيل: إنّ إسمعيل بن إبراهيم مات قبل أبيه، وان هذا هو إسمعيل بن حزقيل بعثه الله إلى قوله، ورواه أصحابنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام . وذكر نحوه ما ذكرنا عن كتاب علل الشرائع.

١٠٦ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: عاش إسمعيل بن إبراهيمعليه‌السلام مأة وعشرين سنة.

١٠٧ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى إبراهيم بن أبي البلاد عن أبيه عن أبي جعفر محمد بن عليّ الباقرعليهم‌السلام قال: كان بدو نبوة إدريسعليه‌السلام انه كان في زمانه ملك جبار، وانه ركب ذات يوم في بعض نزهه فمر بأرض خضرة نضرة لعبد مؤمن من الرافضة(١) فأعجبته فسأل وزرائه لمن هذه الأرض؟ قالوا: لعبد مؤمن من عبيد الملك فلان الرافضي، فدعا به فقال له: أمتعني بأرضك هذه، فقال له: عيالي أحوج إليها منك، قال: فسمني بها اثمن لك(٢) قال: لا أمتعك بها ولا أسومك دع عنك ذكرها فغضب الملك عند ذلك وأسف وانصرف إلى أهله وهو مغموم متفكر في أمره، وكانت له امرأة من الازارقة(٣) وكان بها معجبا يشاورها في الأمر إذا نزل به، فلما استقر في

__________________

(١) قال المسعودي في إثبات الوصية (ص: ١٢ ط طهران): وكان من يتبعه على كفره ويرفضه يسمى رافضيا «انتهى» وقال بعض: انهعليه‌السلام عبر بذلك لئلا يتهم أصحابه مما ينابزهم العامة بهذا اللقب، ويعلموا ان ذلك كان ديدن أهل الدنيا سلفا وخلفا وعادتهم.

(٢) أي بعنى أعطيك الثمن.

(٣) الازارقة من الخوارج أصحاب نافع بن الأزرق كفروا عليّاعليه‌السلام وأصحابه وجوزوا

٣٤٣

مجلسه بعث إليها يشاورها في أمر صاحب الأرض، فخرجت إليه فرأت في وجهه الغضب فقالت: أيها الملك ما الذي دهاك(١) حتّى بدا الغضب في وجهك قبل فعلك؟ فأخبرها بخبر الأرض وما كان من قوله لصاحبها ومن قول صاحبها له، فقالت: أيها الملك إنّما يغتم ويهتم ويأسف من لا يقدر على التغيير والانتقام، فان كنت تكره ان تقتله بغير حجة فانا أكفيك امره وأصير أرضه إليك بحجة، لك فيها العذر عند أهل مملكتك، قال: وما هي؟ قالت: أبعث إليه أقواما من أصحابى أزارقة حتّى يأتوك به، فيشهدون عليه عندك انه قد برأ من دينك، فيجوز لك قتله وأخذ أرضه. قال: فافعلي.

قال: وكان لها أصحاب من الازارقة على دينها يرون قتل الرافضة من المؤمنين، فبعثت إلى قوم من الازارقة فأتوها فأمرتهم أن يشهدوا على فلان الرافضي عند الملك انه قد برأ من دين الملك فشهدوا عليه انه قد برىء من دين الملك فقتله واستخلص أرضه، فغضب الله تعالى للمؤمن عند ذلك، فأوحى إلى إدريس: أنْ ائت عبدي هذا الجبار فقل له: أما رضيت أن قتلت عبدي المؤمن ظلما حتّى استخلصت أرضه خالصة لك، فاحوجت عياله من بعده وأجعتهم؟ أما وعزتي لأنتقمنَّ له منك في الآجل، ولأسلبنَّك ملكك في العاجل، ولأخربن مدينتك ولأذلن عزك، ولأطعمن الكلاب لحم امرأتك، فقد غرك يا مبتلى حلمي عنك؟ فأتاه إدريسعليه‌السلام برسالة ربه وهو في مجلسه وحوله أصحابه، فقال: أيها الجبار انّي رسول الله إليك وهو يقول لك: أما رضيت ان قتلت عبدي المؤمن حتّى استخلصت أرضه خالصة لك، وأحوجت عياله من بعده وأجعتهم؟ أما وعزتي لأنتقمن له منك في الآجل، ولأسلبنك ملكك في العاجل ولأخربن مدينتك ولأذلن عزك ولأطعمن الكلاب لحم امرأتك، فقال الجبار: اخرج

__________________

قتل مخالفيهم وسبى نسائهم فقيل: إنّ المراد في الحديث ان المرأة كانت بصفة الازارقة فكما ان الازارقة يرون غير أهل نحلتهم مشركا ويستحلون دمه وأمواله فكذلك هذه المرأة.

(١) دهى فلانا: أصابه بداهية والداهية: الأمر العظيم.

٣٤٤

ـ عنى يا إدريس فلن تسبقني بنفسك(١) ثم أرسل إلى امرأته فأخبرها بما جاء به إدريس فقالت: لا يهولنك رسالة اله إدريس انا أكفيك أمر إدريس، انا أرسل إليه من يقتله فتبطل رسالة إلهه وكلما جاء به، قال: فافعلي قال: وكان لإدريس أصحاب من الروافض مؤمنون يجتمعون إليه في مجلس له فيأنسون به ويأنس بهم، فأخبرهم إدريس بما كان من وحي اللهعزوجل إليه ورسالته إلى الجبار وما كان من تبليغه رسالة اللهعزوجل إلى الجبار، فأشفقوا على إدريس وأصحابه وخافوا عليه القتل وبعثت امرأة الجبار إليه أربعين رجلا من الازارقة ليقتلوه. فأتوه في مجلسه الذي كان يجتمع إليه فيه أصحابه فلم يجدوه، فانصرفوا وقد رآهم أصحاب إدريس فحسبوا أنهم أتوا إدريس ليقتلوه فتفرقوا في طلبه فلقوه فقالوا له: خذ حذرك يا إدريس فان الجبار قاتلك، قد بعث اليوم أربعين رجلا من الازارقة ليقتلوك فاخرج من هذه القرية.

فتنحى إدريس عن القرية من يومه ذلك، ومعه نفر من أصحابه، فلما كان في السحر ناجى إدريس ربه فقال: يا رب بعثتني إلى جبار فبلغت رسالتك وقد توعدني هذا الجبار بالقتل بل هو قاتلي ان ظفر بى؟ فأوحى اللهعزوجل اليه: أنْ تنح عنه واخرج من قريته، وخلنى وإياه فو عزتي لأنفذن فيه أمرى، ولأصدقن قولك فيه، وما أرسلتك به اليه، فقال إدريس: يا رب ان لي حاجة، قال اللهعزوجل : سل تعطها.

قال: اسألك ان لا تمطر السماء على هذه القرية وما حولها وما حوت عليه حتّى اسألك ذلك، قال اللهعزوجل : يا إدريس إذاً تخرب القرية ويشتد جهد أهلها ويجوعون! قال إدريس: وان خربت وجهدوا وجاعوا؟ قال اللهعزوجل : قد أعطيتك ما سألت ولن أمطر السماء عليهم حتّى تسألنى ذلك، وأنا أحق من وفى بوعده.

فأخبر إدريس أصحابه بما سأل الله من حبس المطر عنهم وبما أوحى الله إليه ووعده

__________________

(١) قال المجلسي (ره): فلن تسبقني بنفسك هو تهديد بالقتل، أي لا يمكنك الفرار بنفسك والتقدم بحيث لا يمكنني اللحوق بك لاهلاكها، أو لا تغلبني في أمر نفسك بأن تتخلصها منى ويحتمل أن يكون المراد: لا تغلبني متفردا بنفسك من غير معاون فلم تتعرض لي.

٣٤٥

أن لا يمطر السماء على قريتهم حتّى يسأله ذلك فاخرجوا أيها المؤمنون من هذه القرية إلى غيرها من القرى، فخرجوا منها وعدّتهم يومئذ عشرون رجلا، فتفرقوا في القرى وشاع خبر إدريس في القرى بما سأل ربه، وتنحى إدريس إلى كهف من الجبل شاهق(١) فلجأ إليه ووكل اللهعزوجل به ملكا يأتيه بطعامه عند كل مساء وكان يصوم النهار فيأتيه الملك بطعامه عند كل مساء، وسلب اللهعزوجل عند ذلك ملك الجبار وقتله وأخرب مدينته وأطعم الكلاب لحم امرأته غضبا للمؤمن، فظهر في المدينة جبار آخر عاص، فمكثوا بذلك بعد خروج إدريس من القرية عشرين سنة لم تمطر السماء عليهم قطرة من مائها فجهد القوم واشتدت حالهم وصاروا يمتارون الاطعمة(٢) من القرى من بعد، فلما جهدوا مشى بعضهم إلى بعض، فقالوا: إنّ الذي نزل بنا مما ترون لسؤال إدريس ربه أن لا يمطر السماء علينا حتّى يسأله هو، وقد تنحى إدريس عنا ولا علم لنا بموضعه والله أرحم بنا منه، فأجمع أمرهم على ان يتوبوا إلى الله ويدعوه ويفزعوا إليه ويسألوه أن يمطر السماء عليهم وعلى ما حوت قريتهم، فقاموا على الرماد ولبسوا المسوح وحثوا على رؤسهم التراب(٣) وعجوا إلى الله بالتوبة والاستغفار والبكاء والتضرع اليه.

فأوحى اللهعزوجل إلى إدريس: يا إدريس ان أهل قريتك قد عجوا إليَّ بالتوبة والاستغفار والبكاء والتضرع، وانا الله الرحمن الرحيم اقبل التوبة وأعفو عن السيئة وقد رحمتهم ولم يمنعني من اجابتهم إلى ما سألونى من المطر إلّا مناظرتك فيما سألتنى أن لا أمطر السماء عليهم حتّى تسألنى، فاسألنى يا إدريس حتّى أغيثهم وأمطر السماء عليهم. قال إدريس: أللهمّ انّي لا أسئلك ذلك. قال اللهعزوجل : ألم تسألنى يا إدريس

__________________

(١) الشاهق: المرتفع من الجبال.

(٢) أي يجمعونها.

(٣) المسوح جمع المسح: الكساء من شعر كثوب الرهبان، ومنه يقال من نسيج الشعر على البدن تقشفا وقهرا للجسد مسح. وحثا التراب: صبه.

٣٤٦

فأجبتك إلى ما سألت، وأنا اسألك ان تسألنى فلم لا يجيب مسألتى؟ قال إدريس: أللهمّ لا اسألك، قال: فأوحى اللهعزوجل إلى الملك الذي أمره أن يأتى إدريس بطعامه كل مساء أن احبس عن إدريس طعامه ولا تأته به، فلما أمسى إدريس في ليلة يومه ذلك فلم يؤت بطعامه حزن وجاع، فصبر فلما كان في ليلة اليوم الثاني فلم يؤت بطعامه اشتد حزنه وجوعه، فلما كانت الليلة من اليوم الثالث فلم يؤت بطعامه اشتد جهده وجوعه وحزنه وقل صبره، فنادى ربه: يا رب حبست عنى رزقي من قبل أن تقبض روحي؟ فأوحى اللهعزوجل اليه: يا إدريس جزعت ان حبست عنك طعامك ثلثة أيام ولياليها، ولم تجزع وتذكر جوع أهل قريتك وجهدهم منذ عشرين سنة، ثم سألتك عند جهدهم ورحمتي إياهم ان تسألنى فأمطر السماء عليهم فلم تسألنى وبخلت عليهم بمسألتك إياي! فأدبتك بالجوع، فقل عند ذلك صبرك وظهر جزعك فاهبط من موضعك فاطلب المعاش لنفسك فقد وكلتك في طلبه إلى جبلتك.

فهبط إدريسعليه‌السلام من موضعه إلى قرية يطلب أكله من جوع، فلما دخل القرية نظر إلى دخان في بعض منازلها فأقبل نحوه، فهجم على عجوز كبيرة وهي ترفق قرصتين لها على مقلاة(١) فقال لها: أيتها المرأة أطعمينى فانى مجهود من الجوع، فقالت له: يا عبد الله ما تركت لنا دعوة إدريس فضلا نطعمه أحدا ـ وحلفت انها ما تملك غيره شيئا ـ فاطلب المعاش من غير أهل هذه القرية، فقال لها: أطعميني ما أمسك به روحي وتحملني به رجلي إلى أن أطلب، قالت: انهما قرصتان واحدة لي والاخرى لابني فان أطعمتك قوتي مت، وان أطعمتك قوت إبني مات، وما هاهنا فضل أطعمك، فقال لها: إنّ ابنك صغير يجزيه نصف قرصة فيحيا به، ويجزيني النصف الاخر فأحيى به وفي ذلك بلغة لي وله، فأكلت المرئة قرصتها وكسرت الاخرى بين إدريس وبين ابنها، فلما راى ابنها إدريس يأكل من قرصته اضطرب حتّى مات، قالت امه: يا عبد الله قتلت على إبني جزعا على قوته، فقال لها إدريس: فأنا أحييه

__________________

(١) المقلاة: وعاء يقلى فيه الطعام.

٣٤٧

بإذن الله فلا تجزعي، ثم أخذ إدريس بعضدي الصبى ثم قال: أيتها الروح الخارجة عن بدن هذا الغلام بأمر الله ارجعي إلى بدنه بإذن الله وأنا إدريس النبي، فرجعت روح الغلام إليه بإذن الله، فلما سمعت امه كلام إدريس وقوله: أنا إدريس، ونظرت إلى ابنها قد عاش بعد الموت، قالت: اشهد انك إدريس النبي وخرجت تنادي بأعلى صوتها في القرية: أبشروا بالفرج قد دخل إدريس في قريتكم، ومضى إدريس حتّى جلس على موضع مدينة الجبار الاول فوجدها وهي تل، فاجتمع إليه أناس من أهل قريته فقالوا له: يا إدريس أما رحمتنا في هذه العشرين سنة التي جهدنا فيها ومسنا الجوع والجهد فيها؟ فادع الله ان يمطر السماء علينا. قال: لا، حتّى يأتيني جباركم هذا وجميع أهل قريتكم مشاة حفاة فيسألوني ذلك، فبلغ الجبار قوله، فبعث إليه أربعين رجلا يأتوه بإدريس فأتوه فقالوا له: إنّ الجبار بعثنا إليك لنذهب بك إليه فدعا عليهم فماتوا، فبلغ ذلك الجبار فبعث إليه خمسمائة رجل ليأتوه به فأتوه فقالوا له: يا إدريس ان الجبار بعثنا إليك لنذهب بك اليه، فقال لهم إدريس: انظروا إلى مصارع أصحابكم فقالوا له: يا إدريس قتلتنا بالجوع منذ عشرين سنة ثم تريد أن تدعو علينا بالموت؟ أما لك رحمة؟ فقال: ما أنا بذاهب إليه وما انا بسائل الله أن يمطر السماء عليكم حتّى يأتيني جباركم ماشيا حافيا وأهل قريتكم، فانطلقوا إلى الجبار فأخبروه بقول إدريس وسألوه أن يمضى معهم وجميع أهل قريتهم إلى إدريس مشاة حفاة، فأتوه حتّى وقفوا بين يديه خاضعين له طالبين إليه أن يسأل اللهعزوجل أن يمطر السماء عليهم، فقال لهم إدريس: اما الآن فنعم فسأل اللهعزوجل إدريس عند ذلك ان يمطر السماء عليهم وعلى قريتهم ونواحيها، فأظلتهم سحابة من السماء وأرعدت وأبرقت وهطلت عليهم من ساعتهم(١) حتّى ظنوا انه الغرق، فما رجعوا إلى منازلهم حتّى أهمتهم أنفسهم من الماء(٢)

__________________

(١) هطل المطر: نزل متتابعا متفرقا عظيم القطر.

(٢) قال في البحار: أي خوف أنفسهم أوقعهم في الهموم، أو لم يهتمهم الأهم أنفسهم وطلب خلاصها. ثم اعلم ان الظاهر ان أمره تعالى إدريسعليه‌السلام بالدعاء لهم لم يكن على سبيل الحتم

٣٤٨

١٠٨ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى عبد الله بن يزيد بن سلام انه قال لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد سأله عن الأيام: فالخميس؟ قال: هو يوم خامس من الدنيا وهو يوم أنيس لعن فيه إبليس ورفع فيه إدريس، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠٩ ـ في الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن عمرو بن عثمان عن مفضل بن صالح عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أخبرنى جبرئيل ان ملكا من الملائكة كانت له عند الله منزلة عظيمة فتعتب عليه فأهبطه من السماء إلى الأرض، فأتى إدريسعليه‌السلام فقال له: إنّ لك من الله منزلة فاشفع لي عند ربك، فصلى ثلاث ليال لا يفتر وصام(١) أيامها لا يفطر، ثم طلب إلى اللهعزوجل في السحر في الملك، فقال الملك: انك قد أعطيت سؤلك وقد أطلق الله لي جناحي وانا أحب ان أكافيك فاطلب إلى حاجة، فقال تريني ملك الموت لعلّي آنس به فانه ليس يهنينى مع ذكره شيء. فبسط جناحه ثم قال: اركب، فصعد به يطلب ملك الموت في السماء الدنيا، فقيل له: اصعد فاستقبله بين السماء الرابعة والخامسة، فقال الملك: يا ملك الموت ما لي أراك قاطبا؟(٢) قال: العجب أنّي تحت ظل العرش حيث أمرت ان أقبض روح آدمي بين السماء الرابعة والخامسة؟ فسمع إدريسعليه‌السلام فامتعض(٣) فخر من جناح الملك فقبض روحه مكانه وقال اللهعزوجل :( وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا ) .

١١٠ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن أحمد بن أبي داود عن عبد الله بن أبان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال في حديث طويل يذكر فيه مسجد السهلة: أما علمت انه

__________________

والوجوب بل على الندب والاستحباب، وكان غرضهعليه‌السلام في الأخير وفي طلب القوم أن يأتوا، متذللين تنبيههم وزجرهم عن الطغيان والفساد لئلا يخالفوا ربهم بعدد هو له بينهم، وان أولياء الله يغضبون لربهم أكثر من سخطه تعالى لنفسه لسعة رحمته وعظم حلمه تعالى شأنه.

(١) فتر فلان عن عمله قصر فيه.

(٢) قطب: زوي ما بين عينيه وكلح.

(٣) امتعض منه: غضب وشق عليه.

٣٤٩

موضع بيت إدريس النبيعليه‌السلام الذي كان يخيط فيه؟

١١١ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدّثني أبي عن محمد بن أبي عمير عمن حدثه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الله تبارك وتعالى غضب على ملك من الملائكة فقطع جناحه وألقاه في جزيرة من جزائر البحر، فبقي ما شاء اللهعزوجل في ذلك البحر، فلما بعث اللهعزوجل إدريسعليه‌السلام جاء ذلك الملك إليه فقال: يا نبي الله ادع الله أن يرضى عنى ويرد جناحي، قال: نعم فدعا إدريس فرد اللهعزوجل عليه جناحه ورضى عنه، قال الملك لإدريس: ألك حاجة؟ قال: نعم أحب ان ترفعني إلى السماء حتّى انظر إلى ملك الموت فانه لا عيش لي مع ذكره، فأخذه الملك على جناحه حتّى انتهى به إلى السماء الرابعة فاذا ملك الموت يحرك رأسه تعجبا، فسلم إدريسعليه‌السلام على ملك الموت، فقال له: مالك تحرك رأسك؟

قال: إنّ رب العزة أمرنى ان أقبض روحك بين السماء الرابعة والخامسة، فقلت: يا رب وكيف يكون هذا وغلظ السماء الرابعة مسيرة خمسمائة عام، ومن السماء الرابعة إلى السماء الثالثة مسيرة خمسمائة عام، وكل سمائين وما بينهما كذلك فكيف يكون هذا؟ ثم قبض روحه بين السماء الرابعة والخامسة، وهو قولهعزوجل :( وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا ) وسمى إدريس لكثرة دراسته الكتب.

١١٢ ـ وفيه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل ذكرناه أول الإسراء وفيه: ثم صعدنا إلى السماء الرابعة وإذا فيها رجل فقلت: من هذا يا جبرئيل؟ فقال: هذا إدريس رفعه الله مكانا عليا، فسلمت عليه وسلم على واستغفرت له واستغفر لي.

١١٣ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليّعليهم‌السلام قال: إنّ يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لعليٍّعليه‌السلام في كلام طويل: هذا إدريسعليه‌السلام أعطاه اللهعزوجل «مكانا عليا» قال له عليعليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله اعطى ما هو أفضل من هذا. ان الله جل ثناؤه قال فيه:( وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ ) فكفى بهذا من الله رفعة.

٣٥٠

١١٤ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب في مناقب زين العابدينعليه‌السلام قالعليه‌السلام في قوله تعالى:( وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا ) : نحن عنينا بها.

١١٥ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن داود بن فرقد قال: قلت لابي عبد اللهعليه‌السلام قوله تعالى:( إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً ) قال: كتابا ثابتا، وليس ان عجلت قليلا أو أخرت قليلا بالذي يضرك ما لم تضيع تلك الاضاعة. فان اللهعزوجل يقول لقوم:( أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ) .

١١٦ ـ في مجمع البيان وقيل: أضاعوها بتأخيرها عن مواقيتها من غير أن تركوها أصلا. وهو المروي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

١١٧ ـ في جوامع الجامع ( وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ ) رووا عن عليّعليه‌السلام : من بنى الشديد وركب المنظور ولبس المشهور.

١١٨ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من سلم من أمتي من أربع خصال فله الجنة: من الدخول في الدنيا، واتباع الهوى، وشهوة البطن، وشهوة الفرج.

١١٩ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله:( لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً ) يعنى في الجنة( إِلَّا سَلاماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا ) قال: ذلك في جنات الدنيا قبل القيمة، والدليل على ذلك قوله تعالى:( بُكْرَةً وَعَشِيًّا ) فالبكرة والعشى لا يكون في الآخرة في جنات الخلد وانما يكون الغدو والعشى في جنات الدنيا التي تنتقل إليها أرواح المؤمنين وتطلع فيها الشمس والقمر.

١٢٠ ـ في محاسن البرقي عنه عن النضر بن سويد عن علي بن صامت عن ابن أخى شهاب بن عبد ربه قال: شكوت إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام ما ألقى من الأوجاع والتخم، فقال: تغد وتعش ولا تأكل بينهما شيئا فان فيه فساد البدن، أما سمعت قول اللهعزوجل يقول:( لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا ) .

٣٥١

١٢١ ـ في كتاب طب الائمةعليهم‌السلام محمد بن عبد الله العسقلاني قال: حدّثنا النضر بن سويد عن علي بن أبي الصلت عن أخى شهاب بن عبد ربه قال: كأنى شكوت إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام ما القى من الأوجاع والتخم وذكر إلى آخر ما في كتاب المحاسن. قال عز من قائل:( تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا )

١٢٢ ـ في تهذيب الأحكام في ادعية نوافل شهر رمضان: سبحان من خلق الجنة لمحمد وآل محمد، سبحان من يورثها محمدا وآل محمد وشيعتهم.

١٢٣ ـ في مجمع البيان وقال ابن عباس: أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لجبرئيل: ما منعك ان تزورنا أكثر مما تزورنا؟ فنزل( وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ ) الآية.

١٢٤ ـ في عيون الاخبار عن الرضاعليه‌السلام حديث وفيه يقولعليه‌السلام : إنّ الله تعالى لا يسهو ولا ينسى وانما ينسى ويسهو المخلوق والمحدث، ألآ تسمعهعزوجل يقول:( وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ) .

١٢٥ ـ في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه لرجل سأله عما اشتبه عليه من آيات الكتاب: واما قوله:( وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ) فان ربنا تبارك وتعالى علوا كبيرا ليس بالذي ينسى، ولا يغفل بل هو الحفيظ العليم.

ويقول فيهعليه‌السلام للسائل أيضا: واما قوله:( هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ) فان تأويله: هل يعلم أحد اسمه الله غير الله تبارك وتعالى، فإياك ان تفسر القرآن برأيك حتّى تفقه عن العلماء، فانه رب تنزيل يشبه بكلام البشر وهو كلام الله وتأويله لا يشبه كلام البشر، كما ليس شيء من خلقه يشبهه كذلك لا يشبه فعله تبارك وتعالى شيئا من أفعال البشر، ولا يشبه شيء من كلامه بكلام البشر، فكلام الله تبارك وتعالى صفته، وكلام البشر أفعالهم، فلا تشبه كلام الله بكلام البشر فتهلك وتضل.

١٢٦ ـ في أصول الكافي أحمد بن مهران عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى عن علي بن أسباط عن خلف بن حماد عن ابن مسكان عن مالك الجهني قال: سألت(١)

__________________

(١) أي انها يأتى لتهيئة منزل الموت ولاعلام الناس بنزوله، لان الرائد من هو يأتى قبل المسافر في طلب الكلاء.

٣٥٢

أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل : أو لم ير( الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً ) قال: فقال: لا مقدرا ولا مكونا.

١٢٧ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن إسمعيل بن إبراهيم ومحمد بن أبي عمير عن عبد الله بن بكير عن زرارة عن حمران قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قوله:( أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً ) قال: لم يكن شيئا في كتاب ولا علم.

١٢٨ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم ( أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً ) أي لم يكن ذكره، ثم أقسمعزوجل بنفسه فقال: «فو ربك يا محمّد( لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا ) قال: على ركبهم وقولهعزوجل :

( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا ) يعنى في البحار إذا تحولت نيرانا يوم القيمة.

١٢٩ ـ وفي حديث آخر: هي منسوخة بقولهعزوجل :( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ ) .

١٣٠ ـ أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدّثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن الحسين بن أبي العلا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قولهعزوجل :( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها ) قال: أما تسمع الرجل يقول: وردنا بنى فلان فهو الورود ولم يدخله.

١٣١ ـ في مجمع البيان قال السدي: سألت مرة الهمداني عن هذه الآية فحدثني ان عبد الله بن مسعود حدثهم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: يرد الناس النار ثم يصدرون بأعمالهم، فأولهم كلمع البرق، ثم كمر الريح ثم كحضر الفرس، ثم كالراكب ثم كشد الرجل، ثم كمشيه.

١٣٢ ـ وروى أبو صالح غالب بن سليمان عن كثير بن زياد عن أبي سمية قال: اختلفنا في الورود، فقال قوم: لا يدخلها مؤمن، وقال آخرون: يدخلونها جميعا ثم ينجى الله الذين اتقوا، فلقيت جابر بن عبد الله فسألته فأومى بإصبعيه إلى أذنيه وقال: صمتا ان لم أكن سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: الورود الدخول، لا يبقى بر ولا

٣٥٣

فاجر إلّا يدخلها، فيكون على المؤمنين بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم حتّى ان للنار ـ أو قال لجهنم: ـ ضجيجا من بردها، ثم ينجى الله الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثيا.

١٣٣ ـ وروى مرفوعا عن يعلى بن منبه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: تقول النار للمؤمن يوم القيامة: جزيا مؤمن فقد اطفأ نورك لهبى.

١٣٤ ـ وروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه سئل عن المعنى فقال: إنّ الله تعالى يجعل النار كالسمن الجامد، ويجمع عليها الخلق ثم ينادى المنادي: أنْ خذي أصحابك وذرى أصحابي فو الذي نفسي بيده لهي أعرف بأصحابها من الوالدة بولدها.

١٣٥ ـ في اعتقادات الامامية للصدوقرحمه‌الله وروى انه لا يصيب أحدا من أهل التوحيد الم في النار إذا دخلوها، وانما يصيبهم الألم عند الخروج منها، فتكون تلك الآلام جزاء بما كسبت أيديهم وما الله بظلام للعبيد.

١٣٦ ـ في مجمع البيان متصل بقوله: من الوالدة بولدها وقيل: إنّ الفائدة في ذلك ما روى في بعض الاخبار ان الله تعالى لا يدخل أحدا الجنة حتّى يطلعه على النار وما فيها من العذاب، ليعلم تمام فضل الله عليه وكمال لطفه وإحسانه اليه، فيزداد لذلك فرحا وسرورا بالجنة ونعيمها، ولا يدخل أحدا النار حتّى يطلعه على الجنة وما فيها من أنواع النعيم والثواب ليكون ذلك زيادة عقوبة له وحسرة على ما فاته من الجنة ونعيمها، وقد ورد في الخبر أن الحمى من قيح جهنم.

١٣٧ ـ وروى ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عاد مريضا فقال: أبشر ان اللهعزوجل يقول: الحمى هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن في الدنيا لتكون حظه من النار.

١٣٨ ـ في الكافي محمد عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسمعيل عن سعدان عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: الحمى رائد الموت(١)

__________________

(١) أي انها يأتى لتهيئة منزل الموت ولاعلام الناس بنزوله، لان الرائد من هو يأتى قبل المسافر في طلب الكلاء.

٣٥٤

وهي سجن المؤمن في الأرض، وهي حظ المؤمن من النار.

١٣٩ ـ محمد بن يحيى عن موسى بن الحسن عن الهيثم بن أبي مسروق عن شيخ من أصحابنا يكنى بابى عبد الله عن رجل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الحمى رائد الموت، وسجن الله تعالى في أرضه، وفورها من جهنم، وهي حظ كل مؤمن من النار.

١٤٠ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن الحسن ابن عبد الرحمن عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا ) قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله دعا قريشا إلى ولايتنا فتنفروا وأنكروا «فقال الذين كفروا» من قريش «للذين آمنوا» الذين أقروا لأمير المؤمنين ولنا أهل البيت:( أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا ) تعييرا منهم، فقال الله ردا عليهم:( وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ ) من الأمم السابقة( هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً ) .

١٤١ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقال عليّ بن إبراهيمرحمه‌الله في قولهعزوجل :( وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً ) قال: عنى به الثياب والاكل والشراب وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: الأثاث المتاع، واما رئيا فالجمال والمنظر الحسن.

١٤٢ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن الحسن بن عبد الرحمن عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قلت: قوله( مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا ) قال: كلهم كانوا في ضلالة لا يؤمنون بولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام ولا بولايتنا، فكانوا ضالين مضلين فليمد لهم في ضلالتهم وطغيانهم حتّى يموتوا. فيصيرهم الله شرا مكانا وأضعف جندا، قلت: قوله:( حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً ) قال: اما قوله:( حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ ) فهو خروج القائم وهو الساعة، فسيعلمون

٣٥٥

ذلك اليوم وما نزل بهم من الله على يدي قائمه. فذلك قوله:( مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً ) يعنى عند القائمعليه‌السلام ( وَأَضْعَفُ جُنْداً ) قلت: قوله:( وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً ) قال: يزيدهم ذلك اليوم هدى على هدى باتباعهم القائمعليه‌السلام ، حيث لا يجحدونه ولا ينكرونه.

١٤٣ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقوله:( وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ مَرَدًّا ) قال: الباقيات هو قول المؤمن: سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر.

١٤٤ ـ وحدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن جميل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لـمّـا أسري بي إلى السماء دخلت الجنة فرأيت فيها قيعانا يققا(١) ورأيت فيها ملئكة يبنون لبنة من ذهب ولبنة من فضة، وربما أمسكوا، فقلت لهم: ما لكم ربما بنيتم وربما أمسكتم؟ فقالوا: حتّى تجيئنا النفقة، فقلت لهم: وما نفقتكم؟ قالوا: قول المؤمن في الدنيا: سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر. فاذا قال بنينا وإذا أمسك أمسكنا.

قال مؤلف هذا الكتاب عفي عنه: وفي بعض النسخ دخلت الجنة فرأيت فيها ملئكة يبنون إلخ وقد نقلنا في تفسير «الباقيات الصالحات» في سورة الكهف جملة شافية من الاخبار فراجع.

١٤٥ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قولهعزوجل :( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً ) ان العاص بن وائل بن هشام القرشي ثم السهمي وهو أحد المستهزئين وكان لخباب بن الأرت على العاص بن وائل حق، فأتاه يتقاضاه، فقال له العاص: ألستم تزعمون ان في الجنة الذهب والفضة والحرير؟ قال: بلى، قال: فموعد ما بيني وبينك الجنة فو الله لأوتين فيها خيرا مما أوتيت في الدنيا، يقول اللهعزوجل :

__________________

(١) القيعان جمع القاع: الأرض السهلة المطمئنة قد انفرجت عنها الآكام والجبال. ويقق: شديد البياض.

٣٥٦

( أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً كَلَّا سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وَيَأْتِينا فَرْداً وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا ) والضد القرين الذي يقرن به.

١٤٦ ـ حدّثنا جعفر بن أحمد قال: حدّثنا عبيد الله بن موسى قال: حدّثنا الحسين ابن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا ) يوم القيامة أي يكون هؤلاء الذين اتخذوهم آلهة من دون الله ضدا يوم القيمة ويتبرءون منهم ومن عبادتهم إلى يوم القيمة، ثم قال: ليس العبادة هي السجود ولا الركوع وانما هي طاعة الرجال، من أطاع مخلوقا في معصية الخالق فقد عبده، وقولهعزوجل :( أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ) قال: لما طغوا فيها وفي فتنتها وفي طاعتهم ومد لهم في طغيانهم وضلالتهم أرسل عليهم شياطين الانس والجن( تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ) أي تنخسهم نخسا، وتحضهم على طاعتهم وعبادتهم، فقال اللهعزوجل :( فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إنّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا ) أي في طغيانهم وفتنتهم وكفرهم.

١٤٧ ـ وفي تفسيره متصل بقوله «وإذا أمسك أمسكنا» عند قوله: «والباقيات الصالحات» وقوله:( أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ) قال: نزلت في مانعي الزكاة والمعروف، يبعث الله عليهم سلطانا أو شيطانا فينفق ما يجب عليه من الزكاة في غير طاعة الله ويعذبه على ذلك، وقوله تبارك وتعالى:( فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إنّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا ) فقال لي: ما هو عندك؟ قلت: عندي عدد الأيام، قال: لا، ان الاباء والأمهات ليحصون ذلك ولكن عدد الأنفاس.

١٤٨ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن الحسين بن إسحق عن علي بن مهزيار عن علي بن إسمعيل الميثمي عن عبد الأعلى مولى آل سام قال: قلت لابي عبد اللهعليه‌السلام : قول اللهعزوجل :( إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا ) قال: ما هو عندك؟ قلت: عدد الأيام، قال: إنّ الاباء والأمهات يحصون ذلك ولكنه عدد الأنفاس.

٣٥٧

١٤٩ ـ في نهج البلاغة من كلامهعليه‌السلام : نفس المرء خطاه إلى أجله.

١٥٠ ـ وقالعليه‌السلام : كل معدود متنقص وكل متوقع آت.

١٥١ ـ في عيون الاخبار حدّثنا أبو على محمد بن أحمد بن يحيى المعاذي قال: حدّثنا أبو عمر محمد بن عبد الله الحكمي الحاكم بنوقان، قال: خرج علينا رجلان من الري برسالة بعض السلاطين بها إلى الأمر نصر بن أحمد ببخارا وكان أحدهما من أهل الري والاخر من أهل قم، وكان القمى على المذهب الذي كان قديما بقم في النصب وكان الرازي متشيعا، فلما بلغا نيسابور قال الرازي للقمي: ألآ نبدأ بزيارة الرضاعليه‌السلام ثم نتوجه إلى بخارا؟ فقال القمى: قد بعثنا سلطاننا برسالة إلى الحضرة ببخارا فلا يجوز لنا أن نشتغل بغيرها حتّى نفرغ منها، فقصدا بخارا وأديا ورجعا حتّى حاذيا طوى، فقال الرازي للقمي: ألآ نزور الرضاعليه‌السلام ؟ فقال: خرجت من قم مرجئا ولا أرجع إليها رافضيا، قال: فسلم الرازي أمتعته ودوابه إليه وركب حمارا وقصد مشهد الرضاعليه‌السلام وقال لخدام المشهد: خلوا إلى المشهد هذه الليلة، وادفعوا إلى مفتاحه ففعلوا ذلك، قال: فدخلت المشهد وغلقت الباب وزرت الرضاعليه‌السلام ثم قمت عند رأسه وصليت ما شاء الله تعالى، وابتدأت في قراءة القرآن من أوله قال: فكنت أسمع صوتا بالقرآن كما أقرأ، فقطعت صلوتى ودرت المشهد كله وطلبت نواحيه فلم أر أحدا، فعدت إلى مكاني وأخذت في القرائة من أول القرآن فكنت أسمع مثل ما اقرأ حتّى بلغت آخر مريم فقرأت:( يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إلى الرَّحْمنِ وَفْداً ) فسمعت الصوت من القبر: «يوم يحشر المتقون إلى الرحمن وفدا ويساق المجرمون إلى جهنم وردا» حتّى ختمت القرآن وختم، فلما أصبحت رجعت إلى نوقان فسألت من بها من المقرئين عن هذه القرائة، فقالوا هذا في اللفظ والمعنى مستقيم لكنا لا نعرف في قراءة أحد قال فرجعت إلى نيسابور فسئلت من المقرئين عن هذه القرائة فلم يعرفها أحد منهم حتّى رجعت إلى الري فسئلت بعض المقرئين عن هذه القرائة فقلت: من قرء «يوم يحشر المتقون إلى الرحمن وفدا ويساق المجرمون إلى جهنم وردا»؟ فقالوا لي: اين جئت بهذا؟ فقلت: وقع لي احتياج إلى معرفتها في أمر

٣٥٨

حدث، فقال: هذه قراءة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من رواية أهل البيتعليهم‌السلام ثم استحكاني السبب الذي من أجله سألت عن هذه القرائة فقصيت عليه القصة وصحت لي القرائة.

١٥٢ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد ابن سنان عن أبي الجارود قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا أول وافد على العزيز الجبار يوم القيامة وكتابه وأهل بيتي ثم أمتي ثم أسألهم ما فعلتم بكتاب الله وأهل بيتي؟.

١٥٣ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن عبد الله بن شريك العامري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سأل على صلوات الله عليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن تفسير قولهعزوجل :( يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إلى الرَّحْمنِ وَفْداً ) قال: يا عليُّ الوفد لا يكون إلّا ركبانا، أولئك رجال اتقوا اللهعزوجل فأحبهم، واختصهم ورضى أعمالهم، فسماهم الله متقين، ثم قال: يا عليُّ أما والذي فلق الحبة وبرىء النسمة انهم ليخرجون من قبورهم وبياض وجوههم كبياض الثلج، عليهم ثياب بياضها كبياض اللبن، عليهم نعال الذهب شراكها من لؤلؤ يتلالأ.

١٥٤ ـ وفي حديث آخر قال: إنّ الملائكة لتستقبلهم بنوق من نوق الجنة، عليها رحائل الذهب مكللة بالدر والياقوت، وجلالها(١) الإستبرق والسندس وخطامها جذل الأرجوان(٢) وأزمتهم من زبرجد، فتطير بهم إلى المحشر، مع كل رجل منهم ألف ملك من قدامه وعن يمينه وعن شماله، يزفونهم(٣) حتّى ينتهوا بهم إلى باب الجنة الأعظم، وعلى باب الجنة شجرة، الورقة منها يستظل تحتها مأة ألف

__________________

(١) جلال ـ ككتاب ـ جمع الجل وهو للدابة كالثوب للإنسان تصان به.

(٢) الجذل: أصل الشجر الخشبي والأرجوان: شجرة صغيرة الحجم من فصيلة القرنيات زهرها وردي يظهر في مطلع الربيع قبل الأوراق.

(٣) زف العروس إلى زوجها: أهداها، قال المجلسي (ره) في مرآة العقول أي يذهبون بهم على غاية الكرامة كما يزف العروس إلى زوجها.

٣٥٩

من الناس، وعن يمين الشجرة عين مطهرة مكوكبة(١) قال: فيسقون منها شربة فيطهر اللهعزوجل قلوبهم من الحسد ويسقط عن أبشارهم الشعر. وذلك قولهعزوجل :( وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً ) من تلك العين المطهرة، ثم يرجعون إلى عين اخرى عن يسار الشجرة فيغتسلون منها، وهي عين الحيوة، فلا يموتون أبدا.

ثم قال: يوقف بهم قدام العرش وقد سلموا من الآفات والأسقام والحر والبرد، قال فيقول الجبار جل ذكره للملائكة الذين معهم: احشروا أوليائى إلى الجنة ولا تقفوهم مع الخلائق، قد سبق رضائى عنهم ووجبت لهم رحمتي، فكيف أريد أن أوقفهم مع أصحاب الحسنات والسيئات، فتسوقهم الملائكة إلى الجنة، فاذا انتهوا إلى باب الجنة الأعظم ضربوا الملائكة الحلقة ضربة فتصر صريرا(٢) فيبلغ صوت صريرها كل حوراء خلقها اللهعزوجل وأعدها لأوليائه، فيتباشروا إذ سمعوا صوت صرير الحلقة ويقول بعضهم لبعض: قد جاءنا أولياء الله فيفتح لهم الباب، فيدخلون الجنة ويشرف عليهم أزواجهم من الحور العين والآدميين، فيقلن: مرحبا بكم فما كان أشد شوقنا إليكم، ويقول لهم أولياء الله مثل ذلك، فقال على صلوات الله عليه: من هؤلاء يا رسول الله؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليُّ هؤلاء شيعتك المخلصون في ولايتك، وأنت امامهم وهو قول اللهعزوجل :( يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إلى الرَّحْمنِ وَفْداً ) على الرحائل،( وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إلى جَهَنَّمَ وِرْداً ) .

في روضة الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن محمد بن إسحق المدني عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سئل عن قول اللهعزوجل :( يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إلى الرَّحْمنِ وَفْداً ) فقال: يا عليُّ ان الوفد لا يكونون إلّا ركبانا، وذكر نحو ما في تفسير عليّ بن إبراهيم إلى قوله: ويقول لهن أولياء الله مثل ذلك.

__________________

(١) كذا في النسخ لكن في المصدر وكتاب الروضة والمنقول عنهما في البحار «مزكية» وهو الظاهر.

(٢) صر صريرا: صوت وصاح شديدا.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

يسهل عليه النزع فينطفى وهو يحدّث ويضحك ويتكلّم، وفي المؤمنين أيضا من يكون كذلك، وفي المؤمنين والكافرين من يقاسى عند سكرة الموت هذه الشدائد؟ فقال: ما كان من راحة للمؤمن هناك فهو عاجل ثوابه، وما كان من شديدة فتمحيصه من ذنوبه ليرد الاخرة نقيّا نظيفا مستحقّا للثواب الأبد لا مانع له دونه. وما كان من سهولة هناك على الكافر فليوف أجر حسناته في الدنيا ليرد الاخرة وليس له إلّا ما يوجب عليه العذاب، وما كان من شدة على الكافر هناك فهو ابتداء عذاب الله بعد حسناته، ذلكم بأن الله عدل لا يجوز.

١٠ ـ في اعتقادات الامامية للصدوق (ره) قيل لعليِّ بن الحسينعليهما‌السلام : ما الموت؟ قال: الموت للمؤمن كنزع ثياب ووسخة قملة وفك قيود وأغلال ثقيلة، والاستبدال بأفخر الثياب وأطيبها روائح. واوطأ المراكب وآنس المنازل، وللكافر كخلع ثياب فاخرة والنقل عن منازل أنيسة والاستبدال بأوسخ الثياب وأخشنها، وأوحش المنازل وأعظم العذاب.

١١ ـ وقيل لمحمد بن علي الباقرعليه‌السلام : ما الموت؟ قال: هو النوم الذي يأتيكم في كل ليلة، إلّا انه طويل مدته لا ينتبه منه إلى يوم القيامة.

١٢ ـ في مجمع البيان قال أبو قتادة سالت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله [فيما أمر الله] عن قوله: أيكم أحسن عملا ما عنى به؟ فقال يقول: أيكم أحسن عقلا، ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : أتمكم عقلا وأشدكم لله خوفا وأحسنكم فيما أمر اللهعزوجل به ونهى عنه نظرا، وان كان أقلكم تطوعا.

١٣ ـ وعن ابن عمران عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله تلا( تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ ) إلى قوله:( أَحْسَنُ عَمَلاً ) قال: أيكم أحسن عقلا. وأورع عن محارم الله، وأسرع في طاعة الله.

١٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن الرضاعليه‌السلام حديث طويل وفيه وأمّا قولهعزوجل ( لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ) فانهعزوجل خلق خلقه ليبلوكم بتكليف طاعته وعبادته لا على سبيل الامتحان والتجربة لأنه لم يزل عليكما بكل شيء.

١٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً ) قال :

٣٨١

بعضها طبق لبعض( ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ ) قال: يعنى من فساد ثم ارجع البصر قال: انظر في ملكوت السماوات والأرض( يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ ) أي منقطع قوله:( وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا ) بمصابيح قال بالنجوم

١٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) باسناده إلى الامام محمّد بن عليّ الباقرعليهما‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل وفيه خطبة الغدير وفيها قالصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد ان ذكر عليّا وأولادهعليهم‌السلام : الا ان أعدائهم الذين يسمعون لجهنم شهيقا وهي تفور، ولها زفير كلّما دخلت امة لعنت أختها.

١٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ ) قال: أعداء الله( كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ ) .

١٨ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام انه سأله رجل فقال: لأي شيء بعث الله الأنبياء والرسل إلى الناس؟ فقال: لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، ولئلا يقولوا ما جاءنا من بشير ونذير، وليكون حجة الله عليهم، ألآ تسمع اللهعزوجل يقول حكاية عن خزنة جهنم واحتجاجهم على أهل النار بالأنبياء والرسل:( أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ ) (١)

١٩ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحاق عن عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام وذكر حديثا يقول فيهعليه‌السلام : وانزل في تبارك( كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ ) ، فهؤلاء مشركون.

٢٠ ـ في مجمع البيان و( قالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ ) وفي الحديث عن ابن عمران النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إنّ الرجل ليكون من أهل الجهاد

__________________

(١) كذا في الأصل وفي المصدر بعد قوله «كبير» أي في عذاب شديد.

٣٨٢

ومن أهل الصلوة والصيام وممن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وما يجزى يوم القيامة إلّا على قدر عقله.

٢١ ـ وعن أنس بن مالك قال: اثنى قوم على رجل عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كيف عقله؟ قالوا: يا رسول الله نخبرك عن اجتهاده في العبادة وأصناف الخير وتسألنا عن عقله؟ فقال: إنّ الأحمق يصيب بحمقه أعظم من فجور الفاجر، وإنّما يرتفع العباد غدا في الدرجات وينالون الزلفى من ربهم على قدر عقولهم.

٢٢ ـ في أصول الكافي باسناده إلى الأصبغ بن نباته عن عليٍّعليه‌السلام قال: هبط جبرئيل على آدمعليه‌السلام فقال: يا آدم انى أمرت ان أخيرك واحدة من ثلاث فاخترها ودع اثنتين، فقال له آدم: يا جبرئيل وما الثلاث؟ فقال: العقل والحياء والدين فقال: آدمعليه‌السلام : انى قد اخترت العقل، فقال جبرئيل للحياء والدين: انصرفا ودعاه، فقالا: يا جبرئيل أمرنا ان نكون مع العقل حيث كان، قال: فشأنكما وعرج.

٢٣ ـ أحمد بن إدريس عن أحمد بن عبد الجبار عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت: ما العقل؟ قال: ما عبد به الرحمان واكتسب به الجنان، قال: قلت: فالذي كان في معاوية؟ فقال: تلك النكراء تلك الشيطنة، وهي شبيهة بالعقل وليست بالعقل.

٢٤ ـ وباسناده إلى إسحق بن عمار قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : من كان عاقلا كان له دين، ومن كان له دين دخل الجنة.

٢٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) متصل بآخر ما نقلنا عنه سابقا أعنى( فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ ) ألآ إنّ أولياءهم( الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ) .

٢٦ ـ في كتاب الخصال عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال سليمان بن داودعليهما‌السلام : أوتينا ما اوتى الناس وما لم يؤتوا، وعلمنا ما يعلم الناس وما لم يعلموا، فلم نجد شيئا أفضل من خشية الله في المغيب والمشهد، والقصد في الغنى و (الفقر ظ) وكلمة الحق في الرضا والغضب، والتضرع إلى الله تعالى على كل حال.

٣٨٣

قال عز من قائل: و( هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) .

٢٧ ـ في أصول الكافي باسناده إلى الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسنعليه‌السلام حديث طويل وفيه فقال: يا فتح انما قلنا: اللطيف للخلق اللطيف لعلمه بالشيء اللطيف، أو لا ترى وفقك الله وثبتك إلى اثر صنعه في النبات اللطيف ومن الخلق اللطيف ومن الحيوان الصغار ومن البعوض والجرجس(١) وما هو أصغر منها ما لا يكاد تستبينه العيون، بل لا يكاد يستبان لصغره الذكر من الأنثى، والحدث المولود من القديم، فلما رأينا صغر ذلك في لطفه واهتداء للفساد والهرب من الموت والجمع لـما يصلحه وما في لجج البحار وما في لحاء الأشجار(٢) والمفاوز والقفار وإفهام بعضها عن بعض منطقها وما يفهم به أولادها عنها ونقلها الغذاء إليها، ثم تأليف ألوانها حمرة مع صفرة، وبياض مع حمرة، وانه ما لا يكاد عيوننا تستبينه لدمامة خلقها(٣) لا تراه عيون وتلمسه أيدينا، علمنا ان خالق هذا الخلق لطيف لطف بخلق ما سميناه بلا علاج ولا أداة ولا آلة، وان كل صانع شيء فمن شيء صنع، والله الخالق اللطيف الجليل خلق وصنع لا من شيء.

٢٨ ـ علي بن محمد مرسلا عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: اعلم علمك الله الخير وذكر حديثا طويلا يقول فيه عليه السلام: وأمّا الخبير فالذي لا يعزب عنه شيء، ولا يفوته ليس للتجربة ولا للاعتبار بالأشياء، فعند التجربة والاعتبار علمان ولو لا هما ما علم، لان من كان كذلك كان جاهلا، والله لم يزل خبيرا بما يخلق والخبير من الناس المستخبر عن جهل المتعلم فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى.

٢٩ ـ علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن ابن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام قال: قلت:( أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) قال: إنّ الله ضرب مثل من حاد عن ولاية على

__________________

(١) الجرجس ـ بكسر المعجمتين ـ: البعوض الصغار فهو من قبيل عطف الخاص على العام.

(٢) لجة البحر: معظمه. واللحاء ـ بالكسر والمد ـ: قشر الشجر.

(٣) الدميم: الحقير، يقال: رجل دميم وبه دمامة إذا كان قصير الجثة حقير الجثمان.

٣٨٤

كمن يمشى على وجهه، لا يهتدى لأمره، وجعل من تبعه( سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) ، والصراط المستقيم أمير المؤمنين، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٠ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سعد بن الخفاف عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: القلوب أربعة قلت فيه نفاق وايمان ؛ وقلب منكوس وقلب مطبوع، وقلب أزهر أنور قلت: ما الأزهر؟ قال: فيه كهيئة السراج فاما المطبوع فقلب المنافق وأمّا الأزهر فقلب المؤمن، ان أعطاه اللهعزوجل شكر وان ابتلاه صبر، وأمّا المنكوس فقلب المشرك، ثم قرأ هذه الآية( أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) .

٣١ ـ في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسن بن عبد الرحمان عن منصور عن حريز بن عبد الله عن الفضيل قال: دخلت مع أبي جعفرعليه‌السلام المسجد الحرام وهو متكئ على فنظر إلى الناس ونحن على باب بنى شيبة فقال: يا فضيل هكذا كانوا يطوفون في الجاهلية، لا يعرفون حقا ولا يدينون دينا، يا فضيل انظر إليهم مكبين على وجوههم لعنهم الله من خلق مسخور بهم مكبين على وجوههم(١) ثم تلا هذه الاية:( أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) يعنى والله عليا والأوصياءعليهم‌السلام ، ثم تلا هذه الآية( فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ ) أمير المؤمنينعليه‌السلام يا فضيل لم يسم بهذا الاسم غير عليٍّعليه‌السلام إلّا مفتر كذاب إلى يوم الناس هذا، أما والله يا فضيل ما لله عز ذكره حاج غيركم ولا يغفر الذنوب إلّا لكم، ولا يتقبل الله إلّا منكم.

٣٢ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن خالد عن القاسم بن محمد عن جميل بن صالح عن يوسف بن أبي سعيد قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ذات يوم فقال لي: إذا كان يوم القيامة وجمع الله تبارك وتعالى الخلائق كان نوحعليه‌السلام أول من يدعى به

__________________

(١) قوله (عليه السلام)«مسخور بهم» أي مسخرون كالبهائم، مستعمرون للأجانب ولا يدرون ما بهم ولا يشعرون «مكبين على وجوههم» أي يعثرون كل ساعة على وجوههم وهو كناية عن شدة تحيرهم وترددهم وغفلتهم وعدم ثباتهم.

٣٨٥

فيقال له: هل بلغت؟ فيقول: نعم فيقال له: من يشهد لك؟ فيقول: محمد بن عبد اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: فيخرج نوح فيتخطأ الناس حتى يجيء إلى محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو على كثيب المسك ومعه علىعليه‌السلام وهو قول اللهعزوجل :( فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٣ ـ في مجمع البيان وروى الحاكم أبو القاسم الحسكاني بالأسانيد الصحيحة عن الأعمش قال: لـمّا رأوا ما لعليِّ بن أبي طالب عند الله من الزلفى( سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ) وعن أبي جعفرعليه‌السلام فلما رأواه مكان علىعليه‌السلام من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ( سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ) يعنى الذين كذبوا بفضله.

٣٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قوله:( فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ) قال: إذا كان يوم القيامة ونظر أعداء أمير المؤمنينعليه‌السلام إليه والى ما أعطاه الله من الكرامة والمنزلة الشريفة العظيمة وبيده لواء الحمد وهو على الحوض يسقى ويمنع تسود وجوه أعدائه فيقال لهم:( هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ ) أي هذا الذي كنتم به تدعون منزلته وموضعه واسمه.

٣٥ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن إسماعيل بن سهل عن القاسم بن عروة عن أبي السفاتج عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ ) قال: هذه نزلت في أمير المؤمنينعليه‌السلام وأصحابه الذين عملوا ما عملوا، يرون أمير المؤمنين في أغبط الأماكن فتسيء وجوههم، ويقال لهم:( هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ ) الذي انتحلتم اسمه.

٣٦ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن علي بن أسباط عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) «يا معشر المكذبين انبأتكم رسالة ربي في ولاية عليٍّعليه‌السلام والائمة من بعده، من هو في ضلال مبين» كذا أنزلت والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٨٦

٣٧ ـ علي بن محمد عن سهل بن زياد عن موسى بن القاسم بن معاوية البجلي عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفرعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ ) قال: إنّ أرايتم ان أصبح إمامكم غائبا فيمن يأتيكم بإمام مثله.

٣٨ ـ حدّثنا محمد بن جعفر قال: حدّثنا محمد بن أحمد عن القاسم بن العلاء قال: حدّثنا اسمعيل بن علي الفزاري عن محمد بن جمهور عن فضالة بن أيوب قال: سئل الرضاعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ ) فقالعليه‌السلام : ماءكم أبوابكم الائمة والائمة أبواب الله( فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ ) أي يأتيكم بعلم الامام.

٣٩ ـ في عيون الأخبار من الأخبار المنثورة باسناده إلى الحسن بن محبوب عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: لا بد من فتنة صماء صيلم(١) تسقط فيها كل بطانة ووليجة(٢) وذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي يبكى عليه أهل السماء وأهل الأرض وكل حرى وحران(٣) وكل حزين لهفان، ثم قال: بأبي وأمّي سمى شبيهي وشبيه موسى بن عمرانعليه‌السلام ، عليه جيوب النور تتوقد بشعاع ضياء القدس، كم من حرى مؤمنة وكم من مؤمن متأسف حيران حزين عند فقدان الماء المتين، كأنى بهم آيس ما كانوا قد نودوا نداء يسمع من بعد كما يسمع من قرب، يكون رحمة على المؤمنين وعذابا على الكافرين.

٤٠ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة حدّثنا أبيرحمه‌الله قال: حدّثنا سعد بن عبد الله قال: حدّثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن موسى بن القاسم عن معاوية بن وهب البجلي وأبى قتادة عن محمد بن حفص عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفرعليه‌السلام قال: قلت له: ما تأويل قول اللهعزوجل :( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ

__________________

(١) الصماء: الداهية الشديدة والصيلم: الأمر الشديد.

(٢) بطانة الرجل ووليجته خاصته.

(٣) أي امرأة حزينة ورجل: حزين.

٣٨٧

أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ ) ؟ فقال: إذا فقدتم إمامكم فلم تروه فما ذا تصنعون.

٤١ ـ وباسناده إلى أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ ) فقال: هذه نزلت في الامام القائم يقول: إنّ أصبح إمامكم غائبا عنكم لا تدرون اين هو؟ فمن يأتيكم بإمام ظاهر يأتيكم باخبار السماوات والأرض وحلال الله وحرامه، ثم قالعليه‌السلام : والله ما جاء تأويل هذه الآية ولا بد ان يجيء تأويلها.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من قرء سورة ن والقلم في فريضة أو نافلة آمنه اللهعزوجل من ان يصيبه فقرا أبدا، وأعاذه الله إذا مات من ضمة القبر.

٢ ـ في مجمع البيان أبيّ بن كعب قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ومن قرء سورة ن والقلم أعطاه الله ثواب الذين حسن أخلاقهم.

٣ ـ في كتاب الخصال عن محمد بن سالم رفعه إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: قال عثمان بن عفان: يا رسول الله ما تفسير ابجد؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : تعلموا تفسير ابجد فان فيه الأعاجيب كلها، وهل للعالم جهل تفسيره؟ فقال: يا رسول الله ما تفسير ابجد؟ قال: اما الالف فآلاء الله إلى قولهعليه‌السلام : وأمّا النون فنون والقلم وما يسطرون، فالقلم قلم من نور وكتاب من نور في لوح محفوظ يشهده المقربون.

٤ ـ عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عشرة أسماء خمسة في القرآن وخمسة ليست في القرآن، فأما التي في القرآن محمد واحمد وعبد الله ويسن ون.

٥ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى يحيى بن أبي العلا الرازي عن ابى

٣٨٨

عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه وقد سئل عن قولهعزوجل :( ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ ) وأمّا «ن» فكان نهرا في الجنة أشد بياضا من الثلج وأحلى من العسل، قال اللهعزوجل له: كن مدادا فكان مدادا، ثم أخذ شجرة فغرسها بيده ثم قال: واليد القوة وليس بحيث تذهب إليه المشبهة ثم قال لها: كوني قلما ثم قال له أكتب فقال له: يا رب وما اكتب؟ قال: ما هو كائن إلى يوم القيامة، ففعل ذلك ثم ختم عليه وقال: لا تنطقن إلى يوم الوقت المعلوم.

٦ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادقعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : وأمّا «ن» فهو نهر في الجنة قال اللهعزوجل اجمد فجمد فصار مدادا، ثم قالعزوجل للقلم: أكتب فسطر القلم في اللوح المحفوظ ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة، فالمداد مداد من نور والقلم قلم من نور واللوح لوح من نور، قال سفيان: فقلت له: يا بن رسول الله بين لي أمر اللوح والقلم والمداد فضل بيان وعلمني مما علمك الله فقال: يا بن سعيد لو لا انك أهل للجواب ما أجبتك، فنون ملك يؤدى إلى القلم وهو ملك، والقلم يؤدى إلى اللوح وهو ملك، واللوح يؤدى إلى إسرافيل، وإسرافيل يؤدى إلى ميكائيل، وميكائيل يؤدى إلى جبرئيل، وجبرئيل يؤدى إلى الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم، قال قال لي: قم يا سفيان فلا آمن عليك.

٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن عبد الرحيم القصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن( ن وَالْقَلَمِ ) قال: إنّ الله خلق القلم من شجرة في الجنة يقال لها الخلد، ثم قال لنهر في الجنة: كن مدادا فجمد النهر وكانت أشد بياضا من الثلج وأحلى من الشهد، ثم قال للقلم: أكتب قال: يا رب ما اكتب؟ قال: أكتب ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة، فكتب القلم في رق أشد بياضا من الفضة وأصفى من الياقوت، ثم طواه فجعله في ركن العرش ثم ختم على فم القلم فلم ينطق بعد ولا ينطق أبدا، فهو الكتاب المكنون الذي منه النسخ كلها أو لستم عربا؟ فكيف لا تعرفون معنى الكلام وأحدكم يقول لصاحبه: انسخ ذلك الكتاب، أو ليس انما ينسخ من كتاب

٣٨٩

آخر من الأصل، وهو قوله:( إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) .

٨ ـ حدّثني أبي عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي الطفيل عن أبي جعفر عن أبيه عليّ بن الحسينعليهم‌السلام أنّه قال وقد أرسل إليه عن ابن عباس يسأله عن العرش ـ: وأمّا ما سأل عنه من العرش مم خلقه الله فانّ الله خلقه أرباعا لم يخلق قبله إلّا ثلاثة أشياء: الهواء والقلم والنور، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٩ ـ حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن هشام عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: أول ما خلق الله القلم فقال له: أكتب فكتب ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة.

١٠ ـ في مجمع البيان وقيل «ن» لوح من نور وروى مرفوعا إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

١١ ـ وقيل هو نهر في الجنة قال له الله: كن مدادا فجمد وكان أبيض من اللبن وأحلى من الشهد، ثم قال للقلم: أكتب فكتب القلم ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام .

١٢ ـ في بصائر الدرجات محمد بن عبد الجبار عن البرقي عن فضالة عن ربعي عن القاسم بن محمد قال ان الله تبارك وتعالى أدب نبيه فأحسن تأديبه، فقال:( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ ) فلما كان ذلك أنزل الله( إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) .

١٣ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن أبي زاهر عن علي بن إسماعيل عن صفوان بن يحيى عن عاصم بن حميد عن أبي إسحاق النحوي قال: دخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام فسمعته يقول: إنّ اللهعزوجل أدب نبيه على محبته فقال( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن أبي إسحاق قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: ثم ذكر نحوه.

١٤ ـ وباسناده إلى الفضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول لبعض أصحاب قيس الماصر: ان اللهعزوجل : أدب نبيه فأحسن أدبه، فلما أكمل له الأدب

٣٩٠

قال:( إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٥ ـ وباسناده إلى إسحق بن عمار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الله تبارك وتعالى أدب نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلما انتهى به إلى ما أراد قال الله له( إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٦ ـ وباسناده إلى بحر السقاء قال: قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : يا بحر حسن الخلق يسر ثم قال: ألآ أخبرك بحديث ما هو في أيدي أحد من أهل المدينة؟ قلت، بلى، قال: بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم جالس في المسجد إذا جاءت جارية لبعض الأنصار وهو قائم فأخذت بطرف ثوبه فقام لها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فلم تقل شيئا ولم يقل لها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شيئا حتى فعلت ذلك ثلاث مرات، فقام لها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الرابعة وهي خلفه، وأخذت هدبة(١) من ثوبه ثم رجعت فقال لها الناس: فعل الله بك وفعل؟ جلست رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاث مرات لا تقولين له شيئا ولا هو يقول لك شيئا فما كانت حاجتك اليه؟ قالت: ان لنا مريضا فأرسلني أهلي لاخذ هدبة من ثوبه يستشفى بها، فلما أردت أخذها راني فقام فاستحييت ان آخذها وهو يراني واكره ان استأمره في أخذها فأخذتها.

١٧ ـ وباسناده إلى محمد بن سنان عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الخلق منيحة(٢) يمنحها اللهعزوجل خلقه فمنه سجية ومنه نية(٣) فقلت: فأيهما أفضل؟ فقال: صاحب السجية وهو مجبول لا يستطيع غيره، وصاحب النية يصبر على الطاعة تصبرا فهو أفضلهما.

١٨ ـ وباسناده إلى أبي عثمان القابوسي عمن ذكره عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ اللهعزوجل أعار أعدائه أخلاقا من أخلاق أوليائه لتعيش أوليائه مع

__________________

(١) الهدبة خمل الثوب.

(٢) المنيحة: العطية.

(٣) السجية: الطبعية. قوله «ومنه نية» أي يكون عن قصد واكتساب وتعمد قاله الغيض (ره) في الوافي.

٣٩١

أعدائه في دولاتهم.

وفي رواية اخرى: ولولا ذلك لـما تركوا وليا للهعزوجل إلّا قتلوه.

١٩ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حبيب الخثعمي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أفاضلكم أحسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون وتوطأ رحالهم(١) .

٢٠ ـ فيمن لا يحضره الفقيه وسئل الصادقعليه‌السلام ما حد حسن الخلق؟ قال: تلين جانبك وتطيب كلامك وتلقى أخاك ببشر حسن.

٢١ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى بريد بن معاوية عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ اللهعزوجل انزل حورا من الجنة إلى آدمعليه‌السلام فزوجها أحد ابنيه وتزوج الاخر إلى الجن فولدتا جميعا فما كان من الناس من جمال وحسن خلق فهو من الحوراء، وما كان فيهم من سوء الخلق فمن بنت الجان وأنكر أن يكون زوج بنيه من بناته.

٢٢ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) قال: هو الإسلام.

وروى ان الخلق العظيم هو الدين العظيم.

٢٣ ـ في أمالي شيخ الطائفة باسناده إلى الصادقعليه‌السلام انه قال: وكان فيما خاطب الله تعالى نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ان قال له: «يا محمد( إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) . قال :

__________________

(١) الأكناف ـ بالنون جمع الكنف بمعنى الجانب والناحية، يقال: رجل موطئ الأكناف أي كريم مضياف، وذكر ابن الأثير في النهاية هذا الحديث هكذا «الا أخبركم بأحبكم إلى وأقربكم منى مجلسا يوم القيامة احاسنكم أخلاقا الموطوؤن أكنافا الذين يألفون ويؤلفون» قال: هذا مثل وحقيقة من التوطئة وهي التمهيد والتذلل، وفراش ووطئ: لا يؤذى جنب النائم. والأكناف: الجوانب، أراد الذين جوانبهم وطيئة يتمكن منها من يصاحبهم ولا يتأذى.

٣٩٢

السخا وحسن الخلق.

٢٤ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن عثمان بن حماد عن عمرو بن ثابت عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: اغسلوا أيديكم في إناء واحد تحسن أخلاقكم.

٢٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) يقول: على دين عظيم.

٢٦ ـ في كتاب الخصال عن موسى بن إبراهيم عن أبيه باسناده رفعه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ان أم سلمة قالت له: بأبي أنت وأمّي المرأة يكون لها زوجان فيموتان فيدخلان الجنة. لأيهما تكون؟ فقال: يا أم سلمة تخير أحسنهما خلقا وخيرهما لأهله، يا أم سلمة ان حسن الخلق ذهب بخير الدنيا والاخرة.

٢٧ ـ في عيون الأخبار في باب آخر فيما جاء عن الرضاعليه‌السلام من أخبار هذه المجموعة وباسناده قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما من شيء في الميزان أثقل من حسن الخلق.

٢٨ ـ في مجمع البيان وروى عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: انما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق

٢٩ ـ وقال: أدبنى ربي فأحسن تأديبى.

٣٠ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه عمن حدّثه عن جابر قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما من مؤمن خلص ودّى إلى قلبه إلّا وقد خلص ودّ عليّ إلى قلبه، كذب يا عليُّ من زعم انه يحبني ويبغضك، قال: فقال رجلان من المنافقين: لقد فتن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بهذا الغلام فانزل الله تبارك وتعالى:( فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ ) فأنزلت فيهما إلى آخر الاية.

٣١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ ) هكذا نزلت في بني أميّة بأيكم أي حبتر وزفر وعليّعليه‌السلام

وقال الصادقعليه‌السلام : لقى عمر أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال: يا عليُّ بلغني أنّك تتأول هذه الآية فيَّ وفي صاحبي:( فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ ) قال أمير المؤمنين

٣٩٣

عليه‌السلام : أفلا أخبرك يا أبا حفص ما نزل في بنى امية؟ قوله: «و( الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) قال عمر: كذبت يا عليُّ ، بنو أميّة خير منك وأوصل للرحم.

٣٢ ـ حدّثنا محمد بن جعفر قال: حدّثنا عبد الله بن محمد بن خالد عن الحسن ابن على الخزاز عن أبان بن عثمان عن عبد الرحمان عن أبي عبد الله عن أبي العباس المكي قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: إنّ عمر لقى عليا فقال: أنت الذي تقرأ هذه الآية( بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ ) تعرض بى وبصاحبي؟ قال: أفلا أخبرك بآية نزلت في بنى امية:( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ ) إلى قوله:( وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ ) فقال عمر: بنو أميّة أوصل للرحم منك ولكنك اثبت العداوة لبني امية وبنى عدى وبنى تميم.

٣٣ ـ في روضة الكافي الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن الوشا عن أبان عن عبد الرحمان بن أبي عبد الله وذكر كما في تفسير علي بن إبراهيم إلّا أنّ فيه فقال: كذبت، بنو أميّة «اه»

٣٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: فلا تطع المكذبين قال في عليٍّعليه‌السلام ودوا لو تدهن فيدهنون أي أحبوا ان تغش في عليٍّعليه‌السلام فيغشون معك ولا تطع كل حلاف مهين قال: الحلاف: الثاني، حلف لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه لا ينكث عهدا هماز مشاء بنميم قال: وكان ينم على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ويهمز بين أصحابه.

٣٥ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ثلاثة لا يدخلون الجنة السفاك الدم، وشارب الخمر، ومشاء بنميمة.

٣٦ ـ عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ألآ أخبركم بشراركم؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: المشاؤن بالنميمة، المفرقون بين الأحبة الباغون للبراء العيب.

٣٧ ـ في من لا يحضره الفقيه يا عليُّ كفر بالله العظيم من هذه الامة عشرة: العياب، والساعي في الفتنة الحديث.

٣٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم: مناع للخير قال: الخير أمير المؤمنينعليه‌السلام معتد اثيم أي اعتدى عليه وقوله:( عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ ) قال: العتل العظيم

٣٩٤

الكفر، والزنيم المدعى، وقال الشاعر.

زنيم تداعاه الرجال تداعيا

كما زيد في عرض الأديم الا كارع(١)

٣٩ ـ في مجمع البيان( عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ ) أي هو عتل مع كونه مناعا للخير معتديا أثيما وهو الفاحش السيئ الخلق وروى ذلك في خبر مرفوع.

٤٠ ـ وروى انه سئل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن العتل والزنيم فقال: هو الشديد الخلق الشحيح الأكول الشروب الواجد للطعام والشراب الظلوم للناس، والرحيب الجوف

٤١ ـ وقيل: الزنيم هو الذي لا أصل له عن عليٍّعليه‌السلام .

٤٢ ـ في جوامع الجامع وكان الوليد دعيا في قريش ادعاه أبوه بعد ثماني عشرة من مولده جعل جفاه ودعوته أشد معايبه، لان من جفا وقسا قلبه اجترأ على كل معصية، ولان النطفة إذا خبثت خبث الناشي منها، ولذلك قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يدخل الجنة ولد الزنا ولا ولد ولده.

٤٣ ـ في مجمع البيان وعن شداد بن أوس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يدخل الجنة جواظ ولا جعظري ولا عتل زنيم قلت: فما الجواظ؟ قال كل جماع مناع، قلت: فما الجعظري؟ قال: الفظ الغليظ، قلت: فما العتل الزنيم؟ قال: رحب الجوف سيئ الخلق أكول شروب غشوم ظلوم.

٤٤ ـ في كتاب معاني الأخبار أبيرحمه‌الله قال: حدّثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن العباس بن معروف عن صفوان بن يحيى عن ابن مسكان عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : ما معنى قول اللهعزوجل :( عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ ) قال: العتل العظيم الكفر والزنيم المستهزئ بكفره.

٤٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ ) على الثاني( قالَ: أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) أي أكاذيب( سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ ) قال: في الرجعة إذا رجع أمير المؤمنينعليه‌السلام ورجع اعداؤه فيسمهم بميسم معه كما توسم البهائم على الخراطيم، الأنف والشفتان.

__________________

(١) المراد من الأديم في البيت: الجلد دبغ أو لم يدبغ. والا كارع: القوائم من الدابة ويقال للسفلة من الناس الا كارع تشبيها بقوائم الدابة.

٣٩٥

٤٦ ـ في تفسير العياشي عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل وفي آخره وأمّا قضى الأمر(١) فهو الوسم على الخرطوم يوسم الكافر.

أقول: وقد نقلنا في النمل عند قوله تعالى:( أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ ) الآية أحاديث تدل على ان الدابة أمير المؤمنين وانه صاحب العصا والميسم ليسم به المؤمن والكافر وان ذلك يكون في الرجعة قبل القيامة.

٤٧ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن عبد الله بن بحر عن علي بن الحكم عن أبان بن عثمان عن الفضيل عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ الرجل ليذنب الذنب فيدرأ عنه الرزق وتلا هذه الآية إذا أقسموا ليصر منها( مُصْبِحِينَ وَلا يَسْتَثْنُونَ فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ ) .

٤٨ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من خبر الشامي وما سأل عنه أمير المؤمنينعليه‌السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه: ثم قام إليه آخر فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن يوم الأربعاء وتطيرنا منه وثقله واى أربعاء هو؟ قال: آخر أربعاء في الشهر وهو المحاق، وفيه قتل قابيل هابيل أخاه إلى ان قال: ويوم الأربعاء أصبحت كالصريم.

٤٩ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من الأخبار في التوحيد باسناده إلى الحسن بن سعيد عن أبي الحسنعليه‌السلام في قوله:( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إلى السُّجُودِ ) قال: حجاب من نور يكشف فيقع المؤمنون سجدا وتدمج(٢) أصلاب المنافقين فلا يستطيعون السجود.

٥٠ ـ في مجمع البيان وروى عن أبي جعفر وابى عبد الله (عليه السلام) انهما قالا في هذه الاية: أفحم القوم ودخلتهم الهيبة وشخصت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر لـما رهقهم من الندامة والخزي والذلة( وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إلى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ ) أي لا يستطيعون الأخذ بما أمروا والترك لما نهوا عنه، ولذلك ابتلوا وفي الخبر انه يصير ظهور المنافقين

__________________

(١) كذا في الأصل ولم اظفر على الحديث في مظانه في تفسير العياشي.

(٢) دمج الشيء دموجا: إذا دخل في الشيء واستحكم فيه.

٣٩٦

كالسفافيد(١)

٥١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إلى السُّجُودِ ) قال: يكشف عن الأمور التي خفيت، وما غصبوا آل محمد حقهم( وَيُدْعَوْنَ إلى السُّجُودِ ) قال: يكشف لأمير المؤمنينعليه‌السلام فتصير أعناقهم مثل صياصي البقر، يعنى قرونها فلا يستطيعون ان يسجدوا وهي عقوبة، لأنهم لم يطيعوا الله في الدنيا في امره وهو قوله:( وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إلى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ ) قال: إلى ولايته في الدنيا وهم يستطيعون.

٥٢ ـ في جوامع الجامع وفي الحديث تبقى أصلابهم طبقا واحدا أي فقارة واحدة لا تنثني.

٥٣ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى حمزة بن محمد الطيار قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إلى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ ) قال مستطيعون يستطيعون الأخذ بما أمروا به والترك لما نهوا عنه، وبذلك ابتلوا ثمّ قال: ليس شيء مما أمروا به ونهوا إلّا ومن اللهعزوجل فيه ابتلاء وقضاء.

٥٤ ـ وباسناده إلى المعلّى بن خنيس قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : ما يعنى بقولهعزوجل ( وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إلى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ ) قال وهم مستطيعون.

٥٥ ـ وباسناده إلى محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إلى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ ) قال: تبارك الجبار ثم أشار إلى قدمه فكشف عنها الإزار. قال:( وَيُدْعَوْنَ إلى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ ) قال: أفحم القوم ودخلتهم الهيبة وشخصت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر شاخصة( أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إلى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ ) .

٥٦ ـ وباسناده إلى عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن قول اللهعزوجل :( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ ) قال: كشف إزاره عن ساق ويده الاخرى على

__________________

(١) السفافيد جمع السفود ـ كتنور ـ: حديدة يشوى عليها اللحم.

٣٩٧

رأسه، فقال: سبحان ربي الأعلى.

٥٧ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى سفيان بن السمط قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا أراد اللهعزوجل بعبد خيرا فأذنب ذنبا تبعه بنقمة ويذكره الاستغفار وإذا أراد اللهعزوجل بعبد شرا فأذنب ذنبا تبعه بنعمة لينسيه الاستغفار ويتمادى به(١) وهو قول اللهعزوجل :( سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ ) بالنعم عند المعاصي.

٥٨ ـ في مجمع البيان وروى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام انه قال: إذا أحدث العبد ذنبا جدد له نعمة فيدع الاستغفار فهو الاستدراج.

٥٩ ـ في أصول الكافي ابن أبي عمير عن الحسن بن عطية عن عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : انى سألت الله تبارك وتعالى ان يرزقني ما لا فرزقني، وانى سألت الله ان يرزقني ولدا فرزقني، وسألته أن يرزقني دارا فرزقني، وقد خفت ان يكون ذلك استدراجا؟ فقال: اما مع الحمد فلا.

قال عز من قائل( فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ ) .

٦٠ ـ في تفسير العياشي عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي جعفرعليه‌السلام كتب أمير ـ المؤمنينعليه‌السلام (٢) قال: حدّثني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ان جبرئيل حدثه أن يونس بن متىعليه‌السلام بعثه الله إلى قومه وهو ابن ثلاثين سنة وكان رجلا تعتريه الحدة(٣) وكان قليل الصبر على قومه والمداراة لهم، عاجزا عما حمل من ثقل حمل أو تار النبوة وأعلامها وانه يتفسخ تحتها كما يتفسخ البعير تحت حمله(٤) وانه اقام فيهم يدعوهم إلى الايمان بالله والتصديق به واتباعه ثلاثا وثلاثين سنة، فلم يؤمن به ولم يتبعه من قومه إلّا رجلان اسم أحدهما روبيل والاخر تنوخا، وكان روبيل من أهل بيت العلم والنبوة والحكمة وكان قديم الصحبة ليونس بن متى من قبل أن يبعثه الله بالنبوة، وكان تنوخا رجلا مستضعفا

__________________

(١) أي يدوم على فعله.

(٢) كذا في الأصل لكن في المصدر «وجدنا في بعض كتب اه».

(٣) أي تصيبه البأس والغضب.

(٤) تفسخ الربع تحت الحمل: ضعف وعجز ولم يطقه.

٣٩٨

عابدا زاهدا منهمكا في العبادة(١) وليس له علم ولا حكم وكان روبيل صاحب غنم يرعاها ويتقوت منها، وكان تنوخا رجلا حطابا يحتطب على رأسه ويأكل من كسبه، وكان لروبيل منزلة من يونس غير منزلة تنوخا لعلم روبيل وحكمته وقديم صحبته، فلما رأى أن قومه لا يجيبونه ولا يؤمنون ضجر وعرف من نفسه قلة الصبر، فشكا ذلك إلى ربه وكان فيما شكا أن قال: يا رب انك بعثتني إلى قومي ولي ثلاثون سنة فلبثت فيهم ادعوهم إلى الايمان بك والتصديق برسالتي وأخوفهم عذابك ونقمتك ثلاثا وثلاثين سنة فكذبوني، ولم يؤمنوا بى وجحدوا نبوتي واستخفوا برسالتي، وقد توعدوني وخفت أن يقتلوني، فأنزل عليهم عذابك فإنهم قوم لا يؤمنون. فأوحى الله إلى يونس: ان فيهم الحمل والجنين والطفل والشيخ الكبير والمرأة الضعيفة والمستضعف المهين وانا الحكم العدل، سبقت رحمتي غضبى، لا اعذب الصغار بذنوب الكبار من قومك، وهم يا يونس عبادي وخلقي وبريتي في بلادي وفي عيلتي، أحب أن أتأناهم(٢) وارفق بهم وانتظر توبتهم، وإنّما بعثتك إلى قومك لتكون حيطا عليهم تعطف عليهم سخاء الرحمة الماسة منهم وتتأناهم برأفة النبوة فاصبر معهم بأحلام الرسالة وتكون لهم كهيئة الطبيب المداوى العالم بمداواة الدواء، فخرجت بهم ولم تستعمل قلوبهم بالرفق، ولم تسسهم بسياسة المرسلين، ثم سألتنى مع سوء نظرك العذاب لهم عند قلة الصبر منك وعبدي نوح كان أصبر منك على قومه وأحسن صحبة وأشد تأنيا في الصبر عندي، وأبلغ في العذر، فغضبت له حين غضب لي وأجبته حين دعاني ؛ فقال يونس: يا رب انما غضبت عليهم فيك وإنّما دعوت عليهم حين عصوك فو عزتك لا أنعطف عليهم برأفة أبدا، ولا انظر إليهم بنصيحة شفيق بعد كفرهم وتكذيبهم إياي، وجحدهم نبوتي، فأنزل عليهم عذابك فإنهم لا يؤمنون أبدا فقال الله: يا يونس انهم مأة الف أو يزيدون من خلقي يعمرون بلادي ويلدون عبادي ومحبتي أن أتأناهم للذي سبق من علمي فيهم وفيك، وتقديري وتدبيري غير علمك وتقديرك، وأنت المرسل وانا الرب الحكيم، وعلمي

__________________

(١) انهمك في الأمر: جد فيه ولج.

(٢) من التأنى أي الرفق والمداراة.

٣٩٩

فيهم يا يونس باطن في الغيب عندي لا تعلم ما منتهاه، وعامك فيهم ظاهر لا باطن له، يا يونس قد أجبتك إلى ما سألت، انزل العذاب عليهم وما ذلك يا يونس بأوفر لحظك عندي ولا أحمد لشأنك وسيأتيهم العذاب في شوال يوم الأربعاء وسط الشهر بعد طلوع الشمس، فأعلمهم ذلك، فسر يونس ولم يسؤه ولم يدر ما عاقبته، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله إذ نادى ربه وهو مكظوم أي مغموم.

٦٢ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن الحسن الحجال عن عبد الصمد ابن بشير عن حسان الجمال قال: حملت أبا عبد اللهعليه‌السلام من المدينة إلى مكة، فلما انتهينا إلى مسجد الغدير نظر إلى ميسرة المسجد فقال: ذاك موضع قدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حيث قال: من كنت مولاه فعلى مولاه، ثم نظر إلى الجانب الاخر فقال: ذاك موضع فسطاط أبي فلان وفلان وسالم مولى أبي حذيفة، وأبي عبيدة بن الجراح، فلما أن رأوه رافعا يديه، قال بعضهم لبعض: انظروا إلى عينيه تدور ان كأنهما عينا مجنون فنزل جبرئيلعليه‌السلام بهذه الاية:( وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وَما هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ ) .

٦٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ ) قال: لـمّا أخبرهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بفضل أمير المؤمنينعليه‌السلام ( وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ) فقال الله سبحانه:( وَما هُوَ ) يعنى أمير المؤمنينعليه‌السلام ( إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ ) .

٦٤ ـ في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن سليمان، عن عبد الله بن محمد الهمداني عن مسمع بن الحجاج عن صباح المزني عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: لـمّا أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيد على يوم الغدير صرخ إبليس في جنوده صرخة فلم يبق منهم في بر ولا بحر إلّا أتاه فقالوا: يا سيدهم ومولاهم ماذا دهاك؟(١)

__________________

(١) مضى الحديث بمعناه في صفحة ١٤٧ فراجع.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749